إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف

إدام القوت في ذكر بلدان حضر الموت

المؤلف:

السيّد عبد الرحمن بن عبيد الله السقّاف


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار المنهاج للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ١١١٠

بين يدي الكتاب

بقلم الدكتور

محمد عبد الرحمن شميلة الأهدل

حمدا لمن أزاح حجب الغفلة عن أفئدة المخبتين ، وجعل تعاقب الجديدين عظة للمعتبرين.

وصلاة وسلاما على من أنزل عليه : (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) وعلى آله وصحبه ، ومن اهتدى بهديه ، وبعد :

فإن السيد العلم السقاف جامعة من المعارف ، تتربع على قمة الفضل ، وطود من جهابذة المتأخرين ، لم تتقاصر مداركه العلمية عن مراتب المتقدمين .. فكأنه مرجع الضمير المتأخر لفظا المتقدم رتبة ، وما أقرأ له كتابا .. إلا وأزداد بعلو كعبه إعجابا ، والمتأمل في مؤلفات هذا الإمام يتحقق من صدق تلك المقولة : (إن الله تعالى تفضل على الخلف كما تفضل على السلف) ؛ فقد ذاع صيت هذا المفتي حتى أخمل القرناء ، وتكشفت بفتاواه غياهب الظلماء.

يرفعه إلى أوج العلا ورع طوى عليه ضميره ، واجتهاد كان فيه العلم ضجيعه وسميره.

بلغ الشّأو القصيّ في معارف الشريعة الغراء ، وكان المجلّي في التضلّع من معين الآداب ، فارتفعت في كافة الأنحاء منزلته ، وملأت مسامع الدنيا آثاره ، وصافحت كفّ العلا أمجاده ، فهو علم شامخ من أعلام النهضة الإسلامية البارزين.

فهو الّذي أجمع كلّ عالم

في عصره من ناثر وناظم

بأنّه الحبر نسيج وحده

في علمه ودينه وزهده

٢١

وبالأمس كنا نمتّع الأفكار بروضه النضير ، ونجني من فواكهه الجنية كل معنى خطير ، ونهلنا من أماليه على ديوان أبي الطيب .. فأفدنا وانتفعنا ، وقال حكيمنا : (لقد أعطي هذا السيد مقاليد الفصاحة).

وها نحن اليوم إزاء كتاب تاريخي لهذا النّحرير الألمعي ، تهش الأفكار إلى ما حوى من فرائد ، ويثني عليه لسان الزمان ، وتفرح بإخراجه جزيرة العرب ، وتتغنى به مطوّقات التاريخ ، وتتلو من فوائده صحفا (١).

ومن يعي التّاريخ في صدره

أضاف أعمارا إلى عمره

والمؤرخ الثقة الثبت ـ كهذا الإمام ـ تتميز كتابته بالصيانة عن الهذر ؛ إذ هي متزينة بحلل الإتقان ، مقبولة عند الخاص والعام ، مقدمة على ما سواها ، مبرأة من وصمة التحامل المرذول ، والتعصب الممقوت ، سالمة من نفثات الجهل.

إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام

ولموقع هذا الكتاب وعظيم نفعه كان أحد اهتمامات علّامة الجزيرة حمد الجاسر رحمه الله تعالى (٢) ؛ إذ اندفع منجذبا إلى العناية به ، والإفادة من كتابته ، ونشره حلقات تترى في (مجلة العرب) على مدار خمس من السنين ، وما حداه إلى القطف من جناه الشهي والعبّ من منهله الرويّ .. إلا لأنه يسلط أضواء التاريخ على جزء من جزيرتنا المباركة ، ويرسم بخطوط يراعته لوحات ناطقة لناحية كانت قبل مهد الملوك من غابر الأزمان ، ومنبتا لعلماء وحكماء ، وحكام وأمراء.

واعترافا بفضل المتقدم ، ووفاء لعلامة الجزيرة .. فقد آثرت دار المنهاج أن تحلّي جيد الكتاب بعقود مقدمته ، وأن تزين الطروس بمذهّبات كلمه.

__________________

(١) مقتبس من قول ابن سنان الخفاجي في وصف قمرية :

ونائحة بالبان تملي غرامها

علينا وتتلو من صبابتها صحفا

ولو صدقت فيما تقول من الأسى

لما لبست طوقا ولا خضبت كفا

(٢) توفي (١٥ / ٦ / ١٤٢١ ه‍).

٢٢

ـ ومما يزيد الكتاب أهمية : أنه يؤرخ لأرض هي مكنونة عذراء ، لم تعتورها أقلام الباحثين ، ولم تجلها يراعة المؤرخين ، فهي من الأبكار الحسان ، والمراتع المجفوة في الماضي والحاضر ، على ما بها من مآثر.

ـ وإن تعجب ... فعجب لأولئك الأجانب من مختلف الجنسيات من عشاق الآثار ، المغرمين بالتراث العربي ، والتراب الحضرمي ، فنراهم بين الفينة والأخرى يؤمون هذه المناطق على ما بها من مناخ مغاير لأجواء بلادهم التي غادروها ، وعلى تباين العادات والمطعومات والتضاريس.

ورغم ذلك نراهم في قمة النشوة مستمتعين بتلك المناظر والمآثر ، ويعتقدون أنّا لا نقيم لمآثر أجدادنا وزنا.

ـ ومما جعل الكتاب من الأهمية بمكان : أنه يترجم لأعلام موفقين وعلماء مجاهدين ، ساهموا في بناء الفكر الإسلامي ، بل وامتداد رقعته ، فحظوا بشرف الدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة ، وتبيان محاسن الإسلام ، والتطبيق الفعلي لأحكامه ، وآدابه ، فهدى الله تعالى بهم في جنوب شرق آسيا خلائق لا تحصى ، بدون أن تراق قطرة محجم ، وهذا مصداق للحديث الصحيح : «والحكمة يمانية».

وكان من عوامل الدفع لدار المنهاج لاستخراج هذا السفر من مكامنه ما يلي :

أولا : أن من المقاصد الشرعية التي تجلت في مواضع عدة من التنزيل الحكيم العظة والاعتبار بمن مضى ، وتذكر من قضى ممن طواهم الزمان ، ولم تبق إلا مآثرهم الحسان.

وإنّما المرء حديث بعده

فكن حديثا حسنا لمن وعى

وهذا السفر يحقق هذا المقصد.

٢٣

ثانيا : يقول الحافظ ابن الجوزي في «المنتظم» (١) : (للسير والتواريخ فوائد ؛ أهمها فائدتان :

إحداهما : إن ذكرت سيرة حازم ، ووصفت عاقبة حاله .. أفادت حسن التدبير ، واستعمال الحزم ، أو سيرة مفرط ، ووصفت عاقبته .. أفادت الخوف من التفريط ، فيتأدب المتسلط ، ويعتبر المتذكر ، ويتضمن ذلك شحذ صوارم العقول ، ويكون روضة للمتنزه في المنقول.

والثانية : أن يطلع بذلك على عجائب الأمور ، وتقلبات الزمن ، وتصاريف القدر ، وسماع الأخبار).

وفي «شذور العقود في تاريخ العهود» : (إن التواريخ وذكر السير راحة القلب ، وجلاء الهم ، وتنبيه للعقل ؛ فإنه إن ذكرت عجائب المخلوقات .. دلت على عظمة الصانع ، وإن شرحت سيرة حازم .. علمت حسن التدبير ، وإن قصت قصة مفرط .. خوفت من إهمال الحزم ، وإن وصفت أحوال ظريف .. أوجبت التعجب من الأقدار ، والتنزه فيما يشبه الأسمار) (٢).

ثالثا : ومما يفصح عن مكانة التاريخ الساحقة : قول ابن خميس في مقدمة تاريخ مالقة ـ وقد أجاد ـ : (إن أحسن ما يجب أن يعتنى به ويلم بجانبه بعد الكتاب والسنة : معرفة الأخبار ، وتقييد المناقب والآثار ؛ ففيها تذكرة بتقلب الدهر بأبنائه ، وإعلام بما طرأ في سالف الأزمان من عجائبه وأنبائه ، وتنبيه على أهل العلم الذين يجب أن تتّبع آثارهم ، وتدوّن مناقبهم وأخبارهم ؛ ليكونوا كأنهم ماثلون بين عينيك مع الرجال ، ومتصرفون ومخاطبون لك في كل حال ، ومعرفون بما هم به متصفون ، فيتلو سورهم من لم يعاين صورهم ، ويشاهد محاسنهم من لم يعطه السنّ أن يعاينهم ، فيعرف بذلك مراتبهم ومناصبهم ، ويعلم المتصرف منهم في المعقول والمفهوم ، والمتميز في

__________________

(١) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ (ص ٢١).

(٢) المصدر السابق.

٢٤

المحسوس والمرسوم ، ويتحقق منهم من كسته الآداب حليّها ، وأرضعته الرياسة ثديّها ، فيجدّ في الطلب ليلحق بهم ، ويتمسك بسببهم) اه

ولله در القاضي الأرجاني (١) إذ يقول :

إذا علم الإنسان أخبار من مضى

توهّمته قد عاش من أوّل الدّهر

وتحسبه قد عاش آخر عمره

إذا كان قد أبقى الجميل من الذّكر

فقد عاش كلّ الدّهر من كان عالما

حليما كريما فاغتنم أطول العمر

رابعا : إن حضرموت المعرقة آثاره في القدم ، والمنطقة التي أزاح الستار عن مآثرها السيد السقاف بصفة خاصة .. جفاها الحظ قديما ، وأشاح بوجهه عنها حديثا ، على الرغم من عطائها الثر على المستويين الإقليمي والعالمي ، اللهم إلا شذرات منتثرة لا تبل الصدى ، ولا تشبع القرم ، ولا تقيم الأود ، ولا عجب إذا نعتها الواصفون بأنها شبه مجهولة ؛ فأعلامها الأعلام لم يحظوا بما يستحقونه من اهتمام ، ومن ليال قريبة فقط دار في مطالعتي لكتاب معاصر يتعلق بأحكام الأوراق النقدية دار ذكر علامة حضرمي ، له وزنه على البساط الفقهي ـ كما نعته الباحث ـ فجهدني التنقير المتتابع في كتب التراجم للبحث عن إضاءة ترفع حجب الجهالة بهذا الفقيه .. فضنّت مصادري بالبغية ، وشحّت بالمطلب ، ثم أنحيت باللائمة على غيري ، وهذا هو الداء العضال ، الذي ينخر في عزائمنا ، ويجعل التقاعس ملء أهبنا ، وربما كان للتكوين الجغرافي الذي يشكل صعوبة المواصلات في القديم دخل في هذا التعتيم التاريخي ، هذا بالإضافة إلى أن هؤلاء الصفوة يؤثرون الخمول ويعادون الشهرة ، كأنما هي عندهم السّم الزعاف الذي يدني حتف السليم (٢).

وسواء كان السبب هذا أو ذاك .. فإنّ هذا السفر العزيز سدّ فجوة في هذا الباب ،

__________________

(١) الأرجاني : بسكون الراء : نسبة إلى أرجان ، وهي من كور الأهواز من بلاد خوزستان «اللباب في تهذيب الأنساب» (١ / ٤٠).

(٢) السليم : الملدوغ ؛ سمي بذلك تفاؤلا.

٢٥

وأماط اللثام عن منطقة ومواقع ربما لم تلامس أسماع طلبة الآداب ، فضلا عمن يعادي الكتاب ويضيق ذرعا بالأقلام.

خامسا : ومما يجعل ل «إدام القوت» أهمية بالغة : أن كاتب تاريخ هذه المنطقة هو أحد أبنائها ، العليم بحاضرها وماضيها ، وأعمالها وأعلامها ، وقيعانها وآكامها ، وجبالها ووديانها ، ومآثرها ومثالبها ، إلى غير ذلك مما قيدته يراعة هذا المفكر ، وجاد به خاطر هذا العبقريّ.

ونحن لا نقول : إن «إدام القوت» قد سد النقص ؛ إذ لا شيء قبله ؛ اللهم إلا خطوطا مقرمطة لا تكاد تبين .. ولكن نقول : إن هذه بداية قوية تدفع الباحثين في الحلقات التاريخية إلى الإضافات ، واستنطاق التاريخ الحضرمي ، وعصر أحداثه ، والاستيحاء من قيعانه ، واستخلاص الأحاديث الشيقة من بطون الأعوام ، وتسطيرها للأنام ؛ فإن في ذلك ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

سادسا : إن البلاد الحضرمية أنعم الله تعالى عليها بالآلاء الجسام ، ومنّ عليها بعلماء أئمة امتلأت بهم بيوت المجد ، وتمخضت عنهم دور الفكر ، حتى أربوا على كل توقع ، فما من ركن من أركانها ولا موقع من زواياها .. إلا وقد شهد حلقة علمية لعلّامة راسخ ، حتى أصبحت كلمة حضرمي تساوي غالبا الفقيه المتمكن ، أو العلامة المتفنن ولعل هذا أحد مدلولات الحديث الصحيح : «والفقه يمان».

ولقد شاهدت من قريب النهضة العلمية النشطة التي تسطع في تريم وجاراتها ، وأعجبت بطلبة العلم الذين هرعوا إليها من أقطار عديدة عربية وإسلامية وقد انقطعوا لطلب العلم في هذه الديار المباركة ، «وليس الخبر كالمعاينة» (١).

فما دامت هذه البلاد قد أنجبت أفذاذا موهوبين ، وعبّادا زاهدين ، وأعلاما مفكرين .. فلا مراء أنها قمنة بالبحث في تاريخها ، جديرة بالتنقيب عن مناقبها ومآثرها ، فطيّ تاريخها نوع من الغبن ، وتناسي محاسنها ضرب من الجحود ،

__________________

(١) جزء من حديث صحيح.

٢٦

لا سيما ونحن في عصر لم تعد بقعة من الدنيا إلا وهي تحت أقدام النسر الطيار ، وغدا الكون الأرضي كله موطئا لكل قدم ، وآضت البسيطة خوافيها قوادما ، وزواياها النائية دانية بفضل الإبداع الحضاري في ميدان المواصلات.

فمن العبث الممجوج أن يتقاعس أولو الأقلام اللامعة عن الكتابة عن أولئك المرموقين الذين أسهموا في بناء الفكر الإسلامي حقبة من الزمن ، فذلك نكران للجميل.

وأخيرا : فقد توّجت دار المنهاج العامرة هذا الكتاب بقيادة مديرها اللوذعي ، الأديب الألمعي الشيخ عمر سالم باجخيف بتتميمات وتكميلات بالهوامش ، منتزعة من كتاب «الشامل» للدوعني وصاحب البيت أدرى بالذي فيه ، فما من مواقع أغفلها المؤلف ، أو أعلام لم ينتظموا في سمط كتابه .. إلا وتم إلحاقها بالهوامش ، فكأن هذا الكتاب قسمان وثماره نوعان.

فلدار المنهاج أن تفخر بإخراجه المتميز ، وأن تعتز بإنجازاتها المتتابعة ، بإشراف مباشر من ذي العزمات الجادة في سبيل خدمة العلم وأهله ، أبي المكارم عمر بن سالم ، كما قلت في «رحلتي» لتلك المعالم ، وكنا رفيقين في تلك الرحلة المباركة :

فعمر هو الصّديق في السّفر

وهو الأديب الألمعيّ في الحضر

لا زالت نعم الله تعالى على الجميع تترى ، وفيضه علينا يتوالى ، فهو الجواد المنان.

أبو عبد الباري د.

محمد عبد الرحمن شميلة الأهدل

٢٧

وصف النسختين الخطيتين

ألّف العلامة ابن عبيد الله رحمه الله تعالى كتابه «إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت» ـ الذي اختصره من كتابه «بضائع التابوت في نتف من تاريخ حضرموت» ـ بإشارة من الشيخ الأديب عبد الله بن عمر بن محمد بلخير رحمه الله تعالى ؛ فقد اقترح عليه أن يلتقط منه ما يخصّ بلاد حضرموت وأخبارها ورجالاتها ، وأن يجعله على طريقة المعاجم ليسهل الرجوع إليه ، فأخذ الاقتراح من نفسه مأخذ الإجابة ، فابتدأ بجمعه في سنة (١٣٦٦ ه‍) حتى فرغ منه ـ كما ذكر في خاتمته ـ سنة (١٣٦٧ ه‍).

ثم ترك الكتاب ، ومرّ عليه زمن ليرجع المؤلّف إلى ما ألّف ممحّصا مدقّقا ، فزاد عليه الكثير المستطاب ، ونقص منه ما قد يعاب ، فخرج الكتاب بهوامش مليئة بالحواشي والاستطردات ، ولا شك أن هذه النسخة المزيدة أفضل وأدق ؛ إذ أنها صارت نسخة مسبوكة سبكا كاملا بالإضافات والإلحاقات.

ويلاحظ أن النسخة الأولى حوت مقدمة للمؤلف رحمه الله تعالى على حين أن الثانية خلت عنها.

أما وصف النسخ :

فالأولى : تتكون من (٢٥٢) ورقة ، عدد سطور الورقة الواحدة (٢٦) سطرا ، متوسط عدد كلمات السطر الواحد (١٩) كلمة ، خطها نسخي معتاد ، كتبت أسماء المدن الرئيسة بخط مغاير ، ورمزنا لها ب (أ).

والثانية : تتكون من (٩٤٠) صحيفة ، عدد سطور الصحيفة الواحدة (٢١) سطرا ، متوسط كلمات السطر الواحد (١١) كلمة ، خطها مستعجل ، كتبت أسماء المدن الرئيسة بخط مغاير ، ورمزنا لها ب (ب).

٢٨

عملنا في الكتاب

١ ـ نسخنا المخطوط (أ) وعارضناه على النسخة (ب) ولم نعن بالفروق المتشابهة التي لا تغير معنى ولا تخلّ بمتن ، لئلا يثقل الكتاب بالهوامش.

٢ ـ ضبطنا مادة الكتاب بطريقة تكون ـ إن شاء الله تعالى ـ كما أراده مؤلفه رحمه الله تعالى.

٣ ـ رصّعنا الكلمات بالحركات الإعرابية المناسبة ، ووشّيناه بعلامات الترقيم ، وقسّمناه حسب القواعد المعتمدة لدى الدار ؛ تسهيلا للقارىء.

٤ ـ أضفنا ما كان مناسبا من العبارة لتقويم المعنى وميزناه ب [].

٥ ـ خرّجنا أحاديث الكتاب ـ وهي قليلة ـ وعزوناها إلى مظانها في دواوين السنة المطهرة.

٦ ـ خرّجنا معظم النصوص الشعرية مع ذكر بحرها.

٧ ـ ضبطنا الشعر العامي الحضرمي كما ينطق به ، وكذلك أسماء المدن والأعلام.

٨ ـ شرحنا الكلمات الغامضة.

٩ ـ أحلنا معظم النصوص الواردة في الكتاب إلى مظانها.

١٠ ـ ذكرنا بهامش الكتاب بعض الفوائد العزيزة.

١١ ـ صنعنا للكتاب فهارس خاصة تعنى به ، وهي :

ـ فهرس الأعلام التي ذكرها المؤلف وترجم لها في طيات الكتاب.

ـ فهرس الأعلام التي ترجمناها في هوامش الكتاب.

ـ فهرس ألفبائي للمواضع التي ذكرت في الكتاب.

ـ فهرس موضوعات الكتاب.

١٢ ـ عهدنا إلى بعض أهل العلم المختصين بالتراث الحضرمي بمراجعة الكتاب وتدقيقه والاستدراك عليه.

٢٩

خاتمة

ـ نسأل الله حسنها ـ

بعد حمد الله ، والصلاة والسلام على خير أنبيائه .. فإننا نرجو أن نكون قد وفّقنا فيما عملنا في هذا الكتاب ، ولا ندّعي أننا بذلك قد وصلنا إلى إرضاء الجميع ، فإرضاء الناس غاية لا تدرك ، وهنا يكمن الإشكال ، وتبرز الحاجة إلى تبيان ما يلي :

١ ـ هذا الكتاب يتناول الجانب التاريخي لهذا القطر ، وعليه : فربما نرى هناك من سيقول : إن هذا الكتاب لم ينصف هذه الواقعة أو هذه المرحلة ، وربما سيقول مثل ذلك من كانت الأحداث أو الوقائع في غير صالحه. ولهؤلاء جميعا نقول : إنّ ما ذكر هو دليل على أن الكتاب أخذ جانب الاعتدال بين جميع الأطراف.

٢ ـ ربما أغفل المؤلف أو المحققون للكتاب مواقع أو أعلاما ، إما بعدم ذكرها ، أو سلوك الاختصار الشديد في بيانها ، وعليه فإننا نطلب من كل قارىء إذا وقف على فائدة أو معلومة تفيد الكتاب .. أن يرسلها إلينا لنتداركها في الطبعات اللّاحقة لهذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

٣ ـ القبائل والأعلام والشخصيات الواردة في الكتاب .. لم نخرج عن منهج المؤلف فيما أورد ، وعليه : فإننا نعتذر لكل من يشعر أن هناك جوانب أو أحداثا شابها أيّ تقصير أو قصور ؛ فهذا الكتاب يعدّ من أوائل الكتب التي تحدثت عن هذه المنطقة المجهولة ، مع أننا نعد ـ إن شاء الله تعالى ـ بأن نستدرك جوانب الضعف إن كان هناك روافد تصبّ في المنهج العام للكتاب.

وأخيرا : نتمنى للقارىء الكريم أن يبحر معنا في سفينة هذا الكتاب ؛ ليصل إلى التعرف على هذه المنطقة ؛ بجغرافيتها ، وأحداثها ، وأعلامها ، وعاداتها ، وغير ذلك.

والله وليّ التوفيق ، وهو حسبنا ونعم الوكيل

وكتبه رئيس اللجنة

أبو نصوح

محمد غسان نصوح عزقول

٣٠

صور المخطوطات المستعان بها

٣١

٣٢

٣٣

٣٤

٣٥
٣٦

٣٧

٣٨

بسم الله الرّحمن الرّحيم

[المقدّمة]

أمّا بعد حمد الله لكماله ، والصّلاة والسّلام على نبيّه وأصحابه وآله .. فهذا ما انتهى به السّير ، في اقتراح بلخير (١) ، وما ظننته كذا ، فقد لقّاني أذى ، إذ لم يكن له مثال يحتذى ، لقد خلته أدنى من القاب (٢) ، فإذا هو أنأى من العقاب (٣) ؛ فالحاصل كثير ممّن خنق دقاقه الرقاب (٤) ، وبما أنّ مثله يديم الذّكرى في الأعقاب ، ويخلّدها طول الأحقاب (٥) .. فقد أهديته لمن أخذ على الكرام الأنقاب (٦) ، وغني عن

__________________

(١) عندما اطّلع الأستاذ بلخير على كتاب ابن عبيد الله المسمّى «بضائع التابوت» .. اقترح عليه أن يلتقط منه ما يخصّ البلدان الحضرميّة ويجعله على شكل معجم ؛ ليسهل الاطّلاع عليه والرّجوع إليه .. فخرج كتابنا هذا «إدام القوت». وبلخير المشار إليه هنا ، هو معالي الشيخ الأديب الوزير المعمّر عبد الله بن عمر بن محمد بن عمر بن حسين بن عمر دحدوح ابن أحمد بن حسن بلخير الحضرمي الدوعني ، مولده بغيل بلخير سنة (١٣٣١ ه‍) ، نشأ في بيئة علمية محافظة وهاجر بصحبة والده إلى الحجاز سنة (١٣٤٥ ه‍) ، ثم التحق بالمدرسة الأهلية في الشبيكة سنة (١٣٤٦ ه‍) ، ثم التحق بمدرسة الفلاح سنة (١٣٤٨ ه‍) ، وتخرج منها سنة (١٣٥٣ ه‍) وفي سنة (١٣٥٤ ه‍) ابتعث إلى بيروت لإتمام دراسته في جامعتها الأمريكية ، وصحب ثلة من أبناء العائلة المالكة وأبناء الوزراء لنجابته ولعناية الحكومة به ، تقلد مناصب حكومية هامة ، منها : أنه أول وزير إعلام في المملكة العربية السعودية ، توفي يوم الأحد (٤ / شوال / ١٤٢٣ ه‍).

(٢) القاب : المقدار ، وقاب القوس : مقبضه ، وهو كناية عن القرب ، وفي التنزيل العزيز : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى).)

(٣) العقاب : طائر من الجوارح ، يحلّق بعيدا في الفضاء فلا يناله أحد بسهولة. أو العقاب ـ جمع عقبة ـ وهي : المرقى الصّعب من الجبال ، والظاهر الأوّل. والله أعلم.

(٤) الدقاق : ما دقّ وصغر ، والمعنى : أن ما تحصّل من المجموع كثير للجامع الذي حمل عبئا يخنق حمل صغاره الرقاب فضلا عن كباره.

(٥) الأحقاب : الدّهور.

(٦) الأنقاب ـ جمع نقب ـ وأصله : الشقّ في الجبل ، ومنه الحديث : «فإنّ على أنقابها ملائكة».

والمقصود : أنّه منعهم من التّقدّم في حلبة المكارم بوفرة نداه ؛ حيث لا يقوون على مجاراته.

٣٩

الأوصاف والألقاب ، طلّاع ثنايا الشّرف والمجد ، ووليّ عهد الحجاز ونجد (١) ، من أنطق يراع الإشاده ، بما تسمع إنشاده [من الطّويل] :

يقولون : سوق العلم بعد قيامها

أصيبت على طول المدى بقعود

فقلت لهم : قد أدرك الله أهلها

وخوّلهم من جوده بسعود

فقال لأيّام الرّشيد ونجله

وأيّام أبناء العنابس : عودي (٢)

فبشرى رياض العلم منه فهذه

مخايله في بارق ورعود (٣)

عبد الرّحمن بن عبيد الله

__________________

(١) يعني بهذا من صرّح بذكره في البيت الثاني الآتي ذكره ، وهو الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود ، المولود بالكويت سنة (١٣١٩ ه‍) ، والمتوفى بأثينا اليونان سنة (١٣٨٨ ه‍). وكان المذكور إبّان تأليف هذا الكتاب وليا للعهد في حياة والده الملك عبد العزيز ، وتولّى حكم المملكة العربية السعودية عقب وفاة أبيه سنة (١٣٧٣ ه‍). ينظر : «الأعلام» (٣ / ٩٠) ، «شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز» (٧٧٣) ، (١٤٠٤).

(٢) العنابس : العنابس من قريش هم أولاد أميّة الأكبر ابن عبد شمس بن عبد مناف ، وهم : أبو سفيان ـ وهو أكبرهم ، كان يلقب عنبسة كما في «التّبيين» ـ وسفيان ، وحرب ، وأبو حرب ، وعمرو ، وأبو عمرو. هؤلاء ستّة ، ولهم أربعة إخوة آخرين يلقّبون الأعياص ، وهم : العاص ، وأبو العاص ، والعيص ، وأبو العيص. والله أعلم.

(٣) المخايل : السّحاب ، ويطلق أهل حضرموت اسم (المخيله) على السّحاب إذا كان متراكما وبرقت بروقه. وكأنّ جوده يغمر النّاس في الكرم كما يغمرهم السّحاب بالمطر.

٤٠