إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

وفي «المسلك السّويّ» لسيّدي أحمد بن زين الحبشيّ : (أنّ الرخيلة هذا من مريدي الشّيخ عبد الرّحمن) اه

ومن التّعاجيب أن يشهد لبازغيفان بالمشيخة مع ما كان منه إلى شيخه السّقّاف.

وأمّا ابن أبي السّرور .. فلا أعرف من هو ، نعم ؛ سبق في بيت جبير أنّ الشّيخ يحيى بن عبد العظيم الحاتميّ ، المتوفّى سنة (٥٤٠ ه‍) كان من تلاميذ سيّدنا علويّ بن محمّد بن علويّ بن عبيد الله ، ومادحيه ، وهو أقدم من تلك الطّبقة ، لكنّ الاعتبار إنّما هو بالأكثر الغالب.

وقد دلّلنا في «الأصل» على انحراف الشّيخ سالم بافضل عن العلويّين ، وانتفاء ذكره هنا بين محبّيهم ومعظّميهم ممّا يؤكّده ، وهو أكبر علماء تريم لذلك العهد ، بل حضرموت على الإطلاق.

ودلّلنا فيه أيضا على أنّ السّيّد سالم بن بصريّ ذهب ضحيّة استبداد السّلطان عبد الله بن راشد ، وكان ابن أبي الحبّ مع ميله إلى العلويّين يتشيّع للسّلطان عبد الله بن راشد تشيّعا شديدا ، فكأنّما نطق بلسانه الأوّل حيث يقول [من الكامل] :

عجبا له أبكيه ملء مدامعي

وأقول لا شلّت يمين القاتل

ولو خلص ودّه .. لعادى من يعاديه ؛ إذ قد قال العتّابيّ [من الطّويل] :

تودّ عدوّي ثمّ تزعم أنّني

صديقك ليس النّوك عنك بغائب

لكنّه رثى سالما ملء دموعه ، ولم يتعرّض للقاتل ، كأنّما إحدى يديه أصابت الأخرى فقط ، على أنّه لا يلام من هذه النّاحية ؛ فقد كان كثير من العلويّين يطنبون فيه مع فعلته الّتي فعل ـ فيما إخال ـ وهو من الظّالمين.

على أنّ ثناءهم عليه لا يبعد أن يكون تحت تأثير من الضّغط حسبما تمثّل به الإمام الغزاليّ من قوله [من الطّويل] :

ولم أر ظلما مثل ظلم ينالنا

يساء إلينا ثمّ نؤمر بالشّكر

٨٨١

ومهما يكن من الأمر .. فليسع ابن أبي الحبّ ما وسعهم من ذلك ، على أيّ تقدير كان.

وفي «سفينة الأرباح» : أنّ ابن أبي الحبّ هو ناظم القوافي الّتي أوّلها :

تبارك ذو العلا والكبرياء

تفرّد بالجلال وبالبقاء

وكأنّي بمن يطّلع على هذا من الأغبياء فيتوهّم الغضّ من فضلهم به ، وليس كذلك ، وإنّما واجبي إنصاف التّاريخ وتمحيص الحقائق ما وجدت إليه سبيلا من اتّخاذي منه أكبر حجّة للمجد والشّرف ، وقد كان جدّهم عليّ بن أبي طالب ـ كرّم الله وجهه وهو خير منهم ـ مبغوضا بين النّاس ، لا يوجد بمكّة والمدينة عشرون رجلا يحبّه ، وأصل ذلك في الصّحيح ؛ إذ جاء فيه أنّه كان له وجه من النّاس أيّام فاطمة ، ومفهومه الواقع في محلّ النّطق أنّهم تنكّروا له بعقب وفاتها.

وقد قال معن بن زائدة [من الطّويل] :

إنّي حسدت فزاد الله في حسدي

لا عاش من عاش يوما غير محسود

وقال ناصح الدّين الأرّجانيّ [من الطّويل] :

وظلّ نساء الحيّ يحسدن وجهها

ولا خير في نعمى بغير حسود

وقال حبيب [في «ديوانه» ٢ / ١٠٣ من الكامل] :

تلكم قريش لم تكن أحلامها

تهفو ولا آراؤها تتقسّم

حتّى إذا بعث النّبيّ محمّد

منهم غدت أحقادهم تتضرّم

وقال غيره [من البسيط] :

محسّدون وشرّ النّاس منزلة

من عاش يوما سليما غير محسود

وفي شرح قول المتنبّي [في «العكبريّ» ١ / ٣١٩ من الخفيف] :

ما مقامي بأرض نخلة إلّا

كمقام المسيح بين اليهود

من كتابي «العود الهنديّ» [٢ / ٣١٥ ـ ٣٢٤] إطناب في الموضوع ، وكلام ممتع يأتي

٨٨٢

أكثره هنا ، ولكن لا حاجة إلى الإطالة مع إمكان الإحالة.

واضرب بطرفك حيث شئت .. فلن تجد أحدا من العلويّين اتّفق له ظهور وجاه ضخم إلّا اقشعرّ له بطن تريم ، خلا ما كان من العيدروس الأكبر ، فلقد استجهر النّاس بمجد وجود انقطع لهما الحسود ، فكان كما قال ابن الرّوميّ [من الكامل] :

ما أنت بالمحسود لكن فوقه

إنّ المبين الفضل غير محسّد

يتحاسد القوم الّذين تقاربت

طبقاتهم وتشابهت في السّؤدد

فإذا أبرّ أميرهم وبدا لهم

تبريزه في فضله لم يحسد

على أنّ العادة لم تنخرم فيه ؛ بآية أنّه لم يأخذ عنه ولم ينتفع به .. إلّا أولاده والسّيّد عمر بن عبد الرّحمن صاحب الحمراء فقط ، فلعلّ ما يذكر من إقبال النّاس عليه في حياته مبالغ فيه وإنّما اشتدّ ظهوره بانتشار الدّعاية له بعد وفاته (١).

والخامسة : لم يكثر التّأليف في العلويّين إلّا بعد ظهور السّادة آل العيدروس (٢) ، فلقد كلّفت الفاضل النّزيه الشّيخ امبارك عمير باحريش ـ قاضي تريم سابقا وسيئون الآن ، إذ كان محبّا لآل عبد الله بن شيخ وعارفا بمآثرهم ـ أن يلخّص لي أسماء ما يعرف من مؤلّفاتهم ، فأحصى لي كثيرا منها ؛ من ذلك : أحد عشر مؤلّفا للسّيّد الجليل شيخ بن عبد الله (٣).

ومنها : كتاب «الشّجرة النّبويّة في تحقيق أنساب السّادة العلويّة» لابنه العلّامة النّسّابة عبد الله بن شيخ (٤).

__________________

(١) في «المشرع» (٢ / ٣٤٥) قول آخر ينظر منه.

(٢) أي : من أواسط القرن العاشر الهجري ؛ لأن جدهم العيدروس الأكبر توفي سنة (٨٦٥ ه‍).

(٣) هو السيد الإمام شيخ بن عبد الله الأكبر بن شيخ بن الإمام عبد الله العيدروس ، المولود بتريم سنة (٩١٩ ه‍) ، والمتوفى بالهند سنة (٩٩٠ ه‍) ، والد صاحب «النور السافر» ، ومؤلف «العقد النبوي». وله مؤلفات كثيرة ذكرها ابنه صاحب «النور السافر» فلتراجع منه.

(٤) هو (الأوسط) صاحب القبة بتريم ، المولود بها سنة (٩٤٥ ه‍) ، والمتوفى ساجدا في صلاة العصر سنة (١٠١٩ ه‍).

٨٨٣

ومنها : ستّة وعشرون مؤلّفا للعلّامة الصّوفيّ ، الفقيه المؤرّخ ، السّيّد عبد القادر بن شيخ (١).

ومنها : «إيضاح أسرار علوم المقرّبين» للعلّامة الجليل محمّد بن عبد الله بن شيخ.

ومنها : مؤلّفات أخيه شيخ بن عبد الله (٢) ، وهي : «نصيحة الملوك» و «السّلسلة» في ثلاثة مجلّدات كبار.

ومنها : عدّة رسائل للسّيّد زين العابدين بن عبد الله (٣) ، صنو اللّذين قبله.

ومنها : مؤلّفات ابنه جعفر الصّادق (٤).

ومنها : «عشرة مؤلّفات» للعلّامة الشّاعر المجيد جعفر الصّادق الثّاني ابن محمّد المصطفى بن زين العابدين (٥).

و «رسائل» أخيه عبد الله بن محمّد (٦) ، ولكنّها قليلة.

وأمّا خاتمة محقّقيهم السّيّد عبد الرّحمن بن مصطفى (٧) نزيل مصر .. فقد ذكر

__________________

(١) ولد بالهند سنة (٩٧٨ ه‍) ، وتوفي بها سنة (١٠٣٨ ه‍) ، ترجم لنفسه في «النور السافر» في سنة (٩٧٨ ه‍). وذكر أسماء مؤلفاته ، فلتراجع.

(٢) شيخ بن عبد الله الأوسط بن شيخ .. ولد بتريم سنة (٩٩٣ ه‍) ، وتوفي بالهند سنة (١٠٤١ ه‍) ، له إجازة من عمه عبد القادر أوردها الشلي في «الجواهر».

(٣) مولده بتريم سنة (٩٨٤) ، وتوفي بها سنة (١٠٤١ ه‍) سنة توفي أخوه شيخ سابق الذكر.

(٤) جعفر الصادق ـ الأول ـ بن زين بن عبد الله ، ولد بتريم سنة (٩٩٧ ه‍) ، وتوفي بسورت بالهند سنة (١٠٦٤ ه‍).

(٥) جعفر الصادق الثاني .. ولد بتريم سنة (١٠٨٤ ه‍) ، وتوفي بسورت سنة (١١٤٢ ه‍) ، أفرده السيد عبد الله جعفر مدهر بترجمة. وله مؤلفات ذكرها محمد ضياء شهاب في «التعليقات» (١ / ١١٠) ، والسقاف في «الشعراء» (٢ / ٨١).

(٦) عبد الله بن محمد المصطفى .. هو الملقب الباهر ، ولد بتريم ، وتوفي بها سنة (١١٢٧ ه‍) أو (١١٢٨ ه‍) ، أفرده سبطه حفيد أخيه العلامة عبد الرحمن بن مصطفى بمصنف سماه : «حديقة الصفا».

(٧) عبد الرحمن بن مصطفى بن شيخ بن محمد المصطفى بن زين العابدين علي بن عبد الله بن شيخ ...

٨٨٤

سيّدي الأستاذ الأبرّ في «عقده» أنّها تزيد عن السّتّين والمسمّى منها في العريضة الّتي قدّمها لي الشّيخ امبارك منها ثمانية وخمسون ، وهذه ثروة طائلة وفّروها للعلم بحضرموت ، وقد قرأ عليّ الشّيخ امبارك جملة منها ، فغسلت صدري عن كثير من الكدورات ـ ولا سيّما «إيضاح أسرار علوم المقرّبين» (١) ـ وأنعشت روحي ، وذكّرتني أيّام والدي ، ونفت عنّي وعثاء المسائل الفقهيّة ، إلّا أنّ في بعضها ما يخلص إليه الانتقاد ، نحو الغلوّ في الشّيخ وإنزاله في أعلى ممّا يستحقّ ويجوز ، وفي بعضها ما يشبه كلام الشّيخ ابن عربيّ فيأتي فيها ما يقال فيه ، وقد جوّدت القول عن ذلك في الجزء الثّاني من «الأصل» ، في شرح البيت (٤٤) ، ومن أحسن ما أتى على طرفي النّقد والعذر ما نقلته عن شيخ الإسلام ابن تيميّة فليكشف منه.

أمّا كرم السّادة آل العيدروس .. فحدّث عنه ولا حرج.

فمنهم : الشّيخ الكبير عبد الله بن شيخ (٢) ، حكي أنّه استأذنه جماعة من أهل العلم ليسافروا من أجل ديون لزمتهم ، فقال لهم : (واحد ولا جماعة) فركب إلى الحجاز ، ثمّ إلى الهند ، فأكرمه بعض ملوكها بما يكفي لهم أجمعين ، وما هي إلّا مدّة يسيرة وعاد ، فمثّل المكارم ، وتحمّل المغارم.

خذوا هنيئا مريئا يا بني علوي

منه أمانين من خوف ومن عدم (٣)

__________________

إلخ. ولد بتريم سنة (١١٣٦ ه‍) ، وتوفي بمصر سنة (١١٩٢ ه‍) ، درس في تريم وبها تخرج على آبائه وأعمامه وشيوخ عصره .. رحل إلى العديد من البلدان .. فسطع نجمه وظهر ، وطار صيته في الآفاق وانتشر ، وكان مستقره بمصر القاهرة وبها توفي ، وأشهر تلامذته : السيد محمد مرتضى الزبيدي شارح «القاموس» و «الإحياء» ، ومما صنفه في حق شيخه المترجم : «النفحات القدوسية بواسطة البضعة العيدروسية» وغير ذلك ، وترجم له في «معجم شيوخه».

(١) وقد طبع «الإيضاح» وصدر عن دار الحاوي ، وصحّح بمعرفة العلامة الحبيب يحيى بن أحمد العيدروس رحمه الله تعالى.

(٢) هو الأوسط صاحب القبة بتريم ، المتوفى بها سنة (١٠١٩ ه‍).

(٣) الأبيات من البسيط ، وهي لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ٩٤ ـ ٩٥) ، ولكنّ الشّيخ المؤلّف رحمه الله تعالى تصرف فيها.

٨٨٥

نال المحاميد إملاق فقيل لهم

شيموا نداه إذا ما البرق لم يشم (١)

فما الرّبيع على أنس البلاد به

أشدّ خضرة عود منه في الأزم

ومنهم : الغيث الهتون (٢) السّيّد جعفر الصّادق الأوّل ، فقد كان يرسل في كلّ عام لكلّ فرد من محاويج الأشراف بمئة ريال.

هذا الّذي بجح الزّمان بذكره

وتزيّنت بحديثه الأسمار (٣)

ومنهم : الشّريف العالي المقدار السّيّد عليّ زين العابدين الثّاني (٤) ، كان يرسل لأبيه عشرين ألف ريال سنويّا ، فضلا عن صلاته لأرحامه وغيرهم.

وعلى كلّ حال .. فللسّادة آل العيدروس ـ ولا سيّما آل عبد الله بن شيخ ـ النّضل ، وإلى بيوتهم تنتهي مناصب الفضل.

لو لا أحاديث سنّتها أوائلهم

من الهدى والنّدى .. لم يعرف السّمر (٥)

وأنا في شكّ بعد ممّا جاء في «مجموع كلام الحبيب عمر بن حسن الحدّاد» عن الشّيخ عبد الله باسودان من قوله : (ما كان ظهور سادتنا آل باعلويّ في غير جهتهم إلّا بعد ظهور ديوان الحدّاد) ؛ فإنّه لا يصحّ مع ما لآل العيدروس من الشّهرة الّتي طبّقت الآفاق ، وملأت زوايا الشّام والحجاز والهند والعراق. والله أعلم.

والسّادسة : جاء في «المشرع» [١ / ٢٥٣] عن بعض المشايخ : (أنّ حارة الأزمرة (٦) هي المدينة القديمة ، وهي الّتي في شرقيّ الجامع ، ممتدّة إلى الجنوب ،

__________________

(١) شيموا : انظروا.

(٢) الهتون : الهاطل.

(٣) البيت من الكامل ، وهو لأبي الطّيّب المتنبّي في «العكبريّ» (٢ / ٨٦). بجح : فرح.

(٤) واسمه تامّا : علي زين العابدين بن محمد مصطفى بن علي زين العابدين الأول بن عبد الله بن شيخ .. توفي بتريم سنة (١١٣٦ ه‍).

(٥) البيت من البسيط.

(٦) هكذا هي في «المشرع» ، وفي الطبعة الأخيرة التي أشرف على طبعها وتصحيحها العلامة السيد محمد الشاطري علّق عليها بهذه العبارة : (الصحيح «حارة الأزراء» ، وهي حارة جنوب شرقي تريم القديمة ، وفيها مسجد السقاف ، وسميت بهذا الاسم لكثرة النخيل المعروف بالزار فيها) اه

٨٨٦

ثمّ اتّسعت عمارتها ، وهي تزيد وتنقص بحسب الولاة والزّمان ، والأمن والرّخاء وضدّها) اه

وهذا لا يناسب ما يكثره الرّواة من سكّانها وعلمائها وصلحائها ، وقد سبق قول الخطيب : أنّه ربّما بلغ في عصر واحد ثلاث مئة مفت بتريم.

وقال في موضع آخر : وعن أحمد بن الفقيه ططّة (١) ـ بطاءين ـ وكان أهله من تريم ثمّ انتقل إلى ظفار ـ قال : (أعرف في تريم ثلاث مئة مفت في زمان واحد).

وعن الفقيه عليّ بن سلم قال : (قال لي والدي : ارو عنّي يا ولدي أنّه بلغني أنّه وقع في تريم ثلاث مئة فقيه مفت في زمان واحد).

وعن الشّيخ علويّ بن محمّد بن أبي علويّ ، عن سعيد باجابر قال : (تذاكرت أنا والشّيخ أبو العفيف في تريم والهجرين وشبام ، فقال لي الشّيخ : في تريم أربعون مسجدا).

وعن أبي بكر بن عبد الله باجري ، عن الفقيه عبد الله بن عليّ باحاتم قال : (قال خالي : اجتمع على دكّة مسجد آل باحاتم (٢) الّذي بتريم أربعون فقيها من آل باحاتم).

وعن الفقيه محمّد بن أبي بكر عبّاد أنّه قال : (بلغ الصّفّ الأوّل في جامع تريم يوم الجمعة أنّ أهله كلّهم فقهاء من كثرة فقهائها).

وروّينا : (أنّه كان في تريم سبع مئة قبيلة لا تخلو كلّ قبيلة عن أحد من الصّالحين ، سوى قبيلة واحدة).

هذا كلّه من «جوهر الخطيب» ، وأكثره موجود في «البرقة» و «المشرع» ، وبعضه مذكور ـ أيضا ـ في «مقال النّاصحين» لباجمّال ـ وسبق كثير منه في الحسيّسة ـ ومثل هذه الأخبار العظيمة لا يمكن أن تكون في قرية صغيرة ، ومتى كان بانيها

__________________

(١) توفي الفقيه أحمد بن محمد ططّة بظفار سنة (٦٩٠ ه‍) «شنبل» (ص ١٠٧).

(٢) مسجد باحاتم : هو مسجد عاشق المعروف اليوم ، وكان يسمّى مسجد بلعشر.

٨٨٧

تريم بن حضرموت .. فلن تكون إلّا كبيرة من البدء ؛ لكبر شأنه ، وضخامة دولته (١).

أمّا ما جاء أنّ بتريم أربعين مسجدا .. فمحمول على ما قبل وفاة الشّيخ علويّ بن محمّد بمدّة ، وكانت وفاته سنة (٦٦٩ ه‍) ، أمّا بعد فقد تعدّدت فيها المساجد بكثرة مفرطة ، وأكثر العلويّون من بنائها.

وكنت أستشكل ذلك بما سبق عن ابن الخطّاب وبما ذكره السّيوطيّ في كتابه «هدم الجاني» (٢) من أنّه لا يجوز بناء مسجد بجانب مسجد قديم من غير حاجة إلى البناء ولا زحمة في القديم بين المصلّين. حتّى قال لي والدي ـ رضوان الله عليه ـ : إنّ الغرض من كثرة تلك المساجد الصّغيرة .. إنّما هو : العزلة والاعتكاف وأداء النّوافل المطلوبة شرعا في المساجد كما كان أبو بكر ابتنى مسجدا بفناء داره مع وجود المسجد الحرام ، أمّا جماعة الصّلوات .. فلم تكن إلّا في مساجد معلومة لا تتعدّد إلّا بمقدار الحاجة ؛ كمسجد آل أحمد المعروف اليوم ب : «مسجد باعلويّ».

وأوّل «رباط» بني بتريم هو رباط الشّيخ إبراهيم بن يحيى بافضل ، المتوفّى سنة (٦٨٤ ه‍) ، قال الخطيب في «جوهره» : (وكان يقيم به على التّوكّل في جماعة من فقرائه).

وفي الحكاية (٣٣) منه : (أنّ الشّيخ محمّد بن عثمان الشّمهونيّ ـ نسبة إلى شمهون ، قرية من قرى ظفار ـ قدم على أولاد الفقيه إلى تريم ، فتلقّاه علويّ وعبد الرّحمن ، ولمّا تقدّم عبد الرّحمن إلى الدّار لتهيئة الضّيافة .. تقدّم الشّيخ إبراهيم يحيى بافضل فطلب من علويّ بن الفقيه أن يؤثره بالشّمهونيّ ذلك اليوم ، فأطاعه ، فذهب به إلى رباطه ، وأنزله فيه) اه

والمفهوم من أمثال هذا أنّه كان رباطا حقيقة ، غير أنّ من لا أذكر اسمه الآن من

__________________

(١) الجدير بالتنبيه أن تريم لم تمر في دور واحد في عمارتها .. بل مرت في أدوار عديدة ، ذكرها العلامة القاضي عمر بن أحمد بن عبد الله المشهور في رسالته : «بغية من تمنّى في توضيح بعض معالم تريم الغنّا».

(٢) واسمه : «هدم الجاني على الباني» ، مطبوع ضمن «الحاوي للفتاوي» (١ / ١٧٧ ـ ١٩٣).

٨٨٨

علماء تريم أخبرني بأنّه لم يكن رباطا ، وإنّما بناه الشّيخ سالم بافضل مسجدا من يوم بنائه ، فوسّعه الشّيخ إبراهيم ورمّمه فنسب إليه ، وما سمّي رباطا إلّا لأنّ موضعه كان مربط خيل المهاجر بن أبي أميّة المخزوميّ ومن معه من الصّحابة الواردين لقتال أهل الرّدّة ، وهو اليوم مشهور بمسجد الرّباط.

قال الشّلّيّ : (وكان الشّيخ عمر بن محمّد بافضل الشّهير بالعطّاس ملازما له في عباداته ، وكان قد تهدّم بعض جدرانه ، فهدمه جميعه ، وجدّد عمارته في سنة «٩١٧ ه‍» (١)).

وأشهر مساجد تريم : مسجد آل أحمد (٢) ، بناه السّيّد محمّد بن عليّ خالع قسم بعد استيطانهم بتريم (٣) ، نقل طينته ولبنه من بيت جبير على العجل الّتي تجرّها الأبقار والبغال إلى تريم.

وفي «المسلك السّويّ» : ملاحظة من الأستاذ الحدّاد على قولهم : إنّ باني مسجد آل أحمد هو السّيّد محمّد بن عليّ ، وقال : إنّ بناءه كان من قبله. والله أعلم.

ثمّ جدّد الشّيخ عمر المحضار عمارته ما عدا الصّفّ الأوّل ، وعليه أوقاف كثيرة ، يصرف ما يفيض عن مصالحه وإطعام ضيفانه وتفطير الصّائمين فيه إلى أولاد الشّيخ عبد الله باعلويّ ؛ لاشتراطه ذلك في وقفه الّذي وقفه عليه ، وكان ثمن ما وقفه عليه يزيد عن مئة ألف دينار (٤). وكان يقوم بنفقة العلويّين ـ في تريم ـ جميعهم في أيّامه ، ولمّا مات (٥) .. تركوا للمسجد ما يكفيه واقتسموا الباقي. ولمّا انتهت نقابة العلويّين

__________________

(١) «المشرع» (١ / ٢٧٠) ، و «شنبل» (٢٥١).

(٢) وهو المعروف بمسجد باعلوي.

(٣) أي : بعد سنة (٥٢١ ه‍).

(٤) قال في «المشرع» (٢ / ٤٠٧): (ووقف على مسجد بني علوي المنسوب إليه نخيلا وأراضي وآبار ماء وعيون ، وعلى الواردين إلى المسجد المذكور من الضيفان بما قيمته (٠٠٠ ، ٩٠) تسعون ألف دينار) اه وفي «مواهب القدوس» (١٠٤) (خ) معلومات هامة عن المسجد وعمارته .. فلتنظر منه.

(٥) سنة (٧٣١ ه‍).

٨٨٩

إلى الشّيخ عمر المحضار (١) .. أمر بردّ الأوقاف لآل عبد الله باعلويّ ؛ لاختصاصها بهم ، فوافقوه إلّا أخاه عقيلا (٢) ؛ فإنّه امتنع وبقي ما عنده منها تحت يده ، ثمّ استمرّ بعده مع أولاده إلى الآن. قاله الشّلّيّ في (ص ٢٦٤ ج ١) من «مشرعه».

وقال في ترجمة السّيّد عبد الله بن محمّد بن أحمد بن حسن بروم : (وكان قليل الغلال ، كثير العيال ، وقد سعى في تولية أوقاف آل عبد الله باعلويّ ، فولّاه السّلطان أمرها ، وأنفق على الفقراء منهم ومن غيرهم ، وصار يعمل كلّ ليلة طعاما للفقراء والمساكين والغرباء الوافدين ، واستمرّ على ذلك مدّة يسيرة ، ثمّ سعى كلّ واحد في استرجاع ما كان تحت يده من الوقف ، وعاد على ما كان عليه أوّلا ، وجرت في ذلك أمور وإحن في الصّدور ، ثمّ سعى لبروم إمام العارفين ، زين العابدين (٣) ، في إمامة مسجد الجامع ، ورتّب له ما يكفيه مع عياله ، واستمرّ على حاله إلى أن مات في سنة (١٠٣٩ ه‍) وقد نيّف على السّبعين) اه بمعناه (٤)

ومنه تعرف أنّ النّاس مثل النّاس ، وأنّ الأطماع تحيد بأهل تلك العصور الصّالحة عن وجه الحقّ كما تحيد بأهل زماننا ، وإلّا .. فما فعله عقيل من الحرام الصّرف الّذي لا يحتمل التّأويل ، ومع ذلك فإنّ الشّوّاف يقول فيه :

أمّا عقيل العاقل

ما حد لفضله ناقل

حبّ المهيمن باقل

في قلبه شي لله؟

فما بال حبّ المهيمن لم ينهه عن أوقاف آل عبد الله باعلويّ؟! والله يقول : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ)

وطالما عيّرنا العمّ سقّاف بن محسن باستيلائه على مال باسم طلبة العلم بسيئون له مندوحة فيه ؛ إذ كان من شرطه لأبيه أن يصرفه لمن شاء ، ومع ذلك فلم نزل به حتّى

__________________

(١) المتوفى سنة (٨٣٣ ه‍).

(٢) توفي عقيل ابن السقاف سنة (٨٧١ ه‍) بتريم.

(٣) هو العيدروس المتوفّى سنة (١٠٤٠ ه‍).

(٤) «المشرع» (٢ / ٤٢٤ ـ ٤٢٥).

٨٩٠

أحرجناه وضيّقنا عليه الأنفاس في المجلس فخرج منه ، ولو أنّه علم بصنيع عقيل .. لاتّخذ منه ما يكفيه للتّدليل.

ولا يحصى من أنجبتهم تريم من رجالات الفضل وأراكين الدّين والعلم ، وقد أفرد كلّ ذلك بالتّأليف (١).

والطّبقة الأولى من «جوهر الخطيب» هم : عليّ بن علويّ خالع قسم ، وابنه محمّد بن عليّ بن علويّ صاحب مرباط (٢) ، وسالم بن بصريّ (٣) ، وعليّ بن إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن عليّ بن محمّد بن سليمان الخطيب (٤) ، وولده محمّد (٥).

وسالم بن فضل ، وولده يحيى بن سالم (٦) ، والقاضي أحمد بن محمّد باعيسى (٧) ، وعبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي عبيد (٨) ، وأحمد بن عليّ الخطيب ،

__________________

(١) ك «المشرع الروي» ، و «الجوهر» ، و «البرد النعيم» لآل الخطيب ، وكتب كثيرة لا يتسع المقام لذكرها كلها. ومن المتأخرين .. صنف الفقيه الصالح الشيخ عمر بن عبد الله الخطيب المتوفى بتريم سنة (١٤١٩ ه‍) كتابا سمّاه : «التمهيد الكريم» جمع فيه فوائد وتراجم متنوعة عن علماء تريم ، وهو مفيد بالجملة ، وفيه تراجم نادرة لبعض شيوخه.

(٢) ولد بتريم ، ونشأ في حجر والده ، وبه تخرج ، وارتحل إلى البلدان للأخذ والطلب. «المشرع» (١ / ٣٩٢ ـ ٣٩٤) ، «الأدوار» (١ / ١٩١).

(٣) مولده بتريم ، وبها وفاته سنة (٦٠٤ ه‍) ، حفظ القرآن صغيرا ، ثم اشتغل بالعلوم على الشيخ سالم بافضل ، وطبقته من آبائه وبني عمومته من آل أبي علوي. «المشرع» (٢ / ٢٥٤ ـ ٢٥٧) ، «الأدوار» (١ / ١٩٩) ، «الحامد» (٢ / ٤٧٦).

(٤) لم تؤرخ وفاته ، ووصف في «البرد النعيم» بأنه : (الذي انتهت إليه نوبة الفقه والفتوى بتريم ، وكان إماما عالما فاضلا ذا ورع حاجز).

(٥) توفي الفقيه محمد بتريم سنة (٦٠٩ ه‍) ، كما هو عند شنبل (ص ٧٣) ، وذكر عن الشيخ محمد هذا أنه كان يشمّ من فمه رائحة المسك.

(٦) ترجمته في «صلة الأهل» (٦٨ ـ ٧١) ، ولم يؤرخ وفاته ، وفي «الشعراء» : أنه توفي سنة (٦٤٠ ه‍)

(٧) توفي سنة (٦٢٦ ه‍) ، وقبره عند قبور آل باعلوي بتريم.

(٨) هو الإمام العلامة الفقيه المحقق أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن زكريا ـ وقيل : بن عبيد ـ التريمي الحضرمي ، توفي سنة (٦١١ ه‍) كما في المطبوع من «شنبل» ، وعند غيره سنة (٦١٣ ه‍).

٨٩١

ومحمّد بن أحمد بن أبي الحبّ ، وباحبليل ، وحسين باجذيع ، وحسن بن عليّ بالذعير ، وعليّ بن محمّد بالويذ (١) ، وأحمد بن يسلم باحيدرة ، وعبد الرّحمن باجلحبان ، وهذا كما مرّ ليس من أهل تريم ولم يذكر الخطيب في «جوهره» أحدا من غيرها سواه.

ومن هذه الطّبقة ـ وإن أغفل بعضهم الخطيب ـ : الشّيخ إبراهيم بن أبي ماجد (٢) ، وكان آخر عمره بظفار ، والإمام أبو بكر بن أحمد باماجد (٣) ، والإمام فضل بن إبراهيم باحوّاش (٤).

والإمام عليّ بن محمّد باحاتم ، ممدوح نشوان بن سعيد ـ اليمانيّ بلدا الحميريّ نسبا ـ بقوله [من الطّويل] :

رعى الله إخواني الّذين عهدتهم

ببطن تريم كالنّجوم العوائم (٥)

عليّا حليف النّجدة ابن محمّد

وابنا أخيه الغرّ أبناء حاتم

وكم في تريم من فقيه مهذّب

وسيّد أهل العلم يحيى بن حاتم

أولئك أهل الفضل في ظلّ فاضل

عظيم من الأملاك عالي الدّعائم (٦)

__________________

(١) اسمه عند شنبل : علي بن أحمد ، وأرخ وفاته سنة (٦٠٢ ه‍) ، قال : وقبر بالفريط بتريم ، ولويذ : بالذال المعجمة كما ضبطها الخطيب في «الجوهر».

(٢) هو الفقيه إبراهيم بن أبي بكر بن يحيى بن فضل الملقب بأبي ماجد (باماجد) ، من علماء مرباط ، وتوفي بها ، أصله من تريم ، وهاجر إلى ظفار. «السلوك» (٢ / ٤٧٠).

(٣) ابن أخي السابق ؛ فهو أبو بكر بن أحمد بن أبي بكر باماجد .. إلخ ، أخذ عن عمه وبه تفقه ، وأخذ عنه العلم الفقيه سعد بن سعيد بن مسعود المنجوي بالولاء ، أحد من وزر لأحمد بن محمد ، ثم لابنه إدريس آل الحبوظي. «السلوك» (٢ / ٤٧٠ ـ ٤٧٢).

(٤) باحوّاش ، بالحاء المهملة والشين المعجمة وتشديد الواو : موضع معروف بتريم ، وفيه مساكن السادة آل الجنيد ، اشتراه أحدهم ، وهو السيد عبد الرحمن بن علي .. وسوّره وبنى فيه منازل له ولأولاده.

ولا زالوا به إلى اليوم ، ولعل أصله بستان ينسب لهذه الشخصية أو لأسرته.

(٥) العوائم : الّتي تسبح في السّماء.

(٦) كان الحاكم بحضرموت لما زارها نشوان : هو شجعنة بن راشد المتوفى سنة (٥٩٤ ه‍) ، أخو السلطان عبد الله.

٨٩٢

أنست بهم في سالف الدّهر برهة

فكانت لياليها كأحلام نائم

وفارقتهم كرها ونار فراقهم

تأجّج ما بين الحشا والحزائم

ألا هل لأيّام تقضّت برجعة

أو ابكي عليهم بالدّموع السّواجم

وهل لزمان الوصل بالوصل عودة

وهيهات ليس الصّدع كالمتلائم

لئن بعدت أحبابنا فقلوبنا

تراءى بودّ غير واهي العزائم

سلام عليكم من صديق بقلبه

جراح فراق ما لها من مراهم

وشفعه بمنثور ؛ منه : (ما تريم إلّا جنّة نعيم ، في حوزة ملك كريم ، حامي الذّمار والحريم ، لو فارقها .. لأضحت كالصّريم (١) ، وقد صحّ عن الرّسول فيما روي من المنقول : سلطان عادل خير من مطر وابل ، وسلطان غشوم خير من فتنة تدوم).

وقد ذكرت في «الأصل» أنّ نشوان (٢) هذا جريء اللّسان سيّء الأدب ، وقد كفّره بعض علماء اليمن بشيء من شعره ، ولو لا أنّه اعتصم بأحد الأئمّة (٣) وكان أخا له من أمّه ـ كما قال ياقوت ـ .. لأريق دمه.

وذكر ابن السّبكيّ : أنّ الكرّاميّة ادّعوا على ابن فورك القول بانقطاع نبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ورسالته بموته ، وسعوا به في ذلك إلى محمود بن سبكتكين ، وأنّ ابن حزم زعم أنّه قتله بالسّمّ على ذلك ، ثمّ بالغ في تكذيب جميع ذلك ، وارجع إن أردت التّبسّط في الموضوع إلى ما ذكره في ترجمة الأشعريّ وابن فورك من «طبقاته» ، وقد اعترف بأنّ الكرّاميّة هي الّتي قتلت ابن فورك بالسّمّ ، ولم يذكر أنّ ابن سبكتكين انتقم منهم ، وذلك مع ظهور اللّوث ، وانتصاب القرائن ممّا يبعث على تصديق أنّه القاتل ؛ إذ لن يخفى ذلك عليه وقد جزم به «التّاج».

__________________

(١) الصّريم : اللّيل المظلم.

(٢) نشوان بن سعيد ، الأمير العلامة اللغوي المؤرخ ، كان فقيها ، شاعرا مجيدا ، استولى على قلاع وحصون ، وقدمه أهل جبل صبر حتى صار ملكا ، وكان مقيما بحوث ، وبها مات في (٢٤) ذي الحجة من سنة (٥٧٣ ه‍). من مصادر الترجمة : «معجم الأدباء» (١٩ / ٢١٧) ، «بغية الوعاة» (٢ / ٣١٢) ، «أعلام الزيدية» (١٠٦٠)

(٣) وهو أحمد بن سليمان الزيدي ، المتوكل على الله ، المتوفّى سنة (٥٦٦ ه‍).

٨٩٣

ومن جرأة نشوان قوله : (وصحّ عن الرّسول .. إلخ) ، فما رأيته حديثا بهذا اللّفظ بعد أن كشفت عنه في «مزيل الإلباس» فضلا عن أن يصحّ ، لكنّ الرجل مجازف ، وكما جازف في التّقوّل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .. فلن يتورّع عن المجازفة في مدح سلطان يتّهم ، وأظنّه عبد الله بن راشد.

وجاء في مادّة (سما) من «التّاج» أنّه قال (١) : (كلّ مؤنّث بلا علامة تأنيث يجوز تذكيره ؛ كالسّماء والأرض والشّمس ، والنّار والقوس والقدر ، وهي فائدة جليلة. وردّ عليه شيخنا (٢) ذلك وقال : هذا كلام غير معوّل عليه عند أرباب التّحقيق) اه

وما سقته إلّا لفائدة ، ولما فيه من أمارة مجازفة قائله نشوان وإلقائه الكلام على عواهنه ، وللنّحاة في الموضوع كلام لا يتّسع له المجال.

ومن أشعاره الّتي أساء بها الأدب حتّى على النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قوله [من الكامل] :

إيه قريش كلّ حيّ هالك

أظننتم أنّ النّبوة سرمد؟

منكم نبيّ قد مضى لسبيله

فاليوم هل منكم نبيّ يوجد؟

إنّ النّبوّة بالنّبيّ محمّد

ختمت وقد مات النّبيّ محمّد!

أمّا الطّبقة الثّانية عند الخطيب (٣) .. فهي أكثر رجال الكتاب ، وأوّلهم : الشّيخ عليّ بن علويّ بن الفقيه المقدّم (٤).

وأمّا الطّبقة الثّالثة فيه .. فقليلة ؛ لأنّ المنيّة عاجلته في القرن التّاسع.

وقد مرّ في حصون آل فلّوقة ما قاله الشّيخ عبد الرّحمن بن عبد الله بن أسعد

__________________

(١) وهو قول «شمس العلوم» للقاضي نشوان.

(٢) شيخ الحافظ مرتضى الذي يعول عليه في «التاج» هو العلامة الشمس محمّد الطيّب الفاسي.

(٣) ذكر المؤلف أن الخطيب جعل علماء تريم وساداتها على (٣) طبقات ، والذي بين أيدينا في مخطوط «الجوهر» ، أنهم (٤) طبقات .. فلتنظر منه.

(٤) توفي بتريم سنة (٦٩٩ ه‍).

٨٩٤

اليافعيّ عن رجال حضرموت ، وإنّهم لجديرون بقول العرندس الكلابيّ [كما في «ديوان الحماسة» من البسيط] :

لا ينطقون عن الفحشاء إن نطقوا

ولا يمارون إن ماروا بإكثار

من تلق منهم تقل لاقيت سيّدهم

مثل النّجوم الّتي يسري بها السّاري

وذكر الطّيّب بامخرمة تريم فقال : (وقد خرج منها علماء فقهاء فضلاء ، ومشايخ أجلّاء.

منهم : الفقيه يحيى بن سالم أكدر بلج ، والفقيه عليّ بن أحمد بكير ، قتلا معا في سنة «٥٧٧ ه‍» (١) ، ومنهم الفقيه سالم بافضل صاحب «الذّيل» على «تفسير القشيريّ» ، والفقيه شرف الدّين أحمد بن محمّد بن ضمعج ، والد السّبتيّ صاحب «شرح التّنبيه» (٢) ،

__________________

(١) وفي بعض نسخ «شنبل» ومعظم التواريخ .. أن ذلك حدث في سنة (٥٧٦ ه‍). ولا زالت تعرف إحدى مقابر تريم بمقبرة أكدر ، ويقول العامة : بكدر.

(٢) آل السبتي .. أصلهم من تريم ، تديروا مرباط ثم ظفار ، ثم قدموا الشحر بسبب خوف صاحب ظفار أحمد بن محمد الحبوظي منهم وارتيابه فيهم لضعف سلطانه.

١ ـ وأول من قدم الشحر : هو القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيى السبتي ، المذكور هنا ، ونسبته إلى ضمعج ، وهو ضمعج بن أوس الصحابي ، وكان الشيخ أحمد قد سكن حيريج أولا ، بعد قدومه من ظفار ، ثم استدعاه عبد الرحمن بن إقبال صاحب الشحر وجعله حاكما بعد إبراهيم بن علي باشكيل (الذي توفي بتريم سنة ٦٦٢ ه‍) ، ثم توفي بالشحر بعد المذكور سنة بضع وستين وست مئة ، وكان تفقهه على الشيخ محمد علي القلعي ، وخلف شيخه المذكور في موضع درسه بعد وفاته سنة (٦٣٠ ه‍) ، وهو مصنف «شرح التنبيه» وليس ابنه ، كذا عند الجندي في «السلوك» (٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩).

٢ ـ وخلفه في العلم والصلاح ابنه عبد الرحمن بن أحمد .. توفي سنة بضع وسبعين وست مئة ، وكان حاكما على الشحر (أي قاضيا).

وخلفه ابنه أحمد.

٣ ـ فأما أحمد .. فتفقه بالشيخ أبي الخير الذي خلف والده في المنصب ، وتولى الإفتاء والقضاء ، وأعقب ولدين هما : محمد ، ورضي الدين ، وتوفي حدود سنة (٦٩٠ ه‍).

٤ ـ تفقه محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بأبيه وتولى الإفتاء والقضاء ، وتوفي سنة (٧١٢ ه‍).

٥ ـ رضي الدين أبو بكر بن أحمد ، ولد سنة (٦٩٣ ه‍) ، وتفقه بأخيه محمد ، وبخاله محمد بن سعد باشكيل ، وهو مصنف «شرح الرحبية» ، فرغ منه سنة (٧٣٧ ه‍) ، وهو شرح مشهور جدا ،

٨٩٥

والفقيه أحمد بن فضل (١) ، والفقيه الصّالح الزّاهد عليّ بن محمّد بن عليّ بن يحيى بن حاتم ، والفقيه عليّ بن أحمد بامروان (٢) ، والفقيه الشّيخ جمال الدّين محمّد بن عليّ باعلويّ (٣) ، والفقيه عبد الله بن عبد الرّحمن باعبيد ، صاحب «الإكمال لما وقع في التّنبيه من الإشكال» ، والفقيه محمّد بن أحمد بن أبي الحبّ ، توفّي سنة «٦١٢ ه‍» ، وفي تريم علماء وعبّاد وزهّاد لا يحصون ، ومقبرتها مشهورة البركة ، ومدفون في جبّانة تريم أربعون من أهل بدر) اه كلام القاضي مسعود

وفيها جمع السّادة الأشراف آل باعلويّ ؛ كالشّيخ عبد الرّحمن (٤) وأولاده وحفدته وغيرهم ، خلق لا يحصون.

ولمّا رأى الشّيخ عليّ بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن أسعد اليافعيّ مشايخ اليمن ، ووصل إلى حضرموت ورأى ما فيها من الصّالحين .. أنشد [من الطّويل] :

مررت بوادي حضرموت مسلّما

فألفيته بالبشر مبتسما رحبا

__________________

وطبع مرات عديدة ، وهو من أنفع الشروح وأبركها. وكانت وفاته سنة (٧٦١ ه‍). ومن مصنفاته أيضا : «مختصر شرح الوسيط» ، و «مختصر شرح مسلم» عاصره الجندي وذكره في «السلوك» (٢ / ٤٦٠).

(١) هو العلامة القاضي أحمد بن محمد بن فضل بن محمد بن عبد الكريم بافضل ، أخذ عن عمه الفقيه سالم بن فضل وتخرج به ، توفي حدود (٦٠٠ ه‍) ، «صلة الأهل» (٧٤ ـ ٧٦).

(٢) هو الشيخ الفقيه العلامة علي بن أحمد بن علي بن سالم بامروان ، مولده سنة (٥٥٥ ه‍) ، ووفاته في (٣) رجب (٦٢٤ ه‍). «السلوك» (٢ / ٤٨٠) ، «المشرع» عدة مواضع ، «شنبل» (٤٠ ، ١٨١).

(٣) هو الشيخ الأستاذ الكبير الشهير بالفقيه المقدم محمد بن علي بن محمد صاحب مرباط .. مولده بتريم سنة (٥٧٤ ه‍) ، وكان ذكيا عالما فقيها جليلا ، ويعتبر الفقيه المقدم رمز التحول من عصر السلاح إلى عصر التصوف ، وهو مؤسس المدرسة العلوية التي سادت في حضرموت وخارجها حتى أيامنا هذه.

ترجمته مبثوثة في العديد من المصادر التاريخية الحضرمية. وللشيخ علي السكران : «الأنموذج اللطيف» في مناقبه مطبوع مع «البرقة». وينظر : «الأدوار» (٣٠١) ، «المشرع» (٢ / ٧ ـ ٢١) ، وغيرها.

(٤) هو السقاف ، ولد سنة (٧٣٩ ه‍) بتريم ، وتوفي سنة (٨١٩ ه‍) عن (٨٠) عاما ، ويلقبه بعض النسابة بالمقدم الثاني لكثرة ذريته ، وترجمته في معظم المراجع والمصادر الحضرمية ك «المشرع» و «الغرر» وغيرها.

٨٩٦

وألفيت فيه من جهابذة العلا

أكابر لا يلفون شرقا ولا غربا

هذا آخر كلام بامخرمة ، وقد تقدّم أكثره (١).

وقد سبق في حصن فلّوقة عن شنبل أنّ الأثبت في منشد البيتين إنّما هو عبد الرّحمن بن عبد الله بن أسعد ، لا ولده عليّ ، فلينظر.

والسّادة العلويّون بحضرموت على طبقات ثلاث :

الأولى : من المهاجر إلى الفقيه المقدّم ؛ فكانوا على أزياء الصّحابة في هيئتهم وأسلحتهم ، كما نقله سيّدي الأستاذ الأبرّ عن الحبيب عبد الله بن عمر بن يحيى في ترجمته عن «عقده» (٢).

الثانية : من الفقيه المقدّم إلى العيدروس.

أمّا الفقيه المقدّم .. فإنه :

من البيض يستامون والعام كالح

جدوبا ومطّارون في الحجج الغبر (٣)

مغاوير في الجلّى مغابير في الحمى

مفاريج للغمّى مداريك للوتر

وهو أوّل من ترك السّلاح وسلك طريق الصوفيّة ولبس الخوذة ، وهي ما يقال له بمكّة وحضرموت : (القبع) ، ذكره الشّيخ عبد الله بن محمّد بن حكم صاحب «القلائد» في كتابه : «مفتاح السّعادة والخير في مناقب السّادة آل باقشير».

وفي الحكاية (٢٩٥) من «الجوهر» : (أنّ الشّيخ عبد الرّحمن السّقّاف يلبس الخوذة).

وفي الحكاية (١٣٤) منه : (أنّ الشّيخ محمّد بن عليّ مولى الدّويلة يلبس القبع).

وفي الحكاية (١٤٥) منه : (أنّ خادم عبد الله باعلويّ يلبس الخوذة ، وخادم باعبّاد يلبس الطّاقيّة).

__________________

(١) نسبة البلدان (ق ٥٩).

(٢) كما في «عقد اليواقيت» في (المقدمة).

(٣) البيتان من الطويل ، وهما للشريف الرضي في «ديوانه» (١ / ٥٠٥).

٨٩٧

وفي الحكاية (٣٢١) من «الجوهر» : (أنّ السّيّد عبود بن عليّ كان يلبس الخوذة في سنة ٧٨٧ ه‍).

ولكن هل هجروا لها العمامة رأسا ، أم لا يلبسونها إلّا في الرّسميّات؟ كلّ محتمل ، والأوّل هو الأقرب إلى كلام باقشير والّذي يفهم من موضع من «عقد» سيّدي الأستاذ الأبرّ ، ولكن يغبّر عليه أنّ السّيّد محمّد بن علويّ بن أحمد بن الفقيه المقدّم اشتهر بصاحب العمائم (١) ، وذكروا أنّه احترق عليه منها عدد بسبب الاستغراق في المطالعة ، إلّا أن يجاب بأنّ لبسه لها لم يكن بحضرموت ، وإنّما كان بمقدشوه ؛ إذ هاجر إليها في طلب العلم على العلّامة الشّيخ محمّد بن عبد الصّمد الجوهيّ.

وفي هجرة هذا الإمام في طلب العلم تأكيد لما سبق في الحسيّسة وأوائل هذه المسوّدة من إشراف العلم على التّلاشي ، حتّى هاجر الشّيخ سالم بافضل في تجديده ، وجاء صاحب العمائم يتقيّل آثاره ؛ إذ لا يمكن أن يحيط الشّيخ سالم بأطراف فنونه.

وقد قرأ صاحب العمائم الحديث والفقه والتّفسير والتّصوّف وعلوم العربيّة وبرع فيها ، وشارك في الأصلين والمعاني والبيان والمنطق ، وكان يقرأ «المهذّب» على الجوهيّ في سنة ، و «التّنبيه» و «الوسيط» و «الوجيز» في الأخرى قراءة بحث وتحقيق ، كما كان الشّيخ عليّ بن أحمد بامروان يفعله (٢).

فالتّدليل بهجرة صاحب العمائم إلى مقدشوه على قلّة العلم بحضرموت .. صالح لا ينتقض بما كان من أمر الشّيخ سالم ؛ لما مرّ آنفا ، ولأنّ الواحد غير كاف (٣) وإن انتشر عنه العلم ، وقد قال تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ

__________________

(١) ترجمته في «المشرع» (١ / ٣٧٣).

(٢) جاء في «المشرع» (١ / ٣٧٣): (وكان ـ أي : صاحب العمائم ـ في أول طلبه سمع أن علي بن أحمد بامروان كان يقرأ كل واحد منها في سنة ـ أي : الثلاثة الكتب المذكورة ـ ، فطلب من الله أن يرزقه ذلك ، فاستجاب الله دعاءه وأعطاه ما تمناه) اه

(٣) ولتباعد الزمان ؛ فسالم بافضل توفي سنة (٥٨١ ه‍) ، وصاحب العمائم سنة (٧٦٧ ه‍) ، فبين وفاتيهما (١٨٦) سنة.

٨٩٨

وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) ولا ينتقض بما كان من تأثير الهجرة في الطّلب بما لا يكون في الإقامة.

وقد حمّقوا رجلا سار في طلب العلم من العراق وعنده عليّ بن طالب ، وكأنّ الإكباب على السّراج في المطالعة صار طبيعيا لصاحب العمائم ، وإلا .. فمن حقّ اللّبيب أن يعتبر بواحدة ، وقديما كان يقال : (من لدغته الأفعى .. خاف من الحبل) فهو مع الاستغراق يهوّن من وطأة الإشكال الّذي ذكرت ـ عنده ـ ما أخرجه أبو نعيم في «الحلية» [٣ / ٣١٢] بسنده إلى عطاء بن أبي رباح قال : (إن كانت فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لتعجن ، وإنّ قصّتها لتكاد أن تضرب الجفنة).

توفّي صاحب العمائم بتريم آخر سنة (٧٦٧ ه‍) ، وتنتهي هذه الطّبقة بالعيدروس ، وجلّهم كما قال الشّريف [في «ديوانه» ١ / ٤٠٥ من الطّويل] :

أقاموا بأقطار العلا وتناقلوا

عليها وأبدوا في العلا وأعادوا

إلى حسب منه على البدر عمّة

وفي عاتق الجوزاء منه نجاد

إذا وقفوا في المجد خافوا نقيضه

فتمّوا على عنف السّياق وزادوا

وهؤلاء هم الّذين يقول المغربيّ في «رحلته» أنّهم أشبه بالملائكة.

وأمّا الطّبقة الثّالثة .. فمن العيدروس إلى تمام القرن الثّالث عشر :

فاستأنفوا العزّ مخضرّا زمانهم

كأنّما الدّهر فيهم روضة أنف (١)

تسعى البكار معنّاة وقد ملكت

أولي الجمام عليها الجلّة الشّرف

ثمّ رأيت في مناقب سيّدنا الحسن بن عبد الله الحدّاد المسمّى : «المواهب والمنن» لحفيده العلّامة علويّ بن أحمد بن الحسن ما نصّه : ولم يلبس بعد الحجّ إلّا الخوذة والبثت من غزل الحاوي والسّبير فوق الشّقّة ، وفي البيت الشّقّة والكوفيّة البيضاء المخرّمة ، والعمامة للجمعة والزّيارة والأوّابين في البلد ، وسروال وقميص من البفت وفوقه أيضا بفت ، وكان حجّه في سنة (١١٤٨ ه‍).

__________________

(١) البيتان من البسيط ، وهما للشريف الرضي في «ديوانه» (٢ / ٧ ـ ٨).

٨٩٩

وفي (ص ٢٩٢ ج ١) منه : طلبت من السّيّد زين العابدين بن مصطفى العيدروس قبعا مخيّطا من الهند ، مرادي ألبسه يوم الزّينة مثل الوالد ، فأعطاني إيّاه بعد أن استشار الوالد فأذن له ، فلبسته يوم الزّينة ولم يلبسه أحد من إخواني قبلي ، ثمّ لبس مثله الأخ علويّ في الزّينة الثّانية.

وفي أوائل القرن الرّابع عشر كان بناء الرّباط بتريم (١) ، ومن أكبر القائمين به والسّاعين له : الصّدر الجليل ، السّيّد عبد القادر بن أحمد الحدّاد (٢).

وهو رجل غزير المروءة ، جزل الرّأي ، يثني عليه شيخنا المشهور ، وكثيرا ما يسمّيه : (الغصن الرّطيب) يريد به المبالغة في المدح ، ولكنّه ممتلىء من الرّخاوة ، وقد عابوا على الخوارزميّ قوله في الصّاحب [من الخفيف] :

وظريف كأنّ في كلّ فعل

من أفاعيله عرائس تجلى

وقالوا ـ كما في «اليتيمة» [٤ / ٢٥٤] ـ إن المحتشمين لا يوصفون بالظّرف ؛ إذ هو من أوصاف الأحداث والشبّان والقيان ، ثمّ لم يرض بهذه الفرطة حتّى شبّه أفاعيله بالعرائس تجلى ، فلو أنّه مدح مخنّثا .. لما زاد.

ولكنّني نقضته أواخر الجزء الثّالث من «بضائع التّابوت».

وممّن ساعد على بناء ذلك الرّباط : السّيّد أحمد بن سقّاف الجنيد ، والسّيّد محمّد بن سالم السّريّ ، والشّيخ محمّد بن عمر عرفان ، وكان إليهم النّظر في مدّة حياتهم ، وفي الشّرح أنّ من مات منهم يبدّل بغيره ، ولمّا توفّي أحمد بن سقّاف أبدل بأخيه علويّ ، ولكنّه لم يتداخل بالأمر إلّا قليلا ، بل فوّض الأمر إلى رفاقه ، ولمّا

__________________

(١) كان بناؤه في سنة (١٣٠٤ ه‍).

(٢) المتوفى سنة (١٣١٣ ه‍) بالحوطة ، وكان المذكور ممثّلا عن آل الحداد الذين هم رابع خمس أسر تعاضدت على إنشاء الرباط. وهي : آل الحداد ، وآل الجنيد ، وآل الشاطري ، وآل السري ، وآل عرفان بارجاء.

وسلمت إدارته للسيد الجليل العلامة عبد الله بن عمر الشاطري بعد عودته من الحجاز أوائل سنة (١٣١٤ ه‍) ، ولم يزل مقيما على التعليم فيه إلى أن توفي سنة (١٣٦١ ه‍).

٩٠٠