ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

أخبركم الحاجب أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ بن يوسف بن يعقوب العلّاف قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد في شوّال سنة أربع وخمس مئة ، فأقرّ به وعرفه ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الرحمن الجمحيّ ، قال : حدثنا عليّ بن عبد العزيز ، قال : حدثنا عارم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : حدثنا حرملة بن عمران ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، عن عقبة بن عامر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الرّجل في ظلّ صدقته حتى يقضي بين النّاس ، أو قال : يحكم بين النّاس» (١).

وأخبرنا أبو طالب محمد بن علي المحتسب بقراءتي عليه ، وقراءة عليه غير مرّة ، قيل له : أخبركم أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد بن بيان الرّزّاز قراءة عليه ببغداد بمنزله بالمقتديّة في شوال سنة أربع وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز في سنة ثمان عشرة وأربع مئة ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصّفّار ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي ، قال : أخبرنا أبو النّضر هاشم بن القاسم ابن سليمان بن المغيرة ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «آتي يوم القيامة باب الجنّة فأستفتح فيقول الخازن : من أنت؟ فأقول : محمد. فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك» (٢).

أنشدنا أبو طالب محمد بن عليّ ابن الكتّاني من لفظه ، قال : أنشدنا أبو نعيم محمد بن عليّ بن محمد بن زبزب الواسطي في سنة أربع وخمس مئة ، قال : أنشدنا القاضي أبو تمّام عليّ بن أبي خازم محمد بن الحسن قاضي واسط رحمه‌الله لبعضهم :

__________________

(١) تقدم الكلام عليه في الترجمة ٧٨.

(٢) تقدم تخريجه والكلام عليه في الترجمة رقم ٢٣.

٥٠١

لما تكهّل من هوي

ت وقلت ربع قد دثر

عاينت من طلّابه

بالباب أفواجا زمر

وكذاك أصحاب الحدي

ث نفاقهم عند الكبر

سألت القاضي أبا طالب ابن الكتّاني عن مولده فقال : في رابع عشري شعبان من سنة خمس وثمانين وأربع مئة.

وتوفي يوم الأربعاء بين الظّهر والعصر الثاني من محرم سنة تسع وسبعين وخمس مئة عن ثلاث وتسعين سنة وأربعة شهور وثمانية أيام ، وحضرنا الصّلاة عليه بجامع واسط يوم الخميس ثالثه في جمع كثير ، وشيّعنا جنازته إلى مقبرة داوردان على نحو من فرسخ من البلد ، وصلّيت عليه هناك ثانيا إماما ودفن ثم عند أبيه ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٥٩ ـ محمد (١) بن عليّ بن فارس الفرّاش ، أبو بكر ، وقيل : أبو عبد الله ، يعرف بابن الشّرابيّ.

من أهل محلة أبي حنيفة رحمه‌الله ، سكن بدرب خطّاب بمسجد يعرف بمسجد كامل. وكان فقيرا صالحا منقطعا في المسجد المذكور.

سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبا بكر أحمد بن عليّ ابن الأشقر ، وغيرهما. سمع منه القاضي عمر القرشي وأخرج عنه حديثا في «معجمه».

أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدّمشقي ، قال : أخبرنا الزاهد أبو عبد الله محمد بن عليّ بن فارس ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن محمد التّميمي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعيّ ، قال : أخبرنا عبد الله بن

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة (الورقة ١٣ من نسختي المصورة غير المنشورة) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٥٥ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٩٤.

٥٠٢

أحمد بن حنبل ، قال (١) : حدثني أبي ، قال : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، سمع أبا عبيد (٢) ، قال : شهدت العيد مع عمر فبدأ بالصّلاة قبل الخطبة ، وقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أمّا يوم الفطر فطركم من صومكم ، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم (٣).

قال القرشيّ : سألت ابن الشّرابي هذا عن مولده ، فقال : في سنة ست وتسعين وأربع مئة.

وتوفي يوم الجمعة غرّة ربيع الآخر من سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٦٠ ـ محمد (٤) بن عليّ بن محمد بن الحسن بن صدقة الحرّانيّ ، أبو عبد الله التّاجر.

سكن دمشق وأقام بها إلى حين وفاته. يعرف بابن الوحش (٥).

سمع بنيسابور أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراوي ، وحدّث عنه ببغداد ودمشق «بصحيح» مسلم بن الحجّاج وغيره. روى عنه شيخنا أبو محمد بن الأخضر.

__________________

(١) مسند أحمد ١ / ٢٤.

(٢) هو مولى ابن أزهر ، واسمه سعد بن عبيد.

(٣) أخرجه الشيخان من حديث الزهري ، به : البخاري ٣ / ٥٥ (١٩٩٠) و ٧ / ١٣٤ (٥٥٧١) ، ومسلم ٣ / ١٥٢ (١١٣٧) ، وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٧٧١).

(٤) ترجمه ابن نقطة في التقييد ٩٥ ، وإكمال الإكمال ٦ / ١٣٥ ، وابن النجار في تاريخه ، كما في المستفاد (الترجمة ١٩) ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٨٨ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٥٥ ، والعبر ٤ / ٢٥٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ٩٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٩٣ ، وابن ناصر الدين في التوضيح ٩ / ١٧٧ ، وابن حجر في التبصير ٤ / ١٤٦٩ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٠٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٨٢.

(٥) قيده المنذري في التكملة بفتح الواو وكسر الحاء المهملة.

٥٠٣

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من كتابه ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن عليّ بن محمد التاجر ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور ، قال : أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي (١). وأخبرنيه عاليا الشريف أبو الفتوح محمد بن المطهر ابن يعلى العلوي بقراءتي عليه قلت له : أخبركم القاضي أبو سعيد محمد بن أحمد بن صاعد قراءة عليه وأنت تسمع بنيسابور ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو سعد محمد بن أبي بكر الغازيّ ، يعني الجنزروذي ، قال : أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان العدل ، قال : أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عليّ الموصلي ، قال (٢) : حدثنا محرز بن عون ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأكل القثّاء بالرّطب (٣).

كتب إلينا أبو المواهب الحسن بن أبي الغنائم السّلمي بخطّه من دمشق يخبرنا أنّ مولد أبي عبد الله محمد بن عليّ بن صدقة الحرّاني في سنة سبع وثمانين وأربع مئة ، وأنّه توفي ليلة الثلاثاء سادس عشر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وكان شيخا صالحا مستورا ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٦١ ـ محمد بن عليّ بن فارس الرّازيّ ، أبو عبد الله.

من أهل بغداد.

ذكره أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني ، غير الأول ، وقال : سمع من أبي القاسم ابن الحصين أيضا. ووهم فيه ، والأظهر أنه الأول (٤) ؛ لأنّ القرشي

__________________

(١) منسوب إلى «جنزروذ» بالفتح ثم السكون وفتح الزاي ، قرية من قرى نيسابور.

(٢) مسند أبي يعلى (٦٧٩٨).

(٣) إبراهيم بن سعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، والحديث من هذا الوجه في الصحيحين : البخاري ٧ / ١٠٢ (٥٤٤٠) و ١٠٤ (٥٤٤٩) ، ومسلم ٦ / ١٢٢ (٢٠٤٣) ، وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (١٨٤٤).

(٤) أي المتقدم في الرقم ٣٥٩.

٥٠٤

أثبت من المارستاني ، والله أعلم.

٣٦٢ ـ محمد (١) بن عليّ بن محمد بن أحمد العجليّ ، أبو الفوارس.

من أهل بعقوبا ، سكن بغداد ، وكان كاتبا بديوان الزّمام المعمور فيما ذكر أبو بكر ابن المارستاني ، قال : وقد سمع النّقيب أبا الحسن محمد بن طراد بن محمد الزّينبيّ ، وأبا القاسم عليّ بن عبد السّيّد ابن الصّبّاغ ، وأبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر الدلال ، وروى شيئا يسيرا.

مولده في سنة إحدى عشرة وخمس مئة. وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمس مئة.

٣٦٣ ـ محمد بن عليّ بن الحسن ، أبو عبد الله.

من أهل الحربية.

كان رجلا صالحا مقيما بتربة الشيخ أبي الحسن القزويني الزّاهد بالحربية.

سمع أبا القاسم هبة الله بن الحصين ، وروى عنه.

سمع منه القاضي عمر القرشي ، وغيره ، وقال : سألته عن مولده فقال ما يدل أنه في سنة تسع وتسعين وأربع مئة ، والله أعلم.

٣٦٤ ـ محمد بن عليّ بن عبد الله الدّوريّ ، أبو بكر.

ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق البيّع في «معجم شيوخه» الذين كتب عنهم. وقد أجاز للقاضي أبي المحاسن عمر بن عليّ القرشي أيضا. لم أقف على ذكره في غير ذلك.

٣٦٥ ـ محمد (٢) بن عليّ بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة / الورقة ٤ من نسختي المصورة) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٣٨.

(٢) اختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٩٥ ، وترجمه في المتوفين على التقريب من أصحاب الطبقة السابعة والخمسين ٥٦١ ـ ٥٧٠ ونقل عن غير المؤلف وقال فيه : «محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن حمدان بن الحسين ، أبو الغنائم الجصاني

٥٠٥

حمدان بن الحسين بن حمدان بن مهدي بن ماهي ابن السّنقباذ ، أبو الغنائم التّاني.

من أهل هيت.

قدم بغداد مرارا ، وسمع بها أبا القاسم بن الحصين ، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن حبيب العامري. وقرأ القرآن الكريم على أبي بكر محمد بن الحسين المزرفيّ ، وحدّث بها ، وروى شيئا من شعر محمد بن خليفة السّنبسي عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي وغيره.

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي ، قال : أخبرنا أبو الغنائم محمد بن عليّ الهيتي ، قدم علينا ، بقراءتي عليه سنة تسع وخمسين وخمس مئة ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العامري قال : أخبرنا عبد الجبار بن محمد الخواري ، قال : حدثنا عليّ بن أحمد المفسّر ، قال : أخبرنا أبو إسحاق الأسفراييني ، قال : حدثنا محمد بن علي الجوزقاني ، قال : حدثنا الحسن بن سفيان ، قال : حدثنا عليّ بن حجر ، قال : حدثنا سلمة بن صالح ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (١).

__________________

الهيتي الأديب اللغوي نزيل الأنبار ، وينسب إلى جصّين أحد ملوك الفرس كان صاحب قلعة عند الأنبار في الزمن القديم» ، وذكر له ثلاثة من مؤلفاته الأدبية ، وذكر أن ممن سمع منه أبو أحمد ابن سكينة ويوسف بن أحمد الشيرازي ١٢ / ٤٥٣ ، فلعله نقل ذلك من تاريخ ابن النجار.

(١) إسناده ضعيف ، لضعف سلمة بن صالح ، وهو أبو إسحاق الجعفي الأحمر الكوفي قاضي واسط ، قال ابن معين : ليس بثقة (تاريخه برواية الدوري ٢ / ٢٢٥) ، وقال أحمد : ليس بشيء (العلل ومعرفة الرجال ١ / ٢٥٣ و ٢ / ٥٥) ، وقال ابن المديني : ضعيف (تاريخ الخطيب ١٠ / ١٩١) ، وقال ابن عمار وأبو داود ، والنسائي : متروك (تاريخ الخطيب ١٠ / ١٩٢).

وهذا الحديث ساقه ابن عدي في الكامل ٣ / ١١٧٧ من طريق الحسن بن سفيان ، به.

٥٠٦

قال القرشي : سألته عن مولده فقال : في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وأربع مئة.

٣٦٦ ـ محمد بن عليّ بن محمد بن أحمد ابن الرّوميّ ، أبو البركات.

من أهل الكرخ.

سمع أبا القاسم هبة الله بن الحصين ، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وغيرهما.

ذكر أبو بكر عبيد الله بن عليّ بن نصر البغدادي أنه سمع منه وأنّه سأله عن مولده ، فقال : ولدت يوم الخميس سادس عشري جمادى الأولى من سنة خمس وتسعين وأربع مئة بالكرخ بدرب الفراغنة (١).

٣٦٧ ـ محمد (٢) بن عليّ بن محمد السّرخسيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو بكر الخيّاط ، يعرف بالخاتونيّ.

سمع أبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني ، وأبا الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، وحدّث عنهم. وما اتفق لي لقاؤه ، وقد أجاز لي غير مرّة.

توفي في اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وثمانين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

وهو حديث حسن المتن من حديث جابر ، أخرجه أحمد ٣ / ٣٤٣ ، وأبو داود (٣٦٨١) ، والترمذي (١٨٦٥) ، وابن ماجة (٣٣٩٣) ، وابن الجارود (٨٦٠) ، والطحاوي في شرح المعاني ٤ / ٢١٧ ، وابن حبان (٥٣٨٢) ، والبيهقي ٨ / ٢٩٦ ، والبغوي (٣٠١٠) ، والمزي في تهذيب الكمال ٨ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨ من طرق عن محمد بن المنكدر ، به ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن غريب من حديث جابر.

(١) في النسخ : «الفراعنة» بالعين المهملة ، ولعل ما أثبتناه الصواب نسبة إلى فرغانة المدينة المشهورة.

(٢) ترجم له المنذري ١ / الترجمة ٢٢٠ نقلا عن ابن الدبيثي ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٨٣.

٥٠٧

٣٦٨ ـ محمد (١) بن عليّ بن شعيب ابن الدّهّان ، أبو شجاع الفرضيّ الحاسب ، أخو شيخنا محمود بن عليّ الذي يأتي ذكره.

وأبو شجاع كان فيه فضل وله معرفة بالأدب والفرائض والحساب وشيء من علوم الرّياضة. وصنّف في الفرائض كتابا على شكل المنبر (٢). وأرّخ مدّة بعد سنة عشر وخمس مئة إلى حين وفاته. وله شعر حسن.

أنشدنا أبو الفتوح محمد بن عليّ بن المبارك ابن الجلاجلي لأبي شجاع ابن الدّهّان يخاطب التاج أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي رحمه‌الله ويمتدحه :

يا زيد زادك ربّي من مواهبه

نعماء يعجز عن إدراكها الأمل

لا غيّر الله حالا قد حباك به

ما دار بين النّحاة الحال والبدل

النّحو أنت أحقّ العالمين به

أليس (٣) باسمك فيه يضرب المثل؟

خرج أبو شجاع من بغداد قبل موته بمدة متنقّلا في البلاد نحو الموصل والجزيرة والشام ، وانتهى إلى دمشق فأقام بها مدة ، وصار له بها قبول ، وانتشر فضله هناك فكان بها إلى أن مات صلاح الدين يوسف بن أيوب ملك الشام ، فخرج إلى مكة فأقام بها سنة وعاد إلى العراق فبلغ الحلّة السّيفية فتوفي بها في سنة تسعين وخمس مئة تقريبا.

__________________

(١) ترجمه القفطي في إنباه الرواة ٣ / ١٩٣ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٥٤ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٩ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٥ / ١٢ ، وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من تلخيصه ٤ / الترجمة ٢٣٨٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩١٨ ، والعبر ٤ / ٢٧٤ ، وابن مكتوم في تلخيصه ، الورقة ٢٢٥ ، واليافعي في مرآة الجنان ٣ / ٤٦٨ ، والصفدي في الوافي ٣ / ١٦٤ ، وابن شاكر في الفوات ٢ / ٤٨٣ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٦٨ ، وغيرها من المصادر التي ذكرتها في تعليقي على التكملة.

(٢) هو كتاب «تقويم المسائل الخلافية» ألفه سنة ٥٦٣ ومنه نسخة في دار الكتب الوطنية بباريس.

(٣) في الوافي للصفدي : لأنّ.

٥٠٨

٣٦٩ ـ محمد (١) بن عليّ بن أحمد ، أبو بكر بن أبي الحسن يعرف بابن غريبة.

من أهل دار القز ، كان أبوه له معرفة بمذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد ابن حنبل.

وأبو بكر هذا تولّى قضاء المحوّل بنهر عيسى ، ثم قبل شهادته قاضي القضاة أبو طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري في يوم الخميس ثالث عشري رجب سنة تسعين وخمس مئة وكان مريضا فتوفّي ، أعني ابن غريبة ، بعد قبول شهادته بخمسة عشر يوما. وكانت وفاته يوم الخميس سابع شعبان من السنة المذكورة.

٣٧٠ ـ محمد (٢) بن عليّ بن فارس بن عليّ بن عبد الله بن الحسن بن القاسم ، أبو الغنائم المعروف بابن المعلّم الشاعر.

من أهل واسط ، من قرية تعرف بالهرث (٣) من أعمال نهر جعفر بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ.

شيخ متقدّم بناحيته ، فيه فضل وتميّز ، وهو أحد من سار شعره ، وانتشر

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٤١ ، وقيّد «غريبة» بالحروف فقال : بفتح الغين المعجمة وكسر الراء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة وبعدها تاء تأنيث. وذكر ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ١٤١ ، والذهبي في المشتبه ٤٥٧ ، وابن رجب في الذيل ١ / ٣٤٩ وغيرهم أباه علي بن أحمد ، وسماه بعضهم : علي بن المبارك ، وتوفي سنة ٥٧٨.

(٢) ترجمه ياقوت في معجم البلدان ٥ / ٣٩٧ ، وابن الأثير في الكامل ١٢ / ١٢٤ ، والسبط في المرآة ٨ / ٤٥١ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٤٤ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٩ ، والذهبي في العديد من كتبه ومنها تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٨٥ ، والصفدي في الوافي ٤ / ١٦٥ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٤٠ وغيرهم. وفي مكتبة الدراسات العليا بكلية الآداب بجامعة بغداد نسخة نفيسة من ديوان شعره.

(٣) قيدها المنذري بضم الهاء وسكون الراء.

٥٠٩

ذكره ، ونبه بالشّعر قدره ، وحسن به حاله وأمره ، وطال في نظم القريض عمره ، وساعده على قوله زمانه ودهره. أكثر القول في الغزل والمدح وفنون المقاصد. وكان سهل الألفاظ ، صحيح المعاني ، يغلب على شعره وصف الحب والشّوق وذكر الصّبابة والغرام ، فعلق بالقلوب ، ولطف مكانه عند أكثر النّاس ، ومالوا إليه ، وتحفّظوه وتداولوه بينهم ، واستشهد به الوعّاظ واستحلاه السّامعون حتى بلغني أنه حكى ، أعني أبا الغنائم ابن المعلّم ، ولم أسمعها منه ، قال : اجتزت يوما ببغداد على باب بدر المحروس ، والنّاس مزدحمون هناك غاية الزّحام ، فسألت عما ازدحموا عليه فقيل لي هذا الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي الواعظ جالس هاهنا ، ولم أكن علمت بجلوسه ، فتقدمت وزاحمت حتى شاهدته ، وسمعت كلامه وهو يعظ ويذكّر حتى قال مستشهدا على بعض إشاراته : ولقد أحسن ابن المعلّم حيث يقول :

يزداد في مسمعي تكرار ذكركم

طيبا ويحسن في عيني مكرّره

فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بهذا البيت ، وهو لي ، وما يعلم أني حاضر ولا أحد من الحاضرين ، فانكفيت.

ولقد سمعت أبا عبد الله محمد بن يوسف الأرّجاني ببغداد يقول : قال لي إنسان بسمرقند ، وقد جرى ذكر أهل العراق ولطافة طباعهم ، ورقّة ألفاظهم : كفى أهل العراق أن منهم من يقول :

تنبّهي يا عذبات الرّند

كم ذا الكرى هبّ نسيم نجد (١)

وكرّر البيت تعجبا منه ، من لطافته وعذوبة لفظه وهو لابن المعلّم مبدأ قصيدة مدح بها إنسانا يعرف بهندي بنى القصيدة على هذه القافية لأجل اسمه.

كان شيخنا أبو الغنائم ابن المعلّم حسن المجالسة ، كثير المحفوظ ، عذب

__________________

(١) هذا مطلع قصيدة أوردها الصفدي في الوافي ٤ / ١٦٧.

٥١٠

الإيراد ، عارفا بمعاني الشّعر ، لا تمل مجالسته ، ولا يشبع من مفاكهته. سمعنا منه أكثر شعره بمنزله وقريته وبواسط لفظا وقراءة. فمما قرأنا عليه من جملة قصيدة مدح بها الأجل أبا غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين لما تولّى النّظر بديوان واسط المعمور في سنة سبعين وخمس مئة :

يا مبيح القتل في دين الهوى

أنت من قتلي في أوسع حلّ

اغضض الطرف فنيران الهوى

لم تدع لي كبدا ترمى بنبل

هبك أغليت وصالي ضنّة

منك بالحسن فلم أرخصت قتلي؟

وفؤادي ابتعت منّي قتله

وهو بعضي لم تصرّفت بكلّي؟

فلحبي لك أحببت الضّنى

لست بالطّالب برئي من معلّي

وأنشدنا أيضا لنفسه من قصيدة :

يا نازلين الحمى رفقا بقلب فتى

إن صاح بالبين داع باح مضمره

مقسّما ، حذر الواشي يغيب به

عنه ، وأمن الهوى العذريّ يحضره

كم تستريحون عن صبحي وأتعبه

وكم تنامون عن ليلي وأسهره

لا تحسبوا الصّدّ عن عهد يغيّرني

غيري ملازمة البلوى تغيّره

فما ذكرتكم إلّا وهمت جوى

وآفة المبتلى فيكم تذكره

يزداد في مسمعي تكرار ذكركم

طيبا ويحسن في عيني مكرّره

وتستلذّ الصّبا نفسي وقد علمت

أن لا تمرّ بصاف لا تكدّره

سلا بوجدي عن قيس ملوّحه

وعن جميل بما ألقى معمّره

سألت أبا الغنائم ابن المعلّم عن مولده ، فقال : ولدت في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة إحدى وخمس مئة.

وتوفّي في رابع رجب سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة بالهرث قريته التي كان يسكنها.

٥١١

٣٧١ ـ محمد (١) بن عليّ بن أحمد ، أبو عبد الله المعروف بابن حميدة.

من أهل الحلّة المزيديّة.

أديب فاضل ، له معرفة حسنة بالنّحو والعربية. قرأ ببلده على شيخ كان هناك يعرف بخزيمة (٢). وقدم بغداد ، وقرأ على أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب ولازمه مدة وأخذ عنه علم النّحو ، وكان له شعر حسن. أخذ النّاس عنه ببلده إذنا وتخرّج به جماعة في علم النّحو ورووا شيئا من شعره. وسمعت جماعة يصفونه بالفضل والمعرفة والأدب ، وما لقيته ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٧٢ ـ محمد (٣) بن عليّ بن أحمد ، أبو عبد الله المعروف بابن القصّاب الوزير الملقب مؤيّد الدين.

__________________

(١) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٥٧١ ، وذكر أنه ولد سنة ٤٨٦ وأنه توفي سنة ٥٥٠ والقفطي في إنباه الرواة ٣ / ١٨٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٩٩٠ ، وترجمه الصفدي في الوافي ٤ / ١٥٣ ، والسيوطي في البغية ١ / ١٧٣ وغيرهم. وقول المؤلف «ما لقيته» فيه إشكال كبير ، فهو يشير من غير شك إلى إمكانية لقائه ، وإلا ما قال هذه القالة ، مع أن ابن الدبيثي ولد سنة ٥٥٨ أي بعد ثماني سنوات من الوفاة التي ذكرها ياقوت للمترجم وأخذها عنه الذهبي والصفدي وغيرهما ، وقد قال الذهبي : «وتوفي وهو شاب فيما أظن» ، وإلا فإن شيخه ابن الخشاب تأخرت وفاته إلى سنة ٥٦٧ أي بعد وفاته بسبعة عشر عاما ، والله أعلم.

(٢) هو خزيمة بن محمد بن خزيمة الأسدي ، قال ابن النجار : يقال : إنه أوّل من انتشر عنه النحو بتلك البلاد ، وتخرج به جماعة (بغية الوعاة ١ / ٥٥١).

(٣) ترجم له ابن الأثير في الكامل ١٢٤ ، وسبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٩٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٤٩ ، وابن الكازروني في المختصر ٢٥٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٨٦ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٢٣ وغيرهما ، والصفدي في الوافي ٤ / ١٦٨ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٢ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٢٠٩ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٣٦ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣١١.

٥١٢

صدر ذو فضل وافر ، ومعرفة حسنة بالكتابة ، ورأي حصيف ، وتجربة تامّة. لم تزل به همته العالية وتقلبه في الأحوال حضرا وسفرا حتى أسفر صبح أمله عن بلوغ أقصى غرضه ، وشمله من إنعام المواقف المقدّسة الطاهرة الزّكيّة الإماميّة النّاصرية ـ ضاعف الله جلالها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها ـ ما ظهر به اختصاصه ، فاستقدم من شيراز في سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، وولّي ديوان الإنشاء المعمور في رمضان منها.

ولم تزل أمارات القبول تلوح عليه ، وحسن الآراء المقدّسة تنمو فيه ، ودرجات الحضوة تتراقى به ، وردّت إليه الدّواوين كلّها ، وصدرت الأمور عن تدبيره مخاطبا بنيابة ديوان المجلس مضافا إلى الإنشاء.

وفي رجب سنة تسعين وخمس مئة مثل بباب الحجرة الشريفة وشرّف بخلع جميلة ، ولبس خلعة الوزارة وتقدّم بمخاطبته بالوزير. وفي يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان من السنة حضر بباب الحجرة الشّريفة وأفيضت عليه خلعة الوزارة بمحضر من أرباب المناصب والولايات ، وأنطي المركوب اللّائق بهذه الولاية ، وسلّم إليه العهد ، ومشى الخلق بين يديه إلى الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ وجلس بالإيوان في دست الوزارة ، وكتب إنهاء إلى العرض الأشرف ، وتولّى عرضه حاجب الباب أبو القاسم الحسن بن نصر ابن النّاقد ، وبرز جوابه وقرىء بما قوّى منّته ، وزاد في جأشه ، ونهض إلى داره ومعه الجماعة.

وفي يوم الاثنين رابع عشري رمضان المذكور برز إلى مخيّمه ظاهر مدينة السّلام متوجها إلى بلاد خوزستان ، وأقام إلى سلخ شهر رمضان وعيّد بالخيم.

وتوجه في أوائل شوّال قاصدا تستر وأعمالها ، وبها يومئذ بنو شملة التّركمان ، واستناب بديوان المجلس ولده شمس الدين أبا الفضل أحمد ، فحيث وافاها خرجوا إليه وسلّموا البلاد طائعين راضين بأن يكونوا من جملة من يستخدم بالحضرة الشّريفة ، فتسلّمها وأقام بها من أمراء الخدمة الشريفة من رآه.

ثم توجه منها نحو همذان والرّي وأصبهان ، فما مرّ بناحية ولا ولاية إلا ابن الدبيثي ١ / م ٣٣

٥١٣

وتسلّمها ، وعاد متوجها إلى همذان ، فتوفي على بابها في الرّابع من شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، ودفن بها ، ووصل نعيه إلى بغداد في رابع عشر فانكفأ ولده شمس الدين إلى دار له بدرب الدّواب معزولا. وبلغني أنه توفي عن اثنتين وسبعين سنة ، والله أعلم ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٧٣ ـ محمد (١) بن عليّ بن أحمد بن الحسين بن سراج ، أبو الفتح سبط أبي المظفّر عبد الواحد بن محمد ابن الصّبّاغ.

وأبو الفتح هذا أحد الشّهود المعدّلين ، شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد ابن الدّامغاني في ولايته الثانية وذلك في يوم الأحد تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمس مئة وزكّاه العدلان. أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ خاله وأبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي.

وقد سمع شيئا من الحديث من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وأبي حفص عمر بن ظفر المغازلي. وحدث بالقليل ؛ سمع منه آحاد الطلبة ، وقد رأيته وما اتفق لي منه سماع ، وقد أجاز لي.

توفي في يوم الاثنين خامس محرم سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب ، رحمه‌الله وإيانا.

«آخر الجزء الثامن من الأصل»

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٧١ ، وابن الساعي في الجامع ٩ / ٥٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢١ ، واختاره في المختصر المحتاج إليه ١ / ٩٧.

٥١٤

٣٧٤ ـ محمد (١) بن علي بن الحسين بن محمد بن عليّ الزّينبيّ ، وقد تقدم ذكر باقي النسب ، أبو الحسن ابن قاضي القضاة أبي القاسم ابن نور الهدى أبي طالب ابن نقيب النّقباء أبي تمّام.

من بيت الشّرف والتّقدّم والولاية. وأبو الحسن هذا لم يرزق حظّ أهله ، ولم يزل متأخرا على خير فيه.

سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز وغيره ، وحدّث عنه سمع منه أصحابنا ، ولقيته وطالبت منه السّماع فأجاب وما قدّر ذلك ، فتوفّي قبل أن نجتمع به في يوم الخميس خامس عشري محرم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.

٣٧٥ ـ محمد (٢) بن عليّ بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله ، أبو الحسن ابن أبي القاسم الكاتب يعرف بابن البقرانيّ.

من ساكني درب القيّار.

تولّى الكتابة بأوانا ومعاملتها سنين كثيرة. وكان فيه تميّز وظرف.

سمع القاضي أبا بكر محمد بن أبي طاهر الأنصاري ، وأبا عبد الله يحيى ابن الحسن ابن البنّاء ، وأبا محمد يحيى بن عليّ ابن الطّرّاح الوكيل ، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السّمرقندي ، وغيرهم سمعنا منه.

قرأت على أبي الحسن محمد بن عليّ بن إبراهيم الكاتب ، قلت له : أخبركم أبو محمد يحيى بن عليّ بن محمد الوكيل قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٤٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٥٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٣٥٤ ، والمختصر المحتاج ١ / ٩٧.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٩٦ ، وابن الفوطي في «المهذب» من تلخيصه ٥ / الترجمة ١٢٥٨ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٩٧ ، وتاريخ الإسلام ١٢ / ١١٢١ ، والصفدي في الوافي ٤ / ١٤٧.

٥١٥

به ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة ، قال : حدثنا قاضي القضاة أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن معروف ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا ابن المقدام (١) ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطّفاوي ، قال : حدثنا أيوب ، عن محمد ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أعطيت فواتح الكلم ونصرت بالرّعب وبينا أنا نائم إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي» (٢).

سألت أبا الحسن الكاتب هذا عن مولده ، فقال : في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة ، أظنّه في صفر.

وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشري جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الجمعة ، ودفن بمقبرة الشّونيزي.

قال محمد بن الحسن : توفّي جدي محمد بن علي ضحى نهار الجمعة المؤرخ به ، ودفن باقي يومه كما قال.

٣٧٦ ـ محمد (٣) بن عليّ بن الحسين بن صالح المدائنيّ ثم البغداديّ ، أبو بكر الخيّاط يعرف بابن بصيلة (٤).

من ساكني باب الأزج.

__________________

(١) في الأصل : «أبو المقدام» وهو خطأ لا ريب فيه فهو أحمد بن المقدام العجلي أبو الأشعث شيخ البخاري.

(٢) أخرجه البخاري في تعبير الرؤيا من صحيحه ٩ / ٤٣ (٦٩٩٨) عن أحمد بن المقدام العجلي ، به ، وفيه : أعطيت جوامع الكلم. وهذا الإسناد من طريق ابن صاعد أخرجه ابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ١٤٠ ـ ١٤١.

(٣) ترجم له ابن نقطة في إكمال الإكمال ٦ / ٣٨ والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٣٧ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٩ / ٩٦ ، وابن حجر في التبصير ٤ / ١٤٢٢.

(٤) قيده المنذري فقال : بضم الباء الموحدة وفتح الصاد المهملة ، تصغير بصلة ، وكان خاله يقال له بصيلة ، وكان يربيه ، فقيل له : ابن بصيلة.

٥١٦

كان حافظا للقرآن المجيد. قد قرأ بشيء من القراءات على الشيوخ. وسمع الحديث من جماعة منهم : أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، ووشاح بن جواد الدّرزيجاني ، وأبي السّعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزّاز ، وأبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل. وانحدر إلى واسط وسمع بها من أبي العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد الأزدي ، وأبي طالب محمد بن علي ابن الكتّاني ، وغيرهما. وكتب أكثر مسموعاته بخطّه ، وما بلغ أوان الرّواية ، ولا أعلم أنّه حدّث بشيء ، والله أعلم.

توفي في ذي القعدة من سنة ست مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٧٧ ـ محمد (١) بن عليّ بن محمد ابن الخازن البزّاز ، أبو المعالي يعرف بابن قشيلة (٢).

من ساكني دار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعزّ ـ.

ذكر لي أنه سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن صهر هبة ، وغيره ، ولم أظفر بشيء من مسموعاته في حياته ، ووقفت له بعد وفاته على سماع من أبي الوقت السّجزيّ. وما سمع أحد منه شيئا.

سألته عن مولده ، فقال : في سنة خمس عشرة وخمس مئة. وتوفي ليلة الخميس رابع شهر ربيع الآخر من سنة ست مئة وصلّي عليه يوم الخميس بالمدرسة النّظامية ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشّونيزي ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٧٨١ ، وابن الساعي في الجامع ٩ / ١٢٨ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٩٨ ، وتاريخ الإسلام ١٢ / ١٢٢٨. وقد ترجم ابن نقطة لابنه علي بن محمد المتوفى سنة ٦١٤ في إكمال الإكمال ٤ / ٤٨٦ وتبعه كتّاب المشتبه ومنهم ابن ناصر الدين (توضيح ٧ / ١٠٤) ، ولم يذكروا أباه هذا ، مع أن ذاك كان رافضيا فاسقا مزورا ، وهذا عجيب.

(٢) بضم القاف وفتح الشين المعجمة ، قيدها المنذري.

٥١٧

٣٧٨ ـ محمد (١) بن عليّ بن محمد بن بنبق (٢) ، أبو منصور.

من أهل النّعمانية ، كان أهله يتولّون القضاء بها.

وأبو منصور هذا قدم بغداد واستوطنها مدة ، وكان يتولّى أشغال أمير الحاج طاشتكين المستنجدي. وقبل أقضى القضاة أبو طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري شهادته بمدينة السّلام في ولايته لأقضى القضاة يوم الخميس حادي عشري شوال سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة ، وزكاه أحمد بن عليّ بن كردي ومحمد بن محمود ابن الحرّاني. وولّي قضاء الحلّة المزيدية ، ثم عزل عن الجميع بعد ذلك بقليل ثم ولّي قضاء واسط في رجب سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، فأقام بها شهرين حاكما على أقبح سيرة وعزل في العشر الأخر من رمضان من هذه السنة ، وحمل منها مستظهرا عليه إلى بغداد فسجن بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ مدة (٣) ، ثم أحدر إلى النّعمانية ، وألزم بالمقام بها ، فأقام عاطلا إلى أن توفي في سنة أربع أو خمس وست مئة ، والله أعلم.

٣٧٩ ـ محمد (٤) بن عليّ بن يحيى بن عليّ بن محمد بن عليّ ابن الطّرّاح ، أبو جعفر بن أبي الحسن بن أبي محمد بن أبي الحسن المدير (٥) الوكيل بباب القضاة هو وأبوه وجده وجد أبيه ، وهو آخرهم.

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٨٦ ، وسيأتي ذكر ابن عمه : محمد بن محمد ابن محمد ابن بنبق في أول المجلد الثاني من هذا الكتاب.

(٢) قيده المنذري بالحروف فقال : بفتح الباء الموحدة وسكون النون وبعدها باء موحدة مفتوحة وقاف.

(٣) قارن الجامع المختصر لابن الساعي ٩ / ٤٤ ، ٤٥.

(٤) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١١٢٥ ، والذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٩٨ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ١٣٦.

(٥) هو الذي يدير السجلات عند الحكام. وأول من اشتهر بها من عائلتهم جد أبيه : أبو الحسن علي.

٥١٨

روى الحديث هو وأبوه وجده. سمعنا منه ومن أبيه على تخليط كان فيه مع صحّة سماعه.

فأما أبوه فثقة صحيح السّماع يأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله.

أخبرنا أبو جعفر محمد بن عليّ بن يحيى الوكيل بقراءتي عليه ، قلت له : أخبركم القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن عليّ بن محمد ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر المالكي ، قال : أخبرنا عليّ بن الفضل السّامرّي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد القرشي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا عاصم الأحول ، عن أبي عثمان النّهديّ ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : كنّا مع النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في سفر فقال لي : «يا عبد الله بن قيس ألا أعلّمك كلمة من كنوز الجنّة؟ قلت : بلى. قال : لا حول ولا قوة إلا بالله» (١).

قرأت مولده بخط أبيه : ولد ولدي أبو جعفر محمد بعد صلاة الظّهر من يوم الأحد سادس شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.

قلت : وتوفي يوم الخميس رابع عشري ذي القعدة (٢) من سنة ست وست مئة.

__________________

(١) أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير ، وعاصم الأحول هو عاصم بن محمد بن النضر بن المنتشر الأحول التيمي أبو عمر البصري ثقة من رجال مسلم ، وأبو عثمان النهدي اسمه عبد الرحمن بن مل الكوفي من رجال الشيخين ، والحديث من طريقهم في الصحيحين : البخاري ٤ / ٦٩ (٢٩٩٢) ، و ٥ / ١٦٩ (٤٢٠٥) ، و ٨ / ١٠١ (٦٣٨٤) و ١٠٨ (٦٤٠٩) و ١٥٥ (٦٦١٠) و ٩ / ١٤٤ (٦٣٨٤) ، ومسلم ٨ / ٧٣ (٢٧٠٤) وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٣٤٦١).

(٢) أما محب الدين ابن النجار فذكر أنه توفي في سادس رمضان ، أورد الذهبي ذلك في تاريخه نقلا عن ابن النجار.

٥١٩

٣٨٠ ـ محمد بن عليّ بن نصر بن محمد بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ ، أبو جعفر بن أبي الحسن.

من بيت منهم جماعة من العدول والفقهاء.

وأبو جعفر هذا كان يسكن باب المراتب ، وسافر عن بغداد ، وسكن ميّافارقين واستوطنها إلى حين وفاته ؛ ذكر لي ذلك ابن أخيه أبو البركات بن أبي نصر ابن الصباغ ، وروى لي عنه بيتين من الشّعر كتبهما إليه.

سمعت أبا البركات سعيد بن هبة الله بن عليّ ابن الصّبّاغ يقول : كتب إليّ عمي أبو جعفر محمد بن عليّ من ميّافارقين كتابا فكان في أوله :

إني لأذكركم إذا ما أشرقت

شمس الضحى من نحوكم وأسلّم

ويهزّني برق الشآم إذا بدا

طربا ، وما أشتاق إلا أنتم

سألت أبا البركات هذا عن وفاة عمّه فقال : ما أعلم متى توفي ، بلى انقطع عني خبره بعد سنة ست مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٨١ ـ محمد (١) بن عليّ بن حمزة بن فارس الحرّانيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو الفرج بن أبي الحسن المعروف بابن القبّيطيّ (٢) ، أخو أبي يعلى حمزة الذي يأتي ذكره ، وكلاهما ثقة خيّر.

سمع أبو الفرج مع أخيه من أبي عبد الله الحسين وأبي محمد عبد الله ابني علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخيّاط المقرءين ، وأبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري ، وأبي عبد الله محمد بن محمد ابن السّلال

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٢٤٣ ، والذهبي في العبر ٥ / ٣٢ والمختصر المحتاج ١ / ٩٩ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٩ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٢٢٤ ، والصفدي في الوافي ٤ / ١٥٨ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ٣٨.

(٢) قيده المنذري بضم القاف وتشديد الباء الموحدة وفتحها كما هو مقيد أعلاه.

٥٢٠