ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السّمعاني في كتابه (١) ، وقال : قدم علينا مرو وسمعنا منه عن أبي العز ابن المختار. وإنّما ذكرناه لأنّه تأخرت وفاته عن وفاته على ما شرطنا في خطبة الكتاب.

سمع من أبي المكارم ببغداد : أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ، وأبو الحسن علي بن أحمد العلوي الزّيدي ، وأبو المحاسن عمر بن عليّ القرشي ، وأبو الخير صبيح بن عبد الله العطّاري. وحدثنا عنه جماعة.

قرأت على أبي الحسن عليّ بن المبارك بن أحمد بن أحمد بن محمد الطّاهري ، قلت له : أخبرك عم والدك (٢) أبو المكارم محمد بن أحمد بن محمد ابن الطاهري قراءة عليه وأنت تسمع في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وخمس مئة ، فأقر به وعرفه ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد ابن البسري قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السّكّري ، قال : أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصّفّار ، قال : حدثنا الحسن بن علي بن عفّان العامري ، قال : حدثنا يحيى بن آدم بن سليمان القرشي ، قال : حدثنا سفيان بن سعيد ، عن عمرو بن يحيى الأنصاري ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة» (٣).

أخبرنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق فيما أجازه لنا أنّ مولد أبي المكارم ابن الطّاهري في سنة تسعين وأربع مئة.

__________________

(١) راجع ابن منظور : مختار ذيل بغداد ، الورقة ١٧ (نسخة المجمع العراقي المصورة).

(٢) ب : «والدي» ولا يصح ذلك.

(٣) حديث عمرو بن يحيى ، عن أبيه يحيى بن عمارة المازني ، عن أبي سعيد في الصحيحين : البخاري ٢ / ١٣٣ (١٤٠٥) و ٢ / ١٤٣ (١٤٤٧) و ٢ / ١٥٦ (١٤٨٤) ، ومسلم ٣ / ٦٦ (٩٧٩). وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على موطأ مالك (٦٥٢ برواية الليثي) ، وجامع الترمذي (٦٢٦). والوسق : ستون صاعا.

١٨١

قال القاضي أبو المحاسن القرشي في معجمه : وتوفي أبو المكارم ابن الطاهري في سنة ثمان أو تسع وستين وخمس مئة.

قلت : وهذا القول غير محقق ، والصواب ما أخبرنا محمد بن مشّق في كتابه ، قال : توفي أبو المكارم ابن الطّاهري في أول يوم من صفر سنة سبع وستين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب.

٢٧ ـ محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن الحسن ابن الطّيّان ، أبو منصور ، سبط أبي بكر ابن النّقّور البزّاز.

من ساكني دار الخلافة المعظّمة ، شيّد الله قواعدها بالعز. سمع الكثير من خاله أبي الفرج ابن النّقّور ، وبنفسه من أبي الحسن عليّ بن هبة الله بن عبد السلام ، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، وخلق كثير. ولم يحدّث إلا باليسير لأنه توفي شابا.

ذكر عبيد الله بن علي بن حمرة (١) أنه سمع منه عن أبي الحسن بن عبد السلام وأنه توفي يوم السبت ثاني عشر شوّال سنة تسع وستين وخمس مئة ، وصلّى عليه خاله أبو الفرج ابن النّقّور ، ودفن بمقبرة عبد الدائم من مقابر باب الأزج.

٢٨ ـ محمد (٢) بن أحمد بن عبد الجبار ، أبو المظفّر الفقيه الحنفيّ المعروف بالمشطّب.

من أهل سمنان (٣) ، ولد بها ، ونشأ ، ورحل إلى مرو ، وتفقّه على أبي

__________________

(١) قيده الذهبي في المشتبه (٢٤٧) وقد مر الكلام على ابن المارستاني في مقدمة هذا الكتاب.

(٢) ترجم له ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٢٧٩ وابن الأثير في الكامل ١١ / ١٨٣ والصفدي في الوافي ٢ / ١٠٦ والعيني في عقد الجمان (ج ١٧ الورقة ٦٠٩ ـ ٦١٠) واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٨ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٥٢٧.

(٣) قيدها ابن الأثير في اللباب بكسر السين المهملة وسكون الميم ، وجاء في نسخة «الأنساب» للسمعاني «بكسر السين المهملة وفتح الميم» وأظنه وهم من الناسخ ، فابن الأثير لم يشر إلى

١٨٢

الفضل الكرماني. وجال في بلاد المشرق ، ثم قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته ، ودرّس بها الفقه على مذهب أبي حنيفة بمدرسة بسوق العميد تعرف بمدرسة زيرك. وكان أحد شيوخ وقته في مذهبه يفتي ويدرّس إلى أن مات.

حدّث عن أبي المعالي جعفر بن حيدر العلوي ، وعن أبي عبد الله الحسين ابن محمد بن الفرّخان السّمناني (١) ، وعن غيرهما. سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي ببغداد.

أخبرنا عمر بن علي بن الخضر القرشيّ فيما أذن لنا أن نرويه عنه ، ومن خطه نقلت ، قال : قرأت على أبي المظفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار المشطّب ، قلت له : أخبركم أبو المعالي جعفر بن حيدر العلوي ، قال : أخبرنا أبو عثمان الصّابوني ، قال : أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد الرّازي ، قال : أخبرنا محمد بن أيوب الرّازي ، قال : أخبرني أبو الوليد الطيالسي ، قال : أخبرنا شعبة ، عن علقمة بن مرثد ، عن سعد بن عبيدة ، عن البراء بن عازب ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا سئل المسلم في القبر فشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا عبده ورسوله فذلك قول الله عزوجل : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ)(٢) [إبراهيم : ٢٧].

__________________

ذلك في اللباب. وضبطت في معجم البلدان بسكون الميم ولكن ضبط القلم. وسمنان : اسم لمواضع عدة منها : مدينة من مدن قومس ، وقرية من قرى نسا ، ومنها أيضا سمنان بالعراق ، وأظن أبا المظفر المشطب هذا من سمنان قومس لأنه حدث عن ابن الفرخان السمناني وهو من سمنان قومس.

(١) من سمنان قومس ، قال ياقوت : «ومن سمنان قومس أبو عبد الله الحسين ... ابن الفرخان الصّوفي السّمناني من أهل سمنان شيخ الصوفية. رحل إلى خراسان وأدرك الشيوخ وعمّر طويلا بسمنان حتى سمع منه أهل بلده» وتوفي بسمنان في صفر سنة ٥٣١ وقد ذكره السمعاني في التحبير (معجم البلدان ٣ / ٢٥٢).

(٢) حديث سعد بن عبيدة السلمي أبي حمزة الكوفي عن البراء بن عازب هذا في الصحيحين : البخاري ٢ / ١٢٢ (١٣٦٩) و ٢ / ١٢٢ (١٣٧١) و ٦ / ١٠٠ (٤٦٩٩) ، ومسلم ٨ / ١٦٢

١٨٣

قال القرشيّ : وسألته ـ يعني المشطّب ـ عن مولده ، فقال : في سنة أربع (١) وتسعين وأربع مئة بسمنان.

وتوفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة ، ودفن بمقبرة الوردية ، رحمه‌الله تعالى.

٢٩ ـ محمد (٢) بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن عبد الجبار بن الحسن ، أبو عبد الله بن أبي منصور يعرف بابن الدّيناري (٣).

من أهل درب القيار.

قرأت بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي الدّمشقي ، قال : ذكر لي أبو عبد الله ابن الدّيناري هذا أنّه من ولد ذي الرياستين الفضل بن سهل وزير المأمون.

سمع ابن الديناري أبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان ، وأبا الغنائم محمد بن علي النّرسي ، وأبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي (٤) ، وغيرهم.

__________________

(٢٨٧١). وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على الترمذي (٣١٢٠) أو ابن ماجة (٤٢٦٩).

(١) في تاريخ الإسلام والوافي للصفدي : «اثنتين».

(٢) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٨ ـ ٩ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٥٢٧ نقلا من ابن الدبيثي.

(٣) الديناري : هذه النسبة قد تكون إلى أحد أجداد المنتسب إليه «دينار» أو إلى قرية «دينار آباد» أو إلى «الدينار» الذي يتعامل به الناس ، أو إلى محلة «الدينارية» من محال باب الأزج (باب الشيخ) ببغداد وقد تسمى «درب دينار» وأظن أبا عبد الله ابن الديناري هذا منسوب إلى محلة الدينارية.

(٤) المزرفي : نسبة إلى «المزرفة» قرية فوق بغداد قائمة إلى اليوم ، ولم يكن أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي منها إنما انتقل إليها فأقام بها مدة فلما رجع قيل له «المزرفي» وقد تصحفت نسبته هذه في كثير من المصادر المترجمة له ، وتوفي سنة ٥٢٧ ه‍ (ابن الجوزي في المنتظم ١٠ / ٣٣ ـ ٣٢ وياقوت في معجم البلدان ٥ / ١٢١ ، والذهبي في العبر ٤ / ٧٢ ـ ٧٣

١٨٤

وحدّث ، وروى ؛ سمع منه الشريف أبو الحسن عليّ بن أحمد الزّيدي ، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي ، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي وغيرهم. حدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر ، وغيره.

قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر من أصل سماعه قلت له : أخبركم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله ابن الدّيناري بقراءة العليمي عليه وأنت تسمع ـ ومن خط العليمي نقلت وقرأت ـ فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النّرسي قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عليّ بن عبد الرحمن العلوي وأبو الحسن محمد بن الحسن بن زيد اليشكري ، قال : حدثنا أبو الطيّب محمد بن الحسين بن جعفر التّيمي ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن زيد البجلي ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا سليم بن عيسى المقرىء ، عن حمزة الزيّات ، عن ابن أبي ليلى ، عن عيسى ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن عليّ ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا عطس أحدكم فليحمد الله وليقل من عنده : يرحمك الله ، وليقل هو : يهديكم الله ويصلح بالكم» (١).

__________________

والمشتبه ٥٨٧ وابن رجب في الذيل ١ / ٢١٤ ـ ٢١٦ والعيني في عقد الجمان ج ١٧ ورقة ٥٤ وغيرها).

(١) إسناده ضعيف ، لضعف ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن ، وعيسى أخوه ، قال الترمذي : «وكان ابن أبي ليلى يضطرب في هذا الحديث يقول أحيانا : عن أبي أيوب عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقول أحيانا : عن علي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد ساقه الترمذي من الوجهين (٢٧٤١) و (٢٧٤١ م ١) و (٢٧٤١ م ٢). على أن متن الحديث صحيح من حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري ٨ / ٦١ (٦٢٢٤) وغيره.

أما حديث ابن أبي ليلى عن علي هذا فأخرجه ابن أبي شيبة ٨ / ٦٨٩ ، وأحمد ١ / ١٢٢ ، وابن ماجة (٣٧١٥) ، والترمذي كما قدمنا ، وعبد الله بن أحمد في زياداته على مسند أبيه ١ / ١٢٠ ، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٢١٢) ، وأبو يعلى في مسنده (٣٠٦) ،

١٨٥

ولد أبو عبد الله ابن الدّيناري يوم الاثنين سابع عشر صفر سنة سبع وتسعين وأربع مئة. واختلف في وقت موته ؛ فقال لي عبد الله بن أحمد الخبّاز : توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة بالمارستان العضدي ، ودفن بمقبرته. وقال القاضي عمر القرشي : توفي ابن الديناري أواخر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة أو أوائل سنة أربع وسبعين ـ هكذا نقلت من معجمه. وقال أبو بكر عبيد الله بن أبي الفرج المارستاني : توفي ابن الدّيناري سلخ شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة ، والله أعلم بالصواب.

٣٠ ـ محمد (١) بن أحمد بن الفرج الدّقّاق ، أبو منصور الوكيل بباب القضاة (٢).

من أهل باب الأزج ، وقد تقدم ذكر أخيه أبي المعالي (٣).

سمع بإفادة خاله محمد بن ناصر من جماعة منهم : أبو الحسن أحمد (٤) بن محمد ابن المحاملي (٥) ، وأبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر البزّاز ، وأبو المعالي أحمد بن محمد ابن البخاري ، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن السّمرقندي ، وأبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف ، وأبو العز محمد بن الحسين القلانسي المقرىء الواسطي وغيرهم ، وحدّث عنهم.

__________________

والطبراني فيي الدعاء (١٩٧٧) ، والحاكم ٤ / ٢٦٦ ، وأبو نعيم في الحلية ٨ / ٣٩٠.

وأخرجه ابن أبي شيبة ٨ / ٦٩٠ ، والطبراني في الدعاء (١٩٧٦) ، وفي المعجم الأوسط له (٥٥١٦) من طريق الحارث بن عبد الله الأعور عن علي ، وإسناده ضعيف لضعف الحارث الأعور.

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٩ ـ ١٠ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٥٥٩ نقلا من هذا الكتاب.

(٢) الوكيل بباب القضاة : هو المحامي في عصرنا أو ما يشبهه.

(٣) الترجمة ٢٣ من هذا الكتاب.

(٤) توفي سنة ٥١٤ (راجع : ابن الجوزي : المنتظم ٩ / ٢٢٠ والعيني ج ١٧ ورقة ٧٨٦).

(٥) المحاملي : هذه النسبة إلى المحامل التي يحمل فيها الناس بالسفر.

١٨٦

وكان ثقة صحيح السّماع. سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشّعّار ، وأبو أحمد العباس بن عبد الوهّاب البصري ، وأبو الحسن الزّيدي ، والقاضي عمر القرشي. وروى لنا عنه الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي ، والشيخ عبد العزيز بن محمود بن الأخضر ، وغيرهما. وأجاز لنا أبو منصور هذا أيضا.

قرىء على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى بن عثمان الهمذاني وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو منصور محمد بن أحمد بن الفرج الدّقاق ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن السّمرقندي ، قال : أخبرنا أحمد بن علي يعني ابن ثابت الخطيب (١) ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن منصور الفقيه ، قال : حدثنا ابن أبي السّري ، قال : حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمّي ، قال : حدثنا أيوب ، عن ابن سيرين والحسن ، عن أبي هريرة أنّ النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سجد بعد السلام والكلام (٢).

أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشيّ قال : سألت أبا منصور بن الفرج الدّقاق عن مولده فقال : في سابع عشر رمضان سنة أربع وخمس مئة. وقال غيره : وتوفي يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة خمس وسبعين

__________________

(١) تاريخ مدينة السلام ٣ / ٤٤١.

(٢) حديث صحيح ، وهو قطعة من حديث السهو الطويل المشهور من رواية أبي هريرة رضي‌الله‌عنه.

أخرجه مالك في الموطأ (٢٤٧ برواية الليثي) ، والحميدي (٩٨٣) ، وأحمد ٢ / ٣٧ و ٢٣٤ و ٢٤٧ و ٢٤٨ ، والدارمي (١٥٠٤) ، والبخاري ١ / ١٢٩ و ١٨٣ و ٢ / ٨٦ و ٨ / ٢٠ و ٩ / ١٠٨ ، ومسلم ٢ / ٨٦ ، وأبو داود (١٠٠٨) و (١٠٠٩) و (١٠١٠) و (١٠١١) ، والترمذي (٣٩٤) ، وابن ماجة (١٢١٤). وينظر تمام تخريجه وبيان طرقه المفصلة في تعليقنا على الخطيب.

١٨٧

وخمس مئة ، ودفن بباب حرب.

٣١ ـ محمد (١) بن أحمد بن عبيد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر الآمديّ الأصل الواسطيّ المولد والدار ، أبو المفضّل بن أبي محمد يعرف بسبط ابن الأغلاقي.

شيخ من أهل القرآن والتّصوف والحديث. سمع بواسط من أبي الحسين أحمد بن محمد بن حمدون المقرىء ، ومن أبي السعادات المبارك بن إبراهيم الخطيب الشّرقي ، ومن القاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي ، وغيرهم.

وقدم بغداد مع أبيه في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ، ونزل برباط شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أحمد النّيسابوري ، وسمع بها من أبيه ما قرىء عليه.

سمعنا منه بواسط كثيرا وكتبنا عنه ، وكان صحيح السّماع له سمت الشيوخ.

أخبرنا أبو المفضّل محمد بن أحمد بن عبيد الله ابن الآمدي فيما أذن لنا أن نرويه عنه ، وقد سمعنا منه ، قال : قرىء على والدي أبي محمد أحمد بن عبيد الله بن الحسين في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة برباط شيخ الشيوخ وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم أبو الحسن عليّ بن محمد بن عليّ كاتب الوقف بواسط قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمد بن

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ١٠ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٦١٨ نقلا من هذا الكتاب. وذكر أبو سعد ابن السمعاني بعض أفراد عائلة الأغلاقي ، قال في الكلام على «الأغلاقي» من الأنساب : «الأغلاقي : بفتح الألف وسكون الغين المعجمة وبعدها اللام ألف وفي آخرها القاف ، هذه النسبة إلى الغلق وعمله. ولعل بعض أجداد المنتسب يعمله ، وهو أبو الحسن أحمد بن عبيد الله بن الحسين ابن الآمدي المعروف بابن الأغلاقي من أهل واسط ، والده آمدي سكن واسط فولد الأولاد له بها ... أخوه أبو الرّضا المبارك بن الحسين بن عبد الله ابن الأغلاقي ...».

١٨٨

عليّ الرّوّاسي (١) إملاء بجامع واسط قال : حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن تميم الفامي ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم الإمام ، قال : حدثنا علي بن حرب ، قال : حدثنا زيد بن الحباب ، قال : حدثنا علي بن مسعدة الباهلي ، قال : حدثنا قتادة أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الإسلام علانية ، والإيمان في القلب ، والتقوى هاهنا. يقولها ثلاثا ، ويشير بيده إلى صدره» (٢).

سألت أبا المفضّل هذا عن مولده ، فقال : ولدت في جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمس مئة. وتوفي بواسط يوم الجمعة قبل الصلاة الثالث عشر من ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة ، وحضرت الصّلاة عليه عصر اليوم المذكور بجامع واسط ، ودفن عند أبيه برباط لهم بواسط ، رحمه‌الله تعالى.

٣٢ ـ محمد (٣) بن أحمد بن علي بن أبي الضّوء الهاشميّ ، أبو الحارث الضرير (٤).

من أهل واسط.

شريف صالح صحب الصّوفية ، يرجع إلى نسك وعبادة.

قدم بغداد ، وأقام بها مدة. وسمع بها بإفادة يوسف بن مقلّد الدمشقي من أبي محمد المبارك بن المبارك بن نصر السّرّاج ، وأبي القاسم نصر بن نصر ابن

__________________

(١) الرّواسي : بفتح الراء وتشديد الواو ، هذه النسبة إلى الرأس ، قال أبو سعد السمعاني : «والصحيح بالهمزة عوض الواو ؛ وإنما أصحاب الحديث يقولونه بالواو فاتبعناهم».

(٢) إسناده ضعيف ، علي بن مسعدة الباهلي ضعيف يعتبر به عند المتابعة حسب ، ولم يتابع في هذا الحديث.

أخرجه ابن أبي شيبة في الإيمان (٦) ، وأحمد ٣ / ١٣٥ ، وأبو يعلى (٢٩٢٣) ، والعقيلي ٣ / ٢٥٠ ، وابن عدي ٥ / ١٨٥٠ وغيرهم.

(٣) ترجمه المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١١٦ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ١٠ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٨٢٠ نقلا من هذا الكتاب.

(٤) لم يذكره الصفدي في نكت الهميان فيستدرك عليه.

١٨٩

العكبري الواعظ ، وأبي بكر أحمد بن المقرّب الكرخي ، وأبي المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسري ، وغيرهم.

سمعت منه بواسط ، وكتبت عنه ، ونعم الشيخ كان.

قرأت على أبي الحارث محمد بن أحمد بن أبي الضّوء الهاشمي من أصل سماعه ، قلت له : أخبركم أبو محمد المبارك بن المبارك السّراج وأبو بكر أحمد ابن المقرّب بن الحسين الكرخي قراءة عليهما وأنت تسمع ببغداد ، وأقرا بذلك ، قالا : أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزّينبيّ قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران ، قال : أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي (١) ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال : حدثنا الهيثم بن خارجة ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، عن أبي بكر ابن أبي مريم ، قال : حدثني ضمرة بن حبيب ، عن أبي يعلى شدّاد بن أوس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الكيّس من دان نفسه (٢) وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله» (٣).

توفّي الشريف أبو الحارث بن أبي الضّوء بواسط في جمادي الآخرة سنة

__________________

(١) البردعي : نسبة إلى «بردعة» بلدة من أقصى بلاد أذربيجان كما في أنساب السمعاني.

(٢) قال الترمذي : «ومعنى قوله : من دان نفسه ، يقول : حاسب نفسه في الدنيا قبل أن يحاسب يوم القيامة» (الجامع ٤ / ٢٤٧ عقيب حديث ٢٤٥٩).

(٣) إسناده ضعيف ، لضعف بقية بن الوليد وشيخه أبي بكر بن أبي مريم الذي مدار الحديث عليه.

أخرجه ابن المبارك في الزهد (١٧١) ، والطيالسي (١١١٢) ، وأحمد في المسند ٤ / ١٢٤ ، وفي الزهد له (٢٠٥) و (٢٣٤٧) ، والترمذي (٢٤٥٩) ، وابن ماجة (٤٢٦٠) ، والطبراني في الكبير (٧١٤٣) ، وفي مسند الشاميين (١٤٨٥) ، وابن عدي في الكامل ٢ / ٤٧٢ ، والحاكم ١ / ٥٧ و ٤ / ٢٥١ ، وأبو نعيم في الحلية ١ / ٢٦٧ و ٨ / ١٧٤ ، والقضاعي في مسند الشهاب (١٨٥) والبيهقي في السنن ٣ / ٣٦٩ ، وفي الشعب (١٠٥٤٦) ، والخطيب في تاريخه ١٣ / ٥٠٩ (بتحقيقنا) ، والبغوي (٤١١٦) و (٤١١٧).

١٩٠

ست وثمانين وخمس مئة ، بات صحيحا فأصبح ميتا ، رحمه‌الله.

٣٣ ـ محمد (١) بن أحمد بن محمد ابن المهدي ، أبو جعفر الهاشميّ الضرير (٢).

من ساكني الحريم الطّاهري.

سمع أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملّة (٣) الأصبهانيّ ببغداد لمّا قدمها ، وأملى بها ، وحدّث عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي ، وأخرج عنه حديثا في معجم شيوخه.

أخبرنا عمر بن علي بن الخضر إذنا ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المهدي ، قال : حدثنا أبو عثمان إسماعيل بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الضّبّي ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا إدريس بن جعفر العطار ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، قال : حدثنا عبد الله بن عمرو ، قال : دخل عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بيتي فقال : يا عبد الله بن عمرو ألم أخبر أنّك تكلف قيام الليل وصيام النّهار؟ قلت : إني أفعل. فقال : إنّ من حسبك أن تصوم من كلّ شهر ثلاثة أيام ، الحسنة بعشر أمثالها فكأنّك قد صمت الدّهر كلّه» (٤).

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ١١.

(٢) لم يذكره الصفدي في نكت الهميان مع أنه من شرط كتابه فيستدرك عليه.

(٣) ملّة : (على وزن مكة) وتوفي ابن ملة سنة ٥٠٩ (الحاجي : الوفيات ، الترجمة ١٦ وابن الجوزي : المنتظم ٩ / ١٨٣ وابن الأثير : الكامل ١٢ / ١٧٩ والعيني ج ١٥ الورقة ٧٠٥ وابن حجر : لسان ١ / ٤٣٢ وتصحف «مله» إلى «مسلمة» في العبر للذهبي ٤ / ١٨ وعقد الجمان للعيني والشذرات.

(٤) حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو في الصحيحين : البخاري ٣ / ٥١ (١٩٧٤) و (١٩٧٥) و ٧ / ٤٠ (٥١٩٩) و ٨ / ٣٨ (٦١٣٤) ، ومسلم ٣ / ١٦٢ (١١٥٩).

١٩١

قال القرشيّ : سألت أبا جعفر ابن المهدي عن مولده فقال ما دلّ أنّه في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة ، رحمه‌الله.

٣٤ ـ محمد (١) بن أحمد بن أبي عليّ الأصبهانيّ المولد البغداديّ الدّار ، أبو بكر يعرف بالسّيّدي.

منسوب إلى خدمة الأمير السّيّد أبي الحسن العلوي الحنفي (٢). وأبو بكر هذا شيخ صالح ، سمع الكثير بنفسه على كبر سنّه. وهو والد أبي علي عبد الكريم بن محمد السّيّدي وبإفادته سمع ابنه عبد الكريم ووالده محمد بن عبد الكريم.

سمع أبو بكر من أبي بكر أحمد بن المقرّب الكرخي ، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطّي ، وأبي بكر عبد الله بن النّقّور ، وأبي زرعة طاهر ابن محمد المقدسي ، وأبي أحمد معمر بن الفاخر القرشي الأصبهاني ، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار ، وخلق كثير.

سمع منه رفقاؤه ، وسمع معنا الكثير. وكان ثقة ، حدّث بقليل. روى عنه رفيقنا أبو الفضل إلياس بن جامع الإربلي في مصنّفاته.

ولد في سنة عشر وخمس مئة. وتوفي أبو بكر السّيّدي في النّصف من شعبان سنة ثمانين وخمس مئة ، ودفن بتربة له قريبة من قبر معروف الكرخي ، رحمهما‌الله تعالى.

٣٥ ـ محمد (٣) بن أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان ، أبو

__________________

(١) ذكره الزكي المنذري في ترجمة ولده أبي علي عبد الكريم المتوفى في ليلة السابع عشر من شهر رمضان سنة ٦١٨ وتكلم هناك على «السيّدي» ٢ / الترجمة ١٨٣٧ ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ١١ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٦٤٢ نقلا من هذا الكتاب.

(٢) هو علي بن المرتضى بن علي العلوي الأصبهاني ، سيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب.

(٣) ترجمه الصفدي في الوافي ٢ / ١٠١ ونقل عن ابن النجار ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ١٢ ـ ١٣ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٦٤٢ ـ ٦٤٣ نقلا من هذا الكتاب.

١٩٢

الفرج بن أبي المظفّر بن أبي عليّ.

من أهل الكرخ ؛ من بيت الرّواية والحديث ، حدّث هو ، وأبوه ، وجده. وأبو الفرج كان شاعرا يقول الشّعر ويمدح به.

سمع جده أبا عليّ ، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن بيان وغيرهما ، وحدّث عنهم. سمع منه الشريف أبو الحسن الزّيدي ، والقاضي أبو المحاسن القرشي ، وأبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي. وأدركته ولم يتفق لي منه سماع ، وأظنه أجاز لي.

قرأت على الحسين بن محمد بن عبد القاهر : أخبركم أبو الفرج محمد بن أحمد بن نبهان قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وأخبرناه أبو الفضل وفاء بن أسعد بن النّفيس قراءة عليه وأنا أسمع قيل له : أخبركم أبو القاسم بن بيان قراءة عليه ، قال : أخبرنا أبو القاسم طلحة بن الصّقر ابن عبد المجيب الكتّاني (١) قال : قرىء على أبي الحسن أحمد بن عثمان الأدمي وأنا أسمع ، قال : حدثنا محمد بن ماهان السّمسار ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا شعبة ، عن النّعمان بن سالم ، قال : سمعت عمرو بن أوس يحدّث عن عنبسة بن أبي سفيان ، عن أمّ حبيبة ، قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلّى اثنتي عشرة ركعة تطوّعا كلّ يوم غير الفريضة بنى الله له بيتا في الجنة» (٢).

__________________

(١) ذكره الذهبي في «الكتاني» من المشتبه (٥٤٤) فقال : «وطلحة بن الصقر الكتاني ، عن النّجاد» وذلك لاشتباهه بالكناني ـ بالنون ـ وقال ابن ناصر الدين في توضيحه : «قلت : نسبه المصنف إلى جده لكن لشهرته بجده فهو أبو القاسم طلحة بن علي بن الصقر بن عبد المجيب الكتاني توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة» (٧ / ٢٩٢).

(٢) حديث عمرو بن أوس عن عنبسة عن أخته أم حبيبة حديث صحيح أخرجه أحمد ٦ / ٣٢٧ ، والدارمي (١٤٤٥) ، ومسلم ٢ / ١٦١ (٧٢٨) ، وأبو داود (١٢٥٠) ، والنسائي ٣ / ٢٦٢ وغيرهم.

١٩٣

أنشدني أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمد المقرىء ، قال : أنشدنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن نبهان لنفسه وقد ترك قول الشعر (١) :

تركت القريض لمن قاله

وجود فلان وأفضاله

وتبت من الشّعر لما رأيت

كساد القريض وإهماله

وعدت إلى منزلي واثقا

بربّ يرى الخلق سوّاله

فنجل ابن نبهان يرجو الأله

يمحّص عنه الذي قاله

من الكذب في نظمه للقريض

فربّي كريم لمن ساله

أخبرنا القاضي عمر بن علي في كتابه قال : سألت أبا الفرج بن نبهان عن مولده فقال : في سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وثمانين وأربع مئة. وقد كنت سألته قبل ذلك فقال : سنة أربع وثمانين وأربع مئة. قلت : وتوفي في شعبان سنة ثمانين وخمس مئة وقيل : توفي يوم الاثنين رابع شهر رمضان من السنة المذكورة ، وهو الأصح.

آخر الجزء الأول

__________________

(١) أورد الصفدي هذه الأبيات في الوافي ٢ / ١٠١ وقال : «شعر متوسط».

١٩٤

٣٦ ـ محمد (١) بن أحمد بن داود المؤدّب أبو الرّضا المعروف بالمفيد الحاسب.

كان يسكن بالقريّة من دار الخلافة المعظّمة ـ شيّد الله قواعدها بالعزّ ـ وله هناك مكتب يعلّم فيه الصّبيان الخطّ والحساب ، وكانت له معرفة جيدة بالحساب وأنواعه ، وله فيه تصنيف وتعاليق. تخرّج به جماعة وتعلّموا منه.

سمع شيئا من الحديث من أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مسلم الزّبيدي الواعظ ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطّي ، وغيرهما. وروى شيئا يسيرا ، وكان بتعليم الحساب والخط أشهر.

توفي في العشر الأول من محرم سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، ودفن بمقبرة عبد الدائم بباب الأزج ثم نقل بعد مدة إلى مقبرة باب حرب.

٣٧ ـ محمد (٢) بن أحمد بن أبي المظفّر منصور بن عبد الجبار ابن السّمعاني ، أبو المعالي الواعظ.

من أهل مرو ، ابن عمّ تاج الإسلام أبي سعد ابن السّمعاني المحدّث.

قدم أبو المعالي إلى بغداد وأقام مدة ، وتكلّم بها واعظا ، وجلس بالمدرسة النّظامية ، وبها كانت وفاته ـ أعني بغداد ـ في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ، ودفن بتربة بنيت له قريبة من قبر معروف الكرخي بالجانب الغربي ، رحمه‌الله.

٣٨ ـ محمد (٣) بن أحمد بن عبد الله المقرىء ، أبو عبد الله الجمديّ.

__________________

(١) ترجمه المنذري في التكملة (الورقة ١١ من نسختي المصورة عن النسخة المحفوظة بالخزانة الملكية بفاس) ، وابن الفوطي في حرف الميم من «تلخيص مجمع الآداب» (ج ٥ الترجمة ١٥٨٦) ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٢ / ٧٥٣ نقلا من هذا الكتاب ، والصفدي في الوافي ٢ / ١١٤.

(٢) ترجم له المنذري في التكملة ١ / الترجمة ٧ نقلا من هذا الكتاب من غير إشارة له.

(٣) ترجم له ياقوت في «الجمد» من معجم البلدان ٢ / ١١٦ ـ ١١٧ والمنذري في التكملة ١ / الترجمة ٨١ ونقل من هذا الكتاب. وترجمه الذهبي في تاريخه مرتين : الأولى في

١٩٥

منسوب إلى قرية تعرف بالجمد من قرى دجيل قريبة من أوانا.

شيخ صالح حافظ لكتاب الله تعالى ، قد قرأ على الشيوخ. وسمع الحديث من أبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخي ، ومن أبي حفص عمر بن عبيد الحربي ، ومن أبي علي أحمد بن أحمد بن الخرّاز (١) ، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السّجزي ، ومن أبي الحسن علي بن محمد بن أبي عمر البزّاز ، ومن أبي المعالي محمد بن محمد ابن اللّحاس العطار.

وروى القليل ؛ سمع منه أبو العباس أحمد بن سلمان بن أبي شريك الحربي وغيره ، وانقطع بجامع المهدي قبل موته بمدة مجاورا به متعبدا.

توفي يوم الأربعاء مستهل شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمس مئة ، ودفن بباب حرب ، رحمه‌الله تعالى.

٣٩ ـ محمد (٢) بن أحمد بن محمد بن قنبر (٣) ، أبو الفتح البزّاز.

__________________

وفيات سنة (٥٨٥) ١٢ / ٨٠٧ ، والثانية في وفيات سنة (٥٨٧) ١٢ / ٨٣٩ لاختلاف المصادر التي ينقل منها.

(١) قيّده المنذري بالحروف فقال : «والخرّاز : بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء المهملة وفتحها وبعد الألف زاي» (التكملة ١ / الترجمة ٨١) والخراز : نسبة إلى خرز الجلود ، وتوفي أبو علي هذا سنة ٥٥٢ (الذهبي : المشتبه ١٦١ ، والعبر ٤ / ١٤٧ ، وابن العماد : شذرات ٤ / ١٦١).

(٢) ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال ٤ / ٦٥٢ ، والزكي المنذري في التكملة ١ / الترجمة ١٢٢ وقال عنه : «المعروف بابن المجلي» ، والذهبي في المشتبه (٥٣٥) قال : مات سنة ٥٦٠ (كذا) ببغداد. ولم يذكره في باب «المجلي» مع أنه من شرطه. واستدرك تاريخ وفاته ابن ناصر الدين في توضيحه فقال : «قلت : هكذا ذكر المصنف وفاته فيما وجدته بخطه مرموزا بالقلم الهندي ، وهو خطأ فالصحيح أنه توفي في حادي عشر شوال سنة ست وثمانين وخمس مئة كذلك ذكره ابن مشّق وحكاه ابن نقطة» (٧ / ٢٥٠).

(٣) قيده المنذري بالحروف فقال : بضم القاف وسكون النون وضم الباء الموحدة وآخره راء مهملة التكملة ١ / ٢٦٠ (وراجع أيضا : الذهبي : المشتبه (٥٣٥) وابن ناصر الدين ٧ / ٢٥٠).

١٩٦

من أهل محلة العتّابيين ، أحد المحال بالجانب الغربي من بغداد ، سكن باب البصرة قبل موته ، وحدّث عن أبي العباس أحمد بن علي بن قريش.

سمع منه محمد بن المبارك بن مشّق البيّع ، وأخرج عنه حديثا في معجمه ، وقال : توفي يوم الاثنين حادي عشر شوّال سنة ست وثمانين وخمس مئة ، ودفن بكرة الثلاثاء ثاني عشره بباب حرب ، رحمه‌الله تعالى.

٤٠ ـ محمد (١) بن أحمد بن أحمد ابن اليعسوب ، أبو الغنائم.

من أهل شارع دار الرّقيق (٢).

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ١٣.

(٢) قطيعة الرّقيق ، هكذا وجدتها مجودة في نسخ تاريخ الخطيب التي اعتمدتها في تحقيقه ، وكذلك هي مجودة في نسخ تاريخ ابن الدبيثي هذا ، ومنها النسخة المنذرية المتقنة المقابلة. وكذلك جاءت في معجم البلدان لياقوت الحموي (٤ / ٣٧٧ من طبعة دار صادر المطبوعة على طبعة لا يبزك) ، وهي بالراء أيضا بخط الذهبي في تاريخ الإسلام ٨ / ٢٨٢. وجاءت في الطبعة القديمة من تاريخ الخطيب «الدقيق» وهي محرفة بلا شك ، وقد أصلحناها استنادا إلى ما وقع إلينا من نسخ موثقة. أما قول صديقنا العلامة الأستاذ إبراهيم شبوح في تعليقه على الوافي ٢٨ / ٢٢٣ من أنها وردت «الدقيق» وأنني خطّأتها وأصلحتها بالرقيق ، فهو كلام فيه نظر ، فإنما أصلحت المطبوعة المحرفة استنادا إلى النسخ وغيرها بدلالة تعليقي عليه. أما ما ورد في الأصلين المعتمدين من الوافي فهو محرف أيضا ، لما بينت من كونها بالراء في النسخ المعتمدة من تاريخ الخطيب وتاريخ ابن الدبيثي هذا ومعجم البلدان ، وخط الذهبي. أما استدلاله بما ورد في تاريخ الخطيب ١٢ / ٣٣٠ من أن عبد السلام بن أحمد بن جعفر كان يبيع الدقيق في قطيعة أم جعفر وأنه كان يسكن هناك فلا يقوم دليلا على صحة التسمية ، مع ذكر الخطيب أن قطيعة أم جعفر هي قطيعة الرقيق ١ / ٤٣١.

والحق أن قطيعة أم جعفر ليست هي قطيعة الرقيق وإن نص الخطيب على ذلك ولكنها كانت جزءا منها أو بقربها ، قال ياقوت في قطيعة أم جعفر التي أفردها عن قطيعة الرقيق في معجمه : «قطيعة أم جعفر ... وكانت محلة ببغداد عند باب التبن ، وهو الموضع الذي فيه مشهد موسى بن جعفر رضي‌الله‌عنه (الكاظمية اليوم) قرب الحريم بين دار الرقيق وباب خراسان وفيها الزّبيدية ، وكان يسكنها خدام أم جعفر وحشمها. وقال الخطيب : قطيعة أم جعفر بنهر القلائين. ولعلها اثنتان» ٤ / ٣٧٦.

١٩٧

سمع أبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري المقرىء ، وروى عنه. سمع منه أبو بكر بن مشّق ، وذكره في معجم شيوخه.

أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر البيّع إذنا ، قال : قرأت على أبي الغنائم محمد ابن أحمد ابن اليعسوب : أخبركم أبو القاسم الحريري ، قال ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي. وقرأته على القاضي أبي محمد عبيد الله بن محمد بن عبد الجليل السّاوي : أخبركم أبو القاسم الحريري قراءة عليه ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، قال : حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية ، قال : حدثنا عليّ بن موسى الأنباريّ ، قال : حدثنا عمر بن شبّة ، قال : حدثنا مخشي بن معاوية الباهلي ، قال : حدثنا هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا وضع العشاء وأقيمت الصّلاة فابدؤا بالعشاء» (١).

٤١ ـ محمد (٢) بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم العطّار ، أبو طاهر سبط أبي عبد الله المقدسي.

من محلة باب الطاق ومشهد أبي حنيفة رضي‌الله‌عنه. وأبو طاهر هذا أخو شيخينا أبي المعالي مسعود (٣) وأبي الحسن عليّ (٤) ويعرفون ببني الدّيناري.

__________________

(١) حديث صحيح ، مخشي بن معاوية الباهلي ترجمه البخاري في تاريخه الكبير ٨ / ٧١ وابن حبان في الثقات ٧ / ٥١٦ ، ولا نعرف فيه جرحا ولا تعديلا ، ولا يضر مثل هذا فقد رواه عدد كبير من الثقات عن هشام ، به ، منهم حفص بن غياث ، وسفيان الثوري ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن نمير ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد.

وحديث هشام هذا في الصحيحين : البخاري ٧ / ١٠٧ (٥٤٦٥) ، ومسلم ٢ / ٧٨ (٥٥٨). وتنظر تحفة الأشراف (١٦٩٤٠) و (١٧٠٠٦) و (١٧٢٦٤) و (١٧٣١٨) ، والمسند الجامع ١٩ / ٣٦٤.

(٢) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ١٣.

(٣) توفي سنة ٥٩٤ (تاريخ الإسلام ١٢ / ١٠٢٣).

(٤) سيأتي ذكره في هذا الكتاب ، وتوفي سنة ٥٩٢ (وينظر تاريخ الإسلام ١٢ / ٩٨١).

١٩٨

سمع أبو طاهر أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي المعروف بقاضي المارستان. وكان له معرفة بالفقه على مذهب أبي حنيفة.

سمع القاضي منه ، عمر القرشي ، وأخرج عنه حديثا ؛ أنبأنا أبو المحاسن عمر بن عليّ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد العطار بقراءتي عليه ، قال : أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال (١) : حدثني أبي ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن ابن الهاد (٢) ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن عامر بن سعد ، عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم نبيا» (٣).

توفي سنة ست وسبعين وخمس مئة تقريبا مسافرا.

٤٢ ـ محمد بن أحمد بن محمد ابن العمريّ ، أبو الكرم الوقاياتيّ (٤).

__________________

(١) مسند الأمام أحمد ١ / ٢٠٨.

(٢) ابن الهاد : هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي ، أبو عبد الله المدني المتوفى سنة ١٣٩ ، من رجال التهذيب.

(٣) حديث صحيح ، أخرجه من حديث قتيبة به : الترمذي (٢٦٢٣) ، وابن حبان (١٦٩٤) ، وابن مندة في الإيمان (١١٥) ، والبيهقي في شعب الإيمان (١٩٨) ، وقال الترمذي : حسن صحيح.

وأخرجه أحمد ١ / ٢٠٨ أيضا ، ومسلم ١ / ٤٦ (٣٤) ، وأبو يعلى (٦٦٩٢) ، وابن مندة في الإيمان (١١٤) ، وأبو نعيم في الحلية ٩ / ١٥٦ ، والبيهقي في شعب الإيمان (١٩٩) ، والبغوي (٢٤) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن ابن الهاد. به.

(٤) الوقاياتي : بكسر الواو وفتح القاف ، نسبة إلى «الوقاية» وهي المقنعة نوع من الحلوى.

١٩٩

من أهل باب البصرة ، منسوب إلى العمريّة (١) وهي محلة بباب البصرة.

وأبو الكرم هذا أخو شيخنا أبي الحسن عبد الرحمن بن أحمد ابن العمري الشاهد القاضي من أهل باب البصرة ، ووالد أبي الحارث عليّ بن محمد ابن العمري.

سمع أبو الكرم أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ، وغيره ، وروى عنهم.

ذكر أبو بكر محمد بن المبارك بن مشّق أنه سمع منه ، وأخرج عنه حديثا.

٤٣ ـ محمد (٢) بن أحمد بن حمزة بن جيّا (٣) ، مقصور ـ وقيل : جيّاء ،

__________________

(١) ذكر ياقوت العمرية هذه وقال : «من محال باب البصرة منسوبة إلى رجل اسمه عمر لا أعرفه ينسب إليها محمد ، أبو الكرم ، وأبو الحسن عبد الرحمن ابنا أحمد بن محمد العمري. كان أبو الحسن قاضيا شاهدا روى الحديث. وسمع أبو الكرم أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وغيره وابنه أبو الحارث علي بن محمد العمري سمع الحديث أيضا ورواه» (معجم البلدان ٤ / ١٥٥). وذكر الذهبي العمرية ومن نسب إليها فقال : «ونسبة إلى قرية العمرية : القاضي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد العمري ، عن ابن الحصين» (المشتبه ٤٧٢) ولم يذكر أبا الكرم هذا. وذكره ابن ناصر الدين في توضيحه لمشتبه الذهبي وشك في نسبتهم فقال : «قلت : وأخوه محمد بن أحمد ابن العمري عن ابن الحصين. قلت أيضا : وعنه محمد ابن مشّق. وذكر أبو عبد الله محمد ابن الدّبيثي وغيره عبد الرحمن ابن العمري المذكور وأنه منسوب إلى العمرية محلة بباب البصرة غربي بغداد. وقال أبو المعالي محمد بن أحمد بن شافع : ما أعرف أنه منسوب إلى العمرية ، وهذا نسب قديم لهم يعرفون ببيت العمري» (توضيح المشتبه ٦ / ٣٥٤).

(٢) ترجمه العماد في الخريدة ج ٤ ق ١ ص ١٩٥ ـ ٢٠٢ ، وياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٣٨٧ ـ ٢٣٩١ ، وابن القفطي في «المحمدون من الشعراء» ١ / ٤٠ ـ ٤٣ نقلا من هذا الكتاب ، واختاره الذهبي في مختصره ١ / ١٣ ـ ١٤ ، وترجمه في تاريخه ١٢ / ٦٣٠ نقلا من هذا الكتاب ، والصفدي في الوافي ٢ / ١١٢ والسيوطي في بغية الوعاة ١ / ٢٣ وتصحف فيه «الحلي» إلى «الحلبي» وذكر ياقوت والذهبي وفاته سنة ٥٧٩ ه‍ ، وفي هامش النسخة «ش» مات في محرم سنة ٥٧٩.

(٣) قيده الذهبي بخطه بفتح الجيم ، وقال الصفدي : «بكسر الجيم» (الوافي ٢ / ١١٢)

٢٠٠