بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني

بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني


المحقق: محمّد عبد الوهاب فضل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٠
الجزء ١ الجزء ٢

أصفر وأخضر وأحمر وجميع الألوان يسبحون الله تعالى ويقدسونه.

وقال كعب الأحبار : وهو من صيد البحر ، نثره حوت ، ينثره في كل عام مرتين (١).

وقال عليه الصلاة والسلام : «أحل لنا الدمان والميتتان ، فالميتتان : الحوت والجراد / ، والدمان : الطحال والكبد» (٢) ولم يأكلهم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

والدم من بني آدم حياة الأنفس ، وهو النفس السائلة والسلطان القاهر ، وأصل الروح والحياة ، وأصل الموت إذا هاج.

وجاء في الحديث : «عليكم بالحجامة ، لا يتبيغ (٣) بأحدكم الدم فيقتله» (٤) أي لا يهيج.

وقال عليه الصلاة والسلام : «الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية بنار» (٥) ونهى عن الكي بالنار.

ومما اتفق بالأندلس أن بعض الفلاحين سرق له رأس بقر ، فأتى بعض

__________________

(١) انظر : القرطبي : الجامع ٧ / ٢٦٨.

(٢) أخرجه الامام أحمد في المسند ٢ / ٩٧ عن ابن عمر ، ابن ماجة في سننه برقم (٣٢١٨) ٢ / ١٠٧٣ عن ابن عمر ، البيهقي في السنن الكبرى ١ / ٢٥٤ عن ابن عمر.

(٣) تبيغ به الدم أي تردد فيه بغلبة ، وتبوغ به الدم : هاج كتبيغ وتبوغ الدم بصاحبه فقتله.

انظر : ابن الأثير : النهاية ١ / ١٧٤ ، ابن منظور : اللسان مادة «بوغ».

(٤) أخرجه ابن ماجة في سننه ٢ / ١١٥٣ برقم (٣٤٨٦) من حديث أنس ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٩٦ عن ابن عباس وقال : رواه الترمذي وغيره مرفوعا ورواه البزار وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه يدلس.

(٥) أخرجه الامام أحمد في المسند ١ / ٢٤٦ عن ابن عباس ، ابن ماجة في سننه برقم (٣٤٩١) ٢ / ١١٥٥ عن ابن عباس ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٥ / ٩٠ وعزاه لأحمد والطبراني بالكبير والأوسط وأبي يعلى عن عقبة بن عامر وقال رجاله رجال الصحيح.

٣٤١

المشائخ ، فشكى عليه ، فأمره أن يحتجم ، فخرج إلى دكان للحجام ، فدخل الدكان ، فإذا برأس بقره ، فأخذه ورجع ، فقيل للشيخ : أي سبب في قولك احتجم؟ فقال : قوله عليه الصلاة والسلام : «شفاء أمتي في ثلاث» ، فأخذت الحديث على عمومه.

وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إذا رمد اكتحل بالعسل (١).

وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما إذا طلع فيه نبت طلاه بالعسل للآية والحديث (٢).

والجمهور على أن العسل يخرج من أفواه النحل ، وقيل : من دبرها ، وقد صنع أرسطاطاليس بيتا من زجاج لينظر كيفية ما يصنع ، فأبت أن تعمل حتى لطخت [باطنه](٣) بالطين. حكاه القرطبي عن الغزنوي (٤).

وقيل : كل ذباب يجعله الله تعالى عذابا لأهل النار ، إلا النحل. ذكره الحكيم الترمذي (٥).

قيل : وعمر الذباب أربعين يوما. والنحل والنمل لهم من الذكاء في الأفعال ما يعجز عن الوصف.

قال دغفل : والنمل ثلاثة أبطن : ذر وهو النمل الصغار الصفر ، وفارز وهي التي رأسها أكبر من مؤخرها ، وعقفان وهي الطوال القوائم.

__________________

(١) و (٢) انظر : القرطبي : الجامع ١٠ / ١٣٦.

(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٤) و (٥) قول القرطبي ورد عنده في الجامع ١٠ / ١٣٤ ، ١٣٥ وعزاه للترمذي الحكيم.

٣٤٢

الفصل الثاني

في كيفية زيارة البقيع

عن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كلما كانت ليلتي منه يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وأتاكم ما توعدون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد» (١).

وعنها رضي‌الله‌عنها قالت : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذات ليلة ، فلبس ثيابه ، ثم خرج فأمرت جاريتي بريرة (٢) تتبعه ، فتبعته ، حتى جاء البقيع ، فوقف ما شاء الله أن يقف ، ثم انصرف فسبقته بريرة ، فأخبرتني ، فلم أذكر له شيئا حتى أصبحت فذكرت له ذلك ، فقال : «إني بعثت إلى أهل البقيع لأصلي عليهم» (٣).

وفي كتاب ابن السني (٤) ، عن عائشة رضي‌الله‌عنها ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أتى البقيع ، فقال : «السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، أنتم لنا فرط ، وإنا بكم لاحقون ، اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تضلنا بعدهم».

__________________

(١) حديث عائشة : أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور برقم (١٠٤) ٢ / ٦٦٩ ، أحمد في المسند ٦ / ١١١ ، النسائي في سننه ٤ / ٩٤ ، ابن ماجه في سننه برقم (١٥٤٦) ١ / ٤٩٣.

(٢) بريرة مولاة عائشة ، كانت مولاة لبعض بني هلال فكاتبوها ثم باعوها من عائشة.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٢٥٦ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٧٩٥.

(٣) حديث عائشة : أخرجه مالك في الموطأ ١ / ٢٤٢ ، النسائي في سننه ٤ / ٩٣ ، الحاكم في المستدرك ١ / ٤٨٨.

(٤) حديث عائشة : أخرجه ابن السني في كتابه عمل اليوم ص ٢٢١ ، ابن سعد في طبقاته ٢ / ٢٠٣ ، ابن ماجة في سننه برقم (١٥٤٦) ١ / ٤٩٣.

٣٤٣

وعن عائشة رضي‌الله‌عنها قالت : «لما كانت ليلتي التي فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عندي ، انقلب فوضع رداءه ، وخلع نعليه ، فوضعهما عند رجليه ، وبسط طرف إزاره على فراشه واضطجع ، فلم يلبث إلا بقدر ما ظن أنني قد رقدت ، فأخذ رداءه ، رويدا وانتقل رويدا ، فخرج ثم أجافه (١) رويدا وجعلت درعي في رأسي ، واختمرت ، وتقنعت إزاري ، ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع ، فقام فأطال القيام ، ثم رفع يديه ثلاث مرات ، ثم انصرف فانصرفت ، فأسرع فأسرعت ، فهرول فهرولت ، فأحضر فأحضرت / فسبقته فدخلت ، فليس إلا أن اضطجعت فدخل ، فقال : مالك يا عائشة حشيا رابية ، قالت : قلت : لا شيء ، قال : لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير ، فأخبرته ، فقال : أنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت : نعم ، فلهزني لهزة في صدري أوجعتني ، ثم قال : أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله؟ قالت : قلت : مهما يكتم الناس يعلمه الله عزوجل ، قال : إن جبريل أتاني حين رأيت ، فناداني فأخفاه منك ، فأجبته : فأخفيته منك ، ولم يكن يدخل عليك وقد وضعت ثيابك ، وظننت أن قد رقدت ، ، وكرهت أن أوقظك ، وخشيت أن تستوحشي ، فقال : إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فستغفر لهم ، قالت : قلت كيف أقول يا رسول الله؟ قال : قولي السلام على أهل الديار المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين والمستأخرين ، وإن شاء لله بكم لا حقون» (٢).

وعن عوسجة (٣) قال : كنت أدعو ليلة إلى زاوية دار عقيل بن أبي طالب التي تلي باب الدار ، فمر بي جعفر بن محمد ، فقال لي : أعن أثر وقفت

__________________

(١) ثم أجافه : أي أغلقه. وإنما فعل ذلك صلى‌الله‌عليه‌وسلم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها ، فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل.

انظر : صحيح مسلم ٢ / ٦٧٠ حاشية «٣».

(٢) حديث عائشة : أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور برقم (١٠٣) ٢ / ٦٦٩ ، ابن شبة في تاريخ المدينة ١ / ٨٨ ، ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٤٠٢.

(٣) عوسجة المكي مولى ابن عباس ، روى عن ابن عباس ، ليس بمشهور ، وثقه أبو زرعة.

انظر : ابن أبي حاتم : الجرح ٧ / ٢٥ ، ابن حجر : التقريب ص ٤٣٣.

٣٤٤

ههنا؟ قلت : لا ، قال : هذا موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالليل إذا جاء يستغفر لأهل البقيع (١).

قال الحافظ محب الدين (٢) : «ودار عقيل الموضع الذي دفن فيه ـ يعني عقيل». ويستحب للزائر الإكثار من قراءة القرآن والذكر والدعاء لأهل تلك المقبرة ، وسائر الموتى والمسلمين أجمعين (٣).

ويستحب الإكثار من الزيارة ، وأن يقف عند قبور أهل الخير.

ومن فعل طاعة لله تعالى ، ثم أهدي ثوابها إلى حي أو ميت لم ينتقل ثوابها إليه ، فإن شرع في الطاعة ناويا أن يقع عن الميت لم يقع عنه ، إلا فيما استثناه الشرع كالصدقة والحج والصوم. قاله عز الدين بن عبد السلام.

وقال النووي : أجمع العلماء على أن الدعاء للأموات ينفعهم ويصلهم ثوابه ، واحتجوا بقوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ)(٤) ، وبقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم اغفر لأهل البقيع الغرقد» (٥).

واختلف في وصول ثواب قراءة القرآن ، فالمشهور من مذهب الشافعي

__________________

(١) الحديث أخرجه ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٤ عن خالد بن عوسجة ، وذكره السمهودي في وفاء الوفا ص ٩٨٠ عن خالد بن عوسجة.

(٢) قول ابن النجار ورد عنده في الدرة ٢ / ٤٠٤ ، ونقله عنه السمهودي في وفاء الوفا ص ٨٩٠.

(٣) ما ذكره المصنف من استحباب قراءة القرآن والذكر في المقبرة غير صواب ولا دليل عليه من الكتاب والسنة ولا عمل من يعتد بعمله من الصحابة والتابعين.

(٤) سورة الحشر آية (١٠).

(٥) جزء من حديث عائشة أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجنائز باب ما يقال عند دخول القبور برقم (١٠٤) ٢ / ٦٦٩ ، أحمد في المسند ٦ / ١١١ ، النسائي في سننه ٤ / ٩٤ ، ابن ماجة في سننه برقم (١٥٤٦) ١ / ٤٩٣.

٣٤٥

رحمه‌الله تعالى أنه لا يصل ، وذهب ابن حنبل وجماعة من أصحاب الشافعي أنه يصل.

سمعت والدي رحمه‌الله يقول : سمعت أبا عبد الله الدلاصي يقول سمعت الشيخ أبا عبد الله الدبسي يقول : كشف لي عن أهل المعلاه (١) ، فقلت لهم : أتجدون نفعا بما يهدى إليكم من قراءة ونحوها؟ قالوا : ليس نحن محتاجين إلى ذلك ، فقلت لهم : ما منكم أحد واقف للحال؟ فقالوا : ما يقف حال أحد في هذا المكان (٢). / وقبر الدبسي رحمه‌الله بالقرب من باب المعلاه عليه حجر فيه مكتوب : هذا قبر أبي عبد الله محمد بن [عمر](٣) الدبسي ، توفي في يوم تاسع عشر من جماد الأول سنة خمس وستمائة (٤) ، وقبر الدلاصي بالقرب من الجبل.

__________________

(١) يبدو أن هذه طريقة الصوفية في الإستدلال بالكشف والمنامات.

(٢) كذا ورد عند الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٨٤ ـ ٢٨٥ نقلا عن المؤلف.

(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٤) ذكر تقي الدين الفاسي في شفاء الغرام ١ / ٢٤٢ أن وفاته كانت في يوم الأربعاء تاسع عشر جمادى الأولى سنة خمسين وستمائة ... ثم قال : «وما ذكره عبد الله بن عبد الملك المرجاني أن وفاته في سنة خمس وستمائة ، هو سبق قلم ، يدل عليه أنه حكى عن أبيه عن الدلاصي الحكاية المتقدمة في فضل مقبرة المعلاة ، ولا يستقيم حكايتها بهذا الإسناد إلا أن يكون الدبسي توفى سنة خمسين وستمائة».

٣٤٦

الفصل الثالث

في ذكر من يعرف بالبقيع من أهل البيت

والصحابة وغيرهم رضوان الله عليهم

وأكثر الصحابة مدفون بالبقيع ، وكذلك سادات أهل البيت ، وأزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، غير خديجة وميمونة ، رضوان الله عليهم (١).

فمنها قبر : أبي الفضل العباس :

عم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ملبن بساج في قبة عالية ، بناها الخليفة الناصر أبي العباس أحمد بن المستضيء ، ومعه في القبة الحسن بن علي ، رضي‌الله‌عنهما ، [وعليه](٢) أيضا ملبن بساج ، ومع الحسن في القبر ابن أخيه : علي بن الحسين زين العابدين ، ومعه أيضا ابن أخيه : محمد بن علي الباقر ، وابنه جعفر بن محمد الصادق (٣).

فأما أبي محمد الحسن :

فأمه فاطمة الزهراء بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤).

ولد بالمدينة في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة (٥) ، وقيل : في السنة الرابعة.

__________________

(١) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٣ ، المطري في التعريف ص ٤٥ ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٢٥.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٣ ، المطري في التعريف ص ٤٦ ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٢٦.

(٤) راجع نسبه عند ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٣٨٣ ، ابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ٧٥٨ ، ابن حجر في الاصابة ٢ / ٦٨.

(٥) وأضاف ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٣٨٤ «هذا أصح ما قيل في ذلك».

وانظر : ابن الجوزي : المنتظم ٥ / ٢٢٥ ، ابن حجر : الاصابة ٢ / ٦٨ ، الذهبي : سير أعلام ٣ / ٢٤٦.

٣٤٧

قال علي رضي‌الله‌عنه : «لما ولد [الحسن] جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أروني ابني ، ما سميتموه؟ قلت : حربا ، قال : بل هو حسن ، فلما ولد الحسين قال : أروني ابني ، ما سميتموه؟ قلت : حربا ، قال : بل هو حسين ، فلما ولد الثالث ، جاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أروني ابني ، ما سميتموه؟ قلت : حربا ، قال : بل هو محسن ، وقال : إني سميتهم بأسماء أبناء هارون ، بشر ، وبشير ، ومبشر» (١).

توفي الحسن رضي الله تعالى عنه بالمدينة سنة تسع وأربعين ، وقيل : سنة خمسين (٢).

قيل : إن زوجته جعدة بنت الأشعث سمته (٣) ، ودفن إلى جنب أمه فاطمة رضي‌الله‌عنها (٤).

أولاده تسعة عشر : زيد ، والحسن ، وعمرو ، والقاسم ، والقاسم ، وعبد الله ، وعبد الله ، وعبد الرحمن ، وأبو بكر ، والحسين وهو الأقوم ، وطلحة ، وأبو بكر ، وأم الحسن ، وأم الحسين ، وأم سلمة ، وفاطمة ، وفاطمة ، ورقية من أمهات شتى (٥). وليس في الصحابة حسن غيره (٦).

__________________

(١) حديث علي : أخرجه الامام أحمد في فضائل الصحابة ٢ / ٧٧٣ ، ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٣٨٤ ، الحاكم في المستدرك ٣ / ١٦٥ وصحح اسناده ، والبزار في كشف الأستار ٢ / ٤١٦.

(٢) انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٣٨٩ ، ابن الجوزي : المنتظم ٥ / ٢٢٦ ، ابن حجر : الاصابة ٢ / ٧٣.

(٣) راجع خبر سمه عند ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٣٨٩ ، ابن الجوزي في المنتظم ٥ / ٢٢٦.

(٤) انظر : ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ١٠٧ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٣٩٢.

(٥) راجع أولاد الحسن عند الذهبي في سير أعلام ٣ / ٢٧٩ وأضاف : «ولم يعقب منهم سوى الرجلين الحسين وزيد».

(٦) بالرجوع إلى كتب طبقات الصحابة ولا سيما آخر ما صنف منها تقريبا ، وهو الاصابة لابن حجر ، لم يترجم في باب من اسمه «الحسن» إلا للحسن بن علي رضي‌الله‌عنه.

٣٤٨

وروي عن عبيد الله بن علي : أن الحسن حين أحس بالموت قال : ادفنوني إلى جنب أمي فاطمة ، فيكون قبره عند قبرها في بيتها الذي أدخله عمر بن عبد العزيز في المسجد (١).

وقال سعيد بن جبير : رأيت قبر الحسن عند فم الزقاق الذي بين دار نبيه ابن وهب ، وبين دار عقيل بن أبي طالب (٢) ، وقيل لي : دفن عند قبر أمه. وسيأتي بيان ذلك (٣). وكان نقش خاتمه : إن الله بالغ أمره.

ومولد أبي عبد الله الحسين :

لخمس خلون من شعبان سنة أربع (٤) ، وقتل يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم ، يو عاشوراء سنة إحدى وستين ـ وقيل : يوم السبت ـ بكربلاء (٥) من أرض العراق ، ويعرف المكان بالطّف (٦) من شط الفرات (٧).

وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «إن الحسين يقتل بالطف بكربلاء / حين يعلوه القتير» (٨) يعني الشيب.

__________________

(١) أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة ١ / ١٠٦ ، ١١١ عن عبيد الله بن علي ، ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٣ ، المطري في التعريف ص ٤٦.

(٢) قول سعيد بن جبير ذكره ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٣.

(٣) سيأتي بيان هذه المسألة بعد قليل وفي نهاية ورقة (٢٩٠) من المخطوط.

(٤) انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٣٩٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ٥ / ٣٤٨ ، ابن حجر : الاصابة ٢ / ٧٦.

(٥) كربلاء : بالمد ، وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين في طرف البرية عند الكوفة.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٤ / ٤٤٥.

(٦) الطف : بالفتح والفاء مشددة ، أرض من ناحية الكوفة في طريق البرية.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٤ / ٣٥ ـ ٣٦.

(٧) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ٥ / ٤٠٠ ، ابن الجوزي : المنتظم ٥ / ٣٤٥.

(٨) جزء من حديث أخرجه البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٦٨ ـ ٤٧٠ عن عائشة ، والقاضي عياض في الشفا ١ / ٢٢٦ ، والماوردي في أعلام النبوة ص ١١٧.

٣٤٩

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيما يرى النائم وهو قائم أشعث أغبر ، بيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟ قال : دم الحسين ، لم أزل ألتقطه منذ اليوم ، فوجد قد قتل في ذلك اليوم» (١).

وعن أبي الأسود قال : لقيت رأس الجالوت فقال : «إن بيني وبين آل داود سبعين أبا ، وإن اليهود إذا رأوني عظموني وعرفوا حقي ، وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد قتلتم ابنه».

وقتل مع الحسين سبعة عشر رجلا من ولد فاطمة ، وقتل معه من ولده وإخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرين رجلا (٢).

وعن الزهري أنه قال : «إن في صبيحة الليلة التي قتل فيها الحسين بن علي بن أبي طالب : لم يرفع حجر ببيت المقدس إلا وجد تحته دم عبيط» (٣).

وفي الحديث : أن الله تعالى أوحى إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا (٤).

أولاده من أمهات شتى : علي [الأكبر ،](٥) وعلي [الأصغر](٦) وجعفر وعبد الله وفاطمة وسكينة (٧). وقبر سكينة بمكة من طريق العمرة ،

__________________

(١) رواية ابن عباس : أخرجها أحمد في المسند ١ / ٢٨٣ ، البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٧١ ، ٧ / ٤٨ ، وذكرها ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٣٩٥ ، الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ١٤٢ ، ابن الجوزي في المنتظم ٥ / ٣٤٦ ، ابن كثير في البداية ٦ / ٢٣١.

(٢) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ٥ / ٤٦٧ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٣٩٦.

(٣) أخرجه البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٤١ عن الزهري.

(٤) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ١ / ١٤٢ عن ابن عباس ، وذكره ابن الجوزي في المنتظم ٥ / ٣٤٦ ، السيوطي في الخصائص ٢ / ٤٥٢.

(٥) و (٦) الإضافة للضرورة من المنتظم ٥ / ٣٤٨.

(٧) راجع أولاده عند ابن الجوزي في المنتظم ٥ / ٣٤٨ ، الذهبي في سير أعلام ٣ / ٣٢١ ، ابن حجر في الاصابة ٢ / ٧٧.

٣٥٠

وفاتها يوم الخميس لخمس من ربيع الأول سنة سبع عشرة ومائة (١). تزوجها مصعب بن الزبير (٢) ، وأمهرها ألف ألف درهم ، وحملها إليه أخوها علي بن الحسين ، فأعطاه أربعين ألف دينار ، [فولدت له الرباب](٣) وكان يلبسها اللؤلؤ ويقول : ما ألبسها إياه إلا لأفضحه (٤)!

وأما : علي بن الحسين [زين العابدين : فهو أبو محمد ، أمه أم ولد ، توفى بالمدينة سنة أربع وتسعين (٥).

وأما : محمد بن علي بن الحسين](٦) فهو أبو جعفر الباقر ، أمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي بن أبي طالب (٧) ، توفى سنة أربع عشرة ، وقيل : سبع عشرة ، وقيل : ثمان عشرة ومائة (٨).

__________________

(١) كذا ورد عند ابن الجوزي في المنتظم ٧ / ١٨٠ ، ويذكر ابن سعد في طبقاته ٨ / ٤٧٥ بأنها ماتت بالمدينة ودفنت بالبقيع.

(٢) مصعب بن الزبير القرشي الأسدي أمير العراقين ، كان فارسا شجاعا كريما ، قتله عبد الملك بن مروان في النصف من جمادى الأولى سنة ٧١ ه‍.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٥ / ١٨٢ ، الخطيب : تاريخ بغداد ١٣ / ١٠٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ٦ / ١١٤.

(٣) الإضافة للضرورة من المنتظم ٧ / ١٧٦.

(٤) كذا ورد عند ابن الجوزي في المنتظم ٧ / ١٧٦.

(٥) وقبره بالبقيع ودفن معه ابنه محمد بن علي الباقر وابنه جعفر بن محمد بن علي الصادق وعليهم جميعا قبة عالية.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٥ / ٢٢١ ، ابن النجار : الدرة ٢ / ٤٠٣ ، المطري : التعريف ص ٤٦.

(٦) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٧) انظر : ابن سعد : الطبقات ٥ / ٣٢٠ ، ابن الجوزي : المنتظم ٧ / ١٦١ ، الذهبي : سير أعلام ٤ / ٤٠١.

(٨) كذا ورد عند ابن سعد في الطبقات ٥ / ٣٢٤ ، ابن الجوزي في المنتظم ٧ / ١٦٢ ، الذهبي في سير أعلام ٤ / ٤٠٩.

٣٥١

وأما : جعفر الصادق ، فهو ابن محمد بن علي بن الحسين [يكنى](١) أبا عبد الله ، توفى سنة ثمان وأربعين ومائة في النصف من رجب ، ودفن مع أبيه ، وجده ، وعميّه (٢).

وجميع من في الصحابة جعفر أربعة (٣) ، بلغت أسماء الرواة عنه أربعة آلاف رجل ، كان نقش خاتمه : الله ولي عصمتي من خلقه.

ما جاء في معرفة المكان الذي دفنت فيه فاطمة رضي‌الله‌عنها :

عن جعفر بن محمد كان يقول : قبر فاطمة في بيتها الذي أدخله عمر بن عبد العزيز في المسجد (٤).

وذكر الشيخ محب الدين الطبري في «نظائر العقبى في فضائل القربى» قال : أخبرني أخ لي في الله ، أن الشيخ أبا العباس المرسي رضي‌الله‌عنه ، كان إذا زار البقيع وقف أمام قبة العباس وسلم على فاطمة رضي‌الله‌عنها» (٥).

__________________

(١) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٢) كذا ورد عند ابن الجوزي في المنتظم ٨ / ١١٠ وصفة الصفوة ٢ / ١٧٤ ، ابن حجر في التهذيب ٢ / ١٠٣ ويذكر ابن سعد في طبقاته ٥ / ٢٢١ ، ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٣ ، المطري في التعريف ص ٤٦ «بأن الحسن بن علي بن أبي طالب دفن بالبقيع ، ومعه في القبر ابن أخيه علي ابن الحسين زين العابدين ، وأبو جعفر محمد بن علي الباقر وابنه جعفر الصادق والقبر في قبة كبيرة عالية قديمة البناء في أول البقيع».

(٣) وهم : جعفر بن أبي سفيان بن الحارث الهاشمي ، وجعفر بن أبي طالب الهاشمي ، وجعفر العبدي ، وجعفر بن محمد بن مسلمة.

انظر : ابن الأثير : أسد الغابة ١ / ٣٤١ ـ ٣٤٤.

(٤) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة ٢ / ٣٦٠ عن جعفر بن محمد ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٢٦.

(٥) كذا ورد عند المطري في التعريف ص ٤٦ نقلا عن محب الدين الطبري ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٢٦ ، السمهودي في وفاء الوفا ص ٥١٣.

٣٥٢

وروى فائد مولى عبادل قال : حدثني منقذ الحفار أنه حفر لإنسان ، فوجد قبرا على سبعة أذرع من خوخة بيته مشرفا عليه مكتوب : هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١).

قال الحافظ محب الدين (٢) : «فعلى هذا هي مع الحسن / في القبة ، فينبغي أن يسلم عليها هنالك» (٣).

وكانت فاطمة رضي‌الله‌عنها أصغر بنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقيل : أصغرهن أم كلثوم (٤).

[ذكر أولاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم :](٥)

أولاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلهم من خديجة ، إلا إبراهيم (٦).

قيل : ولدت خديجة رضي‌الله‌عنها للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عبد مناف في الجاهلية قبل البعث (٧) ، وفي الإسلام : القاسم وبه كان يكنى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعبد الله وكان يسمى

__________________

(١) كذا ورد عند ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٣ عن فائد مولى عبادل.

(٢) قول محب الدين ابن النجار ورد في كتابه الدرة ٢ / ٤٠٣.

(٣) وهو الصواب بأن فاطمة رضي‌الله‌عنها دفنت بالبقيع ، ويؤيد هذا ما رواه ابن شبة في تاريخ المدينة ١ / ١٠٦ حيث رد على من قال أنها دفنت في منزلها الذي أدخله عمر بن عبد العزيز بقوله :«وأظن أن هذا الحديث غلطا ، لأن الثبت جاء في غيره» ثم روى ابن شبة عن فائد مولى عبادل بأن فاطمة رضي‌الله‌عنها دفنت بالبقيع وأن الحسن بن علي قال : ادفنوني في المقبرة إلى جنب أمي فدفن في المقبرة إلى جنب فاطمة مواجهة الخوخة التي في دار نبيه بن وهب. ثم روى ابن شبة في تاريخ المدينة ١ / ١٠٥ محددا قبر فاطمة بعدة روايات يؤيد بعضها بعضا ، منها : ما روي عن محمد بن علي بن عمر قال : «قبر فاطمة زاوية دار عقيل اليمانية الشارعة في البقيع».

(٤) انظر : ابن الجوزي : تلقيح فهوم ص ٣١.

(٥) العنوان الفرعي من المحقق للتوضيح والتبويب.

(٦) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٢٥.

(٧) هذه رواية الهيثم بن عدي كما ذكر ابن الجوزي في تلقيح فهوم ص ٣٠ ورد عليها بقوله : «الهيثم بن عدي كذاب ، لا يلتفت إلى قوله فقد قال شيخنا ابن ناصر : لم يسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبد مناف ولا عبد العزى قط».

٣٥٣

الطيب والطاهر ـ وقيل : الطيب غير الطاهر ـ وزينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة (١).

وقال ابن إسحاق : «ولدوا كلهم قبل الإسلام ، وهلك البنون قبل الإسلام وهم يرضعون ، وقيل : مات القاسم وهو ابن سنتين ، وقيل : بلغ إلى أن يركب الدابة ويسير على النجيبة ، وأما البنات : فأدركن الإسلام ، وآمنّ به وهاجرن معه» ، وقيل : ولدوا كلهم في الجاهلية إلا عبد الله ، وأكبر بنيه القاسم ، ثم الطيب ، ثم الطاهر ، وأكبر بناته زينب ، ثم رقية ، ثم فاطمة ، ثم أم كلثوم ، وولدوا كلهم بمكة ، وولد له صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة إبراهيم من مارية القبطية ، ومات أولاده صلى‌الله‌عليه‌وسلم كلهم في حياته ، إلا فاطمة رضي‌الله‌عنها» (٢).

فأما فاطمة رضي‌الله‌عنها :

تزوجها علي [بن أبي طالب](٣) رضي‌الله‌عنه ، في صفر من السنة الثانية من الهجرة ، وقيل : بعد وقعة أحد ، وقيل : بعد أن بنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعائشة بتسعة أشهر ، وأمهرها درعه ، فولدت له : الحسن ، والحسين ، ومحسن ، فهلك محسن صغيرا ، ورقية ، وزينب ، وأم كلثوم ، فهلكت رقية ولم تبلغ (٤).

__________________

(١) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٢٥.

(٢) قول محمد بن إسحاق : ورد عند ابن هشام في السيرة ١ / ١٩٠ ، ابن سعد في الطبقات ١ / ١٣٣ ، ابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ١٨١٩ ، البيهقي في الدلائل ٢ / ٦٩ ، ابن الجوزي في الوفا ٢ / ٣٦١ ، ابن القيم في زاد المعاد ١ / ٢٥ ، محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٢٦.

(٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٤) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٢٩ وراجع خبر زواج فاطمة من علي وأولادها منه عند : ابن سعد في الطبقات ٨ / ١٩ ـ ٢٢ ، الطبري في تاريخ الرسل ٢ / ٤١٠ ، البيهقي في الدلائل ٣ / ١٦٠ ـ ١٦٢ ، ابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ١٨٩٣ ـ ١٨٩٤.

٣٥٤

وتزوج زينب بنت فاطمة : عبد الله بن جعفر ، فماتت عنده (١).

وتزوج أم كلثوم : عمر بن الخطاب ، ثم خلف عليها بعده عون بن جعفر ، ثم بعده محمد بن جعفر ، ثم بعده عبيد الله بن جعفر فماتت عنده ، وقيل : توفي عنها (٢).

وعاشت فاطمة بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعده ستة أشهر ، وقيل : ثمانية ، وقيل : ثلاثة ، وقيل : سبعون يوما ، وكذلك لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة (٣).

روت ثمانية عشر حديثا ، أخرج لها منها في الصحيحين حديث واحد ، ولم يرو أحد من بناته صلى‌الله‌عليه‌وسلم غيرها (٤). ومولدها بمكة معروف (٥).

وأما زينب :

بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتزوجها أبو العاص بن الربيع (٦) ، وهو ابن

__________________

(١) وولدت له : عليا وعونا.

انظر : البيهقي : الدلائل ٧ / ٢٨٣ ، ابن الجوزي : تلقيح فهوم ص ٣٢ ، محب الدين الطبري : خلاصة سير ص ١٣٠.

(٢) كذا ورد محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٣٠.

(٣) وصلى عليها أبو بكر الصديق على الأصح ، ودفنت ليلا.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٢٨ ، الطبري : تاريخ الرسل ٣ / ٢٤٠ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٩٤ ، ابن الجوزي : المنتظم ٤ / ٩٥.

(٤) انظر : ابن الجوزي : تلقيح فهوم ص ٣٦٨ ، ٤٠٣.

(٥) ولدتها خديجة رضي‌الله‌عنها وقريش تبني البيت قبل النبوة بخمس سنين.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ١٩ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٩٩ ، ابن الجوزي : تلقيح فهوم ص ٣١.

(٦) أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى ، ختن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، زوج ابنته زينب ، وهو ابن أخت خديجة ، أسلم قبيل فتح مكة ، ومات في ذي الحجة سنة ١٢ ه‍.

انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٧٠١ ـ ١٧٠٤.

٣٥٥

خالتها ، أمه هالة بنت خويلد ، وذلك قبل الإسلام (١).

ثم ردها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بمهر جديد ونكاح جديد عليه (٢) ، وأسلم أبو العاص بعدما أسر ببدر (٣).

ثم تزوجها علي رضي‌الله‌عنه بعد موت فاطمة (٤) رضي الله تعالى عنها ثم خلف عليها المغيرة بن نوفل (٥) ـ وقيل / المغيرة بن يزيد ـ فماتت عنده بعد الهجرة بسبع سنين وشهرين. وعلى هذا التاريخ لا يمكن أن يكون عليا تزوجها (٦). ونزل صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبرها (٧).

__________________

(١) انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ٦٥١ ، ابن سعد : الطبقات ٨ / ٣٠ ـ ٣١ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٥٣.

(٢) وأضاف ابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ١٧٠٣ «وهو قول الشعبي وطائفة من أهل السير وذلك في المحرم سنة سبع».

وانظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٣٣ ، الطبري : تاريخ الرسل ٣ / ٢١ ، محب الدين الطبري : خلاصة سير ص ١٢٩.

(٣) فقد أسلم أبو العاص في المحرم سنة سبع ، فقدم المدينة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فرد عليه زينب.

انظر : ابن هشام : السيرة ١ / ٦٥٧ ـ ٦٥٩ ، ابن سعد : الطبقات ٨ / ٣٢ ، الطبري : تاريخ الرسل ٢ / ٤٧٠ ـ ٤٧٢ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٧٠٢ ـ ١٧٠٣.

(٤) هذا وهم ، والصواب أن عليا تزوج من أمامة بنت زينب بعد وفاة فاطمة ، وكان أبوها أبا العاص قد أوصى بها إليه ، فلما قتل علي بن أبي طالب وآمت منه أمامة أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب أن يتزوج أمامة من بعده حتى لا يتزوجها معاوية.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٣١ ، ٤٠ ، ٢٣٣ ، الطبري : تاريخ الرسل ٣ / ٣٨٥ ، محب الدين الطبري : خلاصة سير ص ١٢٩.

(٥) المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ، يكنى أبا يحيى بابنه من أمامة بنت أبي العاص ، تزوجها بعد علي بن أبي طالب.

انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٤٤٧.

(٦) باعتبار أن المتوفاة زينب بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد أبطل المصنف هذا الزعم لاستحالة الجمع بين الأختين شرعا ، لأنه لا يصح أن يتزوج علي زينب في حياة أختها فاطمة ، ومعروف أن فاطمة كانت في عصمة علي منذ السنة ٢ ه‍ إلى سنة ١١ ه‍.

(٧) توفيت زينب في سنة ثمان من الهجرة ونزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبرها.

انظر : ابن سعد ٨ / ٣٤ ، الطبري : تاريخ الرسل ٣ / ٢٧ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٥٤.

٣٥٦

وأما رقية :

بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتزوجها عثمان بن عفان رضي‌الله‌عنه ، وكانت قبله عند عتبة بن أبي لهب (١) ، ولم يبن بها.

وقيل : نكاح عثمان كان في الجاهلية ، وهاجر بها عثمان إلى الحبشة ، توفيت في السنة الثانية من الهجرة (٢).

وأما أم كلثوم :

بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتزوجها عثمان بعد موت رقية ، وكانت قبله عند عتيبة بن أبي لهب (٣) ـ أخي عتبة بن أبي لهب ـ توفيت في شعبان سنة تسع ، وجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على قبرها (٤).

وأما إبراهيم :

ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة (٥) ، وتوفي في بني مازن عند أم بردة مرضعته وعمره ثمانية عشر شهرا ، وقيل :

__________________

(١) خبر زواج رقية من عتبة ورد عند ابن هشام في السيرة ١ / ٣٢٢ ، ابن سعد في الطبقات ٨ / ٣٦ ، الطبري في تاريخ الرسل ٢ / ٤٦٧ ـ ٤٦٨ ، ابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ١٨٣٩.

(٢) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٣٠ ، وتوفيت رقية ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببدر في شهر رمضان ، وقدم زيد بن حارثة بشيرا من بدر ، فدخل المدينة حين سوى التراب على رقية.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٣٦ ، ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ١٠٤ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٤١.

(٣) خبر زواج أم كلثوم من عتيبة ورد عند ابن سعد في الطبقات ٨ / ٣٧ ، ابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ١٩٥٢.

(٤) كذا ورد عند محب الدين الطبري في خلاصة سير ص ١٣٢.

(٥) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ٣ / ٩٥ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٥٤ ، ٥٥.

٣٥٧

ستة عشر ، وقيل : ابن سبعين ليلة ، وقيل : ابن سبعة أشهر ، وقيل : مات [في السنة العاشرة (١) ،

وقال صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو عاش إبراهيم لأعتقت أخواله ، ولوضعت الجزية](٢) عن كل قبطي» (٣).

ورش قبره ، واعلم فيه بعلامة ، فهو أول قبر رش عليه ، ودفن إلى جنب عثمان بن مظعون ، وقبره حذو زاوية دار عقيل (٤).

وقال جعفر بن محمد الصادق رضي‌الله‌عنهما : قبر إبراهيم وجاه دار سعيد بن عثمان التي يقال لها الزوراء بالبقيع مرتفعا عن الطريق (٥).

وعن عائشة بنت قدامة (٦) قالت : كان القائم يقوم عند قبر عثمان بن مظعون ، فيرى بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ليس دونه حجاب (٧).

والآن على قبر سيدنا إبراهيم رضي‌الله‌عنه قبة فيها شباك من جهة القبلة (٨).

__________________

(١) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٥٦ ، البيهقي : الدلائل ٥ / ٤٢٩.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ١ / ١٤٤ عن الزهري ، ابن عبد البر في الاستيعاب ١ / ٥٩ ، المتقي في الكنز برقم (٣٢٢٠٦).

(٤) انظر : ابن سعد : الطبقات ١ / ١٤١ ، ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ٩٩ ، ١٢١ ، المراغي : تحقيق النصرة ص ١٢٧.

(٥) أخرجه ابن شبة في تاريخ المدينة ١ / ٩٩ ، ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٤.

(٦) عائشة بنت قدامة القرشية الجمحية ، من المبايعات تعد في أهل المدينة ، روت عن عائشة عن أبيها. انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٤٦٨ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٨٦.

(٧) أخرجه ابن النجار في الدرة ٢ / ٤٠٤ عن عائشة بنت قدامة.

(٨) انظر : ابن النجار : الدرة ٢ / ٤٠٤ ، المراغي : تحقيق النصرة ص ١٢٧.

٣٥٨

وعثمان بن مظعون :

هو ابن حبيب بن وهب (١) ـ أخو السائب (٢) لأبيه وأمه ، وليس له ولا للسائب عقب. توفى في شعبان سنة ثلاث ، وقيل : في السنة الثانية (٣).

امرأته خولة بنت حكيم (٤) ، وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفي الصحابيات أربعة عشر خولة (٥).

وعبد الرحمن بن عوف :

مدفون إلى جانب عثمان بن مظعون (٦) ، وعثمان أول من دفن بالبقيع من المهاجرين (٧). وغيرهم.

وأسعد بن زرارة :

أول من دفن به من الأنصار (٨) ، وقيل : دفن به أسعد قبل عثمان ، لأنه

__________________

(١) راجع عمود نسبه عند ابن سعد في الطبقات ٣ / ٣٩٣ ، ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ / ١٠٥٣.

(٢) السائب بن عثمان بن مظعون ، من السابقين إلى الإسلام ، هاجر إلى الحبشة ، وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد ، مات شهيدا يوم اليمامة سنة ١٢ ه‍.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٣ / ٤٠٢ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٢ / ٥٧٥.

(٣) شهد عثمان بدرا ، ومات على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٣ / ٣٩٦ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٣ / ١٠٥٣.

(٤) خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة السلمية ، تكنى أم شريك ، امرأة عثمان بن مظعون ، وكانت امرأة فاضلة صالحة.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ١٥٨ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٣٢ ، ابن حجر : الاصابة ٧ / ٦٢١.

(٥) راجع جريدة أسماء من اسمه «خولة» من الصحابيات عند ابن عبد البر في الاستيعاب ٤ / ١٨٣٠ ـ ١٨٣٤ وقد أحصاهم ابن عبد البر إحدى عشرة ، وأحصاهم ابن حجر في الاصابة ٧ / ٦١٧ ـ ٦٢٩ سبعة وعشرون.

(٦) انظر : ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ١١٥ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٢ / ٨٥٠ ، محب الدين الطبري : الرياض ٢ / ٣٨٨.

وقد مات عبد الرحمن بن عوف بالمدينة سنة ٣٢ ه‍.

انظر : ابن سعد : الطبقات ٣ / ١٣٦ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٢ / ٨٥٠ ، ابن الجوزي : صفة الصفوة ١ / ٣٥٥.

(٧) وأضاف ابن سعد في طبقاته ٣ / ٣٩٧ «عند موضع الكبا عند دار محمد بن الحنفية».

(٨) انظر : الواقدي : المغازي ٣ / ٣٩٧ ، ابن سعد : الطبقات ١ / ١٤١ ، ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ٩٦ ، ١٠١.

٣٥٩

توفى على رأس ستة أشهر من الهجرة (١).

وآخر من دفن بالبقيع من الصحابة : سهل بن سعد الساعدي (٢). وفي الصحابة ثمانية عشر سهلا (٣).

ثم قبر : صفية بنت عبد المطلب :

عمة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في تربة أول البقيع على يسار الخارج من باب المدينة ، وقيل : إنها دفنت عند دار المغيرة بن شعبة (٤).

قال الشيخ جمال الدين (٥) : «وعليها بناء من حجارة أرادوا أن يعقدوا عليها قبة ، فلم يتفق لقربها من السور والباب».

ثم قبر : عقيل بن أبي طالب :

أخو علي رضي‌الله‌عنهما / أمه فاطمة بنت أسد ، توفي في خلافة معاوية رضي الله تعالى عنه ، وهو في قبة في أول البقيع (٦). ومعه في القبر ابن أخيه :

__________________

(١) مات أسعد بن زرارة في شوال على رأس ستة أشهر من الهجرة ، ومسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يبني يومئذ قبل بدر.

انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ١ / ٨١ ، ابن الأثير : أسد الغابة ١ / ٨٧.

(٢) اختلف في تاريخ وفاة سهل بن سعد ، فقيل توفى سنة ثمان وثمانين ، وقيل توفى سنة إحدى وتسعين ، وحكى سفيان بن عيينة عن أبي حازم قال : سمعت سهل بن سعد يقول : لو مت لم تسمعوا أحدا يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

انظر : ابن عبد البر : الاستيعاب ٢ / ٦٦٥ ، ابن الأثير : أسد الغابة ٢ / ٤٧٢.

(٣) أحصى ابن عبد البر في الاستيعاب ٢ / ٦٥٩ ـ ٦٦٩ جريدة أسماء من اسمه «سهل» تسعة عشر.

(٤) انظر : ابن سعد : الطبقات ٨ / ٤٢ ، ابن شبة : تاريخ المدينة ١ / ١٢٦ ، ابن عبد البر : الاستيعاب ٤ / ١٨٧٣ ، ابن النجار : الدرة ٢ / ٤٠٣ ، المطري : التعريف ص ٤٦.

(٥) قول المطري ورد عنده في التعريف ص ٤٦.

(٦) كذا ورد عند المطري في التعريف ص ٤٦ ، وراجع ابن عبد البر في الاستيعاب ٣ / ١٠٧٨ ، ابن حجر في الاصابة ٤ / ٥٣١ ـ ٥٣٢.

٣٦٠