ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

فكان على ذلك [إلى](١) أن قطع ذكره في يوم الجمعة لأربع عشرة خلون من جمادي الأولى سنة إحدى وست مئة. وأعيدت الخطبة له بولاية العهد في يوم الجمعة سلخ شوّال سنة ثمان عشرة وست مئة.

وروى عن سيّدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله ـ خلّد الله ملكه ـ بالإجازة له منه.

٥٨ ـ محمد (٢) بن أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف القطيعيّ ، أبو الحسن.

منسوب إلى قطيعة باب الأزج وتعرف بقطيعة العجم.

بكّر به والده وأسمعه في صغره من أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزّاغوني ، ومن أبي القاسم نصر بن نصر ابن العكبري الواعظ ، ومن الشريف أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي ، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السّجزي ، وأبي الحسن محمد بن المبارك بن الخل الفقيه ، ومن نفسه. ثم سمع هو بنفسه الكثير من أصحاب أبي الحسن ابن العلّاف ، وأبي القاسم بن بيان ، وأبي علي بن نبهان ، وأبي طالب بن يوسف ، ومن بعدهم.

وكتب بخطّه ، ورحل إلى الشام ، وكتب عن جماعة ، وجمع تاريخا لبغداد ذكر فيه محدثيها وغيرهم لم أقف عليه.

سمعت منه أكثر «صحيح» البخاري وشيئا عن أبي بكر ابن الزّاغوني. حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد ابن القطيعي من لفظه وكتابه ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبيد الله بن نصر ابن الزّاغوني بقراءة والدي عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزّينبي ، قال : أخبرنا أبو طاهر

__________________

(١) ليس في النسختين ، وهي مما يقتضيه السياق.

(٢) تكلمنا عليه في مقدمة هذا الكتاب عند الكلام على «تواريخ بغداد التراجمية» فراجعه هناك ، وتوفي سنة ٦٣٤.

٢٢١

محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلّص (١) ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي ، قال : حدثنا خلف بن هشام البزّار ، قال : حدثنا العطّاف (٢) بن خالد ، قال : حدثنا أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «غدوة في سبيل الله ، أو روحة ، خير من الدّنيا وما فيها ، وموضع سوط في الجنّة خير من الدّنيا وما فيها» (٣).

سألت أبا الحسن ابن القطيعي عن مولده ، فقال : ولدت في رجب سنة ست وأربعين وخمس مئة ، رحمة الله تعالى عليه.

٥٩ ـ محمد (٤) بن أحمد بن محمد بن أبي الفوارس ، أبو عبد الله يعرف بابن العريّسة (٥) ، وهو لقب لجده محمد بن أبي الفوارس.

من ساكني دار الخلافة المعظّمة بباب العامة.

سمع من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ، ومن بعده. سمعنا منه.

__________________

(١) المخلّص : يقال لمن يخلص الذهب من الغش. قيده الذهبي في المشتبه (٥٧٩) ، وتوفي أبو طاهر المخلص سنة ٣٩٣ ه‍.

(٢) العطّاف ـ بتشديد الطاء ـ بن خالد بن عبد الله بن العاص المدني من رجال التهذيب.

(٣) حديث صحيح ، أبو حازم اسمه سلمة بن دينار.

أخرجه من طريق العطاف بن خالد : أحمد ٣ / ٤٣٣ و ٥ / ٣٣٧ و ٣٣٨ ، والترمذي (١٦٤٨) وقال : حسن صحيح.

وهو في البخاري ٤ / ٢٠ (٢٧٩٤) و ٤ / ٤٣ (٢٨٩٢) و ٤ / ١٤٤ (٣٢٥٠) و ٨ / ١١٠ (٦٤١٥) ، ومسلم ٦ / ٣٦ (١٨٨١) من طرق عن أبي حازم ، به.

(٤) توفي في الخامس أو السادس والعشرين من شعبان سنة ٦٢٠. ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٩٣٧ ، وابن الفوطي في تلخيص مجمع الآداب في الملقبين ب «فخر الدين» ٤ / الترجمة ٢٣٢٤ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢١ وترجمه في تاريخ الإسلام ١٣ / ٦١٨ ـ ٦١٩.

(٥) قيده المنذري بالحروف فقال : «بضم العين وفتح الراء المهملتين وتشديد الياء آخر الحروف وسين مهملة».

٢٢٢

قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي الفوارس ، قلت له : أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السّجزي قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد حين قدمها ، فأقرّ بذلك ، قال : أخبرنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى ابن الفضيل ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن نيروز ، قال : حدثنا أبو فروة الرّهاوي ، قال : حدثنا المغيرة بن سقلاب ، قال : حدثنا معقل بن عبيد الله ، عن أبي الزّبير ، عن جابر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أفضل المسلمين من سلم المسلمون من يده ولسانه» (١).

سألت محمد ابن العريّسة عن مولده ، فقال : في يوم الأربعاء العشرين من شوال سنة أربعين وخمس مئة.

٦٠ ـ محمد (٢) بن أحمد بن حسّان ، أبو عبد الله القصّار.

سمع أبا محمد المبارك بن المبارك ابن السّرّاج المعروف بابن التّعاويذي ، وحدّث عنه. سمعناه منه.

قرأت على محمد بن أحمد القصّار ، قلت له : أخبركم أبو محمد المبارك ابن المبارك ابن السراج قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله القارىء ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية ،

__________________

(١) إسناده ضعيف ، المغيرة بن سقلاب منكر الحديث عامة ما يرويه لا يتابع عليه ، (الكامل لابن عدي ٦ / ٢٣٥٧ ـ ٢٣٥٨ ، والميزان ٤ / ١٦٣) ، وباقي رجاله ثقات. على أن الحديث صحيح من رواية أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي عن جابر ، فقد رواه مسلم ١ / ٤٨ (٤١) من حديث عبد الملك بن جريج عن أبي الزبير بلفظ : «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده». أما ما جاء عندنا فهو صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وهو عند مسلم أيضا (٤٠ و ٤٢).

(٢) لم يذكر المؤلف وفاته مع أنها من شرطه ، فكأنه ما وقف عليها. وذكره الذهبي في وفيات سنة ٦١٧ من تاريخ الإسلام (١٣ / ٥١٥) نقلا من تاريخ ابن النجار.

٢٢٣

قال : حدثنا جعفر بن محمد الخلدي (١) ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا مروان بن معاوية ، قال : حدثنا محمد بن أبي قيس ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر ، عن عبد الرحمن (٢) بن سلمة المخزومي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا ثم صبر عليه» (٣).

__________________

(١) الخلدي ، نسبة إلى محلة الخلد ، من محال بغداد ، ولكن جعفر بن محمد بن نصير الخلدي هذا إنما قيل له الخلدي بسبب ما أطلقه عليه الجنيد إذ قال له يوما «يا خلدي» فبقى عليه ذكر ذلك. تنظر ترجمته في تاريخ الخطيب ٨ / ١٤٥.

(٢) في النسخ : عبد الله ، ولا يصح البتة ، فلا أعرف راويا عن عبد الله بن عمرو يقال له «عبد الله بن سلمة». وعبد الرحمن بن سلمة المخزومي هذا ترجمه البخاري في تاريخه الكبير ، فقال : «عبد الرحمن بن سلمة الجمحي القرشي ، سمع عبد الله بن عمرو رضي‌الله‌عنهما ، روى عنه سعيد بن عبد العزيز. وقال إسحاق عن جرير عن ليث عن عيسى ، أراه من أهل المدينة» ٥ / الترجمة ٩٤٣ ثم قال بعده : «عبد الرحمن بن سلمة ـ أو سلمة بن عبد الرحمن ـ أراه من بني سليم ، عن عبد الله بن عمرو رضي‌الله‌عنهما ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا وصبر عليه» ٥ / الترجمة ٩٤٤ ، وهما فيما أرى واحد ، فرّقهما البخاري على عادته عند الشك. أما ابن أبي حاتم فلم يذكر سوى الأول وزاد في الرواة عنه : خالد بن محمد الثقفي (الجرح والتعديل ٥ / الترجمة ١١٣٩). وأما ابن حبان فأعاد ترجمة البخاري للأول في الثقات ، ولم يذكر الآخر ٥ / ٨٩. وقد ترجم الحافظ ابن عساكر لعبد الرحمن بن سلمة القرشي وذكر في الرواة عنه إسماعيل بن أبي المهاجر (وهو المذكور في إسناد هذا الحديث هنا) (تاريخ دمشق ٣٤ / ٣٩٤ ـ ٣٩٧) ، وتابعه الذهبي في تاريخ الإسلام فلخّص الترجمة منه ، وذكر روايته عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، ورواية خالد بن محمد الثقفي وإسماعيل بن أبي المهاجر وسعيد بن عبد العزيز عنه (٣ / ٢٧٢ في وفيات الطبقة ١٢ ، وهي التي توفي أصحابها بين ١١١ ـ ١٢٠ ه‍).

(٣) حديث صحيح ، أخرجه البخاري في تاريخه الكبير ٥ / الترجمة ٩٤٤ من حديث عبد الرحمن بن سلمة ـ أو سلمة بن عبد الرحمن ـ عن عبد الله بن عمرو. وأخرجه يعقوب ابن سفيان في تاريخه ٢ / ٥٢٣ ، وابن حيان (٦٧٠) ، وأبو نعيم في الحلية ٦ / ١٢٩ ، والبيهقي في الشعب (٩٧٢٣) و (١٠٣٤٦) ، وابن عساكر في تاريخه من طريق سعيد بن

٢٢٤

٦١ ـ محمد (١) بن أحمد بن عيسى المقرىء ، أبو بكر يعرف بابن الفقيه.

من أهل الحريم الطّاهري ، وسكن الرّصافة. وكان أحد القرّاء بالتّرب الشريفة (٢) ، على ساكنيها السلام.

سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان ، وغيره. كتبنا عنه شيئا يسيرا.

قرىء على أبي بكر محمد بن أحمد بن عيسى المقرىء بجامع الرّصافة وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أحمد بن الحسن الحدّاد ، قال : أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ ، قال : أخبرنا بنان البرتي (٣) ، قال : حدثنا جعفر بن مجاشع ، قال : حدثنا حمدون بن عبّاد ، قال : حدثنا يحيى بن هشام ، عن مسعر ، عن قتادة ، عن أنس أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «عند كل ختمة دعوة مستجابة» (٤).

__________________

عبد العزيز ، عن عبد الرحمن بن سلمة الجمحي ، عن عبد الله بن عمرو ، وقال أبو نعيم الأصبهاني : غريب من حديث عبد الرحمن. وأخرجه أحمد ٢ / ١٦٨ وعبد بن حميد (٣٤١) ، ومسلم ٣ / ١٠٢ (١٠٥٤) ، والترمذي (٢٣٤٨) ، والحاكم ٤ / ١٢٣ ، والبيهقي في السنن ٤ / ١٩٦ ، وفي الشعب (١٠٣٤٥) وغيرهم من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.

(١) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٦٧ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٣٨٢ وفي المختصر المحتاج إليه ١ / ٢١ ، وكلهم نقلوا من هذا الكتاب من غير إشارة.

(٢) يعني ترب الخلفاء العباسيين بالرصافة.

(٣) البرتي : منسوب إلى «برت» قرية كانت بنواحي بغداد كما في أنساب السمعاني. ولم يذكره الذهبي في هذه المادة من المشتبه ولا في «بنان» مع أنه من شرط كتابه.

(٤) يحيى بن هشام الراوي عن مسعر لا أعرفه ولم أقف له على ترجمة ، والمحفوظ من حديث

٢٢٥

ذكر لنا أبو بكر بن عيسى أنّ مولده في سنة خمسين ، أو إحدى وخمسين ، وخمس مئة ، الشكّ منه. وتوفي يوم الأحد سابع عشر (١) جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وست مئة ، ودفن بباب حرب.

٦٢ ـ محمد (٢) بن أحمد بن الحسن السّجزيّ ، أبو عبد الله يعرف بجونكار.

ورد بغداد حاجا ، وحدّث بها. سمع منه علي بن الحسين الهمذاني الصّوفي ، فحج وأقام بمكة والمدينة مجاورا إلى حين وفاته.

وكان رجلا صالحا يكتب ويأكل من كسب يده. حدث بمكة عن أبي الفتح محمد بن الحسن الخوارزمي ، سمع منه بها الفقيه محمد بن إسماعيل بن أبي الصّيف ، وبالمدينة عن أبي موسى محمد بن عمر الحافظ الأصبهاني ، روى عنه بها أبو المفاخر البيهقي إمام الروضة الشريفة.

وأظنه أجاز لنا.

٦٣ ـ محمد (٣) بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزوينيّ ، أبو

__________________

مسعر بن كدام الهلالي عن قتادة عن أنس حديث : «لكل نبي دعوة دعاها لأمته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة» الذي أخرجه أحمد ٣ / ٢١٨ ومسلم ١ / ١٣٢ (٢٠٠) ، وأبو عوانة ١ / ٩١ ، وابن مندة في الإيمان (٩١٤) ، وأبو نعيم في الحلية ٧ / ٢٥٩ ، والقضاعي في مسند الشهاب (١٠٣٧) و (١٠٣٨) ، والبغوي (١٢٣٨) من طرق عن مسعر.

(١) في تكملة المنذري : «الثامن عشر».

(٢) لقبه فخر الدين ، ذكره ابن الفوطي في التلخيص ٤ / الترجمة ٢٣١٢ وذكر روايته عن أبي موسى المديني ولم يزد على ذلك.

(٣) توفي سنة ٦٢٣ ه‍ أو سنة ٦٢٢ في بعض الروايات. وقد ترجم له الرافعي في «التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين» ولم يذكر تاريخ وفاته لتأخرها عنه قال «وهو غائب عن قزوين منذ سنين يسكن الشام مرة والروم أخرى وأذربيجان أخرى» (الورقة ٣٦ من نسخة مكتبة البلدية بالإسكندرية). وترجمه المنذري في وفيات سنة ٦٢٣ من التكملة ٣ / الترجمة ٢١٣٨ ،

٢٢٦

المناقب بن أبي الخير.

ولد بقزوين ، ونشأ بها ، وقدم مع والده إلى بغداد وأقام بها معه لما كان بها يتولّى تدريس المدرسة النّظامية بها ، وسمع منه ، ومن الكاتبة شهدة بنت أحمد ابن الإبري ، وغيرهما. وقدمها بعد ذلك مرارا كثيرة ، وحدّث بها عن أبي عليّ الحسن بن أحمد الموسياباذي ، وأبي الوقت السّجزي وغيرهما.

وفي حديثه نكرة (١).

سألته عن مولده ، فقال : ولدت بقزوين يوم الثلاثاء عاشر محرم سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.

٦٤ ـ محمد (٢) بن أحمد بن إسماعيل ، أبو بكر ، أخو أبي المناقب المقدّم ذكره.

دخل بغداد أيضا مع أبيه ، وأقام بها ، وتفقه عليه. وسمع من الكاتبة شهدة ، وأبي الأزهر بن حمود (٣) وغيرهما. وتكلّم في المسائل والوعظ. وسافر

__________________

قال : «وقدم مصر ولم يتفق لي الاجتماع به ... ولنا منه إجازة كتب بها إلينا في شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وست مئة» ، وابن الفوطي في التلخيص ٤ / الترجمة ٢٣١١ ، ونقل عن ابن النجار. وفي تعليق شيخنا على ترجمته وهم إذ خلط ترجمته بترجمة أخيه المتوفى سنة ٦١٤ وظن هذا ذاك. وترجمه الذهبي في سير أعلام النبلاء ٢٢ / ١٨٢ وتاريخ الإسلام ١٣ / ٥٨٢. ونقل عن ابن الدبيثي وابن النجار والمنذري ، وراجع بلا بد تعليقنا على ترجمته هناك.

(١) نقل الذهبي في كتبه قول ابن النجار : «سمعت جماعة يرمونه بالكذب ويذمونه» ونقل ابن الفوطي قوله : «وحدّث ببغداد بما افتضح به من ادعّاء سماعات لم يسمعها» تلخيص ٤ / ٢٣١١ ، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام : كان زوكاريا نصابا على الأمراء ، ثم كسدت سوقه ، وساءت عقائدهم فيه.

(٢) ذكره الرافعي في «التدوين» وذكر أنه أصغر من أخيه المقدّم ذكره ولكن أعلم (الورقة ٣٦ من نسخة الإسكندرية). وترجمه المنذري ٢ / الترجمة ١٥٢٨ والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤١٨ ، وابن عبد الهادي في معجم الشافعية (الورقة ٢٣ من نسخة الظاهرية).

(٣) هو أبو الأزهر محمد بن محمد بن حمّود الواسطي.

٢٢٧

عنها مدة ، ثم قدمها رسولا من مظفر الدين أمير إربل في سنة اثنتي عشرة وست مئة وعاد إليه. وروى بإربل وبغداد شيئا.

سئل عن مولده ، فقال : في سنة أربع وخمسين وخمس مئة. وتوفي ببلاد الرّوم في سنة أربع عشرة وست مئة (١) ، رحمه‌الله وإيانا.

٦٥ ـ محمد (٢) بن أحمد بن علي بن محمد العنبريّ ، أبو شجاع الشاعر.

من أهل واسط ، يعرف بابن دوّاس القنا. كان اسمه مقاتل فغيّره وسمّى نفسه محمدا.

له معرفة حسنة بالنحو واللغة العربية ، وهو من بيت أهل فضل وأدب وشعر مشهورين بذلك.

قدم أبو شجاع بغداد مرارا كثيرة ولقي أدباءها كالكمال عبد الرحمن بن محمد الأنباري ، وأبي الحسن علي بن عبد الرحيم العصّار ، وأبي الفرج محمد ابن الحسين ابن الدّبّاغ وغيرهم ، وقرأ عليهم وأخذ عنهم. ولازم شيخنا مصدّق ابن شبيب وقرأ عليه جملة من كتب الأدب ودواوين العرب.

وكان حسن الشّعر ، أثبت مدة في جملة شعراء الدّيوان العزيز ـ مجدّه الله ـ وكان يورد المدائح من شعره في المواسم مع الشّعراء.

سمعنا منه كثيرا من شعره ولغيره بواسط وبغداد ، فمن ذلك ما أنشدنا من

__________________

(١) فصّل زكي الدين المنذري تاريخ وفاته أحسن مما هنا فذكر أنه توفي في العاشر من شهر ربيع الآخر سنة ٦١٤ ه‍ بمدينة قيصرية من بلاد الروم.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٦٩٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٤٨٣ ، والصفدي في الوافي ٢ / ١١٩ ونقل عن ابن النجار ، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة (الورقة ٦ ـ ٧) وابن الفرات في تاريخه (م ١٠ ورقة ٢ نسخة فينا). وسيأتي ذكر أخيه أبي الحسن علي بن أحمد المعروف بابن دوّاس القنا المتوفى سنة ٦١٢ ه‍ في حرف العين من هذا الكتاب.

٢٢٨

حفظه ببغداد ، قال : أنشدني والدي أبو العباس أحمد (١) بن عليّ لنفسه في النّرجس :

ونرجس حار فكري في محاسنه

فضعت بالفكر بين العجب والعجب

أبدان فيروزج لمّا زهت بحلى

من فضّة حملت وردا من الذّهب

ذكر لي أبو الحسن عليّ بن أحمد ابن دوّاس القنا أنّ مولد أخيه أبي شجاع في سنة أربع وخمسين وخمس مئة ، أظن في ذي القعدة. وتوفي بواسط في ليلة الأحد سلخ شعبان سنة ست عشرة وست مئة.

٦٦ ـ محمد (٢) بن أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن حاتم الجيليّ الأصل البغداديّ المولد والدار ، أبو المعالي بن أبي الفضل بن أبي المعالي.

أحد الشّهود المعدّلين هو وأبوه وجده ، ومن بيت الحديث والرواية والفقه والعدالة.

وأبو المعالي هذا شهد عند القاضي محمود بن أحمد الزّنجاني النائب في الحكم والقضاء بمدينة السّلام يوم الثّلاثاء ثامن عشر جمادي الأولى سنة اثنتي عشرة وست مئة ، وزكّاه العدلان : أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرّزّاز وأبو

__________________

(١) ذكره العماد الأصبهاني في الخريدة (العراقية) ٤ / ١ / ٣٦٤ في آخر ترجمة والده علي بن أحمد وأورد له بيتين من الشعر في الخمر.

(٢) لم يذكر ابن الدبيثي تاريخ وفاته لتأخرها عن تاريخ وضعه لكتابه هذا وذكرها الزكي المنذري وغيره وأنها في رابع رجب سنة ٦٢٧ ه‍. ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٢ / ٤٩٠ ، والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٢٩٣ وابن الفوطي في الملقبين بفخر الدين من كتابه ٤ / الترجمة ٢٣١٧. واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢١ وترجمه في وفيات سنة ٦٢٧ من تاريخ الإسلام ١٣ / ٨٤١ ، وابن رجب ٢ / ١٧٥ ـ ١٧٧ ، وابن تغري بردي ٦ / ٢٧٥ ، وابن العماد ٥ / ١٢٦ ، والقنوجي ٢٣٢. وآل شافع الجيليون هؤلاء من علماء بغداد المشهورين ، ذكرنا والده في مقدمة هذا الكتاب ، وعمّه شافع بن صالح كان أحد العدول وتوفي سنة ٥٧٥ ، وابن عمه صالح بن شافع توفي سنة ٦٣٧ ، وأخته أم الفضل لبابة توفيت قبله سنة ٦٢٦ ه‍ وسيأتي ذكر غير واحد منهم في هذا الكتاب.

٢٢٩

نصر أحمد بن صدقة بن زهير. وتولّى أيضا خزن الدّيوان العزيز ـ مجده الله ـ في هذا اليوم مضافا إلى ما كان فيه من الكتابة مع وكيل باب طراد الشّريف ، أجلّه الله.

وقد سمع الكثير أولا بإفادة خاله أبي بكر محمد بن المبارك بن مشّق لأنّ والده توفّي وعمره سنة واحدة وشهور فأسمعه خاله هذا كثيرا ، وسمع هو بنفسه من خلق كثير فممن سمع منه : أبو شاكر يحيى بن يوسف السّقلاطوني صاحب ابن بالان ، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن عمر الإبري ، وأبو الحسن عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف ، وأبو الفتح ظفر بن محمد ابن السّدنك ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن بكروس ، وجماعة من أصحاب ابن نبهان ، وابن بيان ، وأبي طالب بن يوسف ، وأبي القاسم بن الحصين ومن بعدهم.

وهو ثقة صالح حسن الطريقة.

حدّث بالإجازة الشّريفة من سيّدنا ومولانا الإمام النّاصر لدين الله أمير المؤمنين ـ خلّد الله ملكه ـ وعن شيوخه.

وسألته عن مولده فقال : في شهر جمادي الآخرة سنة أربع وستين وخمس مئة.

٦٧ ـ محمد (١) بن أحمد بن سليمان الزّهريّ ، أبو عبد الله المغربيّ.

من أهل إشبيلية أحد بلاد الأندلس.

قدم بغداد صادرا عن مكّة في سنة تسعين وخمس مئة ، وأقام بها مدة. وسمع من شيوخ ذلك الوقت كأبي القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفّاف ، وأبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهّاب ابن الصّابوني ، وأبي الرّضا أحمد بن

__________________

(١) ترجمه الزكي والمنذري في التكملة ٣ / الترجمة ١٧٥٤ والذهبي في تاريخ الإسلام ١٣ / ٥١٥ ، والصفدي في الوافي ٢ / ١٠٤ ـ ١٠٥ ، وابن قاضي شهبة في طبقات النحاة ، الورقة ٦ ، والسيوطي في البغية ١ / ٢٥ ـ ٢٦.

٢٣٠

طارق ، وأبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش ، وأبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهّاب بن كليب ، وجماعة من أصحاب أبي علي ابن المهدي ، وأبي الغنائم ابن المهتدي ، وأبي طالب بن يوسف ، وأبي القاسم بن الحصين ، ومن بعدهم. وسمع معنا الكثير ، ومنّا.

وكان فيه فضل ، وله معرفة بالأدب ويقول الشعر.

سافر عن بغداد وأقام بأصبهان مدة (١) ، وسمع من أصحاب أبي علي الحدّاد الحسن بن أحمد ومن بعده ، ثم انتقل إلى كرج (٢) واستوطنها فهي اليوم منزله (٣). وقد حدّث هناك ، وسمع منه أهل ذلك البلد ومن ورد إليه.

٦٨ ـ محمد (٤) بن أحمد بن عليّ بن خالد ، أبو عبد الله الأوشيّ ، وأوش (٥) بلدة من بلاد فرغانة.

سكن أبو عبد الله بخارى. وكان فقيها حنفيا مدرّسا بها. قدم بغداد حاجا في سنة إحدى عشرة وست مئة فحج وعاد إلى بغداد في سنة اثنتي عشرة وست مئة فسمعنا منه عن أبي حفص عمر بن محمد الزّرنجري (٦).

قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي الأوشي من كتابه الذي فيه

__________________

(١) اجتمع به هناك ابن النجار وصادقه وكتب عنه أحاديث وأناشيد (الوافي ٢ / ١٠٤).

(٢) يعني الكرج المدينة المشهورة.

(٣) استشهد بيد التتار بمدينة بروجرد في رجب سنة ٦١٧ كما ذكر المنذري في ترجمته من التكملة ، وعنه الذهبي في تاريخ الإسلام.

(٤) ذكره ياقوت في «أوش» من معجم البلدان ١ / ٢٨١ ، والمنذري في التكملة ٢ / الترجمة ١٤٥٣ ، والذهبي في المشتبه ٥٣ ، وتاريخ الإسلام ١٣ / ٥١٥ وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ١ / ٢٨٤ ، والتميمي في الطبقات السنية (ج ٣ الورقة ٦٢ نسخة التيمورية).

(٥) قيدها المنذري بالحروف فقال : بضم الهمزة وسكون الواو وبعدها شين معجمة ٤ / ٢١٢.

(٦) الزرنجري : هذه النسبة إلى «زرنجرى» من قرى بخارى ، ويقال لها أيضا زرنكرى ، وذكر ياقوت أبا حفص عمر الزّرنجرى هذا ورواية الأوشي عنه.

٢٣١

سماعه ، قلت له : حدّثكم أبو حفص عمر بن محمد بن علي بن الفضل الزّرنجري لفظا قال : نعم ، قال : أخبرنا أبي أبو بكر محمد بن علي بن الفضل ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني ، قال : حدثنا أبو علي الحسين بن الخضر النّسفي ، قال : حدثنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أبو القاسم أحمد بن حام بن غنيمة الصّفّار ، قال : حدثنا حام بن نوح ، قال : حدثنا عمر بن هارون ، عن صالح المرّي ، عن يزيد الرّقاشي ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يقول الله تعالى : إنّي لأهمّ بأهل الأرض عذابا فأنظر إلى عمّار بيوتي وإلى المتحابّين فيّ والمستغفرين بالأسحار فاصرفه عنهم» (١).

توفي محمد بن أحمد ابن الأوشي في أواخر ، أو أوائل ، صفر سنة ثلاث عشرة وست مئة ببخارى ، ودفن بمقبرة كلاباذ (٢).

٦٩ ـ محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن العلويّ ، أبو عبد الله.

من أهل بخارى ، قدم بغداد حاجا في سنة إحدى عشرة وست مئة مع المقدّم ذكره (٣) ، فحج وعاد ، وكتبنا عنه أناشيد. وكان معه شيء من الحديث ولكن سماعه لم يكن واضحا فتركناه.

أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أحمد العلوي البخاري من لفظه وكتابه ، قال : أنشدني طاهر بن محمود بن عبد الرّشيد الفقيه ببخارى في إملائه علينا لبعضهم :

تقرّب إلى الرّحمن بالفقه في الدين

وعاشر عباد الله بالرّفق واللّين

وكن طالبا للعلم بالجهد دائبا

وإن كنت ترجو نيل ذلك بالصّين

__________________

(١) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبان الرقاشي ، وهو في كنز العمال (٢٠٣٤٣).

(٢) كلاباذ : محلة من محال بخارى.

(٣) يعني محمد بن أحمد الأوشي.

٢٣٢

وأنشدنا أبو عبد الله العلوي أيضا لفظا ، قال : أنشدنا طاهر لآخر :

توكّل على الله الكريم ولا تكن

جزوعا لما تلقى من الفقر والضّرّ

فإنّ العطايا منحة مستردة

وإن البلايا حلية الرّجل الحرّ

٧٠ ـ محمد (١) بن أحمد بن صدقة بن نصر بن زهير الحرّانيّ الأصل البغداديّ المولد والدّار ، أبو الفتح بن أبي نصر.

وسيأتي ذكر أبيه.

شهد عند القاضي محمود بن أحمد الزّنجاني يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة خمس عشرة وست مئة ، وزكاه العدلان سعيد الرّزاز وعليّ بن زهموية ، رحمهم‌الله وإيانا.

__________________

(١) لقبه فخر الدين ، وقد ترجمه ابن الفوطي مرتين ولم يشعر بالتكرار ولا علم به ، يدل على ذلك عدم إشارته إليه ، قال في المرة الأولى (٤ / الترجمة ٢٣١٥): «فخر الدين أبو الفتح محمد بن أحمد بن زهير البغدادي المحدث» وذكر أنه سمع زين الدين أبا العز أحمد بن فتح ابن عبد الله بن محمد بن جعفر وذكر له أنشادا. ثم ترجمه مرة أخرى (٤ / الترجمة ٢٣١٨) وقال : «فخر الدين أبو الفتح محمد بن أحمد بن صدقة الحرّاني نزيل بغداد المعدّل» وذكر أنه كتب في بعض تعاليقه بيتين من الشعر وأوردهما.

٢٣٣

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه إبراهيم

٧١ ـ محمد بن إبراهيم بن عبيد الله الواعظ ، أبو الفتح.

من أهل بروجرد. قدم بغداد فيما ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني ، وحدّث بها عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عمر السّمّاك.

حدّثني عنه أبو القاسم إقبال بن عليّ بن أحمد المقرىء وذكر أنه سمع منه بواسط ، وقال : سمعت منه سنة خمس عشرة وخمس مئة. وكان واعظا نزل رباط النّوى بواسط وهناك سمعنا منه ، رحمه‌الله وإيانا.

٧٢ ـ محمد (١) بن إبراهيم بن الحسين بن محمد دادا ، أبو جعفر الجرباذقانيّ ، وجرباذقان بلدة قريبة من أصبهان.

فقيه فاضل شافعيّ المذهب ، له معرفة حسنة بالفرائض والأدب والحديث ، زاهد متديّن كثير العبادة ، مقبل على الاشتغال بالعلم ، حسن الطريقة ، حميد السّيرة ، مشكور من أهل زمانه.

سمعت شيخنا أبا محمد عبد العزيز بن الأخضر ذكره مرارا فأثنى عليه ثناءا حسنا ووصفه بالفضل والعلم والمعرفة والزّهد والصّلاح وحسن الطّريقة والانعكاف على العلم ، وقال : ما رأيت مثله في زهده وتقلّله وصبره على الفقر واشتغاله بالعلم.

قلت : أقام أبو جعفر بأصبهان قبل دخوله بغداد ، وحصّل بها معرفة الفقه

__________________

(١) ترجمه ياقوت في معجم الأدباء ٥ / ٢٢٩٦ ، وابن نقطة في «دادا» من إكمال الإكمال ٢ / ٥٢٢ ، والقفطي في «المحمدون من الشعراء» ١ / ١١٦ ، وابن الفوطي في الملقبين بمنتجب الدين من تلخيصه ٥ / الترجمة ١٧٤١ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء ٢٠ / ٢٥١ ، والمختصر المحتاج إليه ١ / ٢٢ ، والصفدي في الوافي ١ / ٣٤٧ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ٩١ ، وابن ناصر الدين في توضيح المشتبه ٤ / ٩ ، والسيوطي في البغية ١ / ١٠ ، وابن العماد في الشذرات ٤ / ١٥٤.

٢٣٤

والأدب. وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ وغيره.

ودخل بغداد في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة وسمع من جماعة من شيوخ ذلك الوقت منهم : أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي ، وأبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشّهرزوري. ولازم أبا الفضل محمد بن ناصر ، وقرأ عليه ، ونسخ كتبه. وأقام بها إلى حين وفاته على طريقة حسنة.

سمع منه أبو العباس أحمد بن عمر بن لبيدة المقرىء ، وأبو الفضل أحمد ابن صالح بن شافع. وروى لنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر أبياتا من الشّعر ، سمعناها منه لنفسه.

أنشدني عبد العزيز بن الأخضر ، قال : أنشدنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الجرباذقاني لنفسه ببغداد ، رحمه‌الله (١) :

ألا ليت زورات المنايا أراحت

فإني أرى في الموت أروح راحتي

وموت الفتى خير له من حياته

إذا ظهرت أعلام سوء ولاحت

ألا صان هذا الدّهر عرض لئامه

وعرض الكرام أهدرت وأباحت

تضنّ بريّاها إذا شم ذو حجا

وإن شمّ منها ذو الدّناءة فاحت

أبوح بقولي كلّما ذرّ شارق

كنوح حمامات على الدّوح ناحت

إذا كان في بحر المعالي سباحتي

فأهون شيء شئتم حلّ ساحتي

بلغنا أنّ أبا جعفر الجرباذقاني ولد يوم الجمعة خامس عشري شوال سنة سبع وخمس مئة.

وذكر أبو الفضل بن شافع وغيره أنه توفّي ببغداد يوم الثّلاثاء حادي عشر ذي الحجة من سنة تسع وأربعين وخمس مئة وصلّي عليه برباط درب زاخي

__________________

(١) أوردها القفطي من طريق شيخه ابن الأخضر أيضا.

٢٣٥

وتقدّم في الصّلاة عليه أبو الفضل بن ناصر. وصلّي عليه مرة أخرى برباط أبي النّجيب السّهروردي ، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشونيزي قريب من التوثة (١) في تربة أصحاب الشيخ أبي النّجيب هناك.

٧٣ ـ محمد بن إبراهيم بن أحمد بن ناصر ، أبو سعيد الأمير المعروف بالفهّاد.

أحد أصحاب السّلطان مسعود بن محمد وخواصّه. قدم معه بغداد غير مرّة ، وسمع معه أيضا بها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري المعروف بقاضي المارستان في سنة أربع وثلاثين وخمس مئة ، وحدّث عنه في عدّة بلاد منها همذان وأصبهان وساوة ، وسمع منه أهلها. وكان خيّرا زاهدا.

وسمع ببغداد أيضا من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيره فيما وقع إليّ من كتبه.

٧٤ ـ محمد (٢) بن إبراهيم بن أحمد البستيّ (٣) ، أبو عبد الله الصّوفي.

صاحب رياضة ومجاهدة وأسفار وتجريد.

قدم بغداد غير مرّة ونزل رباط درب زاخي (٤) وأقام وحج حججا كثيرة منها ماشيا وراكبا. وجاور بمكة (٥) ومدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنين ، ولقيته بمكة ، وعاد معنا إلى العراق في سنة ثمانين وخمس مئة ، وقال لي : لي أتردد إلى هنا ـ يعني

__________________

(١) انظر عن التّوثة معجم البلدان لياقوت ٢ / ٥٦.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥٤ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٨٥.

(٣) منسوب إلى مدينة «بست» من أعمال كابل كما في أنساب السمعاني ومعجم البلدان.

(٤) ويسمى أيضا رباط «أرجوان» نسبة إلى أرجوان والدة الخليفة المقتدي بأمر الله العباسي وكان بالجانب الشرقي من مدينة بغداد (راجع بحث شيخنا العلامة مصطفى جواد في مجلة سومر م ١٠ ج ٢ ص ٢٣٧ بغداد ١٩٥٤).

(٥) لم يذكره الفاسي في «العقد الثمين» مع أنه من شرط كتابه المذكور فيستدرك عليه.

٢٣٦

الحج ـ خمسين سنة.

وله تصنيف في الطريقة ورياضة النفس والسلوك ، ولنا منه إجازة.

قرىء عليه شيء من تصانيفه فيما أظن ، واستوطن في آخر عمره همذان وسكن بروذراور (١) منها ، وتوفي بها في شهر رمضان سنة أربع وثماين وخمس مئة. وكان ذكر لي ما يدل أنّ مولده في سنة خمس مئة ، والله أعلم.

٧٥ ـ محمد (٢) بن إبراهيم بن خطّاب ، أبو عبد الله المغربيّ.

من أهل الأندلس ، قدم بغداد في سنة سبع وثمانين وخمس مئة ، وسمع بها من جماعة ، وخرج إلى أصبهان واستوطنها وسمع بها من شيوخ ذلك الوقت.

ثم قدم بغداد بعد ذلك حاجا وسمع معنا من أبي الفرج بن كليب ، وغيره مثل أبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصّابوني ، وأبي القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب ، وأبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش. وانحدر إلى واسط وقرأ بشيء من القراءات على أبي بكر ابن الباقلاني المقرىء في أول مقدمه ومنها صار إلى أصبهان.

وكان خيّرا ساكنا.

خرج إلى الحج في سنة خمس وتسعين وخمس مئة فحج وتوجه إلى مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتوفي في طريقه قبل دخوله المدينة في ذي الحجة من هذه السنة ، ودفن حيث توفي.

٧٦ ـ محمد (٣) بن إبراهيم بن عثمان التّركستانيّ الأصل الواسطيّ المولد ، أبو عبد الله ، أخو عمر وعثمان ابني إبراهيم المعروفين (٤) ببني التّركي الوعظ.

قدم محمد هذا بغداد مرارا ، وسمع بها الحديث من جماعة مع أخيه

__________________

(١) ياقوت : معجم البلدان ٣ / ٧٨ ، وهي بالقرب من نهاوند.

(٢) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٥١٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠١٤.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٦٨٩ ، وسبط ابن الجوزي ٨ / ٥١٢.

(٤) في النسختين : «المعروف» ولعله سبق قلم من الناسخ إذ لا يستقيم المعنى بها.

٢٣٧

عمر (١) ، وأقام برباط الزّوزني مدة ينوب عن أخيه عمر ، وكان مسافرا لما كان في نظره وهو متقدم على الصّوفية فيه.

وتكلم في الوعظ بواسط. سمع بأخرة ببغداد من يحيى بن بوش وغيره.

وتوفي شابا بواسط في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمس مئة ، ودفن عند أبيه بمقبرة مسجد زنبور.

«آخر الجزء الثاني من الأصل وأول الثالث»

٧٧ ـ محمد (٢) بن إبراهيم بن معالي يعرف بابن المغازليّ ، أبو عبد الله.

من أهل الحريم الطّاهري ، سكن محلة دار القزّ.

سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ، وروى عنه. سمعنا منه.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القزّاز بقراءتي عليه بدار القزّ ، قلت له : أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بقراءة عبد الله بن جرير عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي الفرّاء قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصّلت ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي إملاء ، قال : حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزّهري (٣) ، عن مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الحياء من الإيمان» (٤).

__________________

(١) سيأتي ذكره في موضعه من الكتاب ، كما سيأتي ذكر أخيه عثمان في موضعه أيضا.

(٢) توفي في منتصف المحرم من سنة ٦٢٤ ه‍ ترجمه المنذري في التكملة ٣ / الترجمة ٢٢٢٩ ، وذكر أن له منه إجازة كتب بها إليه من بغداد. واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢٢ ـ ٢٣ ، وترجمه في تاريخه ١٣ / ٨٢٠.

(٣) موطأ مالك ، برواية الزهري (١٨٩٠ بتحقيقنا).

(٤) ومن طريق مالك أخرجه البخاري في الإيمان من صحيحه ١ / ١٢ (٢٤) ، وفي الأدب المفرد له (٦٠٢) ، وأبو داود في الأدب من سننه (٤٧٩٥) ، والنسائي ٨ / ١٢١ ، وفي الكبرى

٢٣٨

٧٨ ـ محمد (١) بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان ، أبو عبد الله.

من أهل إربل ، قدم بغداد مع أبيه ، وسمع بها من جماعة منهم : أبو محمد هبة الله بن يحيى بن محمد الوكيل ، وأبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار ، وأبو عبد الله خمرتاش بن عبد الله مولى أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء وغيرهم. سمعت منه بإربل.

قرأت على أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو محمد هبة الله بن محمد الوكيل وأبو عبد الله خمرتاش بن عبد الله مولى أبي الفرج ابن المسلمة قراءة عليهما وأنت تسمع ببغداد ، فأقرّ به وعرفه ، قالا : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ ابن العلّاف قراءة عليه ونحن نسمع. وقرأته على القاضي أبي طالب محمد بن عليّ بن أحمد ابن الكتّاني بواسط من أصل سماعه غير مرّة ، قلت له : أخبركم أبو الحسن علي بن محمد ابن العلّاف قراءة عليه وأنت تسمع ببغداد في شوّال سنة أربع وخمس مئة ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران ، قال : حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحي بمكة ، قال : حدثنا أبو الحسن ابن عبد العزيز قال : حدثنا عارم ، قال : حدثنا ابن المبارك ، قال : حدثنا حرملة ابن عمران ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير (٢) ، عن عقبة بن عامر ، قال :

__________________

(١١٧٦٤) ، وأحمد ٢ / ٥٦. وقد تقدم من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به الترجمة ١٩. وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على موطأ مالك (٢ / ٤٩١ برواية الليثي) ، وتعليقنا على جامع الترمذي (٢٦١٥).

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢٣ وذكر أنه توفي سنة ٦٣٣ ه‍ وقال : «أبو عبد الله روى لنا عنه أبو العباس ابن الظاهري وأبو الحسين اليونيني وعلي بن عبد الدائم ومحمد بن يوسف الإربلي ...» وترجمه في تاريخ الإسلام ١٤ / ١١٧ ، وذكره الزكي المنذري في ترجمة ابن عمه محمد بن إسماعيل المتوفى سنة ٦١٨ ه‍ وذكر أنه لقيه بدمشق وأنه سمع منه وأنه سيذكره في الكتاب ، لكنني لم أجد له ترجمة في التكملة (الترجمة ١٨٠٢).

(٢) هو أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني ، من رجال التهذيب ، وكان مفتي أهل مصر.

٢٣٩

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الرّجل في ظلّ صدقته حتى قضى بين النّاس ، أو قال : يحكم بين النّاس» (١). وكان أبو الخير لا يأتي عليه يوم إلا تصدّق فيه بكعكة أو ببصلة.

سألت أبا عبد الله هذا عن مولده فلم يحققه وذكر ما يدل أنّه في سنة تسع وخمسين مئة تقريبا.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه إسماعيل

٧٩ ـ محمد بن إسماعيل بن الحسن بن عبد العزيز الضّبّيّ ، أبو عبد الله.

قدم بغداد ، وسمع بها من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان ، وحدّث عنه. سمع منه الحافظ أبو محمد يوسف بن أحمد البغدادي في الغربة ، وأخرج عنه حديثا في كتاب «الأربعين» (٢) له التي جمعها على البلدان ، رحمهما‌الله.

٨٠ ـ محمد (٣) بن إسماعيل بن عبيد الله بن ودعة ، أبو عبد الله

__________________

(١) إسناده صحيح ، رجاله ثقات.

(٢) كتب الأربعينيات : هو أن يجمع المحدث أربعين حديثا. وقد تفنن العلماء المسلمون في تأليفها وجمعها وترتيبها فرتبوها على الشيوخ أو البلدان أو الموضوعات ، أو طرق الرواية وما إلى ذلك وقد تكون في أكثر من أمر من الأمور المذكورة كما فعل ابن عساكر حيث جمع أربعين حديثا عن أربعين شيخا في أربعين مدينة عن أربعين من الصحابة (راجع كتابنا : المنذري وكتابه التكملة ص ١٧٦ فما بعد).

(٣) لقبه كمال الدين وعز الدين ، لذلك ذكره ابن الفوطي في تلخيصه مرتين (ج ٤ الترجمة ٣٩٩ وج ٥ الترجمة ٢٤٧ ونقل ترجمته من تاريخ ابن الدبيثي وابن النجار). وترجمه المنذري ١ / الترجمة ١٧٢ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٨٥٩ ، والصفدي في الوافي ٢ / ٢١٧ ، والسبكي في طبقات الشافعية ٦ / ٩٤ ، وابن الملقن في العقد المذهب (الورقة ١٥٩ ـ ١٦٠) وابن عبد الهادي في معجم الشافعية (الورقة ٣٢). ولابن ودعة هذا كتاب

٢٤٠