ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

أسمعه والده في صغره من جماعة. وسمع هو بنفسه أيضا من جماعة من أصحاب أبي القاسم بن بيان ، وأبي عليّ بن نبهان ، وأبي طالب بن يوسف ، ومن بعدهم.

وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدّامغاني يوم الثلاثاء سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة تسع وست مئة ، وزكّاه العدلان أبو الفضل محمد بن الحسن ابن الشّنكاتي (١) العباسي ، وأبو المعالي أحمد بن عمر بن بكرون.

* * *

حرف الثّاء في آباء من اسمه محمد

٩٩ ـ محمد (٢) بن ثابت بن يوسف بن عيسى ، أبو بكر النّحويّ.

من أهل واسط ، قدم بغداد ، وأقام بها مدة يقرأ النّحو على شيخنا مصدّق ابن شبيب النّحوي ، ويطلب الأدب. وسمع بها معنا من القاضي أبي العباس أحمد بن علي ابن المأمون. وسمع بواسط من القاضي أبي طالب محمد بن علي ابن الكتّاني ، وأبي علي الحسن بن المبارك ابن الآمدي ، وأبي بكر عبد الله بن منصور ابن الباقلاني ، وقرأ عليه القرآن بالقراءات ، وأبي الفرج أحمد بن المبارك ابن نغوبا (٣) ، وغيرهم.

__________________

(١) ستأتي ترجمته في هذا المجلد (رقم ١٢٣) وتجد هناك كلاما على «الشّنكاتي» وتقييده.

(٢) ترجمه القفطي في إنباه الرواة ٣ / ٨٠ ، وابن مكتوم ، الورقة ١٩٥ ، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة ، الورقة ٣٠ ـ ٣١. واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢٩ ـ ٣٠. وكلّهم نقل من تاريخ ابن الدبيثي هذا بإشارة أو غير إشارة.

(٣) أبو الفرج أحمد بن المبارك بن نغوبا واسطيّ ولد سنة خمس مئة ، وتوفي سنة ٥٨٧ ، ونغوبا اسم ضيعة كانت لجد والده ، كان يكثر العبور إليها فسمي بها ، ترجمه المنذري في التكملة

٢٦١

وعاد إلى واسط فأقام بها مدة ، ثم قدمها في سنة اثنتي عشرة وست مئة ، فقرىء (١) عليه شيء بها عن ابن الكتّاني.

وهو ثقة فاضل ، له معرفة حسنة بالنّحو ، تخرّج به جماعة بواسط ، وأخذوا عنه.

* * *

حرف الجيم في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه جعفر

١٠٠ ـ محمد (٢) بن جعفر بن عقيل البصريّ الأصل البغداديّ المولد والدار ، أبو العلاء.

شيخ مسن ، قارىء لكتاب الله ، حافظ له. قد قرأ بالقراءات على أبي الخير المبارك بن الحسين الغسّال ، وغيره. وسمع من أبي غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز ، وأبي القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبي الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون النّرسي ، وأبي المظفّر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري ، وغيرهم.

وكان ظريفا ، حسن المحاضرة ، كثير المحفوظ للحكايات والأشعار.

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في تاريخه ، وقال : سمعت منه.

__________________

١ / الترجمة ١٣٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٢٩.

(١) في مختصر الذهبي : «قرأت».

(٢) ترجمه الذهبي في العبر ٤ / ٢٣٨ وتاريخ الإسلام ١٢ / ٦٣٢ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٩١ ، واختاره في مختصره ١ / ٣٠ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٩٦ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٦٧. وقد سمع منه الشيخ أبو الحسن علي بن سلمان بن سالم الكعكي المتوفى سنة ٥٨٥ كما في تكملة المنذري ١ / الترجمة ٧٨.

٢٦٢

وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.

وسمعت منه ، وكانت له إجازات من جماعة تفرّد بالرواية عنهم منهم : أبو الحسن ابن العلاف ، وأبو زكريا التّبريزي ، وأبو الفتح الحدّاد الأصبهاني ، وغيرهم.

قرىء على الرئيس أبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل وأنا أسمع بمنزله بدرب الجب (١) قيل له : أخبركم أبو غالب شجاع بن فارس بن الحسين الذّهلي فيما أجازه لكم ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن عثمان بن محمد العلاف قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد الأهوازي ، قال : حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي ، قال : حدثنا سلم بن جنادة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الإمام ضامن والمؤذّن مؤتمن ، اللهمّ أرشد الأئمة واغفر للمؤذّنين» (٢).

توفّي أبو العلاء بن عقيل سحرة الاثنين سادس جمادى الآخرة من سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم الاثنين ، ودفن بالشونيزي ، عن ثلاث وتسعين سنة ، لأن تاج الإسلام قال : سألته عن مولده ، فقال : في ذي الحجة سنة ست وثمانين وأربع مئة ، رحمه‌الله وإيانا.

١٠١ ـ محمد (٣) بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن عليّ

__________________

(١) هكذا قرأته ، ولم أجد له ذكرا في غير هذا الكتاب.

(٢) أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير ، والأعمش هو سليمان بن مهران الأعمش ، وأبو صالح اسمه ذكوان السّمّان ، وهذا إسناد صحيح ، وقد أخرجه الترمذي (٢٠٧) من طريق أبي معاوية به. وينظر تمام تخريجه في تعليقنا عليه.

(٣) ترجمه المنذري وذكر أنه أجاز له في ذي الحجة سنة ٥٩٣ التكملة / الترجمة ٤٨٣ ، وأبو شامة في ذيل الروضتين ١٥ ، والإربلي في خلاصة الذهب ٢٠٩ ، وابن الساعي في الجامع المختصر ٩ / ٩ ـ ١١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٤٢ ، واختاره في مختصره

٢٦٣

ابن إسماعيل بن عليّ بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن عليّ بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشميّ ، أبو الحسن العباسيّ المكيّ الأصل البغداديّ الدار.

كان جده أحمد نقيب العباسيين بمكة.

وأبو الحسن تفقه ببغداد على أبي الحسن ابن الخلّ الشافعي ، وسمع الحديث منه ، ومن جده أبي جعفر أحمد ، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ، ومن بعدهم. وكانت له إجازة من أبي القاسم بن الحصين ، وأبي القاسم الشّروطي ، وجماعة.

وشهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي في يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة من سنة ست وستين وخمس مئة ، وزكّاه العدلان أبو جعفر ابن المهتدي وأحمد بن محمد ابن الطّيبي.

وتولى (١) القضاة بمكة والخطابة بها في سنة تسع وسبعين وخمس مئة ، وخرج إليها في هذه السنة ، وخطب في أيام الموسم ، وصلّى بنا الجمعة ، وكنت في هذه السنة حاجا.

ولمّا عزل قاضي القضاة أبو طالب علي بن علي ابن البخاري (٢) عن قضاء القضاة يوم الجمعة رابع شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وخمس مئة ، ولي أبو الحسن محمد بن جعفر العبّاسي هذا قضاء القضاة في هذا اليوم ، وشافهه بالولاية

__________________

١ / ٣٠ ـ ٣١ وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٦٣ ، والفاسي في العقد الثمين ١ / ٤٣٨ ونقل ترجمة ابن الدبيثي له كما نقل عن المنذري. وترجمه العيني في عقد الجمان ج ١٧ الورقة ٢٢٤ ـ ٢٢٩. وكان يلقب فخر الدين لذلك ذكره ابن الفوطي في تلخيصه (ج ٤ الترجمة ٢٣٤١) وذكر الفاسي أنه يلقب عماد الدين ولكن ابن الفوطي لم يذكره في هذا اللقب.

(١) من هنا نقل تقي الدين الفاسي عن ابن الدبيثي نصا ١ / ٤٣٨.

(٢) في العقد الثمين للفاسي : «النجاري» تصحيف.

٢٦٤

الوزير أبو المعالي سعيد بن علي بن حديدة ، فحضر الجمعة ومعه العدول وأتباع مجلس الحكم ممن كتب عهده وقرىء ، وخلع عليه في الشهر المذكور ، فلم يزل على حكمه وقضائه : يسمع الشّهادات ، ويثبّت الحقوق ، ويقبل الشّهود ، إلى أن عزل يوم الاثنين ثاني عشري (١) جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمس مئة بمحضر من القضاة والعدول والفقهاء عند أستاذ الدّار العزيزة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ أبي المظفر عبيد الله بن يونس بسبب كتاب أثبته باسم الحسن بن زركمل (٢) الإستراباذي التّاجر على فاطمة بنت محمد بن حديدة ، زوجة أبي المعالي بن حديدة الذي كان وزيرا ، بشهادة أحمد بن عليّ بن كردي ومحمد بن محمد ابن المهتدي ، وكان الكتاب مزوّرا على المرأة المذكورة. وتولّى إثباته أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحرّاني ، وكان أحد العدول ، وأقرّ أنه مزوّر وأن قاضي القضاة ارتشى على إثباته من الحسن الإستراباذي خمسين دينارا وثيابا. فسئل العباسي عن ذلك ، فأنكر وقال : هذا سجلي ، وثبت عندي بشهادة الشاهدين المذكورين ، فحضر محمد بن محمد ابن المهتدي وأنكر أنّه شهد على المرأة المذكورة وأنه شهد عند العباسي به. فاستفتي الفقهاء الحاضرون : إذا أنكر الشّاهد أنه شهد عند الحاكم بشيء ، هل القول قوله أو قول الحاكم؟ فأفتوا أن القول قول الشّاهد. وأكد ذلك شهادة ابن الحرّاني عليه : أنّه مزوّر ، وأنه ارتشى على إثباته للزّور. فعزله (٣) أستاذ الدّار ، يومئذ ، بمحضر من الجمع ، وأمر برفع طيلسانه ، وانفصل الجمع ووكّل به أياما ، ثم أفرج عنه. وحضر الشاهد الآخر ، وهو أحمد بن عليّ بن كردي ، فأنكر شهادته كما أنكرها ابن المهتدي. وعزل ابن الحرّاني المذكور أيضا ، وشاهدان كان خطّهما على ظهر السّجل

__________________

(١) في العقد الثمين : «عشر» وهو وهم لأنه لا يصادف يوم اثنين.

(٢) في العقد الثمين : «زركل» تصحيف.

(٣) في العقد الثمين : «فعزل» ولا يصح ذلك لأن أستاذ الدار لم يعزل.

٢٦٥

بمعارضته بأصله. ولزم العباسي بيته إلى أن مات (١).

وكان قد روى شيئا بإجازته من المذكورين ، وغيرهم ؛ سمع منه ابنه جعفر ابن محمد ، وإخوته.

ولقيته وسألته عن مولده ، فقال : في رجب سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي ببغداد ليلة السبت تاسع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وخمس مئة ، وصلّي عليه يوم السبت بالتاجية بباب أبرز ، ودفن عند جده بالعطّافية من مقابر الجانب الشرقي رحمه‌الله وإيانا.

١٠٢ ـ محمد بن جعفر بن دلف ، أبو بكر المقرىء.

من أهل درب صالح وسوق الثّلاثاء.

أحد التجار. سافر عن بغداد وجال في الأقطار ، وتردّد في البلاد ما بين الحجاز ، والعراق ، وخراسان ، والجبال ، وسكن بأخرة هراة.

وكان سمع بأصبهان من أبي جعفر محمد بن أحمد الصّيدلاني ، وغيره ، فحدّث عنهم بهراة.

وكان موصوفا بالخير والصّلاح ومساعدة الغرباء ومواساة ذوي الحاجات منهم ، سمعت جماعة يشكرونه.

١٠٣ ـ محمد (٢) بن جعفر ، أبو الخطّاب الرّبعيّ الشاعر.

__________________

(١) إلى هنا ينتهي نقل الفاسي في العقد الثمين ١ / ٤٣٩.

(٢) ترجمه ياقوت في «المنقوشية» من معجم البلدان ٤ / ٢١٦ وقال : «قدم بغداد ، وأصعد منها إلى ناحية الجزيرة ، فأقام عند الملك الأشرف ابن الملك العادل مدة ، وتنقل في نواحي ديار بكر ومدح ملوكها ، وهو حي في أيامنا هذه ، وقد أنشدني من شعره أشياء ضاعت مني». وترجمه الذهبي في وفيات سنة ٦٢٢ من تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٢٢ نقلا من تاريخ ابن الجزري ، كما في المختار منه ١٢٦ ، والصفدي في الوافي ٢ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ونقل عن ابن النجار قوله : «قدم علينا بغداد شابا ومدح الإمام الناصر وأكابر دولته واجتمعت به مرارا وسمعت منه» ثم أورد نماذج من شعره.

٢٦٦

من أهل قرية تعرف بالمنقوشية من قرى النّيل.

شاب من أهل الأدب ، قدم بغداد ، وأقام بها مدة. وكان يقول الشّعر ، ويمدح الأكابر. سمعت منه قصائد من شعره حال إيراده بالتّربة الشريفة (١) بالجانب الغربي ـ قدّس الله روح ساكنيها ـ وغيرها. ثم خرج عن بغداد ولحق بأمراء الشام ، وبلغنا أنه هناك عندهم معدود من شعرائهم ، والله أعلم.

* * *

الأسماء المفردة في حرف الجيم من آباء من اسمه محمد

١٠٤ ـ محمد (٢) بن جرير بن أبي الحسن بن أبي عليّ بن جرير بن عبد الله بن عبد الرحمن بن جبير بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النّضر ، وهو قريش ، ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، أبو عبد الله القرشيّ الأمويّ.

من أهل الكوفة. قدم بغداد بعد الثمانين وأربع مئة واستوطنها ، وسمع بها من أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي ، وأبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي ، وغيرهما. وحدّث بعد سنة عشرين وخمس مئة ؛ سمع منه ابنه أبو محمد عبد الله (٣) في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة.

وكان حسن الخط ، جيّد الضّبط ، من أهل الرّواية والنّقل.

١٠٥ ـ محمد بن جابر بن ياسين بن الحسن بن محموية الحنّائيّ ، أبو العز بن أبي الحسن.

__________________

(١) هي تربة السيدة الجليلة زمرد خاتون والدة الخليفة الناصر لدين الله العباسي وذات الضريح الذي لا زال باقيا إلى يومنا هذا يعرف بين العوام ب «الست زبيدة».

(٢) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٣١ ـ ٣٢.

(٣) توفي في رجب سنة ٥٨٢ وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب (الترجمة ١٦٨٨).

٢٦٧

من أولاد المحدثين والرواة المذكورين. سمع الشيخ أبا إسحاق إبراهيم ابن عليّ الفيروز آبادي ، وغيره. سمع منه المبارك بن كامل (١) وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه.

وذكر إلياس بن جامع الإربلي أن ثعلب (٢) بن مذكور الأكّاف روى له عنه.

* * *

حرف الحاء في آباء من اسمه محمد

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه الحسن

١٠٦ ـ محمد بن الحسن بن عليّ الواعظ.

من أهل أصبهان. قدم بغداد ، وحدّث بها عن محمد بن عبد الله بن صالح العطّار. وسمع منه بها أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السّقطي (٣) فيما أخبرنا القاضي أبو المحاسن القرشي في كتابه ، قال : أخبرني أبو العلاء وجيه بن هبة الله عن أبيه بذلك.

١٠٧ ـ محمد (٤) بن الحسن بن الحسين الشّيرازيّ ، أبو العلاء الوزير.

أصله شيرازيّ ، وتنقّل في البلاد وتولّى وزارة هزارسب بن عياض أمير خوزستان مدة. وقدم بغداد بعد سنة أربعين وأربع مئة ، وكان له قبول عند ولاة ذلك الوقت.

__________________

(١) يعني أبا بكر المبارك بن كامل الخفاف.

(٢) توفي سنة ٥٧٩ وسيأتي ذكره في موضعه.

(٣) السقطي : بفتح السين المهملة والقاف ، نسبة إلى بيع السقط. وأبو البركات هبة الله بن المبارك بن موسى هذا قد مرّ ذكره في مقدمة هذا الكتاب عند كلامنا على تواريخ بغداد التراجمية.

(٤) ترجمه الذهبي في تاريخ الإسلام ١٠ / ٨٢٩.

٢٦٨

ذكر أبو الحسن محمد بن عبد لملك الهمذاني في تاريخه (١) أنّ الوزير أبا العلاء محمد بن الحسن حضر في بيت النّوبة بدار الخلافة المعظمة ـ شيّد الله قواعدها بالعز ـ في محرم سنة ست وأربعين وأربع مئة ، وأملك بابنة عميد الرّؤساء أبي طالب بن أيوب على صداق مبلغه ألف دينار خلاصا ، وحضر ذلك الوزير ابن رئيس الرؤساء أبو القاسم ابن المسلمة والأعيان.

وسمع الوزير أبو العلاء ببغداد من الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزّينبي.

قال عبيد الله بن عليّ المارستاني فيما رسمه من «التاريخ» : وحدّث الوزير أبو العلاء ببغداد عن أبي طالب المحسّن بن علي بن إسماعيل العلوي ، فسمع منه أبو البركات ابن السّقطي. ولم أقف على شيء يشيّد ذلك ، والله أعلم!

ثم سكن الوزير أبو العلاء واسطا واتخذها منزلا إلى حين وفاته. وسمع بها على كبر سنّه من أبي عبد الله محمد بن محمد ابن السّوادي ، وأبي الحسن عليّ ابن محمد بن علي كاتب الوقف ، وأبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الحمّاري.

وكان خيّرا كثير العبادة منقطعا في منزله يغشاه الناس ويزورونه.

سألت عنه شيخنا أبا طالب محمد بن علي ابن الكتّاني ، وكان قد حضر عنده وسمع في مجلسه ، فقال : كنّا ندخل عليه مع والدي ونسمع عنده ، وكان رجلا خيّرا كثير الصّوم والصّلاة.

ذكر القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي الواسطي في تاريخه الذي جمعه وذكر فيه أخبار البطيحة ، قال : وفي يوم الثلاثاء ثالث عشري ذي

__________________

(١) توفي أبو الحسن الهمذاني سنة ٥٢١ ه‍ وذيّل على تاريخ أبي شجاع الروذراوري الذي ذيّل به على «تجارب الأمم» لمسكويه وترجمته مشهورة (ابن الجوزي : المنتظم ١٠ / ٨ ، وابن الأثير ١٠ / ٢٤٧ والعيني ج ١٦ ورقة ٧ وغيرها). وهو غير أبي المحاسن محمد بن عبد الملك الهمذاني الآتية ترجمته في هذا الكتاب والمتوفى سنة ٥٧٨ ه‍ (الترجمة ٢٦٠).

٢٦٩

القعدة سنة خمس مئة توفي الوزير أبو العلاء بواسط.

قلت : ودفن بداره ، وبقي مدة ، ثم نقل إلى مشهد العلويين أعلى مدينة واسط فدفن هناك. وله عقب بواسط باقون.

١٠٨ ـ محمد بن الحسن بن عليّ البروجرديّ ، أبو بكر.

ذكره أبو بكر بن كامل في معجم شيوخه ، وقال : قدم بغداد ، وحدّث بها عن غانم (١) بن محمد البرجي. وسمع منه ، وأخرج عنه حديثا.

قلت : وبرج المنسوب إليه هذا الشيخ قرية من قرى أصبهان.

١٠٩ ـ محمد (٢) بن الحسن بن عليّ بن صدقة ، أبو العز ابن الوزير أبي عليّ وزير الإمام المسترشد بالله ، قدس الله روحه.

سمع أبو العز هذا من أبي محمد القاسم بن عليّ الحريري مقاماته ، ومن أبي سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطّيوري (٣) ، ومن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السّمرقندي ، وغيرهم.

وحدّث بالقليل ؛ سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ،

__________________

(١) أحد علماء أصبهان المشهورين ومحدثيها المذكورين ، وهو جد الحافظ عبد الرحيم الحاجي المتوفى سنة ٥٦٦ ه‍ لأمه ، والحاجي هو صاحب كتاب «الوفيات» الذي حققناه ونشرناه سنة ١٩٦٦ بالاشتراك مع أستاذنا الدكتور أحمد ناجي القيسي ـ عميد كلية الشريعة أيامئذ ـ وتوفي أبو القاسم غانم بن محمد البرجي سنة ٥١١ ، (الحاجي : الوفيات ، الترجمة ٢٧ وتعليقنا عليها).

(٢) اختاره الذهبي في مختصره وذكر أن وفاته سنة ٥٥٧ ه‍ ١ / ٣٢ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ١٣١.

(٣) لم يذكر السّمعاني هذه النسبة في الأنساب ولا استدركها عليه ابن الأثير في اللباب وهي نسبة إلى «الطيور» جمع «الطير». وأبو سعد هذا توفي سنة ٥١٧ ه‍ وقد ذكره السمعاني في تاريخه كما دل عليه اختصار ابن منظور (الورقة ٦٠). (وراجع أيضا ابن الجوزي في المنتظم ٩ / ٢٤٧ والذهبي في العبر ٤ / ٣٩ والعيني في عقد الجمان ج ١٥ ورقة ٨٣٢ وابن العماد في الشذرات ٤ / ٥٣).

٢٧٠

وغيره. وانقطع في آخر عمره إلى العبادة ، وصحب الصّوفية.

ويقال : إن مولده في سنة اثنتين وخمس مئة.

١١٠ ـ محمد بن الحسن بن محمد ، أبو نصر.

ذكر القرشي فيما قرأت بخطه ، ومنه نقلت ، أنه حدّث بالموصل عن أبي الخطاب نصر بن أحمد ابن البطر القارىء البغدادي بكتاب «القناعة» لأحمد بن مسروق. لم أر له ذكرا في غير ذلك.

١١١ ـ محمد (١) بن الحسن بن محمد بن محمد الخطيب ، أبو الفتح المعدّل.

من أهل الأنبار ، سمع بها من أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري ، وحدّث عنه ببغداد في سنة سبع وخمسين وخمس مئة ، فسمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب النّحوي ، والقاضي عمر بن عليّ الدمشقي وزوجته كفاية بنت أبي الفتوح ابن الحصري ، وأبو العباس أحمد بن الحسن العاقولي ، وجماعة.

قرأت على أم عبد الله كفاية بنت أبي الفتوح بن أبي البركات البزّاز قلت لها : أخبرك أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن محمد الأنباري ، قراءة عليه وأنت تسمعين ، ببغداد في شهر رمضان سنة سبع وخمسين وخمس مئة ، فأقرّت به ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري ، قراءة عليه وأنا أسمع بالأنبار في جامعها ، قال : أخبرنا أبو بكر عبد القاهر بن محمد بن محمد الموصلي عترة (٢) ، قال : أخبرنا أبو هارون موسى بن محمد بن هارون

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٣٣ ، وترجمه في وفيات سنة ٥٥٧ من تاريخه وقال : «حدّث في هذه السنة ، ولم تحفظ وفاته» ١٢ / ١٣٢.

(٢) قيده الذهبي في المشتبه في باب «غبرة» و «عنزة» و «عترة» فقال : «وبمثناة وراء : عبد القاهر ابن محمد بن محمد بن عترة الموصلي ، نزيل بغداد ، معروف» وراجع ابن ناصر الدين : توضيح المشتبه ٦ / ٤١٣.

٢٧١

الأنصاري ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال (١) : حدثنا أبي ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصّلاة ، فأنّ شدّة الحرّ من فيح (٢) جهنّم» (٣).

__________________

(١) مسند أحمد ٣ / ٥٣ (في مسند أبي سعيد الخدري) ، وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني ، وسفيان هو ابن سعيد الثوري ، والأعمش اسمه سليمان بن مهران ، وذكوان هو أبو صالح السمان ، وهذا إسناد صحيح.

(٢) قال مجد الدين ابن الأثير في «فيح» من النهاية بعد ذكر الحديث : «الفيح : سطوع الحر وفورانه. ويقال بالواو ... وفاحت القدر تفيح وتفوح إذا غلت» ٣ / ٤٨٥.

(٣) وأخرجه أحمد ٣ / ٥٩ والبخاري (٣٢٥٩) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه أحمد ٣ / ٥٢ ، وابن أبي شيبة ١ / ٣٢٤ ، والبخاري (٥٣٨) ، وابن ماجة (٦٧٩) ، والبيهقي في السنن ١ / ٤٣٧ وغيرهم من طرق عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي سعيد.

وقد أشار الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٢ / ١٩ إلى هذا الاختلاف فيه على سفيان فقال : «وفي إسناده اختلاف على الثوري رواه عبد الرزاق عنه بهذا الإسناد فقال : عن أبي هريرة بدل أبي سعيد ، أخرجه أحمد عنه والجوزقي من طريق عبد الرزاق أيضا. ثم روى عن الذهلي قال : هذا الحديث رواه أصحاب الأعمش عنه عن أبي صالح (ذكوان) عن أبي سعيد ، وهذه الطريق أشهر. ورواه زائدة ـ وهو متقن ـ عنه فقال : عن أبي هريرة ، قال : والطريقان عندي محفوظان ، لأن الثوري رواه عن الأعمش بالوجهين».

قال بشار : وحديث أبي هريرة هذا رواه الجم الغفير من أصحابه عنه ، رواه عنه : سعيد ابن المسيب (عند أحمد ٢ / ٣٨٢ والبخاري (٥٣٦)) ، ومن طريق سعيد وأبي سلمة مقرونين (عند عبد الرزاق (٧٦٠٢) وأحمد ٢ / ٢٦٦ ومسلم (٦١٥) والترمذي (١٥٧) وغيرهم) ، ومحمد بن سيرين (عند أحمد ٢ / ٢٢٩ ، وأبي يعلى (٦٠٧٤) ، والطحاوي ١ / ١٨٧ وغيرهم) ، وعبد الله بن شقيق (عند ابن أبي شيبة ١ / ٣٢٥ ، والبغوي (٣٦٤)) ، وبسر بن سعيد وسلمان الأغر (عند مسلم (٦١٥) ، وأبي عوانة ١ / ٣٤٩ وغيرهما) ، وأبو يونس مولى أبي هريرة (عند مسلم (٦١٥)) ، وأبو الوليد وعبد الرحمن بن سعد (عند أحمد ٢ / ٢٥٦) ، وهمام بن منبه (عند عبد الرزاق (٢٠٥١) ، وأحمد ٢ / ٣١٨ ، ومسلم (٦١٥)) ، وعطاء بن أبي رباح (عند عبد الرزاق (٢٠٤٨) ، وأحمد ٢ / ٣٤٨) وغيرهم.

٢٧٢

١١٢ ـ محمد (١) بن الحسن بن محمد بن عليّ بن حمدون ، أبو المعالي ابن أبي سعد الكاتب.

شيخ فاضل له معرفة حسنة بالأدب والكتابة ، من بيت مشهور بالرياسة والفضل هو ، وأبوه ، وأخواه : أبو نصر وأبو المظفّر.

وأبو المعالي هذا جمع كتابا حسنا سماه «التّذكرة» (٢) يحتوي على فنون من العلم أجاد فيه وأحسن في جمعه.

وكان له تقدّم في أيام الإمام المستنجد بالله رضي‌الله‌عنه واختصاص بخدمته. وولي ديوان العرض مدة ، ثم ديوان الزّمام في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة وروى عنه إنشادا سنذكره في ترجمته إن شاء الله.

سمع أبا القاسم إسماعيل بن الفضل الجرجاني وغيره ، وحدّث عنهم ؛ سمع منه ولده أبو سعد الحسن (٣) ، وأحمد بن طارق القرشي ، وأبو المعالي أحمد ابن يحيى بن هبة الله ، وأبو العباس أحمد بن الحسن العاقولي ، وغيرهم.

قرأت على الأجل أبي سعد الحسن بن محمد بن الحسن بن عليّ بن حمدون ، قلت له : أخبرك والدك أبو المعالي محمد بن الحسن ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن الفضل بن إسماعيل

__________________

(١) ترجمه غير واحد من المؤرخين منهم العماد الأصبهاني في الخريدة ١ / ١٨٤ (من القسم العراقي) : وابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٢١ ـ ٢٢٢ ، وابن الأثير في الكامل ١١ / ٣٣٠ ، والمنذري في ترجمة ولده الحسن من التكملة ٢ / الترجمة ١١٨٢ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان ٤ / ٣٨٠ ـ ٣٨١ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٢٨٤ ، وابن شاكر الكتبي في الفوات ٢ / ٣٧٧ ، والصفدي في الوافي ٢ / ٣٥٧ ، وابن كثير في البداية ١٢ / ٢٥٣ ، والعيني في عقد الجمان ج ١٦ الورقة ٤٠٠ ـ ٤٠١ ، وابن تغري بردي في النجوم ٦ / ٢٧٤ وابن العماد في الشذرات ٤ / ٢٠٦.

(٢) حققه صديقنا العلامة إحسان عباس يرحمه‌الله ، ونشر سنة ١٩٨٣.

(٣) توفي سنة ٦٠٨ وسيأتي ذكره في موضعه.

٢٧٣

التّميمي الجرجاني قدم علينا بغداد ، قراءة عليه وأنا أسمع ، في صفر سنة عشر وخمس مئة بالمسجد المعلّق المقابل لباب النّوبي المحروس ، قيل له : أخبركم أبو محمد عبد الرحمن بن سعيد بن محمد السّعيدي ، قال : حدثنا أبو أحمد محمد ابن أحمد بن الغطريف العبدي ، قال : حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجّمحي ، قال : حدثنا محمد بن كثير العبدي ، قال : أخبرنا سفيان الثّوري ، عن أبي جهم (١) مولى ابن سالم ، عن عبيد الله بن العباس من ولد العباس ، عن ابن عباس قال : أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بإسباغ الوضوء ونهانا ، ولا أقول نهاكم ، أن نأكل الصّدقة ولا ننزي حمارا على فرس» (٢).

مولده في رجب سنة خمس وتسعين وأربع مئة.

ذكر صدقة بن الحسين النّاسخ في «تاريخه» أنّ أبا المعالي بن حمدون توفي

__________________

(١) هكذا في الأصل ، وهو خطأ بلا ريب ، صوابه : «أبو جهضم» وهو ليس مولى لابن سالم ، بل مولى لآل العباس واسمه موسى بن سالم ، وهو ثقة من رجال التهذيب ، كما بيناه في تحرير التقريب.

(٢) عبيد الله بن عباس هو عبيد الله بن عبد الله بن عباس ، وهذه هي رواية سفيان الثوري ، وقد أخرجه أحمد ١ / ٢٢٥ و ٢٣٢ و ٢٣٤ و ٢٤٩ ، وأبو داود (٨٠٨) ، والترمذي (١٧٠١) ، وابن ماجة (٤٢٦) ، والنسائي ١ / ٨٩ و ٦ / ٢٢٤ ، وابن خزيمة (١٧٥) ، والطبراني في الكبير (١٠٦٤٢) و (١٠٦٤٣) ، والبيهقي في السنن الكبرى ١٠ / ٢٣ والمزي في تهذيب الكمال ١٥ / ٢٥٣ من حديث عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، وقال الترمذي : حسن صحيح. ثم قال : «وروى سفيان الثوري هذا عن أبي جهضم فقال : عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس ، عن ابن عباس. وسمعت محمدا (يعني : البخاري) يقول : حديث الثوري غير محفوظ ، ووهم فيه الثوري ، والصحيح ما روى إسماعيل بن عليّة وعبد الوارث بن سعيد ، عن أبي جهضم ، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، عن ابن عباس».

قال : بشار : تعقب الإمام المزي هذا القول بعد سياقته للحديث المذكور وقول الترمذي هذا فقال في تهذيب الكمال : «وفي نسبة الوهم إلى الثوري نظر ، فإن حماد بن سلمة رواه عن أبي جهضم مثل رواية الثوري ، وكذلك رواه محمد بن عيسى ابن الطباع عن حماد بن زيد ١٥ / ٢٥٤ فالحديث صحيح بكل حال.

٢٧٤

يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمس مئة ـ وقال أبو الفضل بن شافع مثل ذلك ـ ودفن يوم الأربعاء بمقابر قريش.

١١٣ ـ محمد (١) بن الحسن بن عليّ بن هلال بن همصا بن نافع العجليّ ، أبو محمد.

هو أخو أبي المعالي محمد وأبي القاسم هبة الله ابني الحسن بن هليل الدّقاق.

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني وقال : هو قرابة للذي سبق ذكره ، يعني أبا المعالي محمدا وليس بأخيه. ووهم في ذلك بل هو أخو أبي المعالي الذي قدّم ذكره. وقد ذكر وهمه هذا القاضي أبو المحاسن القرشي بما هذا لفظه ، ومن خطّه نقلت : محمد بن الحسن بن هليل أبو محمد الدّقاق أخو أبي المعالي محمد بن الحسن الدقاق ، وهو أيضا أخو أبي القاسم هبة الله. سمع أبا منصور عليّ بن محمد ابن الأنباري الواعظ ، وأبا الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني (٢) ، وأبا طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف ، وأبا محمد سعد الله ابن علي بن أيوب وغيرهم. وتردد (٣) إلى أسعد الميهني (٤) وغيره للتفقه.

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٣٣ ، وترجمه في وفيات سنة ٥٧١ من تاريخه ١٢ / ٥٠٤.

(٢) الكلوذاني : بفتح الكاف وسكون اللام وفتح الواو ، هذه النسبة إلى كلواذا ، وهي من قرى بغداد ، وينسب إليها أيضا كلواذاني ، وكلواذي وتوفي أبو الخطاب هذا سنة ٥١٠ ه‍ وهو مشهور عند أهل عصره (انظر ابن الجوزي : المنتظم ٩ / ١٩٠ ـ ١٩٣ ، وابن الأثير : الكامل ١٠ / ٥٢٤ ، وسبط ابن الجوزي ٨ / ٦٦ ـ ٦٨ ، والذهبي : العبر ٤ / ٢١ وتحرف فيه اسمه إلى «محمود» ، وابن كثير ١٢ / ١٨٠ وابن رجب ١ / ١٤٣ ـ ١٥٤ (دمشق) والعيني ١٥ / الورقة ٧٠٥ ـ ٧٠٦ وابن تغري بردي ٥ / ٢١٢).

(٣) ش : «وترددت» سبق قلم من الناسخ.

(٤) الميهني : بكسر الميم وسكون الياء وفتح الهاء ، نسبة إلى «ميهنة» قرية من قرى خابران بين سرخس وأبيورد من إقليم خراسان. وأبو الفتح أسعد بن أبي نصر الميهني هذا كان شيخ الشافعية في عصره ومدرس النظامية ، توفي سنة ٥٢٧ ه‍ على قول السمعاني ومن تابعه

٢٧٥

وصحب أبا منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي لقراءة الأدب عليه. وتعاطى الوعظ. قرأت عليه شيئا عن أبي منصور ابن الأنباري. ووهم أبو سعد ـ يعني ابن السّمعاني ـ في ترجمته مع كثرة صحبته فقال بعد ذكر أخيه أبي المعالي محمد بن الحسن : قرابة الذي سبق ذكره وليس بأخيه. سمعته يقول : مولدي سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة. هذا آخر كلام القرشي.

توفي أبو محمد ابن الدّقاق فجاءة ليلة الأربعاء سابع عشر شعبان سنة إحدى وسبعين وخمس مئة فيما ذكر تميم ابن البندنيجي.

١١٤ ـ محمد (١) بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إسحاق بن موهوب بن عبد الملك بن منصور ، أبو الحسن ، وقيل : أبو الفضل ، المنصّوري الخطيب.

من أهل سمرقند ، وأظنه خطيبها.

شيخ فاضل فصيح ، مشهور ببلده بالفضل والعلم. تفقه على أبي علي الحسن بن عطاء السّغدي ، وعلى أبي حفص عمر بن محمد السّقسيني (٢). وقرأ

__________________

(التحبير ١ / ١١٨ ، وابن الصلاح : طبقات ، الورقة ٤١ ، والذهبي : العبر ٤ / ٧١ ، وابن تغري بردي ٥ / ٢٥٢ وابن العماد ٤ / ٨٠) ، أو سنة ٥٢٣ ه‍ على قول ابن الجوزي ومن تابعه (المنتظم ١٠ / ٢٣ وابن الأثير في الكامل ١٠ / ٢٥١ (القاهرة ١٢٩٠) وسبط ابن الجوزي ٨ / ١٣١ والعيني ١٦ / الورقة ٢١).

(١) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٥٤ ، واختاره في المختصر المحتاج ١ / ٣٤ ، وترجمه القرشي في الجواهر المضيئة ١ / ٩٧ ، ٢ / ٤١.

(٢) هكذا مقيد في النسخة الأم ومضبوط بالقلم ، وفي تاريخ الإسلام والمختصر المحتاج : «النّسفي» وهو صحيح أيضا ، ولكني لم أجد هذه النسبة «السقسيني» فيما توفر لدي من كتب ، ولعلها نسبة إلى إحدى قرى «نسف». وأبو حفص عمر بن محمد النسفي ، من كبار فقهاء الحنفية ، ولد بنسف سنة ٤٦١ ه‍ وتوفي بسمرقند سنة ٥٣٧ ه‍ ، وصنّف تصانيف كثيرة ، قيل إنها ربما بلغت المئة ، وترجمته معروفة (انظر السمعاني : التحبير ١ / ٥٢٧ ـ ٥٢٧ ، والذهبي : تاريخ الإسلام ١١ / ٦٧٤ ، والقرشي في الجواهر ١ / ٣٩٤).

٢٧٦

القرآن الكريم على أبي الحسن عليّ بن محمد السّمرقندي. وسمع الحديث من القاضي أبي المحامد محمود بن مسعود السّغدي ، ومن أبي الحسن عليّ بن عمر الخرّاط ، ومن أبي إبراهيم إسحاق بن محمد بن إسحاق النّوحي ، ومن أبي عليّ الحسين بن خليل النّسفي ، ومن أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الصّفّار.

وقدم بغداد حاجا في سنة ست وسبعين وخمس مئة ، وحدّث عن أبي محمد عبد الله بن محمد القلانسي ، وغيره. سمع منه بها أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحرّاني ، وجماعة من الطلبة ، وكتب لنا الإجازة بها في غرّة ذي القعدة من هذه السنة. وحج ، وعاد إلى بلده. وكان شيخا مسنّا.

مولده بسمرقند في صبيحة الجمعة ثالث عشر صفر سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.

ذكر محمد بن صاعد الكاتبي المروزي أنّ محمد بن الحسن المنصوري هذا توفي بسمرقند في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة عن مئة سنة وأربع سنين.

١١٥ ـ محمد (١) بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن الدّهقان ، أبو عبد الله السّمرقنديّ.

ذكر أبو الفتح محمد بن محمود الحرّاني أنه قدم بغداد حاجا أيضا (٢) في سنة ست وسبعين وخمس مئة ، وروى له بها عن عبد العزيز بن عبد الجبار بن عليّ الكوفي ، وأخرج عنه حديثا في «مشيخته». وقد سمع من ابن الدّهقان غير ابن الحرّاني أيضا.

١١٦ ـ محمد (٣) بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن

__________________

(١) ذكره محيي الدين القرشي في الجواهر ناقلا عن ابن النجار ٢ / ٤٥.

(٢) قال ذلك ـ أعني أيضا ـ إشارة إلى أبي الحسن المنصوري الخطيب المار ذكره حيث أنه قدم بغداد حاجا في هذه السنة.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٤٢ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٣٤ ـ ٣٥ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٣٩ ، وذكره الزبيدي في التاج ٢ / ٥٦٣ ، ونقل ترجمته

٢٧٧

الرّاذاني (١) ، أبو عبد الله بن أبي عليّ.

من أولاد الشيوخ الصالحين ؛ كان والده أبو علي (٢) واعظا خيّرا ، وجده أبو عبد الله (٣) زاهدا صالحا.

وأبو عبد الله هذا سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزّاز ، ومن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي ، وغيرهما ، وروى عنهما. سمع منه القاضي عمر بن علي القرشيّ ، ومحمد بن محمود بن المعز الحرّاني ، وجماعة غيرهما.

توفي فيما بلغنا في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وخمس مئة ، والله أعلم.

١١٧ ـ محمد (٤) بن الحسن بن الحسين الأصبهبذ (٥) ، أبو

__________________

ونسبته عن المنذري.

(١) الراذاني : هذه النسبة إلى «راذان» وهي قرية من قرى بغداد ، وإلى «راذان» من قرى المدينة النبوية. وأبو عبد الله الراذاني هذا من راذان بغداد كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير وتكملة المنذري.

(٢) سمع منه ابن السمعاني وذكره في «الرّاذاني» من الأنساب. توفي سنة ٥٤٦ ه‍ وقد ترجمه ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ١٤٦ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١١ / ٨٨٧ والعيني في عقد الجمان ١٧ / الورقة ٢١٦ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٣) توفي سنة ٤٨٠ كما في أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير وغيرها.

(٤) لم يذكر ابن الدبيثي وفاته ، وهو أمر غريب ، وقد ذكره الزكي المنذري في وفيات سنة ٥٩١ من التكملة فقال : «وفي الثامن من ذي القعدة توفي الشيخ الأجل أبو المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين الأصبهاني التاجر. ومولده سنة أربع عشرة وخمس مئة» (١ / الترجمة ٢٩٣). وذكره ابن الفوطي في الملقبين ب «عفيف الدين» من تلخيصه (ج ٤ الترجمة ٧٥٠) ولم يذكر وفاته أيضا. واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٣٥ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٦٥ ، وسير أعلام النبلاء ٢١ / ٢٥١ ، والإعلام بوفيات الأعلام ٢٤٣.

(٥) ويقال فيه أيضا : «الاصفهبذ» وهذا من تعريب «الباء» الفارسية إلى «فاء». كما هو في «أصبهان» و «أصفهان» و «بوشنج وفوشنج» وغيرهما. والأصبهبذ اسم فارسي مركب من

٢٧٨

المحاسن التاجر.

من أهل أصبهان. سمع بها أبا بكر محمد بن عليّ بن أبي ذر الصّالحاني (١) ، وأبا الفضل جعفر بن عبد الواحد الثّقفي ، وإسماعيل بن الفضل الإخشيذ السّرّاج وغيرهم. وأجاز له أبو عليّ الحسن بن أحمد الحدّاد.

وهو ابن أخت أبي العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ الأصبهاني.

قدم بغداد حاجا في سنة تسع وستين وخمس مئة فحج ، وعاد في سنة سبعين وخمس مئة وحدّث بها ؛ سمع منه أبو الخليل أحمد بن أسعد المقرىء. وعاد إلى بلده وعاش بعد ذلك مدة.

وكتب إلينا بالإجازة في سنة تسع وسبعين وخمس مئة على يد الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي ، وقد سمع منه الحازمي بأصبهان في هذه السنة.

١١٨ ـ محمد (٢) بن الحسن بن محمد بن زرقان (٣) ، أبو عبد الله الفقيه الشافعيّ.

تفقه على أبي الحسن محمد بن المبارك بن الخل ، وسمع منه ، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ، وغيرهما.

__________________

«سباه» أي جيش و «بد» أي حافظ ، فهو حافظ الجيش أو قائده.

(١) بيت الصالحاني من بيوتات أصبهان المشهورة برواية الحديث ، وتوفي أبو بكر هذا سنة ٥٣٠ كما في عبر الذهبي ٤ / ٨٣ وشذرات ابن العماد ٤ / ٩٦ وغيرهما.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٢٥٦ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٣٥ ـ ٣٦ وذكره في المشتبه ١٠٨ ، وترجمه في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩١٧ ، وابن الملقن في العقد المذهب ، الورقة ١٦٠ ، وابن ناصر الدين في توضيحه ٤ / ٢٩٠.

(٣) كان أبو عبد الله ابن زرقان من بلدة النيل ، المدينة المشهورة وقتئذ؟؟؟ ، لذلك ذكره الذهبي في هذه المادة ، أعني النيلي ، من المشتبه ١٠٨ ، وضبط زرقان بخطه ضبط القلم.

٢٧٩

وأعاد للشيخ أبي طالب المبارك الكرخي درسه بالمدرسة الكمالية مدة. واستنابه أقضى القضاة أبو طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري في الحكم عنه بحريم دار الخلافة المعظّمة وما يليها ، وقبل شهادته في يوم الثلاثاء ثامن عشري شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة ، وزكّاه محمد بن محمود ابن الحرّاني ومحمد بن جعفر العباسي ، وأذن للشّهود بالشهادة عنده وعليه فيما يسجّله.

وتولّى أقضى القضاة هذا قضاء القضاة في سلخ ذي الحجة من هذه السنة وأقرّه على نيابته. وكان على ذلك إلى أن عزل قاضي القضاة المذكور في رابع شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة فانعزل ابن زرقان وأقام بالمدرسة النظامية مشتغلا بالفقه.

ثم خرج من بغداد فبلغنا أنّه توفي بخلاط ، أو ما يقاربها ، نحو سنة تسعين وخمس مئة. وما أعلم به حدّث بشيء.

١١٩ ـ محمد (١) بن الحسن بن هبة الله بن أحمد بن عليّ بن سوار ، أبو بكر الوكيل بأبواب القضاة هو وأبوه وجده.

فأما جد أبيه أحمد (٢) بن علي فهو : أبو طاهر بن سوار المقرىء له كتاب في القراءات سماه «المستنير» مشهور.

وأبو بكر هذا كانت له معرفة جيّدة بصنعة الوكالة وإثبات الحجج الشرعية وكتب الحكم الحكميّة ، كان يشهد له بها أهل المعرفة. وكان وكيلا لوكيل الخدمة الشريفة.

وسمع من جماعة منهم : أبو القاسم صدقة ابن المحلبان ، وأبو السعادات المبارك بن عليّ الوكيل ، وأبو المظفر أحمد بن محمد بن صالح الورّاق ، وأبو عليّ أحمد بن محمد ابن الرّحبي ، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ،

__________________

(١) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٣ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٣٤٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٨٣.

(٢) توفي سنة ٤٩٦ ه‍ (ابن الجوزي : المنتظم ٩ / ١٣٥).

٢٨٠