أدب الطّف - ج ١

جواد شبّر

أدب الطّف - ج ١

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ٠
الصفحات: ٣٥٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

اربعين الحسين « ع » في كربلاء

يوم أربعين الحسين عليه السلام وهو يوم العشرين من صفر من أضخم المؤتمرات الإسلامية يجتمع الناس فيه كاجتماعهم في مكة المكرمة تلتقي هناك سائر الفئات من مختلف العناصر ويعتنق شمال العراق بجنوبه والوفود من بعض الأقطار الإسلامية فهذا الموكب يردد انشودته باللغة العربية ، وذاك باللغة التركية ، وثالث باللغة الفارسية ، ورابع باللغة الأوردية وهكذا .

ولست مبالغاً اذا قلت ان هذا الموسم يجمع اكثر من مليون نسمة جاءت لاحياء ذكرى الأربعين أو لزيارة ( مردّ الرأس ) إذ أن الروايات تقول أن رأس الحسين عليه السلام أُعيد الى الجسد الشريف بعد أربعين يوماً من استشهاده ، جاء زين العابدين علي بن الحسين والفواطم معه ومعهم الرأس الشريف وبقية الرؤوس ومنه زيارة الأربعين .

إن هذه المواكب من سائر الأقطار ومختلف البلدان تؤم كربلاء وقد سجلت ادارة السلطة المحلية أكثر من ٣٠٠ موكب أكثرها يضرب

٤١
 &

الخيام حوالي كربلاء والبعض يحجز المحلات الكبيرة وتستهلك كربلاء في هذا الموسم من الرزّ ما لا يقل عن مائة طن وكل موكب له منادون يدعون الناس إلى المائدة وتناول الطعام باسم الحسين .

وتتخلل هذا الموسم زيارات التعارف بين المواكب وتبادل العواطف وتقديم التمنيات والتحيات وعظيم الأجر يوم الحشر ، ان الآلاف من الناس يقومون بالخدمة لهؤلاء الزوار ويسخون بانفسهم من أجل راحة الزائرين فالبعض بسقي الماء المعطر والمذاب فيه السكر ، والبعض برش ماء الورد ، والبعض بالتهوية بالمراوح اليدوية وهكذا .

الامام الحسين « ع »

ولد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام بالمدينة لثلاث أو لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة . وجاءت به امة فاطمة ( ع ) إلى جده ( ص ) فاستبشر به وسماه حسينا وعق عنه كبشاً . ويكنى ابا عبدالله وهو وأخوه سيدا شباب أهل الجنة بشهادة الرسول ( ص ) . وبالاسناد إلى سلمان الفارسي ( رض ) قال سمعت الرسول « ص » يقول في الحسن والحسين عليهما السلام : « اللهم اني أُحبهما وأحب من يحبهما » وقال : « ان ابني هذين ريحانتي في الدنيا » وحسبهما كرامة لا يشاركان فيها ، أنها هما المرادان بالأبناء في آية المباهلة . وانهما من أهل العباء الذين لا يدرك أمد فضلهم ، وممن نزل به قوله تعالى ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ـ إلى ، وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ) . وانهما من القربى . وممن نزلت بهم آية التطهير . وما إلى ذلك من المناقب . وقد استفاضت أخبارها وملأت الدفاتر .

وهو الإمام بعد أخيه بنص أَبيه وتصريح جده ( ص ) فيه وفي أخيه مما

٤٢
 &

هو نص جليٌ على إمامتهما بقوله « ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا » وبوصية أخيه الحسن صلوات الله عليه فامامته بما ذكر وبكثير من الدلائل ثابتة . وطاعته لازمة . وما كف عن المطالبة بها بعد وفاة أخيه الا وفاء بالهدنة المعقودة بين أخيه وبين معاوية . ولما كتب له أهل العراق بعد وفاة أخيه بخلع معاوية والبيعة له امتنع عليهم وذكر أن بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدة . ولما انقضت بمهلكه مدة الهدنة اظهر أمره بحسب الإمكان وأبان عن حقه للجاهلين به حالا بعد حال إلى ان اجتمع له في الظاهر الانصار فدعا إلى الجهاد وشمَّر للقتال وتوجه بولده وأهل بيته من حرم الله وحرم رسوله « ص » نحو العراق للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الأعداء . وقدم أمامه ابن عمه مسلم بن عقيل ( رض ) للدعوة إلى الله والبيعة له على الجهاد فبايعه أهل الكوفة على ذلك وعاهدوه وضمنوا له النصرة والنصيحة . ووثقوا له في ذلك وعاقدوه . ولكن سرعان ان نكثوا بيعته وخذلوه وأسلموه فقتل بينهم ولم يمنعوه وخرجوا إلى حرب الحسين ( ع ) وقد أجاب دعوتهم التي تواترت عليه بها كتبهم فحاصروه ومنعوه المسير إلى بلاد الله واضطروه إلى حيث لا يجد ناصراً ولا مهرباً منهم وحالوا بينه وبين ماء الفرات حتى تمكنوا منه فقتلوه فمضى ( ع ) ظمآن مجاهداً صابراً محتسباً مظلوماً قد نكثت بيعته واستحلت حرمته ، ولم يوف له بعهد ، ولا رعيت فيه ذمّةُ عقدٍ . شهيداً على ما مضى عليه أبوه وأخوه وقد قتل معه ولده وأهل بيته وسير برأسه ورؤوس رهط من أصحابه وأبنائه سبايا إلى الشام وجرى عليه وعلى أهل بيته من بعده من الفظائع ما هو مسطور ومشهور .

وان سألت عن الأهداف التي يهدف اليها الحسين والسر الذي ثار ابو الشهداء من أجله فاسمع كلماته التي صرخ بها في خطبته بالجيوش التي جاءت تحاربه قال :

ايها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال : من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالاثم

٤٣
 &

والعدوان فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله . ألا وان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله ، وأنا أحق من غيري ، وقد أتتني كتبكم ورسلكم وانكم لا تسلموني ولا تخذلوني فان بقيتم على بيعتكم تصيبوا رشدكم وأنا الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهلكم إلى آخر ما قال :

لم يكن سيد الشهداء بالرجل الطامع في حكم أو امارة أو مال ، فقد كان بوسعه أن يقول ( نعم ) لكي يحصل من وراء هذه القولة على ما يشاء من نعم الدنيا ، وكان خصومه مستعدين لأن يمنحوه ما يشاء لقاء أن يمسك لسانه وأن يلزم الصمت .

يظن البعض ان الإمام الحسين عليه السلام أراد من رواء نهضته الحصول على زمام الحكم ولكن من يدرس فلسفة النهضة يتأكد لديه أن للحسين منزلة اجتماعية لدى المسليمن أبعد بكثير من منزلة الملوك والحكام .

قال عمر أبو النصر كانت ثورة الإمام الحسين عليه السلام على يزيد ثورة أمة على حاكم لا يصلح للحكم ، وإمام لم يتوفر فيه ما يجب أن يتوفر في المليك الحاكم والإمام القائم من عدل وأخلاق وعلم وإيمان . . . ومن هذا يدل على ان الاسلام لا يؤيد الحاكم الطاغية ولا الامير العاتي بل انه ليذهب الى اكثر من هذا فيأمر المسلمين بابعاده والثورة ضده فمقام الحكم لا يليق إلا للأفاضل من القوم الخلّص من البشر الذين يقسطون بين الناس ويقيمون العدل ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .

ولقد صرح الحسين « ع » برأيه فأرسل كلمته يوم خرج من المدينة فقال : أنا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح

٤٤
 &

الله وبنا يختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله .

إنه عليه السلام يعلمنا كيف يكون المؤمن بربه شجاعاً في الحق لا ترهبه صولة الباطل ولا تخدعه زهرة الحياة عن أداء رسالة الحق والخير والإيمان حتى إذا عاش عاش عزيزاً ، وإذا قضى قضى مع الأبرار كريماً .

( مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) .

وقد علّمنا عليه السلام أن اليد الطاهرة النقية لا تخضع لليد الآثمة الملوثة ، وقد قال لمروان بن الحكم : وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد .

وقال لأخيه محمد بن الحنفية : والله لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية .

وخرج من المدينة يلازم الطريق الأعظم بالرغم من أن السلطة الأموية قد سدت الطرق بوجهه تريد قتله ـ فقال له اهل بيته : لو تنكبّت الطريق كما فعل ابن الزبير فقال : والله لا أفارق الطريق الأعظم حتى يقضي الله ما هو قاض .

غداة بنى عبد المناف انوفهم

أبيت أن يساف الضيم فيها بمنشقِ

سرت لم تنكّب عن طريق لغيره

حذار العدى بل بالطريق المطرق

إلى أن أتت أرض الطفوف فخيَّمت

بأعلى سنامٍ للعلاء ومفرق

٤٥
 &

تاريخ مقتله ( ع )

مضى الحسين ( ع ) في يوم السبت العاشر من المحرم سنة احدى وستين من الهجرة بعد صلاة الظهر منه قتيلاً مظلوماً وسنَّة ثمان وخمسون سنة أقام منها مع جده رسول الله « ص » سبع سنين ومع أبيه ( ع ) سبعاً وثلاثين سنة ومع أخيه الحسن ( ع ) سبعاً واربعين سنة ، وكانت مدة خلافته بعد اخيه احدى عشر سنة انتهى ملخصاً ببعض التصرف عن ارشاد المفيد . أقول والأصح انه عليه السلام قتل يوم الجمعة العاشر من المحرم إذ كان أول المحرم الذي قتل فيه يوم الأربعاء وتواترت الروايات انه عليه السلام نزل كربلاء يوم الخميس وهو اليوم الثاني من المحرم ، وتقول اكثر الروايات : واصبح ابن سعد يوم عاشوراء وهو يوم الجمعة وقيل يوم السبت .

زوجات الحسين عليه السلام واولاده

١ ـ شهر بانويه بنت يزدجرد بن شهريار كسرى ـ وهي ام الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام .

٢ ـ ليلى بنت أبي مرة بن عروة الثقفي ـ عظيم القريتين الذي قالت قريش فيه ( لولا أُنزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) وعنوا بالقريتين مكة والطائف . وليلى هي امّ علي الأكبر بن الحسين المقتول بالطف بين يدي أبيه .

٣ ـ الرباب بنت امرىء القيس بن عدي ، الكلبية ، وهي ام عبد الله الرضيع بن الحسين ، وسكينة بنت الحسين .

٤٦
 &

٤ ـ ام اسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية ، ام فاطمة ام الحسن وكانت أولاً عند الإمام الحسن عليه السلام ، وإنما تزوجها الحسين بوصية من الحسن إذ قال له عند موته :

لا أريد أن تخرج هذه المرأة من بيتكم ، واني راض عنها .

٥ ـ القضاعية وهي ام جعفر بن الحسين وقد مات في حياة أبيه .

فعلى هذا يكون اولاد الحسين عليه السلام ستة : أربعة ذكور وابنتان وهم :

١ ـ علي بن الحسين الأكبر وهو الذي استشهد في كربلاء ويكنى أبو الحسن .

٢ ـ علي بن الحسين السجاد ويكنى ابو محمد .

٣ ـ عبد الله قتل مع أبيه صغيراً يوم الطف ، جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه .

٤ ـ جعفر بن الحسين .

٥ ـ فاطمة .

٦ ـ سكينة .

وجاء في بعض الاخبار ان للحسين ولدين آخرين وهما : محمد بن الحسين ، ومحسن بن الحسين المدفون في جبل جوشن قرب حلب .

ومن حكم الحسين القصيرة الفارعة الرائعة .

قال رجل عند الحسين ان المعروف اذا أسدي الى غير أهله ضاع فقال الحسين ليس كذلك ولكن تكون الصنيعة مثل وابل المطر تصيب البر والفاجر .

وقال ما أخذ الله طاقة احد الا وضع عنه طاعته ولا اخذ قدرته إلا وضع عنه كلفته .

٤٧
 &

وقال : العاقل لا يحدّث من يخاف تكذيبه ، ولا يسأل من يخاف منعه ولا يثق بمن يخاف غدره ، ولا يرجو من لا يوثق برجائه .

وقال : ان قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة .

وسئله رجل عن معنى قوله تعالى : ( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) قال امره أن يحدثه بما انعم الله به عليه في دينه .

وقال اذا سمعت أحداً يتناول أعراض الناس فاجتهد أن لا يعرفك فإن أشقى الاعراض به معارفه .

وللامام الحسين « ع » كلمات آية في الإقناع ، وفي ذروة البلاغة سهلة اللفظ جيّدة السبك متراصفة الفقرات متلائمة الأطراف تملك القلوب وتستعبد الأسماع كقوله : الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم الخ . . ومن عظيم بلاغته دعاؤه يوم عرفه دعابه وهو واقف على قدميه في ميسرة الجبل تحت السماء رافعاً يديه بحذاء وجهه خاشعاً متبتلاً وهو دعاء طويل مشهور .

٤٨
 &

أدب الطب أو شعراء الحسين عليه السلام لجواد شبّر

٤٩
 &

أدب الطب أو شعراء الحسين عليه السلام لجواد شبّر

٥٠
 &

١ ـ عقبة بن عمرو السهمي

٢ ـ سليمان بن قتة

٣ ـ ابو الرميح الخزاعي ـ عمير بن مالك

٤ ـ الرباب بنت امرىء القيس الكلبي

٥ ـ بشير بن جذلم

٦ ـ جارية هاشمية تنعي الحسين

٧ ـ بنت عقيل بن أبي طالب

٨ ـ فاطمة ـ ام البنين الكلابية ـ

٩ ـ ام كلثوم بنت امير المؤمنين

١٠ ـ الفضل بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب

١١ ـ كعب بن جابر الأزدي

١٢ ـ عبيد الله بن الحر الجعفي

١٣ ـ ابو الاسود الدؤلي ـ ظالم بن عمرو

١٤ ـ يزيد بن ربيعة بن مفرّغ

١٥ ـ عبيد الله بن عمرو الكندي البدي

١٦ ـ عامر بن يزيد بن ثبيط العبدي

١٧ ـ الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب

١٨ ـ عوف بن عبد الله بن الأحمر الأزدي

١٩ ـ أبو دهبل وهب بن زمعة

٢٠ ـ المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب

٢١ ـ مصعب بن الزبير بن العوام

٢٢ ـ عبد الله بن الزبير الأسدي

٢٣ ـ يحيى بن الحكم بن العاص

٢٤ ـ خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد المخزومي

٢٥ ـ شيخ يروي أبيات قالها جده في الحسين « ع »

٥١
 &

١ ـ عقبة بن عمرو السهمي :

قصد كربلاء في أواخر المائة الأولى ، الشاعر العربي المعروف عقبة ابن عمرو السهمي ـ من بني سهم بن عون بن غالبة ، لزيارة قبر الحسين ، ووقف بإزاء القبر ورثى الحسين « ع » بالأبيات التالية :

مررت على قبر الحسين بكربلا

ففاض عليه من دموعي غزيرها

وما زلت أبيكه وأرثي لشجوه

ويسعد عيني دمعها وزفيرها

وبكّيت من بعد الحسين عصائباً

أطافت به من جانبيه قبورها

إذا العين قرت في الحياة وأنتم

تخافون في الدنيا فأظلم نورها

سلام على أهل القبور بكربلا

وقلّ لها مني سلام يزورها

سلام بآصال العشى وبالضحي

تؤديه نكباء الرياح ومورها

ولا برح الوفَّاد زوار قبره

يفوح عليهم مسكها وعبيرها

٥٢
 &

قال السيد الأمين في الجزء ٤١ من الأعيان : عقبة بن عمرو السهمي من بني سهم بن عوف بن غالب ، قال يرثي الحسين وهو اول شعر رثي به عليه السلام : اذا العين قرت في الحياة وأنتم . .

وقال سبط ابن الجوزي عن السدي أن أول شعر رثي به الحسين « ع » قول عقبة بن عمرو السهمي ـ من بني سهم بن عوف بن غالب ـ ورواه المفيد رحمه الله في المجالس بسنده عن ابراهيم بن داحة (١) قال من قصيدة هذا مطلعها : اذا العين قرت في الحياة . . . الخ

وقال الطريحي في المنتخب : ولله در من قال وهو على ما نقل أول شعر قيل في الحسين عليه السلام .

__________

(١) ابن داحة ، ويقال له ابن ابي داحة ، وهو ابراهيم بن سليمان المزني ، يحكى عن الجاحظ انه ذكره في كتاب الحيوان وقال : وكان ابن داحة رافضياً .

٥٣
 &

٢ ـ سليمان بن قتة :

قال السيد الامين في ( أعيان الشيعة ) وينبغي ان يكون اول من رثاه سليمان بن قتة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة ، توفي بدمشق سنة ١٢٦ .

وكان منقطعاً الى بني هاشم فإنه مر بكربلاء بعد قتل الحسين بثلاث فنظر الى مصارعهم واتكأ على فرس له عربية وأنشأ يقول :

مررتُ على أبيات آل محمد

فلم أرها أمثالها يوم حلّتٍ (١)

ألم تر أن الشمس أضحت مريضة

لقتل حسين والبلاد اقشعرت

وكانوا رجاء ثم أضحوا رزية

لقد عظمت تلك الرزايا وجلت

وتسألنا قيس فنعطي فقيرها

وتقتلنا قيس إذا النعل زلت

وعند غني قطرة من دمائنا

سنطلبها يوماً بها حيث حلت

فلا يبعد الله الديار واهلها

وإن أصبحت منهم برغم تخلت

وإن قتيل الطف من آل هاشم

أذلّ رقاب المسلمين فذلت

وقد أعولت تبكي السماء لفقده

وأنجمنا ناحت عليه وصلّت

__________

(١) هذه الأبيات ذكرها الفاضل المجلسي « ره » وغيره كما ذكرها ابو الفرج في المقاتل لسليمان واوردها ابن شهر اشوب وغيره ايضا له .

٥٤
 &

فقال له عبد الرحمن بن حسن بن حسن : هلا قلت ( رقاب المسلمين فذلت ) وبعضهم يروي هذه الأبيات لأبي الرميح الخزاعي .

والظاهر أن لكل من سليمان بن قتة وأبي الرميح أبياتاً في رثاء الحسين عليه السلام على هذا الوزن وهذه القافية ، وقد أدخل بعض أبيات كل منهما في أبيات الآخر وستأتي ترجمة أبي الرميح .

أقول : وفي كتاب ( رغبة الامل من كتاب الكامل ) للمرصفي : سليمان بن قنة بفتح القاف والنون المشددة ، وفي مكان آخر ذكره قتة بالتاء . ثم ذكر الغريب في الشعر فقال : ( غني ) يريد قبيلة غني بن اعصر بن سعيد بن قيس عيلان بن مضر . ( وتقتلنا قيس ) يريد منهم شمر بن ذي الجوشن بن الأعور بن عمرو بن معاوية بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة الذي حرض عبيد الله بن زياد على قتل الحسين ونادى في الناس : ويحكم ما تنتظرون بالرجل ، اقتلوه ثكلتكم أمهاتكم .

والذي تولى قتله قيما يروى سنان بن أنس النخعي . انتهى .

أقول والأصح أن قاتله شمر كما في أكثر المقاتل ونظم كثير من الشعراء ذلك ، يقول الحاج هاشم الكعبي :

ومرَّ يحز النحر غير مراقبٍ

من الله لا يخشى ولا يتوجّلُ

وقال السيد جعفر الحلي :

شلَّ الإله يدي شمر غداة على

صدر ابن فاطمة بالسيف قد بركا

ومن شعر سليمان ما رواه السيد في الاعيان ج ٣٥ ص ٣٦٥ :

عين جودي بعبرة وعويل

واندبي ان ندبت آل الرسول

ستة كلهم لصلب علي

قد اصيبوا وسبعة لعقيل

واندبي ان بكيت عوناً أخاهم

ليس فيما ينوبهم بخذول

٥٥
 &

وسمي النبي غودر فيهم

قد علوه بصارم مصقول

واندبي كهلهم فليس اذا ما

عدّ في الخير كهلهم كالكهول

فلعمري لقد اصيب ذوو القربى

فبكَى على المصاب الجليل

فإذا ما بكيت عيني فجودي

بدموع تسيل كل مسيل

قال السيد الامين في ج ٣٥ ص ٣٦٢

عدّه ابن شهر آشوب في المعالم من شعراء اهل البيت المتقين فقال : سليمان بن قتة التيمي الهاشمي . وفي كامل المبرد ج ١ ص ١٠٦ هو رجل من بني تيم بن مرة بن كعب بن لؤي ، وكان منقطعاً إلى بني هاشم انتهى . وكان من الشيعة التابعين والشعراء ، اقول ذكر السيد الأمين الابيات المتقدمة وقال :

كثر ذكر الناس لها ، واختلفت روايتهم لها بالزيادة والنقصان وتغيير بعض الألفاظ ففي كامل المبرد قال سليمان بن قتة ، ( وذكر الأبيات ) وفي تهذيب تاريخ ابن عساكر قال سليمان بن قتة يرثي الحسين ( وذكر الابيات ) وبها بعض الاختلاف وفي الجزء ١٤ ص ٤٤٨ من الاعيان قال :

التيمي تيم بن مرة اورد له ابن الأثير في الكامل هذه الابيات في رثاء الحسين عليه السلام وقال : وكان منقطعاً إلى بني هاشم ولم يذكر اسمه وبعضهم نسبها لسليمان بن قتة العدوي مولى بني تميم ، وقيل انها لابي الرميح الخزاعي ومن المحتمل ان يكون المراد بالتيمي سليمان بن قتة وان يّكون الصواب مولى بني تيم والله اعلم .

وقال الشيخ المامقاني في ( تنقيح المقال ) ، سليمان بن قتة القرشي العدوي مولى بني تيم بن مرة ويقال له الهاشمي . والضبط قتة بفتح القاف وتشديد المثناة من فوق ثم الهاء . كان من الشيعة وله ابيات يرثي بها الحسن المجتبى ومراث كثيرة للحسين عليه السلام والقتلى معه .

وقال الشيخ عباس القمي : قَتّة كضبَّة : اسم أم سليمان ، واسم والده

٥٦
 &

حبيب المحاربي وهو تابعي مشهور . وقيل أنّ سليمان هو أوّل من رثى الحسين : مرّ بكربلاء فنظر إلى مصارع الشهداء فبكى حتى كاد أن يموت ثم قال : الأبيات .

توضيح :

اراد بقوله : ستة كلهم لصلب علي هم :

١ ـ الحسين بن علي بن أبي طالب وامه فاطمة الزهراء

٢ ـ العباس بن علي بن أبي طالب وامه أم البنين فاطمة بنت حزام

٣ ـ عبد الله بن علي بن ابي طالب وامه أم البنين فاطمة بنت حزام

٤ ـ عثمان بن علي بن ابي طالب وامه أم البنين فاطمة بنت حزام

٥ ـ جعفر بن علي بن ابي طالب وامه أم البنين فاطمة بنت حزام

٦ ـ ابو بكر بن علي بن ابي طالب واسمه محمد الأصغر أو عبد الله وأمه ليلى بنت مسعود بن خالد

فهؤلاء الستة لصلب علي عليه السلام واختلف في غيرهم .

وقوله وسبعة لعقيل وهم :

١ ـ مسلم بن عقيل بن ابي طالب

٢ ـ عبد الله بن مسلم بن عقيل

٣ ـ محمد بن مسلم بن عقيل

٤ ـ محمد بن ابي سعيد بن عقيل

٥ ـ عبد الرحمن بن عقيل

٦ ـ جعفر بن عقيل

هؤلاء الذين ذكرهم السماوي في ( ابصار العين ) وهو ينطبق على شعر المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وكان مع الحسين إلا

٥٧
 &

انه مرض في الطريق فعزم عليه الحسين ان يرجع فرجع فلما بلغه قتله رثاه فكان من مرثيته :

وستة ليس لهم مشبه

بني عقيل خير فرسان

ولكن الذي ذكره المؤرخون اكثر من ستة .

وقوله : واندبي ان بكيت عونا أخاهم .

يعني به عون بن عبد الله بن جعفر بن ابي طالب وأمه زينب الكبرى العقيلة بنت أمير المؤمنين عليه السلام ، وامها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال السروي : برز عون بن عبد الله بن جعفر الى القوم وهو يقول :

ان تنكروني فأنا ابن جعفر

شهيد صدق في الجنان أزهر

يطير فيها بجناح اخضر

كفى بهذا شرفاً في المحشر

فضرب فيهم بسيفه حتى قتل منهم ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلاً ثم ضربه عبد الله بن قطنة الطائي النهباني بسيفه فقتله .

وبقوله : وسمي النبي غودر فيهم . أراد به محمد بن عبد الله بن أبي طالب امه الخوصاء بنت حفصة بن ثقيف .

قال السروي : تقدم محمد قبل عون إلى الحرب فبرز اليهم وهو يقول :

أشكو إلى الله من العدوان

فعال قوم في الردى عميان

قد بدلوا معالم القرآن

ومحكم التنزيل والتبيان

فقتل عشرة أنفس ثم تعطفوا عليه فقتله عامر بن نهشل التميمي .

٥٨
 &

٣ ـ ابو الرميح الخزاعي :

ابو الرميح الخزاعي هو عمير بن مالك بن حنظل بن عبد شمس بن سعد بن غنم بن حيلب بن جبير بن عدي بن سلول الخزاعي .

توفي في حدود سنة ١٠٠ ، كان شاعراً مكثراً الشعر في رثاء الحسين عليه السلام ، مقلاً في غيره كما قال ابن النديم ، وكان أبوه مالك بن حنظلة من الصحابة كما في الإصابة ، وكان يزور آل محمد فيجتمعون اليه ويقرأ عليهم مراثيه .

حدث المرزباني قال دخل أبو الرميح على فاطمة بنت الحسين بن علي « ع » فأنشدها مرثيته في الحسين « ع » :

أجالت على عيني سحائبُ عبرة

فلم تصح بعد الدمع حتى ارمعلّت

تبكَّى على آل النبي محمد

وما اكثرت في الدمع لا بل اقلّتِ

اولئك قوم لم يشيموا سيوفهم

وقد نكأت أعداءهم حين سُلت

وإن قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقاباً من قريش فذلت

٥٩
 &

فقالت فاطمة : يا أبا الرميح هكذا تقول ، قال : فكيف اقول جعلني الله فداك ، قالت قل : اذل رقاب المسلمين فذلت .

فقال : لا أنشدها بعد اليوم إلا هكذا .

وهذا البيت مذكور لسليمان بن قتة العدوي ولعله تضمنه او استشهد به .

وفي الجزء الاول من الأعيان القسم الثاني ص ١٦٥ :

أبو الرميح الخزاعي عمر بن مالك بن حنظلة ، له رثاء في الحسين توفي حدود المائة .

٦٠