ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

الورّاق ، وأبي الحسن أحمد بن عبد الله ابن الآبنوسيّ ، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي الأصبهاني (١) ، وأبي بكر أحمد بن عليّ بن الأشقر ، والقاضي أبي القاسم عليّ بن عبد السيد ابن الصّبّاغ ، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرّقيّ وغيرهم.

وحدّث بالكثير ، ونعم الشيخ كان ثقة وخيرا. سمعنا منه ، وكتبنا عنه.

قرأت على أبي الفرج محمد بن عليّ بن حمزة الكاتب غير مرّة ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الشّروطي ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عليّ محمد بن وشاح بن عبد الله مولى الزّينبيين ، قال : أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى الوزير ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغويّ ، قال : حدثنا كامل بن طلحة ، قال : حدثنا مالك (٢) ، عن ابن شهاب الزّهري ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أدرك ركعة من الصّلاة فقد أدرك الصّلاة» (٣).

سألت أبا الفرج ابن القبّيطي عن مولده ، فقال : في صفر سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.

وتوفّي يوم الجمعة ثامن عشري جمادى الأولى سنة تسع وست مئة ، وحضرت الصّلاة عليه يوم السبت تاسع عشري منه بالمدرسة النّظامية ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة باب حرب.

__________________

(١) قال الذهبي في تاريخ الإسلام : «سمع منه الجمال ابن الصيرفيّ كتاب «معرفة الصحابة» لأبي عبد الله بن مندة بسماعه من أبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي عن أصحاب المؤلف ، لأنه سمعه ملفّقا على اثنين أو ثلاثة أنفس».

(٢) الموطأ (١٥ برواية الليثي) وتعليقنا هناك.

(٣) هو في الصحيحين من طريق مالك : البخاري ١ / ١٥١ (٥٨٠) ، ومسلم ٢ / ١٠٢ (٦٠٧).

٥٢١

٣٨٢ ـ محمد (١) بن عليّ بن محمد بن الحسن ابن الرّاس (٢) الصّوفيّ ، أبو العلاء اليمنيّ المولد البغداديّ الدار.

كان أبوه أحد التّجار من أهل باب المراتب ، وسافر في البحر ، وولد ولده محمد هذا باليمن ، أظنه بزييد ، ونشأ معه ، وعاد إلى العراق بعد وفاة أبيه ، وصحب الصّوفية ، وأقام برباط الزّوزنيّ سنين كثيرة ، ثم سكن رباط المأمونية الذي أنشأته الجهة الشّريفة والدة سيّدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ورضي عنها ـ مدة إلى حين مات.

سمع ببغداد من جماعة منهم : أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الفارسي الصّوفي ، وأبو الوقت السّجزيّ ، وأبو المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشّبليّ ، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ، وأبو زرعة طاهر بن محمد المقدسيّ ، وغيرهم. سمعنا منه.

قرأت على أبي العلاء محمد بن عليّ بن محمد الصّوفي من أصل سماعه ، قلت له : قرىء على أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب الصّوفي قدم عليكم بغداد وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي بهراة ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد البغويّ ، قال : حدثنا العلاء بن موسى الباهلي ، قال : حدثنا اللّيث بن سعد ، عن أبي الزّبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يدخل أحد ممن بايع تحت الشجرة النّار» (٣).

__________________

(١) ترجم له المنذري ٢ / الترجمة ١٢٧٠ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٩٩ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٢٢٤.

(٢) قيده المنذري في التكملة ، فقال : بالراء المهملة المفتوحة وبعد الألف سين مهملة.

(٣) حديث صحيح كما قال الترمذي.

أخرجه أحمد ٣ / ٣٥٠ ، وأبو داود (٤٦٥٣) ، والترمذي (٣٨٦٠) ، والنسائي في الكبرى (١١٥٠٨) ، وابن حبان (٤٨٠٢) ، من طرق عن الليث بن سعد ، به.

٥٢٢

سألنا أبا العلاء هذا عن مولده فلم يحققه ، وذكر ما يدلّ أنّه في سنة خمس وعشرين وخمس مئة ، والله أعلم. وتوفي يوم الجمعة آخر النهار ثامن عشر ذي القعدة سنة تسع وست مئة ، وحضرت الصّلاة عليه إماما مرّتين : أولهما بالمدرسة ، والثانية بجامع المنصور ، ودفن بتربة الصّوفية المقابلة لجامع المنصور عند رباط الزّوزني ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٨٣ ـ محمد (١) بن عليّ بن نصر ابن البلّ الدّوريّ ، أبو المظفّر الواعظ.

ولد بالدّور بدجيل ، ونشأ بها ، ودخل بغداد وهو شاب ، وأقام بها إلى حين وفاته. وكان يتكلّم في الوعظ. وسمع بها من الوزير أبي نصر المظفّر بن عبد الله ابن جهير ، ومن أبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطّلّاية الزّاهد ، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ ، ومن أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني ، ومن أبي الوقت السّجزيّ ، وجماعة آخرين.

وعمّر حتى كبر وعجز عن الحركة ، ولزم بيته قبل موته. سمعنا منه.

قرأت على أبي المظفّر محمد بن عليّ الواعظ بجامع القصر الشّريف ، قلت له : أخبركم أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن الزّاغوني ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزّينبي ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن عليّ الورّاق ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود السّجستاني ، قال : حدثنا عيسى بن حمّاد التّجيبي زغبة ، قال : حدثنا اللّيث بن سعد ، عن

__________________

(١) ترجم له ابن نقطة في إكماله ١ / ٣١٥ ، وابن الأثير في الكامل ١٢ / ١٠٦ (القاهرة ١٣٩٠) ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ٨٩ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٥٧ ، وأبو شامة في الذيل ٨٨ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٢٢ / ٧٥ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٣٢٤ ، والمختصر المحتاج ١ / والصفدي في الوافي ٤ / ١٨٠ ، وابن رجب في الذيل ٢ / ٧٤ ، وابن ناصر الدين في توضيحه ١ / ١٩٣ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٤٩ ، وشذرات الذهب ٥ / ٢٨.

٥٢٣

هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن سفيان بن عبد الله أنه قال : يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسل عنه أحدا بعدك ، قال : «قل آمنت بالله ثم استقم» (١).

سئل محمد بن عليّ الدّوري عن مولده ، فقال : إما في سنة ست عشرة وخمس مئة أو سنة سبع عشرة ، شكّ فيه. وتوفّي يوم الثلاثاء ثاني عشر شعبان سنة إحدى عشرة وست مئة عن أربع وتسعين سنة ، أو خمس وتسعين ، ودفن برباط له بالجانب الغربي على نهر عيسى بمحلة الشّحّاذين ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٨٤ ـ محمد (٢) بن عليّ بن المبارك بن محمد ابن الجلاجليّ (٣) ، أبو الفتوح بن أبي الحسن التّاجر.

__________________

(١) حديث صحيح ، كما قال الإمام الترمذي.

أخرجه من حديث عروة : أحمد ٣ / ٤١٣ ، وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده ٦٧٩ ، ومسلم ١ / ٤٧ (٣٨).

وأخرجه أحمد ٣ / ٣٨٤ و ٤١٣ ، والدارمي (٢٧١٣) ، من طريق عبد الله بن سفيان عن أبيه.

وأخرجه الطيالسي (١٢٣١) ، وأحمد ٣ / ٤١٣ ، والدارمي (٢٧١٤) ، والترمذي (٢٤١٠) ، وابن ماجة (٣٩٧٢) ، وابن أبي الدنيا في الصمت (٦) ، وابن حبان (٥٦٩٩) ، و (٥٧٠٠) ، والطبراني في الكبير (٦٣٩٦) و (٦٣٩٧) ، والحاكم ٤ / ٣١٣ ، والخطيب في تاريخه ١١ / ١٢٢ ، والبيهقي في الآداب (٣٩٤) ، والمزي في تهذيب الكمال ٢٥ / ٦٢٩ من طريق عبد الرحمن بن ماعز ، عن سفيان بن عبد الله.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٢٥ ، وأبو شامة في الذيل ٩٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٥١ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٠٠ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٥٢ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٧٤ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٥٩ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢١٥ ، وابن العماد في شذرات الذهب ٥ / ٥٣ وغيرهم.

(٣) قال الزكي المنذري : وسمعته يذكر أن جده كان حسن الصوت بالقرآن فعرف بالجلاجلي. أما ما ذهب إليه محققو كتاب النجوم الزاهرة من أنه منسوب إلى جلاجل من جبال الدهناء ، فلا وجه له من الصحة.

٥٢٤

من ساكني دار الخلافة المعظّمة نحو باب عليّان.

سافر الكثير ، وطاف البلاد ما بين العراق والحجاز والشام واليمن وديار مصر والإسكندرية وبلاد الجبال وخراسان وما وراء النهر وبلاد الغور وغزنة وقطعة من بلاد الهند ، وخالط أهلها وأكابرها. وكان قد حفظ القرآن الكريم ، وقرأ بشيء من القراءات على أبي الحسن عليّ بن عساكر البطائحي ، وأبي السّعادات المبارك بن عليّ الوكيل ، وغيرهما. وسمع من أبي القاسم هبة الله بن الحسين الحاسب ، وأبي السّعادات الوكيل المذكور ، وأبي الفتح المعروف بابن البطّي ، وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن النّقّور ، وجماعة من طبقتهم. وسمع بالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن سلفة. وحدّث ببغداد وفي أسفاره بشيء من مسموعاته. كتبنا عنه.

قرأت على أبي الفتوح ابن الجلاجلي ، قلت له : أخبركم أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن عليّ الحاسب قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ بذلك وعرفه ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصّريفيني الخطيب ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغويّ ، قال : حدثنا عليّ بن الجعد ، قال : حدثنا شريك (١) ، عن الأعمش (٢) ، عن أبي صالح (٣) ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الإمام ضامن والمؤذّن مؤتمن ، اللهم ارشد الأئمة واغفر للمؤدّنين» (٤).

سألت أبا الفتوح ابن الجلاجلي عن مولده ، فقال : في حادي عشر شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.

__________________

(١) شريك بن عبد الله النخعي القاضي.

(٢) سليمان بن مهران الأعمش.

(٣) أبو صالح ذكوان السّمّان.

(٤) تقدم تخريجه في الترجمة رقم (١٠٠).

٥٢٥

وتوفي بالقدس في يوم الأربعاء رابع عشر شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وست مئة (١) ، ودفن هناك ، ووصلنا نعيه في ذي القعدة من السّنة.

٣٨٥ ـ محمد (٢) بن عليّ بن محمد بن كرم السّلاميّ ، أبو العشائر يعرف بابن التّلوليّ.

من أهل الجانب الغربي.

حفظ القرآن الكريم ، وتفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل.

وسمع الحديث من جماعة منهم : أبو الفتح بن سلمان ، وأبو تمّام محمد بن يحيى بن شقران ، وأبو الرّضا محمد بن بدر الشّيحي. وقرأ شيئا من العربية على أبي محمد ابن الخشّاب.

وقبل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن جعفر العبّاسي شهادته في يوم الاثنين العشرين من شعبان سنة خمس وثمانين وخمس مئة وزكاه العدلان : أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحرّاني وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمّاد الأنباري ، إلا أنه عزل بعد ذلك بقليل.

وروى شيئا يسيرا ؛ سمع منه أصحابنا. وقد جالسته وما سمعت منه شيئا ، وغاب عني خبره بعد سنة عشر وست مئة (٣).

__________________

(١) توهم أبو شامة فجعل وفاته سنة ٦١٣ وتابعه في ذلك ابن كثير في البداية وبدر الدين العيني في عقد الجمان.

(٢) ترجم له الذهبي في وفيات سنة ٦١١ من تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٢٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٠١ ، والصفدي في الوافي ٤ / ١٧٨ ، وابن رجب في الذيل ٢ / ٦٨.

(٣) نفاه الوزير القمي إلى واسط بسبب غلوه في التّسنن مما لا يلزم ولا يليق به ، فأخذه ناظر واسط آنذاك ، وهو من المتعصبين أيضا ، فطرحه في سجنها ومات به في شوال من سنة ٦١١ كما ذكر الذهبي وابن رجب نقلا عن محب الدين ابن النجار البغدادي ، نعوذ بالله من الهوى.

٥٢٦

٣٨٦ ـ محمد (١) بن عليّ بن أحمد ابن النّاقد ، أبو السّعادات بن أبي القاسم.

كان أحد التّجّار والبزّازين. سافر الشّام ، وأقام بدمشق مدّة ، وخراسان وما وراء النهر ، وعاد وتولّى وكالة الباب الشريف للجهة والدة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، وخلع عليه ، وأضيف إليه بعد ذلك وكالة الأمير السّيّد الكبير ولد أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ والنّظر في المظالم ، وحسن حاله ، ونبه قدره ، إلا أنه عزل عن وكالة الأمير والمظالم ، وبقي على خدمة الباب الشّريف إلى حين وفاتها ـ قدّس الله روحها ـ وجعلت إليه النّظر في أوقافها على الرّبط والمدارس والتّربة والسّبل والصّدقات ، فكان على ذلك مدة حياته.

وكان قد سمع من أبي الوقت السّجزيّ جميع «صحيح» البخاري ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان جزءا من أمالي أحمد بن عطاء الرّوذراوري. وطلبت منه السماع لشيء من ذلك فوعد بذلك وسوّف حتى طال الوعد فتركته ، وكذا سأله غيري فوعده ، ومات وما روى شيئا ، وأظنه كان يكره الرواية ، والله أعلم.

سألت الوكيل أبا السّعادات ابن النّاقد عن مولده ، فقال : في سنة أربع وأربعين وخمس مئة ، فقلت : في أي شهر؟ فقال : في جمادى الآخرة منها. وتوفي يوم الثّلاثاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وست مئة وحضرت الصّلاة عليه بعد صلاة الظّهر من هذا اليوم بجامع القصر الشريف في جمع كثير ، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر ـ رحمهما‌الله ـ بتربة له هناك.

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٦٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٨٧ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٠١.

٥٢٧

٣٨٧ ـ محمد (١) بن عليّ بن نصر بن نصر بن يونس ابن العكبريّ ، أبو الفرج الكاتب.

من ساكني درب البصريين ، من أولاد الشيوخ المحدثين الوعاظ ، إلا أن أبا الفرج هذا اشتغل بالكتابة والأمور الديوانية.

سمع جده أبا القاسم نصر بن نصر ، وروى عنه. سمعنا منه.

قرىء على أبي الفرج محمد بن عليّ بن نصر بن نصر الكاتب وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم جدّك أبو القاسم نصر الواعظ قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد ابن البسريّ (٢) قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلّص ، قال : أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا محمد بن ميمون الخيّاط المكي ، قال : حدثنا سفيان (٣) ، عن سعير ومسعر (٤) ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان» (٥).

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٨٤٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٦٠ نقلا من هذا الكتاب وتاريخ ابن النجار ، وفي المختصر المحتاج ١ / ١٠٢.

(٢) منسوب إلى البسر وبيعه ، وهو محدث بغدادي مشهور توفي سنة ٤٧٤ ، ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٠ / ٣٧٠.

(٣) هو ابن عيينة.

(٤) سعير هو ابن الخمس التميمي ، ومسعر هو ابن كدام.

(٥) حديث صحيح كما قال الإمام الترمذي.

أخرجه الحميدي (٧٠٣) و (٧٠٤) ، والترمذي (٢٦٠٩) ، والطبراني في الأوسط (٦٢٦٠) ، وابن عدي في الكامل ٢ / ٦٦٠.

وأخرجه ابن أبي شيبة ٥ / ٣٥٢ و ١١ / ٦ ، وأحمد ٢ / ٢٦ ، من طريق يزيد بن بشير ، عن ابن عمر.

٥٢٨

ذكر لنا أبو الفرج ابن العكبري أنه ولد في جمادى الأولى سنة ست وأربعين وخمس مئة.

وتوفي يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان سنة ثمان عشرة وست مئة بالحلة ، رحمه‌الله وإيانا وجميع المسلمين.

٣٨٨ ـ محمد (١) بن علي بن خطلخ الخياط ، أبو عبد الله.

سمع أبا محمد عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الباقي الزّهري المعروف بابن

__________________

وأخرجه أحمد ٢ / ٩٢ من طريق أبي سويد العبدي ، عن ابن عمر. وأخرجه أحمد ٢ / ١٢٠ ، ومسلم ١ / ٣٤ (١٦) (٢١) ، وابن خزيمة (٣٠٩) و (١٨٨١) و (٢٥٠٥) ، وأبو يعلى (٥٧٨٨) ، والآجري في الشريعة (١٠٦) ، وابن مندة (٤١) ، و (١٤٩) و (١٥٠) ، والبيهقي في السنن الكبرى ٤ / ٨١ من طريق محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن ابن عمر.

وأخرجه عبد بن حميد (٨٢٣) من طريق سلمة بن كهيل ، عن ابن عمر.

وأخرجه مسلم ١ / ٣٤ (١٦) (١٩) و (٢٠) ، من طريق سعد بن عبيدة ، عن ابن عمر.

(١) ترجمه المنذري في وفيات سنة ٦١٦ من التكملة ٢ / الترجمة ١٧١٩ ، والذهبي في وفيات السنة المذكورة من تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٨٦ ، والمختصر المحتاج ١ / ١٠٢. وله سمي يتفق معه في اسمه واسم أبيه وجده وكنيته ونسبته توفي سنة ٦٤٠ ، وذكره المنذري في وفيات السنة المذكورة من التكملة ٣ / الترجمة ٣٠٨٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٣٢٩ ، وقال : «وتوفي سميه ابن خطلخ سنة ست عشرة وست مئة». وقد ذهب شيخنا العلامة الدكتور مصطفى جواد يرحمه‌الله إلى أنهما واحد وبنى ذلك على ترجمة المنذري له سنة ٦٤٠ ، ولم يكن قد وقف على وفيات سنة ٦١٦ من هذا الكتاب ليعلم أن المنذري ذكر ترجمتين. وعلى الرغم من هذا الاتفاق الكبير فإن الذهبي نقل عن ابن النجار أن ابن خطلخ الخياط المتوفى سنة ٦١٦ سمع من ابن شقران سنة ٥٦٠. أما المنذري فقد ذكر في ترجمة المتوفى سنة ٦٤٠ شيوخا سمع منهم بإفادة والده سنة ٥٧١ ، ومعنى ذلك أنه كان صغير السن جدا ليسمع بإفادة والده ، وهذا لا يتفق مع سماع الأول في سنة ٥٦٠ ، ووفاة ابن شقران سنة ٥٦٢ ، كما في ترجمته من هذا الكتاب (وانظر تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٧٣) ، فالذي يسمع بنفسه سنة ٥٦٠ يكون ممن يميز ويعرف ما يسمع ، ومن يسمع حضورا سنة ٥٧١ هو عادة ممن لا يتجاوز عمره الخامسة أو السادسة.

٥٢٩

شقران ، وروى عنه. كتبنا عنه.

قرأت على أبي عبد الله محمد بن عليّ الخيّاط ، قلت له : أخبركم أبو محمد عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الباقي ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جابر بن ياسين ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن شاذان ، قال : أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزّاهد ، قال : حدثنا أحمد بن زياد ، قال : حدثنا سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي جعفر الفرّاء ، قال : سمعت أبي ، قال : سمعت الأغر أبا مسلم ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما اجتمع قوم يذكرون الله عزوجل إلّا حفّت بهم الملائكة وتغشّتهم الرّحمة وذكرهم الله فيمن عنده» (١).

٣٨٩ ـ محمد (٢) بن عليّ بن محمد ابن العربي ، أبو عبد الله.

__________________

(١) حديث صحيح كما قال الإمام الترمذي.

أخرجه الطيالسي (١٢٣١) ، وعبد الرزاق (٢٠٥٧٧) ، وابن أبي شيبة ١٠ / ٣٠٧ ، وأحمد ٣ / ٣٣ و ٤٩ و ٩٢ و ٩٤ ، وعبد بن حميد (٨٦١) ، ومسلم ٨ / ٧٢ (٢٧٠٠) ، والترمذي (٣٣٧٨) ، و (٣٣٧٨ م) ، وابن ماجة (٣٧٩١) ، وأبو يعلى (٦١٥٧) ، وابن حبان (٨٥٥) ، وأبو نعيم في الحلية ٩ / ٧٢٤ ، والبغوي (١٢٤٠) ، من طرق عن الأغر أبي مسلم ، عن أبي سعيد ، به.

(٢) هو العالم المشهور والصوفي المعروف ، وقد ذكر الدكتور صلاح الدين المنجد كثيرا من الكتب التي أوردت ترجمة له في مقدمة كتاب «الدر الثمين في مناقب الشيخ محيي الدين» كما ذكر عددا من الكتب المؤلفة في سيرته من المؤيدين له والمعارضين المهاجمين ، ثم ما كتب عنه باللغات غير العربية ، ونشير هنا إلى بعض المظان الخطية والمطبوعة التي لم يشر إليها حيث ترجم له ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٢٩٣ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٩٧٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٢٧٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٣ / ٤٨ ، والفيومي في نثر الجمان ٢ / الورقة ١٢٤ ، وابن الملقن في طبقات الأولياء ، الورقة ٣٦ ، وابن دقمان في نزهة الأنام ، الورقة ٥٠ ـ ٥٣ ، والعيني في عقد الجمان ١٨ / الورقة ٢٤٣ ، وله ترجمة رائقة في العقد الثمين للتقي الفاسي ٢ / ١٦٠ ـ ١٩٩.

٥٣٠

من أهل المغرب.

قدم بغداد في سنة ثمان وست مئة. وكان يومى إليه بالفضل والمعرفة ، والغالب عليه طريق أهل الحقيقة. وله قدم في الرّياضة والمجاهدة ، وكلام على لسان أهل التّصوف. ورأيت جماعة يصفونه بالتّقدّم والمكانة عند جماعة من أهل هذا الشأن بدمشق وبلاد الشام والحجاز ، وله أصحاب وأتباع. ووقفت له على مجموع من تأليفاته قد ضمّنه منامات رأى فيها النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وما سمعه منه ، ومنامات قد حدّث بها ونقلها عمن رآه صلى‌الله‌عليه‌وسلم وكتب عنّي شيئا من ذلك ، وعلّقت عنه منامين منه حسب.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عليّ ابن العربي بقراءتي عليه ببغداد من كتابه ، قلت له : حدثكم محمد بن قاسم بن عبد الكريم الفاسي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد السّلفيّ ، قال : أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثّقفي ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين السّلمي ، قال : سمعت أبا عليّ الشّبويي يقول : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في المنام فقلت له : روي عنك أنّك قلت : شيّبتني هود ، فما الذي شيبك منها أقصص الأنبياء عليهم‌السلام وهلاك الأمم؟ فقال : لا ، ولكن قوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) [هود : ١١٢]. قال محمد ابن العربي : لأنّه قد يأمر بما لم يسبق العلم بوقوعه فالمأمور على وجل.

خرج محمد ابن العربي هذا عن بغداد في هذه السنة حاجا وأقام بمكة (١) ولم ألقه بعد ذلك (٢).

__________________

(١) لذا ذكره التقي الفاسي في «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين» وطوّل في ترجمته. وفي مكة ألف كتابه المشهور «الفتوحات المكية».

(٢) توفي في ليلة الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ٦٣٨ بدمشق ، ذكر ذلك غير واحد ممن ترجم له.

٥٣١

٣٩٠ ـ محمد (١) بن عليّ بن عمر بن فارس ، أبو عبد الله بن أبي الفرج يعرف بابن الحدّاد.

أصله من باجسرا. وأبوه أو جده سكن بغداد ، وخدم بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ.

وأبو عبد الله تولّى النّظر في العقار الخاص وقرايا الطّبق الشّريف. وقد سمع شيئا من الحديث من الشيوخ المتأخرين ، ولم يحدّث بشيء.

توفّي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وست مئة.

٣٩١ ـ محمد بن عليّ بن عبّاد ، أبو الفرج.

من أهل النّيل ، كان أبوه أحد المتصرّفين في الأعمال الدّيوانية بها.

وأبو الفرج قدم بغداد ، وأقام بها وخدم في الأعمال الدّيوانية أيضا ، فولى النّظر بمعاملة نهر عيسى بن عليّ مدة ثم بنهر الملك. ولما توفي أبو طالب جعفر ابن ظفر بن هبيرة النّاظر في الأعمال الواسطية بها في جمادى الأولى سنة عشر وست مئة ولي أبو الفرج بن عبّاد النّظر بها ، فتوجه إليها في الشّهر المذكور وأقام بها متوليا أعمالها صدرا بديوانها المعمور إلى أن عزل في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وست مئة.

* * *

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٦٠.

٥٣٢

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه العبّاس

٣٩٢ ـ محمد بن العباس بن أحمد ، أبو سعد بن أبي الفضل الطّوسيّ.

قدم بغداد ، وحدّث عن أبي الحسن عليّ بن عمر بن محمد المصري ، وذكر أنه سمع منه بمصر ، سمع منه بها أبو القاسم مكي بن محمد بن عبد السّلام الرّميليّ ، وأبو الحسن محمد بن مرزوق الزّعفرانيّ (١) البغداديّ. وذكر الزّعفراني أنه سمع منه بالمدرسة النّظامية ، قال ذلك القاضي عمر القرشيّ ، ومن خطّه نقلت.

٣٩٣ ـ محمد (٢) بن العباس الصّريفينيّ ، أبو الفوارس المقرىء.

كان يسكن أوانا من نواحي دجيل.

قرأ القرآن العزيز بشيء من القراءات على أبي حفص عمر بن إبراهيم بن كثير الكتّاني المقرىء ، وروى عنه. قرأ عليه أبو العز محمد بن الحسين بن بندار المعروف بالقلانسي المقرىء الواسطي بشيء من القراءات وأسند عنه في قراءة عاصم بن أبي النّجود الكوفي من رواية أبي بكر بن عيّاش عنه ؛ ذكر ذلك الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني في إسناد عاصم في كتاب «القراءات العشر» التي جمعها ، وروى عن القلانسي ، عنه ، والله الموفق.

٣٩٤ ـ محمد (٣) بن العباس بن يحيى بن محمد بن الحسين بن محمد

__________________

(١) منسوب إلى «الزعفرانية» القرية التي لم تزل تعرف بذلك بالقرب من بغداد ، وهي اليوم منها.

(٢) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٠٣ ، وترجمه في المتوفين على التقريب من أصحاب الطبقة السادسة والأربعين (٤٥١ ـ ٤٦٠) من تاريخ الإسلام ١٠ / ٢٢٦ ، وابن الجزري في غاية النهاية ٢ / ١٥٨.

(٣) لقبه «عز الشرف» ، وقد ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٤٥ ، وكمال الدين ابن الفوطي في تلخيصه ٤ / الترجمة ٢٦ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٠٤ وتاريخ الإسلام ١٣ / ٣٢٤.

٥٣٣

الزّينبيّ ـ وقد تقدم ذكر تمام النّسب ـ أبو تمّام بن أبي جعفر بن أبي الفضل بن أبي تمّام ابن نور الهدى أبي طالب ابن نقيب النّقباء أبي تمّام.

شريف زاهد صالح ، من أهل الحريم الطاهري ، منزو عن النّاس ، منقطع إلى العبادة ، مقيم في مسجد يعرف بجدة نور الهدى الزّينبي ، كثير المجاهدة ، دائم الصّيام وتلاوة القرآن ، وقيام اللّيل على طريقة حسنة وسيرة جميلة.

سمع من أبي المعالي محمد بن محمد بن العطّار المعروف بابن اللّحّاس وغيره ؛ سمعنا منه أحاديث للتبرك به.

قرأت على الشريف أبي تمّام محمد بن العباس بن يحيى الزّينبي بمسجده بالحريم الطّاهري غير مرّة ، قلت له : أخبركم أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد ابن الجبّان المعروف بابن اللّحّاس العطّار قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن عطاء الهروي لفظا وأنا حاضر ، قال : أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحيّ (١) وعبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور ، قالا : أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الخفّاف ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق السّرّاج ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا اللّيث بن سعد ، عن الحكيم (٢) بن عبد الله ، عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص ، عن سعد بن أبي وقّاص ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من قال حين يسمع المؤذّن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، رضيت بالله ربّا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا ، غفر له ذنبه». رواه مسلم (٣) عن قتيبة هكذا.

__________________

(١) بالحاء المهملة ، كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير.

(٢) بضم الحاء المهملة ، انظر المشتبه للذهبي ٢٤٣.

(٣) صحيح مسلم ٢ / ٤ (٣٨٦). وأخرجه أحمد ١ / ١٨١ ، وعبد بن حميد (١٤٢) ، وأبو داود (٥٢٥) ، والترمذي (٢١٠) ، والنسائي في المجتبى ٢ / ٢٦ ، وفي عمل اليوم والليلة ٧٣ ، وفي الكبرى (١٦٤٣) ، وابن ماجة (٧٢١) ، وابن خزيمة (٤٢١) ، وغيرهم.

٥٣٤

سألت الشريف أبا تمّام هذا عن مولده ، فقال : في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.

وتوفّي آخر نهار الثّلاثاء ثاني عشري جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وست مئة ، وصلّى الخلق الكثير عليه يوم الأربعاء ثالث عشري منه ظاهر الحريم الطّاهري ، وحمل إلى مقبرة باب حرب ، فدفن هناك.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عيسى

٣٩٥ ـ محمد (١) بن عيسى بن أحمد بن محمد بن أبي موسى ، واسمه عيسى ، بن أحمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميّ ، أبو الفضل ، أخو الشريف أبي جعفر عبد الخالق بن عيسى المعروف بابن أبي موسى.

سمع أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ ، وأبا إسحاق عمر ابن إبراهيم البرمكيّ ، وأخاه أبا الحسن عليّ بن عمر ، وحدّث عنهم.

ذكر القاضي عمر بن عليّ الدّمشقي أن أبا البركات هبة الله بن المبارك السّقطيّ سمع من أبي الفضل هذا وأنه أخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه» ، والله أعلم.

قال الحافظ أبو عليّ أحمد بن محمد البردانيّ فيما قرأت بخطه : ومحمد هذا هو الذي تولّى الصّلاة على أخيه أبي جعفر لما مات. قلت : وكانت وفاة أبي جعفر في صفر سنة سبعين وأربع مئة. قال البرداني : وتوفّي بعده بقليل ، يعني محمدا.

__________________

(١) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٠ / ٣٠٠.

٥٣٥

٣٩٦ ـ محمد (١) بن عيسى بن موسى الصّوفيّ ، أبو عبد الله.

من أهل قزوين. قدم بغداد ، وأقام بها إلى حين وفاته. وهو أخو أبي عمران موسى بن عيسى شيخ الصّوفية برباط بهروز ، وسيأتي ذكره.

ومحمد كان أحد الصّوفية برباط بهروز وتفقه مدّة بالمدرسة النّظامية وسمع شيئا من الحديث متأخرا.

توفي ليلة الأربعاء عاشر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وست مئة ، وصلّي عليه يوم الأربعاء حادي عشره بالمدرسة النّظامية ، ودفن بالمقبرة المعروفة بالوردية.

٣٩٧ ـ محمد (٢) بن عيسى بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن أبي عبد الله بن سعيد بن إبراهيم القرشيّ العبدريّ ، أبو عيسى المروروذيّ.

من أهل بنج دية (٣) ، من أعمال مرو الرّوذ ، من بيت مشهور ببلده بالعلم والخطابة والرّواية.

قدم بغداد حاجا سنة ست وست مئة ، ونزل رباط شيخ الشيوخ وحدّث بها عن جدّه أبي عبد الله ، وعن أبي الفتح إسماعيل بن محمد الفاشاني. وحجّ ، وروى بمكة (٤) أيضا ، وعاد فسمعنا منه أيضا وسمع معنا.

قرأت على أبي عيسى محمد بن عيسى بن أحمد الحاكم ببغداد لمّا قدمها للحج برباط الصّوفية من كتابه ، قلت له : أخبركم جدّك أبو عبد الله أحمد بن

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٩١.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢٠٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٩٩ ، والسبكي في طبقات الشافعية الكبرى ٨ / ٩٧.

(٣) يعني القرى الخمس.

(٤) قال الزكي المنذري : لقيته بمدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وسمعت منه بها عن والده أبي الفتح عيسى وغيره ، وسألته عن مولده فقال : سنة سبع وستين وخمس مئة ... ولنا إجازة بمسموعاته خاصة كتب بها إلينا من بلده في رجب سنة سبع وست مئة بإفادة ولده.

٥٣٦

عليّ قراءة عليه ، قال : أخبرنا محيي السّنّة أبو محمد الحسن بن مسعود بن محمد البغويّ ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السّرخسيّ ، قال : أخبرنا زاهر ابن أحمد الفقيه ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي ، قال : أخبرنا أبو مصعب (١) ، عن مالك ، عن عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّي على راحلته في السّفر حيثما توجهت به (٢).

بلغنا أن أبا عيسى هذا كان له مملوك هندي جرى بينه وبين ابن له خصام فجرح المملوك الفتى جراحة هلك بها فقام إليه وضربه لما رأى ما صنع بابنه ، فجرحه الهندي جراحة أتت على نفسه ، وهلك هو وولده ، وقتل المملوك ، وذلك في يوم الأحد خامس شهر رمضان سنة ثمان وست مئة ببلده بنج دية من أعمال مرو الرّوذ.

٣٩٨ ـ محمد (٣) بن عيسى بن بركة الجصّاص ، أبو الفتح.

من أهل درب القيّار.

__________________

(١) هو أبو مصعب الزهري راوي الموطأ عن مالك (٣٩٩ بتحقيقنا).

(٢) رواه عن مالك : إسحاق بن عيسى الطباع عند أحمد ٢ / ٦٦ ، وسويد بن سعيد في الموطأ (١٢٥ بروايته) ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي في الموطأ (١٩٥ بروايته) ومن طريقه الجوهري في مسند الموطأ (٤٦٥) ، ورواه عبد الله بن وهب عند أبي عوانة ٢ / ٣٧٣ ، وعبد الرحمن بن مهدي عند أحمد ٢ / ٦٦ ، وقتيبة بن سعيد عند النسائي في المجتبى ١ / ٢٤٤ و ٢ / ٦١ ، والشافعي في مسنده ١ / ٦٦ ومن طريقه البيهقي ٢ / ٤ وابن عبد البر في التمهيد ١٧ / ٦٣ ، ومحمد بن الحسن الشيباني (في روايته للموطأ ٢٠٥) ، ويحيى بن يحيى الليثي في الموطأ (٤١٣ بروايته) ، ويحيى بن يحيى النيسابوري عند مسلم ٢ / ١٤٩ والبيهقي ٢ / ٤ ، قال ابن عبد البر : وهو حديث صحيح من جهة الإسناد ... وتلقاه العلماء من السلف والخلف بالعمل والقبول في جملته (التمهيد ١٧ / ٧١).

(٣) لقبه كمال الدين ، وقد ترجم له ابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ١٨٧ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٣٤١ ، وابن الفوطي في تلخيصه ٥ / الترجمة ٥٤٢ ، والذهبي في المختصر المحتاج إليه ١ / ١٠٤ وتاريخ الإسلام ١٣ / ٣٢٦.

٥٣٧

سمع بنفسه من جماعة منهم : أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب ، وأبو العباس أحمد بن بنيمان المستعمل ، وأبو طالب محمد بن محمود بن محمد الشّيرازي المعروف بابن العلويّة ، ومن بعدهم. وحدّث عنهم ببغداد ، والموصل وإربل ، والجزيرة وهلك هناك. كتبت عنه أحاديث.

قرأت على أبي الفتح محمد بن عيسى بن بركة من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو طالب محمد بن محمود بن محمد الشّيرازي قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد البقّال قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد البرقانيّ ، قال : قرأت على أبي محمد بن ماسي : أخبركم يوسف القاضي ، قال : حدثنا عمرو بن مرزوق ، قال : أخبرنا شعبة ، عن قتادة ، عن أنس أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «البزاق في المسجد خطيئة وكفّارتها دفنها» (١).

سألت أبا الفتح الجصّاص عن مولده ، فقال : في سنة خمسين وخمس مئة تقريبا.

وتوفي في سنة إحدى عشرة وست مئة برأس عين ، وقيل بغيرها ، في جمادى الأولى ، وقيل في ربيع (٢) ، والله أعلم.

* * *

__________________

(١) حديث صحيح ، أخرجه أحمد ٣ / ٢٧٧ ، وأبو يعلى (٣٠٨٨) ، وأبو عوانة ١ / ٤٠٤ من طرق عن شعبة ، به.

وأخرجه أحمد ٣ / ٢٣٢ و ٢٧٧ ، وابن خزيمة (١٣٠٩) من طريق هشام الدستوائي وشعبة جميعا عن قتادة ، به ، وإسناده صحيح أيضا.

وأخرجه أبو داود (٤٧٤) عن مسلم بن إبراهيم ، عن هشام وشعبة وأبان جميعا عن قتادة ، به.

(٢) يعني في ربيع الأول.

٥٣٨

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه علوان

٣٩٩ ـ محمد (١) بن علوان بن هبة الله الحوطيّ (٢) ، أبو عبد الله الصّوفيّ.

من أهل تكريت.

قدم بغداد وأقام مدّة برباط الزّوزني بالجانب الغربي مقابل جامع المنصور مع الصّوفية ، وسمع بها الحديث من جماعة منهم : أبو محمد المبارك بن المبارك ابن التّعاويذي ، والنّقيب أبو جعفر أحمد بن محمد ابن العباسي (٣) المكي ، وأبو المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبلي. ومن الغرباء مثل أبي الوقت السّجزي ، وأبي جعفر محمد بن محمد الطّائي الهمذاني ، وغيرهم. وخرج منها وهو شاب إلى مكة ـ شرّفها الله ـ وأقام بها مجاورا أكثر من خمسين سنة ، وأمّ بالنّاس في مقام إبراهيم عليه‌السلام بعد وفاة محمد بن أبي بكر الطّوسي مديدة إلى أن توفّي. وحدّث هناك بشيء من مسموعاته. سمع منه الفقيه محمد بن إسماعيل بن أبي الصّيف (٤) اليمني وغيره.

وتوفي في شعبان سنة ثلاث وست مئة (٥) ، ودفن بالمعلى ، رحمه

__________________

(١) ترجم له ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٣٧٦ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٣١ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٠٥ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٨٤ ، والفاسي في العقد الثمين ٢ / ١٤٧.

(٢) قال الزكي المنذري في التكملة : والحوطي ـ بفتح الحاء المهملة وسكون الواو وبعدها طاء مهملة مكسورة ، ويشبه أن يكون منسوبا إلى «حوط» وهي قرية من قرى حمص أو قرى جبلة فيما ظنه أبو سعد المروزي». وراجع أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير في «الحوطي».

(٣) تحرف في العقد الثمين للفاسي إلى «الفارسي» ٢ / ١٤٧ وما كان هذا العباسي فارسيا في يوم من الأيام.

(٤) في المختصر المحتاج : «الضيف» بالضاد المعجمة ، مصحف.

(٥) وبهذا التاريخ أخذ الشمس الذهبي متابعا ابن الدبيثي وما أصابا في ذلك. وقد ذكر الزكي

٥٣٩

الله وإيانا.

٤٠٠ ـ محمد (١) بن علوان بن مهاجر بن عليّ بن مهاجر ، أبو المظفّر الفقيه الشافعيّ.

من أهل الموصل.

قدم بغداد في صباه وأقام بها للتفقه مديدة بالمدرسة النّظامية والمدرس بها يومئذ يوسف بن عبد الله الدّمشقي. وسمع بها الحديث من جماعة منهم ، وعاد إلى بلده ولازم أبا البركات عبد الله بن الخضر ابن الشيرجي الفقيه ودرس عليه حتى حصّل معرفة المذهب والخلاف ، ودرّس بمدرسة أنشأها لنفسه (٢) بسكة أبي نجيح ، ثم درّس بمدارس أخرى لغيره.

وقدم بغداد حاجا ، ورأيته بها ، ثم لقيته بالموصل ، وكتبت عنه بها ، وسألته عن مولده ، فقال : في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة بالموصل.

__________________

المنذري وفاته سنة ٦٠٤ وقال تقي الدين الفاسي في العقد الثمين بعد أن ذكر قول المنذري : وما ذكره المنذري من وفاته في سنة أربع رأيته مكتوبا في حجر قبره بالمعلى وفيه إنه «توفي يوم الأحد ثالث عشر شعبان سنة أربع وست مئة».

(١) ترجم له ابن الأثير في الكامل ١٢ / ٣٥٣ ، وابن الشعار في عقود الجمان ٦ / الورقة ١٣١ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٥٧٤ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ١٠٥ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٤٤٩ و ٦٢٧ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٩٨ ، والسبكي في الطبقات الكبرى ٨ / ٨٠ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٨٢ ، وابن الملقن في العقد ، الورقة ١٦٨ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٩٠ ، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية ، الورقة ٤٧.

(٢) هكذا في الأصل وهو وهم؟؟؟ ، وقد جاء في حاشية نسخة «ش» : «عمر ابن الحاجب : صوابه أن منشيء المدرسة والده علوان». وقال الزكي المنذري : «ودرس في المدرسة التي أنشأها والده علوان» ، وقال التاج السبكي مثل ذلك في طبقاته ٨ / ٨١ ، ومثله الذهبي في تاريخ الإسلام. وقال الصلاح الصفدي : وبنى والده مدرسة بقرب بيته وجعل عليها وقوفا وكانوا أهل ثروة ونعمة وعدالة ورياسة» الوافي ٤ / ٩٨.

٥٤٠