المغرب في حلى المغرب - ج ٢

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ٢

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٩٧
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

كتاب

الشّفاه اللّعس

في حلى موسطة الأندلس

٣
٤

بسم الله الرّحمن الرّحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي انقسمت إليها سلطنة الأندلس :

وهو

كتاب الشّفاه اللّعس ، في حلى موسطة الأندلس

فيها ممالك جليلة ستقف على تفسيرها

وينقسم هذا الكتاب إلى :

كتاب النّفحة المندليّة ، في حلى المملكة الطّليطليّة

كتاب النفحة البستانية ، في حلى المملكة الجيّانيّة.

كتاب الكواكب المنيرة ، في حلى مملكة إلبيرة.

كتاب النّشوة الخمريّة ، في حلى مملكة المريّة.

٥
٦

كتاب

النفحة المندليّة

في حلى المملكة الطّليطليّة

٧
٨

بسم الله الرّحمن الرّحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الأوّل

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب موسطة الأندلس

وهو

كتاب النفحة المندلية ، في حلى المملكة الطّليطلية

مملكة بين مملكة قرطبة وثغر سرقسطة ، وقد حصل جميعها في يد النصارى ، وينقسم هذا الكتاب إلى :

كتاب البدور المكمّلة ، في حلى مدينة طليطلة.

كتاب الطّرس المرقّش ، في حلى قرية وقّش.

كتاب الغيرة في حلى مدينة طلبيرة.

كتاب الغرارة في حلى مدينة وادي الحجارة.

كتاب صفقة الرّباح ، في حلى قلعة رباح.

كتاب نقش السكّة ، في حلى مدينة طلمنكة.

كتاب التغبيط ، في حلى مدينة مجريط.

كتاب السعادة ، في حلى قرية مكّاده.

٩

بسم الله الرّحمن الرّحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الأول

من الكتب التي يشتمل عليها :

كتاب المملكة الطّليطلية

وهو

كتاب البدور المكملة ، في حلى مدينة طليطلة (١)

المنصة

من التاريخ الرومي : أنها إحدى المدن الأربع التي بنيت في مدة قيصر أكتبيان الذي يؤرخ من مدته مدة الصّفر ، وتأويل اسمها أنت فارح. وهي في الإقليم الخامس موسطة ، منها إلى الحاجز الذي هو درب الأندلس نحو نصف شهر ، وكذلك إلى البحر المحيط بجهة شلب ... ومنها إلى قرطبة ، وإلى غرناطة ، وإلى مرسية بلنسية نحو سبعة أيام ، ونهر تاجه قبلّيها وأطنب الحجاري في وصفها. ووصفها بعظم الامتناع ، وإحداق الشجر بها من كل جهة ، وأنه كان يتفرّج من باب شقرا في الجلّنار الذي لم ير مثله ، إذ الجلّنارة تقارب الرّمّانة. وفيها من ضروب التركيب

__________________

(١) طليطلة : مدينة في أواسط إسبانيا قرب مدريد. فتحها طارق بن زياد ٧١٤ استردها الفونس ملك قشتالة ١٠٨٥. فيها آثار عربية فخمة كاتدرائية ، المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٤٣٧).

١٠

والفلاحة ما تفضل به غيرها. وابن بصّال (١) ، صاحب الفلاحة ، منها. قال : ورأيت فيها الشجرة تكون فيها أنواع من الثمر. وذكر أنه صحب عيسى بن وكيل إليها ، وقد توجّه رسولا ، فقال ابن وكيل فيها : [البسيط]

زادت طليلطلة على ما حدّثوا

بلد عليه نضارة ونعيم

الله ريّنه ، فوشّح خصره

نهر المجرّة ، والقصور نجوم

ويصنع فيها من آلات الحرب العجائب ، وكان فيها المباني الذنّونيّة الجليلة : منها قبة النّعيم ، التي صنعت للمأمون بن ذي النّون ، تنسدل فيها خيمة من ماء ، يشرب في جوفها مع من أحبّ من خواصه في أيام الصّيف ، فلا تصل إليه ذبابة ، وهي في بستان الناعورة.

وفيها القصر المكرّم الذي بناه ، واحتفل فيه ، وأطنبت البلغاء والشعراء في وصفه.

وذكر الحجاري أن فيها صنفا من التين ، النصف أخضر ، والنصف أبيض ، في نهاية الحلاوة.

التاج

كثيرا ما قامت بها الثوار في مدة السلطنة المروانية ، ونهض إليها سلاطينهم ، وحاصروها ، فرجعوا خائبين. وملكوها ، فعاثوا في أهلها. وممن وليها :

٣٢٤ ـ حبيب بن عبد الملك بن عمر بن الوليد ابن عبد الملك بن مروان (٢)

من السقط : أنه من صدور الداخلين الأندلس المتميّزين بالمعرفة ، والدهاء ، والشجاعة ، والأدب ، وقول الشعر ، دخل قبل عبد الرحمن الداخل ، وكان له عنده مكانة عليّة ، وممن يشار إليه بالطمع في الأمر ، ومات قبل عبد الرحمن عن أحد عشر ذكرا ، وفشا نسله. وهو القائل :

السّعد يبلغ بالفتى فوق الذي

يسعى له ، والجدّ من أعوانه

مع أنّ ذاك مع المقادر زائد

فلكم جموح ردّ في ميدانه

__________________

(١) انظر نفح الطيب (ج ٤).

(٢) انظر ترجمته في التكملة (ص ٢٥٤).

١١

٣٢٥ ـ عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن سعد الخير ابن الأمير الحكم الربضي المرواني (١)

من السقط : أنه كان جليل القدر ، عظيم الذكر ، يعرف بالحجر ، ولي مملكة طليطلة للمنصور (٢) بن أبي عامر ، وعصى عليه ، فحصل في يده ، فحبسه. ومن شعره قوله (٣) : [البسيط]

هل منك حظّ لنا يا أيّها القمر (٤)

فإنما حظّنا من وجهك النّظر

رآك ناس فقالوا إنّ ذا قمر

فقلت : كفّوا ، فعندي منهما (٥) خبر

البدر ليس بغير النّصف بهجته

حتى الصباح ، وهذا كلّه قمر (٦)

دولة بني ذي النون

ثار بها في مدة ملوك الطوائف ابن يعيش (٧) قاضيها ، ولم تطل مدته ، وصارت منه إلى :

٣٢٦ ـ الظافر إسماعيل بن ذي النون (٨)

فدارى سليمان المستعين. قال ابن حيان : وكانت نباهة [بني ذي النون من جدهم ذي النون في أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن ، فقد خلّف عنده خصيّا بحصن أقليش ، فعالجه حتى برىء.

وقال ابن حيان : إن إسماعيل كان أول الثوار إيثارا لمفارقة الجماعة. ووصفه بشدة البخل.

لم يرغب في صنيعة ، ولا سارع إلى حسنة ، فما أعملت إليه مطيّة ، ولا استخرج من يده درهم في حق ولا باطل. ومنه تفجّر ينبوع الفتن ، وكان ينال من السلف الصالح. قال ابن غالب : إنه توفي سنة خمس وثلاثين وأربعمائة. وولي بعده :

__________________

(١) انظر ترجمته في جذوة المقتبس (ص ٢٦٣) وبغية الملتمس (ص ٣٤٧). ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٠٧) والحلة السيراء (ص ١١١).

(٢) سبقت ترجمته في الجزء الأول من المغرب.

(٣) الأبيات في جذوة المقتبس (ص ٢٦٣) وبغية الملتمس (ص ٣٤٧) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٠٧)

(٤) في النفح والبغية والجذوة : اجعل لنا منك حظّا أيها القمر.

(٥) في البغية والجذوة فيهما.

(٦) رواية البيت في الجذوة والبغية هي :

البدر ليلة نصف الشهر بهجته

حتى الصباح وهذا دهره قمر

(٧) انظر ترجمته في الصلة لابن بشكوال (ص ٦٢٨) وأعمال الأعلام (ص ٦٣).

(٨) انظر ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ١٤٣ وما بعدها) والبيان المغرب (ج ٣ / ص ٢٧٦) وأعمال الأعلام (ص ٢٠٥).

١٢

٣٢٧ ـ ابنه المأمون يحيى بن إسماعيل (١)

قال الحجاريّ : لم يكن فيهم أعظم قدرا ، وأشهر ذكرا منه ، اجتمع في مجلسه أبو عبد الله محمد بن شرف (٢) حسنة القيروان ، وعبد الله ابن خليفة المصري الحكيم (٣) ، وأبو الفضل البغدادي (٤) الأديب. ولم يجتمع عند ملك من ملوك الأندلس ما اجتمع عنده من الوزراء والكتّاب الجلّة : منهم أبو عيسى (٥) بن لبّون ، وابن سفيان (٦) ، وأبو عامر (٧) بن الفرج ، وأبو المطرّف ابن مثنّى (٨). ومات فولى بعده ابن ابنه وهو :

٣٢٨ ـ القادر يحيى بن إسماعيل بن المأمون ابن ذي النون (٩)

وكان سيّىء الرّأي ، إن حزم لم يعزم ، وإن سدّى لم يلحم ، واستدرج ابن الحديديّ بالأمان ، واستفزّه إلى مصرعه بمزوّرات الإيمان إلى أن زحف ابن الحديديّ (١٠) للقصر ، والدولة يومئذ متعلّقة بأذياله ، فانخدع للقادر انخداعا آل به إلى أن قتله أصحاب القادر في القصر.

وأمر بنهب دور بني الحديديّ ، فاشتغلت العامة بها ، ففغر أذفونش (١١) ، ابن فرذلند فاه على ثغوره ، وجعل يطويها طيّ السّجلّ للكتاب ، وينهض فيها نهوض الشيب في الشباب ، إلى أن ثار عليه أهل طليطلة ، وهرب إلى بعض حصونه ، فصارت للمتوكل (١٢) بن الأفطس ، ثم أسلمها

__________________

(١) ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ١٤٥ ، ١٤٦) والبيان المغرب (ج ٣ / ص ٢٧٧) وأعمال الأعلام (ص ٢٠٥).

(٢) ترجمته في الصلة (ص ٥٤٥) والمطرب (ص ٦٦) والخريدة (ج ٢ / ص ٢٢٤) ومعجم الأدباء (ج ١٩ / ص ٣٧) والوافي (ج ٣ / ص ٩٧) ومسالك الأبصار (ج ١١ / ص ٢٣٨) وبغية الوعاة (ص ٤٧) والذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ١٦٩).

(٣) ترجم له ابن سعيد في الجزء الأول من المغرب.

(٤) هو محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث التميمي. له ترجمة في جذوة المقتبس (ص ٦٨) والبغية (رقم ٢٠٩) والوافي (ج ٤ / ص ٦٧) والذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ٨٧ وما بعدها).

(٥) سيترجم له ابن سعيد في هذا الجزء.

(٦) انظر ترجمته في قلائد العقيان (ص ١٣٦).

(٧) سيترجم له ابن سعيد في هذا الجزء من المغرب.

(٨) انظر ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٣ / ص ٤٠٩) وإعتاب الكتاب (ص ٢١٥).

(٩) هو يحيى بن سعيد بن أحمد بن يحيى بن الحديدي من أهل طليطلة ، كان متقنا فصيحا مقدما في الشورى. الصلة (ص ٦٣٣) والذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ١٥١) وأعمال الأعلام (ص ٢٠٧).

(١٠) أبو بكر بن الحديدي. ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ١٥١ وما بعدها). والصلة (ص ٦٣٣).

(١١) هو اسم ملك على إسبانيا بكاملها. بسط نفوذ بلاده على المغرب الشمالي.

(١٢) ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٤ / ص ١٥٧ وما بعدها) المنجد في اللغة والأعلام (ج ٢ / ص ٦٠) وأعمال ـ ـ الأعلام (ص ٢٠٨). ونفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٤٠).

١٣

المتوكل ، فاستعان القادر بأذفونش على حصارها ، فملكها ابن ذي النّون قهرا ، وأسلمها لأذفونش سنة خمس وسبعين.

السلك

من كتاب الياقوت في حلى ذي البيوت

٣٢٩ ـ الأمير أرقم بن عبد الرحمن بن إسماعيل ابن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عامر بن مطرف ابن موسى بن ذي النون (١)

من كتاب المسهب : يعرف بابن المضراس. وأخوه إسماعيل هو أول من ملك طليطلة من بني ذي النون ، وكان المأمون ابن أخيه ينفيه ويبغضه ، ويحسده على أدبه ، ففرّ عنه إلى الثّغر الأعلى لمملكته. ومن شعره قوله (٢) : [الكامل]

إذا لم يكن لي جانب في ذراكم (٣)

فما العذر لي ألّا يكون التجنّب (٤)

وكان قد قرأ في قرطبة على الرّماديّ (٥) الشاعر. وآل أمره إلى أن حصل عند النصارى ، فدسّ إليهم ابن أخيه المأمون من نصحهم في شأنه بأنه جاسوس من قبل ابن أخيه ، ليتكشّف على بلادهم ، فقتلوه فقال المأمون : الحمد لله! هذه نعم من جهتين : فقد عدوّ ، ووجوب ثأر نطلب به.

ومن كتاب تلقيح الآراء ، في حلى الحجّاب والوزراء

٣٣٠ ـ الوزير أبو المطرف عبد الرحمن (٦)

ذكر الحجاري أنه من أهل ...

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٧٥).

(٢) البيت في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٧٥).

(٣) في النفح : دياركم.

(٤) في النفح : أن لا يكون تجنّب.

(٥) هو أبو عمر يوسف الرمادي ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٤ / ص ٣٢٦ ، ٣٩٦).

(٦) هو عبد الرحمن بن أحمد بن صبنون ، استوزره المأمون يحيى ابن ذي النون عدّة سنين. انظر ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٣ / ص ٤٠٩ وما بعدها) والمطمح (ص ٣٠).

١٤

ولكنه أورد ترجمته في مدينة طليطلة.

وأنشد له قوله : [البسيط]

يا من غير مرأى حسنه النظر

من بعد وجهك لا شمس ولا قمر

لا تحسبنّي إذا ما غبت مصطبرا

فما على بعد ذاك الوجه أصطبر

طال انتظاري ، ولا وعد يعللني

ولا كتاب ، ولا رسل ، ولا خبر

ومن نثره :

الودّ ـ أبقاك الله ـ كما علمت غصن ناضر ، وكيف لا يكون كذلك.

وما برحت تنقل من قلب إلى ناظر ، والذكر لا يبرح معقودا باللسان ، ومن الواجب ألا ينسى ذكر مول للإحسان.

ومن كتاب الكتّاب

٣٣١ ـ كاتب الظافر بن ذي النون

من المسهب : أنه كان متخلّفا كتب عن الظافر إلى أهل حصن بلغه أن النصارى يريدون غرّته بالتحذير كتابا طويلا ، فيه : وقد قرع أسماعنا أن شرذمة من بني الأصفر ، صفر وطابهم ، ونكّس عقابهم عزموا أن يغزوا حوزتكم ، فكونوا على أهبة لصدمتهم ، وأعدوا لهم مائة من أذمار الوغا الزّبون.

وأتبع ذلك بألفاظ مستغلقة لم يفهمها جند الحصن ، وكتبوا إلى الظافر يستفسرونه عنها. وفي أثناء ذلك ضرب النصارى على الحصن ، وصادفوا فيه الغرّة.

٣٣٢ ـ الكاتب ابن عيطون التجيبي أبو الخطاب عمر بن أحمد (١)

جيد الصناعة ، وكان أبيّ النفس ، غير متكسّب بالشعر ، وكان في جلّة الفضلاء الذين وفدوا على المتوكل بن الأفطس صاحب بطليوس. وكان المتوكل قد اعتل ، ومع ذلك فخرجت منه جوائز للشعراء ، فقال (٢) : [الطويل]

وما اعتلّ عنا جوده باعتلاله

ولكن وجدنا برّه لا يهنّأ (٣)

__________________

(١) انظر ترجمته في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٧٧٣ وما بعدها) والمسالك (ج ١١ / ص ٤٥٠).

(٢) البيتان في الذخيرة (ج ٢ / ق ٣ / ص ٧٧٧) والمسالك (ج ١١ / ص ٤٥٠).

(٣) في الذخيرة : ولكن وجدنا غبّه ليس يهنأ.

١٥

تنغص (١) شكواه بجدواه عندنا

كأنا عطاش البحر في الماء نظمأ

وجال على ملوك الطوائف.

ومن كتاب الياقوت ، في حلى ذوي البيوت

٣٣٣ ـ الأسعد بن إبراهيم بن بلّيطة (٢)

له (٣) [الكامل]

يوم تكاثف غيمه فكأنّه

دون السماء دخان عود أخضر

والطلّ مثل برادة من فضّة

منثورة في بردة من عنبر

والشمس أحيانا تلوح كأنها

أمة تعرّض نفسها للمشتري

ولديّ صرف مدامة مشمولة

تلقى الظلام بوجه صبح مسفر

وكأنها مما تحبّك أقسمت

ألا تطيب لنا إذا لم تحضر

ومن الذخيرة : أنه تردد على ملوك الطوائف ، فارس جحفل ، وشاعر محفل ، وأنشد له قوله (٤) : [المنسرح]

أحبب بنور الأقاح نوّارا

عسجده في لجينه حارا

أي عيون صوّرن من ذهب

ركّب فيها اللّجين أشفارا

إذا رأى الناظرون بهجتها

قالوا نجوم تحفّ أقمارا

كأن ما اصفرّ من موسّطه

عليل قوم أتوه زوّارا

٣٣٤ ـ أبو بكر محمد بن أرفع رأسه (٥)

نبّه الحجاري على بيته بطليطلة ، وأن المأمون بن ذي النون اشتمل عليه ، وشهر عنده ذكره ، وقال في المأمون (٦) : [البسيط]

__________________

(١) في الذخيرة : ينفص شكواه لجدواه.

(٢) وردت ترجمته في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٧٩٠ وما بعدها) وفي الجذوة (ص ١٦٦) والبغية (رقم : ٥٨١) والمطمح (ص ٨٣) والمطرب (ص ١٢٦) والخريدة (ج ٢ / ص ٩٠ ، ٢٦٢ ، ٥٨٥) والمسالك (ج ١١ / ص ٤٠٨ ، ٤٦٠).

(٣) ذكر ابن بسام بعض الأبيات من الأبيات من هذه القصيدة لم يذكرها ابن سعيد هنا.

(٤) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ١ / ص ٧٩٨). دون تغيير عمّا هنا.

(٥) انظر حكايته مع المأمون بن ذي النون في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٧٦).

(٦) الأبيات في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٧٦).

١٦

دعوا الملوك وأبناء الملوك فمن

أضحى على البحر لم يشتق إلى نهر

يا واحدا ما على علياه مختلف

مذ جاد كفّك لم نحتج إلى المطر

ومذ (١) طلعت لنا شمسا فما نظرت

عيني (٢) إلى كوكب يهدي ولا قمر

وله موشحات مشهورة يغنّى بها في بلاد المغرب ، ومنها في مدح المأمون بن ذي النون.

٣٣٥ ـ أبو بكر يحيى بن بقيّ الطليطلي (٣)

من القلائد : رافع راية القريض. وصاحب آية التصريح فيه والتعريض ، أقام شرائعه ، وأظهر روائعه ، وكان عصيّه طائعه ، إذا نظم أزرى بنظم العقود ، وأبى بأحسن من رقم البرود ، ضفا عليه حرمانه ، وما صفا له زمانه ، فصار قعيد صهوات. وقاطع فلوات ، مع توهم لا يظفره بأمان ، وتقلّب دهر كواهي الجمان.

الغرض من نظمه قوله (٤) [البسيط]

عندي حشاشة نفس في سبيل ردى

إن شئتها اليوم لم أمطل بها لغد

وكيف أقوى على السّلوان عنك وقد

ربّيت حبّك حتى شبت (٥) في خلدي

خذها وهات ولا تمزج فتفسدها

فالماء (٦) في النار أصل غير مطّرد

وقوله :

فهلّا أقاموا كالبكاء تنهّدي

إذا ما بكى القمريّ قالوا ترنّما

وقوله (٧) : [الطويل]

إلى الله أشكوها نوى أجنبية

لها من أبيها الدهر شيمة ظالم

__________________

(١) في النفح : وقد.

(٢) في النفح : عين.

(٣) هو يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن بقي الأندلسي القرطبي الشاعر المشهور صاحب الموشحات البديعة. توفي سنة ٥٤٠ ه‍. وفيات الأعيان (ج ٦ / ص ٢٠٢) وقلائد العقيان (ص ٢٧٨) والذخيرة (ج ٢ / ق ٢ / ص ٦١٥) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ١٧). ومعجم الأدباء (ج ٢٠ / ص ٢١) والمسالك (ج ١١ / ص ٢٨٠) والخريدة (ج ٢ / ص ٣٠٨) والمطرب (ص ١٩٨).

(٤) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٢ / ص ٦٢٥).

(٥) في الذخيرة : حتى شبّ.

(٦) في الذخيرة : الماء.

(٧) الأبيات في الذخيرة (ج ٢ / ق ٢ / ص ٦٢٦ / ٦٢٧) والقلائد (ص ٢٧٩).

١٧

إذا جاش صدر الأرض بي كنت منجدا

وإن لم يجش بي كنت بين التهائم

أكلّ بني الآداب مثلي ضائع

فأجعل ظلمي أسوة في المظالم

ستبكي قوافي الشعر ملء جفونها

على عربيّ ضاع بين الأعاجم (١)

وقوله :

أمصطبر أنت إن قوّضوا

وأمّوا المصيف من المربع

ستجزع إن صرت في ركبهم

وإن لا تسر فيهم تجزع

تخيّر لنفسك في حالتي

ن فاقض بإحداهما واصدع

فإمّا على نيّة فاعتزم

وإماعلى ظلع فاربع

قد ابتكروا واستقلّت بهم

قلائص مشدودة الأنسع

قليلا علينا فإنا على

أسى مؤلم ، وهوى مضرع

نشيّعكم ولعل الغنا

ء للصب نظرة مستمتع

وبي كمد لو غدا بالصّفا

لذبن ، وبالورق لم تسجع

وجدنا بكم على بينكم

ومن أجلكم فوق ما ندّعى

وقوله (٢) : [الكامل]

بأبي غزال غازلته مقلتي

بين العذيب وبين شطّي بارق

وسألت منه قبلة تشفى الجوى

فأجابني فيها بوعد صادق

بتنا ونحن من الدّجى في لجّة

ومن النجوم الزّهر تحت سرادق

حتى إذا مالت به سنة الكرى

زحزحته (٣) شيئا ، وكان معانقي

باعدته (٤) عن أضلع تشتاقه

كيلا (٥) ينام على وساد خافق

ومن كتاب نجوم السماء في حلى العلماء

٣٣٦ ـ أبو محمد عبد الله العسال (٦)

__________________

(١) في الذخيرة والقلائد : أعاجم.

(٢) بعض هذه الأبيات في نفح الطيب (ج ٤ / ص ١٨٤) والذخيرة (ج ٢ / ق ٢ / ص ٦٣٦).

(٣) في الذخيرة : باعدته.

(٤) في الذخيرة : زحزحته.

(٥) في الذخيرة : كي لا.

(٦) هو أبو محمد عبد الله بن فرج بن غزلون اليحصبي ، المعروف بابن العسال. شاعر مغلق ، توفي سنة ـ ـ ٤٨٧ ه‍. الصلة (ص ٤٣٥) ونفح الطيب (ج ٤ / ص ١٨٣).

١٨

زاهد طليطلة المشهور بالكرامات ، وإجابة الدعوات ، وهو القائل لما أخذت طليطلة من المسلمين ـ وقد رحل عنها إلى غرناطة وهنالك قبره مكرّم مزور إلى الآن ، وقد زرته : [البسيط]

يا أهل أندلس حثّوا مطيّكم

فما المقام بها إلا من الغلط

الثوب ينسل من أطرافه ، وأرى

ثوب الجزيرة منسولا من الوسط

٣٣٧ ـ الفقيه أبو القاسم بن الخياط

من المسهب : أقام خمسين سنة على العفاف والخير ، لا تعرف له زلّة ، فلما أخذ النصارى طليطلة ، حلق وسط رأسه وشدّ الزنّار ، فقال له أحد أصحابه في ذلك وقال له : أين عقلك؟! فقال : ما فعلت هذا إلا بعد ما كمل عقلي.

وقال شعرا منه :

تلوّن كالحرباء حتى تلوّن

وأبصر دنياه بملء جفونه

وكلّ إلى الرحمن يومي بوجهه

ويذكره في جهره ويقينه

ولو أن دينا كان نفيا لخالقي

لما كنت يوما داخلا في فنونه

وذكر ابن اليسع (١) له رسالة كتبها عن أذفونش ملك النصارى إلى المعتمد بن عباد بالإرهاب.

٣٣٨ ـ المنجم مروان بن غزوان

كان متّصلا ... بعبد الرحمن الأوسط ، وخرج في بعض سفراته ، فبشره بالسّلامة ، وافتتاح ثلاثة معاقل من بلاد العدو ، فكان ذلك ، وأعطاه ألف دينار.

وكان قد هجا هاشم بن عبد العزيز وزير محمد بن عبد الرحمن ، فأغراه به ، وأنشد لمحمد أبياتا كان مروان قد قالها متغزّلا في محمد لما كان غلاما :

أعلّل نفسي بالمواعد والمنى

وما العيش واللّذّات إلا محمد

بذاك سبى عقلي وهاج لي الجوى

ولم يسبه حور أو انس نهّد

ولكن غزال عبشميّ سما به

أب ماجد الآباء قرم ممجّد

__________________

(١) سيترجم له ابن سعيد في هذا الجزء (ص ٨٧) وترجمته في قلائد العقيان (ص ١٦٧).

١٩

فأمر له بمائة سوط لكل بيت ، وسجنه.

٣٣٩ ـ الطبيب أبو إسحاق إبراهيم بن الفخار اليهودي (١)

ساد في طليطلة ، وصار رسولا من ملكها النصراني أذفونش إلى أئمة بني عبد المؤمن بحضرة مرّاكش ، وكان والدي يصفه بالتفنن في الشعر ومعرفة العلوم القديمة والمنطق وقد أبصرته في إشبيلية وله جاه عريض وأنشدني لنفسه قوله في أذفونش (٢) : [المديد]

حضرة الأذفونش لا برحت

غضة أيامها عرس

فاخلع النّعلين تكرمة

في ثراها إنّها قدس

ومن كتاب مصابيح الظلام ، في حلى الناظمين لدر الكلام

٣٤٠ ـ غربيب بن عبد الله الطليطلي (٣)

من الجذوة : شاعر قديم مشهور الطريقة في الفضل والخير ، ومما يتداول الناس من شعره (٤) : [الوافر]

يهدّدني بمخلوق ضعيف

يهاب من المنيّة ما أهاب

وليس إليه محيا ذي حياة

وليس إليه مهلك من يصاب

له أجل ولي أجل وكلّ

سيبلغ حيث يبلغه الكتاب

ما يدري (٥) لعلّ الموت منه

قريب أيّنا قبل المصاب

لعمرك ما يردّ الموت حصن

إذا انتاب الملوك ولا حجاب

لعمرك إنّ محياي وموتي

إلى ملك تذلّ له الصّعاب

الحلة

٣٤١ ـ عيسى بن دينار الغافقي الطليطلي (٦)

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٧٤).

(٢) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٧٤).

(٣) ترجمته في بغية الملتمس (ص ٤٤٢) وجذوة المقتبس (ص ٣٢٦) ونفح الطيب (ج ٦ / ص ١٠٢).

(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٦ / ص ١٠٢) وجذوة المقتبس (ص ٣٢٦) وبغية الملتمس (ص ٤٤٢).

(٥) في الجذوة : وما ندري.

(٦) انظر ترجمته في الوافي للصفدي (ج ٥ / ص ٦١٥) وتاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي (ج ١ / ص ٢٧١) ـ ـ وجذوة المقتبس (ص ٢٧٩) وبغية الملتمس (ص ٣٨٩)

٢٠