المسالك والممالك

أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الفارسي الإصطخري

المسالك والممالك

المؤلف:

أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الفارسي الإصطخري


المحقق: الدكتور محمّد جابر عبد العال الحيني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة
الطبعة: ١
ISBN: 977-305-734-8
الصفحات: ٢٣٦

ما وراء النهر

وأما ما وراء النهر فيحيط به من شرقيّة : فامر وراشت ، وما يتاخم الختّل من أرض الهند خط مستقيم ، وغربيّه بلاد الغزيّة والخزلجيّة من حدّ طراز ، ممتدا على التقويس حتى ينتهى إلى فاراب وبيسكند وسغد سمرقند ونواحى بخارى إلى خوارزم ، حتى ينتهى إلى بحيرتها ، وشماليّه الترك الخزلجية من أقصى بلد فرغانة إلى الطّراز على خط مستقيم (١) ، وجنوبيّه نهر جيحون من لدن بذخشان إلى بحيرة خوارزم على خط مستقيم ؛ وجعلنا خوارزم والختّل فى ما وراء النهر لأن الختّل بين نهر جرياب ووخشاب ، وعمود جيحون جرياب ، وما دونه من وراء النهر. وخوارزم مدينتها وراء النهر (٢) ، وهى إلى مدن ما وراء النهر أقرب منها إلى مدن خراسان.

ما وراء النهر من أخصب أقاليم الإسلام وأنزهها وأكثرها خيرا ، وأهلها يرجعون إلى رغبة فى الخير ، واستجابة لمن دعاهم إليه ، مع قلة غائلة وسلامة ناحية ، وسماحة بما ملكت أيديهم ، مع شدة شوكة ومنعة وبأس وعدّة وآلة وكراع وسلاح ؛ فأما الخصب بها فإنه ليس من إقليم ذكرناه إلا يقحط أهله مرارا قبل أن يقحط ما وراء النهر ، ثم إن أصيبوا ببرد أو جراد أو آفة تأنى على زروعهم ففى فضل ما يسلم فى عرض بلادهم ما يقوم بأودهم ، حتى يستغنوا عن نقل شىء إليهم من غير بلادهم ، وليس بما وراء النهر مكان يخلو من مدن أو قرى أو مباخس أو مراع لسائمة (٣) ، وليس شىء لا بد للناس منه إلا وعندهم منه ما يقيم أودهم ويفضل عنهم لغيرهم ؛ فأما أطعمتهم فمن السعة والكثرة على ما ذكرناه (٤) ؛ وأما مياههم فإنها أعذب المياه وأخفها ، وقد عمّت المياه العذبة جبالها وضواحيها ومدنها ؛ وأما الدواب ففيها من النتاج ما فيه كفاية (٥) لهم مع كثرة ارتباطهم لها ، وكذلك البغال والحمير والإبل ؛ وأما لحومهم فإن بها من النتاج ما يجلبونه من الغزيّة والخزلجيّة ، وما يتصل بهم من حواليها ما يفضل عن كفايتهم ؛ أما الملبوس ففيها (٦) من ثياب القطن ما يفضل عنهم ، حتى ينقل عنهم إلى الآفاق ، ولهم الفراء والصوف والأوبار ، (٧) وببلادهم من معادن الحديد ما يفضل عن حاجتهم فى الأسلحة والأدوات ، وبها معدن (٨) الفضة والذهب والزيبق ،

__________________

(١) فى ا بعد ذلك. لأن الختل بين نهر جرياب ووخشاب. وواضح الخطأ فى النقل.

(٢) هذه الجملة ساقطة من ا

(٣) فى ا. سوائمهم

(٤) فى ا. على ما وصفنا وذكرنا

(٥) فى ا. كفايتهم

(٦) فى ا. فإن فيها من ثياب القطن.

(٧) فى ا. ولهم القز والصوف والوبر الكثير.

(٨) فى ا. معادن ويلاحظ أنّ فى هذا الفصل يكثر التصرف فى مخطوطة ا وغيرها.

١٦١

الذي لا يقاربه (١) فى الغزارة والكثرة معدن فى سائر بلدان الإسلام (٢) إلا بنجهير فى الفضّة ، وأما الزيبق والذهب (٣) وسائر ما يكون فى المعادن فأغزرها ما يرتفع مما وراء النهر ، وليس فى شىء من بلدان الإسلام النوشاذر والكاغذ إلا فى ما وراء النهر ؛ أما فواكههم فإنك إذا تبطّنت السغد وأشر وسنة وفرغانه والشاش رأيت من كثرتها ما يزيد على سائر الآفاق ، حتى يرعاها لكثرتها دوابّهم ؛ وأما الرقيق فإنه يقع إليهم من الأتراك المحيطة بهم ما يفضل عن كفايتهم ، وينقل إلى الآفاق من بلادهم ، وهو خير رقيق يحيط بالمشرق كله ؛ وبها من المسك الذي يجلب إليهم من تبّت وخرخيز ما ينقل إلى سائر الأمصار منها ؛ ويرتفع من الصّغانيان إلى واشجرد من الزعفران ما ينتقل إلى الآفاق ، وكذلك الأوبار من السمّور والسّنجاب والثعالب وغيرها ، مما يحمل إلى أقصى الغرب (٤) ، مع طرائف من الحديد والختوّ (٥) والبزاة ، وغير ذلك مما يحتاج إليه الملوك. وأما سماحتهم فإن الناس فى أكثر ما وراء النهر كأنهم فى دار واحدة ، ما ينزل أحد بأحد إلا كأنّه رجل دخل دار نفسه ، لا يجد المضيّف من طارق فى نفسه كراهة ، بل يستفرغ مجهوده فى إقامة أوده ، من غير معرفة تقدمت ولا توقّع مكافأة ، بل اعتقادا للسماحة فى أموالهم ، وهمة كل امرئ منهم على قدره فيما ملكت يده ، من القيام على نفسه ومن يطرقه ، وبحسبك أنك لا تجد فيهم صاحب ضيعة إلا كانت همته ابتناء قصر فسيح ومنزل للأضياف ، فتراه عامة دهره متأنّقا فى إعداد ما يصلح لمن طرقه (٦) ، فإذا حلّ (٧) بينهم طارق تنافسوا فيه وتنازعوه ، فليس أحد يتصرف بما وراء النهر فى مكان به ناس يخاف الضياع فى ليل أو نهار ، فهم فيما بينهم يتبارون فى مثل هذا حتى يجحف ذلك (٨) بأموالهم ويقدح فى أملاكهم ، كما يتبارى سائر الناس فى الجمع ، ويتباهون بالملك والمكائرة فى المال ، ولقد شهدت منزلا بالسغد ضربت (٩) الأوتاد على باب داره ، فبلغنى أن بابها لم يردّ منذ مائة سنة وأكثر (١٠) لا يمنع من نزولها طارق ، وربما نزل بالليل بغتة من غير استعداد المائة والمائتان والأكثر بدوابّهم وحشمهم ، فيجدون من علف دوابهم وطعامهم ودثارهم ما يعمّهم ، من غير أن يتكلّف صاحب المنزل أمرا لذلك لدوام ذلك منهم ، قد أقيم على كل عمل من يستقل به ، وأعدّ ما يحتاج إليه على دوام الأوقات ، بحيث لا يحتاج معه إلى تجديد أمر عند طروقهم ، وصاحب المنزل من البشاشة والإقبال والمساواة لأضيافه ، بحيث يعلم كل من شاهده سروره بذلك وسماحته ، ولم أر مثل هذا ولم أسمع به (١١) فى شىء من بلدان الإسلام لرعيّة ، ومع ذلك فإنك لا تجد فى بلدان الإسلام أهل الثروة إلا والغالب على أكثرهم صرف نفقاتهم ، إلى خاصّ أنفسهم

__________________

(١) فى ا. الذي لا يقاربه شىء لغزارته ...

(٢) فى ا. فى سائر البلدار.

(٣) تزيد ا. والنحاس

(٤) فى ا. إلى الآفاق.

(٥) المفتول الأهداب

(٦) فى ا. فتراه غاية نهاره متأنقا

(٧) فى ا : دخل

(٨) زيادة عن ا

(٩) فى م : قد ضرب والتصويب عن ا

(١٠) فى ا : فبلغنى انه لم يغلق بابه منذ زيادة على مائة سنة

(١١) فى ا : ما رأيت مثل هذا ولا سمعت به

١٦٢

فى الملاهى وما لا يرضاه الله ، وإلى المنافسات فيما بينهم فى الأشياء المذمومة إلا القليل ، وترى الغالب على أهل الأموال بما وراء النهر صرف نفقاتهم إلى الرباطات وعمارة الطرق والوقوف على سبيل الجهاد ووجوه الخير إلا القليل منهم ، وليس من بلد ولا منهل (١) ولا مفازة مطروقة ولا قرية آهلة إلا بها من الرباطات ما يفضل عن نزول من طرقه ، وبلغنى أن بما وراء النهر زيادة على عشرة آلاف رباط ، فى كثير منها إذا نزل النازل أقيم علف دابّته وطعام نفسه إن احتاج إلى ذلك ، وقلّ ما رأيت خانا أو طرف سكة أو محلّة أو مجمع ناس فى الحائط بسمرقند يخلو (٢) من ماء جمد مسبّل ، ولقد أخبرنى من يرجع إلى خبره أن بسمرقند (٣) فى المدينة وحائطها فيما يشتمل عليه السور الخارج زيادة على ألفى مكان ، يسقى فيها ماء الجمد مسبّلا ، من بين سقاية مبنيّة وجباب منصوبة. وأما بأسهم وشوكتهم فإنه ليس فى الإسلام ناحية أكبر حظا فى الجهاد منهم ؛ وذلك أن جميع حدود ما وراء النهر إلى دار (٤) الحرب.

أما من خوارزم إلى ناحية إسبيجاب فهم الترك الغزية ، ومن إسبيجاب إلى أقصى فرغانة الترك الخزلجيّة ، ثم يطوف بحدود ما وراء النهر من السنديّة (٥) وبلد الهند من ظهر (٦) الختّل إلى حدّ الترك فى ظهر فرغانة ، فهم القاهرون لأهل هذه النواحى ، ومستفيض أنه ليس فى الإسلام دار حرب هم أشد شوكة من الترك ، فهم ثغر المسلمين فى وجه الترك ، يمنعونهم من دار الإسلام ، وجميع ما وراء النهر ثغر ؛ يبلغهم نفير العدو ، ولقد أخبرنى من كان مع نصر بن أحمد رحمه‌الله فى غزاة شاوغر ، أنهم كانوا يحزرون ثلاثمائة ألف ، وأن أربعة آلاف رجل انقطعوا عن العسكر (٧) ، فضلّوا أياما قبل أن يتهيأ لهم الرجوع ، وما كان منهم من غير أهل (٨) ما وراء النهر كثير عدد يعرفون بأعيانهم ؛ وبلغنى أن المعتصم كتب إلى عبد الله بن طاهر كتابا عرض يتهدّده (٩) فيه ، وأنفذ الكتاب إلى نوح بن أسد ، فكتب إليه (١٠) أن بما وراء النهر (١١) ثلاثمائة ألف قرية ، وليس من قرية إلا يخرج (١٢) منها فارس وراجل ، لا يبين على أهلها فقدهم ؛ وبلغنى أن بالشاش وفرغانة من الاستعداد ما لا يوصف مثله عن ثغر من الثغور ، حتى إن الرجل الواحد من الرعية عنده من بين مائة دابة إلى خمسمائة (١٣) وليس بسلطان ، وهم على بعد دارهم أوّل سابق إلى الحج ، لا يدخل البادية قبلهم أحد ، ولا يخرج منها بعدهم أحد ، وهم مع ذلك أحسن الناس طاعة لكبرائهم ، وألطفهم خدمة لعظمائهم وفيما بينهم ، حتى دعا ذلك الخلفاء إلى أن استدعوا

__________________

(١) فى ا : منهل

(٢) ساقط من ا

(٢) ساقط من ا

(٣) فى ا : دور

(٤) فى م : السفينة وفى ا : الصغدية والتصويب عن المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٩٠ واليعقوبى ص ٢٨٩.

(٥) فى ا : من حد ظهر

(٦) فى ا : عسكره.

(٧) زيادة عن ا.

(٨) فى م : تهدده وفى ا بتهديده والتصويب عن C يؤيده ياقوت الحموى فى معجم البلدان.

(٩) هنا خرق فى ا.

(٩) هنا خرق فى ا.

(١٠) فى م : خرج والتصويب عن ا ، C

(١١) فى المخطوطات : من بين ، والصواب ما بين ، هذا وفى ا خمسمائة دابّة.

١٦٣

مما وراء النهر رجالا (١) ، وكانت الأتراك جيوشهم ، لفضلهم على سائر الأجناس فى البأس والجرأة والشجاعة والإقدام ؛ ودهاقين ما وراء النهر قوّادهم وحاشيتهم وخواصّ خدمهم ـ للطفهم فى الخدمة وحسن الطاعة والهيئة فى الملبس والزى السلطانىّ ـ فصاروا حاشية الخلافة وثقاتهم ورؤساء عساكرهم (٢) ، مثل الفراغنة والأتراك الذين هم شحنة دار الخلافة ، والأتراك الذين كانوا لبأسهم ونجدتهم غلبوا على الخلافة مثل الأفشين وآل أبى الساج ـ من أشروسنة ، والإخشيد من سمرقند ، والمرزبان بن تركسفى وعجيف بن عنبسة من السغد ، والبخارا خذاه وغيرهم من أمراء الحضرة وقوادها وجيوشها ؛ والملوك على هذا الإقليم وعلى سائر خراسان آل سامان ، وهم من أولاد بهرام جوبين الذي سار (٣) ذكره فى العجم بالبأس والنجدة ، فلمثل هذه الأسباب ليس فى الإسلام ملك أمنع جانبا ولا أوفر عدة ولا أكمل أسبابا للملك منهم ، لأنه ليس فى الإسلام جيش إلا وهم شذّاذ القبائل والبلدان والأطراف ، إذا تفرقوا فى هزيمة وتمزّقوا فى حادثة لم يلتق منهم جمع بعد (٤) غير جيش هؤلاء الملوك ، فإن جيوشهم الأتراك المملوكون ، ومن الأحرار من يعرف داره ومكانه ، إذا قتل منهم قوم أو ماتوا ففى وفور عددهم ما يعاض (٥) من بين ظهرانيهم مثلهم ، وإن تفرقوا فى حادثة تراجعوا كلّهم إلى مكان واحد ، فلا يقدح فيهم ما يقدح فى سائر عساكر الأطراف (٦) ، ولا سبيل لهم إلى التفرّق فى العساكر والتنقّل فى الممالك ، كما يكون عليه رسوم صعاليك العساكر وشحنة البلدان ؛ ولقد خرج بارس غلام لإسماعيل بن أحمد رحمه‌الله فى فتنة عبد الله ابن المعتز ، هاربا من أحمد بن إسماعيل رحمه‌الله ، فخرج فى عدّة هالت الخلافة ، وظهر أثرها بقدومه من العدد والآلة والكراع والسلاح ، ولم يكن بحضرة (٧) الخلافة جيش مثله ، وإنما كان عبدا للسّمانيّة لم يتبين (٨) على أهل خراسان فقده ، وليس فى بلدان الإسلام ملوك قد أعرقوا فى الملك يتوارثونه بينهم (٩) من أيام العجم مثلهم ، وقد بيّنا أيام آل سامان فى صفة فارس لأنهم من الفرس ، فبيّنا مكانهم من فارس وسبب وقوعهم إلى خراسان ، وجوامع من سيرتهم (١٠) وأيامهم مما يغنى عن إعادته.

وأما نزاهة ما وراء النهر فإنى لم أر ـ ولا بلغنى فى الإسلام ـ بلدا أحسن خارجا من بخارى ، لأنك إذا علوت قلعتها (١١) لم يقع بصرك من جميع النواحى إلا على خضرة ، تتصل خضرتها بلون السماء ، فكأنّ السماء بها مكتبة خضراء مكبوبة على بساط أخضر ، تلوح القصور فيما بينها كالنوائر فيها ، وأراضى ضياعهم مقوّمة بالاستواء

__________________

(١) فى م : رجالها والتصويب عن ا

(٢) فى ا : عسكرهم ، وفى م : الزىّ السلطانية.

(٣) فى ا : شهر.

(٤) فى م بعده

(٥) فى م : يعاد.

(٦) فى ا : فى غيرهم من العساكر.

(٧) فى ا : فى عصر الخلافة.

(٨) فى ا : لم يبن على جيش خراسان فقده

(٩) زيادة عن ا.

(١٠) فى ا : سيرهم.

(١١) فى ا : قهندزها.

١٦٤

كأنها المرآة ، وليس بما وراء النهر وخراسان بلد أحسن قياما بالعمارة على ضياعهم من أهل بخارى ، ولا أكثر عددا على قدرها فى المساحة (١) منهم ، وذلك مخصوص بهذه البلدة ، لأن الموصوف من متنزّهات الأرض سغد سمرقند ونهر الأبلة وغوطة دمشق ، على أن سابور وجور من فارس لا تقصران عن غوطة دمشق ونهر الأبلة ، ولكن الذّكر لهذه الأماكن ، فأما غوطة دمشق فإنك إذا كنت بدمشق ترى بعينك على فرسخ وأقل جبالا قرعاء عن النبات والشجر ، وأمكنة خالية عن العمارة والخضرة ، وأكمل النزهة ما ملأ البصر وسدّ الأفق ، وأما نهر الأبلة فليس بها ولا بنواحيها (٢) مكان يستوقف النظر إلا نحو فرسخ منها ، وليس بها مكان عال فيدرك البصر أكثر من فرسخ ، ولا يستوى المكان المستتر الذي لا يرى منه إلا مقدار ما يرى من مكان ليس بمستتر بالنزهة (٣) ، ومكان يستعطف البصر منه سعة فى العيان وسفرا فى المنظر ؛ وأما سغد سمرقند فلا أعرف بها ولا بسمرقند (٤) مكانا إذا علا الناظر فيه على شرف (٥) ، إلا وقع بصره على جبال خالية من الشجر أو صحراء غبراء ـ وإن كان مزروعا (٦) ، على (٧) أن غبرة المزارع فى أضعاف خضرة النبات من الزينة ، غير أن الأرض الغبراء المنتشرة عن تقويمها فى العمارة فى العيان تسلب بهجة الخضرة وتذهب بزينة الغبرة ؛ ويحيط ببخارى وقراها ومزارعها سور قطره عشرة (٨) فراسخ فى مثلها كلها عامرة. وأما سغد سمرقند فإنها أنزه الأماكن الثلاثة التى ذكرنا (٩) ، لأنها من حدّ بخارى على وادى السّغد يمينا وشمالا تتصل إلى حدّ البتّم لا تنقطع ، ومقدارها فى المسافة ثمانية أيام ، مشتبكة الخضرة والبساتين ، فهى ميادين وبساتين ورياض مشتبكة ، قد حفّت بالأنهار الدائم جريها ، والحياض فى صدور رياضها وميادينها ، مخضرة (١٠) الأشجار والزروع ، ممتدة على جانبى (١١) واديها ، ومن وراء الخضرة من جانبيها مزارع تحرسها ، ومن وراء هذا المزارع مراعى سوائمها ، والقلعة من كل مدينة وقرية بها تبصّ فى أضعاف خضرتها ، كأنها ثوب ديباج أخضر ، قد سيّرت بمجارى مياهها ، وزيّنت بتبصيص قصورها ، وهى أزكى بلاد الله وأحسنها أشجارا وثمارا ، وفى عامة مساكنهم البساتين والحياض (١٢) والمياه الجارية ، قلّ ما تخلو سكة أو دار من نهر جار. وبفرغانة والشاش (١٣) وأشروسنة وسائر ما وراء النهر من الأشجار الملتفّة والثمار الكثيرة والرياض المتصلة ما لا يوجد مثله فى سائر الأمصار ، وبفرغانة ـ فى الجبال الممتدة بينها وبين بلاد الترك ـ من الأعناب والجوز والتفاح وسائر الفواكه مع الورد والبنفسج وأنواع من الرياحين ، كل ذلك مباح

__________________

(١) فى ا : السماحة.

(٢) فى م : فليس فيها ولا نواحيها والتصويب عن ا.

(٣) فى ا : والمكان الذي ليس بمستتر النزهة.

(٤) فى ا : فإنى لا أعرف بسمرقند ولا بالصغد. والصغد بالصاد فى ا دائما

(٥) فى ا .... علا قهندزها.

(٦) فى م : مزرعا والتصويب عن ا

(٧) فى ا : غير أن.

(٨) فى ا ، D : اثنا عشر فرسخا.

(٩) تزيدا : من غوطة دمشق ونهر الأبلة.

(١٠) فى م : فخضرة والتصويب عن ا.

(١١) فى ا : حافتى.

(١٢) ساقط فى ا

(١٢) ساقط فى ا

١٦٥

لا مالك له ولا مانع دونه ، وكذلك فى جبالهما وجبال ما وراء النهر من الفستق المباح ما ليس فى بلد غيره (١) ، وبأشروسنة ورد يتصل إلى آخر الخريف.

ولما وراء النهر كور : أولها فيما يصاقب جيحون على معبر خراسان كورة بخارى ، ويتصل بها سائر السغد المنسوب إلى سمرقند ، وأشروسنة والشاش وفرغانة وكشّ ونسف والصّغانيان وأعمالها والختّل وما يمتد على نهر جيحون ، من التّرمذ والقواذيان وأخسيسك وخوارزم ، وأما فاراب وأسبيجاب إلى الطّراز وإيلاق فمجموع إلى الشاش ، وأما خجندة فمضمومة إلى فرغانة ، وجمعنا ما بين واشجرد والصغانيان إلى عمل الصغانيان ، وجعلنا الختّل فيما وراء النهر ، لأنها ما بين وخشاب وجرياب ، وجعلنا خوارزم مما وراء النهر ، لأن مدينتها وراء النهر ، وهى إلى كور ما وراء النهر أقرب ، فأما بخارى وكشّ ونسف فقد كان يجوز أن نجمعها كلها إلى السغد ، ولكنّا فرّقناها ليكون أيسر فى التفضيل وأخف ، وليس فى جمع هذه (٢) الأطراف بعضها إلى بعض ولا فى تفريقها كبير درك غير الإبانة ، عما فى أعراضها من المدن والأنهار ، وموضوعات المدن فى صفاتها ، فلا فرق بين الجمع فى ذلك والتفريق ، إلا لسهولة العبارة عنها فى التفصيل (٣) ، فنبدأ مما وراء النهر بجيحون فنذكره ونذكر ما عليه من الكور.

فأما جيحون (٤) فإنّ عموده نهر يعرف بجرياب (٥) ، يخرج من بلاد وخّان فى حدود بذخشان ، فتجتمع (٦) إليه أنهار فى حدود الختّل والوخش فيصير منه هذا النهر العظيم ، فمن هذه الأنهار نهر يلى جرياب يسمى بأخشوا ، وهو نهر هلبك ، ويليه نهر بربان ، والثالث فارغر ، والرابع نهر أنديجاراغ ، والخامس نهر وخشاب وهو أعظم هذه الأنهار ، فتجتمع هذه المياه قبل آرهن ثم يجتمع مع وخشاب قبل القواذيان ، ثم يقع إليه بعد ذلك أنهار تخرج من البتمّ (٧) ، فمنها أنهار بالصغانيان وأنهار بالقواذيان فتجتمع كلها (٨) وتقع فى جيحون بقرب القواذيان ؛ وأما وخشاب فيخرج من بلاد الترك حتى يظهر فى أرض الوخش ، ويضيق (٩) فى جبل هناك حتى يعبر على قنطرة ، ولا يعلم ماء فى كثرته يضيق مثل ضيقه (١٠) فى هذا الموضع ، وهذه القنطرة الحدّ بين الوخش (١١) وبين واشجرد ، ثم يجرى فى هذا الوادى فى حدود بلخ إلى الترمذ ، ثم على كالف ثم إلى زمّ ثم إلى آمل حتى ينتهى إلى خوارزم

__________________

(١) زيادة عن ا.

(٢) زيادة عن ا.

(٣) تزيد ا : فنبدأ مما وراء النهر بكورة بخارى لأنها أول كورة بها دار الإمارة بخراسان وهى مستقيمة على وصف كور ما وراء النهر ثم نتيع ما قبله على اتصال فنبدأ مما وراء النهر جيحون ...

(٤) هو المعروف فى الانجليرية (River Oxus). والاصطخرى مرجع غيره فى الحديث عن هذا النهر.

(٥) هو المعروف أيضا بوخاب.

(٦) فى ا : فتخرج.

(٧) تزيدا : وغير ذلك.

(٨) فى م : كله والتصويب عن ا.

(٩) فى ا : ويصير.

(١٠) فى ا : مثل صفته.

(١١) فى ا : الختّل.

١٦٦

ثم إلى بحيرتها ، ولا ينتفع بماء هذا الوادى بالختّل والترمذ إلى ناحية زمّ أحد ، فتعمر به زمّ وآمل وفربر ، ثم ينتهى إلى خوارزم فيعمر خوارزم ، وعامة نفعه لأهل خوارزم ، فأول كورة على جيحون مما وراء النهر الختّل : والوخش ، وهما كورتان غير أنهما مجموعتان فى عمل واحد ، وهما ما بين نهر جرياب ووخشاب ، فمن مدن الختّل : هلبك ومنك وتمليات وفارغر وكاربنج (١) وأنديجاراغ ورستاق بنك ؛ ومدن الوخش : هلاورد ولاوكند ، ومقام السلطان بهلبك (٢) ، ومنك وهلاورد هما أكبر من هلبك ، غير أنّ مقام السلطان بهلبك. والذي يتاخم الوخش والختّل ووخّان والسنديّة (٣) وكرّان ، وهى دور كفر يقع منها المسك والرقيق. وبوخّان معادن من الفضة غزيرة ، وفى أودية الختّل ذهب يجمع فى السيول من بلاد وخّان ، وبين وخّان (٤) وتبّت قريب ، وأرض الختّل ذات زروع كثيرة ومياه وثمار ، وهى على غاية الخصب والسعة ، وبها دواب ومواش كثيرة.

فإذا جزت الختّل والوخش إلى نواحى واشجرد والقواذيان والتّرمذ والصّغانيان وما فى أضعافها فإنها كور مفردة بالأعمال ؛ وأما الترمذ فإنها مدينة على وادى جيحون لها قهندز (٥) ومدينة وربض ، ويحيط بالربض أيضا سور ، ودار الإمارة فى القهندز ، والحبس خارج القهندز فى المدينة فى السوق (٦) ، والمسجد الجامع فى المدينة ، والمصلى داخل السور (٧) فى الربض ، وأسواقها فى مدينتها ، وأبنيتها طين ، ومعظم سككها وأسواقها مفروشة (٨) بالآجر ، وهى عامرة آهلة ؛ وفرضة تلك النواحى على جيحون ؛ وأقرب الجبال إليها على نحو مرحلة ؛ وماؤهم للشرب من جيحون ونهر يجرى من الصغانيان ، وليس لضياعهم من جيحون شرب ؛ وشرب ضياعهم من نهر الصغانيان ، ولها من المدى صرمنجن وهاشم جرد ؛ والقواذيان مدينة لها كورة ، وهى (٩) أصغر من الترمذ ، ولها من المدن نودز ، والواشجرد نحو الترمذ فى (١٠) الكبر ، وشومان ، أصغر منها ، ويرتفع من واشجرد وشومان إلى قرب الصغانيان زعفران كثير ، يحمل (١١) إلى الآفاق ويرتفع من القواذيان الفوّة (١٢) ، والصغانيان مدينة أكبر من ترمذ ، إلا أن الترمذ أكثر أهلا ومالا ، وللصغانيان قلعة. وأما أخسيسك فهى بحذاء زمّ ، وزم فى أرض خراسان إلا أنهما مجموعتان فى العمل ، والمنبر بالزمّ ، وهى مدينة خصبة صغيرة ، والغالب على أطرافها السوائم من الإبل

__________________

(١) سبق أن ذكرها كارنبك والخلاف خطي وهى كذلك عن المقدسى ص ٢٩٠ واليعقوبى ص ٢٨٩.

(٢) غير موجودة فى ا

(٣) فى م : السفينة وقد سبق تصويبها راجع هامش ص ١٦٣ رقم ٤.

(٤) قال ياقوت فى معجم البلدان فى مادة وخاب [وبين وخّاب والتبت شىء قريب] يذكر الاسم بالباء وهو خطأ.

(٥) فى م : قلعة ويؤيد اC D E

(٦) فى ا : والسوق

(٧) فى ا : المدينة.

(٨) فى ا : مبنية.

(٩) ساقط من ا.

(٩) ساقط من ا.

(١٠) فى ا : يجلب.

(١١) عروق تستعمل للصبغ.

١٦٧

والغنم ، وعلى ظهر كل واحدة منهما مفاوز وآبار ومراع. وأما فربر فهى مدينة من بخارى ، وقد وصفناها فى جملة بخارى.

وأما خوارزم (١) فإنه اسم الإقليم ، وهو إقليم منقطع عن خراسان وعمّا وراء النهر ، وتحيط به المفاوز من كل جانب ، وحدّها متصل بحدّ الغزّية فيما يلى الشمال والمغرب ، وجنوبيّه وشرقيّه خراسان وما وراء النهر (٢) ، وهى فى آخر نهر جيحون ، وليس بعدها على النهر عمارة إلى أن يقع فى بحيرة خوارزم ، وهى على جانبى جيحون ، ومدينتها فى الجانب الشمالى من جيحون ، ولها فى الجانب الجنوبى مدينة كبيرة تسمى الجرجانيّة ، وهي أكبر مدينة بخوارزم بعد قصبتها ، وهى متجر الغزيّة ، ومنها تخرج القوافل إلى جرجان والخزر وإلى خراسان. وقد كان فى التقدير أن نصوّر نصف خوارزم فى صورة خراسان ، ونصفها فى صورة ما وراء النهر ، غير أن الغرض فى هذا الكتاب معرفة صور هذه الأقاليم ومدنها ، فاخترت أن تكون خوارزم مجموعة فى الصورة ، وجعلتها فى صورة ما وراء النهر ، فأبلغ بذلك غرضى من غير تكرار فى الصورتين (٣). وبخوارزم من المدن سوى القصبة درغان وهزار اسب وخيوه وخشميثن وأردخشميثن وسافردز (٤) ونوزوار وكردران (٥) خواش وكردر وقرية براتكين ومذمينية ومرداجقان والجرجانيّة.

فأما قصبتها فإنها تسمى بالخوارزمية كاث ، ولها قلعة (٦) ليست بعامرة ، وكانت لها مدينة فخرّبها النهر ، وبنى الناس من وراء المدينة ، وقد قارب النهر القلعة ويخاف على تهدمها ، والمسجد الجامع على ظهر القلعة ، ودار خوارزم شاه عند المسجد الجامع ، والحبس عند القلعة (٧) ، وفى وسط المدينة نهر جردوريشق المدينة ، والسوق على جانبى (٨) هذا النهر ، وطولها نحو ثلث فرسخ فى نحوه ، وأما أبوابها فقد تهدّم بعض المدينة وذهب أبواب ما تهدّم منها ، والباقى قد بنى خلف ما تهدّم على الوادى ، وأول حدّ خوارزم يسمى الطاهريّة مما يلى آمل ، فتمتد هذه العمارة فى جنوبىّ جيحون ، وليس فى شماليّه عمارة ، إلى أن ينتهى إلى قرية تسمى غارابخشنه ، ثم يكون من غارابخشنه إلى مدينة خوارزم عامرا من جانبى جيحون جميعا ، وقبل غارابخشنه بستة فراسخ نهر يأخذ من جيحون فيه عمارة الرستاق إلى المدينة ، ويسمى هذا النهر كاوخواره وتفسيره أكل البقر ، وهو نهر

__________________

(١) تسمى المدينة الآن خيفه. وخوارزم كان لها ـ فيما يقول المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٤ ـ قصبتان إحداهما الجرجانية ، وهى التى تسمى كركانج كما يقول ياقوت فى معجم البلدان (مادة خوارزم) ، والأخرى هى كاث.

(٢) فى ا : وهى فى آخر النهر (بدلا من وما وراء النهر) ، وخوارزم فى آخر جيحون ...

(٣) تزيد ا : أو تفرقتها نصفين.

(٤) ربما هى سدفر التى يذكرها المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٧.

(٥) يسميها المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٧ كردرانخاس.

(٦) فى ا : قهندز.

(٧) فى ا : القهندز.

(٨) فى ا : حاقى.

١٦٨

عرضه نحو خمسة أبواع (١) ، وعمقه نحو قامتين فيحمل السفن ، ويتشعّب من كاوخواره بعد أن يجرى خمسة فراسخ (٢) نهر يسمى كريه يعمر به بعض الرساتيق ، وليس للعمارة على شط جيحون من الطاهريّة إلى هزاراسب كبير عرض ، يعرض بهزار اسب فيصير عرضه نحوا من مرحلة إلى مقابل المدينة ، ثم لا يزال يضيق حتى يصير بالجرجانيّة نحو فرسخين ، ثمّ ينتهى إلى قرية تسمى كيت (٣) على خمسة فراسخ من كوجاغ ، وهى قرية بقرب جبل ، وليس فى العرض عمارة غيرها ، ووراء هذا الجبل المفازة ، ومن هزار اسب إلى سائر ما على غربىّ جيحون أنهار : منها نهر هزار اسب يأخذ من جيحون مما يلى آمل ، وهو نحو نصف كاوخواره ويحتمل السفن ، ثم على نحو فرسخين من هزار اسب نهر يعرف بكردران خواش ، وهو أكبر من نهر هزار اسب ، وبعده نهر خيوه وهو نهر أكبر من كردران خواش ، وتجرى فيه السفن إلى خيوه ، وبعده نهر مدرا وهو نهر أكبر من كاوخواره مرتين ، تجرى فيه السفن إلى مدرا ، وبين نهر مدرا ونهر خيوه نحو ميل ، ومن نهر مدرا إلى نهر وداك تجرى فيه السفن إلى الجرجانيّة ، وبين نهر وداك ونهر مدرا نحو ميل ، ومن نهر وداك إلى مدينة خوارزم نحو فرسخين ، وأسفل (٤) المدينة من ناحية الجرجانيّة نهر يسمى بوه ، فيجتمع ماء بوه وماء بوه وماء وداك فى حد قرية تعرف بأندراستان أسفل منها إلى ما يلى الجرجانية ، ووداك أكبر من بوه ، وتجرى فيهما السفن إلى الجرجانيّة على غلوة ، ثم يكون هناك سكر يمنع السفن ، ومن مجتمع هذين الماءين إلى الجرجانيّة نحو مرحلة ، وبين نهر كاوخواره والمدينة اثنا عشر فرسخا ، وعرض نهر خوارزم عند المدينة نحو فرسخين ؛ ولكردر نهر يأخذ من أسفل مدينة خوارزم ، على أربعة فراسخ من أربعة مواضع متقاربة ، فيصير نهرا واحدا مثل بوه ووداك إذا اجتمعا (٥) ؛ ويقال إن جيحون كان مجراه فى هذا الموضع ، وإذا قلّ ماء جيحون يقلّ الماء فى هذا النهر ، وبحذاء كيت فى المفازة بفرسخ من الجانب الشمالىّ المدينة التى تسمى مذمينية ، وهى من جيحون على أربعة فراسخ إلا أنها من الجرجانية ، وإنما صار هكذا لأن النهر تحوّل من كردر يقطع ما بين كيت ومذمينية ، وليس على الشط بعد مذمينية عمارة ؛ وبين جيحون وكردر رستاق مرداجقان (٦) ، وبين مرداجقان وجيحون فرسخان ، وهى بحذاء الجرجانيّة ، ولكل قرية بين كردر والمدينة نهر يقع من جيحون ، وجميع هذه الأنهار كلها من جيحون ، ثم ينتهى جيحون إلى بحيرة خوارزم (٧) ، بموضع فيه صيادون ليس به قرية ولا بناء ، ويسمى هذا الموضوع خليجان ، وعلى شط هذا البحر مما يلى خليجان أرض الغزّية ، فإذا كان الصلح جاءوا من هذا الجانب إلى قرية براتكين ، ومن الجانب الآخر إلى الجرجانيّة ، وكلتاهما ثغران ؛ وفى جيحون قبل أن يبلغ نهر (٨)

__________________

(١) فى م : أذرع والتصويب عن ا تؤيده D C من مخطوطات جويه.

(٢) فى ا : بعد أن يصير بفرسخين وكذلك فى C D

(٣) فى ا : چيت وهى تكتب على الوجهين وبالجيم أكثر شيوعا.

(٤) فى ا : من المدينة.

(٥) فى : ا إذا جمعا

(٦) فى ا : مرداجوان.

(٧) تسمي الآن بحر آرال.

(٨) زيادة عن ا.

١٦٩

كاوخواره بنحو ثلاثة (١) فراسخ جبل يقطع جيحون وسطه قطعا ، فيضيق النهر حتى يعود عرض الماء (٢) إلى نحو من الثلث ، ويسمى هذا الموضع أبو قشّة ، وهو موضع يخاف على السفن منه من شدة جريه والهور الذي عند مخرجه ، وبين الموضع الذي يقع فيه نهر جيحون إلى (٣) الموضع الذي يقع فيه نهر الشاش من هذه البحيرة نحو أربعة أيام ، ووادى جيحون ربما جمد فى الشتاء حتى يعبر عليه بالأثقال ، ويبتدئ جموده من ناحية خوارزم حتى يعلو إلى حيث انتهى الجمد ؛ وأبرد ما على جيحون من البقاع خوارزم ، وعلى شط بحيرة خوارزم جبل جغراغز (٤) ، يجمد عنده الماء حتى يبقى إلى الصيف ، وهو أجمة قصباء ، ودور هذه البحيرة ـ فيما بلغنى ـ نحو من مائة فرسخ ، وماؤها مالح وليس لها مغيض ظاهر ، ويقع فيها نهر جيحون ونهر الشاش وأنهار غيرهما ، فلا يعذب ماؤها ولا يزيد على صغرها ، ويشبه ـ والله أعلم ـ أن يكون بينها وبين بحر الخزر خروق ، يتصل بها ماؤهما ، وبين البحرين نحو من عشرين مرحلة على السمت.

وخوارزم مدينة (٥) خصبة كثيرة الطعام والفواكه ، إلا أنها لا جوز بها ، ويرتفع منها من ثياب القطن والصوف أمتعة كثيرة تنقل إلى الآفاق ، وفى خواصّ أهلها يسار وقيام على أنفسهم بالمروة الظاهرة (٦) ، وهم أكثر أهل خراسان انتشارا وسفرا ، فليس بخراسان مدينة كبيرة إلا وبها من أهل خوارزم جمع كبير ، ولسانهم لسان مفرد ، وليس بخراسان بلد على لسانهم ، وزيّهم القراطق والقلانس ، وخلقهم لا يخفى فيما بين أهل خراسان ، ولهم بأس على الغزيّة ومنعة ، وليس ببلدهم معادن ذهب ولا فضة ولا شىء من جواهر الأرض ، وعامّة يسارهم من متاجرة الترك واقتناء المواشى ، ويقع إليهم أكثر رقيق الصقالبة والخزر (٧) وما والاها مع (٨) رقيق الأتراك ، والأوبار من الفنك والسمّور والثعالب (٩) والخزّ وغير ذلك من (١٠) أصناف الوبر.

فهذا ما على جيحون من الكور ، فنبدأ (١١) مما وراء النهر (١٢) فى كورة بخارى ، لأنها أول الكور وبها دار إمارة (١٣) خراسان ، وهى مستقيمة على ترصيف كور ما وراء النهر ، ثم يتبع ما يليها (١٤) على (١٥) الاتصال إن شاء الله (١٦).

__________________

(١) فى ا : بنحو مرحلة وكذلك فى D.C مخطوطتى دى جويه.

(٢) فى ابن حوقل ص ٣٥٤ ليدن : فيضيق النهر حتى يعود عرض جيحون إلى نحو من الثلث.

(٣) فى هذا الموضع فى ا خرق موضع ثلاث كلمات.

(٤) هو كثبان من الرمال كما يتضح ذلك من قول ياقوت فى معجم البلدان (بحيرة خوارزم).

(٥) هكذا فى جميع المخطوطات. ولقد سبق للمؤلف أن قال [وأما خوارزم فانه اسم الإقليم] وقال ياقوت فى معجم البلدان عن خوارزم [وخوارزم ليس اسما للمدينة إنما هو اسم للناحية بجملتها] ، ويقول المقدسي فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٤ [فأما خوارزم فهي كورة على حافتى جيحون]. فلو قال كورة كالمقدسى لكان أقرب إلى الصواب.

(٦) زيادة عن ا.

(٧) خرق فى ا.

(٨) خرق فى ا.

(٨) خرق فى ا.

(٩) خرق فى ا.

(٩) خرق فى ا.

(١٠) خرق مكان : إمارة خرسان : فى ا

(١١) فى ا : قبله.

(١٢) خرق فى ا.

١٧٠

أما بخارى واسمها نومجكت (١) ، فهى مدينة فى مستوى (٢) ، وبناؤها خشب (٣) ، مشتبك ، ويحيط ببنائها قصور وبساتين وسكك وقرى تكون اثنى عشر فرسخا فى مثلها (٤) ، ويحيط بجميع (٥) ذلك سور يجمع هذه القصور والأبنية والقرى والقصبة ، فلا يرى فى أضعاف ذلك كله مفازة ولا خراب ، ومن دون هذا السور ـ على قصبة المدينة (٦) وما يتصل بها من القصور والمساكن والمحالّ والبساتين التى تعدّ من (٧) القصبة ، ويسكنها من يكون فى جملة القصبة شتاء وصيفا ـ سور آخر قطره نحو فرسخ فى مثله (٨) ، ولها مدينة داخل هذا السور ، يحيط بها سور حصين ، ولها قهندز (٩) خارج المدينة يتصل بها مقدار مدينة صغيرة ، وفيه قلعة أخرى ، ومسكن ولاة خراسان من آل سامان فى هذا القهندز ، ولها ربض ، والمسجد الجامع على باب القهندز فى المدينة ، وحبسها فى القلعة ، وأسواقها فى ربضها. وليس بخراسان وما وراء النهر مدينة أشد (١٠) اشتباكا من بخارى ، ولا أكثر أهلا على قدرها ، ولهم فى الربض نهر السّغد يشق الربض وأسواقها ، وهو آخر نهر السغد ، فيفضى إلى طواحين وضياع ومزارع ، ويسقط فاضله فى مجمع ماء يجاور (١١) بيكند إلى قرب فربر يعرف بسام خواش (١٢) ، وأما المدينة فلها سبعة أبواب حديد : منها باب يعرف بباب المدينة ، وباب يعرف بباب نور ، وباب يعرف بباب حفره ، وباب يعرف بباب الحديد ، وباب يعرف بباب القهندز ، وباب يعرف بباب بنى أسد وهو باب مهر ، وباب يعرف بباب (١٣) بنى سعد ، ولقلعتها (١٤) بابان : أحدهما الرّيكستان (١٥) ، والآخر باب الجامع يشرع إلى المسجد الجامع ، وعلى (١٦) الربض دروب (١٧) ، فمنها درب يخرج منه إلى خراسان يعرف بدرب (١٨) الميدان ، ويليه مما يلى المشرق درب يعرف بدرب ابراهيم (ويلى) هذا الدرب (درب) يعرف بدرب الرّيو (١٩) ، ويليه درب يعرف بالمردقشة (٢٠) ، ويليه

__________________

(١) ينبه لوستيرنج فى كتابه : بلاد الخلافة الشرقية (هامش ص ٤٦٠) إلى خطأ كتابتها بومجكث بالباء. ولقد أوردها المقدسى فى أحسن التقاسيم صحيحة أى بالنون.

(٢) خرق فى ا.

(٣) العبارة فى ا ، C : ويحيط بهذا البناء المشتبك من القصور والبساتين والمحال والسكك المفترشة والقرى المشتملة ما يكون اثنى عشر فرسخا فى مثلها.

(٤) فى ا ، C D : ويحيط بها كلها.

(٥) فى ا ، D : خاص القصبة.

(٦) فى م : مع والتصويب عن ا.

(٧) فى م : قطره فرسخ والتصويب عن ا ويؤيدها.D.C من مخطوطات دى جويه.

(٨) فى م : قلعة ويؤيد ا.C D

(٩) فى ا : بناها أشد اشتباكا.

(١٠) فى ا : بحدّ.

(١١) فى ا ، وفى معجم البلدان لياقوت : سام خاص.

(١٢) خرق فى ا.

(١٢) خرق فى ا.

(١٣) تكتب أيضا الريجستان ويسميه المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٠ باب السهلة. والريجستان اسم المنطقة.

(١٤) خرق فى ا

(١٤) خرق فى ا

(١٥) فى م : باب والتصويب عن ا والمقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٠.

(١٦) قال المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٨٠ [وللربض عشرة دروب] والمذكور فى م أحد عشر دربا ، وبالمقابلة بين الأسماء التى يذكرها المقدسى والأسماء التى يذكرها الاصطخرى يمكن الاستنتاج إن درب إبراهيم يسمى درب الريو ومن ثم يمكن أن يستقيم النص بعد استبعاد ما بين القوسين اللذين وضعناهما فى نص الاصطخرى.

(١٧) فى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٢٨٠ : المردكشان

١٧١

درب يعرف بدرب كلاباذ ، وهذا الباب وباب المردقشة يخرج منهما إلى (١) نسف وبلخ ، ويلى درب (٢) كلاباذ درب يعرف بالنّوبهار ، ويليه درب يسمى سمرقند يفضى إلى سمرقند وسائر (٣) ما وراء النهر (٤) ، ويليه درب (٥) فغاسكون ، ثم درب الراميثنيّة ، ثم يليه درب حد شرون وهو طريق خوارزم ؛ ثم يليه (٦) باب غشج ، وفى وسط الربض على أسواقها دروب (٧) : فمنها باب الحديد ، ويليه باب قنطرة حسّان ، ويليه بابان عند مسجد ماج ، ويليهما باب يعرف بباب رخنة ، ويليه باب عند قصر أبى هشام الكنانىّ ، ويليه باب عند قنطرة السويقة ، ويليه باب فارجك ، ويليه باب درولزجه ، ويليه باب سكة مغان ، ويليه درب سمرقند الداخل ، وليس فى مدينتها ولا فى قهندزها ماء حار لارتفاعهما (٨) ، ومياههم من النهر الأعظم ، وينشعب من هذا النهر فى المدينة أنهار ، منها : نهر يعرف بنهر فشيديزه يأخذ من نهر بخارى فى مكان يعرف بالورغ ، يجرى فى درب المردقشة على جوبار أبى ابراهيم ، حتى ينتهى إلى باب الشيخ الجليل أبى الفضل ويقع فى نهر نوكنده ، وعلى هذا النهر نحو ألفى بستان وقصر سوى الأرضين ، ومن فى (٩) هذا النهر إلى مغيضه نحو من نصف فرسخ ، ونهر يعرف بجويبار بكار يأخذ من هذا النهر فى وسط المدينة بموضع يعرف بمسجد احيد (١٠) ويغيض بنو كنده ، وعلى هذا النهر شرب بعض الربض ونحو من ألف بستان وقصر سوى الأرضين ، بجويبار القواريريّين ، يأخذ من النهر فى المدينة بموضع يعرف بمسجد العارض ، فيسقى بعض الرّبض ؛ وهو أغزر وأعمّ للأراضى والبساتين من نهر بكار ، ونهر يعرف بجوغشج يأخذ من النهر عند مسجد العارض ، فيسقى بعض الربض حتى يخرج إلى نوكنده ، وهو يعرف بجويبار العارض (١١) ، ونهر يعرف (١٢) بنهر بيكند يأخذ من نهر المدينة (١٣) عند رأس سكة ختع ، فيسقى بعض الربض ويغيض بنوكنده ، ونهر نوكنده يأخذ من النهر عند دار حمدونة (١٤) ، وهو مغيض للمياه عليه شرب (١٥) بعض الربض ويفضى إلى المفازة ، وليس عليه شرب ضياع ، ويليه (١٦) نهر الطاحونة يأخذ من النهر (١٧) فى المدينة بموضع يعرف بالنّوبهار ، وعليه شرب بعض (١٨) الربض ويدير أرحية (١٩) وينتهى إلى بيكند ، ومنه شرب أهل بيكند ، ونهر (٢٠) يعرف بنهر كشنه يأخذ (٢١) من النهر فى المدينة عند النوبهار ، وعليه شرب النوبهار من الربض فيفضى إلى قصور وضياع كثيرة وبساتين حتى يجاوز كشنه إلى ما يمرغ ، ونهر يعرف بنهر رباح يأخذ

__________________

(١) خرق فى ا. (٢) خرق فى ا.

(٣) فى ا : باب وهو خطأ.

(٤) زيادة عن ا. هذا ولعله يعنى درب غشج

(٥) هكذا فى جميع المخطوطات والأصح أبواب.

(٦) فى م : لارتفاعها.

(٧) فى ا : فم.

(٨) فى ا : أحمد.

(٩) خرق فى ا.

(٩) خرق فى ا.

(١٠) فى ا : من النهر فى المدينة.

(١١) خرق فى ا.(١١) خرق فى ا.

(١٢) خرق فى ا.(١٢) خرق فى ا.

(١٣) خرق فى ا.(١٣) خرق فى ا.

(١٤) خرق فى ا.(١٤) خرق فى ا.

١٧٢

من النهر بقرب الريكستان ، فيسقى بعض الربض وينتهى إلى قصر رباح ، فيسقى نحو ألف من البساتين والقصور سوى الأرضين ، ونهر الريكستان يأخذ من النهر بقرب الريكستان ، ومنه شرب أهل (١) الريكستان والقهندز (٢) ودار الإمارة حتى ينتهى إلى قصر جلال ديزه ، ونهر يأخذ من النهر فى المدينة بقرب (٣) قنطرة حمدونة تحت الأرض إلى حياض بباب بنى أسد ، وتقع فضلته فى فارقين القهندز ، ونهر يعرف بنهر زغار كنده يأخذ من النهر بمكان يعرف بورغ ، فيجرى على باب دروازجه وعليه سوق (٤) دروازجه إلى باب سمرقند حتى ينتهى إلى سبيد ماشه ويجاوزه نحوا من فرسخ ، وعليه قصور وبساتين وأراضى كثيرة.

أما رساتيق بخارى فمنها الذر وفرغيدد وسخر ورستاق الطواويس وبورق وخرغانة السفلى وبومة ونجار جفر ورستاق كاخشتوان وانديار كندمان وسامجن مادون وسامجن ما وراء وفراور السفلى واروان وفراور العليا ، فهذه الرساتيق داخل الحائط ، وخارج (٥) الحائط جزّه وشابخش ويسير رستاق ـ كرمينية ـ وخرغانة العليا ورامند وبيكند وفربر ، ويتشعب من عمود نهر السغد فى حدّ بخارى خارجا عن القصبة من الحائط الخارج بناحية الطواويس إلى أن ينتهى إلى باب (٦) المدينة أنهار كثيرة ، تتفرق فى القرى والمزارع فى الحائط ، وعليها عمارة قرى (٧) بخارى (٨) ، فمنها : نهر (٩) يعرف بسافرى كام يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلى وردانة ، وعليه (١٠) شربهم (١١) ، ونهر يعرف بخرغان روذ يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلى راوس وعليه شربهم ، ونهر يعرف بنجار جفر يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي خرميثن (١٢) وعليه شربهم ، ونهر يعرف بنهر جرغ يأخذ من النهر ، حتى ينتهى إلي الجرغ وعليه (١٣) شربهم (١٤) ، فيعود الفاضل (١٥) فى النهر ، ونهر يعرف بنوكنده يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي فرانة وعليه (١٦) شربهم ، ونهر يعرف بنهر فرخشه يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي فرخشه ومنه شربهم ، ونهر يعرف بنهر كشنه يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي كشنه وعليه شربهم ، ونهر يعرف بنهر الراميثنه يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلى الراميثنة وعليه شربهم ، ونهر فراور السفلى يأخذ من النهر فيسقى القرى حتى ينتهى إلي فاراب وعليه (١٧) شربهم ، ومنها نهر يعرف بأروان يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي بانب

__________________

(١) زيادة عن ا. (٢) فى م : القلعة.

(٣) فى ا : يعرف.

(٤) فى ا : بيوت.

(٥) أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٤٩ [ولنموجكث : بيكند والطواويس وزندنه وتمجكث وخديمكن وعروان وبخسون وسيكث وارياميثن ورخشى وزرميثن وكمجكث وفغرسين وكشفغن ونويدك وركى]. ويذكر المدن فى الصفحات ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٢٨٢ وبين الاصطخرى والمقدسى إختلاف كبير فى أسماء الرساتيق وبينه وبين غيره أيضا ، وما لدينا من مصادر لا يعين على كشف الصحيح منها.

(٦) خرق مكان باب المدينة.

(٧) فى ا : نهر.

(٨) فى ا : خرق.(٩) فى ا : ومنه.

(١٠) خرق فى ا.(١١) خرق مكان خرميثن وعليه.

(١٢) فى ا : ومنه.

(١٣) خرق فى ا.

(١٤) فى ا : ومنه.

(١٥) فى ا : ومنه.

(١٦) فى ا : ومنه.

١٧٣

وعليه شربهم ، ونهر يعرف بفراور العليا يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي اوبوقار وعليه (١) شربهم ، ونهر يعرف بنهر خامه يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي خامه وعليه شربهم ، ونهر يعرف بتنكان يأخذ من النهر ، فيسقى القرى حتى ينتهى إلي وركه (٢) وعليه (٣) شربهم ، ونهر يعرف بنهر نوكنده يأخذ من النهر فيسقى القرى حتى ينتهى إلي نوباغ الأمير وعليه شربهم ، وما فضل من ماء نهر السغد فإنه يجرى فى نهر يعرف بالذر ، وهو النهر الذي يشق ربض بخارى ، ومنه أنهار المدينة التى ذكرناها ، وأكثر هذه الأنهار تحمل السفن كبرا وغزارة (٤) ، وكلها تأخذ (٥) من النهر داخل حائط (٦) بخارى من حدّ الطواويس إلي أن تنتهى إلي المدينة. وأبنية (٧) قرى بخارى كلها على (٨) اشتباك البناء والتقدير فى المساكن وارتفاع أراضى الأبنية (٩) ، وهى محصنة بالقلاع (١٠) بالأبنية المجموعة ، وليس فى داخل هذا (١١) الحائط جبل (١٢) ولا مفازة ، وأقرب الجبال إليها جبل (١٣) وركه ، ومنه حجارة بلدهم (١٤) للفرش والأبنية ، ومنه طين الأوانى والنورة (١٥) والجص ، ولهم خارج الحائط ملّاحات (١٦) ، ومحتطبهم من بساتينهم وما يحمل إليهم من المفاوز من (١٧) الغضا والطرفاء. وأراضى بخارى كلها قريبة إلي (١٨) الماء لأنها مغيض ماء السغد ، ولذلك لا تنبت (١٩) الأشجار العالية (٢٠) فيها مثل الجوز والدّلب والحوّر وما أشبهه ، فإذا كان منه شجر فهو قصير غير نام ، وفواكه بخارى أصح فواكه ما وراء النهر وألذها طعما ؛ ومن عمارة بخارى أن الرجل ربما قام على الجريب الواحد من الأرض فيكون منه معاشه ، ومن كثرة عددهم أنّ ما يرتفع من بلادهم يقصر عن كفايتهم ، لوفور عددهم وتضاعفهم على ما يخرج من أراضيهم (٢١) ، فيحمل إليهم المير من الطعام وسائر ما يحتاجون إليه من سائر ما وراء النهر. والجبل الذي يتصل ذيله (٢٢) بقرية وركه جبل يمتد إلي سمرقند ، فيما بين كشّ وسمرقند حتى يتصل بجبال البتّم ، عاطفا على أشروسنة فى عرض فرغانة ، حتى يخرج على ناحية شلجى والطّراز ، ثم يمتد ـ فيما أخبرنى به من سلك تلك السبل ـ إلي حدّ الصين ؛ وهذه المعادن (٢٣) التى بأشروسنة وفرغانة وايلاق وشلجى ولبان إلي أرض خرخيز كلها فى عمود هذا الجبل وما يتصل به من الجبال ، والنوشاذر الذي فى عمل البتّم ، والزاج والحديد والزيبق والنحاس والآنك والذهب

__________________

(١) فى ا : منه

(٢) ذكر الإصطخرى أن فى ذيل هذا الجبل قرية تسمي وركه وقال ياقوت فى معجم البلدان [وركه بالفتح ثم بالسكون وكاف من قرى بخارى.

(٣) فى ا : ومنه (٤) خرق فى ا.

(٥) فى ا : الحائط دون ذكر بخارى

(٦) خرق فى ا.

(٧) خرق فى ا.

(٨) زيادة عن ا.

(٩) خرق فى ا.

(١٠) خرق فى ا.

(١١) تمزيق وخروق.

(١٢) خرق فى ا.

(١٣) فى ا : الشجر العالى.

(١٤) فى ا : أرضهم.

(١٥) فى ا : به.

(١٦) فى ا : المفازة.

١٧٤

والچراغ (١) سنك والنفط والقير ولزفت والفيروزج والنوشاذر الذي بفرغانة ، والجبل الذي ذكرته بفرغانة أنّه تحترق حجارته مثل الفحم ، والثمار المباحة التى وصفتها بفرغانة ، كل ذلك فى هذا الجبل فى سنامه أو سفحه أو ما يتصل به ، وفى هذا الجبل بناحية البتّم وجبال السّاودار بسمرقند مياه حر وبرد ، غير أن فيها عيونا تجمد فى الصيف إذا اشتد الحرّ حتى تصير كالأعمدة وتنقطع ، ويكون ماؤها فى الشتاء حارا ، وتأوى إليها السوائم لدفء موضعها فى الشتاء.

ولبخارى مدن داخل (٢) حائطها (٣) وخارجا عنه (٤) ، فأما داخل حائطها فالطواويس ، وهى أكبر (٥) منبر بعد القصبة ، وتومجكث (٦) وزندنه ومغكان وخجادة ، وخارج الحائط بيكند (٧) وفربر وكرمينيه (٨) وخديمنكن وخرغانكث ومذيا مجكث. فأما الطواويس فإنها مدينة لها سوق ، ومجمع عظيم ينتابه الناس من أقطار ما وراء النهر فى (٩) وقت معلوم (١٠) من السنة ، ويرتفع منها من الثياب القطن ما ينقل إلي سائر المواضع ، وهى مدينة (١١) كثيرة البساتين (١٢) والماء الجارى خصبة ، ولها قهندز (١٣) ومدينة ومسجد جامعها فى المدينة ؛ وأما المدن التى داخل الحائط فهى متقاربة فى الكبر والعمارة ، ولكل منها حصن (١٤) ؛ وأما كرمينية فهى أكبر من الطواويس وأعمر وأكثر عددا وأخصب ؛ وخديمنكن من كرمينية ، وبحذائها خرغانكث ومذيامجكث ، وهى متقاربة فى الكبر والعمارة ، ولكرمينية قرى كثيرة ، وكذلك لكل منبر قرى ومزارع ، إلا بيكند فإنها وحدها ، غير أن بها من الرباطات ما لا أعلم فى بلدان (١٥) ما وراء النهر أكثر عددا منها ، وبلغنى أن عددها نحو من ألف رباط ؛ ولها سور حصين ومسجد جامع تؤنق فى بنائه وزخرف محرابه ، فليس بما وراء النهر محراب أحسن زخرفا منه ؛ وفربر مدينة قريبة من جيحون ، ولها قرى وهى عامرة خصبة.

وأما لسان بخارى فإنه لسان السغد إلا أنه يحرّف بعضه ، ولهم لسان الدريّة ، وأهلها يرجعون من الأدب إلي ما يفضلون به ما وراء النهر. ونقودهم الدرهم ولا يتعاملون بالدينار فيما بينهم وهى كالعرض ، إلا أن لهم درهما يسمونه الغطريفىّ ، وهى دراهم من حديد وصفر وآنك وغير ذلك من جواهر مختلفة قد ركّبت ، فلا يجوز هذا

__________________

(١) قال عنه المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٣٠٣ [وحجر الفتيلة وهو شىء يشبه البردى لا تحرقه النار يوضع فى الدهن فيقد كما تقد الفتيلة ولا ينقص ويخرج ويطرح فى النار المتأججة سلعة فيعود إلى ما كان وينسج منه الخوان فإذا اتسخت وأرادوا غسلها طرحوها فى التنّور فتعود نظيفة وثمّ حجر يجعل فى اليت المظلم فيضىء أدنى شىء].

(٢) فى ا : فى.

(٣) مكان حائطها وخارجا : خرق فى ا.

(٤) فى ا ، A B : عنها.

(٥) خرق فى ا. هذا وفى م بمجكث وينبه لوسترينج فى كتابه بلاد الخلافة الشرقية ص ٤٦٢ إلى أن هذا خطأ خطى.

(٥) خرق فى ا. هذا وفى م بمجكث وينبه لوسترينج فى كتابه بلاد الخلافة الشرقية ص ٤٦٢ إلى أن هذا خطأ خطى.

(٦) خرق فى ا.

(٧) خرق فى ا.

(٨) خرق فى ا.

(٩) فى م : قلعة ويؤيد اC D

(١٠) فى ا ، C : ولكلها قهندز وحصن.

(١١) فى ا : ببلد من بلدان ما وراء النهر.

١٧٥

الدرهم إلا فى عمل بخارى وحده ، وسكّته تصوير وهو من ضرب الإسلام ، وكذلك المسيّبيّة (١) ، والمحمّديّة من ضرب الإسلام. وأما زيّهم فالغالب عليهم الأقبية والقلانس على زىّ (٢) أهل ما وراء النهر (٣) ، ولهم داخل الحائط وخارجه أسواق (٤) متصله معلومة فى أوقات من (٥) الشهر دارّة ، يجرى فيها (٦) من الشراء والبيع للثياب والرقيق والمواشى وغير ذلك (٧) مما يتسع به أهلها. ويرتفع (٨) من بخارى ونواحيها من ثياب القطن ما ينقل إلى الآفاق (٩) وكذلك البسط والمصليات وثياب من الصوف تستحسن (١٠). ويتحدث أهل بخارى أن من بركة (١١) القلعة أنه لم تخرج منها (١٢) جنازة وال قط ، وما عقدت فيها (١٣) راية خرجت فهزمت ، وهذا من الاتفاق العجيب إن صحّ ، ويقال إن أصل أهل بخارى فى قديم الأيام ناقلة اصطخر ، وسكن ولاة خراسان من (١٤) السامانية مدينة (١٥) بخارى ، لأنها أقرب مدن ما وراء النهر إلى خراسان ، فمن كان بها فخراسان أمامه وما وراء النهر وراءه (١٦) ، ولهم من حسن الطاعة وقلة الخلاف (١٧) على الولاة (١٨) ما يؤدى إلى اختيار المقام بينهم على سائر ما وراء النهر. وأوّل ولاة خراسان من آل سامان اسماعيل بن أحمد ، جاءته ولاية خراسان وهو ببخارى فاستدام المقام بها ، فبقيت الولاية بها فى أولاده ، وقد كان ولاة ما وراء النهر يقيمون قبل ذلك إما بسمرقند وإما بالشاش وفرغانة فى وجوه الترك ، وكان عمل ولاة بخارى يحزر مفردا من خراسان إلى أن زالت أيام آل طاهر (١٩). وأما خجاده (٢٠) فهى على يمين الذاهب من بخارى إلى بيكند على ثلاثة فراسخ ، وبينها وبين الطريق نحو فرسخ. وأما مغكان فإنها من المدينة على خمسة فراسخ عن يمين طريق بيكند ، وبينها وبين الطريق نحو ثلاثة فراسخ. وأما زندنة فإنها من المدينة على أربعة فراسخ ، شمالىّ المدينة. وأما تومجكث فإنها على يسار الذاهب إلى الطواويس على أربعة فراسخ ، وبينها وبين الطريق نحو نصف فرسخ ، ومن كرمينية إلى خديمنكن فرسخ فيما يلى السغد ، وبين خديمنكن (٢١) وطريق سمرقند غلوة عن (٢٢) يسار الذاهب إلى سمرقند. ومذيامجكث وراء وادى السغد أعلى من خديمنكن بمقدار فرسخ. وخرغانكث بحذاء كرمينية (٢٣) على فرسخ من وراء الوادى.

__________________

(١) تمزيق فى ا.

(٢) تمزيق فى ا.

(٣) تمزيق فى ا.

(٤) تمزيق فى ا.

(٥) تمزيق فى ا.

(٦) في ا تمزيق ولكن يمكن من الحروف الباقية قراءة : ما يحمل إلى العراق وينقل إلى الآفاق.

(٧) تزيدا : في كل الآفاق.

(٨) فى ا : من بركة قهندزها ما أخرج ...

(٩) تمزيق فى ا.

(١٠) زيادة عن ا.

(١١) زيادة عن ا.

(١٢) فى ا : وراء ظهره.

(١٣) تمزيق فى ا : قلة الخلاف

(١٤) فى ا : للولاة.

(١٥) العبارة في ا : وكانت ولاية بخارى تكون مفردة من عمل خراسان إلى أن زالت أيام الطاهرية.

(١٦) فى أحسن التقاسيم المقدسى ص ٢٦٧ : خجادى.

(١٧) تمزيق في ا. (١٨) ساقط فى ا إلى آخر الجملة.

(١٩) تمزيق فى ا.

١٧٦

ويتصل ببخارى من شرقيّها السغد ، وأولها إذا جزت كرمينية (١) الدبّوسيّة ثمّ (٢) ربنجن والكشانية (٣) وإشتيخن وسمرقند (٤) ، وكل هذا قلب السغد ، على أن (٥) من الناس من يزعم أن بخارى وكشّ ونسف (٦) من السغد (٧) ، ولكّنا أفردباها. وقصبة السغد (٨) سمرقند ، وهى مدينة (٩) على جنوبىّ وادى السغد ، مرتفعة عليّة ، ولها قهندز (١٠) ومدينة وربض ، فأما القهندز ففيه الحبس ودار الإمارة عامران ، وأما المدينة فلها (١١) سور (١٢) وأربعة أبواب : باب الصين فى جهة المشرق ، وباب نوبهار فى جهة المغرب ، وباب بخارى فى جهة الشمال ، وباب كش (١٣) فى جهة الجنوب ، ولها (١٤) أسواق ومساكن وماء جار يدخل إليها فى نهر من رصاص ، وهو نهر قد بنيت له ومسنّاة عالية من حجارة ، يجرى عليها الماء من الصفّارين حتى (١٥) يدخل من باب كشّ (١٦) ، ووجه هذا النهر رصاص كله ، وذلك أن حوالى المدينة خندقا قد تسفّل ، لأنه استعمل طينه فى سور المدينة ، فبقى حواليها خندق عظيم ، فاحتيج إلى مسنّاة فى هذا الخندق يجرى الماء عليها إلى المدينة (١٧) ، وهو نهر جاهلى فى وسط السوق بموضع يعرف برأس الطاق ، وهو أعمر موضع بسمرقند ، وعلى جنبات هذا النهر غلال (١٨) موقوفة على مرمّات هذا النهر ، وعليه حفظة من المجوس عليهم حفظة (١٩) شتاء وصيفا ، والمسجد الجامع فى المدينة بينه وبين القهندز (٢٠) عرض الطريق ، وفى المدينة مياه من هذا النهر وبساتين ، وفيها (٢١) دار الإمارة (٢٢) لآل سامان غير دار (٢٣) الإمارة بالقهندز والمدينة من الربض على جانبه ، قريب من وادى السغد الذي هو بين الربض والمدينة ، وذلك أن سور الربض ممتد من وراء وادى السغد ، من مكان يعرف بافشينه على باب (٢٤) كوهك حتى يطوف بورسنين ، ثم يطوف على باب فنك ، وعلى باب ديودد ثم إلى باب فرخشيذ ، ثم إلى باب غداود ثم يمتد إلى الوادى ، والوادى للربض كالخندق مما يلى الشمال ، ويكون قطر السور المحيط بربض سمرقند فرسخين ، غير أن الربض شربه ومجمع أسواقه رأس الطاق (٢٥) ، ثم تتصل به (٢٦) الأسواق والسكك والمحال (٢٧) ، وفى تضاعيف ذلك قصور وبساتين (٢٨) ،

__________________

(١) تمزيق فى ا. (٢) فى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٦٦ كشانى.

(٣) تمزيق فى ا.(٤) تمزيق فى ا.

(٥) تمزيق فى ا.

(٦) فى م : قلعة ويؤيد اC D E

(٧) فى ا : تشتمل.

(٨) تمزيق مقدار خمس أو ست كلمات فى ا وهذه النسخة تبدأ بتحديد الجهة ثم تذكر الباب.

(٩) في أحسن التقاسيم للمقدسى كشانى.

(١٠) في ا : وهى مدينة.

(١١) في ا : إلى أن يدخل باب.

(١٢) في ا : تمزيق. (١٣) في ا : حتى يجرى الماء عليها إلى المدينة.

(١٤) فى ا : وعلى هذا النهر على جنباته غلات ... (١٥) في ا : حفظ هذا النهر.

(١٦) في م : القلعة (١٧) فى ا : وفي المدينة.

(١٨) تزيدا : دار الإمارة بمكان يعرف (باسفران؟).

(١٩) فى ا : أن. (٢٠) فى ا : البلد.

(٢١) تمزيق فى ا.

(٢٢) تمزيق فى ا وفي هذا القدر كفاية لكثرة التمزيق والخروق فيما بعد.

(٢٢) تمزيق فى ا وفي هذا القدر كفاية لكثرة التمزيق والخروق فيما بعد.

(٢٣) فى ا : وفى أضعافه محال مفترشة ثم تمزيق مقدار أربع أو خمس كلمات.

١٧٧

فليس من سكة ولا دار إلا وفيها ماء جار إلا القليل ، وقلّ دار تخلو من بستان ، حتى إنّك إذا صعدت أعلى قهندزها لم تبد المدينة للنظر (١) ، لاستتارها بالبساتين والأشجار ، وأكثر الأسواق والتجارات فى الربض إلا شيئا يسيرا فى المدينة ، وهى فرضة ما وراء النهر ومجمع التجار ، ومعظم جهاز ما وراء النهر يقع بسمرقند ، ثم يتفرّق إلى سائر الكور ، وكانت دار إمارة ما وراء النهر بها إلى أيام إسماعيل بن أحمد فنقلها إلى بخارى ، ولسور ربضها (٢) أبواب : منها باب غداود وباب إسبسك وباب سوخشين وباب افشينه وباب ورسنين وباب كوهك وباب ريودد باب فرخشيذ ، ويزعم الناس أن تبّعا بنى مدينتها ، وأن ذا القرنين أتمّ بعض بنائها ، ورأيت على باب كشّ صفيحة من حديد قد كتب عليها كتابة زعم أهلها أنها بالحميريّة ، وأنهم يتوارثون علم ذلك بأنه بناء تبّع ، وكتب عليه أن من صنعاء إلى سمرقند ألف فرسخ ، وأن كتابته من أيام تبّع ، فوقعت فتنة بسمرقند فى أيام مقامى بها ، وأحرق الباب وذهبت الكتابة ، وأعاد ذلك الباب أبو المظفّر محمد بن لقمان بن نصر بن أحمد بن أسد كما كان من حديد من غير تلك الكتابة ، وتربة سمرقند من أصح تربة وأيبسها ، ولو لا كثرة البخارات من المياه الجارية فى سككهم ودورهم وكثرة أشجار الخلّاف بينهم لأضرّ بهم فرط يبسها ، وبناؤها طين وخشب ، وأهلها يرجعون إلى جمال بارع ورزانة ، وهم من الإفراط فى إظهار المروّة وتكلّف القيام على أنفسهم ما يزيدون على سائر بلاد خراسان ، حتى يجحف ذلك بأموالهم. وبسمرقند مجمع رقيق ما وراء النهر ، وخير الرقيق بما وراء النهر تربية سمرقند ، وبينها وبين أقرب الجبال (٣) نحو مرحلة خفيفة ، إلا أنه يتصل بها جبل صغير يعرف بكوهك ، يمتد طرفه إلى سور سمرقند ، وهو مقدار نصف ميل فى الطول ، ومنه أحجار بلدهم ، والطين المستعمل فى الأوانى والنورة والزجاج وغير ذلك ، وبلغنى أن به (٤) ذهبا وفضة غير أنه لا يتسوّغ العمل فيه. والبلد كله طرقه ومحالّه وسككه إلا قليلا مفترش بالحجارة ، ومياههم من وادى السغد ، وهذا الوادى مبدؤه من جبال البتّم على ظهر الصغانيان ، وله مجمع ماء يعرف بجن (٥) مثل بحيرة حواليها قرى ، وتعرف الناحية ببرغر (٦) ، فينصب منها بين جبال حتى ينتهى إلى بنجيكث (٧) ، ثم ينتهى إلى مكان يعرف بورغسر (٨) وتفسيره راس السكر ، ومنه تتشعب أنهار سمرقند ، ورساتيق تتصل بها من غربىّ الوادى من جانب سمرقند. فأما أنهار الجانب الشرقىّ على الوادى فإنها

__________________

(١) فى ا : راس البصر.

(٢) فى ا : الربض.

(٣) تزيدا : إليها.

(٤) فى ا : بها.

(٥) فى معجم البلدان لياقوت (مادة صغد) قال [وله مجمع ماء يقال له وى مثل البحيرة] وهو هنا ينقل عن الإصطخرى ولا ندرى فى أيهما التحريف.

(٦) أرض لنوع من الترك ويذكر ياقوت فى معجم البلدان أن ملكهم أسلم سنة ٣٣٢ ه‍ أيام المقتدر

(٧) تسمى الآن بنجكت.

(٨) يقول المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٧٩ أنه اسم الرستاق.

١٧٨

تأخذ بحذاء ورغسر بمكان يعرف بغوبار ، وذلك أن بهذا المكان تنفسح الجبال وتظهر الأراضى ، التى يمكن فيها الزرع وجرى الأنهار ، فتأخذ من ورغسر أنهار : منها نهر برش ونهر بارمش ونهر بشمين ، فأما نهر برش فإنه يمتد على ظهر سمرقند ، فمنه أنهار المدينة والحائط والقرى التى تتصل بها من مبتدئه إلى منتهاه ، وأما نهر بارمش فإنه يلى هذا النهر من ناحية الجنوب ، وعليه القرى من أوّله إلى آخره نحو مرحلة ، وأما نهر بشمين فإنه من بارمش مما يلى الجنوب ، ويسقى من أوّله إلى آخره قرى كثيرة ، غير أن انقطاعه دون انقطاع هذين النهرين ، وأكبر هذه الأنهار برش ثم بارمش ، وهما يحتملان السفن ، وينشعب من هذه الأنهار أنهار يكثر إحصاؤها ، حتى يعمر بها من القرى والمزارع من ورغسر إلى آخره رستاق يعرف بالدّرغم (١) ، على عشرة فراسخ فى الطول ، وعرضه نحو أربعة فراسخ إلى نحو فرسخ ، وهذه الرساتيق كلها تعرف بورغسر وما يمرغ وسنجرفغن والدرغم ، وأما الأنهار التى تأخذ من غوبار فإنها : نهر اشتيخن والسناواب ونهر بوزماجز (٢) ، وينشعب من وادى السغد أنهار كثيرة على امتداده بحذاء كل بلدة وكل رستاق ، فمنها أنهار : ربنجن وأنهار الدبوسية وأنهار كرمينية حتى ينتهى إلى بخارى (٣) ، ويكثر عدد الأنهار برستاق سمرقند لكثرة عدد قراها وتعدّدها ، وربما كان للقرية الواحدة منها نهران وثلاثة ، ويكثر فى المدينة انشعاب الأنهار الصغار بحسب عدد الدور والبرك والبساتين والقصور ، ومن أطلّ من شرف على وادى السغد لم ير إلا خضرة ممتدة لا يتخللها إلا قصر أو قلعة ، وبورغسر كروم وضياع وبساتين قد أزيل عنها الخراج ، وجعل (٤)

__________________

(١) فى ا : بالترغم بالتاء ولكنه يذكرها بعد ذلك بالدال.

(٢) تزيد ا بعد بوزماجز : فأما السناواب فإنه يمتد على ظهر بوزماجز فيسقى منها حتى يتصل برستاق ويذار ويجاوزه إلى حدود عمل اشتيخن حتى يكون من أوله إلى آخره قرى نحو مرحلتين وأما نهر بوزماجز فإنه دونه إلى ما يلى المدينة فيسقى رستاق بوزماجز وأما اشتيخن فإنه لا ينفع به إلى أن يجرى منه مقدار أربعة فراسخ ، وتنشعب منه الأنهار فيسقى مقدار سبعة فراسخ ويتشعب حتى ينتهي إلى اشتيخن ثم يسقى اشتيخن ورساتيقها وهو أعظم هذه الأنهار وهذه أنهار هذا الوادى وأما غربيه فلا يتشعب (ا) منه شىء إلى أن يجاوز سمرقند. ومن مبدأ هذا الوادى إلى أن ينتهي إلى سمرقند زيادة على عشرين فرسخا فإذا جاوز سمرقند نحو مرحلتين يتشعب (ب) منه نهر يعرف بقىّ (ج) وليس بالسغد نهر أوفر عمارة ولا أوفر أهلا ولا أنزه ولا أكثر قصورا وقرى من قىّ (د) فينشعب منه أنهار على امتداده بحذاء كل بلدة وكل رستاق حتى (ء) من حد أربنجن إلى الكرمينية وإلى حد بخارى.

(٣) فى ا بعد بخارى : وأما (و) شرقى هذا الوادى فتتشعب (و) أنهار من هذا الوادى بحذاء سمرقند فمنها نهر كبنجكث ورستاق المرزبان وغير ذلك ، وربما كانت القرية الواحدة والقرى الكبيرة من نهر مفرد يشق الوادى حتى تأخذ منه أنهار الكشانية ويجاوزها إلى حدود حائط بخارى ويكثر عدد هذه الأنهار لكثرة القرى عليها ومقدار (ز) هذا النهر من ورغسر إلى حدّ بخارى حيث تأخذ منه أنهار بخارى التى ذكرناها داخل حائطها مقدار ستة أيام مشتبك الأنهار والقرى والبساتين إذا اطلع مطلع على وادى الصغد من جبل لا يرى إلا خضرة لا ترى فى أضعافها إلا غير قهندز أو قصر وإما فرجة منقطعة عن الخضرة فقلّ ما ترى على هذا الماء وإلى سمرقند يسدّ بثوقه وببخارى أنهار وسكور ، وبورغسر. هذه النصوص لها نظير عند ابن حوقل ص ٣٧٠ ، ص ٣٧١ والاختلاف بينهما يسير.

ملحوظة. ا ب ج د ه ز تمزيق وخروق واللفظ من ابن حوقل ص ٣٧٠ ، ص ٣٧١.

(٤) فى ا : وجعل مكان الخراج عليهم إصلاح تلك السكور. يتشعب من هذا الوادى هذه الأنهار التى ذكرناها ثم يجرى منها تحت قنطرة جرد على باب سمرقند من الماء ما يكون عند امتداده تحت القنطرة قامات يحمل خشب الصغد إلى سمرقند. وامتداد هذا الوادى في الصيف من ثلوج جبال البتم واشروسنه وسمرقند وربما زاد الماء حتى يغلب السكر بقنطرة جرد فيسحبون له أهل سمرقند فى سدّ ذلك لكثرته وغزارته. (راجع ابن حوقل ص ٣٧١).

١٧٩

على أهلها عوض الخراج اصلاح سكور ذلك الماء وإحكام بثوقه ، وامتداد الوادى فى الصيف يكون من ثلوج جبال البتّم واشروسنة وسمرقند.

وأما رساتيق سمرقند فإن أولها بنجيكث ومدينتها بنجيكث ، ثم تليها ورغسر ومدينتها ورغسر ، ويلى بنجيكث جبال السّاودار وليس بها منبر ، وبين الساودار وورغسر فيما يلى سمرقند رستاق ما يمرغ وسنجر فغن وليس بهما منبر ، غير أن بما يمرغ مكانا يعرف بالرّيودد ، كان بها مقام الإخشيذ ملك سمرقند ، وهى قرية فيها قصور الإخشيذيّة ؛ وسنجر فغن وورغسر كانا من ما يمرغ فأفردا عنها ، ويتصل برستاق ما يمرغ رستاق الدّرغم وليس به منبر ، ويتصل برستاق الدرغم رستاق أبغر وليس به منبر (١) ؛ والساودار هو الجبل الذي عن جنوبىّ سمرقند ، وليس بنواحى سمرقند رستاق أصح هواء ولا زرعا وفواكه منه ، وأهلها أصح الناس ألوانا وأبدانا ، وطوله (٢) زيادة على عشرة فراسخ (٣) ؛ وبالساودار عمر للنصارى (٤) يعرف بوزكرد ، ورستاق الدرغم أزكى هذه الرساتيق فى الزروع ، ويفضل من أعنابها ما يحمل إلى غيرها من الرساتيق (٥) ؛ وأما أبغر (٦) فإنها مباخس ، غير أنّ قراها أكثر عددا من رساتيق سمرقند وأراضيها منجبة (٧) ، وبلغنى أنّ القفيز البذر يريع بها مائة قفيز وبها مراع كثيرة (٨) ، فهذه رساتيق سمرقند عن جنوبى الوادى ؛ فأما شماليّه فإنّ أعلاها ياركث ، وهى متاخمة لأشروسنة وليس بها منبر ، وماؤها ليس من ماء السغد ، وإنما هى عيون ، والمباخس بها كثيرة ، ومراعيها واسعة خصبة (٩) ؛ ورستاق بورنمذ مما يلى أشروسنة وليس به منبر ، وقراه يسيرة (١٠) ، ويتصل بياركث رستاق بوزماجز (١١) مما يلى

__________________

(١) تزيدا : وأما بنحيكث فإنها رستاق كثير (ا) الثمار التى (ب) تفضل على غيرها من الجوز وغير ذلك وليس بالكثير وأما ما يمرغ فإنه ليس بجميع سمرقند (ج) رستاق هو أشد اشتباكا فى القرى والأشجار منه.

هذا النص لا يوجد عند ابن حوقل.

(٢) فى ا : وطول هذا الرستاق.

(٣) تزيدا : وهو من أنزه الجبال.

(٤) العمر بالضم المسجد والبيعة والكنيسة (القاموس المحيط) هذا وتزيد ا على العبارة : فيه مجمع للنصارى ووقوف ويعتكف به قوم منهم ويشرف على معظم الصغد ويعرف هذا الموضع بوزكرد.

(٥) في ا : وأما رستاق الدرغم فإنه أزكى هذه الرساتيق وقراه مفترشة وطول الدرغم نحو مرحلة.

(٦) في أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٢٧٩ : أوفر والمظنون أنها محرفة لأنه يذكرها أبغر في ص ٤٩ فيتفق مع الاصطخرى.

(٧) النص فى ا كما يأتى : قراها أعمر وأكثر عددا من سائر رساتيق سمرقند وأموالهم المواشى والبخوس.

(ا ب ج) موضعها خروق ووضعت الألفاظ بين قوسين لأنها وضعت بطريق الحدس.

(٨) في ا : وبلغنى أن القفيز الواحد ربما أخرج زيادة على مائة قفيز وأهلها أصح الناس جميعا وطول أبغر نحو مرحلتين وربما كان للقرية الواحدة من الحدود نحو فرسخين وأكثر. ويقال إن زروع أبغر إذا سلمت كفت الصغد وبخارى كلها سنتين وبها مراع تفضل على سائر مراعي ما وراء النهر ...

(٩) في ا : وليس لهم مراع وهى زكية جدا وهو خطأ فى النقل.

(١٠) في ا : وهو رستاق يشتمل على قرى يسيرة.

(١١) في أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٢٧٩ وابن حوقل ص ٣٧٣ بوزماجن.

١٨٠