إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

ومنهم : السّيّد عمر بن علويّ باعقيل ، جمع ثروة طائلة بسربايا من أرض جاوة ، ولم ينس حقّ الله فيها ، من إعانة الضّعيف ، وإغاثة اللهيف ، وبقي مع كثرة أمواله على حاله من التّواضع ، توفّي بسربايا ، لعلّه في سنة (١٣٢٨ ه‍) ، وخلّف أولادا ، منهم : محمّد ، السّابق خبره في الضّليعة.

ومنهم : أحمد ، قتله السّيّد محمّد بن عبد الله بن عمر البارّ ظهر النّهار علنا ، وهو راكب سيّارته في الطّريق العامّة بسربايا.

ومنهم : محسن وحسين ، قامت بينهم منازعات تلفت فيها أكثر أموالهم. وقد سبق في خبر محمّد أنّ إخوانه دفعوا عنه بأمره خمسين ألف روبيّة للقعيطيّ ، وهي الّتي توقّف إطلاقه من السّجن على دفعها ، وقد تعهّد محمّد بتسليم مقابلها ، وأعطاهم وثيقة بذلك وهو مختار ، وعلّق طلاق نسائه بالثّلاث بتأخّره عن دفعها لهم مدّة معيّنة بعد القدرة ، مضت تلك المدّة وهو رخيّ الخناق ، وبقي مع نسائه مع عدم عذره في المطل ، ولمّا وصلت سربايا سنة (١٣٤٩ ه‍) .. سألني أصهاره (١) من بني عمّه .. فأفتيتهم بنفوذ الطّلاق.

ومنهم : السّيّد النّزيه النّديم ، الخفيف النّسيم ، صاحب النّوادر اللّطيفة ، والحالات الشّريفة ، عبد القادر بن محمّد السّقّاف (٢) ، وهو من المعمّرين ، عاش في أكناف الأكابر ، وحظي باعتنائهم وصحّة ولائهم ، وله دالّة عظيمة عليهم ، وكثيرا ما يمثّل هيآتهم وأصواتهم وقراءاتهم ، وكيفيّات مشيهم وحركاتهم ، فيخفّف من حسرتنا على عدم الاجتماع بكثير منهم ؛ كسيّدي طاهر بن عمر الحّداد ، وابنه محمّد ، وسادتي : عمر بن هادون ، ومحمّد بن صالح ، وعمر بن صالح ، وأمثالهم. وفي ذلك التّمثيل نوع من الوصال ليس بالقليل ، وهو الآن بمكّة المشرّفة على ضيافة صاحب المروءة الشّيخ عبد الله سرور الصّبّان ، أحسن الله جزاءه.

__________________

(١) الأصهار : أقارب الزّوجة.

(٢) وهو من آل باعقيل ، واشتهر بالسقاف ، توفي حدود سنة (١٣٦٧ ه‍) بقيدون ، وله بها ذرية وبجاوة.

٤٠١

وفي قيدون جماعة من السّادة آل الحبشيّ ، من آخرهم : الفاضل الجليل ، السّيّد عبد الرّحمن بن عيسى الحبشيّ (١) ، كان على قضائها في سنة (١٣٢٩ ه‍) وعنده علم غزير ، وتواضع كثير ، ونزاهة تامّة ، وصدر واسع ، وجانب سهل.

وآل قيدون يتعالمون بأخبار كبيرة عن نجاح الشّيخ أحمد بن سعيد باداهية (٢) في علاج الأمراض بطبّه العربيّ ، لو لا انتهاؤها إلى التّواتر المعنويّ .. لكذّبناها ؛ لأنّها ممّا تدهش العقول.

وفي قيدون عدد ليس بالقليل من حفّاظ كتاب الله ، وبينما أنا مرّة عند السّيّد حسين بن حامد المحضار بالمكلّا .. ورد شيخ من آل العموديّ ، يقال له : بن حسن ، عليه زيّ البادية ، فإذا به يحفظ كتاب الله ويجيد قراءته! ولمّا اشتدّ إعجابي به .. قال لي العمّ حسين : لكنّه سارق! فسألته ، فقال : نعم إنّي لأحد جماعة من الحفّاظ ، إذا كان من أوّل اللّيل .. سرقنا رأس غنم على أحد أهل قيدون واشتويناه ، ثمّ إذا كان من آخر اللّيل .. سرنا إلى الجامع نتدارس آيات القرآن بظهر الغيب.

وما أدري أقال ذلك مازحا ، ليوافق هوى الوالد حسين ، أم عن حقيقة؟ غير أنّني عند هذا تذكّرت ثلاثة أمور :

الأوّل : ما جاء في «مسند الإمام أحمد» [٢ / ٢٤٧] ونصّه : حدّثني عبد الله ، حدّثني أبي ، حدّثنا وكيع ، حدّثنا الأعمش ، قال : أنبأنا أبو صالح ، عن أبي هريرة قال : (جاء رجل إلى النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : إنّ فلانا يصلّي باللّيل ، فإذا أصبح .. سرق! قال : «إنّه سينهاه ما تقول») وهذا السّند جيّد.

الثّاني : لمّا كنت بسربايا في سنة (١٣٤٩ ه‍) .. حضر مجلسنا رجل أصله من مكّة ، يقال له : محمود ، فقرأ لنا حصّة من الكتاب العزيز بصوت جميل كاد يقتلع

__________________

(١) هو السيد الفقيه عبد الرحمن بن عيسى (١٢٩٦ ه‍) بن محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابن الحبيب عيسى بن محمد بن أحمد صاحب الشعب الحبشي ، توفي المترجم في حدود (١٣٥٠ ه‍) ، وترجم له ابن أخته العلامة علوي بن طاهر في «الشامل».

(٢) آل باداهية من الأسر العمودية ، يسكنون قيدون.

٤٠٢

قلبي من مكانه ، فطربت لذلك ، وأمرتهم بالاكتتاب له ، فقالوا : إنّه يشرب الخمر! فقلت لهم : إنّ من أدرج كتاب الله بين جنبيه ، وحبّره هذا التّحبير .. لجدير أن لا يموت إلّا على حسن الختام ، وذكرت الحديث ، فاكتتبوا له على قدر هممهم بنحو من ثلاث مئة ربيّة.

والثّالث : قول النّجاشيّ الحارثيّ يهجو أهل الكوفة [من البسيط] :

إذا سقى الله قوما صوب غادية

فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا

التّاركين على طهر نساءهم

والنّاكحين بشطّي دجلة البقرا

والسّارقين إذا ما جنّ ليلهم

والدّارسين إذا ما أصبحوا السّورا

ألق العداوة والبغضاء بينهم

حتّى يكونوا لمن عاداهم جزرا

وما إخاله في ذلك بارّا ولا راشدا ، وكيف يصدق وقد بلغ به الفسوق إلى انتهاك حرمة رمضان بالسّكر في أوّل يوم منه ، فحدّه مولانا عليّ بن أبي طالب وزاده عشرين فانسلّ إلى معاوية مع أحد نهد في خبر طويل ذكره شارح «النّهج».

وقد قال سفيان بن عيينة : (خذوا الحلال والحرام عن أهل الكوفة).

ومن النّوادر : ما أخبرني به منصب المشهد السيّد أحمد بن حسين : أنّ العبيد بدوعن ـ وفيهم كثرة لذلك العهد ـ يجتمعون ويتبعهم العتقاء لزيارة الشّيخ سعيد بن عيسى في آخر جمعة من رجب ، ويدخلون والخطيب في خطبته بطبولهم ومزاميرهم ، فقام لهم مرّة أحد آل العموديّ فكسرها عليهم ، وهمّوا بقتله لكنّهم احترموه لأنّ خاله الشّيخ عمر بن عبد القادر العلّامة المشهور الشّبيه الحال بالشّيخ بامخرمة ، ولكنّهم أجمعوا على الجلاء واجتمعوا بالسّويدا ـ وهي نخيل قيدون ـ فقال بعضهم : إنّ بالسّويدا رجالا.

وبينا هم معسكرون هناك للرّحيل بقضّهم وقضيضهم ـ وقد عجز أهل دوعن عن صدّهم ، مع أنّ أكثر أعمالهم وخدمهم متوقّفة عليهم ـ .. إذ جاء العلّامة السّيّد عليّ بن حسن العطّاس فسار إليهم ـ ومعه الشّيخ عمر بن عبد القادر العموديّ ـ وأعطاهم البنّ

٤٠٣

ليطبخوا القهوة ، وسألهم عن شأنهم فأخبروه ، فقال لهم : لا تطيب لنا الأرض من بعدكم فسنرحل معا ، وما زال يلاينهم حتّى تمّ الأمر على أن تبقى زيارتهم بحالها وعلى أن تحبسوا الشّيخ الّذي كسر طبولهم شهرا ، وسوّيت القضيّة.

ثمّ إنّ الشّيخ عمر بن عبد القادر ـ أحد تلاميذ الأستاذ الحدّاد ـ قد قيل له : إنّ الشّيخ عمر بن عبد القادر يريد أن يكون مثل بامخرمة ، فقال الأستاذ الحدّاد : إنّه لأعظم حالا منه ، وكان يستعمل السّماع إذا وصل كحلان ، أمّا في تريم .. فلا ؛ أدبا. وقال مرّة للحبيب عليّ بن حسن العطّاس : ما قصرن إلّا القحيبات ؛ يعني : البغايا.

وقد ترجمه السّيّد عليّ بن حسن العطّاس وبالغ في الثّناء عليه ، وترجمه أيضا الشّيخ محمّد بن ياسين باقيس ، وكانت وفاته سنة (١١٤٧ ه‍) ، وهو من أهل التّخريب ، وذكره الشّيخ عبد الله بن أحمد باسودان في مواضع من كتبه ك «جواهر الأنفاس» وغيره.

عود إلى أخبار آل العموديّ ورئاستهم بعد انقسامهم : قد مرّ في بضه أنّ الكساديّ استولى على أكثر دوعن في حدود سنة (١٢٨٦ ه‍) ، غير أنّ العموديّين اجتمعوا إثر اغتيال الكساديّ أحد المشايخ ، وهو الشّيخ محمّد بن شيخ العموديّ ، في سنة (١٢٨٨ ه‍) (١) ، ونجعوا بالرّئاسة العامّة للشّيخ صالح بن عبد الله العموديّ ، فتحمّل أثقالا فادحة ، عهّد (٢) من أجلها أموالا طائلة بسهوة السّابق ذكرها في مرخة ، وساعدهم جميع قبائلهم من القثم وسيبان والمراشدة والجعدة وغيرهم ، فأيّدهم الله على عدوّهم ، فأصبحوا ظاهرين ، ولكن لم تأت سنة (١٣٠٠ ه‍) إلّا ووادي دوعن ، حسبما قال الإمام المحضار [من مجزوء الرّجز] :

انظر إلى الوادي فقد

حلّت به السّبع الشّداد

الأخمعي والمرشدي

هم والقثم بئس المهاد

__________________

(١) ينظر : «العدة المفيدة» (٢ / ٣١٧) وما بعدها.

(٢) عهّد : باع عهدة.

٤٠٤

والدّيّني والمشجري

هو والعبيدي لا يعاد

وابن مطهّر سابع ال

غلمه وهو رأس الفساد

الله يهديهم ويه

دينا إلى طرق الرّشاد

والّا ينظّفهم من ال

وادي ويجعلهم بعاد

وقد سبق في بضه أنّهم منقسمون إلى قسمين : آل محمّد بن سعيد ، ولهم قيدون وما نزل عنها إلى الهجرين.

وآل مطهّر ، ولهم بضه وما إليها. وكان فيهم عدّة مناصب :

آل صالح بن عبد الله ، ببضه. والشّيخ عبد الرّحمن بن عليّ بن عبد الكريم صاحب شرق ، على مقربة من الخريبة. والشّيخ سعيد بن محمّد بن منصّر صاحب العرض ، بالخريبة أيضا. والشّيخ محمّد باعمر صاحب البراز ، قريبا من القرين.

وبينهم من المنافسات ما لا تبرك عليه الإبل ، وكلّ منهم يوضع في سبيل الجور والظّلم ، فلم يكن من أحد آل باسودان وأحد آل باعبيد .. إلّا أن رفعا شكوى إلى القعيطيّ بالمكلّا على الشّيخ عبد الرّحمن بن عليّ بن عبد الكريم ، فاستدعاه القعيطيّ ، فركب إليه مجلّلا محترما ، ولم يزل في مفاوضة معه حتّى تمّ الكلام على أن تكون الرّئاسة العامّة للقعيطيّ ، ولابن عبد الكريم استقلال داخليّ في الخريبة وأعمالها ضمن دائرة العدل ، وعلى أن ليس له أن يأخذ شيئا من الرّسوم سوى مئتي ريال شهريّا.

وقبض إزاء ذلك الصّلح من يد القعيطيّ ما لا يستهان به من الدّراهم ، وما كاد يصل إلى الخريبة حتّى حبس باسودان وباعبيد ، فاغتاظ السّلطان غالب بن عوض القعيطيّ ، ورأى أنّ شرفه مسّ ، وأنّ المعاهدة انخرمت بحبس ذينك ، وكره أن يتعجّل بعقوبة ابن عبد الكريم ، فأشار على الشّيخ صالح بن عبد الله أن يعذر إليه ، فأرسل بأخيه عبد الرّحمن ، وبالسّادة : حامد بن أحمد المحضار ، وحسين بن محمّد البارّ ، وحسين بن عمر بن هادون صاحب المشهد ، فلم يقبل ابن عبد الكريم لهم كلاما.

٤٠٥

واتّفق أن وصل الشّيخ عليّ بن محمّد بن منصّر إلى المكلّا يتذمّر من مخالفة القعيطيّ لابن عبد الكريم ، فصادف سخطة القعيطيّ على الثّاني ، فحالف ابن منصّر بشرط أن يساعده على ابن عبد الكريم ، وما كاد يرجع إلى مكانه العرض .. حتّى أذكى نار الحرب على ابن عبد الكريم ، وجاءته نجدة القعيطيّ بقيادة عبد الله بن امبارك القعيطيّ ، فلم يثبت ابن عبد الكريم إلّا نحوا من أربعين يوما ، ثمّ هرب إلى جهة القبلة ، فصادف أحد زعماء العموديّين ، وهو : الشّيخ محمّد بن عبد الرّبّ ، فجمع له عسكرا كثيفا هاجم به الخريبة فاستولى عليها ، ودارت المفاوضات بينه وبين ابن منصّر صاحب العرض فانضمّ إليه ، وعند ذلك تراجعت عساكر القعيطيّ إلى الهجرين ، وغضب السّلطان غالب لذلك ، وأرسل عسكرا مجرا (١) بقيادة عبد الخالق ابن الماس عمر مولاهم ، ولاقاه صلاح بن محمّد القعيطيّ ـ من القطن ـ مددا له بمن كان معه ، وبفلول العساكر الّتي بالهجرين ، وعند ذلك قالوا لآل العموديّ : اهبطوا منها جميعا ، فانهزموا ولم يجدوا لهم ملجأ ولا مدّخرا إلّا الشّيخ صالح بن عبد الله العموديّ المحافظ على محايدته ، فنزلوا عليه .. فآواهم ، وكان ذلك في سنة (١٣١٧ ه‍).

وكان من رأي الأمير صلاح بن محمّد وعبد الخالق أن يطاردوهم وينتزعوهم من بضه ، لكنّ السّلطان غالب بن عوض كان كريما ، يجلّ الكرام ، فنهاهم عن ذلك احتراما للشّيخ صالح بن عبد الله ، وبإثر ذلك انتحر عبد الخالق الماس في القويرة ، ولم تطل أيّام الأمير صلاح .. بل مات وشيكا في سنة (١٣١٨ ه‍). وب «الأصل» تفصيل تلك الحوادث.

وأسند القعيطيّ عمالة وادي الأيمن للمقدّم عمر بن أحمد باصرّة ، وكان ما قد أسلفناه في عوره ، وبعد أن استولى القعيطيّ على الوادي الأيمن .. حمل المقدّم باصرّة كلّ أسلحة الدّهاء لحمل القعيطيّ على التهام الوادي الأيسر ، ولم يزل يتحيّن الفرص للوثوب عليه ؛ لما في قلبه من البغضة للحالكة.

__________________

(١) عسكرا مجرا : جيشا عظيما.

٤٠٦

وكانت رئاسة الوادي الأيسر لآل الشّيخ محمّد بن سعيد ولقبائلهم الحالكة ، ومن مناصبهم : الشّيخ محمّد عبود القحوم ، السّابق ذكره في قرن ماجد ، وله بلاد الماء وخديش وقرن ماجد ، وهو من الوادي الأيمن ، وله العرسمة ونصف صبيخ ، وهي من الأيسر.

ومنهم : الشّيخ حسن بن بدر ، وله صيف وفيل.

ومنهم : الشّيخ أحمد بن حسين بن عبد الله بن محمّد ، وله حوفة وضري وتولبة.

ومنهم : الشّيخ عبد الله بن قاسم بن عبد الله بن محمّد (١) ، وله العرض ، ونصف صبيخ مثرى القحوم.

ومنهم : الشّيخ حسين بن محسن ، وعمر بن عبد الله ، ولهم حيد الجزيل.

وأوّل ما انفتح الباب لباصرّة إلى الوادي الأيسر : شرّ حدث بين الخنابشة وآل باهبري ، سببه : أنّ أحمد بن سالم باشجيرة الخنبشيّ تزوّج امرأة من آل باهبري ، يقال لها : قمر ، بدون رضا من بني عمّها ، فبينما امرأة من الخنابشة تستقي من غيل جريف .. إذ عمد لها بعض آل باهبريّ فأراق ماءها ، فخفّت (٢) إلى أهلها ، فكانت بينهم وقعتان ، قتل في الأولى عمر بن سالم الخنبشيّ ، وفي الثّانية أخوه عبد الله بن سالم الخنبشيّ ، وكان ذلك أوائل سنة (١٣٢٢ ه‍) ، فخاف آل باهبريّ من الخنابشة ، وكان شيخ قبائل الحالكة كلّها المقدّم عمر بن أحمد بلحمر ، فلجأ إليه آل باهبريّ ، فأعطاهم بعض رجاله بصفة الخفارة (٣) ، فسقط في يد الخنابشة ، وأيقنوا بتعذّر الثّأر ، فاستعانوا بالمقدّم عمر بن أحمد باصرّة ، وكان ينظر إلى واديهم نظر الجزّار إلى التّيس ، وتحالفوا معه سرّا حلفا هجوميّا دفاعيّا ، آثروا التّكتّم به ؛ لئلّا ينتبه آل باهبريّ فيأخذوا حذرهم ، ولمّا ظهر لهم قاتل أحد إخوانهم .. أطلقوا عليه الرّصاص فنضخ دمه في ثياب بلحمر ، فاستشاط المقدّم عمر بن أحمد بلحمر ،

__________________

(١) وترجمته في «الشامل» (١٧٩) ، ووفاته سنة (١٣٣٤ ه‍).

(٢) خفّت : أسرعت.

(٣) الخفارة : العهد والجوار.

٤٠٧

وأحاط بجحي الخنابشة ، ولمّا اشتدّ الأمر .. أمدّهم باصرّة بأربع مئة مقاتل ، فأبلعوهم الرّيق.

وفي سنة (١٣٢٥ ه‍) سار بلحمر وأهل ليسر ـ ومنهم : آل بقشان ، ورؤساء الحالكة ، والشّيخ أحمد بن حسين العموديّ ـ إلى المكلّا ، وحالفوا القعيطيّ وأعطوه الوادي ، وأعلنوا ذلك بالأسواق ، ففتّ بذلك في أعضاد الخنابشة ؛ إذ لا يستطيعون مقاومة بلحمر إلّا بالقعيطيّ ، ومتى حالفه .. ماذا يفعلون؟ فبقوا ساكتين حتّى نزغ الشّيطان بينهم ، ونشبت الحرب مرّة أخرى ، وسرعان ما انعقد الصّلح بين الخنابشة وبلحمر على أن لا تكون مساعدة من القعيطيّ للخنبشيّ في مدّة الصّلح ، ولمّا انتهى .. حصلت مساعدة قليلة استمرّ بها الخنبشيّ على الحرب عشرة أشهر ، ولمّا اشتدّ الحصر على الخنابشة بالجحي .. جاءت نجدة المكلّا ، وتقدّم باصرّة من الوادي الأيمن ، وأحاط بالعرسمة فسلّمت في سنة (١٣٢٨ ه‍) ، ثمّ سلّمت الجديدة ، ثمّ صبيخ ، ثمّ جريف ، ثمّ الدّوفة.

ثمّ انعقد الصّلح بين القعيطيّ والحالكة على بقائهم بمساكنهم وأموالهم في الوادي الأيسر مجلّين محترمين ، إلّا أنّ المقدّم عمر بن أحمد بلحمر لم يطب له المقام مكتوف اليد ، فذهب إلى سيئون ثمّ إلى وادي العين ثمّ إلى ريدة الجوهيّين ثمّ إلى لبنة بارشيد عند نوّح ، فلم يعثر بطائل فعاد إلى بلاده ، وأجرى له السّلطان غالب بن عوض ما يكفيه ، وتفصيل هذه الأخبار ب «الأصل» (١).

ومن وراء قيدون عدّة قرى وشراج (٢) ، ومنها :

مسه ، وهي قرية صغيرة على يسار الذّاهب إلى دوعن ، يسكنها ناس قليل من آل

__________________

(١) وفي «الشامل» تفصيل أوسع مما هنا لحوادث الوادي الأيسر (ص ١٨٦ ـ ١٨٨) ، وينظر «تاريخ البكري» (٢ / ٣١ ـ ٣٤).

(٢) الشّراج : مسايل الماء ومن هذه القرى الصغيرة : قرية مسه ، وهي على يسار الذاهب إلى دوعن ، يسكنها آل بامحرز ، وآل العمودي. وبها كانت وقعة مسه في عام (١١١٥ ه‍) ، وتفصيلها في «العدة المفيدة» (١ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥).

٤٠٨

بامحرز ، وفيها غيل جار ، عليه نخيل لآل بامحرز ولآل العموديّ ، وعليه تزرع الخضراوات ، وحواليها كانت وقعة مسه ، وحاصلها : أنّ السّلطان عيسى بن بدر بن عليّ بن عبد الله بن عمر بن بدر بوطويرق أغرى ولده جعفرا على الشّيخ محمّد بن مطهّر العموديّ في ألف وثمان مئة .. فلاقاه العموديّ في عدد قليل ، ولمّا رأى عسكر جعفر .. انهزم ، فتبعه عسكر جعفر ، ثمّ لم يشعروا إلا بكمين من العموديّ يركب أكتافهم ، ويفعل بهم الأفاعيل ، وفرّ الأمير جعفر بمن بقي معه إلى الهجرين ، وفي ذلك يقول شاعرهم :

سبعة ومئتين غلبوا سبعة عشر مية

وكان ذلك في حدود سنة (١١١٥ ه‍) كما فصّل ب «الأصل».

ومنها : نسرة ، فيها آثار ديار قديمة ، وقد بني فيها مسجد ومدرسة على نفقة الشّيخ أحمد بن مساعد (١) ـ أو مداعس ـ الموجود الآن فيما يقال بالحديدة.

وقد رجوت أن يحصل من هذه المدرسة ما كنت أؤمّله ؛ إذ لا يرجى الخير من مدرسة يختلط أبناؤها بالأوساط الفاسدة ، وإنّما يرجى من مدرسة داخليّة ينتخب لها معلّمون صالحون ، على أبلغ ما يكون من النّزاهة والتّقوى ، حسبما اقترحته على السّلطان القعيطيّ في أواخر ذكر المكلّا ؛ لأنّ الخلطة الدّاء ، وإنّما التّلميذ هو ظلّ المعلّم .. ينحو نحوه ، ويقتصّ أثره ، ولكن بلغني ـ ويا للأسف ـ أنّ تلك المدرسة أقفلت ، وطاحت تلك العبارات ، وفنيت تلك الإشارات ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله ، وما شاء الله .. كان ، وما لم يشأ .. لم يكن (٢).

__________________

(١) ويقال إنما هو بن مداعس ، والذي سمّاه وغيّر اسمه إلى مساعد هو الحبيب أحمد بن حسن العطاس ، وكان هو من محبيه المؤتمرين بأمره.

(٢) ولا زالت هذه المدرسة قائمة إلى اليوم ، وكان الطريق يمر من تحتها ، ثم لما شق الطريق الإسفلتي .. صار يمرّ بعيدا عنها ، وقبيل نسرة يمر بخريخر وفيها يمر أيضا تحت مدرسة بناها آل بن محفوظ باسم والدهم سالم بن محمد الشيبة بن محفوظ ، وفيها سكن داخلي.

٤٠٩

الهجرين (١)

هي واقعة في حضن جبل فارد جاثم على الأرض كالجمل البارك من غير عنق ، تحفّ بسفوحه النّخيل من كلّ جانب ، متجانف طرفه الغربيّ إلى جهة الجنوب ، وطرفه الشّرقيّ إلى جهة الشّمال. وموقع الهجرين في جنبه الأيسر ، تشرف على سفوحه الجنوبيّة ديار آل مساعد الكنديّين ، وفي يسار سنامه ديار آل يزيد اليافعيّين ، ومن فوق ديار آل يزيد آثار حصن ، يقال له : حصن ابن ميمون.

وفي ضواحي الهجرين ثلاث حرار ، يقال لإحداهما : حرّة ابن ميمون ، وللأخرى : حرّة بدر بن ميمون ، وللثّالثة : حرّة مرشد بن ميمون.

وعلى حارك ذلك الجبل بليدة صغيرة (٢) ، يقال لها : المنيظرة (٣) ، قليل منها يشرف على جهة الجنوب ، والأكثر إنّما يشرف على جهتي الشّرق والشّمال ، وفيها مسجد قديم كثير الأوقاف ؛ لأنّ مساجد اندثرت هناك فتحوّلت إليه صدقاتها ؛ لأنّه أقرب ما يكون إليها.

وفي جنب ذلك الجبل الشّبيه بالجمل من جهة الشّمال آثار دمّون المذكورة في قول امرىء القيس [في «الأغاني» ٩ / ١٠٦] :

تطاول اللّيل علينا دمّون

دمّون إنّا معشر يمانون

وإنّنا لأهلنا محبّون

__________________

(١) الهجرين مدينة قديمة ، بها آثار ترجع إلى العصور الحميرية القديمة ، ويحيط بها واد خصيب ، وسكانها : آل النعمان ، وآل بانافع ، وآل بن عفيف ، وآل بن محفوظ ، والسادة آل الكاف ، وجماعة من آل العطاس ، وآل الجيلاني ، وآل الحامد ، وآل السعدي ، وقديما كان بها المشايخ آل بامخرمة.

وللسيد العالم الصالح الحبيب حسين بن أحمد بن عبد الله الكاف منظومة في عادات أهل الهجرين تسمّى : «مرآة الصّور فيما لأم الهجر وأهلها من العادات والسّير» ، مطبوعة.

(٢) الحارك للبعير : عظم مشرف من جانبه ، ومنبت أدنى العرف إلى الظهر الذي يأخذ به من يركبه ، وهو بأعلى الكاهل.

(٣) لهذه المنيظرة ذكر في التاريخ وأحداث هامة ، تنظر في «تاريخ شنبل».

٤١٠

وهي المذكورة أيضا في قوله السّابق بعندل [من الطّويل] :

كأنّي لم أله بدمّون ليلة

ولم أشهد الغارات يوما بعندل

ومتى عرفت هذا .. تقرب لك قول «القاموس» : (والهجران قريتان متقابلتان ، في رأس جبل حصين قرب حضرموت ، يقال لإحداهما : خيدون ، وللأخرى : دمّون).

قال ابن الحائك : (وساكن خودون : الصّدف ، وساكن دمّون : بنو الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار) اه (١)

والظّاهر أنّه لم يأخذ سكنى بني الحارث عن نصّ ، وإنّما استنتجه من شعر امرىء القيس ، ولا دليل فيه ؛ لأنّه إنّما لجأ إلى دمّون بعد ما طرده أبوه من أجل الشّعر ، كما في شرح (اليوم خمر وغدا أمر) من «أمثال الميدانيّ» [٢ / ٤١٧ ـ ٤١٨] ، ما لم يكن ابن الحائك يعني أعقابا لامرىء القيس في هذه البلاد لم ينته خبرهم إلينا.

وقول «القاموس» : (قريتان متقابلتان) صحيح ؛ لأنّ إحداهما في حضن الجبل الأيمن والأخرى في حضنه الأيسر ، فهما متقابلتان في الموقع ، أمّا في النّظر .. فيحول بينهما سنام الجبل ، ومنه يتبيّن لك وهمه إذ قال : (في رأس الجبل) وإنّما هما في جنبيه ، هذه حالتهما اليوم ، أمّا في ما مضى .. فلا يبعد التّناظر ؛ لاحتمال اتّصال العمارة إذ ذاك (٢).

أمّا قوله : (قريب من حضرموت) فمن أخطائه في حدودها ، وقد اضطرب كلامه وكلام «شرحه» في ذلك ؛ ففي دوعن منه : (ودوعن كجوهر واد بحضرموت وهو أبعد من الهجرين).

وفي مادّة (مأرب) يوسّع حضرموت جدّا ، فيقول : (إنّ مأرب في آخر جبال حضرموت). وفي (شبوة) يضيّق حدّها ، ويقول : (إنّها بلد بين مأرب وحضرموت).

__________________

(١) صفة جزيرة العرب (١٦٧ ـ ١٦٨).

(٢) ينظر ملاحظات بامطرف على «الصفة» للهمداني ، نشرت في مجلة العرب.

٤١١

وجزم في وادي عمد بأنّه من حضرموت.

وذكر في مرباط (١) أنّها من أعمال حضرموت ، وهو الّذي جزم به صاحب «الخريدة» ، وفي رحلة السّيّد يوسف بن عابد الفاسيّ المغربيّ ثمّ الحضرميّ ما يصرّح بأنّ مأرب من حضرموت .. إذن فما منوا به من فرط الهجرة ليس إلّا نتيجة قولهم : (رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) كما هو موضّح ب «الأصل».

وفي الجزء الثّامن [ص ٩٠] من «الإكليل» : أنّ دمّون من حصون حمير بحضرموت.

وهنا فائدة نفيسة ، وهي : أنّ كلّ من ذكر طرد حجر لولده امرىء القيس ممّن رأيته يقول : إنّ السّبب في ذلك هو قوله الشّعر ، وليس بمعقول ؛ لأنّ الشّعر عندهم من الفضائل التي يتنافسون فيها سوقة وملوكا ، لكنّ السّبب الصّحيح أنّه كان يشبّب بهرّ ، وكنيتها أمّ الحويرث ، وكانت زوجة والده ، فلذلك طرده وهمّ بقتله من أجلها كما في (ص ١٨١ ج ١) من «خزانة الأدب» ، و (ص ٥٣٩) من الجزء الأول منها.

وفي غربيّ جبل الهجرين : ساقية دمّون من أودية دوعن ، وفي غربيّها مسيل واد عظيم ، يقال له : وادي الغبر ، ينهر إلى الكسر.

وفي غربيّ ذلك المسيل بلدة : نحوله لآل عمر بن محفوظ ، وهي في سفح جبل ، في حضنه إلى جهة الجنوب :

قزة آل البطاطيّ ، وهم من بني قاصد ، ورئيسهم بيافع بلعفيف ، وآل يزيد وهم قبيلة واحدة ، ولآل البطاطيّ نجدة وشجاعة ، ومنهم : ناصر بن عليّ ، كان يحترف بالرّبا فأثرى ، وهو خال الأمير صلاح بن محمد بن عمر القعيطيّ ، فزيّنت له نفسه أن يستأثر بالقزة ونخيلها وعيونها فناشب آل البطاطيّ الحرب ، واستعان عليهم بأعدائهم آل محفوظ ، وضمّ إليهم صعاليكا وذوبانا من الصّيعر ونهد .. فلم يقدر عليهم ، واجتمعوا على حصاره ، فزال من القزة إلى خريخر عند صهوره آل عجران ، ولمّا

__________________

(١) ذكره في «التاج» في مادّة (ربط).

٤١٢

كثروه .. استعان عليهم بابن أخته الأمير صلاح فأعطاه جماعة من عبيده يخفرونه ، وقتلوا ولده قاسم بن ناصر بن عليّ في ثأر لهم عنده وعبيد صلاح في داره ، فغضب صلاح وجمع يافع لحربهم ، فوافقوه على ذلك إلّا بني أرض ، وضيّق عليهم الحصار ، وفي ذلك يقول شاعرهم الشّيخ ناصر بن جبران البطاطيّ :

بركات طرّب من قتلني بااقتله

ومن لقى في صوب ، بالقي فيه صوب

والله ما بانسى شروع القبوله

لو با ثمن في الدار هذا مية طوب

ولمّا اشتدّ الحصر عليهم .. تداخل الحبيب حامد بن أحمد المحضار في آخر حياة أبيه ، فسار بهم إلى الريّضة عند الأمير صلاح على أن يحكم عليهم بما شاء بعد أن تواضع هو وإياه على أن يكون الحكم بمسامحة آل البطاطي في قتيل لهم عند ناصر عليّ ، وعلى أن يدفعوا خمس مئة ريال أيضا ، ولمّا وصلوا فرط بني أرض والحبيب حامد أمامهم .. قال شاعرهم ابن جبران :

يالفرط ما تستاهل التفريط

لأنّ حبّك ما دخله السّوس

وأمّا الجماعه حبّوا التخليط

لكنّنا باكيّس القنبوس

ولمّا وصلوا الريضة .. قال :

يا راد يا عوّاد هذي الرّيّضه

قد ذكّرتني جمل في وادي حنين

والدرع والبيضه مع مولى بضه

شلّ الثقيله يوم ضاقت بو حسين

وأبو حسين هو الأمير عبد الله بن عمر القعيطيّ ، يشير بذلك إلى نجدته الّتي أعان بها آل البطاطيّ حتّى خلّصوهم من حصار آل كثير ، كما فصّلناها ب «الأصل» ، وأشرنا إليها فيما يأتي.

وفيها كان مسكن الشّيخ يحيى بن قاسم الجهوريّ اليافعيّ ، رجل شهم ، لا يقدع أنفه (١) ، ولا يتقنّع من مسوأة (٢) ، وله من الأعمال ما يصدّق قوله :

__________________

(١) يقدع : يقطع.

(٢) لا يتقنّع من مسوأة : ليس المقصود أنّه يعمل السيّآت ثمّ لا يستحيي منها .. بل المقصود : أنّه لا سيّآت

٤١٣

بو لحم قال كسّاب الجميل

إذا النّوائب فتح لي بابها (١)

ننفق على العزّ من كثر او قليل

ومحنة الوقت ما ندرى بها

إنّ الكرم يفتح ابواب السّبيل

ويمحي اوصال بعد اكتابها

والبخل قايد إلى الذّلّه ذليل

مولى الكرم همّته يعلى بها

والله ما قطّ يتجمّل بخيل

وان قام في حجّه ما أوشى بها

قومي بني مالك الحبّ النّصيل

جهاوره من فروع أنسابها

يسمع لهم في علا الوادي صهيل

كم من بلد زوّعوا بابوابها

لي يحكموا على الرّكب طيّ القتيل

إذا النّفوس أكثرت جلّابها

قولي ونا مسكني غلب الدّويل (٢)

في قرية العزّ ذي نزهى بها

وكأنّما أخذ قوله : (لي يحكموا على الركب .. إلخ) من فعل العنابس يوم الفجار ؛ إذ قيدوا أنفسهم خشية الهرب ، أو من قول البحتريّ [في «ديوانه» ٢ / ٦٣ من الخفيف] :

وكأنّ الإله قال لهم في ال

حرب كونوا حجارة أو حديدا

وفي كلام الحبيب أحمد بن حسن العطّاس : أنّ الحبيب أبا بكر بن عبد الله العطّاس يحبّ الاستشهاد بأبيات من هذه القصيدة.

وقال لي بعض الثّقات : إنّ مسكن الشّيخ يحيى بن قاسم الجهوريّ ليس بالقزة ، وإنّما هو بحصونهم أعمال القطن ، وإنّما كان يتردّد إلى القزه لصهر أو صداقة. أمّا الدّويل : فلعلّه يعني به حصن سيئون ، أو شبام ؛ فكلّ منهما يقال له ذلك.

__________________

له أصلا ، وذلك كالحديث الّذي يصف مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأنّه (لا تنثى فلتاته) ؛ أي : لا تحفظ فلتات مجلسه ، وليس هذا هو المقصود ، بل المقصود : أنّه لا زلّات ولا فلتات في مجلسه أصلا. والله أعلم.

(١) جاء في هامش المخطوط : (بو لحم : بكسر الحاء واللّام وسكون الميم).

(٢) الغلب ـ بضم الغين وسكون اللام ـ : الغرفة التي تكون في أعلى البيوت ، وهذا الحصن (الدويل) لا زال قائما إلى اليوم ، وهو من الآثار الهامة في المنطقة.

٤١٤

ومن آل البطاطيّ (١) : أحمد بن ناصر ، الموجود بالمكلّا الآن (٢) ، وهو أدهى يافع وأرجحها عقلا فيما أراه اليوم ، إلّا أنّه نفعيّ يؤثر مصلحة نفسه على منفعة حكومته ، وربّما كان له عذر بإعراض موظّفي الحكومة بالآخرة عن إشاراته ، وعدم اعتبارهم لنصائحه ، وهو من أبطال بني مالك وشجعانها ، حتّى لقد أغضبه حال من أحمد بن محمّد بن ريّس العجرانيّ ـ وهو خال الأمير عليّ بن صلاح وله منه وجه وكفالة فقتله أحمد بن ناصر غير حاسب لذلك حسابا ، فتميّز الأمير عليّ بن صلاح من الغيظ ، ولم يكن إلا أن أرسل السّيّد حسين بن حامد بأحمد بن ناصر مع ولده أبي بكر بن حسين إلى الريضة للتّرضية ، فسوّيت المسألة.

وفي جنوب الهجرين أنف ممتدّ من جبل ، ذاهب طولا إلى دوعن ، وعليه بلدة لأناس من آل أحمد بن محفوظ ، يقال لها : صيلع ، وهي المذكورة في قول امرىء القيس [من الطّويل] :

أتاني وأصحابي على رأس صيلع

حديث أطار النّوم عنّي وأفحما (٣)

أقول لعجليّ بعيد إيابه

تبيّن وبيّن لي الحديث المجمجما

فقال : أبيت اللّعن عمرو وكاهل

أباحوا حمى حجر فأصبح مسلما

وقد ظفرت منها بضالّة منشودة ؛ لأنّها مقطع النّزاع في حضرميّة امرىء القيس ؛ ولذا كرّرتها ب «الأصل» اغتباطا واعتدادا بتدليلي بها ؛ إذ لم يقل أحد عند ذكرها ـ لا ياقوت ولا صاحب «التّاج» ولا شارح «الأمثال» ولا غيرهم ـ : إنّها تحاذي الهجرين بحضرموت غيري ، فلله الحمد.

__________________

(١) آل البطاطي فخذ من آل اليزيدي أهل يزيد من بني قاصد في يافع ، وكانوا ثلاثة أقسام : بطاطي حمومة ، وبطاطي الخضراء ، وبطاطي الجبل ، وكانوا على رأس الطوائف التي حكمت وادي دوعن فيما مضى.

(٢) تحدث عنه المستمر فلبي في كتابه «بنات سبأ» وقص بعض أخباره.

(٣) ذكر العلّامة الميداني رحمه الله في «مجمع الأمثال» (٢ / ٤١٨) : أنّ امرأ القيس كان يشرب هو وأصدقاؤه ، ثمّ أتاه خبر مقتل أبيه ، فقال : ضيّعني صغيرا ، وحمّلني دمه كبيرا ، لا صحو اليوم ، ولا شرب غدا ، اليوم خمر ، وغدا أمر ، ثمّ قال الأبيات.

٤١٥

وفي أخبار بدر بوطويرق الكثيريّ أنّه بنى صيلعا هذي في سنة (٩٤١ ه‍) (١) ، وأسكن فيها آل محفوظ وآل باداس المطرودين من الهجرين (٢).

ولا يحصى من أنبتته الهجرين من الرّجال ؛ إذ كانت فيهم ثالثة شبام وتريم.

ومنها آل عفيف الكنديّون (٣) ؛ منهم : الصّوفيّ الجليل ، الشّيخ أحمد بن سعيد بن عليّ بالوعار (٤) ، والشّيخ عمر بن ميمون الكنديّ ، من معاصري الشّيخ عبد الرّحمن السّقّاف ، والشّيخ فضل بن عبد الله بافضل ، والشّيخ محمّد بن عليّ العفيف الهجرانيّ ، كان من تلاميذ الحبيب عبد الله بن أبي بكر العيدروس ، المتوفّى سنة (٨٦٥ ه‍) ، وكان الشّيخ محمّد هذا يعرف الاسم الأعظم.

ومن كتاب سيّره العلّامة عليّ بن حسن العطّاس ما نصّه : (إلى حضرة سيّدي الولد الأمجد الأرشد الصّادق الأودّ الأنجد الشّيخ الأكرم الفاضل المحترم عفيف الدّين وسلالة الصّالحين وبركة المسلمين عبد الله ابن سيّدي الشّيخ العفيف ابن الشّيخ عمر ابن الشّيخ عبد الله ابن الشّيخ العفيف ابن القطب الشّيخ عبد الله بن أحمد بن محمّد العفيف عفا الله عنه) اه

__________________

(١) لصيلع ذكر في التاريخ قبل هذا كما في «تاريخ شنبل» (١٤٧) ، و «العدة» (١ / ١٣٤) ، و «الحامد» (٢ / ٦٨١) .. فليتنبه.

(٢) «تاريخ الشحر» للطيب بافقيه (ص ٢٢٨).

(٣) آل بن عفيف : من كندة ، كما في «جواهر الأحقاف» لباحنان (٢ / ١١). وهم أسر وبطون كثيرة ؛ منها : آل الشيبة ، وآل الحاج ، وآل بن وجيه ، وآل كديمة ، وآل السكوتي ، وآل باعلي ، وآل الصالب ، وآل بادحمان.

* تنبيه : آل بن عفيف هؤلاء هم غير آل العفيف سكان لجرات بدوعن ؛ فإن أولئك من الحالكة ، وقد يقال لسكان الهجرين : آل العفيف.

(٤) الشيخ أحمد بالوعار : هو العارف بالله الشيخ الصالح أحمد بن سعيد بن علي بن محمد بن عفيف الكندي ، الملقب : (بالوعار ـ أبا الأوعار) ، لقب بذلك لأنه كان يحمل نفسه على المجاهدات الثقيلة الشديدة على النفس ؛ تشبيها لسالك تلك الطريق بسالك الطرق الوعرة ، قال الحبيب أحمد بن حسن العطاس في «مجموع كلامه» : بلغنا أنه طلب العلم بظفار وأقام بها نحو ثمان سنين. وكانت وفاته بالهجرين سنة (٦٣٢ ه‍) كما نقل عن بعضهم.

٤١٦

وفي هذه الممادح ما يدلّ على أثيل مجد وعظيم فضل. وفي آل عفيف كثير من حفّاظ القرآن و «الإرشاد».

ومنهم : الشّيخ عليّ بن عمر باعفيف ، جاء في «مجموع الأجداد» أنّه : (بعث بأسئلة إلى قاضي مكّة محمّد بن عبد الله بن ظهيرة ، فأجابه عنها).

ومنها : آل بابصيل ، وفيهم علماء أجلّاء ؛ من آخرهم : مفتي الشّافعيّة بمكّة : الشّيخ محمّد سعيد بابصيل (١).

ومنها : آل بامخرمة (٢) ، وإنّما هاجروا منها إلى عدن وإلى غيرها.

وأطال «النور السّافر» في ترجمة الشّيخ عبد الله بن أحمد بامخرمة ، ثمّ استطرد إلى ترجمة ولده الصّوفيّ عمر بن عبد الله بامخرمة ، ولم يفرده بالتّرجمة ؛ لأنّه لم يعرف وقت وفاته ، وسيأتي في سيئون أنّها سنة (٩٥٢ ه‍) ، وقد أفرد ولده العلّامة

__________________

(١) آل بابصيل : أصلهم من الهجرين ، ومنها انتقلوا إلى مكة وجدة وغيرها.

ومن مشاهيرهم : الشيخ محمد بن سالم بابصيل ، وله شرح على «الرسالة الجامعة» منه نسخة بالحوطة.

والشيخ محمد سعيد بن محمد بن سالم بابصيل ، ومحمد سعيد اسم مركب ، فقد كان من العلم بمنزلة عالية ، وتولى إفتاء الشافعية بمكة المكرمة ، تتلمذ على السيد العلامة أحمد زيني دحلان ، وكانت وفاته بمكة سنة (١٣٣٠ ه‍) ، وله ابن عالم هو الشيخ بكر بن محمد سعيد ، توفي سنة (١٣٤٨ ه‍) ، كان من العلماء الأخيار.

وللشيخ محمد سعيد مصنفات ، منها : شرح «سلم التوفيق» في مجلدين ، ورسالة «الدّرر النقية في فضائل الذرية» ، و «رسالة في أحوال القبور وأهلها» ، وغير ذلك.

ينظر : «سير وتراجم» لعمر عبد الجبار (٨٤ ، ٢٤٤) ، و «تاج الأعراس» (٢ / ٦٩٣ ـ ٧٠٠) ، و «المختصر من نشر النور والزهر» لمرداد. وغيرها.

(٢) آل بامخرمة : من سيبان ، وهي أسرة شهيرة معروفة بكثرة علمائها ، وأقدمهم شهرة وأجلهم : الشيخ الإمام عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم بامخرمة السيباني الحميري ، ولد الشيخ عبد الله بالهجرين سنة (٨٣٣ ه‍) ، وتوفي بعدن سنة (٩٠٣ ه‍) ، وله مصنفات عديدة. ينظر : «النور السافر» ، «السنا الباهر» ، «تاريخ بافقيه» كلها في حوادث سنة (٩٠٣ ه‍). وابنه العلامة المؤرخ محمد الطيب مصنف «تاريخ ثغر عدن» مطبوع ، «قلادة النحر في وفيات أعيان الدهر» في (٣) مجلدات مخطوطة ، توفي الطيب سنة (٩٤٧ ه‍) ، تنظر ترجمته في المراجع السابقة.

٤١٧

عبد الله بن عمر المتوفى سنة (٩٧٢ ه‍) بالتّرجمة ، وذكر فيها عمّه الطيّب ابن عبد الله بامخرمة.

ومن الهجرين : كان الشّيخ محمّد بن عمر باقضام بامخرمة يجتمع مع الشّيخ عبد الله بن أحمد في الأب السّادس ، ولد ببلدة الهجرين ، ثمّ ارتحل إلى عدن وأخذ عن إماميها : عبد الله بن أحمد بامخرمة ، ومحمّد بن أحمد بافضل ، ثمّ سار إلى زبيد ، ثمّ عاد إلى عدن ولازم الإمام عبد الله بن أحمد بامخرمة ، وولده أحمد (١). وإليه انتهت رئاسة العلم بعدن بعد الشّيخين : عبد الله بن أحمد بامخرمة ، ومحمّد بن أحمد بافضل ، إلّا أنّه كان يتساهل آخر عمره في الفتاوى ، ويراعي أغراض السّلطان ، وذلك ممّا عيب عليه. توفّي بعدن في سنة (٩٥٢ ه‍).

وفي «شمس الظّهيرة» [٢ / ٤١٩] : (أنّ للسّيّد محمّد بن أحمد الكاف (٢) عقبا بالهجرين ، منهم : السّيّد الفاضل عليّ بن محمّد بن علويّ (٣) ، المتوفّى سنة (١٢٦٧ ه‍) ، وابنا أخيه الآن : عبد الرّحمن وعلويّ (٤) ، فقيهان فاضلان. وابن ابنه أحمد بن حسن بن عليّ (٥) ، ذكيّ نبيه متفقّه) اه

ولقد كان سروري عظيما ؛ إذ بقي إلى ساعتنا هذه من يثني عليه شيخنا المشهور

__________________

(١) كان عالما فاضلا فقيها ، تخرج بوالده وقرأ على علماء عدن ، وعليه قرأ باقضام المترجم ، وأخوه الفقيه عبد الله بن عبد الله المتوفى سنة (٩٠٤ ه‍) بجازان ، وتوفي الشيخ أحمد صغيرا.

(٢) هو السيد الشريف : محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي بكر الجفري ، توفي حفيده السيد أحمد بن علوي بن أحمد بالهجرين سنة (١١٢٠ ه‍) ، وإليه وإلى أخيه محمد بن علوي ينسب آل الكاف الذين بالهجرين ودوعن ومحمدة.

(٣) الصواب أن اسمه : علي بن محمد بن علي.

(٤) أما علوي فيلقب بالنّوير ، قيل عنه في «الشجرة» : كان سيدا فاضلا فقيها متواضعا له خلق حسن ، وأما عبد الرحمن .. فتوفي سنة (١٣١٩ ه‍) ، ولقّبه في «الشجرة» بالقاضي.

(٥) وهو السيد أحمد بن حسن بن علي بن محمد الكاف ، ولد سنة (١٢٨٣ ه‍) ، وقد توفي سنة (١٣٧٤ ه‍) ، وهو من الآخذين عن الحبيب أحمد بن حسن العطاس. ومن أعيان السادة آل الكاف : السيد الجليل الحبيب عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله الكاف المولود سنة (١٣٢٠ ه‍) ، والمتوفى سنة (١٤٢٠ ه‍) ، عن مئة سنة وأشهر بجدة ، وقد كان نسخة من السلف الصالح في زهده وورعه وتقواه رحمه الله تعالى.

٤١٨

في سنة (١٣٠٧ ه‍) ممتّعا بالحواسّ والقوّة والعلم ، ولم يبق ممّن ذكر فيها سواه ، يخرج بمكتله صباح كلّ يوم إلى حقله فيؤدّي ما تعهّد به من الخدمة والتّنقية وإثارة الأرض على الثّيران ، ثمّ يرجع ويتنظّف ويجلس في مجلس القضاء ؛ لأنّه عليه بالهجرين وما قاربها منذ زمن بعيد.

وفيها جماعات من آل العطّاس (١) ، وآل الحامد ، وآل باسلامة (٢) ، وكثير من السّوقة.

ولا يزيد سكّانها عن ألفين وخمس مئة تقريبا ، وفي تربتها من لا يحصى من الصّالحين والعلماء.

وكانت ولاية الهجرين لآل محفوظ الكنديّين ، وهم من ذرّيّة آل جعفر الّذين امتدحهم الشّيخ عليّ بن عقبة الخولانيّ (٣) أثناء القرن السّابع بقصيدته السّائرة ، الّتي تعدّ ـ ولا سيّما أبياتها السّتّة ـ غرّة في جبين الشّعر العربيّ ، وهي [من الكامل] :

أصبرت نفس السّوء أم لم تصبري

بيني ومن تهوين يوم المحشر

إنّي امرؤ عفّ الإزار عن الخنا

لم أغش منذ نشأت باب المنكر

__________________

(١) ومن السادة آل العطاس بها : الحبيب أحمد بن عبد الله بن طالب العطاس من ذرية الحبيب علي بن حسن ، ولد بالهجرين سنة (١٢٥٥ ه‍) ، وتوفي بجاوة ببلدة فكالونفن ـ باكلنقان ـ سنة ١٣٤٧ ه‍ ، كان من العلماء الدعاة ، مهابا جليلا ، له ذرية لا تزال بالهجرين.

(٢) منهم الأمير الحسين باسلامة ، الذي كان حاكما على ذمار من قبل أئمة صنعاء ، توفي سنة (١٣٥٠ ه‍) ، أفرده المؤرخ محمد بن علي الأكوع بكتاب سماه : «حياة عالم وأمير» مطبوع.

ومن آل باسلامة جماعة في سيئون ، فيهم العلماء والصالحون ، ومن مشاهيرهم : العلامة المؤرخ حسين عبد الله باسلامة المكي صاحب «تاريخ الكعبة» ، و «تاريخ مكة» ، ولد بمكة سنة (١٢٩٩ ه‍) ، وبها توفي سنة (١٣٥٦ ه‍). «الأعلام» (٢ / ٢٤٢).

ومن فخائذهم : آل التّوي باسلامة ـ والتوي على وزن قصي ـ يسكنون مدينة شبام ، ومنهم جماعة بالحوطة ، لهم مكارم أخلاق ، وبنى بعضهم مدرسة بشبام في مطلع القرن المنصرم.

(٣) هو الشيخ الشاعر علي بن عقبة بن أحمد بن محمد أبو الحسن الزيادي ثم الخولاني ، قال عنه بامخرمة : كان فقيها فاضلا لا سيما في علم الأدب ، كان يقدم على المظفر الرسولي وله منه رزق يعتاده. اه وله ابن هو محمد ، توفي سنة (٧١٠ ه‍) ، «تاريخ الحامد» (٦٥٠ ، ٧٩٦).

٤١٩

والله ما صافحت كفّ بغيّة

كلّا ولا نادمت شارب مسكر

لكن على كسب العلوم مخيّم

وبكاي في طلب العلا وتحسّري

وقسمت حالاتي ثلاثا مثلما

قد كان قسّمها أبي الشّهم السّري

كرم تدين له الأنام وحالة

ظهر الحصان وحالة للمنبر

وتخذت أصحابا إذا نادمتهم

لم أخش منهم من ينمّ ويفتري

علمي وحلمي والحصان وصارمي

وندى يميني والعنان ودفتري

كذا هي في حفظي ، ولئن خالفت بعض ما هي عليه .. فإلى أحسن منه إن شاء الله تعالى.

وفيها ثلاثة أبيات مأخوذة من شعر الرّضيّ ، وهي قوله :

أعددتكم عونا لكلّ مكسّر

عرضي فكنتم عون كلّ مكسّر

وتخذتكم لي محجرا فكأنّما

ختل العدوّ مخاتلي من محجري (١)

فلأنفضنّ الكفّ يأسا منكم

نفض الأنامل من تراب المقبر

وهي في «ديوان الرّضيّ» [٢ / ٢٢٠ ـ ٢٢١] هكذا :

أعددتكم لدفاع كلّ ملمّة

عنّي فكنتم عون كلّ ملمّة

وتخذتكم لي جنّة فكأنّما

نظر العدوّ مقاتلي من جنّتي

فلأنفضنّ يديّ يأسا منكم

نفض الأنامل من تراب الميّت

وقد رأيت هذه الأبيات الثّلاثة في «معاهد التّنصيص» معزوّة لابن سناء الملك ، وما هو إلّا وهم ظاهر ؛ لأنّ قصيدة الرّضيّ الّتي منها الأبيات مشهورة ؛ ومنها [في «ديوانه» ١ / ٢٢٠ ـ ٢٢١ من الكامل] :

قل للّذين بلوتهم .. فوجدتهم

آلا وغير الآل ينقع غلّتي

تأبى ثمار أن تكون كريمة

وفروع دوحتها لئام المنبت

__________________

(١) المحجر : الحرمة. المخاتلة : مشي الصيّاد خفية ليرمي الصّيد.

٤٢٠