ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

٢٤٦ ـ محمد (١) بن عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن نجا بن شاتيل ، أبو عبد الله ابن شيخنا أبي الفتح البيّع.

من بيت الرّواية والتحديث. سمع أبو عبد الله من أبي عبد الله الحسين بن عليّ سبط الشيخ أبي منصور الخيّاط ، ومن أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي وغيرهما. وما أظنه حدّث بشيء لاشتغاله بالبيع وأمر المعيشة.

وتوفي في حياة أبيه في سنة ثمانين وخمس مئة (٢) ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٤٧ ـ محمد (٣) بن عبيد الله بن عبد الله ، أبو الفتح الكاتب المعروف بابن التّعاويذيّ الشاعر.

وهو سبط أبي محمد ابن التعاويذي الزاهد ، عرف بابن التّعاويذي وهو سبطه ، فقال : إن اسم أبيه نشتكين (٤). وكان مولى لبني المظفّر ، وأبو الفتح هذا سماه عبيد الله.

شاعر مجيد ، حسن النّظم ، كثير القول. له «ديوان» (٥) جمعه ورتّبه وقسّمه

__________________

(١) سيأتي ذكر والده في موضعه من هذا الكتاب.

(٢) وتوفي والده سنة ٥٨١ على ما سيأتي.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٠ ، وأبو شامة في الروضتين ٢ / ١٢٣ ، وابن خلكان في الوفيات ٤ / ٤٦٦ ، وأبو الفدا في المختصر ٣ / ٨٠ ، وابن الوردي في تتمة المختصر ٢ / ١٠٠ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٨٧ ، والعبر ٤ / ٢٥٣ ، وسير النبلاء ٢١ / ١٧٥ ، واختاره في المختصر ١ / ٦٦ ، والصفدي في الوافي ٤ / ١١ ـ ١٦ ، ونكت الهميان ص ٢٥٩ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٣٢٩ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / ورقة ٥٣ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ١٠٥ ، وابن العماد في الشذرات ٣ / ٢٨١ ـ ٢٨٢ وفيه أنه توفي في ثاني شوال ، وابن الغزي في ديوان الإسلام ، الورقة ٢٦. وذكر أبو شامة وابن كثير والعيني وابن تغري بردي والزركلي في الأعلام ٧ / ١٤١ أنّ وفاته سنة ٥٨٣ ورواية ابن الدبيثي أشبه بالصحة لأنه أعلم بأهل بلده.

(٤) قيده ابن خلكان بالحروف مثلما هو مضبوط أعلاه.

(٥) طبع ديوانه هذا.

٤٠١

فصولا. كتب النّاس شعره واستجادوا قوله. لم يتفق لي لقاؤه. أضرّ في آخر عمره. وتوفي في شوال سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، ودفن بباب أبرز.

٢٤٨ ـ محمد (١) بن عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله بن شباب (٢) ، أبو عبد الله.

من أهل بروجرد (٣) ، أظنه قاضيها.

قدم بغداد للتفقه فأقام بها ، وتفقه على مذهب الشافعي ـ رحمه‌الله ـ وسمع بها في سنة أربعين وخمس مئة من أبي عبد الله محمد بن محمد ابن السّلال الشّروطي ، وأبي صابر عبد الصّبور بن عبد السّلام الهرويّ. وقد سمع بأصبهان من أبي العباس أحمد بن عبد الله بن مرزوق.

ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أن أبا عبد الله بن شباب قدم بغداد حاجا في سنة سبع وسبعين وخمس مئة وأنه حدث بها عن أبي عبد الله ابن السلال ، وأبي العباس بن مرزوق وأنه سمع منه ، والله أعلم.

حدثني عبد الرحيم بن [](٤) الكرجي ببغداد أنّ محمد بن عبيد الله بن شباب توفي في اليوم العشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وست مئة ببروجرد ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٩٨ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٦٦ وترجمه في تاريخ الإسلام ١٣ / ١٣٦. وذكر ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ٣٩٨ أباه عبيد الله وعمه شبيب.

(٢) قيده المنذري بالحروف ، فقال : «وشباب في نسبه : بفتح الشين المعجمة والباء المكررة الموحدة المخففة».

(٣) قيدها ياقوت بفتح الباء وضم الراء المهملة (معجم البلدان ١ / ٤٠٤) وقيدها السمعاني في الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب والمنذري في التكملة بضم الباء. وعندي أن رواية السمعاني أشبه بالصحة لأنه أعلم بتلك البلاد ، وقد كتب في هذه المدينة ، إضافة إلى أن ياقوتا ينقل عنه. وقد مضى شيء من الكلام على بروجرد (الترجمة ٩٨).

(٤) بياض في الأصل ، ولا أعرف كرجيا اسمه عبد الرحيم.

٤٠٢

٢٤٩ ـ محمد (١) بن عبيد الله بن محمد بن عليّ بن الحسين ، أبو الفرج ابن أبي الأزهر الوكيل بباب القضاة.

ولد بواسط ، ونشأ بها ، وقرأ القرآن على شيوخها. ثم استوطن بغداد وقرأ بها أيضا على أبي بكر محمد بن خالد الرّزّاز ، وغيره ، وسمع منه ، ومن منوجهر ابن محمد بن تركانشاه (٢) ، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، وغيرهما.

وتولّى الوكالة لوكيل الخدمة الشريفة المقدّسة الإمامية النّاصرية ـ خلّد الله ملكها ـ وهو شيخ حسن فيه تميّز ، وله معرفة بالأمور الشرعية.

سألته عن مولده ، فقال : ولدت في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة. وتوفّي ليلة الاثنين سابع عشري رجب سنة تسع عشرة وست مئة ، ودفن بباب أبرز.

* * *

__________________

(١) ترجمه معين الدين ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٩٩ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٨٨٥. واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٦٧ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٨٦ والمشتبه ص ١٩٨ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٢ / ٥٧٦. وذكره السخاوي في الألقاب ، الورقة ٤١ ، والزّبيدي في التاج ٣ / ١٩٢ وذكروا جميعا أنه يعرف بخنفر.

(٢) وتكتب منفصلة «تركان شاه».

٤٠٣

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرحمن

٢٥٠ ـ محمد (١) بن عبد الرحمن بن عبد السلام بن الحسن اللّمغانيّ ، أبو عبد الله الفقيه الحنفيّ.

من أهل محلة أبي حنيفة رحمه‌الله ، له معرفة بمذهب أبي حنيفة. تفقه على أبيه ، وعمّه عبد السلام ، وسكن الكوفة مدة ، وتفقه عليه بها جماعة ، وعاد إلى بغداد ، ودرّس بالمدرسة التّتشية (٢) بمشرعة درب دينار ، وتخرّج به جماعة.

ذكر صدقة بن الحسين الحدّاد أنّه توفي في ليلة الجمعة تاسع عشر شعبان من سنة أربع وخمسين وخمس مئة ودفن بمحلة أبي حنيفة.

٢٥١ ـ محمد (٣) بن عبد الرحمن بن عليّ بن عبد الله ابن الأشقر ، أبو

__________________

(١) ترجمة القرشي في الجواهر المضيئة ٢ / ٧٧ نقلا عن ابن النجار. وهو منسوب إلى لمّغان ويقال فيها لا مغان؟؟؟ أيضا ، وهي كورة تشتمل على عدة قرى في جبال غزنة ، قال ياقوت : «وقد نسب إليها جماعة من فقهاء الحنفية ببغداد» (معجم البلدان ٥ / ٨). وسيأتي ذكر ابن عمه محمد بن عبد الملك بن عبد السلام في هذا المجلد (الترجمة ٢٥٨).

(٢) من مدارس بغداد المشهورة ، كانت خاصة بالحنفية ، منسوبة إلى الأمير نجم الدولة خمارتكين التّتشي مملوك السلطان تتش بن ألب أرسلان السّلجوقي.

(٣) ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٣٦ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٣٧٥ ، وذكر الشمس الذهبي في «البرني» من المشتبه ص ٥٨ جملة من أهله وأقربائه ، منهم : والده عبد الرحمن ، ولم يذكره ، كما لم يستدركه عليه ابن ناصر الدين فيستدرك عليهما ، ولكن ذكره الحافظ ابن حجر في التبصير ١ / ١٣٤. ولم يذكر السمعاني «البرني» في الأنساب ولا استدركه عليه ابن الأثير في اللباب مع شغفه بذلك. وذكر ابن ناصر الدين في توضيحه لمشتبه الذهبي أنه نوع من التمر وأورد حديث : «خير تمركم البرني» وقال : أخرجه البخاري في تاريخه الكبير ٥ / ١١٢ ، ثم نقل عن محمد بن علي النّحوي أن التّمر البرني منسوب إلى قرية بالبحرين يقال لها برن ١ / ٤١٨ ـ ٤١٩. وقال الزّبيدي في التاج : البرنيّ : تمر.

معرب أصله برنيك أي الجمل الجيّد ، وعلي بن عبد الرحمن ابن الأشقر ابن البرني ... إلخ

٤٠٤

طاهر الواعظ يعرف بابن البرني.

من أهل الحربية من أولاد المحدثين ؛ وأبوه عبد الرحمن يكنى أبا محمد ، روى وحدّثنا عنه ، وسيأتي ذكره فيمن اسمه عبد الرحمن إن شاء الله.

وأبو طاهر هذا سمع من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وغيرهم ، وروى عنهم.

توفي يوم الأحد ثالث المحرم سنة ست وستين وخمس مئة فيما ذكر صدقة ابن الحسين رحمهم‌الله وإيانا.

٢٥٢ ـ محمد (١) بن عبد الرحمن بن أبي المعالي (٢) الوارينيّ ، أبو عبد الله الفقيه الشافعي.

من أهل قزوين. فقيه فاضل مفت ، له معرفة باللغة العربية وبالشّروط. سمع ببلده من الفقيه أبي بكر ملكداذ بن عليّ العمركي (٣) وغيره. وقدم بغداد حاجا في سنة إحدى وثمانين وخمس مئة ، وحج وعاد ، وحدّث بها في صفر سنة اثنتين وثمانين عن ملكداذ المذكور. سمع منه بها أبو الفضائل محمد بن أبي الفضل القزويني.

__________________

٤ / ٢٠١ فهذا مقلوب ، ولم أجد في معجم البلدان لياقوت ذكرا لمكان بهذا الاسم. وقد ترجم لأبي طاهر هذا ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٣٦ ، وابن نقطة في إكمال الإكمال ١ / ٣٧٥ ، وبدر الدين العيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ٤٧٤ وغيرهم.

(١) ترجمه الرافعي في التدوين في أخبار قزوين ١ / ٣١٤ ـ ٣١٦ ، والقفطي في إنباه الرواة ٣ / ١٦٥ ، وابن مكتوم في تلخيصه ، الورقة ٢١٨ ، والذهبي في وفيات سنة ٦١١ من تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٢٦ ، وذكرا أنه منسوب إلى «وارين» قبيلة بقزوين.

(٢) في تاريخ الإسلام : محمد بن عبد الرحمن بن معالي.

(٣) سمع منه «سنن» ابن ماجة بسماعه من البغوي ، كما في تاريخ الإسلام.

٤٠٥

٢٥٣ ـ محمد (١) بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود بن أحمد بن الحسين بن محمد البنجديهيّ (٢) ، أبو عبد الله ، وقيل أبو سعيد.

من أهل بنج دية من أعمال مرو الرّوذ ، ويعرف بالبندهي.

فقيه صوفي محدّث جوّال ، سمع بخراسان من أبي شجاع عمر (٣) بن محمد البسطامي ثم البلخي ، ومن أبي الحسن مسعود (٤) بن محمد الغانميّ. ومن أبي عليّ الحسن بن أحمد الموسياباذي ، وغيرهم.

وقدم بغداد مرارا ؛ سمع بها من أبي المظفّر محمد بن أحمد ابن التّريكي الخطيب. ثم خرج إلى الشام ، وصار إلى ديار مصر ، وحدّث هناك ، وأملى مجالس في سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، وسمع منه بها أبو الفتوح نصر بن محمد بن أبي فنون البغدادي ، وأبو محمد عبد القوي بن عبد الخالق بن

__________________

(١) هو أحد شرّاح المقامات الحريرية المشهورة ، ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٥٤٩ ، وفي معجم البلدان ١ / ٧٤٣ (ط. أوربا) ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٤١ ، والقفطي في إنباه الرواة ٣ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٤ / ٣٩٠ ، والدمياطي في المستفاد ١٠٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٨٥ ، والعبر ٤ / ٢٥٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ١٧٣ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٦٧ ـ ٦٨ ، وابن مكتوم في التلخيص ، الورقة ٢١٨ ـ ٢١٩ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٣٣ ، والإسنوي في الطبقات ١ / ٢٥٢ ، والسبكي في الطبقات ٦ / ١٢٣ ، والدلجي في الفلاكة ص ٨٨ ، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة ، الورقة ٧٠ ـ ٧١ ، وابن حجر في لسان الميزان ٥ / ٥٦ ، والسيوطي في بغية الوعاة ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٨٠ ـ ٢٨١ ، وغيرهم.

(٢) ويقال فيه : «الفنجديهي» من باب قلب «الباء» الفارسية إلى فاء عند التعريب.

(٣) توفي سنة ٥٦٢ (الذهبي : العبر ٤ / ١٣٠ ـ ١٣١ ، وابن تغري بردي : النجوم ٥ / ٣٧٦).

(٤) ذكره السمعاني في (الغانمي) من الأنساب وتابعه ابن الأثير في اللباب ، وذكره السمعاني أيضا في التحبير ، وفي كلاهما كناه أبا المحاسن ، قال : «أبو المحاسن مسعود بن محمد بن غانم ابن محمد بن أبي الحزم بن أحمد بن علي بن إبراهيم الأديب الغانمي» وذكر أنه توفي سنة ٥٥٣ ه‍ (التحبير ٢ / ٣٠١).

٤٠٦

وحشي المسكي.

وتوفّي بدمشق ، ووقف كتبه في رباط الصّوفية المعروف بالسّميساطي (١).

كتب إلينا أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي يذكر لنا أنّ أبا سعيد البندهي ولد في سنة إحدى وعشرين وخمس مئة (٢) ، وأنه توفّي بدمشق في ليلة السبت تاسع عشري شهر ربيع الأول (٣) من سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، ودفن بسفح جبل قاسيون.

٢٥٤ ـ محمد (٤) بن عبد الرحمن بن أبي العز ، أبو الفرج التّاجر.

واسطيّ المولد. صحب صدقة بن الحسين بن وزير الواسطي الواعظ ، وقدم معه بغداد في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة ، وسمع بها من أبي الوقت السّجزي ، والنّقيب أبي جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي ، وأبي المظفّر محمد بن أحمد ابن التّريكي الهاشمي الخطيب ، وأبي المظفّر هبة الله بن أحمد ابن الشّبليّ ، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيرهم. واشتغل بالتجارة مدة وعاد إلى واسط وأقام بها.

__________________

(١) رباط السميساطي هذا منسوب إلى أبي القاسم علي بن محمد السميساطي المتوفى بدمشق سنة ٤٥٣ ، وكان قد وقف داره التي كانت ملاصقة للجامع على فقراء المسلمين.

(٢) قال الزكي المنذري بعد إيراده هذه الرواية : «ونقلت من خطه : ولدت وقت المغرب من ليلة الثلاثاء غرة ربيع الآخر من سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة» (التكملة ١ / الترجمة ٤١).

(٣) في التكملة للمنذري : «التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول وقيل مستهل شهر ربيع الأول». وفي معجم البلدان لياقوت «تاسع عشر ربيع الأول» لعله مصحف.

(٤) ترجمه ابن المستوفي في تاريخ إربل ١ / ١٣٨ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٨١٧ ، وابن الفوطي في الملقبين ب «عفيف الدين» من تلخيصه وكناه أبا طاهر ، ونقل ترجمته من مشيخة الحافظ سديد الدين أبي محمد إسماعيل بن إبراهيم بن الخير (٤ / الترجمة ٧٥٦). واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٦٨ وترجمه في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٥٨ ، وأهل المئة فصاعدا (المورد ـ المجلد الثاني ـ العدد الرابع ص ١٣٥ بتحقيقنا) ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٥٩ ، وابن الفرات في تاريخه (١٠ / الورقة ٢٥ نسخة فينا).

٤٠٧

ثم قدم بغداد ، وحدّث بها في سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وخرج إلى الشام وحدّث في طريقه ، وأقام بدمشق مدة يقرأ عليه. ورجع إلى الموصل ، واستوطنها ، وكتبنا عنه.

وكان قد طلب بنفسه ويعرف شيوخه ومسموعاته.

أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز البزّاز ، قراءة عليه وأنا أسمع بالموصل بسكّة أبي نجيح من أصل سماعه ، قيل له : أخبركم الشّريف أبو المظفّر محمد بن أحمد بن عليّ الهاشمي ، قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزّينبي قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن عليّ الورّاق ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله ابن محمد البغوي ، قال : حدثنا أحمد بن حنبل وجدي وزهير بن حرب وابن المقرىء ، قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزّهري ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : مرّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم برجل يعظ أخاه في الحياء فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحياء من الإيمان» (١).

سألنا أبا الفرج هذا بعد سماعنا منه عن مولده ، فقال : ما أعلم في أيّ سنة ، بل سمعت من أبي الوقت في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة وعمري يومئذ ست وثلاثون سنة ، ولي اليوم خمس وتسعون سنة. وكان سؤالنا له في أول سنة اثنتي عشرة وست مئة فيكون مولده على ما ذكر في سنة سبع عشرة وخمس مئة (٢).

وتوفي بالموصل في خامس عشري جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وست مئة ، ودفن بها.

__________________

(١) تقدم تخريحه والكلام عليه ، في التراجم ١٩ و ٧٧ و ١٤٧.

(٢) نقل الإمام الذهبي عن القوصي قوله : «ولد بواسط سنة سبع عشرة وخمس مئة» (أهل المئة فصاعدا ص ١٣٥).

٤٠٨

٢٥٥ ـ محمد (١) بن عبد الرحمن بن محمد بن علي ابن الحلوائيّ ، أبو عبد الله بن أبي محمد.

كان والده من شيوخ الحنابلة ، وله معرفة بالفقه والتّفسير وأسمعه لابنه هذا من أبي المعالي أحمد بن عليّ ابن السّمين وغيره. وسمع هو أيضا بعده من أبي محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي.

وكان شيخا فيه غفلة وعدم معرفة. كتبنا عنه أحاديث يسيرة.

توفي أواسط سنة أربع عشرة وست مئة.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرحيم

٢٥٦ ـ محمد (٢) بن عبد الرحيم بن سليمان بن الربيع بن محمد بن عليّ بن عبد الصمد القيسيّ ، أبو حامد وأبو عبد الله المغربيّ الأندلسيّ.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٥٧١ وقيّد نسبته بالحروف ، فقال : «والحلوائي : بفتح الحاء المهملة وسكون اللام ، هذه النسبة إلى بيع الحلواء أو عملها» ، وترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٢٠.

(٢) ولد سنة ٤٧٣ وتوفي سنة ٥٦٥ بدمشق. ترجمه ابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٤ / ١١٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٤٣ نقلا من تاريخ دمشق وغيره ، وفي المختصر المحتاج ١ / ٦٨ ـ ٦٩ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٢٤٦ ونقل عن ابن النجار ، وترجمه أيضا المقري في نفح الطيب ١ / ٦١٧ وغيرهم. وقد نشر المستشرق الفرنسي جبرائيل فران Gabriel Ferrand كتابه «تحفة الألباب ونخبة الأعجاب» في المجلة الآسيوية (المجلد ٢٠٧) وله أيضا كتاب «تحفة الأذهان في عجائب البلدان» منه نسخة في مكتبة كوتا بألمانية رقها (١٥٣٩) لم تزل مخطوطة ، وله غيرهما. وكان يورد حكايات ويذكر عجائب رآها في أسفاره ، ولذا تكلم فيه الحافظ ابن عساكر الدمشقي فقال : كان كثير الدعاوى ، لم يوثق بما يحكي من المستحيلات.

٤٠٩

من أهل غرناطة قدم بغداد قديما ، وخرج إلى خراسان ، فأقام هناك مدة. ثم قدم بغداد حاجا في سنة خمس وخمسين وخمس مئة فحج ، وعاد إليها ، وحدّث بها في سنة ست وخمسين وخمس مئة عن أبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المصري ، وعن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرّازي المعروف بابن الحطّاب الإسكندراني ، وأملى شيئا من شعره.

سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، والشّريف أبو الحسن علي ابن أحمد الزّيدي ، وأحمد بن عمر بن لبيدة ، والقاضي عمر بن عليّ القرشي ، وأبو الحسن عليّ بن يحيى بن إدريس ، وأبو عليّ الحسن وأبو عبد الله الحسين ابنا المبارك بن محمد الزّبيدي.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك بن محمد بقراءتي عليه ، قال : حدثنا أبو حامد محمد بن أبي الرّبيع القيسي ، قال : أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر الحرّاني ، قال : حدثنا حمزة بن محمد الكتّاني ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن داود الصّدفي ، قال : حدثنا يحيى بن يزيد يكنى أبا شريك ، قال : حدثنا ضمام (١) بن إسماعيل ، عن موسى بن وردان ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قبل أن يحال بينكم وبينها ، ولقّنوها موتاكم» (٢).

٢٥٧ ـ محمد (٣) بن عبد الرحيم بن يعقوب اللّارجانيّ الأصل الهمذانيّ

__________________

(١) بكسر الضاد المعجمة مخففا ، وهو ضمام بن إسماعيل بن مالك المرادي المعافري ثم الناشري (نسبة إلى ناشرة بطن من همدان) ، أبو إسماعيل المصري ، من رجال التهذيب.

(٢) إسناده حسن ، ضمام بن إسماعيل حسن الحديث.

رواه أبو يعلى (٦١٢١). وانظر مجمع الزوائد ١٠ / ٦٤.

(٣) ترجمه القفطي في إنباه الرواة ٣ / ١٦٧ ـ ١٦٨ وتصحف فيه اللارجاني إلى «الأرجاني» ، واللارجان إلى «الأرجان» ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٠٥٨ ، وابن مكتوم في تلخيصه ، الورقة ٢١٩ ، والقرشي في الجواهر ٢ / ٨٠ ، وابن قاضي شهبة في طبقات

٤١٠

المولد ، أبو عبد الله بن أبي خلف ، ولارجان من نواحي الري (١).

ومحمد هذا ابن أخت أحمد بن أبي الفخر الصّوفي الهمذاني.

قدم بغداد ، وأقام بها مدة. وكان فيه فضل وتميّز ، وله معرفة باللغة العربية وأشعار العرب. سافر الكثير نحو خراسان ، وما وراء النهر ، والعراق ، والحجاز ، والجزيرة ، والشام ، ولقي جماعة من علماء هذه البلاد وأخذ عنهم ، وسمع شيئا من الحديث. علّقت عنه أناشيد ببغداد.

أنشدني أبو عبد الله محمد بن أبي خلف الصّوفي ، قال : أنشدني بعض أهل العلم بسمرقند لأبي عليّ الحسن بن عليّ الباخرزي :

إنسان عيني قطّ ما يرتوي

من ماء وجه ملحت عينه

كذلك الإنسان ما يرتوي

من شرب ماء ملحت عينه

خرج أبو عبد الله اللارجاني من الموصل متوجها إل بغداد مريضا فبلغ تكريت فتوفّي في يوم الأربعاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وست مئة ، فدفن بها بمقبرة المشهد ، ولم يبلغ الأربعين ، رحمه‌الله وإيانا.

* * *

__________________

النحاة ، الورقة ٣٧ ، والتميمي في طبقاته السنية ٣ / الورقة ٣٩٠ ـ ٣٩١ (نسخة الخزانة التيمورية بمصر).

(١) بين الري وطبرستان (ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٧ ، والتكملة ٢ / الترجمة ١٠٨٥).

٤١١

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الملك

٢٥٨ ـ محمد (١) بن عبد الملك بن عبد السّلام بن الحسن ابن اللّمغانّي ، أبو تمّام ابن أبي محمد.

من أهل محلة أبي حنيفة.

أحد الشهود المعدّلين هو ، وأبوه. ومن بيت الفقه والمعرفة. شهد أبو تمّام هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم عليّ بن الحسين الزّينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النّحوي ، قراءة عليه ، قال : أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار بن عليّ الواسطي ، قراءة عليه ، في «تاريخ الحكّام» تأليفه ، قال فيمن قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزّينبي شهادته : وأبو تمّام محمد ابن عبد الملك ابن اللّمغاني يوم الأحد خامس عشر شوّال سنة أربع وعشرين وخمس مئة وزكّاه أبو المعالي صالح بن شافع وأبو بكر ابن الدّينوري.

قال أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في «تاريخه» ومن خطّه نقلت : توفي أبو تمّام ابن اللمغاني ليلة الاثنين حادي عشري شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الاثنين ، ودفن بباب الطاق.

٢٥٩ ـ محمد (٢) بن عبد الملك بن عبد الحميد ، أبو عبد الله (٣) الزاهد.

__________________

(١) ترجمه القرشي في الجواهر ٢ / ٨٥ نقلا من تاريخ ابن النجار ، وقد تقدم ذكر ابن عمه «محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام» في الترجمة ٢٥٠ ، فراجع تعليقنا هناك.

(٢) ترجمه العماد في القسم الشامي من الخريدة ٢ / ٤٣١ ـ ٤٥٤ بترجمة حفلت بأمثلة من كلامه ، وابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٢٩ ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٣٥٠ ، وأبو الفدا في المختصر ٣ / ٤٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٢٨ ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٠٠ ، والعبر ٤ / ١٨٨ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٤٤ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٦٠ ، والعيني في عقد الجمان ١٦ / الورقة ٤٥٣ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢١٤.

(٣) في الكامل لابن الأثير والمختصر : «أبو محمد».

٤١٢

من أهل ميّافارقين ، قدم بغداد في صباه ، وأقام بها إلى حين وفاته. وكان صاحب رياضة ، ومعاملة ، وكلام صائب.

أنبأنا أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي ، قال : محمد بن عبد الملك الفارقي ، أبو عبد الله الشّافعي ، قدم بغداد في عنفوان شبابه وسمع بها جعفر بن أحمد السّرّاج ، وانقطع إلى الخلوة والمجاهدة والعبادة التّامة إلى أن لاحت له أمارات القبول ، واستعمل الإخلاص في أعماله إلى أن تحقّق جريان الحكمة على لسانه ، فكان العلماء والفضلاء يقصدونه ويكتبون كلامه الذي فوق الدّر ويتهادونه بينهم. وجرى على طريق واحد من اختيار الفقر والتّقلّل والتخشّن ، كتبت عنه من كلامه.

قلت : وكان للفارقي مجلس في كل جمعة بجامع القصر بعد الصّلاة يتكلّم فيه على النّاس من غير تكلّف ولا تصنّع ولا روية والنّاس يكتبون (١). فممن روى لنا عنه شيخنا أبو أحمد عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ (٢) ، وأبو الحسين هبة الله ابن محمد قاضي المدائن ، وأبو شجاع عبد الرزاق ابن النّفيس الواسطي وغيرهم ، رحمهم‌الله.

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهّاب بن أبي منصور الصّوفي ، قال : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي يقول : «المحبة نار زنادها جمال المحبوب وحراقها حرق القلوب وكبريتها الكمد ووقودها الفؤاد والكبد».

سمعت أبا الفضل نعمة الله بن أحمد بن يوسف الأنصاريّ يقول : من كلام

__________________

(١) قال ابن الجوزي : «كان يتكلم على الناس قاعدا وربما قام على قدميه في دار سيف الدولة من الجامع. وكان يقال : إنه كان يحفظ كتاب نهج البلاغة ويغيّر ألفاظه. وكانت له كلمات حسان في الجملة» (المنتظم ١٠ / ٢٢٩). وذكر ابن كثير أنّ له كتابا يعرف ب «الحكم الفارقية» يروى عنه (البداية ١٢ / ٢٦٠) ، ولعل هذا الكتاب هو الذي أشار إليه الصفدي بقوله : «وقد دون كلامه وجمعه وبوبه ورتبه أبو المعالي الكتبي في كتاب مفرد».

(٢) يعني ابن سكينة الزاهد المشهور وسيأتي ذكره في هذا الكتاب.

٤١٣

الفارقي : «الألقاب سراب بقيعة الإعجاب ، تفرح بها نفس قاصرة قانعة بالقشر دون اللّباب».

أنشدني القاضي أبو الحسين هبة الله بن محمد بن محمد المدائني ، قال : أنشدني الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي في إملائه علينا بجامع القصر الشريف :

يا من يرى خدمة السّلطان عدّته

ما أرش (١) كدّك إلّا الهمّ والنّدم

دع الملوك فخير من طلابك ما

ترجوه عندهم الحرمان والعدم

إني أرى صاحب السّلطان في ظلم

ما مثلهنّ إذا قاسى الفتى ظلم

فقلبه تعب والنّفس خائفة

وعرضه عرضة والدّين منثلم

هذا إذا انتظمت أسباب دولته

والصّيلم الأدّ إن زلّت به القدم (٢)

أنشدني أبو شجاع عبد الرزاق ابن النّفيس الصّوفي ، قال : سمعت أبا عبد الله الفارقي ينشد بجامع القصر الشريف :

إذا أفادك إنسان بفائدة

من العلوم فأكثر شكره أبدا

وقل فلان جزاه الله صالحة

أفادنيها وألق الكبر والحسدا

فالحرّ يشكر صنعا للمفيد له

علما ويذكره إن قام أو قعدا

أنبأنا القرشيّ ، قال : سألت الفارقيّ في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة عن مولده ، فقال : لي إحدى (٣) وسبعون سنة وشهور فيكون مولده في سنة سبع وثمانين وأربع مئة ، والله أعلم.

وتوفي يوم الجمعة حادي عشر رجب سنة أربع وستين وخمس مئة ، وصلّي

__________________

(١) الأرش : هو ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطّلع على عيب في المبيع.

(٢) في هامش النسخة الأم والنسخة الباريسية : «قال المصنف : الصيلم : الداهية ، والأد : العظيمة».

(٣) في النسختين : أحد.

٤١٤

عليه وقت الصّلاة بجامع القصر ، ذكر ذلك صدقة بن الحسين الفرضيّ ، ودفن قريبا من المختارة.

٢٦٠ ـ محمد (١) بن عبد الملك بن مسعود بن عليّ الدّينوريّ ، أبو بكر ابن أبي الفرج.

أحد العدول هو ، وأبوه. شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزّينبيّ.

أخبرنا محمد بن أحمد بن هبة الله النّحوي ، قال : أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار الواسطي في تاريخه ، قال : وممن شهد عند قاضي القضاة الزّينبي : أبو بكر محمد بن عبد الملك الدّينوري يوم الاثنين خامس عشري شهر رمضان سنة أربع وعشرين وخمس مئة ، وزكّاه الشريف أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي الخطيب وأبو القاسم عليّ بن عبد السّيّد ابن الصبّاغ.

قلت : وقد سمع أبو بكر هذا شيئا من الحديث من أبي سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطّيوري ، وروى عنه. سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني ، وروى عنه في ترجمة أحمد بن عبد الجبار ابن الطّيوري ، ولم يترجم له وتأخرت وفاته عن وفاته بسبع سنين. وسمع منه أيضا عمر بن علي القرشي.

وأبو بكر هذا مغموز بأشياء متساهل في الشّهادة ، غيره أوثق منه ، سامحنا الله وإياه.

توفي يوم الأحد حادي عشر شعبان سنة تسع وستين وخمس مئة فيما ذكر صدقة بن الحسين. وقال غيره : ودفن بمقبرة معروف.

٢٦١ ـ محمد (٢) بن عبد الملك بن عليّ بن محمد ابن الهمذانيّ ، أبو

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧٠ ، وترجم له في تاريخ الإسلام ١٢ / ٤٢٤.

(٢) ترجمه النعال في مشيخته ٦١ ، وهو الشيخ الثالث فيها ، وابن الفوطي في تلخصيه ٥ / الترجمة ١٥٦١ ولقبه «مفخر العراقين» ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٦١٨ نقلا من

٤١٥

المحاسن بن أبي المظفّر الفرّاء.

كان والده أبو المظفّر من أهل همذان قدم بغداد واستوطنها إلى أن توفي بها ، وكان محدثا مكثرا. وأبو المحاسن هذا ولد ببغداد ، وسمع بها من أبي الحسن عليّ بن المبارك ابن الفاعوس ، وأبي نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان ، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبي الحسين محمد بن محمد ابن الفرّاء ، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البنّاء ، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي البزّاز ، وزاهر بن طاهر الشّحّامي ، وغيرهم ، وروى عنهم.

وكان ثقة ، صحيح السّماع ، سهل الأخلاق. وسمع منه أصحابنا وما لقيته. وقد أجاز لنا.

أنبأنا أبو المحاسن محمد بن عبد الملك بن عليّ الهمذانيّ ، وكتبه لنا بخطّه في ذي الحجة سنة ست وسبعين وخمس مئة ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين إملاء. وأخبرنا أبو طاهر لاحق بن أبي الفضل بن عليّ الصوفي ، قراءة عليه في آخرين ، قالوا : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن عبد الواحد (١) ، قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن عليّ بن محمد الواعظ ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال : حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال (٢) : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عفان (٣) ، قال : حدثنا همام (٤) ، قال : أخبرنا ثابت (٥) ، عن أنس أنّ أبا بكر رضي‌الله‌عنه حدّثه ، قال : قلت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو في الغار ـ وقال مرة : ونحن في

__________________

هذا الكتاب ، وفي المختصر المحتاج ١ / ٧٠.

(١) يعني «ابن الحصين» المذكور.

(٢) مسند أحمد ١ / ٤.

(٣) هو ابن مسلم.

(٤) هو ابن يحيى.

(٥) هو ابن أسلم البناني.

٤١٦

الغار ـ : لو أنّ أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال : فقال : «يا أبا بكر ما ظنّك باثنين الله ثالثهما». أخرجه البخاري (١) عن محمد بن سنان [عن حبّان](٢) عن همام (٣). وأخرجه مسلم (٤) عن عبد بن حميد وغيره (٥) ، عن حبّان ، عن همّام.

توفي أبو المحاسن ابن الهمذاني في يوم الأحد غرّة ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٦٢ ـ محمد (٦) بن عبد الملك بن عليّ بن أبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الملك بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن عليّ ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميّ المخرّميّ ، أبو الكرم بن أبي عليّ بن أبي القاسم.

هكذا ساق نسبه القاضي أبو المحاسن الدمشقي في «معجم شيوخه».

سمع أبو الكرم هذا من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وغيره. وحدّث عنهم. سمع منه عمر بن أبي الحسن القرشي وعبد الله بن أبي طالب المقرىء وغيرهما. وأدركته وما قدّر لي لقاؤه.

__________________

(١) البخاري في فضل أبي بكر ٥ / ٤ (٣٦٥٣).

(٢) ما بين الحاصرتين إضافة من صحيح البخاري كأنها سقطت من الناسخ ، وحبان هو ابن هلال ، وهو بفتح الحاء المهملة.

(٣) وأخرجه في الهجرة ٥ / ٨٣ (٣٩٢٢) عن موسى بن إسماعيل ، وفي التفسير ٦ / ٨٣ (٦٦٦٣) عن عبد الله بن محمد ، كلاهما عن حبان بن هلال عن همام ، به ، فتخريجه قاصر.

(٤) في الفضائل من صحيحه ٧ / ١٠٨ (٢٣٨١).

(٥) هما : زهير بن حرب وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي.

(٦) ترجم له الزكي المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٧٦ وقيد «المخرّم» بالحروف فقال : «محلة ببغداد نزلها بعض ولد يزيد بن المخرّم فسميت به ، وهي بضم الميم وفتح الخاء المعجمة وكسر الراء المهملة وتشديدها» ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧٠ ـ ٧١ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٠٧.

٤١٧

قال لنا عبد الله بن أحمد المقرىء : وتوفي أبو الكرم بن عبد الملك الهاشميّ المخرّمي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وخمس مئة ، ودفن بباب أبرز ، رحمه‌الله وإيانا.

٢٦٣ ـ محمد (١) بن عبد الملك بن إسماعيل بن عليّ ، أبو عبد الله الواعظ.

من أهل أصبهان ، قدم بغداد مرارا وسمع بها في صباه من النّقيب أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي ، وغيره. وعاد إلى بلده وقدمها آخر مرّة حاجا في سنة أربع وتسعين وخمس مئة فحج وعاد ، وأملى بها في المسجد الجامع مجالس كتبها عنه قوم من الطلبة حدّث فيها عن أبي عبد الله الحسن بن العباس الرّستمي ، وأبي القاسم محمود بن عبد الكريم المعروف بفورّجة (٢) التاجر ، وأبي سعد عبد الجليل بن محمد الملقب كوتاه ، وإسماعيل بن عليّ الحمامي ، وحمد ابن أحمد الأصبهانيين (٣) ، وعن أبي جعفر أحمد بن محمد العبّاسي وغيره. ولم

__________________

(١) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥١١ ، وابن الفوطي في التلخيص (٥ / الترجمة ٢٠٤٩) ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٧١ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٤٣ ، والصفدي في الوافي ٤ / ٤٣ ، وابن رجب في الذيل ١ / ٣٩٧ ـ ٣٩٨. ونقل عن ابن الدبيثي وابن النجار وذكر أنه ولد سنة ٥٣١ أو سنة ٥٣٢ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٣٢٠.

(٢) ضبطه الصلاح الصفدي بضم الفاء وفتح الراء وتشديد الجيم (الوافي ٣ / ٢٤) ، وهو من المترجمين في هذا الكتاب ، لكن لم تصل إلينا ترجمته ووصل مختصرها في المختصر المحتاج ٣ / ٢٤٠ ، وترجمته في وفيات سنة خمس وستين وخمس مئة من تاريخ الإسلام (١٢ / ٣٤٥) ، وسير أعلام النبلاء ٢٠ / ٥٠١ ، والعبر ٤ / ١٩١ ، وقد حدّث عنه الجم الغفير من العلماء منهم : ابن السمعاني ، ومات قبله ، ويوسف بن أحمد الشيرازي ، وعبد القادر الرهاوي وغيرهم.

(٣) بصيغة الجمع لا التثنية لأن المذكورين كلهم من أهل أصبهان ، نبهنا على ذلك خوف اللبس.

٤١٨

أسمع منه ، وقد رأيته.

وعاد إلى بلده فتوفي به في رابع عشري ذي الحجة (١) سنة خمس وتسعين وخمس مئة.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد العزيز

٢٦٤ ـ محمد (٢) بن عبد العزيز بن محمد بن عمر بن عبد العزيز بن عمر ، وعمر هذا لقبه مازة ، وأولاده يعرفون ببني مازة.

ومحمد هذا يعرف بصدر جهان. وجهان : فارسي معناه بالعربية الدّنيا.

من أهل بخارى ، من بيت كبير مشهور بالعلم والتّقدّم ومذهب أبي حنيفة رحمه‌الله. وجده محمد بن عمر أحد أئمتهم ، وله تعليق في الخلاف مشهور.

وقدم محمد بن عبد العزيز صدر جهان بغداد حاجا في سنة ثلاث وست مئة في جماعة من الفقهاء من أهل بلده وأتباع وتجمّل كثير ، وتلقّاه موكب جميل من الدّيوان العزيز فيه فخر الدين أبو البدر محمد بن أحمد بن أمسينا صاحب ديوان الزّمام يومئذ وجماعة من الحجّاب والأمراء والأجناد والأعيان ، وخرجوا إليه إلى

__________________

(١) قال محب الدين ابن النجار : «وأخبرني ولده عبد المعز الواعظ بأصبهان أن أباه توفي ليلة الرابع والعشرين من ذي الحجة» (ابن رجب : الذيل ١ / ٣٩٨).

(٢) ترجمه القرشي في الجواهر ٢ / ٨٤. وراجع سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي ٦٩ ، وتعليق صديقنا الدكتور محيي هلال السّرحاني على كتاب «شرح أدب القاضي» لوالد جد المترجم له عمر بن عبد العزيز ابن مازة ١ / ٢٩ ، وهذه الترجمة فيها توثيق لما جاء هناك وتوضيح ، إن شاء الله. وقد وصف الإمام الذهبي والد جده عمر بأنه : شيخ الحنفية ، وعالم المشرق. وقد رزق الشهادة سنة ست وثلاثين وخمس مئة (سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٩٧) ، وذكرت له مصادر ترجمته : الفتاوى الكبرى ، والفتاوى الصغرى ، وعمدة الفتاوى وغيرها.

٤١٩

ظاهر السّور بباب الحلبة (١) ، ودخلوا معه يوم الخميس ثاني ذي القعدة من السّنة وأنزل بالجانب الغربي بدار زبيدة على دجلة ، وحج وعاد وخلع عليه وعلى ولده ، وتوجه إلى بلده في ربيع الأول سنة أربع وست مئة.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الواحد

٢٦٥ ـ محمد بن عبد الواحد بن الحسن المستعمل.

سمع أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ ، وروى عنه. سمع منه أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السّقطيّ ، وأخرج عنه في «معجمه».

قال القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي : وليس هو بأبي غالب بن زريق (٢) ؛ لأن أبا غالب ولد في السنة التي توفّي فيها أبو القاسم بن بشران (٣).

٢٦٦ ـ محمد بن عبد الواحد بن أبي الخطاب الحلبيّ (٤) ، أبو عبد الله العطّار.

شيخ روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل حكاية في «معجمه» سمعها منه عن بعض إخوانه ، رحمهم‌الله وإيانا.

__________________

(١) كانت الحلبة محلة كبيرة واسعة في شرقي بغداد عند باب الأزج ، وباب الأزج هي محلة باب الشيخ عبد القادر اليوم.

(٢) أبو غالب بن زريق هو محمد بن عبد الواحد بن الحسن ، أبو غالب الشيباني البغدادي القزاز المتوفى سنة ٥٠٨ ه‍ (الذهبي : تاريخ الإسلام ١١ / ١١٧).

(٣) توفي أبو القاسم بن بشران في ربيع الآخر من سنة ٤٣٠ ، وهو مترجم في تاريخ الخطيب ١٢ / ١٨٨ ـ ١٨٩ ، وتاريخ الإسلام ١١ / ٤٧٦ ـ ٤٧٧ ، والعبر ٣ / ١٧١ ـ ١٧٢.

(٤) لعله منسوب إلى محلة «الحلبة» ، المحلة المشهورة في شرقي بغداد قرب باب الأزج ، وإلا فهو «حلبي» من حلب المدينة المشهورة.

٤٢٠