ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وسمع أبا منصور محمد بن أحمد بن عليّ الخيّاط المقرىء ، وروى عنه سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح ابن شافع في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة فيما ذكر القاضي عمر القرشي.

وقد ذكر تاج الإسلام ابن السمعاني في كتابه أحمد بن عبد الباقي ابن التّبّان أبا بكر ، وذكرنا نحن على ما وقع إلينا.

٢٨٦ ـ محمد (١) بن عبد الباقي بن عبد العزيز ، وقيل : محمد بن محمد ابن عبد العزيز الشّهرياريّ ، أبو الفتح يعرف بابن الدّاريج.

والدّاريج : هو الحافظ للغلات إذا حملت من بلد إلى بلد في اصطلاح أهل العراق.

كان أبو الفتح أولا أحد حجّاب الدّيوان العزيز ثم صار حاجب الحجّاب ، وتولّى ديوان العرض المعمور ، فكان على ذلك إلى أن عزل أبو الفتح صدقة بن محمد بن صدقة عن نيابة الوزارة في يوم الثلاثاء ثالث عشري شهر ربيع الآخر من سنة ثمانين وخمس مئة فولّي ابن الدّاريج المذكور نيابة الوزارة ، فركب إلى الدّيوان ـ مجّده الله ـ وجلس حيث يجلس النّواب وأنفذ المراسيم الشّريفة. وكان على ذلك إلى أن عزل يوم الخميس ثاني عشري شوّال سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة ، فلزم بيته من غير استخدام إلى أن توفي في جمادى الآخرة من سنة ست وثمانين وخمس مئة. وكان خيّرا.

__________________

(١) ترجمه الذهبي في وفيات سنة ٥٨٦ من تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٢٣. وبنو الدّاريج من بيوتات بغداد المشهورة ، وقد ذكر ابن الدبيثي منهم أيضا أبا الثناء محمود بن المبارك بن الحسين المؤدب المعروف بابن الداريج المولود سنة ٥١٩ والمتوفى سنة ٥٩٦ (المختصر المحتاج إليه ٣ / ١٨٥). وذكر ابن الفوطي من بيت الداريج عز الدين أبا الفتح مسعود بن هبة الله بن الحسين الكاتب ، لكنه لم يذكر له ترجمة (ج ٤ الترجمة ٥٠٣) وقيد المنذري الداريج بالحروف فقال : «بفتح الدال المهملة وبعد الألف الساكنة راء مهملة مكسورة وياء آخر الحروف ساكنة وجيم» (التكملة ١ / الترجمة ٥١٩).

٤٤١

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرّزّاق

٢٨٧ ـ محمد (١) بن عبد الرّزاق بن محمد ، أبو عبد الله البزّاز العدل يعرف بابن السّيبيّ.

حدث عن أبي عبد الله أحمد بن أحمد السّيبيّ.

قال أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي : سمع أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السّقطيّ من محمد بن عبد الرّزاق هذا وأخرج عنه حديثا في «معجمه» ، رحمهم‌الله وإيانا.

٢٨٨ ـ محمد (٢) بن عبد الرزاق بن محمد البازكلّيّ ، أبو عبد الله.

من أهل البصرة ، وبازكلّ المنسوب إليها أحد نواحيها.

قدم بغداد وأقام بها يتفقه على الشيخ أبي إسحاق الشّيرازي بالمدرسة النّظامية مدة وعلّق عنه كتبه ودروسه ، وسمع الحديث بها منه ، ومن أبي عليّ الحسن بن أحمد ابن البنّاء ، وأبي القاسم عليّ بن أحمد ابن البسريّ ، ومن أبوي القاسم : عليّ بن فهد العلّاف وعليّ بن محمد الكوفي النّيسابوري ، وأبي محمد التّميمي ، وغيرهم. وعاد إلى بلده بعد وفاة الشيخ أبي إسحاق. وكان قد سمع في إصعاده بواسط من أبي الحسن عليّ بن محمد ابن الجلّابيّ المغازلي.

وهو من بيت مشهور بالرواية والحديث ، وله أخ اسمه عليّ يكنى أبا

__________________

(١) قد تقدم ذكر اثنين ممن عرفا بابن السّيبي هما : محمد بن عبد الوهاب بن هبة الله (الترجمة ٢٦٩) وحفيدة محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب (الترجمة ٢٧٢).

(٢) ذكره ياقوت في «بازكلّ» من معجم البلدان ١ / ٣٢١ فقال : «الزاء ساكنة والكاف مضمومة واللام مشددة ، قال أبو سعد (السمعاني) : بلدة على البحر بأسفل البصرة ، ولا أعرفها أنا ، ونسب إليها أبا الحسن محمد بن يحيى البازكلي المعروف بهلال الصّيرفي ، مات بعد سنة ٤٢٠. ومحمد بن عبد الرزاق البازكلي وأخوه عليّ من تلاميذ أبي إسحاق الشيرازي فقيهان». قلت : ذكر ذلك السمعاني في «الأنساب» ولكنه لم يذكر أبا عبد الله محمد بن عبد الرزاق هذا ولا ذكر أخاه ، فهذه من إضافة ياقوت.

٤٤٢

الحسن يأتي ذكره إن شاء الله فيمن اسمه علي ، والله الموفق.

٢٨٩ ـ محمد بن عبد الرزاق ، أبو الحسن الطرابلسيّ.

أحد الشعراء.

قال القاضي عمر بن أبي الحسن الدّمشقي : قدم أبو الحسن محمد بن عبد الرزاق بغداد في حدود سنة خمس مئة وكتب عنه بها شيء من شعره.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الجليل

٢٩٠ ـ محمد (١) بن عبد الجليل بن محمد بن الحسن ابن السّاويّ ، أبو الفتح بن أبي سعد.

أحد الشهود المعدّلين هو ، وأبوه.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النّحوي ، قراءة عليه ، قيل له : أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار الواسطي في «تاريخ الحكّام بمدينة السّلام» تصنيفه ، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو الحسن عليّ بن محمد ابن الدّامغاني شهادته ، قال : وأبو الفتح محمد بن عبد الجليل بن الحسن ابن السّاوي في جمادى الآخرة من سنة أربع وتسعين وأربع مئة وزكّاه أبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الدّامغاني وأبو البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي.

قلت : وسمع أبو الفتح الحديث من أبيه أبي سعد ، ومن أبي الحسن عاصم ابن الحسن المقرىء ، وغيرهما. وكان فيه فضل وتميّز. وله خط حسن.

توفي شابا في سنة ثلاث عشرة وخمس مئة ، ودفن بمقبرة الشّونيزي.

__________________

(١) هذا مما استدركه المصنف على أبي سعد السمعاني.

٤٤٣

٢٩١ ـ محمد (١) بن عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد ، أبو حامد ابن أبي مسعود يلقب والده كوتاه (٢).

من أهل أصبهان ، من أولاد المحدثين والرواة المعروفين ، سمع أبو حامد بأصبهان أبا الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي ، وأبا الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي ، وغيرهما.

قدم بغداد حاجا مرتين : إحداهما في سنة تسع وستين وخمس مئة ، والأخرى في سنة ثمانين وخمس مئة. وحج ، وعاد ، وحدّث بها عن الثقفي ، وغيره. سمع منه أصحابنا مثل تميم ابن البندنيجي ، وعبد الله بن أحمد الخباز ، وأبي الفرج عبد الله بن محمد بن مخلد الواسطي ، وغيرهم. وكتب لنا بها إجازة وعاد إلى بلده.

أنبأنا الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي ، قال : مولد أبي حامد بن كوتاه في سنة عشرين وخمس مئة.

سألت أبا بكر محمد بن أبي حامد بن كوتاه ببغداد عن وفاة أبيه ، فقال : توفي في النصف من المحرم سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة بأصبهان.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة (الورقة ١١ ـ ١٢ من القطعة غير المنشورة) ، وورخ وفاته في سنة ٥٨٢ كما هنا فقال : «وفي النصف من المحرم توفي الشيخ الأصيل أبو حامد محمد ابن الحافظ أبي مسعود عبد الجليل ابن الشيخ أبي بكر محمد بن عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم بن شهمرد ... الأصبهاني الجوباري المعروف بابن كوتاه» ، وتابعه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٥٥ فنقل الترجمة منه. أما ابن النجار فأرخه في سنة ٥٨٣ ، لذلك أعاده الذهبي في تاريخه نقلا منه ١٢ / ٧٦٣ ـ ٧٦٤ ، وكذا فعل الصفدي في الوافي ٣ / ٢١٨ فذكر وفاته في سنة ٥٨٣ نقلا من تاريخ ابن النجار.

(٢) هو لفظ فارسي معناه : القصير ، وذكر الذهبي أن الذي لقب بذلك هو جده ، أبو بكر محمد وأبوه عبد الجليل ، وهو بضم الكاف على ما قرره السيد الزبيدي في «تاج العروس» ٩ / ٤٠٨. ووالده عبد الجليل كان محدثا مشهورا توفي سنة ٥٥٣ ، ترجمه السمعاني في التحبير ١ / ٤٣٢ والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٠ وغيرهما.

٤٤٤

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد السّميع

٢٩٢ ـ محمد (١) بن عبد السّميع بن عبد الله بن عبد السّميع بن عليّ ابن القاسم بن الفضل بن الحسين بن أحمد بن جعفر بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميّ ، أبو الفتح بن أبي المظفّر المقرىء.

من أهل واسط ، شريف صالح ، حافظ للقرآن الكريم ، كثير التلاوة له والدرس في آناء الليل والنهار ، متدين ، متواضع. قرأ بالقراءات على الشيوخ بواسط مثل أبي بكر المناخلي (٢) ، وأبي البركات بن كرورى ، وأبي يعلى بن تركان ، وأبيه. وبالكوفة على الشريف عمر بن حمزة العلوي الزّيدي. وسمع الحديث بواسط من أبي الكرم خميس بن علي الحوزي ، والقاضي أبي عليّ الحسن بن إبراهيم الفارقي ، وأبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي ، وغيرهم. قدم بغداد مرارا كثيرة أولها في سنة إحدى وأربعين وخمس مئة. وسمع بها بعد هذه المرة من أبي المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة ، وغيره. وحدث بواسط بالكثير ، وأقرأ القرآن الكريم. سمعنا منه ، وقرأنا عليه ونعم الشيخ كان.

سألته عن مولده ، فقال : في سنة خمس وخمس مئة تقريبا. ثم قرأت بخطه بعد وفاته : مولدي في ذي القعدة سنة أربع وخمس مئة.

وتوفي يوم الأربعاء حادي عشر جمادى الآخرة من سنة ثمانين وخمس مئة

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧٩ ، وترجم الذهبي أباه عبد السميع في وفيات سنة ٥٥١ من تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٠.

(٢) لم يذكر السمعاني هذه النسبة في الأنساب ولا استدركها عليه ابن الأثير في اللباب ، ولعلها نسبة إلى «المناخل» جمع «المنخل».

٤٤٥

وصلّينا عليه يوم الخميس بجامع واسط في جمع كثير وشيّعنا جنازته إلى داوردان ، فدفن عند أبيه رضي‌الله‌عنه.

٢٩٣ ـ محمد (١) بن عبد السّميع بن محمد بن محمد ابن الواثق بالله ، أبو نصر بن أبي تمّام الهاشميّ.

أحد الخطباء. كان يتولى الخطابة بجامع شارع دار الرّقيق في الجّمع. وهو من أهل الجانب الشّرقي ، وسكن نحو قراح أبي الشّحم.

سمعنا منه مناما رآه ، وهو رجل خيّر لا بأس به.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرشيد

٢٩٤ ـ محمد (٢) بن عبد الرشيد بن ناصر الرّجائيّ (٣) ، أبو الفضل.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ٣ / ٢٥٧ وذكر أنه توفي سنة ٦٢٩.

(٢) ترجم له أبو مسعود الحاجي الأصبهاني في «الوفيات» ، فقال : «توفي الشيخ الإمام محمد بن عبد الرشيد الرجائي ـ رحمه‌الله ـ في ذي القعدة سنة ثلاث وستين وخمس مئة ذاهبا إلى الحج» (الترجمة ٢٠٥ وتعليقنا عليها). وترجم له ابن الصابوني في «تكملة» على ابن نقطة ونقل الترجمة من تاريخ ابن الدبيثي ص ١٤٥ ـ ١٤٦ ونقل الصفدي ترجمته من تاريخ ابن النجار (الوافي ٣ / ٢٥٣). وذكره الذهبي في المشتبه ص ٣١٠ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٠٧ ، وابن ناصر الدين في توضيحه ٤ / ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٣) الرجائي : قال السمعاني في الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب : «هذه النسبة إلى رجاء وهو اسم لبعض أجداد المنتسب إليه ... وأما القاضي أبو الفضل الرجائي السرخسي ، قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي الحافظ : أبو الفضل الرجائي منسوب إلى قرية من رستاق سرخس ، سمع معنا الحديث. وكنت سألت جماعة من أهل سرخس عن هذه القرية فما عرفوها ولعل هذه النسبة إلى موضع يقال له مسجد أبي رجاء ـ والله أعلم!» وقال ياقوت ، ناقلا عن أبي موسى الأصبهاني الحافظ : «والرجاء أيضا قرية من قرى سرخس ينسب إليها عبد الرشيد بن ناصر الرجائي» (معجم البلدان ٣ / ٢٧) ، وقال الذهبي في

٤٤٦

من أهل أصبهان ، والد شيخنا أبي محمد عبد الرّشيد بن محمد.

قدم بغداد حاجا في سنة ثلاث وستين وخمس مئة ، وحدث بها عن أبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثّقفي قبل خروجه إلى مكة فسمع منه القاضي عمر ابن عليّ القرشي ، وجماعة.

قال القرشيّ : وسألته عن مولده ، فقال : في صفر سنة سبع عشرة وخمس مئة.

وقال غيره : توجه محمد بن عبد الرّشيد مع الحاج وخرج عن بغداد في أوائل ذي القعدة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة فبلغ الحلّة فتوفي بها في الشّهر المذكور وقبر هناك.

٢٩٥ ـ محمد (١) بن عبد الرشيد بن عليّ بن بنيمان (٢) الحدّاد ، أبو أحمد التاجر.

__________________

المشتبه ص ٣١٠ : «وبالتخفيف والقصر ـ رجا : قرية بسرخس ، منها : عبد الرشيد بن ناصر السرخسي الرجائي الواعظ ، وحفيده ...». قال بشار : النسبة إلى رجاء أحد أجدادهم هو الصحيح ، وقد أوردت المصادر مثل هذا الاسم في نسبهم ، قال ابن ناصر الدين : «قلت : جعله المصنف (أي الذهبي) منسوبا إلى القرية المذكورة مقصورا كما جعله الفرضي أبو العلاء ، وذلك وهم؟؟؟ إنما هو منسوب إلى جده رجاء بالمد فهو عبد الرشيد بن ناصر بن علي ابن أحمد بن رجاء الرجائي ـ بالمد ـ من أهل أصبهان. هكذا ذكر نسبه الحافظ أبو حامد محمد بن عليّ ابن الصابوني في مذيّله على «إكمال» ابن نقطة في ترجمة ولده أبي الفضل محمد بن عبد الرشيد الرجائي» (توضيح المشتبه ٤ / ١٥٨ ـ ١٥٩).

(١) توفي في السادس عشر من صفر سنة ٦٢١ ، وقد ترجمه ابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ١٩٩ ، والمنذري في التكملة (٣ / الترجمة ١٩٦٩) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦٧٩ ـ ٦٨٠ ، والمختصر المحتاج ١ / ٨٠ ، وابن الفرات في تاريخه ١ / الورقة ٤٤.

(٢) قال زكي الدين المنذري في ترجمة أخيه عبد الحميد بن عبد الرشيد ، المتوفى في السابع من شوال سنة ٦٣٧ ، من التكملة (٣ / الترجمة ٢٩٥٢): «وبنيمان : بضم الباء الموحدة وفتح النون وسكون الياء آخر الحروف وبعدها ميم مفتوحة وبعد الألف نون».

٤٤٧

من أهل همذان ، وهو سبط الحافظ أبي العلاء ابن العطار الهمذاني ، وابن شيختنا أم العلاء عاتكة ابنة أبي العلاء المذكور ، وأخو القاضي أبي الحسن عليّ ابن عبد الرشيد.

سمع أبو أحمد بهمذان من أبي الخير محمد بن أحمد الباغبان الأصبهاني لما قدمها ، ومن جده أبي العلاء وغيرهما. قدم بغداد مرارا كثيرة وحدّث سمعنا منه بها.

قرأت على أبي أحمد محمد بن عبد الرّشيد بن عليّ التاجر بالجانب الغربي على نهر عيسى قلت له : أخبركم أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني ، قراءة عليه ، وأنت تسمع بهمذان ، فقال : نعم ، قال : أخبرنا أبو عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد وأبو الفضل المطهّر بن عبد الواحد البزاني (١) وأبو بكر محمد بن أحمد بن ماجة ، قالوا : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد ابن المرزبان ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الحزوّريّ (٢) قال : حدثنا محمد ابن سليمان لوين ، قال : حدثنا يحيى بن المتوكل ، عن أمه ، قالت (٣) : سمعت سالما يحدث عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء» (٤).

__________________

(١) البزاني : بضم الباء الموحدة وفتح الزاي ، نسبة إلى بزان وهي قرية من قرى أصبهان كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير وغيرهما.

(٢) الحزوّري : بفتح الحاء المهملة والزاي وتشديد الواو وفي آخرها الراء ، هذه النسبة إلى الحزوّر ، وهو بعض أجداد المنتسب إليه ، وقد اشتهر بها أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن يحيى بن الحزوّر الثقفي الحزوري الأصبهاني المتوفى سنة ٣٤٢ ه‍ (أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير وغيرهما).

(٣) في النسختين : «قال» وهو وهم واضح.

(٤) إسناده ضعيف ، لضعف يحيى بن المتوكل ، وهو العمري ، مولاهم ، أبو عقيل المدني ، ويقال الكوفي الحذاء الضرير (تاريخ الخطيب ١٦ / ١٦٤ ، وتهذيب الكمال ٣١ / ٥١١) ، وأمه أم يحيى مجهولة ، ولا يعرف هذا الحديث من طريق سالم عن أبيه. وقد أخرج مسلم ١ / ٩٠ (١٤٦) من حديث محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن جده عبد الله

٤٤٨

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد المنعم

٢٩٦ ـ محمد بن عبد المنعم بن الحسين بن أسد السّلميّ ، أبو البركات الخطيب.

أظنّه من أهل ديار بكر.

قدم بغداد ، وسمع بها من الشريف أبي طالب الحسين بن محمد الزّينبي. وحدّث بها عن أبي الحسن عليّ بن عبد الله بن سعيد ، وذكر أنّه سمع منه بآمد.

سمع منه ببغداد أبو محمد محمد بن حمزة ابن الشّروطي ، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي البزّاز. وقال البلخي : كتبت عن هذا الشّيخ في سنة ست عشرة وخمس مئة ، فيما حكاه القرشيّ.

٢٩٧ ـ محمد (١) بن عبد المنعم بن محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير الميهنيّ ، أبو البركات بن أبي الفضائل بن أبي البركات بن أبي الفتح بن أبي طاهر بن أبي سعيد الصّوفي.

شيخ رباط البسطاميّ الذي على دجلة بالجانب الغربي هو ، وأبوه ؛ من بيت التّصوف والتّقدّم وخدمة الفقراء في كلّ مكان.

__________________

ابن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ. وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها».

والحديث باللفظ الذي ساقه المؤلف صحيح من حديث ابن مسعود ؛ أخرجه ابن أبي شيبة ١٣ / ٢٣٦ ، وأحمد ١ / ٣٩٨ ، والدارمي (٢٧٥٨) ، والترمذي (٢٦٢٩) ، وأبو يعلى (٤٩٧٥) وغيرهم ، وقال الترمذي : وفي الباب عن سعد ، وابن عمر ، وجابر ، وأنس ، وعبد الله بن عمرو. هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود».

(١) ترجم له سبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٤٧٥ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٥٦ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ١٩ ، وابن الساعي في الجامع ٩ / ٣٧ ـ ٣٨ والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٨٦ ، وذكر أن لقبه ركن الدين ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / ورقة ٢٤٦.

٤٤٩

وأبو البركات هذا كان فيه سماحة ، وحسن عشرة. سمع من أبي طالب المبارك بن عليّ بن خضير ، ومن أبيه ، ومن الكاتبة شهدة بنت أحمد الإبريّ.

وروى شيئا يسيرا ؛ سمع منه أبو محمد إبراهيم بن علي بن بكروس فيما بلغني.

ومولده في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة السبت حادي عشر ذي الحجة سنة ست وتسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم السبت ، ودفن بالشّونيزي في صفّة الجنيد عند أبيه ، رحمه‌الله.

* * *

الأسماء المفردة من العبد في آباء من اسمه محمد

٢٩٨ ـ محمد (١) بن عبد المتكبّر بن الحسن بن عبد الودود بن عبد المتكبّر بن هارون بن محمد بن عبيد الله ابن المهتدي بالله أبي عبد الله محمد ابن الواثق بالله أبي جعفر هارون ابن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد ابن الرّشيد أبي جعفر هارون ابن المهدي أبي عبد الله محمد ابن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن عليّ بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم ، أبو يعلى بن أبي الحسين.

من أهل باب البصرة ؛ من بيت منهم الخطباء والقضاة والعدول. كان أبو يعلى خطيبا بجامع المنصور على عادة سلفه. وسمع في حال شبابه من أبي السّعود أحمد بن عليّ ابن المجلي ، وغيره.

__________________

(١) ترجمه الذهبي في وفيات سنة ٥٦٣ من تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٠٧ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٨١ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٢٥ ـ ٢٦ ونقل ترجمته من تاريخ ابن النجار فيما أحسب. وهو يشتبه بأخيه وسميه المكنّى أبا جعفر والمتوفى سنة ٥٣٣ فيما ذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٤ / ١٣١ ، أو سنة ٥٣٤ فيما ذكر أبو سعد السمعاني ، لذلك ترجمه الذهبي في تاريخه مرتين ١١ / ٦٠٤ و ١١ / ٦١٦.

٤٥٠

ذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ بن الخضر في «معجم شيوخه» الذين سمع منهم (١).

وقال أبو بكر عبيد الله بن عليّ بن نصر المارستاني : مولد أبي يعلى ابن المهتدي في سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة. وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وستين وخمس مئة ، ودفن بمقبرة جامع المنصور.

وقال أحمد بن شافع : صلّي عليه يوم الأربعاء ثامن عشري رمضان سنة ثلاث وستين وخمس مئة. وهذا أشبه بالصواب.

٢٩٩ ـ محمد بن عبد الودود بن أبي تمّام ابن المهتدي بالله ، أبو العباس الهاشميّ.

من أهل باب البصرة أيضا.

ذكر أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق أنّه أجاز له ، وأنّه توفي عشيّة الثّلاثاء مستهل جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وخمس مئة ، وأنه دفن يوم الأربعاء بمقبرة جامع المنصور ، وقد ناهز التّسعين.

٣٠٠ ـ محمد (٢) بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف ، أبو عبد الله بن أبي الفرج بن أبي الحسين.

من بيت مشهور بالرّواية والحديث والنّقل والسّماع. وهو أخو أبي الحسين عبد الحق وأبي نصر عبد الرحيم ابني عبد الخالق ، وسيأتي ذكرهما في كتابنا هذا إن شاء الله.

__________________

(١) قال الصفدي بعد ذكر سماع أبي يعلى من أبي السعود أحمد ابن المجلي : «وحدّث عنه بيسير ؛ سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي ، ورفيقه صبيح الحبشي» (الوافي ٤ / ٢٦).

(٢) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٨١ ، وترجم له في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨ والصفدي في الوافي ٣ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ نقلا عن ابن النجار ، وتناوله الذهبي في الميزان ٣ / ٦١٣ ، وابن حجر في لسان الميزان ٥ / ٢٤٤ بسبب ما اشتهر عنه من التّزوير.

٤٥١

وأبو عبد الله هذا بلغني أنه ولد بيزد ، ونشأ بها. ثم قدم بغداد مع أبيه ، وسمع بها القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزّاز ، وأباه ، وجماعة. وقد كان سمع بيزد أبا عبد الله إسماعيل بن أبي صالح المؤذّن ، وغيره. ورحل إلى الجزيرة ، والشّام ، وسمع من جماعة من شيوخ تلك البلاد. وعاد إلى الموصل وسكنها إلى حين وفاته.

وكان غير ثقة فيما يقوله وينقله ، وله أحوال في تزوير السّماعات وإدخال ما لم يسمعه الشّيوخ في حديثهم ظاهرة مشهورة أفسد بها أحوال جماعة وترك النّاس حديثهم بسببه واختلط صحيح حديثهم بسقيمه بنقله وتسميعه.

سمعت أبا القاسم تمميم بن أحمد ابن البندنيجي ببغداد يقول : الشيخ أبو الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطّوسي خطيب الموصل شيخ ثقة صحيح السّماع من جماعة أدخل محمد بن عبد الخالق بن يوسف في حديثه شيئا لم يسمعه ، وكان رحل إليه ولاطفه بأجزاء ذكر أنّه نقل سماعه فيها من جماعة من شيوخه مثل النّقيب أبي الفوارس طراد بن محمد الزّينبي ، وأبي عبد الله الحسن بن أحمد بن طلحة النّعالي ، وأبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر ، وأبي الحسن أحمد بن عبد القادر بن يوسف ، وأبي بكر أحمد بن عليّ الطّريثيثي. وهؤلاء قد سمع منهم أبو الفضل فقبلها منه وحدّث بها اعتمادا على نقل محمد بن عبد الخالق وإحسان ظن به ، فلما علم كذب محمد بن يوسف وتكلّم النّاس فيه وفيما رواه الخطيب أبو الفضل طلبت أصول الأجزاء التي حملها إليه ببغداد وذكر أنه نقل منها فلم يوجد ذلك. وأشهر أمره وترك النّاس حديثه وروايته ولم يعبأوا بنقله وترك الخطيب رواية كل ما شكّ فيه وحذّر من روايته (١). وصنع مثل ذلك مع

__________________

(١) قال الذهبي في تاريخ الإسلام : «وبعد ذلك جمع خطيب الموصل المشيخة المشهورة وخرجها من أصوله».

٤٥٢

جماعة غير الخطيب.

بلغني أنّ مولد أبي عبد الله بن يوسف كان في يوم الاثنين ثاني عشري ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة بيزد ، وأنه توفي بالموصل في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وخمس مئة.

٣٠١ ـ محمد بن عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن الوكيل ، أبو البركات بن أبي الفتوح بن أبي البركات يعرف بابن الشّطويّ (١).

من أهل الكرخ ، كان والده أحد العدول ، وتولّى الحسبة بالجانب الغربي ، وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب (٢).

وأبو البركات هذا سمع أبا البدر إبراهيم بن محمد الفقيه الكرخي ، وأباه ، وغيرهما. وتولّى النّظر في العقار الخاص ، وما أعلم أنّه حدّث بشيء لأنّه توفّي شابا في سنة تسع وستين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٣٠٢ ـ محمد (٣) بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد اللطيف بن محمد ابن ثابت بن الحسن بن عليّ بن المهلّب بن أبي صفرة الأزديّ ، أبو بكر بن

__________________

(١) الشّطوي : بفتح الشين المعجمة والطاء المهملة وفي آخرها واو ، هذه النسبة إلى الثياب الشطوية وبيعها ، وهي منسوبة إلى شطا من أرض مصر كما ذكر السمعاني في الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب. وقال ياقوت في «شطا» من معجم البلدان : «بالفتح والقصر ، وقيل : شطاة ، بليدة بمصر ينسب إليها الثياب الشطوية ، قال الحسن بن محمد المهلبي : على ثلاثة أميال من دمياط على ضفة البحر المالح مدينة تعرف بشطا وبها وبدمياط يعمل الثوب الذي يبلغ الثوب منه ألف درهم ولا ذهب فيه» (٣ / ٢٨٨ ط. أوربا).

(٢) وتوفي سنة ٥٦٣.

(٣) ترجم له ابن الأثير في الكامل ١٢ / ١٢٤ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٣٤ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٥١٠ ، وأبو الفدا في المختصر ٣ / ٩٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٨٤ ، والسبكي في الطبقات الكبرى ٦ / ١٣٤ ـ ١٣٥ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٢ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / ورقة ٢٠٤ ـ ٢٠٨. وتصحف اسمه في الكامل لابن الأثير والبداية لابن كثير وعقد الجمان للعيني إلى «محمود».

٤٥٣

أبي إبراهيم بن أبي بكر المعروف بابن الخجندي (١).

رئيس مقدّم هو ، وأبوه ، وجدّه ، وجدّ أبيه. من أهل أصبهان ، وكلّ واحد منهم يلقّب صدر الدين.

قدم أبو بكر هذا مع أبيه بغداد وهو صبي دون البلوغ لما حج في سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، وخرج معه إلى مكة ، وعاد إلى أصبهان بعد وفاة أبيه ، فإنّه توفي في توجهه إليه (٢) ، وصار رئيس الشّافعية بها على عادة سلفه.

ثم قدم بغداد بعد ذلك في سنة ثمان وثمانين وصادف من الدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ قبولا ، ونائب الوزارة يومئذ مؤيد الدّين أبو الفضل محمد بن عليّ ابن القصّاب ، وأكرم وأجري له الجرايات الوافرة وأنعم في حقّه ما لم ينعم في حقّ أحد من أمثاله ، وفوّض إليه النظّر في المدرسة النّظامية ووقفها. ولم يزل مغمورا بسوابغ الإنعام مكرّما غاية الإكرام إلى أن خرج الوزير مؤيد الدّين المذكور متوجها إلى خوزستان في شوّال سنة تسعين وخمس مئة فخرج معه ، فلما فتح الوزير أصبهان وخرج من مكان بها من المخالفين جعل بها من أمراء الخدمة النّاصرية ـ خلّد الله ملكها ـ الأمير سنقر الطّويل وأذن لابن الخجندي المذكور بالمقام بها أيضا ، فكان على ذلك إلى أن بدا منه ما وحش بينه بين الأمير سنقر وأدت الحال إلى أن قتل ابن الخجندي في خفية لم يتحقق من قتله (٣) ، وذلك في جمادى الأولى أو الآخرة سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة ، فوصل نعيه

__________________

(١) الخجندي : منسوب إلى خجند ، قال المنذري : «بضم الخاء المعجمة وفتح الجيم وسكون النون وآخرها دال مهملة مدينة كبيرة على طرف سيحون ، ويقال لها خجندة أيضا بزيادة تاء التأنيث». وراجع معجم البلدان لياقوت (٢ / ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ط. أوربا) وقال فيها «خجندة».

(٢) سنة ٥٨٠ ه‍ (السبكي : طبقات ٧ / ١٨٦) ، وكما سيأتي في ترجمته (١٩٩٤).

(٣) قال الذهبي في تاريخ الإسلام : «قتله فلك الدين سنقر الطويل متولي أصبهان» ، وهو قول ابن الأثير في الكامل ، وهذا الذي ذكره ابن الدبيثي لعله يمثل الرواية الرسمية التي يتحاشى ابن الدبيثي أن يذكر غيرها.

٤٥٤

إلى بغداد ونوابه بها بالمدرسة النّظامية وقوم من أصحابه فتفرّقوا.

وكان بالأمور الدّنياويّة أشغل منه بالعلم. وسمع شيئا من الحديث ولكن لم يبلغ سنّ الرواية ، والله الموفق.

٣٠٣ ـ محمد (١) بن عبد الحق بن الحسن بن عبد الله المقداديّ ، أبو شجاع بن أبي عليّ المعلّم.

من ساكني دار الخلافة المعظّمة.

سمع أبا المعالي أحمد بن عليّ ابن السّمين المقرىء ، وغيره. اتفق مصعدا من واسط في بعض السنين فكتبت عنه بنهر سابس (٢) حكاية بها ، ثم اجتمعت به ببغداد بعد ذلك ، ولم أسمع منه غيرها. وقد أجاز لي قبل هذا الاجتماع.

سمعت أبا شجاع محمد بن عبد الحق يقول بنهر سابس ، من أعمال واسط ، وقد جرى كلام في معنى الكسب والاكتساب والفرق بينهما وذكر قول العلماء في ذلك وأنّ الكسب يكون في الخير والاكتساب يكون في الشّرّ ، وهو معنى قوله تعالى : (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة : ٢٨٦]. فقال أبو شجاع هذا : سمعت رجلا يعرف بأبي القاسم ابن الثّلاجي كان دواتيّ الوزير أبي المظفّر يحيى بن محمد بن هبيرة يقول بعد موت الوزير : رأيته في المنام ، فقلت : يا سيدي ما فعل الله تعالى بك؟ فأنشدني :

قد سئلنا عن مثلها فأجبنا

بعد ما حال حالنا وحجبنا

فوجدنا مضاعفا ما كسبنا

ووجدنا ممخّضا ما اكتسبنا

وتوفي أبو شجاع المقداديّ في سنة ست مئة ، والله أعلم.

٣٠٤ ـ محمد (٣) بن عبد السّيّد بن عليّ بن محمد بن الطّيّب بن مهدي ،

__________________

(١) ترجم له الزكي المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٤٩ نقلا من هذا الكتاب.

(٢) راجع عن نهر سابس معجم البلدان لياقوت (٤ / ٨٤٠ ط. أوربا).

(٣) ترجم له الزكي المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٧٣٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام

٤٥٥

أبو نصر المقرىء يعرف بابن الزّيتونيّ.

من أهل القريّة (١) بالجانب الغربي ؛ من أبناء الشيوخ الفضلاء وسيأتي ذكر أبيه فيما بعد إن شاء الله.

وأبو نصر هذا رجل خيّر حافظ للقرآن الكريم ، يؤمّ بالنّاس في مسجد على دجلة. سمع الحديث في شبيبته من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل ، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزّاز ، وأبي المظفّر محمد بن سعد المؤدّب ، وأبي الحسن عليّ بن يحيى بن عليّ الوكيل ، ومن بعدهم ، وحدّث عنهم.

سألته عن مولده فلم يحقّقه ، وذكر ما يدلّ أنّه بعد سنة أربعين وخمس مئة بقليل. وتوفي ليلة الاثنين سادس عشري ربيع الآخر سنة سبع عشرة وست مئة.

٣٠٥ ـ محمد (٢) بن عبد الغني بن عبد الواحد بن عليّ بن سرور المقدسيّ الأصل الدّمشقيّ المولد ، أبو الفتح بن أبي محمد.

من أولاد المحدثين المعروفين بالطّلب والرّحلة والحفظ ، وسيأتي ذكر

__________________

١٣ / ٥٢٦ نقلا من تاريخ ابن النجار.

(١) القريّة : بالضم ثم الفتح تصغير القرية ، محلة كبيرة جدا كالمدينة في الجانب الغربي من بغداد مقابل مشرعة سوق المدرسة النظامية (ياقوت : معجم البلدان ٤ / ٨٤ ـ ٨٥ ط. أوربا) وذكر ياقوت عدة مواضع ومحال تعرف بهذا الاسم أيضا.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٥٠١ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ٩٩ ، وابن الفوطي في الملقبين ب «عز الدين» من تلخيصه ٤ / الترجمة ٤٣٦ ، والذهبي في المختصر ١ / ٨٢ ، وتذكرة الحفاظ ٤ / ١٤٠١ ـ ١٤٠٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٤٢ ـ ٤٤ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٣٨٣ ـ ٣٨٧ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٦٦ ـ ٢٦٧ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ٧٤ ، وابن رجب في الذيل ٢ / ٩٠ ـ ٩٢ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / ورقة ٣٥٧ ـ ٣٥٨ ، وابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٥٦ ـ ٥٧ وابن العماد في الشذرات ٥ / ٥٦ ـ ٥٧ ، والقنوجي في التاج المكلل ٢٢٥.

٤٥٦

أبيه (١) إن شاء الله في موضعه.

قدم أبو الفتح بغداد مرارا ؛ أولها في سنة ثمانين وخمس مئة ، وسمع بها أبا الفتح بن شاتيل ، وأبا السعادات بن زريق ، ويوسف بن الحسن العاقولي ، وغيرهم من أصحاب أبي القاسم بن بيان ، وأبي طالب بن يوسف ، وأبي الغنائم ابن المهتدي وأمثالهم. ورحل إلى أصبهان وسمع بها من أصحاب أبي علي الحسن بن أحمد الحدّاد وغيرهم. وعاد إلى دمشق وحدث بها عنهم (٢) ، وسمع منه جماعة من الطلبة (٣).

ومولده في سنة ست وستين وخمس مئة (٤). وتوفي في شوال (٥) سنة ثلاث عشرة وست مئة بدمشق.

٣٠٦ ـ محمد (٦) بن عبد المعيد بن عبد المغيث بن زهير بن زهير ،

__________________

(١) توفي سنة ٦٠٠ ه‍.

(٢) كان ارتحاله إلى أصبهان بعد التسعين وخمس مئة ، وقد عاد بعدها إلى بغداد وأقام بها مدة يسمع من ابن الجوزي وطبقته (ابن رجب : الذيل ٢ / ٩٠) ذكرنا ذلك لئلا يفهم أنه لم يعد إلى بغداد بعد رحلته إلى أصبهان.

(٣) ذكر المنذري أنه لقيه بدمشق ولم يتفق له السماع منه وأن له منه إجازة (التكملة ٢ / الترجمة ١٥٠١) وقال ابن النجار البغدادي : «سمعنا معه وبقراءته كثيرا ، وكتب بخطه كثيرا ، وحصل كثيرا من الأصول شراء ، واستنسخ كثيرا من الكتب والأجزاء ... وكان من أئمة المسلمين ، حافظا للحديث متنا وإسنادا ، عارفا بمعانيه وغريبه ومشكله ، متقنا لأسامي المحدثين وكناهم ، ومقدار أعمارهم ، وما قيل فيهم من جرح وتعديل ، ومعرفة أنسابهم ، واختلاف أسمائهم» (ابن رجب : الذيل ٢ / ٩٠ ـ ٩١).

(٤) ذكر ابن رجب أنه ولد في أحد الربيعين من السنة (الذيل ٢ / ٩٠).

(٥) قيد المنذري وفاته في التاسع عشر من شوال (التكملة ٢ / الترجمة ١٥٠١).

(٦) لم يذكر ابن الدبيثي تاريخ وفاته لتأخرها عن نشرته الأخيرة وهي سنة ٦٢١ ، وقيّد وفاته الزكي المنذري في التكملة ، فقال في وفيات سنة ٦٢٤ : «وفي الخامس والعشرين من ذي القعدة توفي الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي محمد عبد المعيد ... البغدادي الحربي العدل ، بطريق الحجاز ، ودفن بسميرى ، ونقل بعد سنة ، ودفن عند جده

٤٥٧

أبو عبد الله.

من أهل الحربية. كان جده عبد المغيث شيخنا من المحدّثين المكثرين سماعا ورواية مع ثقة وأمانة ، وسيأتي ذكر أبيه عبد المعيد (١) وجده عبد المغيث (٢) في كتابنا هذا إن شاء الله.

ومحمد هذا سمع جده عبد المغيث ، ويعقوب بن يوسف المقرىء ، وفارس بن أبي القاسم الحفّار ، وغيرهم. وأجاز له سيدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ وحدّث عنه بجامع الحربية.

وهو رجل خيّر سليم الجانب.

* * *

__________________

بمقبرة الإمام أحمد رضي‌الله‌عنه. ومولده في شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ... ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من بغداد غير مرة منها ما هو في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وست مئة (٣ / الترجمة ٢١٧٠) وترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٧٨٣.

(١) توفي عبد المعيد سنة ٥٩٥.

(٢) توفي عبد المغيث سنة ٥٨٣.

٤٥٨

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عمر

٣٠٧ ـ محمد (١) بن عمر بن محمد بن يوسف بن دوست العلّاف ، أبو بكر.

حدث عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفيّ (٢). سمع منه أبو عليّ أحمد بن محمد البردانيّ الحافظ فيما ذكر القاضي عمر بن عليّ القرشي.

٣٠٨ ـ محمد بن عمر بن عبد الواحد الباجسرائيّ ، أبو عبد الله.

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٥٤٥ ، والذهبي في المشتبه ١ / ٢٨٥ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٢٤١ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٤ / ٣١ ، والسيوطي في البغية ١ / ٢٠١. وتوفي سنة ٤٥٢.

(٢) الحرفي : بضم الحاء المهملة وسكون الراء وكسر الفاء ، هذه النسبة للبقال ببغداد ولمن يبيع الأشياء التي تتعلق بالبقالين ، قيّده السمعاني في «الأنساب» وتابعه ابن الأثير في «اللباب» ونسبا أبا القاسم عبد الرحمن هذه النسبة. وقيّده الذهبي في المشتبه (ص ٢٢٦) وذكر أن الحرفي هو بياع البزور ، وذكره ابن ناصر الدين في توضيحه وقال : «قلت : حدّث عن أبي بكر النجاد ... وعنه أبو القاسم عليّ بن أحمد ابن البسري» ٣ / ١٨٠. قال بشار : ونسب السمعاني بهذه النسبة بعض المحدثين وأرجعهم إلى بطون من القبائل ذكرها في كتابه ، إضافة إلى ما ذكر أولا من نسبة أبي القاسم عبد الرحمن. وذكر ياقوت «حرف» في معجم البلدان (٢ / ٢٤٣ ط. أوربا) بالضم ثم السكون والفاء ، وهو التقييد الذي ذكرناه قبل قليل ، وقال : «وهو في اللغة حبّ الرّشاد والاسم من الحرفة ضد السعادة ، وهو رستاق من نواحي الأنبار ينسب إليه أبو عمران موسى بن سهل بن كثير بن سيّار الوشاء الحرفي ... والحرف أيضا آرام سود مرتفعات ، قال نصر : أحسبها في منازل بني سليم». قلت : وهذه نسبة فاتت أبا سعد السّمعاني فلم يذكرها في كتابه. وقد جعل الذهبي كل من عرف ب «الحرفي» هو من باب بيع البزور ، وهو وهم جد واضح ، ويبدو لنا أن أبا عمران موسى بن سهل الوشاء الحرفي منسوب إلى «حرف» وهو الرستاق الذي من نواحي الأنبار ، وأن أبا القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي منسوب إلى الصّنعة وهو البقّال. فضلا عمن ينسب إلى بطون من القبائل.

٤٥٩

من أهل باجسرا (١) ، ناحية بطريق خراسان.

سكن بغداد ، وتفقه بها على القاضي أبي يعلى محمد بن الحسن ابن الفرّاء. وصحب أبا محمد رزق الله بن عبد الوهّاب التّميمي وكان له حلقة بجامع المنصور فيما ذكر أبو بكر عبيد الله بن عليّ المارستاني ، قال : وروى عن التّميمي شيئا ، والله أعلم.

٣٠٩ ـ محمد (٢) بن عمر النّعمانيّ ، أبو عبد الله المؤدّب.

سمع أبا منصور محمد بن محمد العكبريّ ، وروى عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

٣١٠ ـ محمد (٣) بن عمر بن مكيّ الأهوازيّ ، أبو الفرج.

قدم بغداد وسمع بها. وفي المحرم سنة سبع عشرة وخمس مئة خرج الإمام المسترشد بالله أبو منصور الفضل متوجها لحرب دبيس بن صدقة الأسدي (٤) فاستؤذن لأبي الفرج هذا في قراءة أحاديث الحسن بن عرفة عليه بسماعه من أبي القاسم بن بيان ، فأذن ، فقرأ عليه وهو سائر بقرب المدائن ، وسمع بقراءته أبو

__________________

(١) ياقوت : معجم البلدان (١ / ٤٥٤ ط. أوربا) ، وهي من محافظة ديالى اليوم وتعرف ب «أبو جسرة».

(٢) لعله منسوب إلى «النّعمانية» البلدة التي لا زالت قائمة بين بغداد وواسط. وهي منسوبة إلى رجل يقال له «النعمان» لا نعرفه.

(٣) أخبار أبي الفرج محمد بن عمر الأهوازي هذا تجدها في ترجمة الخليفة المسترشد بالله بسبب قراءة أبي الفرج على الخليفة «جزء» الحسن بن عرفة (راجع مثلا ابن الجوزي : المنتظم ٩ / ١٩٧ ، ٢٤٢ وسبط ابن الجوزي : مرآة ٨ / ٦٧ وابن الكازروني : مختصر التاريخ ص ٢٢٠ وغيرها) ، وقد اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٨٢ ـ ٨٣.

(٤) كان دبيس بن صدقة الأسدي صاحب الحلة وتوفي سنة ٥٢٩ وسيرته مشهورة. وكان الخليفة المسترشد من شجعان خلفاء بني العباس حاول أن يعيد للدولة هيبتها وسلطانها ، وكان عالما بالحديث ، قتلته جماعة من الباطنية بالتآمر مع السلاجقة سنة ٥٢٩ حينما خرج لقتال السلطان مسعود السلجوقي.

٤٦٠