بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني

بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني


المحقق: محمّد عبد الوهاب فضل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٠
الجزء ١ الجزء ٢

الحجر الأسود الذي تحت الرخامة الحمراء التي فيها المسمار الفضة ، صورة شخص له شعر طويل مرة يفرقه ، ومرة يتركه / وهو ينظر إلى من يأتي للسلام على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فمرة يبتسم في وجه المسلم عليه ، ومرة لا ينظر إلى أحد ، وأكثر قعوده طاويا إحدى رجليه نصف تربيعة ، وركبته الأخرى قائمة ، ومن جانبه الأيمن ، مما يلي الروضة شخص آخر ، ومن جانبه الأيسر شخصان آخران ، قال الرائي : فعدمت الخشوع في ذلك المحل الشريف بسبب رؤيتي لهما ، وشغل خاطري بهما إشارة إلى إثبات الوقار والحرمة المحركة خواطر الاعتبار (١).

سمعت والدي رحمه‌الله يقول : «صلينا يوما الظهر بحرم المدينة ، وأقبل طائر عظيم طويل الساقين ، أتى من جهة باب السلام ، وهو يطير مع جدار القبلة ، وقد ملأت جناحاه ما بين الحائط القبلي والسواري ، فلما حاذى المحراب وقف ، ومشى قليلا [قليلا](٢) إلى أن وصل إلى الشباك موقف المسلّمين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاستقبل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ووقف ، وجعل يضع منقاره على الأرض ويرفعه مرارا ، إلى أن فرغ الناس من صلاتهم ، واجتمعوا عليه ينظرونه ، ثم مشى ، حتى خرج إلى صحن المسجد ، إلى نحو الحجارة ، التي يذكر أنها حد المسجد القديم ، ثم فتح أجنحته وطار مرتفعا في الجو ، غير مائل يمينا ولا يسارا ، حتى غاب عن أعيننا» (٣).

__________________

(١) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٥٩ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢٤٧).

وهذا من خرافات الصوفية والعباد الجهلة.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٥٩ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢٤٨).

وهذا من الأكاذيب السمجة.

٢٦١

الفصل الرابع

في حكم الصلاة والسلام عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(١).

قال ابن عباس : «معناه إن الله وملائكته يباركون على النبي ، فعلى هذا يكون المباركة عليه هي الصلاة عليه ، ويكون عطفها عليه من باب التأكيد ، وقيل : الله يترحم على النبي وملائكته يدعون له بالرحمة» (٢) وهو عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. حكاه الواحدي.

وقال المبرد : «أصل الصلاة الترحم ، فهي من الله رحمة ، ومن الملائكة رقية واستدعاء للرحمة من الله» (٣).

وقال الجوهري : «الصلاة الدعاء ، وقد ورد صفة صلاة الملائكة على من جلس ينتظر الصلاة : اللهم اغفر له اللهم ارحمه ، فهذا دعاء» (٤).

وقال بكر القشيري : «الصلاة من الله تعالى لمن دون النبي رحمة ، وللنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تشريف وزيادة تكرمة» (٥).

__________________

(١) سورة الأحزاب آية (٥٦).

(٢) قول ابن عباس ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٦ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٢ ، الأشخر اليمني في بهجة المحافل ٢ / ٤١٧.

(٣) قول المبرد ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٦ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٢.

(٤) قول الجوهري ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٧ ، ابن الجوزي : نزهة الأعين ص ٣٩٣.

(٥) قول القشيري ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٧ ، الأشخر اليمني : بهجة المحافل ٢ / ٤١٧ ، والقشيري هو : بكر بن محمد أبو الفضل البصري المالكي ، توفي في سنة ٣٤٤ ه‍.

انظر : الذهبي : سير أعلام ٥ / ٥٣٧ ، العبر ٢ / ٢٦٣.

٢٦٢

وقال أبو العالية «صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء» (١).

وقال القاضي عياض : «وقد فرق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في حديث تعليم الصلاة عليه بين لفظ الصلاة ولفظ البركة فدل أنهما بمعنيين» (٢).

وقال الحليميّ : الصلاة في اللغة التعظيم ، وقال ابن جبير : صلاة الله على نبيه المغفرة ، وصلاة الملائكة الإستغفار. حكاه الماوردي (٣).

وقال الترمذي : «صلاة الرب الرحمة ، وصلاة الملائكة الاستغفار» (٤).

وقال ابن العربي : هي من الله رحمة ، ومن المخلوق / الجن والإنس والملائكة : الركوع والسجود والدعاء والتسبيح ، ومن الطير والهوام : التسبيح ومنه قوله تعالى : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)(٥) فالصلاة لها معان بالتدريج أصلها الدعاء ، ثم صارت للرحمة ، لأن الداعي مترحم ، ثم صارت للمغفرة ، [لأن الترحم يوجب المغفرة](٦) وفسرها ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بالمغفرة في قوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ)(٧).

قال ابن كيسان : وجمع الصلوات لأنه عنى بها رحمة بعد رحمة ، وإنما ذكر الرحمة ، ومعنى الصلاة الرحمة للإشباع.

__________________

(١) قول أبي العالية ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٧.

(٢) قول القاضي عياض ورد عنده في الشفا ٢ / ٤٧.

(٣) انظر : القرطبي : الجامع ١٤ / ٢٣٢.

(٤) انظر : الأشخر اليمني : بهجة المحافل ٢ / ٤١٨.

(٥) سورة النور آية (٤١).

(٦) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٧) سورة البقرة آية (١٥٧) وراجع معنى تفسير الآيتين عند القرطبي في الجامع ٢ / ١٧٧ ، ١٢ / ٢٨٧.

٢٦٣

وقيل : الصلاة من الله تعالى إشاعة الذكر الجميل له في عباده. حكاه البغوي.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : صلاة الملائكة عليه تنزيلهم عليه وقيل : الصلاة من الله في أظهر الوجوه الرحمة ، ومن الملائكة الإستغفار ، ومن المؤمنين الدعاء (١). قاله الماوردي.

وقيل : الصلاة من الله تعالى على العبد رفع الدرجة له (٢).

قلت : وقد جمعت ما قيل في معنى الصلاة من الله تعالى ، فقلت :

وقد قيل أن صلاة الله رحمته

أو الثناء وتعظيم وتشريف

وقيل مغفرة معها يبارك ضف

إشاعة ذكر في الوجود وتشريف

والصلاة في القرآن على عشرة أوجه (٣) : الصلاة الشرعية : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ)(٤) وصلاة العصر : (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ)(٥) ، وصلاة الجنازة : (وَلا تُصَلِّ عَلى

__________________

(١) انظر : القرطبي : الجامع ٢ / ١٧٧.

(٢) انظر : القرطبي : الجامع ١٤ / ١٩٨.

(٣) كذا ورد عند ابن الجوزي في نزهة الأعين ص ٣٩٤ ـ ٣٩٦.

(٤) سورة المائدة آية (٥٥) ، الأنفال آية (٣) ، النمل آية (٣) ، لقمان آية (٤).

(٥) سورة المائدة آية (١٠٦).

٢٦٤

أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً)(١) ، والدعاء : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)(٢) ، والعبادة : (أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ)(٣) ، والقراءة : (وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ)(٤) ، وموضع الصلاة : (وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ)(٥) ، والمغفرة : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ)(٦) ، والإستغفار : وهو معنى صلاة الملائكة ، وصلاة الجمعة : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ)(٧).

وأما التسليم الذي أمر الله تعالى به عباده :

قال القاضي أبو بكر بن بكير : لما نزلت الآية (٨) أمر الله تعالى أصحابه أن يسلموا عليه ، وكذلك من بعدهم أمروا أن يسلموا على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند حضورهم قبره وعند ذكره وفي معنى السلام [عليه](٩) ثلاثة وجوه : أحدها : السلامة لك ومعك ، الثاني : أي السلام على حفظك ورعايتك متول له وكفيل به ، ويكون هنا السلام اسم الله ، الثالث : بمعنى المسالمة له والانقياد (١٠).

قال الماوردي : قوله : (وَسَلِّمُوا :) أي سلموا الأمر بالطاعة له تسليما ، وهو الذي ذهب إليه ابن المسيب ، وقيل : سلموا عليه بالدعاء تسليما أي

__________________

(١) سورة التوبة آية (٨٤).

(٢) سورة التوبة آية (١٠٣).

(٣) سورة هود آية (٨٧).

(٤) سورة الإسراء آية (١١٠).

(٥) سورة الحج آية (٤٠).

(٦) سورة الأحزاب آية (٥٦).

(٧) سورة الجمعة آية (٩).

(٨) وهي قوله تعالى في سورة الأحزاب آية (٥٦) (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً.)

(٩) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(١٠) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٧ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٦.

٢٦٥

سلاما. وفي هذه الآية ثلاث فوائد :

الأولى : قال أبو بكر بن أبي الدنيا في كتاب «زيارة القبور» له ، في باب زيارة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) : حدثني سعيد بن عثمان حدثنا ابن أبي فديك قال : «سمعت بعض من أدركه يقول : بلغنا أن من وقف عند قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فتلى هذه الآية (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٢) ، ثم قال : صلى الله عليك يا محمد ، حتى يقولها / سبعين مرة ، ناداه ملك : صلى الله عليك يا فلان لم تسقط لك حاجة» (٣).

الثانية : في ذكر عقوبة من حرّف هذه الآية : روى ابن بشكوال ، عن أحمد بن محمد بن عمر بن يونس اليماني قال : كنت بصنعاء ، فرأيت رجلا ، والناس مجتمعون عليه ، فقلت : من هذا؟ قالوا : هذا رجل كان يؤم بنا في شهر رمضان ، فلما بلغ (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٤) قال : إن الله وملائكته يصلون على عليّ النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ، فخرس وتجذم وبرص وعمي وأقعد.

الثالثة : روى ابن بشكوال ، عن أبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحوي قال : سمعت عبدوس بن ديرويه يصف لإنسان قليل نومه ، إذا أراد أن

__________________

(١) الثابت هو زيارة مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لا لزيارة قبره صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كما صرح شيخ الاسلام ابن تيمية لحديث : «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ...».

(٢) سورة الأحزاب آية (٥٦).

(٣) أخرجه ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩٩ عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ، المطري في التعريف ص ٢٨ ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١١٢ ، ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٦٣ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢٥٤) عن ابن أبي فديك.

(٤) سورة الأحزاب آية (٥٦).

٢٦٦

ينام يقرأ الآية المذكورة ، وقرأها البصري : يا أيها الذين آمنوا فصلوا ، بزيادة فاء.

قال ابن عطية في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ)(١) : «روت فرقة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قيل له : كيف صلاة الله على عباده؟ قال : «سبوح قدوس رب الملائكة والروح رحمتي سبقت غضبي» ، قيل : إن هذا القول كله من كلام الله ، وهي صلاته على عباده ، وقيل : صلاة الله على عباده «رحمتي سبقت غضبي» والأول كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تقدمه من كلام الله تعالى» (٢).

تنبيه :

التشريف الذي شرف به نبينا صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذه الآية أتم وأبلغ من تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود له ، لأنه لا يجوز أن يكون الله سبحانه وتعالى مع الملائكة في ذلك التشريف.

__________________

(١) سورة الأحزاب آية (٤٣).

(٢) قول ابن عطية ورواية فرقة ذكرها في تفسيره المحرر الوجيز ١٢ / ٧٨ ونقلها عنه : القرطبي في الجامع ١٤ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ، وجزء الحديث «سبوح قدوس ...» أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب ما يقال في الركوع والسجود برقم (٢٢٣) ١ / ٣٥٣ عن عائشة ، أبو داود في سننه برقم (٨٧٢) ١ / ٢٣٠ عن عائشة ، النسائي في سننه كتاب الصلاة باب الذكر في الركوع ٢ / ١٩١ عن عائشة.

وابن عطية هو : عبد الحق بن غالب بن عطية المحاربي الغرناطي ، أبو محمد ، كان فقيها عارفا بالأحكام والحديث والتفسير نحويا لغويا وأديبا شاعرات سنة ٥٤١ وقيل سنة ٥٤٢ ه‍.

انظر : السيوطي : بغية الوعاة ٢ / ٧٣.

٢٦٧

الفصل الخامس

في ذكر فرض الصلاة والسلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم

الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فرض على الجملة غير محدود بوقت لأمر الله تعالى بالصلاة عليه ، وحمل الأئمة والعلماء له على الوجوب وأجمعوا عليه (١).

وحكى أبو جعفر الطبري : «أن يحمل عنده على الندب ، وادعى فيه الإجماع ، ولعله فيما زاد على مرة ، والواجب [منه](٢) الذي يسقط به الحرج [ومأثم ترك الفرض](٣) مرة كالشهادة له بالنبوة وما عدا ذلك فمندوب مرغب فيه من سنن الإسلام وشعار أهله» (٤).

وقال ابن القصار : «المشهور عن أصحابنا أن ذلك واجب في الجملة على الإنسان ، وفرض عليه أن يأتي بها مرة من دهره مع القدرة على ذلك» (٥).

وقال أبو بكر بن بكير : «الواجب أن يكثر الشخص من ذلك ولا يغفل» (٦).

وقال أبو محمد بن نصر : «هي واجبة في الجملة ، وأن من صلى عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، مرة واحدة من عمره سقط عنه الفرض» (٧).

وقال أصحاب الشافعي : «الفرض منها الذي أمر الله تعالى به رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هو في الصلاة. وقالوا : وأما في غيرها فلا خلاف أنها غير

__________________

(١) كذا ورد عند عياض في الشفا ٢ / ٤٧ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٣.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) الاضافة للضرورة من الشفا ٢ / ٤٨.

(٤) قول الطبري ورد في تفسيره ٢٢ / ٤٣ ، ونقله عنه القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٨.

(٥) قول ابن القصار ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٨.

(٦) قول ابن بكير ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٨.

(٧) قول ابن نصر ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٨.

٢٦٨

واجبة. وأما في الصلاة فحكى الإمامان أبو جعفر الطبري والطحاوي إجماع جميع / المتقدمين والمتأخرين من علماء الأمة على أن الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في التشهد غير واجبة» (١).

ولا تجب الصلاة على آل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على الأصح ، ولكن تستحب (٢).

وحكى ابن القصار : أن ابن المواز يراها فريضة كما يراها الشافعي رحمه‌الله تعالى (٣).

وهي واجبة عند الحنابلة في المذهب الصحيح ، ـ قاله صاحب المغني ـ وذهب مالك ، وأبو حنيفة ، وابن حزم : [إلى](٤) عدم وجوبها في الصلاة مطلقا (٥).

ومن مواطن الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : (٦)

في تشهد الصلاة وذلك بعد التشهد وقبل الدعاء ، وعند ذكره صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعند كتابة اسمه صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويوم الجمعة ، وعند دخول المسجد ، وفي صلاة الجنازة ، وفي كتابة الرسائل (٧).

فإذا وردت معطوفة على كلام عطفت بحرف العطف ، وإن وردت معطوفة

__________________

(١) قول أصحاب الشافعي كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٨ ، ويقول القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٥ «اختلف العلماء في الصلاة على النبي في الصلاة فالذي عليه الجم الغفير والجمهور الكثير : أن ذلك من سنن الصلاة ومستحباتها».

(٢) راجع الأحاديث والآثار الواردة في ذلك عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٦٦ ـ ٦٧ ، وهذه المسألة سيذكرها المؤلف فيما بعد في الفصل السابع من هذا الباب «٩».

(٣) قول ابن القصار ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٩ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٦.

(٤) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٥) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٤٩ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٥.

(٦) العنوان الفرعي من المحقق للتوضيح ، وكما ورد عند عياض في الشفا ٢ / ٥٠.

(٧) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٥٠ ـ ٥٢.

٢٦٩

على البسملة ، فالتخيير في حرف العطف ، والأحسن إثباته (١).

وكره سحنون الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند التعجب (٢).

ومن مواطن السلام : التشهد فقوله : «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» تصيب كل عبد صالح في السماء والأرض (٣).

واستحب العلماء أن ينوي الإنسان حين سلامه على كل عبد صالح في السماء والأرض من الملائكة ، وبني آدم ، والجن (٤).

فائدة :

الجن من العالم الناطق المميز ، يأكلون ، ويتناكحون ، ويموتون ، وأشخاصهم محجوبة ، وإنما عرفهم الإنس من الكتب الالهية (٥).

وفي الجان وجهان : أحدهما إبليس ، والثاني أنه أبو الجن فآدم أبو البشر والجان أبو الجن وابليس أبو الشياطين (٦).

ومن الجن مؤمن وكافر ، وقيل : الشياطين كفار الجن ، وهم أيضا يتناسلون ويموتون (٧).

قلت : والدليل على ذلك إنظار إبليس ، ولو أنهم لم يموتوا إلى يوم القيامة

__________________

(١) و (٢) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٥٢.

(٣) و (٤) كذا ورد عند القاضي عياض في الشفا ٢ / ٥٤.

(٥) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ١٤١ ، ابن كثير : البداية ١ / ٤٩.

(٦) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ١٤١ ـ ١٤٢ ، وراجع : ابن الجوزي : المنتظم ١ / ١٧٤ ، ابن كثير : البداية ١ / ٥١.

(٧) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ١٤٢.

٢٧٠

لما سأل إبليس ذلك إذا كان عالما بأنه لا يموت إلى يوم القيامة (١).

وقيل : الشياطين كإبليس لا يموتون إلا معه ، وأن تناسلهم انقطع بإنظار إبليس (٢).

وقيل : إن اليوم المعلوم يوم بدر ، وأن الملائكة قتلت إبليس في ذلك اليوم.

حكاه وهب. وقيل الوقت المعلوم : النفخة الأولى (٣). وقيل : أولاد إبليس لم يؤمن منهم أحد. وحكى القاضي عياض (٤) : «أن شيخا أقبل وبيده عصا ، فسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال : أنا هامة بن الهيم بن لامس بن إبليس ، وذكر أنه لقي نوحا ومن بعده ، وقال : كنت غلاما حين قتل قابيل وهابيل ، ثم أسلم». وقيل : أن مؤمنيهم يقال لهم كونوا ترابا كالبهائم. حكاه سفيان عن ليث.

وقيل : يدخلون الجنة ، واستدلوا بقوله : (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ)(٥).

__________________

(١) والآية الدالة على انظار إبليس قوله تعالى في سورة الأعراف آية (١٤) : (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وراجع تفسير القرطبي للآية الكريمة في الجامع ٧ / ١٧٣ ـ ١٧٤.

(٢) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ١٤٢ وأضاف : «إلى يوم يبعثون».

(٣) قال ابن عباس : أنظره إلى النفخة الأولى حيث يموت الخلق كلهم ، وكان طلب الإنظار إلى النفخة الثانية حيث يقوم الناس لرب العالمين ، فأبى الله ذلك عليه.

انظر : القرطبي : الجامع ٧ / ١٧٣ ـ ١٧٤ ، ١٠ / ٢٧.

(٤) قول القاضي عياض ورد عنده في الشفا ١ / ٢٣٩.

(٥) سورة الرحمن آية (٥٦) وراجع تفسير القرطبي للآية الكريمة في الجامع ١٧ / ١٨١ قال : «وفي هذه الآية دليل على أن الجن تغشى كالإنس ، وتدخل الجنة ويكون لهم فيها جنيات» ، وراجع أيضا ابن كثير : البداية ١ / ٥٢.

٢٧١

قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ)(١) ، الصلصال : الطين النابت ، وقيل :الذي لم تمسه النار (٢) ، و (نارِ السَّمُومِ)(٣) : أي من نار الشمس / وقيل :من نار الصواعق (٤).

وقال وهب : نار السموم : نار لا حرّ لها ولا دخان ، فخلق منها الجان (٥) ، وسماه : مارجا ، ثم خلق منها زوجة سماها : مرجة ، فولدوا ولدا سماه : الجن ، فمنه تفرعت قبائل الجن ، وكانوا يلدون توأمين ، ذكرا وأنثى ، وتزوج إبليس امرأة من الجان يقال لها : الهنا بنت روحان بن سلسابيل بن الجان ، وأسكن الله الجن في سماء الدنيا ، والجان في الهواء ، ثم أهبطهم إلى الأرض ـ أعني سكان الهواء ـ فعصوا قبل آدم ، وبعث لهم ثمانمائة نبي في ثمانمائة سنة فقتلوهم ، فبعث [الله](٦) إليهم الجن سكان السماء والمؤمّر عليهم إبليس ، فقتلوا جانّ الأرض ، ثم صعد إبليس إلى أن أهبط [مع](٧) آدم عليه‌السلام.

ويقال للروحانيين : جن ، فكل ملائكة جن وليس كل جن ملائكة ، وهو قول أبي صالح.

والطاغوت الأصنام ، والطاغوت [من](٨) الجن ، والجنة هم الجن ، والجنة الملائكة أيضا ، والجنة الترس ، والجنّة البستان (٩).

__________________

(١) سورة الحجر آية (٢٦ ـ ٢٧).

(٢) انظر : القرطبي : الجامع ١٠ / ٢١ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ١٤١.

(٣) سورة الحجر آية (٢٧).

(٤) انظر : القرطبي : الجامع ١٠ / ٢١ ، الماوردي : أعلام النبوة ص ١٤٢.

(٥) انظر : القرطبي : الجامع ١٠ / ٢١.

(٦) و (٧) و (٨) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٩) انظر : ابن منظور : اللسان مادة «طغى» و «جنن».

٢٧٢

ووفد الجن إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبايعوه في مسجد البيعة بطريق منى. حكاه ابن الجوزي ، وبه خط الخط لابن مسعود (١).

وقيل : كان ذلك بالحجون (٢) عند شعب أبي ذر ، وكانوا اثنا عشر ألفا من جن زوبعة ساكن اليمن ، وملوكهم سبعة : المذهب ، والأبيض ، والأحمر ، وبرمان ، وشمهورش ، وزوبعة ، وميمون ، وقيل : كانوا تسعة من جن نصيبين ، وقيل : من بني الشيطان ، وقيل : من جن حران ونصيبين قرية من الموصل (٣) ، ثم رآهم عليه‌السلام بنخلة ، وكانوا من جن نينوى (٤) ، ونينوى من أرض موصل ، وهي أرض قوم يونس عليه‌السلام (٥).

__________________

(١) أخرجه البيهقي في الدلائل ٢ / ٢٣٠ ـ ٢٣١ من طرق متعددة ، وذكره ابن الجوزي في الوفا ١ / ٨٦ ، الماوردي في أعلام النبوة ص ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٢) الحجون : جبل بأعلى مكة ، عليه مدافن أهلها.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٢ / ٢٢٥.

(٣) في الأصل «نصيبين قرية من اليمن» والصواب ما أثبتناه.

ونصيبين : بفتح النون ثم الكسر ، مدينة من بلاد الجزيرة على جادة الطريق من الموصل إلى الشام.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٢٨٨.

(٤) نينوى : بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح النون والواو ، وهي قرية يونس بن متى عليه‌السلام بالموصل ، انظر : ياقوت : معجم البلدان ٥ / ٣٣٩.

(٥) انظر : ابن كثير : البداية ١ / ٥١ ، ويذكر ابن هشام في السيرة ١ / ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، الطبري في تاريخه ٢ / ٣٤٦ ـ ٣٤٧ : «بعد انصراف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الطائف راجعا إلى مكة ، حين يئس من ثقيف ، حتى إذا أتى نخلة قام في جوف الليل يصلي لله الواحد القهار ، فمر به نفر من الجن وكانوا سبعة من جن نصيبين ، فاستمعوا له ، ثم رجعوا إلى قومهم منذرين».

٢٧٣

الفصل السادس

ما جاء في فضل الصلاة والسلام عليه

وإبلاغه صلاة من صلى عليه صلى‌الله‌عليه‌وسلم

عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه عشرا». رواه مسلم (١).

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من صلى عليّ صلاة صلت عليه الملائكة مادام يصلي عليّ ، فليقلل عند ذلك أو ليكثر» (٢).

وعن عبد الله بن عمر : «ومن صلى على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صلاة ، صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة ، فليقلل من ذلك أو ليكثر» (٣).

وعن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليّ صلاة». رواه الترمذي (٤).

وعن محمد بن أبي سليمان ، رأيت أبي في المنام ، فقلت : يا أبه ما فعل الله بك؟ قال : غفر لي ، فقلت بماذا؟ فقال : بكتابتي الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) حديث أبي هريرة : أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٣٧٢ ، مسلم في صحيحه كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم برقم (٧٠) ١ / ٣٠٦ ، الترمذي في سننه كتاب الصلاة باب فضل الصلاة على النبي ٢ / ٣٥٥ ، النسائي في سننه كتاب الصلاة باب فضل الصلاة على النبي ٣ / ٥٠ ، أبو داود في سننه برقم (١٥٣٠) ٢ / ٨٨.

(٢) حديث عامر بن ربيعة : أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٤٤٥ ، وذكره ابن الجوزي في الوفا ٢ / ٨٠٤.

(٣) حديث ابن عمر : ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ١٦٣ وعزاه لأحمد عن عبد الله بن عمرو واسناده حسن.

(٤) حديث ابن مسعود : أخرجه الترمذي في سننه ٢ / ٣٥٤ كتاب الصلاة باب فضل الصلاة على النبي ، وذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٦٠.

٢٧٤

في كل حديث.

وعن أبي القاسم عبد الله المروزي يقول : «كنت أنا وأبي نقابل بالليل الحديث ، فرئي في الموضع الذي كنا نقابل / فيه عمود نور ، فبلغ عنان السماء ، فقيل : ما هذا النور؟ فقيل : صلاتهما على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا تقابلا». هذان الحديثان (١) رويناهما من كتاب «شرف أصحاب الحديث».

وعن أبي بكر [الصديق](٢) رضي‌الله‌عنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يقول : «من صلى عليّ كنت شفيعه يوم القيامة» (٣).

وعن الطفيل (٤) ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يخرج في ثلث الليل ، فيقول : «جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، فقال أبي : يا رسول الله إني أصلي من الليل ، أفأجعل لك ثلث صلاتي؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الشطر ، قال : فأجعل لك شطر صلاتي؟ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الثلثان أكثر ، قال : فأجعل لك صلاتي كلها؟ قال : إذا يغفر الله لك ذنبك كله» (٥).

__________________

(١) انظر : الأشخر اليمني : بهجة المحافل ٢ / ٤١٥.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) أخرجه أبو حنيفة كذا بجامع المسانيد للخوارزمي ١ / ١٠٦٣ ، السيوطي في جمع الجوامع ١ / ١٠٦٣.

(٤) الطفيل بن أبي بن كعب الأنصاري ، كان محدثا ثقة ، ولد في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من التابعين.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ٢٨٢.

(٥) حديث الطفيل : أخرجه البيهقي في شعب الإيمان ١ / ٣٩٤ برقم (٥٣) ، ٢ / ٢١٧ برقم (١٥٧٩) ، والحاكم في المستدرك ٢ / ٥١٣ ، وذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ٦٠ ، ابن الجوزي في الوفا ٢ / ٨٠٣ ، الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ١٦٣ وعزاه لأحمد وإسناده جيد ، وعزاه للطبراني واسناده حسن ، وعزاه للبزار ، وفيه عمر بن محمد بن صهبان وهو متروك.

٢٧٥

الراجفة : هي النفخة الأولى المميتة ، والرادفة : النفخة الثانية (١) ، وبينهما أربعون سنة ، وهي التي تحيي كل شيء. وقوله : «أجعل لك من صلاتي» : معناه من دعائي ، أي أن لي دعاء أدعو به لنفسي (٢).

وعن البراء بن عازب رضي‌الله‌عنه أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من صلى عليّ صلاة كتب الله عزوجل له بها عشر حسنات ، ومحي بها عنه عشر سيئات ، ورفع بها عشر درجات ، وكن له عدل عشر رقاب» (٣). قال الشيخ أبو المكارم : من جملة كذا وجدته.

وعن أنس رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلى عليّ صلاة تعظيما لحقي جعل الله تعالى له من تلك الكلمة ملكا جناح له في المشرق ، وجناح له في المغرب ، ورجلاه في تخوم الأرض ، وعنقه ملوي تحت العرش ، يقول الله عزوجل : صل علي عبدي كما صلى على نبي ، فيصلي عليه إلى يوم القيامة».

وعن وهب بن منبه قال : «الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبادة».

__________________

(١) النفخة الأولى من إسرافيل ومنه قوله تعالى في سورة يس آية ٢٩ (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ) وآية ٤٩ (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) ، والنفخة الثانية من إسرافيل أيضا ومنه قوله تعالى في سورة يس آية ٥٣ (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ.) انظر : ابن الجوزي : نزهة الأعين ص ٣٨٩.

(٢) انظر : الأشخر اليمني : بهجة المحافل ٢ / ٤١٨.

(٣) ذكره القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٧ عن عبد الله بن أبي طلحة ، الهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ١٦١ عن أبي طلحة وعزاه للطبراني. وقال : «وفي الرواية الأولى محمد بن إبراهيم بن الوليد وفي الثانية أحمد بن عمرو النصيبي ولم أعرفهما» وفي حاشية الكتاب : «أحمد بن عمرو النصيبي تحريف وإنما هو حماد بن عمرو ...» وأخرجه البزار كما في كشف الأستار ٤ / ٤٦ برقم (٣١٦٠).

٢٧٦

وعن سعيد بن المسيب ، أظنه عن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الصلاة عليّ نور على الصراط ، فمن صلى عليّ يوم جمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوبه ثمانين عاما» (١).

وعن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا كان يوم الخميس بعث الله ملائكة معهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون يوم الخميس وليلة الجمعة أكثر الناس صلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم».

وقال أبو سليمان الداراني (٢) : «من أراد أن يسأل الله تعالى حاجته ، فليبدأ بالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم يسأل حاجته ، ثم يختم بالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فإن الله تعالى يقبل ما بين الصلاتين ، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما» (٣) وداريا قرية من قرى دمشق (٤).

وعن أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلى عليّ في يوم ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة» (٥) وفي رواية : من صلاها يوم الجمعة.

وعن علي رضي‌الله‌عنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «قال لي

__________________

(١) حديث أبي هريرة ذكره المتقى في الكنز برقم (٢١٤٩) وقال : «الأزدي في الضعفاء والدار قطني في الأفراد».

(٢) عبد الرحمن بن أحمد ، أبو سليمان الداراني ، كان زاهدا متعبدا ، مات في سنة ٢١٥ ه‍.

انظر : الخطيب : تاريخ بغداد ١١ / ٢٤٨ ، أبو نعيم : حلية الأولياء ٩ / ٢٥٤ ، الذهبي : سير أعلام ١٠ / ١٨٢ ـ ١٨٦.

(٣) انظر : القرطبي : الجامع ١٤ / ٢٣٥ ، وذكره المتقي في الكنز برقم (٢١٧٧) وعزاه لابن عساكر.

(٤) كذا ورد عند ياقوت في معجم البلدان ٢ / ٤٣١ وقال : «وداريا بغوطة دمشق والنسبة إليها داراني من غير قياس وبها قبر أبي سليمان الداراني».

(٥) حديث أنس بن مالك ذكره المنذري في الترغيب والترهيب ٢ / ٢٢٢ وعزاه لابن شاهين.

٢٧٧

جبريل يا محمد إن الله تعالى يقول : من صلى عليك عشر مرات استوجب الأمان من سخط الله».

/ وعن أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا ، ومن صلى عليّ عشرا صلى الله عليه مائة ، ومن صلى عليّ مائة كتب الله بين عينيه : براءة من النفاق ، وبراءة من النار ، وأسكنه يوم القيامة مع الشهداء» (١). رواه الطبراني (٢).

وعن حذيفة رضي‌الله‌عنه أنه قال : «الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم تدرك الرجل وولده وولد ولده».

وعن عبد الله بن أبي طلحة (٣) ، عن أبيه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جاء ذات يوم والبشر في وجهه ، فقلنا : إنا لنرى البشر في وجهك؟ فقال : «إنه أتاني ملك فقال : يا محمد إن ربك يقول : أما يرضيك أنه لا يصلي عليك أحد إلا صليت عليه عشرا ، ولا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرا» (٤).

__________________

(١) حديث أنس بن مالك : أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ٥ / ١٠٣ ، وذكره ابن الجوزي في الوفا ٢ / ٨٠٣ ، والهيثمي في مجمع الزوائد ١٠ / ١٦٣ وعزاه للطبراني في الصغير والأوسط. وقال : «وفيه راو لم أعرفه وبقية رجاله ثقات».

(٢) الطبراني هو : سليمان بن أحمد أبو القاسم الطبراني ، كان محدثا ثقة ، مات في أصبهان سنة ٣٦٠ ه‍.

انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٤ / ٢٠٦ ، ابن كثير : البداية ١١ / ٢٧٠ ، الذهبي : العبر ٢ / ١٠٥.

(٣) عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري المدني ، ولد على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كان ثقة توفي في سنة ٨٤ ه‍ بالمدينة.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ٣٠٨.

(٤) حديث عبد الله بن أبي طلحة : أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٣٠ ، النسائي في سننه ٣ / ٤٤ ، ابن السني في عمل اليوم ص ١٤٧ عن أنس بنحوه ، القاضي عياض في الشفا ٢ / ٦٠ ، ابن الجوزي في الوفا ٢ / ٨٠٤ ، القرطبي في الجامع ١٤ / ٢٣٧.

٢٧٨

روى ابن الجوزي في كتابه المسمى : «بالوفا في شرف المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (١) عن ما رواه كعب الأحبار : أن الله تعالى أوحى إلى موسى : يا موسى أتحب أن لا ينالك من عطش يوم الجمعة قال : الهي نعم قال : فأكثر الصلاة على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ويروى أن خلاد بن كثير بن قتيبة بن مسلم كان في النزع ، فوجد تحت رأسه رقعة مكتوب فيها : هذا براءة من النار لخلاد بن كثير ، فسألوا أهله ما كان عمله؟ فقال أهله : كان يصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كل جمعة ألف مرة «اللهم صل على محمد النبي الأمي» (٢).

وعن أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنه أنه قال : الصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أمحق للذنوب من الماء للنار ، والسلام على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أفضل من عتق الرقاب ، وحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أفضل من ضرب السيف في سبيل الله» (٣).

وأنشد أبو سعيد محمد بن الهيثم بن محمد السلمي لنفسه بأصبهان :

أما الصلاة على النبي فسيرة

مرضيّة تمحى بها الآثام

وبها ينال المرء عزّ شفاعته

يبني بها الإعزاز والإكرام

كن للصلاة على النبي ملازما

فصلاته لك جنة وسلام

__________________

(١) لم أجد الخبر في كتاب الوفا لابن الجوزي. هو موضوع.

(٢) حكاية موضوعة.

(٣) حديث أبي بكر الصديق ذكره ابن الجوزي في الوفا ٢ / ٨٠٦.

٢٧٩

وأنشد عمر بن عثمان بن بزال الشيباني لنفسه بمكة :

أيا من أتى ذنبا وقارف زلة

ومن يرتجي الرجا من الله والقربا

تعاهد صلاة الله في كل ساعة

على خير مبعوث وأكرم من نبّا

فيكفيك هما أي هم تخافه

ويكفيك ذنبا جئت أعظم به ذنبا

وإن لم يكن يفعل فإن دعاءه

يجد قبل أن يرقا إلى ربه حجبا

عليه صلاة الله ما لاح بارق

وما طاف بالبيت الحجيج وما لبا

وللحافظ رشيد الدين :

ألا أيها الراجي المثوبة والأجرا

وتكفير ذنب سالف أنقض الظهرا

عليك بإكثار الصلاة مواظبا

على أحمد الهادي شفيع الورا طرا

وأفضل خلق الله من نسل آدم

وأزكاهم فرعا وأشرفهم بحرا

قد صح أن الله جل جلاله

يصلي على من قالها مرة عشرا

٢٨٠