إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

وأهل المغرب الأقصى ناشىء من تردّد النّوتيّة (١) والتّجّار من تلك الجهات) اه بمعناه.

ونحن نوافقه في التّشابه ، ونقول : إنّ السّبب الأصليّ اتّحاد العنصر ، وسيأتي ما يتعلّق به في وبار آخر هذا الكتاب.

وفي «رسالة» موجودة بخزانة الشّيخ عبد الله باعفيف ـ السّابق ذكرها في كنينة ـ أنّ آل باعويدين وآل باحكيم وآل ماضي كلّهم من بني هلال ، وفيه تأييد لبعض ما أخبرني به السّيّد علويّ بن عبد الله الحبشيّ.

هدون

قرية كبيرة لها جامع كبير ، في شرقيّه قبر طويل ، يقال : إنّه قبر هادون بن هود عليه السّلام ، ولا ذكر له في السّير والتّاريخ ، ولكن نقل صاحب «الإبريز» عن الشّيخ عبد العزيز الدّبّاغ أنّ نبيّ الله هويدا مرسل لأهل الأحقاف ، فذكر الحبيب أحمد بن حسن العطّاس أنّه يعني هادون بن هود.

وأهل دوعن مصفقون على ذلك ، ولا غرابة فيه مع كثرة الأنبياء بحضرموت ؛ إذ هي ـ كما قرّرنا في مواضعه من «الأصل» ـ مقرّ الأمم الكبيرة : عاد وثمود ، وأميم وعبيل ، ووبار ، وطسم ، وجديس وغيرهم .. فلا مجال للإنكار ، كما لا معوّل إلّا على النّصّ (٢).

والّذي عند الهمدانيّ [١٦٧] : (أنّ خودون ودمّون وهدون وعندل قرى للصّدف بحضرموت). ذكرها البكريّ ، وضبط هدون عنده مثل دمّون.

وفي هدون جماعة من ذرّيّة السّيّد عقيل بن عبد الرّحمن العطّاس ، أخي السّيّد عمر بن عبد الرّحمن العطّاس.

__________________

(١) النّوتيّة ـ جمع نوتيّ ـ وهو : الملّاح الّذي يدير السّفينة في البحر.

(٢) تقام في هدون زيارة سنوية عقب الانتهاء من زيارة نبي الله هود أسفل حضرموت ، وبالتحديد في منتصف شهر شعبان.

٣٦١

وجماعة من آل باعثمان ، منهم : العلّامة الشّيخ عمر باعثمان الّذي كان موجودا في سنة (١٣٢٠ ه‍) ، وقد استقدمه السّلطان عوض سنتئذ محمولا على الأعناق لشيخوخته ، وكان الغرض من استقدامه أن تكون فتواه الفاصلة فيما بين السّلطان عوض وأبناء أخيه عبد الله ، وكلّ ذلك مفصّل ب «الأصل» (١).

وقد سبق في الرّشيد أنّ السّيّد عبد الله بن عبد الرّحمن الحبشيّ انتقل منها إلى رحاب ، وبها توفّي سنة (١٣٢٠ ه‍) ، وهو والد السّيّد علويّ صاحب النّكات والنّوادر ، ومنها : أنّ رجلا أوصى بثلاث مئة دينار في سبيل الخير ، فتأثّم ولده أن يفرّقها ، وأشكل عليه الأمر ، فدفعها إلى أحد القضاة ، بشرط أن يضعها في موضعها ، فلم يكن من القاضي إلّا أن أعطى بنته مئة ، وزوجته مئة ، وبقيت مئة ، فلمّا حضر عشاؤه .. أدنى وعاءه للهرّة ، فاختطفت قطعة اللّحم ، فأمسكها وقال لها : أمّا لحمي .. فلا سبيل إليه ، ولكن عندي مئة دينار للصّدقة وأنت من مستحقّيها ، فإن أردت أن تشتري بها اللّحم .. كان لك ذلك. ثمّ ضغط على أذنها فماوت (٢) ، فقال لها : وأنا بعت عليك ، فذهبت باللّحم ، وذهب هو بالدّنانير.

ومن سكّان هدون : آل باشيخ ، ومنهم : العلّامة الجليل ، التّقيّ الورع الشّيخ عبد الرّحمن بن أحمد باشيخ ، تولّى القضاء بالمكلّا ودوعن ، ومات حوالي سنة (١٣٤٢ ه‍) (٣).

وفي حوادث سنة (٦٠٥) من «تاريخ باشراحيل» : (أنّ آل عندل هجموا على آل باشيخ ، فقتلوا عبد الله بن أحمد ، وأخرجوا باقيهم إلى شبام ، وكان عبد الملك بن أحمد في شبام).

__________________

(١) آل باعثمان هؤلاء الغالب أنهم من آل العمودي ، على عادة أهل دوعن في إطلاق (با) على الأب أو الجد ، وفيهم علماء أعلام.

(٢) ماوت : أصدرت صوت المواء.

(٣) الشيخ عبد الرحمن بن أحمد بن عمر باشيخ الدوعني الهدوني ، ترجم له صاحب «الشامل» (١٥٥ ـ ١٥٩).

٣٦٢

وسيأتي في سيئون عن الشّيخ عليّ باصبرين أنّ آل باشيخ بسيئون يرجعون في النّسب إلى بني العبّاس ، والعجب أنّه لم يذكر آل باشيخ بدوعن مع قربهم إليه ، والظّاهر أنّهم قبيلة واحدة. والله أعلم (١).

غيل بلخير

قرية صغيرة فيها عين قليلة الماء ، وفيها المشايخ آل بلخير (٢) ، المنسوبة إليهم تلك القرية وغيلها ، ومرجعهم في النّسب إلى أبي الخير ـ أحد ملوك بني عمرو بن معاوية الآتي ذكره في تريم ـ وقد نجعوا من تريم إلى الغرفة ، وبها منهم بقايا ، ثمّ نجع هؤلاء إلى دوعن.

__________________

(١) تأتي بعد هدون في الجانب الشرقي : خسوفر ـ بضمتين فسكون فكسر فاء ـ : بها آل بغلف ، وآل باتيّاه ، وآل بامانع ، وآل باسنبل.

ومن آل بغلف : التاجر الشهير ذو المبرات والصدقات محمد بن أحمد بغلف ، المتوفى بجدة ، كان من كبار أثرياء جدة ، وهو الذي أدخل شبكة المياه إلى دوعن ، وكثير من بلدان وقرى حضرموت ، ومد لها الأنابيب ، واهتم بإنشاء السقايات في الطرق ومواضع نزول الركاب والمسافرين ، وله أوقاف وأربطة متعددة في جدة وحضرموت وغيرها ، رحمه الله تعالى ، وقام بتوسيع عدد من كبريات المساجد.

ثم حصن الجبوب : وفيه القثم. ثم قارة الخزب : أي الخزف ، وفيها : آل باميلح ، والبامعوضة ، وآل باحمدين ، الذين منهم التاجر عبد الله بن محمد باحمدين ، المولود بمكة سنة (١٣٢٩ ه‍) ، والمتوفى بها ، سنة (١٣٦٩ ه‍) ، عن (٤٠) عاما ، كان محظوظا في التجارة ، أسس مصانع الثلج ، ومطبعة باحمدين بمكة وجدة ، ترجم له صديقه الأستاذ محمد علي مغربي في «أعلام الحجاز» وفاء له ، (١ / ٨٩ ـ ٩٨).

(٢) آل بلخير : قدمنا ذكر أصلهم ونسبهم ، وظهر فيهم جماعة من أهل العلم والأدب والفضل ، سيذكر المؤلف ههنا أعيانهم. ونزيد هنا : ١ ـ أن الجد الجامع لآل بلخير هو الشيخ الصالح حسن بلخير ، عاش في القرن السابع الهجري ، عاصر الشيخ سعيدا العمودي وأخذ عنه ، توفي بالقويرة. ٢ ـ وابنه أحمد بن حسن بلخير ، توفي بالقرين ، أخذ عن الشيخ يوسف بن أحمد باناجه بحر النور. ٣ ـ جمع الشيخ المعمر الصالح سالم بن حسن بن سالم بلخير المولود سنة (١٣٢٢ ه‍) ، والمتوفى بجدة سنة (١٤٠٩ ه‍) ، كتابا سماه : «القصبة في معرفة العصبة» وقرّظه العلامة الناخبيّ ، وفيه معلومات هامة عن هذه الأسرة.

٣٦٣

ومنهم : الفاضل الشّيخ محمّد بن محمد بلخير ، ورد إلى سيئون من دوعن وهو في العاشرة من عمره ، فآواه والدي وتربّى في دارنا ، وعنه تعلّمت والدتي ـ الشّريفة ، الجليلة العفيفة ، نور بنت محمّد بن سقّاف مولى خيله ـ المتوفّاة سنة (١٣٤٠ ه‍) ـ الكتابة ، وعليه قرأت القرآن.

وقد لبث زمنا طويلا يتعلّم الفقه والنّحو والعلوم الشّرعيّة على والدي ، وعلى تلميذه وخادمه الشّيخ محمّد بن عليّ الدّثنيّ في دارنا ، على نفقة والدنا.

وكان الشّيخ محمّد بلخير كثير التّوجّه والإقبال على التّعلّم ، حتّى لقد التزم بطريق النّذر الشّرعيّ أن لا ينام في كلّ ليلة حتّى يحفظ صفحة من «تحفة العلّامة ابن حجر» ، وكنّا نتعجّب من هذا النّذر الغريب في بابه ، حتّى رأينا ما جاء في (ص ٣٤ ج ٢) من «المشرع» عن السّيّد الجليل أبي بكر العدنيّ ابن سيّدنا عبد الله العيدروس : من التزامه بطريق النّذر الشّرعيّ مطالعة شيء من «الإحياء» للغزاليّ في كلّ يوم.

وما ذكره الثعالبيّ في «اليتيمة» : أنّ ابن سكرة الهاشميّ حلف بطلاق امرأته وهي ابنة عمّه أن لا يخلي بياض يوم من هجاء القينة السّوداء المعروفة بخمرة ، فكانت امرأته تجيئه بالدّواة والقرطاس كلّما انفتل من صلاة الصّبح ، ثمّ لا تفارق مصلّاه حتّى يقرض في هجائها ولو بيتا.

وكان الشّيخ محمّد بلخير هذا يتناوب السّفر مع إخوانه إلى سنغافورة ، ولهم هناك سدانة (١) مشهد السّيّد الصّالح نوح بن محمّد بن أحمد الحبشيّ المتوفّى سنة (١٢٨٧ ه‍).

وعلى الجملة : فآل بلخير بيت علم وعبادة ، وتقوى وصلاح ، وضيافة وشهامة ، حسبما يليق بنسبهم الصميم.

ومن آل بلخير : الشّهم النّجيب ، عبد الله بن حسن بلخير (٢) ، ثقف

__________________

(١) السّدانة : الخدمة.

(٢) صوابه : عبد الله بن عمر.

٣٦٤

لقف (١) ، شاعر كاتب أمين ، شريف النّفس ، طاهر النحيزة (٢).

على خير ما كان الرّجال خلاله

وما الخير إلّا قسمة ونصيب

أمّا عوده .. فأدب وفضل ، وأمّا عرقه .. فشرف ونبل ، وأمّا ثماره .. فعلم وعقل ، وحسبك من نبله أنّ باكورة ثمار أدبه ، ومخائل نوء فضله : كتاب «وحي الصّحراء» الّذي لا بدّ أن يرتفع عن مستواه بعد ذلك إذا بقي على ممارسة العلم والأدب ، وهو الّذي اقترح عليّ تأليف هذا بإشارة وليّ عهد الحجاز ونجد ، ليضمّه إلى ما ينويه من تقويم بلدان الجزيرة بأسرها.

قرن ماجد (٣)

قرية صغيرة ، كانت ولايتها للشّيخ عبود أو عبد الله ، كلّ ذلك يقال ـ ويلقّب بالقحوم (٤) من آل الشّيخ عبد الله بن سعيد العموديّ ، وله أخبار عجيبة ، وأشعار على لسان العامّة جزلة طريفة ، منها قوله :

عيني وجيعه يا اهل ليّات الظرف

وانكر وجع عيني وقع من يدّي

وانّ القبيلي قرش لمّا يصطرف

إذا اصطرف ضاعت عليه العدّي

وقد وازنت في «الأصل» بين هذا وشعر لسيّد أهل الوبر قيس بن عاصم المنقري (٥) .. فرجح هذا.

__________________

(١) ثقف لقف : ذو فطنة وذكاء ، واللّقف : الّذي يفهم الكلام بسرعة ويحفظه.

(٢) النّحيزة : الطّبيعة.

(٣) قرن ماجد : في الجانب الشرقي على مقربة من خديش ، ومن سكانها : آل القحوم العمودي ، وآل باريان ، وآل بانوير ، وآل بايوسف ، وآل باوجيه (عمودي)

(٤) الشيخ عبود القحوم العمودي كان أميرا على قرن ماجد ، وكان شاعرا مجيدا ، فقيها عالما ، طلب العلم في مكة المكرمة ، وصحبه الشيخ عبد الله بن أحمد باشميل ـ الآتي ذكره في العرسمة ـ والجمعدار عبد الله بن علي العولقي ، ذكر ذلك في «الشامل» (١٩١) ، توفي سنة (١٢٩٦ ه‍).

(٥) هو قيس بن عاصم بن سنان المنقري السّعدي التميمي ، أحد أمراء العرب وعقلائهم ، كان شاعرا ، اشتهر وساد في الجاهلية ، وفد على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضمن وفد تميم ، ومات سنة

٣٦٥

ومن محاسن شعره ، وبعضهم يرويه لغيره :

الهرج له شوكه وله ميزان

قدّام ما يخرج من الحلقوم

والّي خرج شاهد على الإنسان

مثل الظرف لي قابل التّبشوم

و (التبشوم) : هو البارود ، يكون في أسفل البندق. و (الظرف) : ناب الفتيلة المشتعلة ، إذا لاقت البارود .. اندفع وصاحت البندقيّة (١).

ومنه قوله في وصيّته لابنه :

يا الله يا ربّاه يا جزل العطا عبدك دعاك

خائفرهين الذّنب راجيمن قبلجودك فكاك

إلى أن قال :

الشّدّة الشّدّة بها طول المدى عامل عداك

ولايروعكفسل في الوقت العصبيهدم بناك

وانباتخوض الماء توحّالغوطقدّمله عصاك (٢)

وادفعبميسوركولاتكرهإذاالطّارشضواك (٣)

__________________

(٢٠ ه‍) ، وفيه قال صلى الله عليه وآله وسلم : «هذا سيد أهل الوبر». «الأعلام» (٥ / ٢٠٦).

(١) ههنا نذكر بعض القرى والمواضع التي لم يذكرها المصنف .. حسب ورودها في «الشامل» .. فذكر بين غيل بلخير وبضه :

ظاهر : فيه البابطين ، والبازيح ، والبانوير ، وهو بالجانب القبلي ، ، وهذه القبائل كلها من نوّح.

عرض باسويد : فيه آل باسويد.

مطروح : فيه المشايخ آل باجمّال ، والقثم ، وآل عفيف ، وباسويد ، وباجنيد ، وبانبيلة ، وباوادي ، والحداد (آل الحداد .. وهم غير آل الحداد العلويين).

الجبيل : تقدم ذكرها.

قارة بافنع فيها : آل بافنع ، ثم حصن باعبد الصمد : فيه آل خرد ، آل باشويّة.

(٢) توحّ الغوط : استكشف مدى عمقه بغرز العصا فيه.

(٣) الطارش : الضّيف. ضواك : أتاك مساء.

٣٦٦

وأهل قرن ماجد يغضبون إذا قيل : (اتقوا الله) ، وسبب ذلك أنّه كان لواحد علب ـ وهو شجرة السّدر ـ في جربة أحدهم ، فعرض عليه فيه أكثر من قيمته .. فامتنع ، فلم يكن إلّا أن سرى بأهل قريته فاجتثّوه من أصله واحتملوه ، ولم يتركوا له أثرا ـ لا ورقة ولا غيرها ـ ثمّ أثاروا الأرض من ليلتهم ، ولمّا جاء صاحبه .. تحيّر في أمره واندهش في نفسه واختلج في عقله ، وظنّ أنّ بصره كذبه ، ثمّ صاح : (اتّقوا الله يا أهل قرن ماجد ، أين علبي؟) ، فصاروا يغضبون من ذلك.

وأمّا الوادي الأيسر : فأوّله على يمين الدّاخل إليه :

العرسمة (١)

وهي من كبريات قرى الوادي الأيسر ، كان بها ناس من آل مقيبل (٢) ، منهم : الإمام الفاضل المجذوب عبد الله بن أبي بكر مقيبل (٣) ، المتوفّى سنة (١١٩٥ ه‍)

ومنها : آل باشميل ، كانوا مشهورين بالعلم والصّلاح ؛ ومنهم : القاضي المشهور أحمد بن محمّد شميل ، له فتاوى مفيدة جامعة ، يقال : إنّها عند الشّيخ عبد الله بن سعيد باجنيد.

__________________

(١) بفتح العين وسكون الراء ، ثم فتحتين ، وهي في الجانب القبلي ، وحولها شعاب ؛ منها ذلّوت ، وشعب الغبرا ، وشعب كحيلا ، وشعب الأوسط.

(٢) آل مقيبل ـ تصغير مقبل ـ وهم : منسوبون للسيد الشريف أحمد مقيبل ابن علوي الأعين ابن عبد الله بن علوي بن محمد مولى الدويلة .. إلى آخر النسب ، وهو من أهل القرن العاشر ، توفي ابنه عمر شريف سنة (٩٩٦ ه‍) بتريم ، وعلوي سنة (٩٩٩ ه‍) ، ومن أبنائه أيضا : عبد الله ، توفي كإخوته بتريم ، وزين ، توفي بالشحر ، وله بها عقب.

(٣) ترجم له في «الشجرة العلوية» : كان إماما فاضلا ، وشريفا ناسكا ، مجذوبا وليا تقيا صالحا صوفيا ، له هيبة عظيمة ، وكرامات جسيمة ، توفي بالعرسمة من وادي دوعن الأيسر ، يوم الجمعة (٢) رجب سنة (١١٩٥ ه‍) ، ذكره في «فيض الأسرار» اه

وقد أفرده بالترجمة الشيخ أحمد باشميل بكتاب سماه : «النفحات السرية البهلوانية والنفثات البلهية البليانية في ترجمة السلالة الهاشمية والبضعة النبوية» تقع في (١٢٨) صفحة (مخطوطة) ، صنفها سنة (١٢٢٢ ه‍).

٣٦٧

ومنهم : ابنه عبد الله بن أحمد بن محمّد شميل ، له رسالة في الحراثة ذات فصول ممتعة ، توفّي سنة (١٣٠١ ه‍).

ومنهم ـ الآن ـ سعيد بن عبد الله شميل ، طلب العلم بتريم ، وهو الآن معلّم مسجد العرسمة والمدرّس بها.

وفيها : آل باخشب منهم : المكرّم محمد بن بو بكر باخشب (١) ، له تجارة واسعة ، بأفريقيا وأوروبا وأميركا ومصر والحجاز ، وتصرّف في فنون الأعمال ، واتّصال بأعاظم الرّجال ، ووجاهة ظاهرة لدى الملوك فمن دونهم ، وشمم يبسط كفّه في معالي الأمور إلى حسن طريقة ، وصفاء طبيعة ، وسعة صدر ، وكرم نفس ، وصلة أرحام ، وإعانة على نوائب الحقّ. إلّا أنّني أخاف عليه اندفاعه في المروءة مع انتشار اللّؤم ، وتراذل الزّمان ، والنّاس ما ركبوا ظهرا إلّا أدبروه ، ولا جوادا إلّا عقروه ، وأكبر مؤرقيه وأعوانه على جلائل أعماله بلديّه الشّيخ سالم عبود بلّعمش (٢) ، وهو شابّ نشيط له يقظة حاضرة ، وذكاء غالب ، وتبصّر في الآراء ، ونسيم خفيف ، وكفاية تامّة ، تزيّنها بسطة في الجسم ، وشدّة في الأسر ، وحسن في البيان (٣).

__________________

(١) محمد أبو بكر عبد الله باخشب ، ولد بالعرسمة ، وتوفي بجدة سنة (١٣٨٨ ه‍) أو (١٣٩٠ ه‍). يعد من المساهمين الأساسيين في إنشاء جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، إذ إنه في عام (١٣٨٦ ه‍) قدم تبرعا بمبلغ مليون ريال سعودي ، ويعد هذا المبلغ كبيرا جدا بمقياس ذلك الوقت ، وتقديرا لهذا فقد أطلقت الحكومة السعودية اسمه على أحد الشوارع الكبرى بقرب الجامعة في مدينة جدة.

(٢) توفي الشيخ سالم عبود بالعمش ب (جدة) سنة (١٣٩٦ ه‍) ، وهو كما ذكر المصنف من أهل الفضل والمعروف ، وفي «الشامل» : أن آل بالعمش كانوا في الأصل ب (هينن).

(٣) لم يذكر المصنف هنا سوى آل باخشب ، وآل بالعمش ، واختصر جدا كما فعل في بقية قرى الوادي الأيسر ، ربما لأنه لم يجد مسعفا بالمعلومات. ومما يذكر في تاريخ العرسمة كما في «الشامل» : أن حلفا قام بها بين خمس بيوت من بيوتاتها ، وهذه البيوت هي : آل باشميل ، وآل باجخيف ، وآل بالعمش ، وآل باحسن ، وآل بازعزوع. هؤلاء هم الأحلاف.

وتقدم ذكر آل بالعمش وباخشب ، وأما آل باجخيف فكانوا أهل زراعة وحرث ، ولهم عناية بزاوية شهيرة عندهم ، تسمى : زاوية الغزالي ، وقد قام بعمارتها منهم الفاضل الشيخ علي بن أحمد بن عبد الله باجخيف في سنة (١٣١٣ ه‍) ، ولا زالت معمورة إلى اليوم.

٣٦٨

__________________

وأما آل باشميل : فهم من الأسر الشهيرة ، العلمية ، والمآثر الدينية ، وظهر فيهم رجال كانوا مفخرة ل (دوعن) ول (حضرموت) ؛ كالشيخ العلامة الفقيه : أحمد بن محمد باشميل الآتية ترجمته.

وفي «الشامل» : أن آل باشميل قدموا من العبر ، وهم من قبيلة معضّة ـ بالضاد أو الظاء مشددة ـ من قبائل الأزد القحطانية ، والشيخ أحمد باشميل ـ القديم ـ كان ينسب نفسه إلى معضّة حينا ، وإلى الأزد حينا آخر كما صنع في بعض مصنفاته ، ولنذكر أعلامهم :

الشيخ أحمد بن محمد بن علي باشميل ، من أهل القرن الثالث عشر الهجري ، لم يؤرخ أحد لمولده ولا لوفاته ، ولكنه أدرك السيد عبد الله مقيبل صغيرا.

أخذ عن عدد من علماء دوعن وسيئون وتريم ومكة المكرمة ؛ منهم الحبيب عمر البار مولى جلاجل ، والحبيب عمر بن سقاف ، والحبيب عمر بن زين بن سميط شيخ شيوخه ، والحبيب جعفر بن محمد العطاس صاحب (صبيخ).

وله ولدان : محمد وعبد الله. وكلاهما عالم فقيه ، وأشهرهما عبد الله ، الذي طلب العلم ب (مكة المكرمة) بعد أن قرأ وتفقه على والده ، وتولى القضاء في الأيسر مدة ، وله أخبار وحكايات تروى ، وكان يرافقه في طلب العلم ب (مكة) الجمعدار العولقي ، والشيخ القحوم المتقدم ذكره قريبا في قرن ماجد ، كما في «الشامل» ، توفي سنة (١٣٠١ ه‍) ، ومن الآخذين عنه : الحبيب طاهر بن عمر الحداد.

ومن آل باشميل : الشيخ محمد باعلي الفقيه باشميل ، المتوفى (١٣٨٦ ه‍) ، والشيخ سعيد بن عبد الله بن سعيد الفقيه باشميل ، المتوفى سنة (١٣٩٠ ه‍) تقريبا ، وكلاهما كان من أهل العلم ، درسا على يد السيدين العالمين عبد الله وعلوي ابني طاهر الحداد ، وتغربا في جاوة.

هذا وفي العرسمة مساجد ؛ منها : مسجد الذماري ، ينسب للشيخ العلامة عبد الله بن محمد الطيار ابن عثمان بن عمر مولى خضمّ ابن محمد ابن الشيخ سعيد العمودي ، المتقدم ذكره ووفاته في صيف ، وسمي بالذماري لموته ب (ذمار) ، مدينة مشهورة ب (اليمن).

وفي العصر الحاضر بني مسجد جامع بها هو مسجد خالد بن الوليد بناه الشيخ حنتوش رحمه الله تعالى.

تتميم :

ويأتي في الشق الشرقي تجاه العرسمة :

عقبة حليّه ـ بكسر اللام وتشديد الياء ـ ومنها تتفرع الطرق إلى المكلا ووادي العين.

وبعد العرسمه حصون متفرقة ، منها حصن الريضة للبابلغيث (حالكي) ، وهو تجاه قارة الدخان ، ولهم حصن فوق ساقية الطفله أسفل القارة المذكورة.

قارة الدخان : في الجانب الشرقي ، وهي قارة منفصلة عن الجبل الشرقي ، بجانب عقبة حلية

٣٦٩

جحي الخنابشة

وهو قرية للخنابشة الآتي ذرو من أخبارهم في آخر قيدون ؛ منهم الآن : الشّيخ عبد الله بن سعيد بن سالم الخنبشيّ ، مضياف ، وله مروءة.

وفيها ناس من السّادة آل مقيبل ، منهم : السّيّد الغريب الحال ، الطّاهر البال : عبد الله بن أبي بكر الملقّب بالنوّام ، لكثرة نومه ، حتّى أنّه لينام على حماره ويسقط ولا يشعر.

وله أحوال شريفة ؛ منها : أنّه تذوكر إشراق النّور عند تلاوة القرآن والصّلاة على النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .. فقال : هل ينكر ذلك أحد؟! فقال الحاضرون : هل تقدر أن ترينا ذلك؟ قال : نعم ، فتوضّأ وصلّى ركعتين ، ثمّ أمرهم بإطفاء السّرج ـ وكان الوقت ليلا مظلما ـ وشرع يقرأ : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ) فأشرق المنزل بمثل ضياء الشّمس ، فبهت الحاضرون ، ولمّا انتهى الخبر إلى العلّامة السّيّد عبد الله بن هادون بن أحمد المحضار .. قال لآل مقيبل : لا تلوموا صاحبكم على شرب الدّخان ؛ وإلّا .. أوشك أن يطير عنكم.

وله مراء صادقة ؛ منها : أنّه انتبه مرّة منزعجا يقول : قتلوه ، قتلوه .. فجاء الخبر بمقتل سليم بن عيبان بالقوينص السّابق ذكر خبره في الكسر في تلك السّاعة.

ومن آل مقيبل بالجحي الآن : السّيّد حسين بن علويّ مقيبل.

ومنها : الشّيخ سعيد باحفظ الله السّابق ذكره في الرّشيد ، وكان يحبّ الخير ، وهو الّذي بنى جامع الجحي ، وله في القراءات إتقان بديع ، ومعرفة جيّدة ، وهو صاحب

__________________

شمالا ، وفي جوانبها وأعلاها أساسات ديار تدل على أنها كانت بلدا كبيرة ، وفي أسفلها ، جواب عديدة لخزن الماء.

وفي الجانب القبلي بسفح الجبل : كوكه ، وتقدم الكلام عنها.

وبعدها بقليل يلتقي مجرى الوادي الأيسر ومجرى وادي دوعن الأيمن.

ثم مخرج وادي فيل بالجانب الشرقي.

٣٧٠

التّاريخ الّذي أخذه باصرّة ولم يردّه ، توفّي بعد الثّلاث مئة وألف.

ومنها : صاحبنا الفاضل ، الشّيخ عبد الله بن سعيد باجنيد ، طلب العلم بمكّة ، وولي قضاء دوعن والمكلّا عدّة مرّات ، ودرّس مدّة طويلة بمسيلة آل شيخ ، وكان في سنة (١٣٢٥ ه‍) بحوطة آل أحمد بن زين الحبشيّ يدرّس بها ، وله باع في الفقه ، وبضاعته مزجاة في النّحو ، ومع ذلك فقد درّس فيه بالحوطة ، وكان ليّن العريكة ، سهل الجانب ، عذب الرّوح ، دمث الأخلاق ، واسع الصّدر ، توفّي بالجحي سنة (١٣٥٩ ه‍) ، وله ولد اسمه محمّد ، تولّى القضاء بالمكلّا ، وكان طلب العلم بمصر ، ثمّ فصل عن قضاء المكلّا وجعل من أعضاء الاستئناف بها.

وآل باجنيد منتشرون في رحاب وهدون والجحي والمكلّا وعدن والحجاز ، ومثراهم بالخريبة ، حتّى لقد روي عن الحبيب حامد بن أحمد المحضار أنّه قال : دخلت الخريبة .. فإذا عالمها : باجنيد ، وقاضيها : باجنيد ، وتاجرها : باجنيد ، ودلّالها : باجنيد ، وقصّابها : باجنيد ، ونجّارها : باجنيد ، وسائر أعمالها بأيدي آل باجنيد.

وكانت الخريبة أولى بأخبارهم ، ولكنّها تدحرجت علينا إلى هنا ، ومنهم اليوم بعدن الشّابّ الغيور عبد الله بن سعيد بن بو بكر بن عبد الباسط ، له دين متين ، واهتمام بأمر المسلمين ، وأخوه المكرّم محمّد ، وابن عمّهم الشّيخ عبد القادر ، والشّيخ جنيد بن محمّد ، وكلّهم طيّبون مشكورون.

ومنهم : العلّامة الجليل الشّيخ عمر بن أبي بكر باجنيد ، الغني باسمه عن كلّ تعريف وهو أحد أكابر علماء مكّة المشرّفة ، بل إليه انتهت رئاسة الشّافعيّة بها بعد شيخه العلّامة الشّيخ محمّد سعيد بابصيل ـ وقد أخذنا عن الاثنين ـ توفّي الشّيخ عمر بمكّة المكرّمة سنة (١٣٥٤ ه‍) ، وقد سبق في الخريبة عن الحبيب أحمد بن محمّد المحضار ما يصرّح برجوع نسبهم إلى مضر.

ومن النّوادر : أنّ الشّيخ سعيد بن بو بكر باجنيد عمل للفاضل السّيّد حسين بن حامد المحضار ضيافة بداره في الخريبة سنة (١٣٣٧ ه‍) ، وما كاد يستقرّ به المجلس

٣٧١

حتّى قال له : خبّرونا عن نسبكم إلى من يرجع يا آل باجنيد ، إلى الحبوش أو السّواحليّة؟ فلم يزد الشّيخ سعيد على أن قال له : هذا جزاؤنا لمّا زوّجناك وضيّفناك.

هكذا أخبرني الشّيخ عمر بن أحمد باسودان ـ وكان حاضرا ـ ولو أنّ الشّيخ سعيد بن أبي بكر حفظ شعر الحبيب أحمد المحضار السّابق في الخريبة .. لرماه بحجره.

ثمّ يأتي من قرى الوادي الأيسر عرض باقار (١). ثمّ عرض باهيثم (٢). ثمّ الجديدة (٣). ثمّ جريف (٤) ، وهي قرى صغيرة كما يعرف من الإحصاء الآتي.

ومن جريف : السّيّد محمّد بن شيخ وولده علويّ ، فاضلان جليلان.

ثمّ صبيخ (٥) ، وهي قرية واسعة ـ كما يعرف من الكشف ـ وفيها السّيّد الجليل

__________________

(١) ويسكنه آل باقار ، وهم من بني حسن السابق ذكرهم في المكلا ، وفيه أيضا : عكابرة ، ويقال : إنه كان في هينن قبيلة من آل باقار.

(٢) وفيه : آل باهيثم وآل بلّعجم : نزحوا إليها من هينن.

(٣) وفيها : آل باحاذق ، وآل باسليمان ، وآل بايعشوت ، وآل باغزال ، ومنهم العالم الفقيه ، القاضي الشيخ : عمر باغزال ، من تلامذة السيد العلامة محسن بونمي ، يسكن الشحر الآن.

(٤) بكسر الجيم وفتح الراء ، فيها سادة من آل باصرة ، وفيها آل باهبري ، وآل بابقي ـ ومنهم جماعة في القرين ، وآل بالّحمر ، بتشديد اللام ـ وجماعة من الحالكة والخنابشة ، وجماعة من آل العمودي ، وباسويد. وبها سادة من آل باصرّة ؛ منهم : السيد محمد بن شيخ ، وابنه علوي ، فاضلان. وآل باهبري حالكة من سيبان ، وكانت لهم أحداث وحركات في التاريخ الحضرمي ، وفي «تاريخ شنبل» ذكر لبعض تلك الحركات ؛ منها إغارتهم سنة (٩٣٧ ه‍) على الشحر.

(٥) تقع صبيخ في الجانب الغربي للوادي الأيسر ، ويتصل بها من الشمال ساقية البلد وشروجها ونخلها ومالها. ولها تاريخ قديم.

ومن جملة سكانها من آل العمودي : آل باطويل ، وآل باصقر ، وآل المخشّب ، ومن أعيان هؤلاء : الشيخ الفقيه أحمد بن محمد العمودي.

ومنهم : الشيخ محمد بن أحمد المخشّب العمودي. ومنهم : الشيخ الفقيه النجيب : سعيد بن أحمد باصقر العمودي.

ومن آل العمودي أيضا بها : آل باعمر ، وآل بو بكر ، وبها من غيرهم : آل بايسر ، وآل باكوّاسه ، وآل مدهش ، وآل باحرزي ، وبابكور ، وباعويدين ، وباكلكا.

ومن آل باكلكا : الشيخ الفقيه القاضي سعيد بن سالم بن سعيد باكلكا ولد بصبيخ سنة

٣٧٢

جعفر بن محمّد العطّاس ، أحد تلاميذ العلّامة السّيّد عليّ بن حسن العطّاس وزوج إحدى بناته (١) ، وقد سبق ذكر ولده محمّد بن جعفر بغيل باوزير.

وكانت صبيخ مهد علم ومغرس معارف حتّى لقد اجتمع فيها أربعون عذراء يحفظن «إرشاد ابن المقري».

وأكثر سكّانها من آل العموديّ ، ومنهم الشّيخ الوقور محمّد بن أحمد المخشّب ، له مساع مشكورة في إصلاح ذات البين ، وقد تزعّم حركة الإصلاح في وادي الأيسر لمّا اشتدّ عليهم الجور من أيّام الوزارة المحضاريّة ، وكان الشّيخ سالم عبود بلّعمش يساعده ، وهو لسانه وقلمه ، وصلا معا إلى سيئون وأقاما بها نحوا من (١٨) يوما للمفاوضة مع المستشار.

وكانت صبيخ تحت سلطة ابن خالد العموديّ ، وكان مضرب المثل في الجور والظّلم حسبما في «الأصل» ، وفي ذلك يقول شاعرهم :

يا نوب زنحي عامد الحيد البرق

عامد في الغرفه وهي محميّه

لا شي عسل منّه ولا هو ذي فرق

يرعى علوب الناس بالغصبيّه

فأجابه بادحدح بقوله :

الدّبر والعثّة يجيبه بالمدى

والطير لخضر بايجيبه بالدوام

لا عذر ما تمسي جبوحه خاليه

البطل ما له تاليه هو والحرام

و (الدبر) : معروف (٢). و (العثّة) و (الطير الأخضر) : آفات النّوب (٣).

__________________

(١٣٠٨ ه‍) ، وتوفي بالطائف سنة (١٣٧٥ ه‍). قدم إلى الحجاز سنة (١٣٢٠ ه‍) وهو دون البلوغ ، ودرس في الحرم المكي الشريف ، ثم سنة (١٣٥٢ ه‍) صدر أمر بتعيينه قاضيا بجدة ، ثم تنقل في الوظائف الحكومية حتى استقر في الطائف إلى وفاته. «تاريخ القضاء في العهد السعودي» عبد الله محمد الزهراني (٤ / ٣٠٢) ، «الطائف في عهد الملك عبد العزيز» محمد آل سرور.

(١) توفي الحبيب جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن عمر العطاس بصبيخ سنة (١٢٠٧ ه‍) ، أفرده بالترجمة تلميذه الفقيه أحمد بن محمد باشميل ، وله ترجمة في «تاج الأعراس».

(٢) أي : الزنابير.

(٣) النّوب : النّحل.

٣٧٣

ثمّ قرى صغيرة (١).

ثمّ تولبة (٢) ، وهي قرية متوسّطة ، بينها وبين ضريح الشّيخ عمر نحو ساعة.

وفي رأس الوادي قرية على قلّة جبل مقطوع الرّأس من الجهات كلّها ، لا طريق له إلّا من الجهة الغربيّة في غاية الوعورة ، تتراءى ديارها الغبراء القليلة كما تتراءى طيور القطا ، يقال لها : حيد الجزيل (٣) ، مشهورة بزيادة حسن عسلها وهي على مقربة من ضريح الشّيخ عمر مولى خضمّ ابن الشّيخ محمّد بن سعيد العموديّ ، الّذي ينسب إليه وادي الأيسر كلّه ، فيقال : وادي عمر ، يعنونه (٤).

وأوّل ما يكون على يسار الدّاخل إلى وادي الأيسر : حصن الخنابشة.

ثمّ الدّوفة (٥) ، وفيها السّادة آل مقيبل ، يرأسهم الآن : السّيّد محمّد بن بو بكر وأخوه عبد الله.

__________________

(١) ومن هذه القرى : حصون باسعد : سكانها آل باسعد ، وبن العمر ، وهم حالكة. ودار بامحرز : فيه آل بامحرز وشرج آل بعسر : من الحالكة. وجحي باخطيب : فيه آل باخطيب. والمشقعه : فيها آل باوزير. ثم حصون بقشان وخيلة ، سيأتي ذكرها.

(٢) وهي في سفح جبل ، تستقبل الشمال والشرق ؛ وبجانبها شعب ، وفيه غيل ، يغرسون فيه بعض البقول. وفيها سادة أشراف من آل باعقيل السقاف ، وولاتها آل محمد بن سعيد العمودي ، ومن سكانها : آل باقادر العمودي ، وآل باقروان ، وآل بايونس ، وآل بازيد ، وآل باحيدان ، وآل بادعم ، وآل بلحمر ـ بسكون اللام وفتح الميم ـ من الحالكة.

(٣) حيد الجزيل : واسمه في «الشامل» : الحيد الجزيل ، قال : (وهو جبل مرتفع ، عليه قرية للمشايخ آل محمد بن سعيد ، وآل باموسى ، وعندهم : باصبان).

ثم قال أثناء ذكره مجاري الأودية التي تصب في الأيسر : (وإذا انحدرت من قرية الحيد .. كان أمامك المسجد والدار والجابية التي أقيمت لزوار ضريح الشيخ عمر مولى خضم ، وخلف ذلك القبة المقامة على قبره ، وعن يمينك مال الجزيل ، ثم مجرى الوادي ... إلخ).

(٤) ترتيب القرى من أعلى الوادي الأيسر هي هكذا : قبر الشيخ عمر مولى خضم ، فحيد الجزيل الذي بأعلاه قرية الجزيل ، فعرض البلّحمر ـ من سيبان ـ وهم رؤساء الحالكة ، وتقابله حوفة ، وبين العرض وبينها مسيل شعب الصيقة ، وفي العرض سادة من آل العطاس ، وآل البلحمر ، ثم حوفة ، وستأتي. وفي «الشامل» (١٧١ ـ ١٧٢) ، تفصيل دقيق للأودية ومسايل الماء التي تنزل من أعلى الوادي الأيسر ، وهي : وادي مراه ، ووادي عقرون ، ووادي صبيخ.

(٥) الدوفة : تقع في الجانب الشرقي ، وهي بضم الدال وسكون الواو ، قال صاحب «الشامل» : إن الدوفة الحالية العامرة إنما انتقل إليها سكانها من قرية أخرى قريبة كانت تسمى : المحوّقة ـ بتشديد

٣٧٤

وفيها آل العموديّ ، ومنهم : الشّيخ عبد الله بن عثمان (١) ، كان الحبيب عبد الله بن علويّ الحدّاد كثير الثّناء عليه ، ويقول : ما نحن مستأمنين بأهل الوديان إلّا على السّيّد حسين بن عمر العطّاس ، والشّيخ عبد الله بن عثمان صاحب الدّوفة. وهو من مشايخ السّيّد عليّ بن حسن العطّاس صاحب المشهد.

ومنهم : العلّامة الشّيخ أحمد بن عبد الرّحيم العموديّ (٢).

وفي حدود سنة (١٣٦٢ ه‍) كان النّزاع قائما بين آل العموديّ آل باظفاريّ والخنابشة على جريب (٣) من الأرض ، ملكه لآل باظفاريّ ، ونشره (٤) للخنابشة ،

__________________

الواو ـ وكان بعض سكانها أشرارا قاموا بإحراق بعض القرى ، فشرد الناس منها إلى الدوفة.

وأما سكان الدوفة الحاليين : فمنهم : السادة آل مقيبل ، وآل باصرة ، وقد كان أسلافهم بهينن ، ثم نزحوا إلى الدوفة ، وآل باحسن. وبالدوفة جماعة من المشايخ آل العمودي : آل سعيد ، وآل مشعب ، وآل بحمد العمودي ، والباهمام ، وآل بامقعين ، والباوهّاب ، وهم من آل بامقعين ، وآل بامقعين هؤلاء كانوا بهينن ، ثم نقلوا عنها مع سبع قبائل أخرى تفرقوا في القرى ، وبقية الست القبائل : بالعمش ، وباحطّاب ، وبن جحلان ببلاد الماء ، وباجعمان بخديش .. وباريان بقرن ماجد ، وبلّعجم بعرض باهيثم.

وبها أيضا : آل باظفاري ، وباخضر ، وباعباد ، وباحكم ، وباصهي ـ وسيأتي ذكر آل باصهي بشبام ، وآل البحيث من آل باجعيفر ، وآل باسبعين ـ مثنى ـ والباطويل وهم غير باطويل العمودي .. وهؤلاء حالكة ، كما أن من آل باعشن بيت يقال لهم : آل باطويل.

(١) تمام نسبه : عبد الله بن عثمان بن أبي بكر بن عمر بن عمر بن محمد بن علي بن أبي بكر بن عبد الرحيم بن أبي بكر بن عثمان بن عمر مولى خضم بن محمد ابن الشيخ سعيد العمودي.

ترجم له العلامة محمد بن زين بن سميط ضمن تلامذة الإمام الحداد ، وأفرده بالترجمة الشيخ أحمد باشميل صاحب العرسمة ، توفي سنة (١١٤٣ ه‍) ، وهو والد الفقيه العلامة سعيد بن عبد الله الآتي في قيدون ، تنظر ترجمتهما في «الشامل» (١٨٣ ـ ١٨٤).

(٢) هو الشيخ أحمد بن عبد الرحيم العمودي ، كان من العلماء المتجردين للتعليم ، المشتغلين بالعبادة في مسجد منسوب لجده الأعلى الشيخ سعيد بن عيسى ، وله ولع ونهمة بالكتب ونساختها. «لشامل» (١٨٢)

(٣) الجريب : وحدة لقياس المساحات ، أصله فارسيّ ، وهو عندهم مساحة من الأرض تعادل عشرة آلاف متر مربّع ، اقتبسه العرب منذ بداية العصر الإسلاميّ مع اختلاف في المساحة ، واستخدموه في تحديد مساحات الأرض ، وهو عندهم أرض مربّعة ، طول أحد أضلاعها ستّون ذراعا بذراع الملك. وذراع الملك مقداره (٧٧ ، ٧٥ سم) ، وعليه .. فالجريب عند العرب يعادل (١٢٠٠ م ٢). وقد يراد به المزرعة ، ويسمّيها الحضارمة : الجرب ، بسكون الرّاء وفتح الجيم.

(٤) وهو عمارة الأرض بالزراعة بعد إهمالها ؛ أي : إحياؤها ، سواء كانت مواتا أم غيره. وهي من

٣٧٥

فخرج آل العموديّ لحرثه فمنعهم أحد الخنابشة ، فلم يبالوا به ، فأقبل ثلاثة نفر من الخنابشة .. لاقاهم اثنان من آل العموديّ ، فاجتلدوا بالعصيّ ساعة ، ثمّ لم يشعر النّاس إلّا بواحد يمكّن خنجره من خاصرة عبود بن محمّد بن العسكر العموديّ ، فكانت القاضية.

واختلفت الرّواية ، فقيل : إنّ عبودا هذا من المشتركين في المخاصمة على الجريب. وقيل : إنّما كان من النّظارة فقط.

وقد طلّ دمه (١) ؛ إذ لم يتعيّن القاتل بالحجّة الشّرعيّة ، والتّهمة تحوم حول الخنابشة واللّوث الشّرعيّ ظاهر ، ولكنّهم إمّا لا يعرفون القسامة ، وإمّا لأنّهم لا يرون الأخذ بها تشفيا ، وإمّا لأنّهم لا يرون لها منفذا.

ثمّ انحطّت التّهمة على سعيد بن سالم الخضر .. فأودع السّجن ثلاثة أعوام ، ثمّ أطلق سراحه ، ولكن! بعدما تغيّر مزاجه ، وانحرفت صحّته ، فلم يعش بعد تخلية سبيله إلّا مدّة يسيرة.

وكما اختلفت الرّواية في مقتل عبود .. اختلفت في مبدئه ، فقيل : إنّه كمثل أخيه عثمان ، على رأي الإرشاديّين ، وإنّ لذلك مدخلا في قتله.

وقيل : إنّه إنّما كان يجامل أخاه بالتّظاهر بالإرشاد ؛ لأنّه وليّ نعمته (٢) ، وليس بالجادّ فيه.

__________________

المسائل المعمول بها على غير معتمد مذهب الشافعي تقليدا لغيره ، انظر (ص ١٦٤) «فتاوى مشهور» : المساقاة.

(١) طلّ دمه : هدر ولم يؤخذ بثأره.

(٢) ومن أعيان الدوفة وعلمائها المشهورين : الشيخ الصالح العالم الصوفي عمر بن زيد ، كان من أهل العلم والصلاح ، عاش في القرن العاشر ، قدم إلى تريم للأخذ عن السيد الشريف أحمد بن الحسين العيدروس المتوفى بها سنة (٩٦٨ ه‍) ، ولازمه وأخذ عنه ، كما ورد في «المشرع» (٢ / ١٢٥).

الفقيه العارف بالله الشيخ عبد الله بن عمر باعباد ـ بضم العين وتخفيف الباء ـ أخذ عن الحبيب عمر العطاس ، والشيخ علي باراس ، وله مصنف في مناقبهما.

٣٧٦

ثمّ خيله (١) ، وهي حصون قليلة لآل بقشان ، ومنهم : أحمد وعبد الله ابني سعيد بن سليمان بقشان ، من الحالكة ، لهم أشغال مهمّة بالحجاز ، واتّصال أكيد بحكومة الملك الجليل ابن السّعود ، وعليهم يعتمد في كثير من الأمور ـ وهم عرضة ذلك أمانة وكفاية ـ وهم لا يقصّرون في حمل الكلّ وإعانة المنقطع ، ومساعدة المحتاج (٢).

ثمّ حصن باخطيب (٣).

ثمّ ضري ـ زنة (جري) ، وهو مصدر (جرى) ـ وهي من أكبر بلاد الوادي الأيسر ، وفيها آل علويّ بن ناصر ، سادة من آل شيخان.

وفيها ناس من آل باوزير وآل بالبيد وآل باسلم ، وناس من السّوقة (٤).

وقد بتنا بها ليلة في سنة (١٣٦٠ ه‍) بمنزل المكرّم الشّهم محمّد بن عوض اليافعيّ ، في دار جميلة ، مؤثّثة بالأثاث الطّيّب ، في دار قوراء ، جديدة العمارة على أحسن طراز (٥).

__________________

(١) خيله : تقع في الجانب الشرقي ، ويقابلها في الجانب الغربي : حصن بقشان ، وهذه كلها ديارهم ، وهم من الحالكة ، ويعدون من كبار تجار جدّة.

(٢) ومن أكبر الأعمال التي يقومون بها اليوم : شق طريق للسيارات من أعلى العقبة التي على رأس خيله ، وربطها بطريق المكلا ـ رأس حويرة ـ ؛ تيسيرا على المسافرين والقادمين من وإلى دوعن ، وقد بدأ هذا المشروع في مطلع هذا العام الهجري (١٤٢٣ ه‍). فجزاهم الله خيرا.

(٣) وهو حصن صغير ، يسكنه آل باخطيب.

(٤) وبها أيضا : آل بافرج ، وآل باجبيل ، وآل بايماني ، وآل بايسر ، وباداوود ، وآل الرباكي ، وكانت إمارتها وإمارة تولبة لآل بايحيى أو آل بابقي على ما في «الشامل».

(٥) ومن علماء ضري وأعيانها : العلامة الفقيه المعمر ، الشيخ أبو بكر بن أحمد باحميد ، من الآخذين عن الشيخ الفقيه سعيد بن عبد الله بن عثمان العمودي ، وعنه أخذ السيدان : عبد الله بن طه الهدار ، وطاهر بن عمر آل الحداد. «الشامل» (١٧٣).

والشيخ الفقيه : حسن بايماني ، قال عنه صاحب «الشامل» : (كان فقيها عارفا بعلم النحو ، وكان خيّرا ، حسن الخلق ، بيننا وبينه معرفة ومودة رحمه الله). اه وهو من الآخذين عن الشيخ محمد بن عبد الله باسودان ، وأخذ عنه الشيخ أحمد بن عبد الله با موسى العمودي ساكن حوفة.

٣٧٧

ثمّ حوفة (١) ، فيها جماعة من ذرّيّة السّيّد عبد الله بن عبد الرّحمن الجفريّ (٢).

قال شيخنا المشهور في «شمس الظّهيرة» [٢ / ٤٢٨] : (ومنهم الآن ـ يعني سنة (١٣٠٧ ه‍) ـ : أحمد بن محمّد بن أحمد (٣) ، شريف متواضع) ، وهو جدّ السّيّد أحمد بن محمّد الجفريّ الّذي يعمل الآن في بير امبارك بسيئون للمكرّم سالم باحبيشيّ ، وهو سيّد لطيف نشيط متواضع ، مطرب الحداء ، جميل الصّوت ، يحفظ كثيرا من القصائد النّبويّة والصّوفيّة.

ومنهم : السّيّد صافي بن عبد الرّحمن بن صالح بن أحمد بن محمّد بن صالح بن عبد الله بن عبد الرّحمن مولى العرشة ، ذكره في «شمس الظّهيرة» وقال : (إنّه ذو جاه وحشمة وثروة) اه

وقد نجع من حوفة إلى المدينة المشرّفة ، ولم يكن له عمل إلّا الإنشاد على ضرب الطّار ، حتّى ضمّه حفل مع شيخ السّادة بها ، وهو السّيّد الجليل عبد الرّحيم بن سالم ـ الآتي ذكره في اللّسك ـ فلم يرقه أن يكون علويّ قوّالا ، فأخذه إلى بيته وعاتبه .. فاعتذر بالحاجة ، فقال له : الزم بيتي وأنا أكفيك المؤنة ، ففعل وخدم بنشاط ، فأحبّه وزوّجه من بنته آمنة ، ولم يزل معه في حال طيّب حتّى جاء الأمر من السّلطان عبد المجيد باستقدام شيخ السّادة هذا ، أو السّيّد المجمع على صلاحه وولايته : عمر بن عبد الله الجفريّ ، للتبرّك بأحدهما والصّلاة خلفه ، فلم يرغب في ذلك ، ولم يكن بدّ من إجابة الطّلب .. فبعث شيخ السّادة بختنه السّيّد صافي ، فكان له هناك جاه

__________________

(١) حوفة : تقع في عرض الجبل ، تتجه إلى الجنوب والغرب. سكانها : آل صافي ، آل الجفري ، وآل باصرة ، وآل باموسى (عمودي) ، والباجيل ، والبابقي ، وآل بوزينة ، وآل باشاعر ، وبن سويد ، وباضريس ، وباحبيشي ، وبارويح ، وبامعلم ، وبلخرم حالكة ، وباطرفي ، وباعوض ، وقديما كان يحكمها بامسعود.

(٢) والسيد عبد الله هذا له عقب بحوفة ، وبمكة ، والمدينة ، وبالهند ، وتريس ، والقنفذة ، وجاوة ، وجفل ، وتاربة ، وسيئون ، وسنغافورة.

(٣) ومنهم ابنه السيد محمد بن أحمد ، كان خطيب جامع حوفة ، فاضلا متفقها ، وابن عمه السيد محمد بن عبد الله ، كان فاضلا غيورا ، توفي سنة (١٣٥٢ ه‍). ذكرهما صاحب «الشامل».

٣٧٨

واسع حتّى إنّ السّلطان أطلق يده في تحف القصر ، فكان في جملة ما أخذ : ستّة صحون من الذّهب مرصّعة بالجواهر ، قوّمت في تركته باثني عشر ألف جنيه.

وبإثر رجوعه إلى المدينة .. أمر السلطان عبد المجيد بزيادته المعروفة في الحرم الشّريف ، فكانت النّفقة على يد السّيّد صافي ، فابتنى له عدّة قصور شاهقة ، وتأثّل أموالا طائلة كان بها أغنى أهل المدينة ، إلّا أنّ الأيّام تذكّره بما كان فيه أوّلا ، فلم تنبسط يده في معروف ، ثمّ لم يحمد المآل بينه وبين وليّ نعمته السّيّد عبد الرّحيم ، فأبعده السّلطان عبد المجيد عن المدينة ، ثمّ لم يقدر على الرّجوع إلّا بعد انحلال دولة السّلطان عبد المجيد بعد أن خرّف وذهب أكثر شعوره ، وبها مات عن مئة وعشرين عاما.

وفيها جماعة من أعقاب السّيّد عقيل ابن سيّدنا عبد الرّحمن السّقّاف ، منهم : عقيل بن أبي بكر.

ومن حوفة : آل باحبيشي ، نجعوا إلى أسمرة ، ومن ذرّيّتهم بها الآن أحمد وعمر وسعيد وسالم بنو عبيد باحبيشي ، لهم تجارة واسعة ، وثروة طائلة ، ومآثر كريمة ، منها : مكتبة بنوها إلى جانب جامع أسمرة ، جمعوا لها نفائس الكتب وأعزّ دواوين الإسلام ، ومن محاسنهم إجراء عين ماء إلى حوفة ... إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق وجلائل الأعمال ، ولكبيرهم أحمد شجاعة وصرامة وشهامة ، وبعد عن الذّلّ واحتمال الضّيم ، ولسالم تعلّق بالصّحف والأخبار إلى تواضع عند الجميع.

وفي حوفة جماعة من آل باضريس ، يتّفقون بالنّسب مع أهل الغرفة ؛ منهم الشّيخ أحمد بن عمر بن عبد الله بن عليّ باضريس ، كريم الخيم ، نقيّ الأديم ، طاهر السّيرة ، أبيض السّريرة ، نجع إلى مكّة المشرّفة من نحو سبع وأربعين عاما ، يحترف بالتّجارة ، ومع ذلك .. فقلّما فاتته فريضة في المسجد الحرام ، وعليه كان نزولي في سنة (١٣٥٤ ه‍) ، فبالغ في راحتي ، وسهر على خدمتي حتّى كأنّني في أهلي ، فأسأل الله العظيم ربّ العرش الكريم أن يجازيه عنّي بأفضل الجزاء وأن يتقبّل ذلك منه بفضله وجوده.

وفي حوفة كثير من آل باعيسى العموديّين ، وهي مقرّ آل بلّحمر ، ومنهم : المقدّم الحاليّ سعيد بن عمر بلّحمر ، صاحب الرّئاسة العامّة على جميع سيبان ، وقد فصّلنا

٣٧٩

أخباره في «الأصل» ويأتي شيء منها في قيدون.

وقد سبق في دوعن أن أحلنا على ما هنا في تسمية دوعن بهذا الاسم ، قال الطّيّب بامخرمة : (ودوعان مركّب ؛ ف (دو) بكلام فارس : عدد اثنين ، و (عان) المعدّ المرتفع من الأودية ، وهذان العانان أحدهما يمنة والآخر يسرة ، فالأيمن مدينة الخريبة ـ وقد تقدّم ذكرها في حرف الخاء ـ والأيسر مدينة الدّوفة ، وسيأتي ذكرها في هذا الحرف) اه (١)

وأهل وادي ليسر ينبزون مع مأثور شجاعتهم بشيء من اللّيونة في الكلام كآل دمّون الواقعة بأسفل حضرموت ، قال أحد شعراء الأيسر :

يا الله على روس ليسر من قنيف انبطح

تسمع رعوده كما ضفع البقر طح طح

وقد أغفلنا كثيرا من القرى الصّغيرة في الواديين (٢) ؛ لقلّة الأهميّة ، ولكنّني كلّفت الولد الفاضل محمّد بن سالم بن حفيظ بن عبد الله ابن الشّيخ أبي بكر بن سالم مع زيارته الأخيرة إلى دوعن أن يسأل أهل الخبرة ويكتب لي ما يتلقّاه منهم ، ففعل كما تراه في الكشف الّذي يلي :

اسم البلد

عدد السّكان بالتّقريب

القبائل السّاكنة من سادة ومشايخ وغيرهم

كوكه

٣٠

قبائل من الحالكة ، يقال لهم : البلاغيث

خديش

٥٠٠

سادة آل بروم ، وآل العموديّ ، وقبائل من الحالكة ، وسوقة وغيرهم.

بلاد الماء

٧٠٠

آل بروم ، وآل خرد ، وآل العموديّ ، والحالكة ، والسّوقة

__________________

(١) نسبة البلدان (خ ١١٨).

(٢) منها : حصون الحالكة الواقعة حوالي صيف ؛ منها : حصن الشرقي ، وحصن بو حسن ، وفيه البو حسن ، فخيذة من الحالكة ، وحصن بن الزنو ، كان فيه الشيخ سالم بن أحمد بن عبود بن الزنو ، شهم ، كان مرجع الحالكة في بعض شؤونهم.

٣٨٠