إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

نجوم سماء كلّما انقضّ كوكب

بدا كوكب تأوي إليه كواكبه

وما زال منهم حيث كانوا مسوّد

تسير المعالي حيث سارت ركائبه

لا يفقد منهم زعيم .. إلّا سدّ مسدّه رجل عظيم ، وكلّما غاب منهم نجيب .. سدّوا معاوز فقده بلبيب ، قال الشّريف الرّضيّ [في «ديوانه» ١ / ٥٠٠ من الخفيف]

كلّما غاب من بني خلف بد

ر يضيء الظّلام أخلف بدرا

نفض الدّهر منهم ثمّ أعيو

ه بدورا من المطالع تترى

وما زال والدي على فعله الجميل وسعيه الجليل إلى أن توفّي على ذكر الله في يوم الجمعة (٢١) جمادى الأولى من سنة (١٣٢٤ ه‍) (١).

ولنعد على البدء .. فممّن سكن سيئون : العلّامة الجليل السّيّد عليّ بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن عليّ بن عقيل السّقّاف (٢).

همام يلمعيّ من قريش

كأنّ جبينه فلق الصّباح (٣)

عليه سيمياء المجد باد

وعنوان الفضائل والسّماح

كان أبوه يتردّد إلى سيئون ، ثمّ اقترن بسلامة بنت الحبيب عليّ (٤) بن عمر بن طه بن عمر السّقّاف ، فأولدها إيّاه.

وفي «المواهب والمنن» : (أنّ والد السّيّد عليّ كان يتردّد إلى الحاوي على حصان معه إلى عند القطب الحدّاد ، وكان ساكنا بالمسفلة ، وله ابن يقال له :

__________________

(١) ولم يعقب الحبيب عبيد الله من الذكور سوى ابنه عبد الرحمن مؤلف الكتاب ، وثلاث بنات ، أعلمهن وأشهرهن ذكرا الشريفة علوية التي كانت تعقد مجالس العلم للنساء فيأتينها من أطراف البلد ، بل ومن خارجها للانتفاع بها ، وكان مجلسها يعقد مرتين في الأسبوع ، وقد توفيت حدود سنة (١٣٨٠ ه‍).

«التلخيص» (١٤٣).

(٢) ولد الحبيب علي بن عبد الله بسيئون ، وتوفي بها كما ذكر المؤلف ، أما والده .. فمقبور بقسم ، توفي بها سنة (١١٢٣ ه‍).

(٣) البيتان من الوافر ، وهما للشريف الرضي في «ديوانه» (١ / ٢٤٦) بتغيير يسير.

(٤) ولد بسيئون سنة (١٠٢٠ ه‍) ، وتوفي سنة (١٠٧٤ ه‍) ، كان من علماء سيئون البارزين ، تولى الإفتاء والقضاء بها. «التلخيص» (٢٥).

٧٠١

سقاف ، أكبر من عليّ ، إلّا أنّ عليا كان أكثر منه بحثا وقراءة ، ونشأ في ضنك من المعيشة وشدّة شديدة ، وكان إذا جاء إلى الحاوي هو وزوجته .. ينسونهم بلا غداء ، ولكنّ القطب الحدّاد كان يتفقّدهم بنفسه ، ثمّ فتح الله عليه آخر عمره بسيئون ، فكان يكثر من شرب السّمن بالليل فذهب بصره) اه

وقد ترجمه سيّدي عمر بن سقّاف وهو حفيده من بنته بجزء خاصّ.

وكان ـ أعني الحبيب عليا ـ كثير التّنقّل في البلدان (١) ، ولا سيّما حوطة الشّيخة سلطانة بنت عليّ الزّبيديّ ، ثمّ سار إلى الهند وعاد ـ متجرّدا عن الدّنيا كما بدأ ـ إلى سيئون ، ولم يزل يتنقّل في ديار منها حتّى عمّر مكانه الّذي بيثمه ، فكان منهلا للواردين ، ومرجعا للطّالبين ، واستقرّ فيه يقري الضّيفان ، وينشر العرفان حتّى مات بها في سنة (١١٨١ ه‍) ، وقبر بجانب مسجده في شرقيّه بدون وصيّة منه ، بل قيل له في مرض موته : أين تحبّ أن يكون قبرك؟ فقال : حيثما يريده الله.

وله ذرّيّة صالحون ، من أواخرهم : حفيده المعمّر محمّد بن أحمد بن عليّ بن عبد الله ، توفّي بسيئون في رابع ذي القعدة سنة (١٣٠٧ ه‍) عن مئة وخمسة عشر ربيعا ، وقد حضرته وقرأت عليه ، وبارك عليّ ودعا لي وألبسني بفضل والدي رضوان الله عليهم.

وقد أدرك اثني عشر عاما من حياة الحبيب أحمد بن حسن الحدّاد وهو قد أدرك خمس سنين من حياة جدّه القطب الحدّاد.

ومن ذرّيّته : الفاضل المحبّ للعلم وأهله ، الوصول للأرحام : أحمد بن جعفر بن أحمد بن عليّ بن عبد الله (٢) ، المتوفّى بسيئون سنة (١٣٢٠ ه‍) عن عمر

__________________

(١) أخذ عن الإمام الحداد ، وعن الحبيب علي بن عبد الله العيدروس صاحب سورت بالهند ، وهو ممن اختصر كتاب «مجمع الأحباب» للواسطي ، وسمى مختصره : «لب اللباب» ، وهو غير مختصر الحبيب محمد بن زين بن سميط المسمى بنفس الاسم.

(٢) هو الحبيب أحمد بن جعفر بن أحمد بن الحبيب علي .. ولد بسيئون ، وتوفي بها في (٤) صفر سنة (١٣٢٠ ه‍) ، وهو ثالث ثلاثة إخوة كلهم صالحون أخيار ، والآخران هما : عبد الرحمن توفي بمكة

٧٠٢

يناهز المئة. وقد أخذت عنه بفضل والدي مرّة في الحجّة من سنة (١٣٠٩ ه‍) بمكانه ، وأخرى بمكاننا علم بدر ليلة الإثنين (٧) القعدة من سنة (١٣١٣ ه‍) ، فأجازنا وألبسنا أنا ووالدي والشّيخ محمّد الدّثنيّ وولده عمر ، بعد أن أمرني والدي بقراءة شيء من الكتب ، وقال لوالدي : (لم يسألني الإجازة من سيئون أحد غيرك) ، فذكرت به ما رواه شارح «العينيّة» في (ص ٣٢٠) عن الحبيب عقيل بن عبد الرّحمن أنّه ألبس القطب الحدّاد كوفيّته ، وقال له : (ألبسناك ولم نلبس غيرك) اه

وما روي عن الحبيب عمر بن عبد الرّحمن البارّ أنّه قال : إنّ القطب الحدّاد ألبسني وأذن لي في الإلباس والتّحكيم إذنا مطلقا ، ولم يأذن لأحد غيري إلّا الحبيب أحمد بن زين.

لكن في «المواهب والمنن» : أنّ الحبيب عمر حامد غضب من كلام البارّ هذا ، وقال : إنّ أفضل وأكمل منه قول الحدّاد لولديه علويّ وحسن : أقمتكما مقامي ، وأنبتكما عنّي.

ثمّ رأيت السّيّد محمّد بن حسن عيديد يقول : إنّه أخذ عن شيخنا أحمد بن جعفر ولبس منه.

ولا يغبّر على ما تقدّم ؛ لأنّ النّفي إنّما كان خاصّا بآل سيئون ، وإمّا لأن يكون أخذه بعد التّاريخ السّابق. اه

وفي ذلك المجلس ذكر الحبيب أحمد بن جعفر أنّه : اجتمع بالحبيب طاهر بن حسين ، والحبيب علويّ بن سهل مولى خيله (١) ، والحبيب عبد الله بن أبي بكر

__________________

سنة (١٢٧١ ه‍) ، وعلي توفي بسيئون سنة (١٣١١ ه‍).

وذكروا أنه لما توفي المترجم .. حفروا له عند رأس أخيه علي فوجدوه بعد (٩) سنوات سالما لم يبل جسمه ، ذكر هذا الحبيب عبد الرحمن المشهور في ترجمته له في «الشجرة».

(١) هو السيد الشريف علوي بن محمد بن سهل بن محمد بن أحمد بن سليمان بن عمر بن محمد بن سهل بن عبد الرحمن مولى خيله العلوي. ولد بتريم سنة (١١٦٦ ه‍) ، ونشأ بها ، ثم هاجر إلى الهند واستقر بمليبار ، ولم يزل بها يترقى في مراقي الكمال حتى وافاه الحمام سنة (١٢٦٣ ه‍) ببلدة ترنقالي. جمع نبذة من كراماته العلامة أحمد بن أبي بكر بن سميط وطبعت بمصر ، وله ذكر في «تاج

٧٠٣

صاحب ملاكه (١) ، والسّيّد أحمد بيتي ، والسّيّد أحمد بافقيه ، وابنه شيخ ، والحبيب شيخ بن علويّ بن شيخ بن عبد الرّحمن بن سقّاف ، والحبيب عبد الرّحمن بن حسن بن سقّاف ، والحبيب محمّد بن عمر بن سقّاف (٢) ، والشّيخ عمر بن عبد الرّسول العطّار (٣) ، والسّيّد يوسف البطّاح الأهدل (٤) ، والمعلّم عمر مشغان (٥) ، والشّيخ محمّد باقيس. وغيرهم.

وله مكارم ومآثر ؛ منها : مسجد بسيئون ، ومسجد بسربايا ، وزيادة حسبما سبق في الجامع.

وههنا مسائل :

الأولى : أنّ مسجد السّيّد أحمد بن جعفر بسيئون كان صغيرا محتاجا إلى التّوسعة ، فاستفتاني ولده عمر في ذلك؟ فأفتيته بالجواز تبعا لما استظهره بعضهم ، بل قيل بالوجوب حينئذ إذا قام مال الوقف بذلك.

والثّانية : أنّ هذا المسجد كان فقيرا ، ومسجده بسربايا كان غنيّا ، فأفتيته بجواز الصّرف من مال هذا على ذاك ، مستدلّا بكلام للشّيخ الجليل محمّد بن عبد الله باسودان في ذلك ، وفتوى للخليليّ ناصّة عليه.

وقد نقل عن كثير من علماء اليمن أنّه يجوز صرف الفاضل من ريع الموقوف على مسجد في مصالح المسلمين وإلى عمارة مسجد آخر في موضعه ؛ لأنّ القصد مصلحة المسلمين. وقد نقل ذلك عن العمرانيّ مؤلّف «البيان».

ولئن لم يكن مسجد سيئون بموضع مسجد سربايا .. فإنّه أقرب إلى غرض الواقف

__________________

الأعراس».

(١) المولود بالشحر ، والمتوفى بملاكه بماليزيا سنة (١٢٥٥ ه‍) ، وترجمته في «نشر النفحات المسكية» لباحسن (خ).

(٢) مولده سنة (١١٩٨ ه‍) ، ووفاته (١٢٤٩ ه‍). «التلخيص» (٧٧ ـ ٧٨).

(٣) وفاته بمكة سنة (١٢٤٧ ه‍).

(٤) وفاته بمكة سنة (١٢٤٦ ه‍).

(٥) توفي سنة (١٢٩٣ ه‍) ، وله بعض مصنفات.

٧٠٤

من الصّرف لمصالح المسلمين ولفقراء ذلك الموضع ، وما أكثر ما تراعى مقاصد الواقفين.

والثّالثة : أنّه عمل له منارة رفعها وتضرّر بها الجيران ، ونهيته .. فما انتهى.

وأوّل من اتّخذ المنائر : شرحبيل بن عامر المراديّ زمن معاوية.

وكان بلال ـ كما عند أبي داود [٥١٩] ـ يؤذّن على بيت امرأة من بني النّجّار ؛ لأنّه أطول بيت حول المسجد.

وقد أمر خالد بن عبد الله القسريّ بهدم المنائر ، فقال فيه الفرزدق [من الطّويل]

بنى بيعة فيها النّصارى لأمّه

ويهدم من كفر منار المساجد

وقال [في «ديوانه» ١ / ١٧٨ من الطّويل] :

عليك أمير المؤمنين بخالد

وأصحابه لا طهّر الله خالدا

بنى بيعة فيها الصّليب لأمّه

وهدّم من بغض الصّلاة المساجدا

على أنّه لم يهدمها إلّا لأنّه سمع رجلا ـ ظننته عمر بن أبي ربيعة ـ ينشد :

ليتني في المؤذّنين حياتي

إنّهم يبصرون من في السّطوح

فيشيرون أو تشير إليهم

بالهوى كلّ ذات دلّ مليح

وإن لم يخنّي الحفظ .. فخالد هذا هو الّذي ألزم النّساء حاشية المطاف عندما بلغه قول عمر بن أبي ربيعة :

وحبّذا اللّائي يزاحمننا

عند استلام الحجر الأسود

وقال : إنّهنّ لن يزاحمنك بعد اليوم.

وذكرت لها نظائر في «العود» ، ثمّ رأيت بعضه عند الأزرقيّ ، وأخرج سعيد بن منصور : أنّ عمر بن الخطّاب نهى أن يطوف الرّجال مع النّساء ، فإذا هو برجل ذات يوم يطوف مع النّساء ، فانهال عليه ضربا ، وقال له : ألم أنه عن هذا؟! فقال : لا ، لم تبلغني عزمتك ، فقال له : دونك ؛ يعني : فاقتصّ .. فلم يفعل ، قال : فاعف ،

٧٠٥

قال : ولا أعفو ، فما زالت الكراهية تعرف في وجه عمر حتّى راجع النّاس الرّجل فعفا ، فسرّي عن ابن الخطّاب. أو ما هذا معناه.

ثمّ إنّ الّذي أذكره عن مذهبنا من أنّ للإنسان أن يتصرّف في ملكه وإن أضرّ بجاره لا بملكه إذا خالف العادة .. بخلاف المصالح العامّة ، فلا يتصرّف فيها بما يضرّ الجيران.

والّذي أكتبه في الجواب عن هذه المسألة هو من لسان القلم وبقيّة الحفظ لا عن رجوع منّي إلى ما حرّرته في أجوبتها يوم سئلت ، فلا مجال للاعتماد عليه إلّا بعد النّظر ، وإنّما كتبته لمجرّد البحث والمذاكرة.

وفي «تبصرة الحكّام» : يمنع الرّجل من إحداث إصطبل للدّوابّ عند باب جاره ؛ لما يؤذيه من بولها وزبلها وحركتها ليلا ونهارا ، وكذلك الطّاحون وكير الحدّاد.

وفيها تنازع الشّيوخ ببلدنا ـ قديما وحديثا ـ في الرّجل يجعل في داره رحى أو شبه ذلك ممّا له دويّ ، فقال بعضهم بالمنع مطلقا ، وقال بعضهم لا منع مطلقا ، وقال بعض : يمنع باللّيل لا بالنّهار ، ومتى اجتمع ضرران .. منع الحادث لا القديم.

وبسيئون جماعة من ذرّيّة الهادي بن أحمد الحبشيّ صاحب الشّعب. ومن ذرّيّة الحسن بن أحمد (١).

منهم : السّيّد الصّالح علويّ بن عليّ الحبشيّ ، المتوفّى بسيئون في حدود سنة (١٣٣٤ ه‍) ، كان هو وأخوه أحمد وأبوهما من أهل الأحوال الصّالحين ، ويقال لهم : أهل الرّوشن (٢) ، لهم أمور غريبة وخوارق عجيبة.

__________________

(١) توفي الحبيب الحسن سنة (١٠٩٩ ه‍) بسيئون ، وعقبه بسيئون وسمارانغ بجاوة.

(٢) آل الروشن : ذرية السيد علي الروشن بن أحمد بن عبد الله بن علوي بن طه بن حسن بن أحمد صاحب الشعب. «المعجم اللطيف» (٩٧). وعند ضياء شهاب في «التعليقات» (٢ / ٤٦٦) غير هذا.

والروشن : ما يعمل في البيوت على سبيل الإضاءة والتهوية ، ويسميه البعض : الروشان ؛ لأن جدهم كان أول من عمله في سيئون .. فلقبوه به.

٧٠٦

وفيها جماعة من ذرّيّة الحسين بن أحمد بن محمّد الحبشيّ ، منهم : العلّامة الفاضل السّيّد عليّ بن محمّد الحبشيّ (١) ، كان أبوه داعيا إلى الله ـ كما سبق في قيدون ـ يتنقل في البلدان بإشارة الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر ، لا يخرج عن أمره في شيء قطّ. فولد له السّيّد عليّ في قسم ، وانتقلت به أمّه (٢) إلى سيئون ، وبها نشأ ، وله رحلة إلى الحجاز ، وتخصّص في علم النّحو ، وله شعر جيّد ، وأكثر أوّله على لسان الصّوفيّة ، وله تأليف صغير في قصّة المولد (٣) ، وله أشعار حمينيّة ، وقد طبع جميع ذلك ، وفيه من الدّلالة على مرتبته العلميّة والشّعريّة ما يغني عن كلّ شيء.

إنّ آثارنا تدلّ علينا

فانظروا بعدنا إلى الآثار

وقال عليّ بن الجهم [من المتقارب] :

وأعلم أنّ عقول الرّجا

ل يقضى عليها بآثارها

أمّا أبوه : فإنّه السّيّد محمّد بن حسين الحبشيّ ، مفتي الشّافعيّة بمكّة ، وهو الشّيخ السّادس عشر من مشايخ سيّدي الأستاذ الأبرّ ، توفّي بمكّة سنة (١٢٨١ ه‍) ، وخلفه ولده العلّامة الجليل حسين بن محمّد الحبشيّ (٤) ، له رحلات كثيرة إلى حضرموت يتنفّس بها الزّمان ، وتتبسّم بها الأيّام ، حتّى إنّها لتكاد تكون أعيادا وأخوه السّيّد عليّ

__________________

(١) العلامة الكبير صاحب المقام والصيت الذائع ، ولد سنة (١٢٥٩ ه‍) ، وتوفي سنة (١٣٣٣ ه‍) ، أخباره كثيرة وشهيرة ، جمع ترجمته وسيرة حياته السيد الفاضل طه بن حسن السقاف في كتاب سماه : «فيوضات البحر الملي» في مجلد كبير.

(٢) والدة الحبيب علي هي الشريفة علوية بنت حسين بن أحمد الجفري ، سكان شبام ، عقد بها على والده شيخه الحبيب عبد الله بن حسين بن طاهر.

(٣) هو المولد الذائع الصيت المسمى : «سمط الدرر في أخبار مولد خير البشر وما له من أخلاق وأوصاف وسير» ، طبعاته كثيرة. وأما مواعظه وكلامه المنثور .. فجمعه عدد كبير من المريدين والتلامذة ؛ منهم السيد عمر مولى خيله ، والسيد محسن بن عبد الله بن محسن السقاف ابن عم المؤلف ، والسيد حسين بن عبد الله الحبشي وغيرهم.

(٤) ترجمته في : «تاريخ الشعراء» (٤ / ١١٠) ، «فهرس الفهارس» (٣٢٠) ، «رياض الجنة» للفاسي (٢ / ١٣ ـ ١٩) ، «فتح القوي» لتلميذه الشيخ عبد الله غازي ، وحفيده العلامة أبو بكر بن أحمد بن حسين في «الدليل المشير» (٩٢ ـ ٩٧).

٧٠٧

يبالغ في إكرامه ويعترف بفضله ويقدّمه في الصّلاة ؛ إذ كان غزير العلم ، وفير الحلم ، جميل المحاضرة ، لطيف المحاورة.

لا طائش تهفو خلائقه ولا

خشن الوقار كأنّه في جحفل (١)

فكه يجمّ الجدّ أحيانا ، وقد

يضنى ويهزل حدّ من لم يهزل (٢)

وقد أخذت عنه ولبست منه مرارا ، وسمعت عنه السّلسلات ، وقرأت عليه ، توفّي بمكّة المشرّفة سنة (١٣٣٠ ه‍).

وأمّا أخوه السّيّد شيخ بن محمّد الحبشيّ (٣) .. فقد كان شهما كريما ، ونزهة نديما ، سليم الذّوق ، مائيّ الأخلاق.

فلو كان ماء .. كان ماء غمامة

ولو كان نوما .. كان تعريسة الفجر (٤)

له شعر جيّد ، وأدب غضّ ، ونكات لطيفة ، ونوادر عجيبة. وكان بيني وبينه إخاء وودّ ، وكان لا يبالي في زيارتي والتّردّد عليّ بلوم لائم ممّن على شاكلة باطويح. توفّي بسيئون سنة (١٣٤٨ ه‍) ، ودفن بقبّة أخيه.

وبما أنّ السّيّد شيخا كان عذب الشّمائل ، رقيق الحاشية ، ميّالا إلى الأشعار الغزليّة ، كثير الولوع بشعر ابن الفارض .. تذكّرت أنّ الجعبريّ زار قبر ابن الفارض فرآه مشعّثا مغمورا بالتّراب ، فأنشد [من الطّويل] :

مساكين أهل العشق حتّى قبورهم

عليها تراب الذّلّ بين المقابر (٥)

__________________

(١) البيتان من الكامل ، وهما لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ١٩).

(٢) يجمّ الجدّ : يتركه ، وهو مستعار من إجمام الفرس ، إذا تركه صاحبه فلم يركبه.

(٣) ولد السيد شيخ بسيئون سنة (١٢٦٤) ، وتوفي بها سنة (١٣٤٨ ه‍) ، ترجمته في : «تاريخ الشعراء» (٤ / ٢٠٩ ـ ٢١٨) ، وله رحلة إلى مصر وإستنبول سمّاها : «الشاهد المقبول في الرحلة إلى مصر والحجاز واستنبول».

(٤) البيت من الطّويل. تعريسة الفجر : نومة المسافر واستراحته عند الفجر.

(٥) روى العلّامة جعفر بن أحمد السرّاج في كتابه «مصارع العشّاق» (١ / ١٣٠) عن ابن المعتزّ بيتين في عكس هذا البيت ، وهما :

مررت بقبر مشرق وسط روضة

عليه من الأنوار مثل الشّقائق

٧٠٨

وفي سيئون جماعة من آل حسّان ، يرجعون في النّسب ـ حسبما يقولون ـ إلى الشّيخ المؤرّخ عبد الرّحمن بن عليّ بن حسّان (١) ، يحترفون بالصّياغة ، وكانت لهم منها ثروة ـ بالنّخيل ـ ومواساة ، ولكنّهم على وشك التّلاشي اليوم.

ومن آخرهم : شيخنا العلّامة المحقّق عمر عبيد حسّان ، كان عابدا ناسكا ، قويم السّيرة ، طاهر السّريرة ، غزير الفقه ، شديد الورع ، متين التّقوى ، وكان من أخصّ تلاميذ والدي وقرّائه ، وهو المخصّص لتعليمي الفقه ، ثمّ كان ممّن يحضر دروسي بمسجد طه في التّفسير والفقه والحديث.

توفّي رحمة الله عليه بسيئون سنة (١٣٤٩ ه‍) ، وخلفه ولده عبد الله على قريب من حاله بارك الله فيه.

وفي سلسلة ذوي الأنساب الموجودة بتريم : أنّ يهوديّا اسمه لحج ، له ثلاثة أولاد ؛ هم : داود وحسن ووحش ، أسلموا مع أبيهم وانتشر عقبهم ، واحترفوا بالصّياغة ، فآل باطود من ذرّيّة داود ، آل حسّان ـ بكسر الحاء ، وبالسّين ـ من ذرّيّة حسن ، وآل باحشوان من ذرّيّة وحش. اه بمعناه.

ولكنّه يغبّر عليه ما ذكره من وصول لحج وإسلامه وإسلام بنيه على يد القطب الحدّاد ، مع أنّهم أقدم من ذلك بكثير.

وفيها أيضا : أنّ آل باسلامة وآل التّويّ وآل هبيص وآل مشعبيّ .. عبيد لحمير. اه والعهدة على مؤلّفها ، أو على الشّيخ محمّد بن سعيد بن مرتع الّذي روى لي هذا عنها.

وعن الأخ عيدروس البارّ ـ السّابق ذكره في القرين من بلاد دوعن ـ : أنّه وصل من البصرة مع المهاجر أحمد بن عيسى أربعة عبيد ، ثمّ أعتقهم وموّلهم ، وهم : مخدّم

__________________

فقلت لمن هذا؟ فقال لي الثّرى :

ترحّم عليه إنّه قبر عاشق

(١) المولود بريدة المشقاص سنة (٧٥٠ ه‍) ، والمتوفى بكروشم من بلدان الريدة المذكورة سنة (٨١٨ ه‍) ، كان عالما فقيها مؤرخا ، له مصنفات. ترجمته في : «تاريخ الشعراء» (١ / ٧٤ ـ ٧٦).

٧٠٩

جدّ آل مخدّم ، وشويع جدّ آل شويع ، وحشوان جدّ آل باحشوان ، وحسّان جدّ آل حسّان. وهذا هو الأولى بالقبول.

وكان في سيئون جماعة من آل باشيخ ، يرجعون في النّسب ـ كما هو منقول بخطّ العلّامة الجليل عليّ باصبرين ـ إلى بني العبّاس ، من ذرّيّة عليّ بن طرّاد بن إبراهيم الإمام.

وفي «تاريخ باعبّاد» : أنّ الحبيب عبد الرّحمن بن عبد الله بلفقيه مرّ بسيئون في سنة (١١١٩ ه‍) ، وزار تربتها ، وتعشّى عند آل باشيخ ، وسار إلى دوعن ، ومنها إلى الشّحر يريد الحجّ.

وفي ترجمة سيّدنا الحبيب أحمد بن زين الحبشيّ من «عقد أستاذنا الأبرّ» : أنّه كان يمشي إلى سيئون من غير مركوب يأخذ النّحو عن الشّيخ محروس.

وبها كان جماعة منهم ـ أعني آل محروس ـ ثمّ لم يبق منهم إلّا القليل ؛ منهم : تاجر غاشم يمتصّ دماء المحتاجين بالرّباء أو بأخيه ، ويأخذ منهم أرباحا باهظة تلجئهم إليها الضّرورة ، ويرتهن بها أموالهم إلى أن تغلق (١).

وقد سبق لآل وبر ذكر في المحترقه. وكان بسيئون جماعة منهم وجماعة من آل هذبول ، أمّا الآن .. فلا ، ولكن من آل وبر ناس في الحوطة وتاربه وبحيرة وثبي.

وفي «مجموع الجدّ طه بن عمر» أنّ : (آل وبر وآل هذبول أكفاء ؛ لأنّ حرفة الجميع السّناوة والحرث سابقا) اه

وكان بسيئون جماعة من الفرقتين ، أمّا الآن .. فلا ، ولكن من آل وبر جماعة في تاربه والحوطة وبحيره وثبي.

ومن «مجموع الجدّ طه» أيضا : (أنّ عقود سيئون أكثرها بغير كفء ؛ لأنّ فيها أراذل كثير) اه

__________________

(١) تغلق : تستحقّ للمرتهن فيأخذها.

٧١٠

وكنت أستشكل لؤم أهل سيئون الّذي لا ينتهي إلى حدّ حتّى رأيت هذا ، فإنّها وإن كان فيها ناس من أولي الأصول الطّيّبة والبيوتات الشّريفة .. فإنّ الاختلاط مدعاة الفساد ، وهو موجود بكثرة من الرّضاع والمصاهرة وغيرهما ، وقد قال الأوّل [أوس بن حجر في «ديوانه» ٥٦ من الوافر] :

إذا الحسب الصّميم تداولته

بناة السّوء .. أوشك أن يضيعا

وارجع إلى ما ذكرته في القطن.

وقد سلّني الله من أهل سيئون كما تسلّ الشّعرة من العجين ، فجاء موضع قول أبي الطّيّب [في «العكبريّ» ٤ / ٧٠ من الوافر] :

وما أنا منهم بالعيش فيهم

ولكن معدن الذّهب الرّغام

على أنّني لم أكن منها ، وإنّما أنا من حوطة مستقلّة ، بضاحيتها الشّرقيّة.

أمّا ما أخرجه الأصفهانيّ بسنده في «الأغاني» [١١ / ٢٦٥] أنّ حضرميّا بالكوفة خطب امرأة من بني أسد ، فأخذ يسأل عن حسبها ونسبها ، فقال الأقيشر المعروف [من الرّمل] :

حضرموت فتّشت أحسابنا

وإلينا حضرموت تنتسب

إخوة القرد وهم أعمامه

برئت منكم إلى الله العرب

 .. فجزاف غير مقبول ، وهجاء الأقيشر غير ضائر ؛ لشهرته بالفسوق ، ولكنّ الفرزدق يقول في هجاء عبد الله بن أبي زياد الحضرميّ [من الطّويل] :

ولو كان عبد الله مولى هجوته

ولكنّ عبد الله مولى مواليا

أراد بالموالي : الحضرميّين ، وكانوا موالي بني عبد شمس بن عبد مناف ، وعبد الله مولى الحضرميّين .. فهو مولى موالي ، ولكنّه أعلم أهل البصرة بالنّحو ، وعنه أخذ أبو عمرو بن العلاء وأبو الخطّاب الأخفش ، ويونس بن حبيب ، وعيسى بن عمر. وكان يلحّن الفرزدق .. فهجاه ، توفّي سنة (١١٧ ه‍) ، عن ثمانية وثمانين عاما.

٧١١

مع أنّه لا ينكر اختلاط حضرموت بالعجم كما سبق قريبا وفي حورة ، ومرّ في كلام جدّنا تأكيده عن أهل سيئون خاصّة .. فهو أخذ إليهم بعنق قول الشّريف الرّضيّ [في «ديوانه» ١ / ٤٠٤ من الطّويل] :

لهم حسب أعمى أضلّ دليله

فلم يدر في الأحساب أين يقاد

وفي «ديوان» الشّيخ عبد الصّمد باكثير ما يدلّ على وصول الشّيخ إسماعيل بن زين العابدين المقدسيّ الأنصاريّ إلى سيئون في سنة (١٠١٠ ه‍) ، وذلك لأنّه خاطب عبد الصّمد بأبيات ؛ منها قوله [من الطّويل] :

لسيئون سرنا بل سررنا لأنّنا

لساحة مولانا على النّجب نسبق

وفي سيئون ناس من آل وثّاب ، لهم ذكر كثير في «سفينة البضائع» لسيّدي عليّ بن حسن العطّاس ؛ لأنّه كان يحبّهم وينزل بسيئون عليهم.

ومنهم بقايا لا أدري أيراعون أم لا ودّ أجدادهم في ذرّيّة الحبيب ومنصبه ؛ فقد جاء الحثّ على ذلك كما في حديث عبد الله بن عمر عند مسلم بن الحجّاج [٢٥٥٢] ، ومعناه : «إنّ من أبرّ البرّ أن يودّ الرّجل أهل ودّ أبيه» أو ما يقرب من ذلك ، ويؤكّده ما صحّ من قوله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «إنّ حسن العهد من الإيمان ، وإنّها كانت تأتينا في أيّام خديجة».

القضاء بسيئون :

أوّل من تولّى القضاء بسيئون من السّادة آل الصّافي النّاقلين إليها من تريم هو : جدّنا العلّامة الإمام طه بن عمر بن طه بن عمر ، المتوفّى بها سنة (١٠٦٣ ه‍).

ثمّ أخوه عليّ بن عمر ، ثمّ السّيّد عمر بن محمّد بن عمر ، ثمّ جدّنا محمّد بن عمر بن طه بن عمر ، ثمّ جدّنا سقّاف بن محمّد (١) ، المتوفّى بها سنة (١١٩٥ ه‍).

ثمّ ابنه العلّامة الجليل عمر بن سقّاف ، السّابق ذكره في السّوم ، ولم يتولّه إلّا

__________________

(١) ولد بسيئون في حدود سنة (١١١٥ ه‍). ترجمته في «التلخيص» (٤٦ ـ ٥٢). وأفرده ابنه السيد حسن بترجمة واسعة سمّاها : «نشر محاسن الأوصاف» طبعت وصدرت عن دار الحاوي.

٧١٢

تأثّما مدّة قصيرة ، ثمّ نزل عنه لأخيه علويّ (١) ، فلاقى عداء كبيرا من أبناء عمّه علويّ بن محمّد (٢) ، ثمّ نزل عنه لأخيه محمّد بن سقّاف (٣) ، ولم يحمد الحال بين محمّد هذا وأخويه عمر وعلويّ ، كما أشار إليه السّيّد أحمد بن حسن الحدّاد.

وكان السّيّد محمّد هذا شديدا ، حتّى لقد قتل أحد آل باجري مسكينا بسيئون في أيّام يافع .. فلم ترفع يافع رأسا بذلك ، وما كانت تسكت على مثل ذلك مع أنفها وإبائها إلّا لغرض ـ وكأنّه كان عندها دماء لآل باجري فأرادت المبادلة ـ فاشتدّ السّيّد محمّد بن سقّاف وقال : إمّا أن يسلّموا آل باجري القاتل للحكم الشّرعيّ ، وإمّا أن تحاربوهم.

وزجّهم في النّار ، فاهتمّوا بذلك وألجؤوا آل باجري على الخضوع للحقّ ، وبعد محاكمة صاحبهم وامتناع أولياء القتيل عن العفو .. قتل بالسّيف قصاصا أمام دار القاضي. هكذا بلغني عن أحدهم.

وبقي العلّامة السّيّد محمّد بن سقّاف هذا على القضاء إلى أن توفّي بسيئون سنة (١٢٢٢ ه‍) ، ثمّ لم يجد سيّدنا علويّ بن سقّاف بدّا من الرّجوع إليه ، فتولّاه إلى أن مات بسيئون سنة (١٢٣٥ ه‍) ، فأكره عليه ولده جدّنا المحسن (٤) ، وكان سنّه إذ ذاك نحو الأربعة وعشرين ربيعا ، ولكنّه أعين بالتّوفيق ، وكان آية في فصل الأحكام :

__________________

(١) هو العلامة الجليل ، علوي بن سقاف بن محمد .. ولد بسيئون ، وبها توفي سنة (١٢٣٥ ه‍) ، تولّى القضاء بسيئون وهو لم يجاوز الثانية والعشرين من عمره ، وهو أصغر أولاد أبيه ، وجد والد المؤلف.

ينظر : «التلخيص الشافي» (١٠٠ ـ ١٠٩) ، «تاريخ الشعراء» (٣ / ٥٥).

(٢) هو الحبيب علوي بن محمد بن عمر الصافي. أكبر إخوانه سنا ، توفي سنة (٧٠) أو (١١٧١ ه‍) ، وأولاده : حسن وحسين ومحمد.

(٣) العالم القاضي الفقيه ، ولد بسيئون سنة (١١٥٨ ه‍) ، وبها توفي سنة (١٢٢٢ ه‍). ينظر : «التلخيص الشافي» (٨٨ ـ ٨٩).

(٤) هو العلامة المصلح الحبيب محسن بن علوي بن سقّاف ، جد المؤلف مباشرة ، ولد سنة (١٢١١ ه‍) ، وتوفي سنة (١٢٩١ ه‍) ، له سيرة زكية ، ومناقب عطرة ، وأخبار كثيرة ، وله مصنفات. ينظر : «التلخيص الشافي» (١٠٩ ـ ١٢٥) ، «تاريخ الشعراء» (٤ / ١ ـ ٢١) ، «العدة المفيدة» عدة مواضع.

٧١٣

وإذا خطاب القوم في الخطب اعتلى

فصل القضيّة في ثلاثة أحرف

ثمّ تبرّم بالقضاء ، واشتكى إلى سيّد الوادي سيّدنا الحسن بن صالح البحر ، فأشار عليه بالسّفر إلى الشّحر.

ولا أتحقّق من أسند إليه القضاء بعده ، ولكن ممّن تولّى قضاء سيئون الشّيخ عمر بن أحمد بن محمّد باكثير ، إلّا أنّه متأخّر الوفاة ؛ إذ لم تكن إلّا في سنة (١٣٠٧ ه‍).

ولمّا استولى آل عبد الله الكثيريّون على سيئون .. أسندوا القضاء في سنة (١٢٦٥ ه‍) ، إلى العلّامة التّقيّ السّيّد محمّد بن عليّ بن علويّ بن عبد الله (١) ، ثمّ تركه ، وتولّاه السّيّد طه بن علويّ (٢) ، ثمّ عزل ، وأعيد السّيّد محمّد بن عليّ في سنة (١٢٦٧ ه‍) ، ثمّ انفصل وعاد إليه السّيّد طه بن علويّ بن حسن ، ثمّ عزل ، ثمّ أعيد في سنة (١٢٧٢ ه‍) ، وطالت مدّته على القضاء في هذه المرّة ، ثمّ عزل ، وولي السّيّد محمّد بن عليّ في حدود سنة (١٢٩٠ ه‍) ، ثمّ انفصل لأمر جرى عليه من الأمير عبد الله بن محسن ، وعبود بن سالم وتولّاه السّيّد صافي بن شيخ إلى أن مات سنة (١٣٠٠ ه‍) ، وألّف مجموعة في ضبط أموال سيئون ، ذكر فيه الأيدي العادية ، وما دخل فيه الحرام والشّبهة من الأموال بتحرّ لا يستغنى عنه.

وبإثر وفاته .. تولّى القضاء عمّنا عبد الله بن محسن ، ثمّ سافر إلى جاوة وأناب شيخنا العلّامة علويّ بن عبد الرّحمن (٣) ، ولمّا عاد .. لم يرض بالرّجوع إلى القضاء ، وامتنع نائبه من الاستمرار عليه ، فتولّاه السّيّد عبد الله بن عمر بن أبي بكر (٤) ، المتوفّى بسيئون سنة (١٣٢٠ ه‍) ، ثمّ عزل ، وولي الشّيخ أحمد بن محمّد

__________________

(١) المتوفى ساجدا في صلاة الضحى بمسجد المحضار بتريم سنة (١٣٠٤ ه‍). أفرده حفيده مصطفى بن سالم بن محمد بترجمة سماها : «البيان الجلي» طبعت.

(٢) هو السيد العلامة طه بن علوي بن حسن بن علوي بن محمد بن عمر الصافي ، ولد سنة (١٢١٦ ه‍) ، وتوفي سنة (١٢٩١ ه‍). «التلخيص» (٣٦).

(٣) العلامة الورع الحبيب علوي بن عبد الرحمن بن علوي بن سقاف بن محمد .. ابن عم والد المؤلف ، مولده سنة (١٢٥٦ ه‍) ، ووفاته سنة (١٣٢٨ ه‍) ، «التلخيص» (١٦٢ ـ ١٦٦).

(٤) هو السيد عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن سقاف بن محمد «التلخيص» (٨٦).

٧١٤

بارجاء ، ثمّ عزل ، وأعيد السّيّد عبد الله بن عمر ، ثمّ عزل وأسندوه إلى عمّنا عبد الله بن محسن ، وبقي عليه إلى أن مات في رمضان سنة (١٣١٣ ه‍).

فاجتمع الأعيان والسّلطان بدار الشّيخ أحمد بن محمّد بارجاء. وأرادوا تولية سيّدي علويّ بن عبد الرّحمن .. فامتنع ، فولّوا الشّيخ أحمد بارجاء مؤقّتا ريثما يقنعوا سيّدي علوي.

فخرج سيّدي علويّ من فوره وعقد ببنت عمّنا الغائب علويّ بن محسن على السّيّد محمّد بن عبد القادر بن محسن ، وكانت له ولاية على الأنكحة ، فأشار العلّامة السّيّد عليّ بن محمّد الحبشيّ بعد خروجه على السّلطان أن يعزل كلّ متولّ غير بارجاء ، ففعل ، وعلموا بعقد شيخنا فأرسلوا الشّيخ أحمد بارجاء ليخبر ويجدّد العقد ؛ لأنّ العقد الأوّل وقع بعد عزل العاقد ، فقال لهم شيخنا : إنّ القاضي لا ينعزل بنفس العزل ، ولكن ببلوغ الخبر ، فالعقد على صحّته ، فلم يستأنف ، وكنت أنا ممّن شهد ذلك.

وكان السّيّد محمّد بن حامد (١) يرشّح نفسه له ـ بعد عمّنا ـ والنّاس لا يعدلون أحدا بشيخنا علويّ بن عبد الرّحمن ، وهو مصمّم على الامتناع من قبوله ، فلم يكن من الأعيان إلّا أن اجتمعوا ثانيا اجتماعا مشهودا من سائر النّاس في منزل السّيّد شيخ بن محمّد بن شيخ بن عبد الرّحمن السّقّاف (٢) ، وأقرعوا ثلاث مرّات بين الاثنين ، والقرعة تخرج عليه في الثّلاث بحيلة مدبّرة من اللّيل بين السّيّد شيخ بن محمّد بن عبد الرّحمن والشّيخ عمر جوّاس ، وبعد خروجها عليه ثلاث مرار .. لم يكن له بدّ من القبول.

وقد سار سيرة حميدة ، أتعب بها من بعده ، وأزرى على بعض من كان قبله ، ولم

__________________

(١) المتوفى بمكة عقب حج سنة (١٣٣٨ ه‍) ، وهو والد السيد عبد الله مؤلف «تاريخ الشعراء» ، ترجمته في «تاريخ ابنه» (٤ / ٢١٩ ـ ٢٤٤) ، وفي «التلخيص» (٩٠).

(٢) من آل عبد الرحمن بن سقاف بن محمد .. مولده سنة (١٢٤١ ه‍) ، ووفاته في رمضان (١٣١٦ ه‍). «التلخيص» (٥٦ ـ ٥٧).

٧١٥

يتأثّل مالا ، وكانت قيمة أثاث بيته ـ يوم توفّي ـ لا تزيد عن ثلاثة عشر ريالا.

علّامة ليس في فتواه سفسطة

للسّائلين ولا في حكمه جنف (١)

في هديه خلف عن جلّ سبّقه

وربّما جاز قدر الذّاهب الخلف

حيث الحقوق قيام في مقاطعها

وكلّ من حاكم الأيّام ينتصف

ولمّا توفّي سنة (١٣٢٨ ه‍) .. كان المرشّحون للقضاء : السّيّد محمّد بن حامد بن عمر السّابق ذكره. والسّيّد عبد الله بن حسين بن محسن.

فرجحت كفّة الثّاني ، وتحلّب الأوّل مرارة الفشل مرّة ثانية ، ولكنّه تجلّد وكظم غيظه ـ على خلاف طبعه ـ ؛ إذ لم يكن له عن الأمر معدى ، مع أنّه لم يكن بعيد الغور.

ودامت ولاية الثّاني إلى حدود سنة (١٣٤٠ ه‍) ، ثمّ انفصل بعد أن صار ما لا يحمد ، وكان الزّمان تغيّر ، وساء الظّنّ بالواحد فأسند إلى جماعة ، هم : الشّيخان : محمّد بن محمّد باكثير ، وعوض بكران الصّبّان. والسّادة : علويّ بن عبد الله بن حسين ، ومحمّد بن حسين بن محمّد الجفريّ ، والشّيخ عبد الرّحمن بن محمّد بارجاء. ولم تطل مدّة ولايتهم.

وأحيل بعدهم إلى الشّيخين : محمّد بن محمّد باكثير ، ومحمّد بن مسعود بارجاء ، والسّيّد عمر بن سقّاف بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر السّقّاف (٢).

ثمّ مات السّيّد عمر ، واستقلّ به الشّيخان ، ثمّ انعزلا ، وولي الشّيخان : عبد القادر وعبد الرّحمن ابنا محمّد بن محمّد بارجاء ، ثمّ مات الأوّل ، فأبقي الثّاني مستقلّا إلى أن لصقت به ريبة ، فضمّوا إليه الشّيخ محمّد بن مسعود بارجاء ، ثمّ سافر الشّيخ عبد الرّحمن فاستقلّ به محمّد مسعود بارجاء ، ثمّ سافر الشّيخ عبد الرّحمن فاستقلّ به محمّد مسعود ، ثمّ ضمّوا إليه السّيّد محمّد بن أحمد كريسان (٣).

__________________

(١) الأبيات من البسيط ، وهي للشريف الرضي في «ديوانه» (٢ / ٧) بتغيير يسير.

(٢) حفيد السيد عبد الله بن عمر السابق ذكره ، ولد سنة (١٣١٠ ه‍) ، وتوفي سنة (١٣٤٣ ه‍) عن (٣٢) عاما. «التلخيص» (٨٧).

(٣) توفي بسربايه في حدود سنة (١٣٦٩ ه‍).

٧١٦

والسّيّد عيدروس بن سالم بن محمّد السّوم. والسّيّد عبد القادر بن عبد الله بن صالح الحامد.

ثمّ انتهت ولايتهم ، وأسندوا القضاء إلى السّيّد محمّد بن حسين الجفريّ ، ثمّ عزل وولي السّيّد علويّ بن عبد الله بن حسين (١) ، ثمّ انفصل وأسند القضاء للشّيخ امبارك عميّر باحريش (٢) ، أحد طلبة العلم بتريم ، وكان آية في النّزاهة على غرار سيّدي علويّ بن عبد الرّحمن ، لو لا ضيق خلق وتعصّب يقصد به الاحتياط فيوقعه في تعنّت الشّهود من حيث لا يشعر.

ومن المقرّر أنّ الاحتياط ـ في حقّ القاضي ـ من أصعب ما يكون ؛ لأنّه إذا احتاط في جانب .. أضرّ بالآخر.

ومع حبّي له وإعجابي به وانقطاعه إليّ في قراءة كتب السّلف .. فقد لاحظت عليه أغلاطا ما أظنّه يتعمّدها ، ولكنّه يقع فيها بغشّ بعض المغرضين ، غير أنّه لا يرجع عنها.

ولمّا اضطرب القضاء بسيئون وتحوّل إلى تجارة ـ وكان الأغلب أن يلقى للقاضي حبله على غاربه ، لا رادّ لأمره ، ولا معقّب لحكمه ، بشرط أن يتجنب مساخط أهل النفوذ فقط ـ .. ساءت القالة ، وفي الأخير أنشئت لجنة للاستئناف ، فسرّ النّاس وأمّلوا الإنصاف ، وأن تكون الأحكام وفق المقرّر المعتمد من المذهب ، فما هي إلّا أيّام قليلة .. حتّى تبيّنوا أنّ النّكس شرّ من المرض ، وإليكم مثال من مقرّرات استئنافهم ؛ ليكون عنوانا لما سواه :

__________________

(١) قال السيد علوي المذكور في «تلحيصه» (١٥٧) : وفي سنة (١٣٦٤ ه‍) طلب مني السلطان جعفر المنصور ووزيره سالم المشهور مع زمرة ممن يعز علي من آبائي وإخواني أن أتولى القضاء ثانيا ولو لمدة وجيزة .. فقبلته وتوليته لمدة (٢٧) شهرا ، ويا ليتني لم أتحمله ، كما قال جدي محسن : (القضاء صفاء زلال لا تثبت عليه إلا أقدام الكمل من الرجال) ، ولست منهم في عير ولا نفير ، ثم تخلصت منه بالعزم على السفر. اه

(٢) مولده بتريم ، ودرس بمدرسة جمعية الحق بها ، وبرباط العلم ، وشيوخه كثيرون ، وكان من خواص السيد محمد بن حسن عيديد ، وهو الذي جمع له الثبت المسمى : «إتحاف المستفيد» ، توفي بتريم بعد خروجه من القضاء في شوال (١٣٦٧ ه‍).

٧١٧

الحمد لله ، وهو المستعان ، وبعد :

فقد رفع الحكم الصادر من السّيّد علويّ بن عبد الله السّقّاف قاضي سيئون إلينا ، المؤرّخ في (٢٧) جمادى الآخرة سنة (١٣٦٤ ه‍) في قضيّة الشّريفة رقيّة بنت محمّد بن أبي بكر العيدروس مع أولاد السّيّد علويّ بن عيدروس ، مع الملاحظات الّتي قدّمت عليه ، فتأمّلنا ذلك.

وحيث إنّ الملاحظات بمناقضة الدّعوى الّتي بني الحكم عليها لما تقدّم من إقرارها عند القاضي محمّد بن حسين الجفريّ ، بأنّ المال معهّد ، وأنّها تطالب بالفكاك .. ظاهر في القدح.

وحيث إنّ كتابة القاضي السّابق محمّد الجفريّ المذكور يصرّح باعترافها بأنّ المال معهّد عند أولاد السّيّد علويّ العيدروس المذكور ، ومطالبتها بفكاك العهدة.

ولو فرض أنّ الإقرار لم يصدر إلّا من وكيلها .. فهذا أيضا مثبت لمناقضة الدّعوى الأولى للدّعوى الثّانية الّتي في الحكم بالنّسبة للوكيل.

فبناء على ما ذكر .. اتّضح لنا أنّ الدّعوى الثّانية غير صحيحة ، وأنّ الحكم المترتّب عليها غير صحيح. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، وحرّر في (٢٤) صفر سنة (١٣٦٥ ه‍) ، وفي «مجموع الحبيب طه» ما يصرّح بما تقدّم والله رقيب.

عيدروس بن سالم السّوم

صالح بن عليّ الحامد

مصطفى بن سالم السّقّاف

محمّد بن شيخ المساوى

فكتبت عليها غيرة على العلم لا مساعدة للحاكم ؛ فلم أكن بالرّاضي عن أحكامه الّتي بدأها بحكم لعمر بن كرامة الزّوع على زوجته خديجة بنت أحمد بن سالم باقطيّان وعرضه عليّ ، ومن شهوده : السّيّد عبد القادر بن أحمد بن عبد الرّحمن بن عليّ .. فلم تلبث أن أرضته المرأة فقضي لها ، ودفن الحكم الأوّل.

ومع هذا فقد كتبت على كلمة الاستئناف ما يلي :

٧١٨

بما أنّ القاضي السّيّد محمّد بن حسين الجفريّ منكر من إقرار رقيّة ووكيلها بالعهدة إنكارا شديدا ، ولم يثبت ذلك الإقرار ببيّنة قطّ عند أهل الاستئناف كما يستهلّ به بعضهم ، وإنّ إنكار السّيّد محمّد بن حسين من ذلك ملأ سمع الأرض وبصرها قبل أن يقول الاستئناف قوله ذاك ، وفي إمكانهم أن يسألوه ؛ لأنّه لا يزال على القضاء ، أو يطلبوا ثبوت ذلك بطريقه الشّرعيّ ـ ولم يكن ذلك .. يتبيّن أنّ هذا التّقرير رمل مبنيّ على ماء ، وأتعجّب كثيرا من قولهم : وفي «مجموع الحبيب طه» ما يصرّح بما تقدّم ؛ لأنّه يدلّ على غفلة فاحشة وسهو قبيح ؛ إذ الّذي في «المجموع» على ألوان ، منه :

ما نقله عن «فتاوى عبد الله بن أبي بكر الخطيب» : (فيما لو استدعى رجل لأولاده نذرا معلّقا ، ثمّ ادّعى لهم نذرا منجّزا وأسنده إلى ما قبل التّعليق .. لم تسمع دعواه إلّا للتّحليف ؛ لمناقضة ذلك لدعواه الأولى ، فبطلت بالنّسبة له ، وأمّا بالنّسبة لأولاده .. فلا ، ولكن لا يصحّ أن يدّعي هو لهم ؛ لأنّه خرج بإقراره عن كونه وليّا لهم في ذلك ، بل ينصّب الحاكم من يدّعي لهم ، وتقبل دعواه وبيّنته) اه من كرّاس الإقرار

وفي الدّعوى والبيّنة منه : عن الخطيب المذكور : (لو باع دارا ، فادّعى ابنه على المشتري أنّ البائع وقفها عليه وعلى أولاده ، وأقام بيّنة .. بطل البيع.

فلو أقام المشتري بيّنة بإقرار المدّعي أنّها كانت ملكا لأبيه حين باعها وثمّ أطفال من أولاد أولاده .. سمعت ، وبطلت الوقفيّة في نصيبه دون نصيب الأطفال ، وليس له أن يدّعي نصيب الأطفال ؛ لأنّه خرج بإقراره عن كونه قيّما لهم ، ويجوز أن ينصّب المقرّ مدّعيا. قاله القاضي حسين.

قال البغويّ كما قال العباديّ : ولو ادّعى المقرّ جهله بالوقف حال الإقرار .. صدّق بيمينه ، وهذا هو الصّحيح ، ويجب الجزم به إذا دلّت القرائن على صدقه ؛ كأن كان طفلا) اه

ومثل هذا موجود في (ص ١١٥ ج ٣) من «فتاوى ابن حجر».

٧١٩

وقوله : (كأن كان طفلا) مثله لو اعتذر بأنّ إقراره مبنيّ على ظاهر الحال ، كما في ذلك «المجموع» أيضا من تصريح الخطيب المذكور قبيله بأسطر.

ومن قوله : (ويجوز أن ينصّب المقرّ ... إلخ) يعرف تقييد خروجه عن الولاية على أولاده بخصوص الدّعوى فيما ناقضه بإقراره فقط ، وبه يندفع الإشكال.

وفي النّذر من ذلك «المجموع» : (رجل استدعى من امرأة نذرا لأولاده ، فنذرت لهم نذرا معلّقا ، ولمّا علم أنّها تريد نقضه .. ادّعى نذرا سابقا ، لم تسمع دعواه ؛ لأنّه باستدعائه المعلّق أقرّ لها بالملك. وهو مبسوط في كراريس الإقرار من جواب محمّد باحويرث ، وردّه أحمد مؤذّن) اه

وظاهره أنّ أحمد مؤذّن يقول بسماع الدّعوى مطلقا ، ويلزمه القول بأنّ الوكيل إذا انعزل بالإقرار ثمّ تجدّدت له الوكالة .. صحّت ، وبذلك صرّح الشّيخ عبد الله بن أبي بكر الخطيب ، كما في «المجموع» المذكور أوائل الدّعوى.

وحاصل كلام أحمد مؤذّن في «المجموع» المذكور : (أنّ أحمد باعطب ادّعى على عائشة بنت محمّد الحاجّ شعيب أنّها نذرت لأولاده بنصف دارها نذرا منجّزا ، وثبت ذلك بشهادة السّيّد فلان ، ولم يبق إلّا يمين التّكملة ، فعارضني فلان وكتب سؤالا ذكر فيه أنّ باعطب استدعى بعد ذلك نذرا من عائشة ، وأنّ ذلك إقرار منه يناقض دعواه.

فكتبت على ظهره : هذا غلط واضح ؛ لأنّ إقرار الأب لاغ في حقّ أولاده.

ثمّ أجاب بعض أكابر دوعن بما يوافق المعترض ، وصادق عليه باخبيزان في بضه ، وبامعلّم في قيدون ، فأخذ الله على بصائرهم فلم ينتفعوا بأبصارهم) اه

والحاصل : أنّ أحمد مؤذّن يقول بإلغاء الإقرار وصحّة الدّعوى ، وكان باخبيزان ومن لفّه يقولون بصحّة الإقرار والمؤاخذة به ، وهو غلط إن صحّ عنهم.

وعبد الله بن أبي بكر الخطيب يقول : لا مؤاخذة على الأولاد بإقرار أبيهم إلّا في عدم سماع الدّعوى ما لم يبد عذرا. هذا كلّه في «المجموع» ، فماذا الّذي أراد منه

٧٢٠