إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

وأخرى ، وهي : أنّ سروات النّساء (١) يقصدنها للمشاورة في أمورهنّ ، فيحمدن عاقبة رأيها لهنّ ، ولكنّي لست كذلك ؛ ولئن وجد عندي ضعف في مشاورة النّساء عندما تكلّمت على انطلاق خديجة برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ورقة بن نوفل في كتابي «بلابل التغريد» .. فما هو إلّا من هذه البابة ، وأسأل الله أن ييسّرني وإيّاها وأولادنا لليسرى ، وأن يجنّبنا وإيّاها العسرى ، وأن يجمع لنا ولهم بين خيرات الدّنيا والأخرى ، وأن يحسن عاقبتنا وعاقبتهم في الأمور كلّها ، ويجيرنا وإيّاهم من خزي الدّنيا وعذاب الآخرة ، وأن يبارك لي فيها وفي أولادها ، ولا يضرّهم ، وأن يجنّبنا وإيّاهم الشّيطان ، ويرزقنا برّهم ، وأن يطيل لنا ولهم الأعمار في خير ولطف وعافية وثبات على الإيمان ، بمنّه وجوده.

ومن آل ذي أصبح : العلّامة الجليل ، الشّيخ عبد الله بن سعد بن سمير (٢) ، وهو الشّيخ التّاسع عشر من أشياخ أستاذنا الأبرّ ، توفّي سنة (١٢٦٢ ه‍).

وكانت وفاة ابنه العلّامة سالم (٣) بن عبد الله في بتاوي (٤) سنة (١٢٧٠ ه‍) ، وكان

__________________

(١) سروات النّساء : ساداتهن وأشرافهن.

(٢) كان مولده بذي أصبح عام (١١٨٥ ه‍) ، وتوفي في الحوطة في (٢٨) ذي القعدة (١٢٦٢ ه‍) ، أخذ عن كثير من شيوخ عصره ؛ كالحبيب عمر بن سميط ، والحبيب أحمد بن جعفر الحبشي والحبيب عمر بن سقاف ، وغيرهم ، وكان هو مقرىء الحبيب عمر المذكور ، ثم لما ظهر نبوغ الحبيب الحسن وعلو قدمه في العبادة .. صار ملازما له ومستفيدا منه كمثال ونموذج للتواضع والاعتراف بالفضل.

وللشيخ عبد الله عدد من المصنفات. ينظر : «عقد اليواقيت الجوهرية» ، و «تاريخ الشعراء» (٣ / ١٢٢ ـ ١٣٥).

(٣) ولد الشيخ سالم بن عبد الله بذي أصبح ، وتربى في حجر والده وقرأ عليه مبادىء العلوم ، كان من الأذكياء ، وله معرفة بعتاد الحروب ، سار إلى الهند ليختار للدولة الكثيرية خبيرا عسكريا في شؤون المدافع ؛ إذ كان مستشارا للسلطان عبد الله بن محسن كما ذكر المصنف. دخل مكة المكرمة ، وكان كثير العبادة والإفادة ، يقول عنه معاصره الشيخ أحمد الحضراوي : إنه كان يختم القرآن الكريم وهو يطوف بالبيت الحرام. ثم سار إلى جاوة وتديرها ، وبها مات سنة (١٢٧٠ ه‍) ، وتردد على سنغافورة. ينظر : «مقدمة الدرة اليتيمة» بقلم السيد عمر الجيلاني ، «الجامع» لبامطرف ، وقد أخطأ في اسم المترجم فجعله : سالم بن سعد ، وهذا وهم فليتنبه له. والله أعلم.

(٤) بتاوي هي (بتافيا ـ BTAVIA) عاصمة إندونيسيا إبّان احتلالها من قبل هولندا ، وهي المسمّاة

٦٠١

العلويّون جعلوه وزيرا للسّلطان عبد الله بن محسن حينما كان نائبا من أخيه أوائل دولتهم ، واشترطوا عليه أن لا يخرج عن رأيه ، وأن لا يخلو بأحد إلّا وهو معه ، فنقض ذلك ، وسار الشّيخ إلى جاوة (١).

وفي «مجموع الجدّ طه بن عمر» ذكر للشّيخ عبد الوهّاب بن عمر بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أحمد بن سمير ، ولكتابه «الرّوضة الأنيقة» (٢).

وأكثر سكّان ذي أصبح من الحاكة والأكرة ، وكانوا يبلغون أربع مئة نفس ، لكنّ الأزمة اجتاحتهم ، فلن يبلغوا اليوم الأربعين ، فهي خاوية على عروشها بعد تلك العهود ، وازدحام الوفود.

أقوت فلم أذكر بها لمّا خلت

إلّا منى لمّا تقضّى الموسم (٣)

ولقد أراها وهي عرس حقبة

فاليوم أضحت وهي ثكلى أيّم (٤)

نسأل الله أن يعمر الدّيار بأهلها ، وأن يديل حزن الأيّام بسهلها (٥).

الشّعب (٦)

هي قرية تحاذي ذي أصبح في جنوبها بسفح الجبل الواقع عن يسار الذّاهب غربا في الطّريق السّلطانيّة ، فيه جماعة من آل كثير ، يقال لهم : آل جعفر بن طالب ، تنتهي إليهم زعامة آل كثير ، منهم : عبد الله بن سعيد ، ثمّ ولده سالمين بن عبد الله الّذي

__________________

اليوم : جاكرتا ، وإنما الحضارمة حرّفوا بتافيا إلى بتاوي.

(١) إذا أطلقت جاوة .. فالمراد بها جهتها ؛ أي : دولة إندونيسيا.

(٢) اسمه كاملا : «الروضة الأنيقة والعروة الوثيقة في الرد على من لا يعرف المسائل الدقيقة».

(٣) البيتان من الكامل ، وهما لأبي تمّام في «ديوانه» (٢ / ١٠٠). أقوت : خلت.

(٤) العرس : العروس. الثكلى : من أفجعتها المصائب. الأيّم : الّتي لا زوج لها.

(٥) يديل : يأخذ الدّولة والغلبة من شيء ويضعها في الآخر. والمعنى : نسأل الله تعالى أن يأخذ الغلبة من أيّامنا الصّعبة ، ويضعها في أيّامنا السّهلة الحلوة ؛ فيكون بذلك قد أدال حزن الأيّام بسهلها ، ونكون بذلك من السّعداء.

(٦) وقد خططت منطقة الشعب مؤخرا ، وبنيت فيها بيوت كثيرة ، وأصبحت آهلة بالسكان.

٦٠٢

يضرب به المثل ، فيقال : (سالمين في الخرابة) وشرحه : أنّ آل كثير انهزموا في حرب بينهم وبين يافع ، وركبت يافع أكتافهم ، ولكنّهم لم يقدروا على خرابة كان فيها سالمين بن عبد الله هذا ، وكلّما همّوا بالهجوم عليها وقيل لهم : سالمين في الخرابة .. تراجعوا.

وخلفه ولده صالح بن سالمين ، ثمّ أخوه عائظ بن سالمين ، وكان جمرة حرب ، شجاعا ، وهّابا نهّابا لا يزال منه آل شبام على وجل ؛ إذ كانت غاراته تترى على ضواحيها ، وهو كما قال الأعشى [الباهليّ من البسيط] :

لا يأمن النّاس ممساه ومصبحه

إن يغز .. يؤذ وإن لم يغز ينتظر

قال الشّريف الرّضيّ [في «ديوانه» ١ / ٣٦٩ من الطّويل] :

فقل للعدا أمنا على كلّ جانب

من الأرض أو نوما على كلّ مرقد

فقد زال من كانت طلائع خوفه

تعارضكم في كلّ مرعى ومورد

وبه تأطّدت دولة آل كثير.

وكان ذكر الصّلح بين القعيطيّ وآل كثير أكبر العار والغدر في أيّامه ، وهكذا تفعل الدّعايات في تكبير الأمر وتفخيمه ، ونظير ذلك : ما انتشرت به الدّعايات اليوم لفلسطين ، مع أنّ غيرها من بلاد المسلمين لا يقلّ عنها أهميّة وخطرا ، ولم يكن لها ولا معشار صدى فلسطين ؛ كحيدر أباد ، والمسلمين في الحبشة ، وجاوة وليبيا وغيرها.

مع أنّي لا آمن أن يكون في الفلسطينيّين من يوطّىء مناكب قومه لليهود ، بل رأيت في العدد الصّادر (١٣) رجب من هذا العام ـ أعني سنة (١٣٦٧ ه‍) من «أخبار اليوم» : أنّ عمدة سمخ ورئيس اللّجنة القوميّة فيها حضر لدى المسؤولين ، وقال : أعطونا مالا وذخيرة وبنادق ، وإلّا .. فسنضطرّ إلى التّسليم. ولمّا أعطوه .. باع الذّخيرة والبنادق لليهود!!

ومن ذلك العدد أيضا أنّ سمخ ـ وهي قرية عربيّة ـ باعتها اللّجنة القوميّة .. فحرّرتها

٦٠٣

الجيوش السّوريّة ، على حين لم يبق منها إلّا أطلال ، ولهذا فإنّي لا أخلو عن ظنّ سيّء بمن تقدّمت في تاريخه مع المسلمين نقاط سوداء ، وأرى أن لا أمل فيمن لا يستمدّ نفوذه أو إمارته إلّا من الأجانب ؛ لأنّهم من أعرف الخلق بشراء الضّمائر ، فلن ينصّبوا ولن يرشّحوا إلّا من يملأ هواهم ، ويتابع رضاهم ، ويتفيّأ حيثما مال ريحهم ، ويدور حيثما دارت زجاجاتهم ، حتّى لقد عزمت أن أبرق إلى عزّام باشا ـ لنوع تعارف بيننا ـ بما هذه صورته : إنّي لأحذّركم أن يكون جيشكم تمام العشرين ، ولكن :

تكنّفني الوشاة فأزعجوني

فيا لله للواشي المطاع

ولا سيّما بعد أن فسّرت لهم معناه ، وما أشير به إليه.

ومهما يكن من الأمر .. فالمستقبل كشّاف الحقائق ، والفشل مأمون ، والنّصر بشرطه مضمون ، ولكنّه بيد الله يؤتيه من يشاء ، وإنّما الواجب على الزّعماء والصّحفيّين وغيرهم أن يشرحوا الوقائع ناصعة ، ويلزموا كلّ طائر عنقه ، ويذكروا المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، وإلّا ساء الظّنّ بهم أجمعين.

ومن اللّطائف : أنّا كنّا يوما نتذاكر مساعدة فلسطين ، فقال لنا بدويّ من آل كثير ، واسمه محمّد بن سالمين : ولم هذه المساعدة؟ قلنا له : إنّ اليهود يريدون الاستيلاء على بلاد العرب.

فقال : أو ليس النّصارى مثل اليهود؟ وقد سعى بعضكم ـ أيّها السّادة ـ في بيع حضرموت عليهم ، والثّمن مع ذلك منهم لا من النّصارى. فكان جوابا مسكتا.

وكان القعيطيّ حريصا على محالفته بما شاء فلم يفعل وكيف يفعل وللدّعاية ذلك التأثير العظيم يومئذ.

وكان على سنّة العرب في إكرام الضّيفان ، ونقل الجفان ، وإغلاء الكلام ، وتوفية الذمام. وبه كان صدع آل كثير منشعبا ، ووهيهم منجبرا ، وشتّهم مجتمعا ، يسعى بذمّتهم أدناهم ، ولا تزال مطيّته مرحولة لرتق فتوقهم ، وإصلاح شؤونهم ، وهم أتبع له من الظّلّ ، وأطوع من الخاتم.

٦٠٤

ولمّا كان الهاجريّ أدناهم إلى شبام مع قلّة المال والرّجال .. جعل إليه الخفارة ، فكلّ من أخذ منه شفرة أو نحوها .. أمن بها ومرّ على رؤوس العفاريت. قتل في سنة (١٣٠٨ ه‍) بعد أن :

ملأ الزّمان جرائحا ومنائحا

خبطا ببؤسى في الرّجال وأنعم (١)

فغدت عرانين العلا وأكفّها

من بين أجدع بعده أو أجذم

وسبب قتله (٢) : أنّ أحد آل كدّه أخذ عذق خريف (٣) من نخيلهم فقتلوه ، فكبر عليهم قتل ولدهم في عذق خريف ولا سيّما بعدما عيّرهم سماسرة شبام ، فكمنوا من اللّيل على مقربة من الشّعب ، وفي الصّباح أطلقوا عليه البنادق ، فخرج عليهم عائظ بأصحابه وأردى منهم اثنين واستلبوهما ، ولمّا كادوا يصلون مسيال سر الفارق بين ذي أصبح وبحيره .. كفّ عنهم ، وكان الصواب فيما فعل ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم لسلمة بن الأكوع : «ملكت فأسجح» (٤).

ولكن أحد أصحابه كان شريرا مع منافسته له ، فقال له : تريد القهوة عند غصون؟ وهي امرأة عائظ من آل عامر أصحاب آل كدّه ، فحمي ، وتقدّم بهم ، وقد تستّر آل كدّه بأشجار الأراك وأكوام الرّمل ، وجاءتهم نجدة آل محمّد بن عمر ، فأصلوهم نارا حامية ، فعمد عائظ وأصحابه إلى السّلاح الأبيض.

وما زالوا يتناحرون حتّى حجز بينهم السّيّدان عبد الله بن حسن بن صالح البحر ، وعيدروس بن حسين العيدروس ، ولكن بعد ما قتل من آل كدّه وآل محمّد بن عمر سبعة ، ومن آل جعفر بن طالب ثلاثة عشر قتيلا وثلاثون جريحا.

وكانت الحادثة المذكورة على مقربة من هدّامه ، كما مرّ فيها.

وعظم المصاب على آل كثير بمقتل عائظ واصطكّت بعده ركبهم ، وتخاذلت

__________________

(١) البيت من الكامل وهو للشّريف الرّضيّ في «ديوانه» (٢ / ٢٩٠) بتحريف بسيط.

(٢) أي : عائظ بن سالمين.

(٣) العذق : العنقود. الخريف : هو الرّطب من النخلة ؛ في عرف الحضارمة.

(٤) أخرجه البخاري (٣٠٤١) ، ومعنى فأسجح : أحسن وارفق.

٦٠٥

أيديهم ، بل وعلى يافع ؛ لأنّهم شعروا باستغناء القعيطيّ عنهم من بعده.

ولمّا قتل عائظ بن سالمين .. وقع رداؤه على عبيد صالح بن سالمين بن عبد الله بن سعيد ، وهو ابن أخيه ، وكان مديد القامة ، كبير الهامة.

سبط البنان إذا احتبى في مجلس

فرع الجماجم والرّجال قيام (١)

ومعنى سباطة البنان هنا : طولها لا سماحها ، وكان قويّ العارضة ، يخلط الجدّ بالهزل ، فيتّقي الرّؤساء لسانه ، ولا يبقى لأحد معه كلام ؛ لأنّه لا يتّقي العوراء فيه ، ولم يكن له همّ بعد عمّه إلّا تغيير تلك السياسة ، ومصالحة القعيطيّ ، فغزا شبام بآل كثير ، فأنذر بهم ريّس بن محمّد الملقّب عبلّه عن أمره ـ فيما يقال ـ لتتمهّد له الوساطة في ذلك ، وكانت النّهاية : انبرام الصّلح.

والأخبار في ذلك والماجريات بين السّيّد حسين بن حامد المحضار وعبيد صالح وبيني وبينهم طويلة ، وفي «الأصل» منها الشّيء الكثير.

وهو أقوى من عمّه عائظ في الحجّة ، وأهيب في المنظر ، وأرجح في الحجا ، ولكنّه أقلّ منه في النّجدة والجود ، وقد قصر كلامه في آخر وقته ، وقلّت هيبته ، وضعفت زعامته وعجز عن أخذ ما له من ثأر عند آل عامر ، وعند آل بلّيل الّذي يلي هذا ، ومن بقايا حظّه أن مات في ستر الله في حدود سنة (١٣٥٣ ه‍) قبل أن يصل آل كثير إلى الحدّ النّهائيّ من التّخاذل والسّقوط ، وإلّا .. لحلّ به ما حلّ بهم.

ومع انتهائهم إلى القرار من المهانة بحضرموت .. فإنّ لهم جمعية تذكر ببتاوي (٢)

__________________

(١) البيت من الكامل ، وهو لأبي نواس في «ديوانه» (٤٠٩).

(٢) هي الجمعية الشنفرية الكثيرية ، ولها نظام ودستور وتنظيم ، مثلها مثل غيرها من الجمعيات التي قامت في جاوة. ومن أعلام آل طالب ممن امتهن الصحافة : فرج بن طالب الكثيري ، الذي كان له نشاط صحفي بارز في المهجر الحضرمي سنغافورة ، وقام بإصدار (٤) صحف خلال أربعة أعوام وهي : «القصاص» : جريدة نصف شهرية ، أصدرها باللغة العامية الحضرمية في فبراير (١٩٣٢ م) ، وتوقفت في جولاي (١٩٣٣ م).

«الشعب الحضرمي» : أيضا بالعامية الحضرمية ، بدأت بالصدور في فبراير (١٩٣٤ م) ، ولم تستمر طويلا.

٦٠٦

من أرض جاوة ، يرأسها الشّيخ سالمين بن عليّ الكثيريّ وأحرى أن يناط بها الأمل ، ويربط بها الرّجاء إذا سلموا من التّحاسد.

أمّا المطامع .. فما أظنّها تصل بهم كما وصلت بالجمعيّتين السّابق ذكرها قبيل القطن .. لما لدى أكثرهم من الثّروة.

بلّيل

هو من وراء ذي أصبح والشّعب إلى الجهة الشّرقيّة ، يسكنه آل مرعيّ بن سعيد ، ومرجعهم إلى الفخائذ ، وهم وآل بدر بن سعيد وآل جعفر بن سعيد ـ أصحاب جعيمه ـ على رجل واحد ، وهو سعيد بن عليّ بن عمر ، وقيل : إنّ عليّ بن عمر هذا أخ ليمانيّ بن عمر ، وعامر بن عمر ، وفلهوم بن عمر ، وإنّما دخل في الفخائذ من آل عون بالخؤولة.

وكان في آل مرعيّ المذكورين حكّام مبرزون ؛ من أواخرهم : عوض بن ريّس بن جعفر بن عبود بن بدر ، وكلّ آبائه المذكورين من حكّام حضرموت ، حتّى لقد ذكروا أنّ آل عجّاج وآل ثابت من نهد ، وهم أراكين الأحكام في حضرموت ، وردوا على جعفر بن عبود فقدّموا دعاويهم إليه ، وكان في أثناء حوارهم يكثر الالتفات من النّافذة إلى فخّ له بالأرض منصوب لليمام ، فعاتبوه ، فقال : إنّي لا أسمع الكلام بعيني ، ولكن بأذني ، وهي إليكم ، وفي الأثناء وقعت يمامة في الفخّ ، فخرج وذبحها ، ونصبه ثانيا ، وأصاخ إلى حوارهم حتّى انتهوا من الدّعاوى إلى الأجوبة وإقامة الحجج وعرض الوثائق.

قدّم لهم الغداء وقال لهم : استريحوا. وبعد أن انتبهوا وأدّوا فريضة الظّهر

__________________

«الجزاء» : نصف شهرية ، باللغة الفصحى ، أصدرها في إبريل (١٩٣٤ م) ، استمرت إلى مايو (١٩٣٤ م).

«المجد العربي» : نصف شهرية ، أصدرها في مارس (١٩٣٥ م)،استمرت إلى سبتمبر(١٩٣٦ م)

٦٠٧

وأبردوا .. استأذنوه في الانصراف ، وطلبوا موعدا يعودون فيه للفصائل ، وكان كتبها في أثناء استراحتهم ، فأعطاهم إيّاها ، فتعجّبوا من قوّة حفظه وحدّة فهمه وحسن توفيقه ، فاقتنعوا ؛ لأنّ العدل مقنع. فلتضمّ هذه إلى ما سبق في الظّاهرة وجعيمه.

ومن متأخّريهم : العلّامة الفاضل الشّيخ عبد الله بن سالمين بن مرعيّ ، كان يكتب لي من الهند ويرفع لي منها الأسئلة العلميّة ، توفّي رحمة الله عليه بحيدرآباد الدّكن ، وترك ولدين فاضلين : سليمان ومحمدا.

ومن آل مرعيّ أيضا : الشّيخ عوض بن جعفر بن مرعيّ ، جمع ثروة لا بأس بها ، ولكنّه لمّا وصل إلى حضرموت في حدود سنة (١٣٣١ ه‍) .. أسرف فيها بالجود حتّى فنيت ، فسافر ، وتغيّر عقله ، وانطبق عليه قول العنبريّ [من الكامل] :

ما كان يعطي مثلها في مثله

إلّا كريم الخيم أو مجنون (١)

وقول حبيب [في «ديوانه» ١ / ٣١٦ من الوافر] :

له خلق نهى القرآن عنه

وذاك عطاؤه السّرف البدار

ومن وراء بلّيل شرقا : مكان آل البرقيّ (٢). ثمّ : مكان آل كحيل.

ثمّ : الغييل ، لآل عمر بن بدر ، وكانوا قبيلة خشنة ، ولهم قبولة حارّة ، حتّى لقد كانت بينهم وبين آل بابكر حروب أردوا في عشيّة واحدة سبعة من آل بابكر.

ثمّ ما زال بهم الظّلم والاعتداء على ضعفاء السّوقة والقبائل ، وعلى أوقاف لهم أهليّة ، حتّى قلّ عددهم ، وافترق ملؤهم ، ولم يبق منهم بحضرموت اليوم إلّا نحو العشرين رجلا ، أسنّهم رجل لئيم نيّف على التّسعين ، جمع ثروة لا بأس بها ، إلّا أنّها بجلّها أو كلّها من الرّبا ، ولا يزال مع هذا السّنّ مصرّا على ذلك الصّنيع المقبوح.

ويتعالم النّاس بأنّ النّخيل الّتي تحت يده مشترك بينه وبين أخيه عبد الله ، وأنّ هذا هو الّذي اشتراه ، والوثائق ناطقة ، ولكنّ عبد الله جنّ ، ثمّ مات ولم يترك إلّا ولدا

__________________

(١) الخيم : الأصل.

(٢) آل البرقي : من قبائل آل مرعي بن سعيد الكثيري.

٦٠٨

صغيرا منعته أمّه المنازعة ؛ لخوفها عليه أن يقتله عمّه ، فآثرت روحه على ماله ؛ لأنّه لو نازع .. لذهب الاثنان.

بابكر

هو في جنوب الغييل إلى شرق ، فيه فرقتان من آل عبدات ، وهم : آل الطّمل في جانبه القبليّ. وآل عليّ بن عمر في جانبه الشّرقيّ ؛ منهم : الشّيخ عبد الله بن عوض بن ناصر ، صليب رأس ، وحميّ أنف ، وغالي كلام ، وأصيل رأي ، ورجيح عقل.

وهو الّذي عمّر الرّوضة بشحوح ابن يمانيّ ، تزيد مساحتها على ثلاثين ألف مطيرة ، باعتبار المطيرة ستّة أذرع في مثلها.

وكان ممّن أمضى على الوثيقة الّتي تتضمّن اعتراف الموقّعين عليها بالتّبعيّة للدّولة العثمانيّة الآتي خبرها في سيئون ، وإنّما ذكرته بالخصوص مع أنّ الموقّعين عليها كثير ؛ لأنّ كلّهم لم يمض عليها إلّا رغبة ، وأمّا هو .. فقد أمضى عليها بدافع الدّين ؛ وذلك أنّني اجتمعت به في غرض ، فسألني عنها ـ بعد ما غضبت منها الحكومة الإنكليزيّة فطلبها ليمضي عليها ـ فقلت له : ربّما يلومك عمر عبيد بن خالد بن عمر ، أو حفيدك عوض بن عزّان بن عبد الله عوض ، أو تنال أولادك مشقّة من الإنكليز بسنغافورة أو عدن. فأخذه زمع (١) وقال : أوفي دين الله وسلطان المسلمين الّذي ندعو له على المنابر محاباة أو وليجة؟ والله لو أنّ الإنكليز يذبح أولادي أمامي .. ما انحجزت عن التّوقيع عليها ، فأمضى عليها ، وبعثنا بنسختها إلى قائد الجيوش العثمانيّة بلحج علي سعيد باشا ، فلم تصله إلّا بعد إعلان الهدنة.

توفّي الشّيخ عبد الله عوض في حدود سنة (١٣٤٢ ه‍) عن عمر قارب فيه المئة ، وله أعقاب كثيرة بحضرموت وجاوة ؛ منهم : ولده الشّهم الكريم ، والعربيّ

__________________

(١) الزمع : رعدة تعتري الشجاع عند الغضب.

٦٠٩

الصّميم ، عزّان بن عبد الله ، أحد تجّار بوقور (١) الواقعة بجوار بتاوي من أرض جاوة ، له محاسن ومكارم ، وصلات أرحام ، بارك الله فيه.

وقد جرت بين آل بابكر وآل خالد بن عمر حروب ، بسبب أنّ محسن قاسم اشترى بئرا يقال لها : (بن بقيل) ، فقال عمر عبيد : نحن أولى بها ، وحمل أخاه صالحا على أن يشتدّ في ذلك ؛ ليسوغه ما شاء من الأموال ، فطالبوا بها بحكم العادة القبليّة لا الطّريقة الشّرعيّة ، وكان بينهم ما هو مفصّل ب «الأصل».

وكان إيراد محسن قاسم وقتما كنت بجاوة سنة (١٣٤٦ ه‍) لا يقلّ عن خمسة عشر ألف ربيّة هو لنديّة شهريّا ، وقد ذهبت أدراج الرّياح ، وصار أبناؤه تحت رحمة المحسنين.

الحول (٢)

قد علم ممّا مرّ في المحترقه أنّ إمارته كانت لآل الجرو إلى أن غدر بهم آل وبر (٣) ، ثمّ سكنه آل باعبّاد ، وكان في الأخير لآل الفاس ، وفي الصّلح الأخير ما بينهم وبين آل خالد بن عمر تحوّل للأخيرين ، في قصص منشورة ب «الأصل» ، وأخباره ممزوجة بأخبار الغرفة وهو الآن بخلوّه عن السّكّان عبرة للمعتبرين.

الغرفة

هي على مقربة من بابكر. وكان الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن عبّاد (٤)

__________________

(١) بوقور : مدينة إندونيسية كبيرة ، لها تاريخ عريق ، وسكنها كثير من الحضارمة ، ووصفها وصفا جميلا السيد الأديب صالح الحامد في رحلته : «جاوة الجميلة».

(٢) لها ذكر عند شنبل في حوادث سنة (٦٠١ ه‍) و (٧٢٣ ه‍) و (٧٣٠ ه‍). فلتنظر هناك.

(٣) وذلك أن آل وبر وآل باصهي كانوا متحالفين ومحلتهم تريس ، ثم كان من آل وبر أن أخذوا آل الجرو بالخداع وغدروا بهم في (أنف خطم) .. وهزموهم هزيمة منكرة ، وقتلوا عددا من رجالهم حتى لم يبق منهم إلا عشرة رجال فقط ، وذلك في القرن السابع الهجري. ينظر : «جواهر الأحقاف» ، و «نبذة الأنساب» للعطاس ، وغيرها.

(٤) آل عبّاد هؤلاءهم آل باعبّاد ، المشايخ ذوي الصيت الذائع بحضرموت ، أما عن تحقيق نسبتهم

٦١٠

ـ المشهور بالقديم المتوفّى سنة (٦٨٧ ه‍) (١) عن إحدى وسبعين سنة ـ أوّل من بنى غرفة بسفح الجبل الّذي يطلّ عليها ، وحفر عندها بئرا سمّاها : غرفيّه ، لا تزال تملأ منها جوابي مسجد عليّ بن عبد الله إلى الآن.

ثمّ زاد الشّيخ محمّد بن عمر بن محمّد بن عبد الرّحمن (٢) سنة (٧٠١ ه‍) في بناء تلك الغرفة حتّى صارت دارا ، ثمّ انتقل إليها ولده الشّيخ عبد الله بن محمّد بن عمر من شبام بعائلته وتلاميذه ، وابتنوا بها جامعا.

وكان لآل باعبّاد منصب عظيم عليه بإشارة الفقيه المقدّم ـ على ما يروى ـ كان انبناء دولة آل كثير ، حسبما فصّل ب «الأصل».

وقال الطّيّب بامخرمة : (الغرفة : قرية معروفة بأعلى حضرموت ، ذات نخيل ومزارع ، بها فقراء صالحون ، يعرفون بآل أبي عبّاد.

ومن مشايخهم الكبار ومشاهيرهم : الشّيخ الكبير ، العارف بالله : عبد الله بن محمّد بن عبد الرّحمن باعبّاد ، وهو أوّل من اشتهر بالتّصوّف بحضرموت ، له ذرّيّة

__________________

فينظر كلام المؤلف الآتي. ولإزالة الوهم .. فإن هناك أربع أسر تسكن ما بين شبام والغرفة متشابهة في رسمها ـ أي : كتابتها ـ .. وهي :

١ ـ آل باعبّاد ، وهم هؤلاء أهل الغرفة ، بتشديد الباء.

٢ ـ وآل عبّاد أيضا بتشديد الباء ، وهم من آل باذيب سكان شبام ، ويقال لهم : عبّاد باذيب ، ومنهم جماعة في عدن ، سماهم الناس : باعبّاد ، وليسوا منهم.

٣ ـ وآل باعباد ـ بتخفيف الباء ـ وهم من سكان شبام ، ولعلهم من كندة.

٤ ـ آل عباد ، وهم من سكان دوعن ليسر ، سبق ذكرهم في حوفة ، وينطقونها بضم العين ، ومنهم جماعة في بعض مناطق حدرى. والله أعلم.

(١) «تاريخ شنبل» (ص ١٠٦) ، وجاء في حوادث (٦٨٦ ه‍) : خرج الشيخ أبو عباد من شبام إلى الغريب. وقد توفي والد الشيخ القديم بالشحر سنة (٦٢٢ ه‍) كما تقدم فيها. وللشيخ عبد الله القديم ضريح في مقبرة شبام جرب هيصم ، ولعله من أقدم القبور المعروفة بالجرب إن لم يكن أقدمها. وله مناقب تسمّى : «المنهاج القويم في مناقب الشيخ القديم» ، تأليف الشيخ محمد بن أبي بكر باعباد.

(٢) توفي الشيخ محمد بن عمر سنة (٧٢١ ه‍) في حياة والده ودفن بشبام ، أما والده .. فتوفي سنة (٧٢٧ ه‍) عن (١٠٥) من السنين. والشيخ عمر هذا ثاني ثلاثة إخوة ، ثانيهم : القديم ، وثالثهم : عبد الرحمن ، توفي سنة (٧١١ ه‍) عن نيف وتسعين سنة.

٦١١

وفقراء أخيار صالحون ، دفن بشبام ، وتربته من التّرب المشهورة ، المقصودة بالزّيارة من الأماكن الشّاسعة ، ومنصبهم من أعلى مناصب حضرموت) اه (١)

وقوله : (إنّ الغرفة بأعلى حضرموت) .. من الأوهام ، وكذلك قوله : (إنّ الشّيخ عبد الله أوّل من اشتهر بالتّصوّف). وأمّا قوله : (إنّ منصبهم من أعلى مناصب حضرموت) .. فنعم كما سيأتي.

ومن أكبر مناصبهم : الشّيخ محمّد بن عبد الله بن محمّد بن عمر بن محمّد بن عبد الرّحمن عبّاد (٢) ، الّذي يقال له : صاحب الجابية ؛ لأنّه بنى جابية للواردين عليه من الحنفيّة ، ولا يزال في ضيافته خمس مئة نفر غير الطّارئين. وكان حمّالا للأثقال ، يتحمّل المغارم ، ويدفع المظالم.

وفي مناقبه : أنّ أحد أهل اليمن ساءت حاله ، ولزمه دين يقدّر بمئة دينار ، وانقطعت به الحيل ، وانسدّت في وجهه الأبواب ، فطوى البلاد سائرا إلى الغرفة ، فاستجهره ما رأى من عظيم حال الشّيخ وكثرة وفوده ، فهابه ولم يقدر على مكالمته ، إلى أن سنحت له الفرصة ، فذكر له حاله ، فأعطاه ألف دينار ، ولمّا كان في أثناء الطّريق .. انتهبه اللّصوص ، فعاد أدراجه إلى الغرفة حرّان (٣) آسفا (٤) ، فعوّضه الشّيخ بألف آخر أعطاه به تحويلا إلى الشّحر كيلا يأخذه اللّصوص مرّة أخرى. وبالثّمرة الواحدة تعرف الشّجرة.

وكان للشّيخ عبد الله القديم ولذرّيّته من بعده تعلّق عظيم بالعلويّين ، وسمعت من بعض المشايخ أنّهم أوّل من سنّ تقبيل أيدي العلويّين بحضرموت ، إلّا أنّه حصل بعد ذلك ما يقتضي التّنافر ، وأوّله ـ فيما أظنّ ـ ما وقع في زمان الشّيخ عمر المحضار

__________________

(١) نسبة البلدان (خ / ١٨٩).

(٢) توفي الشيخ محمد هذا سنة (٨٠٥ ه‍) ، كما في «شنبل» (١٥٦) ، و «الحامد» (٢ / ٢٨٤).

أما والده الشيخ عبد الله بن محمد .. فيلقب بعبد الله الأخير ؛ تمييزا له عن الشيخ عبد الله بن محمد القديم المتقدم الذكر ، توفي هذا الأخير في (٢٥) رجب سنة (٧٦٣ ه‍) «شنبل» (١٣٠).

(٣) حرّان : عطشان.

(٤) آسفا : شديد الحزن.

٦١٢

والشّيخ عقيل باعبّاد (١) ، حتّى أصلح بينهما الفقيه محمّد بن حكم باقشير ، حسبما ذكرناه ب «الأصل» عن «مفتاح السّعادة والخير في مناقب السّادة آل باقشير» لمؤلّف «القلائد».

وعن الفاضل السّيّد عليّ بن عبد الرّحمن المشهور عن والده مفتي الدّيار الحضرميّة أنّه يقول : (سمعت كثيرا من مشايخي يقولون : كانت المشيخة بتريم للخطباء وآل بافضل ، فلمّا سكنها العلويّون .. تنازلوا لهم عن تقبيل اليد ولبس العمامة ، والنّداء بلفظ الحبيب ، فمحوه عن أنفسهم وخصّصوه بالأشراف ، وجعلوه علامة لهم) اه

وهو في حاجة إلى البحث والنّظر والرّجوع إلى ما يأتي في المبحث الثّالث من الحسيّسة.

وقال لي بعضهم : إنّ آل باعبّاد هم الذين حملوا النّاس على دعائهم بالحبيب ، وعلى تقبيل أيديهم ، لا على تقبيل أيدي العلويّين.

وآية هذا أنّهم لا يزالون على ذلك بين أتباعهم إلى اليوم ، والمسألة لا تعدو دائرة الظّنّ والاحتمال ، لا سيّما وأنّ الخطباء وآل بافضل لا يزالون معمّمين ، وإنّما كان جلّ آل سيئون لا يلبسون العمامة ، إمّا اقتصادا ، أو أدبا مع الأشراف والفقراء من آل بارجاء تلاميذ آل باعبّاد ، والأقرب الثّاني ؛ بأمارة وجود الكثير ممّن أدركنا من آل حسّان يلبسون القلنسوة المخصوصة بالعمامة ـ وهي المسمّاة بالألفيّة ـ من دون عمامة ، ومهما يكن من الأمر .. فترك العمامة من البدء أخفّ إشكالا من ترك أهل العلم لها بعد استعمالها.

وللحضارمة أوليّات من هذا القبيل ؛ منها : ما أظنّني ذكرته في الجزء الأوّل من «البضائع» : (أنّ الأشعث بن قيس الكنديّ أوّل من ركب والرّجال تمشي بين يديه).

__________________

(١) الشيخ عقيل هذا هو عقيل بن عبد الله باعباد ، توفي سنة (٩١١ ه‍) ، وهو غير الشيخ عقيل بن أحمد باني جامع الغرفة ، وسيأتي ذكره لاحقا.

٦١٣

وكان السّلف إذا نظروا إلى راكب ورجل يحضر معه .. قالوا : قاتله الله من جبّار.

وكان الحبيب أحمد بن محمّد الحبشيّ ـ المتوفّى سنة (١٠٣٨ ه‍) ـ كثيرا ما يشكو إلى شيخه الشّيخ أبي بكر بن سالم ما يلقاه من أذيّة آل باعبّاد إذا جاء يدعو إلى الله بالغرفة ، فقال له : (لعلّ الله يخرج من ذرّيّتك من يتبرّكون به) فلم يظهر أثر هذا الدّعاء إلّا في سيّدنا الأستاذ الأبرّ عيدروس بن عمر.

وفي آل باعبّاد كثير من العلماء ، ومن أكابرهم ـ كما في «جوهر الخطيب» ـ : إمام الطّريقين ومفتي الفريقين ، الشّيخ محمّد بن أبي بكر عبّاد ، ترجم له الأستاذ الأبرّ في «العقد» وقال : (إنّه ولد سنة «٧١٢ ه‍» ، وتوفّي أوّل القرن التّاسع) وقد مرّ ذكره في شبام.

ورأيت في رسالة كتبها السّيّد شيخ بن عمر في «العهدة» : (أنّ الشّيخ محمّد بن أبي بكر هذا دعا على آل باعبّاد أن لا يجعل الله منهم عالما ؛ لقضيّة منكرة أوجبت ذلك جهلا ، فاستجاب الله دعوته) اه

وفي «مجموع الجدّ طه بن عمر» [ص ١٣١] عن أحمد مؤذّن ما حاصله : (كان في الغرفة قبل أن تقام فيها الجمعة مسجدان متجاوران : أحدهما : لآل باعبّاد ، والثّاني : لآل باجمّال ، فأراد الشّيخ الجليل باني الجامع جعلهما مسجدا واحدا ، واستفتى العلماء فتوقّفوا عن الجواب ، فلم يكن منه إلّا أن خلطهما بدون فتوى من أحد ، وسرّ العلماء بتوقّفهم عن الجواب) اه

وفي «مواهب البرّ الرّؤوف» لابن سراج التّصريح بأنّ الّذي جعل المسجدين واحدا هو الشّيخ عقيل ، وهو ابن أحمد بن عمر بن محمّد بن عمر عبّاد (١) ، وقد سبق أنّ محمّد بن عمر هذا هو الّذي زاد في سنة (٧٠١ ه‍) في غرفة عمّه حتّى صارت دارا.

والعمل بخلط المساجد واقع بكثرة في تريم ، حتّى لقد سمعت أنّ الجامع كان

__________________

(١) الشيخ عقيل بن أحمد توفي سنة (٨٤١ ه‍).

٦١٤

سبعة مساجد ، ومسجد الشّيخ عليّ كان خمسة ، وهلمّ جرّا.

وقد اختلف العلماء في نظير المسألة : فأفتى أحمد بن موسى بن عجيل المتوفّى سنة (٦٩٠ ه‍) بجواز نقض المسجد لتوسعته وإن لم يكن خرابا ، ومنعه أبو الحسن الأصبحيّ اليمنيّ المتوفّى سنة (٧٠٠ ه‍).

وقال بعض شرّاح «الوسيط» : يجوز بشرط أن تدعو الحاجة إليه ويراه الإمام أو من يقوم مقامه ؛ فقد فعل بالحرمين مرارا ، مع وجود المجتهدين من غير نكير.

وقال الأشخر في «فتاويه» : (قال ابن الرّفعة : كان شيخنا الشّريف العبّاسيّ يقول : بتغيير بناء الوقف في صورته عند اقتضاء المصلحة. قال : وقلت ذلك لشيخ الإسلام ابن دقيق العيد فارتضاه.

وقال السّبكيّ : الّذي أراه : الجواز بثلاثة شروط : أن يكون التّغيير يسيرا لا يزيل اسم الواقف. وأن لا يزيل شيئا من عينه ، بل ينقل نقضه من جانب إلى آخر ، فإذا اقتضى زوال شيء من عينه لم يجز ، فتجب المحافظة على صورته من حمّام ونحوه كما تجب على المادّة وإن وقع النّسخ في بعض الصّفات. وأن تكون فيه مصلحة للوقف) اه كلام الأشخر باختصار وزيادة من «تيسير الوقوف».

وأمّا هدم المسجد الخراب وإعادته .. فجائز بلا خلاف. ولا يعدم الشّيخ توسعة لما صنع من بعض هذه النقول. والله أعلم.

وكان آل باجمّال ولاة بور ، فأخذها منهم آل بانجّار ، فانتقلوا إلى شبام ، ثمّ انتقل بعضهم إلى باثور من أعمال الغرفة ، ثمّ انتقلوا إلى الغرفة.

وكان الشّيخ إبراهيم بن محمّد باهرمز يهنّىء آل شبام بمجاورة الفقيه عبد الله بن عمر جمّال ، ويهنّىء أهل الغرفة بمجاورة الفقيه عبد الله بن محمّد جمّال.

وقال الشّيخ محمّد بن سراج (١) : (لم يخل زمن من الأزمان من عصر قديم عن

__________________

(١) هو العلامة الفقيه النحرير ، مؤرخ آل باجمّال وعالمهم المبرّز في عصره ، ولد سنة (٩٤٤ ه‍) ، وتوفي سنة (١٠١٩ ه‍) ، ترجمته في : «الجواهر والدرر» للشلي ، و «خلاصة الأثر» للمحبّي.

٦١٥

كثير فيهم من العلماء إلى وقتنا هذا ، وقلّما نقصوا فيما مضى عن أربعين عالما ، وبقيّة عامّتهم أخيار وصلحاء) اه

ونقل عن الشّيخ صالح بن محمّد بن أحمد عبّاد أنّه قال : (يكفينا فخرا مجاورتنا للفقيه عبد الرّحمن بن سراج ، وخاله عبد الرّحمن بن عبد الله جمّال).

وكانت صلاتهم في المسجد الّذي يقال له : باجريدان في الغرفة ، وقد سبق في الشّحر ذكر تخرّج الشّيخ عبد الرّحمن بن سراج من مدرستها ، وقبل ذلك وبعده كان أخذه عن علماء بلاده ـ وفي مقدّمتهم : أبوه ـ كثيرا أثيرا.

وقد اضطرب الكلام في نسب آل باعبّاد بما هو مفصّل ب «الأصل» ، والأكثر على أنّهم من بني أميّة ، ولكن نقل بعضهم ـ أعني آل باعبّاد ـ عن «تاريخ ابن حسّان» : (أنّ جدّ الشّيخ القديم ، وهو الشّيخ عبد الرّحمن ، خرج وثلاثة معه من الحجاز للسّياحة ، فنزلوا بالهجرين على الأمير محفوظ ، فأحبّه وزوّجه بنته ، فأولدها محمّدا والد القديم ، فلمّا شبّ ـ أعني محمّدا ـ .. جاء إلى باثور فألفى فيه باجمّال ، فخطب إليه بنته. فقال له : ما نسبك؟ فقال : التّقوى. فزوّجه ابنته ، فأولدها عبد الله ، وعبد الرّحمن ، وعمر) اه

وهو صريح في كونهم طارئين على حضرموت لا من صميمها ، ولماذا يعدل الشّيخ عن ذكر نسبه وهو من أشرف الأنساب؟! وعلّ له عذرا ونحن نلوم ؛ فلربّما كان المانع عن التّصريح بنسبه الخلافات المذهبيّة ؛ فإنّها كثيرة إذ ذاك ، وهي عرضة المواربة والتّقيّة.

أمّا بنو أميّة اليزيديّون : فقد مرّ في شبام أنّ دولتهم استمرّت بحضرموت من سنة (٢٠٦ ه‍) إلى سنة (٤١٢ ه‍) ، وكون هؤلاء من الحجاز يمنع كونهم منهم ، ولكنّ آل باعبّاد لم يدّعوا إلى يزيد ، وإنّما ادّعوا في آل عثمان ، وهم موجودون إذ ذاك بالحجاز ، والبحث مستوفى ب «الأصل».

وفي «ذيل رشيدة الإخوان» لعبد الله بكران : (أن آل باحلوان وآل باعبّاد في

٦١٦

الغرفة لهم مآثر وصدقات جارية ، وأوقاف ورثوها عن آبائهم وأجدادهم ، قال ابن خلدون في «مقدّمة تاريخه» : بنو عامر وبنو عبّاد من موالي بني أميّة ، وكان أهلهم قضاة بني أميّة) اه

ونقل بعده عن ابن خلدون : أنّ بني عبّاد أصحاب إشبيلية من لخم ، من قحطان وهو مناف لكونهم موالي بني أميّة ، إلّا أنّه أشار إلى أن الموالاة كانت بالحلف ، وبعيد أن يرجع نسب آل باعبّاد إلى أصحاب إشبيلية ؛ لما عرف ممّا سبق.

ومن المقبورين بالغرفة : الشّيخ عمر بن عيسى باركوه السّمرقنديّ ، أطال سيّدي الأستاذ الأبرّ في ذكره ، وأثنى عليه ثناء جمّا ، وهو من تلاميذ الشّيخ أبي بكر بن سالم.

وممّن أخذ عنه : السّيّد عمر بن عبد الرّحمن العطّاس ، والشّيخ أحمد بن عبد القادر باعشن ، صاحب الرّباط. وغيرهما. وله ذكر كثير في «القرطاس» و «شرح العينيّة» وغيرهما.

ومن أهل الغرفة : الشّيخ الصّالح الشّهير سالم بن عبد الله باعامر ، له مسجد صغير في طرفها الشّرقيّ ، اتّخذه آل الفاس مخفرا بالآخرة. وله أيضا مسجد آخر في جنوب البلاد ، بسفح الجبل الّذي يطلّ عليها.

ومن اللّطائف : أنّ الشّيخ عوض بامختار (١) ـ وكان مشهورا بالولاية والصّلاح ـ ماتت له امرأة ، فاشتدّ وجده عليها ، وبينا هو واضع كفّ حائر على ذقن نادم ـ من فرط اللّوعة ـ على دكّة دار بالغرفة .. إذ مرّ به الشّيخ عمر بن عبد الله بامخرمة ، فقال له

يا عمر ؛ (آه) طب أهل القلوب المراض؟

فأجابه الشّيخ عمر قبل أن يبلع الرّيق :

طبّه العذب لي ينزح على بير راضي

__________________

(١) هو الشيخ عوض بن عبد الله بامختار ، ولد بالغرفة سنة (٩١٣ ه‍) ، وتوفي بها سنة (٩٧٨ ه‍) ، كان أميا من الصالحين العارفين. «السناء الباهر» ، «تاريخ الشعراء» : (١ / ١٦٦).

٦١٧

وهي بئر يستقى منها بالغرفة ـ فذهب إليها فألفى امرأة تنزح منها فتزوّجها ، وكان وإيّاها كما قال قيس [المجنون في «ديوانه» ١٦٦ من الطّويل] :

محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها

وحلّت محلّا لم يكن حلّ من قبل

وبالغرفة جماعة من أعقاب السّيّد أحمد بن محمّد الحبشيّ ، المتوفّى سنة (١٠٣٨ه‍)

منهم : السّيّد زين بن علويّ بن أحمد ، المتوفّى بها سنة (١١٠٠ ه‍).

ومنهم : الإمام الجليل ، صاحب الفراسة الصّادقة والكشف الخارق ، السّيّد عبد القادر بن محمّد بن حسين بن زين بن علويّ بن أحمد ، المتوفّى بها سنة (١٢٥٠ ه‍) (١) ، فلقد كان جليل الشّأن ، عظيم المقدار ، حتّى إنّ سيّد الوادي الحسن بن صالح البحر لا يزوره إلّا بعد أن يغتسل ويتطيّب ، ويبالغ في احترامه ، وبما غرس الله له من المحبّة في القلوب .. أقبلت عليه النّاس ، فقامت عليه بعض نفوس السّادة آل أحمد بن زين وعقروا فرسه ، وأصيب عاقرها ، وتكلّموا عليه بما لا يليق ، كما يعرف بعض ذلك من كتاب بخطّ يده سيّره إليهم ، وهو هذا :

بسم الله الرّحمن الرّحيم : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ...) الآية.

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ) الآية.

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ...) إلخ.

(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)

__________________

(١) كان الحبيب عبد القادر من أهل الصلاح ، ولم يكن مشهورا في زمانه ، وقد ذكره في «العقد» ، وجمع بعض أحفاده مكاتباته مع معاصريه.

٦١٨

الحمد لله حمد من ردّ أمره إليه ، ولجأ في مهماته عليه ، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد أفضل الخلق لديه ، وعلى آله وصحبه وسائر ذويه.

من عبد خائف من مولاه ، الحقير عبد القادر بن محمّد الحبشي إلى إخوانه وأصحابه في الله السّادة الأشراف آل جعفر بن أحمد بن زين الحبشي ، وكذلك محب أهل البيت عبد الله بن سعيد بن سمير .. سلك الله بهم إلى الطّريق السّديدة ، ودلّهم على الأفعال الحميدة وإيّانا آمين.

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، صدرت الأحرف من الغرفة والموجب ـ يا سادتي وأنت يا محب عبد الله ـ أنّ هذا أمر جرى في جنابنا وردّينا أمرنا إلى مولانا إخمادا للشرور وتقييدا للمحتري من الأشرار ، ومعاملة مع عالم خفيات الأسرار ، الّذي لا تضيع المعاملة لديه ، والّذي كلّ شيء تحت حكمه وبين يديه ، وبعد :

إنّ السادة يا محب عبد الله يتكلّمون بكلام قبيح ما يقال في البلدان ، ويقولون : عاد نحن مرادنا منه الشّريعة ، وكسر الشريعة وسار إلى سيئون خوف من طلّاب الشّريعة ، ونحن سرنا إلى سيئون من القيل والقال على أنفسنا وقلوبنا ممّا جرى فينا من الأمور الشّنيعة ، وجاؤوا لنا وسائط الله أعلم هل هم من طرف السّادة؟ أو هم حق فضول منهم؟ وقلنا نحن قد عفينا في الحقّ الّذي لنا ولا نحن طالبين حق من السّادة ، وطرّبنا في السّوق أنّ كلا معذور من القبائل ووجهه أبيض من الّذي حضروا والّذي هم شالّين عنّا على أنفسهم ، وفي وجيههم اعذرناهم ومرادنا السّكون لنا ودحر للسّادة حسبما حضر الولد جعفر بن هاشم ، وما قد بلغكم ، وبعد أن السادة بقي يصدر منهم كلام فينا ويزعمون أنّهم طالبين نحن الحقّ ، وبعد جاء لنا واحد من أهل الفضل وقال : ما يمكن ما تعطي الحقّ السّادة في هذا الكلام الشّنيع ، إن كان السّادة مطالبين .. نحن فيما يقولون الوعد منهم ، وحيث أرادوا قريب أو بعيد وموفين لهم الحقّ في هذا الأمر وربّما وفّينا شيء من هذا الكلام ولا حد عالم به ، ونحن مصرّين على فاحشة وإن لم يكن عندنا حق للسّادة ولا فينا شيء من هذا الكلام ، وهذا إلّا بهتان ولغو وافتراء على الله ؛ فالأمور كلّها إلى الله ، (اللهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ

٦١٩

أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) ولا نقول إلّا ما قاله الصّابرون : : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) و (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) وهو حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم ، ولنا أسوة بمن مضى من سادتنا العلويّين كما قال سيدنا عبد الله الحداد [في «ديوانه» ١٢٧ من الرّمل] :

بهتونا بمقال سيّء

كانت الأحرى به لو أبصرت

قد حلمنا وصفحنا عنهم

وبذا أسلافنا قد أخبرت

و (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً)

ومن أجل الأمور الذي دخل في خواطر السادة من طرفها ، يشهد الله علينا وملائكته : أنا ما طلبناها ولا دوّرنا لها غير جاءت نحن من غير طلب. انتهى الموجود من الكتاب.

وقد حذفت منه آيات وحديثا لا تكثر فيها مناسبة الموضوع ، وفي الكتاب أغلاط حتى في الآيات تعرف بالفهم والذّوق (١) ، والله أعلم.

قال سيّدي الأستاذ الأبرّ عيدروس بن عمر : وكانت للحبيب عبد القادر المذكور أمور غريبة من الرّياضات والخلوات ، وله أربعينيّات متعدّدة.

وربّما تخلّف عن شهود الجمعة ؛ لأنّ الله كشف له عن أحوال النّاس الباطنة ، فيراهم في صور معانيهم. حتّى دعا له الحبيب حسن بن صالح البحر فستر الله ذلك عنه.

ومنهم السّادة الأجلّاء : عيدروس بن عبد الرّحمن بن عيسى الحبشيّ. وولداه : العلّامة الجليل محمّد بن عيدروس ، المتوفّى بها سنة (١٢٤٧ ه‍). وأخوه العلّامة الإمام عمر بن عيدروس ، المتوفّى بها سنة (١٢٥٠ ه‍) .. مناهل علوم ، ومفاتح فهوم ، وقرّات عيون ، وآحاد هي المئون ، وصفاء كأنّما أخلصته القيون :

لهم سرّة المجد التّليد وسرّه

ومحض المعالي فيهم والمناقب (٢)

__________________

(١) وقد أصلحنا الآيات القرآنية.

(٢) البيت من الطويل ، وهو للشريف الرضي في «ديوانه» (١ / ٩٠).

٦٢٠