إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

مذحج حتّى يصل إلى دهر ، وهو أوّل حضرموت من ذلك الجانب ، وهو لكندة ، وساكنه تجيب ، ثمّ إلى وادي رخية ، وفيه قرى ، منها : صمع ، وسور بني حارثة) (١).

وقال في موضع آخر : (وفي رخية درب يقال له : سور بني نعيم من تجيب. ولهم قرى كثيرة بواد غير ذلك ، وإباضتهم قليلة (٢) ، وأكثر ذلك في الصّدف ؛ لأنّهم دخلوا في حمير ، وتجيب من ولد الأشرس ابن كندة) اه (٣) ولرخية ذكر كثير في أخبار بدر بوطويرق وغيره من «الأصل».

ومن أكبر قراها : صنا ، فيها جامع.

وسكّانها : آل عيدروس بن عمر من آل الشّيخ أبي بكر وآل باعبّاد ، وآل حيدرة ، يقال : إنّهم من بني ظنّة (٤). يزيد عددهم عن أربع مئة رجل. وقيل : لا يزيدون عن مئتين.

وهم فصيلتان : آل سالم ، وآل غانم ، يرجعان إلى روح وهو جدّ آل تميم ، فهم وإيّاهم على رجل واحد.

وفي رخية من آل بلّيث نحو ثمانين راميا.

وما أظنّ امرأ القيس إلّا جمع إلى رخية وما حولها حيث يقول [من الطّويل] :

خرجنا نريع الوحش بين ثفالة

وبين رخيّات إلى فجّ أخرب

وقد وهم الأخفش في قوله : إنّ جبيهاء الأشجعيّ جمع رخّة على رخيات في قوله [من الطّويل] :

__________________

لآل محمّد بن فارس بن شحبل. ٣٦ ـ الخرشان : للشحابل ، أهل خيل وغارات. ٣٧ ـ الغرفة : لابن مربش النّهديّ. ٣٨ ـ البوع : لآل حدجان من نهد. اه من «الشّامل».

(١) صفة جزيرة العرب (١٦٥).

(٢) قوله : (إباضتهم قليلة) أي : الّذين من اعتنقوا مذهب الإباضيّة الّذي كان سائدا آنذاك قليل.

(٣) صفة جزيرة العرب (١٧٢).

(٤) التحقيق كما في «الشّامل» : أنّهم من آل بلعبيد ، والله أعلم.

٢٦١

جنوب رخيّات فجزع تناضب

مزاحف جرّار من الغيث باكر

وقال البكريّ : إنّما تستقيم لو كان الواحد رخوة أو رخية.

ومنه يتبيّن أنّه كامرىء القيس لا يريدون إلّا رخية هذه ، كما لا يريد بأخرب إلّا خربة القمازين من نهد ؛ فإنّ بينها وبين رخية بالتّقريب مقدار أربع ساعات.

المخارم (١)

هي في شمال رخية ، وكانت تحت فارس بن عبد الله بن عليّ النّهديّ ، فأخذها منه السّلطان بدر بوطويرق في سنة (٩٤٥ ه‍) (٢) ، وردّها لأهليها آل شحبل ، وعددهم نحو الأربعين.

وفي أخبار سنة (٩٥٢ ه‍) : أنّ السّلطان بدر بوطويرق تجهّز لحرب المشقاص في ستّ خيل إلى الرّيدة ، ثمّ تلاحقت بعده العساكر والفرسان ؛ فمن آل شحبل أربعة عشر فارسا ... إلخ.

وآل شحبل ثلاث فصائل ، وعددهم نحو الأربعين :

آل مظفّر ، ومسكنهم المخارم. والمجازرة ، ومسكنهم الزّبارة. وآل عجيّان ، ومسكنهم حسوة. والمخارم وآل مطعم ـ ويقال لهم : آل مساعد ـ منهم : آل حسين ، غربيّ نباع وغربيّ المخارم. وآل عليّ بن أحمد ، حصنهم بين المخارم ونباع. وآل عبد الله ، ومساكنهم بنباع ، وفيهم كانت رئاسة آل شحبل العامّة. وآل شحبل من سكون كندة (٣)

__________________

(١) المخارم : بلدة أسفل وادي رخية ، كانت تمرّ في حدودها القوافل الّتي تأتي من شبوة. ومن العوالق إلى قعوظة وشبام.

(٢) «تاريخ الشحر» لبافقيه (٢٥٥).

(٣) ويقال : إنّهم من آل روح من تميم ، من بني ظنّة. «الأدوار» : (٣٥٤).

٢٦٢

ومقدّم الشّحابلة الآن سالم بن يسلم. ومنهم : الشّيخ عوض بن عبد الله بن شحبل (١)

نعم الفتى في سواد اللّيل نصرته

لبائس أو لملهوف ومحتاج

كان رئيس العرب بالصّولو من بلاد جاوة ، وكان مثال الإنصاف ، لم يشك حيفه عدوّ ولا صديق ، يحبّ الإصلاح ، ويتمنّى رقيّ العرب وتقدّمهم ، ولم يزل باذل الجهد في ذلك بلا معين ؛ لأنّ جلّ ـ أو كلّ ـ العرب الحضرميّين نفعيّون مغرضون ، لا يتّخذون الجمعيّات وأشباهها ـ ممّا ظاهره الخير ـ إلّا طريقا إلى المصالح والأغراض والتّشفّي ، وقد قال الأوّل [من الطّويل] :

إذا ألف بان خلفهم هادم كفى

فكيف ببان خلفه ألف هادم؟!!

ومنهم الشّيخ عمر بن عبد الله بن سالم بن شحبل ، له شهامة ومحبّة للخير ، وهو الآن في ممباسا من السّواحل الإفريقيّة ، وبلغني أنّ جدّ آل شحبل كان بمريمة ، فضاقت به لمّا كثرت ثاغيته (٢) .. فنجع إلى وادي عمد ؛ لكثرة ما بها من المراعي ، واستقرّ بالرّحب منه.

ولا تزال به بير تدعى : (شحبلة) إلى اليوم.

ثمّ نجع بعضهم إلى نباع ، وأثروا بها ، إلّا أنّه كان بها ثلاثة إخوة ، وهم : مظفّر وجحدر ومطعم في حالة إملاق ، وكان على المخارم وآل كثيري من يأخذ منهم الرّبع ويسومهم فوق ذلك سوء العذاب ، فجاء جماعة من الرّعايا آل بافليع وآل قناب إلى مظفّر وأخويه ، وجعلوا لمن يقتل أميرهم ما كانوا يعطونه ، فكمنوا له ، وقتله مظفّر ، فدفعوا له ما كان يأخذه منهم ذلك الأمير مدّة ، ثمّ منعوه.

وفي أعلى رخية مكان يقال له : لعمق ، فيه آل عفي ، وهم من الجهمة ، يرجعون إلى آل بلعبيد ، لا يزيد رجالهم عن أربعين.

__________________

(١) الشّيخ عوض بن شحبل هذا .. كان ـ كما ذكر المصنّف ـ من الرّجال المصلحين ، وكان مثقّفا ذكيّا ، وله نشاطات كبيرة في المهجر ، ذكرها معاصره السيد سالم بن جندان رحمه الله.

(٢) أي : مواشيه.

٢٦٣

ومكان يقال له : البديعة ، على مقربة سهوة ، فيه آل لحول ، عدد رجالهم أربعون من الجهمة آل بلعبيد أيضا.

وفي أعلى وادي رخية مكان يقال له : قرن باشريح (١) ، فيه عين ماء ، وعليها نخل وبساتين. وسكّانه القراميش (٢) ، وفيه آل سميدع.

وفي جنوبه : سلمون ، السّابق أنّها لآل سميدع ، وعدّة رجال المكانين من آل سميدع نحو الخمسين.

سهوة (٣)

هي أرض بلعبيد ، وفيها جامع ، ومشايخ من آل العموديّ ، ومشايخ من آل بفلح (٤) ، منهم : الشّهم الحرّ الكريم أحمد بن عبد الرّحمن بفلح ، له رتبة في العسكريّة بحيدرآباد ، وشدّة اختصاص برئيس الوزراء المذبذب بين البوذيّة والإسلام ، حتّى لقد زوّج ذلك الوزير بعض بناته من البوذيّين ، وبعضا من المسلمين. ولما كنت بحيدرآباد في سنة (١٣٤٩ ه‍) .. خدمني الشّيخ أحمد بفلح هذا خدمة عن إخلاص.

ولمّا اشتدّ الأذى بالعموديّين من عسكر الكساديّ بدوعن حوالي سنة (١٢٨٦ ه‍) .. اجتمع ملؤهم بالشّعبة عند الشّيخ أحمد بن عبد الله بن بدر ، وحضر رؤساء المشاجرة وأتباعهم من مقادمة الدّيّن وآل بلعبيد ، وأصفقوا (٥) على القيادة العامّة للشّيخ صالح بن عبد الله صاحب بضه ، جدّ المنصب الحاليّ ، فتحمّل

__________________

(١) وينطق بألف ممالة ، فيقال : باشراح.

(٢) أي : آل القرموشي ، كانوا ضمن عساكر بدر بوطويرق ، منهم على زايد القرموشي المتوفى بجدة سنة (١٤١٨ ه‍) تقريبا.

(٣) سهوة : قرية جنوب وادي رخية ، من مديريّة القطن ، وهي أكبر قرية في وادي رخية.

(٤) ومن آل بفلح جماعة في سيئون نزحوا من سهوة المذكورة ، ولهم بيوت وعائلات في سيئون.

(٥) أصفقوا : أجمعوا.

٢٦٤

الكلف ، وباع أرضا له واسعة بسهوة هذه على الشّيخ ابن عبد الرّبّ ، وهو من آل صالح العموديّين بطريق العهدة الجارية بحضرموت ، ولا يزال الاختلاف قائما بينهم من أجل الفكاك.

وكان عاقبة تلك الحادثة : انتصار آل العموديّ على الكساديّ ، فطردوه من دوعن ، وأخذوا مدفعه الّذي لا يزال موجودا بدار المنصب في بضه (١).

ومن بلاد رخية : علوجة (٢) ، فيها جامع ومنزل للضّيفان ، صدقاته من آثار الحبوظيّ (٣).

وفي رخية جماعات من : آل الشّيخ أبي بكر بن سالم من أعقاب السّيّد عليّ بن عبد الله ابن الشّيخ أبي بكر. ومن أعقاب السّيّد عليّ بن محمّد بن عمر المحضار ابن الشّيخ أبي بكر بن سالم. ومن أعقاب السّيّد عبد الله بن الحامد. ومن أعقاب أخويه أبي بكر وعمر ابني الحامد. وفيها مشايخ كثيرون من آل العموديّ ، وقد مرّ في حجر أنّ بلاد مدورة الواقعة بين لازم والسّور كانت معمورة ، إلى آخر ما سقناه هناك. وفيها بقيّة من آل أبي نعيم ، وجماعة من آل حيدرة يقدّرون بنحو مئة رجل.

وبين رخية ووادي عمد جبل يقطعونه صعودا ونزولا في نحو ستّ ساعات.

سدّة باتيس (٤)

بين رخية ووادي عمد ، فيها خمسة عشر حصنا مبنيّا من الحجارة ، كلّ حصن على سبع طبقات.

سكّانها : آل باتيس ، وهم فيها ، وفي نواحيها ، وفي وادي عمد ، يقدّرون بأكثر من ثلاث مئة رام ، يخدمونهم مواليهم ؛ لأنّ فيهم كثرة.

__________________

(١) ولا يزال هذا المدفع إلى اليوم قائما جوار بيت منصب العمودي في بضه.

(٢) علوجة : قرية في رخية ، بها آل غانم ، وآل سالم ، وآل قصيّر من آل حيدرة.

(٣) قوله من آثار الحبوظيّ .. أي من صدقاته الّتي أوقفها على الأضياف في أكثر بلدان حضرموت.

(٤) آل باتيس من قبائل نعمان من حمير.

٢٦٥

ورؤساؤهم اليوم : محمّد بن خميس بن منصور بن أحمد. وأحمد بن سالم بن منصور بن أحمد. وهم أهل نجدة وضيافة ودين ومروءة.

سوط آل سميدع (١)

هو في جنوب سدّة آل باتيس ، وهم من آل نعمان ، يرجعون مع آل باتيس إلى رجل واحد.

يقدّرون بمئتي رام ، على ما كانت العرب عليه من المروءة ، والشّهامة ، والوفاء ، وحسن الضّيافة ، وأمان الجار.

وفي جنوبهم سوط آل بلعبيد ، يبلغون ألف رام ، على رأسهم : سالم بن ثابت باهيصمي.

وهم قبائل شتّى ، ولكلّ قبيلة منهم رئيس ، غير أنّ سالم بن ثابت هو الشّيخ العامّ لهم (٢).

وادي عمد (٣)

قال الشّيخ زمليّ بن عمرو بن عبد الله الفهميّ باحلوان في كتابه «رشيدة الإخوان» : (إنّ بني القين التّغلبيّين بطن من قضاعة ، سكنوا بوادي عمد من

__________________

(١) وآل سميدع في المهجر ، ومنهم جماعة بالسّعوديّة.

(٢) كان ذلك سنة (١٣٦٦ ه‍) زمن تأليف الكتاب.

(٣) وادي عمد : غربيّ دوعن ، منابعه من جبل شناع ومنطقة هينن ، ويمضي إلى قرب حريضة ، ثمّ خنفر ، والنعير ، وعنق ، والخميلة ، وينتهي في الصّحراء غربيّ كيدام بامسدوس.

وهو منطقة فقيرة وجافّة عدا أجزاء منه في الجهة الجنوبيّة ، حيث توجد أحراج النّخيل ومزارع الذّرة الّتي تسقى بماء السّيل ؛ لأنّ مياه الآبار لا يحصل عليها إلّا على عمق (٣٥٠) قدما فأكثر .. وبهذه المنطقة آثار قديمة ، وعثر على معبد قرب حريضة في ريبون يسمّى معبد القمر ، وفيه دلالة على وجود عبادة وديانة قديمة في المنطقة. وأخذ من هذا المعبد رأس تمثال على شكل أسد يصدر زئيرا إذا دخلته الرّيح ، أهداه السّلطان عليّ بن صلاح القعيطيّ لبعثة أوربيّة ، وهو في أحد المتاحف في مدينة لندن بإنكلترا.

٢٦٦

حضرموت ، فقيل له : وادي قضاعة ، وعمد هو أحدهم ، وهو أوّل من سكن ذلك الوادي ، فسمّي باسمه) اه

قد مرّ في جردان أنّ بينه وبين وادي عمد مسيرة ثلاثة أيّام ، وبعضهم يقول : أربع ، والأمر يسير ؛ لأنّ السّير والمراحل على اختلاف.

ويطلق على وادي عمد إلى اليوم وادي قضاعة ، وهو لقب عمرو (١) بن مالك بن مرّة بن زيد بن مالك بن حمير.

وتزعم نسّاب مضر أنّ قضاعة هو ابن معدّ بن عدنان.

وقال الهمدانيّ في الجزء الأوّل من «الإكليل» : (يمتنع ذلك لخصال ؛ منها : أنّ حمير كانت أعزّ العرب جميعها ، وأنّهم كانوا الملوك الّذين يدينون البلاد ، ويقهرون العباد ، فلم يكونوا ليتركوا قضاعة بهذه الحالة ـ وهم من غير عبيدهم ـ تسكن مأرب وصرواح وتوطّنها ، وهم بيضة العزّ ، ودار المملكة ، وبقعة الجنّتين ، وذكر قحطان ، ووسط الإقليم ، وكلّ من ملك من حمير يرى العالم عبيده ، والعرب جميعا خوله ... إلى آخر ما ذكر ، فتعيّن أنّ الصّواب أنّهم من حمير).

وفي حديث أخرجه الطّبرانيّ [طس ١ / ١١١] عن عقبة بن عامر : «أنتم من قضاعة بن مالك بن حمير».

وفي آخر أخرجه أحمد عن عمرو بن مرّة : «أنتم معشر قضاعة من حمير». (٢)

ويأتي في الضّليعة أنّ سائر قبائل السّوط من حمير ، وهو مناسب لما هنا ، وبه يتبيّن كذب أعشى ثعلبة في قوله [من البسيط] :

قالت قضاعة إنّا من ذوي يمن

والله يعلم ما برّوا ولا صدقوا (٣)

ورأيت في (ص ١١٠) من «الشّهاب الرّاصد» أنّ : قضاعة كان مالكا لبلاد

__________________

(١) وفي نسخة : (عمر).

(٢) مجمع الزوائد (١ / ١٩٩).

(٣) البيت في «البيان والتبيين» (١ / ٣٠٦).

٢٦٧

الشّحر ، وأنّ قبره موجود بجبلها ، ومن المعلوم أنّ قضاعة كانت بمأرب فتفرّقت عنها بعد تفرّق الأزد ، فنجوعها منها إلى هذا الوادي وما والاه من أقرب القريب.

وقال العلّامة السّيّد أحمد بن حسن العطّاس : إنّما كان نجوع قضاعة إلى وادي عمد أواخر القرن السّادس ، حينما ماجت حضرموت بالأيّوبيّين ومواليهم الغزّ والقبائل النّاقلة إليها ، ولا اختلاف ؛ لاحتمال تعدّد النّجوع كما ذكر عن كندة ، والأثبت ما سبق عن باحلوان.

وذكر أبو عليّ : (أنّ ثلاثة بطون من قضاعة ـ وهم : بنو ناعب ، وبنو داهن ، وبنو رئام ـ كانوا متجاورين بالشّحر وحضرموت ، وكان الشّرّ يتّقد بين بني رئام وأخويهم ، فبينا هم غارّون في بعض أفراحهم .. إذ أنذرتهم كاهنة لهم ، يقال لها : خويلة الرّئاميّة (١) ، فحذر من كلامها أربعون فتحصّنوا بشعف الجبال (٢) ، وسخر بها الباقون ، فصبّحهم بنو ناعب وبنو داهن فألقوا فيهم السّلاح حتّى أبادوهم ، وكانوا ثلاثين ـ كما يعرف من شعر خويلة الآتي ـ فلم يكن منها إلّا أن قطعت خناصرهم وانتظمتها قلادة في جيدها ، وركبت إلى ابن أختها مرضاوي بن سعوة المهريّ تستنجد به ، وما كادت تصل بين يديه حتّى مثلت تنشد [من الكامل] :

يا خير معتمد وأمنع ملجأ

وأعزّ منتقم وأدرك طالب

جاءتك وافدة الثّكالى تغتلي

بسوادها فرق الفضاء النّاضب (٣)

هذي خناصر أسرتي مسرودة

في الجيد منّي مثل سمط الكاعب (٤)

__________________

(١) ليس الأمر كذلك ؛ لأنّ خويلة الرّئاميّة من صميم بني رئام ، وإنّما الكاهنة جارية لخويلة الرّئاميّة يقال لها : زبراء ، كما في «الأمالي» وانظر أيضا تفصيل القصّة في «جمهرة خطب العرب» (١ / ١١٠ ـ ١١٢). والله أعلم.

(٢) شعف الجبال : رؤوسها.

(٣) الوافدة : رسولة القوم. الثّكالى : النّساء اللّاتي فقدن حبيبا أو غاليا ، ابنا كان أو غيره. تغتلي : تعلو. الفرق : الجبل. الفضاء : الأرض الخالية. النّاضب : البعيد. والمعنى : جئتك نائبة عن هؤلاء النّسوة اللّاتي فقدن أحبابهنّ ، وقد علوت جبالا في أراض خالية بعيدة. والله أعلم.

(٤) مسرودة : مجموعة واحد تلو الآخر. سمط : قلادة. الكاعب : الفتاة الّتي كعب ـ بدا ـ نهدها.

٢٦٨

عشرون مقتبلا وشطر عديدهم

صيّابة في القوم غير أشائب (١)

طرقتهم أمّ الدّهيم فأصبحوا

تستنّ فوقهم ذيول حواصب (٢)

جزرا لعافية الخوامع بعدما

كانوا الغياث من الزّمان اللّاحب (٣)

فابرد غليل خويلة الثّكلى الّتي

رميت بأثقل من صخور الصّاقب (٤)

فحمي أنفه ، وقال :

أخالتنا سرّ النّساء محرّم

علينا وتشهاد النّدامى على الخمر (٥)

لئن لم أصبّح داهنا ولفيفها

وناعبها جهرا براغية البكر (٦)

ثمّ لم يزل يضرب آباط الإبل حتّى هجم برجاله على بني ناعب وبني داهن ، ولم ينحجز (٧) عنهم حتّى أردى ثلاثين) اه باختصار (٨)

وما حرصت على هذه القصّة إلّا لأنّها تشمل بقضاعة كثيرا من حضرموت ، ولا شكّ أنّ المهرة منهم.

__________________

(١) المقتبل : الشّاب ، وكأنّه استأنف شبابه. شطر عديدهم : نصف عددهم. الصّيّابة : الأسياد في قومهم. أشائب : لعلّها مقلوب شوائب ؛ أي : اختلطوا بغيرهم. ومعنى البيت : هذه خناصر ثلاثين شابا من بني قومي ، وكلّهم أسياد من صميم النّاس وليسوا من خلطائهم ؛ إذ ليس فيهم ما يعيبهم.

(٢) أمّ الدّهيم : المنيّة. تستنّ : تنشط. ذيول حواصب : ما تتركه الرّيح الّتي تحمل الحصباء من أثر يشبه الذّيل في الرّمل. والمعنى : أتتهم المنيّة فصيّرتهم في حفرة تنشط فوقها الرّياح.

(٣) جزرا : قطعا سائغة للأكل. العافي : طالب الرّزق. الخوامع : الضّباع.

(٤) الصّاقب : اسم جبل.

(٥) سرّ النّساء : كناية عن إتيانهنّ ، والمقصود أنّه حرّم على نفسه إتيان النّساء ، والجلوس مع الندامى في مجالس الخمر حتى يثأر لخالته.

(٦) أصبّح : أغزو في الصّباح. لفيفها : جمعها. ناعبها : بنو ناعب. جهرا : علنا. الرّاغية : الرّغاء وهو صوت الإبل وضجيجها. البكر : الفتيّ من الإبل. وراغية البكر : مثل عربيّ يضرب في الشّؤم يجلبه الإنسان على من سواه. وأصله : أنّ قدار بن سالف حينما عقر ناقة سيّدنا صالح عليه الصلاة والسلام في قوم ثمود ، وكانت على وشك الولادة ... خرج ابنها ـ بكرها ـ منها وصوّت ورغا رغاء شديدا ، فأنزل الله عقابه عليهم.

(٧) ينحجز : يمتنع.

(٨) أمالي القالي (١ / ١٢٦).

٢٦٩

وقد مرّ في الدّيس أنّ المناهيل والحموم ويافع من حمير بن سبأ .. فالأمر متقارب بعضه من بعض.

وفي «رشيدة الإخوان» لباحلوان : (إنّ عوبث وناعب ورئاما سكنوا بين حضرموت والشّحر ، وحالفوا قبائل المناهيل وصاهروهم) اه

وجاء في «صفة جزيرة العرب» لابن الحائك : (أنّ لبني رئام حصنا منيعا لا يرام بعمان) (١).

وقال ياقوت في «معجمه» [٣ / ١١٠] : رئام موضع ينسج فيه الوشي ، وقيل : رئام مدينة الأود (٢) ، قال الأفوه الأوديّ [من الكامل] :

إنّا بنو أود الّذي بلوائه

منعت رئام وقد غزاها الأجدع

وفي «القاموس» : (ورئام ككتاب ، بلد لحمير).

وقال الهمدانيّ في الجزء الثّامن [ص ٦٦] من «الإكليل» : (أمّا رئام .. فإنّه كان منسكا (٣) في رأس جبل من بلد همدان ، ينسب إلى رئام بن نهفان بن تبّع بن زيد بن عمرو بن همدان ، وحوله مواضع كانت الوفود تحلّ بها ، منها : حرمة).

وبعد أن أطال في وصفها قال : (ولا أدري ، أرئام هذه يعني الأفوه الأوديّ بقوله ـ يعني البيت السّابق ـ أم غيرها من أرض اليمن؟ فإن يكن رئام لهمدان .. فالبيت لكهلان ، ورئام لهمدان ، وكانوا يحجّونه ، فسار له الأجدع ـ ملك من ملوك حمير ـ وهو تبّع الأخير ، وأجدع بن سودان من ملوك همدان أيضا ، وفيه يقول علقمة :

وذا رئام وبني فارس

وأجدع القيل أخا يشحما

ورئام قبيلة من مهرة من قضاعة ، ويمكن أن يكون عناها) اه بلفظه ، وموضع الشّاهد هو الجزء الأخير.

ووادي عمد بين جبلين ، غربيّ وشرقيّ ، تتشعّب منه طرق تأخذ واحدة في الغرب

__________________

(١) «صفة جزيرة العرب» (٩٢).

(٢) الأود : قبيلة مذحجيّة ، وهم بنو أود بن الصّعب بن سعد العشيرة بن مذحج ، اشتهر منهم الصّحابيّ عمرو بن ميمون الأودي المتوفّى (٧٥ ه‍) ، والشّاعر الأفوه الأوديّ. ومساكنهم في دثينة من مديريّة لودر من أعمال أبين.

(٣) المنسك : الموضع الذي يعتاده الناس.

٢٧٠

متشاملة فتنتهي إلى رخية ، وأخرى إلى حيلة باصليب ، ثمّ تذهب إلى جردان.

وأعلى وادي عمد وأوّله :

الخميلة (١)

سكّانها آل بايزيد ، وهم مشايخ ، كان منهم علماء وصلحاء في سابق الزّمان.

وقال الطّيّب بامخرمة : (هي قرية على وادي عمد ، بها فقراء صالحون ، يطعمون الطّعام ، يعرفون بآل بايزيد ، تتّصل خرقتهم إلى أبي مدين المغربيّ. ذكر ذلك القاضي مسعود) اه (٢)

وقوله : (تتّصل خرقتهم .. إلخ) لن يكون ذلك الاتّصال إلّا بواسطة العلويّين أو العموديّين. وفيها سوقة ، وفيها جامع ، وبيت للضّيفان من صدقات الحبوظيّ. ثمّ :

حيلة باصليب (٣)

وهم قبائل مشاجرة يحملون السّلاح ، وما أدري أكان الشّيخ عليّ بن سعيد باصليب ، الملقّب بالرّخيلة منهم (٤) ، أم لا؟ فإنّه تديّر (٥) تريم ، وللشّيخ عبد

__________________

(١) يقال : إنّ هذه الخميلة تنسب للشّيخ محمّد بايزيد ، لعلّه من أهل القرن التّاسع ، أو العاشر ، ذكره الشّوّاف في «قصعة العسل» ، وحكى أنّه من أهل السّرّ والنّور وكان من أهل الله البائعين نفوسهم وأموالهم في سبيل الله ؛ فقد تصدّق بأعزّ ماله ـ أي ضياعه ـ على إطعام الضّيفان القاصدين مكانه ، وكان له كرامات ؛ منها أنّ الفأر إذا أكل من طعامه .. مات حالا ، وأنّ الحبوب في مخزنه لا تكاد تنفد ، ومخزنه دائما مملوء بالطّعام ، كلّما قصده ضيف .. وجد كفايته. «تاج الأعراس» (١ / ٦٤٠).

(٢) «النسبة» (١٠٦ خ).

(٣) وتنطق بألف فيقال : حالة باصليب ، وآل باصليب من قبائل المشاجرة ـ واحدهم مشجري ـ من سيبان ، أحد بطون حمير الكبرى. وهم أي المشاجرة أقسام وبيوت ، منهم : آل باعران ، باموكره ، بامسدوس ، آل النقيب.

(٤) عليّ باصليب الرخيلة ، من كبار الصّوفيّة في زمنه ، له ذكر كثير في «الجوهر الشّفّاف» و «المشرع الرّويّ» صحب الشيخ محمد بن علي مولى الدويلة ، وابنه السقاف ، وكان من أصحابه وإخوانه في الله : الشيخ العلامة محمد بن عبد الرحمن باصهي الشبامي (ت ٩٠٣ ه‍) ، الآتي ذكره في شبام.

والرخيلة تصغير رخلة ، وهي صغار العنز.

(٥) تديّر : سكن.

٢٧١

الرّحمن السّقّاف أخذ عنه ، ومع ذلك بقي له اتّصال أكيد بالشّيخ الإمام أبي بكر بن عيسى بايزيد ، السّاكن في وادي عمد ، الّذي كان موجودا بالقرن الثّامن.

وكان هو والمشايخ الأئمّة ـ : عمر بن سعيد باجابر ، ومزاحم بن أحمد باجابر ، وعبد الله بن طاهر الدّوعنيّ ، المتوفّى بالأيسر ، على مقربة من بلاد الدّوفة ، كلّ هؤلاء ـ من أقران الشّيخ عبد الرّحمن السّقّاف.

وفي حيلة باصليب جماعات من السّوقة والأكرة.

ثمّ رباط باكوبل (١) ، وسكّانه من القرار المعروف شأنهم بحضرموت ، وفيه جامع.

ولم أدر من هو باكوبل هذا غير أنّه جاء في الحكاية (١٤٥) من «الجوهر الشّفّاف» ذكر يحيى بن أبي كربل ، وهو من خدّام الشّيخ عبد الله باعلويّ. كما جاء في الحكاية (١٥٤) منه أيضا ذكر باكنبل ، وهذه الألقاب متقاربة.

ثمّ قرن باظبي. ثمّ مخية والشّرقي : لآل باتيس ، نحو مئة رام ، وعندهم نحل كثير جيّد العسل ، وهم على اتّصال بقبيلتهم أهل السّدّة السّابق ذكرها.

ثمّ خربة باكرمان : فيها جامع ، وسكّانها من يافع المتوالدين بها ، وسادة من آل الكاف. منهم بها أو بعمد : الفاضل السّيّد أحمد بن عبد الله بن سالم (٢) ، أثنى عليه شيخنا المشهور في «شمس الظّهيرة» بالفقه والنّباهة والورع.

وقد زار سيّدي الوالد بمكاننا المسمّى : (حوطة علم بدر) ، في يوم الإثنين (٢٠) شعبان سنة (١٣٠٨ ه‍) ، وحصلت منه الإجازة والإلباس لوالدي ولي

__________________

(١) كذا في الأصل ، وإنما هو باكوبن بالنون ، ولعل المؤلف لم يتحقق من ضبط الاسم واكتفى بالسماع ، فوقع في الاشتباه.

(٢) توفّي الحبيب أحمد الكاف المذكور سنة (١٣١٤ ه‍) ، وكان مولده سنة (١٢٤٧ ه‍) ، طلب العلم ، وهاجر إلى الحرمين ، من شيوخه : الحبيب صالح العطّاس ، والحبيب أحمد المحضار ، وكان ملازما لشيخه العطّاس حضرا وسفرا ، وتولّى إمامة جامع عمد ، ولقي في أسفاره عددا من أهل العلم والصّلاح ؛ منهم الشّيخ العزب الدّمياطي. وكان له أخ عالم من الصّالحين اسمه محمّد ، توفّي بمكّة سنة (١٢٨١ ه‍) ، لهما ذكر في «تاج الأعراس».

٢٧٢

وللشّيخ محمّد بن شيخ الدّثنيّ ، وكانت مذاكرات علميّة شهيّة في ذلك المجلس الشّريف. هكذا وجدته بخطّ الدّثنيّ المذكور.

وفي «المواهب والمنن» للسّيّد علويّ بن أحمد بن حسن الحدّاد : (أنّ السّيّد علويّ بن محمّد الكاف ساكن وادي عمد وادي قضاعة بحضرموت .. كان مع سيّدي الوالد في المركب الّذي انكسر بهم قريبا من القنفذة في سنة «١١٥٧ ه‍»).

وفي الخربة المذكورة جماعات من آل باكرمان ، وهم مشايخ ، وعندهم أوشاب (١) من الرّعايا (٢).

ثمّ الشّعبة (٣) ، وهي بالوادي الشّرقيّ ، وسكّانها آل العموديّ ، مشهورون بكرم الضّيافة ، وفيها خزانة كتب للشّيخ العلّامة عمر بن أحمد العموديّ (٤) ، المقبور

__________________

(١) الأوشاب : هم الخليط من النّاس.

(٢) ومن مشاهير رجال الخربة من السّادة آل الشّيخ أبي بكر : السيّد الوليّ الصّالح ، الحبيب صالح بن محسن بن أحمد بن بو بكر بن عبد الله بن الحبيب صالح بن عبد الله الحامد ، ولد بالخربة سنة (١٣١٣ ه‍) ، تلقّى العلم في بلاده ، ثمّ هاجر إلى جاوة عام (١٣٣٤ ه‍) ، وسكن قرية تسمّى تانقول بجاوة الشّرقيّة ، واتّصل بأكابر بني علويّ في جاوة ؛ كالحبيب عبد الله بن محسن العطّاس ، ومن في طبقته ، وبنى في التانقول مسجدا من كسب يديه ، ثمّ بنى مسجدا آخر سمّاه : (رياض الصّالحين) ، أهداه أرضه أحد المواطنين. وكان منزله مفتوحا على الدّوام للأضياف ، وكان لا يخلو من أحد منهم ، ولا تخلو ساعة في يومه من زائر ، وكان يربي بعض اليتامى عنده.

وكان مصلحا ذا تأثير ونفوذ في عزائم المسؤولين.

توفّي الحبيب صالح بن محسن بالتانقول سنة (١٣٩٦ ه‍) ، وله مواعظ ، جمعها تلميذه السيّد محمّد بن عبد الله بن هود السّقّاف ، كما جمع بعض مناقبه.

(٣) وتسمّى : شعبة بامحمّد ؛ لأنّ آل العموديّ الّذين بها من نسل الشّيخ محمّد بن عيسى العموديّ. فيقال لهم : آل بامحمّد. وفيها خزانة كتب الشّيخ عمر بن أحمد العموديّ .. الآتي ذكره.

(٤) هو الشّيخ عمر بن أحمد بن محمّد بن عثمان بن أحمد بن محمّد بن عثمان بن عمر بن محمّد ابن الشّيخ سعيد العموديّ .. كان من أجلّاء العلماء والفقهاء ، هاجر من بلده لطلب العلم ، واقتنى كتبا كثيرة ، وكان عالما ، وكذلك ابنه عبد الرّحمن ، ولد بقيدون هاجر إلى مكّة بعد أن ضاقت به بلاده ؛ لأنّه ولي مشيخة قومه العموديّين ، وألجؤوه إلى قضايا وأمور فيها ظلم وسفك دماء ، فهرب منهم ، وتوفّي في طريقه إلى القنفذة.

٢٧٣

بالقنفذة ، وفيها أوشاب من الرّعايا.

ثمّ الوجر ، فيه نحو أربعين راميا من آل ماضي. ثمّ طمحان (١) ، فيها جامع وبيت للضّيفان ، أوقافه منسوبة للحبوظيّ.

وفيها جماعة من آل ماضي (٢) ، ومنها ـ حسبما يقال ـ أبو الطّمحان

__________________

مكتبة آل العمودي بالشّعبة : قال عنها السيّد جعفر السّقّاف : (مكتبة آل العموديّ في شعبة بامحمّد ، بوادي عمد ، تنسب لعمر عثمان العموديّ ، المتوفّى بالقنفذة عام (٩٤٧ ه‍) ، وكل كتبها مخطوطة ، ولمّا كانت قبيلة آل العموديّ مسلّحة خلال الوجود الاستعماريّ .. فقد منع رجالها المسلّحون الضّبّاط والمستشرقين الإنكليز من زيارة هذه المكتبة ، فتميّزت عن غيرها من المكتبات ، وقد نقلت كتبها إلى عاصمة المديريّة حريضة لتضمّ إلى كتب مكتبات حريضة) اه

وقد زار السيّد جعفر هذه المكتبة مرّتين ، الأولى بمصاحبة البعثة السّوفيتيّة من معهد الاستشراق بليننغراد ، في الفترة ما بين (١٧ / ٤ و ١٢ / ٥ / ١٩٧٤ م). والثانية بمصاحبة لجنة المخطوطات من (٢٧ / ١١ إلى ٣ / ١٢ / ١٩٧٤ م).

ومن النفائس الّتي كانت بهذه المكتبة على ما بلغني .. أنّ بها نسخة نفيسة من «تحفة المحتاج» لابن حجر ، إمّا بخطه ، أو عليها خطّه ، ومئات غيرها.

وفي «الشّامل» : أنّ الشّيخ عمر بن أحمد خرج أوّلا من قيدون إلى الشّعبة ، ثمّ هاجر من حضرموت بعد ذلك بالكلّيّة ، وكذلك ابنه الشّيخ عبد الرّحمن.

ثمّ قال : (وأمّا كتبهم .. فبقيت في الشّعبة في موضع يقال له : الخزانة ، ولهم تنافس عليها ؛ حتّى لا يفتحها أحد إلّا بحضور الجميع ، وليس تنافسهم حرصا على العلم أو الكتب ، ولكنّه تنافس مبنيّ على التّسامي بينهم ، وعلى اعتقاد غير صحيح ، وقد عاثت الأرضة في تلك الكتب حتّى أتلفتها.

ولمّا جئت إلى الشّعبة سنة (١٣٢٦ ه‍) أو (١٣٢٧ ه‍) .. فتحوها لي ، وقام منهم ثلاثة متقاطرون ، يأخذ أحدهم الكتاب فيناوله الآخر ، ثمّ يناولنيه الثّالث ، وممّا رأيته : «حسن النجوى فيما لأهل اليمن من الفتوى» جمعه الشّيخ عبد الرّحمن ، وكتاب في «الأذكار» و «شرح البهجة» بخطّ جميل ، وعليه تقريرات الشّيخ عبد الله بن الحاج بافضل ، و «شرح الدّميري على المنهاج» ، ولعلّ الأرضة قد أتلفت بعض أجزائه ، وهو الّذي يقال إنّ الشيخة العالمة الفقيهة خديجة بنته ـ أي الشيخ عمر ـ قد نسخته ، وقالت في آخرها : ليعذرني من وجد فيه سقطا أو غلطا ؛ فإنّي نسخته وأنا مرضع أو كما قالت) اه

(١) طمحان : بفتح فسكون ففتح.

(٢) آل ماضي من بني هلال من كندة ، وهم أصلا من جردان على قول ، وعلى قول آخر : إنّهم من الجعدة ، هاجر جدّهم من البويرقات ، إلى وادي عمد ، وبيوتهم : آل طيف ، آل بن سويدان ، آل مرساف ، آل بن عقيل ، آل منيف ، آل مرعي ، آل مسلّم. «البكري» (٢ / ٩٤ ـ ٩٥).

٢٧٤

القينيّ (١) ، ويتأكّد بما سبق أنّ بني القين أوّل من سكن وادي عمد ، من قضاعة ، وقد ترجم له في «رشيدة الإخوان» ، وصرّح بولادته في حضرموت بوادي قضاعة مسكن بني القين ، وذكر أنّه أصاب دما في قومه فهرب إلى ديار فزارة مستجيرا بمالك بن سعد الفزاريّ .. فأجاره وأكرم مثواه إلى أن توفّي.

وقد ذكرت ما أخرجه صاحب «الأغاني» من خبره مع قيسبة بن كلثوم السّكونيّ في «الأصل».

وفيها الآن شيخ شهم من آل العموديّ ، يقال له : أحمد الأشرم ، تزوّج بمخلّفة السّيّد عيدروس بن حسن بن محمد بن إبراهيم بلفقيه ، وقد جرت لها قصّة ، حاصلها :

أنّ السّيّد عيدروس هذا كان غائبا ، ففقد وانقطع خبره ، ففسخت نكاحها منه ؛ لتعذّر النّفقة فسخا صحيحا ، أمضاه قاضيهم السّيّد العلّامة عبد الله بن محمّد المساوى ، المتوفّى بشقرة ، واقترنت بأحد آل عمر بن جعفر الكثيريّين بقيّة الدّولة البائدة ، ولمّا بنى بها .. هجم عليهم آل شملان وانتزعوها منه عنوة بغير مبرّر شرعيّ ، سوى أنّهم قالوا : إنّ كثيرا من أبنائنا غائبون ولا ينفقون على زوجاتهم ، وبانفتاح هذا الباب ينجم شرّ كبير.

وأنا كثيرا ما أنعى على المتعصّبين من الفقهاء تشدّدهم في منع الفسخ ؛ لأنّ الدّين يسر لا حرج فيه ، ولن يشادّه أحد إلّا غلبه ، وقد جاء في «الغنية» لسيّدي الإمام العارف بالله ، شيخ الشّيوخ ، السّيّد عبد القادر الجيلانيّ أنّ : (للمرأة الفسخ بعد مضيّ ستّة أشهر لغيبة زوجها) وهو قريب من مذهب سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه.

__________________

(١) اسم أبي الطّمحان : حنظلة بن الشّرقي ، أحد بني القين بن جسر بن شيع الله. مولده سنة (٧) من الميلاد النّبويّ ، وأسلم ، وكان كثير الأسفار إلى الحجاز ونجد ، وكان صديقه الزّبير بن عبد المطّلب. كان موصوفا بلطف العشرة وخبث اللّسان ، وكثرة الهجاء ، وغير ذلك. وجنى جناية في أخريات أيّامه ، فهرب إلى ديار فزارة مستجيرا بمالك بن سعد الفزاري ، أحد بني شمخ ، وظلّ عنده حتّى مات سنة (٣٠ ه‍). «تاريخ الشّعراء» (١ / ٣٧ ـ ٤٠) ، وفيه نماذج لشعره.

٢٧٥

وإلى جانب طمحان : المكان المسمّى جاحز (١) : وفيه يسكن آل عمر بن جعفر (٢) المذكورون ، وآل جنيد من المشايخ آل باوزير.

ثمّ حبره : قرية صغيرة لآل ماضي ، لا مسجد بها! (٣)

ثمّ بلد عمد (٤) ، وفيها آل العطّاس ، منهم : الإمام الكبير صالح بن عبد الله ، المتوفّى بها في سنة (١٢٧٩ ه‍) ، وولداه الكريمان الصّالحان : عمر بن صالح ، ومحمّد بن صالح (٥) ، وابن أخيه محمّد بن أحمد بن عبد الله.

وفيها (٦) جماعة من آل الشّيخ أبي بكر بن سالم ؛ منهم السّيّد العظيم الشأن صالح بن عبد الله الحامد ، ومنهم الصّالح السّليم البال حسين بن محمّد المتوفّى بها

__________________

(١) جاحز ـ بجيم وحاء مهملة.

(٢) وهم من آل عبد الله ، سلالة عيسى بن بدر بوطويرق ، سكنوها بعد تقلّص نفوذ آل كثير في حضرموت. وسيذكر بعضهم في حورة لا حقا.

(٣) وقد صار بها مسجد بعد زمن المؤلف.

(٤) وبهذه البلدة سمّي الوادي كلّه بوادي عمد.

(٥) الحبيب صالح بن عبد الله ، كان من أكابر أعيان العلويّين في القرن الثّالث عشر ، وتمام نسبه : هو صالح بن عبد الله بن أحمد بن عليّ بن محسن بن حسين بن عمر العطّاس ، توفّي سنة (١٢٧٩ ه‍) ، كما ذكر المصنّف ، وقد كتبت في سيرته ومناقبه الكتب ، منها ما كتبه ابن أخيه السيّد أحمد بن محمّد بن عبد الله العطّاس ، ومنها ما كتبه وحبّره وزاد فيه على السّابق ، وجعله موسوعة تاريخيّة هامّة : السيّد العلّامة الفقيه المسند عليّ بن حسين العطّاس ، المتوفّى بجاكرتا سنة (١٣٩٦ ه‍) ، وهو الكتاب المسمّى «تاج الأعراس على مناقب الحبيب صالح بن عبد الله العطّاس» ، يقع في مجلّدين قريب من (٢٠٠٠) ألفي صفحة ، مطبوع.

وتوفّي ابنه محمّد بن صالح في (١٠) شعبان سنة (١٣١٨ ه‍) ، وتوفّي عمر بن صالح في رجب سنة (١٣٣٦ ه‍) ، وهما من مشاهير رجالات القرن الرّابع عشر ، ولهما سيرة عطرة ، وأخلاق مشتهرة ، رحمهم الله أجمعين.

(٦) السادة آل المساوى ينسبون للسيد الشريف : أحمد مساوى بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسين ابن الشيخ عبد الرحمن السقاف. ومنهم جماعة بجاوة ، من أبرز أعلامهم : السيد محسن بن علي مساوى ، المتوفى بمكة سنة (١٣٣٩ ه‍) ، مؤسس «المعهد الديني» بمكة ، وهم غير آل المساوى الموجودون بسيئون الذين منهم الأديب محمد بن شيخ (المساوى) ؛ فإن هؤلاء ينسبون لأحمد بن أبي بكر ابن الشيخ عبد الرحمن السقاف. اه

٢٧٦

سنة (١٣٠١ ه‍) ، له أخبار عجيبة ؛ منها : أنّه أعلم والي عدن في طريقه إلى الحجّ بأنّه واصل ، وطلب منه أن يلاقيه .. فلاقاه إلى أثناء الطّريق على عادة الحضارمة مع المناصب ، وأهدى له طرفا وكمّيّة من الرّبّيّات.

وهم من ذرّيّة السّيّد عيدروس بن سالم بن عمر بن الحامد ابن الشّيخ أبي بكر (١).

وممّن يسكن عمدا السّادة آل مساوى ، ومنهم : السّيّد عبد الله بن محمّد السّابق ذكره ، ومنهم السّيّدان عمر وأحمد ابنا هاشم المساوى ، لطيفان ظريفان ، راويتان لأشعار القبائل وزواملهم ، توفّي أوّلهما بعمد في حدود سنة (١٣٤٨ ه‍) ، والثّاني بعده بسنة.

وعلى مقربة من عمد إلى شماله قرية يقال لها : حبب ، يسكنها آل شملان (٢) ، والمقدّم فيهم : عوض بن سعيد بن شملان.

وفيها لفيف (٣) من السّوقة ، وبها جامع ومنزل للضّيفان من آثار الحبوظيّ.

ثمّ النّعير (٤) ، فيه سادة من آل الشّيخ أبي بكر وآل العطّاس (٥) ، ومشايخ يقال لهم : آل باحسين (٦). وقبائل يقال لهم : آل لجذم ، من الجعدة. وفيها جامع.

__________________

(١) المتوفّى بعينات سنة (١١٧٠ ه‍) ، وقبره في مشهد جدّه عمر بن الحامد ، قال عنه في «الشجرة» :

(كان فاضلا وليّا صالحا ، ذا سيرة حسنة ، قائما بمنصب جدّه الحامد) اه

(٢) آل شملان سكان وادي عمد هؤلاء ، هم من الجعدة.

(٣) لفيف : جمع.

(٤) ويوجد بهذا الاسم جبل في تريم ، يعرف بشعب النّعير ، كان يتعبّد فيه الإمام الفقيه المقدّم. سيأتي ذكره.

(٥) من السّادة آل العطّاس من بلدة النّعير : الحبيب عمر المثنّى بن عمر بن محمّد بن عمر بن محمّد بن عقيل بن عبد الرّحمن العطّاس ، ولد بالنّعير ، ودفن بها ، أخذ عن الحبيب صالح بن عبد الله العطاس بعمد ، توفّي سنة (١٢٩٣ ه‍) ، وله أخ يسمّى أحمد ، من الآخذين عن الحبيب صالح العطاس.

ـ ومن آل الشّيخ أبي بكر : السيّدان هادي ومحسن ابنا عليّ بن أبي بكر.

(٦) من آل باحسين هؤلاء : الشّيخ محمّد بن عبود باعبّاس باحسين ، كان مقيما بأرض الهند.

ومنهم : حسن بن سالم باحسين ، ومنهم : أحمد بن سعيد بن عليّ باحسين ، ومنهم : الشّيخ عبود بن محمّد باحسين ، ومنهم : عبود بن حسن باحسين ، ومنهم : الشّيخ العارف عبّاس بن عبد الله

٢٧٧

ثمّ عنق ، فيها سادة من آل العطّاس ، منهم الآن : السّيّد محمّد بن عبد الله الهادي ، له يد في إصلاح ذات البين.

وفيها ناس من آل الشّيخ أبي بكر ؛ منهم : السّيّد الصّالح محمّد بن محسن (١) ، المتوفّى بها في سنة (١٣٠٢ ه‍) ، وفيها حرّاثون ، ولها ذكر في التّاريخ (٢).

ثمّ منخوب : قرية صغيرة في فم الوادي ، وهي مرعى خصيب للبهائم ، وإليه كان يرسل الحسين ابن الشّيخ أبي بكر بخيله للرّعي ، والقرية المذكورة لآل باسبيت ، ونحو ثلاثين رام من آل عامر بن عليّ الجعيديّين.

ثمّ الرّحب ـ بكسر الرّاء ـ وسكّانه من القرار ، وفيه جامع ، وبيت للضّيفان من أوقاف الحبوظيّ ، وفيه مشايخ من آل بامسق وآل حاجب ، وسوقة.

ثمّ خنفر (٣) ، وفيه سادة من آل الحبشيّ ؛ منهم : الإمام العظيم العلّامة عيسى بن محمّد بن أحمد الحبشيّ (٤) ، المتوفّى بها في سنة (١١٢٥) ، له عقب منتشر بالرّحب والرّيدة وسر وعنق والغرفة.

__________________

باحفص باحسين وهناك غيرهم. هذا ما أفاده صاحب «تاج الأعراس» (١ / ٦٨٦ ـ ٦٨٧).

(١) هو الحبيب ، الصّالح العارف : محمّد بن محسن بن أحمد بن عليّ بن عبد الله بن عليّ بن سالم بن عمر بن الحامد ابن الشّيخ أبي بكر. قال عنه في «الشّجرة» : كان سيّدا فاضلا ، عالما متخلّقا بأخلاق حسنة ، عاملا منيبا ، خاشعا متواضعا ، متقشّفا زاهدا ورعا ، من أهل اليقين والمعرفة ، والأولياء الصّالحين ، وكان دأبه تعليم الأطفال القرآن العظيم والعلم ، وله مقام باللّيل دائما من نحو نصف اللّيل ، توفّي بعنق سنة (١٣٠٢ ه‍) اه

(٢) وممّن سكن عنق ومات بها : السيّد محمّد بن حسين بن محمّد بن عبد الرّحمن بن عيسى بن محمّد بن أحمد الحبشيّ ، أخذ عن الحبيب صالح ، والحبيب محسن بن حسين ، وعمر بن هادون آل العطّاس.

كان من أهل الورع ، حكي أنّ بقرة له ندّت عليه ، وأكلت من أرض بعض النّاس ، فلم يشرب لبنها (٤٠) يوما ، وكان يحلبه في تلك الأرض ، طرق يوما باب الحبيب صالح .. فخرج يهرع إليه ، قال الحبيب صالح لبعض خواصّه : سمعت هاتفا يقول : تحت بابك صدّيق ، فخرجت أفتح .. فإذا محمّد بن حسين واقفا.

(٣) تبعد خنفر عن شبام مسافة (٩٩ كم) في النّاحية الغربيّة الجنوبيّة منها.

(٤) الحبيب عيسى بن محمّد بن أحمد الحبشيّ ، لعلّ مولده بالغرفة أو سيئون ، وكانت وفاته بخنفر سنة

٢٧٨

وفي كلام الحبيب أحمد بن عمر سميط أنّ جلوسه في وادي عمد كان بإشارة شيخه عمر بن عبد الرّحمن العطّاس.

وفي «شمس الظّهيرة» : (أنّ بخنفر جماعة من ذرّيّة الشّيخ عمر بن عليّ بن أبي بكر بن عبد الرّحمن السّقّاف).

ومن صلحاء خنفر : الشّيخ الفقيه ، الأجلّ الورع ، الفاضل ، محمّد بن عبد الله باحارث ، توفّي بها سنة (٨٨٤ ه‍).

وذكر الطّيّب بامخرمة خنفرا (١) باليمن من أرض أبين : (وهي قاعدتها ، وبها جامع حسن البناء ، جيّد العمارة. ومئذنته طويلة ، وهي أعجوبة.

وكان بها فقهاء صالحون ؛ منهم : الشّحبليّ.

وفيها متصوّفة يسمّون البركانيّين ، يدهم للشّيخ مور بن عمر بن الزغب ، وكانوا يسافرون بركب اليمن من الشّحر وأحور وأبين والجبل جميعه وتهامة جميعها ، ويزورون قبر النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وصحبة الصّوفيّ البركانيّ (٢) ، ويعود

__________________

(١١٢٥ ه‍) ، كان كثير التّنقّلات ، أخذ عن الحبيب عمر بن عبد الرّحمن العطّاس ، وكان أوّل اجتماع له به في الرّحب سنة (١٠٥٨ ه‍) ، وذرّيّته كثيرة منتشرة.

(١) خنفر هذه الّتي تكلّم عنها بامخرمة .. غير تلك الّتي في وادي عمد ، وما دام أنّ المصنّف أورد عنها شيئا من المعلومات هنا .. فلنكمل ما ابتدأه. خنفر : مدينة خاربة ، كانت قائمة في سفح جبل خنفر ، الواقع وسط سهل أبين ، بين وادي بنا ووادي حسان. وهي مدينة اكتسبت شهرة تاريخيّة كبيرة ؛ فقد كانت قبل الإسلام مركزا عسكريّا ، وتعرّضت للخراب مرات. وفي أواخر القرن الثّالث الهجريّ تمركز في خنفر الملك عليّ بن الفضل الخنفريّ ، ومنها شنّ غاراته على الملك عليّ بن أبي العلاء الأصبحيّ الحميريّ ، وسلبه مملكته الّتي كانت تشمل مخاليف لحج وأبين والسّروين وحضرموت. أمّا اليوم : فقد قامت مكانها مدينة جعار ، وأصبح اسم خنفر يطلق على مديريّة من مديريّات محافظة أبين ، وتشمل عدّة بلدان : المسيمير ، شقرة ، المخدومي ، أحور ، خمور ـ وهي غير الّتي في حضرموت ـ حوطة المدارك ، حصن بلعيد ، المخزن.

(٢) هو الشّيخ الصّالح محمّد بن مبارك البركنيّ أبو عبد الله ، كان من كبار المشايخ الصّالحين ، أرباب المناصب ، كان يتولّى السّير بالقافلة إلى مكّة ، كما يفعل الشّيخ أحمد بن موسى بن عجيل ، ولم يكن يعترضه القطّاع ، وله كرامات ، توفّي بخنفر ، وله بها ذرّيّة. «الشّرجي» (٣١٣ ـ ٣١٤).

٢٧٩

بالزّائر والواقف قفولا (١) كما يخرج عن بلده. ذكر ذلك القاضي مسعود على ما كان في زمنه ، أمّا اليوم .. فإنّها خراب ، استولى عليها البدو من الهياثم والعوالق وآل أيّوب وغيرهم من داعية الفساد ، وانتقل البركانيّون الّذين كانوا بها إلى وادي لحج.

وفي عصرنا هذا ـ وهو سنة (٩٢٨ ه‍) ـ تطرّق فساد البدو إلى وادي لحج ، وخرب أكثرها وغالب قراها بسبب التفات الدّولة إلى جمع الحطام الفاني ، وعدم اعتنائهم بمصالح المسلمين ، فالله يختم بخير) اه (٢)

ومن موضع آخر منه يقول : (إنّ الهياثم (٣) هم سلاطين دثينة ، والمقدّم فيهم لعهده : حيدرة بن سعود وولده محمّد ، لا أسعدهم الله) اه

وأخبرني جماعة من اليافعيّين أنّ خنفر هذه كانت ملكا للسّلطان عيدروس اليافعيّ ، فاستأجرتها حكومة عدن لمدّة أربع سنين ، ولمّا مضت .. طلب ارتفاعهم ، فطلبوا ما أنفقوا ، وقدّروه بسبعين ألف ربيّة هنديّة فدفعها ، ثمّ عادوا بعد سنتين محاربين ، وقتل ضابط إنكليزيّ وأربعة من يافع ، واستولوا على الأرض إلى اليوم.

الجدفره : فيها ناس من آل العطّاس ، وثلاثة بيوت من الجعدة.

ثمّ سراواه : وفيها ناس من الجعدة يقال لهم : آل علي ـ بكسر العين ـ وكانت لهم قبولة حارّة ، لا يزالون يتناشبون الشّرّ مع جيرانهم آل الجدفرة وآل هلابي ، وفي أشهر لقياتهم قتل من الطّرفين أكثر من ثمانية بمكان يقال له : باوردان ، من ضواحي الرّحب ، فصار مضرب المثل في التّهلكة ، فيقال : فلان وقع في حفرة باوردان.

ثمّ لفحون (٤) ، وسكّانها آل هلابي وآل عفيف من الجعدة (٥) ، وفيها جامع ومنزل

__________________

(١) القفول : الرّجوع من السّفر.

(٢) النسبة (١٠٦ / خ).

(٣) وهم محل الشّاهد في سوق هذا الكلام.

(٤) والجاري على الألسن أنّها : نفحون بالنّون.

(٥) وهم كثرة ، ولهم موضع بوادي عمد ، يسمّى سيلة آل هلابي ، وهي في شمال شرق الجدفرة وقرن المال.

٢٨٠