المسالك والممالك

أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الفارسي الإصطخري

المسالك والممالك

المؤلف:

أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الفارسي الإصطخري


المحقق: الدكتور محمّد جابر عبد العال الحيني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة
الطبعة: ١
ISBN: 977-305-734-8
الصفحات: ٢٣٦

الديلم (١)

وأما الدّيلم وما يتصل بها : فمن ناحية الجنوب قزوين والطّرم وشىء من أذربيجان وبعض الرىّ ، ويتصل بها من جهة المشرق بقية الرىّ وطبرستان ، ويتصل بها من جهة الشمال (٢) بحر الخزر ، ومن جهة المغرب شىء من أذربيجان وبلدان الرّان ، وقد ضممنا إلى ذلك ما يتصل بها من جبال الرّوبنج وفادوسبان (٣) وجبال قارن وجرجان ، وأما بحر الخزر فقد أفردنا له صورة ، وقد صورنا الديلم وما يتصل (٤) بها.

وسنذكر من مدنها وما يقع فى أضعافها مثل ما ذكرنا من غيرها ، أما الديلم فإنها سهل وجبل ، أما السهل فهم الجيل ، وهم مفترشون على شط البحر تحت جبال الديلم ، وأما الجبل فللديلم المحض ، وهى جبال منيعة ، والمكان الذي يقيم به الملك يسمى روذبار ، وبه يقيم آل جستان ، ورياسة الديلم فيهم.

وزعم بعض الناس أن الديلم طائفة من بنى ضبّة ، ومواضعهم كثيرة الأشجار والغياض ، وأكثر ذلك للجيل فى الوجه الذي يقابل البحر وطبرستان ، وقراهم مفترشة ، وهم أهل زرع وسوائم ، وليس عندهم من الدواب ما يستقلون بها ، ولسانهم مفرد غير العربية والفارسية ، وفى بعض الجيل ـ فيما بلغنى ـ طائفة منهم يخالفون بلسانهم لسان الجيل والديلم ، والغالب على خلقة الديلم النحافة وخفة الشعر والعجلة وقلة المبالاة ؛ وقد كان الديلم دار كفر يسبى من رقيقهم إلى أيام الحسن بن زيد ، فتوسّطهم العلوية وأسلم بعضهم ، وفيهم إلى يومنا هذا كفّار بالجبال المتصلة بها.

والرّوبنج وجبال فادوسبان (٥) وقارن هى جبال ممتنعة ، لكل جبل منها رئيس (٦) ، والغالب عليها الأشجار العالية والغياض والمياه ، وهى خصبة جدا ، فأما جبال قارن فإنها قرى لا مدينة بها إلا سهمار (٧) ، على مرحلة من سارية ، ومستقر آل قارن بموضع يسمى فرّيم (٨) ، وهو موضع حصنهم وذخائر هم ومكان ملكهم ، ويتوارث

__________________

(١) فى أيام سلطان البويهيين كان اسم الديلم يشمل جيلان وطبرستان وجرجان وقومس ، ثم انفصلت هذه البلاد عن الديلم واستقلت ، وأصبحت المنطقة الجبلية هى الديلم ، وصار السهل وهو المنطقة الساحلية على بحر الخزر جيلان ، أى رجع الأمر إلى ما قبل سلطان البويهيين.

(٢) فى ا : الجنوب وهو خطأ.

(٣) فى م قادوسيان وهو خطأ ينبه عليه لوستربنج فى كتابه بلاد الخلافة الشرقية ص ٣٧٣. هذا وفى ا : بادوسبان.

(٤) العبارة فى ا : وأما أذربيجان والرّان وهما مع أرمينية صورة على حدة ويلى صورة الديلم وما يتصل بها.

(٥) هو اسم أسرة حكمت هذه المنطقة ما يقرب من ٨٠٠ عام من الفتح الإسلامى إلى غزو المغول.

(٦) اتخذت هذه الجبال أسماءها من أسماء الأسرات التى حكمت كل منطقة منها.

(٧) فى ا : سمنان.

(٨) فى ا ، ب ، ج وكذلك A B D : برين.

١٢١

صاحب الجبل المملكة بها منذ (١) أيام الأكاسرة ، وجبال فادوسبان جبال مملكة ، ورئيسهم يسكن قرية تسمى أرم ، وليس بجبال فادوسبان (٢) منبر ، وبينها وبين سارية مرحلة. وأما جبال الرّوبنج فإنها كانت ممالك ، إلا أن فى هذا العصر قد فنيت ملوكهم ، وهم من الرىّ وطبرستان ، فما كان فى وجه الرىّ فمن حدود الرىّ ، وما كان فى وجه طبرستان فمن طبرستان. والمدخل إلى الديلم (٣) من طبرستان على سالوس ، وهى على البحر ولها منعة ، إذا استوثق منها بالشحنة صعب المسلك على أهل الديلم إلى طبرستان ، وبين هذه الجبال من حدّ الديلم إلى أستراباذ إلى البحر أكثر من (٤) يوم ، وربما ضاق حتى يضرب الماء الجبل ، فإذا جزت (٥) الديلم إلى الجيل اتسع حتى صار بينه وبين البحر مسيرة يومين وأكثر.

وأما نواحى قزوين فإن الذي يتصل بها من المدن أبهر وزنجان والطّالقان ؛ ويتصل بالرىّ : الخوار وشلنبة وويمة ؛ وتقع فى قومس سمنان والدّامغان وبسطام ؛ وتقع فى طبرستان : آمل وناتل وسالوس وكلار والرّويان وميلة وبرجى وعين الهمّ ومامطير وسارية وطميسة ؛ وتقع فى عمل جرجان : جرجان وأستراباذ وأبسكون ودهستان. وأما جبال الروبنج وفادوسبان وقارن فلست أعرف بها منبرا غير سهمار ، وهى فى جبال قارن ، وأعظم هذه المدن الرىّ (٦) ، وهى مدينة إذا جاوزت العراق إلى المشرق فليس مدينة أعمر ولا أكبر ولا أيسر أهلا منها إلى آخر الإسلام ، إلا نيسابور فإنها فى العرصة أوسع ، فأما اشتباك الأبنية والعمارة واليسار فإنّ الرىّ تفضلها ، وطولها فرسخ ونصف فى مثله (٧) ، وبناؤها (٨) طين ، وقد يستعمل فيها الجص والآجر ، ولها أبواب مشهورة : منها باب طاق ، يخرج منه إلى الجبال والعراق ، وباب بليسان يخرج منه إلى قزوين ، وباب كوهكين (٩) يخرج منه إلى طبرستان ، وباب هشام يخرج منه إلى قومس وخراسان ، وباب سين يخرج منه إلى قمّ ، ومن أسواقها المشهورة : روذة وبليسان ودهك نو ونصرآباذ وساربانان وباب الجبل وباب هشام وباب سين ، وأعمرها الرّوذة ، فإن بها معظم التجارات والخانات ، وهو شارع عريض مشتبك الخانات والأبنية ، ولها مدينة عليها حصن ، وفيها المسجد الجامع ، وأكثر المدينة خراب ، والعمارة فى الربض ، ومياههم من الآبار ، ولها أيضا قنّى ، ولهم فى المدينة نهران للشرب (١٠) ، أحدهما يسمى سورقنى يجرى على الرّوذة ، والآخر الجيلانىّ يجرى على ساربانان ،

__________________

(١) فى ا ، C : من.

(٢) تنقلها ا : بادوسبان بالباء دائما.

(٣) فى ا : الرىّ.

(٤) فى م : أكثره والتصحيح عن ا ، C D وابن حوقل ص ٢٦٩.

(٥) فى م : قرب والتصحيح عن ا ، C وابن حوقل ص ٢٦٩.

(٦) سميت المحمدية لأن المهدى مكث فيها بعض الوقت ، وقد ولد فيها الرشيد ويظهر اسم المحمديّة على بعض النقود فى العصر العباسى.

(٧) فى ا : نحو فرسخ فى مثله.

(٨) فى ا : وهى مدينة بناؤها ...

(٩) فى ا : وباب كوهك وكذلك فى ابن حوقل ص ٢٦٩ على أن العبارة فى ا فيها سقط وهى كالآنى : وباب كوهك ويخرج منه إلى قم ومن أسواقها المعروفة ...

(١٠) فى ا : للشفة.

١٢٢

ومنهما شربهم ، ولهم قنى كثيرة وما يفضل عن مشربهم يفرغ إلى ضياعهم. ونقودهم الدراهم والدنانير ، وزىّ أهلها زىّ العراق ، ويرجعون إلى مروّة ، ولهم دهاء وتجارب ، وبها قبر محمد بن الحسن الفقيه والكسائى (١) المقرئ والفزارىّ المنجّم.

وأما الخوار فإنها مدينة صغيرة نحو ربع ميل ، وهى عامرة وبها ناس يرجعون إلى شرف ، ولهم ماء جار يخرج من ناحية دنباوند ، ولهم ضياع ورساتيق. وأما ويمة وشلنبة فهما من ناحية دنباوند ، وهما مدينتان صغيرتان أصغر من الخوار ، وأكبرهما ويمة ، ولهما زروع ومياه وبساتين ، ولهما أعناب كثيرة وجوز ، وهى أشد تلك النواحى بردا ؛ وللرى سوى هذه المدن قرى تزيد فى الكبر على هذه المدن كثيرا ، مثل سدّ (٢) وورامين وأرنبوية (٣) وورزنين ودزاه وقوسين ، وغير ذلك من القرى التى بلغنى أن فيها ما يزيد أهلها على عشرة آلاف رجل.

ومن رساتيقها المشهورة قصران الداخل والخارج وبهزان والسّن وبشاويه ودنباوند (٤) ورستاق قوسين وغير ذلك ، ويرتفع من الرىّ مما يجلب إلى غيرها القطن الذي يحمل إلى بغداد وأذربيجان (٥) ، ومن الثياب المنيّرة والأبراد والأكسية (٦).

وليس لجميع هذه النواحى نهر تجرى فيه السفن. وأما الجبال فإن من حدّ عمل ارى دنباوند ، وهو جبل رأيته أنا من وسط روذة بالرى ، وبلغنى أنه يرى من قرب ساوة ، وهو جبل وسط جبال يعلو فوقها كالقبّة ، ويحيط بالموضع الذي يعلو على الجبال نحو أربعة فراسخ ، ولم يصح عندى أن أحدا ارتقى أعلاه ؛ وفى حماقات الأوّلين أن الضحّاك الملك مقيد (٧) بها ، وأن السحرة يجتمعون إليه فى أعلاه ؛ ويرتفع من أعلاه دخان دائم الدهر كله ، وحوالى هذه القلّة قرى ، منها قرية دبيران ودرمية وبرا وغيرها من القرى ، وكان على بن شروين الذي أسر على وادى جيحون من قرية درمية ، إلا أن القلة التى ترتفع عن هذه البقعة جبل أقرع ، ليس عليه كثير شجر ولا نبات ، ولا يعلم بسائر الجبال ونواحى الديلم (٨) جبل أعظم منه.

__________________

(١) فى ا : والكسائى على بن حمزة المقرئ على أن نص ابن حوقل ص ٢٧٠ يتفق مع م.

(٢) قال يا قوت فى معجم البلدان ـ مادة السد ـ (قال الاصطخرى وبالرى قرية تعرف بالسد منها على فرسخين يقال إن مفاتيح بساتينها المعروفة اثنا عشر ألف مفتاح ، وكان يذبح بهذه القرية كل يوم مائة وعشرون شاة واثنا عشر بقرة وثورا). وهذا النص ساقط فى معظم المخطوطات التى اعتمد عليها دى جويه فى الكتاب المطبوع المرموز له بحرف م وهو أيضا ساقط من ا ، ب ، ج ولا يوجد إلا فى C (ص ٢٠٩ من م) وفى نهاية الحديث عن القرى أى بعد [عشرة آلاف رجل].

(٣) قال ياقوت فى معجم البلدان ـ مادة أرنبوية : مات بها أبو الحسن على بن حمزة الكسائى النحوى المقرئ ومحمد بن الحسن الشيبانى صاحب أبى حنيفة فى يوم واحد سنة ١٨٩ ه‍. ويقال لهذه القرية رنبوية بسقوط الهمزة.

(٤) فى م : دنيا والتصحيح عن ا وعن ياقوت الحموى فى معجم البلدان ـ مادة الرىّ ـ حيث ينقل عن الاصطخرى نصا.

(٥) تزيد ا : وغيرهما.

(٦) يزيد المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٣٩٥ ، ص ٣٩٦ : والقصاع والمسال والأمشاط.

(٧) داخل أحد الكهوف العلوية للجبل.

(٨) تزيد ا : ونواحى الديلم وما يتصل به.

١٢٣

وأما قومس فإن أكبر مدينة بها الدّامغان ، وهى مدينة أكبر من خوار الرى ؛ وسمنان أصغر منها ، وبسطام أصغر من سمنان ، والدامغان قليلة الماء ، وهى متوسطة العمارة ، وبسطام أكبر منها عمارة وأكثر فواكه ، ويحمل إلى العراق من بسطام فواكه كثيرة ، ويرتفع من قومس أكسية معروفة تحمل إلى الأمصار.

وأما قزوين فإنها مدينة عليها حصن ، وداخلها مدينة صغيرة عليها حصن ، والمسجد الجامع فى المدينة الداخلة ، وهى مدينة ماؤها من السماء والآبار ، وليس بها نهر إلا قناة صغيرة للشرب ، لا يفضل لزروعهم ، وهى خصبة مع قلة مياهها ، وهى ثغر الديلم ، وبها فواكه وأعناب كثيرة وزبيب (١) يحمل إلى الآفاق ، وتكون نحو ميل فى ميل ؛ وأبهر وزنجان صغيرتان خصيبتان كثيرتا المياه والأشجار والزروع ، وزنجان أكبر من أبهر ، غير أن أهل زنجان الغالب عليهم الغفلة (٢).

وأما طبرستان فإن أكبر مدنها آمل ، وهى مستقر الولاة فى هذا العصر ، وكانوا فى قديم الأيام يسكنون سارية ، وطبرستان بلد كثير المياه والثمار والأشجار الجبلية والسهلية ، والغالب عليها الغياض ، والغالب على أبنيتها (٣) الخشب والقصب ، وهى كثيرة الأمطار شتاء وصيفا وسطوحهم مسنّمة لذلك ، وآمل (٤) أكبر من قزوين مشتبكة العمارة ، لا يعلم على قدرها (٥) أعمر منها فى هذه النواحى ؛ ويرتفع من (٦) طبرستان من الإبريسم ما يحمل (٧) إلى الآفاق ، وليس فى الإسلام مدينة أكثر منها ابريسم (٨) ، وبها (٩) خشب كثير من أصلب الخشب ، ينحت منها آنية وأطباق تنقل إلى الآفاق (١٠) ، والغالب على أهلها وفور الشعر واقتران الحواجب وسرعة الكلام والعجلة ، والغالب على طعامهم خبز الأرز والسمك والثوم والبقول وكذلك الجيل وطرف من الديلم (١١) ؛ ويعمل بطبرستان ثياب كثيرة من الحرير تنقل إلى الآفاق ، وكذلك من الصوف والفرش والأكسية وغير ذلك (١٢) ؛ وليس بجميع طبرستان نهر تجرى فيه سفينة ، إلا أن البحر منها قريب على أقل من يوم ، غير أن بجميع

__________________

(١) فى ا : وزبيب ولوز يحمل إلى العراق والمواضع ، هذا النص غير موجود فى ابن حوقل ص ٢٧١.

(٢) تزيد ا : وليس بزنجان كرم ولا شجر.

(٣) فى ا : أبنية طبرستان.

(٤) فى ا : ساربة ويتفق ابن حوقل ص ٢٧٢ مع م.

(٥) فى م بقدرها والتصويب عن ا وابن حوقل ص ٢٧٢.

(٦) فى ا وكذلك C D E : بجميع.

(٧) فى م : ما يميز والتصويب عن ا وهو الأقرب من أسلوب المؤلف.

(٨) فى ا : وليس فى الإسلام مدينة يرتفع منها من الابريسم أكثر من طبرستان. والعبارة أيضا فى ابن حوقل ص ٢٧٢ مختلفة عن هذه العبارة.

(٩) فى ا : وبطبرستان.

(١٠) فى ا : يعمل منها آلات كثيرة تنقل إلى الدنيا.

(١١) فى م : وخبزهم أكثره من الأرز وأكثر طعامهم السمك وكذلك الديلم والجبل ويؤيد ا ابن حوقل ص ٢٧٢.

(١٢) العبارة فى ا : ويرتفع من طبرستان أصناف ثياب الإبريسم يحمل إلى الدنيا وكذلك الأكسية الصوف والمدارع والميازر والمناديل والفرش الطبرى (إلى هنا تتفق ا مع C وبعد ذلك تختلفان) وغير ذلك مما يستعمل فى جميع أمصار المسلمين. ويتفق ابن حوقل ص ٢٧٢ مع م.

١٢٤

طبرستان الماء ؛ والغياض غالب بها إلا فى الأماكن الجبلية (١) ؛ وأما بطن طبرستان فالغالب عليها الندى والنزوز.

وأما جرجان فأكبر مدنها (٢) جرجان ، وهى أكبر من آمل ، وبناؤها (٣) من طين ، وهى أيبس تربة من آمل ؛ وأقل مطرا وأنداء من طبرستان ، وأهلها أحسن وقارا ومروّة ويسارا فى كبرائهم ، وهى قطعتان إحداهما المدينة والأخرى بكراباذ ، بينهما نهر يجرى كبير يحتمل أن تجرى فيه السفن (٤) ، ويرتفع منها من الابريسم شىء كثير (٥) ، وابريسم طبرستان يحمل بزر دوده من جرجان ، ولا يرتفع من طبرستان بزر ابريسم (٦) ، ولهم مياه كثيرة وضياع عريضة ، وليس فى المشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة أجمع ولا أظهر حسنا على مقدارها من جرجان (٧) ، وذلك أن بها الثلج والنخيل ، وبها فواكه الصرود والجروم من التين والزيتون وسائر الفواكه (٨) ، وأهلها أصحاب مروّة يتبارون فى المروّات ، ويأخذون أنفسهم بالتأنى والأخلاق المحمودة ، وقد خرج منهم رجال كثيرون موصوفون بالسّرو (٩) ، منهم العمركى صاحب المأمون. ونقودهم ونقود طبرستان الدنانير والدراهم ، وأوزانهم المنا سمّائة درهم ، وكذلك بالرىّ وطبرستان (١٠) ، وقومس (١١) مناها ثلاثمائة درهم.

وأستراباذ يرتفع منها ابريسم كثير (١٢) ؛ ولهم فرضة على البحر يركبون منها إلى الخزر وإلى باب الأبواب والجيل والديلم (١٣) وغير ذلك ، وليس فى هذه الناحية التى ذكرتها فرضة أجلّ من أبسكون ، ولهم ثغر ـ يعرف برباط دهستان وبها منبر ، وهو ثغر للغزّية الأتراك ، ويتصل حدّ جرجان بالمفازة التى تلى خوارزم ، ومنها تجيئهم الأتراك (١٤).

__________________

(١) فى ا : والماء والغياض بها غالب إلا ما كان من المستعلية فى الجبال فإنها أيبس.

(٢) فى ا : فإن أكبر مدينة بنواحيها.

(٣) فى ا : وهي مدينة.

(٤) العبارة فى ا : بينهما نهر يجرى يحتمل السفن فيه ويتفق ابن حوقل ص ٢٧٣ مع م.

(٥) فى ا : وثياب الابريسم ما يحمل إلى الآفاق.

(٦) فى م : ولا يرتفع من بزر طبرستان ابريسم والتصويب عن ا وابن حوقل ص ٢٧٣.

(٧) فى م. وليس فى المشرق بعد أن تجاوز العراق مدينة بقدر جرجان ، أخصب ولا أجمع منها وذلك ... والتصويب عن ا وابن حوقل ص ٢٧٣.

(٨) يفصّل المقدسى فيذكر فى أحسن التقاسيم ص ٣٥٧ فيذكر الزيتون والرمّان والبطيخ والنارنج والاترنج والعناب ونخيل.

(٩) السخاء فى مروّة.

(١٠) فى ا : وكذلك بالرىّ وقزوين وطبرستان وقومس.

(١١) تزيد ا : إلا أن السنج فى قزوين يزيد على سائر النواحي وفى قومس ثلاثمائة درهم.

(١٢) فى ا : ثياب ابريسم يحمل إلى الآفاق.

(١٣) تزيد ا : وشيروان وموقان وغير ذلك ويتفق ابن حوقل ص ٢٧٣ مع م.

(١٤) تزيد ا : وهو اسم مدينة صغيرة على شط البحر فى حد الجبل وهى فرضة البحر ، والوالى بها رجل من العلويين من أولاد فاطمة عليها‌السلام. هذا النص غير موجود فى ابن حوقل.

١٢٥

ذكر مسافات هذه الديار

الطريق من الرىّ إلى حدّ أذربيجان : من الرىّ إلى قزوين ٤ مراحل ؛ ومن قزوين إلى أبهر مرحلتان خفيفتان (١) ، ومن أبهر إلى زنجان يومان أوفر مما بين قزوين وأبهر. ومن أراد الطريق القصد لم يدخل قزوين ، وجعل الطريق على قرية تسمى يزداباذ من رستاق دستبى.

والطريق من الرىّ إلى الجبال (٢) : من الرىّ إلى قسطانة مرحلة ، ومن قسطانة إلى مشكويه مرحلة ، ومن مشكويه إلى ساوة مرحلة ٩ فراسخ ، وساوة ربما كانت من عمل الجبال ، وربما كانت من عمل الرىّ.

الطريق من الرىّ إلى طبرستان : من الرى إلى برزيان مرحلة خفيفة (٣) ، ومن برزيان إلى نامهند مرحلة كبيرة ، ومن نامهند إلى آسك مرحلة ، ومن آسك إلى بلور مرحلة ، ومن (٤) بلور إلى كنازل مرحلة ٦ فراسخ ، ومن كنازل إلى قلعة اللارز مرحلة ٥ فراسخ ، ومنها إلى فرست مرحلة ٦ فراسخ ، ومنها إلى آمل مرحلة.

الطريق من الرىّ إلى خراسان على قومس : من الرىّ إلى افرندين (٥) مرحلة ، ومن افرندين إلى كهدة (٦) مرحلة ، ومن كهدة إلى خوار مرحلة ، ومن خوار إلى قرية الملح مرحلة ، ومن قرية الملح إلى راس الكلب مرحلة ، ومن راس الكلب إلى سمنان مرحلة ، ومن سمنان إلى عليا (٧) باذ مرحلة ، ومن عليا باذ إلى جرمجوى مرحلة ، ومن جرمجوى إلى الدّامغان مرحلة ، ومن الدامغان إلى الحدّادة مرحلة ، ومنها (٨) إلى بذش (٩) مرحلة ، ومنها (١٠) إلى المورجان مرحلة كبيرة ، ومنها (١١) إلى هفدر مرحلة ، ومنها (١٢) إلى أسداباذ (١٣) مرحلة ، وهى من عمل نيسابور (١٤).

__________________

(١) غير موجودة فى ا.

(٢) فى ا : ساوة.

(٣) فى ا : تسمة فراسخ.

(٤) هذه العبارة فى ا : ومن آسك إلى بلور مرحلة ، ومن بلور إلى قلعة اللارز مرحلة ، ومنها إلى كنازل مرحلة ، ومن كنازل إلى قلعة اللارجان مرحلة ، ومن اللارجان إلى فرست مرحلة ، ومن فرست إلى آمل مرحلة. هذا النص فى ا غير واضح الأسماء. وابن حوقل ص ٢٧٤ يتفق مع م.

(٥) فى الأعلاق النفيسة لابن رسته ص ١٦٩ افريدون.

(٦) فى ا ، C E : كهنده ، م يتفق مع ابن حوقل ص ٢٧٥.

(٧) يذكرها ابن رسته فى الأعلاق النفسية ص ١٦٩ : آخرين.

(٨) فى ا : ومن الحدادة.

(٩) يتفق الاصطخرى وابن رسته فى جعلها بالذال وهى بالدال فى أحسن التقاسيم المقدسى ص ٣٧١ والخلاف فى النقط وهو خطأ خطى.

(١٠) فى ا : ومن بذش.

(١١) فى ا : ومن المورجان.

(١٢) فى ا : ومن هفدر.

(١٣) يتفق ابن رسته مع الاصطخرى ويسميها المقدسى فى أحسن التقسيم ص ٣٧١ أسدواذ.

(١٤) فى ا : وأسداباذ من عمل نيسابور ودخل أسداباذ وقف على المارة ممن أقام بها ثلاثا أجرى عليه ومن اعتل بها نفق عليه إلى أن يبرأ. هذه الزيادة ليست موجودة فى كتاب ابن حوقل ص ٢٧٥.

١٢٦

الطريق من طبرستان إلى جرجان : من آمل إلى ميلة فرسخان ، ومن ميلة فرسخان ، ومن ميلة إلى برجى (١) ٣ فراسخ ، وهما جميعا مرحلة ، ومنها (٢) إلى سارية مرحلة ، ومنها إلى مارست مرحلة ، ومنها (٣) إلى ابادان مرحلة ، ومنها (٤) إلى طميسة (٥) مرحلة ، ومنها (٦) إلى أستراباذ مرحلة ، ومنها (٧) إلى رباط حفص مرحلة ، ومنه (٨) إلى جرجان مرحلة. ومن أراد أن يخرج من آمل إلى مامطير مرحلة ، ومنها إلى سارية مرحلة ، ولا يجعل طريقه على برجى فهو أقصد (٩) ، وإنما ذكرنا الطريق الآخر لأن فيه منبرين (١٠).

الطريق من آمل إلى الديلم : من آمل إلى ناتل مرحلة ، ومن ناتل إلى سالوس مرحلة خفيفة ، ومن سالوس إلى كلار مرحلة ، ومنها (١١) إلى الديلم مرحلة ، ومن آمل إلى البحر إلى عين الهمّ مرحلة خفيفة.

الطريق من جرجان إلى خراسان : من جرجان إلى دينارزارى (١٢) مرحلة ، ومن دينار زارى إلى املوتلو (١٣) مرحلة ، ومن املوتلو إلى أجغ مرحلة ، ومن أجغ إلى سيبداست مرحلة ، ومن سيبداست إلى أسفرائين مرحلة.

الطريق من جرجان إلى قومس : من جرجان إلى جهينة مرحلة ، ثم منها إلى بسطام مرحلة.

__________________

(١) فى ابن رسته ص ١٤٩ والمقدسى ص ٣٧٢ ترنجي.

(٢) فى ا : ومن برجى.

(٣) فى ا : ومن بارست هكذا تذكرا مارست.

(٤) فى ا : ومن ابادان.

(٥) فى ا : طميش.

(٦) فى ا : ومن طميش.

(٧) فى ا : ومن استرآباذ.

(٨) فى ا : ومن رباط حفص.

(٩) فى ا : أقصر ويؤيد ابن حوقل ص ٢٧٥ م.

(١٠) فى م العبارة كالآنى : وإنما ذكرنا الأطول لأن فيه منبرين ، وابن حوقل ص ٢٧٥ يؤيد ا.

(١١) فى ا : ومن كلار.

(١٢) فى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٣٨٢ دينازارى.

(١٣) فى م : املوتلو ، فى ب املتى ، فى ج املق بلوا ، فى ا : ملوملو؟؟؟؟ (بدون نقط) ، فى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٣٧٢ املوتا.

١٢٧

بحر الخزر

وأما بحر الخزر فإن شرقيّه بعض الديلم وطبرستان وجرجان وبعض المفازة التى بين جرجان وخوارزم ، وغربيّه أرّان (١) وحدود السرير وبلاد الخزر وبعض مفازة الغزّية ، وشماليّه مفازة الغزّية بناحية سياكوه ، ووجنوبيّه الجيل والديلم (٢). وهذا البحر ليس له اتصال بشىء من البحار على وجه الأرض ، فلو أن رجلا طاف بهذا البحر لرجع إلى مكانه الذي ابتدأ منه ، لا يمنعه مانع إلا نهر عذب يقع فيه ، وهو بحر مالح ولا مدّ له ولا جزر ، وهو بحر مظلم قعره طين ، بخلاف بحر القلزم وسائر بحر فارس ، فإن فى بعض المواضع من بحر فارس ربما يرى عمقه لصفاء ما تحته من الحجارة البيض ، ولا يرتفع من هذا البحر شىء من الجواهر من لؤلؤ أو مرجان أو غيره مما يرتفع من البحار ، ولا ينتفع بشىء مما يخرج منه سوى السموك ، وبركب فيه التجار من أراضى المسلمين إلى أرض الخزر ، وما بين الرّان والجيل وطبرستان وجرجان. وليس فى هذا البحر جزيرة مسكونة فيها عمارة كما ذكرنا فى بحرى فارس والروم ، إلا أن فيه جزائر فيها غياض ومياه وأشجار ، وليس بها أنيس ، ومنها جزيرة سياكوه ، وهى جزيرة كبيرة بها عيون وأشجار وغياض ، وبها دوابّ وحش ؛ ومنها جزيرة بحذاء الكرّ ، وهى كبيرة بها غياض وأشجار ومياه ، ويرتفع منها الفوّة (٣) ، ويخرج إليها من نواحى برذعة ، فيحملون منها الفوّة ، ويحملون فى السفن إليها دوابّ من نواحى برذعة وسائر المواضع ، فتسرح فيها حتى تسمن (٤).

وليس من آبسكون إلى الخزر ـ عن اليمين على شط البحر ـ قرية ولا مدينة ، سوى موضع من آبسكون على نحو خمسين فرسخا يسمى دهستان ، وهى دخلة (٥) فى البحر تستتر فيها السفن فى هيجان البحر ، ويقصد هذا الموضع خلق كثير من النواحى ، ويقيمون بها للصيد ، وبها مياه ، ولا أعلم غير هذا المكان مكانا يقيم به أحد ، إلا أن يكون سياه كوه فإنه تقيم به طائفة من الأتراك ، وهم قريبو العهد بالمقام به ، لاختلاف وقع بين الغزّية وبينهم ، فانقطعوا عنهم واتخذوه مأوى ومرعى ، ولهم عيون ومراع ، هذا ما عن يمين هذا البحر من آبسكون. ومن آبسكون ـ عن يسارها إلى الخزر ـ فى عمارة متصلة إلا شيئا بين باب الأبواب والخزر ، وذلك أنك إذا أخذت من آبسكون

__________________

(١) تزيد ا ، C بعدها : من جبال القبق ، ويتفق ابن حوقل ص ٢٧٦ مع م.

(٢) فى ا ، C : وبعض الديلم.

(٣) عروق يصبغ بها.

(٤) تزيد ا ، C : وجزيرة تعرف بالروسية وجزائر صغار.

(٥) فى ا : داخلة.

١٢٨

مضيت على حدود جرجان وطبرستان والديلم والجيل ، ثم (١) تدخل فى حدود الرّان ، وإذا جزت موقان إلى باب الأبواب على يومين فهو بلد شروان شاه ، ثم تتجاوزه إلى سمندر أربعة أيام ، ومن سمندر إلى إثل سبعة أيام مفاوز. ولهذا البحر بناحية سياكوه زنقة يخاف على السفن الداخلة بها الريح أن تنكسر ، وإذا انكسرت السفن هناك لم يتهبأ جمع شىء منها من الأتراك ، فإنهم يستولون على ذلك.

وأما الخزر فإنه اسم (٢) «الإقليم ، وقصبته تسمى إثل ، وإثل اسم» النهر الذي يجرى إليه من الروس وبلغار ؛ وإثل قطعتان : قطعة على غربىّ «هذا النهر المسمى» إثل وهى أكبرهما ، وقطعة على شرقيّه ، والملك يسكن فى الغربىّ «منها ؛ ويسمى الملك بلسانهم» بك ، ويسمى أيضا باك ، وهذه «القطعة مقدارها فى الطول نحو فرسخ ، ويحيط بها سور» إلا أنه مفترش البناء ، وأبنيتهم خركاهات «لبود إلا شيئا يسيرا بنى من طين ، ولهم أسواق» وحمامات ، وفيها خلق ومن المسلمين ، يقال إنهم يزيدون على «عشرة آلاف مسلم ، ولهم» نحو ثلاثين مسجدا ، وقصر الملك بعيد من شط النهر ، وقصره من آجر ، وليس «لأحد بناء من» آجر غيره ، ولا يسوغ الملك لأحد أن يبنى بالآجر ، ولهذا السور أبواب أربعة ، منها إلى ما يلى النهر ومنها إلى ما يلى الصحراء على ظهر هذه المدينة ، وملكهم يهودى يقال إن له من الحاشية نحو أربعة آلاف رجل ؛ والخزر مسلمون ونصارى ويهود وفيهم عبدة أوثان ، وأقل الفرق اليهود ، وأكثرهم المسلمون والنصارى ، إلا أن الملك وخاصّته يهود. والغالب على أخلاقهم أخلاق أهل الأوثان ، يسجد بعضهم لبعض عند التعظيم ، وأحكام خصّوا بها على رسوم قديمة مخالفة (٣) لدين المسلمين واليهود والنصارى ، وللملك من الجيش اثنا عشر ألف رجل ، وإذا مات منهم رجل أقيم آخر مكانه ، وليست لهم جراية دارّة إلا شىء نزر يسير ، يصل إليهم فى المدة الطويلة ، إذا كان لهم حرب أو حزبهم أمر يجتمعون له. وأبواب مال هذا الملك من الأرصاد وعشور التجارات ، على رسوم (٤) لهم من كل طريق وبحر ونهر ، ولهم وظائف على أهل المحالّ والنواحى من كل صنف ، مما يحتاج إليه من طعام وشراب وغير ذلك ؛ وللملك سبعة من الحكام من اليهود والنصارى والمسلمين وأهل الأوثان ، إذا عرض للناس حكومة قضى فيها هؤلاء ، ولا يصل أهل الحوائج إلى الملك نفسه ، وإنما يصل إلى هؤلاء الحكام ، وبين هؤلاء الحكام ـ يوم (٥) القضاء ـ وبين الملك سفير يراسلونه فيما يجرى من الأمر (٦) وينتهون إليه ، فيرد عليهم أمره ويمضونه ؛ وليس لهذه المدينة قرى إلا أن مزارعهم مفترشة ، يخرجون فى الصيف فى الزروع نحو عشرين فرسخا ليزرعوا ، ويجمعوا بعضه على النهر وبعضه على الصحارى ، فينقلون غلّاتهم بالعجل وفى النهر ، والغالب

__________________

(١) من أول ثم ... إلى شروان شاه فى ا كالآتى : وموقان وشروان والمسقط وباب الأبواب ، هذا وموقان تذكرها بعض المصادر الأخرى إما موغان أو مغكان.

(٢) «...» ما بين هاتين العلامتين بياض فى ا نتيجة ما أصاب الحروف فأزالها وكذلك ما بين مثل هاتين فيما بعد.

(٣) فى ا ، ب ، ج ، D : تخالف.

(٤) فى ا : رسم.

(٥) يوم القضاء غير موجودة فى ا.

(٦) فى ا : الأمور.

١٢٩

على قوتهم الأرز والسمك ، وهذا الذي يحمل منهم من العسل والشمع إنما يحمل إليهم من ناحية الروس وبلغار ، وكذلك هذه الجلود الخز ـ التى تحمل إلى الآفاق ـ لا تكون إلا فى تلك الأنهار ، التى بناحية بلغار والروس وكويابه ، ولا تكون فى شىء من الأقاليم فيما علمته. والنصف الشرقىّ من الخزر فيه معظم التجار والمسلمين والمتاجر ، والغربىّ خالص (١) للملك وجنده (٢) والخزر الخلّص. ولسان الخزر غير لسان الترك والفارسية ، ولا يشاركه لسان فريق من الأمم.

وأما نهر إثل فإنه فيما بلغنى يخرج من قرب خرخيز ، فيجرى فيما بين الكيماكيّة والغزّية ، وهو الحد بين الكيماكيّة والغزّية ، ثم يذهب غربا على ظهر بلغار ، ويعود راجعا إلى ما يلى المشرق حتى يجوز على الروس ، ثم يمر على بلغار ثم على برطاس حتى يقع فى بحر الخزر ، ويقال إنه يتشعب من هذا النهر نيّف وسبعون نهرا ، ويبقى عمود النهر يجرى على الخزر حتى يقع فى البحر ، ويقال إن هذه المياه إذا كانت مجموعة فى نهر واحد أعلاه يزيد على جيحون ، ويبلغ (٣) من كثرة هذه المياه وغزارتها أنها تنتهى إلى البحر ، فتجرى فى البحر داخلا مسيرة يومين ، وتغلب على ماء البحر حتى يجمد فى الشتاء لعذوبته وحلاوته ، ويبين فى البحر لونه من لون ماء البحر.

وللخزر مدينة تسمى سمندر فيما بينها (٤) وبين باب الأبواب ، لها بساتين كثيرة ، ويقال إنها تشتمل على نحو من أربعة آلاف كرم إلى حد السرير ، والغالب على ثمارها الأعناب ، وفيها خلق من المسلمين ، ولهم بها مساجد ، وأبنيتهم من خشب قد نسجت ، وسطوحهم مسنّمة ، وملكهم من اليهود قرابة ملك الخزر ، وبينهم وبين حدّ السرير فرسخان ، وبينهم وبين صاحب السرير هدنة.

والسرير هم نصارى ، ويقال إن هذا السرير كان (٥) لبعض ملوك الفرس ، وهو سرير من ذهب (٦) لبعض ملوك الفرس ، فلما زال ملكهم حمل إلى السرير ، وحمله بعض ملوك الفرس ، بلغنى أنه من أولاد بهرام جوبين ، والملك إلى يومنا هذا فيهم ، ويقال إن هذا السرير عمل لبعض الأكاسرة فى سنين كثيرة. وبين السرير وبين المسلمين هدنة (٧) ، ولا أعلم فى عمل الخزر مجمع ناس سوى سمندر (٨).

وبرطاس هم أمة متاخمون للخزر ، ليس بينهم وبين الخزر أمة أخرى ، وهم قوم مفترشون على وادى إثل ، وبرطاس اسم الناحية ، وكذلك الروس والخزر والسرير اسم للمملكة لا للمدينة ولا للناس.

__________________

(١) فى م : خالصة.

(٢) تزيد ا : للملك وحاشيته وجنده.

(٣) فى م : بلغ والتصويب عن ا.

(٤) فى ا : فيما بين إثل ، وم يؤيده ياقوت فى معجم البلدان.

(٥) العبارة فى م : هو لبعض ملوك الفرس والتصويب عن ا وياقوت فى معجم البلدان.

(٦) فى م : هو لبعض ملوك الفرس من ذهب ، والتصويب عن ا وياقوت فى معجم البلدان.

(٧) تزيد ا : وإن كل واحد منهم يحذر صاحبه ولا أعلم ......

(٨) فى ا. سوى إثل وسمندر.

١٣٠

والخزر لا يشبهون الأتراك ، وهم سود الشعر ، وهم صنفان : صنف يسمون قراخزر ، وهم سمر يضربون ـ لشدة السمرة ـ إلى السواد كأنهم صنف من الهند ، وصنف بيض ظاهر والحسن والجمال ، والذي يقع من رقيق الخزر هم أهل الأوثان ، الذين يستجيزون بيع أولادهم واسترقاق بعضهم بعضا ، فأما اليهود منهم والنصارى فإنها تدين بتحريم استرقاق بعضهم بعضا مثل المسلمين ؛ وبلد الخزر لا يرتفع شىء منه يحمل إلى الآفاق غير الغرى ، وأما الزئبق (١) والعسل والشمع والخزر والأوبار فمجلوب إليها ؛ ولباس الخزر وما حواليها القراطق (٢) والأقبية ، وليس يكون عندهم شىء من الملبوس ، وإنما يحمل إليهم من نواحى جرجان وطبرستان وأرمينية وأذربيجان والروم ؛ وأما سياستهم وأمر المملكة بهم فإن عظيمهم يسمى خاقان خزر ، وهو أجلّ من ملك الخزر إلا أن ملك الخزر هو الذي يقيمه ، وإذا أرادوا أن يقيموا هذا الخاقان جاءوا به فيخنقونه بحريرة ، حتى إذا قارب أن ينقطع نفسه قالوا له : كم تشتهى مدة الملك؟ فيقول كذا وكذا سنة ، فإن مات دونها وإلا قتل إذا بلغ تلك السنة ، ولا تصلح الخاقانيّة عندهم إلا فى أهل بيت معروفين ، وليس له من الأمر والنهى شىء إلا أنه يعظّم ويسجد له إذا دخل إليه ، ولا يصل إليه أحد إلا نفر يسير مثل الملك ومن فى طبقته ، ولا يدخل عليه الملك إلا لحادثة ، فإذا دخل عليه تمرّغ فى التراب وسجد وقام من بعد ، حتى يأذن له بالتقرّب ، وإذا حزبهم حزب عظيم أخرج فيه خاقان ، فلا يراه أحد من الأتراك ومن يصاقبهم من أصناف الكفر إلا انصرف ولم يقاتله تعظيما له ، وإذا مات ودفن لم يمر بقبره أحد إلا ترجّل وسجد ، ولا يركب ما لم يغب عن قبره ، ويبلغ من طاعتهم لملكهم أن أحدهم ربما يجب عليه القتل ـ ويكون من كبرائهم ـ فلا يحبّ الملك أن يقتله ظاهرا ، فيأمره أن يقتل نفسه ، فينصرف إلى منزله ويقتل نفسه. والخاقانيّة فى قوم معروفين ليس لهم مملكة ويسار ، فإذا انتهت الرياسة إلى أحدهم عقدوا له ، ولم ينظروا إلى ما عليه حاله ، ولقد أخبرنى من أثق به أنه رأى فى بعض أسواقهم شابا يبيع الخنر ، كانوا يقولون إن خاقانهم إذا مات فليس أحد أحق منه بالخاقانيّة ، إلا أنه كان مسلما ولا تعقد الخاقانية إلا لمن يدين باليهودية. والسرير والقبّة الذهب التى لهم لا تضرب إلا لخاقان ، ومضاربه إذا برزوا فوق مضارب الملك ، ومسكنه فى البلد أرفع من منزل مسكن الملك.

وبرطاس اسم للناحية ، وهم أصحاب بيوت خشب ، وهم مفترشون. وبسجرت هم صنفان ، صنف فى آخر الغزّية على ظهر بلغار ، ويقال إن مبلغهم نحو ألفى رجل ، ممتنعون فى مشاجر لا يقدر عليهم ، وهم فى طاعة بلغار ؛ وبسجرت أخرهم متاخمون لبجناك ، وهم وبجناك أتراك ، وهم متاخمون للروم ، ولسان بلغار مثل لسان الخزر ، ولبرطاس لسان آخر ، وكذلك لسان الروس غير لسان الخزر وبرطاس. وبلغار اسم المدينة وهم مسلمون

__________________

(١) فى ا ، D : الرقيق.

(٢) القرطق هو القباء ذو الطاق الواحد.

١٣١

وفيها مسجد جامع ، وبقرب مدينة أخرى تسمى سوار (١) فيها أيضا مسجد جامع ، وأخبرنى من كان يخطب بها أن مقدار عدد الناس بهاتين المدينتين نحو عشرة آلاف رجل ، ولهم أبنية خشب يأوونها (٢) فى الشتاء ، وفى الصيف يفترشون فى الخركاهات ، وأخبرنى الخطيب بها أن الليل عندهم (٣) لا يتهيأ أن يسير فيه الإنسان أكثر من فرسخ فى الصيف ، وفى الشتاء يقصر النهار ويطول الليل حتى يكون نهار الشتاء مثل ليالى الصيف (٤).

والروس هم ثلاثة أصناف ، فصنف هم (٥) أقرب إلى بلغار ، وملكهم يقيم بمدينة تسمى كويابة ، وهى أكبر من بلغار ، وصنف أبعد (٦) منهم يسمون الصّلاوية ، وصنف يسمون الأرثانية ، وملكهم مقيم بأرثا ، والناس يبلغون فى التجارة إلى كويابة ، فأما أرثا فإنه لا يذكر أن أحدا دخلها من الغرباء ، لأنهم يقتلون كل من وطئ أرضهم من الغرباء ، وإنما ينحدون فى الماء يتجرون ، فلا يخبرون بشىء من أمورهم ومتاجرهم ، ولا يتركون أحدا يصحبهم ولا يدخل بلادهم ، ويحمل من أرثا السمّور الأسود والرصاص ؛ والروس قوم يحرقون أنفسهم إذا ماتوا ، وتحرق مع مياسيرهم الجوارى بطيبة من أنفسهن ، وبعضهم يحلق اللحى ، وبعضهم يفتلها مثل الذوائب ، ولباسهم الفراطق القصار ، ولباس (٧) الخزر وبلغار وبجناك القراطق التامة ، وهؤلاء الروس يتجرون إلى الخزر ويتجرون إلى الروم وبلغار الأعظم ، وهم متاخمون للروم فى شماليتها ، وهم عدد كثير يبلغ من قوّتهم أنهم ضربوا خراجا على ما يلى بلادهم من الروم ؛ وبلغار الداخل هم نصارى.

المسافات بين بلاد بحر الخزر ونواحيها : من آبسكون إلى بلاد الخزر عن اليمين نحو ٣٠٠ فرسخ ، ومن آبسكون عن يسار السائر إلى الخزر نحو ٣٠٠ فرسخ ، ومن آبسكون إلى دهستان (٨) ٦ مراحل ، ويقطع هذا البحر إذا طابت الريح عرضا من طبرستان إلى باب الأبواب فى أسبوع (٩). وأما من آبسكون إلى بلاد الخزر فإنه زائد على العرض ـ لأنه مزوّى. ومن إثل إلى سمندر ٨ أيام ، ومن سمندر إلى باب الأبواب ٤ أيام ، وبين مملكة السرير وباب الأبواب ٣ أيام ، ومن إثل إلى أول حدّ برطاس مسيرة ٢٠ يوما ، ومن أوّل برطاس إلى آخره نحو ١٥ يوما ، ومن برطاس إلى بجناك نحو ١٠ مراحل ، ومن إثل إلى بجناك (١٠) مسيرة شهر ، ومن إثل إلى بلغار على طريق المفازة نحو شهر ، وفى الماء نحو شهرين فى الصعود وفى الحدود نحو ٢٠ يوما ، ومن بلغار إلى أول حدّ الروم نحو ١٠ مراحل ، ومن بلغار إلى كويابة نحو ٢٠ مرحلة ، ومن بجناك إلى بسجرت الداخل ١٠ أيام ، ومن بسجرت الداخل إلى بلغار ٢٥ مرحلة.

__________________

(١) بياض فى ا

(٢) يقصد يأوون إليها

(٣) فى ا : إذا قصر

(٤) فى ا العبارة كالآتى : وفى الشتاء يقصر النهار حتى يكون مثل ليالى الصيف.

(٥) فى ا : منهم

(٦) فى ا ، D : أعلى

(٧) العبارة فى ا ، C : وأرثا بين الخزر وبلغار الأعظم وواضح أن فى النص سقطا.

(٨) تزيد ا ، ب ، ج : دهستان ببالس.

(٩) فى ا : ثمانية أيام وساقطة فى ب ، ج.

(١٠) فى ا : الجبال وهو خطأ فى النقل.

١٣٢

مفازة خراسان

وأما مفازة خراسان وفارس فإن الذي يحيط بها ، من شرقيّها حدود مكران وشىء من حدود سجستان ، وغربيّها حدود قومس والرىّ وقمّ وقاشان ، وشماليتها حدود خراسان وشىء من سجستان ، وجنوبيّها حدود كرمان وفارس وشىء من حدود اصبهان.

هذه المفازة من أقل (١) مفاوز الإسلام سكانا وقرى ومدنا على قدرها ، لأن مفاوز البادية فيها مراع وأحياء العرب ومدن وقرى ، لا يكاد يخلو بنجد وتهامة وسائر الحجاز مكان إلا وهو فى حيز قبيلة ، يترددون فيها على المراعى ، وكذلك عامة اليمن إلا شيئا بين عمان واليمامة مما يلى البحر إلى حدود اليمن ، فإن ذلك الموضع خال عن ديار العرب ، وكذلك المفاوز التى فى أضعاف كرمان ومكران والسند عامتّها مسكونة بالأخبية والأخصاص وغيرها ، ومفاوز البربر أيضا مسكونة بأحياء البربر فى مراعيها ، وليس يستدرك من مفازة فارس وخراسان إلا علم (٢) الطريق ، وما يعرض فى أضعاف طرقها من المنازل (٣) ، إذ ليس فيما عدا طرقها كثير عمارة ولا سكّان ، وهذه مفازة من أكثر المفاوز لصوصا وفسّادا ، وذلك أنها ليست فى حيز إقليم بعينه ، فيرعاها أهل ذلك الاقليم بالحفظ ، لأنه يحيط بهذه المفازة أيد كثيرة من سلاطين شتى ، فبعض هذه المفازة من عمل خراسان وقومس ، وبعضها من عمل سجستان ، وبعضها من عمل كرمان وفارس واصبهان وقمّ وقاشان والرىّ ، فإذا أفسد القطّاع فى عمل دخلوا عملا آخر ، ومع ذلك فهى مفازة يصعب سلوكها بالخيل ، وإنما تقطع بالإبل ، وإنما (٤) الدواب للأحمال ، فلا تسلك إلا على طرق معروفة ومياه معلومة ، إن تجاوزوها فى أعراض هذه المفازة هلكوا ؛ وللصوص فى هذه المفازة مأوى (٥) يعتصمون به ويأوون إليه ، ويخفون فيه المال والذخائر يعرف بجبل كركس كوه ، وكركس اسم المفازة التى تتاخم الرىّ وقمّ إلى مسيرة أيام من شرقىّ هذه المفازة ؛ فأما جبل كركس كوه فهو جبل ليس بالكبير ، وإنما هو جبل منقطع عن الجبال تحيط به المفازة ، وبلغنى أن دور أسفله نحو فرسخين فقط ، وبهذا الجبل ماء يسمى آب (٦) بنده ، ووسط هذا الجبل مثل الساحة ، وفى شعاب هذا (٧) الجبل مياه قليلة ، وهو جبل وعر المسلك

__________________

(١) فى ا : أول وهو خطأ فى النقل.

(٢) تزيد ا ، C D : والبقاع.

(٣) فى ا : على وهو أيضا خطأ فى النقل.

(٤) فى م : فاما والتصويب عن ا.

(٥) تزيد ا : على طريق سجستان.

(٦) ينبوع ماء

(٧) فى ا : من هذا.

١٣٣

إلى ذراه ، فيه معاطف ومسالك وحشة ، لا يكاد يظهر على من توارى فيه ، وآب بنده إذا صرت عند (١) هذا الماء كنت كأنك فى حظيرة والجبل محيط بك. وسياه كوه جبل يمتد ويتصل بجبال الجيل.

وفى هذه المفازة قرى ، ولا أعلم بها مدينة سوى سنيج ، فإنها مدينة من عمل كرمان فى المفازة على طريق سجستان ، وتحيط بها من جميع نواحيها هذه المفازة ، وفى المفازة على طريق اصبهان إلى نيسابور موضع يعرف بالجرمق ، وهى ثلاث قرى ؛ وتحيط بهذه المفازة من مشاهير المدن مما يلى فارس : نائين ويزد وعقدة ، وأردستان من اصبهان ؛ ومن حد كرمان : خبيص وزاور ونرماشير ؛ ومن حدّ الجبال : قمّ وقاشان ودزه ، وكذلك الرىّ والخوار جميعا سوادهما يتاخم المفازة ؛ وسمنان والدّامغان من قومس ؛ ومن خراسان مدن قوهستان وهى الطّبسين والطّبس (٢) وقاين فإن حدّ سوادها ينتهى إلى المفازة.

والطرق المعروفة فى هذه المفازة طريق من اصبهان إلى الرى وهو أقربها ، وطريق من كرمان إلى سجستان ، وطريق من فارس وكرمان إلى خراسان ؛ فمنها طريق يزد فى حدّ فارس ، وطريق شور وطريق زاور وطريق خبيص من حدود كرمان إلى خراسان ، وطريق يسمى الطريق الجديد من كرمان إلى خراسان ، فهذه هى الطرق المعروفة ، لا أعلم بها طريقا مسلوكا غير الذي ذكرناه ، وهناك طريق قلّ ما تسلك من اصبهان ، يخرج على قومس لا تسلك إلا عند ضرورة ، والمسلك فيها على السمت ، وسأصف مسافات هذه الطرق وما فيها إن شاء الله.

الطريق من الرىّ إلى اصبهان : من الرىّ إلى دزة مدينة ـ فيها منبر ـ مرحلة ، ومن الرىّ إليها عمارة إلا مقدار فرسخين فى وسط الطريق ، ومن دزه إلى دير الجصّ مرحلة ، وبين دزه ودير الجصّ مفازة محاذية كركس كوه وسياه كوه ، ودير الجص رباط من جصّ وآجر ، يسكنه بذرقة (٣) السلطان وهو منزل للمارة وليس به زرع ولا شجر ، وفيه بئر ماء ملح لا يشرب ، وماؤهم من المطر فى حوضين خارجين من هذا الدير ، والمفازة تحيط به من كلا الجانبين ، ومن دير الجصّ إلى كاج أيضا مفازة ، وكاج كانت قرية فخربت ولا سكان بها ، وإنما هى منزل وماؤها من الأمطار أيضا فى حياض ، والآبار بها مالحة ، ومن كاج إلى قمّ منزل ، والطريق فى مفازة إلى أن تنتهى على فرسخين من المدينة ، ثم تنتهى إلى قرية ثم إلى المدينة أيضا مفازة ، ومن قمّ إلى قرية المجوس طريق عامر مرحلة ،

__________________

(١) فى ا : إلى عند.

(٢) يقولون الطبسين ويريدون طبس التمر المعروفة الآن بجندق والطبسان هما طبس التمر وطبس العناب وكلاهما فى قوهستان فقوله (الطبسين والطبس) يعنى بها طبس المعرفة بطبس التمر.

(٣) خفارة.

١٣٤

وفى هذه القرية مجوس ، ومن هذه (١) إلى قاشان مرحلتان فى عمارة على جنب المفازة (٢) ، ومن قاشان إلى حصن يسمى بدرة مرحلتان ، والطريق بعضه مفازة تحيط بها العمارة ؛ وبدرة حصن لهم زرع وفيها نحو خمسين مسكنا ، ومن بدرة إلى رباط أبى على بن رستم (٣) مرحلة كبيرة ، مفازة تتصل (٤) بمفازة كركس كوه ، ويسكن هذا الرباط رجّالة على النوب ، وهو منزل للمارة وله ماء جار من قرية بالقرب منه إلى حوض فى الرباط ، ومن هذا الرباط إلى دانجى مرحلة ، ودانجى قرية كبيرة عامرة ، ومن دانجى إلى اصبهان مرحلة خفيفة ، والطريق من دانجى إلى المدينة عامرة. والطريق من الرىّ إلى اصبهان بين سياه كوه وكركس كوه ـ وكركس كوه عن يسار السائر ، وسياه كوه عن يمينه ، وسياه كوه أيضا مأوى للصوص ـ ليس بها عمارة ، ومن كركس كوه إلى دير الجص ٤ فراسخ ، ومن دير الجص إلى سياه كوه ٥ فراسخ ، وبين سياه كوه وكركس كوه ٩ فراسخ على دير الجص ، ومن كركس كوه إلى دزه ٧ فراسخ.

وأما طريق نائين (٥) : فإن من نائين إلى مزرعة فى المفازة مرحلة ، وهذه مزرعة ربما كان بها نفسان أو ثلاثة وتسمى بونة ، وفيها عين ماء يزرع عليه ، ومن بونة إلى جرمق ٤ مراحل ، وفى الطريق فى كل فرسخين أو ثلاثة جنبذة وبركة ماء ، وجرمق هذه تسمى سيده وتفسيرها ثلاث قرى : اسم إحداها بيادق والأخرى جرمق والثالثة أرابه. وهى تعد من خراسان وفيها نخيل وزروع وعيون ماء ومواش كثيرة ، وفى القرى الثلاث نحو ألف رجل ، وكلها فى رأى العين قريبة بعضها من بعض ، ومن جرمق إلى نوخانى ٤ مراحل ، فى كل ثلاثة أو أربعة فراسخ جنبذة وبركة ماء ، ومن نوخانى إلى رباط حوران مرحلة ، ومن الرباط إلى قرية تسمى إتشكهان مرحلة خفيفة ، ومن اتشكهان إلى الطّبسين مرحلة ، ومن أراد من نوخانى إلى دسكروان (٦) مرحلة ، ومن دسكروان إلى بنّ مرحلة كبيرة ، ومن بنّ إلى ترشيز مرحلتان ، ومن ترشيز إلى نيسابور ٥ مراحل. وطريق من يزد وشور ونائين تجتمع بكرى ، وهى قرية فيها نحو ألف رجل ، ولها رستاق كبير ، وبين طبس وكرى ٣ فراسخ.

وأما طريق شور فإن شور اسم ماء مالح فى المفازة ، وليس باسم قرية (٧) ولا مدينة ، ورأس مفازة شور قرية تسمى بيرة ، وهى قرية صغيرة بها دون عشرة أنفس من حدود كرمان ، ومنها إلى عين ماء تسمى مغول (٨) مرحلة

__________________

(١) فى ا : منها.

(٢) فى م : جنب من المفازة بزيادة من. والتصويب عن ا

(٣) فى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٤٩٣ ابن رستم فقط.

(٤) فى ا : مفازة مثل مغازة.

(٥) فى ا : إلى خرسان.

(٦) قال ياقوت فى معجم البلدان (والدسكرة أيضا قرية فى طريق خرسان قريبة من شهرايان) يظهر أنها بنّ التى يذكرها بعد الاصطخرى.

(٧) فى ا : ليس باسم قرية ولا مفازة ولا مدينة.

(٨) هكذا فى جميع النسخ ، وفى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٤٩٥ : معزل

١٣٥

ـ وليس بها بناء (١) ، ومنها إلى غمر سرخ ـ وهو غمر كبير (٢) وفى وهدة طين أحمر وجبله أحمر ـ مرحلة ، ومنها إلى منزل يسمى جاه بر ـ وهو بئر وقباب ـ مرحلة ، ليس به أحد ، ومنه إلى حوض هزار ـ حوض يجتمع فيه ماء المطر ـ مرحلة ، ومن حوض هزار إلى شور ـ وهو عين ماء مالح إلا أنه شروب ، وعليها قباب وليس بها أحد ، ومن شور إلى منزل يسمى مغول أيضا عين ماء وقباب ـ مرحلة ، ومن مغول إلى كرى مرحلة كبيرة ، وعلى أربعة فراسخ من كرى بركة (٣) يجتمع فيها ماء السيل ، وفى مفازة شور وبين ماء شور وبين برّ ـ عن يمين الذاهب من خراسان إلى كرمان على نحو فرسخين ـ حجارة ، فى صور الفواكه من اللوز والتفاج ونحوه ، وفيها صور تقارب صور (٤) الناس والأشجار وغير ذلك.

وأما طريق زاور : فإن زاور قرية عامرة ، عليها حصار ولها ماء جار ، وهى من حدود كرمان ، فمنها إلى مكان يسمى در كوجرى (٥) ـ وفيه ماء عين ضعيف وليس هنالك بناء ـ مرحلة ، ومنه إلى شور دوازده مرحلة ، وهناك رباط قد خرب وهو شعث فيه نخيل وليس به أحد ، وهو مكان مخوف وقلّ ما يخلو من اللصوص ، ومنه إلى دير بردان ـ وهناك آبار وهو صحراء لا بناء فيه ـ مرحلة ، ومنه إلى منزل فيه حوض يجتمع فيه ماء السيول مرحلة ، وليس هناك بناء ، ومن هذا الحوض إلى نابند ـ وهو رباط فيه مقدار عشرين مسكنا ، وفيه ماء عليه رحى صغيرة ، ولهم زرع على ماء عين ولهم نخيل ، وقبل نابند بفرسخين عين ماء ، وعنده أصيلات نخيل وقباب ـ ليس بها أحد ، وعن يمين نابند على مدّ البصر (٦) نخيل كثيرة ومراع ليس فيها أحد ، وهو مأوى للصوص ، غير أن أهل نابند يتعاهدون هذه النخيل ويجنونها ، وتسير من نابند مرحلتين إلى مكان يسمى بئر شك ، وما بين كل فرسخين أو ثلاثة قباب وحياض ليس بها أحد ، وبئر شك بئر طيبة الماء ، ومن بئر شك إلى خور مرحلة ليس بها شىء ، ومن خور إلى خوست (٧) مرحلتان ، ومن خوست إلى كرى نحو ٣ مراحل.

وأما طريق خبيص : فإن خبيص مدينة على شفير المفازة من جروم (٨) كرمان ، وهى مدينة صغيرة ماؤها جار ، وبها نخيل كثيرة وهى خصبة رخصية الأسعار ، فمنها إلى مكان يسمى الدّروازق (٩) مرحلة ، فيه أبنية مدّ البصر متهدّمة ، وبها تلال تدل على أنها كانت أبنية فهدمت ، وليس بها نهر ولا بئر ولا عين ، ومنها إلى مكان يسمى

__________________

(١) في ابن حوقل ص ٢٩٢ : ماء

(٢) في ا : ومنها إلى عمرو بن سرح وهو يبس كبير فى وهدة ...

(٣) في ا : بركة ماء

(٤) زيادة عن ا

(٥) في أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٤٩٤ : در كوجوى.

(٦) في م : على هذا النهر والتصحيح عن ا.

(٧) فى ا : خورست

(٨) فى ا : حدود

(٩) قال ياقوت فى معجم البلدان عن الدروازق (قرية على فرسخ من مرو عند الديوقان) والظاهر أن هذه القرية غير التى يذكرها الإصطخرى والتشابه فى الاسم فحسب. والمقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٤٩٤ ص ٤٩٥ يجعل هذا الوصف الذي يعطي للدروازق لقرية سلم.

١٣٦

شورروذ مرحلة ، وهو واد تجرى فيه سيول الأمطار ولا يجرى إلا من مطر ، ولكنه يجرى على أرض سبخة فيجرى السيل مالحا ، وهذه المفازة مالحة التربة ، ومنه إلى مكان يسمى بارسك ـ وهو جبل صغير ـ مرحلة ، ومنه إلى مكان يسمى نيمة مرحلة ، وفيه بئر حفرتها ابنة عمرو بن الليث ، فبلغ الماء نحو عشرين باعا فخرج ماؤها أسود ، وبلغنى أنه سقى منها كلب فمات ، ومن هذا المكان إلى مكان يسمى الحوض ـ وهو حوض يجتمع فيه ماء المطر ـ مرحلة (١) ، ومنه إلى رأس الماء مرحلتان ، وفيه عين ماء يجتمع فى حوض ويسقى زراعاتها ، وهو رباط يكون فيه الواحد والاثنان ، ومن رأس الماء إلى كوكور قرية عامرة ـ وهى من حدّ قوهستان ـ مرحلة ، ومن كوكور إلى خوست مرحلتان ؛ وفى مفازة خبيص على فرسخين من رأس الماء مما يلى خراسان حجارة صغار سود نحو أربعة فراسخ ، ومن بارسك إلى قبر الخارجى (٢) حصى صفار ، بعضه فى لون الكافور بياضا ، وبعضه أخضر فى لون الزجاج ، وليس فى هذه المفازة ـ إذا جزت فرسخين من رأس الماء إلى جبل بجنوبه (٣) نحو مرحلة ـ نبات.

الطريق من يزد إلى خراسان : من يزد إلى آبخيزه مرحلة ، وآبخيزه ليس بها قرية ولا ساكن (٤) ، وبها عين ماء وحوض يجتمع فيه ماء المطر ، وليس من يزد إلى آبخيزه عمارة ، ومن آبخيزه إلى خزانة مرحلة ، ليس بينهما عمارة ، وخزانة قرية فيها نحو مائتى رجل ، وبها زرع وضرع وبساتين ، ومن خزانة إلى تل سياه سبيذ مرحلة ، وليس بينهما (٥) عمارة ، وهو خان ليس به أحد ، وبه حوضان يحويان مياه الأمطار ، ومن تل سياه سبيذ إلى ساغند مرحلة ، وليس بينهما عمارة ، وساغند قرية فيها نحو أربعمائة رجل ، وبها عين ماء وهى عامرة ، إلا أن خزانة أعمر منها ، ومن ساغند إلى پشت باذام مرحلة كبيرة ، وليس بينهما عمارة ، وبها خان ومنزل وماؤها من الآبار ، ومن پشت باذام إلى رباط (٦) محمد مرحلة خفيفة ، وليس بينهما عمارة ، وهو رباط فيه نحو ثلاثين رجلا ، ولهم زرع وعيون ماء ، ومن رباط محمد إلى الريك مرحلة ، وهو منزل فيه حوض ماء وخان ليس فيه سكان ، والريك (٧) رمل مقداره فرسخان ، ومن الريك (٨) إلى مهلب مرحلة ، وهو خان وعين ماء ، وعنده جبل وليس بينهما عمارة ، ومنه إلى رباط حوران مرحلة (٩) ، ورباط حوران رباط من جص وحجارة ، يكون فيه ثلاثة نفر أو أربعة يحفظونه ، وبها عين ماء وليس بها زرع ، ومن رباط حوران إلى زاد آخرة مرحلة ، وزاد آخرة بئر ماء

__________________

(١) ساقطة من م

(٢) فى م : قبر الحاجى والتصحيح عن ا وابن حوقل ص ٢٩٤.

(٣) فى م : مرسومة بجنوبه وهكذا مرسومة فى ا أيضا وقراءتها عن ابن حوقل ص ٢٩٤. ويؤيد هذه القراءة أنّ A B D تضع نقطة الباء الأخيرة ،

(٤) فى ا : ناس.

(٥) فى م : بها والتصويب عن ا.

(٦) فى أحسن التقاسيم للمقدسى ص ٤٩٣ : رباط آب شتران.

(٧) فى م : والرمل مقداره ... والتصويب عن ا.

(٨) فى م : ومن الرمل والتصويب عن ا

(٩) تزيدا : وليس بينهما عمارة

١٣٧

وخان (١) ليس فيه ساكن ، وليس بينهما عمارة ، ومن زاد آخرة إلى بستادران مرحلة ، وهى قرية فيها ثلاثمائة رجل ، وفيها ماء جار من قناة وزرع وضرع وكروم ، وليس بينهما عمارة ، ومن بستادران إلى بنّ مرحلة خفيفة ، وليس بينهما عمارة ، وبنّ قرية عامرة فيها نحو خمسمائة رجل ، وفيها ماء جار وزرع وضرع وخصب ، ومن بنّ إلى رادويه (٢) مرحلة ، وليس بينهما (٣) عمارة ، ورادويه منزل فيه بئر ماء وخان ليس فيه ساكن ، ومن رادويه إلى ريكن مرحلة ، وليس بينهما عمارة ، وريكن رباط فيه زرع وماء جار ، وفيه ثلاثة أو أربعة نفر ، ومن ريكن إلى استلشت مرحلة ، وليس (٤) بينهما عمارة ، واستلشت منزل فيه حوض ماء للمطر وخان ، وليس فيه سكّان (٥) ، ومن استلشت إلى ترشيز مرحلة ، وهى حومة بشت نيسابور مدينة ، وفى هذا الطريق على كل فرسخين أو ثلاثة خان وحوض ماء.

وطرق هذه المفازة على الترتيب من اصبهان إلى الرىّ طريق ، ثم يليه طريق نائين (٦) إلى خراسان ، ويليه طريق يزد إلى خراسان ، ويلى ذلك طريق شور ثم طريق زاور (٧) ثم طريق خبيص ثم الطريق الجديد ثم طريق سجستان إلى كرمان. وأما الطريق الجديد فإنك (٨) تأخذ من نرماشير إلى دارستان (٩) مرحلة ، وهى قرية فيها نخيل ، وليس وراءها عمارة ، وإلى رأس الماء مرحلة ، ومن راس الماء وهو عين ماء يجتمع فى بركة ، ثم يقطع عرض المفازة من راس الماء إلى قرية (١٠) سلم ـ ٤ مراحل مفازة كلها ، ويقال إن قرية سلم من كرمان ، ومن قرية سلم إلى هراة ١٠ أيام. وإن شئت أخذت من نرماشير (١١) إلى سنيج ٥ مراحل ، ومن سنيج إلى قرية سلم نحو ٥ أيام فى عيون ماء قليلة. وأما طريق سجستان فإنّ المدخل إليها من نرماشير إلى سنيج ٥ أيام فى حدّ كرمان ، ومن سنيج إلى سجستان ٧ مراحل ، وقد بينّاها فى صفة سجستان وكرمان.

__________________

(١) فى م : جار ، والتصويب عن ا وابن حوقل ص ٢٩٥.

(١) فى م : جار ، والتصويب عن ا وابن حوقل ص ٢٩٥.

(٢) فى ب : رادونه ، فى ج : رادومه.

(٣) هنا فى ا تشويه من أنّ ألوان الرسم الموضوع لسجستان ، إذا أطبقت الألوان غير جافة فأضاعت بعض الكلمات وبعض الحروف.

(٤) فى ا : فيه ساكن

(٥) فى ا : ومن نائين إلى خراسان

(٦) فى ا : زوزن

(٧) فى م : فان والتصويب عن ا

(٨) فى ا : ارستان

(٩) هى الدروازق راجع رقم ٩ هامش ص ١٣٦

(١٠) يكتبها لوستيرنج فى بلاد الخلافة الشرقية بالسين نرماسير

١٣٨

سجستان

وأما سجستان وما يتصل بها ممّا قد جمع إليها فى الصورة ، فإن الذي يحيط بها مما يلى المشرق مفازة بين مكران وأرض السند (١) ، وشىء من عمل الملتان ، ومما يلى المغرب خراسان وشىء من عمل الهند ، ومما يلى الشمال أرض الهند ، وممّا يلى الجنوب المفازة التى بين سجستان وفارس وكرمان ، وفيما يلى خراسان والغور والهند تقويس.

وأما مدنها وما يقع فى أضعافها مما يحتاج إلى معرفته فلها من المدن زرنج وكشّ (٢) ونه والطاق والقرنين وخواش وفره وجزه وبست وروذان وسروان (٣) وصالقان (٤) وبغنين ودرغش وتلّ وبشلنك وبنجواى وكهك وغزنة والقصر وسيوى واسفنجاى وجامان ؛ ومدينتها (٥) العظمى تسمى زرنج ولها مدينة وربض ، وعلى المدينة حصن وخندق ، وعلى الربض أيضا سور ، والماء الذي فى الخندق ينبع من مكانة ، ويقع فيه أيضا فضل من المياه ، ولها خمسة أبواب : أحدها الباب الجديد ، والآخر الباب العتيق ، وكلاهما يخرج منهما إلى فارس ، وبينهما قريب ، والباب الثالث باب كركويه يخرج منه إلى خراسان ، والباب الرابع باب نيشك يخرج منه إلى بست ، والباب الخامس يعرف بباب الطعام يخرج منه إلى الرساتيق ، (٦) وأعمر هذه الأبواب باب الطعام ، وهذه الأبواب كلها حديد ، وللربض ثلاثة عشر بابا ، فمنها باب مينا يأخذ إلى فارس ، ثم يليه باب جرجان ، ثم يليه باب شيرك ، ثم يليه باب شتاراق ، ثم يليه باب شعيب ، ثم يليه باب نوخيك ، ثم يليه باب الكان ، ثم يليه باب نيشك ؛ ثم يليه باب كركويه ، ثم يليه باب استريس ، ثم يليه باب غنجرة ، ثم يليه باب بارستان ، ثم يليه باب روذكران ، وأبنيتها كلها طين آزاج معقودة ، لأن الخشب بها يتسوّس ولا يثبت ، والمسجد الجامع فى المدينة دون الربض إذا دخلت من باب فارس ، ودار الإمارة فى الربض بين باب الطعام وبين باب فارس خارج المدينة ، والحبس فى المدينة عند المسجد الجامع ، وهناك أيضا دار إمارة على ظهر المسجد الجامع وعند الحبس ، ولكنها نقلت إلى الربض ، وهناك بين باب الطعام وبين باب فارس قصر ليعقوب بن الليث وقصر لعمرو بن الليث ، ودار الإمارة

__________________

(١) بعدها فى ا. وبين سجستان وشىء من عمل المولتان.

(٢) يذكر المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٩٧ كروادكن وكس أوكش على أنها ليست من سجستان

(٣) وتذكر شروان أيضا

(٤) عند المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٩٧ وهى كذلك من المخطوطE إحدى المخطوطات التى اعتمد عليها دى جويه فى النشر راجع هامش ص ٢٣٩ من طبعة الاصطخرى سنة ١٨٧٠.

(٥) بذكر اليعقوبى فى البلدان ص ٢٨١ بست على أنها المدينة العظمى.

(٢) يذكر المقدسى فى أحسن التقاسيم ص ٢٩٧ كروادكن وكس أوكش على أنها ليست من سجستان

١٣٩

فى دار يعقوب بن الليث ، وداخل المدينة بين باب كركويه وباب نيشك بنيّة عظيمة تسمى أراك (١) ، كانت خزانة بناها عمرو بن الليث ، وأسواق المدينة الداخلة حوالى المسجد الجامع ، وهى أسواق على غاية العمارة ، وأسواق الربض أسواق عامرة أيضا ، منها سوق يسمى سوق عمرو ، بناه عمرو بن الليث وقفه على المسجد الجامع والبيمارستان والمسجد الحرام ، وغلة هذه السوق فى كل يوم نحو ألف درهم ، وفى المدينة الداخلة أنهار ، منها نهر يدخل من الباب العتيق ، والثانى من الباب الجديد ، والثالث يدخل من باب الطعام ، ومقدار هذه الأنهار إذا جمعت ما يدير الرحى ، وعند المسجد الجامع حوضان عظيمان ، يدخلها الماء الجارى ويخرج ويتفرّق (٢) فى بيوت الناس وسراديبهم ، ومعظم دور المدينة والربض فيها ماء جار وبساتين ، وفى ربضها أنهار تأخذ منها هذه الأنهار التى تدخل المدينة ، والسوق ممتد من باب فارس من المدينة إلى باب مينا متصل (٣) نحو نصف فرسخ. وأرضها سبخة ورمال ، وهى حارة بها نخيل ولا يقع بها ثلوج ، وهى أرض سهلة لا يرى فيها جبل ، وأقرب جبالها بناحية فره ، وتشتد رياحهم وتدوم ، حتى إنهم قد نصبوا عليها طواحين (٤) يديرها الهواء ، وتنتقل رمالهم من مكان إلى مكان ، فلو لا أنهم يحتالون فيها لطمّت على القرى والمدن بها ، وبلغنى أنّهم إذا أحبوا نقل الرمل من مكان إلى مكان ، من غير أن يقع على الأراضى التى إلى جانب الرمل ، جمعوا حول الرمل ، مثل الحائط من خشب وشوك وغيرهما بقدر ما يعلو على ذلك الرمل ، وفتحوا فى أسفله بابا فتدخله الريح وتطير أعلى الرمل مثل الزوبعة ، فيرتفع حتى يقع على مدّ البصر حيث لا يضرهم ، ويقال إن المدينة القديمة فى أيام العجم كانت فيما بين كرمان وسجستان ، إذا جزت دارك بحذاء راسك عن يسار الذاهب من سجستان إلى كرمان على ثلاث مراحل ، وأبنيتها وبعض بيوتها قائمة إلى هذه الغاية ، واسم هذه المدينة رام شهرستان ، ويقال إن نهر سجستان كان يجرى عليها فانقطع ، فانقلع عليها بثق كان سكر من هندمند ، وانخفض الماء عنه ومال فتعطلت ، وتحوّل الناس عنها وبنوا زرنج.

وأما أنهارها فإنّ أعظم نهر (٥) لها هندمند (٦) ، ويخرج من ظهر بلد الغور ، حتى يخرج على حدّ رخّج وبلدى الدّاور ، ثم يجرى (٧) على بست حتى ينتهى إلى سجستان ، ثم يقع فى بحيرة زره ، وزره هذه بحيرة يتسع الماء فيها وينقص على قدر زيادة الماء ونقصانه ، وطولها نحو ثلاثين فرسخا من ناحية كرين (٨) ، على طريق قهستان إلى قنطرة كرمان على طريق فارس ، وعرضها مقدار مرحلة ، وهى عذبة الماء ، ويرتفع منها سمك كثير وقصب (٩) ، وحواليها كلها قرى ، إلا الوجه الذي يلى المفازة ، ونهر هندمند هو نهر واحد (١٠) من بست إلى أن ينتهى

__________________

(١) القلعة

(٢) فى م : ينصرف والتصويب عن ا

(٣) تزيد ا : متصل غير منقطع

(٤) فى ا ، C : أرحية

(٥) فى ا : أعظمها

(٦) هو المسمى هامند.

(٧) فى ا : يخرج

(٨) فى ا : كوين

(٩) هو البوص أو الغاب

(١٠) فى ا : يأخذ

١٤٠