إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

على الحدّاد قال ـ أعني الحدّاد ـ [من الوافر] :

جزاك الله عن ذا السّعي خيرا

ولكن جئت في الزّمن الأخير

وإليه الإشارة بقوله من الأخرى [في «ديوانه» ١٧٧ من الرّمل] :

زارني بعد الجفا ظبي النّجود

 ...

وفي كلام الحبيب أحمد بن عمر بن سميط ما يفيد أنّ صاحب القصّة مع القطب الحدّاد هو السّيّد محسن بن حسين ابن الشّيخ أبي بكر ، ولعلّ الكاتب وهم في ذلك ؛ لأنّ الصّواب هو ما ذكرناه.

والحبيب أحمد بن عليّ هذا هو الّذي كتب للسّلطان عمر صالح بن أحمد ابن الشّيخ عليّ هرهرة ليخرج إلى حضرموت لمّا كثرت بها المظالم والفوضويّة ، كذا في «بستان العجائب» [ص ٣١] للسّيّد محمّد بن سقّاف.

والّذي ب «الأصل» عن الشّيخ عليّ بن عبد الرّحيم ابن قاضي في ترجمته للسّيّد شيخ بن أحمد ما يصرّح بأنّه هو الّذي تولّى الأمر بعد أبيه ، وأنّه هو الّذي كتب ليافع مساعدة لبدر بن محمّد المردوف على عمر بن جعفر ، وأنّه توفّي سنة (١١١٩ ه‍) وأنّ أخاه عليّا إنّما تولّى بعده ، وهذا هو الأثبت (١).

ثمّ إنّي اطّلعت بعد هذا على «رحلة عمر بن صالح» ، وفيها ما حاصله : (كان نهوضنا إلى حضرموت في أوّل شهر القعدة سنة (١١١٧ ه‍) ، كتب إلينا مولانا وسيّدنا وصاحب أمرنا قطب الحقيقة والطّريقة ، الشّيخ الحبيب : عليّ بن أحمد بن عليّ بن سالم بن أحمد بن الحسين بن الشّيخ أبي بكر بن سالم أن نخرج إلى حضرموت ؛ لأنّ السّلطان عمر بن جعفر طغى وبغى ، وعظّم شعائر الزّيديّة ، واستولى على الشّحر ، وهرب السّلطان عيسى بن بدر إلى عينات ، فهجم عليه بها هو

__________________

(١) والذي في «هدية الزمن» للعبدلي ، و «تاريخ الدولة الكثيرية» (٨٩) وما بعدها .. يؤيد ما ورد في «بستان العجائب» .. فلا معنى بعد هذا لما قاله ابن قاضي ، ولا سيما إذا قرأنا نص «رحلة ابن هرهرة» الآتي هنا.

٩٨١

ومن معه من الزّيديّة ، وأخذه منها قهرا ، واستولى على حضرموت كلّها ، وأرسل بعيسى بن بدر إلى عند الإمام ، ثمّ انكفأ على آل همّام ويافع الّذين بالشّحر وحضرموت ، فأخرجهم من القلاع ، وسلّمها للزّيديّة ، واستهان بالسّادة ، فعند ذلك عزمنا) ... ثمّ استاق (الرّحلة) إلى آخرها.

توفّي الحبيب عليّ بن أحمد بعينات سنة (١١٤٢ ه‍) (١).

وخلفه على المنصبة ابنه أحمد بن عليّ بن أحمد ، وكان مضيافا يذبح كلّ يوم ستّا من الأغنام ، سوى ما يذبحه للواردين ، وله ولوع شديد بالقنص ، وكان كريما شفيقا ، حتّى لقد غضبت عليه زوجته أمّ أكبر أولاده بنت آل يحيى من زواجه بغيرها ، وأبت أن تعود إلّا بمئة دينار ، ولمّا حصّلها .. آذنهم فعملوا ضيافة عامّة دعوا إليها أهل عينات أجمعين ، فبينا هو ذاهب إليهم .. سمع امرأة تقول من حيث لا تراه : نحن جائعون عارون ولا عيد لي ولا لأيتامي ، وأحمد بن عليّ بايدفع لبنت آل يحيى مئة دينار!!

فظهر عليها ورماها بالصّرّة ، وقال لها : حلال لك حرام على بنت آل يحيى.

فامتنعت من قبولها لعلمها بالمهمّة ، فلم يأخذها منها ، وبعث لآل يحيى بالاعتذار ، فعظم الأمر عليهم وأخبروا بنتهم ، فقالت : إنّي لأعلم أنّه لا يخلف وعدا ، ولا يبيت على جنابة ، ولا يأكل إلّا مع ضيف ، ولن يتأخّر إلّا لمهمّ. وبحثت عن الواقع حتّى عرفته ، فذهبت هي وأولادها إليه ، فكاد يجنّ جنونه من الفرح ؛ لأنّه بها مغرم ، وشكرته على صنيعه ، وقالت له : إن لم تزر .. زرناك.

وقد ترجمه الجنيد في «النّور المزهر» توفّي سنة (١١٧٧ ه‍) ، وفي «شمس الظّهيرة» أنّ وفاته كانت في السّجود وهو يصلّي الظّهر (٢).

__________________

(١) أخبار الحبيب علي بن أحمد في «البستان» (٢٠ ـ ٣٨).

(٢) ترجمته الواسعة المستفيضة في «بستان العجائب» (٣٨ ـ ٧٦) ، وذكر أن وفاته ليلة الإثنين سلخ جمادى الأولى سنة (١١٧٧ ه‍) ، توفي بعد أن صلى سنة العشاء القبلية ثم أمر المؤذن أن يقيم الصلاة فأقام ثم جلس وهلل وخرجت روحه. وفي «تراجم الشجرة» : أنه توفي ساجدا في صلاة الظهر. والله أعلم.

٩٨٢

وفي كلام سيّدي الأستاذ الّذي جمعه والدي : (أنّ سبب وفاته أنّ سبخة لسعته في جبهته وهو يصلّي الظّهر فمات).

وفيه أيضا : (أنّ العلّامة الشّيخ عبد الرّحمن بن أحمد باوزير كان يتحرّج عن طعامه حتّى جاء الحبيب طاهر بن محمّد بن هاشم فأخبره بما في نفسه ، فقال له : إنّه صاحب الوقت ، له الحقّ في أموال المسلمين) اه

وخلفه ولده سالم بن أحمد بن عليّ بن أحمد بن عليّ بن سالم بن أحمد بن الحسين ، وكان أبيض السّريرة ، لا يعرف شيئا من أمر الدّنيا ، وهو الّذي وصلت مواساة صاحب المغرب لسادات حضرموت في أيّامه (١) ، واختلفت الرّواية :

فالّذي قاله السّيّد محمّد بن سقّاف أنّه رضي بأكياس الدّراهم الحريريّة المزركشة بالفضة قياضا عمّا له ولأسرته منها.

والّذي قال غيره : أنّه أراد الاستئثار بجميعها ، فما زالوا به حتّى اقتنع بالأكياس زيادة عن نصيبه مثل النّاس.

وفي أيّامه طلبت يافع بتريم مواساة من أهلها فثقلت عليهم ، فذهب أحد آل شاميّ

__________________

(١) ما سمّاه المؤلف : (مواساة) .. سمّاه العلامة علوي بن طاهر (مال الفيء) ولمعرفة المزيد من خبر (مال الفيء) وخلاصة هذا الخبر : أن أمير المؤمنين الشريف محمد بن أمير المؤمنين الشريف عبد الله بن مولاي إسماعيل العلوي الحسني سلطان المغرب ، المولود سنة (١١٣٤ ه‍) ، والمتوفى سنة (١٢٠٤ ه‍) ، أرسل مالا جزيلا إلى الحرمين الشريفين ليفرق على السادة الأشراف ، وهو مما أخذه من نصارى الدنيمارك ونصارى بلنسيان ، وكان فرض عليهم جزية (٥٠) قنطارا عن كل سنة.

وكان قدر ذلك المال (٥٠٠٠) خمسة آلاف سبيكة ذهبا ، كل سبيكة وزنها مئة دينار .. كان نصيب أشراف حضرموت منها (٠٠٠ ، ١٠٠) مئة ألف ريال فرانصة أو أكثر ، وصل كل نفر منهم ذكر وأنثى صغير وكبير ثمانية ريالات إلا ربع.

ولحصر السادة العلويين وضبط أعدادهم قام بالمهمة الشاقة السيد الجليل علي شيخ بن شهاب الدين .. فسار إلى السواحل الحضرمية والبلدان والقرى ، وألحق الفروع بالأصول ، وحرر ذلك تحريرا تاما ، وتوفي في الشحر سنة (١٢٠٣ ه‍) ، وكان شريف مكة لذاك العهد هو الشريف سرور بن مساعد ، الذي بنى مسجد سرور بتريم. ينظر : «عقود الألماس» (١٥٩ ـ ١٧٢) ، و «بستان العجائب» (٨١ ـ ٨٣).

٩٨٣

بهديّة تافهة إلّا أنّها ملوّنة ، فعزم على يافع أن لا يأخذوا شيئا فانتهوا ، وكذلك الحال كان في العام الّذي بعده. توفّي سنة (١٢١١ ه‍) (١).

وخلفه ابنه أحمد بن سالم ، وكان كثير الخيرات والمبرّات ، وفي أيّامه كان وصول الوهّابيّة إلى حضرموت بطلب من بعض السّادة وآل كثير ، ولم يكن لهم عسكر كثير ، وإنّما كانوا ينشرون دعوتهم فيستجيب لهم النّاس ، وكان ممّن استجاب لهم : آل عليّ جابر بخشامر غربيّ شبام ، وبعض السّادة ، وبعض آل كثير ، وعبد الله عوض غرامة بتريم. فتمكّنوا بذلك من هدم القباب وتسوية القبور.

ولمّا علم الحبيب أحمد بن سالم بوصولهم إلى تريم .. استدعى منصب آل الحامد السّيّد سالم بن أحمد بن عيدروس ، واتّفقوا على الدّفاع عن عينات. واستدعى الحبيب أحمد من أطاعه من يافع وآل تميم ، والحبيب سالم من أطاعه من الصّيعر والمناهيل.

ولمّا علمت الوهّابيّة وغرامة بذلك .. كتب الأخير كتابا للمنصبين يقول لهم فيه : (إنّ ابن قملا وصل بقوم ـ ما تعقل ـ من القبلة ، وقصدهم دخول عينات ، وإن دخلوا .. بايخربون قباب مشايخنا ومناصبنا ، والأولى أن تصلون أنتم ويكون الاتّفاق ، واحتملوا المشقّة في الوصول ، وهذه منّا نصيحة ومحبّة وشفقة ، وما يشقّ عليكم يشقّ علينا ..) في كلام طويل (٢).

وكانوا يعرفون محبّته وموالاته لهم فاطمأنّوا بكتابه ، فوصلوا إلى تريم ، وألقوا عليهم القبض ، وألقوهم تحت المراقبة ، وأرسلوا العسكر إلى عينات ، وقالوا لأهل عينات : إن أحدثتم أدنى أمر .. بعثنا لكم برؤوس المناصب. فتركوهم يفعلون ما شاؤوا ، وخافوا منهم خوفا شديدا ، وكلّفوهم غرامة شديدة دفعوا فيها حليّ نسائهم (٣).

__________________

(١) ترجمته وأخباره في «البستان» (٧٧ ـ ٩٠).

(٢) ولو لم يكن من غرامة من الغدر والخيانة إلا هذه .. لكفته.

(٣) تنظر التفاصيل في «البستان» (٩٧ ـ ٣٠٣).

٩٨٤

ثمّ إنّ آل قملا تصادقوا هم والمقدّم عبد الله بن أحمد بن عبد الله ففتح لهم الطّريق إلى شعب نبيّ الله هود عليه السّلام .. فهدموا قبّته.

وبإثر رجوع آل قملا من الجهة الحدريّة .. أطلق غرامة سراح المناصب.

ولا يشكل نسبة كبر الأمر إلى عبد الله عوض غرامة ، مع أنّ ذلك كان في أيّام عمّه ؛ لاحتمال أنّه غلبه على رأيه أو استماله إليه ، وبقي عنده فيه شكّ أو مجاملة فألقى عهدته على عبد الله عوض.

وبإثر وصول الحبيب أحمد بن سالم إلى عينات .. أرسل ولده أبا بكر إلى جبل يافع ، وأتى بأقوام ، وأذكى نار الحرب على غرامة ، وضيّق عليه الخناق.

هذا ما يقوله السّيّد محمّد بن سقّاف ، وفيه خلاف أو تفصيل لما في شرح بيت آل تميم من «الأصل» ؛ إذ الّذي فيه : أنّ السّيّد أبا بكر بن أحمد إنّما ينهض إلى يافع ليأتي بقوم يحارب بهم السّيّد سالم بن أحمد الحامد ، وأنّهم لمّا وصلوا تريم بعد اللّتيّا واللّتي في أوّل رمضان من سنة (١٢٣٧ ه‍) .. أرضوهم بخمس مئة ريال فرّقوها على سيئون وتريم وعينات ، ولم يكن حرب ، والله أعلم أيّ ذلك كان. مع أنّه لا يبعد أنّ الحبيب أرسل ابنه أبا بكر إلى يافع مرّتين ؛ أوّلا : لحرب غرامة ، وثانيا : لحرب السّيّد سالم ، ولم يكن بالآخرة قتال.

وفي «الأصل» عن الجنيد : أنّه انتقد على الحبيب أحمد بن سالم هذا كثرة حروبه مع قوّته في العبادة وصيامه للأشهر الحرم ، وأنّ الحبيب طاهر بن حسين أجابه بما يزيل سوء ظنّه به ، فليكشف منه.

ومن هذا المنصب كانت تولية القضاء لجدّنا محسن بن علويّ بسيئون وأعمالها بوثيقة محرّرة في ذلك بتاريخ محرّم سنة (١٢٣٦ ه‍) ، وفي ذلك ما يدلّ على نفوذ أمره ، واتّساع سلطانه ، ودخول يافع تحت طاعته.

وقد حجّ الحبيب أحمد بن سالم ، وأكرم شريف مكّة (١) وفادته ، وأهداه كسوة

__________________

(١) كان ذلك زمن الشريف يحيى ابن الشريف سرور بن مساعد ، وكان محمد علي باشا ولاه على مكة سنة

٩٨٥

فاخرة ، وفرسا عربيّة محلّاة ، وألفا وخمس مئة من الرّيالات الفرانصة. وكانت له نفقات جليلة ، وصدقات جزيلة. توفّي سنة (١٢٤٢ ه‍).

ووقع رداؤه على ابنه أبي بكر ، وكانت له عبادة ومحاسن وإيثار للسّلم ، فاصطلح هو وابن يمانيّ والمناهيل وأهدروا الدّماء الّتي طلّت (١) بينهم ، ولكنّ يافعا أساءت عليه الأدب ، ونهبوا في عينات ، ووصل إلى سيئون ليصلح بينهم .. فلم يقبلوا له كلاما. توفّي سنة (١٢٦١ ه‍).

وقام في مقامه ابنه سقّاف بن أبي بكر بن أحمد بن سالم وفي أيّامه انتشر الجهل ، فحرص الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر على كشف غمراته ، فبعث بالحبيب عمر بن عبد الله بن يحيى فلم يحسن سياستهم ، فردّوه مكسور الخاطر ، ثمّ إنّ جدّي المحسن زار شعب المهاجر فلاقى به بعض أبناء الحبيب عبد الله بن حسين ، فزيّن له زيارة أبيه ، فتوجّهوا معا إلى المسيله ، فكلف عليه الحبيب عبد الله أن يذهب إلى عينات ليذكر آل الشّيخ ، فاعتذر أوّلا بأنّ معه صغار أولاده ، فلم يقبل له عذرا ، فذهب وأقام لديهم أربعين يوما ، وحصل به نفع عظيم لا يحصل مثله في أعداد من السّنين ؛ لأنّ قلوبهم سليمة ، وأذهانهم نقيّة.

وفي أيّامه وصل السّيّد عمر بن عليّ بو علامة (٢) ـ السّابق ذكره في المكلّا ـ إلى عينات ، وسار هو وإيّاه إلى دوعن (٣).

ثمّ حجّ في سنة (١٢٨٠ ه‍) ، وتوفّي سنة (١٢٨٣ ه‍) (٤) ، وابنه سالم في بندر المكلّا ، فنادوا به مع غيابه منصبا ساعة دفن أبيه ، وكتبوا له وللنّقيب صلاح بن محمّد

__________________

(١٢٢٨ ه‍) بعد القبض على عمه غالب بن مساعد ، فاستمر فيها إلى سنة (١٢٤٢ ه‍) ، حيث فصل عنها وسار إلى مصر ومات بها سنة (١٢٥٢ ه‍).

(١) طلّت : هدرت.

(٢) واسمه : عمر بن علي بن شيخ بن أحمد بن علي .. إلى آخر النسب ، يلقب بأبي علامة ، مولده في سورابايا.

(٣) الخبر في «البستان» (١٤١ ـ ١٤٧). وكانت وفاة الحبيب عمر بو علامة في شبام سنة (١٢٧٩ ه‍).

(٤) أخباره في «البستان» لابنه محمد بن سقاف (١٣١ ـ ١٥٣).

٩٨٦

الكساديّ وأولاد عمر بن عوض القعيطيّ وهم مجتمعون بالمكلّا ، وعندهم يافع من الجبل ومن حضرموت ، وناس من الأعجام المسلمين ، يقال لهم : الرّويلة ، من كابل (١) ، يريدون بذلك إخراج غالب بن محسن الكثيريّ من الشّحر ، فتمّ لهم ما يريدون.

وكان الحبيب سالم هذا أدّى نسكه مع أبيه ، ثمّ توفّي سنة (١٢٩٥ ه‍) (٢).

ونادوا بابنه أحمد منصبا مع أنّ سنّه لم يكن يومئذ إلّا تسعا ، فكان كما قال مروان بن أبي حفصة [في «ديوانه» ٧٥ من الطّويل] :

فبانت خصال الخير فيه وأكملت

وما بلغت خمسا سنوه وأربعا

وكان عمّه الفاضل السّيّد محمّد بن سقّاف غائبا بجاوة ، فترك كلّ شيء وخفّ إلى حضرموت اهتماما بتعليمه.

وفي حدود سنة (١٣٠٦ ه‍) اتّصل ـ بواسطة عمّه محمّد والسّيّد بو بكر منصب الآتي ذكره ـ بسيّدي الأستاذ الأبرّ اتّصالا أكيدا ، ولبس منه ، وأخذ عنه ، وتحكّم له ، وعهدي به وهو ماثل بين يدي الأستاذ في مصلّى والدي بعلم بدر من أرباض سيئون مع أنّه من عشيّة اللّيلة الّتي مثل في صباحها بين يدي سيّدي الأبرّ كان يمشي إلى حفل المولد العامّ ، وشيوخ العلويّين ـ ومنهم الأستاذ ـ يمشون وراءه كما يقول الوالد مصطفى المحضار عن مشاهدة ، وهو المقدّم عليهم في القعود والقيام.

وفي ذلك العهد كان وصول الفاضل الجليل المنصب أبي بكر بن عبد الرّحمن بن أبي بكر (٣) ، من ذرّيّة الحبيب عبد الله بن شيخان ابن الشّيخ أبي بكر صاحب لامو إلى

__________________

(١) جاء بهم السلطان عوض بن عمر القعيطي لقتال غالب بن محسن الكثيري.

(٢) في (٤) من ذي الحجة من تلك السنة ، وأخباره وترجمته في «البستان» لأخيه محمد : (١٥٣ ـ ١٩١).

(٣) ذكر في «الفرائد الجوهرية» ، ولم يؤرخ لوفاته. ويلقب أجداد المترجم بآل بتّة ؛ نسبة لجدهم أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الله بن شيخان بن الحسين ؛ وبتّة هي مدينة من مدن سواحل أفريقيا الشرقية ، هاجر إليها السيد أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر حفيد المذكور هنا ، ووالد السيد

٩٨٧

حضرة الأستاذ ، وهو رجل شهم ، ذو أيد وقوّة ، فلقد شهدت سيّدي الأستاذ الأبرّ تحت نخلة من بستاننا ظليلة بعد الظّهر إذ سقط عذق والنّاس ملتفّون ، وكاد يقع على عمامة سيّدي الأستاذ ، فنهض المنصب بو بكر نصف نهضة وتلقّاه بيد واحدة كأنّه كرة ، مع أنّه لا ينقص وزنه عن أربعين رطلا.

وله اطّلاع على أسرار الأسماء والحروف ، ومعرفة بالأوفاق ، وله خطّ جميل .. وكتب «رسالة» ـ أظنّها تتعلّق برحلته واتّصاله بالأستاذ ـ ذكر فيها أخذ الحبيب أحمد بن سالم عن الأستاذ ، وفرقان ما بين حاله قبل أخذه وبعده ، وأطنب في ذلك بصورة مشوّقة لم يبق بذهني منها إلّا اليسير ، ولا لوم ؛ فقد كنت يومئذ حوالي السّابعة من عمري ، ولو لا أنّ خطّه كان بديعا حسنا ، وأنّ الرّسالة كانت مزيّنة بالألوان والنّقوش .. لم يبق لها أثر عندي البتّة ، لكنّ وجودها بالصّفة الّتي تستلفت أنظار الصّبيان هو الّذي حمّلني منها ما لا تزال بقاياه بالذّاكرة على بعد العهد وصغر السّنّ ، مع أنّي لم أنظرها إلّا وقت وجوده بحضرموت ، وهو عام (١٣٠٦ ه‍) كما تقدّم.

توفّي الحبيب أحمد بن سالم فجأة سنة (١٣٢٤ ه‍) (١) ، ووقع رداؤه على ولده عليّ ، وكان شابّا نشيطا ، مضيافا كثير الإصلاح بين الجنود ، وكان السّيّد حسين بن حامد يكرهه ويحسده ؛ لامتداد نفوذه وجاهه ، وله معه مواقف لم يلن فيها جانبه ، ولم يزلّ نعله ، ولم يعط المقادة ، ولم يسلس الزّمام.

حجّ في سنة (١٣٤٥ ه‍) ، وأكرم وفادته الملك ابن سعود ، وأعطاه خنجرا ومئة جنيه من الذّهب ، وتوفّي سنة (١٣٤٩ ه‍) (٢).

__________________

عبد الرحمن المنصب الذي ذكره المؤلف. ينظر : «حاضر العالم الإسلامي» للأمير شكيب أرسلان (٣ / ١٧٨) ، و «تعليقات ضياء شهاب على شمس الظهيرة» (١ / ٢٩٤ ـ ٢٩٥).

وبالمناسبة : فإن سلاطين جزر القمر هم من آل الشيخ أبي بكر بن سالم. ينظر «تعليقات السيد ضياء» (١١ / ٢٩٤).

(١) كانت وفاته في (٢٨) رجب من السنة المذكورة ، وقبته هي سابع قباب آل الشيخ بعينات ، وينظر طرف من أخباره في «البستان» (١٩١ ـ إلى آخره).

(٢) كانت وفاته في (٣) شعبان من السنة المذكورة.

٩٨٨

وخلفه ولده المبارك أحمد بن عليّ (١) ، وقد اعتنى بتربيته الشّابّ العفيف شيخ بن أحمد بن سالم عمّ أبيه (٢) ، وأحضره على العلماء ، ودبّر أمور دنياه ، حتّى لقد مات أبوه مدينا باثني عشر ألف ريال (١٢٠٠٠) ، ولم يكن ضيفه ولا خرجه بأقلّ من خرج أبيه ، ومع ذلك فقد قضى جميع ديون والده ، ومرّت الأزمة وفناؤه رحب ، وضيفه كرم ، وخاطره رخو ، وكاهله خفيف بفضل تدبير السّيّد شيخ ، فجزاه الله خيرا.

وله فوق ذلك من المحاسن ، ولين النّحيزة (٣) ، وكرم الطّبيعة ، واستواء السّرّ والعلانية ، والخبرة بأحوال الزّمان ، والتّمرّن على سياسة أهله .. ما لا يساهمه أحد فيه.

وللسّادة آل الحامد بن الشّيخ أبي بكر منصب بعينات ، وجاه ضخم لدى الصّيعر (٤) والمناهيل (٥) وغيرهم.

__________________

(١) مولده في حدود (١٣٣٠ ه‍) ، وتوفي سنة (١٤١٤ ه‍) ، وقد جاوز السبعين ، وخلفه في المقام ابنه السيد المنصب حسن بن أحمد بن علي ، وهو القائم بالمقام اليوم ، تربى تحت نظر والده وجده عم أبيه الحبيب شيخ الآتي ذكره.

(٢) بل هو عمه مباشرة ، ولعل هذا سهو من المؤلف عليه رحمات الله ، ولد الحبيب البركة الشهم المعمر شيخ بن أحمد بن سالم بعينات سنة (١٣٢٠ ه‍) أو قبلها ، ونشأ في حجر والده ، وأدرك من حياته بضع سنوات ، وله سيرة زكية عطرة ، وترجمته حافلة بالأخذ عن الأكابر ، وأدرك تنصيب حفيد أخيه الحبيب حسن بن أحمد بن علي بعد وفاة والده سنة (١٤١٤ ه‍) كما تقدم ذكره ، توفّي فجر الأربعاء (٢٨) رجب الحرام من سنة (١٤١٩ ه‍) عن عمر ناهز المئة من السنين ممتعا بكامل حواسه وقواه ، رحمه الله تعالى ورضي عنه.

(٣) النّحيزة : الطّبيعة.

(٤) الصيعر : من بادية حضرموت ، ومرجعهم إلى كندة ، وهم كما في «الإكليل» للهمداني (٢ / ٤١) : من بني الصيعر بن الأشموس بن مالك بن حريم بن مالك الصدفي.

وهم قسمان كبيران : آل علي بالليث ، وآل محمد بالليث ، ومساكنهم في شمال غرب حضرموت ، ويحد أرضهم من الشمال : الربع الخالي ، ومن الجنوب : الكرب ونهد وحضرموت ، ومن الشرق : العوامر من المشقاص ، ومن الغرب : بلاد دهم ويام وعبيدة. وتسمى هذه المنطقة : حجر الصيعر ، أو : ريدة الصيعر ، وبعض منهم يسكن في أسفل دوعن ، وهم آل محفوظ في الهجرين وخريخر ، وآل قصيّر ، وآل مداعس ، وآل بن مساعد.

(٥) أجود ما قيل في نسب المناهيل : أنهم من بني ظنة هاجروا إلى حضرموت إبان هجرة قبائل نهد إليها ،

٩٨٩

وفي «شمس الظّهيرة» [١ / ٢٨٨] : أنّ القائم بمنصب جدّه بعد أبيه هو : السّيّد عيدروس بن سالم ، ذو السّيرة الحميدة ، توفّي بعينات سنة (١١٧٠ ه‍) ، وعقبه هناك (١)

ومنهم : ولده المنصب الجليل سالم بن محسن ، وخلفه ولده المنوّر البارّ عبد القادر ، توفّي وخلفه ولده صالح (٢).

ومنهم : الفاضل العالم الواعظ السّيّد حسن بن إسماعيل (٣) ، تخرّج برباط تريم على الفاضل العلّامة السّيّد عبد الله بن عمر الشّاطريّ ، ثمّ عاد إلى عينات وابتنى بها رباطا (٤) ، هو مقيم به على نشر العلم ، وقد انتفع به خلق كثير من أهل تلك النّواحي.

__________________

وقيل : إنهم من قضاعة وينسبون هم والمهرة إلى جد واحد. وقيل : إنهم من آل المنهال من بلحارث بن كعب ، «الإكليل» للهمداني (١ / ٢٤٠).

ويميل بعض الباحثين إلى أنهم من بلحارث بن كعب كما ذكر الهمداني ، وأنهم إنما هاجروا من مساكنهم حوالي نجران إلى شرقي حضرموت خلال هجرة نهد ، وسكنوا مع بني ظنه فنسبوا فيهم.

وأول ما ورد ذكرهم في التاريخ سنة (٩٧٨ ه‍) عندما سعى محمد كعشم المنهالي في صلح بين السلطان عبد الله بن بدر بوطويرق وقبيلة المهرة. ثم ظهروا كقوة عسكرية تحيط بعينات ، وسكنوا بعد ذلك الجزء الشمالي الشرقي من وادي المسيله ، ويتوغلون شمالا في الجزء الشرقي لصحراء الربع الخالي ، وبيوتهم كثيرة ، ومنهم من سكن الشحر من السواحل الحضرمية. تنظر أخبارهم في : «الأدوار» (٢ / ٣٥٤) ، «البكري» (٢ / ١٠٦) ، «جواهر» (٢ / ٢٠٣) ، «بابطين» ، أو «المقحفي». وسيأتي للمؤلف كلام عن المناهيل فيما يأتي.

(١) سلالة السيد عيدروس بن سالم بن الشيخ عمر بن الحامد بن الشيخ أبي بكر .. منتشرة في تاربه وسيئون وسيحوت وعمد ورخيه وجاوة.

(٢) هؤلاء السادة المناصب الأفاضل تسلسلت فيهم منصبة مقام الشيخ الحامد ، ولا زال الحبيب صالح بن عبد القادر قائما بالمقام إلى اليوم حفظه الله تعالى.

(٣) هو الحبيب الحسن بن إسماعيل بن علي بن عبد القادر بن أحمد بن عيدروس بن سالم .. إلخ. مولده بعينات سنة (١٣٠٥ ه‍) ، قدم تريم صغيرا وهو في السادسة من عمره ، وأقام في الرباط طالبا للعلم حتى سنة (١٣٢٤ ه‍) ، توفي بعينات في (٨) شوال سنة (١٣٦٧ ه‍). وللشيخ محمد باحنّان : «الشرف الأصيل في مناقب ابن إسماعيل» ، مذكور في قائمة مؤلفاته.

(٤) كان بناؤه للرباط في سنة (١٣٤٠ ه‍) ، ونجز خلال عامين تقريبا ، ثم زاد فيه وعمره وقوى بناءه سنة (١٣٤٥ ه‍) بعد أن دهمه سيل كبير أثّر في بنائه الأول.

٩٩٠

وفي عينات جماعة من آل باوزير ؛ منهم : العلّامة الشّيخ عبد الرّحمن بن أحمد باوزير (١).

وجماعة من آل بافضل (٢) ؛ منهم : العلّامة الشّيخ رضوان بن أحمد بافضل (٣) ، من أعيان أهل العلم والصّلاح ، وحسبك أنّ سيّدي عبد الله بن حسين بلفقيه على تحرّيه يشهد له بذلك ، توفّي سنة (١٢٦٥ ه‍).

وأوّل من نقل منهم من تريم إلى عينات : الشّيخ محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن بن أحمد بارضوان ، المتوفّى سنة (١١٨٨ ه‍) (٤).

وفي عينات جماعة من آل بايعقوب (٥) ، أظنّهم من أعقاب قاضي تريم في عصر السّقّاف الشّيخ بو بكر بن محمّد بن أحمد بايعقوب ، وناس من آل باحنان وآل باعبده وغيرهم.

حبوظة

هو موضع قرية قديمة ، ولا أعرف مكانه بالتّعيين ، له ذكر كثير في التّواريخ ؛ منه ما جاء في (ص ١٩٠ ج ٢) من «المشرع» ، ومنه ما جاء في حوادث سنة (٨٦٠) من «تاريخ شنبل» : أنّها وقعت خصومة بين صاحب مريمه وصاحب حبوظة.

إلّا أنّ هذا قد يراد منه قارة الحبوظيّ المتاخمة لمريمه في الشّمال ؛ لأنّهما متقاربتان ، ولكن يغبّر عليه أنّه لا يطلق على قارة الحبوظيّ لفظ حبوظة فقط ؛ ثمّ

__________________

(١) كان معاصرا لأبناء الشيخ أبي بكر وأحفاده ؛ ومنهم : الشيخ محمد بن عبد الرحمن البيتي باوزير ، له مكاتبات من الشيخ أبي بكر بن سالم ، وكلاهما مذكوران في كتب المناقب.

(٢) ويعرفون بآل بارضوان بافضل.

(٣) مولده بعينات في رمضان سنة (١٢١١ ه‍) ، وبها وفاته ليلة الثلاثاء (٢٤) رمضان سنة (١٢٦٥ ه‍). تنظر ترجمته الحافلة في «صلة الأهل» (٢٧٣ ـ ٢٨٤).

(٤) ترجمته في «صلة الأهل» (٢٥٧ ـ ٢٥٨) ، وترجم لوالده قبله وذكر أنه من الآخذين عن الإمام الحداد.

(٥) وهم آل بايعقوب ، وليسوا من آل يعقوب شراحيل سكان شبام .. فليعلم.

٩٩١

عرفت أنّ حبوظة اسم لواد على يسار الذّاهب إلى عينات ، وفي غربيّه : قوز آل مرساف.

ولم يبق بحبوظة من آثار القرية القديمة إلّا مسجد ينسب إلى السّيّد عمر بن الحسين ابن الشّيخ أبي بكر بن سالم ، لا تزال نظارته لآل عمر بن حسين إلى اليوم.

النّقرة

في شمال عينات اشتدّ جرف السّيول في أخدودها المعروف من حوالي سنة (١٣٠٦ ه‍) ، وكلّما جاء سيل وجرف شيئا .. غاض ماء النّهر الّذي يجري تحت الأرض ، ويظهر منه ماء الآبار في وادي حضرموت من أعلاها ؛ لأنّه متّصل بماء النّقرة ، وعندئذ يغور ماء الآبار ، حتّى لقد زعم بعض أهل الأزكان (١) من شبام أنّه يعرف جرف السّيول هناك بما يغور من مياه الآبار بسحيل شبام.

وهلك بذلك نخل كثير لآل عينات ، وزاد اهتمام النّاس لذلك ، ونهضوا عدّة مرّات لحسم شرّه ببنائه بالحصى المحكم ، ولكنّهم تارة تقصّر بهم النّفقة ، وأخرى يصلحونه صلاحا غير متقن فيكتسحه أوّل سيل يمرّ به.

وفي الأخير اهتمّت الحكومة الإنكليزيّة بإصلاحه لسببين ؛ أحدهما : حسم شرّه ، والثّاني : لإيجاد أعمال للعاطلين ـ من الأكرة وغيرهم ـ من المال الّذي خصّصته للإسعاف بحضرموت ، ولكنّهم اجتووا ذلك المكان في بدء الأمر واستوخموه ، وهلك منهم بشر كثير لعدم ملائمة الأهوية لهم هناك ؛ بسبب كثرة المستنقعات والمياه.

غير أنّ الجوع اضطرّهم إلى الصّبر على الأعمال هناك ؛ لأنّ شرّه محقّق ، وشرّ ذاك مشكوك فيه ، وقد تمّ بناؤه على أقوى ما يكون فيما يتعالم به النّاس ، ويقال : إنّ

__________________

(١) أي : الحصافة والذكاء.

٩٩٢

الحكومة أنفقت عليه أكثر من ثلاث مئة ألف ربّيّة هنديّة (١) ، وهو مبلغ هائل جدّا ، فلا يتمعنى أن تجد السّيول طريقا إلى اجترافه إن توفّر ولو بعض أسباب الأمانة في هذا الإنفاق العظيم لبنائه.

قسم

هو في شرقيّ العجز ، وهو أرض واسعة اشتراها سيّدنا عليّ بن علويّ بن محمّد بن علويّ بن عبيد الله بن أحمد بن عيسى بعشرين ألف دينار ، وسمّاها : قسم باسم أرض كانت لأهله بالبصرة ، وغرسها نخيلا ، وبنى بها دارا ينزلها أيّام الرّطب ، ثمّ بنى جماعة بيوتا عند داره حتّى صارت قرية ، ولهذا سمّي : خالع قسم ، توفّي بتريم سنة (٥٢٧ ه‍).

وفي الحكاية (١٨١) من «الجوهر» ما يفهم منه أنّها لا تقام جمعة بقسم في حدود سنة (٧٨٦ ه‍) ، وذلك أنّه قال فيها : (قال بعض الثّقات : طلعت مع الشّيخ محمّد بن أحمد بن عبد الله باعلويّ بعدما كفّ بصره من قسم إلى جامع العجز ليصلّي فيه الجمعة) اه

وما كان على ضعفه وذهاب بصره ليذهب من أجل صلاة الجمعة لو كانت تقام في بلده.

وكان الشيخ محمّد هذا كثير العبادة ، شديد المجاهدة ، أقام في آخر عمره بمدينة قسم واستوطنها ، وبها توفّي سنة (٧٨٧ ه‍) (٢) ، ودفن بمقبرتها المسمّاة بالمصفّ ، وهو الملقّب جمل اللّيل (٣).

ومن ذرّيّته : علويّ بن أحمد قسم بن علويّ الشيبة ابن عبد الله بن عليّ بن

__________________

(١) في نسخة : (ست مئة).

(٢) كما في ترجمته في «المشرع» (١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤).

(٣) ويعرف بجمل الليل الأول ؛ تمييزا له عن تلميذه جمل الليل الثاني محمد بن حسن المعلم .. السابق ذكره في روغه.

٩٩٣

عبد الله بن محمّد جمل اللّيل (١) ، كان له عقب بقسم انقرضوا ، ولم يبق إلّا شيخ بن عبد الله بمليبار.

وفي «الأصل» ما يعرف منه أنّ أمر قسم كان لمنصب عينات.

وآخر مناصبها ولاية على قسم : الحبيب أحمد بن سالم بن أحمد بن عليّ بن أحمد بن عليّ بن سالم بن أحمد بن الحسين ، المتوفّى سنة (١٢٣٦ ه‍) ، فغلبه عليها المقدّم عبد الله بن أحمد بن عبد الشّيخ بن يمانيّ بن سعيد بن العبد بن أحمد ، وهذا النّسب مقطوع به بينهم.

ثمّ إنّهم يقولون : إنّ أحمد ـ هذا ـ ابن عبد الله بن يمانيّ بن عمر بن مسعود بن يمانيّ بن سلطان بن دويس بن راصع بن مسعود بن يمانيّ بن لبيد الظّنّيّ.

وربّما سقط شيء من هذا النّسب ؛ فإنّه ليس من المقطوع اتّصال سلسلته.

ثمّ صارت إلى ولده أحمد بن عبد الله ، واتّسع نفوذه من ضواحي قسم الجنوبيّة إلى ماوراء شعب نبيّ الله هود عليه السلام. وكانت له ولأبيه شهامة ملك وأبّهة سلطان.

لهم أوجه بيض حسان وأذرع

طوال ومن سيما الملوك نجار

وما سمعت والدي يذكر أحدا بالشّهامة وجمال الشّارة سواه ؛ لانقطاعه بالعلم والعبادة عن مجاري الأخبار وعمّا النّاس عليه ، ولكنّه استجهره لمّا رآه يتخلّع تخلّع الأسد في جنازة الحبيب محمّد بن إبراهيم سنة (١٣٠٧ ه‍) ، ووراءه زهاء الأربع مئة من أبطال آل تميم.

__________________

(١) لعل في العبارة خللا ؛ إذ جمل الليل الأول لم يعقب سوى قليل انقرض ، قال في «شمس الظهيرة» (١ / ٣٣٦): (ولمحمد ابن : هو عبد الله ، ولعبد الله ابن هو : أحمد ، انقرضوا) اه

وأما أحمد قسم بن علوي الشيبة .. فهو ينسب إلى عبد الله بن علي بن عبد الله باعلوي ؛ فهو ابن عم محمد جمل الليل الأول ؛ وكلاهما حفيد الشيخ عبد الله باعلوي ، وليس كما ذكر المؤلف فليتنبه ، والله أعلم.

وأما علوي بن أحمد قسم بن علوي الشيبة ـ الذي ذكر هنا ـ .. فقد توفي بقسم سنة (٩١٨ ه‍).

وأما جدهم علوي الشيبة .. فوفاته بتريم سنة (٨٦٢ ه‍).

٩٩٤

ثمّ خلفه ولده عليّ بن أحمد ، وكان شهما كريما شجاعا متين الدّين ، وله غلوّ في العلويّين حتّى لقد سمّى ولده : (عبد علويّ) يعني به شيخنا الجليل علويّ بن عبد الله الهندوان السّابق ذكره في روغه.

ولمّا عجز عن نفقات حاشيته وعبيده ـ وهم كثر ـ .. تفرّقوا في البلاد ، وهاجر كثير منهم إلى السّواحل الأفريقيّة ، وأوّل ذلك كان بإثر المجاعة الّتي اشتدّت بأسفل حضرموت سنة (١٣١٥ ه‍) ، وعندئذ احتاج إلى مساعدة القعيطيّ ، وما زالت المفاوضات جارية حتّى انعقد بينهم الحلف المؤكّد بتاريخ ذي الحجّة سنة (١٣٣٧ ه‍).

وفي نفس هذا التّاريخ كتبت بينهم وثيقة حاصلها : أنّ المقدّم عليّ بن أحمد بن يمانيّ (١) ـ عن نفسه وعن أولاده وإخوانه ـ وهب بلاده الّتي له الولاية عليها ـ وهي قسم والخون والسّوم وعصم وبرهوت وفغمة وسنا ونواحيها ومتعلقاتها ـ للمكرّم السّلطان غالب بن عوض بن عمر القعيطيّ ، فتلقّاها بالقبول ، وشلّ (٢) واعترف السّلطان غالب بن عوض بأنّ الأمير ـ من طرفه ـ عليّ بن أحمد وأولاده ما تناسلوا.

هذا حاصل تلك الوثيقة وعليها إمضاء السّلطان غالب والمقدّم ، وشهادة السّيّد حسين بن حامد وعبد الكريم بن شملان وجماعة من يافع.

وفي (٢٣) القعدة سنة (١٣٥٥ ه‍) كتب السّلطان صالح بن غالب ما نصّه :

وبعد : فقد أيّد عظمة السّلطان صالح بن غالب القعيطيّ عبد علويّ بن عليّ بن أحمد بن يمانيّ مقدّما على كافّة آل تميم محلّ والده المرحوم عليّ بن أحمد بن يمانيّ ، وله على الدّولة القعيطيّة ما لوالده ، وعليه ما على والده ، وبالله التّوفيق. وعليه إمضاؤه بخطّه.

ثمّ إنّ المقدّم لم يحصل على شيء يستحقّ الذّكر من المساعدة المرجوّة من الحكومة القعيطيّة سوى المواعيد ـ المعروف شأنها ـ من السّيّد حسين بن حامد في

__________________

(١) توفي علي بن أحمد هذا سنة (١٣٥٥ ه‍) ، كما يؤخذ من نص خطاب السلطان صالح الآتي ، المتضمن توليته خلفا لوالده.

(٢) شلّ : تحمل ، وقد تكررت في عدد من نصوص المعاهدات في هذا الكتاب.

٩٩٥

أيّامه ، بل كثيرا ما كانت الحكومة القعيطيّة بعده ضدّ آل تميم كما يعرف بعضه ممّا سبق.

وقد أضرّ المقدّم عليّ بن أحمد بالآخرة ، وثقل سمعه ، ولم يمنعه ذلك أن حجّ في سنة (١٣٥٤ ه‍) ، وتوفّي مرجعه من الحجّ ، وكان شهما شجاعا متواضعا لأهل العلم والدّين ، منصفا للضّعفاء والمساكين ، وخلفه ولده عبد علويّ ، ولهم مع المناهيل أحوال طويلة مستوفاة في «الأصل» ، ويأتي بعضه في العرّ إن شاء الله.

ومن أخبارهم : أنّه حصل بعد وفاة عبد الله بن أحمد نزاع على الإمارة بين ولده أحمد بن عبد الله وبين عوض بن صالح بن عوض بن صالح بن عبود بن عبد الشّيخ ، وعبد الشّيخ هذا هو الجدّ الّذي يجتمعون فيه ، باختلافهم افترق ملأ آل تميم ، فكان آل عبد الشّيخ وآل مرساف وآل سعيد وآل عثمان في جانب عوض بن صالح ، وآل سلمة وآل شيبان وآل شملان وآل قصير والقرامصة وآل محد في جانب أحمد بن عبد الله.

وفي تلك الأثناء كان تجهيز آل كثير على آل تميم بعد أن عقدوا حلفا مع عوض بن صالح ولمّا استولى السّلطان الكثيريّ على المسنّدة وعلى أمكنة الفلاهمة وضرب ديار آل شيبان بالمدافع وتحمّل نساءهم وأولادهم إلى سنا ، وكان عوض بن صالح قد مات وخلفه ابنه صالح فأضأرته الرّحم ، وسيّر قصيدة لأحمد بن عبد الله وهو مرابط بالسويريّ يقول فيها

أحمد زميم الجيش ثاقل حمله

مع القبيلة قد بلغ مجهوده

ذري الأسد جمع الملا تشهد له

بأرض جاوه لا جهات هنوده

عصب بني مالك وربعه جمله

في عار بن فلهوم لي مقصوده

خذوا كوات الخشم هن والسّهله

معا عدانة باعلال اعبوده

خلّو ديرهم قايسوها سهله

ترجع محلتهم بروس نجوده

ذا قول من صالح مراده فصله

بن سالم اللّي طالبك مردوده

٩٩٦

فلمّا وصلته .. سرّ بها ، وأمر المعلّم سعيد عبد الحقّ أن يتولّى الجواب ، فأنشأ قصيدة جاء فيها قوله :

قل له وزد قل له وعادك قل له

ساعة أتتنا ابياتك المرصوده

الفجر وصلت والقبايل جمله

في حضرتي أربع مئه معدوده

فرحو بحجّه من كلامك جزله

حتى اصبحت كل القبل مقيوده

يا ريت لك عينا تشوف السّهله

أيضا وشرقيها دير مهدوده

ونحن خوّه بيننا متّصله

والمرء ما يتركه لحم زنوده

فلم يكن من صالح بن سالم إلّا أن ردّ حلف الكثيريّ وانضمّ إلى أحمد بن عبد الله ، فاستفحل أمرهم ثمّ قام الصّلح بينهم وبين الكثيريّ ، ودفع غرامة الحرب ، وحدّدت الحدود كما فصّل ب «الأصل».

ومن أخبارهم : أنّ عوض بن صالح بن عوض كان في أيّام حرب حصن العزّ في جانب آل تميم ، وعليّ بن أحمد بن يمانيّ في جانب آل كثير وآل تريم. وفي عواد الحجّة سنة (١٣٤٣ ه‍) جاء في أتباعه لمعايدة المقدّم عليّ بن أحمد بن يمانيّ ، فبينا هو يلقي الزّوامل على أصحابه .. أصابته رصاصة بين عينيه ، قيل : إنّها من حيدر بن حميد اسعيّد أحد دلل آل تريم ، وكان وليّ دمه ـ وهو الشّهم العربيّ القحّ عبد الهادي بن سالم بن صالح بن سالم بن صالح بن عبود بن عبد الشّيخ ـ غائبا ، فحضر وخاطبوا المناهيل وآل مرساف أن يعطيهم بعض حصونه ليحصروا عليّ بن أحمد ، فلم يرض ؛ لأنّه كان حليما ، وأراد عليّ بن أحمد أن يبرّىء نفسه فلم يقدر ، وقال له عبد الهادي : إن سلمتم من القتل .. فلن تسلموا من التّدبير ، ولمّا رأى أنّ الزّمان قد حرب أبناء عمّه .. لم يرد أن يكون هو والزّمان عليهم وبينهم رحمة ماسّة ، وصهر أكيد ، فتوجّه إلى السّواحل الأفريقيّة في سنة (١٣٤٨ ه‍) ومعه ابنه أحمد ، ولا يزالان بها إلى اليوم على وجه نقيّ ، وسير مرضيّ.

ومن أخبارهم : أنّ آل يمانيّ ذهبوا في سنة (١٣٤٩ ه‍) لجذّ ما لهم من الخريف

٩٩٧

بالسّوم ، فاغتنم الفرصة مبخوت المنهاليّ ، الملقّب ب : (البس) وقصد دار سالم بن أحمد بصفة الضّيف ، فلمّا قابله .. أطلق عليه الرّصاص ، وهرب ، ولكنّه ـ أعني البس ـ غزا إلى القبلة في هذا العام ، فلاقى حتفه ، وكان قتله لسالم بن أحمد غدرا في أوفى صلح بينهم.

وفي قسم جماعة من ذرّيّة السّيّد عبد الله بن عبد الرّحمن السّقّاف ، المتوفّى بتريم سنة (٨٥٧ ه‍) ، وهم آل بن إبراهيم (١).

قال في «شمس الظّهيرة» : ومنهم : السّيّد الفاضل الكريم أبو بكر بن إبراهيم بن عبد الرّحمن (٢) ، له أياد عظيمة ، وأوقاف جسمية ، وقف على مسجد السّقّاف مالا بنحو خمسة آلاف ريال ، توفّي بقسم سنة (١٢٢٧ ه‍).

ومنهم الآن بتريم : حفيده عبد الرّحمن (٣) بن محمّد بن عبد الله ، شريف فاضل متواضع.

ومنهم : السّيّد علويّ بن إبراهيم بن شيخ بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد الرّحمن ابن عبد الله بن عبد الله بن عبد الرّحمن السّقّاف ، رجل صالح له ثروة ، توفّي سنة (١٣٥٢ ه‍) عن (٨١) ، وله جملة أولاد ؛ أكبرهم محمّد ، له عدّة أولاد ؛ أكبرهم عبد الرّحمن. ومنهم عمّهم عمر بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن شيخ ، توفّي بعد أن رجع من الحجّ في سنة (١٣٥٨ ه‍) ، وكان عالما فاضلا.

وفي قسم ناس من آل فدعق (٤).

__________________

(١) السادة آل بن إبراهيم سكان قسم من ذرية السيد إبراهيم بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن عقيل السّعودي ـ نسبة إلى أخواله آل بالسّعود ـ ابن عبد الله بن عبد الله ابن الشيخ عبد الرحمن السقاف.

(٢) السيد أبو بكر هذا ، أمه من آل باقشير سكان العجز ، توفي بقسم بموضع يقال له : الغديّر بالتصغير.

(٣) هو السيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر ـ السابق الذكر ، توفي بقسم عشية الإثنين (٨) جمادى الأولى (١٣١٨ ه‍) ، وليس له عقب ، وورثه زوجتاه ، وعصبته السيد علوي إبراهيم بن شيخ بن أبي بكر ، المتوفى بقسم في ذي القعدة (١٣٥٢ ه‍).

(٤) فدعق لقب لثلاث أسر من العلويين :

١ ـ آل أحمد بن محمد بن علوي بن محمد مولى الدويلة ، ذكرناهم في الخون قريبا.

٩٩٨

قال في «شمس الظّهيرة» [١ / ٣٦٧] : منهم محمّد بن عمر ، سيّد جليل ، توفّي سنة (١٢٧٨ ه‍) (١).

ومن آل فدعق الفاضل النّبيه السّيّد حسن بن محمّد بن عبد الله بن محمّد بن حسين بن فدعق ، نزيل مكّة المشرّفة الآن ، وله بها عدّة أولاد ؛ منهم أربعة على أسماء الخلفاء الرّاشدين ، أنجبهم عليّ.

وفي قسم أيضا ناس من ذرّيّة السّيّد امبارك مدهر بن عبد الله وطب بن محمّد المنفّر ، المتوفّى سنة (٨٨٤ ه‍) (٢).

قال في «شمس الظّهيرة» [١ / ٣٦٤] : (منهم الشّريف النّجيب السّاعي للعلماء ، والمحبّ لهم : عبد الله بن عبد الرّحمن (٣) ، المتوفّى بمكّة سنة «١٢٩٥ ه‍».

ومنهم : عبد الله بن محمّد (٤) ، شريف نبيه مكرم للضّيفان.

__________________

٢ ـ آل عمر فدعق بن عبد الله وطب بن محمد المنفّر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله باعلوي ، توفي سنة (٩١٠ ه‍) بقسم ، وكان مؤذن الجامع بها ، أعقب (٦) بنين ، أعقب منهم (٣) ، وهم : علي وعلوي وإبراهيم.

٣ ـ آل فدعق بن محمد بن عبد الله بن مبارك بن عبد الله وطب. توفي بالبيضاء من أرض اليمن.

عقبه من ولديه : حسين المتوفى بقسم ، وعقيل المتوفى بالهند سنة (١٠٨٩ ه‍).

(١) هو السيد محمد بن عمر بن حسين بن علوي بن حسين بن فدعق .. إلخ.

(٢) لعل تداخلا حصل هنا بين السيد امبارك بن عبد الله وطب بن محمد المنفر المتوفى سنة (٩١٦ ه‍) كما تقدم وهو جد السادة آل فدعق ، وبين السيد امبارك مدهر بن عبد الله بن أحمد مدهر بن محمد بن عبد الله وطب ، ويلقب ببركات ، توفي بظفار ، وتوفي والده عبد الله سنة (٩٩٦ ه‍) ، وهذا الأخير هو الذي ينسب إليه آل مدهر سكان قسم.

ومن نسل السيد مبارك مدهر هذا : آل مطهّر مدهر ، ذرية السيد مطهر ـ المتوفى بقسم سنة (١١١٧ ه‍) ـ ابن عبد الله بن علوي بن مبارك.

(٣) هو السيد المتواضع عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عقيل مطهّر مدهر ، وفاته بمكة سنة (١٢٩٠ ه‍) كما في «الشجرة» ، أو (١٢٩٥ ه‍) كما في «الشمس».

(٤) السيد الشريف الصّالح عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عقيل ... إلخ ، ابن عم المتقدم قبله. مولده بقسم سنة (١٢٦٤ ه‍) ، وبها وفاته سنة (١٣٣٨ ه‍) ، أخذ عن جمع من أعيان عصره. واستجاز منه الحبيب سالم بن حفيظ ، وترجم له في «منحة الإله»

٩٩٩

ومنهم : عمّه المعمّر كثير الصّيام والذّكر : عمر بن عبد الله) اه

وعبد الله بن محمّد هذا هو ابن عقيل مطهر مدهر ، راوية لأخبار الأوائل ، توفّي بقسم سنة (١٣٣٨ ه‍) ، وكان بها جماعة من ذرّيّة السّيّد عبد الله بن أحمد بن أبي بكر الورع (١) ، يقال لهم : آل برهان الدّين ، انقرضوا (٢).

ومن أهل قسم : السّيّد الإمام محمّد بن سالم الجفريّ ، أحد مشايخ الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى.

وفي قسم جماعة يقال : إنّهم من بقايا آل النّجّار أمراء سيئون في السّابق ؛ منهم الآن : رجل يقال له : سعيد بن عبد الشّيخ.

العجز (٣)

قال ياقوت [٤ / ٨٧] : (قال الكلبيّ : هي قرية بحضرموت مذكورة في قول الحارث بن جحدم [من الطّويل] :

تناوله من آل قيس سميذع

وريّ الزّناد سيّد وابن سيّد

فما غضبت فيه تميم ولا حمت

ولا انتطحت شاتان في قتل مزيد

ثوى زمنا بالعجز وهو عقابه

وقين لأقيان وعبد لأعبد)

وكان مزيد وعبد الله ابنا حرز بن جابر العنبريّ ادّعيا قتل محمّد بن الأشعث الكنديّ ، فأقادهما به مصعب ، فتولّى قتلهما الحارث بن جحدم بيد القاسم بن

__________________

(١) السادة آل الورع ، هم ذرية السيد أبي بكر الملقب بالورع لشدة خوفه وورعه ، المتوفى بتريم سنة (٧٠٦ ه‍) ، وفي بعض التواريخ ومنها «تاريخ شنبل» أنه توفي سنة (٧٥٠ ه‍) ، وهو ابن أحمد ابن الفقيه المقدم ، المتوفى شهيدا غريقا بقسم سنة (٧٠٦ ه‍) كما تقدم.

وإلى أحمد ابن الفقيه تنسب أسر كثيرة ؛ منها : آل البار ، وآل المقدي ، وآل بلفقيه ، وآل خنيمان ، وجماعات أخرى.

(٢) السادة آل برهان الدين ، من نسل السيد أحمد الحوت بن عبد الله الورع.

(٣) وقد اندثرت هذه القرية في هذه الأيام ، ويسمّى موضعها : العجز ينطقها العامة بكسر العين والجيم.

١٠٠٠