المغرب في حلى المغرب - ج ٢

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ٢

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب موسطة الأندلس

وهو

كتاب النفحة البستانية ، في حلى مدينة الجيانيّة

مملكة جليلة بموسطة الأندلس ، معروفة بالمحارث والأخشاب ، وهي بين غرناطة وطليطلة ومرسية ، ينقسم كتابها إلى أحد عشر كتابا :

كتاب الغصن الريان ، في حلى حضرة جيّان

كتاب السّراج ، في حلى قسطلة درّاج

كتاب وشي الخياطة ، في حلى مدينة قيجاطة

كتاب الفوائد المسطورة ، في حلى معقل شقورة

كتاب البستان ، في حلى سمنتان

كتاب الآسة ، في حلى بيّاسة

كتاب الوجنة الموردة ، في حلى أبّدة

كتاب الغبطة ، في حلى بسطة

كتاب الخيزرانة ، في حلى برشانة

كتاب الفرائد المفصلة ، في حلى تاجلة

كتاب المسرات المسلية ، في حلى قولية

٤١

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الأول

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الجيانية

وهو

كتاب الغصن الريّان ، في حلى حضرة جيّان (١)

هي عروس ، لها منصة وتاج وسلك.

المنصة

من كتاب الرازي : جمعت تناهي طيب الأرض وكثرة الثمر ، وغزر السّقيا ، واطراد العيون ، وكثرة الحرير. قال ابن سعيد : مدينة جيّان من أعظم مدن الأندلس في المنعة ، لا ترام بقتال وأكثرها خصبا ورخصا للحوم والحبوب ، وتعرف بجيان الحرير ، لكثرته فيها.

__________________

(١) جيّان : (خاين) : قاعدة إقليم جيان في (الأندلس) أنجبت على أيام العرب عدة علماء أشهرهم ابن مالك صاحب الألفية في علم النحو. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٢٢٣).

٤٢

التاج

كانت في مدة ملوك الطوائف تارة لبني عبّاد ، وتارة لصنهاجة (١) ملوك غرناطة ، واشتهر بها في صدر دولة عبد المؤمن :

٣٦٤ ـ أبو إسحاق إبراهيم بن همشك (٢)

وكان يضرب به المثل في السّطوة والقتل ، وكان يردي أهل الجنايات من حافّة عظيمة.

وقد حصلت الآن في يد النصارى بعد حصار عظيم سلمها لهم ابن الأحمر ، ملك غرناطة الآن.

السلك

الكتاب

٣٦٥ ـ أبو العباس أحمد بن السعود (٣)

كاتب ابن همشك المذكور. من نظمه قوله : [الطويل]

إليك وإلّا من على الأرض يفضل

ويطلب منه جاهه ويؤمّل

لك الخبر المتلوّ في كل بلدة

لأنك في كلّ الأمور مكمّل

ولولاك ما سار اشتهاري في العلا

ولا كنت في آفاقها أتوقّل

٣٦٦ ـ أبو الحجاج يوسف بن العم

كان قد أخذ نفسه بالجندية والأدب ، وكتب عن ابن همشك المذكور.

ومن شعره قوله :

__________________

(١) صنهاجة : قبائل من البربر في المغرب. جاء ذكرهم في كتاب ديوان العبر لابن خلدون. منهم الطوارق وسكان الهقار والملثمون وغيرهم ممن مثلوا دورا خطيرا في حروب المغرب أسهموا في قيام دولة المرابطين. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٤٢٦).

(٢) انظر ترجمته في المعجب (ص ١٠٥) وأعمال الأعلام (ص ٢٩٩).

(٣) ذكره المقري وأنشد بعض شعره في النفح (ج ٥ / ص ١٣٦).

٤٣

سلى بي إذا ما الخيل جالت فإنني

أكون لها صدرا أمام الطّوالع

وأثنى عناني ظافرا نحو بلده

إليّ بها تومي جميع الأصابع

ذوو البيوت

٣٦٧ ـ أبو ساكن حامد بن سمجون (١)

ذكر الحجاري : أنه من بيت جليل ، كانوا بدور مجالس وليوث كتائب ، وصحب أبو ساكن الظافر بن ذي النون. ومن شعره قوله :

كلّفتني الصبر وأنت الذي

أنفقته حتى أطعت الجماح

أشكو ولا ترحمني دائما

كما شكا البحر لعصف الرياح

وتظهر الخجلة مكرا كما

تخجل عند القطع بيض الصّفاح

٣٦٨ ـ أبو الحسن علي بن السعود

اجتمع به والدي بحضرة مراكش (٢) ، ومن شعره قوله في مطلع قصيدة يمدح بها منصور بني عبد المؤمن : [الطويل]

بعودتك الغرّاء عاودنا السعد

عظمت فلا قبل سواك ولا بعد

يروم أناس عدّ ما أنت فاعل

فصبرهم يفنى وما فني العدّ

وقوله :

انظر إلى البدر بدا ضاحكا

في أوجه الأكؤس وهي العبوس

قبّلها البدر غراما بها

فكلّ كأس بحلاه عروس

يا ليت شعري وهو أدرى بها

ثغور غيد هذه أم كؤوس

فلا تسل عما أنارت بما

بينهما من طرب في النفوس

__________________

(١) انظر ترجمته في التكملة (ص ٣٤) وطبقات الأطباء (ج ٢ / ص ٥١) والوافي بالوفيات (ج ٢ / ص ٢٨٤).

(٢) مراكش : مدينة في المملكة المغربية قاعدة إقليم مراكش تقع على نهر تانسيفت في سفح الأطلس الأعلى. ازدهرت في عهد الموحدين. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٦٤٩).

٤٤

العلماء

٣٦٩ ـ العالم المتفنن أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن ثعلبة الخشني (١)

عالم جليل ذكره ابن حيان وفي كتاب المسهب : كان زاهدا ، لغويا ، نحويا ، شاعرا ، رحل إلى المشرق ، ولقي أبا حاتم السجستاني ، وجاء إلى الأندلس بعلم كثير. ومن مشهور شعره قوله : [الطويل]

كأن لم يكن بين ولم تك فرقة

إذا كان من بعد الفراق تلاقي

كأن لم تؤرّق بالعراقين مقلتي

ولم تمر كفّ الشوق ماء مآقي

ولم أزر الأعراب في خبت أرضهم

بذات اللّوى من رامة (٢) وبراق )

٣٧٠ ـ النحوي أبو بكر محمد بن مسعود الخشني (٤)

من سمط الجمان (٥) : بقية العظماء ، وأحد الجلّة العلماء ، أحد من تاهت الجزيرة بأدواته ، وباهت بمعداته ، وألطف شعره قوله : [البسيط]

يا نائبا قد نأى عنّي بمصطبري

وثاويا في سواد القلب والبصر

إمّا تناسيت عهدا من أخي ثقة

فاذكر عهودي فما أخليك من ذكري

واردد إليّ تحياتي بأحسنها

تردد عليّ حياتي آخر العمر

٣٧١ ـ النحويّ أبو ذر مصعب بن أبي بكر بن مسعود (٦)

__________________

(١) انظر ترجمته في تاريخ علماء الأندلس (ج ١ / ص ٣١٦) وجذوة المقتبس (ص ٦٣) وبغية الملتمس (ص ٩٢) وبغية الوعاة (ص ٥٢).

(٢) رامة : قرية في فلسطين. تشرف على بلاد صور وجبال القدس والبحر المتوسط ومدينة صفد وبحيرة طبرية ، المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٣٠٣).

(٣) براق : هي في السيرة : دابة مجنحة طارت بمحمد من مكة إلى القدس ويصفونها «دون البغل وفوق الحمار» تضع خطوها عند أقصى طرفها. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ١٢٢).

(٤) انظر ترجمته في التكملة (ص ١٨٨) وبغية الوعاة (ص ١٠٥) ومعجم الأدباء (ج ١٩ / ص ٥٤) وبغية الملتمس (ص ١٢١).

(٥) هو كتاب : سمط الجمان وسفط المرجان ـ لأبي عمرو ابن الإمام الأندلسي ، كشف الظنون (ج ٤ / ص ٢٧).

(٦) انظر ترجمته في بغية الوعاة (ص ٣٩٢) والتكملة (ص ٣٨٥) وزاد المسافر (ص ١٠٥) توفي سنة ٦٠٤ ه‍.

٤٥

ذكر والدي أنه كان من عظماء نحاة الأندلس ، اجتمع به والده محمد بن سعيد. ومن شعره قوله :

كأنّما عمران إذ حكّني

قد أودعت كفّاه أفناكا (١)

فقلت يا جسم تنعّم به

فطالما بالهجر أفناكا

٣٧٢ ـ الأديب أبو عمر أحمد بن فرج (٢)

صاحب كتاب الحدائق.

ألّفها للمستنصر المرواني ، ورفع له أن هجاه ، فسجنه ومات في سجنه ، وذكر الحجاري :

أنه لم يكن في المائة الرابعة أشدّ اعتناء منه بتأليف شعر أهل الأندلس ، وأحسن شعره قوله (٣) : [الوافر]

وطائعة الوصال عففت (٤) عنها

وما الشّيطان فيها بالمطاع

بدت في الليل سافرة فباتت

دياجي الليل سافرة القناع

وما من لحظة إلا وفيها

إلى فتن القلوب بها (٥) دواع

فملّكت النّهى حجّاب (٦) شوقي

لأجري في العفاف على طباعي

وبتّ بها مبيت السّقيب يظما

فيمنعه الكعام من الرّضاع

كذاك (٧) الرّوض ما فيه لمثلي

سوى نظر وشمّ من متاع

ولست من السوائم مهملات

فأتّخذ الرياض من المراعي

٣٧٣ ـ أخوه أبو عثمان سعيد (٨)

__________________

(١) الفنك : الذي يتخذ منه الفرو. والفنيك : طرف اللّحيين.

(٢) هو أحمد بن محمد بن فرج الجياني. ترجمته في جذوة المقتبس (ص ١٠٥) وبغية الملتمس (ص ١٥٢ ـ ١٥٣) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٧٢).

(٣) الأبيات في جذوة المقتبس (ص ١٠٥) وبغية الملتمس (ص ١٥٢) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٧٢ ، ٣٩١ ، ٣٩٢).

(٤) في الجذوة والبغية : «عدوت عنها».

(٥) في النفح والجذوة والبغية : لها.

(٦) في النفح والجذوة والبغية : جمحات.

(٧) في النفح : كذا.

(٨) هو سعيد بن محمد بن فرج. ترجمته في يتيمة الدهر للثعالبي (ج ٢ / ص ١٣) وبغية الملتمس (ص ٢٩٢) وجذوة المقتبس (ص ٢١١).

٤٦

ذكره الحميدي في الجذوة ووصفه بالأدب ، وأنشد له قوله (١) :

الروض زاه (٢) فقف عليه

واصرف عنان الهوى إليه

أما ترى نرجسا نضيرا

يومي إلينا بمقلتيه

نشر حبيبي حكى شذاه

وصفرتي فوق وجنتيه

فهو أنا تارة وحبّي (٣)

أخرى وفاقا لحالتيه

٣٧٤ ـ أخوهما أبو محمد عبد الله (٤)

مذكور في كتاب الجذوة ومن شعره قوله (٥) :

تداركت من خطى نادما

أأرجو (٦) سوى خالقي راحما

فلا رفعت ضرعتي إن رفعت

يديّ إلى غير مولاهما

٣٧٥ ـ الأديب يحيى بن حكم الغزال (٧)

شاعر أديب حكيم أرسله عبد الرحمن الأوسط إلى صاحب القسطنطينية (٨) رسولا ، وحصل له أنس مع السلطان وزوجته ، فجاءته ليلة بخمر ، وقالت له اشرب هذه مع ابني هذا ، وكان غلاما بديع الجمال ، فذكر أن ذلك لا يجوز في دينه ، ثم ندم ، وقال :

وأغيد ليّن الأعطاف رخص

كحيل الطرف ذي عنق طويل

ترى ماء الشباب بوجنتيه

يلوح كرونق السّيف الصّقيل

__________________

(١) الأبيات في جذوة المقتبس (ص ٢١١) وبغية الملتمس (ص ٢٩٢).

(٢) في جذوة المقتبس : للروض حسن.

(٣) في الجذوة : وإلفي.

(٤) انظر ترجمته في بغية الملتمس (ص ٣٢٠) وجذوة المقتبس (ص ٢٣٦).

(٥) البيتان في جذوة المقتبس (ص ٢٣٦).

(٦) في جذوة المقتبس : أرجو.

(٧) شاعر أوانه وأديب زمانه ، توفي سنة ٢٥٠ ه‍. ترجمته في جذوة المقتبس (ص ٣٧٤) والمطرب (ص ١٣٣) وبغية الملتمس (ص ٥٠٠) ونفح الطيب (ج ١ / ص ٢٧٠) ، (ج ٣ / ص ٢١ وما بعدها).

(٨) القسطنطينية : إستنبول أو الاستانة : مدينة في تركيا على ضفتي البوسفور. هي بيزنطيا القديمة. جعلها قسطنطين عاصمة الإمبراطورية الرومانية الشرقية وأسماها باسمه القسطنطينية». المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٤٠).

٤٧

أتى يوما إليّ بزقّ خمر

شمول الرّيح كالمسك الفتيل

ليشربها معي ويبيت عندي

فيثبت بيننا ودّ الخليل

فقلت حماقة مني ونوكا

فديتك لست من أهل الشّمول

فأيّة غرّة سبحان ربي

لو أني كنت من أهل العقول

ورجع من عنده بذخائر ملوكية.

الشعراء

٣٧٦ ـ أحمد بن محمد الكناني ديك تيس الجن (١)

هو مذكور في الجذوة والمسهب ، وكان يهاجي مؤمن بن سعيد ، ومن شعره قوله [الكامل]

قم هاتها قد حان وقت الإصبطاح

أو ما رأيت الورق تنذر بالصباح

قد نمت خليّ ما كفاك فقم بنا

ما العيش إلا أن تقوم لكأس راح

والنوم يكسر أعينا وحواجبا

والكفّ ترعش والنفوس لها مراح

٣٧٧ ـ أغلب بن شعيب (٢)

من شعراء المسهب. كان في المائة الرابعة ومن شعره قوله :

يا ساكني وادي النّقا

فارقم فمتى اللّقا

لا صبر لي من بعدكم

بل لست أطمع في البقا

٣٧٨ ـ أبو عبد الله محمد بن فرج (٣)

من شعراء الذخيرة ، وصفه بالبديهة. مرّ به غلام وسيم ، به بعض صفرة ، فقال (٤) : [البسيط]

__________________

(١) انظر ترجمته في بغية الملتمس (ص ١٥٣) وجذوة المقتبس (ص ١٠٧).

(٢) انظر ترجمته في بغية الملتمس (ص ٢٢٧).

(٣) انظر ترجمته في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٨٨٨) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٣٤).

(٤) البيتان في الذخيرة (ق ٢ / ص ٨٨٨) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٣٤).

٤٨

قالوا : به صفرة علت (١) محاسنه

فقلت : ما ذاكم عاب به نزلا (٢)

عيناه تطلب في أثآر (٣) من قتلت

فليس (٤) تلقاه إلا خائفا وجلا

__________________

(١) في النفح : عابت.

(٢) في النفح : ما ذاك من عيب به نزلا.

(٣) في النفح : أوتار.

(٤) في النفح والذخيرة : فلست.

٤٩

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الجيانية

وهو

كتاب السراج ، في حلى قسطلة درّاج

مدينة من أعمال جيّان ، تداول درّاج وبنوه على رياستها ، ومن هذا البيت متنبي الأندلس :

٣٧٩ ـ أبو عمر أحمد بن محمد بن درّاج (١)

كفاه من الافتخار أن الثعالبيّ ذكره في كتاب التيمية ، وقال : هو بالصّقع الأندلسي كالمتنبي بصقع الشام. وهو مذكور في الذخيرة ، والمتين والمسهب وكلّ أشاد بذكره ، ونبّه على قدره ، وكان قد جلّ عند المنصور بن أبي عامر سلطان الأندلس ، وله فيه أمداح جليلة. وعاش إلى الفتنة في المائة الخامسة ، وتطارحت به النّوى ، فقاسى شدة في التغرب ، وأكثر من ذكره ؛ ومن فرائد نظمه قوله من قصيدة : [الطويل]

__________________

(١) ترجمة ابن دراج في الجذوة (ص ١٠٢) والبغية (رقم ٣٤٢) والصلة (ص ٤٤) والمطرب (ص ١٤٥) واليتيمة (ج ٢ / ص ١٠٤) والذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ٥٩) والمسالك (ج ١١ / ص ٢٠١) والوافي (ج ٨ / ص ٤٩).

٥٠

ومن شيمة الماء القراح وإن صفا

إذا اضطرمت من تحته النار أن يغلي

وقوله (١) : [الكامل]

ولئن جنيت عليك ترحة راحل

فأنا الضمين (٢) لها بفرحة آيب

هل أبصرت عيناك بدرا طالعا

في الأفق إلّا من هلال غارب

وقوله (٣) :

يجرّ سكرا (٤) ـ وسكر الدلّ عاطفه

وقاره (٥) وانثناء الوشي لاذعه

ففرّع (٦) الخصر كثبانا تباعده

وأنبت الصّدر رمّانا تدافعه (٧)

٣٨٠ ـ ابنه الفضل (٨)

ذكر صاحب الجذوة : أنه أديب شاعر حذا حذو أبيه ، وكان بعد أربعمائة وأربعين ببلنسية (٩) ، ومن شعره قوله في إقبال الدولة بن مجاهد ، صاحب الجزر ودانية (١٠) :

وإذا ما خطوب دهر أطافت

وأنافت كأنّها الجنّ تسعى

كلأتنا من لسعهنّ أيادي

ملك يكلأ الأنام ويرعى

ملك إن دعاه للنصر يوما

مستضام كفاه نصرا ومنعا

أو عراه السّليب صفرا يداه

جمع الرّزق من يديه وأوعى

__________________

(١) الأبيات في ديوان ابن درّاج القسطلي (ص ١١٠ ، ١١٢) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٧).

(٢) في النفح : فأنا الزعيم.

(٣) البيتان في الذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ٨٦) وديوان ابن دراج : (ص ١٣٧ ـ ١٤٥).

(٤) في الذخيرة : يميس طورا.

(٥) في الذخيرة : وتارة.

(٦) في الذخيرة والديوان : فاستفرغ.

(٧) في الذخيرة : يدافعه.

(٨) انظر ترجمته في بغية الملتمس (ص ٤٢٩) والصلة (ص ٤٥٥) وجذوة المقتبس (ص ٣٠٨).

(٩) بلنسية : مدينة في شرق إسبانيا. مرفأ على مصب الوادي الكبير. حكمها ملوك قشتالة إلى أن استردها الملثّمون. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ١٤٢).

(١٠) قصبة الناحية الشمالية من كورة القنب الإسبانية ازدهرت تحت الحكم العربي بعد فتح الأندلس على يد طارق بن زياد ٧١٣ ه‍. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٢٨١).

٥١

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثالث

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الجيانية

وهو

كتاب وشي الخياطة ، في حلى مدينة قيجاطة

مدينة نزهة في نهاية من الحسن والخصب ، كانت الولاة تتردد عليها من جيان ، ودخلها النصارى بالسيف ، فأهلكوا من فيها. ومنها :

٣٨١ ـ أبو المعالي أحمد بن أبي البركات الملقب بالقلطي (١)

اجتمع به والدي وأنشده لنفسه في قيحاطة لما أخنى عليها العدو (٢) : [السريع]

أبكى جفوني بدم منظر

لم يك أهلا لخلاف (٣) النعيم

صبّحته بعد الرزايا فما

أجابني (٤) في ربعه من حميم

__________________

(١) انظر ترجمته في التكملة (ص ٥٧) واختصار القدح (ص ٢١١) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٢).

(٢) الأبيات في اختصار القدح (ص ٢١١) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٧٢).

(٣) في اختصار القدح : لاجتلاب.

(٤) في اختصار القدح : لجانبي.

٥٢

فظلت أقرو موضعا موضعا

بمقلة عبرى وخدّ لطيم

وقلت يا مربع أين الذي (١)

أحببته فيك وأين النّديم

فقال عقد (٢) قد غدا شمله

كمثل ما ينثر درّ نظيم

__________________

(١) في نفح الطيب : فقلت يا ربعهم أين من.

(٢) في النفح : فقال عهد.

٥٣

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الرابع

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الجيانية

وهو

كتاب الفوائد المسطورة ، في حلى معقل شقورة

البساط

قال الحجاري : هي إحدى معاقل الأندلس التي يتعب البصر في استقصاء سمكها ، ويرتدّ حسيرا عن آفاق ملكها ؛ لا يأخذها قتال ، ولا يبالي من اعتصم بها إلا بالآجال ، وفيها يقول الوزير ابن عمّار :

عال كأنّ الجنّ إذ مردت

جعلته مرقاة إلى السّحب

العصابة

٣٨٢ ـ عتاد الدولة أبو محمد عبد الله بن سهل

من المسهب : بطل أديب ، يؤخذ من ماله وأدبه ، ملكها في مدة ملوك الطوائف ، وعنده حصل الوزير ابن عمار أسيرا ، ومن شعره قوله :

٥٤

خذ ما أتاك من الزمان المدبر

فالطّلّ يقنع كلّ من لم يمطر

كم ذا التأوّه طول دهرك حسرة

لمّا تعدّاك الذي لم يقدر

لا تطمحنّ لما خلقت لدونه

للبدر قدر لم ينله المشتري

السلك

الكتّاب

٣٨٣ ـ ذو الوزارتين أبو عبد الله محمد بن أبي الخصال (١) كاتب أمير المسلمين

مذكور بأجلّ ذكر في الذخيرة والقلائد والمسهب والسقط. إلا أن صاحب القلائد غضّ من أصله. وقد تقدمت رسالته السّراجية في صدر الكتاب ، وهي أعلى نثره ، ومن كلماته قوله : لو لا الظلام ما سطع السراج ، ولو لا الصبر ما نفع الإفراج ـ أعف صديقك من ريح العتاب وإن كانت نسيما ، وأقبله من الرضا وجها وسيما ـ من أمّلك ، فقد حمّلك ، وأوجب عليك احتمال ما حمّلك ـ حقّ الأديب على الأديب ، حقّ الوابل على المكان الجديب. الأديب مع الأديب زند يصافح زندا ، ورند يفاوح رندا ـ الشوق ما اقتاد العصيّ وألزم التسيار للمكان القصيّ ـ ربّ شوق أبدع بالمطيّ ، وخطا على صدور الخطيّ ـ لا يعدم مال الكريم غارة من الإفصال تشنّ ، وعادة من الإحسان تسنّ. ومن نظمه قوله (٢) : [المنسرح]

وليلة عنبرية الأفق

ورويت فيها السرور من طرق

وافت (٣) بنا عاطلا وقد لبست

غلالة فصّلت من الحدق

فاجا (٤) بها الدهر من بنيه دجى (٥)

بفتية كالصّباح في نسق

__________________

(١) هو محمد بن مسعود بن طيب بن خلصة (سنة ٤٦٥ ه‍ ـ ٥٤٠) من فر غليط من عمل شقورة ، له مؤلفات منها : (ظل الغمامة وطوق الحمامة) و (سراج الأدب) ترجمته في المعجب (ص ٢٣٧) والقلائد (ص ١٧٥) والصلة (ص ٥٥٧) وبغية الملتمس (رقم ٢٨٢) والذخيرة (ج ٢ / ق ٢ / ص ٧٨٧ وما بعدها) والمطرب (ص ١٨٧) ومعجم الصدفي (ص ١٤٤) ورايات المبرزين (ص ٧٤) ونفح الطيب (ج ٣ / ص ٢٦٨ / ٤٦٦ / ٥١٩ / ٦٠٢) والخريدة (ج ٢ / ص ٤٤٩) وبغية الوعاة (ص ١٠٤) ومسالك الأبصار (ج ١١ / ص ٢٤٣).

(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٧٩٣).

(٣) في الذخيرة : حلّت بنا.

(٤) في الذخيرة : فجاءها.

(٥) في الذخيرة : هوىّ.

٥٥

قامت لنا في المقام أوجههم

وراحهم بالنجوم والشّفق

واطّلع البدر من ذرا غصن

تهفو عليه القلوب كالورق

من عبد شمس بدا سناه وهل

ذا البدر إلا لذلك الأفق

مدّ بحمراء من مدامته

بيضاء كفّ مسكيّة العبق

يشرب في الراح (١) حين يشربها

ما غادرت مقلتاه من رمقي

٣٨٤ ـ أخوه الوزير الكاتب أبو مروان عبد الملك (٢)

أثنى عليه صاحب السّمط ، وله الرسالة المشهورة عن أمير المسلمين عليّ ابن يوسف إلى جماعة الملثّمين الذين انهزموا عن النصارى. منها :

أما بعد يا فرقة خبثت سرائرها ، وانتكثت مرائرها ، وطائفة انتفخ سحرها ، وغاض على حين مدّها بحرها ، فقد آن للنّعم أن تفارقكم ، وللأقدام أن تطأ مفارقكم.

الشعراء

٣٨٥ ـ حكم بن الخلوف المشهور بالعجل

من المسهب : من شعراء شقورة في المائة الخامسة كان مختصّا بخدمة صاحبها عتاد الدولة بن سهل مدّاحا له إلى أن حصل الوزير ابن عمّار في أسره ، فأكثر العجل من زيارته ، واستراح معه في شأن عتاد الدولة ، فأمر بطلبه ، ففرّ عنه وقال في شأن بيع عتاد الدولة ابن عمار من ابن عباد : [السريع]

بعت ابن عمّار بمال وهل

مثل ابن عمّار بمال يباع

عمري لقد تابعت فيه الذي

قد جاءه من قبل أهل الطّماع

فوطّن النفس على سنّة

ينبو ـ إذا تذكر ـ عنها السّماع

__________________

(١) في الذخيرة : بالراح.

(٢) انظر ترجمته في التكملة (ص ٦٠٩) وبغية الملتمس (ص ٣٦٩) وخريدة القصر (ج ٢ / ص ٢٠٤) والوافي (ج ١ / ص ٢٣) وفي المعجب (ص ١٢٤). توفي سنة ٥٣٩ ه‍.

٥٦

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الخامس

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الجيانية

وهو

كتاب البستان ، في حلى سمنتان

من المسهب : جبل سمنتان له حصون وقرى من أعمال جيّان ، واستولى عليه في إمارة عبد الله بن محمد المروانيّ عبيد الله بن الشالية ، واستفحل أمره ، واشتهر ذكره ، ومدح وقصد.

٣٨٦ ـ عبيديس بن محمود السّمنتانيّ (١)

من المسهب : كان انقطع إلى خدمة ابن الشالية المذكور ، وصار يكتب عنه ، وجرى بينهما تغيّر ، ففرّ إلى ابن حفصون فشفع فيه ، ومن أمداحه فيه قوله من قصيده [الطويل]

أيا ملكا طاعت له الإنس والجنّ

وقد مال من تيه بأيامه الغصن

علاؤك فوق النجم أضحى مخيّما

وأنت على ما نلت من رفعة تدنو

وذكره ابن حيان في المقتبس.

__________________

(١) انظر ترجمته في بغية الملتمس (ص ٣٨٧) وجذوة المقتبس (ص ٢٧٨).

٥٧

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب السادس

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الجيانيّة

وهو

كتاب الآسة ، في حلى مدينة بيّاسة

طيّبة الأرض ، وكثيرة الزرع والأشجار والزعفران الذي يحمل إلى الآفاق ، وهي على النهر الأعظم المفضى إلى إشبيلية ، وهي الآن في أيدي النصارى. منها :

٣٨٧ ـ أبو جعفر أحمد بن قادم (١)

ذكره الحجاريّ ، وأثنى عليه ، وعلى بيته ، وذكر أنه يلقّب بفلفل ، أنشد له قوله :

ودّعت من أحببته وتركته

والله يعلم ما ألاقي بعده

كنت أحمل صدّه في قربه

يا ليت شعري كيف أحمل بعده

يا هل تراه من يقبّل ثغره

أو يجتنيه أو يعانق قدّه

__________________

(١) ترجمته في يتيمة الدهر (ج ٢ / ص ٢٨) وقد أنشد له الثعالبي مقطوعات من شعره لم ينشدها ابن سيد هنا. وقد مرّت ترجمته في الجزء الأول من المغرب.

٥٨

أو من ينادمه بخمره لحظه

ويرود وجنته ويجني ورده

وقوله :

وكلّ زمان له شكله

فخلّ قفا نبك للأكؤس

وعدّ عن الشّيخ واعدل إلى

مخاطبة الورد والنرجس

٣٨٨ ـ أبو بكر حازم بن محمد بن حازم (١)

ذكر الحجاري : أنه ولي قضاء بيّاسة ، وكان فيها ذا أموال عريضة ، وله حسب وارف ، وشعر لطيف. منه قوله : [البسيط]

شاب الظلام وشبّ الصبح فاقتبل

عيشا جديدا بدا في طالع الأمل

أبدى لك الروض موشيّا وأغصنه

سكرى وطائره الغرّيد في جذل

وللثريّا انهزام من طوالعه

كأنه عذّل حفّت بذي خبل

٣٨٩ ـ النحويّ أبو بكر محمد بن أبي دوس البياسيّ (٢)

جعله الحجاريّ من حسنات بياسة في علوم العربية ، وذكر أنه أولع بالتنقّل والتغرّب ، وأنه أقام مدة في خدمة المعتصم (٣) بن صمادح بالمريّة (٤). وأنشد له قوله :

همّتي فوق السّماكي

ن ورجلي في الصعيد

وكذاك السّيف في الغم

د ويعلو كلّ جيد

٣٩٠ ـ المؤرخ أبو الحجّاج يوسف بن محمد البياسيّ (٥)

له تاريخ ذيّل به على تاريخ ابن حيّان إلى عصرنا. وهو الآن عند سلطان إفريقيّة في حظوة وراتب شهريّ. أنشدني لنفسه في غلام جميل الصورة كان يقرأ عليه (٦) : [الخفيف]

__________________

(١) انظر ترجمته في الصلة (ص ١٨١) وبغية الملتمس (ص ٢٧٧). توفي سنة ٤٩٦ ه‍.

(٢) ترجمته في بغية الوعاة (ص ٤١).

(٣) ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٩٤ ، ٣٣١).

(٤) من مدن مملكة غرناطة عظم شأنها على أيام عبد الرحمن. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٦٢).

(٥) ترجمته في اختصار القدح المعلى (ص ٩٤) وفي نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٨٣) وبغية الوعاة (ص ٣٢٤) توفي سنة ٦٥٣ ه‍.

(٦) الأبيات في اختصار القدح (ص ٩٤) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٨٣).

٥٩

قد سلونا عن الذي تدريه

وجفوناه إذا جفا بالتّيه

وتركناه صاغرا لأناس

خدعوه بالزّور والتّمويه

لمضلّ يهديه نحو مضلّ (١)

وسفيه يقوده لسفيه

٣٩١ ـ أبو سعيد عثمان بن عابدة

أخبرني والدي : أن الحضرميّ لما توجّه إلى أبّده وبياسه قبل كائنة العقاب (٢) سنة تسع وستمائة اجتمع بابن عابدة هذا وشاهد منه ظرفا وأدبا ، ونادمه وأكثر صحبته. قال : وكتب لي مستدعيا إلى راحة : [البسيط]

يا أسخف الناس من عرب ومن عجم

سبقا لألأم من يمشي على قدم

سبقا إلى كأس راح لا هنيت بها

ونغبة هي لذّات لكلّ فم

وعندنا أمرد قد جاء محتسبا

 ... لذوي الآداب والفهم

مصنّف بعذار كالعذار له

وربما فيه حاجات لذي قطم

قال : فكان جوابي : يا سيدي وصلت ورقتك الذميمة ، من عند النفس اللئيمة ، ولو كنت شاعرا لأجبتك بمثل قولك ، وأنا في أثر خطّي ، فلا سلّم الله على جميعكم ، ولا نظم إلّا على المخزيات شملكم.

__________________

(١) في نفح الطيب : لمضلّ يسوقه لمضلّ.

(٢) العقاب : موقعة جرت بين الفونس ملك قشتالة يعاونه ملكا نقارا وأراغون من جهة ، وجيش الموحدين بقيادة الخليفة الناصر محمد ابن يعقوب المنصور ، من جهة أخرى ، في موقع صخري بالقرب من قرية لاس ناقاس دي تولوزا على حدود الأندلس. كانت فيها الغلبة للجيش الإسباني وبداية تقلص الحكم العربي عن الأندلس ١٦ تموز ١٢١٢ م. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٤٧١).

٦٠