ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

٢٦٧ ـ محمد (١) بن عبد الواحد بن محمد بن عليّ بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن عبد الله ، أبو عبد الله بن أبي القاسم المدينيّ.

من أهل أصبهان يعرف بدولجة.

ورد بغداد حاجا في سنة خمس وستين وخمس مئة وحدث بها عن أبي نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري. سمع منه بها أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي.

وذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه سأله عن مولده فقال : في شوال سنة ثلاث عشرة وخمس مئة بشهرستانة ، يعني المدينة القديمة بأصبهان ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٦٨ ـ محمد (٢) بن عبد الواحد بن محمد بن عليّ بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر بن أحمد ابن الصّبّاغ ، أبو جعفر بن أبي المظفر بن أبي غالب.

أحد الشّهود المعدّلين هو ، وأبوه ، وجده.

وأبو جعفر هذا تفقه على مذهب الشافعي رضي‌الله‌عنه على أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز. وتكلّم في المسائل وناب في التّدريس بالمدرسة

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧١ وفيه زيادة : «وتوفي بمكة سنة خمس وستين» ووفاته غير مذكورة في النسختين ، فلا أظن أن ذلك من أصل النسخة ، ولعلها زيادة من الذهبي ، أو أنه اعتمد على نسخة ذكرت فيها الوفاة. والمديني في نسبه : نسبة إلى مدينة جي ، وهي المدينة العتيقة بأصبهان المعروفة بشهرستانة.

(٢) ترجم له صائن الدين محمد بن الأنجب النعّال البغدادي في مشيخته وهو الشيخ الثاني والعشرون فيها (حقنناه بالاشتراك مع أستاذنا العلامة الدكتور ناجي معروف يرحمه‌الله ونشره المجمع العلمي العراقي بنفقته). وترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٩٥ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٠٧ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٧٢ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٦٤ ، والسبكي في الطبقات ٦ / ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٦٠ ، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية ، الورقة ٤١.

٤٢١

النّظامية بعد وفاة يوسف بن بندار الدّمشقي (١) إلى أن درّس بها أبو نصر ابن الشّاشيّ. وتولّى القضاء بباب النّوبي المحروس إلا أنه عزل عن ذلك كله قبل وفاته (٢).

سمع أبا السعادات أحمد بن أحمد ابن المتوكّل الهاشمي ، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري ، وغيرهم.

وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسن الزّينبي فيما أخبرنا محمد بن أحمد النّحوي ، قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن بختيار القاضي في كتابه «تاريخ الحكّام» ، قال : وممن قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته وسمع تزكيته أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصّبّاغ يوم الاثنين سابع عشر شوّال سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة ، وزكّاه الشيخ أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز وأبو القاسم عليّ بن عبد السيد ابن الصّبّاغ.

وحدث أبو جعفر بشيء من مسموعاته ؛ سمع منه القاضي عمر القرشي ، وجماعة بعده. ورأيته وما اتفق أني سمعت منه شيئا.

قرأت على أبي البركات سعيد بن هبة الله بن عليّ ، قلت له : أخبركم أبو جعفر محمد بن عبد الواحد بن محمد ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشميّ ، قراءة عليه قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد السّمناني ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد البيهقي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن خالد الذّهلي ، قال : حدثنا إبراهيم ابن محمد ، قال : حدثنا بشر بن الوليد القاضي (٣) ، قال : حدثنا أبو يوسف ، قال :

__________________

(١) كانت وفاة يوسف الدمشقي سنة ٥٦٣ كما هو مشهور ومعروف.

(٢) لأن سيرته على ما ذكر ابن النجار لم تحمد (السبكي : طبقات ٦ / ١٤٨).

(٣) هكذا وقع الإسناد في هذه الرواية ، ولا يصح ، ولا أدري إن كان هذا الغلط من الناسخ أم من

٤٢٢

حدثنا أبو حنيفة ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «طلب العلم فريضة على كل مسلم» (١).

__________________

أصل النسخة أو الرواية ، فإبراهيم بن محمد هو الواعظ ، وهو من أهل مرو ويعرف بالعبد الذليل ، ويروي هذا الحديث عن أبي العباس أحمد بن الصلت بن المغلّس الحماني المتوفى سنة ٣٠٨ (تاريخ الخطيب ٥ / ٣٤٠ و ٣٤٣) ، الذي رواه عن بشر بن الوليد الكندي المتوفى سنة ٢٣٨ (تاريخ الإسلام ٥ / ٧٩٩ ـ ٨٠٠) ، وهو إسناد ساقه الخطيب في تاريخه ٥ / ٣٤٠.

(١) هذا إسناد موضوع ، آفته أحمد بن الصلت بن المغلس الحماني ، وهو كذاب وضّاع ، كما في تاريخ الخطيب ٥ / ٣٣٨ والميزان ١ / ١٤٠ وغيرهما ، قال الخطيب بعد أن ساقه من طريقه في تاريخه : «لم يروه عن بشر غير أحمد بن الصلت ، وليس بمحفوظ عن أبي يوسف ، ولا يثبت لأبي حنيفة سماع من أنس بن مالك ، والله أعلم. حدثني علي بن محمد بن نصر ، قال : سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول : (وهو في سؤالاته برقم ٣٨٣) سئل أبو الحسن الدار قطني وأنا أسمع عن سماع أبي حنيفة عن أنس يصح؟ قال : لا. ولا رؤيته ، لم يلحق أبو حنيفة أحدا من الصحابة» (تاريخ الخطيب ٥ / ٣٤٠). وقد ساقه ابن الجوزي من هذا الوجه في العلل المتناهية (٦٨).

وهذا الحديث يروى من طرق عن أنس كلها تالفة لا يصح منها شيء ، فقد أخرجه ابن أبي عمر في مسنده ، كما في مصباح الزجاجة ، الورقة ١٦ ، والطبراني في الأوسط (٢٤٨٣) ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ١ / ٨ ، والخطيب في تاريخه ٥ / ٢٥٢ ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٦٧) من حديث زياد بن ميمون ، عن أنس ، وهو ضعيف ، كذّبه يزيد بن هارون ، وذكر الذهبي في الميزان ٢ / ٩٤ هذا الحديث ضمن منكراته.

وأخرجه الخطيب من طريق ميسرة بن عبد الله ، وهو كذاب ، عن موسى بن جابان ، عن أنس ٨ / ٣٨٧ ، وساقه ابن الجوزي في العلل (٦٩) وضعفه بعمران بن عبد الله النوري ، وفي هذا التضعيف نظر ، كما بيناه في تعليقنا على تاريخ الخطيب.

وأخرجه الخطيب ١٢ / ١٠٥ من حديث مالك عن الزهري عن أنس ، وقال : موضوع بهذا الإسناد. وأخرجه الخطيب ١٣ / ٣٧٢ من حديث الأعمش عن أنس ، ولا يصح ، إذ لا يثبت سماع للأعمش من أنس.

٤٢٣

أنبأنا القرشي ، قال : مولد أبي جعفر ابن الصّبّاغ يوم السبت ثاني عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمس مئة.

قلت : وتوفي ليلة (١) الثلاثاء ثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس وثمانين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب.

وكان فيه تساهل ، رحمه‌الله وإيانا.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الوهّاب

٢٦٩ ـ محمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله ابن السّيبيّ ، أبو عبد الله بن أبي الفرج.

من أهل البيوت المعروفة بالعدالة والقضاء والفضل. كان والده أبو الفرج مؤدّب الأمام المقتفي لأمر الله رضي‌الله‌عنه وله عنه رواية.

وأبو عبد الله هذا كان من الأعيان الأماثل ، وله عقب وأهل سيأتي ذكرهم في هذا الكتاب (٢) إن شاء الله. سمع أبو عبد الله من أبي الحسن عليّ بن محمد ابن العلّاف ، وغيره ، وروى عنهم سمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثا في «معجم شيوخه».

٢٧٠ ـ محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم بن بركات البصريّ ، أبو عبد الله ، أخو أبي أحمد العباس بن عبد الوهّاب المحدّث البصري.

سمع محمد مع أخيه من جماعة منهم : أبو الوقت عبد الأوّل بن عيسى

__________________

(١) في طبقات السبكي ٦ / ١٤٩ : «مات في الثاني عشر من ذي الحجة» ، أظنه نقل ذلك من تاريخ ابن النجار.

(٢) سيأتي ذكر حفيده «محمد بن عبد الوهاب» في هذا الكتاب بعد قليل (الترجمة ٢٧٢).

٤٢٤

السجزي ، ومن بعده مثل أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وأبي المعالي جعفر بن أحمد ابن المجلي. واشتغل بالتجارة وتوفي بعد أخيه أبي أحمد ولم يحدّث بشيء والله أعلم.

٢٧١ ـ محمد (١) بن عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ بن عبيد الله ، أبو منصور ابن أبي أحمد بن أبي منصور المعروف بابن سكينة.

من أولاد الشيوخ الرّواة وأهل التّصوف والأعيان الثّقات. نشأ بين الصّالحين ، وطلب العلم من صباه ، وحصّل حفظ القرآن المجيد ، ومعرفة الفقه ، والأدب. وسمع الكثير بإفادة والده من أبي الوقت السّجزي ، وأبي القاسم نصر بن نصر ابن العكبري ، والشريف أبي المظفّر محمد بن أحمد ابن التّريكي ، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي ، وغيرهم.

وكان حسن الطريقة سريا جميلا.

حدث باليسير ؛ سمع منه أبو الحسن عليّ بن ملكداذ الجنزي (٢) ، وأبو عليّ الحسن بن يحيى بن جبر المصري ، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن خولة الغرناطيّ ، وغيرهم. وكان يحضر معنا مجالس السّماع على والده ، ولم أسمع منه.

أنشدني أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد ابن السّلمي بواسط ، قال : أنشدني أبو منصور محمد بن عبد الوهّاب بن عليّ ببغداد لابن حيّوس :

وخز الأسنّة والخضوع لجاهل

أمران في ذوق النّهى مرّان

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٧٣ وقيّد سكينة بالحروف فقال : «بضم السين المهملة وفتح الكاف وسكون الياء آخر الحروف وفتح النون وبعدها تاء تأنيث ، وهي أم جده أبي منصور علي بن علي» ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٦٦.

(٢) ويعرف أيضا بالعمركي.

٤٢٥

والحزم أن يختار فيما دونه ال

أمران وخز أسنّة المرّان

كان مولد أبي منصور ابن سكينة هذا في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة وتوفي ليلة الأحد ثاني جمادى الآخرة من سنة إحدى وتسعين وخمس مئة ، وصلّى عليه والده يوم الأحد بالمدرسة النظامية في خلق كثير ، ودفن عند شيخ الشيوخ أبي سعد النّيسابوري بباب أبرز.

٢٧٢ ـ محمد (١) بن عبد الوهّاب بن محمد بن عبد الوهّاب بن هبة الله ابن عبد الله ابن السّيبي ، أبو عبد الله ، حفيد الذي قدمنا ذكره (٢).

كان يسكن بدار الخلافة المعظّمة قريبا من باب عليّان.

سمع من أبي المظفّر محمد بن أحمد الخطيب المعروف بابن التّريكي ، ومن أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى بن شعيب الصّوفي ، وغيرهما. كتبنا عنه.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الوهّاب ابن السّيبي ، قراءة عليه وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو المظفر محمد بن أحمد بن عليّ بن عبد العزيز الهاشمي ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزّينبيّ ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن عليّ بن زنبور ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحمّاني (٣) ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر ، عن أبيه ، عن واصل بن حيّان ، عن أبي وائل (٤) ، عن عمّار ، قال : قال

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٣٠ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧٣ وترجم له في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٥٠ ـ ٣٥١.

(٢) الترجمة ٢٦٩.

(٣) الحمّاني : بكسر الحاء المهملة وتشديد الميم وفي آخرها نون ، هذه النسبة إلى حمّان ، بطن من تميم. وكان يحيى إماما مكثرا مشهورا بالحديث ، ذكر ذلك السمعاني في «الحماني» من الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب.

(٤) هو شقيق بن سلمة الأسدي ، من رجال التهذيب.

٤٢٦

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ من البيان لسحرا» (١).

سألت أبا عبد الله ابن السّيبي عن مولده ، فقال : ولدت في ليلة الخميس ثامن عشر ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة الاثنين ثامن عشر شوال سنة اثنتي عشرة وست مئة ، ودفن يوم الاثنين بباب أبرز بتربة الشّيخ أبي إسحاق الشّيرازي.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الكريم

٢٧٣ ـ محمد (٢) بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن عبد القاهر بن يزيد بن رفاعة الشّيبانيّ ، أبو عبد الله الملقّب سديد الدولة ابن الأنباريّ ، كاتب الإنشاء بالدّيوان العزيز ـ مجّده الله ـ.

كاتب فاضل له معرفة حسنة بالأدب وله ترسّل وشعر جيّد. أقام بديوان الإنشاء المعمور مستخدما فيه أكثر من خمسين سنة ، وناب في ديوان المجلس

__________________

(١) حديث صحيح أخرجه أحمد ٤ / ٢٦٣ ، والدارمي (١٥٥٦) ، ومسلم ٣ / ١٢ (٨٦٩) ، والبزار في مسنده (١٤٠٦) ، وأبو يعلى (١٦٤٢) ، وابن خزيمة (١٧٨٢) ، وابن حبان (٢٧٩١) ، والحاكم ٣ / ٣٩٣ ، والبيهقي ٣ / ٢٠٨ من طرق عن عبد الرحمن بن عبد الملك ابن أبجر ، به.

(٢) ترجم له العماد الأصبهاني في الخريدة (القسم العراقي ١ / ١٤٠ ـ ١٤٤) ، وابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٠٦ ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٢٩٧ ، وابن واصل في مفرج الكروب ١ / ٥٨ ـ ٦٣ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٥٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، والعبر ٤ / ١٦٥ ـ ١٦٦ ، واختاره في مختصره ١ / ٧٣ ـ ٧٤ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٤٧ وابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٣٦٤ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / ورقة ٣٥٨ ـ ٣٥٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٨٤ ، وأخباره في الكتب والتواريخ المستوعبة لعصره لمنزلته الرفيعة في الدولة العباسية.

٤٢٧

عن الوزارة في بعض الأزمنة ، ونفّذ في الرسائل إلى الشّام وخراسان مرارا.

وكان مقدّما مأمونا محمود المصادر والموارد ، له الرأيّ الصّائب والتّدبير الحسن والسفارة الحميدة. وكانت بينه وبين أبي محمد القاسم بن عليّ الحريري البصري مكاتبات ورسائل هي موجودة مدونة حسنة الألفاظ والمعاني.

سمع شيئا من الحديث في شبابه لا صبوته من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وروى عن أبي عبد الله أحمد بن محمد الخياط الدمشقي ، وأبي عبد الله محمد بن نصر القيسراني شيئا من شعرهما.

سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، والشّريف عليّ بن أحمد الزّيدي ، وأبو الفرج المبارك بن عبد الله ابن النّقّور ، وعبد المحسن بن خطلخ الأميري المعروف بطغدي ، وغيرهم.

أخبرنا أبو الفرج المبارك بن عبد الله بن محمد المعدّل إذنا ، قال : قرىء على سديد الدّولة أبي عبد الله محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الأنباري وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر الحافظ ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النّقّور ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله الدقاق ، قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : حدثنا إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد بن عبد الله ، عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنّ الله عزوجل يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، وأن تناصحوا من ولّاه الله أمركم. ويكره لكم : قيل وقال ، وكثرة السّؤال ، وإضاعة المال» (١).

__________________

(١) حديث صحيح ، أخرجه أحمد ٢ / ٣٦٧ من طريق خالد بن عبد الله ، به.

وأخرجه أحمد ٢ / ٣٢٧ ، ومالك (في رواية أبي مصعب ٢٠٨٩ وعبد الله بن يوسف

٤٢٨

سمعت أبا الفتح أحمد بن عليّ بن الحسين الواعظ يقول : كتب سديد الدولة أبو عبد الله ابن الأنباري إلى بعضهم وسمعته منه عقيب مرض لحقه : «وهب الله له عافية غير عافية ، وسلامة من الأدواء سالمة ، ما رقّت الشّمائل وراقت الشّمائل».

ذكر صدقة بن الحسين النّاسخ في تاريخه أنّ سديد الدّولة ابن الأنباري توفّي ما بين الظّهر والعصر من يوم الاثنين تاسع عشر رجب سنة ثمان وخمسين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الثلاثاء بجامع القصر الشريف وحضر الصّلاة عليه الوزير يحيى بن هبيرة وأرباب المناصب ، ودفن بالجانب الغربي بالمشهد ، يعني مشهد الإمام موسى بن جعفر رحمه‌الله. وكان من مشايخ الدّولة والقدماء ، وكان سنّه دون التّسعين بسنة أو سنتين ، وكان فيه فضل وأدب.

وقال غيره : مولده يوم الاثنين سادس ذي القعدة سنة سبعين وأربع مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٧٤ ـ محمد (١) بن عبد الكريم بن الفضل الرافعيّ ، أبو الفضل الفقيه الشافعي.

من أهل قزوين.

__________________

التنيسي عند البخاري في الأدب المفرد ٤٤٢ ، وسعيد بن عفير ، وابن القاسم ، ومعن بن عيسى ، وأكثر الرواة ، أما يحيى بن يحيى الليثي فرواه مرسلا لم يذكر فيه أبا هريرة ٢٨٣٣ وتعليقنا عليه) ، ومسلم (١٧١٥) ، وابن حبان (٣٣٨٨) ، والبغوي (١٠١) من طرق عن سهيل بن أبي صالح ، به.

(١) ترجمه له الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦٤٤ ـ ٦٤٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٩٧ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٨٠ والسبكي في الطبقات الكبرى ٦ / ١٣١ ـ ١٣٣ ، والإسنوي في طبقاته ١ / ٥٧٠ ، وابن هداية الله في طبقاته ٨٠. وخصص له ولده إمام الدين عبد الكريم فصلا طويلا في كتابه «التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين» لو أفرد لكان كالكتاب. (نسخة مكتبة البلدية بالإسكندرية رقم ٨١٠ ب).

٤٢٩

تفقه ببلده على ملكداذ بن عليّ العمركي ، وعلى أبي علي ابن الشّافعي المقرىء ، وعلى أبي سليمان الزّبيري. وسمع الحديث منهم. ثم قدم بغداد وأقام بها للتفقه على الشيخ أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز مدرس النّظامية ، وسمع الحديث بها منه ، ومن أبي الحسن سعد الخير من محمد الأنصاري ، ومن نقيب النّقباء أبي الحسن محمد بن طراد الزّينبي ، وأبي الفتح عبد الوهّاب بن محمد الخفّاف المقرىء ، وغيرهم.

وعاد إلى بلده ثم خرج إلى نيسابور فأقام عند الشيخ أبي سعد محمد بن يحيى وتفقّه عليه ، وسمع بها من أبي البركات عبد الله بن محمد الفراوي ، وأبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري ، وأبي منصور عبد الخالق بن زاهر الشّحّامي. وسمع بطوس من أبي عبد الله محمد بن الفضيل ، وأبي طاهر العطّاري. ثم عاد إلى قزوين ، ودرّس بها الفقه ، وروى الحديث. سمع منه ابنه أبو الفضائل محمد وغيره.

قال محمد (١) : وتوفي أبي ليلة الخميس سابع شهر رمضان سنة ثمانين وخمس مئة وعمره دون السّبعين بيسير.

٢٧٥ ـ محمد (٢) بن عبد الكريم بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست ، أبو بكر بن أبي منصور ابن شيخ الشيوخ أبي البركات ابن شيخ الشيوخ أبي سعد النّيسابوريّ.

ولد أبو بكر ببغداد. وكان من أولاد الشيوخ والصوفية الأعيان. وصحب جده إسماعيل ، وسمع منه الحديث ، ومن أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي ، ومن أبي الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي ، وجماعة بعدهم. وما أعلم أنّه روى شيئا وإن كان روى يسيرا لاشتغاله بالتّصوف والأشعار وغير ذلك

__________________

(١) انظر التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين ، الترجمة الأولى.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٤٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٣٩.

٤٣٠

من الأسباب القاطعة عن التّصدي للرواية والتّحديث.

صدر أبو بكر محمد بن عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ من الموصل متوجها إلى بغداد في دجلة مريضا ، فتوفي قبل وصوله إليها في اليوم الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وخمس مئة ، وقدموا به ميّتا ، فدفن عند جده بباب رباط الزّوزني (١) مقابل جامع المنصور.

«آخر الجزء السادس وأول السابع»

٢٧٦ ـ محمد (٢) بن عبد الكريم بن علي المقرىء ، أبو بكر الضّرير.

من أهل رأس عين (٣). قدم بغداد وأقام بها ، وحفظ القرآن المجيد ، وقرأ بها على جماعة من الشيوخ ، وسمع الحديث من جماعة مع الشيخ أبي الفضل محمد بن ناصر ومنه. وكان حسن الحفظ للقرآن جيّد التّلاوة له. لقيته بقرية من قرى دجيل وذاكرته وطلبت منه شيئا من مسموعاته فلم يحضره شيء فكتبت عنه أنشادا.

أنشدني أبو بكر محمد بن عبد الكريم المقرىء بالزّهيريّة (٤) من قرى دجيل ، من حفظه ، قال : أنشدنا الشيخ أبو الفضل بن ناصر ببغداد لبعضهم ، رحمهم‌الله وإيانا :

ذر المقادير تجري في أعنّتها

واصبر فليس لها صبر على حال

__________________

(١) ويعرف أيضا برباط الصوفية ، وكان هذا الرباط في الجانب الغربي عند جامع المنصور ، وهو مشهور جدا.

(٢) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧٥ ، ولم يذكره الصلاح الصفدي في «نكت الهميان» مع أنه من شرطه.

(٣) ويقال فيها «رأس العين» وهي من أعمال الجزيرة (ياقوت : معجم البلدان ٣ / ١٣).

(٤) لم يذكرها ياقوت في معجم البلدان ، وذكر «الزهيرية» التي هي ربض ببغداد يقال له ربض زهير بن المسيب في شارع باب الكوفة وذكر «زهيرية» أخرى ببغداد منسوبة إلى زهير بن محمد الأبيوردي (معجم البلدان ٣ / ١٦٢).

٤٣١

بينا تريك وضيع؟؟؟ القوم مرتفعا

إلى السّماك ويوما تخفض العالي

ما بين غمضة عين وانتباهتها

تقلّب الدّهر من حال إلى حال

كتبت عن هذا الشيخ في سنة ست مئة ثم طلبته بالموضع الذي لقيته فيه فغاب عني خبره.

٢٧٧ ـ محمد (١) بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد الكريم بن أحمد بن طاهر ، أبو عبد الله بن أبي سعد بن أبي العباس بن أبي سعد المعروف بابن الوزّان الفقيه الشافعيّ.

من أهل الرّي.

فقيه فاضل زاهد ، من بيت العلم والتّقدّم ببلده ، هو ، وأبوه وأهله.

قدم أبو عبد الله بغداد حاجا فحج وجاور بمكة حرسها الله ، وحدّث بها عن أبي حفص عمر بن أحمد الصّفّار. وسمع منه بها الفقيه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الصّيف الشافعي وغيره. وعاد إلى بلده. وكتب لنا إجازة من هناك غير مرّة.

وبلغنا أنّه توفّي في سنة سبع وتسعين وخمس مئة ، والله أعلم.

٢٧٨ ـ محمد (٢) بن عبد الكريم بن محمد بن منصور بن عبد الجبار

__________________

(١) ترجم له الزكي المنذري في وفيات سنة ٥٩٨ ه‍ ، فقال : «وفي ليلة التاسع والعشرين من شهر ربيع الآخر توفي الفقيه الإمام أبو عبد الله محمد ابن الإمام أبي سعد الوزّان المنعوت بالعماد ، بالري ، ودفن في جوار يوسف بن الحسين الرازي» (التكملة ١ / الترجمة ٦٦٣) ، وذكره ابن الفوطي في الملقبيين ب «عماد الدين» من تلخيصه (٤ / الترجمة ١٢١٠) ولم يذكر شيئا من سيرته مع اشتهاره. وترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١١٥٥ ، وفي العبر ٤ / ٣٠٥ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٨٢ ، والسبكي في الطبقات الكبرى ٦ / ١٢٧ ونقل ترجمته من تاريخ ابن النجار البغدادي وذكر وفاته ومولده فقال : «توفي سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ومولده سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة» ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٣٧ ويتبين أن رواية ابن الدبيثي في تاريخ وفاته مرجوحة.

(٢) اختاره الذهبي في مختصره المحتاج ١ / ٧٥ ـ ٧٦ وترجمه في وفيات سنة ٦١٧ من تاريخ

٤٣٢

ابن السّمعانيّ ، أبو زيد بن أبي سعد بن أبي بكر بن أبي المظفّر.

من أهل مرو ؛ من بيت الفضل والعلم والرّواية. ووالده أبو سعد من أئمة أهل الحديث وله الرّحلة الكبيرة والتّصانيف الحسنة وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.

سمع أبو زيد أبا الفتح محمد بن عبد الرحمن الحمدويي ، ووالده ، وغيرهما.

قدم بغداد رسولا من أمراء العجم (١) ، وجلس للوعظ بباب بدر الشريف (٢) ، وروى عن أبيه ، وغيره ، في مجلس وعظه أحاديث. ورأيته ببغداد في سنة اثنتين وست مئة ، ولم أكتب عنه. وعاد إلى خراسان. وكان قد أجاز لنا من بلده قبل هذا التاريخ.

بلغني أن مولده في سنة أربع وخمسين وخمس مئة.

٢٧٩ ـ محمد (٣) بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن أبي عليّ

__________________

الإسلام ، ١٣ / ٥٢٦ ، لانقطاع خبره فيها ولعله قتل في مذابح المغول ببلاده. وله ذكر في سيرة السّلطان جلال الدين منكوبرتي للنسوي ص ٥٧ ـ ٥٨ ، والجامع المختصر لابن الساعي ٩ / ١٦٧ ـ ١٦٨.

(١) قال ابن الساعي في حوادث سنة ٦٠٢ : «وفيه (يعني شهر رمضان) وصل نظام الدين محمد ابن عبد الكريم السمعاني رسولا من علاء الدين محمد خوارزم شاه ، وتلقي بموكب الديوان العزيز فلما أنزل بباب النوبي الشريف ليقبل العتبة امتنع من ذلك فأهين وألزم بتقبيلها مكرها. (الجامع المختصر ٩ / ١٦٧ ـ ١٦٨).

(٢) قال ابن الساعي : «وفي يوم الخميس العشرين من ذي القعدة من السنة (يعني سنة ٦٠٢) سأل نظام الدين المذكور أن يؤذن له في الجلوس للوعظ بباب بدر الشريف ، فأذن له فجلس ، وحضره الخلق الكثير ، وأحسن الكلام ، وأجاد الوعظ ، وبالغ في الثناء على البيت الشريف العباسي ، وأكثر من الدعاء للخدمة الشريفة الناصرية (الجامع المختصر ٩ / ١٦٨).

(٣) تأخرت وفاته إلى ما بعد وفاة مؤلف هذا الكتاب بعشر سنوات حيث بقي إلى سنة ٦٤٧ ، وفيها ترجمة عز الدين الحسيني في صلة التكملة لوفيات النقلة ، الورقة ٥٨ ، وعنه نقل وفاته

٤٣٣

الأصبهانيّ الأصل البغداديّ المولد ، أبو جعفر بن أبي عليّ بن أبي بكر يعرف جده بالسّيّدي ، منسوب إلى الأمير السيّد أبي الحسن العلوي الحنفي.

وأبو جعفر هذا سمع بإفادة جده أبي بكر (١) من جماعة منهم : أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، وشيوخنا : أبو العلاء محمد بن جعفر بن عقيل ، وأبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل ، وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن زريق ، وطبقتهم ، وروى عنهم. سمع منه قوم من الطلبة في هذا الوقت ، والله الموفق (٢).

* * *

__________________

الذهبي في كتبه ، ومنها : تاريخ الإسلام ١٤ / ٥٨٤ ـ ٥٨٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢٣ / ٢٦٦ ـ ٢٦٨ ، والعبر ٥ / ١٩٤ ، واختاره في مختصره ١ / ٧٦. وذكر الحافظ ابن حجر وفاته في سنة ٦٤٦ (لسان الميزان ٥ / ٢٦٤) وتابعه شيخنا العلامة فأضاف هذا التاريخ إلى المختصر المحتاج ، وهو ليس منه. وترجمه ابن العماد في الشذرات ٥ / ٢٣٨.

(١) تقدم ذكره في هذا الكتاب ، الترجمة ٣٣ وكانت وفاته سنة ٥٨٠.

(٢) وقد ذمه ابن النجار وغيره ، لأنه أخرج إجازة من سنة أربع وستين وخمس مئة كانت لأخ اسمه باسمه وكنيته بكنيته ، وقد ولد سنة أربع وستين ، فزعم أنه هو ، فعنّفوه على ذلك ، فخجل ، ذكر ذلك الذهبي في تاريخ الإسلام والسير.

٤٣٤

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد القادر

٢٨٠ ـ محمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف ، أبو الحسن بن أبي طالب ، والد أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن يوسف العدل الذي سيأتي ذكره (١).

كان أبو الحسن من أولاد الشيوخ المحدّثين الثّقات المعروفين ، ومن أهل بيت مشهورين بالرّواية. سمع أبو الحسن أباه أبا طالب وغيره. وخرج عن بغداد في تجارة في أوان شبابه وانقطع خبره فلم نقف على حال وفاته وذلك في حياة أبيه ، وكان ابنه أبو الفرج طفلا.

٢٨١ ـ محمد (٢) بن عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست الجيليّ الأصل البغداديّ المولد ، أبو الفضل.

أحد أولاد الشيخ عبد القادر الزّاهد الفقيه الحنبلي الواعظ.

سمع محمد هذا أبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البنّاء ، وأبا الوقت عبد الأوّل بن عيسى السّجزي ، وأباه ، وغيرهم. وحدّث بشيء يسير (٣). ولقيته وما كتبت عنه شيئا.

توفي في يوم الأحد خامس عشري ذي القعدة من سنة ست مئة ، ودفن يوم الأحد بمقبرة الحلبة ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) الترجمة ١٨٣٩.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ٨٣٩ ، واختاره الذهبي في مختصره المحتاج ١ / ٧٦ ـ ٧٧ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٢٢٧ نقلا من تاريخ ابن النجار ، وترجمه أيضا التادفي في قلائد الجواهر ص ٤٤.

(٣) روى عنه ابن النجار ، وقال : كان من ذوي الثروة ، وكان طحانا ، فكثرت أمواله ، وتنعّم ، فقابل النعمة بالكفر ... ثم ما زال في انحطاط حتى افتقر ، ولبس بالفقيري ، ولزم رباطهم. ثم سافر إلى دمشق ليطلب شيئا ، ثم عاد إلى بغداد ، ولم تكن طريقته مرضية ، وكان خاليا من العلم».

٤٣٥

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الباقي

٢٨٢ ـ محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن بشر العطّار ، أبو منصور.

ذكره أبو بكر بن كامل في «معجم شيوخه» ، وقال : أنشدني أبياتا من الشعر ، ذكرها عنه.

وقد روى أبو منصور هذا شيئا من الحديث. أظن أبا العلاء محمد بن جعفر ابن عقيل (١) سمع منه.

٢٨٣ ـ محمد (٢) بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ، أبو الفتح يعرف

__________________

(١) البصري شيخ المؤلف المتوفى سنة ٥٧٩ والذي مرت ترجمته في هذا الكتاب برقم (١٠١).

(٢) ترجم له السمعاني في «البطّي» من الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب ، وترجمه أيضا ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٢٩ ، وابن نقطة في التقييد ٨٣ ، وإكمال الإكمال ١ / ٤١٧ ، وابن النجار في تاريخه كما دل عليه المستفاد (الترجمة ١٤) ، والرشيد ابن مسلمة في مشيخته (رقم ٥٢) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٢٦ ـ ٣٢٧ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٤٨١ ـ ٤٨٤ ، ودول الإسلام ٢ / ٧٨ ، والعبر ٤ / ١٨٨ ، والمختصر المحتاج ١ / ٧٧ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٠٩ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٦٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٥ / ٣٨٢ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / ورقة ٤٥٣ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢١٣ ـ ٢١٤. وذكره ابن الفوطي مرتين في تلخيصه : الأولى في الملقبين ب «فخر الحجّاب» ونقل ترجمته من «ذيل تاريخ بغداد» للسمعاني (٤ / الترجمة ٢٣٦٥) والثانية في الملقبين ب «منتجب الدين» (٥ / الترجمة ١٧٤٨). وقال الذهبي في المشتبه : «البطّي : قرية بطّ على طريق دقوقا ؛ فأبو الفتح محمد بن عبد الباقي نسيب إنسان من القرية فعرف به» ص ٨٥. قلت : ولم يذكر ياقوت مثل هذا الموضع في معجم البلدان. وذكر ابن ناصر الدين في توضيحه ١ / ٥٦٠ أنه يقال لها «بت» أيضا ، لكن المشهور فيها «بط» وهي من قرى بغداد قرب الراذان. قلت : وقد ذكر ياقوت «البت» في معجم البلدان ١ / ٤٨٨ وقال : «قرية كالمدينة من أعمال بغداد قريبة من راذان ... وإليها ينسب أبو الحسن أحمد بن علي الكاتب البتي» لكنه لم يذكر أنها تعرف ب «بط» ولا نسب إليها أبا الفتح محمد بن عبد الباقي هذا. وقال السمعاني في الأنساب : «البطي ... هذه النسبة إلى البطة ، وهو لقب

٤٣٦

بابن البطّيّ ، وهو نسيبه إلا أنه عرف به.

من ساكني دار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ بمحلة الصاغة.

شيخ ثقة مسند. سمع الكثير بإفادة أبيه ، وبنفسه ، وعمّر حتى حدّث بمسموعاته مرارا ، وسمع منه قوم وأبناؤهم. وسمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني وذكره في كتابه ، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.

روى عن أبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ، وأبي الحسن عليّ بن محمد ابن الخطيب الأنباري ، وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون ، وأبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي ، وأبي الفضل عبد الله بن عليّ بن زكري الدّقّاق ، وأبي الحسن عليّ بن الحسن بن أيوب البزّاز ، وغيرهم. ومن الغرباء : عن أبي الفضل أحمد بن أحمد الحدّاد. وكانت له إجازة من الشّريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزّينبي.

سمع النّاس منه بعد سنة عشرين وخمس مئة إلى حين وفاته. وكان من أسند أقرانه في زمانه. حدثنا عنه خلق كثير بواسط وبغداد والموصل وغيرها من البلاد.

قرأت على الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمد ابن الجوزي ببغداد ، وحدثنا أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي بواسط ، وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن المظفر بن إبراهيم بن محمد الواعظ

__________________

لبعض أجداد المنتسب إليه ، وإلى بيع البط ، فأما الأول فهو ... [وأما الثاني فهو] أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ابن البطي البغدادي ، شيخ صالح متميز من أهل بغداد ولعل واحدا من أجداده كان يبيع البط فنسب إلى ذلك». قلت : وتابعه ابن الأثير في اللباب. ويبدو لنا أن رواية السمعاني على التمريض ، ولذا فهي غير دقيقة فضلا عن أن ابن الدبيثي والذهبي وابن ناصر الدين وغيرهم لم يذكروا أنه هو المقصود بالنسبة إنما النسبة لنسيب له فعرف به.

٤٣٧

بالموصل ، قالوا : حدثنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ، قال : أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن عليّ المالكيّ ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى القرشي ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصّمد الهاشمي ، قال : حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزّهري (١) ، عن مالك ، عن ابن شهاب الزّهريّ ، عن سالم ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحياء من الإيمان».

قال شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي (٢) : أخرجه البخاري (٣) عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك ، وأخرجه مسلم (٤) عن عبد بن حميد (٥) ، عن عبد الرزاق (٦) عن معمر ؛ كلاهما عن الزّهري.

أنشدنا الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن أبي المظفّر الهاشمي من لفظه ، قال : أنشدنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، قال : أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي ، قال : أنشدني أبو محمد عليّ بن أحمد ـ يعني ابن حزم ـ لعبد الملك بن جهور :

إن كانت الأبدان نابية

فنفوس أهل الظّرف تأتلف

يا ربّ مفترقين قد جمعت

قلبيهما الأقلام والصّحف

وأنشدنا الشّريف أبو طالب وغيره ، قالوا : أنشدنا أبو الفتح بن عبد الباقي قال : أنشدنا الحميديّ ، قال : أنشدني والدي فيما لقّنني أيام الصّبا

__________________

(١) الموطأ برواية أبي مصعب الزهري (١٨٩٠). قلت : وقد ساقه الرشيد ابن مسلمة في مشيخته (رقم ٥٢) عن ابن البطي بهذا الإسناد أيضا.

(٢) مشيخة ابن الجوزي ، الشيخ (٦١).

(٣) البخاري في الإيمان ١ / ١٢ (٢٤).

(٤) مسلم في الإيمان أيضا ١ / ٤٦ (٣٦).

(٥) وهو في منتخب مسند عبد بن حميد (٧٢٥).

(٦) وهو في المصنف له (٢٠١٤٦).

٤٣٨

رحمه‌الله وإيانا :

من قابل النّعمة من ربّه

بواجب الشّكر له دامت

وكافر النّعمة مسلوبها

وقلّ ما ترجع إن زالت

أخبرنا الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن محمد ، قال (١) : ولد شيخنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي في سنة سبع وسبعين وأربع مئة. وتوفي يوم الخميس سابع عشري جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمس مئة ، ودفن بمقبرة باب أبرز ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٨٤ ـ محمد (٢) بن عبد الباقي بن أحمد بن علي ابن النّرسيّ ، أبو الفتح بن أبي البركات.

من أهل باب الأزج ، من بيت العدالة والرّواية هو ، وأبوه ، وأخوه أبو المظفر ، وجماعة من أهله.

وأبو الفتح كان ضريرا (٣). سمع أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأباه أبا البركات ، وغيرهما ، وروى القليل ؛ سمع منه القاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأبو أحمد العباس بن عبد الوهّاب البصري ، وأبو القاسم عبيد الله بن علي ابن الفرّاء ، وأبو القاسم المبارك بن أنوشتكين الوكيل. وحدثنا عنه أبو محمد

__________________

(١) المنتظم ١٠ / ٢٢٩.

(٢) ترجمه الحافظ ابن نقطة في «النرسي» من إكمال الإكمال ٦ / ٨١ نقلا من شيخه أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر ، وذكر قبله أباه أبا البركات وقال الذهبي في المشتبه : «وخلق ينسبون إلى نهر اسمه نرس بين الحلة والكوفة ، منهم ... وأبو البركات عبد الباقي بن أحمد بن هبة الله ابن النرسي ، مات قبل أبي الفضل الأرموي. وابنه أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن النرسي الضرير ...» ص ٦٣٦ ـ ٦٣٨ وتعقبه ابن ناصر الدين فبين أن الذهبي توهم في اسم جد الأب حين سماه «هبة الله» ، وإنما هو «إبراهيم بن علي النرسي» (توضيح المشتبه ٩ / ٦٤). وترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٥١٥ ، واختاره في المختصر المحتاج إليه ١ / ٧٨.

(٣) لم يذكره الصفدي في «نكت الهميان» فيستدرك عليه.

٤٣٩

عبد العزيز بن الأخضر.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر التاجر من كتابه ، قلت له : أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن النّرسي ، قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد بن محمد العمريّ ، قال : أخبرنا أبو عليّ الحسن ابن أحمد بن شاذان ، قال : حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن الحكم الواسطي ، قال : حدثنا محمد بن يونس الكديمي ، قال : حدثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : حدثنا صالح المرّي ، قال : حدثنا جعفر بن زيد ، عن أنس ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الله عزوجل يقول : إني لأهمّ بأهل الأرض عذابا فإذا نظرت إلى عمّار بيوتي والمتحابين فيّ والمستغفرين بالأسحار صرفت عذابي عنهم» (١).

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدّمشقي قال : سألت أبا الفتح ابن النّرسي عن مولده ، فقال : ولدت في سنة أربع وتسعين وأربع مئة.

قلت : وتوفي ليلة الاثنين رابع عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ، ودفن بالشّونيزي.

وقال محمد بن مشّق : توفي في ذي الحجة من السنة المذكورة ، والأول أصح ، والله أعلم.

٢٨٥ ـ محمد بن عبد الباقي بن علي ابن التّبّان ، أبو بكر.

واسطيّ الأصل بغداديّ الدّار.

__________________

(١) تقدم هذا الحديث من رواية يزيد الرقاشي عن أنس (الترجمة ٦٨) ، وصالح المري هو صالح ابن بشير بن وادع المري أبو بشر البصري القاص الزاهد ضعيف ، وشيخه جعفر بن زيد هو العبدي ، وثقه أبو حاتم الرازي (الجرح والتعديل ٢ / الترجمة ١٩٥٠). ولكن البخاري ذكر عن شيخه علي بن نصر أن الذي روى عنه صالح المري هو جعفر بن زيد بن صحار ، وهو عبدي أيضا (تاريخه الكبير ٢ / الترجمة ٢١٥٧) ثم ذكر جعفر بن زيد الذي سمع أنسا ولم يذكر في الرواة عنه صالحا المري (٢ / الترجمة ٢١٥٨) وتابعه ابن حبان في الثقات ٦ / ١٣٣ ، ولعل ما ذكره ابن أبي حاتم هو الأصح ، والله أعلم.

٤٤٠