ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

رجل صالح متديّن. سمع بدمشق أبا المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلّم الأزدي (١). وقدم بغداد وأقام بها للتفقه ، وسمع من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب النحوي ، والكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد الإبري ، ومن أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف وغيرهم. وعاد إلى دمشق وحدّث بها. وكتب لنا إجازة من هناك.

بلغني أنّ مولده في سنة خمسين وخمس مئة (٢).

__________________

(١) كان أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم من كبار علماء دمشق ، ولد سنة ٤٨٩ ، وعني به والده فأحضره مجالس السماع ، فعلا سنده وسمع منه أعيان الدمشقيين منهم : البهاء ابن عساكر ، والحافظان عبد الغني وموفق الدين المقدسيان ، وتوفي سنة ٥٦٥ (ابن عساكر : تاريخ دمشق : ٣٧ / ٢٧٤ ، والذهبي : تاريخ الإسلام ١٢ / ٣٣٩).

(٢) قال الذهبي : «ولد سنة خمسين وخمس مئة ظنا بجماعيل».

٣٢١

الأسماء المفردة في حرف الخاء في آباء من اسمه محمد

١٧٠ ـ محمد (١) بن خليفة بن محمد السّنبسيّ ، أبو عبد الله الشاعر الأنباريّ.

شاعر مشهور ، بين أهل الفضل والقريض مذكور. كان له اختصاص بالأمير أبي الحسن صدقة بن دبيس بن مزيد الأسدي أمير العرب ، وله فيه مدائح.

قدم محمد بن خليفة بغداد مرارا كثيرة وكتب الناس عنه شيئا من أخباره وشعره.

وذكره أبو المعالي سعد بن علي الكتبي في «زينة الدّهر في لطائف شعراء أهل العصر» ، وقال : القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السّنبسي أنشدني ابن أخته أبو القاسم ببغداد له :

قامت تنبّهني والنّجم لم يغر

بيضاء تخطر في مرط على خفر

فقلت لمّا بدت والكأس في يدها

هل يجمع الليل بين الشّمس والقمر؟

ومن شعره في الغزل :

يا قاتلي عمدا بسحر كلامه

ومعذّبي أبدا بطول غرامه!

ألّا وصلت على الصّبابة مدنفا

وصل الغرام سقامه بسقامه

__________________

(١) من الشعراء المشهورين المترجمين في أكثر من كتاب ، ترجمه العماد في الخريدة (قسم العراق ج ٤ ص ٢٠٩ ـ ٢٢٦) ولم يذكر الأبيات الخمسة المذكورة في ترجمته هذه مع كثرة ما أورد له من شعر. وترجمه أيضا القفطي في «المحمدون من الشعراء» ٢ / ٤٠٣ ـ ٤٠٩ ، وابن الفوطي في «القائد» من تلخيصه ٤ / الترجمة ٢٧٠٩ ونقل عن الخريدة. وذكره الصفدي في الوافي ٣ / ٤٨ ، وابن شاكر في الفوات ٢ / ٤٠٢ ، وغيرهم. وذكر الصفدي أنه عرف بالسّنبسي لأن اسم أمه «سنبسة» قلت : والمعروف في هذه النسبة أنها إلى «سنبس» من طيء.

٣٢٢

يهوى الرّقاد لعل طيفك يلتقي

بخياله فيراك عند منامه

سمع من السّنبسي ببغداد أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين ، وأبو نصر محمود بن الفضل الأصبهاني ، وأبو الخير هزارسب بن عوض بن الحسن الهروي ، وغيرهم في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة. ووفاته بعد ذلك ، والله الموفق.

١٧١ ـ محمد (١) بن الخصيب بن المؤمّل بن محمد بن سلم ، أبو عبد الله بن أبي العلاء.

أحد الحجّاب بالديوان العزيز ـ مجّده الله ـ. سمع ببغداد أبا القاسم عليّ ابن أحمد بن بيان ، وأبا الفرج هبة الله بن المظفّر ابن رئيس الرؤساء. وبواسط من أبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجمّاري فيما ذكره أبو بكر بن أبي الفرج المارستاني ، وحدّث عنهم. سمع منه جماعة من شيوخنا. وحدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر.

قرأت على أبي محمد بن أبي نصر البزّاز من كتابه : أخبركم أبو عبد الله محمد بن أبي العلاء بن سلم ، قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وقرأته على أبي طالب محمد بن عليّ بن أحمد الواسطي بها ، وعلى أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله الدّبّاس ببغداد قلت لكل واحد منهما : أخبركم أبو القاسم عليّ بن أحمد بن بيان قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزّاز ، قال : أخبرنا أبو عليّ إسماعيل بن محمد الصّفّار ، قال : حدثنا الحسن بن عرفة ، قال : حدثنا سلم بن سالم (٢) البلخي ، عن نوح بن أبي

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٤٥ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٣٤٢.

(٢) في ش : «سليمان بن سالم» وفي ب : «سلام بن سالم» وما أثبتناه هو الصواب وهو : سلم بن سالم البلخي الزاهد مجمع على ضعفه كما في الكامل لابن عدي ٣ / ١١٧٣ ، وميزان الذهبي ٢ / ١٨٥ ، وسيتكرر في الترجمة ٨٣٣ و ٢٠٨٨.

٣٢٣

مريم ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، قال : سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن هذه الآية : (* لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) [يونس : ٢٦] [فقال] العمل في الدنيا : الحسنى ، وهي الجنة ، والزيادة : النّظر إلى وجه الله الكريم (١).

أنبأنا القاضي عمر بن عليّ القرشي ، قال : مولد أبي عبد الله محمد بن الخصيب في ثالث عشر ربيع الأول سنة ست وتسعين وأربع مئة. وتوفي ليلة الأحد ثالث صفر سنة خمس وستين وخمس مئة.

١٧٢ ـ محمد (٢) بن خمارتكين بن عبد الله التّبريزيّ ، أبو عبد الله.

كان والده خمارتكين مولى لأبي زكريا يحيى بن عليّ التّبريزي اللغوي فأعتقه.

وأبو عبد الله هذا تفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي. وقرأ الأدب على مولى أبيه أبي زكريا التّبريزي. وسمع الحديث من أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني ، وأبي الخير المبارك بن الحسين الغسّال المقرىء وغيرهما ، وروى عنهم.

سمع منه القاضي عمر الدمشقي ، وأبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله ، وأبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي ، وغيرهم.

أنبأنا الحافظ أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن القرشي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خمارتكين بن عبد الله الفقيه الشافعي ، قال : أخبرنا أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن قراءة عليه وأنا أسمع في سنة تسع وتسعين

__________________

(١) إسناده تالف ، نوح بن أبي مريم كذاب ، ولم أقف عليه من رواية أنس ، وقد روى تفسير الزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم عدد من الصحابة ، ليس فيهم أنس ، وعدد من التابعين ، وينظر بلا بد جامع الترمذي ٤ / ٣١١ ـ ٣١٥ ، وتعليقنا على الأحاديث (٢٥٥١) و (٢٥٥٢) و (٢٥٥٣) ، وينظر تفسير ابن كثير ٤ / ٢٦٢ (ط. دار طيبة).

(٢) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٤٥ ـ ٤٦ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٣٥٤ نقلا من هذا الكتاب. ثم أعاده في وفيات سنة ٥٦٨ نقلا من تاريخ ابن النجار فيما أحسب ١٢ / ٣٩٧.

٣٢٤

وأربع مئة ، قال : أخبرنا أبو عليّ محمد بن محمد الجازري (١) ، قال : أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النّهرواني ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد البزّاز ، قال : حدثنا محمد بن عبد النور الخزاز (٢) ، قال : حدثنا أحمد بن مفضّل ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن عاصم بن ضمرة ، عن عليّ عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البرّ فتقرّب إليه بأنواع العقل تسبقهم بالدّرجات والزّلفى عند الناس في الدّنيا وعند الله في الآخرة» (٣).

توفي محمد بن خمارتكين في سنة ست أو سبع وستين وخمس مئة وقد نيّف على الثمانين ، ودفن بالمقبرة المعروفة بالجديدة بباب أبرز.

١٧٣ ـ محمد (٤) بن خالد بن بختيار الرّزّاز ، أبو بكر المقرىء الضرير (٥).

من أهل باب الأزج.

__________________

(١) الجازري ، بكسر الزاي ، هذه النسبة إلى «جازر» قرية من قرى النّهروان من أعمال بغداد قرب المدائن. وذكر السمعاني وياقوت أبا علي محمد الجازري هذا من المنسوبين إليها وقالا فيه : «أبو علي محمد بن الحسين بن علي بن بكران» وذكرا أنه توفي سنة ٤٥٢ ه‍. (أنساب السمعاني في «الجازري» ومعجم البلدان ٢ / ٧ ط. أوربا) ، وتوهم الذهبي فسماه في تاريخ الإسلام الحسن بن محمد ١٠ / ٢٧ ، وينظر بلا بد تاريخ الخطيب ٣ / ٥٥ ، والمنتظم ٨ / ٢١٧ ، وكذلك قال الذهبي في المشتبه ١٢٦ ، ولم أجد من ذكر أن أباه يدعى «محمدا».

(٢) نسبة إلى الخز وبيعه.

(٣) هذا الحديث من منكرات أحمد بن المفضّل الكوفي الحفري ، وقد ساق له الذهبي في الميزان هذا الحديث من ضمن منكراته ١ / ١٥٧.

(٤) ترجمه ابن القفطي في إنباه الرواة ٣ / ١٢٣ ونقل عن ابن الدبيثي وإن لم يشر إلى ذلك ، وابن مكتوم في تلخيصه ، الورقة ٢٠٨ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٤٦ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٦٤٤ نقلا من هذا الكتاب.

(٥) لم يذكره الصفدي في «نكت الهميان» مع أنه من شرط كتابه.

٣٢٥

شيخ فاضل له معرفة بالأدب. قد قرأ بالقراءات الكثيرة على جماعة منهم : أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدّبّاس المعروف بالبارع ، وأبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخيّاط ، وأبو محمد دعوان بن عليّ الجبّائي وغيرهم. وسمع الحديث منهم ومن أبي الفضل عبد الملك بن عليّ بن يوسف ، وأبي الفضل محمد بن ناصر السّلامي وأمثالهم.

وأقرأ النّاس مدة ، وحدّث بشيء من مسموعاته ، وتخرج به جماعة في النّحو وأخذوا عنه. وكان ثقة صدوقا ذا معرفة بوجوه القراءات والعربية.

حدثني أبو الفرج محمد بن عبيد الله الوكيل ، قال : توفّي أبو بكر بن خالد الرّزّاز في سنة ثمانين وخمس مئة.

١٧٤ ـ محمد (١) بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله ابن تيمية (٢) ، أبو عبد الله الخطيب.

من أهل حرّان. قدم بغداد ، وأقام بها للتفقه وسماع الحديث مديدة. وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وأبي الحسن سعد الله

__________________

(١) ترجمه ابن الشعار في عقوده ٦ / الورقة ٢٦٧ ـ ٢٦٩ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٠١٧ ، وابن الفوطي في تلخيصه ٤ / الترجمة ٢٣٥٠ ، وابن خلكان في الوفيات ٤ / ٣٨٦ ـ ٣٨٨ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٤٧ ، وترجمه في تاريخ الإسلام (وفيات ٦٢٢) ١٣ / ٧٢٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢٢ / ٢٨٨ ، ودول الإسلام ٢ / ٩٦. وترجمه أيضا الصفدي في الوافي ٣ / ٣٧ ـ ٣٨ ، وابن كثير في البداية ١٣ / ١٠٩ وابن رجب في الذيل ٢ / ١٥١ ـ ١٦٢ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٣٦٢ ـ ٣٦٣ وابن الفرات في تاريخه ١٠ الورقة ٦٥ ، والسيوطي في طبقات المفسرين ٣٢ ، وابن العماد في الشذرات ٥ / ١٠٢ ـ ١٠٣ والقنوجي في التاج ١٢٤ ـ ١٢٥ وغيرهم.

(٢) قال المنذري : «وسئل عن تيمية ما معناه؟ فقال : حج أبي أو جدي ، قال : وكانت امرأته حاملا فلما كان بتيماء رأى جويرية وقد خرجت من خبائها ، ولما رجع إلى حران وجد امرأته قد وضعت جارية فلما رفعوها إليه قال : «يا تيمية يا تيمية!» يعني أنها تشبه التي رأى بتيماء فسمي به. أو كلاما هذا معناه وورد مثل هذا عن سبط ابن الجوزي في ابن خلكان أيضا.

٣٢٦

ابن نصر ابن الدّجاجي ، وأبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن النّقّور ، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار ، وغيرهم. وعاد إلى بلده وتولى الخطابة به. وكان يعظ أيضا ويحدّث.

قدم علينا حاجا في سنة أربع وست مئة فحجّ وعاد ، وجلس واعظا بباب بدر الشريف. وحدّث بشيء من مسموعاته ، وعاد إلى بلده.

وسئل عن مولده ، فقال : في أواخر شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة (١).

* * *

حرف الدّال في آباء من اسمه محمد

١٧٥ ـ محمد (٢) بن دلف (٣) بن كرم بن فارس العكبريّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو الكرم بن أبي الفرج.

من أولاد المحدّثين والرّواة المذكورين ، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.

سمع أبو الكرم هذا بإفادة أبيه من جماعة منهم : أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن النّرسي ، وأبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال. سمعنا منه أحاديث يسيرة.

__________________

(١) وتوفي في ليلة الحادي عشر من صفر سنة ٦٢٢ ه‍ ذكر ذلك غير واحد ممن ترجم له.

(٢) ذكره المنذري في وفيات سنة ٦٣٢ من التكملة ، فقال : «وفي صفر أيضا توفي الشيخ أبو الكرم محمد ابن الشيخ أبي الفرج دلف بن كرم بن فارس العكبري الأصل البغدادي المولد والدار القصّار ، ببغداد ، ودفن بباب حرب. ومولده ببغداد سنة إحدى وستين وخمس مئة (٣ / الترجمة ٢٥٧٧) وترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٤ / ٨٥.

(٣) قيده المنذري بالحروف فقال : «بضم الدال المهملة وفتح اللام وبعدها فاء».

٣٢٧

قرىء على أبي الكرم محمد بن أبي الفرج وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن هبة الله ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن الحسين الصّوفي ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الخرقي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي ، قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا محمد بن أبي بكر ، قال : حدثنا سعيد بن سلمة المدني ، قال : حدثنا مسلم بن أبي مريم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ العبد ليتصدّق بالتّمرة من كسب طيب فيجعلها في حق ، فيقبضها الله تبارك وتعالى بيمينه فيربّيها أحسن ما يربّي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل وأعظم من الجبل» (١).

* * *

__________________

(١) رواية مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح عن أبي هريرة أخرجها البخاري تعليقا ٢ / ١٣٥ عقيب حديث (١٤١٠) وهو حديث عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وقد أخرجه مسلم في الزكاة أيضا ٣ / ٨٥ (١٠١٤) ، ولفظ البخاري : «من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب ، وإن الله يتقبّلها بيمينه ، ثم يربّيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل».

٣٢٨

حرف الذّال في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه ذاكر

١٧٦ ـ محمد (١) بن ذاكر بن محمد بن أحمد بن عمر الخرقيّ ، أبو بكر.

من أهل أصبهان ، قدم بغداد حاجا في سنة ثمان وستين وخمس مئة ، فحجّ وعاد ، وحدّث بها في صفر سنة تسع وستين وخمس مئة عن أبي عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد ، وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثّقفي. سمع منه أبو المحاسن القاضي ، وأبو إسحاق مكي بن أبي القاسم البغدادي وغيرهما. وعاد إلى بلده ، وبقي بعد ذلك مدة. سمع منه شيخنا الحافظ أبو بكر الحازمي بأصبهان ، وأخذ لنا منه إجازة.

أخبرنا أبو إسحاق مكيّ بن عبد الله بن معالي بن عبد الباقي ، فيما أذن لنا أن نرويه عنه ـ وقد سمعنا منه ـ قال : قرأت على أبي بكر محمد بن أبي نصر ذاكر ابن محمد القاساني ببغداد بعد عوده من الحج ، قلت له : أخبركم أبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن المقرىء بأصبهان ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن فارس ، قال : حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، قال : حدثنا أبو داود الحفريّ ، قال : حدثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن معبد الجهني ، عن معاوية ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إياكم والمدح فإنّه الذّبح» (٢).

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٤٧ ـ ٤٨ ونقل عن ابن النجار أنه توفي في رجب سنة ٥٨٣ عن ثمانين سنة وذكر أنه خرّج لنفسه معجما ، يعني عن شيوخه. ثم ترجمه في وفيات السنة المذكورة من تاريخه ١٢ / ٧٦٣.

(٢) إسناده صحيح ، معبد الجهني وثقه ابن معين والعجلي وغيرهما ، وإنما أنزله بعضهم إلى

٣٢٩

وقد أخبرنا بهذا الحديث أبو بكر محمد بن ذاكر القاساني إجازة.

١٧٧ ـ محمد (١) بن ذاكر بن كامل بن محمد بن الحسين ، أبو عبد الله ، ابن شيخنا أبي القاسم الحذّاء.

وأبو عبد الله كان مؤدّبا ، من أولاد الشيوخ الرّواة والصالحين الثّقات. سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان نسيب ابن البطّي ، وأبا الحسن عليّ بن أبي منصور المعروف بابن نخلة (٢) النّجاد ، وأبا القاسم يحيى بن ثابت بن بندار ، وأباه ، وغيرهم.

وكان خيّرا صالحا توفّي في حال الشبيبة قبل أوان الرواية وذلك في سنة خمس وتسعين وخمس مئة ، ودفن إلى جنب أبيه بمقبرة باب حرب.

__________________

مرتبه «صدوق» بسبب العقائد ، فإنه أول من تكلّم في القدر في البصرة ، وباقي رجاله ثقات.

أخرجه من حديث شعبة : ابن أبي شيبة ٩ / ٦ ، وأحمد ٤ / ٩٢ ، وابن ماجة (٣٧٤٣) ، والطحاوي في شرح المشكل (١٦٨٧) ، والطبراني في الكبير ١٩ / حديث (٨١٥) ، وابن قانع في معجم الصحابة ٣ / ٧٢.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥١٣ والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٤٣ ، والصفدي في الوافي ٣ / ٦٦ ونقل عن ابن النجار.

(٢) نخلة : بفتح النون ، وسكون الخاء المعجمة ، وفتح اللام ، قيده ابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٩ / ٤٦.

٣٣٠

حرف الرّاء في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه ريحان

١٧٨ ـ محمد (١) بن ريحان بن عبد الله الثّقتيّ ، أبو عبد الله.

كان أبوه ريحان مولى لثقة الدّولة أبي الحسن الدّريني زوج الكاتبة شهدة بنت أبي نصر الإبري.

ومحمد هذا سمع من أبي الفضل المبارك بن المبارك بن صدقة البزّاز ، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار ، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج ، وغيرهم. سمعنا منه.

قرىء على أبي عبد الله محمد بن ريحان الثّقتي وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو الفضل المبارك بن المبارك بن صدقة والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قراءة عليهما وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قالا : أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة ، قال : حدثنا عبد الواحد بن مهدي ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن شيبة ، قال : حدثنا جدي يعقوب بن شيبة ، قال : حدثنا يحيى بن بكير ، قال : حدثنا ابن حي ، عن أبي ربيعة ، عن الحسن ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الجنّة تشتاق إلى ثلاثة : عليّ وعمّار وسلمان» (٢) ، رضي‌الله‌عنهم.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٧٢٦ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٤٨ ـ ٤٩ وترجمه في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥٢٥.

(٢) إسناده ضعيف ، ابن حي هو الحسن بن صالح بن حي ، وهو ثقة عندنا ، وأبو ربيعة هو الإيادي وهو مقبول حيث يتابع ضعيف عند التفرد ، وقد تفرد هنا ، فلم يتابع.

أخرجه الترمذي (٣٧٩٧) ، وأبو يعلى (٢٧٧٩) ، و (٢٨٨٠) ، ابن حبان في المجروحين ١ / ١٢١ ، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (٧) ، والحاكم ٣ / ١٣٧ ، وأبو نعيم في أخبار أصبهان ١ / ٤٩ ، وابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (٤٥٩) ، وابن الأثير في أسد الغابة ٢ / ٤٢٠.

٣٣١

ذكر لنا محمد بن ريحان أنّه ولد يوم الجمعة خامس شعبان سنة أربع وخمسين وخمس مئة. وتوفي ليلة الاثنين ثامن صفر سنة سبع عشرة وست مئة.

١٧٩ ـ محمد (١) بن ريحان بن تيكان (٢) بن موسك بن عليّ ، أبو عبد الله ، ابن شيخنا أبي الخير (٣).

من أهل الحربية ، من أبناء الشيوخ الصالحين والقرّاء المحدّثين.

سمع محمد هذا من أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن يوسف ، وغيره. سمعنا منه شيئا يسيرا.

قرأت على أبي عبد الله محمد بن ريحان بن تيكان بحضرة أبيه ، قلت له : أخبركم أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن يوسف قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جحشوية ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن محمد القزويني إملاء ، قال : حدثنا عمر بن محمد الزّيات ، قال : حدثنا أبو بكر الباغندي ، قال : حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع بن الجرّاح ، قال : حدثنا سفيان ، (عن بيان) (٤) وجابر ، عن الشعبي ، عن وهب بن خنبش (٥) عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «عمرة في

__________________

وأخرجه بإسناد ضعيف أيضا الطبراني في الكبير (٦٠٤٥) ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ١٤٢ و ١٩٠ ، وفي أخبار أصبهان ، له ١ / ٤٩ ، من طريق عمران الطائي عن أنس.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٧٦٠.

(٢) قيّد الزكي المنذري هذا اللفظ في ترجمة والده أبي الخير ريحان من التكملة ، فقال : «بكسر التاء ثالث الحروف وسكون الياء آخر الحروف بعدها كاف مفتوحة وبعد الألف نون» ٢ / الترجمة ١٦٥٥.

(٣) توفي سنة ٦١٦ وسيأتي ذكره في موضعه من الكتاب.

(٤) ما بين الحاصرتين إضافة مني لا بد منها أظنها سقطت من الأصل ، فمثل هذا لا يخفى على حافظ من مثل ابن الدبيثي ، فهذا الحديث يرويه سفيان الثوري عن بيان بن بشر الأحمسي وجابر بن زيد الجعفي ، كما في مصادر تخريجه الآتية بعد قليل.

(٥) قيده الذهبي في المشتبه ٢٧٣ ، وهو صحابي ليس له غير هذا الحديث.

٣٣٢

رمضان تعدل حجّة» (١).

توفي محمد بن ريحان هذا في ليلة السبت تاسع شهر رمضان سنة سبع عشرة وست مئة ، ودفن بباب حرب.

* * *

الأسماء المفردة في حرف الرّاء في آباء من اسمه محمد

١٨٠ ـ محمد (٢) بن رمضان بن عبد الله الجنديّ (٣) ، أبو عبد الله.

كان ينزل ناحية قراح ابن أبي الشّحم ، ويعلّم الصبيان الخطّ. ويقال : إنه ولد بقرية من قرى مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقدم بغداد ونشأ بها. وسمع من أبي عبد الله محمد بن عبد الباقي الدّوري السّمسار ، وأبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وأبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي (٤) ، وغيرهم.

__________________

(١) إسناده صحيح ، رجاله ثقات غير جابر الجعفي ، ولكن الثوري قرنه ببيان بن بشر ، فصح السند.

أخرجه من هذا الوجه أحمد ٤ / ١٧٧ ، وابن ماجة (٢٩٩١) ، والنسائي في الكبرى (٤٢٢٥) ولكنه قال : «عن بيان وآخر» فأبهم جابرا الجعفي ، وابن قانع في معجمه ٣ / ١٧٧ ـ ١٧٨ ، والطبراني في الكبير ٢٢ / حديث (٣٥٧).

وأخرجه الطبراني في الكبير ٢٢ / حديث (٣٥٨) ، وفي الأوسط (٣٧٢) من طريق الثوري عن فراس بن يحيى وبيان بن بشر ، عن الشعبي ، به.

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ١٦٤ ونقل عن شيخه ابن الأخضر أيضا ، واختاره الذهبي في المختصر المحتاج ١ / ٤٩ ، واستدركه الحافظ ابن حجر في تبصير المنتبه ١ / ٣٥٩.

(٣) بضم الجيم وسكون النون ، قيده ابن نقطة وغيره.

(٤) منسوب إلى «يونارت» قرية على باب أصبهان ، وتوفي أبو نصر اليونارتي هذا سنة ٥٢٧ ، كما

٣٣٣

سمع منه جماعة من شيوخنا. وروى لنا عنه شيخنا أبو محمد عبد العزيز ابن محمود بن الأخضر.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزّاز من كتابه ، قلت له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن رمضان بن عبد الله الجندي ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي الدّوري ، قال : أخبرنا أبو محمد الحسن ابن عليّ الجوهري ، قال : حدثنا الحسن بن عمر بن حبيش ، قال : حدثنا حامد ابن محمد ، قال : حدثنا الحكم بن موسى ، قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، قال : حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، قال : سمعت عبد الله بن أبي مليكة قال : سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «إنّ للصائم عند إفطاره لدعوة ما تردّ». قال ابن أبي مليكة : فسمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر : «اللهمّ إني أسألك رحمتك التي وسعت كلّ شيء أن تغفر لي» (١).

١٨١ ـ محمد بن روزبه ، أبو بكر العطّار.

شيخ كتب عنه الشريف أبو الحسن عليّ بن أحمد الزّيدي شيئا من شعره. وروى عنه أيضا صبيح بن عبد الله مولى نصر (٢) العطّاري.

__________________

في المنتظم لابن الجوزي ١٠ / ٣٢ ، وتاريخ الإسلام للذهبي ١١ / ٤٥٩ ، والعبر ٤ / ٧١ ، والبداية لابن كثير ١٢ / ٢٠ ، وعقد الجمان للعيني ١٧ / الورقة ٣٥ وغيرها.

(١) إسناده ضعيف جدا ، فإن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك. ولكن رواه هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم ، عن إسحاق بن عبيد الله المدني وهو ابن أبي مليكة فيما ذكره أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والمزي ، وكما حققناه في تعليقنا المطوّل على ترجمته في تهذيب الكمال ٢ / ٤٥٦ ـ ٤٥٨ ، وهو مستور إذ روى عنه جمع ولم يوثقه أحد ، وليس «مجهول الحال» كما قال الحافط ابن حجر في «التقريب» ، فإسناده حسن كما بيناه في تعليقنا المطوّل على ابن ماجة ٣ / ٢٢٨ ـ ٢٣٠.

أخرجه ابن ماجة (١٧٥٣) ، وابن السني (٤٧٥) ، والحاكم ١ / ٤٢٢.

(٢) في النسختين : «صبيح» وهو وهم من الناسخ لا ريب ، نقله صاحب النسخة الباريسية ذات

٣٣٤

قرأت بخط الشريف أبي الحسن الزّيدي رحمه‌الله : أنشدني أبو بكر محمد ابن روزبه العطّار في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة لنفسه :

زعمت إذا جنّ الظلام تزورني

كذبت فهل للشّمس بالليل مطلع؟

فحتّام صبري والتّعلّل بالمنى

صددت فما لي في وصالك مطمع

ولكنّني أرجو من اللّطف نفحة

أفوز بها ، قلبي لها يتوقّع

١٨٢ ـ محمد بن روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الحديثيّ ، أبو عليّ ، ابن قاضي القضاة أبي طالب ، وسيأتي ذكره في حرف الراء (١).

وأبو عليّ هذا أحد الشّهود المعدّلين والقضاة بمدينة السلام ؛ شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن أحمد الدّامغاني يوم السبت ثاني شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وخمس مئة ، وزكّاه الشريف أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب والقاضي أبو البقاء أحمد بن عليّ بن كردي ، وولاه القضاء بربع باب الأزج.

وتوفي بعد ذلك يسير يوم الأربعاء ثامن شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.

__________________

الرقم (٥٩٢١) عن نسخة المنذري ، وهذا من أدلتنا على أن هذه النسخة لا قيمة لها لأنها منقولة من نسخة المنذري (راجع المقدمة). وصبيح هذا ستأتي ترجمته في موضعها من الكتاب ويسمى أيضا «صبيح بن بكر» ، قال عنه المنذري : «الخادم الحبشي العطاري النّصري مولى أبي القاسم نصر ابن العطاء وعتيقه» (التكملة ١ / الترجمة ٣٦) وتوفي أبو القاسم نصر ابن العطار سنة ٥٥٣ وقد ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ١٩٣ ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٢٣٩ ، وسبط ابن الجوزي في المرآة ٨ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٧ ـ ٧٨ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٣٨ ، والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٣٠٧ ـ ٣٠٨. (١) توفي سنة ٥٧٠ ه‍.

٣٣٥

حرف الزّاي في آباء من اسمه محمد

١٨٣ ـ محمد بن زيد بن أبي نصر ، واسمه أحمد ، بن عليّ بن بارس ، أبو محمد.

من بيت مشهور. سمع منه القاضي أبو المحاسن بن أبي الحسن الدّمشقي ، وروى عنه في «معجم شيوخه».

حدثني محمد بن أبي محمد بن بارس أنّ أباه توفّي في شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وخمس مئة.

«آخر الجزء الرابع من الأصل والحمد لله»

* * *

حرف السّين في آباء من اسمه محمد

(ذكر من اسمه محمد واسم أبيه سعد) (١)

١٨٤ ـ محمد (٢) بن سعد بن سعيد ابن التاريخ ، أبو البركات الغسّال يعرف بالحنبليّ.

سمع الكثير من مثل أبي الحسين عاصم بن الحسن بن محمد المقرىء ،

__________________

(١) إضافة من عندي على رسم المؤلف ، وأظنها سقطت من النسخة.

(٢) ترجمه الذهبي في وفيات سنة ٥٠٩ من تاريخ الإسلام ١١ / ١٢٦ وكنّاه أبا بكر ، وابن رجب في الذيل ١ / ١١٣ وهو فيه «العسّال» ـ بالعين المهملة ـ مصحف وقال فيه : أبو البركات ابن الحنبلي يلقب بالتّاريخ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٦. وقيده الذهبي في «الغسّال» من المشتبه ٤٥٩ فقال : «وبغين ... وأبو البركات سعد ابن الغسّال المقرىء ، سمع أبا نصر الزّينبي» فهذا والده وقال : «وابنه (كذا والصحيح حفيده) عبد الغني ، سمع أبا طالب اليوسفي ، وحفيده عبد الرحمن ...» ، ووهم الذهبي لأنه ذكر «سعدا» ولم يذكر «محمدا».

٣٣٦

وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون ، وأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التّميمي ، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني ، وأبي سعد أحمد بن عليّ بن تجريش (١) ، ومن بعدهم. وما أظنه روى شيئا ، والله أعلم (٢).

سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن عبد الغني بن محمد بن سعد الحنبلي يقول : كان مولد جدي أبي البركات محمد بن سعد في ربيع الأول سنة ستين وأربع مئة. وتوفي سنة تسع وخمس مئة.

وقرأت بخط أبي بكر المبارك بن كامل : أبو البركات ابن الغسّال توفي ليلة الثّلاثاء سابع شهر رمضان سنة تسع وخمس مئة وصلّى عليه بجامع القصر الشريف جمع متوفّر (٣) ، رحمه‌الله وإيانا.

١٨٥ ـ محمد بن سعد بن الحسن ابن القطّان ، أبو البركات.

أحد الشهود المعدّلين ، من أهل باب الطاق. شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن عليّ بن محمد ابن الدّامغاني.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النّحوي فيما قرىء عليه ونحن نسمع قيل له : أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءة عليه وأنت تسمع في كتاب «تاريخ الحكّام بمدينة السلام» تأليفه ، فأقرّ به ، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو الحسن عليّ بن محمد الدّامغاني شهادته : وأبو البركات محمد بن سعد بن الحسن ابن القطّان في ذي الحجة سنة خمس وخمس مئة ، وزكّاه أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي ، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد المعروف بابن صهر هبة.

__________________

(١) هكذا قرأته ولم أهتد إلى تقييده.

(٢) قال ابن رجب : «سمع منه ابن ناصر ، والسلفي ، قال : (السلفي) : وكان من أحسن الناس تلاوة للقرآن ، وكتب الحديث الكثير معنا وقبلنا. وهو حنبلي المذهب. علّق الفقه عن ابن عقيل» (الذيل ١ / ١١٣) وبهذا يتبين أن ظن ابن الدبيثي لم يكن في محله.

(٣) قال ابن رجب : «ودفن بباب حرب» ١ / ١١٣.

٣٣٧

١٨٦ ـ محمد (١) بن سعد بن خلف بن سعد ، أبو شاكر الفقيه.

من أهل تكريت.

كان شيخا صالحا ، صحب شيخ الإسلام أبا الحسن الهكّاري (٢) ، وسمع منه مصنفاته. وقدم بغداد وتفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بها ، وسمع منه ، ومن أبي الحسين أحمد بن محمد ابن النّقّور البزّاز ، وغيرهما. وعاد إلى بلده ، وعاش عمرا طويلا ، وحدّث بالكثير ، وبنى به رباطا للصّوفية ، ووقف عليه وقفا. روى عنه أبو القاسم عبد الله وأبو العباس أحمد ابنا المفرّج بن درع التّكريتيان ، وأبو محمد عبد الله بن عليّ بن سويدة ، وغيرهم.

قرأت على أبي المظفر محمد بن علوان الفقيه بالموصل ، قلت له : أخبركم أبو محمد عبد الله بن عليّ بن عمر التّكريتي ، فأقرّ به. قلت : وأخبرناه عبد الله ابن عليّ هذا إجازة ، قال : حدثنا أبو شاكر محمد بن سعد بن خلف في آخرين ، قالوا : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن النّقّور ، قال : أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عليّ بن عيسى ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي ، قال : حدثنا كامل بن طلحة ، قال : حدثنا عبّاد بن عبد الصمد ، قال : حدثنا أبو سلمى راعي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من لقي الله يشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله وآمن بالبعث والحساب دخل الجنّة» (٣).

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٥٠ ، وترجمه في وفيات سنة ٥٢٧ من تاريخه ١١ / ٤٦٦.

(٢) علي بن أحمد بن يوسف القرشي الأموي العالم المشهور بزهده المتوفى سنة ٤٨٦ ه‍. ترجمه السمعاني في «الهكاري» من الأنساب ، وابن الجوزي في المنتظم ٩ / ٧٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٠ / ٥٦٥.

(٣) أبو سلمي راعي النبي ليس له في الكتب الستة سوى حديثين اختلف فيهما ، الأول أخرجه النسائي في اليوم والليلة (١٦٧): «بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان» ، ويروى عن ثوبان ، والثاني أخرجه ابن ماجة (٣٨٧٠): «ما من مسلم ، أو إنسان ، أو عبد يقول حين يمسي ... الحديث» ، ويروى عن «خادم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (تنظر تحفة الأشراف ٨ / ٤٩٦ ـ ٤٩٧ بتحقيقنا).

٣٣٨

قال ابن سويدة (١) : وحدثني أبو شاكر بن خلف في السنة التي توفي فيها أنّ له من العمر خمسا وتسعين سنة. قال : وتوفي يوم السبت سادس صفر سنة سبع وعشرين وخمس مئة ، ودفن من الغد بموضع يعرف بجيش الكندي بتكريت.

١٨٧ ـ محمد (٢) بن سعد بن محمد بن محمود بن محمد بن سعيد بن الحسن بن عمر بن محمد بن سعد المشّاط ، أبو جعفر بن أبي الفضائل بن أبي جعفر الواعظ المتكلم.

من أهل الري ، قدم بغداد مع أبيه أبي الفضائل في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة ، وجلس واعظا برباط درب زاخي. وعاد إلى بلده. ثم قدمها في صفر سنة إحدى وستين وخمس مئة وجلس وحدّث بها عن والده أبي الفضائل. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ الدمشقي وغيره.

وكان فيه فضل وله لسن ومعرفة بالكلام. وعاد إل بلده.

قال القرشي : سألته عن مولده ، فقال : في صفر سنة ست وخمس مئة.

١٨٨ ـ محمد (٣) بن سعد بن عبيد الله ، أبو المظفّر المؤدّب.

كان له مكتب بدرب القيّار يعلّم فيه الصّبيان الخطّ ؛ تعلّم عنده خلق كثير. وكان شيخنا عبد العزيز بن الأخضر يقول : هو علّمني الخط.

__________________

وإسناد هذا الحديث ضعيف جدا ، فإنه من رواية عباد بن عبد الصمد ، وهو بصري واه منكر الحديث (المجروحين لابن حبان ٢ / ١٧٠ ، والضعفاء للعقيلي ٣ / ١١٢١ ، والكامل لابن عدي ٤ / ١٦٤٨ ، والميزان ٢ / ٢٦٩). على أن متن الحديث صحيح ، يروى بطرق جيدة عن عدد من الصحابة.

(١) توفي ابن سويدة سنة ٥٨٤ ه‍ وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب وهو صاحب «تاريخ تكريت» وما كان الثناء عليه حسنا.

(٢) تكلم فيه ابن الجوزي في كتابه المنتظم ١٠ / ١٩٤ و ٢١٨ بسبب المنافسة الوعظية ، وكال السبط في «المرآة» الاتهامات مجاريا جده في هذا الأمر على عادته.

(٣) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٥٠ ـ ٥١ ، وترجمه في وفيات سنة ٥٨٠ من تاريخه ١٢ / ٦٤٤.

٣٣٩

سمع الكثير من الشيوخ وكتب النّسخ بخطه ، وكان حسن الخط. وحدّث عن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري ، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي الأصبهاني ، وأبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي ، وأبي الفضل محمد بن ناصر السّلامي ، وغيرهم.

سمعت منه في سنة ست وسبعين وخمس مئة بمكتبه ، ولم أكتب عنه في ذلك الوقت ، ولم أظفر بسماعي منه إلى الآن ، والله الموفق.

توفي في ربيع الأول سنة ثمانين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

١٨٩ ـ محمد (١) بن سعد البغداديّ.

شاعر ذكره أبو شجاع محمد بن عليّ ابن الدّهّان في «تاريخه» ، وقال : كان يترسّل ، ويشعر (٢) ، وينتمي إلى علم الأدب. وكان منقطعا إلى جمال الدين محمد بن عليّ الأصبهاني وزير صاحب الموصل.

ومن شعره :

أفدي الذي وكّلني حبّه

بطول إعلال وإمراض (٣)

وله أيضا :

رأيت ظبيا حسنا وجهه

أبدعه الرحمن إنشاءا

وقيل لي : أتشتهي وصله

فقلت : إي والله إن شاءا

قال ابن الدّهان : وتوفي بالموصل (٤) في سنة ستين وخمس مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

__________________

(١) ترجمه الصفدي في الوافي ٣ / ٩٠ ، وقال في نسبه «محمد بن سعد بن عبد الله بن الحسن ، أبو عبد الله البغدادي» وعلق على شعره بقوله : نظم منحط!.

(٢) قال الزمخشري في أساس البلاغة : وشعر فلان : قال الشعر.

(٣) أكمل الصفدي المعنى ببيت آخر أورده له وهو :

ولست أدري بعد ذا كلّه

أساخط مولاي أم راضي؟

(٤) في الوافي للصفدي ٣ / ٩٠ أنه توفي بحلب ، وهذا من اختلاف الموارد.

٣٤٠