ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي

ذيل تأريخ مدينة السلام - ج ١

المؤلف:

أبي عبد الله محمّد بن سعيد بن الدبيثي


المحقق: الدكتور بشار عوّاد معروف
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٨٢

١٤١

١٤٢

١٤٣

١٤٤

١٤٥

١٤٦

١٤٧

١٤٨

١٤٩

١٥٠

بسم الله الرّحمن الرّحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله (١)

الحمد لله الأوّل بلا ابتداء ، والآخر بلا انتهاء ، الدائم بلا انقضاء ، المحيط علمه بجميع الأشياء. أحمده على ما أولانا من النّعماء ، وأشكره على ما خصّنا به من جزيل العطاء ، حمدا كثيرا يستوجب ثواب أهل الثّناء ، ويستمدّ المزيد من فضله بلا انقطاع ولا وناء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ إله جلّ في الصّفات والأسماء ، وتقدّس عن سمات الحدوث وحلول الفناء. وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، المبعوث بأصدق الأنباء ، المنعوت بأشرف الأخلاق وأكرم الآراء ، صلى الله عليه وعلى آله البررة الأتقياء وعلى صحبه والتّابعين لهم صلاة دائمة دوام الأرض والسّماء وسلّم وشرّف وعظّم.

وبعد ، فهذا كتاب نذكر فيه من كان بمدينة السّلام من الأئمة المهديين الخلفاء ، وولاة عهودهم ، والوزراء ، وأرباب الولايات ، والنّقباء ، والقضاة ، والعدول ، والخطباء ، والفقهاء ، ورواة الحديث ، والقرّاء ، وأهل الفضل والأدب والشّعراء ، ومن قدمها من أهل العلم والرّواية وحدّث بها ، أو سمع بها وروى بغيرها من الغرباء ؛ جعلناه تاليا لكتاب «التاريخ» الذي ألّفه تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السّمعانيّ المروزيّ ومذيّلا عليه ، وقفونا أثره فيما رسمه ورتّبه. وبدأنا من حيث انتهى إليه ووقف عنده إلى زماننا الذي نحن فيه وعصرنا الذي شاهدنا أهله. وأوردنا عن كلّ واحد ممن ذكرناه حديثا أو حكاية أو إنشادا مما وقع إلينا عنه ، سالكين في ذلك سبيل الاختصار ، دون الإطالة والإكثار. واستدركنا عليه ذكر جماعة فاته ذكرهم ولم يضمّنهم كتابه وكانوا من شرطه ؛ إما

__________________

(١) بعد هذا في «ش» : «قال الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن سعيد بن يحيى ابن الدبيثي الواسطي رضي‌الله‌عنه». ولا شك أن هذا من كلام الناسخ.

١٥١

لسهو منه أو لشبهة وقف معها. ولم نذكر ممن ذكر إلا من تأخرت وفاته بعده ، فإنه توفي في ليلة غرّة شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمس مئة ، اتّباعا له فيما أورد من ذكر جماعة اشتمل عليهم كتاب «التّاريخ» للشيخ الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الذي ذيّل هو عليه ، فذكرنا نحن وفياتهم لتتم بذلك تراجمهم ويكمل ذكرهم ، وآخرين وقع الوهم منه في ذكرهم بوجه من الوجوه ؛ بينّا ذلك عند إعادتنا لهم ونبّهنا على الصّواب فيما ذكرنا من حالهم. وبالله سبحانه نستعين فيما قصدناه ، وإياه نسأل التّوفيق لما نويناه ، وإليه نرغب في النّفع به لمن رامه وطلبه ، إنه جواد كريم.

* * *

ذكر من اسمه محمد واسم أبيه أحمد

١ ـ محمد (١) بن أحمد بن سليمان بن إبراهيم الخطيب ، أبو الغنائم يعرف بابن القارئ (٢).

من أهل البصرة ، قدم بغداد ، وسكن كنّر (٣) ، قرية من قرى دجيل ، وتولى الخطابة بها إلى حين وفاته.

سمع بالبصرة القاضي أبا عمر القاسم (٤) بن جعفر الهاشمي وغيره.

__________________

(١) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ١ ـ ٢.

(٢) القارىء : نسبة إلى القراءة وإقراء القرآن الكريم ، ومن ينتسب إلى القراءة فأصله الهمز في آخره ويجوز تركه للتخفيف إلا أنه لا يجوز تشديد يائه كما في النسبة (راجع أنساب السمعاني ولباب ابن الأثير في هذه المادة).

(٣) قيدها ياقوت بكسر الكاف وتشديد النون وفتحها (معجم البلدان ٤ / ٤٨٣ ط. صادر).

(٤) توفي سنة ٤١٤ وهو من شيوخ الخطيب ، ترجمه في تاريخه ١٤ / ٤٦٣ ، وابن نقطة في التقييد ٤٢٨ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ٩ / ٢٤١.

١٥٢

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ بن الخضر القرشيّ ، ومن خطّه نقلت ، قال : أخبرنا أبو العلاء وجيه بن هبة الله بن المبارك ، قال : أخبرنا أبي ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن سليمان أبو الغنائم البصري بكنّر من نواحي دجيل ، قال : أخبرنا القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي بالبصرة ، قال : حدثنا علي بن إسحاق المادرائي (١) ، قال : حدثنا عليّ بن حرب الطائي ، قال : حدثنا القاسم بن يزيد ، عن مكرم بن أنس ، عن محمد بن المنكدر ، عن عامر بن سعد ، عن أسامة بن زيد ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ الطّاعون رجز من عذاب الله كان قبلكم ، فإذا كان بأرض ولستم بها فلا تدخلوها ، وإذا كان بأرض ، وأنتم بها لا تخرجوا فرارا منه» (٢).

محمد بن أحمد بن سليمان هذا من شرط تاج الإسلام أبي سعد ابن السّمعاني أخلّ بذكره فاستدركناه نحن ، والله الموفق.

٢ ـ محمد (٣) بن أحمد بن الحسن بن جردة ، أبو عبد الله البيّع.

__________________

(١) وتكتب أيضا «الماذرائي» بالذال المعجمة نسبة إلى ماذرايا ، وظن أبو سعد السمعاني أنها من أعمال البصرة (الماذرائي من الأنساب) وردّ ياقوت على ظن السمعاني بقوله : وهذا فيه نظر ، والصحيح أن ماذرايا قرية فوق واسط من أعمال فم الصلح مقابل نهر سابس ، والآن قد خرب أكثرها (معجم البلدان ٥ / ٣٤).

(٢) القاسم بن يزيد هو الجرمي ، وهو ثقة ، لكن شيخه مكرم بن أنس لم أقف له على ترجمة ، ولا وجدت له ذكرا في شيوخ القاسم ، ولا ذكر في الرواة عن محمد بن المنكدر ، ولهذه العلة فالإسناد فيه مقال. على أن الحديث من رواية عامر بن سعد عن أسامة بن زيد في الصحيحين : البخاري ٤ / ٢١٢ (٣٤٧٣) و ٩ / ٣٤ (٦٩٧٤) ، ومسلم ٧ / ٢٦ ، ٢٧ (٢٢١٨) (٩٢) و (٩٣) و (٩٤) و (٩٥) و (٩٦). وانظر تمام تخريجه في تعليقنا على موطأ مالك (٢٦١٢ برواية الليثي) ، وجامع الترمذي (١٠٦٥) ، والمسند الجامع ١ / ١٢٧ حديث (١٤٤).

(٣) ترجم له ابن الجوزي في المنتظم ٩ / ٩ ، والذهبي في تاريخ الإسلام ١٠ / ٣٩٩. وتنسب إلى ابن جردة هذا محلة ـ كانت ـ بشرقي بغداد عرفت ب «خرابة ابن جردة» كانت مجاورة

١٥٣

من ساكني باب المراتب (١) ، أصله من عكبرا (٢).

كان أحد الموسرين ذوي الأحوال والأموال الكثيرة. صاهر الشيخ الأجلّ أبا منصور بن يوسف على ابنته. وله آثار حسنة ، وبنى مساجد ووقف عليها وقوفا جيدة. وكان ذا بر وصدقة.

أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي ابن الكتّاني فيما أجازه لنا ، قال : أنبأنا أبو علي أحمد بن محمد البردانيّ (٣) الحافظ ، قال : توفي أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن جردة ليلة الأربعاء عاشر ذي القعدة من سنة ست وسبعين وأربع مئة ، وصلّى عليه ابنه أبو نصر بجامع المنصور ، ودفن بالحربية بتربة كان قد اتخذها لنفسه. بلغنا أنّ مولده في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة. وأصله من عكبرا. وكان خيرا ذا برّ ، رحمه‌الله.

٣ ـ محمد (٤) بن أحمد بن محمد بن علي بن جعفر بن عليّ الهاشميّ ، أبو الحسن الضّرير (٥) ، من ولد الإمام أبي عبد الله المهدي.

ذكره الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني في شيوخه

__________________

لباب أبرز ، ولها ذكر في التواريخ منه خبر احتراقها سنة ٥٠٢ (المنتظم ٩ / ١٥٧ والكامل لابن الأثير ١٠ / ١٦٠).

(١) وصف ابن الجوزي داره بباب المراتب وذكر أنها كانت يضرب بها المثل «وكانت تشتمل على ثلاثين دارا وعلى بستان وحمام ولها بابان على كل باب مسجد إذا أذن في أحدهما لم يسمع الآخر» (المنتظم ٩ / ١٠).

(٢) راجع عن عكبرا : معجم البلدان ٤ / ١٤٢.

(٣) قيدها السمعاني في «البرداني» من الأنساب وياقوت في معجم البلدان ١ / ٣٧٥ بفتح الباء الموحدة والراء. وفي اللباب لابن الأثير بضم الباء الموحدة ، وهو وهم؟؟؟ لعله من الناسخ أو الناشر. وهذه النسبة إلى «البردان» قرية من قرى بغداد. وذكر السمعاني وياقوت أن أبا علي أحمد بن محمد البرداني هذا توفي سنة ٤٩٨ ه‍.

(٤) اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢.

(٥) لم يذكره الصفدي في «نكت الهميان» مع أنه من شرط كتابه المذكور فيستدرك عليه.

١٥٤

البغداديين ، وقال : كان ينزل بباب الطاق ، وأنّه سمع من أبي طالب محمد بن علي العشاري (١). قال ابن سلفة : وسمعت منه في ذي الحجة سنة ست وتسعين وأربع مئة ، وذكر لنا أنّ مولده في سنة خمس عشرة وأربع مئة. وأخرج عنه حديثا.

قلت : وهذا أيضا مستدرك عليه (٢) لأنّه من شرطه.

٤ ـ محمد (٣) بن أحمد بن محمد الرّازيّ ، أبو الفتح بن أبي اللّيث العميد.

قدم بغداد ، وحدّث بها عن أبي القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن ، والقاضي أبي الحسن مهدي بن سراهنك الطّبري. سمع منه هزارسب بن عوض الهروي ، والحسين بن محمد البلخي ، وأبو الفضل يوسف. وبها توفي.

أخبرنا أبو القاسم ذاكر بن كامل بن محمد المقرىء فيما أجازه لنا ، قال : أنبأنا أبو الخير هزارسب بن عوض بن الحسن الهرويّ وكتب لنا بخطه ، قال : أخبرنا العميد أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد ، قراءة عليه ببغداد في يوم الأربعاء ثامن عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسن مئة ، قال : أخبرنا القاضي أبو الحسن مهدي بن سراهنك بن محمد بن العباس الطّبري في شهر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وأربع مئة ، قال : حدثنا أبو الحسين علي بن أحمد بن أسد القزويني ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصّولي ، قال : حدثنا محمد ابن

__________________

(١) بضم العين المهملة وتخفيف الشين ، نسبه إلى جد المترجم ، ودعي بذلك لأنه كان طويلا كما جاء في «العشاري» من أنساب السمعاني ، وتوفي أبو طالب هذا سنة ٤٥١ ه‍ (الذهبي : العبر ٢ / ٢٢٦ ـ ٢٢٧).

(٢) يعني على أبي سعد ابن السمعاني.

(٣) ترجم له ابن الفوطي في «تلخيص مجمع الآداب» ج ٤ الترجمة ١٣٩٩ ولقبه فيه «العماد» وأظنه من سهو المؤلف ، أو من سهو شيخنا العلامة مصطفى جواد ؛ لأن ما قبله وما بعده يدل على أنه «العميد» كما ورد هنا. وذكر له ابن الفوطي سيرة سياسية فقال : «كان كاتبا عالما بأمور الوزارة والسياسة وأسباب الأمر والنهي والرياسة» وأورد له بيتين من الشعر ولم يذكر تاريخ وفاته. واختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢.

١٥٥

مسلمة الواسطي ، عن يزيد بن هارون ، عن حمّاد (١) ، عن ثابت البناني ، عن أنس ، أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عاد جارا له يهوديا (٢).

أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن عليّ القرشيّ ، قال : قرأت بخط أبي عبد الله البلخي ، قال : العميد أبو الفتح محمد بن أبي اللّيث الرّازي مات في شهر رمضان سنة أربع وخمس مئة ببغداد.

وهذا أيضا من المستدرك عليه وهو من شرطه.

٥ ـ محمد (٣) بن أحمد بن عبد الله بن فاذوية البزّاز ، أبو الفضل المعروف بابن العجمي.

من أهل واسط ، قدم بغداد وأقام بها مدة وسمع جماعة منهم : أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدّل ، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن النّقّور ، وأبو القاسم علي بن أحمد ابن البسري (٤) ، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي الشّيرازي ، وأبو القاسم يوسف بن الحسن التّفكّري (٥) ، وأبو البركات محمد بن

__________________

(١) هو ابن زيد بن درهم الأزدي البصري.

(٢) هذا حديث صحيح من حديث حماد بن زيد عن ثابت عن أنس ، أخرجه البخاري في الطب من صحيحه ٧ / ١٥٢ (٥٦٥٧) ، وفي الجنائز منه ٢ / ١١٨ (١٣٥٦) ، وأبو داود (٣٠٩٥) ، والنسائي في السير من الكبرى (٨٥٨٨) ، وهو عند أحمد ٣ / ١٧٥ و ٢٢٧ و ٢٨٠ ، وأبي يعلى (٣٣٥٠) ، وابن حبان (٢٩٦٠) و (٤٨٨٤) وغيرهم.

(٣) ذكره السلفي في سؤالاته لخميس الحوزي (رقم ٤٨) ، وذكره ياقوت في «برجونية» من معجم البلدان ١ / ٣٧٤ ثم ذكره بتفصيل أكثر في «الصليق» ٣ / ٤٢٢ ووقعت في ترجمته هناك جملة تصحيفات وتحريفات. وقد اختاره الذهبي في مختصره ١ / ٢ ـ ٣ ، وترجمه في تاريخه ١١ / ١٧٨.

(٤) أبو القاسم علي هذا منسوب إلى بيع البسر وشرائه على ما ظن السمعاني في الأنساب.

(٥) لم يذكر السمعاني هذه النسبة في الأنساب ولا استدركها عليه ابن الأثير في اللباب ولا أدري إلى أي شيء هذه النسبة ، وقد وجدتها مجودة بخط الذهبي في «تاريخ الإسلام» حيث أخذ الترجمة من ذيل السمعاني. وأبو القاسم هذا زنجاني ولد سنة ٣٩٥ بزنجان وتوفي سنة ٤٧٣ (تاريخ الإسلام ١٠ / ٣٦٠ وطبقات الشافعية للسبكي ٥ / ٣٦١).

١٥٦

علي ابن المحاملي ، وأبو الحسن علي بن محمد الخطيب الأنباري ، وجماعة غيرهم. وسمع بواسط من أبي الحسن بن مخلد الأزدي ، وأبي محمد الحسن بن أحمد الغندجاني ، وأبي البركات محمد بن علي التّمّار ، وأمثالهم.

وحدّث بالكثير ؛ فسمع منه أبو الكرم خميس بن علي الحافظ ، وأبو منصور عثمان بن إبراهيم البنّاء ، وأبو الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني. حدثنا عنه أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن الجلخت (١) ، وأبو طالب محمد بن علي ابن الكتّاني ، وأبو العباس أحمد بن سالم البرجوني (٢) ، وأبو نصر يحيى بن هبة الله ابن محمد ابن البزّاز ، وغيرهم.

وكان ثقة صدوقا. أملى بجامع واسط في سنة سبع وثمانين وأربع مئة ، فسمع الناس منه فيها وما بعدها إلى حين وفاته (٣).

أخبرنا أحمد بن طارق بن سنان القرشي فيما قرأت عليه ، قلت له : أخبركم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قراءة عليه بالإسكندرية ، فأقّر به ، قال : سألت الحافظ خميس (٤) بن علي بواسط في سنة خمس مئة عن أبي الفضل ابن العجمي ، فقال : سمع أبا الحسن بن مخلد والغندجاني وغيرهما ، وببغداد ابن المسلمة وطبقته ، ولازم أبا إسحاق (٥) وعلّق عنه كتبه ، وهو مكثر ، ثقة ،

__________________

(١) آل الجلخت محدثون بغداديون مشهورون ، وقيد أبو سعد السّمعاني «الجلختي» في الأنساب بفتح الجيم واللام وسكون الخاء المعجمة.

(٢) لم يذكر السمعاني هذه النسبة في الأنساب ولا استدركها عليه ابن الأثير في اللباب ، وهي نسبة إلى «برجونية» ـ بالفتح والواو ساكنة ونون مكسورة وياء آخر الحروف خفيفة ـ قرية من شرقي واسط ، قبالتها. وذكر ياقوت أن أبا العباس أحمد بن سالم هذا ينسب إليها قال : «روى عن أبي الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله بن مادوية (كذا والصحيح فاذوية) البزاز المعروف بابن العجمي الواسطي» (معجم البلدان ١ / ٣٧٤).

(٣) سؤالاته لخميس الحوزي ، رقم ٤٨.

(٤) هو خميس بن علي الحوزي الواسطي المتوفى سنة ٥١٠ ه‍.

(٥) هو أبو إسحاق الشيرازي مدرس النظامية المشهور المتوفى سنة ٤٧٦.

١٥٧

يفهم ما يقرأ عليه.

حدثنا أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن محمد بن مخلد الشاهد من لفظه وكتابه في شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة ، قال : حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله ابن العجمي البزّاز من لفظه في سنة تسع وتسعين وأربع مئة ، قال : أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدّل ، قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد ، قال : أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزّهري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي (١) ، قال : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر ، عن أبيه ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أأتمن خان» (٢).

أخبرنا أبو نصر يحيى بن هبة الله بن محمد البزّاز بقراءتي عليه قلت له : أخبركم أبو الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي ، قراءة عليه وأنت تسمع ، فأقرّ به ، قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النّقّور ، قراءة عليه وأنا أسمع ، قال : أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن محمد الصّيرفي ، قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، قال : حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزّرقاء ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو حمّاد (٣) ، عن زياد بن علاقة ، قال : سمعت جرير بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من لا يرحم لا يرحم ، ومن لا

__________________

(١) هذه النسبة إلى «فارياب» بليدة بنواحي بلخ ينسب إليها «الفريابي» و «الفاريابي» و «الفيريابي» وأبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي هذا كان أحد الأئمة (راجع «الفريابي» في أنساب السمعاني).

(٢) حديث مالك بن أبي عامر عن أنس في الصحيحين : البخاري ١ / ١٥ (٣٣) و ٣ / ٢٣٦ (٢٦٨٢) و ٤ / ٥ (٢٧٤٩) و ٨ / ٣٠ (٦٠٩٥) ، ومسلم ١ / ٥٦ (٥٩) (١٠٧) وينظر تمام تخريجه في تعليقنا على جامع الترمذي (٢٦٣١).

(٣) هو المفضّل بن صدقة الحنفي الكوفي.

١٥٨

يغفر لا يغفر له ، ومن لا يتب لا يتب عليه» (١).

أنشدنا أبو العباس هبة الله بن نصر الله الشاهد لفظا ، قال : أنشدنا أبو الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي ، قال : أنشدنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروز آبادي ببغداد في المدرسة النّظامية لأبي محمد عبد الوهّاب بن علي ابن نصر رحمه‌الله لما فارق بغداد ونزل مصر :

سلام على بغداد في كل موطن

وحقّ لها منّي سلام مضاعف

فو الله ما فارقتها عن قلى (٢) لها

وإني بشطّي جانبيها لعارف

ولكنّها ضاقت عليّ بأسرها

ولم تكن الأرزاق فيها تساعف

وكانت كخلّ كنت أهوى دنوّه

وأخلاقه تنأى به وتخالف (٣)

وأنشدنا أبو العباس أحمد بن سالم بن محمد المقرىء الشيخ الصالح ، قال : أنشدنا أبو الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي ، قال : أنشدنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشّيرازي ببغداد لنفسه :

سألت الناس عن خلّ وفيّ

فقالوا ما إلى هذا سبيل

تمسّك إن ظفرت بودّ حرّ

فإنّ الحرّ في الدّنيا قليل (٤)

قرأت بخط أبي الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي رحمه‌الله : ومولدي في سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة بالصّليق (٥).

__________________

(١) إسناده ضعيف جدا ، فإن المفضل بن صدقة الحنفي متروك (الميزان ٤ / ١٦٨) ، وقد ساق ابن عدي هذا الحديث من هذا الوجه في الكامل ٦ / ٢٤٠٤ ، والذهبي في الميزان ٤ / ١٦٨. والقسم الأول من متن الحديث في الصحيحين من طريق زيد بن وهب الجهني عن جرير (البخاري ٨ / ١٢ (٦٠١٣) و ٩ / ١٤١ (٧٣٧٦) ، ومسلم ٧ / ٧٧ (٢٣١٩).

(٢) القلى : البغض ، ويقال : فعل ذلك عن قلى ومقلية.

(٣) الأبيات مشهورة وتروى باختلاف طفيف في بعض المصادر الأخرى.

(٤) هذان البيتان مشهوران لأبي إسحاق الشيرازي ذكرتهما معظم المصادر التي ترجمت له.

(٥) الصليق : ذكر ياقوت أنها مواضع كانت في بطيحة واسط وأنها خربت في أيامه ، قال : «وقد

١٥٩

وذكر أبو جعفر هبة الله بن يحيى ابن البوقي الفقيه ، فيما قرأت بخطه ومنه نقلت ، أنّ أبا الفضل ابن العجمي توفي بواسط في يوم الاثنين ثاني عشري صفر سنة إحدى عشرة وخمس مئة ، ودفن بتربة المصلّى بواسط ، رحمه‌الله.

٦ ـ محمد (١) بن أحمد بن جوامرد الشيرازيّ الأصل البغداديّ المولد والدار ، أبو بكر القطّان النّحويّ.

قرأ على أبي الحسن عليّ بن فضّال (٢) المجاشعي القيرواني النحو ، وعلى غيره. وسمع الحديث من أبي الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف ، وغيره. وغلب عليه علم النّحو فلم يشتهر بالحديث. وعليه قرأ أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشّاب وعنه أخذ ، وعليه كان يعتمد حتى يقال : إنه لم يقرأ علم النحو على غيره.

سمعت أبا العباس أحمد بن هبة الله بن العلاء الأديب يقول : سمعت أبا المظفّر الحسن بن هبة الله بن المطّلب الملقب فخر الدولة يقول : أبو بكر بن جوامرد القطان شيخنا كان يتردد إلينا ونقرأ عليه النّحو أنا وإخوتي ، وكان فاضلا

__________________

نسب إليه أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله بن قاذويه (كذا) البزاز يعرف بابن العجم (كذا)» (معجم البلدان ٣ / ٤٢٢) ويبدو أنه نقل من تاريخ ابن الدبيثي هذا وإن لم يشر إليه.

(١) ترجم له أبو طاهر السلفي في معجم السفر ٣٤٦ ، وترجمه أهل الأدب والنحو فذكره ياقوت في معجم الأدباء ٦ / ٢٣٨٧ وذكر أن وفاته بعد سنة ٥١٠ ه‍ وترجم له القفطي في إنباه الرواة ٣ / ٥٢ وابن قاضي شبهة في طبقات النحاة (الورقة ٤ من نسختي المصورة) ونقل عن ابن الدبيثي كما يتضح من المقارنة وقيد «جوامرد» بالحروف فقال : «بضم الجيم ثم واو ثم ألف بعدها ميم مفتوحة ثم راء ساكنة ثم دال مهملة». وترجم له السيوطي في البغية ١ / ٢٢ ناقلا من معجم السّفر لأبي طاهر السلفي وياقوت ، وترجمه الذهبي في تاريخه ١١ / ٣٣٣ نقلا من القفطي.

(٢) فضّال : قيده ابن قاضي شهبة بالحروف فقال : بفتح الفاء وتشديد الضاد المعجمة. وأبو الحسن هذا نحوي مشهور توفي ببغداد سنة ٤٧٩ (راجع ابن القفطي ٢ / ٢٩٩ وهامشه).

١٦٠