بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني

بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني


المحقق: محمّد عبد الوهاب فضل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٠
الجزء ١ الجزء ٢

نزل الطوفان بعد مضي ستمائة سنة من عمره ، وقيل : دعا قومه تسعمائة سنة وخمسين سنة ، وكان له قبل دعائه ثلثمائة وخمسين سنة ، وعاش بعد الطوفان ثلثمائة وخمسين سنة (١). وقيل : عاش بعد الطوفان خمسمائة عام.

وأرسل الطوفان لثلاث عشرة خلت من رجب ، وركب [نوح عليه‌السلام](٢) الفلك لعشرين خلون من رجب ، وصام نوح شهر رجب في السفينة ، وجرت بهم السفينة إلى يوم عاشوراء (٣). حكاه عكرمة.

وقيل : أقام على الماء نحو السنة ، وقيل : أربعين يوما ، وقيل : أربعين سنة. قاله وهب في كتاب «التيجان». وقيل : أمطر أربعين يوما وغاض الماء بعد مائة وخمسين يوما (٤). حكاه الشهرستاني.

وكان يوم عاشوراء يوم الجمعة ، وصامه نوح ، ومن معه من الوحش ، وقيل : أن يوم القيامة يكون يوم عاشوراء ويوافق يوم الجمعة ، وأرست السفينة على الجودي ، وكان خشبها من جبل لبنان ، وعملها بدمشق ، وأول ما حمل فيها النملة ، وقيل : الوزة ، وآخر ما حمل الحمار ، ولم يكن في الأرض قبل الطوفان نهر ولا بحر ، ومياه البحار بقية الطوفان (٥).

وحمل في السفينة ثمانية أنفس : نوح ، وزوجته ـ غير التي عوقبت ـ وبنوه الثلاث وزوجاتهم ، وقيل : كانوا سبعة ، وأسقط امرأة نوح ، وقيل :

__________________

(١) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٦.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٦.

(٤) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٦ وعزاه للشهرستاني.

(٥) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٧ ، وابن كثير في البداية ١ / ١٠٤.

٨١

كانوا عشرة ، وقيل : كانوا ثمانين ، وقيل : سبعين (١).

وعنه عليه الصلاة والسلام قال : «بقي من خشبها ـ يعني السفينة ـ شيء أدركه أوائل هذه الأمة» (٢).

والجودي : بأرض الجزيرة / شمالا ويسمى : الناظر ، وقيل : هو جبل قردي (٣) بقرب الموصل ، وقيل : هو طور زيتا ، وقيل : الجودي اسم لكل جبل ، ويقال : إنه من جبال الجنة (٤).

وحمل نوح عليه‌السلام جسد آدم معه في السفينة (٥).

وكان مولد نوح عليه‌السلام بعد موت آدم عليه‌السلام بثمانمائة سنة وست وعشرين سنة ، ولم يعقب أحد ممن كان معه بالسفينة ، وإنما عقب أولاده ، قال الله تعالى : (وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ)(٦) وهم : سام ، وحام ، ويافث (٧).

__________________

(١) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٧ ، وابن كثير في البداية ١ / ١٠٤.

(٢) الحديث ذكره القرطبي في الجامع ٩ / ٤١ ، والسيوطي في الدر المنثور ٧ / ٦٧٦ وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ، وذكره ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٧.

(٣) الجودي : ياؤه مشددة ، وهو جبل مطل على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة ، من أعمال الموصل.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٢ / ١٧٩.

وقردى : بفتح القاف وسكون الراء ثم دال مهملة والقصر ، قرية قريبة من جبل الجودي بالجزيرة قرب جزيرة ابن عمر ، وعندها رست سفينة نوح عليه‌السلام.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٤ / ٣٢٢.

(٤) انظر : القرطبي : الجامع ٩ / ٤١ ـ ٤٢ ، ابن خرداذبة : المسالك ص ٧٦ ، ياقوت : معجم البلدان ٢ / ١٧٩ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٤٧.

(٥) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٤١ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٨٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٤٢.

(٦) سورة الصافات آية (٧٧).

(٧) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٧.

٨٢

عن هشام بن محمد الكلبي : أن أسماء نساء بني نوح عليه‌السلام إذ كتب في زوايا برج الحمام نمت الفروخ وسلمت من الآفات. قال هشام : وقد جربته فوجدته كذلك (١) ـ واسم امرأة سام : مجلت محو ، وامرأة حام : أدنف فشا ، وامرأة يافث : ردفت بيث.

تسمية ولد سام :

أرفخشد ، وإرم ، وبنون كثيرة ، فولد إرم : عوص ، وولد عوص : عاد الأكبر ، وولد عاد : غاثر بن أرم ، وثمود وطسم بن لاوذ بن عابر بن أرم ، وجديس بن لاوذ وعملاق وفارس بن لاوذ وجرجان وأميم وعويلم والأسود بن لاوذ بن أرم. وبنو أرفخشد هم نخلة النسب (٢).

وولد حام :

كوش وأم كوش هي التي وطأها في السفينة (٣) ، فولد كوش الحبشة ، وولد مازيع بن حام كنعان بن مازيع ، ويقال : كنعان بن حام ، ومازيع بن كنعان ، فولد يرفد بن مازيع ونوبة بن مازيع ، وولد حام قوط بن حام وسيد وقزان وعامر كلهم بنو حام (٤).

__________________

(١) سبق أن ذكرنا أن الإعتقاد في إمكان جلب النفع أو دفع الضر بغير الله تعالى شرك ، وأن النفع إذا نتج من باب غير شرعي يخرج من باب الإستدراج ، فهو أمر خارق للعادة يجريه الله تعالى على يد فاجر لمجيئه وفق المراد ، ونظيره في القرآن (أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ) سورة المؤمنون آية (٥٥).

(٢) فمن أولاد أرفخشد الأنبياء والرسل وخيار الناس والعرب كلها.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، ٢٠٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٤٨.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٥٠.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٥٠.

٨٣

وولد يافث :

علجان وعرجان وبرجان ، فولد علجان يأجوج ومأجوج والترك والخزر ، وولد عرجان صقالب وقرط وبشكنس (١). حكاه وهب.

وقيل : ولد حام أربعة : ذكرين وأنثيين ، فمنهم : النوبة ، والزنج ، والبربر ، والسند ، والهند ، وجميع السودان (٢).

ويافث سار إلى المشرق ، فولد له خمسة : جومر ، وتيرش ، وموعج ، وماشج ، وسقويل ، فمن جومر : الصقالبة والروم ، ومن تيرش : جميع الترك ، ومن ماشج : جميع أصناف العجم ، ومن موعج : يأجوج ومأجوج (٣).

وولد سام خمسة : أرفخشد ـ وربيعة ومضر وأنمار ، وبلاد اليمن من أولاده ـ [وعمليق] أبو العمالقة ، وطسم وجديس وجاشم وليثم وأسود بن سام (٤) هو أبو النسناس وهم قوم يكونون باليمن في بلاد حضرموت ولهم عين واحدة ورجل واحدة ، وعوتم بن سام أبو العادية الأولى عملق وتلمع والسليخا ولا عقب لهم ، والأرم بن سام.

وبعد الطوفان بستمائة سنة وسبعين كان تبلبل الألسن ، فافترقت إثنان وسبعون لسانا في إثنين وسبعين أمة ، منها ، وفي ولد سام تسعة عشر ، وفي ولد حام ، سبعة عشر ، وفي ولد يافث ستة وثلاثون ، وكان سببه : وقوع الصرح الذي بناه هامان لفرعون ، وكان طول الصرح إلى السماء خمسة آلاف ذراع ، وقيل : فرسخين ، كان فيه خمسون ألف بناء ، فتبلبلت الألسن ،

__________________

(١) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٤٩.

(٢) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٦ ، القرطبي : الجامع ١٥ / ٨٩.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٦ ، القرطبي : الجامع ١٥ / ٨٩.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤ ، القرطبي : الجامع ١٥ / ٨٩.

٨٤

ومات ألف ألف (١).

ومن مولد / الخليل إلى تبلبل الألسن أربعمائة سنة وإحدى عشرة سنة ، ومن مولده أيضا إلى مولد موسى أربعمائة وخمس وعشرون سنة ، وأخرج بني إسرائيل من مصر بعد ثمانين سنة ، ودبر أمرهم أربعين سنة ، ومات وله مائة وعشرون سنة ، ومن هبوط آدم إلى مجيء الطوفان على ما قاله اثنان وسبعون حبرا من بني إسرائيل ، نقلوا التوراة إلى اليونانية ، بينهما ألفان ومائتان وإثنان وأربعون سنة ، وإلى وفاة موسى عليه‌السلام ثلاثة آلاف وثمانمائة وثمانية وستون سنة (٢).

وقال آخرون : من بني إسرائيل القيمين على التوراة العبرانية التي يتداولها جمهور اليهود في وقتنا : أن من هبوط آدم إلى مجيء الطوفان ألفان وستمائة وست وخمسون سنة ، ومن إنقضاء الطوفان إلى تبلبل الألسن مائة وإحدى وثلاثون سنة ، ومن التبلبل إلى مولد الخليل مائة وإحدى وستون سنة ، ومن مولده عليه‌السلام إلى وفاة موسى عليه‌السلام خمسمائة وخمس وأربعون سنة ، فصار من هبوط آدم إلى وفاة موسى ألفين وثمانمائة وتسع وأربعون سنة (٣).

ومن وفاته عليه‌السلام إلى إبتداء ملك بختنصر تسعمائة وثمان وسبعون سنة ، وإلى ملك الإسكندر ألف وأربعمائة وثلاث عشرة سنة.

__________________

(١) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٧ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٧.

(٢) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٧ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٧.

وأورد الطبري في تاريخه ٢ / ٢٣٤ ـ ٢٣٨ ، وابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٩٧ تفصيلا شاملا ذكرا فيه أقوال العلماء فيما كان بين هبوط آدم إلى الهجرة النبوية من السنين ، مع اختلاف لما ذكره المؤلف.

(٣) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٨ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٨.

٨٥

وولد عيسى لسبعمائة وتسع وثلاثين سنة من ملك بختنصر ولثلثمائة وأربع سنين من ملك الإسكندر ، ومن ملك بختنصر إلى ابتداء الهجرة ألف وثلثمائة وتسع وستون سنة ، ومن ملك الإسكندر إلى ابتداء الهجرة تسعمائة وخمس وستون سنة ، فكان بين موسى عليه‌السلام وابتداء الهجرة ألفان وثلثمائة وسبع وأربعون سنة ، ومولد عيسى بعد ألف وسبعمائة وسبع عشرة سنة من موت موسى ، وقيل : بعد ستمائة وثلاثون سنة من ابتداء الهجرة (١).

روى الكلبي ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنهما : أن الناس خرجوا من السفينة ببابل ، ثم ضاقت بهم حتى نزلوا موضع بابل إثنا عشر فرسخا في مثلها ، وكان سورها عند النيل ، وبابها عند باب وردان ، فملكهم يومئذ نمرود ابن كنعان بن حام ، فلما كفروا بلبل الله ألسنتهم على إثنين وسبعين لسانا ، وفهّم الله تعالى العربية عمليق ، وأميم ، وطسم بن لوذ بن سام ، وعاد ، وعبيل ابني عوص بن أرم بن سام ، وثمود ، وجديس ابني جابر بن رام بن سام ، وبني قنطوراء بن عابر بن شالح ، فخرجت عاد وعبيل ، فنزلت عاد الشحر ونزلت عبيل يثرب ، وأقبلت العماليق وأميم ، فنزلت العماليق صنعاء وأميم أبار ، وهو أبار بن أميم ، ومضت طسم وجديس ، فنزلت اليمامة ونزلت ثمود بالحجر ، ثم تحولت العماليق فنزلوا بمكة والمدينة في يثرب ، وهو يثرب بن نابته بن مهلائيل بن رام بن عوص بن إرم ، فأقبلت العماليق فاجتزت عبيل من يثرب فأسكنوهم الجحفة (٢).

وقيل : لما تبلبلت الألسن / سلبوا اللسان السرياني ، إلا أهل الجودي ، وأجرى جبريل على لسان كل أمة لغة ، وأصبح عابر بالعربية وابناه هود ، وفالغ

__________________

(١) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٩ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٨.

(٢) كذا ورد عند الطبري في تاريخه ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٨.

٨٦

يتكلمون بالجودي بالسرياني ، وتكلم مع عابر جميع إخوته وبنو عمه ، ما خلا الفرس ، فإنها تكلمت بالعجمي ، وأما عاد ، وثمود ، وطسم ، وجديس ، وعملاق ، وراشب فتكلموا مع ابن عمهم بالعربية ، وأول من تكلم باللسان العربي : عزقيل بن ساروم بن خامور بن شامخ بن أرفخشد ، وأول من جرت الفارسية على لسانه : شاغور بن خامور بن باقر بن سام ، وأول من جرت الحبشية على لسانه : شلخب بن باداد بن باهاش بن شوعان بن كوش بن حام ابن نوح ، وهذا أصول الألسن (١).

قال الشعبي : وكلام الناس يوم القيامة بالسرياني (٢).

عن الحسن البصري [قال :](٣) ان نوحا لما ركب السفينة ، أوحى الله تعالى إليه : يا نوح إن خفت الغرق فهللني ألف مرة ، ثم سلني النجاة انجك ومن معك ، فعصفت عليهم الريح فلم يأمن الغرق ولم يلحق أن يهلل ، فقال بالسريانية : هو هو هو ألفا ألفا ألفا يا هادي. فهدت الريح ، فقال : إن كلاما نجاني الله به من الغرق حقيق بأن لا يفارقني ، فنقش على خاتمه : لا إله إلا الله ألف مرة يا رب أصلي.

ونوح عليه‌السلام ابن لامك ، وقيل : لمك ، وقيل : ملكان ، ولمك اسمه بالعربي ، واسمه بالعبراني : لامخ ، وكذلك بالسرياني ، وتفسيره : متواضع ، بنى المصانع وتجبر واحتجب ، عاش سبعمائة سنة وثمانين سنة (٤). اسم أمه منشاخا.

__________________

(١) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٨ ـ ٤٩ وعزاه للشعبي.

(٢) قول الشعبي ذكره ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٩.

(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٣ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٩.

٨٧

ابن متوشلح بالخاء المعجمة ، ويقال بالمهملة ، وضبطه : بفتح الواو والتاء والشين ، وسكون اللام والخاء ، وقيل : بدل متوشلخ : مثوب ، ومتوشلخ عبراني تفسيره بالعربي : مطلق ، واسمه بالسرياني : منشالخ ، تفسيره بالعربي : مات الرسول (١).

ابن أخنوخ بخائين معجمتين ، وقيل : الأولى مهملة ، وقيل : خنوخ بمعجمتين ، وقيل : بإهمال الأولى وإسقاط الألف (٢). وقيل : أهنخ. حكاه قتادة. وخنوخ اسمه في التوراة : عبراني ، تفسيره بالعربي : إدريس ، وأخنوخ اسمه سرياني ، وأنزل في التوراة أنه حي إلى موت جميع الخلق وجميع الملائكة ، ويذوق الموت حتما مقضيا ، وأنه عاش في الأرض ثلثمائة سنة وخمس وستين سنة ، ثم رفعه تعالى إلى السماء السابعة ، فهو مع الملائكة (٣).

وإدريس أمه تسمى : أسوت ، وقيل : ولد في حياة آدم عليه‌السلام ، وقد مضى من عمر آدم ستمائة وإثنتان وعشرون سنة ، أنزل عليه ثلاثون صحيفة (٤).

وكان من الملوك على زمنه : طهمورث ملك الأقاليم كلها (٥).

__________________

(١) انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ٣ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٢.

(٢) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٠ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٣.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٤.

وإنما قيل له إدريس : لأنه أول من درس الوحي المكتوب ، ولكثرة ما كان يدرس من كتب الله تعالى.

انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٩ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٣.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٠ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٤ ، وتلقيح فهوم ص ٣ ، ويذكر ابن كثير في البداية ١ / ٩٢ «أنه أدرك إدريس من حياة آدم ثلثمائة سنة وثمانين سنة».

(٥) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٦.

٨٨

وعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثلاثين سنة ، وفي الصحيح : أنه في السماء الرابعة (١).

وبين إدريس / ونوح كانت الجاهلية الأولى (٢) وهو أول من كتب بيده من أهل الأرض ، كان يكتب بالسريانية (٣) ، ولد بعد مائة وإثنتين وستين سنة من عمر يارد (٤).

ابن يارد ، وقيل : ابن يرد ـ قاله قتادة ـ وقيل : ابن الزيد ، واسمه في التوراة بارد عبراني تفسيره بالعربي : ضابط ، واسمه في الانجيل سرياني بردا تفسيره بالعربي : هبيط أي هبط في الآباء ، وفي زمانه عبدت الأصنام (٥). ولد بعد مائة وخمس وستين من عمر مهلائيل ، ومات وله تسعمائة وإثنتان وستون سنة ، فكان قيامه بالأمر بعد مهلائيل مائتين وإثنين وخمسين سنة (٦).

ابن مهلائيل ، وقيل : مهلائل ـ حكاه السمرقندي ـ ومهلائيل عبراني ، تفسيره : مهروج ، واسمه بالسرياني في الإنجيل : ما لا إل ، تفسيره : فسيح الله (٧).

__________________

(١) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٠.

وحديث إدريس في السماء الرابعة : أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأنبياء باب ذكر إدريس عليه‌السلام عن أبي ذر برقم (٣٣٤٢) ٤ / ١٢٩ وفي كتاب مناقب الأنصار باب المعراج عن مالك ابن صعصعة برقم (٣٨٨٧) ٤ / ٢٩٩.

(٢) كانت الجاهلية الأولى ألف سنة.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٧ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٥.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٠ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٤.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٠ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٣٤.

(٥) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٩ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٧٠ ، ٢ / ٢٧٦.

(٦) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٩ ، ١٧٠ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٦.

(٧) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٤ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٥.

٨٩

ولد بعد مائة وخمس وسبعين سنة من عمر قينان (١) ، ومات مهلائيل وله ثمانمائة وخمس وسبعون سنة ، وقيل : عمره تسعمائة وعشرين سنة (٢).

ابن قينان ، وقيل : قنان ، وقيل : فتيان بالفاء والتاء المثناة من فوق بعدها ياء مثناة من أسفل ، وقيل : فينان ، وقيل : فاين ـ حكاه قتادة ـ وقينان بالعبراني تفسيره : مستوى ، وكذلك بالسرياني (٣). وقيل تفسيره بالعربي : عيسى ، وأن اسمه في الإنجيل قينان.

قام بالأمر بعد مائة وتسعين سنة من عمر أنوش ، ومات قينان وله تسعمائة وعشرة سنين ، فكان قيامه بالأمر بعد أنوش مائة وتسعين سنة (٤).

ابن أنوش ، وقيل : ذانوس. قاله ابن [الأزرق](٥) ابن الطلاق ، واسمه [عبراني تفسيره :](٦) بالعربي : إنس بكسر الألف وسكون النون ، وبالسرياني : أنوش بفتح الألف والشين ، تفسيره بالعربي : صادق (٧). قام بالأمر ولشيت تسعمائة وخمسون سنة ، وكان قيامه بالأمر بعد شيث عليه‌السلام مائتين وثمانية وثمانين سنة ، وهو أول من غرس النخل ، وزرع الحب ، وبوب الكعبة ، ونبأه الله تعالى. ـ قاله ابن الطلاق ـ وأنزل عليه عشر

__________________

(١) يذكر الطبري في تاريخه ١ / ١٦٤ بأنه ولد بعد أن مضت من عمر آدم ثلثمائة وخمس وتسعون سنة ، ومن عمر قينان سبعون سنة.

(٢) يذكر الطبري في تاريخه ١ / ١٦٤ أن كل ما عاش مهلائيل ثمانمائة سنة وخمسا وتسعين سنة ثم مات.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٣ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٥.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٤ ، ويذكر الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٥ بأنه مات وله تسعمائة وعشرون سنة.

(٥) و (٦) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٧) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٢ ـ ١٦٣ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٥.

٩٠

صحائف ، وأنزل عليه الميزان ، قبض عن تسعمائة وخمس سنين (١).

ابن شيث ، وقيل : شث ، وتفسيره : هبة الله ، وقيل : تفسيره : خلف ، وشايث تفسيره بالعربي : نصب ، لأن عليه نصبت الدنيا وعلى ذريته (٢).

ولد بعد مائتين وثلاثين سنة من عمر آدم عليه‌السلام ، ومات وله تسعمائة واثنا عشرة سنة ، فكان قيامه بالأمر بعد آدم مائتين واثنا عشرة سنة (٣).

واختلف في نبوته (٤) ، وأنزل عليه خمسين صحيفة ، وقيل : ثلاثين ، وقيل :عشرة ، وبنى الكعبة بالطين ، وحج ووالدته حواء مفردا ، وكانت تلد ذكرا وأنثى في كل بطن ، فولدته مفردا ـ يعني : بدلا من هابيل (٥).

ابن آدم عليه‌السلام ، ويكنى أبا محمد ، بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويكنى / أيضا :أبا البشر (٦).

وفي رواية قال : إدريس بن الرائد بن مهلهل بن قنان بن الطاهر [بن هبة

__________________

(١) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٣ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٥ ، الفاسي : شفاء الغرام ١ / ١٠٤.

(٢) وإلى شيث أنساب بني آدم كلهم اليوم ، وذلك أن نسل سائر ولد آدم غير نسل شيث انقرضوا وبادوا فلم يبق منهم أحد ، فأنساب الناس كلهم اليوم إلى شيث عليه‌السلام.

انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ٣ ، ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٩ ، ٥٩ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٥٢ ، ١٦٢.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٣ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٥ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٤٩.

(٤) يذكر ابن كثير في البداية ١ / ٩٢ بأنه كان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر مرفوعا أنه أنزل عليه خمسون صحيفة. أما الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٥ فيذكر بأن أهل الكتاب اختلفوا في نبوة شيث ، فادعاها بعضهم وأنكرها آخرون منهم.

(٥) نقله ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٤٩ عن المؤلف.

(٦) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦٥ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٤٩.

٩١

ابن آدم ، فالرائد هو : يارد ، ومهلهل هو : مهلائيل ، وقنان هو : قينان ، والطاهر](١) هو : أنوش ، وهبة هو : شيث (٢).

وآدم عبراني ، وقيل : عربي (٣) ، خلقه الله تعالى من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنوه على قدر الأرض ذوو ألوان (٤).

يروى أنه قال : يا رب لم سميتني آدم؟ قال : لأني خلقتك من أديم الأرض ، وأديم الأرض : وجهها (٥).

وخلق الله حواء من ضلعه الأيسر (٦) ، وقال ابن جبير : خلقها من مثل ما خلق آدم ، وهو قول تقرد به (٧).

__________________

(١) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٢) ذكر أهل التوراة أن تفسير ـ شيث ـ عندهم هبة الله ومعناه : أنه خلف هابيل.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٥٢.

(٣) في تسميته بآدم قولان : أحدهما أنه اسم عبراني نقل إلى العربية ، والقول الثاني انه اسم عربي سمي بذلك لأنه خلق من أديم الأرض ، وأديمها وجهها.

انظر : الماوردي : أعلام النبوة ص ٤١ ، ابن حجر : فتح الباري ٦ / ٣٦٤.

(٤) انظر : ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٤٩.

وحديث خلق آدم من قبضة : أخرجه الترمذي في سننه ٥ / ١٨٨ كتاب التفسير باب ومن سورة البقرة عن أبي موسى الأشعري ، وأحمد في المسند ٤ / ٤٠٠ ، ٤٠٦ عن أبي موسى ، وذكره الطبري في تاريخه ١ / ٩١ ، وابن الجوزي في المنتظم ١ / ١٩٩.

(٥) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٩٠ ، ٩١ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤١ ـ ٤٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ١٩٨.

(٦) وهو ما عليه الجمهور في قوله تعالى في سورة النساء آية (١) (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) وأن المراد بالنفس آدم عليه‌السلام وأن حواء خلقت من قصيري آدم.

انظر : القرطبي : الجامع ٥ / ٣ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٠٤ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٠٣.

(٧) قول ابن جبير ذكره الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٢.

٩٢

وسميت حواء : لأنها خلقت من حيّ ، وخلقت قبل دخولها الجنة (١).

واختلف في الشجرة التي أكلها : فقيل : شجرة الكافور ، أو الحناء ، أو الكرمة ، أو النخلة ، أو السنيلة ، أو الحلبة ، أو التين ، أو الحنطة ، وكانت حلوة (٢).

وأهبط على جبل لبنان ، أو الجودي ، أو سرنديب على جبل يقال له : بوذ أو واسم (٣) جبل بالهند ، وحواء بجدة ، وإبليس على ساحل بحر أيلة ـ بفتح الألف ـ وقيل : ببيسان ، أهبطت والحية بالبرية ، وقيل : بأصبهان ، والطاووس [بأرض كابل ، فأهبط آدم من باب التوبة ، وحواء من باب الرحمة ، وإبليس من باب اللعنة ، والطاووس](٤) من باب الغضب ، والحية من باب السخط ، وكان وقت العصر (٥).

وقيل : أهبط [آدم](٦) بين الظهر والعصر من باب يقال له : المبرم ، حذاء البيت المعمور ، وقيل : من باب المعراج ، وأهبط إبليس برست بيسان ،

__________________

(١) أو لأنها أم كل حي.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٠٤ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٠٤.

(٢) راجع هذه الأقوال عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٣ ، وابن الجوزي في المنتظم ١ / ٢٠٣ ، وابن كثير في البداية ١ / ٦٨.

(٣) واسم : بالسين المهملة ، جبل بين الدهنج والمندل من أرض الهند ، قيل أن آدم وحواء هبطا عليه.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٣٥٣.

(٤) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٥) انظر : الطبري ١ / ١٢١ ـ ١٢٢ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ٤٤ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٠٨ ، ابن كثير : البداية ١ / ٧٤ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٤٩.

(٦) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

٩٣

والطاووس بالبحر (١).

ومكث في الجنة نصف يوم من أيام الآخرة ، وذلك بخمسمائة عام ، ومكث على جبل الهند مائة سنة يبكي ، وأنبت الله العشب من دموعه ، منه :الدار صيني ـ يعني القرفة ـ والفلفل ، والقرنفل (٢).

وكان رأسه يمس السحاب ، فصلع فتوارثه ذريته ، وخفضت قامته إلى ستين ذراعا بذراعه (٣).

وحج أربعين حجة ، وكانت خطوته مسيرة ثلاثة أيام ، ونزل معه الحجر الأسود ، وعصا موسى ، وهي من آس الجنة ، وكان الحجر أشد بياضا من الثلج ، فسودته خطايا بني آدم (٤).

قال قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة في منسكه : رأيت الحجر سنة ثمان وستمائة وبه نقطة ظاهرة لكل أحد ، ثم حججت بعد ذلك ، فرأيت البياض قد نقص ، بحيث أني لم أره في سنة ست وثلاثين إلا بعسر (٥).

قلت : وها هي باقية إلى الآن.

__________________

(١) و (٢) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٠٧ ، ابن كثير : البداية ١ / ٨٥ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٥٠.

(٣) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٥ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٢٨ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٥٠.

وعن خلق آدم وطوله : حديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب خلق آدم عن أبي هريرة برقم (٣٣٢٦) ٤ / ١٢٣.

(٤) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٥ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٢٥ ، ١٢٧ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢١٤ ، محب الدين الطبري : القرى ص ٢٢ ، الفاسي : شفاء الغرام ١ / ١٦٩.

(٥) قول ابن جماعة ذكره تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام ١ / ١٧٠ وأضاف الفاسي : «ولعلها النقطة الموجودة فيه الآن ، فإن في جانبه مما يلي الكعبة من أعلاه نقطة بيضاء قدر حبة سمسمة».

٩٤

واجتمع آدم وحواء بجمع ـ أعني المزدلفة ـ فلذلك سميت ليلة جمع ، وتعارفا بعرفات فلذلك سميت عرفات (١).

وهو أول من ضرب الدينار والدرهم ، وكان أمردا ، وإنما نبتت اللحى لذريته (٢).

وأنزلت عليه حروف المعجم في إحدى وعشرين ورقة ، وأنزل عليه عشر صحائف ، وجميع / الصحف مائة وأربعة كتب : على آدم عشر ، وعلى شيث خمسين ، وعلى إدريس ثلاثين ، وعلى إبراهيم عشرة ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان نزل بها جبريل عليه‌السلام (٣).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «نزلت صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان ، والتوراة لست مضين من رمضان ، والإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت من رمضان ، والزبور لثماني عشرة ليلة خلت منه ، والقرآن لأربع وعشرين منه ، وبين نزول أول القرآن وآخره عشرون سنة» (٤).

وفي رواية : «أن الإنجيل نزل لثماني عشرة ليلة خلت منه ، والزبور لإثنتي عشرة ليلة خلت منه» (٥).

__________________

(١) كذا ورد عند ابن سعد في الطبقات ١ / ٤٠ ، والطبري في تاريخه ١ / ١٢١ ـ ١٢٢.

(٢) انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٢١ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٥٠.

(٣) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥٠ ، وابن كثير في البداية ١ / ٩١.

(٤) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٩ / ١٨٨ عن واثلة بن الأسقع ، وذكره ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٤٤ عن وهب ، وابن كثير في البداية ٢ / ٧٢ وعزاه لأبي زرعة الدمشقي عن معاوية بن صالح عمن حدثه ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥٠.

(٥) الرواية التي ذكرها ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٤٥ ، وابن كثير في البداية ٢ / ٧٢ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥٠.

٩٥

وكان آدم من المصطفين دون المرسلين (١) ، ولم يمت حتى بلغ ولده ، وولد ولده أربعون ألفا (٢) ، وقيل : صلى خلفه ألف رجل غير بني بنيه ، وورد أن الله تعالى يشفعه من ذريته في مائة ألف ألف وعشرة آلاف ألف من ذريته.

والفرس يسمون آدم : كيومرث (٣) ، وقيل : بل هذا بالهندية ، بعض الفرس يسميه : ميشان ، والترك تسميه : أسنوعير ، وبعضهم يسميه : بليقون ، واسمه في توراة موسى : آدام ، والسرياني كالعربي : آدم (٤).

وقال ابن عباس : تكلم آدم بسبعمائة ألف لغة ، أفضلها العربية (٥).

وكان القمح في زمنه كبيض النعام ، ولم يزل إلى أيام إدريس ، ثم نقص منه قليلا ، ثم نقص أيام فرعون ، ثم نقص أيام إلياس ، فصار كبيض الدجاج ، ثم نقص أيام عيسى ، ثم نقص أيام يحيى ، فصارت في أيام بختنصر كالبندق ، وكذلك كانت في أيام العزيز عليه‌السلام ، فلما مات قالت اليهود : عزير ابن الله ، صار قدر الحمص ، ثم صار إلى ما يرى ويوشك أن يصير إلى قدر الجاروس. قاله كعب الأحبار (٦).

__________________

(١) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٤٤ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥٠.

قلت : قال الهيثمي في مجمع الزوائد ٨ / ١٩٨ «روى الطبراني في الأوسط عن أبي ذر : قلت يا رسول الله أين كان ـ آدم ـ؟ قال : كان نبيا رسولا كلمه الله قبلا». ففي هذا الحديث تصريح بأن آدم عليه‌السلام كان رسولا نبيا.

(٢) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٨ ، ابن الجوزي : المدهش ص ٥٨ ، ابن كثير : البداية ١ / ٨٩ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٥٠.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٥٣ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢١٨.

(٤) انظر : ابن حجر : فتح الباري ٦ / ٣٦٤.

(٥) قول ابن عباس ذكره ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥٠.

(٦) قول كعب ذكره ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥١.

٩٦

وماتت حواء قبل آدم بعامين ، وعمرها تسعمائة سنة وتسع وعشرون سنة ، وقيل : ماتت بعده بعامين ، وقيل : بست سنين (١).

مات آدم يوم الجمعة ، ووافق من شهور السريان العشرين من نيسان ، وقيل : مات لعشر من أبريل ، مات على الجبل الذي أهبط عليه ، وصلى عليه شيث ، وكبر عليه ثلاثين (٢).

وحمله نوح في السفينة ، قيل : وحمل حواء معه ، ودفنه ببيت المقدس بعد الطوفان (٣).

وقيل : صلت عليه الملائكة ، وحفروا له بجبل أبي قبيس ، ثم حمله نوح ، ثم رده إلى مكانه بالجبل ، وقيل : قبر آدم في مشارف الفردوس (٤).

قلت : الظاهر أنه ـ يعني آدم ـ بالشام لأنها كانت أرضه ـ أعني دمشق ـ وبها مقبرة الفراديس (٥).

وقيل : دفنته الملائكة بمسجد الخيف ـ حكاه ابن الجوزي في «ترياق

__________________

(١) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥١ ، ويذكر الطبري في تاريخه ١ / ١٦١ ، وابن كثير في البداية ١ / ٩٢ بأن حواء عاشت بعد آدم سنة ثم ماتت.

(٢) لما مات آدم جعله بنو شيث بن آدم في مغارة في الجبل الذي أهبط عليه آدم بأرض الهند ، ويقال للجبل نوذ ، وهو من الجودي. وعن ابن عباس : وكبر عليه ثلاثين تكبيرة ، فأما خمس فهي للصلاة ، وأما خمس وعشرون فتفضيلا لآدم.

انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٣٨ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦١ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٢٨.

(٣) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ٤٢ ، الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦١ ، ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٥١.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ١٦١ ، ابن الجوزي : المنتظم ١ / ٢٢٧ ، ٢٢٨ ابن الضياء : تاريخ مكة ص ٥١.

(٥) نقله ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥١ عن المؤلف.

٩٧

الذنوب» ـ وهو مسجد صلى فيه سبعون نبيا كلهم مخطمون رواحلهم بالليف (١). ويروى أنه قبر سبعون نبيا تحت منارته (٢). ويروى أن أربعمائة نبي ماتوا بالقمل.

وآدم الآن في سماء الدنيا ، قال البغوي : ولا يسمى أحد خليفة الله تعالى بعد آدم عليه‌السلام ، وانقرض نسل آدم بالطوفان إلا [نسل](٣) شيث (٤).

فائدة :

قال الطوسي : وبلغني أن من كتب للمطلقة «آدم وحواء» وضعت (٥).

قلت : وسبب ذلك مناسبة المثلث للإسمين ، وذلك أن الشكل المثلث من خاصيته تسهيل الولادة وطبيعته Bs وذلك عدد اسم حواء ، وجميع ما في عدله ـ أعني جميع ضلوع الوقف B ١ ـ لأنه من ضرب خمسة عشر في ثلاثة خمسة وأربعين ، وذلك مبلغ عدد اسم آدم ، ومتى نزلت عدد اسم آدم التي هي خمسة وأربعين في المثلث ، حتى يصير كل ضلع منه خمسة وأربعين خرج على ترتيب الوضع الطبيعي ، غير أنه زادت فيه العشرات لا غير ،

__________________

(١) ذكره ابن الجوزي في المنتظم ١ / ٢٢٨ ، وابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥١ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ٣٠٠ عن ابن عباس وقال : «رواه الطبراني في الكبير وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط».

(٢) ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٣ / ٢٩٧ عن ابن عمر وعزاه للزبير وقال : رجاله ثقات.

(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٤) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥١ ، وابن كثير في البداية ١ / ٩١.

(٥) قول الطوسي ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٥١ وليست هناك ضرورة في إثبات الهاء في كلمة «المطلقة» لأن النعت إذا كان منفردا به الأنثى دون الذكر لم تدخله الهاء نحو طالق وطامث وحائض.

انظر : ابن منظور : اللسان مادة «طلق».

٩٨

فيصير على هذه الهيئة مثاله :

١٢

١٩

١٤

١٧

B l

١٣

١٦

١١

١٨

وهنا إشارة لطيفة ظهرت لي ، ولم أر من نبه عليها وهو : أن عدد اسم حواء ، بل أيضا ونسبة الحروف موجود في ذلك الضلع الأسفل من الشكل المثلث ، وذلك نسبة قول من قال أنها خلقت من ضلع آدم القصيري ، فانظر إلى هذه المناسبة التشكيلية ما ألطفها (١).

وكان آدم عليه‌السلام حراثا ، وشيث مجاهدا ، وإدريس خياطا ، [ونوح نجارا](٢) وصالح وإبراهيم حراثان ، وإسماعيل قناصا ، وإسحاق ويعقوب راعيين ، ويوسف ملكا ، وأيوب وشعيب وموسى رعيانا ، وهارون وزيرا ، وإلياس نساجا ، وداود زرادا ، وسليمان ملكا ، ويونس زاهدا ، وزكريا نجارا ، ويحيى زاهدا ، وعيسى سائحا ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم مجاهدا. روي عن ابن عباس (٣).

__________________

(١) أحكام العقيدة الإسلامية لا تلتمس باستقرار التجارب وملاحظة مدى ثبوت نتائجها ، وإنما تلتمس دلائلها من محكم القرآن الكريم وصحيح السنة وما أجمع عليه المتكلمون من سلوة الأمة الأخيار رضوان الله عليهم.

وهذا الجدول بحساب يدعى «حساب الجمل» المنسوب للفلكيين لمعالجة ربط حركات النجوم بأفعال العباد والإستدلال بما حدث على ما سيدحث ، وهو حساب لا يجوز لمسلم التعويل عليه والعمل به.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) انظر : ابن الجوزي : تلقيح فهوم الأثر باب صناعات الأشراف ص ٤٥٤ ، وأخرج مسلم في صحيحه كتاب الفضائل باب فضائل زكريا عن أبي هريرة برقم (١٦٩) ٤ / ١٨٤٧ أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : كان زكريا نجارا ، وابن كثير : البداية ٢ / ٤٤.

٩٩

الفصل السادس

في ذكر نبذة من أحواله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ولادته

لما ولد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان في حجر جده عبد المطلب. فاسترضعته امرأة من بني سعد بن بكر يقال لها : حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله السعدية ، وهي أم عبد الله وأنيسة أخوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الرضاعة (١) ، وكانت تحت الحارث ابن عبد العزي (٢) ، ثم أخذته صلى‌الله‌عليه‌وسلم معها إلى بلدها ، ثم رجعت به إلى أمه حين شق جبريل فؤاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك بعد أن أرضعته سنتين (٣).

ثم أرضعته ثويبة (٤) جارية عمه أبي لهب ، وأرضعت معه حمزة رضي‌الله‌عنه (٥).

__________________

(١) واسم أخوته من الرضاعة : عبد الله ، وأنيسة ، وحذافة وهي الشيماء كانت تحضنه مع أمها إذ كان عندهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ١٦١ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ١٥٧ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٢٥٩.

(٢) الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي ، من بني سعد بن بكر.

انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ١٦١ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ١٥٧ ، البيهقي : دلائل النبوة ١ / ١٣٢.

(٣) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ٨ ـ ٩ ، وعن رجوعه صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أمه بعد سنتين ، ثم عودته إلى بني سعد ورجوعه إلى أمه لما بلغ أربع سنين ، تفصيل ذلك عند : ابن سعد في طبقاته ١ / ١١٢ ، والطبري في تاريخه ٢ / ١٦٠ ـ ١٦٥ ، والبيهقي في الدلائل ٢ / ٥ ـ ٨ ، وابن الجوزي في المنتظم ٢ / ٢٦٤ ـ ٢٦٧.

(٤) تويبة جارية أبي لهب ، هي أول من أرضع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلبن ابن لها يقال له مسروح أياما قبل أن تقدم حليمة ، واعتق أبو لهب ثويبة حين بشرته بمولد ابن أخيه عبد الله ، وكانت تدخل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ما تزوج من خديجة فيكرمها ، وبعد الهجرة كان يبعث إليها بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر ، واختلف في إسلامها.

انظر : ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٢٦٠.

(٥) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٣.

١٠٠