الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

محمّد كرد علي

الرّحلة الآنوريّة إلى الأصقاع الحجازيّة والشاميّة

المؤلف:

محمّد كرد علي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: ١
ISBN: 977-341-344-6
الصفحات: ٢١٥

حلفوا أن يفوا لكم بالعهود

ومزيد الإخلاص بعض الشهود

إن هذه حقيقة ليس تنكر

يا بني الشام والعراق ومصرا

جاء وقت به التناصر يقرا

أذهب الله عنكمو اليوم عسرا

وحباكم على أولي البغي نصرا

بأسود يقودها الطود أنور

سار جيش لمصر يسعى أمامك

صل واشكر فالسعد أضحى أمامك

قم لحصد الرءوس جرد حسامك

ثم هيئ لفتحها أعلامك

فهي في ذمة الهلال المظفر

عن قريب نرى لواء الأماني

خافقا فوق عرشنا العثماني

ويعود الزمان تلو الزمان

بالمسرات مفعما والتهاني

ويعيش السرور والحزن يقبر

نسأل الله أن يديم انتصاره

لجنود قد أصبحت أنصاره

وإلى قطرنا يعيد النضارة

و «جمال» الزمان للسعد شاره

بحياة المليك والليث أنور

قصيدة الشيخ محمد بهاء الدين الصوفي

من فضلاء اللاذقية

سلام على عرش به الدين ناضر

وملك به الإسلام أضحى يفاخر

سلام على ذي البأس من حمى

بلادا بحزم وهو ناه وآمر

سلام على ذي القول والفعل أحمد

جمال الورى من منه طابت سرائر

سلام على الغازين ما لاح فوقهم

لواء أمام الأنبيا وهو ظافر

سلام على جند ابن عثمان إنه

لجند مهاب لم يرعه التكاثر

١٠١

سلام على الأبطال في ساحة الوغى

إذا اشتبك الجيشان شهم وصاغر

تحفهم عند الجهاد ملائك

وأحمد من أرض المدينة ناظر

جهاد بتكبير الإله مقدس

نفوس به ارتاحت وقرت نواظر

جهاد به روض المعارك أغبر

ولكنه بالنصر فينان زاهر

فيا أنور الدنيا ويا قائد الورى

ويا من له في كل خير مآثر

أمرت فلبتك البسيطة كلها

وجاءتك تسعى والجميع عساكر

فمرهم لتمزيق العدو فإنهم

أشداء عنهم قد توالى التواتر

أمولاي قد وافيت بيروت قاصد

حماية أوطان لك الله شاكر

ومذ قمت تنجي مصر من قبضة العدى

بك افتخرت مصر وحق التفاخر

كأنك والهيجاء يذكو لهيبها

عليّ ابن عم الهاشمي المصاهر

فجاهد بأعداء الإله فأينما

توجهت فالله المهيمن ناصر

ويا أحمدا زان البلاد جماله

تأهب إلى مصر فتم التناصر

فأنت عقود الجيش كالدر ناظم

وأنت طلي الأعداء بالسيف ناثر

كأنك في خوض المعامع خالد

إذا سرت سار النصر وهو مجاور

وفضلك في الآفاق كالشمس في السما

ولا ينكر الأضواء إلا المكابر

أجيش بني عثمان دمت مظفرا

حسامك بتار وشانيك خاسر

لك الله من جيش عظيم عرمرم

له بانتضاء المرهفات أشائر

حييت أمير المؤمنين معززا

لواؤك مرفوع وملكك عامر

ودمت لهذا الملك ركنا موطدا

تحافظه من كل باغ يماكر

ألا أيها القواد أهلا بجمعكم

فإنكم قوم كرام أكابر

على الطائر الميمون سيروا وجاهدوا

ففي مثل هذا الوقت تحلو المخاطر

١٠٢

وكونوا على القوم اللئام صواعقا

تدك حصونا قد بناها أصاغر

وعودوا إلى الأوطان والعود أحمد

بنصر مبين فيه تسمو المفاخر

وها أنا باسم الأذقية ماثل

أودعكم والشوق للعود وافر

قصيدة الشيخ صالح أفندي اليلفي

يمدح بها حضرة الوزيرين الخطيرين

لكل زمان في الحقيقة حيدر

وحيدر هذا العصر لا شك أنور

وزير لجيش المسلمين أعده

لطارقة الخطب المليك المظفر

قد استنفر الإسلام بالحال أسرعوا

بكل كمي عزمه ليس يفتر

أسود ذا ثار العجاج تسابقوا

ولم يك خلف الجيش منهم مقصر

وإن أذنوا في الحرب قام خطيبهم

لرفع منار الدين بالصوت يجهر

وباعوا إلى الله الكريم نفوسهم

ونادوا بوقت الحرب الله أكبر

فيا فارس الإسلام في كل معرك

ومن عزمه قد ذل كسرى وقيصر

أحلك سلطان السلاطين منزلا

فغيرك عنه في الزمان يقصر

فلولاك هذا الملك كان مهددا

ولم يك تجهيز ولم يك عسكر

فكم لك بعد الانقلاب عجائب

وكم لك آيات بذا العصر تؤثر

ليهنك نصر الله والفتح قد أتى

وما مثله فتح من الله ينظر

أعيذك بالرحمن من شر حاسد

ومن شر من تخشى ومن منه تحذر

قدمتم إلى بيروت فافتر ثغرها

وها هي في ثوب العلا تتبختر

قدومك ميمون وسعدك طالع

وحلمك مأمون وبطشك يندر

ونجمك مسعود وسيفك قاطع

وجيشك منصور وأنت مظفر

ورأيك رأي لا نظير له بان

على أنه وحي من الله يصدر

١٠٣

كذاك أخوك الشهم أحمد عصرنا

جمال لدى الهيجاء ليث غضنفر

فإن ذكرت فينا شمائل لطفه

ومرت بها ريح الصبا تتعطر

وكل السجايا الغر فيك تجسمت

وكل فصيح عن ثناك مقصر

فيا رب بالمختار ثبت جيوشنا

وكن لهم عونا فجاهك أكبر

تعطف علينا يا كريم بنصرة

بها الملك يعلو إذ به الدين ينصر

أراد العدى للدين كيدا وطالما

لقد أوصلوا للدين سهما وحرروا

وحاشاك أن ترضى بخذلان جيشنا

فوعدك حق في الكتاب مسطر

وعدت بنصر المؤمنين وحزبهم

ولا شك فالإنجاز منك مقرر

فغرق أساطيل العدو التي بها

على دولة الإسلام يعلو ويكبر

ويسر لنا فتحا لمصر وقطرها

فها نحن بالفتح المبين نبشر

وأيد لنا السلطان واحفظه دائما

مدى الدهر ما قد قيل الله أكبر

ووفق لنا بالنصر كل رجاله

ولا سيما هذا الغضنفر أنور

وكن لجمال العصر عونا معضدا

ولا سيما في فتح مصر مبشر

وإني لكل الوفد أهدي تحيتي

سلامي كما مسك الختام معطر

قصيدة عبد القادر أفندي سالم الحسني

من أدباء بيروت

أهلا بقائدنا الغضنفر «أنور»

بطل الوغى فخر الرجال بلامرا

رجل الشجاعة رب أرباب العلى

من بالتواضع نال ما لن يحصرا

هو ناظر «الحربية» الأسد الذي

خضعت له في الحرب آساد الشرى

كم ذللت هم له هام العدا

ولكم بها رجع الخصوم القهقرى

من أمة في حاجة يظفر بها

فكأنما أبوابه أم القرى

١٠٤

الله أكبر ما أجلّ مقامه

وأعزّ ملجأه إذا خطب عرا

سل عن بسالته وشدة بأسه

إذ كنت تجهل سر أنور في الورى

سل أمة الطليان عن أفعاله

في حربهم وسل الحسام الأبترا

يطري السنوسيون أخلاقا له

وعليه يثنون الثناء الأعطرا

كم من يد بيضاء لا تحصى له

قد أخجلت منها السحاب الممطرا

لله ما أحلى مناهل فضله

فلقد غدت بين البرية كوثرا

أضحى به صرح «الجمال» مسورا

لله ما أسمى وأسنى مظهرا

أخلاقه كرمت فيا لله من

شيم شممنا من شذاها العنبرا

مولى له الفضل عظيم في الورى

يدع اليراع بوصفه متحيرا

أين «ابن مقلة» أين «حسان» إذا

خطت يداه من البلاغة أسطرا

إن سل «أبيضه» وهز الأسمرا

في الحرب مات الخصم موتا أحمرا

تالله لو صغت الدراري كلها

دررا بمدح علاه كنت مقصرا

لا زلت يا صهر الخليفة قائدا

أبدا وجيشك في الحروب مظفرا

١٠٥

في دمشق (١)

بعد مطر غزير أحيا الزرع والضرع أصبحت مدينة دمشق (١٧ ربيع الثاني ١٣٣٤ ه‍) مزدانة بأبهى حلة من الأعلام العثمانية الجميلة ، دورها وحوانيتها ودوائرها الرسمية وفنادقها ونواديها ومدارسها وجميع أبنيتها ، يأتي النسيم إلى هذه الأعلام المحبوبة فتتموج تموجا لطيفا يشبه اهتزاز وجه الحسناء حينما يدخل السرور إلى قلبها ، يحق لك أيتها الأعلام الجميلة أن تهتزي طربا وسرورا ، وأن تميسي فخارا ؛ إذ إنك تستقبلين بطلا عظيما ، طالما نسي حياته في سبيل حياتك ، وكثيرا ما تجشم الأخطار والمصاعب في سبيل رفعتك ومجدك ، تستقبلين أيتها الأعلام الظافرة سيفا من سيوف الإسلام القاطعة ؛ طالما جرد في سبيل نصرة دين دولة الخلافة التي أنت شارتها المفداة بما عزّ وهان ، هذا البطل المحبوب هو دولة أنور باشا ناظر حربية دولة الخلافة ووكيل مولانا الخليفة الأعظم في قيادة جيوشه العظمى.

تفاخر دمشق اليوم وهي المدينة التاريخية العظيمة التي هي مرقد صلاح الدين الأيوبي من كبار أبطال الإسلام ؛ إذ قد حل ضيفا فيها على الرحب والسعة بطل كبير من أبطال الإسلام ، أيضا عمل ويعمل في سبيل دفع الأذى عنه ونشر راياته في البلاد القريبة والنائية ، تعتز دمشق اليوم باستقبال بطل من أبطال الدستور هذا الذي رأى مع إخوانه أن الحكومة الاستبدادية لا تنطبق مع روح الشريعة السمحاء ، فنهضوا نهضة الأسد من عرينه ، وخلصوا الأمة من براثن الظلم والاستبداد ، وأذاقوها طعم العدل اللذيذ ، تستأنس دمشق برؤية

__________________

(١) مقتبس من المقتبس ، بقلم شقيقنا أحمد كرد علي ، مع قليل من الحذف والإثبات.

١٠٦

بطل بيض وجه العثمانيين عامة ، والعرب خاصة في طرابلس الغرب ، فأفهم الطليان أننا أمة لا تكون فريسة لكل مفترس ؛ بل إن لوني رايتنا الأبيض الناصع والأحمر القاني يدلان على ما انطوت عليه نفوسنا الشريفة من السلم وصفاء الود نحو من يصافينا ويؤاخينا ، وإننا نار تسفك دم من ناصبنا العداء وتحرقه ، تتهلل الفيحاء اليوم فرحا باستقبال فلذة من أفلاذ أكباد المسلمين ، ناب عن خليفتهم في قيادة جيوشه فانكسر أعداء الإسلام الإنكليز والفرنسيس ومن لف لفهم كسرة على أبواب دار الخلافة لم ير مثلها تاريخهم ، دبت على أثرها روح النهضة في العالم الإسلامي ، وأيقنوا أن سيف الإسلام الذي كان ساكنا في غمده هو اليوم في قبضة رجال يحسنون الانتفاع منه ، فيستعملونه أحسن استعمال في نحور من يريدون شرّا بالمسلمين عامة ، وبدولة الخلافة خاصة.

هنا يعرض لنا سؤال يضطرنا المقام إلى طرحه على الأهلين : هل رأيتم ـ وربكم ـ قبل اليوم ناظرا من نظار الدولة العلية ووكيلا من وكلاء الخليفة الأعظم يزور دياركم بقصد إسعادكم والنظر في شئونكم؟ بالأمس أوفدت الدولة العلية لنا ـ دام ملكها ـ مدى الدوران دولة أحمد جمال باشا ناظر البحرية الجليلة ، وقائد الجيش السلطاني الرابع ، واليوم جاءنا صنوه دولة أنور باشا ناظر الحربية ووكيل رأس القواد الأعظم ، فحري بنا في هذا المقام أن تثلج صدورنا ، وأن ترتفع أصواتنا بالدعاء للخليفة الأعظم الذي اختار لإدارة شئوننا هذين البطلين الكريمين ، وغيرهما ممن يحق للبلاد العثمانية أن تباهي بهم وتعتز ببقائهم.

كان يوم أمس يوما مشهودا في دمشق ، قلما رأت دمشق نظيره ، فلما ابتسم ثغر صباحه غادر الناس دورهم ، مستقصين النبأ الصحيح عن ساعة وصول

١٠٧

دولة أنور باشا ودولة جمال باشا ومن يرافقهما من أعاظم الأبطال ، وفي الوقت المعين اصطفت أمام جسر دار الذخيرة في طريق الربوة قطع النظامية والدرك وطلاب المدارس الرسمية والخصوصية بأعلامهم وموسيقاتهم ، وعلى جناحهم الأيمن الموظفون الملكيون وأركانهم ، فرؤساء جمعيات الاتحاد والترقي والمدافعة الملية والهلال الأحمر والأسطول وأعضاؤها ، فالعلماء الكرام ، فأعضاء مجالس الإدارة والبلدية والعمومي ، فسراة الحاضرة ، فرجال الصحافة.

وقد أقيم أمام جسر حديقة الأمة قوس ظفر جميل للغاية ، ومثله أمام فندق الجيش الرابع ، وازدانت الطريق الواقعة بين القوسين بالأعلام العثمانية والألمانية والنمسوية أجمل زينة ، وهي باختلاف أشكالها وقطعها مثلت أجمل منظر للرائين ؛ إذ إنها دلتهم على جميل تحالف العثمانيين مع الألمانيين والنمسويين ، ورددت على خواطرهم ما ناله ويناله هذا التحالف من ضروب الظفر في ساحات الحرب.

وبعد غروب الليلة الفائتة ببضع دقائق سمع صوت السيارات ، فنادى النفير معلنا وصول البطلين الكريمين ، فأخذ كل واحد مكانه ، واصطف الناس ـ على نحو ما ذكرنا آنفا ـ على أبدع نظام وأحسن ترتيب ، ولما وصل صاحبا الدولة أنور باشا وجمال باشا إلى جسر الذخيرة نزلا من السيارة ، وإذ ذاك رنت الأيدي بالتصفيق ، ورفعت الأصوات بالدعاء ، فحيتهما الموسيقات العسكرية وجوقات موسيقات المدارس الرسمية والخصوصية ، وظلا سائرين بين صفوف المستقبلين وصفوف جند اليوم وجند المستقبل ، حتى وصلا إلى معسكر الجيش السلطاني الرابع ، وظلّا طول الطريق على هذا المنوال ؛ الرجال يحيونهما بالهتاف والنساء بالزغردة ، وبعد أن استراحا في النزل ذهبا إلى دار الولاية ؛ حيث أقيمت

١٠٨

مأدبة شائقة باسم ولاية سورية الجليلة جمعت أركان العسكرية والملكية وبعض العلماء والسراة ، وقد أكل البطلان ومن يحيط بهما هنيئا ، وشربا مريئا على نغمات الموسيقى إلى أن ارفضت الوليمة.

وخلاصة القول : إن يوم أمس وليلة اليوم كانا من أجمل الأيام التي رأتها هذه الحاضرة ، وقد أنيرت بالمصابيح الكهربائية دار الولاية ودار الجيش الرابع ودار البلدية ودائرة الشرطة حتى أضحى ليل باحة دار الولاية نهارا ، أعاد الله تعالى مثل هذه المشاهد على مدينة دمشق بظل دولة الخلافة العظمى وفضل أركانها العظام ، أمثال أنور باشا وجمال باشا بمنه وكرمه.

كانت المأدبة التي أقامها عطوفة عزمي بك والي سورية الجليلة لدولة أنور باشا ناظر الحربية الجليلة ووكيل رأس القواد الأعظم ـ باهرة للغاية ، قام فيها فضيلة السيد أبي الخير أفندي عابدين مفتي دمشق خطيبا ، فأثنى الثناء المستطاب على همة القائدين العظيمين صاحبي الدولة أنور باشا وجمال باشا ، وعدد مآثرهما ومفاخرهما ، ثم بحث في الحديث النبوي المستفاد منه : «ان الله تعالى يبعث على رأس كل قرن من يجدد للأمة أمر دينها» لتحيا حياة سعيدة ، ويعاد إليها باذخ مجدها وعزها ، وهذا الحديث الشريف منطبق كل الانطباق على قائد الجيوش الإسلامية كافة أنور باشا ، وعلى القائد العام للجيش السلطاني الرابع ناظر البحرية جمال باشا ، ثم طلب لهما من البارئ عزوجل سعادة الدارين والتوفيق في جميع الأمور ، ودعا للخليفة الأعظم وجيشه وأسطوله ، وسأله تعالى أن يحفظ البلاد العثمانية من جميع الآفات ، وكان لكلامه ودعائه أعظم تأثير في النفوس ، ثم تبعه مصباح أفندي محرم رئيس محكمة استئناف الحقوق ، وأنشد بيتين من الشعر في مدح القائدين العظيمين ، ثم قام الأستاذ أسعد أفندي

١٠٩

الشقيري ، فترجم للتركية كلام مفتي دمشق ، والبيتين المذكورين ، وشرح مقاصد المفتي الموما إليه مما كان له أحسن وقع في النفوس على العادة في كل ما يقوله الأستاذ حفظه الله وأبقاه.

من أجمل المشاهد التي أقيمت ليلة أمس احتفاء بأنور باشا مواكب المصابيح التي اشترك فيها طلاب المدرسة العسكرية وطلاب مدرسة الدرك والجنود النظامية ، وقد كانوا حاملين بأيديهم المصابيح يطوفون في باحة الولاية وباحة البلدية على أشكال مختلفة ، تلذ الأعين رؤيتها وتدل على حسن ذوق مرتبيها ، حتى أنك كنت ترى هاتين الباحتين كبحر زاخر بأمواج من النور.

في الساعة العاشرة زوالية قبل ظهر الثلاثاء في (١٩ ربيع الثاني سنة ١٣٣٤ ه‍) قابل دولة أنور باشا أركان العسكرية وأمراءها وهم بالكسوة الرسمية الكبرى ، وعلى أثرهم قابل عطوفة عزمي بك والي سورية يرافقه أركان الولاية وبعد من ذكرنا قابله عطوفة رئيس بلدية دمشق ورجال الجمعيات والعلماء والأشراف والسراة ورجال الصحافة ومشايخ دروز حوران ، فحياه الجميع مرحبين بدولته ، وقد كان دولته ـ حفظه الله ـ يقابل الجميع بلطفه وبشاشته المعتادين.

وقبل ظهر ذاك اليوم زار صاحبا الدولة أنور باشا وجمال باشا المستشفيات في دمشق ، وعادا المرضى مطيبين خواطرهم ، ومبينين لهم شرف الجهاد.

ظهر ذاك النهار أدّب كاظم بك مفتش المنزل مأدبة فاخرة لدولة أنور باشا حضرها دولة أحمد جمال باشا وأركان حربهما ورجال الفيلق الثامن وأركان الملكية.

١١٠

وبعد العصر ذهب صاحبا الدولة أنور باشا وجمال باشا مع أركان معيتهما إلى الجامع الأموي الكبير ، وكانت الجنود مصطفة أمام باب الجامع ، فحيتهما التحية العسكرية ، ولما دخلا إلى صحن الجامع قابلهما مشايخ الطرق ورجالها بالأعلام والرايات ، وما يتبع ذلك من أدوات الذكر ، ولما قربا من حضرة سيدنا يحيي الحصور اصطف العلماء عن يمينهما وشمالهما ، وقرئ ما تيسر من القرآن ، وتلا فضيلة مفتي دمشق دعاء ، سأل فيه الله تعالى أن يحفظ هذين القائدين العظيمين بظل حضرة مولانا الخليفة الأعظم.

وبعد ذلك دخل القواد إلى الضريح وتبركوا بزيارة المصحف العثماني ، وبعد خروجهم قدم فضيلة مفتي دمشق لدولة أنور باشا كتاب مثال النعل النبوي الشريف تذكارا لزيارته دمشق ، وقدم أنور باشا مصحفين كريمين أحدهما لضريح سيدنا يحي والثاني لضريح السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ، فألقى إذ ذاك الأستاذ الشيخ أسعد الشقيري كلمات أوضح بها ما تنطوي عليه تلك الهدية من معنى حث رجال العلم والإدارة على التمسك بأهداب القرآن الكريم والعمل بمعانيه الشريفة.

وبعد ذلك زار القائدان البطلان رأس سيدنا الحسين وضريح ساكن الجنان السلطان صلاح الدين بن أيوب وشهداء الطيران فتحي بك وصادق بك ونوري بك ، وقد استمطرا لهم أكف الرحمة ، وتليت فاتحة الكتاب على أرواحهم الشريفة التي فارقت أصحابها في سبيل الواجب الوطني ، ومن هنا سارا توّا لزيارة قبر الشيخ الأكبر ، فاستقبلهما العلماء ، وتليت الأدعية المستطابة بحفظهما وحفظ جلالة الخليفة الأعظم.

١١١

ومن هناك عادا بالعز والإقبال إلى سينما جناق قلعة ؛ حيث أقامت جمعية الاتحاد والترقي مأدبة شاي عرضت أثناءها الصور المتحركة ولوحات تعرض بعبارات لطيفة رقيقة طرفا من أعمال دولة أنور باشا وصنوه دولة أحمد جمال باشا ، وقد حضر هذه المأدبة عدد غير قليل من أركان العسكرية والملكية والسراة والأعيان ، وتليت القصائد ، ورتل الشيخ عبد الرحمن القصار بصوته العذب الرخيم قصيدة من نظمه مثّل فيها مصر المحبوبة تطلب النجدة والمعونة من الدولة العلية وبطليها أنور باشا وجمال باشا ، وتلا عبدي توفيق بك السلانيكي خطابا بالتركية على لسان الاتحاديين ، وخرج القائدان العظيمان كما دخلا بالإعزاز والتكريم على نغمات موسيقى مدرسة الصنائع.

بعد حفلة سينما جناق قلعة عاد القائدان المحبوبان إلى معسكر الجيش الرابع ، فجاء السيد علي رضا باشا الركابي رئيس بلدية دمشق مع كل من شفيق بك القوتلي وأحمد أفندي أيبش وإسماعيل أفندي النابلسي ، فقدموا لدولة أنور باشا باسم دمشق سيفا مرصعا من السيوف العربية البديعة الصنع ، فقال الرئيس : لما كان أهل دمشق يرون في دولتكم أنكم سيف الأمة العثمانية القاطع في رقاب الأعداء أخذوا هذا السيف التاريخي ، وقرروا تقديمه إليكم ؛ ليكون بيدكم قاصما رقاب الأعداء ، وانتدبونا نحن بأن نقدمه باسمهم ، وهم يرجون قبوله ، وإن لنا الفخر بإيفاء هذه المهمة التي انتدبنا إليها. فقال دولة الناظر الكريم : «إنني أشكر أهل دمشق على هذه الهدية الثمينة مع أني لست أهلا لتقلد هذا السيف ، ولكني سأسعى لأستحق تقلده في خدمة الأمة».

وبعد الغروب أدبت بلدية دمشق لدولة أنور باشا مأدبة باسم الدمشقيين في دار الولاية كانت فاخرة للغاية ، جمعت من الأطعمة ما لذ وطاب ، وتليت

١١٢

فيها الخطب والقصائد ، وقد خطب في هذه الحفلة كلّ من السيد علي رضا باشا الركابي رئيس البلدية خطابا ارتجله بالتركية ، ثم جاء بعده مؤلف هذا الكتاب محمد كرد علي ، فخطب بالتركية ، ثم تلا الشيخ مصطفى الغلاييني من أساتذة سورية قصيدة من نظمه ، ثم جاء بعده الأمير شكيب أرسلان مبعوث حوران ورئيس تحرير جريدة الشرق ، فارتجل خطبة بالتركية باسم دورز حوران ولبنان قال فيها ما مآله : أن الدروز ليسوا أهل خطب وقصائد ؛ بل إنهم مستعدون لتقديم دمائهم فداء عن الدولة.

وكذلك الشيخ حسين الحبال صاحب أبابيل قرأ قصيدة ، فمنير أفندي مدور مدير الرأي العام ومحرره خطابا بالتركية ، وختم الحفلة الأستاذ أسعد أفندي الشقيري بخطاب أنيق باللغة العربية.

وكانت الشوارع التي كان يمر منها القائدان العظيمان في ذاك اليوم غاصة بالعدد العديد من الأهلين المحبين لدولتيهما ؛ يحيونهما بالهتاف والدعاء وتصدية الأيدي ، وكان يقابلانهم بكل لطف وإيناس ، بينا كان يجوبان المدينة من أقصاها إلى أقصاها مفتشين الثكنات والمستشفيات والمستودعات والمصانع ، وغير ذلك من الأماكن العسكرية ، منقبين فيها أدق تنقيب.

خطاب عبدي توفيق بك السلانيكي

في سينما جناق قلعة بدمشق

بحضور صاحبي الدولة ناظري الحربية والبحرية

محترم حضار!

١١٣

دار خلافت عثمانيه نك قبولريني ايكي عقور دشمنك دهشتلي دريدنوطلرينه ، زرهلي قلعه لرينه ، اولوم واتش صاجان طوبلرينه ، جهنمي متراليوزلرينه ، شرابنللرينه ، بومبالرينه ، قورشونلرينه قارشي سينه حميتلريني جانلي سبربابه رق مدافعه ايتمش اولان بيوك قهرمانلرك غضنفر عثمانليلرك ياد خاطره سي مقصد مبجليله جناق قلعه سينه ماسي نامي ويريلن شوكوجك ، وفقط بتون دنيانك دبلنده برداستان ظفر تشكيل ايدن جناق قلعه اسمنى طاشميق اعتباريله معنا بك بيوك بر قميتي حائزا اولان بو محلده اردو مزك ايكي ركن عظيم ومهيبني كمال حرمت وتكريم ايله سلاملارز.

بيوك ومحترم متفقلريمزله برلكده مشترك دشمنلريمزه قارش مختلف حرب جبهه لرنده قازانديغمز مظفر يتلرك باشلرينه ليندر مكده اولد يغمز قهار ضربه لرك كنديلرنده حاصل ايلديكي ولوله انين واضطراب قولاقلر يمزده غرورآور ولوله لرله طالغه لانير كن بز او ضربه لري دهاقوتلي تكررلرله ايندرمك ايجون عزم وظيفه برورانه مزده كمال متانتله دوام ايده جكز. اليم وفقط انتباه آور تجربه لرله بك اعلا او كرندك وبيلدك كه بيوك وكوجك بالعموم ايشلر وظيفه دينيلن دستورك بتون قواعدينه حرفيا رعايت ايتملكه حصول بولور ، موفقيت مطلق بو سايه ده تأمين ايديله بيلير.

دونكى وبو كونكى حرب صحنه لرنده دو كوشه ن اردولر هب عيني اردولر اولد يغي كبى بو اردولرى تشكيل ايدن ارسلان عسكرلرك قانى ده التيوز سنه لك عثمانلي قاننك عينيدر. لكن اردويي دها طوغريسى ملتى كاه زمين سفليته دوشورن وكاه بر مقام علوي يه جيقاران يا وظيفه يي وظيفه بيلله

١١٤

رك جاليشد يغمزدن ويا طريق ظيفه دن عدول وانحراف ايله جاليشمامش اولما مزدن بشقه برشى دكلدر.

وظيفه ده موفقيتي فكر تعقيب دينيلن وجاليشمق دستور ينك اس الاساسنى تشكيل ايدن قاعده تأمين ايلر. بزدوني وبو كونى مقايسه سايه سنده كورييور وبيليورز كه بو كون مختلف حرب جبهه لرنده جار بيشان اردو ، بتون حركاتنده وظيفه اساسنى تعقيب ايله جاليشيور. هرايشي ، هر يرده وهر شعبه ده كورونمسي ارزوايديلن فكر تعقيب مانيوه له سيله صيقه رق تثبيت ايليور.

دون جناق قلعه ساحهء حربنده ايمان ظفر له مملو اولان ارسلان قلبلريني عزم ومتانت زرهلر يله ترصين ايده رك دشمنله اوروشان ، بو كون ارضرومده ، قافقاس طاغلرنده قارلى بوزلر ايجنده يوكسك ، يالجين قيالر اره سنده خصملرينه قارشي ديشلر يله طرناقلر يله اوروشوب بوغاشان تيه صحراسنى ، او باشلى باشنه بك انصافسز بر دشمن اولادن دهشتلي قوم دريالر يني آشه رق طومباز لرله سويش قانانلني كجن ، سونكوسنك بي امان ضربه سيله اسماعيليه صيرتلرنده عثمانلي شهامت وجلادتني كوسترن عثمانلي اردوسي ، (١٣٢٨ ه‍) سنه سنده كي مشئوم بالقان حربني يابان عثمانلي اردوسيدر. شو قدركه ١٣٢٨ سنه سى اردوسنك (١٣٣٠ و ١٣٣١ ه‍) سنه لرنده كي موفقيات ومظفر ياتي منحصرا عسكر لكي بشقه شيلر له قاريشد يرميه رق صرف بر مسلك اوله رق ايلمسندن وقور ديغي مبناي حكاتك هر جيويسني فكر تعقيب مانيوه له سيله يرلى يرينه وضع وتثبيت ايتمسدن منبعثدر. اشته بو سايه ده دركه ملت بو كون كندى كندينه دكل. بتون دنياده كي دوست ودشمن بتون ملتلره قارشي ، باشي قالقيق ، قلبي باك فكري حر

١١٥

ناصيه سي اجيق بر مرد اوغلي مرد اوله رق كنديني كوستر ييور بتون بونلر بيك درلو دوشونه رك بردرلو ايش كورمك ايسته ين ارباب فكر ومتانتك محصول غير تيدر.

بزه بو كونلري كوسترن بو مظفر يتلرى ادراك ايتديرن ارباب حميتدن ايكى ركن عظيم ومبجلك مواجههء ذي شرفنده حسيات شكرانيه مزى اظهار ايله غرور وسرور ومزى اعلان ايدر وناموس وشرف ميدانلرنده فداكارانه جان ويرن شهداى مكرمه مزك روح بر فتوحلرينه بو مجلس معلادن فاتحه لر اهدا واتحاف وشانلى غازيلر يمزه تقدير وشكرا لمرايصال ايله قهرمان متفق اردولرمز ايجون ده باركاه صمدانيدن قطعي مظفر يتلر نياز ايلرز. يشاسون بيوك ولا يزال عثمانليلق! يشاسون باش قوماندان اقدسمز خليفهء معظم ومفخممز سلطان (محمد رشاد خان حضرتلرى)! يشاسون شانلى وقهرمان متفقلريمز!

عبدي توفيق بك أنور باشا حضرتلري حقنده تنظيم ايلديكي

منظومهء قدوميه در :

اى نورنه رونقلى صفاى سحرك وار!

بك سو كيليسك،ديدهكبى رهكذرك وار

مفتون خصالك بوقدر بنده لرك وار!

تشريف بيور! باشمز اوستنده يرك وار!

كوستر بزه ديدار كي اى قائد اكبر!

١١٦

هر كوشه ده انظار تحسر سنى بكلر

سوريه قدومكله سنك اولدى منور!

تشريف بيور! باشمز اوستنده يرك وار!

بخشايشى سك ملته سن رب جلالك!

القيشلره شايسته در آثار كمالك!

سن بيك ظفر ، مصره ده بيوسته جمالك!

تشريف بيور! باشمز اوستنده يرك وار.

بيكخارقه كوتسردىجناق قلعهده عسكر

هرجبههدهجاربيشمه ده بيكلرجه غضنفر

اعلان وطندر املك! بيك يشا أنور!

تشريف بيور ، باشمز اوستنده يرك وار.

اى اردو مزك كوزببكى شانلى قوماندان

عثمانليلغى ايلدك اعلاز سكا منت!

منت سكا!شكران سكا!اى داهئ دوران.

بيكلر يشا ، بيكلر يشا اى مفخر ملت!

١١٧

تعريب خطاب عبدي توفيق بك من المحررين العثمانيين الذي ألقاه

في سينما جناق

قلعه باسم جمعية الاتحاد والترقي في المأدبة التي أدبتها الجمعية المشار إليها ؛ إكراما

لصاحبي الدولة أنور باشا وجمال باشا القائدين العظيمين :

نحيي ونكرم بكمال الاحترام ركنين عظيمين مهابين من جيشنا في هذه البناية الصغيرة الكبيرة معنى ؛ لأنها تحمل اسم جناق قلعة الذي أضحى أنشودة الظفر بألسنة العالم أجمع ، وقد سميت به تذكارا لأمجاد الأبطال الأسود من العثمانيين الذين دافعوا عن جناق قلعة جاعلين صدورهم الطافحة بالحمية متراسا حيّا لأبواب دار الخلافة العثمانية تجاه دوارع مدهشة لعدوين عقورين ومدافعهما التي تنثر الموت والنار ورشاشاتهما وشظايا الشربنيل وقنابلهما ورصاصاتهما ، وإننا نحن وحلفاؤنا المحترمون العظام سنستمر بكمال المتانة على القيام بمهمتنا ، ألا وهي إنزال ضربات أشد على رءوس أعدائنا المشتركين ، بينا نحن نسمع بآذاننا مفاخرين أنين أعدائنا واضطرابهم مما نلناه من الانتصارات في الساحات الحربية المختلفة ، وما أنزلناه على رءوسهم من الضربات القهارة.

إن الضربات الأليمة ـ بل المنبهة ـ علمتنا جيدا ، ففهمنا أن عامة الأعمال الكبيرة كانت أم صغيرة لا تقوم إلا بالرعاية حرفيّا لجميع قواعد الدستور المسمى «الواجب» فالنجاح لا يضمن قط إلا بفضل ذلك.

إن الجيوش التي حاربت في ساحات الحرب أمس هي نفس الجيوش التي تحارب اليوم ، ودم الأشخاص الذين يؤلفونها هو نفس الدم العثماني منذ ستمائة سنة ، إلا أن الذي كان يسقط الجيش ـ لا بل الأمة ـ طورا إلى الحضيض ، وطورا

١١٨

يرفعها هو عبارة عن إيفاء وظيفتنا عارفين بها أو انحرافنا عن طريق الوظيفة والعدول عنها بعدم اجتهادنا ، ولا يتم النجاح في الوظيفة إلا بفكرة المثابرة على الخطة التي هي أساس دستور الجد المتين.

إذا قايسنا بين اليوم وأمس نرى ونعلم أن الجيش الذي يحارب اليوم في جبهات الحرب المختلفة يرى متبعا للواجب في جميع حركاته ، وهو في كل عمل يسير بفكرة المثابرة المطلوبة في كل محل وفي كل شعبة.

وإن الجيش الذي حارب أمس في جناق قلعة بالقلوب المملوءة بالإيمان بالظفر والمتحصنة بدروع العزم والمتانة يحارب بأسنانه وأظافره اليوم في أرضروم وجبال القفقاس في وسط الجليد الملون بالدم ، متسلقا الذرى الحادة الشاهقة ، وهو الذي اجتاز ترعة السويس ، ممتطيا جسور القوارب بعد أن قطع صحراء التيه ، تلك التي هي بحار ما لها عدد قائم بنفسه ، وهو الذي أظهر في هضاب الإسماعيلية بحرابه القاطعة الشهامة لبسالة العثمانية ، فهذا الجيش هو نفس الجيش العثماني الذي قام بحرب البلقان في سنة (١٣٢٨ ه‍).

إن انتصارات ونجاح جيش سنة (١٣٢٨ ه‍) في سنتي (١٣٣٠ و ١٣٣١ ه‍) لم تنشأ سوى عن قبوله مسلكا جنديّا صرفا ، لا تشوبه شائبة غير ذلك من الأشياء ، ووضعه في محله كل مسمار من مسامير بناء حركاته بدافع فكرة المثابرة ، وتثبيته بواسطتها ، وبفضل ذلك أضحت الأمة اليوم ليس وحدها فقط بل أمام الأمم في العالم صديقاتها وعدواتها تظهر نفسها كرجل بن رجل ، منتصب الرأس طاهر القلب ، حر الفكر ، ناصع الجبين ، وكل هذا هو نتيجة عمل أرباب الفكر والمتانة الذين يفكرون على صور متعددة ، ويعملون عملا واحدا ، ونحن نعلن سرورنا وتفاخرنا مع إظهار عواطف شكرنا بالمواجهة

١١٩

الشريفة لركنين مبجلين عظيمين من أرباب الحمية الذين أرونا هذه الأيام وأنالونا هذه الانتصارات ، وإننا نهدي فاتحة الكتاب من هذا المقام الرفيع لأرواح شهدائنا الذي فدوا نفوسهم في ميادين العز والشرف ، ونتحف الشكر والتقدير لغزاتنا الموقرين ، ونضرع إلى الله تعالى أن يمنح الظفر النهائي لجيوش الحلفاء البواسل.

لتحي العثمانية الأبدية المعظمة ، ليحي رأس قوادنا الأقدس الخليفة المعظم السلطان محمد رشاد خان ، ليحي حلفاؤنا الأبطال الأعاظم.

استنجاد مصر

هي القصيدة التي رتلها من وراء الستار الشيخ عبد الرحمن القصار

في سينما جناق قلعة

يا بني عثمان يا روح الحمى

أنجدوني من تباريح الخطر

أنا مصر الحرة الثكلى أما

آن أن أحيا بكم لو بالنظر

أيها الأنور يا بدر الكمال

فمتى أنظر أعلام الهلال

ليس إلّاك مجيري والجمال

تنصبان في ربوعي العلما

ولبيني بآمالي القدر

آه ما أجمل يوما بكما

فيه أنسى ما تقضي من كدر

أين من يسعف شعبي بالجنود

ويحل اليوم من عنقي القيود

طال أسري في يدي نذل حقود

لم أرده لعبيدي خدما

إن ذا أضحى من الصبر أمر

١٢٠