المغرب في حلى المغرب - ج ٢

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ٢

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

كأن لواء الشمس غرّة جعفر

رأى القرن فازدادت طلاقته ضعفا

فقام إليه جعفر ، وقال له بالله أنت ابن هانىء؟ قال : نعم ، فعانقه ، وأجلسه إلى جانبه ، وخلع عليه ما كان فوقه من الثياب الملوكية ، وجلّ عنده من ذلك الحين ، إلى أن كتب المعزّ الإسماعيليّ الخليفة بالقيروان إليه في توجيهه لحضرته ، فوجّهه للقيروان ، فأوّل قصيدة مدحه بها ، قصيدته التي ندر له فيها قوله : [الكامل]

وبعدت شأو مطالب وركائب

حتى ركبت إلى الغمام الرّيحا

وكان مغرما بحبّ الصبيان وفي ذلك يقول :

يا عاذلي لا تلحني أنني

لم تصبني هند ولا زينب

لكنني أصبو إلى شادن

فيه خصال جمّة ترغب

لا يرهب الطّمث ولا يشتكي

حملا ، ولا عن ناظر يحجب

ولما رحل المعز إلى مصر رجع لتوصيل عياله فقتل في برقة (١) في مشربة على صبيّ ، ومن أشهر شعره في الآفاق قوله : [الكامل]

فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر

وأمدّكم فلق الصباح المسفر

وجنيتم ثمر الوقائع يانعا

بالنّصر من ورق الحديد الأخضر

٤١٠ ـ أبو أحمد عبد العزيز بن خيرة المنفتل (٢)

من أعلام شعراء إلبيرة في مدة ملوك الطوائف ، نابه الذكر في الذخيرة والمسهب ، ومن عنوان طبقته قوله :

سكران لا يدري وقد وافى بنا

أمن الملاحة أم من الجريال

تتضوّع الصهباء من أنفاسه

كتضوّع الرّيحان بالآصال

وكأنما الخيلان في وجناته

ساعات هجر في زمان وصال

وقوله (٣) : [المجتث]

__________________

(١) برقة : هي المنطقة الشرقية من جمهورية ليبيا العربية. فتحها عمرو بن العاص. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ١٢٦).

(٢) ذكره ابن بسام في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٧٥٤ وما بعدها) والحميدي في الجذوة (ص ٣٦٦) وذكره العمري في المسالك (ج ١١ / ص ٤٠٤) والعماد في الخريدة (ج ٢ / ص ١٦٥).

(٣) البيتان في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٧٥٨) والخريدة (ج ٢ / ص ١٦٦). دون تغيير عمّا هنا.

٨١

في خدّ أحمد خال

يصبو إليه الخليّ

كأنّه روض ورد

جنّانه حبشيّ

٤١١ ـ خلف بن فرج الإلبيري السّميسر (١)

من أعلام شعراء إلبيرة في مدة ملوك الطوائف ، مشهور بالهجاء مذكور في الذخيرة والمسهب.

ومن مشهور شعره قوله (٢) : [مخلع البسيط]

يا آكلا كلّ ما اشتهاه

وشاتم الطّبّ والطّبيب

ثمار ما قد غرست تجني

فانتظر السّقم عن قريب

يجتمع الدّاء كلّ يوم

أغذية السّوء كالذنوب

وقوله (٣) : [الوافر]

تحفّظ من ثيابك ثم صنها

وإلّا سوف تلبسها حدادا

وظنّ بسائر الأجناس خيرا

وأمّا جنس آدم فالبعادا

أرادوني بجمعهم فردّوا

على الأعقاب قد نكصوا فرادى

وعادوا بعد ذا إخوان صدق

كبعض عقارب عادت جرادا

وأنشد له الحجاريّ قوله :

وقد حان ترحالي فقل لي عاجلا

على أيّ حال تنقضي عزماتي

أأثني بخير أم أقول تمثّلا

كما قالت الخنساء في السّمرات

إذا لم يكن فيكنّ ظلّ ولا جنى

فأبعدكنّ الله من شجرات

وقوله : [الطويل]

وأنحلني شوقي لكم فلو أنّني

أكون من المحسوس هبّت بي الرّيح

فمن كان ذا روح شكا فقد جسمه

فها أنا لا جسم لديّ ولا روح

فيا لهف نفسي أين سلع وحاجز

وأين النّقا والرّند والبان والشّيح

__________________

(١) ترجمته في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٨٨٢) والمطرب (ص ٩٣) وأخبار وتراجم أندلسية (ص ٢٨ / ٨٣) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٦٧).

(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٨٩٢) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٥٢ / ٢٥٣). دون تغيير عمّا هنا.

(٣) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٥٩) والذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٨٩٥).

٨٢

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الإلبيرية

وهو

كتاب الإحاطة ، في حلى حضرة غرناطة

المنصة

من مسهب الحجاريّ : غرناطة ، وما أدراك ما غرناطة ، حيث أدارت الجوزاء وشاحها وعلّق النجم أقراطه ، عقاب الجزيرة ، وغرّة وجهها المنيرة. ومرّ في الثناء عليها. وأنا أقول إنها وإن سميت دمشق الأندلس ، أحسن من دمشق ، لأنّ مدينتها مطلّة على بسيطها متمكنة في الإقليم الرابع المعتدل ، مكشوفة للهواء من جهة الشّمال مياهها تنصبّ إليها من ذوب الثلج دون مخالطة البساتين والفضلات ، والأرحاء تدور في داخلها ، وقلعتها عالية شديدة الامتناع ، وبسيطها يمتدّ فيه البصر مسيرة يومين بين أنهار وأشجار وميادين مخضرّة ، فسبحان مبديها في أحسن حلّة ، لا يأخذها وصف ولا ينصف في ذكرها إلا الرواية ، وبها ولدت ولي فيها ولوالدي وأقاربي أشعار كثيرة ونهرها الكبير يقال له شنّل ، وفيه أقول :

كأنّما النهر صفحة كتبت

أسطرها والنسيم منشئها

٨٣

لما أبانت عن حسن منظره

مالت عليه الغصون تقرؤها

وفيه أقول : [الكامل]

انظر لشنّيل (١) يقابل وجهه

وجه الهلال كقاريّ أسطاره

لما رآه معصما قد زانه

وشي الصّبا ألقى عليه سواره

وفي بسيطها يقول أبو جعفر عمّ والدي : [الكامل]

سرّح لحاظك حيث شئت فإنّه

في كلّ موقع لحظة متأمّل

ومن متنزّهاتها المشهورة حور مؤمّل (٢) واللّشته والزاوية والمشايخ. وقد ذكر أبو جعفر بن سعيد الحور في شعر تقدّم إنشاده ، وذكره في موشحته البديعة ، وهي :

ذهّبت شمس الأصيل

فضّة النهر

أي نهر كالمدامه

صيّر الظل فدامه

نسجته الريح لامه

فهو كالعضب الصقيل

حفّ بالسّمر

مضحكا ثغر الكمام

مبكيا جفن الغمام

منطقا ورق الحمام

داعيا إلى المدام

فلهذا بالقبول

خطّ كالسطر

حبذا بالحور مغنى

هي لفظ وهو معنى

مذهب الأشجان عنّا

كم درينا كيف سرنا

ثمّ في وقت الأصيل

لم نكن ندري

__________________

(١) شنيل : نهر غرناطة الكبير. تقويم البلدان (ص ١٧٧).

(٢) حور مؤمّل : من أجمل متنزهات غرناطة سمي بذلك نسبة إلى مؤمل أحد خدام ملك غرناطة باديس بن حبوس ، ولا حتوائه على سطر من شجر اللوز. الإحاطة (ج ١ / ص ١١٧) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٢١).

٨٤

قلت والمزج استدارا

بذرى الكأس سوارا

سالبا منا الوقارا

دائرا من حيث دار

صاد أطيار العقول

شبك الخمر

وعد الحبّ فأخلف

واشتهى المطل فسوّف

ورسولي قد تعرّف

منه ما أدري فحرّف

بالله قل يا رسولي

لش يغب بدري

ونجد : مكان مطلّ على بسيطها ، من أشرف متنزهاتها ، فيه يقول عالمها أبو الحسن سهل (١) بن مالك :

كلّ وجد سمعتم دون وجدي

لأصيل يفوت طرفي بنجد

حيث جرّرت ديل كلّ مجون

بين حور تميس فيه ورند

وسواق كأنهنّ سيوف

جرّدت في الرياض من كلّ غمد

التاج

كانت قاعدة المملكة إلبيرة ، فلما وقع ما بين العرب والعجم في مدة عبد الله المرواني سلطان الأندلس انحاز العرب إلى غرناطة ، وقام بملكهم سوّار ابن أحمد المحاربيّ ، فقتله أهل ألبيرة ، فقام بهم بعده.

٤١٢ ـ سعيد بن سليمان بن جودي السعدي (٢)

__________________

(١) هو سهل بن محمد بن سهل بن أحمد بن مالك الأزدي ، برع في المنظوم والمنثور ، من أهل غرناطة ، مات بغرناطة سنة ٦٣٩ ه‍. ترجمته في بغية الوعاة (ص ٢٦٤) والذيل والتكملة (ج ٤ / ص ١٠١) واختصار القدح (ص ٦٠) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٣٢٧).

(٢) ترجمته في الحلة السيراء (ص ٨٣) وفي أعمال الأعلام (ص ٣٥) وبغية الملتمس (ص ٢٩٤) وجذوة المقتبس (ص ٢١٣). ـ

٨٥

وكان فارسا جوادا شاعرا ومن شعره قوله يخاطب عبد الله المروانيّ (١) : [الكامل]

قل لعبد الله يشدد في الهرب (٢)

نجم الثائر من وادي القصب

يا بني مروان خلّوا ملكنا

إنّما الملك لأبناء العرب

قرّبوا الورد المحلّى بالذهب

واسرجوه إنّ نجمي قد غلب

وآل أمره إلى أن غدر به قوم من أصحابه وقتلوه. وثار بها بعده محمد ابن أضحى الهمدانيّ.

دولة صنهاجة

كانت في مدة ملوك الطوائف ، وأول ملوكهم بغرناطة :

٤١٣ ـ زاوي بن زيري بن مناد الصنهاجيّ (٣)

كان داهية البربر ، خرّب أصحابه مدينة إلبيرة وعاثوا فيها ، وأظهر هو الإنكار لذلك والعدل وقام بالمملكة ، واقتعد مدينة غرناطة ، وهزم المرتضى المروانيّ ، وعظم قدره ، ثم خاف الكرّة من أهل الأندلس ، فرحل بما حازه من الذخائر العظيمة إلى إفريقيّة وبقي بغرناطة ابن أخيه :

٤١٤ ـ حبوس بن ماكسن بن زيري (٤)

فاستبدّ بملكها ، قال ابن حيان : وكان على ما فيه من القسوة يصغي الأدب ، وكان غليظ العقاب ، فارسا شجاعا جبارا مستكبرا كامل ولية ، ولما مات ورث الملك ابنه :

٤١٥ ـ باديس بن حبوس (٥)

__________________

(١) البيت الأول والثالث في الحلة السيراء (ص ٨٣) ببعض الاختلاف عمّا هنا.

(٢) في الحلة السيراء : يا بني مروان جدوا في الهرب.

(٣) ترجمته في الإحاطة (ج ١ / ص ٣٣٤) وتاريخ ابن خلدون (ج ٤ / ص ١٦٠) والبيان المغرب (ج ٣ / ص ٢٦٤) وأعمال الأعلام (ص ٢٦٢) وبغية الملتمس (ص ٢٨٢).

(٤) ترجم له ابن الخطيب في الإحاطة (ج ١ / ص ٢٦٩) وفي تاريخ ابن خلدون (ج ٤ / ص ١٦٠) والبيان المغرب (ج ٣ / ص ٢٦٤) وأعمال الأعلام (ص ٢٦٣).

(٥) انظر ترجمته في الإحاطة (ج ١ / ص ٢٦٩) والبيان المغرب (ج ٣ / ص ٢٦٤) وأعمال الأعلام (ص ٢٦٤) وتاريخ ابن خلدون (ج ٤ / ص ١٦٠).

٨٦

وكان من أبطال الحروب وشجعانها ، يضرب به المثل في شدة القسوة كسفك الدماء ، وعظم ملكه بهزيمة زهير ملك المريّة ، وقتله واستيلائه على ثنه ، وكان على ما فيه من القسوة حسن السياسة منصفا حتى من أقاربه. نفت له يوما عجوز فشكت عقوق ابنها ، وأنه مدّ يده إلى ضربها ، حضره وأمر بضرب عنقه ، فقالت له يا مولاي ما أردت إلا ضربه بالسوط فناده فقال : لست بمعلّم صبيان ، وضرب عنقه.

ومات ، فورث الملك بعده ابن أخيه :

٤١٦ ـ عبد الله بن بلقّين بن حبوس (١)

ومن يده أخذها أمير المسلمين يوسف بن تاشفين حين استولى على ملوك الطوائف فتداول عليها ولاة الملثمين إلى أن انقرضت دولتهم فقام بها من الأندلسين :

٤١٧ ـ أبو الحسن علي بن أضحى الهمدانيّ (٢)

من بيت عظيم بها ، قد صحّ له ملكها فيما تقدّم ، وكان قد ولي قضاء القضاة بغرناطة ، واشتهر بالجود ، وجلّ قدره ، فصحّ له القيام بملك غرناطة. إلا أنه لم يبق إلا قليلا ، وتوفي حتف أنفه. ومن شعره قوله وقد دخل مجلسا غاصّا ، فجلس في أخريات الناس ، وأراد التنبيه على قدره : [الكامل]

نحن الأهلة في ظلام الحندس

حيث احتللنا فهو صدر المجلس

إن يذهب الدّهر الخئون بعزّنا

ظلما فلم يذهب بعزّ الأنفس

وولي بعده أمر غرناطة ابنه أضحى ، ثم صارت للمستنصر بن هود ، ووقع فيها تخليط. إلى أن ملكها المصامدة وتداول عليها ولاتهم ؛ ثم صارت لابن هود المتوكل الذي ملك الأندلس في عصرنا وتداولت عليها ولاته ؛ ثم مات ابن هود فاتخذها كرسيّا :

٤١٨ ـ أمير المسلمين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الأحمر المرواني (٣)

وهو إلى الآن بها مثاغرا لعساكر النصارى الكثيرة بدون ألف فارس. وهو من عجائب الدهر

__________________

(١) ترجمته في تاريخ ابن خلدون (ج ٤ / ص ١٦١) وأعمال الأعلام (ص ٢٦٨).

(٢) ترجمته في قلائد العقيان (ص ٢١٥ ، ٢١٦) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٠٢) والحلة السيراء (ص ٢٠٧) والرايات (ص ٥٣).

(٣) انظر ترجمته في أعمال الأعلام (ص ٣٢٠) وفي الإحاطة (ج ٢ / ص ٥٩).

٨٧

في الفروسية والإقدام والسّعادة في لقاء العدو. ويفهم الشعر ويكثر مطالعة التاريخ. وقد ملك إشبيلية وقتل ملكها المعتضد الباجي ، وكنت حينئذ هنالك وأنشدته قصيدة أولها : [الطويل]

لمثلك تنقاد الجيوش الجحافل

وتذخر أبناء القنا والقنابل

ذوو البيوت

٤١٩ ـ أبو الحسن علي بن جودي (١)

من ولد سعيد بن جودي في ملوك غرناطة ، قرأ على أبي بكر بن باجّة فيلسوف الأندلس فاشتهر بذلك واتّهم في دينه ، فطلب ، ففرّ ، وصار مع قطّاع طري بين الجزيرة الخضراء وقلعة خولان ، وقال في ذلك) : [الطويل]

أروم بعزماني تناسى عهدكم

فتأبى علينا فيكم العزمات

فأقسم لولا البعد منكم لسرّني

ثوابي بالغابات وهي فلاة

فإنّ بها من رهط كعب وعامر

سراة نمتهم للعلاء سراة

أبوا أن يحلّوها بلاد حضارة

مخافة ضيم والكفاة أباة

فخطّوا بأمّ القفر دارا عزيزة

تمار على حكم القنا وتقات

فيا ليت شعري والمنى تخدع الفتى

ودأب الليالي ملتقى وشتات

أفرقتنا هذي تكون لقاءة

أم الدهر يأس بعدكم وبتات

وأنشد له والدي :

نبّهته وعيون الزّهر نائمة

والطلّ يبكي وثغر الكاس يبتسم

والبرق يرقم من برد الدّجى علما

والزّهر عقد بجيد النّهر منتظم

حتى بدت راية الإصباح زاحفة

في كفّ ذي ظفر والليل منهزم

٤٢٠ ـ جودي بن جودي

من أعلام هذا البيت ، سكن مدينة وادي آش وبينه وبين والدي مخاطبات وأنشدني والدي من شعره قوله : [الطويل]

شربنا وبرد الليل يطويه صبحه

وأردية الشمس المنيرة تنشر

__________________

(١) انظر ترجمته في معجم الصدفي (ص ٢٧٨) وفي المطمح (ص ٩٠) توفي سنة ٥٣٠ ه‍.

٨٨

وقد هتفت ورق الحمام بدوحها

وكفّ الصّبا زهر الحدائق تنثر

مشعشة رقّت وراقت كأنما

يصاغ لها من صنعة المزج جوهر

إذا قهقه الإبريق قالوا تكلّمت

كما أنّها عن أعين المزج تنظر

وإن لمحت في كأسها رفرفت هوى

عليها نفوس بالتنسّم تسكر

٤٢١ ـ عبد الرحيم بن الفرس (١) يعرف بالمهر

قرأ مع والدي وكان يصفه بالذكاء المفرط والتفنن والتقدم في الفلسفة ، وآل أمره إلى أن سمت نفسه لطلب الهداية ، فأظهر أنه القحطانيّ الذي ذكر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه لا تقوم الساعة حتى يقود الناس طوع عصاه ، وكان قيامه في برابر لمطة في قبلة مراكش ، وقال يخاطب بني عبد المؤمن شعرا اشتهر منه : [البسيط]

قولوا لأبناء عبد المؤمن بن علي

تأهّبوا لوقوع الحادث الجلل

قد جاء سيد قحطان وعالمها

ومنتهى القول والغلّاب للدول

الناس طوع عصاه وهو سائقهم

بالأمر والنّهي نحو العلم والعمل

فبادروا أمره فالله ناصره

والله خاذل أهل الزّيغ والميل

وآل أمره معهم إلى أن قتلوه ، وأرسلوا رأسه إلى مراكش ، فعلّق على باب الشريعة.

٤٢٢ ـ أبو بكر عبد الرحمن بن أبي الحسن بن مسعدة (٢)

بيت رفيع في غرناطة. أخبرني والدي : أنه من كتّاب عثمان بن عبد المؤمن ملك غرناطة ، ولما قتل عثمان المذكور أبا جعفر بن سعيد كتب ابن مسعدة إلى أبيه عبد الملك بن سعيد رسالة ، منها :

أيّتها النفس أجملي جزعا

إنّ الذي تحذرين قد وقعا

سيدي الأعلى : نداء من كاد قلمه لا يطيعه ، ومن تمحو ما كتبه دموعه ، مثلك لا يعلّم التعزّي ومثل المفقود ، رحمة الله عليه ، لا يؤمر بالصبر عنه : [الوافر]

إذا قبح البكاء على قتيل

رأيت بكاءك الحسن الجميلا

ولا أقلّ من أن تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا يفعل ما يوهن المجد ، ولا يقال ما يسخط

__________________

(١) انظر تاريخ ابن خلدون (ج ٦ / ص ٢٥٠).

(٢) انظر ترجمته في الوافي للصفدي (ج ٦ / ص ٩٤) وفي التحفة (رقم ٥٣) وفي التكملة (ص ٥٨٠).

٨٩

الرّبّ. وسيدي وإن كان المرحوم نجله ، فإني في الحزن عليه لا يبعد أن أكون مثله ؛ فذكره الحسن أخلاقه وأفعاله التي كانت تدلّ على طيب أعراقه : [الوافر]

كأنّك لم تكن إلفي وخلّي

ولم أقطع بك الليل الطويلا

٤٢٣ ـ أخوه أبو يحيى محمد

ذكر لي والدي : أنه كان يكتب مع أخيه المذكور لعثمان بن عبد المؤمن ، وأنشدني من شعره قوله : [السريع]

لا تدعني إلا لشدو وراح

وشادن كالمهر جمّ المراح

مهفهف همّت له وجنة

تسفر في جنح الدّجى عن صباح

أسكتني الخوف كخلخاله

لكن هواه ردّني كالوشاح

٤٢٤ ـ عبد الرحمن بن الكاتب

تأثّل هذا البيت بغرناطة إلى الآن ، وكان عبد الرحمن هذا يكتب عن محمد ابن سعيد صاحب القلعة ، وإياه يخاطب بقوله :

يا أيها القائد المعلّى

ومن لديه النّوال نهب

ليس على غيرك اتّكالي

وأنت بدري الذي احبّ

وقد ترقّى بكم أناس

ألسنتهم بالثناء رحب

وها أنا في الحضيض ثاو

وهم بأفق العلاء شهب

٤٢٥ ـ ابنه أبو عبد الله محمد

ذكر والدي : أنه اجتمع به وكان من أظرف الناس ، واستكتبه منصور بني عبد المؤمن ؛ ومن شعره قوله : [الطويل]

يعدّ رجال آخرين لدهرهم

ومن بعد لا يحظون منهم بطائل

وقلّ غناء عنك قولك صاحبي

وما لك منه غير عضّ الأنامل

٤٢٦ ـ إسماعيل بن يوسف بن نعزلّه اليهوديّ (١)

__________________

(١) انظر ترجمته في الإحاطة (ج ١ / ص ٤٣٤) وأعمال الأعلام (ق ٢ / ص ٢٣٠) والبيان المغرب ـ ـ (ج ٣ / ص ٢٦٤). وتاريخ ابن خلدون (ج ٤ / ص ٣٤٦) ونفح الطيب (ج ٦ / ص ٩٣) باسم ابن نفدلة توفي عام ٤٤٨ ه‍. وأخباره في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٧٦٦ وما بعدها).

٩٠

من بيت مشهور في اليهود بغرناطة ؛ آل أمره إلى أن استوزره باديس ابن حبوس ملك غرناطة ، فاستهزأ بالمسلمين ، وأقسم أن ينظم جميع القرآن في أشعار وموشحات يغنّى بها ، فآل أمره إلى أن قتله صنهاجة أصحاب الدولة ، بغير أمر الملك ، ونهبوا دور اليهود وقتلوهم.

ومن شعره الذي نظم فيه القرآن قوله :

نقشت في الخدّ سطرا

من كتاب الله موزون

لن تنالوا البرّ حتى

تنفقوا مما تحبّون

وأنشد له صاحب المسهب قوله : [السريع]

يا غائبا عن ناظري لم يغب

عن خاطري رفقا على الصّبّ

فما له في البعد من سلوة

وما له سول سوى القرب

صوّرت في قلبي فلم تبتعد

عن ناظر الفكرة بالحبّ

ما أوحشت طلعة من لم يزل

فينقل من طرف إلى قلب

٤٢٧ ـ ابنه يوسف (١)

كان صغيرا لما قتل أبوه بغرناطة وصلب في نهر سنجل ، فهرب إلى إفريقية ، وكتب من هنالك إلى أهل غرناطة شعره المشهور الذي منه : [الخفيف]

أقتيلا بسنجل ليس تخشى

حشر جسم وقد سمعت النّصيحا

غودر الجسم في التراب طريحا

وغدا الرّوح في البسيطة ريحا

أيها الغادرون هلّا وفيتم

وقديتم شبه الذّبيح الذبيحا

إن يكن قتلكم له دون ذنب

قد قتلنا من قبل ذاك المسيحا

ونبيّا من هاشم قد سممنا

خرّ من أكلة الذراع طريحا

الوزراء

٤٢٨ ـ عبد الرحيم بن عبد الرزاق (٢) وزير عبد الله بن بلقّين ملك غرناطة

__________________

(١) انظر الإحاطة (ج ١ / ص ٢٧٢).

(٢) انظر خريدة القصر (ج ٢ / ص ١٣٣).

٩١

ذكره صاحب الذخيرة ، وأنشد له قوله : [السريع]

صبّ على قلبي هوّى لاعج

ودبّ في جسمي ضنّى دارج

في شادن أحور مستأنس

لسان تذكاري به لاهج

ما قدر نعمان إذا ما مشى

وما عسى تبلغه عالج

٤٢٩ ـ أبو الحسن علي بن الإمام (١)

كانت تميم بن يوسف بن تاشفين ملك غرناطة. وتغرّب بعد هروبه من غرناطة وسافر إلى مصر.

ومن شعره قوله : [الكامل]

يا ليت شعري والأماني كلّها

زور يغرّك أو سراب يلمع

هل تربعنّ ركائبي في بلدة

أم هكذا خلقت تخبّ وتوضع

في كلّ يوم منزل وأحبّة

كالظلّ يلبس للمقيل ويخلع

الكتّاب

٤٣٠ ـ أبو بكر محمد بن الجراويّ

من أعيان كتّاب غرناطة في مدة الملثّمين ، ومن شعره قوله في رثاء : [الطويل]

حنانيك قد أبكيت حتى الغمائما

وشقّقت عن أزهارهنّ الكمائما

وأدميت خدّا للبروق بلطمها

وخلّفت من نوح الرّعود مآتما

ولم يبق قلب لا يقلّبه الأسى

وأشجيت في أغصانهنّ الحمائما

العمال

٤٣١ ـ أبو محمد عبد الرحمن بن مالك (٢)

صاحب مختص أمير المسلمين يوسف بن تاشفين في غرناطة وغيرها من بلاد أندلس.

__________________

(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ١٦٢) وابن دحية في المغرب (ص ٨٩).

(٢) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٠٣) وفي قلائد العقيان (ص ١٦٩).

٩٢

ذكره الحجاريّ وأثنى عليه وقال في وصفه : ناهيك من سيد لم يقتنع إلا بالغاية ، ولا وقف إلّا عند النهاية ، وأنشد له قوله ، وقد طرب في سماع فشقّ ثيابه (١) : [الخفيف]

لا تلمني بأن طربت لشدو (٢)

يبعث الأنس فالكريم طروب

ليس شقّ الجيوب حقّا علينا

إنما الحقّ أن تشقّ القلوب

القضاة

٤٣٢ ـ أبو محمد عبد الحق بن عطية قاضي غرناطة (٣)

مذكور في القلائد والمسهب وهو صاحب التفسير الكبير في القرآن ، وقد ولي أبوه أيضا قضاء غرناطة ، ومن أحسن شعره قوله : [الوافر]

وكنت أظنّ أنّ جبال رضوى

تزول وأنّ ودّك لا يزول

ولكنّ الزمان له انقلاب

وأحوال ابن آدم تستحيل

فإن يك بيننا وصل جميل

وإلّا فليكن هجر جميل

العلماء

٤٣٣ ـ أبو عمرو حمزة بن علي الغرناطي المؤرخ

ذكر والدي : أن له كتابا في تاريخ الفتنة التي انقرضت بها دولة الملثّمين. ومن شعره قوله :

يا واحدا في العالي ما له تالي

حسّن بفضلك يا مولاي أحوالي

فقد ظميت إلى ورد وليس سوى

نداك يروي غليلا شفّ أوصالي

فلست أبرح طول الدهر مجتهدا

أثنى عليك بما تستطيع أقوالي

٤٣٤ ـ أبو بكر يحيى بن الصيرفيّ المؤرخ الغرناطيّ (٤)

أخبرني والدي أن له تاريخا ، وموشحاته مشهورة ، ومن شعره قوله :

__________________

(١) البيتان في قلائد العقيان (ص ١٦٩) وفي نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٠٤).

(٢) في القلائد والنفح : لشجو.

(٣) انظر ترجمته في الصلة (ص ٣٨٠) والخريدة (ج ٢ / ص ١٦٦) والقلائد (ص ٢٠٨). توفي سنة ٥٤١ ه‍.

(٤) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ١٥٩) والتكملة (ص ٧٢٣) توفي سنة ٥٥٧ ه‍.

٩٣

أجرت دمي تحت اللّثام لثاما

وسقت ولم تدر الكؤوس مداما

شمس إذا سرقت معاطف بانة

في ثوبها سجع الحليّ حماما

وتنفّست في الصّبح منها روضة

باتت تنادم بارقا وغماما

نجد به عثر النسيم بمسكة

في تربها فتفرّقت أنساما

٤٣٥ ـ أبو بكر محمد بن الحسين بن باجه (١)

فيلسوف الأندلس وإمامها في الألحان ، ذمّه صاحب القلائد بالتعطيل ، وقال في وصفه : رمد جفن الدين ، وكمد نفوس المهتدين. وأطنب في الثناء عليه صاحب المسهب والسمط ، وكان جليل المقدار وقد استوزره أبو بكر بن تيفاويت ملك سرقسطة ، وأكثر ابن باجه من رثاثه ، وغنّى بها في ألحان مبكية ، من ذلك قوله : [الطويل]

سلام وإلمام وروح ورحمة

على الجسد النائي الذي لا أزوره

أحقا أبا بكر تقضّى فما يرى

تردّ جماهير الوفود ستوره

لئن أنست تلك القبور بقبره

لقد أوحشت أمصاره وقصوره

وقوله (٢) : [المديد]

يا صدّى بالثغر جاوره

رمم بوركن (٣) من رمم

صبّحتك الخيل غادية

وأثارتك فلم ترم

قد طوى ذا الدهر بزّته (٤)

عنك فالبس بزّة (٥) الكرم

٤٣٦ ـ تلميذه أبو عامر محمد بن الحمارة الغرناطيّ (٦)

برع في علم الألحان ، واشتهر عنه أنه كان يعمد للشّعراء ، فيقطع العود بيده ، ثم يصنع منه

__________________

(١) ذكره ابن بسام في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٢١) وفي قلائد العقيان (ص ٣٠٤) وفي طبقات الأطباء (ج ٢ / ص ٦٢) والوافي بالوفيات (ج ٢ / ص ٢٤٠).

(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٢١) وقلائد العقيان (ص ٣٠٤).

(٣) في الذخيرة : بوركت.

(٤) في الذخيرة : غرّته. وفي القلائد : عزته.

(٥) في الذخيرة والقلائد : حلّة.

(٦) انظر ترجمته في بغية الملتمس (ص ٥٣٢) والمطرب (ص ١٠٩) ونفح الطيب (ج ١ / ص ١٩٨) (ج ٥ / ص ١٦٢).

٩٤

عودا للغناء ، وينظم الشعر ، ويلحّنه ، ويغنّي به ، ومن شعره قوله وهو غاية في علو الطبقة : [الطويل]

إذا ظنّ وكرا مقلتي طائر الكرى

رأى هدبها فارتاع خوف الحبائل

وقوله في رثاء زوجته :

ولما أن حللت الترب قلنا

لقد ضلّت مواقعها النجوم

ألا يا زهرة ذبلت سريعا

أضنّ المزن أم ركد النّسيم

الشعراء

٤٣٧ ـ مطرّف بن مطرّف (١)

اجتمع به والدي ، وأثنى عليه في طريقة الشعر ، وذكر أنه قتله النصارى في الوقعة التي كانت سنة تسع وستمائة ، وأنشد له قوله (٢) :

أنا صبّ كما تشاء وتهوى

شاعر ماجن خليع جواد

أرضعتني العراق ثدي هواها

وغذتني بظرفها بغداد

راحتي لوعتي وإن طال سقم

وتوالى (٣) على الجفون سهاد

سنّة سنّها قديما جميل

وأتى المحدثون مثلي فزادوا

٤٣٨ ـ نزهون بنت القلاعيّ (٤)

شاعرة ماجنة كثيرة النوادر ، وهي التي قالت لأبي بكر بن قزمان الزجال ، وقد أمرته بغفارة صفراء ، وكان قبيح المنظر : أصبحت كبقرة بني إسرائيل ولكن لا تسرّ الناظرين. ودخل الكتندي على الأعمى المخزوميّ ، وهي تقرأ عليه ، فقال للمخزوميّ أجز (٥) : [الكامل]

__________________

(١) انظر ترجمته في المقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ١٥١) ونفح الطيب (ج ١ / ص ١٥٨). وفي زاد المسافر (ص ١٠٦) والتحفة (رقم : ٦٤).

(٢) الأبيات في زاد المسافر (ص ١٠٦).

(٣) في الزاد : وتمادى.

(٤) ترجمتها في المقتضب من كتاب تحفة القادم (ص ٢١٦) وبغية الملتمس (ص ٥٤٦) ونفح الطيب (ج ١ / ١٧٢ ، ١٧٣).

(٥) الأبيات في النفح (ج ٦ / ص ٧٢).

٩٥

لو كنت تبصر من تكلّمه (١)

فأفحم الأعمى ولم يحر جوابا

فقالت نزهون : [الكامل]

لغدوت أخرس من خلاخله

البدر يطلع من أزرّته

والغصن يمرح في غلائله

الأهداب

موشحة مشهورة لعبد الرحيم بن الفرس الغرناطيّ.

يا من أغالبه والشوق أغلب

وأرتجي وصله والنجم أقرب

سددت باب الرّضا عن كل مطلب

زرني ولو في المنام

وجد ولو بالسلام

فأقلّ القليل

يبقي ذماء المستهام

كم ذا أداري الهوى وكم أعانيه

ولو شرحت القليل من معانيه

أمللت أسماعكم ممّا أرانيه

هيهات باع الكلام

ما إن يفي بغرام

أين قال وقيل

عن زفرتي وهيامي

أمّا هواكم ففي قلبي مصون

ليست مرجّمة فيه الظنون

إن لم أصنه أنا فمن يكون

نزهت فيه مقامي

عن خوض أهل الملام

أين منّي جميل

وعروة بن حزام

__________________

(١) في النفح : تجالسه.

٩٦

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثالث

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب مملكة إلبيرة

وهو

كتاب الحوش ، في حلى قرية شوش

قرية مشهورة على نهر كبير يمر على مدينة إستجّة (١) ويصب في نهر قرطبة ؛ منها :

٤٣٩ ـ أبو المخشيّ عاصم بن زيد بن يحيى بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عدي بن زيد التميمي ثم العبادي (٢)

من المسهب : أن أباه دخل الأندلس من المشرق مع جند دمشق ، فنزل بقرية شوش ، ونشأ ابنه على قول الشعر ، واشتهر به ، إلا أنه كان جسورا على الأعراض ، فقطع لسانه هشام بن عبد الرحمن سلطان الأندلس ، وانجبر قليلا ، واقتدر على الكلام ، وكان الشعراء يطعنون في نسبه

__________________

(١) استجّة : قاعدة إقليم إشبيلية الغربي في إسبانيا يتعاطى سكانها تربية الثيران للصراع. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٣٩).

(٢) انظر ترجمته في بدائع البدائه (ص ٢١) وبغية الملتمس (ص ٥١٣) وجذوة المقتبس (ص ٣٧٧).

٩٧

بالنصرانية ، ولما قال فيه ابن هبيرة (١) : [الوافر]

أقلفتك التي قطعت بشوش

دعتك إلى هجائي وانتصالي

أجابه بقوله : [الوافر]

سألت وعند أمّك من ختاني

بيان كان يشفي (٢) من سؤالي

فغلب عليه :

وكان الذي غاظ عليه هشام بن عبد الرحمن أنه قال في مدح أخيه سليمان المباين له : [الوافر]

وليس كمثل من إن سيم عرفا

يقلّب مقلة فيها اعورار

وكان هشام أحول ، فاغتاظ ، وركب منه ما ركب من المثلة ، وكبر ذلك على أبيه عبد الرحمن وعنّفه عليه ، وأحسن إلى أبي المخشي. وذكر ابن حيان : أنه مات في دولة الحكم بن هشام ، وأنشد له الحميدي : [الوافر]

وهمّ ضافني في جوف يمّ

كلا موجيهما عندي كبير

فبتنا والقلوب معلّقات

وأجنحة الرياح بنا تطير

__________________

(١) الأبيات في بدائع البدائه (ص ٢١).

(٢) في بدائع البدائه : جواب كان يفني.

٩٨

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الرابع

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الإلبيرية

وهو

كتاب السحب المنهلّة ، في حلى قرية عبلة

من قرى غرناطة ، ينسب إليها :

٤٤٠ ـ عبد الله العبلي

شاعر جاء ذكره في كتاب المقتبس لابن حيان ، كان يناضل أهل غرناطة عن شعراء إلبيرة في تلك الفتن ، ومما قاله فيها قوله : [الطويل]

منازلهم منهم قفار بلاقع

تجاري السّفا فيها الرياح الزعازع

وفي القلعة الحمراء تبديد جمعهم

ومنها عليهم تستدير الوقائع

كما جدّلت آباءهم في خلائها

أسنّتها والمرهفات القواطع

فهاجت هذه القصيدة أحقادهم.

٩٩

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الخامس

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب مملكة إلبيرة

وهو

كتاب نقش الراحة ، في حلى قرية الملّاحة

من قرى غرناطة ، ينسب إليها :

٤٤١ ـ أبو القاسم محمد بن عبد الواحد الملّاحيّ (١)

مؤرخ غرناطة وأديبها ، وأدركه والدي ، وله تاريخ غرناطة ومن شعره قوله : [الكامل]

أهلا وسهلا بالحبيب الزائر

يفديه سمعي والفؤاد ناطري

ما ضرّ ليلا زارني في جنحه

أن ليس يسفر عن هلال زاهر

عانقته فكأن كفّي لم تزل

من نشره في زهر روض عاطر

حتى إذا ما الصبح لاح وغرّدت

طير أثرن بشجوهنّ سرائري

وليّ انفصالا عن مسارح ناظري

لكنّه لم ينفصل عن خاطري

__________________

(١) انظر التكملة لابن الأبار (ص ٣٢٥).

١٠٠