تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران - ج ١-٢

أحمد السباعي

تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران - ج ١-٢

المؤلف:

أحمد السباعي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الطبعة: ٠
ISBN: 9960-660-17-6
ISBN الدورة:
9960-660-18-4

الصفحات: ٧٩٣

١
٢

٣
٤

مقدمة

الحمد الله الذي أمرنا بشكر النعم ، ووعد الشاكرين بمزيد من فضله العميم ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

أمَّا بعدُ ، فإن الله ـ جلَّ وعلا ـ قد أكرمنا يفي هذه البلادالطيبة بجمع كلمتنا تحت راية الإسلام الخالدة لاإلهَ إلا الله محمد رسول الله ؛ فكلمة التوحيد هي الأساس الذي قامت عليه هذه البلاد ، واتخذتها شعاراً لها ، ومنحجاً الحياتها ، وأساساً لنظامها ؛ أكَّد ذلك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود حين دخل مدينة الرياض في الخامس من شوال سنة ١٣١٩ه ؛ استمرار للمنهج الذي سار عليه آباؤه وأجداده ، المستمَدٌ من كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وآله.

وقد جاءت فكرة الاحتفال بمناسبة مرور مائة عام على دخول الملك عبدالعزيز مدينةَ الرياض ، وتأسيس المملكة العربية السعودية ؛ تأكيداً لاستمرار المنهج القويم الذي سارت عليه المملكة العربية السعودية ، والبادى السَّامية التي قامت عليها ، ورصداً لبعض الجهود المباركة التي قام بها المؤسًس المملك عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ في سبيل توحيد المملكة ؛ عرفاناً لفضله ، ووفاءً بحقَّه ، وتسجيلاً لأبرز المكاسب والإتجازات الوطنية التي تحقَّقت في عهد وعهد أبنائه خلال المائة عام ، والتعريف بها للأجيال القادمة.

ومال الأعمال العلمية التي تصدرها الأمانة العامة للاحتفال بهذه المناسبة إلا شواهد صادقة على نهضة هذه البلاد الزاهرة في ظلَّ دوحة علم ؛ أصولها ثابتة وفروعها نابتة ، تولَّى غرسَها المملكُ المؤسَّس ، وتعهَّدها من بعدَه بنوه ؛ فواصلوا رعايتها حتى امتد ظلها ، وزاد ثمرها ؛ فعمَّ البلاد خيرُها ، وانتفع بها الجميع.

٥

وهذا الكتاب يُعنى بجانب من جوانب تاريخ هذه البلاد المباركة ، ويبرز من خلال مدى التزام قادتها ـ عبر حقبها التاريخية ـ بمنهجها القويم ، والاستمرار في تطبيقه ، والدعوة إليه ، والدفاع عنه.

ولما في نشر هذا الكتاب من تيسير للباحثين بتوفير المصادر التاريخية الموثقة ، وربط للأجيال بماضي الآباء والأجداد ، وبيان لمآثر المؤسّس الموحِّد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ فقد أمر خادم الحرمين الشرفين الملك فهد بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ بطبع هذا الكتاب ونشره بمناسبة الاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة.

اللهم إنا نشكرك ، ونتحدث بعظيم نعمتك علينا ، وقد وعدت الشاكرين بالمزيد ، فأدمها نعمة ، واحفظها من الزوال.

وصلى الله وسلم وبارك على نبيَّنا محمد وعلى آل وصحبه أجمعين.

أمير منطقة الرياض

رئيس اللجنة العليا ورئيس اللجنة التحضيرية

للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة

سلمان بن العزيز

٦

هذا الكتاب

سبق أن طُبع هذا الكتاب أربع طبعات كان آخرها الطبعة الرابعة ـ طبعة النادي الأدبي بمكة المكرمة ـ وقد أشار المؤلف ـ رحمه الله ـ في مقدمة الطبعتين الثانية والرابعة إلى أولئك الذين أفاد من ملحوظاتهم واقتراحاتهم. ومن ذلك ما ذكره في مقدمة الطبعة الرابعة من إجازته للأستاذ / عاتق بن غيث البلادي في إضافة ما يراه من تعليقات على الأماكن ونحوها. وقد مُيَّزت هذه التعليقات بحرف(ع).

ولما كان هذا الكتاب من ضمن الكتب التي أفرَت اللجنة التحضيرية للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة إعادة طباعتها ، فقد رأت اللجنة العلمية المنبثقة عن الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة مناسبة إضافة بعض التعليقات. وكذا عزو الآيات. وتخريخ الأحاديث الواردة به. ومبَّزت ذلك بوضع تجمة (*) على كل تعليق لها.

وقد كلَّفت اللجنة العلمية للقيام بهذه التعليقات كلاً من : الأستاذ الدكتور / عبداللطيف بن عبدالله بن دهيش أسناذ التاريخ الحديث بجامعة أم القرى بمكة المكرمة ، والدكتور عبدالله بن عبدالرحمن الربيعي أستاذ التاريخ الحديث المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، والدكتور / عبداللطيف بن محمد الحميد أستاذ التاريخ الحديث المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

اللجنة العلمية

٧
٨

بين يدي القارىء (١)

راودتني فكرة الكتابة عن تاريخ مكة في سن مبكرة من حياتي وشاركني الرأي في هذا زميل كان ـ يرحمه‌الله ـ من أنشط من عرفت من شبابنا هو المرحوم محمد سعيد عبد المقصود وحاولنا معا أن نشرع في الكتابة ولكننا وجدنا الموضوع أوسع من أن يستقصيه شخص أو اثنان فأخذنا نتصل ببعض من عرفنا من الزملاء وكنا نؤمل أن نتضافر على دراسة الفكرة وكتابتها فاستجاب لنا بادىء الأمر أكثر من واحد ثم تراجعوا وتراجعنا مهزومين أمام ما يتطلبه موضوع البحث من جهد.

وعاودتني الفكرة فانطلقت أناقشها ، ما يمنعني أن أعالج الكتابة والبحث في حدود امكانياتي وإذا كان تاريخ مكة لم يدرس إلى اليوم دراسة عصرية مستوفاة فما يمنعني أن أخطو الخطوة الأولى لتكون تمهيدا لغيري؟

قلت لنفسي أن الأعمال لا تبدأ كبيرة قط ، وإذا ظللنا ننتظر ألا نخطو إلا مستوفين شروط الكمال فليس لهذا غير معنى واحد هو أننا لا نخطو.

كنت أعلم أن تاريخ مكة مغبون عند أكثر من أرخ من أسلافنا وليسوا ملومين على ما غبنوا فقد كانت النظرة الى تاريخ هذه البلاد اسلامية بحتة عنى فيها المؤرخون بهذه البلاد يوم كانت مهدا للعرب ، وعنوا بها عندما أنتجت سيد العرب صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كما عنوا بها في الفترة التي تعاقب فيها خلفاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم ما لبثت أقلامهم أن عرجت بعروج الخلافة الإسلامية الى الشام ثم إلى بغداد وتركت الحجاز دون أن تذكره إلا في مناسبات اقتضاها السياق والاستطراد.

__________________

(١) مقدمة الطبعة الأولى.

٩

وعند ما أرخ لمكة أهلوها لم تكن نظرتهم اجتماعية بقدر ما كانت دينية لهذا ظفرت الآثار والمشاعر واسماء الجبال المفضلة بما لم تظفر به ناحية أخرى من نواحي التاريخ.

وقد أرخ بعضهم للسياسة فسجل لنا حوادثها العامة واضطراباتها وأسماء من تولى الامارة فيها فكان له فضل في ربط العصور بأجزائها ولكنهم لم يكتبوا ذلك إلا متأخرين بدليل هذا الفراغ الهائل الذي نجده في حوادث أواخر العهد الأموي وأكثر العهد العباسي الأول والثاني فقد ضاعت على التاريخ حتى أسماء الولاة واشتد الخلاف حتى في ترتيب ولاياتهم وتواريخها.

وحتى هذا الصنف لم يعن فيما كتب عن السياسة بالدقائق التي تعني بها فلسفة التاريخ ، فقد كان يكفيه في أكثر الأحيان أن يذكر وقوع فتنة في مكة أو عرفات ويذكر اسم صاحبها وما انتهى أمره فيها دون أن يضطر إلى بحث الملابسات التي أدت الى نشوبها أو النتائج الدبلوماسية التي ترتبت عليها ، وليسوا ملومين في هذا فقد عاشوا في عصر كان وعيه العام يعني بأخبار الفتن ونتائجها في غلاء الأسعار وشؤون الاستقرار أكثر مما يعني بالدبلوماسيات أو علاقة البلد الواحد بمعاصريه من الحكومات والدول.

فنحن نقرأ في أكثر ما كتب مؤرخونا القدامى عن حوادث لها أهميتها في عهد الفاطميين أو العباسيين أو المماليك ، فلا نستطيع أن نستنتج علاقة هذه الحوادث بالدول إلا في النادر القليل بل يتعذر علينا أن نعرف علاقاتنا الصحيحة بهذه الدول! أكنا مستقلين عنها تمام الاستقلال؟ أو بعضه؟ أم كنا تابعين لها تبعية مباشرة؟

١٠

ولست بهذا أريد أن أغمط جهود هؤلاء المؤلفين أو أنكرها عليهم وهي ثابتة في ما خلفوه لنا من ذخائر نفيسة ، ولكني أريد أن أشير الى ما قلته عن الوعي العام الذي كان لا يعنى بما نعنى به اليوم من أبواب التاريخ.

أما نواحينا العمرانية والاجتماعية والعلمية والأدبية والفنية فتلك بحوث لا نجد لها ترتيبا يصح اعتماده والأخذ به لأن الوعي الذي ذكرت كان لا يأبه بتبويبه أو تنظيمه على أنه كان لا يرفض أن يصادفه ذلك في سياق أو مناسبة أو قصة يراد بها التسلية والترفيه أكثر مما يراد بها البحث والتسجيل.

إذن فنحن لا نستطيع أن نكتب عن تاريخ مكة كتابة ترضي جيلنا لأن ما نملكه من مصادر لا يصح اعتماده إلا في الأبواب التي كان يعنى بها أسلافنا.

قد نجد في خزائن التراث الإسلامي مطولات لا علاقة لها بمكة ولكن آفاقها الواسعة وفنونها المتنوعة تسوقها أحيانا إلى الاستطراد في شيء هام له علاقته بمكة فإذا استطاع المطلع أن يقتنص الاستطرادات من هذا النوع فإنه سيستنتج مادة لها قيمتها في الكتابة عن تاريخ مكة ولا يتيسر هذا إلا لمتفرغ يقضي سني حياته في القراءة واقتناص ما يصادفه فيها.

لهذا كان من رأيي أن يخدم التاريخ في مكة لجنة تعينها الحكومة وتهيء لها وسائل الاطلاع بصورة واسعة المدى.

مثل هذه اللجنة تستطيع أن تكرس جهودها إلى أعوام طويلة في مطالعة كل ما يصادفها من ألوان الكتب واقتناص جميع ما يفيد موضوعاتها حتى إذا اجتمع لديها في كل باب من أبواب التاريخ ذخيرة صالحة استطاعت تنظيمه وتبويبه وتكليف كل عضو بكتابة ما تخصص فيه.

١١

كل هذه أشياء قدرتها قبل أن أبدأ في كتابة التاريخ ، وكاد مفعولها يثبط في عزيمتي لولا أن أهبت بنفسي بأن لا بد من الخطوة الأولى وأن استيفاء جميع شروط الكمال لا يعني إلا الاخلاد إلى الانتظار الممل.

كنت أقرأ في فترة مبكرة من حياتي ما يصادفني ثم أدون ما استنتجته فيما يشبه المذكرات بعد أن أضيف إليه اسم الكتاب وصاحبه فاجتمعت لي معالسنين مدونات لا حصر لها من جميع الألوان غثها وسمينها.

ما كنت أدونها لأن فكرة التأليف مختمرة في رأسي تماما ـ وان كانت قد راودتني ـ بل لأن احساسا عميقا يزين لي تدوينها كما يزين لغاوي العاديات اقتناء القطعة من النسيج الأثري أو النقد القديم ليشبع احساسه في ما يقتني.

وغابت هذه المدونات عن عيني طويلا وشغلت عنها بشؤون كثيرة في الحياة حتى رأيتني فجأة أستيقظ من حلمي وأعقد العزم على كتابة تاريخ لمكة أستوفى فيه ما أملك من جهد لتكون خطوة أمهد بها لمن يستوفي شروط الكمال بعدي.

هذه كلمة كان لا بد لي أن أقولها كفاتحة لما أنشره ليدرك القارىء أنه ليس في امكاني غير ما بذلت وأنه إذا تراءى له ما يتراءى فليجرب حظه في تأليف جديد يستوفي فيه الامكانيات التي لم أستوفها ويساهم به في خدمة عامة مساهمة فعالة ، تهدف الى البناء والانتاج أكثر مما تستهدف الى شيء آخر!!

ولا شك في أن ما يكتبه الكاتب بعدي سيمتاز بجودة الخطوة التالية وحسبي أني مهدت له السبيل وأيقظت فيه فكرة البحث.

وبعد فليس لدي ما أقوله بعد هذا إلا كلمة أخيرة أريد ألا تفوتك : ذلك

١٢

أنى عندما اعتمدت الكتابة في تاريخ مكة كان لا بد لي أن اعتمد ـ كمصادر للكتاب ـ تلك المدونات التي عشت في جمعها وقد سهلت علي تلك المدونات أعمالي لأنها أغنتني عن مراجع كان يجب أن تتقاضاني عمرا جديدا خشيت ألا أعيشه لأبدأ كتابتي بعده إلا أنني وجدتني أخيرا مطالبا بصفحات تلك المصادر لأجعلها في الهوامش تمشيا مع الطريقة المستحدثة ، ولم يكن في مدوناتي إلا أسماء الكتب وأصحابها ، لأن العهد الذي جمعتها فيه لم تكن قد شاعت فيه طريقة تسجيل الصفحات فتحيرت في الأمر ، ولم أجرأ على استئناف مطالعة ما قرأته من قبل خشية نفاد العمر قبل انجاز ما أردت فاكتفيت بذكر المصادر في الهوامش دون الصفحات وفعلت مثل هذا في شأن المصادر التي طالعتها مؤخرا لتكون الوتيرة الواحدة ثم ما لبثت أن غيرت رأيي عندما حاجني زميل من نوابغ كتابنا وأطلعني على مؤلف تاريخي حديث للمؤلف الدكتور طه حسين اكتفى فيه بسرد مصادره في نهاية الكتاب فرأيتني أتأساه وطابت نفسي لمتابعة منهجه فألغيت المصادر من هوامش الصفحات وأدرجتها في نهاية الكتاب وأسأل الله أن يجعل خطوتي في كل ما بذلت مسددة انه الهادي الى سواء السبيل؟

أحمد سباعي

١٣
١٤

والآن (١)

عندما نفدت الطبعة الأولى بحمد الله ـ في أقل من المدة التي كنت أقدر لها النفاد فيها تضاعف الطلب على الكتاب فرأيتني مطالبا باعادة الطبع وأن أؤجل كتابة الجزء الباقي عن تاريخ العهد السعودي الحاضر لأنه عهد مشاهد صالح لتأجيل الكتابة عنه الى سنوات وسنوات.

وبلغ بعض المحققين عزمي على اعادة الطبع فكتب الي الأستاذ عبد القدوس الأنصاري عن رأيه في ترتيب بعض فصول الكتاب ، وكتب الي السيد هادون العطاس يقترح بعض ملاحظات رآها في كتابتي عن العهد الفاطمي كما كتب الي الأستاذ عبد الله المزروع بما لاحظه في كتابتي عن بعض العصور المتأخرة. كما لاحظ الأستاذ عبد الله عبد الجبار والأستاذ ابراهيم فلالي ـ رحمه‌الله ـ بعض نقاط في الكتاب كانت احداها تتعلق بمذهب القرامطة والأخرى تتعلق بالأمثال والحكم في العهد الجاهلي فأعرت جميع ذلك انتباها خاصا وراجعت في شأنه المصادر التي تعينت مراجعتها فأصلحت ما تراءى لي ضرورة اصلاحه. شاكرا لهم دقتهم في الملاحظة وعنايتهم بي.

وفي إحدى رحلاتي الى الرياض زرت العلامة المحقق الأستاذ حمد الجاسر في بيته مؤملا أن أسمع رأيه فيما بدا له من ملاحظات في الطبعة الأولى فوجدته يحتفظ بثبت أدرج فيه ما لا حظه علي للطبعة الأولى فقدرت له هذه العناية وأكثرت اخلاصه للفن بعد أن تسلمت منه الثبت.

__________________

(١) مقدمة الطبعة الثانيه.

١٥

وساقني الثبت الى مراجعة المصادر اللازمة له وبالرغم من كوني تحيرت في التوفيق بين بعض هذه المصادر إلا اني انتفعت بالكثير واستطعت أن أضع يدي على أخطاء تعين على اصلاحها على ضوء تلك المصادر فأقدم له جزيل شكري.

وكنت قد اعتذرت في الطبعة الأولى لأني اعتمدت في كتابة الفصول التاريخية على مدونات عشت أجمعها مما أقرأ «راجع مقدمة الطبعة الأولى» وهي لا تبين إلا أسماء الكتب دون صفحاتها فاضطررت لدرج أسماء المصادر في نهاية الكتاب دون أن أذكرها وأرقام صفحاتها في هامش كل صفحة مما كتبت. والآن وقد عدت لتهذيب الكتاب استطعت أن أعين الأرقام في الجديد الذي قرأته وأن أبحث ما أمكنني عن أرقام مصادري القديمة فأدرجت هذا أو ذاك في هامش الصفحات ، أما ما عجزت عنه فلا حيلة لي فيه وقد اكتفيت بذكر مصادره في نهاية الكتاب.

ولقد بذلت من جهد المقل ما أمكنني لهذه الطبعة فحذفت فصولا برمتها وكتبتها من جديد على ضوء ما تراءى لي كما أني أضفت زيادات اضطررت للتوسع فيها واستغنيت عن صفحات ظهر لي ضرورة اقتضابها وكنت أتمنى لو تهيأت لي أوقات أطول مما وجدت أو ساعدتني الفرص فضمتني الى لجنة أتخصص واياها في كتابة الموضوع واستقصاء جوانبه بأكثر من الشمول الذي يستطيعه شخص واحد مثلي ولكني لم أظفر بشيء من ذلك فاكتفيت بما استطعت تقديمه وأنا أؤمل للمرة الثانية أن يكون فاتحة بحوث جديدة تكلف بها لجنة خاصة يتوافر لها من الوقت والمال والكفاءة ما يجعلها تهدي التاريخ صفحات أفضل مما استطعت تقديمه.

١٦

الخطوة الثالثة (١)

وها أنا اليوم بعد أن نفدت نسخ الطبعة الثانية أجدني في حاجة لأن أعيد طبعه للمرة الثالثة بعد أن حاولت تهذيبه ما أمكنني .. ولا أنسى أن أقدر للمشجعين والقراء ما أولوني من عناية ساعدت على نفاد الكتاب من الأسواق في أقصر وقت كنت أؤمله .. والله أسأله التوفيق والسداد؟

__________________

(١) مقدمة الطبعة الثالثة.

١٧
١٨

مقدمة الطبعة الرابعة

عندما نفدت نسخ الطبعة الثالثة من هذا الكتاب من سنوات كان عليّ أن أبادر لا عادة طبعه سدادا لحاجة السوق ، ولكني تباطأت في ذلك لعجزي عن الوفاء فأنا لا أرى اعادة طبعه دون أن أعيد النظر فيه بالزيادة أو الحذف أو التنقيح ولكن تقدمي في السن واعتلال صحتي هيآني للخمول إلا أن الأستاذ الكبير : ابراهيم أمين فودة رئيس نادي مكة الثقافي ، وبمساعدة الأستاذ : فائق الصواف ، رأيا أن لا بد من اعادة طبع الكتاب وأبديا استعداد النادي لطبعه وأن يلتزما بالاشراف على كل ما يلزم لذلك من ترتيب دون ان يكلفاني أي نشاط يرهقني ، فحمدت لهما هذا العزم وأكبرت للأستاذ ابراهيم أمين فودة عنايته ونبله ، وتراءى لي بعد هذا أن أستعين بمؤ رخنا المعروف الأستاذ : أحمد علي أسد الله ليتفضل بمراجعة الكتاب نيابة عني فهو من خير من درس هذه الحقبة الطويلة من تاريخ مكة وله جولات واسعة في نشر الفصول التي كان يترجمها مما كتبه المستشرقون عن أمراء مكة في التاريخ ، فكان سعادته عند حسن الظن فما كدت أرجوه لمراجعة الكتاب وأفوضه فيما يراه من زيادة أو حذف فيه أو تنقيح ، حتى لبى طلبي بصدر واسع وهمة أنا عاجز عن تقديرها وشكرها.

فإذا أبرز الكتاب اليوم في طبعته الرابعة فليذكر القارىء أنه كان نتيجة جهود غيري من أصحاب الفضل ... كان نتيجة جهود الليالي الساهرة التي أرهقت أستاذنا : أحمد علي أسد الله والتي أبى أن يقبل لقاءها أي جزاء رغم الحاحي الشديد .. كما كان نتيجة جهود نادي مكة الثقافي ، وعلى رأسه سعادة رئيسه الشيخ ابراهيم أمين فودة ، الذي أصر على تجنيد من يلوذ به في النادي ليظهر الكتاب

١٩

في ثوبه الجديد الذي أؤمل أن يرضى قارئه .. كما لا يفوتني أن أذكر بالشكر دار مكة للنشر والتوزيع التي أسهمت بجهدها في اخراج هذا الكتاب لهذه الطبعة ، وأخص بالشكر صاحبها الأديب المؤرخ النسابة الأستاذ : عاتق بن غيث البلادي ، الذي أجزته في اضافة ما يراه من تعليقات على الأماكن ونحوها ، رمز لها بحرف (ع) ...

وللجميع مني الشكر والتقدير ومن الله أسأل العون والتوفيق.

أحمد السباعي

٢٠