أدب الطّف - ج ١

جواد شبّر

أدب الطّف - ج ١

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

٤ ـ الرباب

قالت الرباب بنت امرىء القيس بن عدي زوجة الحسين عليه السلام ترثيه . وقد توفيت سنة ٦٢ هـ .

إن الذي كان نوراً يستضاء به

في كربلاء قتيل غير مدفونِ

سبط النبي جزاك الله صالحة

عنا وجُنِّبت خسران الموازين

قد كنت لي جبلاً صلداً ألوذ به

وكنت تصحبنا بالرحم والدين

مَن لليتامى ومَن للسائلين ومَن

يغني ويأوي اليه كل مسكين

والله لا أبتغي صهراً بصهركم

حتى أغيّب بين اللحد والطين

وقالت الرباب ايضاً وهي بالشام بعد ما اخذت رأس الحسين « ع » وقبلته ووضعته في حجرها ، كما في تاريخ القرماني ص ٤ وتذكرة الخواص ص ١٤٧ :

واحسيناً فلا نسيت حسيناً

أقصدته أسنَّة الأعداءِ

غادروه بكربلاء صريعاً

لا سقى الله جانبي كربلاء

٦١
 &

كانت الرباب بنت امرىء القيس من خيرة النساء وأفضلهن ، جاء بها الحسين « ع » مع حرمه إلى الطف ، وحُملت معهن الى الكوفة ورجعت مع الحرم الى المدينة فأقامت فيها لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً من البكاء على الحسين « ع » ولم تستظل تحت سقف حتى ماتت بعد قتله بسنة كمداً . رواه ابن الأثير في تاريخه ج ٤ ص ٣٦ .

ويقول ابن الأثير : وليس بصحيح انها اقامت على قبر الحسين سنة وفي تذكرة الخواص وابن الأثير والأغاني أنها في تلك السنة التي عاشت بها خطبها الاشراف فأبت وقالت ما كنت لأتخذ حماً (١) بعد رسول الله . وحق لها إذا امتنعت فانها لا ترى مثل سيد شباب أهل الجنة .

ولما رجعت من الشام أقامت المأتم على الحسين وبكت النساء معها حتى جفت دموعها ، ولما أعلمتها بعض جواريها بأن السويق يسيل الدمعة أمرت أن يصنع السويق ، وقالت : إنما نريد أن نقوى على البكاء رواه المجلسي في البحار ج ١٠ ص ٢٣٥ عن الكافي .

وفي الأغاني قال هشام بن الكلبي : كانت الرباب من خيار النساء وافضلهن . وفي نسمة السحر : كانت من خيار النساء جمالا وأدباً وعقلاً . أسلم أبوها في خلافة عمر وكان نصرانياً من عرب الشام فما صلى صلاة حتى ولّاه عمر على من أسلم بالشام من قضاعة ، وما أمسى حتى خطب اليه علي بن أبي طالب ابنته الرباب على ابنه الحسين فزوجه اياها .

والرباب هي بنت امرىء القيس بن عدي بن اوس بن جابر بن كعب بن عليم بن هبل بن عبد الله بن كنانة بن بكر بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب ، زوجة الحسين « ع » فولدت للحسين « ع » سكينة عقيلة قريش وعبد الله بن الحسين « ع »

__________

(١) الحم احد الاحماء . اقارب الزوج .

٦٢
 &

قتل يوم الطف وامه تنظر اليه . وقال ابن الأثير في ج ٤ ص ٤٥ : كان مع الحسين امرأته الرباب بنت امرىء القيس وهي ام ابنته سكينة وحملت الى الشام فيمن حمل من أهله ثم عادت إلى المدينة فخطبها الأشراف من قريش فقالت ما كنت لأتخذ حمواً بعد رسول « ص » وبقيت بعده سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمداً ، وقيل انها قامت على قبره سنة وعادت إلى المدينة أسفاً عليه .

وقال السيد الأمين في الاعيان في الجزء الأول من القسم الثاني :

والرباب بنت امرىء القيس بن عدي بن اوس زوجة الحسين « ع » لها فيه رثاء ، ماتت سنة ٦٢ .

٦٣
 &

٥ ـ بشير بن جذلم :

٦ ـ جارية تنعي الحسين «ع» :

يا اهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فادمعي مدرارُ

الجسم منه بكربلاء مضرّج

والرأس منه على القناة يدارُ

وفي بعض الروايات زيادة قوله :

يا أهل يثرب شيخكم وإمامكم

ما منكم أحد عليه يغار

٦٤
 &

قال السيد الأمين في الأعيان : بشير بن جذلم من أصحاب علي ابن الحسين « ع » ذكره السيد علي بن طاووس في كتاب ( اللهوف على قتلى الطفوف ) وظاهره أنه كان مع علي بن الحسين واهل بيته حين توجهوا من العراق الى المدينة ولا يعلم سبب وجوده معهم .

قال الراوي : ثم انفصلوا من كربلاء طالبين المدينة . قال بشير ابن جذلم : فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين فحط رحاله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه ، وقال : يا بشير رحم الله أباك لقد كان شاعراً فهل تقدر على شيء منه ، قلت بلى يا بن رسول الله اني لشاعر ، فقال : ادخل المدينة وانع أبا عبد الله ، قال بشير : فركبت فرسي وركضت حتى دخلت المدينة فلما بلغت مسجد النبي « ص » رفعت صوتي بالبكاء وأنشأت أقول :

يا أهل يثرب لا مقام لكم بها . الابيات

ثم قلت هذا علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه ، قال : فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن ضاربات خدودهن يدعين بالويل والثبور ، فلم أر باكياً اكثر من ذلك اليوم ولا يوماً أمرّ على المسلمين منه ، وسمعت جارية تنوح على الحسين « ع » فتقول :

نعى سيدي ناع نعاه فأوجعا

وأمرضني ناع نعاه فأفجعا

فعينيَّ جودا بالدموع واسكبا

وجودا بدمع بعد دمعكما معا

على من دهى عرش الجليل فزعزعا

فأصبح هذا المجد والدين أجدعا

على ابن نبي الله وابن وصيه

وإن كان عنا شاحط الدار اشسعا

ثم قالت أيها الناعي جددتَ حزننا بأبي عبد الله وخدشت منا قروحاً لما تندمل فمن أنت رحمك الله فقلت أنا البشير بن جذلم وجهني

أدب الطف ـ ( ٥ )

٦٥
 &

مولاي علي بن الحسين وهو نازل في موضع كذا وكذا مع عيال أبا عبد الله الحسين ونسائه ، قال فتركوني مكاني وبادروني فضربت فرسي حتى رجعت اليهم فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط وكان علي بن الحسين داخلاً فخرج وهو يمسح دموعه بمنديل وخلفه خادم معه كرسي فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك من العبرة وارتفعت أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية يعزونه ، فضجت تلك البقعة ضجة شديدة ، فأومأ بيده أن اسكتوا فسكنت فورتهم فقال : ( خطبة الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام ) .

٦٦
 &

٧ ـ ام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب :

ماذا تقولون إن قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي

منهم أسارى ومنهم ضُرّجوا بدم

ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمي

__________

(١) مروج الذهب ج ٢ ص ٧٥ ، والطبري ج ٦ ص ٢٢١ ، وابن الاثير ج ٤ ص ٣٩ .

٦٧
 &

قال السيد الأمين في الأعيان ج ٤ ص ٣٧٢ : خرجت ام لقمان بنت عقيل بن أبي طالب حين سمعت نعي الحسين ومعها اخواتها ، ام هاني وأسماء ورملة وزينب بنات عقيل تبكي قتلاها بالطف وتقول :

ماذا تقولون إن قال النبي لكم الأبيات

الأبيات

وفي الجزء ١٤ ص ١٦٩ قال : روى ابن الاثير في الكامل وغيره في غيره أنه لما أتى البشير بقتل الحسين « ع » الى عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة قال له : نادِ بقتله فنادى فصاح نساء بني هاشم وخرجت بنت عقيل بن ابي طالب ومعها نساؤها حاسرة تلوي ثوبها وهي تقول :

ماذا تقولون إن قال النبي لكم الأبيات

الابيات

فلما سمع عمرو أصواتهن ضحك وقال :

عجّت نساءُ بني زياد عجةً

كعجيج نسوتنا غداة الأرنبِ

قال والارنب : وقعة كانت لبني زبيد على بني زياد من بني الحارث بن كعب ، وهذا البيت لعمرو بن معد يكرب انتهى .

وفي جزء ٣٢ ص ١٣٧ :

لما جاء نعى الحسين « ع » الى المدينة خرجت ام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب حين سمعت نعي الحسين « ع » حاسرة ومعها اخواتها : ام هاني واسماء ورملة وزينب بنات عقيل بن ابي طالب ـ والظاهر ان رملة كانت أكبرهن ـ تبكي قتلاها بالطف وهي تقول : ماذا تقولون إن قال النبي لكم . البيتان .

قال الصادق « ع » ما اكتحلت هاشمية ولا اختضبت ولا رؤى في دار هاشمي دخان خمس سنين حتى قُتل عبيد الله بن زياد .

وقالت فاطمة بنت أمير المؤمنين « ع » : ما تحنّأت امرأة منا ولا

٦٨
 &

أجالت في عينها مردوداً ، ولا امتشطت حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن زياد .

والأبيات المذكورة ذكرها أيضاً ابن نما في ( مثير الأحزان ) وفي اللهوف لابن طاووس ، ويقول ابن جرير في التاريخ ج ٦ ص ٢٦٨ انها لبنت عقيل بن أبي طالب وكذا رأي ابن الأثير . وفي رواية ابن قتيبة في عيون الاخبار ج ١ ص ٢١٢ للأبيات خلاف ، وفي مقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٧٦ : ان زينب بنت عقيل بن ابي طالب قالت البيتين الاولين ، وفي رواية أخرى ان بنت عقيل بن ابي طالب قالت وذكر اربعة أبيات ، والرابع منها :

ضيعتم حقنا والله أوجبه

وقد رعى الفيل حق البيت والحرم

ونسبها ابن شهراشوب في المناقب الى زينب بنت امير المؤمنين « ع » وانها انشأت الابيات الثلاثة بعد خطبتها بالكوفة .

وفي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ان زينب بنت عقيل بن أبي طالب قالت : وذكر اربعة ابيات ، وكان الرابع في روايته :

ذريتي وبنو عمي بمضيعة

منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم

ونسب ابن حجر الهيتمي في مجمع الزوائد ج ٩ ص ٢٠٠ الابيات الثلاثة الى زينب بنت عقيل بن أبي طالب ، وفي ارشاد المفيد رحمه الله : لما سمعت ام لقمان بنت عقيل بن ابي طالب بنعي الحسين خرجت تنعاه ومعها اخواتها : ام هاني واسماء ورملة وزينب . وذكر الابيات الثلاثة اقول ورأيت في بعض كتب المقاتل : وخرجت اسماء بنت عقيل بن أبي طالب في جماعة من نسائها حاسرة حتى انتهت الى قبر رسول الله « ص » فلاذت به وشهقت عنده ثم التفتت الى المهاجرين والانصار وهي تقول : ماذا تقولون ان قال النبي لكم . . . الخ فأبكت

٦٩
 &

من حضر ولم ير باك وباكية اكثر من ذلك اليوم (١) .

أما السيد الامين في الاعيان ج ۱۱ م ١٢ ص ٢١٨ قال :

قال ابن شهر اشوب في المناقب أنه لما قتل الحسين عليه السلام خرجت اسماء بنت عقيل بن أبي طالب تنوح وتقول :

ماذا تقولون ان قال النبي لكم

يوم الحساب وصدق القول مسموعُ

خذلتم عترتي او كنتم غيباً

والحق عند وليِّ الامر مجموع

أسلمتموهم بأيدي الظالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشوعُ

ما كان عند غداة الطف اذ حضروا

تلك المنايا ولا عنهن مدفوع

__________

(١) امالي الشيخ الطوسي ص ٥٥ .

٧٠
 &

٨ ـ ام البنين :

ام البنين ترثي اولادها كما انشده ابو الحسن الأخفش في شرح الكامل للمبرد ، وقد كانت تخرج إلى البقيع كل يوم وتحمل عبيد الله بن العباس معها فيجتمع أهل المدينة لسماع رثائها وفيهم مروان بن الحكم فيبكون لشجّي الندبة ، فمن قولها :

يا من رأى العباسَ كرِّ

على جماهير النقد (١)

ووراه من أبناء حيدر

كلُّ ليثٍ ذي لبد

أنبئت أنّ ابني أُصيبَ

برأسه مقطوعَ يد

ويلي على شبلي أما

لَ برأسه ضربُ العمد

لو كان سيفك في يد

يك لما دنا منه أحد

ومن قولها :

لا تدعونّي ويكِ أُم البنين

تذكّريني بليوث العرين

كانت بنون لي أُدعى بهم

واليوم اصبحت ولا من بنين

أربعة مثل نسور الرُبى

قد وصلوا الموت بقطع الوتين

تنازع الخرصانُ اشلاءهم

فكلّهم أمسى صريعا طعينْ

يا ليت شعري أكما أخبروا

بأنّ عباساً قطيعُ الوتين (٢)

__________

(١) النقد : نوع من الغنم قصار الارجل . والعباس من اسماء الاسد

(٢) عن ابصار العين والاعيان

٧١
 &

أم البنين هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة أخي لبيد الشاعر ابن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية زوجة الامام امير المؤمنين ذكر أهل الانساب ان أمير المؤمنين علي عليه السلام قال لأخيه عقيل بن ابي طالب ـ وكان عالماً بانساب العرب ـ انظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً ، فقال له : اين أنت عن فاطمة بنت حزام (١) فانه ليس في العرب أشجع من آبائها الذين يقول فيهم لبيد للنعمان ابن المنذر ملك الحيرة :

نحن بني أُم البنين الاربعة

الضاربون الهام وسط المجمعة

والمطعمون الجفنة المدعدعة

ونحن خير عامر بن صعصعة

وامها ثمامة بنت سهيل بن عامر الذين منهم عروة الرحال صاحب الردافة والرحلة إلى الملوك وهو الذي اجار حمولة النعمان على أهل الشيح والقيصوم من أهل نجد وتهامة ، ومنهم ابو براء عامر بن مالك الذي يقال له ملاعب الأسنة لشجاعته وفروسيته . كذا ذكر السيد الداودي في ( العمدة ) وجاء في كتاب الكنى والألقاب للشيخ القمي : ان عامر بن مالك العامري الكلابي الملقب بملاعب الاسنة ، هو الذي كان به مرض الاستسقاء فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، لبيد ابن ربيعة مع هدايا فلم يقبلها ـ لانه صلى الله عليه وآله كان لا يقبل هدية مشرك ، ثم أخذ جثوة (٢) من الأرض فتفل عليها وقال للبيد : دفها بماء ثم أسقها اياه ، فأخذها متعجباً يرى انه قد استهزء به فأتاه فشربها ، فأطلق من مرضه .

وقال السيد الأمين في الأعيان : أم البنين من بيت عريق في

__________

(١) جاء في الاصابة ج ١ ص ٣٧٥ والمعارف لابن قتيبة ص ٩٢ ان والد ام البنين اسمه حرام بالراء المهملة بعد الحاء . وعند ابن الاثير وابن جرير وأبي الفداء وغيرهم بالزاء المعجمة .

(٢) الجثوة بالجيم مثلثة : الحجارة المجموعة

٧٢
 &

العروبة (١) والشجاعة . تزوج بها أمير المؤمنين اما بعد وفاة الصديقة فاطمة الزهراء ( كما يراه الطبري في ج ٦ ص ٨٩ ، وابن الأثير في ج ٣ ص ١٥٨ ، وابو الفداء في ج ١ ص ١٨١ ) ، أو بعد أن تزوج بأمامة بنت زينب بنت رسول الله كما يراه البعض الآخر ، ومنهم ابن شهراشوب في المناقب ج ٢ ص ١١٧ ومطالب السؤل ص ٦٣ ، والفصول المهمة ص ١٤٥ ، والاصابة في ترجمة امامة .

اقول : ولم تخرج أم البنين إلى احد قبل أمير المؤمنين ولا بعده وكانت من النساء العالمات الفاضلات العارفات بحق أهل البيت مخلصة في ولائهم . ووصفها صاحب العمدة بالعالمة ، وقد بلغ من معرفتها وتبصرها أنها لما دخلت على علي عليه السلام كان الحسنان مريضين فأخذت تسهر معهما وتقابلهما بالبشاشة ولطيف الكلام كالأم الحنون .

ولدت لأمير المؤمنين اربعة بنين انجبت بهم وأول ما ولدت العباس ويلقب قمر بني هاشم ويكنى ابا الفضل . وبعده عبد الله ، وبعده جعفرا ، وبعده عثمان ، وروى ابو الفرج عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال سميت عثمان بعثمان بن مظعون ، فهؤلاء البنون الاربعة : كانت تكنى بهم فاطمة ام البنين .

__________

(١) ذكر الشيخ السماوي في ( ابصار العِين ) ام البنين بنت حزام ، وامها ثمامة بنت سهيل ابن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ، وامها عمرة بنت الطفيل فارس قرزل بن مالك الاخزم رئيس هوازن بن جعفر بن كلاب ، وامها كبشة بنت عروة الرحال بن عتبة بن جعفر بن كلاب . وامها ام الخشف بنت ابي معاوية فارس هوازن بن عبادة بن عقيل بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، وامها فاطمة بنت جعفر بن كلاب : ، وامها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف ، وامها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذردان بن اسد بن خزيمة ، وامها بنت جحدر بن ضبيعة الاغر بن قيس بن ثعلبة ابن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن ربيعة بن نزار ، وامها بنت مالك بن قيس بن ثعلبة ، وامها بنت ذي الرأسين خشين بن ابي عصم بن سمح بن فزارة ، وامها بنت عمرو بن صرمة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان

٧٣
 &

قال الشيخ المامقاني في ( تنقيح المقال ) ويستفاد قوة ايمانها وتشيعها ان بشراً كلما نعى اليها بعد وروده إلى المدينة احداً من اولادها الأربعة قالت ( ما معناه ) اخبرني عن ابي عبدالله الحسين ، فلما نعى اليها الحسين قالت : قد قطعت نياط قلبي ، اولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء لأبي عبد الله الحسين . فان عُلقتها بالحسين ليس إلا لامامته عليه السلام ، وتهوينها على نفسها موت مثل هؤلاء الأشبال الأربعة إن سلم الحسين يكشف عن مرتبة في الديانة رفيعة .

وقال صاحب رياض الأحزان : واقامت امُ البنين زوجة امير المؤمنين العزاء على الحسين واجتمع عندها نساء بني هاشم يندبن الحسين وأهل بيته وبكت ام سلمة وقالت : فعلوها ملأ الله قبورهم نارا .

٧٤
 &

٩ ـ ام كلثوم :

قال الشيخ عباس القمي في كتابه ( نفس المهموم ) :

إن ام كلثوم حين توجهت الى المدينة جعلت تبكي وتقول :

مدينة جدنا لا تقبلينا

فبالحسرات والاحزان جينا

خرجنا منك بالاهلين جمعاً

رجعنا لا رجالَ ولا بنينا

٧٥
 &

ام كلثوم بنت امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، وامها الزهراء فاطمة وقد ولدت بعد زينب الكبرى كما أن زينب ولدت بعد الحسين .

وام كلثوم هي المسماة بزينب الصغرى اما كنيتها ام كلثوم الكبرى وقد جاءت هذه المخدرة مع اخيها الحسين الى العراق وهي زوجة عون ابن جعفر الطيار .

أما هذه الشهرة التي تقول بأن ام كلثوم قد تزوجها عمر بن الخطاب فهي عارية عن الصحة ، وبيان ذلك ان المؤرخين قد اتفقوا على ان ام كلثوم تزوجها عون بن جعفر ، او اخوه محمد بن جعفر اولا ، ثم عون ثانياً ، والاتفاق في ذلك عن ائمة الحديث المعتمدين كابن حجر في الإصابة ، وابن عبد البر في الاستيعاب وغيرهما ممن كتب في الصحابة ان عون بن جعفر قتل يوم ( تستر ) ويوم تستر لا كلام انه في خلافة عمر بن الخطاب وفيه اسر الهرمزان ومات عمر بعد يوم تستر بسبع سنين فكيف تزوج بها عون بعد عمر .

والحقيقة أن ام كلثوم لم يتزوجها غير ابن عمها عون ابن جعفر حتى قتل عنها بكربلاء على ما صرح به السيد الداودي في عمدة الطالب والمسعودي في مروج الذهب ، والدر المنثور في طبقات ربات الخدور وكان له من العمر يوم قتل على ما قيل ستة وخمسون سنة وكانت ام كلثوم معه بالطف . وتوفيت بالمدينة بعد رجوعها مع السبايا ، وكانت مدة مكثها في المدينة اربعة أشهر وعشرة ايام .

وهذا كتاب ( المستدرك على الصحيحين في الحديث ) ، للحافظ الكبير الحاكم النيسابوري ج ٣ ص ١٤٢ عندما يروي زواج ام كلثوم بنت علي « ع » من عمر ، ويأتي الحافظ الذهبي في الذيل ويقول : قلت منقطع ، أي سند هذا الحديث منقطع . وإذا علمنا ان الخبر

٧٦
 &

اذا لم يصححه الذهبي سقط عن الاعتبار واتضح لنا ضعف هذه الإشاعة وكذبها . والآن نورد كلام الشيخ الجليل محمد بن محمد بن النعمان البغدادي والمعروف بالشيخ المفيد وذلك في جواب المسألة العاشرة من المسائل السرودية لما سأله السائل عن حكم ذلك الزواج ـ وكلامه الفصل ـ وهذا نصه ان الخبر الوارد بتزويج امير المؤمنين علي « ع » ابنته من عمر غير ثابت ، وطريقه من الزبير بن بكار وطريقه معروف لم يكن موثوقاً به في النقل ، وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين « ع » فيما يدعيه عنهم على بني هاشم ، وانما نشر الحديث اثبات أبي محمد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه فظن كثير من النساء انه حق لرواية رجل علوي له ، وانما هو رواه عن الزبير كما روى الحديث نفسه مختلفاً . فتارة يروي ان امير المؤمنين تولى ذلك ، وتارة يروي انه لم يقع العقد الا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم ، وتارة يروي انه من اختيار وايثار .

ثم بعض الرواة يذكرون أن عمر أولدها ولداً أسماه زيداً ، وبعضهم يرى أن لزيد بن عمر عقبا ، ومنهم من يقول قتل ولا عقب له ، ومنهم من يقول انه وامه قتلا ، ومنهم من يقول ان امه بقيت بعده ، ومنهم من يقول ان عمر أمهر ام كلثوم أربعين الف درهم ، ومنهم من يقول كان مهرها خمسمائة درهم ، وبدء هذا القول وكثرة الاختلاف يبطل الحديث ولا يكون له تأثير على حال . انتهى كلامه رفع مقامه .

وقال الشيخ المامقاني قدس سره في تنقيح المقال :

ام كلثوم بنت امير المؤمنين عليه السلام هذه كنية لزينب الصغرى وقد كانت مع أخيها الحسين بكربلاء وكانت مع السجاد عليه السلام في الشام ثم الى المدينة وهي جليلة القدر فهيمة بليغة ، وخطبتها في مجلس ابن زياد بالكوفة معروفة وفي الكتب مسطورة . وفي الاخبار ان عمر

٧٧
 &

ابن الخطاب تزوجها غصباً وأنكر ذلك جمع ، ولعلم الهدى في هذا الباب رسالة مفردة أصرّ فيها على ذلك وأصرَّ آخرون على الإنكار ، وحيث لا يترتب من تحقيق ذلك وكان يصعب الالتزام به طويناه اشتغالا بالأهم .

خطبتها بالكوفة :

قال السيد ابن طاووس في ( اللهوف على قتلى الطفوف ) خطبت ام كلثوم من وراء كلّتها رافعة صوتها بالبكاء فقالت :

يا أهل الكوفة سوأة لكم ما لكم خذلتم حسيناً وقتلتموه وانتهبتم امواله وورثتموه ، وسبيتم نساءه ونكبتموه فتباً لكم وسحقاً .

ويلكم أتدرون أي دواهٍ دهتكم ، وأي وزر على ظهوركم حملتم وأي دماء سفكتموها ، وأي كريمة أصبتموها ، وأي صبية سلبتموها ، وأي أموال انتهبتموها ، قتلتم خير رجالات بعد النبي ونزعت الرحمة من قلوبكم ألا ان حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون ثم قالت :

قتلتم أخي ظلماً فويل لأمكم

ستجزون ناراً حرها يتوقد

سفكتم دماء حرّم الله سفكها

وحرمها القرآن ثم محمد

فضج الناس بالبكاء والنحيب ونشرت النساء شعورهن ووضعن التراب على رؤوسهن وخمشن وجوههن وبكى الرجال فلم يُر باكية اكثر من ذلك اليوم .

٧٨
 &

١٠ ـ الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب :

قال السيد الامين في الاعيان ج ٣٢ ص ٢٨٢ في احوال زهير بن سليم الازدي المقتول مع الحسين يوم كربلاء في الحملة الاولى ، قال وفيه يقول الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب من قصيدته التي ينعى بها على بني أمية افعالهم :

أرجعوا عامراً وردّوا زهيراً

ثم عثمان فارجعوا غارمينا

وارجعوا الحر وابن قين وقوماً

قتلوا حين جاوروا صفينا

أين عمرو وأين بشر وقتلى

منهم بالعراء ما يدفنونا

٧٩
 &

عنى بعامر العبدي وبزهير هذا وبعثمان أخا الحسين ـ وأمه أم البنين الكلابية ـ وبالحر الرياحي ، وبابن قين زهيرا وبعمرو الصيداوي وببشر الحضرمي ، انتهى .

أقول ذكر الشاعر سبعة ممن استشهدوا بين يدي الحسين « ع » في جملة المستشهدين بين يديه ، ويحسن بنا أن نذكر ترجمة كل واحد منهم ممن لم تذكر ترجمته في هذه الموسوعة :

١ ـ عامر بن مسلم العبدي البصري : قال الشيخ السماوي في ( ابصار العين ) : كان عامر من شيعة في البصرة ، فخرج هو ومولاه سالم مع يزيد بن ثبيط العبدي الى الحسين « ع » وانضم اليه حتى وصلوا كربلاء وكان القتال فقتلا بين يديه . قال في المناقب : وفي الحدائق قتلا في الحملة الاولى .

٢ ـ زهير بن سليم الأزدي : قال السماوي في ( ابصار العين ) : كان زهير ممن جاء الى الحسين عليه السلام في الليلة العاشرة عندما رأى تصميم القوم على قتاله فانضم الى أصحابه وقتل في الحملة الاولى .

٣ ـ عثمان بن علي بن ابي طالب : قال الشيخ السماوي : ولد عثمان بعد اخيه عبد الله بنحو سنتين وامه فاطمة ام البنين ، وبقي مع اخيه الحسن نحو اربع عشرة سنة مع الحسين « ع » ثلاثاً وعشرين سنة وذلك مدة عمره .

وروى أبو الفرج عن امير المؤمنين عليه السلام انه قال : انما سميته عثمان بعثمان بن مظعون (١) قال أهل السير : لما قتل عبد الله بن علي

__________

(١) عثمان بن مظعون من اجلاء الصحابة ، اسلم بعد ثلاثة عشر رجلاً وهاجر الهجرتين وشهد بدراً ، وكان اول رجل مات بالمدينة سنة اثنين من الهجرة وكان ممن حرم الخمرة على نفسه في الجاهلية ودفن في بقيع الغرقد بعد ان صلى عليه النبي ووضع حجراً على قبره وجعل يزوره .

٨٠