الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

محمّد كرد علي

الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

المؤلف:

محمّد كرد علي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-344-6
الصفحات: ٢١٥

منازلهم ، ثم شرفا معا في الساعة الثامنة (نزل غاسمان) ، وكان المدعوون وقتئذ مجتمعين في النزل المذكور ؛ لتناول طعام العشاء بحضور الزائرين الكريمين ، فتصدر في صدر المائدة الفاخرة دولة القائدين العظيمين وعن يمينهما صاحبا الدولة ، والي بيروت عزمي بك ، وعلى منيف بك متصرف لبنان والقواد وأركان الحرب وقناصل الدول المتحابة ، وبقية المدعوين من علماء وأشراف وسراة ، والكل متلذذ بالنظر إلى ذلك الوجه الصبوح الذي جذب الأفئدة بمغناطيس عطفه ولطفه.

ومما يذكر من ذكاء القائمين بتنسيق هذه المائدة وانتباههم إلى مراعاة الأحوال الحاضرة ، أنهم وضعوا لصنوف المآكل أسماء جديدة من أسماء المواقع التي جرت فيها الحروب كقولهم : شوربة أنا فورطة ، بورك ٤٢ ، سمك سد البحر ، فواغر الدردنيل ، لقمة الأهرام ، مهلبية القنال ، وما يشبه هذه الأسماء مما كان له التأثير الجميل في نفوس المدعوين.

وفي منتصف الحفل نهض والي بيروت وفاه بخطاب جليل عدد فيه مآثر دولة أنور باشا وما له من الأيادي البيضاء على الأمة وهذا هو بنصه الشائق :

محترم باشا حضرتلري

مملكتك حياتي مسائلنده كي مجادلاتنده خارقه لر كوسترن ذات فخيمانه لرينه بيوك بر عشق وحرمت ايله مربوط اولان بير وتليلرك تقديسلريني كندي تعظيملرمله برابر تقديمه موفقيتمدن مفتخرم.

سكز سنه اولندن باشلايه رق شمدى يه قدر دوام ايده كلن مجادلات وطنيه كزك هر برنده مملكتك سعادتني تأسيس وجناق قلعه معجزه لر وخارقه

٤١

لر كوستره رك استحصال بيورديغكز صوك موفقيلته ده عثمانليلغي واستلاميتي قورتارديكز ، وطنداشري منتدارايتديكز.

ذات اقدس حضرت بادشاهي يه وكالة باش قوماندانلغني در عهده بيورديغكز عثمانلي اوردولري حدودلرك هر طرفنده شان وظفر استحصال ايتدكجه عثمانلي تاريخنك هركون بر صحيفه سي تزين ايتديكنى كورن عثمانليلر وبالخاصه بيروتليلر داخلده دخى اقتصادي واجتماعي غالبيتلرك استحصالي ايجون ذات سامئ قومانادانيلزينك اثرينه تبعيتده كجيكمديلر.

ملت ومملكتك سعادتي اغورنده دوكديكي قانلرك تأمين ايتديكي فوائدك ادامه سي هر حالده داخلده دخى غالبيتك تأسيسنه متوقف اولديغنى بزه هر صورتله كوسترن اوردولرمزه وبالخاصه بوايشلرده بيوك انقلابلر يابان دردنجى اوردومزه ومحترم قومانداني جمال باشا حضرتلرينه مديون شكران اولديغمزي عرض ابتمكي وظيفه دن بيليرم.

باشا حضرتلري : سزيالكز حدودلرده تأمين ظفرله قالمديكز حرب اثناسنده تنظيم ايتديككز فابريقه لريكزله ، صنايعكزله ، ديكر مؤسساتكزله ، خلاصه بتون فعالياتكزله هر طرفده حربدن صكره تعقيب ايده جكمز خطوط اساسيه يي جيز ديكز وبزه ده توقى يوللريني آجديكز ، بو صورتله ملتك شكر ومنتني تضعيف ايتديكز.

باشا حضرتلري : باشلرنده بك معزز ومقدس بادشاهلريني واوكلرنده ذات فخيمانه لريله رفقاي كرامكز كبي متين اللري وفداكار وطنبرورلري كورن بو ملت ، دائما مسعود ياشايه جغنه ايمان ايدرك وطيفه أصليه سنى ايفادن

٤٢

وهيج برفدا كارلقدن جكينمه ين وهر بريننك مملكتده ديكر بر سعادتك حصولي ايجون ويرلديكنه قناعت ايدن بو ملت ، امرلر كزى بيوك بر شوق ومسرتله ايفايي هر زمان وظيفه بيلير. رفقاي محترمه لري آرهسنده متفقمز ايكى معظم ملته منسوب ذواته براراده كجير ديكمز بو كيجه بزده قيمتدار خاطره لر براقدي. بك تاريخي بركون ياشايان بيروتليلره بيوك بر شوف بخش ايتديككزدن دولايي عرض شكران ايدر وبالعموم رفقاي محترمه كزله عرض خوش آمدي ايلرم.

بزم ايله برابر حق وحيات يولنده مجادله ايدن متفقلرمز آلمان وآوستريا وبلغار ملتلرينك تمادئ موفقيت وسعادتلرينه ومحترم ايمبراطور وقراللري حضراتنك صحت وعافيتلرينه دعا ايله سوزمه ، هركون عثمانليلر ايجون بر سعادت اولان سوكيلي بادشاهمزك صحت وسلامت وموفقياتي تمنياتيله خاتمه ويريرم.

تعريب خطاب عزمي بك والي بيروت

حضرة الوزير الخطير

إنني أفتخر بأن وفقت لتقديم تعظيماتي الخاصة وتقديس أهالي بيروت المتعلقين باحترام وشغف عظيمين نحو ذاتكم الفخيمة التي أظهرت الخوارق في كل ما له مساس بمسائل حياة المملكة.

أسستم بالمساعي الحثيثة الوطنية التي ابتدأت منذ ثماني سنوات ، واستمرت إلى الآن سعادة المملكة في كل ضرب من ضروبها ، وخلصتم العثمانية والإسلام كل الخلاص بفضل التوفيق الأخير الذي أحرزتموه في جناق ، قلعة مظهرين

٤٣

بذلك المعجزات والخوارق وقلدتم إخوانكم في الوطنية قلادة من المنة ، والشكر لكم.

أما الجيوش العثمانية التي أخذتم على عاتقكم رئاسة إدارتها ؛ وكالة عن الحضرة السلطانية المقدسة ، فإنها كلما كتب النصر لأعلامها في كل جهة من الحدود يغتبط القوم ويزيدوا حمية ، فإن العثمانيين عموما والبيروتيين خصوصا الذين يرون كل يوم تزيين صحيفة في التاريخ العثماني منها لم يتأخروا عن اقتفاء أثر دولتكم لاستحصال الغلبة الاقتصادية والاجتماعية في الداخل.

وإنني أرى من الواجب أن أعرض على مسامعكم بأننا مدينون بالشكر لجيوشنا التي أظهرت لنا من كل وجه بأن بقاء الفوائد التي نتجت عن إهراق دمائها في سبيل سعادة الأمة والمملكة تتوقف ـ بلا ريب ـ على تأسيس الغلبة في الداخل ولا سيما الجيش الرابع الذي قام بانقلابات عظيمة في هذه الأعمال ، ولحضرة جمال باشا قائده المعظم اليد الطولى فيها.

أيها الوزير ، إن أعمالكم لم تقتصر على تأمين الظفر في الحدود فقط ، بل قد رسمتم لنا في أثناء الحرب بما نظمتموه من معالمكم وصنائعكم وغيرها من المعاهد بكل ما رزقتم من مضاء الخطوط الأساسية التي سنتبعها بعد الحرب في عامة الجهات ، وفتحتم لنا طرق الرقي ، فضاعفتم بذلك شكر الأمة وامتنانها.

يا صاحب الدولة ، هذه الأمة التي فوق رأسها مثل سلطانها المعزز المقدس ، وأمامها مثل فخامتكم ورفاقكم الكرام الأقوياء الساعد ، المتفانين في الوطنية تعتقد كل الاعتقاد بسعادتها في هذه الحياة ، فلا تتأخر عن القيام بواجبها الأساسي ، ولا عن أي مفاداة كانت ، كما أن كل واحد منها يكون على ثقة من أنه

٤٤

نفض عنه غبار الموت للحصول على سعادة غيرها في الوطن. هذه الأمة تعتبر أن إنفاذ أوامركم عن رغبة وسرور منها من أقدس واجباتها كل حين.

إن هذه الليلة التي قضيناها بين رفقاء دولتكم المحترمين المنسوبين لدولتين من أعظم الدول قد تركت لنا ذكرى ذات شأن عظيم ، وإنني أعرض شكري لمنحكم بتشريفكم البيروتيين شرفا عظيما إذ رأوا فيه يوما تاريخيّا باهرا ، وأرحب بجميع رفقائكم المحترمين.

وإنني أدعو بدوام توفيق أمم حلفائنا الألمانيين والنمسويين والبلغاريين وسعادتهم ممن يحاربون معنا في سبيل الحق والحياة وبعافية وصحة حضرات قياصرتهم وملوكهم ، وأختم كلامي بالتضرع لتوفيق سلطاننا المحبوب وصحته وسلامته ، فإن كل يوم من أيامه هو سعادة للعثمانيين.

ثم تليت قصيدة الأستاذ محمد أفندي الكستي وهي :

السعد هلل في الوجود وكبرا

واليمن من أفق الأماني أسفرا

بشراك يا بيروت قد نلت المنى

ومن الفخار بلغت حظا أوفرا

إني أراك الآن مطلع كوكب

بل هالة ضاءت ببدر «أنورا»

بطل الوغى المغوار قائد الدولة

بالنصر كللها الآله وأزرا

فازت بنو عثمان منه بأبيض

ذاقت به الأعداء موتا أحمرا

وغدا به الوطن العزيز محصنا

بقوى النفوس وبالحديد مسورا

أهلا بأنورنا وصهر مليكنا

رجل العلى والحزم بل أسد الشرى

وافيت بيروت التي فيها سرى

سر «الجمال» بحكمة لن تنكرا

وغدت أهاليها بأعظم راحة

بالحمد تلهج منة وتشكرا

٤٥

ذاك الرفيع القدر قائدنا الذي

من حكمه روض العدالة أثمرا

متفقدا شأن البلاد بهمة

أرضى العباد بها وراض العسكرا

لا زال بدر السعد «أنور» مشرقا

«وجمال» وجه العز فيا مسفرا

والشكر نهديه لوالينا الذي

أفق الولاية من سناه أقمرا

ذو الفضل «عزمي» الشهم من أقواله

بالصدق ثابتة ولن تتغيرا

لسنا نوفي حقه بالمدح لو

عشنا سنينا في الوجود وأشهرا

الله صان الدردنيل بقوة

من جيشنا المنصور دام مظفرا

والروس منا ذاق طعم الويل في

قفقاسيا لما طغى وتكبرا

وعلى العراق بدت طلائع فوزنا

والكل أضحى بالمنى مستبشرا

فوز به طاف السرور بطيبة

وتهللت فرحا به أم القرى

لكن مصر وما يليها لم تزل

تشكو وكادت أن تميد وتضجرا

تدعو الهلال لكي تعيش بظله

من قبل أن تقضي أسى وتحسرا

يا رب كلل بالنجاح رءوسنا

واجعل لنا الأمر العسير ميسرا

واحفظ لنا سلطاننا وأدم له

نصرا بجاه نبينا خير الورى

ثم نهض الشيخ علي العشي شيخ السجادة السعدية في بيروت ، وتلا ما يلي :

يا مرحبا بسراة أينما ساروا

يسر السرور فيالله أسرار

وأينما نزلوا بل حيثما رحلوا

تظلهم من سنا المختار أنوار

الله أكبر ما أحلاه محتفلا

يزهو «بأنور باشا» فهو تذكار

فتى من «الترك» محبوب تعشقه

«عرب»«ونمسا»«وألمان»«وبلغار»

ويزدهي «بجمال» الدين أحمد من

دلت على فضله المأثور آثار

كما ازدهى بعلى والي ولايتنا

«عزمي» فتى الحزم قوّاد ونظار

٤٦

لا سيما «فخري باشا» من به افتخرت

بين البرية ابرار وأحرار

قواد حرب لإعداد القوى خلقوا

وما عليهم وهم للدين أنصار

فليخش مولاه من أضحى يناصبهم

شر العداة فإنّ الله قهار

كم مرة أنقذونا من مخالب من

فينا استبدوا وفي أحكامهم جاروا

يا أمة الإنكليز اليوم يومك في

قنال مصر فمصر اليوم أمصار

دعي القنال فما هذا الجنون أما

كفاك في «الدردنيل» الخزي والعار

يا مصر غني ابتهاجا وارقصي طربا

وليهن فيك بسكنى الدار ديار

وافاك «مولاك» والأعلام خافقة

والسيف والرمح خطار وبتّار

يا آل بيروت أمسى اليوم موطنكم

يتيه فخرا وإعجابا بمن زاروا

لله «أنورهم» قلبا «وأحمدهم»

فعلا «وعزميهم» صدقا إذا ساروا

بالحزم والعزم قد سادوا وكلهمو

في السلم والحرب مقدام ومغوار

تبارك الله ما أزكى شمائلهم

كأنهم في سماء الكون أقمار

أهلا بهم ما تجلى نور «أنور» في

آفاق بيروت وازدانت بها دار

فليحي سلطاننا المحبوب في دعة

تحوطه من إله العرش أنظار

وليبق صهر أمير المؤمنين لنا

حصنا حصينا إليه يلجأ الجار

وليبق سيف «جمال» بيننا حكما

به تردّ عن الأوطان أخطار

ودام «عزمي» علينا «واليا» أبدا

يحميه جيش من الأملاك جرار

ودام جيش بني عثمان منتصرا

ما أينعت من رياض العز أثمار

ثم فاه حسن أفندي بيهم من فضلاء بيروت بخطاب قال فيه :

٤٧

أحمد الله على نعمائه ، وأصلي وأسلم على صفوة أنبيائه ، وأخلص دعائي إلى سيدنا ومولانا أمير المؤمنين حامي حمى الدين المبين صاحب الخلافة الإسلامية العظمى والسلطنة العثمانية الكبرى ، السلطان ابن السلطان السلطان الشوروي الغازي محمد رشاد خان الخامس ، أيده الله وأدام ملكه ونصر جنده وأعزّ فلكه ، آمين ، اللهم آمين.

أما بعد :

أيها الوزير الخطير ، لما أراد الله الخير بالممالك المحروسة يسر لها رجالا كراما مجددين ، أوقفوا أنفسهم في سبيل اتحادهم وترقيها ، فأنالوها نعمة القانون الأساسي ، وإلغاء الامتيازات الأجنبية ، وساروا بها إلى معالي النجاح والفلاح ، وما الكرام المجددون إلا أنتم أيها الهمام ، ورجال الدولة الفخام ، وأمراء الجيش المظفر ، أخص منهم بالذكر البطل المقدام والمدبر السياسي حضرة أحمد جمال باشا ناظر البحرية حفظه الله ، فالعثمانيون كافة يرددون آيات الشكر والثناء ؛ لأنكم جعلتم لهم ذكرا ومقاما في مصاف الأمم الراقية ، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

نشبت الحرب الحالية ، فأعددنا لها العدة اللازمة دفاعا عن كياننا بهمة أصح وصف لها أنها همة أنورية ، ولكن أبى الأعداء إلا البغي والعدوان ، فقد باغتونا وحاولوا النزول على ضفاف البوسفور كأن لم يسمعوا إنشاده بهديره :

بأنور والأجناد أني ممنع

ولمس الثريا من ضفافي أقرب

جموع الروس تأذننا بحرب

ليدرك نسرهم أفق الهلال

فلما طار أيقن أن هذا

محال في محال في محال

٤٨

يريدون أن يطفئوا نور الله بأيديهم ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.

أراد الأعداء المتفقون إرواء مطامعهم بامتلاك حوزتنا ؛ معتقدين تخيلا ووهما بأن العثمانية هي الرجل المريض ، ولكننا صححنا اعتقادهم هذا ، وأفهمناهم بلسان سيوفنا ودوي رصاصنا ولعلعة مدافعنا أن العثمانية هي الرجل الصحيح ، وأنهم هم المرضى.

فخضنا غمار الحرب والحرب دأبنا

دفاعا عن الإسلام والملك والوطن

أما الحرب فنحن أحق بها وأهلها ؛ لأنا قوم أحرص على حب الاستشهاد من الأعداء المتفقين على حب الحياة.

ونحن أناس لا توسط بيننا

لنا الصدر دون العالمين أو القبر

ونحن أناس لا نرى الموت سبة

وما ضرنا موت إذ جاءنا النصر

وتلك أيام الدردنيل أعظم شاهد ودليل أيام ، أنزل الله نصره على الجيش المظفر ، فتم له النصر المبين على أقوى قوى دول البر والبحر مما ليس كمثله في تاريخ الأولين فيا لله هذا الجيش ، ويا لله وكيل قائده العام وجوهر روح بسالته أنور باشا هذا. هذا الذي أثبت لعالم المشرق والمغرب أن الأمة العثمانية لم تزل معززة حية ؛ لأنها ترى أن عز الممات خير وسيلة لسعادة الحياة ، وسيبقى الظفر حليفنا ، وحليف حلفائنا البواسل ـ إن شاء الله ـ حتى تضع الحرب أوزارها ، ويومئذ يعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

إن يومنا هذا له ما بعده.

يوم سيركم وأخاكم الجمال والجيش المظفر ، متكلين على الله لنجاة إفريقية العثمانية الإسلامية من أيدي الغاصبين ، وترون الملايين من أهلها لكم بالانتظار

٤٩

أحياء لميت آمالهم ، يسر الله لكم هذا ، وأعانكم على إنقاذ قفقاسيا وآسيا الوسطى فما بعدها من البلاد الإسلامية ، حتى يتم للمسلمين كافة حيثما وجدوا الانضمام إلى السلطنة العثمانية الكبرى سياسة وإدارة كما هم منضمون ومرتبطون بعرش الخلافة الإسلامية العظمى قلبا ودينا ، وما ذلك على الله بعزيز.

أنوار أنور في بيروت مشرقة

أهلا بأكرم مولى شرف الوطنا

أهلا أهلا يا مولاي ، تالله لقد قرت عيوننا بتشريفكم ربوعنا ، وأنا لنباهي بالترحيب بركن من أعاظم أركان الدولة ، وساعد قوي من سواعد الإسلام نرحب بكم ، ولكم في قلوبنا اسمى منزلة ، نرحب بكم معجبين بأعمالكم الباهرة ، فلطالما اقتحمتم المصاعب ، وعرضتم حياتكم الثمينة في سبيل الدين والملة.

فالله يبقيك لنا سالما

برداك تعظيم وتبجيل

لا أزيدكم علما ـ أيها الوزير الخطير ـ أن البيروتيين جميعهم على اختلاف المذاهب والطبقات من أشد الناس إخلاصا وصدقا في العثمانية ، فهم بطبيعة هذا الإخلاص الصميمي يتشرفون بالعرض على مسامعكم السامية بأنهم جاعلون نفوسهم ودماءهم وأبناءهم ونفيسهم فداء وضحية في سبيل خطتكم المثلى ، معتقدين أن ذلك فريضة دينية بها يسعدون.

فمر تطع ، وأشر نمتثل ؛ لأنا موقنون أنّ حركاتكم وسكناتكم وحلمكم ومرتحلكم وأمركم ونهيكم ، كل ذلك لا تقصدون به إلا خير الإسلام وإعلاء شأن الدولة والوطن.

سعيت إلى الإسلام خيرا ومن سعى

لإعلاء دين الله لا شك ينصر

٥٠

يناديك واغوثاه مما ألمّ بي

فناديته لبيك ها أنا أنور

وقفت على الأعداء ترتقب الردى

ففروا وفرّ الموت خذلان ينظر

وإن جمالا بالعلى لمكمل

وأحمد محمود الصفات موقر

فدوما لعز الملك ركنا وموئلا

شعاركما الإسلام والله أكبر

بظل أمير المؤمنين رشادهم

مليك به الأجناد يغزو فتظفر

ثم نهض صاحب الإقبال عبد الباسط أفندي الأنسي ، وفاه بخطاب موجز كما يلي

يا حضرة الوزير الخطير والقائد الكبير :

شرفتم بيروت ، فزرتم ديارا لا تزال تذكر قدومكم إليها منذ أعوام ، حينما قصدتم إنقاذ الأمة الإسلامية في برقه وطرابلس الغرب ؛ حيث مدت إليها يد العدو الأثيمة.

شرفتم اليوم بيروت ، وصوت الإسلام يناديكم من مصر : إنني في ضيق وضنك ، فانقذوني وطهروا هذه الديار من العدو كما طهرتم أرجاء عاصمة السلطنة من الأسافل الخونة.

شرفتم الديار السورية ، والنفوس تطير شعاعا لمشاهدة محياكم «الأنور» وقد ملئت القلوب محبة لذاتكم الكريمة. وقليل الأمراء الذين يعرفون كيف يملكون القلوب ويستأسرون الأفئدة.

يا دولة وكيل القائد الأعظم :

٥١

إن في سوريا نفوسا لا ترى الحياة إلا بصدق الولاء للدولة الإسلامية العثمانية كيفما كان حالها. فكيف يكون اليوم مبلغها من الصدق والإخلاص وهي ترى من شخص دولتكم إسلامية متقدة ، وحمية مدهشة ، وبسالة خارقة ، ومحبة صادقة.

أنقذتم منذ ثماني سنين ثلاثين مليونا من ربقة الاستبداد المحلي ، وأما اليوم فإنكم تنقذون ثلاث مائة مليون من المسلمين من ربقة الاستعباد الأجنبي.

وعليه ، فجدير أن يطلق على ذاتكم الكريمة في تاريخ الإسلام اسم «منقذ الإسلام من استبداد القرن العشرين».

يا سيف الدولة القاطع ، وبدرها الطالع :

إن الملة الإسلامية ، بل الأمة العثمانية التي أحييت فيها روح الجندية المقدسة ، وأيقظت في نفوسها معنى الجهاد الإسلامي الأكبر تعترف اليوم بعظيم فضلك ، وبعد نظرك ، وقوة حزمك ومضاء عزيمتك.

ولقد شاهد وفدنا السوري الذي كان ذهب إلى ساحة الحرب ليبلغ أبطال الأمة وقساورها تحية إخوانهم السوريين ما أقامته يداك الكريمتان من الاستعدادات العظيمة والقوى الهائلة مما تطمئن به القلوب وتنشرح له الصدور ، وقد عرفت الأمة الإسلامية ـ أعزها الله ـ أنها أصبحت قائمة على دعائم متينة من القوتين المادية والمعنوية.

وزيادة على هذا ، فإن التاريخ سيسطر لأركان وزارتنا الرشيدة على صفحاته البيضاء النقية بأحرف من نور ، عملا يفوق كل عمل ـ وهو تجديد

٥٢

روح الاتحاد الإسلامي ، وإيقاظ الأمة الإسلامية إلى أن التضامن من الدين الذي يكفل بقاءها ويحفظ كيانها من تعدي الأعداء.

إنني أتكلم اليوم أمام دولتكم باسم الصحافة العثمانية ، وهي التاريخ اليومي الذي يسجل هذه الآثار الخالدة ، وأجاهر مفاخرا بأنكم أنقذتم الصحافة العثمانية ـ من تلويث صفحاتها بذكر ما يؤلم من الوقائع التي كانت تمر على الأمة العثمانية بسبب أعمال القائمين بإدارتها من قبل.

حياك الله أيها القائد الكبير وحيا الله رجل الوطن ، وروح الجيش صاحب الدولة قائد الجيش السلطاني الرابع وناظر البحرية الجليلة.

يا دولة قائد الجيش السلطاني الرابع

إن أعمالك الغر الحسان التي ازدانت بها صحائف الأمة العثمانية قد عرفها كل فرد من أفراد البلاد السورية ويكفي الوطن فخرا أن يأتي بطل من أبطاله فيخرق التيه بأقل من سنة. مع أنه ضلّ فيه أقوام زهاء أربعين عاما ، هذا عدا عن أعمالك العمرانية الجليلة من فتح المدارس وتعبيد الطرق وإنشاء السكك الحديدية ومشارفة الكليات والجزئيات. والوقوف على شئون السكان الذين يسطرون لدولتك هذه الأعمال الغر على صفحات القلوب بمداد الحمد والشكر.

مولاي الزائر الكريم ، نور الأمة العثمانية

نرفع إلى معاليك واجب التحية ، وفريضة الاحتفاء باسم الصحافة السورية. الناطقة بعظيم فضلك ، وجليل نبلك ، ونحيي صحافة المحالفين لنا

٥٣

ولا سيما صحف الدولتين العظيمتين «ألمانيا والنمسا والمجر» بمناسبة قدوم القادة الأماثل الذين حضروا بمعيتك ، ونرحب باسم سكان الولاية البيروتية خاصة ، وباسم سكان المقاطعة السورية عامة جد الترحيب بقدومكم إلى هذا الثغر الباسم.

حياك الله يا دولة الوزير الخطير ، والقائد الكبيرن ، وحيا دولة قائد الجيش الهمايوني الرابع ، وأدام الله اللواء العثماني خافقا فوق رءوس العالمين ، في ظل مولانا الخليفة أمير المؤمنين ، وسندخل مصر إن شاء الله آمنين.

ثم بعد أن انتهى الطعام ، نهض كل من دولة القائدين والولاة الكرام والقواد والأركان إلى ردهات التنفس والاستراحة ، وبعد أن تناولوا القهوة انصرف المدعوون يرتلون آيات الحمد والشكر على القواد الأكارم ويثنون على أخلاقهم الفاضلة ، وما خصهم الله به من المكارم الجليلة والمزايا الحسان.

وفي الساعة السابعة زوالية من صباح الاثنين غص الجامع العمري الكبير بعلماء المدينة وأشرافها وأعيانها ، ولما أزفت الساعة الثامنة أقبل صاحبا الدولة القائدان وبمعيتهما فريق من الأركان الحربية إلى الجامع ؛ فاستقبلا أجل استقبال وقد زارا مقام سيدنا يحيى الحصور صلوات الله عليه ، وبعد الزيارة رفعت الأكف فدعا صاحب الفضيلة الشيخ عبد القادر النحاس خطيب الجامع دعاء بليغا بحفظ الدولة وظفر جيوشها وتوفيق قوادها لخير الأعمال ؛ فأمن الجميع على دعائه ، ثم بعد زيارة الضريح الشريف دخلا إلى حجرة «الشعرة النبوية الشريفة» التي فتحت لهما خاصة فقبلاها وكحلا أعينهما بها.

٥٤

عند خروج دولة القائد من الجامع ، تقدم فتى يبلغ التاسعة من العمر ، وتلا بين يديه بيتين من الشعر مكتوبين على لوحة من الورق ، وبعد تلاوتهما قدمهما إلى القائد المشار إليه ، فمنحه منحة ، وتلطف به غاية اللطف ، والغلام هو كامل أفندي نجل الشيخ سليم أفندي البابا معلم العلوم العربية في دار المعلمين وها هما البيتان :

إذا ما حلّ أنور في مكان

سمعت به صدى «الله أكبر»

وتسمع هاتفا في القلب نادى

يحل النصر حيث يحل «أنور»

ثم انطلقت الهيئة المعظمة من الجامع بين عزف الموسيقات وتصفيق الأهلين قاصدين دار الحكومة فتصدر القائد في البهو الكبير ؛ حيث اقتبل وفود الأهلين على اختلاف طبقاتهم ومعلمي المدارس وتلامذتها ، فكان ـ أعزه الله ـ يقابل كل واحد منهم بوجه بسام وأخلاق مرضية حتى سحر الألباب بباهي لطفه ورقة شمائله الحسان.

ثم في الساعة التاسعة وافى دولة وكيل القائد الأعظم وقائد الجيش الرابع مصحوبين بالقواد الكرام إلى ثكنة الفرسان ، وكان بانتظار دولتهما الأركان وهيئة بيروت المحترمة ، وعند وداعهما فاه الشيخ شفيق المولوي شيخ السادة المولوية بطرابلس الشام (١) بدعاء بتأييد دولة الخلافة العلية وتوفيق قوادنا الكرام فكان لدعائه وقع عظيم في النفوس.

__________________

(١) انتدبت حكومة طرابلس كلّا من عبد الحميد أفندي كرامي مفتي الفيحاء وشفيق أفندي المولوي شيخ الدركاه المولوية والشيخ عبد الكريم عويضة والشيخ عبد الله المؤذن ومحمود بك المنلا ومصطفى أفندي عز الدين وفؤاد بك الذوق ونور بك علم الدين وخالد أفندي يحيى وحسن بك العجم وقيصر بك النحاس وعبد الرحمن أفندي عز الدين ومصطفى بك الكنج ومحمد كامل بك البحيري لاستقبال دولة أنور باشا في بيروت.

٥٥

ثم سارت السيارات بين صدح الموسيقات والتصفيق الحاد من الألوف المنتشرة في تلك الساحات والباحات ، قاصدين «عاليه» ؛ لتناول الطعام ومنها إلى دمشق.

وقد أهدت بيروت تقدمة إلى كل من القائدين العظيمين قلم حبر دقيق الصنع مرصعا بالماس والياقوت منقوشا عليه (بيروت في شباط سنة ١٣٣١) كما أهدت لبقية الضيوف المحترمين أزرار قمصان من الذهب والألماس ؛ لتكون تذكارا إلى زيارتهم بيروت.

وفاضت أيادي عشيق الملة ، ورجل الدولة زائر بيروت الكريم أنور باشا المعظم بخمس مائة ليرة عثمانية ؛ لتوزع على فقراء المسلمين المساتير في بيروت.

وتفضل حضرة القائد العظيم دولة أحمد جمال باشا بأربع شاحنات من الحنطة ؛ لتوزع على فقراء بيروت المسلمين.

ومن جملة ما نالهم عطف الوزير أنور باشا فتى بيروتي في الثالثة عشرة من عمره اسمه مصطفى أفندي فروخ قدمه لدولته ولدولة أحمد جمال باشا حضرة أحمد مختار أفندي بيهم من أعيان بيروت الفضلاء وبيده صورتان مكبرتان باليد من رسمه صوّر بهما بطلي الإسلام أنور وجمال ، فصدر أمر وكيل القائد الأعظم أن يرسل هذا النابغة في فن التصوير إلى الأستانة ، وبعد أن يتغذى من العلوم اللازمة يرسل إلى أوربا لإتقان صناعته.

٥٦

أقوال الصحف البيروتية والشعراء

في قدوم بطل العثمانيين أنور باشا المعظم

قالت البلاغ : يستقبل البيروتيون اليوم أكبر رجل عسكري في المملكة العثمانية ، نعني به النابغة الكبير ، والوطني الخطير ، بطل الأمة والإسلام ، وهادم صروح الظلم والاستبداد ، صاحب الدولة والعطوفة

أنور باشا

وكيل القائد الأعظم ووزير الحربية الجليلة

ولا نظن فردا واحدا من أمم العالم بله الأمة العثمانية ، يجهل من هو أنور باشا وكم تتشوق الشعوب لمشاهدة محيا هذا البطل الممتاز بأخلاقه ومعارفه وشجاعته ووطنيته وإقدامه وتفننه في ابتداع الخطط الحربية والوسائل العسكرية ، فيحق للبيروتيين ؛ إذا أن يغتبطوا برؤية محياه الزاهر ، والاستمتاع بطلعته الزاهية.

ويجدر بنا وقد أصبح اليوم ضيف البيروتيين ، أن نأتي على نبذة صغيرة من أعمال هذا النابغة الكبير ، بطل الانقلابات السياسية في المملكة العثمانية ، وصاحب الوقائع الخالدة في الحروب الأخيرة.

إن أنور باشا بين العقد الثالث والرابع من العمر معتدل القامة ، صبيح الوجه ، يتلألأ نور الذكاء والدهاء على وجهه البسيم ، وتتجلى الشجاعة والبسالة بين عينيه البراقتين ، تتجسم المهابة في محياه الوضاء ، ويملأ الوقار طلعته البهية ، وقد تأصلت الوطنية الصحيحة في فؤاده الكبير منذ ذاق معنى

٥٧

الحياة ، وأخذت تجول في رأسه فكرة رقي الدولة وفلاحها منذ شبّ ونشأ ، لهذا يمكننا أن نقسم حياته العسكرية إلى أربعة أقسام :

١ ـ في إبان الانقلاب السياسي.

٢ ـ في طرابلس الغرب.

٣ ـ في الحرب البلقانية.

٤ ـ في نظارة الحربية والحرب الحاضرة.

١ ـ في إبان الانقلاب السياسي

ولا تتخيل فردا واحدا من العثمانيين نسى أو ينسى ما كان لدولة وكيل القائد الأعظم اليوم من التأثير الكلي في الانقلابين السياسيين الأول والثاني ، اللذين بدلا أوضاع الدولة العثمانية وجعلاها دولة دستورية مقيدة بعد أن كانت دولة استبدادية مطلقة ، لهذا نحن لا نطيل الكلام في هذا المقام ؛ لأن ذلك معلوم لدى الخاص والعام.

٢ ـ في طرابلس الغرب

ازداد نبوغ دولة أنور باشا ظهورا ووطنيته وضوحا بذهابه إلى طرابلس الغرب ، عقب إعلان إيطاليا الحرب ، وتحمله مشاق الأسفار مدفوعا إلى ذلك بميل فطري ، وولوع هائل بوطنه وبلاده التي يراد منها جميع الأقطار التي يخفق عليها العلم العثماني المقدس.

ولسنا الآن في صدد تعداد جزئيات الأعمال وكلياتها التي قام بها بطل الانقلاب الكبير في طرابلس الغرب ونواحيها ، وإنما نجتزئ بنشر شذرة صغيرة

٥٨

من مقالة ممتعة كتبها المسيو جورج ريمون في مجلة الالستراسيون يوم كان مراسلا حربيّا لها في طرابلس الغرب ، في أثناء الحرب الإيطالية وعربها البلاغ في حينها ، ومن خلال مطالعتها يفهم التأثير الذي تركه أنور باشا في نفوس العرب بطرابلس الغرب.

«إن تلك القوة السحرية التي تتلألأ في عيني أنور بك هي المحرك الوحيد الذي يدعو بواسل العرب إلى الاستماتة في الذود عن حياض العثمانية في صحاري طرابلس الغرب ، وقد لا حظت أن أمرا سريّا يدفعهم إلى اختراق الصفوف غير مبالين بإطلاق القنابل التي تقذفها عليهم الطيارات المحلقة في الجو ، فشرعت أسال نفسي عن ذلك السر ، فلم أقف على نتيجة رغم إعنات الفكر وشحذ الذاكرة ، بيد أنني لم ألبث أن أحطت علما بكل شيء ، وعلمت أن العرب في طرابلس الغرب مشغوفون ببطل اليوم ، ولعون بفتى الانقلاب العثماني وابن الثورة السلمية.

إن من يشارف الأمور بنفسه لا يلبث أن يقتنع بصحة الخوارق التي يحدثها أنور بك في أدرنة ، ولا أخال أحدا يحيد عن محجة الهدى إلا إذا كان مأفون الرأي ، فاتر الهمة.

هل يعقل أن إنسانا لم يزل في غضارة الحياة يقدر أن يجتني من أفانين السعادة والغبطة ما يلذ الخاطر يهجر وطنه ومقر غبطته للإقامة بقطر هو كالجحيم في حرارة جوه الجاف ، ومائه الأسن الممقوت.

٥٩

إن الذي يرى أنور بك وقد أطلق من لحيته وترك شعره مسترسلا على منكبيه معرضا وجهه لحرارة القيظ لا يلبث أن يميل الاعتقاد بأن هذا الرجل قلما يوجد مثله بين الناس ، وأنه يجدر بالإنسانية أن تباركه وتقدس اسمه».

ثم ذكر المراسل الحربي ما أحدثه هذا البطل الكبير من التأثير في نفوس العرب ، وما له من الاحترام العظيم في قلوب القوم. ثم قال :

«رأيت من أنور بك أمرا غريبا وهو تفقده الأحداث بنفسه ومشارفته أمورهم بمفرده ، وإني لأذكر أنه تقدم من طفل صغير هو أقل سنّا من بقية تلامذة المدرسة التي أسسها ذلك البطل ، فجثا على قدميه وأمسك الطفل بيديه ، وبعد أن نظر إليه قليلا ، قال له بلهجة يتخللها الحنو الأكيد :

هل أتقنت الأمثولة يا بني؟

فأجابه الطفل وهو لا يقوى على النطق :

أجل يا أبت ، تعلمتها عن ظهر قلب.

قال : فأسمعني إياها.

فأطبق الطفل عينيه ، وقال :

«الوطن هو طرابلس الغرب ولا راحة للإنسان إلا أن يدافع عن وطنه ، والعدو هو إيطاليا ولا يتمكن الضمير من الإخلاد إلى السكون إلا بفشل العدو ، ووالدي هو السلطان محمد الخامس ورضاء الوالد مقرون برضا الله ورسوله».

٦٠