المغرب في حلى المغرب - ج ٢

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ٢

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

الشعراء

٥٦٦ ـ أبو جعفر أحمد بن الدّودين (١)

من الذخيرة : هو أحد من لقيته ، وأملى عليّ نظمه ونثره بأشبونة سنة سبع وسبعين وأربعمائة. ومما أنشدني من شعره قوله (٢) :

علمّني في الهوى عليّ

كيف التّصابي على وقاري

اطلع لي من دجاه بدرا

لم يدر ما ليلة السّرار

فحاد بي طريق نسكي

وظلت مستأهلا لنار

وقوله (٣) : [الكامل]

خطّ العذار بصفحتيه كتابا

مشقت به أيدي المشيب جوابا

فغدت غواني الحيّ عنك غوانيا

وأسلن ألحاظ الرّباب ربابا

فلأبكينّ على الشباب وطيبه (٤)

ولأجعلنّ دم الفؤاد خضابا

٥٦٧ ـ أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عطية المشهور بابن الزّقّاق (٥)

من سمط الجمان : المطبوع بالإصفاق ، ذو الأنفاس السحرية الرقاق ، المتصرف بين مطبوع الحجاز ومصنوع العراق ، الذي حكى بأشعاره زهر الرياض ، وأخجل بإشاراته عثرات الجفون المراض ، وراض طبعه على شأو الرّضا وطلق السّرى الموطّأ فانقاد له وارتاض.

ومن المسهب : من فتيان عصرنا الذين اشتهر ذكرهم ، وطار شعرهم ، وهو جدير بذلك ، فلشعره تعشّق بالقلوب ، وتعلّق بالسمع ، وأعانه على ذلك مع الطبع القابل ، كونه استمدّ من خاله أبي إسحاق بن خفاجة ، ونزع منزعه ، وأنت إذا سمعت قوله :

وأغيد طاف بالكؤوس ضحى

وحثّها والصباح قد وضحا

__________________

(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٩٥) وابن بسام في الذخيرة (ق ٣ / ص ٧٠٣ ، ٧٠٤). والمسالك (ج ١١ / ص ٤٤٩).

(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٧٠٣) دون تغيير عمّا هنا.

(٣) البيت الثاني في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٩٦) والذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٧٠٤).

(٤) في الذخيرة : ملاوة.

(٥) انظر ترجمته في فوات الوفيات (ج ٣ / ص ٤٧) والمطرب (ص ١٠٠) والذيل (ج ٥ / ص ٢٦٥). ونفح الطيب (ج ١ / ص ٢١) توفي سنة ٥٢٨ ه‍.

٢٦١

والرّوض أهدى لنا شقائقه

وآسه العنبريّ قد نفحا

قلنا وأين الأقاح؟ قال لنا

أودعته ثغر من سقى القدحا

فظلّ ساقي المدام يجحد ما

قال فلما تبسّم افتضحا

وقوله (١) : [الخفيف]

ورياض من الشّقائق أضحى

يتهادى بها نسيم الرياح

زرتها والغمام يجلد منها

زهرات تروق لون الرّاح

قلت ما ذنبها؟ فقال مجيبا

سرقت حمرة الخدود الملاح

لم تحتج معه إلى شاهد غيره ، على حسن تهدّيه واحتياله ، على أن يظهر الخلق في حلية الجديد. فلله درّه. الغرض من ديوانه : قوله من قصيدة : [الكامل]

والطيف يخفى في الظلام كما اختفى

في وجنة الزّنجيّ منه حياء

طلعت بحيث الباترات بوارق

والزّرق شهب والقتام سماء

ومنها : [الكامل]

هذي القصائد قد أتتك برودها

موشيّة وقريحتي صنعاء

ومديح مثلك مادحي ولربّما

مدحت بمن تتمدّح الشعراء

وقوله :

أفديك من نبعيّة زوراء

مشغوفة بمقاتل الأعداء

ألفت حمام الأيك وهي نضيرة

واليوم تألفها بكسر الحاء

وقوله (٢) : [السريع]

يا شمس خدر ما لها مغرب

أرامة دارك أم غرّب (٣)

ذهبت فاستعبر طرفي دما

مفضّض الدمع به مذهب

الله في مهجة ذي لوعة

تيّمه يوم النّقا الرّبرب

شام بروقا للّوى فامترى

أضواءه أم ثغرك الأشنب

__________________

(١) الأبيات في كتاب السفينة لابن مبارك.

(٢) الأبيات في ديوان ابن الزقاق ابلنسي (ص ٨٠ ـ ٨١) وبعضها في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٥٧)

(٣) في النفح : أرامة خدرك أم يثرب.

٢٦٢

أشبه فيها ليله يومه

حتى استوى الأدهم والأشهب

سروره بعدكم ترحة

وصبحه بعدكم غيهب

ناشدتك الله نسيم الصّبا

أين (١) استقلّت بعدنا زينب

لم تسر (٢) إلّا بشذا عرفها

أو لا فماذا النّفس الطّيّب

ويا سحاب المزن ما بالنا

يشوقنا ذيلك إذ تسحب

هات حديثا عن مغاني اللّوى

فعهدك اليوم بها أقرب

إيه وإن عذّبني ذكرها (٣)

فمن عذاب النفس ما يعذب

هل لعبت بالعرصات الصّبا

فعجّ منها للصّبا ملعب

أم ضرّها سقياك إذ جدتها

كم غص ظمآن بما يشرب

يا من شكا من زمن قسوة

أين السّرى والعيس والسّبسب

أفلح من خاض بحار الدّجى

وصهوة العزّ له مركب

أليس في البيداء مندوحة

إن ضاق يوما بالفتى مذهب

لأخبط الليل ولو أنّه

ذو لبد أو حيّة تلسب

تحمل كورى فيه عيرانة

إلى سوى مهرة لا تنسب

وإنما يعرف سبل العلى

يسلكها الأنجب فالأنجب

إن كان للفضل أب إنّه

نجل بني عبد العزيز الأب

المنتضى من حجرات الألى

على السّماكين لهم منصب

ومنها في السيف :

يبتزّ عن صفحته غمده

كما انجلى عن مائه الطّحلب

وفي الفرس (٤) : [السريع]

يخترق النّقع على أشقر

ينقضّ منه في الوغى كوكب

تطير في الحضر به أربع

يطوى لها المشرق والمغرب

له تليل مثل ما ينثني

غصن به ريح الصّبا تلعب

يجيل في صهوته ضيغما

ليس سوى السيف له مخلب

__________________

(١) في النفح : أنّى. وفي الديوان : أين استقرّت.

(٢) في النفح : لم نسر.

(٣) في النفح : حبّها.

(٤) الأبيات في كتاب السفينة ببعض الاختلاف عمّا هنا.

٢٦٣

وقوله : [مجزوء الكامل]

قم سقّني ذهبيّة

إن الأصيل مذهّب

وليسبقن زهر الكوا

كب للزّجاجة كوكب

أو يا ترى ذيل السحا

ب على الحدائق يسحب

والقضب ترقص والغدي

ر مع الحمائم يصخب

وإذا ترنّم أورق

فيه تدفّق مذنب

والطّلّ دمع سائل

أو درّ سلك ينهب

والبرق صفحة صارم

أو مارج يتلهّب

ومهفهف يصبو إلي

ه الشّادن المترقّب

طابتت حميّاه وريّ

اه أنمّ وأطيب

شرب المدام وعلّني

من ثغره ما يشرب

حتى إذا انبرت الشّمو

ل بمعطفيه تلعّب

عانقت منه اصبح حتّى

لاح صبح أشهب

فغدا اصطباحي من ثنا

ياه الرّضاب الأشنب

وقوله من مرثية (١) : [الطويل]

تضمّن منه القبر حلى مكارم

فخيّل لي أن التّراب ترائب

لئن صفرت منه يد المجد والعلى

فقد ملئت من راحتيه الحقائب

ووالله ما طرفي عليك بجامد

وهل تجمد العينان والقلب ذائب

ولا لغليل البرح بعدك ناضج

ولو نشأت بين الضلوع سحائب

ومنها : [الطويل]

هو القدر المحتوم إن جاء مقدما

فلا الغاب محروس ولا الليث واثب

وما الناس إلّا خائضو غمرة الرّدى

فطاف على ظهر التراب وراسب

وقوله : [الوافر]

أعدّ الهجر هاجرة لقلبي

وصيّر وعده فيها سرابا

وقوله : [الرمل]

__________________

(١) الأبيات في كتاب السفينة ببعض الاختلاف عمّا هنا.

٢٦٤

أقبلت تحكي لنا مشي الحباب

ظبية تفترّ عن مثل الحباب

كلما مال بها سكر الصّبا

مال بي سكر هواها والتّصاب

أشعرت من عبراتي خجلا

إذ تجلّت فتغطّت بنقاب

مثل شمس الدّجن مهما هطلت

عبرة المزن توارت بحجاب

وقوله :

وحبّب يوم السّبت عندي أنّه

ينادمني فيه الذي أحببت

ومن أعجب الأشياء أنّي مسلم

حنيف ولكن خير أيّامي السبت

وقوله (١) : [الكامل]

يحنيه طول ضرابه هام العدا

حتى يرى بيديه منه صولج

من كلّ وقّاد السّنان كأنّما

في كل ذابلة ذبال يسرج (٢)

وقوله : [الطويل]

ألمّت فبات الليل من قصر بها

يطير ولا غير السرور جناح

وبتّ وقد زارت بأنعم حالة

يعانقني حتى الصباح صباح

على عاتقي من ساعديها حمائل

وفي حصرها من ساعديّ وشاح

وقوله : [الوافر]

سرت إذ نامت الرّقباء حولي

ومسك الليل تهديه (٣) الرياح

وقد غنّى الحليّ على طلاها

بوسواس فجاوبه الوشاح

تحاذر من عمود الصبح نورا

مخافة أن يلمّ بنا افتضاح

ولم أر قبلها والليل داج

صباحا بات يذعره صباح

وقوله (٤) : [البسيط]

وربّ (٥) مائسة الأعطاف مخطفة

إذا دنا نزعها فالعيش منتزح

__________________

(١) الأبيات في السفينة ببعض الاختلاف عمّا هنا.

(٢) في السفينة : مسرج.

(٣) في السفينة : تمريه.

(٤) الأبيات في السفينة ببعض الاختلاف عمّا هنا.

(٥) في السفينة : فلم.

٢٦٥

ظلّت ترقّ وظلّ النّزع يعطفها

كما ترنّم نشوان به مرح

وقد تألّق نصل السّهم مندفعا

عنها فقل كوكب يرمى به قزح

وقوله :

شبّوا ذبال الزّرق في يوم الوغى

فأنار كلّ مذرب مصباحا

سرج ترى الأرواح تطفي غيرها

عبثا وهذي تطفىء الأرواحا

وقوله :

نثر الورد بالخليج وقد درّ

جه بالهبوب مرّ الرياح

مثل درع الكميّ مزّقها الطّع

ن فسالت بها دماء الجراح

وقوله :

وكأنّ البرق في أرجائها

أرسلت نقطا به قوس قزح

وقوله : [الطويل]

وليل طرقت الخدر فيه وللدّجى

عباب تراه بالكواكب مزبدا

وقوله : [الكامل]

ذرني ونجدا لا حملت نجادي

إن لم أخطّ صعيدها بصعادي

وأخضخضنّ حشا الظلام إلى الدّمى

وأصافحنّ سوالف الأجياد

ولقد مررت على الكثيب فأرزمت

إبلي ورجعّت الصهيل جيادي

ما بين ساحات لهم ومعاهد

سقيت من العبرات صوب عهاد

ضربوا ببطن الواديين قبابهم

بين الصوارم والقنا والمنآد (١)

والورق تهتف حولهم طربا بهم

في كل محنية ترنّم حادي (٢)

يا بانة الوادي كفى حزنا بنا

ألا نطارح غير بانة واد

أين الظباء المشرئبّة بالضحى

في منحناك وأين عهد سعاد

وردوا ومن بيض المناهل أدمعي

ونأوا وبعض الظاعنين فؤادي

فسقتهم حيث التقت برحالهم

هوج الركاب روائح وغوادي

ينهلّ وابلها كما تنهلّ من

يمنى أبي الفضل الكريم أيادي

__________________

(١) في السفينة : المياد.

(٢) في السفينة : شادي.

٢٦٦

الأريحيّ إلى السماحة مثل من

يرتاح للماء المروّق صادي

والمعتلي فوق السّماك أرومة

والمزدري في الحلم بالأطواد

قاض لدن يمّمت عدل قضائه

لم أعط جور الحادثات قيادي

متواضع لله يرفع قدره

عن أن يقاس بسائر الأمجاد

ما قلد الأحكام دون تقى وهل

يتقلّد الصّمصام دون نجاد

طلق المحيّا واليدين إذا احتبى

وإذا حبا رحب النّدى والنّاد

لو ألبس الليل البهيم خلاله

لم تشتمل أرجاؤه بحداد

طاب الثناء تصوّغا منه على

حلو الشمائل طيّب الميلاد

ومنها : [الكامل]

يا غرّة الزّمن البهيم وعصمة ال

رّجل الطريد ونجعة المرتاد

خذ من ثنائي ما يكاد نظامه

ينسي فصاحة يعرب وإياد

ومنها : [الكامل]

وبنو الزمان وإن بدا ملق لهم

أضغانهم كالجمر تحت رماد

لا غرو أنّك قد نبّت خلالهم

قد ينبت النّوار بين قتاد

عجبا لمن قد رام سبقك منهم

أنّى العيس سبق جواد

جلّ اعتلاؤك أن تساجله علا

من ذا يضاهي لجّة بثماد

لا زلت ترفل في سوابغ أنعم

فضفاضة الأذيال والأبراد

وبقيت زينا للبلاد ورفعة

إن الصوارم زينة الأغماد

وقوله : [الكامل]

وتنفّست وقد استحرّ تنهّدي

فوشى بذاك النّدّ هذا المجمر

وقوله : [البسيط]

علوت كلّ عظيم الشأن مرتبة

إن الخلاخيل تعلوها التقاصير

وقوله : [الكامل]

ومرنّة قدحت زناد صبابتي

والبرق يقدح في الظلام شراره

ورقاء تأرق مقلتي لبكائها

ليلا إذا ما هوّمت سمّاره

إيه بعيشك يا حمامة خبّري

كيف الكثيب ورنده وعراره

أترنّحت بتنفّسي أثلاثه

أم أينعت بمدامعي أزهاره

٢٦٧

أما الفوارس فاستداروا حوله

حيث استقلّ كما استدار سواره

ونضوا شفارهم الصقيلة دونه

حتى حسبنا أنّها أشفاره

في وجنتيه من المهنّد ما اكتسى

يوم الوغى وبمقلتيه غراره

وقوله (١) : [الطويل]

وزائرة (٢) زارت مع الليل مضجعي

فعانقت غصن البان منها إلى الفجر

أسائلها أين الوشاح وقد أتت

معطّلة منه معطّرة النّشر

فقالت وأومت للسّوار نقلته

إلى معصمي لما تقلقل في خصري

قوله (٣) : [البسيط]

رقّ النسيم راق الرّوض بالزّهر

فنبّه الكأس والإبريق بالوتر

ما العيش إلا اصطباح الراح أو شنب

يغنى عن الراح من سلسال ذي أشر

قل للكواكب غضّي للكرى مقلا

فأعين الزّهر أولى منك بالسّهر

وللصباح ألا فانشر رداء سنا

هذا الدّجى قد طوته راحة السّحر

وقام بالقهوة الصهباء ذو هيف

يكاد معطفه ينقدّ بالنّظر

يطفو عليها إذا ما شجّها درر

من عقده اختلست أو ثغره الخصر (٤)

فالكأس في كفّه بالراح مترعة

كهالة أحدقت في الأفق بالقمر

وقوله (٥) : [المتقارب]

وما شقّ وجنته عابث (٦)

ولكنها آية للبشر

جلاها لنا الله كيما نرى

بها كيف كان انشقاق القمر

وقوله :

كتبت ولو أنني أستطيع

لإجلال قدرك دون البشر

قددت اليراعة من أنملي

وكان المداد سواد البصر

__________________

(١) الأبيات في المطرب (ص ١٠٠).

(٢) وآنسة : في المطرب.

(٣) الأبيات في المطرب.

(٤) في المطرب : تخالها اختلست من ثغره الخصر.

(٥) البيتان في ديوان ابن الزقاق (ص ١٧٩) والمطرب (ص ١٠١) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٢٥٨).

(٦) في النفح : عابثا.

٢٦٨

وقوله : [الوافر]

ومقلة شادن أودت بنفسي

كأنّ السّقم لي ولها لباس

يسلّ اللحظ منها مشرقيا

لقتلي ثم يغمده النّعاس

وقوله (١) : [الكامل]

مطلول أملود الصّبا ميّاسه

خلع الشباب عليه فهو لباسه

بدر وأكناف الحشا آفاقه

ظبي وأحناء الضلوع كناسه

لم ندر (٢) إذ جاءت بنكهته الصّبا

أتضوّع الكافور أم أنفاسه

ولقد عيينا إذ توالى سكره

ألحاظه مالت بنا أم كاسه

للحسن مرقوما على وجناته

سطر وصفحة خدّه قرطاسه

إن خالفت تلك المحاسن فعله

فالسيف يطبع من سواه رئاسه

وقوله : [الرمل]

يا ضياء الصّبح تحت الغبش

أطراز فوق خدّيك وشي

أم رياض دبّجتها مزنة

وبدا الصّدغ بها كالحنش

لست أدري أسهام اللّحظ ما

أتّقى أم لدغ ذاك الأرقش

ربّ ليل بتّه ذا أرق

ليس إلا من قتاد فرشي

سابحا في لجّة الدمع ول

كنّني أشكو عليل العطش

وبروق الليل في أسدافه

كسيوف بأكفّ الحبش

وسهيل خافق في أفقه

كضرام بيدي مرتعش

وسماء الله تبدي قمرا

واضح الغرّة كابن القرشي

وقوله : [الكامل]

بأبي وغير أبي أغنّ مهفهف

مجدول ما تحت الوشاح خميصه

لبس الفؤاد ومزّقته جفونه

فأتى كيوسف حين قدّ قميصه

وقوله (٣) : [الوافر]

__________________

(١) الأبيات في السفينة ببعض الاختلاف عمّا هنا.

(٢) في السفينة : لم أدر.

(٣) الأبيات في السفينة.

٢٦٩

أديراها (١) على الروض المندّى

وحكم الصبح في الظّلماء ماضي

وكأس الراح تنظر عن حباب

ينوب لنا عن الحدق المراض

وما غربت نجوم الأفق لكن

نقلن من السماء إلى الرياض

وقوله : [الكامل]

وعشيّة لبست رداء شقيق

تزهو بلون للخدود أنيق

أبقت بها الشمس المنيرة مثل ما

أبقى الحياء بوجنة المعشوق

لو أستطيع شربتها كلفا بها

وعدلت فيها عن كؤوس رحيق

تسري بكلّ فتى كأنّ رداءه

خضلا بأدمعه رداء غريق

وقوله : [البسيط]

تبدو هلالا ويبدو حليها شهبا

فما نفرّق بين الأرض والأفق

غازلتها والدّجى الغربيب قد خلعت

منه على وجنتيها حمرة الشّفق

حتى تقلّص ظلّ الليل وانفجرت

للفجر فيه ينابيع من الفلق

وقوله : [البسيط]

إذا أردت كؤوس الرّاح مترعة

أومت إليّ يد الإصباح بالشفق

وقوله : [الرمل]

أطلعت خجلته في خدّه

شفقا في فلق تحت غسق

وقوله : [السريع]

غفرت للأيام ذنب الفراق

أن فزت في توديعهم بالعناق

ما أنس لا أنس لهم وقفة

كالشّهد والعلقم عند المذاق

كم ليلة لي بعقيق الحمى

قضرتها باللّثم والاعتناق

ما أدرع الليل بظلمائه

حتى كساه الصبح منه رواق

فانحفزت أنجمه يشتكي

للبعض منها البعض وشك الفراق

وانتبه الصبح بعيد الكرى

كذي هوى من غشية قد أفاق

في روضة علّم أغصانها

أهل الهوى العذريّ كيف العناق

هبّت بها ريح الصّبا سحرة

فالتفّت الأغصان ساقا بساق

__________________

(١) في السفينة : أديريها.

٢٧٠

وقوله : [الطويل]

سمحت بقلبي والهوى يورث الفتى

طباع الجواد المحض وهو بخيل

ولم تخل من حسن القبول مطامعي

وظنّي بالوجه الجميل جميل

إذا قبل المعشوق تحفة عاشق

فيوشك أن يرجى إليه وصول

وقوله : [البسيط]

خليليّ انظرا منّي عليلا

يعلّل نفسه نفس عليل

أما غير الجمال لنا لقاء

وما غير النسيم لنا رسول

وقوله : [البسيط]

تبرية اللّون مثل الغصن قد لبست

ثوب الرّدى معرضا في موقف الجذل

تشدو وقد مسحت عنها مدامعها

«أنا الغريق فما خوفي من البلل»

ومن مرثية : [الكامل]

أعزز عليّ بضيغم ذي سطوة

أجماته بعد الرّماح رجام

أعزز عليّ بزهرة مطلولة

أمست ولا غير الضريح كمام

ما كان إلا التّبر أخلص سبكه

فاسترجعته تربة ورغام

إن راح مهجور الفناء فطالما

هجرت به أرواحها الأجسام

كثر العويل عليه يوم حمامه

حتى كأنّ العالمين حمام

يا حاملين النّعش أين جياده

يا ملبسة التّرب أين اللّام

ضجّت لمصرعك النوادب ضجّة

سدّت مسامعها لها الأيام

وقوله : [الكامل]

ولقد طرفت الحيّ في غسق الدّجى

والليل في شية الجواد الأدهم

متنكّبا زوراء مثل هلاله

نصّلت أسهمها بمثل الأنجم

ينساب بي بين الصوارم مثل ما

أبصرت في الغدر انسياب الأرقم

وقوله : [البسيط]

نادمته فقرعت السّنّ من ندم

في جنح ليل كحالي ، حالك الظّلم

غنّى يردّد : واشوقي لظعنهم

فردّد السمع : واشوقي إلى الصّمم

وقوله : [الوافر]

٢٧١

وفتيان مصاليت كرام

صحبتهم على خوض الظّلام

وقد خفق النّعاس بهم فمالوا

به ميل النزيف من المدام

وكلّ تحته هو جاء تمطو

سوالفها بإرخاء الزّمام

سريت بهم وللظلماء سجف

يمزّقه ببارقه حسامي

أجرّ ذوابلي من أرض نجد

خلال مجرّ أذيال الغمام

على ميثاء رفّ بها الخزامى

فأضحى الزهر مفضوض الختام

تلفّ غصونها ريح بليل

فيعتنق الأراك مع البشام

ألا يا صاحبيّ استروحاها

شآميّة فمن أهوى شآم

عسى نفس النّعامى بعد وهن

يبشّر من سليمى بالسّلام

وقوله :

وليل قطعت دياجيره

بعذراء حمراء كالعندم

أدبرت كواكب أقداحها

عليّ فأغربتها في فمي

فقال وقد طار من خيفة

وإصباحه واضح المبسم

رأيتك تشرب زهر النجوم

فولّيت خوفا على أنجمي

وقوله : [الطويل]

ووافى كمثل الصّبح عريان كلما

تكذّبه عين البصير يبين

وقد كان بالسّمر الذوابل في الوغى

مصونا كما صان العيون جفون

وقوله : [الكامل]

ولقد تروعهم الكواكب رهبة

لمّا حكين أسنّة المرّان

ولربما عطشوا فحلّاهم عن ال

غدرة اشباه البيض بالغدران

والسّيف دامي المضربين كجدول

في ضفّتيه شقائق النعمان

ومنها :

ما لاح في الهيجاء نجم مثقّف

وهلال كلّ حنيّة مرنان

وقوله : [الوافر]

دع الخطّيّ يثني معطفيه

فإنّ لأسهمي فضلا عليه

إذا كان العلا قتل الأعادي

أيفضل غير أسرعنا إليه

٢٧٢

وقوله : [البسيط]

ويا لغصن نقا لدن معاطفه

سقيته الدمع حتى أثمر القبلا

وقوله : [البسيط]

والليل يسترني غربيب سدفته

كأنني خفر في خدّ زنجيّ

٥٦٨ ـ أبو علي الحسين النّشّار (١)

من شعراء زاد المسافر. من إحسانه قوله (٢) : [الوافر]

ألوّامي على كلفي بيحيى

متى من حبّه أرجو (٣) سراحا

وبين الخدّ والشفتين خال

كزنجيّ أتى روضا صباحا

تحيّر في جناه فليس يدري

أيجني الورد أم يجني الأقاحا

وقوله :

في خد أحمد خال

يصبو إليه الخليّ

كأنه روض ورد

جنّانه حبشيّ

وقوله (٤) : [السريع]

قلبي ترى أي طريق سلك

فحقّ يا جسمي أن أسألك

أنينه دلّ عليه فهل

أنحله السّقم (٥) الذي أنحلك

ويا رشا خوّل الشّرى

هناك ربّ العرش ما خوّلك

قتلت يا بدر جميع الورى

فمن إلى قتل الورى أنزلك

ما ملك الموت كما حدّثوا

بل لحظك الموت وأنت الملك

يا يوسفا أزرى بحسن الذي

آمن في الجبّ وقوع الهلك

أقسمت لو أنك في عصره

بآية الحسن (٦) الذي دلّلك

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٨١٠) وزاد المسافر (ص ٥٧).

(٢) الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ١٨٠) وزاد المسافر (ص ٥٧).

(٣) في النفح : ألقى.

(٤) الأبيات في زاد المسافر ببعض الاختلاف عمّا هنا.

(٥) في الزاد : الشوق.

(٦) في زاد المسافر : الحب.

٢٧٣

ما خلت الحسناء يوما به

تيها (١) ولا قالت له هيت لك

إن قطّعت أيدي نساء له

فكم قلوب قطّع الناس لك

الأهداب

موشّحة لابن حريق :

سل حارسي روضه الجمال

وصولجي ذلك العذار

من توّج الغصن بالهلال

وأنبت الورد في البهار

أيّ أقاح وجلّنار

حاما على منهل الرّضاب

وأيّ صلّين من عذار

دبّا كلامين في كتاب

وأيّ ماء وأيّ نار

ضمّتهما نعمة الشباب

فقل حيا مورد زلال

يحرسه الثغر بالشّفار

وقل جنان وقل لآل

يعلّ بالمسك والعقار

من لي به والمنى غرور

وسنان طاوي الحشا غرير

النّور من خدّه منير

على فؤادي ولا نصير

يا نفس ما منك بالوصال

بدّ ولا منّي انتصار

فقد دعا جفنه نزال

فأين من فتكه الفرار

يا قلبي المبتلي بحبّه

باعتك عيني بلا شرا

من باخل في الهوى بقربه

حتى على الطيف بالكرى

صبرا على هجره وعتبه

فليس إلا الذي ترى

لعل رفقا من الوصال

يدال من قسوة النّفار

أو بعض ما تحدث الليال

يفك من ذلك الإسار

وناصح قال يا غريب

أسرفت في البثّ والحزن

للمرء من دمعه نصيب

والروح ما إن له ثمن

ويحك لا عيشة تطيب

ولا نديم ولا سكن

فخلّ عينيّ في انهمال

يقر للدّمع من قرار

وابك معي رقّة لحالي

بكاء غيلان في الديار

جعلت لبس الهوى شعارا

واختلت في برده القشيب

__________________

(١) في الزاد : ... في خدرها به ...

٢٧٤

ولي حبيب سطا وجارا

بالنفس أفديه من حبيب

شدوت إذ مرّ بي سرارا

من خشية السامع الرقيب

محمد اللّنق يا غزال

يا صاحب العينين الكبار

قطفت قلبي ولم تبال

لس ذا علك يا حبيبي عار

من زجل لأبي زيد الحداد البكّازور البلنسي :

إيش تستر يا بن أبي العافية

لس تخفى عن حدّ هذا الخافية

إش تستر لس به شي إن يستتر

ذا القصّا لا بد لها أن تشتهر

أي صفقا كان يشتريها من حضر

بصلبا ولس تكون لي غالية

لأنك من الفلك العالية

إيش تدهب عند البطون من العقول

جُجَّ الكاس ومدّ ساقك لا تزول

وإبليس يضحك يجيها ويقول

اطمن قط ان الشريب باليه

والفتيان عزّاب ودار خاليه

٢٧٥

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة البلنسية

وهو

كتاب الحلة السندسيّة ، في حلى الرّصافة البلنسيّة

مناظر وبساتين ومياه جارية ، تصاقب حضرة بلنسية ، وهي من أبدع متفرّجاتها ، وقد كثر ذكرها في الشعر. منها :

٥٦٩ ـ أبو عبد الله محمد بن غالب الرّصافيّ (١)

أملى عليّ والدي في شأنه : هو شاعر الأندلس في أوانه ، بما اشتهر عند الخاص والعام من إحسانه ، قال : وكان عمي أبو جعفر بن سعيد يقول عنه : هو ابن رومي الأندلس لما رآه من حسن اختراعه وتوليده ، كمعناه في الحائك ، ومعناه في النجار ، وذكره للأصيل ، وما تقف عليه من شعره ، مما يدلك على عظم قدره ، وقد وفد على عبد المؤمن ، وأنشده وهو في جبل الفتح قصيدة أولها.

لو اقتبست الهدى من جانب الطّور

أعطيت ما شئت من هدي ومن نور

__________________

(١) انظر ترجمته في التحفة (رقم : ٣٤) والتكملة (ص ٢٣٧) والمعجب (ص ١٥٤).

٢٧٦

الغرض من ديوانه : قوله من قصيدة في أبي جعفر الوقّشي وزير ابن همشك (١) : [الكامل]

لمحلّك التّرفيع والتعظيم

ولوجهك التقديس والتكريم

ولراحتيك الحمد في أرزاقنا

والرزق أجمع منهما مقسوم

يا منعما تطوى البلاد هباته

ومن الهبات مسافر ومقيم

إيه ولو بعض الحديث عن التي

حيّا بها ربعي أجشّ هزيم

قد زارني فسقيت من وسميّه

فوق الذي أروي به وأسيم

سرت الجياد به إليّ وفتية

سفروا فقلت أهلّة ونجوم

نعماء جدت بها إن لم نلتقي

فيمن يدندن حولها ويحوم

وأعزّ من سقيا الحيا من لم يبت

في الحيّ يرقب برقه ويشيم

ولقد أضنّ على الحيا بسؤاله

والجوّ أغبر والمراد هشيم

وإن استحبّ القطر سقيا موضعي

فمكان مثلي عنده معلوم

لما أدرت إلى صنيعك ناظري

فرأيت ما أوليت فهو عميم

قلّدت جيد الشكر من تلك الحلى

ما شاءه المنثور والمنظوم

وأشرت قدّامي كأني لاثم

وكأن كفّك ذلك الملثوم

يا مفضلا سدك السخاء بماله

حتّام تبذل والزمان لئيم

تتلوّن الدنيا ورأيك في العلا

والحمد دأبك والكريم كريم

ومن المتمّم في الزمان صنيعة

إلا كريم شأنه التّتميم

مثل الوزير الوقشيّ ومثله

دون امتراء في الورى معدوم

رجل يدوس النيّرات بنعله

قدم ثبوت في العلا وأروم

وصل البيان به المدى فكلامه

سهل يشقّ وغامض مفهوم

من معشر والاهم في سلكه

نسب صريح في العلاء صميم

قوم على كتف الزمان لبوسهم

ثوب بحسن فعالهم موسوم

آثارهم في الحادثين حديثة

وفخارهم في الأقدمين قديم

لو لم يعدوّا من دعائم بيتهم

رمح السّماك لخانه التقويم

ماتوا ولكن لم يمت بك فخرهم

فالمجد حيّ والعظام رميم

يا أحسد الدنيا وقد يغني بها

عن كنية واسم العظيم عظيم

أجري حديثك ثم أعجب أنّه

قول يقال وعرفه مشموم

__________________

(١) الأبيات في ديوان الرصافي (ص ١٣١ ـ ١٣٤) والبيت الأول في نفح الطيب (ج ٣ / ص ٩٧).

٢٧٧

فبكلّ أرض من ثنائك شائع

عبق كما ولج الرّياض نسيم

يجري فلا يخفى على مستنشق

لو أنّه عن أذنه مكتوم

يطوى فينشره الثناء لطيبه

ذكر الكريم بعنبر مختوم

صحبتك خالدة الحياة وكل ما

تجتاز بابك جنّة ونعيم

في ظل عزّ دائم وكرامة

وفناء دارك بالوفود زحيم

من كل ذي تاج تعلّة قصده

مرآك والإلمام والتسليم

وقوله من أخرى في المذكور :

ألأجرع تحتلّه هند

يندى النسيم ويأرج الرّند

ويطيب واديه بموردها

حتى ادّعى في مائه الورد

نعم الخليط نضجت جانحتي

بحديثه لو يبرد الوجد

يحييك من فيه بعاطرة

لو فاه عنها المسك لم يعد

يا سعد قد طاب الحديث فزد

منه أخا نجواك يا سعد

فلقد تجدّد لي الغرام وإن

بلي الهوى وتقادم العهد

ذكر يمرّ على الفؤاد كما

يوحي إليك بسقطه الزّند

وإذا خلوت بها تمثّل لي

ذاك الزمان وعيشه الرّغد

ولقاء جيرتنا غداتئذ

متيسّر ومرامهم قصد

وخيامهم أيام مضربها

سقط الّلوى وكثيبه الفرد

أعدو بها طورا وربّتما

رعت الفلا والليل مسوّد

لكواكب هي في تراكيبها

حلق الدروع يضمّها السّرد

من كلّ أروع حشوة مغفره

وجه أغرّ وفاحم جعد

ذكر الوزير الوقّشيّ لهم

فأثارهم للقائه الودّ

مترقّبين حلول ساحته

حتى كأنّ لقاءه الخلد

قد رنّحتهم من شمائله

ذكر كما يتضوّع النّدّ

نعم الحديث الحلو تملكه ال

ركبان حيث رمى بها الوخد

يا صاحبيّ أخبره عجب

لكما على ظمإ به ورد

أم ذكره تتعلّلان به

إذ ليس منه لذي فم بدّ

شفتيكما فالنّحل جاثمة

مما يسيل عليهما الشّهد

رجل إذا عرض الرجال له

كثر العديد وأعوز النّدّ

من معشر نجم المقال بهم

زهر كما يتساوق العقد

٢٧٨

لبسوا الوزارة معلمين بها

ومع الصّنائف يحسن البرد

مستأنفين قديم مجدهم

يبني الحفيد كما بنى الجدّ

حمدوا إلى جدّ وأعقبهم

حمد بأحمد ما له حدّ

وكأنما فاق الأنام بهم

نسب إلى القمرين ممتدّ

فيرى وليدهم المنام على

عبر المجرّة أنه مهد

ويرى الحيا في مزنه فيرى

أنّ الرّضاع لريّه صدّ

وكأنما ولدوا ليكتفلوا

حيث السّنا والسؤدد العدّ

فعلت كرائمهم بهم وعلا

فوق السماء النّهد والجهد

ومنها :

ضمن النوال بأن تروح إلي

ه العيس معلمة كما تغدو

ولقد أراني بالبلاد وآ

مال البلاد ببابه وفد

وهباته تصف النّدى بيد

علياء أقدم وفدها المجد

خففت بها في الطّرس بارقة

حدق المنى من دونها رمد

محمولة حمل الحسام وإن

خفي النّجاد هناك والغمد

يسطو بها فأقول يا عجبا

ماذا يري علياءه الجدّ

حتى اليراعة بين أنمله

يا قوم مما تطبع الهند

وقوله منها :

والأمر أشهر في فضائله

ما إن يلبّسها لك البعد

هيهات يذهب عنك موضعه

هطل الغمام وجلجل الرّعد

أعربت عن مكنون سؤدده

ما تعجم الورقاء إذ تشدو

سورا من الأمداح محكمة

من آيهنّ الشكر والحمد

ولعل ما يخفى وراء فمي

من وده أضعاف ما يبدو

وقوله : [الطويل]

سقى العهد من نجد معاهده بما

يغار عليها الدمع أن تشرب القطرا

ومنها : [الطويل]

فيا عينة الجرعاء ما حال بيننا

سوى الدهر شيء فارجعي نشتكي الدّهرا

تقضّت حياة العيشءلا حشاشة

إذا سألت لقياك علّلتها ذكرا

٢٧٩

وكم بالنّقا من روضة مرجحنّة

تضمّخ أنفاس الرياح بها نشرا

ومن نطفة زرقاء تلعب بالصّدا

إذا ما ثنى ظلّ مدار بها سمرا

ومنها :

وبرد نسيم أنثنى عند ذكره

على زفرات تصدع الكبد الحرّا

وإنّ لبانات تضمّنها الحشا

قليل لديها أن تضيق بها صدرا

وقوله من مرثية :

رميّ الموت إن السهم صابا

ومن يدمن على غرض أصابا

إلام أشبّ من نيران قلبي

عليك لكل قافية شهابا

وقد ودّعت قبلك كلّ سفر

ولكن غاب حينا ثم آبا

وأهيج ما أكون لك ادّكارا

إذا ما النجم صوّب ثم غابا

وقوله : [الخفيف]

لا تسل بعد قتل يوسف عنّي

ففؤادي مثلّم كسلاحه

لو تأمّلت مقلتي يوم أودى

خلتني باكيا ببعض جراحه

وقوله : [الكامل]

يا وردة جادت بها يد متحف

فهمى لها دمعي وهاج تأسّفي

حمراء عاطرة النسيم كأنّها

من خدّ مقتبل الشبيبة مترف

عرضت تذكّرني دما من صاحب

شربت به الدنيا سلافة قرقف

فنشقتها شغفا وقلت لصاحبي

هي ما تمجّ الأرض من دم يوسف

وقوله من قصيدة : [الرمل]

أيّها الآمل خيمات النّقا

خف على قلبك تلك الحدقا

إنّ سربا حشي الخيم به

ربّما غرّك حتى ترمقا

لا تثرها فتنة من ربرب

ترعد الأسد لديه فرقا

وانج عنها لحظة سهميّة

طال ما بلّت ردائي علقا

وإذا قيل نجا الركب فقل

كيفما سالم تلك الطّرقا

يا رماة الحيّ موهوب لكم

ما سفكتم من دمي يوم النّقا

ما تعمّدتم ولكن سبب

قرّب الحين وأمر سبقا

والتفاتات تلقّت عرضا

مقتل الصّبّ فخلّته لقا

٢٨٠