تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجار

زاهر بن سعيد

تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجار

المؤلف:

زاهر بن سعيد


المحقق: أحمد الشتيوي
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: وزارة التراث والثقافة سلطنة عمان
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٩٦

الباب الثامن والثلاثون

في تشريف سعادة السلطان لدار الولاية بمنشستر

أرسل والي منشستر يرجو سعادة السلطان أن يشرّف دار الولاية. فإنّ عمدة المدينة عازمة (١) على تقديم فروض الترحاب الرسمي لسعادته. فأجاب السيد طلبته ، وركب مركبته ، وسار في رجاله إلى دار الولاية.

وكانت العمدة قد صرفت عنان العناية إلى تزيين دار الولاية زينة تليق بملك جليل ، وفرشوا أرضها بطنافس قرمزية وأوراق الغار وأصناف الزهور الجميلة ، وكانوا قد خصصوا في قاعة الاستقبال أماكن عالية لجلوس السيدات حرم أعيان البلد.

فلما وصل السيد إلى دار الولاية رأى الناس مزدحمين عليها ازدحاما غريبا ، وقطعوا الطريق على مرور مركبته ومركبات رجاله. فمست الحاجة إلى حضور الشرطة وحراس المدينة لمنع الناس من الازدحام وفتح الطريق لمرور سعادته ورجاله. وكان الشعب لا ينفك من الصياح والتحبيذ لسعادته إلى أن هطل مطر غزير ملأ أفواههم بماء الغمام ، وسدّ حناجرهم عن الصياح ، وبلّ ثيابهم حتى اضطروا إلى الفرار. وكانت فرقة من العساكر الخيالة قد رافقت سعادة السلطان من المنزل إلى دار الولاية.

ولما دخل السيد قاعة الاستقبال نهض الجميع في سلامه ، ورحبوا بقدومه ، وصافحوه ، وهنأوه بالسلامة. أما السيدات اللاتي كنّ حاضرات فسلّمن عليه بنشر مناديلهن البيضاء وتحريكها بأيديهن علامة السرور كمألوف عادة نساء الإنكليز. وأما سار جوزف هيرون فلما رأى ما فعلته النساء من نشر مناديلهن ، قال : " إن سعادة السلطان قد سرّ بتحريك مناديل

__________________

(١) عازمة تعود على عمدة المدينة وهي تعني مسؤولي البلدية

٢٢١

السيدات علامة السلام عليه. ولكن عندي أنه يفضّل أن يسمعهن يسلمن عليه بأصواتهن العذبة أكثر من تحريك مناديلهن الصامتة". فصرخت السيدات حينئذ بأصوات رخيمة : " حبّذا! حبّذا سلطان زنجبار! "

ثم أجلسوا السيد على كرسي ، وجلس والي المدينة إلى يمينه. ثم جلس باقي الوزراء حسب مراتبهم. وفي أثناء ذلك نهض والي المدينة ، وقال لسعادة السلطان : " قد قرّ قرار أعيان المدينة وأكابرها أن يعرضوا على سعادتك خطاب التهنئة رسميا في هذا المحفل ، فإن حسن بأعين دولتك قبول ذلك فيتلوه ، وإلا فلا". قال السيد في جوابه : " حبا وكرامة! ". فنهض سار جوزف هيرون ، وتلا خطاب التهنئة الرسمية بالإنكليزي وهذه ترجمته ملخصا :

" إلى سعادة السيد برغش بن سعيد سلطان زنجبار وما يليها من أصل البرّ ، أدام الله مجده وإقباله آمين".

" أما بعد فنحن والي منشستر وأعيانها وأكابرها نتشرف بتقديم التهاني الرسمية لسعادتك ، ونرحّب قلبيا بتشريفك مدينتنا. ونحن بالأصالة عن أنفسنا وبالوكالة عن عموم شعب هذه الحاضرة نعرض على سعادتك ما نشعر به من السرور والفرح بمشاهدة سلطان جليل مثلك. كوننا واثقين غاية الثقة بأن زيارتك هذه لنا تكون باعثا على توطيد صلات الوداد بيننا أشد توطيدا وسببا لخير بلادنا وبلادك سوية. ولنا أمل بأن يتسع نطاق التجارة فيها وتكثر أسباب الحضارة والعمران في ظل ظليل سعادتك وهمتك العلية ، وترى بعينيك نجاح المملكة ، وعزها ، وأنت رافل في ثوب السعادة والإقبال. آمين"

فلما سمع السيد الخطاب بتمامه أوعز إلى الفقيه جرجس باجر أن يترجم خطابه العربي إلى الإنكليزي ردا على خطاب والي المدينة. فنهض الفقيه المومأ إليه ، وشكر لوالي المدينة

٢٢٢

وأعوانه ما أسدوه إليه من الإكرام في ذلك المحفل الحافل ، وأثنى على شعب المدينة كافة لأجل حسن الملاقاة التي لا قوه بها إلى ذلك مما نقتصر عن ذكره خشية الملل.

ثم نهض مستر براونينك ، وتلا خطابا عن لسان مجلس تجارة مدينة منشستر قال فيه ما ترجمته ملخصا :

" إلى سعادة السيد برغش بن سعيد سلطان زنجبار ، أعزه الله".

" أما بعد فنحن رؤساء مجلس التجارة نترحب بقدوم سعادتك إلى هذه المدينة مركز تجارة العالم في الأصناف القطنية ، وقد علمنا أن والدك المغفور له سلطان زنجبار كان صاحب أراض واسعة مخصبة يعتني بحراثتها وفلاحتها ويستغل محاصيلها ويبعث بها إلى أوروبا ، وما كان يحجر على الأموال الداخلة إلى ملكه".

" ويسرّنا أن نرى الولد سرّ أبيه ، ويحذو حذوه في هذه الشمائل الحميدة. وقد صرنا في غاية الامتنان لسعادتك لأجل ما وعدت به أمتنا البريطانية. ولا شك أنك تفي بوعدك الصادق ، وتبطل تجارة الرقيق تماما ، وتعضد التجار في بلادك على فتح أبواب جديدة للأشغال والأرباح والمعامل التي عليها مدار عزّ المملكة وجاهها وقوتها".

" واتساع دائرة الأشغال يفتح سبيلا للأهالي أن يوظفوا في دوائر مختلفة ، ويفتح باب الرزق في وجوههم ، وتسعد أحوالهم ، وتقوى عزائمهم على المحاماة عن الوطن والملك".

" ولنا ثقة تامة بأن زيارة سعادتك هذه البلاد تكون باعثا على توثيق عروة الحب والوداد بين دولتي بريطانيا وزنجبار ، وتكونان مثل أختين متحابتين تعضد كبراهما الصغرى في جميع الملمّات. فنسأل الحق ـ سبحانه وتعالى ـ أن يستجيب دعاءنا هذا ، ويسبغ على سعادتك وعلى ملكك وشعبك فيض الخيرات والبركات والإقبال. آمين".

٢٢٣

ولما فرغ الخطيب من كلامه أوعز السلطان إلى الفقيه جرجس باجر بأن يشكر له على خطبته الفصيحة ، ويعد الحاضرين بأن السلطان لا يقصّر في شيء من كل ما وعد به ، ويؤمل بأن أمة الإنكليز أيضا لا تخرم بوعدها مع دولة زنجبار. وكما أن أمة الإنكليز ترحّب اليوم بقدوم سعادته إلى بلادها هكذا ، سوف يترحب السلطان بقدوم تجار الإنكليز إلى بلاده متى شرفوها وحملوا إليها كنوز تجارتهم وأموالهم النفيسة. فصرخ الجميع بصوت الحبور وقالوا : " حبّذا! حبّذا! "

ثم نهض السلطان ، وصافح الوالي وباقي رجال العمدة ، وخرج من قاعة الاستقبال.

٢٢٤

الباب التاسع والثلاثون

في حضور السلطان وليمة والي منشستر

أقام والي منشستر مأدبة شائقة لسعادة السيد برغش ليلة النهار الذي قدموا له الخطب. وحضر أيضا تلك الوليمة قوم كثيرون من أعيان البلد.

ولما كان السيد على سفرة الطعام ، نهض الوالي ، وخطب خطبة فصيحة أثنى فيها (١) على سعادة السلطان. وهذه ترجمتها ملخصا : " أيها السادات الكرام ، إنّي أكلف إليكم ـ هذه الليلة ـ أن تشربوا معي كأس الهناء بسرّ هذا السيد الجليل سلطان زنجبار المعظم الذي قد شرّف محفلنا البهيج بحضوره السعيد"

" ولا شك أن ضيفنا الكريم هذا قد قصدنا من أقصى بلاد الشرق ليرى بعينيه هذه المملكة التي وإن كانت صغيرة في مساحة أرضها غير أنها فسيحة جدا في غناها ، وجاهها ، وعزها ، وسطوتها ، وامتداد ملكها ، من مشرق الشمس إلى مغربها. هذه المملكة قد أضحت ترقص (٢) فرحا وحبورا بمشاهدة ملك من ملوك أفريقية الكبرى ، فهو لا شك ملك زيّنته أشرف خصال الملوك ، وجمّلته الطبيعة بعقل راجح وقلب سليم ، والدليل الأعظم على رجحان عقله الثاقب هو قدومه إلى هذه البلاد ليرى ما فيها من العمران والنجاح ويتخذ منه وسيلة لنشره في بلاده".

" وما يدلنا على سلامة قلبه الشفوق الرؤوف هو سعيه بإبطال تجارة الرقيق من بلاده وتحرير عباد الله من نير الرقّ والاعتناء بتهذيبهم (٣) وإصلاح شؤونهم ، وقد سرّت أمة الإنكليز قاطبة بحسن مساعي هذا السيد الشهم الهمام ، مع أن كثيرين نهضوا ضده ، وقاوموا إبطال

__________________

(١) أ ، ب : بها

(٢) أ : تركض

(٣) أ ، ب : في تهذيبهم

٢٢٥

تجارة الرقيق من بلاده. ولكنه انتصر عليهم بحزمه وذكاء عقله الراجح وهمته العلية ، وأقنعهم بأن نجاح البلاد وسعادتها قائمة ليس في تجارة الرقيق الذميمة ، بل في الحرية والمساواة بين عباد الله ، ونشر المعارف ، وإدخال الصنائع ، وتحسين أحوال الزراعة ، وإجراء العدالة والإنصاف بين الأبيض والأسود ، والمسلم والنصراني ، والعربي والعجمي ، ولأن جميع البشر خلقه الله ، وهم من أب وأم واحدة وأصل واحد ، وليس لهم ما يفتخرون به على بعضهم سوى الطين والماء".

" فمن زيّنته هذه المزايا الحميدة ، وجمّلته هذه الخصال المجيدة ، كان حقيقا بأن يملك على البلاد ، ويسوس العباد ، ويخلد ذكره ، ليس فقط في صحف التاريخ ، بل في قلوب الناس أجمعين إلى دهر الداهرين ؛ فهلموا إذا أيّها السّادات هذا واشربوا معي كأس الهناء والسرور بسرّ هذا (١) السلطان الجليل الذي أوردت على أسماعكم شطرا من صفاته الحميدة". فنهض الجميع ، وحبذوا السيد برغش ، وشربوا كأسات المدام بسرّه (٢).

ولما فرغوا من التحيات أوعز السلطان إلى محبه جرجس باجر الفقيه أن يترجم شعائر قلب سعادته إلى الحاضرين.

فنهض الفقيه باجر ، وقال : " أيها السادات الكرام قد أمرني السيد بأن أترجم لكم خطابه هذا ردا على خطاب سعادة الوالي الأفخم ، فقال : قد أضحيت غريق بحر الامتنان لكم هذه الليلة السعيدة. فقد غمرتموني بالأفضال والمكارم والتبجيل. وقد أضحيت مخجولا ممّا بالغ به واليكم الأفخم في تقريظي وتعداد صفات أكاد لا أعهد في نفسي بذرة منها. فقد أفحمت في الجواب".

__________________

(١) " واشربوا ... بسر" عوضها ب : بقوله" وحيوا"

(٢) " واشربوا ... بسره" ساقط في ب

٢٢٦

" ومنذ تشرفت بحضوري إلى بلادكم لم أفتر عن تقديم الشكران لمكاركم العميمة. والآن قد فرغ ما كان في جعبة عقلي وقاموس لغتي العربية من الكلام للتعبير عمّا في صميم قلبي من الشكران على أفضالكم ، فأطلب إليكم أن تعذروني إذا رأيتموني هذه الليلة مقصرا في الكلام ولكني أكرر تقديم الشكران لكم ألفا في ألوف من المرات".

" وممّا يجب عليّ أن أقرّ به ـ في محفلكم هذا الجليل ـ هو أني قد سررت غاية السرور بمدينتكم هذه ، وأضحيت غريقا في بحر أفضال شعبها الكريم الذي غمرني بالإكرام والعزّ والتحبيذ والترحاب. وكل هذا يفوق استحقاق شخصي الحقير".

فلما قال هذه الفقرة الأخيرة صرخ الشعب وقال : " كلا ، كلا ، أنت تستحق أكثر ممّا قلنا وفعلنا إجلالا لسعادتك".

ثم استأنف الفقيه خطابه على لسان السيد ، وقال : " امتلأ قلبي حبورا بينما كنت اليوم أطوف المدينة أريد الفرجة على ما فيها من التحف ، فرأيت العملة الذين يشتغلون في معامل القطن وغيرها يتزاحمون في الأزقة ليشاهدوني وهم لابسون ملابس الشغل. وقد أشارت إليهم صحيفة الأخبار أنهم تقاطروا أفواجا إلى الشوارع ، وهم لابسون ثيابا مبقعة بأقذار المعامل. ولكن تلك البقع في ملابس العملة هي عندي أثمن من الجواهر الكريمة ، وهي أشرف من نواشين الشرف التي تعلق على صدور الملوك".

" فلولا تلك البقع في ملابس العملة لما تيسّر للملوك لبس وحمل نواشين الشرف على صدورهم. فيا ليت كان في مملكتي رجال من العملة على طراز رجال مدينتكم هذه! فإن رفاهية معاش الأغنياء قائمة في اجتهاد العملة ، وهم أيدي وأرجل الأمة والمملكة وبدونهم لا يتيسر لهما السير على قدم النجاح. وأود لو أن أقدر [على أن] أرسل قوما من شعبي إلى مدينتكم هذه ليتعلموا من عملة معاملكم منافع الشغل والجهد ويرجعوا إلي وهم لابسون ثيابا عليها بقع المعامل ، وأنا أضيف إليها نواشين شرف منضدة بالجواهر الكريمة".

٢٢٧

فلما قال هذا صرخ جميع الحاضرين بأعلى أصواتهم ، وقالوا : " حبّذا! حبّذا! "

ثم ختمت الوليمة ، وتوادع السيد مع الوالي وأعوانه. وتصافحوا. ثم خرج في رجاله ، وركبوا مركباتهم ، ورجعوا إلى منزلهم في سرور وحبور.

وفي الغد ركب السيد قطار سكة الحديد وعاد إلى لندن سالما غانما.

٢٢٨

الباب الأربعون

في خلع امتيازات لندن وحريتها على سعادة السلطان

كتب حاكم لندن كتابا لطيفا إلى سعادة السيد برغش يستقدمه إلى دار الحكم ليخلع عليه امتيازات لندن القديمة وحريتها كما جرت العادة مع الملوك والسلاطين الذين يزورون لندن. فأجاب السيد طلبه بلطفه المعهود ، وكان قد اجتمع إلى دار الولاية والي لندن وأعوانه ورجاله ، وهم لابسون ملابسهم الرسمية. وكانت قد حضرت أيضا السيدة زوجة والي لندن في صحبة كثيرات من حرم الشرفاء ، وهنّ لابسات أفخر الملابس ومزينات بأجمل الحلي والمجوهرات.

فلما وصل السيد إلى دار الولاية خرج إلى لقائه مستر ستابلتن ومستر فيلبس وغيرهما ، وسلموا عليه ، وأدخلوا دار الولاية بعز وإكرام. وكان في صحبة السيد وزراؤه ورجاله والمحب جرجس باجر الفقيه. ولما استوى السلطان على الكرسي المعد له نهض والي لندن ، وخطب خطبة وجيزة في مدح سعادة السلطان وتعداد صفاته الحميدة التي جعلته أهلا لإكرام أمة الإنكليز قاطبة ، وعزيزا عند الناس أجمعين. ثم نهض كاتم أسرار الوالي ، وقرأ رقعة قال فيها ما ترجمته ملخصا :

" أيها الإمام الجليل والسلطان النبيل السيد برغش بن سعيد سلطان زنجبار وما يليها ، أدام الله مجدك وإقبالك. آمين".

" أما بعد فقد حسن بأعيننا نحن ـ والي لندن القديمة وشرفاؤها ـ أن نخلع على سعادتك امتيازات لندن وحريتها التي قد جرت العادة أن نخلعها على الملوك والسلاطين المتحابين لدولتنا البريطانية إجلالا لمقامهم وطمعا في توطيد صلات الوداد الوثيقة بيننا وبينهم".

٢٢٩

" ولما كانت أسباب التمدن قد سهّلت وسائط الأسفار ، وفتحت الطرقات ، وقرّبت أهل العالم إلى بعضهم بعضا ، حصلنا اليوم على شرف عظيم بقدوم سعادتك إلى بلادنا ، ولنا أن نفتخر بك ـ أيها السيد ـ أكثر من افتخارنا بالسلاطين الذين سبقوك إلينا".

" فإنك ـ أنت ـ أول سلطان عربي الأصل والنسب قد شرّف بلادنا. أنت وإن كنت من أمة عربية قديمة العهد فقد أتيتنا اليوم بما لم تأته قبلك الأوائل. فأنت قد تفرّدت بحبّ الإنسانية ، وفتحت أبواب الحرية في وجوه قوم طال ما نكبوا بمصائب الرق والعبودية. وأنت أول سلطان عربي عقد معنا معاهدة على إبطال تجارة الرقيق. وأنت أول من سطر اسمه الشريف في صحف تاريخ الحرية الأفريقية. وأنت أحق من سواك بنوال شرف حرية لندن القديمة وامتيازاتها المنيفة. ولهذا نطلب من الحقّ ـ سبحانه وتعالى ـ أن يديم لنا بقاءك بالعز والإقبال ، ويوطد ملكك على دعائم المجد ما اختلفت الأيام والليالي. آمين".

فلما فرغ الخطيب من كلامه أوعز السلطان إلى محبه باجر الفقيه أن يترجم إلى اللغة الإنكليزية خطابه الآتي ردا على خطاب الوالي.

فنهض الفقيه المومأ إليه ، وقال : " أيها الوالي الشريف ، ويا أيها السادات الكرام ، قد تشنفت آذاننا بسماع خطابكم البديع ، وسررنا غاية السرور بما أسديتموه إلينا من الإكرام والتحبيذ الذي لا نشك بأنه صادر من صميم قلبكم السليم. ونحن نحتسب كل هذا فخرا عظيما لنا ولذريتنا العربية من بعدنا".

" ولا ريب أن شهرة مدينتكم لندن وحريتها ذائعتان في سواحل أفريقية الشرقية كما هي معروفة في الدنيا بأسرها. ونحن نقبل بفرح لا مزيد عليه شرف امتيازات لندن وحريتها التي من نيتكم أن تخلعوها علينا لتوطيد صلات الوداد بيننا وبين دولتكم الفخيمة. وهذا غاية ما نتمناه ، وسوف نبذل همتنا إلى المحافظة على هذا الودّ الذي اكتسبه لنا أجدادنا بعناء وتعب شديدين".

٢٣٠

" أمّا مسألة تحرير الرقيق في بلادنا فإننا نراها قد أخذت بمجامع قلوبكم ، وشغفت عقولكم ، وأينما توجّهنا ، وحيثما حللنا رأينا لسان أمتكم لا يفتر عن النطق بها. ولا عجب في ذلك. فإنكم تتذكرون ما قاساه جدودكم من العناء وما أنفقته أمتكم من الدينار الوضاح في سبيل تحرير الرقيق من بلادكم وبلاد بقية الأمم".

" وإننا مسرورن غاية السرور بهذا كله لأننا نراكم تعتبرون قدر المصاعب التي تحملناها في هذه المسألة ، وتدركون قيمة الدراهم التي خسرناها من جراء ذلك. وما نتمناه علاوة على هذه الامتيازات (١) كلها هو أنكم لا تقفون عند هذا الحدّ ، وتقتصرون على إظهار المعروف بالكلام الداوي فقط ، بل أن تقرنوا القول بالعمل ، وتفتحوا ليس أفواهكم فقط ، بل خزائن أموالكم وتبذلوها في تحرير الرقيق بأفريقية كما بذل جدودكم خزائن أموالهم في تحرير الرقيق ببلادكم".

" وأنتم تعلمون ـ علم اليقين ـ أنّ من قال وفعل كان نعم الرجل! فنسأل المولى ـ سبحانه وتعالى ـ أن يأخذ بيدكم وبيدنا ، ويقدّرنا على ما فيه خير لعباده ، فهو السميع المجيب. آمين".

فلما انتهى الفقيه من تلاوة خطاب السلطان حبّذه جميع الحاضرين طويلا. ثمّ نهضوا من المحفل وساروا بسعادة السلطان إلى بيت السفرة. وكانوا قد هيأوا له ولرجاله ولكثيرين من الأعيان وليمة فاخرة. فجلسوا جميعا. وتناولوا الطعام في هناء وصفاء. ولا حاجة إلى وصف ما كان على السفرة من فنون الأطعمة الفاخرة. فإن في الإشارة كفاية.

وبعد الطعام ، تلا الوالي خطبة أخرى فصيحة كلّف بها المدعوين أن يشربوا كأسات الهناء بسرّ سعادة السلطان. ففعلوا جميعا. وهم يصرخون بأعلى أصواتهم : " حبّذا! حبّذا! "

وفي ختام الوليمة ، شكر السلطان لوالي لندن ، ولزوجته ، ولجميع من حضر الوليمة من الأعيان. وتوادع معهم. وخرج في رجاله راجعا إلى منزله ، وخرج والي لندن معه إلى باب الدار

__________________

(١) أضاف (ب) : المتاعب. والسياق يقتضي ما أضفنا أو قريبا منه

٢٣١

يشيعه. فرأوا جمعا غفيرا من الناس قد اجتمعوا إلى ساحة دار الولاية يريدون أن يشاهدوا سعادة السلطان ، ويسلموا عليه. فلما رآهم السيد وهو خارج قال لوالي لندن : " هل بقي أحد ـ في مدينة لندن العظمى ـ لم يحضر هذه الليلة الى هذه الساحة؟ فإني لم أعهد من ذي قبل جمعا غفيرا مثل هذا."

فقال الوالي في جوابه : " قد انطبع ـ أيها السيد ـ حبك الخالص في قلوب أمة الإنكليز ، وكلما ازدادوا نظرا إليك ازدادوا حبا لك. وقد أدركوا أن ساعة الفراق قد دنت ، وأنهم يطمعون في أن يتزودوا منك بنظرة عند الوداع". فقال السيد : " بارك الله فيكم وفيهم ، وأدام لي حبكم هذا ، فهو أصل مناي وغاية مطمعي".

ثم تصافح السيد مع الوالي ، وركب مركبته ، وانصرف بأتباعه في كنف الرحمن.

٢٣٢

الباب الحادي والأربعون

في حضور سعادة السلطان وليمة وليّ عهد بريطانيا

لما دنا وقت سفر سعادة السلطان من لندن أقام له وليّ عهد دولة بريطانيا وليمة شائقة في جنينة شيزيك على سبيل الوداع. ودعا إليها الأمراء والشرفاء واللوردات والبارونات والمركيزات وغيرهم من رجال الدولة والسياسة والسفراء ما بلغ عددهم نحو ٤٠٠ نفس من الرجال والنساء أغفلنا ذكر أسمائهم فردا فردا خشية الملل.

وكان في صحبة السلطان وزراؤه وأتباعه الدكتور كيرك والفقيه جرجس باجر ومستر هيل وغيرهم. وصرفوا نهارهم في تلك الجنينة بالصفاء والسرور ، وهم محاطون بزهور الطبيعة ، وأناقة نساء الشرفاء والخواتين اللاتي كنّ نخبة سيدات بلاد الإنكليز. وكانت ملابسهن الفاخرة وزينة ما عليهن من الجواهر الكريمة قد زادتهن حسنا وبهجة.

وبعد أن تفسحوا ، وتنزهوا ساعات طويلة ، وهم في أنس وحبور ، تناولوا الطعام على سفرة متفننة بالأطعمة الملوكية. ثم شكر السلطان لولي العهد مكارمه العميمة ، وما ناله في مملكته من العز والإكرام وحسن الضيافة ، وتوادع معه ، وصافحه. ثم ركب مركبته ، وانصرف برجاله إلى منزله. وهو في غاية الامتنان.

٢٣٣
٢٣٤

الباب الثاني والأربعون

في ما خلّفه السلطان من الذكر الحميد في قلوب الإنكليز

نشرت صحيفة" التيمس" الإنكليزية نهار سفر السيد برغش من لندن إلى فرنسا فصلا طويلا عدّدت فيه حسن خصاله الحميدة وامتداد ملكه بأفريقية حتى نقطة خطّ ـ الاستواء ، وما لسعادته من الهمة على إجراء الإصلاح وتوسيع نطاق الحضارة والتجارة في بلاده. وقد ترجمناه من الإنكليزي إلى العربي ملخصا.

قالت النشرة المومأ إليها :

" قد ولعت أمتنا الإنكليزية في بسط الكلام عن الملوك والسلاطين الذين يشرفون بلادنا من حين إلى حين. ولكن تشريف سلطان زنجبار المعظم قد أخذ بمجامع قلب الأمة قاطبة ، وهشّ له كل وجه ، ونطق بمدحه كل لسان ، وتأصّل ذكره الحميد في قلب كل إنسان. وذهل الناس عن ذكر سواه كأن لا قبله ولا بعده أتانا ويأتينا من حاباه"

" كنا قد تشرّفنا ـ منذ عامين ـ بزيارة جلالة شاه العجم ، وارتاحت أمتنا إلى ملك تأصّل ذكر ملكه في عقولها من نعومة أظفارها. فمنظر شاه العجم الذي كان يتشعشع شخصه بأحجار الألماس والزمرد والجواهر الكريمة كتشعشع قلب الأطلس بالنجوم والكواكب المنيرة ذكر أمة الإنكليز بمملكة فارس (١) العظيمة وبملكها داريوس الكبير (٢) وبعزه وسطوته واقتداره وحروبه مع اسكنر المقدوني ذي القرنين (٣) ".

__________________

(١) عرفت هذه المملكة عدة أطوار وتكونت فيها عدة إمبراطوريات منها إمبراطورية فارس الأولى (٥٥٠ ق م ـ ٣٣١ ق م) وإمبراطورية الساسانيين (٢٢٤ م ـ ٦٥١ م). فصل : ٦٤٢٢ / ١١ : Iran : G.E

(٢) هو داريوش الثالث (ح. ٣٣٦ ق م ـ ٣٣٠ ق م) حاربه الاسكندر. فصل ٨٨٧ / ٣ : Darius III : N.E.B

(٣) وسمي أيضا اسكندر الأكبر ، واسكندر الثالث (٣٥٦ ق م ـ ٣٢٣ ق م) ملك مقدونيا (٣٣٦ ق م ـ ٣٢٣ ق م) كتان عسكريا متفوقا حتى وصل إلى الهند وايران. فصل : ٢٤٠ / ١ : Alexandre III : N.E.B

٢٣٥

" أما الآن فقد انمحى ذكر هذا الشاه الجليل من عقول الأمة كأنه لم يأت ولم نره أبدا. وبردت محبة الإنكليز له منذ رأوه يميل إلى حب الروسية ويطمع في مواخاتها فضلا عن دولتهم".

" ثم كان الشاه قد وعد الدولة البريطانية ـ يوم كان بلندن ـ أنّ من نيته فتح بلاده لتجارة الإنكليز ، وإدخال العمران والإصلاح في ملكه بسعي رجال الإنكليز. ولكن أضحت مواعيده برقا خلبا (١) وسحابة لا ماء فيها. ورأينا ـ نحن أيضا ـ أن دوننا ودون بلاد فارس حائل عظيم يقطع وصالنا معها ممالك (٢) غير متحابة معنا. فبردت حينئذ همة الأمّة ، وخمدت مطامح رجال السياسة".

" أما سعادة السيد برغش الذي قد حان يوم فراقه ، ودنت ساعة رحيله بالسلامة من بلادنا ، فليست منزلته منزلة شاه العجم ، ولكن مقامه في أعين أمتنا الإنكليزية أرفع من مقام الشاه ، وذكره أحب إلينا ، وبلاده أشد أهمية. وموقع مركزها الجغرافي يزيد آمالنا بأنها تضحى ـ يوما من الأيام ـ أكثر اتساعا من بلاد فارس".

" وقد اشتهرت بلاد السيد برغش ـ من قديم العصور ـ بالخصب ، والغنى (٣) ، وجودة التربة والمعادن. وقد ذكرها الشاعر ميلتن الإنكليزي في ديوانه البديع المسمى" بالفردوس المفقود". فقال في قصيدة منه : " رفع الملاك مخائيل آدم عليه السلام إلى قبة السماء وأطلعه على مملكة نجوس ومرسى اركوكو وبلاد ممباسا وأكويلو ومالند". وكانت هذه البلاد قبل اندراس آثارها من المملكة (٤) الخاضعة الآن لسلطان زنجبار".

__________________

(١) ب : خبا

(٢) ممالك : ساقط في ب

(٣) أ ، ب : الغناء.

(٤) ب : الممالك

٢٣٦

" ولكن لا ينحصر ملك السيد برغش في حدود هذه البلاد فقط ، بل يمتد إلى ما شاء الله في أصل البرّ من أفريقية ، وأراضي بلاده تصلح لزراعة كل ما تنبته بلاد المنطقة الحارة الشديدة الخصب ، وفيها مراسي كثيرة للسفن تسهّل على التجار نقل المحاصيل والغلال منها إلى جهات الدنيا".

" وفي أواسط قارة أفريقية بحيرات وسيعة عظيمة تصلح لسير السفن والمراكب اكتشفها السياح في هذه الأيام الأخيرة ، وهذه البحيرات تحت أمر سعادة السيد. وقد توغلت جنوده في تلك الجهات. ونصبت خيامها إلى جوار بعض البحيرات. وكان إسماعيل باشا ـ خديو مصر ـ قد طمع في توسيع ملكه ، وأرسل جوقا من جنوده الى أواسط أفريقيا ، وأمرهم أن يفتحوا تلك البلاد ، ويستولوا عليها الى خط الاستواء. ولكن اضطر أخيرا الى سحب (١) جنوده والكفّ عمّا خامره قلبه من الطمع وحب الفتوحات. فإنّ الخديو لا يتيسر له الوصول إلى نقطة خط الاستواء من دون أن يغزو بلاد السيد برغش الواقعة بين الديار المصرية ونقطة خط الاستواء ، ورجال السياسة في أوروبا لم يسمحوا لسعادة خديو مصر أن يسطو على بلاد السيد برغش ، ويغزوها".

" أما السيد فلا يوجد له عائق يصده من فتح تلك البلاد الواسعة حتى نقطة خط الاستواء. وقد أخذت جنوده في التوغل في غربي القارة. ولنا معرفة تامة باتساع تلك البلاد. وندرك حق الإدراك أن للسيد برغش حقا في توسيع ملكه إلى ما شاء الله من دون أن يعترض له عارض. وقد اطلعنا من الاكتشافات الأخيرة التي أتانا بها السياح الأفريقانيون (٢) أن تلك البلاد التي كانت مجهولة عند علماء رسم الأرض قديما هي بلاد سعيدة مخصبة تسكنها قبائل قابلة للتمدّن والحضارة. ومناخها ليس بسقيم كما كان يزعم القدماء ، وهي تصلح لسكنى الأوروبيين أيضا إذا اختاروا الإقامة فيها ، وسعوا في توسيع نطاق الزراعة والتجارة والفلاحة".

__________________

(١) أ : ترجيع

(٢) ب : مجموعة من السياح

٢٣٧

" ولنا ثقة راهنة بأن أهل الحزم من الإنكليز وغيرهم لا يلبثون طويلا أن يدخلوا تلك البلاد ويستعمروها (١) في ظل ظليل سعادة السيد برغش سلطانها العادل ، ولنا أمل أيضا بأن تضحى مملكة زنجبار بعد مائة عام مملكة واسعة تشمل أراضي فسيحة ، وتمتد إلى أقصى بلاد الزنوج. ومتى دخلت تلك الأراضي في حوزة سلطان زنجبار ترقّى سكانها إلى طبقات الحضارة ، وعكفت على اكتساب المعارف والاشتغال بالصنائع والاعتناء بالحراثة والتولع بالتجارة. وصارت أمة عزيزة بالرجال وغنية بالمال. وقد ذكر لنا سار برتل فرير أشياء كثيرة عن بلاد زنجبار وأحوالها في كتاب رحلته يوم تفقد تلك البلاد. ولا ريب أن السار المومأ إليه قد أصاب عين الصواب فيما قاله".

__________________

(١) ب : يعينوها

٢٣٨

الباب الثالث والأربعون

في سفر سعادة السلطان من لندن الى كاليس (١)

سافر السيد برغش في صحبة رجاله من لندن الى بندر كاليس اليوم الحادي عشر من جمادى الثانية (أيار) (١٦ جولاي ١٨٧٥) وكان ذلك نهار الخميس. وكان في صحبته المحب جرجس باجر الفقيه والدكتور كيرك ومستر كليمنت هيل. ولما وصلوا إلى محطة جارين كروس كانت قطار سكة الحديد (جاري البخار) حاضرة ، فركبوها ، وساروا في كنف الرحمن ، وبعد ثلاث ساعات وصل السيد ورجاله بالسلامة إلى بندر دوفر (٢) الموجود في آخر حدود جزيرة بريطانيا.

ولما نزل السيد من جاري البخار لاقاه وجوه البلد بعز وإكرام لا مزيد عليهما.

ثم هيأوا مركبا بخاريا اسمه" فيكتوريا" ، وهو من أسرع المراكب جريا ، يسير ١٨ جيرة في الساعة ، وقوة بخاره تعادل قوة ٢٠٠ حصان. فركبوا فيه بعد ما شيعهم الإنكليز ، وركب في صحبة سعادة السلطان ثلاثة أنفار من الإنكليز ، وهم الفقيه جرجس باجر والدكتور كيرك ومستر كليمنت. وساروا بالسلامة. وطابت لهم الريح ، وراق البحر. وبعد ساعة من الزمان قطعوا الخليج ووصلوا إلى بندر كاليس من بنادر بلاد فرنسة وقت الغروب.

ولما وصلوا إلى الميناء لاقاهم رجال الفرنسيس وأكابر البلد وكثيرون من العساكر ، وطلبوا إلى سعادة السلطان أن ينزل ، ويشرّف بلادهم. فأجاب طلبتهم ، ونزل. وحال خروجه إلى البر أطلقوا ٢١ مدفعا إجلالا لسعادته.

__________________

(١) مدينة فرنسية لها ميناء ممتاز يفتح على أوروبا الشمالية الغربية (بحر الشمال). فصل :

٢١٥٣ / ٤ : Calais : G.E.

(٢) مدينة انكليزية تقع على بحر الشمال لها ميناء يربط بريطانيا بأوروبا. فصل : ٢٠١ / ٤ : Dover : N.E.B

٢٣٩

ثم أنزلوهم في دار فسيحة ، وأكرموهم غاية الإكرام. وباتوا هناك مدة للراحة. وبعد ذلك ركبوا قطار سكة الحديد ، وساروا إلى باريس.

أمّا الرجال الثلاثة من الإنكليز الذين رافقوا سعادة السلطان إلى كاليس فودعوه ، ورجعوا إلى لندن بالسلامة.

أما السيد وأتباعه فوصلوا إلى باريس في اليوم الثاني عشر من جمادى الثانية وكانت الدولة الفرنساوية أرسلت جوقا من العساكر ، وبعضا من أكابر الدولة لملاقاة سعادته.

فلما نزل السلطان من جاري الدخان (١) سلّم عليه أولئك الرّجال ، ورحبوا بقدومه.

وكان المارشال مكمهون (٢) رئيس الجمهورية الفرنساوية قد أرسل مركبته لسعادة السلطان ، فركبها صحبة رجاله ، وفرقة من الفرسان محاطة به من قدّامه ومن ورائه.

ثم ساروا بالسيد ورجاله ، وأنزلوهم في دار جميلة البناء وسيعة غاية الاتساع ذات طبقات عديدة ، ومزينة بالفرش الثمينة ، فدخلها السيد صحبة رجاله ، واستراح فيها.

وبعد صلاة العصر وصل المارشال مكمهون لمواجهة السلطان ، فسلم عليه ورحّب بقدومه. ثم تقدم وزير الخارجية أيضا ، وسلم على سعادته ، وصارت الوزراء والأكابر وأعيان الأمة يتردّدون على سعادته ، ويهنئونه بوصوله إلى بلادهم بالسلامة ، وقضى نهاره في مقابلة الناس وردّ السلام.

__________________

(١) سماه سابقا : جاري البخار (مرتين)

(٢) عسكري فرنسي (١٨٠٨ ـ ١٨٩٣) حكم الجزائر أولا (١٨٦٤ ـ ١٨٧٠) ثم حكم فرنسا (١٨٧٣ ـ ١٨٧٩). فصل : Mac Mahon : G.E : ٢١ / ٠٥٤٧

٢٤٠