المغرب في حلى المغرب - ج ٢

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ٢

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

من الجذوة : كان ابن القاسم يجلّه ويكرمه ، وروى عيسى عنه ، وكان إماما في المذهب المالكي ، وعلى طريقة عالية من الزهد والعبادة ، ويقال إنه صلّى أربعين سنة الصبح بوضوء العتمة ، وكان يعجبه ترك الرأي والأخذ بالحديث وقيل إنه كان قد أجمع في آخر أيامه على أن يدع الفتيا بالرأي ويحيل الناس على ما رواه من الحديث ، فأعجلته المنيّة في سنة اثنتي عشرة ومائتين.

الأهداب

الغرض من موشحات ابن بقيّ موشحة (١) له مشهورة :

ما الشوق إلا زناد

يوري بقلبي كلّ حين نيرانا

ومن بلي بالفراق

يبت به ليل السليم حرّانا

دنيا تجلّت عروس

على بساط السّندس

فاشرب وهات الكوس

فهي حياة الأنفس

وإن أتيت العروس

فاعطف بها ولتجلس

حيث الرياض النجاد

لصارم راق العيون عريانا

أمواجه في اصطفاق

أن جرّدت خيل النسيم فرسانا

سل أيّة سلكا

عهد الشباب المستحيل

أضلّ أم هلكا

أم هل إليه من سبيل

لا تلحني في البكا

إن أخذت مني الشّمول

وجدي على الوجد زاد

ذكرت ، والذكرى شجون إخوانا

__________________

(١) انظر هذه الموشحة في جيش التوشيح ودار الطراز (رقم : ٣٣ ، ٢٩ ، ٢٨ ، ٢٢).

٢١

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الرابع

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الطّليطلية

وهو

كتاب الغرارة في حلى مدينة وادي الحجارة ... التاج ...

السلك

من زينة وادي الحجارة (١)

من كتاب الياقوت ، في حلى ذوي البيوت.

٣٤٢ ـ أبو محمد القاسم بن عبد الرحمن بن مسعدة الأوسي (٢)

كان سكناه بغرناطة ، وبيته عظيم بوادي الحجارة وساد بنفسه وكان متفنّنا في العلوم ، وقال

__________________

(١) وادي الحجارة : مدينة في وسط إسبانيا ، فتحها موسى بن نصير وطارق بن زياد. استردها الإسبان سنة ١٠٦٠ ، المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٧٣٩).

(٢) ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٦) والمطرب (ص ٢١٦) وبغية الوعاة (ص ٣٧٧).

٢٢

فيه ابن دحية : صاحب لواء العربية ، وذو الأنساب السّريّة. توفّي بمالقة خمس وسبعين وخمسمائة ، ومن شعره قوله (١) : [الطويل]

حنانيك مدعوا ولبّيك داعيا

فكلّ بما ترضاه أصبح راضيا

طلعت على أرجائنا بعد فترة

وقد بلغت منّا التّراقيا

وقد مطلت منّا ديون لدى العدا

ومن سيفك السفّاح نبغي التّقاضيا (٢)

٣٤٣ ـ أحمد بن عائش (٣)

ذكر الحجاري أنه من أعيان وادي الحجارة الذين تحلّوا بالأدب ، ووصفه بالجود والارتياح إلى سماع الأمداح ، وكان في زمان المأمون بن ذي النون ملك طليطلة ، ومن شعر قوله :

قفوا إنّها سنّة العاشقينا

لنشكو للرّبع ما قد لقينا

ولا تنكروا بعدهم وقفة

تفجّر في العين عينا معينا

أقلّوا فكم ذا تلوموننا

سلمتم ولكننا قد بلينا

بلغنا بأنفسنا في الهوى

لما ليس يبلغ الأعداء فينا

وكم ذا نناديهم في الدّجى

رجاء التفات فما يسمعونا

٣٤٤ ـ أبو علي الحسن بن علي بن شعيب (٤)

من بيت جليل في وادي الحجارة ، أثنى عليه الحجاري وأنشد له قوله :

أجرني من ضعف اللحاظ وخلّني

وشدّة بيض الهند في معرك الحرب

فما عبثت بي كرّة لحظه

أعدّ لها درعي فتنفذ في قلبي

وقوله (٥) : [الخفيف]

اتركيني حتى أقبّل ثغرا (٦)

لذّ فيه اللّمى وطاب الرّضاب

__________________

(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٦)

(٢) في النفح : رواية البيت :

وقد كثرت منا سيوف لدى الفلا

ومن سيفك المنصور نبغي التقاضيا

(٣) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٧).

(٤) ترجم له المقري في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٨).

(٥) الأبيات في النفح (ج ٤ / ص ٣٧٩).

(٦) في النفح : ودعيني عسى أقبل ثعرا.

٢٣

وعجيب أن تهجريني ظلما

وشفيعي إلى صباك الشّباب

٣٤٥ ـ أخوه أبو حامد الحسين بن علي بن شعيب (١)

أثنى عليه صاحب المسهب ووصفه بالأدب والفروسية. ومن شعره قوله :

أحبّة قلبي يعلم الله أنني

أبيت على رغم النجوم موكّلا

وقد نال عزمي كلّ شيء أرومه

وأمّا مرام الصبر عن قربكم فلا

وعبتم بأني قد تسلّيت بعدكم

وعند التلاقي سوف يظهر من سلا

فذى كبدي من بعدكم قد تصدّعت

وجفني أضحى بالدموع مبلّلا

وقوله وقد كبابه فرسه ، فحصل في أسر العدو (٢) : [الوافر]

وكنت أعدّ طرفي للرّزايا

يخلّصني إذا جعلت تحوم

فأصبح للعدا عونا لأني

أطلت عناءه فأنا الظّلوم

٣٤٦ ـ أبو بكر محمد بن أزراق (٣)

ذكره صاحب المسهب وأثنى على بيته وذاته ؛ وكان مستوطنا مدينة وادي آش (٤) من عمل غرناطة. قال : وله شعر حسن ، ألذّ عند إنشاده من غفوة الوسن ، فمن ذلك قوله (٥) : [السريع]

هل علم الطائر في أيكه

بأنّ قلبي للحمى طائر

ذكّرني عهد الصّبا شدوه (٦)

وكلّ صبّ للصّبا ذاكر

سقى عهودا لهم بالحمى (٧)

دمعا له ذكرهم ناثر

ووجدت في تقييد سلفي قال عبد الملك بن سعيد : أنشدني أبو بكر ابن أزراق لنفسه :

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٩).

(٢) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٩) دون تغيير عمّا هنا.

(٣) ترجمته في نفح الطيب وأنشد له بعض شعره (ج ٤ / ص ٣٧٦).

(٤) وادي آش أو غواديكس : مدينة في جنوب إسبانيا شرقي غرناطة سماها العرب وادي آش بعد احتلالها. تنازعها أمراؤها من جهة وملوك غرناطة والإسبان من جهة أخرى. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٥٠٩).

(٥) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٦).

(٦) في النفح : شجوه.

(٧) في النفح : سقى الحيا عهدا لهم بالحمى دمعا .....

٢٤

يا راحلا نحو العلا

ء أقم لعلّك تستريح

فالغيث قد يسقى به

من ليس مرتادا طليح

كم ذا تهبّ على البلا

د كما هفت نكباء ريح

٣٤٧ ـ أبو جعفر بن أزراق (١)

وجدت في تقييد سلقي أنه من بني أزراق أعيان وادي الحجارة في المائة السادسة ، ومن شعره قوله (٢) : [الطويل]

أراك ملكت الخافقين مهابة

لها ما تلجّ الشهب في الخفقان (٣)

وتغضي العيون عن سناك كأنّها

تقابل منك الشمس في اللّمعان

وتصفرّ ألوان العداة كأنما

رموا منك طول الدهر باليرقان

ومن كتاب الوزراء

٣٤٨ ـ أبو مروان عبد الملك بن حصن (٤)

ذكر الحجاري أنه من أعيان الوزراء وأعلام الكتّاب والشعراء. هجا المأمون بن ذي النون (٥).

بقوله (٦) : [الطويل]

سطور المخازي دون أبواب قصره

بحجّابه للقاصدين معنونه

فلما تمكن منه المأمون سجنه ، فكتب إلى ابن هود من أبيات (٧) : [الطويل]

أيا راكب الوجناء بلّغ تحيّة

أمير جذام من أسير مقيّد

غريب عن الأهلين والدار والعلى

فريد وكم أبصرته غير مفرد

تلوذ به الأعلام تحت ركابه

وتلثم منه في الركاب وفي اليد

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٧).

(٢) الأبيات في النفح (ج ٤ / ص ٣٧٧).

(٣) في النفح : بها ما تلحّ الشّهب بالخفقان.

(٤) انظر ترجمته في التكملة لابن الآبار (ص ٦٠٦). ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٢٥) باسم عبد الملك بن غصن.

(٥) ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٣ / ص ٣٣٢).

(٦) البيت في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٢٥).

(٧) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٢٥).

٢٥

فرّق له ، وسعى في تخليصه.

ومن كتاب الكتّاب

٣٤٩ ـ أبو بكر محمد بن قاسم أشكهباط (١)

من المسهب : أصله من وادي الحجارة ونشأ بقرطبة وساد فيها ، وجارى حلبة الأعيان والكتاب في تلك الفتنة التي قلبت أسافلها أعاليها. وأطنب في ذمه ، وأورد له من النثر ما عنوانه : أستوهب الله الذي تقدست أسماؤه وعمّت آلاؤه ... وأسأله أن يتفضل بمطالعة أخيه بحاله ، وكيف أمره في أشغاله.

ومن شعره قوله وقد اجتاز بحلب (٢) : [الرمل]

أين أقصى الغرب من أرض حلب

أمل في الغرب موصول التّعب

حنّ من شوق إلى أوطانه

من جفاه صبره لما اغترب

جال في الأرض لجاجا حائرا

بين شوق وعناء ونصب

ومنها : [الرمل]

يا أحبّائي اسمعوا بعض الذي

يتلقّاه الطريد المغترب

وليكن زجرا لكم عن غربة

يرجع الرأس لديها كالذّنب

واصلوا (٣) طعنا وضربا دائما

هو (٤) عندي بين قومي كالضّرب (٥)

ولئن قاسيت ما قاسيته

فيما أبصر لحظي من عجب

وأحسن شعره قوله في ملك (٦) : [الطويل]

وكم قد لقيت الجهد قبل مجاهد

وكم أبصرت عيني وكم سمعت أذني

ولاقيت من دهري صروف (٧) خطوبه

كما جرت النّكباء في معطف الغصن

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٣٠٩). وفي الذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ٢٣٠).

(٢) الأبيات في النفح (ج ٢ / ص ٣٠٩) دون تغيير عما هنا.

(٣) في النفح : واحملوا.

(٤) في النفح : فهو

(٥) الضرب : العسل الأبيض. محيط المحيط مادة (ضرب).

(٦) الأبيات في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٣١٠).

(٧) في النفح : وصرف.

٢٦

فلا تسألوني عن فراق جهنّم

ولكن سلوني عن دخولي إلى عدن

٣٥٠ ـ راشد بن عريف (١)

ذكر الحجاري أنه من أعيان وادي الحجارة وساد في الكتابة.

حضر عنده شرب ، فاحتاج أحدهم للقيام ، فقام له ، ثم تسلسل ذلك حتى ضجر ، فلم يقم ، فاغتاظ الذي لم يقم له ، فقال راشد ارتجالا (٢) : [مخلع البسيط]

جمّع في مجلسي (٣) ندامى

تحسدني فيهم النجوم

فقال لي منهم خليل (٤)

ما لك إذا قمت لا تقوم

فقلت إن قمت كلص حين

فإن خطبي (٥) بكم عظيم

وليس عندي إذن ندامى

بل عندي المعقد المقيم

ومن كتاب العلماء

٣٥١ ـ الأديب أبو مروان عبد الملك بن غصن الحجاري (٦)

من المسهب : هذا الرجل يفخر به إقليم لا بلد ، ويقوم بانفراده مقام الكثير من العدد ، فإنه كان أحد أعلامها في الأدب والتاريخ والتأليفات الرائقة التي تبهر الألباب. وكان ملوك الطوائف يتهادونه تهادي الريحان يوم السّباسب ، ويلحفونه أثواب الكرامة ، من كلّ جانب. ومن شعره (٧) قوله : [الوافر]

فديتك لا تخف منّي سلوّا

إذا ما غيّر الشعر الصغارا

أهيم بدنّ خلّ كان خمرا (٨)

وأهوى لحية كانت عذارا

__________________

(١) ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٧) والتكملة (ص ٦٨) والخريدة (ج ١ / ص ٤).

(٢) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٧).

(٣) في النفح : مجلس.

(٤) في النفح : نديم.

(٥) في النفح : حظّي.

(٦) انظر ترجمته في الدخيرة (ج ١ ق ٣ / ص ٣٣١) وجذوة المقتبس (ص ٣٧٨) وبغية الملتمس (رقم : ١٥٤٦) والخريدة (ج ٢ / ص ١٢) والمسالك (ج ١١ / ص ٤٤٧) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٨٠) والتكملة (رقم ١٦٩٠) ، وفاته بغرناطة سنة ٤٥٤ ه‍.

(٧) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٨٠) والذخيرة (ق ٣ / ص ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ـ ٣٣٩).

(٨) في النفح : صار حلّا.

٢٧

٣٥٢ ـ الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن وزمّر الصنهاجي الحجاري (١)

من المسهب : هو جدّي وتسمّى ابنه والدي على اسمه ، لأنه تركه في البطن ، وكان ممن ولع بعلوم التواريخ والآداب ، وتنبّه في خدمة المأمون ابن ذي النون. ومن شعره قوله (٢) : [الطويل]

لئن كرهوا يوم الوداع فإنني

أهيم به وجدا لأجل (٣) عناقه

أصافح من أهواه غير مساتر

وسرّ التلاقي مودع في فراقه

وقوله : [الطويل]

ألا إنّها والله إحدى الكبائر

تعقّون أسلافا لكم بالمآثر

متى كان منكم من يجود لقاصد؟

متى كان منكم من يهشّ لشاعر؟

٣٥٣ ـ ابنه الأديب أبو محمد عبد الله (٤)

صاحب كتاب الحديقة في البديع ، هو عمّ صاحب المسهب ، أجلته محنة بلده في شبابه ، وقصد إقبال الدولة ملك دانية ، ومدحه.

ومن شعره قوله في أبي بكر بن عبد العزيز مدبّر أمر بلنسية.

ردّوا عليّ ركابهم بالأجرع

حتى يقضّي الشوق حتى مودّع

وأبثّهم ما قد أثاروا من جوّى

بفراقهم واستقطروا من أدمع

وأنشد لنفسه في الحديقة (٥) : [السريع]

وشادن ينصف من نفسه

أمّنني من سطوة الدهر

ينام للشراب على جنبه

ويصرف الذنب على (٦) الخمر

__________________

(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٨١) ، وأنشد بعض شعره.

(٢) الأبيات في النفح (ج ٤ / ص ٣٨١).

(٣) في النفح : من أجل.

(٤) هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الحجاري. نفح الطيب (ج ٥ / ص ١١٢).

(٥) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ١١٤).

(٦) في النفح : إلى.

٢٨

٣٥٤ ـ جاحظ المغرب ، صاحب المسهب (١) أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن إبراهيم الحجاري (٢)

هو أول من أسمى هذا التصنيف ، وفتح بابه لمن بعده من بني سعيد. وقد أطنب والدي في الثناء عليه من طريق البلاغة نظما ونثرا ومعرفة التصنيف ، وقال فيه : وبم أصفه ، وقدرة اللسان لا تنصفه. وفد على عبد الملك بن سعيد ، وهو حينئذ صاحب القلعة المنسوبة إلى سلفه ، وأنشده قصيدة منها (٣) : [الوافر]

عليك أحالني الذّكر الجميل

فجئت ومن ثنائك لي دليل

أتيت ولم أقدّم من رسول

لأنّ القلب كان هو الرّسول

ومنها في شكله البدويّ : [الوافر]

أجل طرفا لديّ فإنّ عندي

من الآداب ما يحوي الخليل

ومثّلني بدنّ فيه سرّ

يخفّ به ومنظره ثقيل

فاختبره عبد الملك ، فأحمده ، وصنف له كتاب المسهب في فضائل المغرب ، وهو أصل هذا الكتاب ، كما تقدم في الخطبة. وقد تقدم من نثره في أوصاف من يذكرهم في كتابه ، ما يدلّ على مكانه في النظم ، وأحسن نظمه قوله :

ملك طفيليّ السما

ح على الأقارب والأباعد

ما فرّجت أبوابه

إلا تفرّجت الشدائد

وقوله في بني سعيد : [الطويل]

وجدنا سعيدا منجبا خير عصبة

هم في بني أمانهم كالمواسم

مشنّفة أسماعهم بفضائل

مسوّرة أيمانهم بالصّوارم

فكم لهم في الحرب منفضل ناثر

وكم لهم في السلم من فضل ناظم

وقوله :

__________________

(١) هو كتاب : المسهب في أخبار أهل المغرب ـ لأبي محمد عبد الله بن إبراهيم بن الحجاري الحافظ الأندلسي. كشف الظنون (ج ٤ / ص ٤٨٣).

(٢) الحجاري : هو أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الكندي الحجاري الأندلسي المالكي المتوفى سنة ٥٨٤ ه‍. له (حديقة في علم البديع) و (المسهب في أخبار المغرب) كشف الظنون (ج ٥ / ص ٤٥٧) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٦٥ ، ٢٦٦).

(٣) الشطر الأول في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٦٦) وأنشد له أبياتا من القصيدة لم يذكرها ابن سعيد هنا.

٢٩

زارتك في الليل البهيم

كالغصن يثنيه النسيم

سلبت ظلام الليل ما

أبصرت في العقد النظيم

فلذاك أمسى عاط

ل الآفاق مسودّ الأديم

لولا المدام لما اهتدى

فيه إلى كأس نديم

٣٥٥ ـ الطبيب أبو حاتم الحجاري (١)

ذكره صاحب المسهب وأخبر : أنه كان متقلبا بين شاعر وخطيب وطبيب وجندي ، وأنشد له قوله يستهدي خمرا (٢) : [المنسرح]

يا سيدي والنهار تبصره

منسجم الدمع مطبق الأفق

وعندي البدر قد خلوت به

وفوق خديه حمرة الشفق

جاذبته الجلّ (٣) فاستقادوكم

جريت خلف (٤) الجموح في طلق (٥)

والخمر نعم العتاد ، جامعة (٦)

لشاربيها مسكيّة العبق

وقد هززناك كي تجود بها (٧)

في الشعر هزّ الغصون (٨) في الورق

الشعراء

٣٥٦ ـ الحسن بن حسّان السّناط (٩)

من المسهب : شاعر زمانه ، وواحد أوانه ، اشتهر بقرطبة في مدح الخليفة الناصر ، وأصله من وادي الحجارة ، وعنوان طبقته قوله (١٠) : [الوافر]

__________________

(١) ترجمته في المسالك (ج ١١ / ص ٢٧٧) والذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٥٢ وما بعدها).

(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٦٥٦).

(٣) في الذخيرة : الحبل.

(٤) في الذخيرة : جري.

(٥) في الذخيرة : في الطلق.

(٦) في الذخيرة : والخمر نعم القياد ، طائعة.

(٧) في الذخيرة : توجهها.

(٨) في الذخيرة : القضيب.

(٩) هو أبو علي الحسن بن حسان. ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ٥١٢ ، ٣١٢) والجذوة (ص ١٧٩). عاش في زمان عبد الرحمن الناصر.

(١٠) الأبيات في الذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ٥١٢) والبيت الأخير في الذخيرة (ج ٢ / ق ٢ / ص ٧١٨).

٣٠

أدر نجميك (١) يا قمر النديّ

فقد نام الخليّ عن الشّجيّ

كفى بك والمدامة لي صباحا

يفرّق عسكر الليل الدّجيّ

فخذ ذهبا وردّ لنا (٢) لجينا

تكن في الناس (٣) أربح صيرفيّ

وقتل نفسه غيظا ، لأنه وجد امرأته مع رجل.

٣٥٧ ـ حفصة بنت حمدون الحجارية (٤)

من المسهب : إن بلدها يفخر بها ، وكانت في المائة الرابعة. ولها شعر كثير ، منه قولها (٥) : [الخفيف]

لي حبيب لا ينثني بعتاب (٦)

وإذا ما تركته زاد تيها

قال لي هل رأيت لي من شبيه

قلت أيضا وهل ترى لي شبيها

وقولها (٧) : [السريع]

يا ربّ إني من عبيدي على

جمر الغضى ما فيهم من نجيب

إمّا جهول أبله متعب

أو فطن من كيده لا أخيب (٨)

٣٥٨ ـ أم العلاء بنت يوسف الحجارية البربرية (٩)

من المسهب : أنها ممن تفخر به بلدها وقبيلها ، وأنشد لها قولها :

لله بستاني إذا

يهفو به القصب المندّى

فكأنما كفّ الرّيا

ح قد اسندت بندا فبندا

__________________

(١) في الذخيرة : كاسيك.

(٢) في الذخيرة : له.

(٣) في الذخيرة : في النقد.

(٤) انظر ترجمتها في نفح الطيب (ج ٦ / ص ٦٠).

(٥) البيتان في نفح الطيب (ج ٦ / ص ٦٠) وفي الحلة السيراء (ج ٢ / ص ٣٨).

(٦) في النفح والحلة : لعتاب.

(٧) البيتان في نفح الطيب (ج ٦ / ص ٦٠).

(٨) في النفح : لا يجيب.

(٩) انظر ترجمتها في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٠٦ ، ٣٠٧).

٣١

وقولها :

لولا منافرة المدا

مة للصّبابة والغنا

لعكفت بين كئوسها

وجمعت أسباب المنى

وقولها (١) : [الرمل]

كل ما يصدر عنكم (٢) حسن

وبعلياكم يحلّى (٣) الزّمن

تعكف (٤) العين على منظركم

وبذكراكم تلذّ الأذن

من يعش دونكم في عمره

فهو في نيل الأماني يغبن

__________________

(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٣٠٧).

(٢) في النفح : منكم.

(٣) في النفح : تحلّى.

(٤) في النفح : تعطف.

٣٢

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الخامس

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الطّليطلية

وهو

كتاب صفقة الرّباح ، في حلى قلعة (١) رباح

هي أحد معاقل الأندلس ، وولاتها كانت تتردّد عليها من طليطلة ، ثم أخذت طليطلة ، فصارت تتردّد عليها من قرطبة ، وقد وليها.

٣٥٩ ـ القائد أبو الحسن علي بن فتح (٢)

ذكر الحجاريّ أنه ساد فيها وتعب في تشييد الرياسة حتى استراح ، وتقدم في قرطبة زمن الفتنة ، وأنجب الأعيان المشهورين بها. وله شعر يستبعد الشعراء إحسانه ، من ذلك قوله :

حنقا أصابتنا الموا

ضي واللبيب لها غدير

فبطول ما أتعبتها

مهما أبارز أو أغير

__________________

(١) قلعة رباح : قلعة في إسبانيا تقع في وسط البلاد. تأسست فيها رهبانية فرسان كالاترابا ١١٥٨ م ، وفيها آثار ديرهم. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٥٥٦).

(٢) انظر ترجمته في جذوة المقتبس (ص ٢٩٧) وبغية الملتمس (ص ٤١٤).

٣٣

وقوله : [الطويل]

أقول لها لو كان ينفع عندها

مقال ونار الوجد تقدح في صدري

إلى كم تعين الدّهر وهو مسلّط

علينا بطول العتب والصدّ والهجر

٣٦٠ ـ أبو تمام غالب بن رباح المعروف بالحجّام (١)

من المسهب : شاعر القلعة الذي نوّه بقدرها ، ورفع من رأس فخرها ، لا أحاشي حديثا ولا قديما ، ولا أخصّ لئيما ولا كريما. وكان مدّة ملوك الطوائف.

ومن شعره قوله (٢) : [الوافر]

صغار الناس أكثرهم فسادا

وليس لهم لصالحة نهوض

أم تر في طباع الطير سرّا (٣)

تسالمنا ويأكلنا البعوض (٤)

وقوله (٥) : [السريع]

لي صاحب لا كان من صاحب

كأنّه (٦) في كبدي جرحه

يحكى إذا أبصر لي زلّة

ذبابة تضرب في قرحه

وقوله (٧) : [الوافر]

فيا (٨) للملك ليس يرى يرى مكاني

وقد كحّلت ناظره (٩) بنوري

كما (١٠) المسواك مطرّحا مهانا (١١)

وقد أبقى جلاء في الثغور

__________________

(١) انظر ترجمته في الذخيرة (ق ٣ / ص ٨٢١) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٢) والمسالك (ج ١١ / ص ٤٥١).

(٢) البيتان في الذخيرة (ص ٨٣٨) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٣).

(٣) في النفح : ألم تر في سباع الطير سرّا.

(٤) في الذخيرة : ويؤذينا البعوض.

(٥) البيتان في الذخيرة (ص ٨٣٩) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٤).

(٦) في النفح : فإنّه.

(٧) البيتان في الذخيرة (ص ٨٣٩) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٧٤).

(٨) في النفح : فما.

(٩) في النفح : لواحظه.

(١٠) في النفح : كذا.

(١١) في الذخيرة : هوانا.

٣٤

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب السادس

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الطّليطلية

وهو

كتاب نقش السّكّة ، في حلى مدينة طلمنكة

ذكر الرازي أنها من عمل وادي الحجارة ، وهي الآن للنصارى. ينسب إليها :

٣٦١ ـ غانم بن الأسقطير الطلمنكيّ

ذكره الحجاري وأخبر : أنه مال إلى العلم الرياضي وشغف بالكيمياء وأفسد عليها جملة ، وتحيّل على ابن ذي النون من طريقها ، وسقى غلاما له جميل الصورة مرقّدا .... وكتب على حائط الدار التي كان فيها ، وهرب :

نعم إنني بالكيمياء لعالم

 ... بها من دونه ألف حاجب

وأخلس أمولا ، وأضحك خاليا

على ملك لم ينتفع بالتجارب

٣٥

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب السابع

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الطّليطلية

وهو

كتاب التغبيط ، في حلى مدينة مجريط (١)

من أعمال طليطلة ، ينسب لها.

٣٦٢ ـ الكاتب أبو عبد الله المجريطي (٢)

فاضل ، ذكره صاحب السمط ، وقال : تارة هو أويس القرنيّ ، وآونة إبراهيم الموصليّ ، وما خلا قلبه من غرام ، ولا أزال يده منيد غلام ؛ ومما أنشد له سريه :

لا عذر أوضح من أسيل واضح

صقل الشباب أديمه المشبوبا

لما نظرت إلى الفرند بصفحه

أبصرته بدم القلوب خضيبا

ورمى عن اللّحظ العليل إلى الحشا

سهم المنون فكان فيه مصيبا

هلّا سألت لحاظه يوم النّوى

هل غادرت لك في الحياة نصيبا

__________________

(١) مجريط : هو الاسم الذي أطلقه العرب على مدريد. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٦٣٤).

(٢) لعله : (سلمة ، أبو القاسم) رياضي وفلكي وكيميائي وطبيب عربي. ولد في مجريط (مدريد). سافر إلى الشرق وعاد بالمخطوطات اليونانية والعربية فدرسها وقرّب منالها لأهل الغرب. له كتاب المعاملات ورسالة في الأسطرلاب. المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٦٣٤).

٣٦

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثامن

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الطّليطلية

وهو

كتاب السعادة ، في حلى مدينة قرية مكّادة

من مدن المملكة الطليطلية. حصلت في أيدي النصارى. ينسب إليها الشاعر الزجال :

٣٦٣ ـ أبو العباس أحمد المكّاديّ

الذي كان يسكن مدينة باغة. من شعره قوله :

شربنا وبرد الليل فوّفه سنا

من الصّبح والأطيار تنشد في القضب

وقد أبرزت شمس السماء مطارفا

من الوشي ألقتها على الأفق الرّحب

وله الزجل المشهور في الزجال القرطبي ، الذي منه :

يا قرطبيّ يمسيك

نحسا معجّل

إذا خرج روحك

بي زحف تحمل

ومنه :

إن كان ذراعي فيك

قد جال صيقل

٣٧
٣٨

كتاب

النفحة البستانية

في حلى المملكة الجيّانية

٣٩
٤٠