بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني

بهجة النفوس والأسرار - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أبي محمّد عفيف الدين عبد الله بن عبد الملك المرجاني


المحقق: محمّد عبد الوهاب فضل
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الغرب الإسلامي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٠
الجزء ١ الجزء ٢

الفصل الحادي عشر

ما جاء في أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ،

وأبو بكر ، وعمر رضي‌الله‌عنهما ،

وعيسى عليه‌السلام ، خلقوا من طينة واحدة ،

وأن كل مخلوق يدفن في تربته التي خلق منها

عن أنيس بن أبي يحيى (١) قال : لقي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جنازة في بعض سكك المدينة ، فسأل عنها فقالوا : فلان الحبشي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي خلق منها» (٢).

سكك المدينة : يعني أزقتها ، سميت بذلك لإصطفاف الدور فيها كطريق النخل المأبورة التي قد لقحت. وفي الحديث : «سكة مأبورة» هي الطريق المستوية المصطفة من النخل (٣).

قال الحافظ محب الدين بن النجار (٤) : «فعلى هذا طينة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم التي خلق منها من المدينة ، وطينة أبي بكر وعمر رضي‌الله‌عنهما من طينة

__________________

(١) أنيس بن أبي يحيى سمعان الأسلمي ، كان محدثا ثقة ، من السابعة.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ١١٥.

(٢) حديث أنيس : أخرجه الحاكم في المستدرك ١ / ٣٦٧ عن أبي سعيد ، أحمد في فضائل الصحابة ١ / ٣٦٠ عن سوار بن عبد الله بن سوار مرسلا ، ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٠١.

(٣) ورد في الحديث «خير المال سكة مأبورة». والسكة : الطريقة المصطفة من النخل ، ومنها قيل للأزقة سكك لإصطفاف الدور فيها ، والمأبورة الملقحة.

انظر : ابن الأثير : النهاية ٢ / ٣٨٤.

(٤) قول ابن النجار ورد في كتابه الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ ، ونقله عنه : المراغي في تحقيق النصرة ص ١٠١ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١١).

٢٢١

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهذه منزلة رفيعة».

قلت (١) : في قوله تعالى : (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ)(٢) إشارة إلى رد الإنسان إلى طينة المبدأ ، التي منها النشأة الأولى ، فالإنسان يدفن في مكان أخذ تربته على حد الموازنة ، فلا يقال لأهل البقيع : إنهم من تربة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإنما لهم شركة في الأرض المأخوذ منها ، دليله : ما روي عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما من مولود إلا وفي سرته من تربته التي خلق منها ، فإذا رد إلى أرذل العمر رد إلى تربته التي خلق منها ، حتى يدفن فيها ، وإني وأبا بكر وعمر خلقنا من تربة واحدة ، وفيها ندفن». الدليل : ما روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ما من مولود يولد إلا وقد ذر عليه من تراب حفرته» (٣). قلت (٤) : «هذا الحديث أتى على حد الموازنة ، ومن دفن منه جزء بأرض ، ودفن بأرض أخرى يمكن أن يقال : خلق من تربتين من أرضين ، وقيل : لا يمكن ، وليست تربته إلا ما حازت عجب الذنب منه ، لأنها فيما يظهر لي أنها تربة حفرته ، دليله : بقاؤها ، ومنها ينبت في النشأة الثانية».

ولم يسمع بمثل ما جرى لعميد الملك الكندري / أبو نصر محمد بن منصور (٥) ، استوزره السلطان طغرل بك

__________________

(١) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٨ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١١).

(٢) سورة طه آية (٥٥).

(٣) حديث ابن مسعود : أخرجه السيوطي في اللآليء ١ / ٣١٠ ، وذكره المتقي في كنز العمال برقم (٣٢٦٧٣) وعزاه للخطيب عن ابن مسعود ، ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٨ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١١).

(٤) قول المؤلف نقله عنه : ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٨ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٣).

(٥) عميد الملك ، أبو نصر محمد بن منصور الكندري ، وزير السلطان طغرل بك ، كان من

٢٢٢

السلجوقي (١) ، وهو أول وزير للدولة السلجوقية ، وكان من أصحاب إمام الحرمين ، قتله ألب أرسلان في سنة ست وخمسين وأربعمائة ، وأريق دمه بمرو الروذ ، ودفن جسده بقرية كندر (٢) ، وجمجمته بنيسابور ، ومذاكيره بخوارزم ، وحشيت سوقه بالتبن ونقلت إلى كرمان (٣).

ألب أرسلان عضد الدولة محمد بن شجاع بن ميكائيل بن سلجوق الملك (٤) ، بلغ عسكره مائتي ألف فارس ، وبلغ ملكه حلب من أقاصي المشرق ، توفي سنة خمس وستين وأربعمائة (٥) ، وتولى الملك بعده ولده تاج الدولة تتش ، وقتل سنة ثمان وثمانين وأربعمائة (٦) ، وتولى الملك آخر الدولة السلجوقية سنجر ابن ملكشاه بن ألب أرسلان (٧) ، وهب في مجلس لهو سبعمائة ألف دينار ،

__________________

رجال العلم حزما ورأيا وشهامة وكرما ، وكان قد جب مذاكيره لأمر ، ثم قتله ألب أرسلان بمرو الروذ في آخر سنة ٤٥٦ ه‍.

انظر : الذهبي : العبر ٢ / ٣٠٧ ، ابن كثير : البداية ١٢ / ٩٢ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٣٠١ ـ ٣٠٣.

(١) طغرل بك بن ميكائيل السلطان الكبير ركن الدين أبو طالب التركي الغزي السلجوقي ، أول ملوك السلجوقية ، تملك العراق وقمع الرافضة ، وكان عادلا حليما ، توفى بالري سنة ٤٥٥ ه‍ انظر : الذهبي : العبر ٢ / ٣٠٤ ، ابن كثير : البداية ١٢ / ٩٠ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٢٩٤.

(٢) كندر بالضم ثم السكون ، قرية من نواحي نيسابور ، ينسب إليها عميد الملك محمد بن منصور.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ٤ / ٤٨٢.

(٣) انظر : ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٣٠٣.

(٤) ألب أرسلان عضد الدولة محمد بن شجاع ، أبو شجاع السلطان الكبير ، كان من أعدل الناس وأرغبهم في الجهاد وفي نصرة الإسلام. توفى سنة ٤٦٥ ه‍.

انظر : الذهبي : العبر ٢ / ٣١٨ ، ابن كثير : البداية ١٢ / ١٠٦ ، ابن تغري : النجوم ٥ / ٩٢.

(٥) انظر : ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٣١٨.

(٦) السلطان تاج الدين تتش بن ألب أرسلان التركي السلجوقي ، أبو سعيد كان شهما شجاعا ، قتل بنواحي الري سنة ٤٨٨ ه‍.

انظر : الذهبي : العبر ٢ / ٣٥٧ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٣٨٤.

(٧) السلطان سنجر معز الدولة ، أبو الحارث بن ملكشاه بن ألب أرسلان التركي السلجوقي

٢٢٣

واجتمع عنده من الجوهر ألف رطل وثلاثون رطلا ، توفي سنة إثنتين وخمسين وخمسمائة ، وبموته انقرضت دولة بني سلجوق ، وأول ملوكهم طغرل بك (١).

ومن قبلهم انقرض ملك السامانية ، وكان لمحمود بن سبكتكين الملك (٢) ، وهو الذي عقد الجسر على جيحون ، وأنفق في ذلك ألفي ألف دينار ، ولم يحظ بطائل ، فأغرم وزيره خمسين ألف ألف دينار ، وهو الذي كان أشار عليه بذلك (٣). قبض على ملك السامانية وأقام الخطبة للقادر بالله (٤) ، وبلغ محمود إلى قلعة لملك الهند ، فجاءه رسول الملك يحمل على نعش ، فصالحه على خمسمائة فيل ، وثلاثة آلاف ومائة منا فقرة ، فبعث محمود إلى ملكهم قباء وعمامة ، وسيفا ، ومنطقة ، وفرسا ، وخفا ، وخاتما ، وأمره أن يقطع إصبعه وهي علامة الوثيقة بينهم ، فلبس الملك الخلعة ، وقطع الإصبع الصغرى (٥).

وفتح محمود قلعة نهام وبيت أصنامهم وكانت ذهبا قيمتها تزيد على عشرين ألف ألف دينار (٦).

__________________

صاحب خراسان ، كان من أحسن السلاطين وقورا ذا حياء وكرم ، توفى سنة ٥٥٢ ه‍.

انظر : الذهبي : العبر ٣ / ١٧ ، ابن كثير : البداية ١٢ / ٢٣٧ ، ابن تغري : النجوم ٥ / ٣٢٦ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٤ / ١٦١ ـ ١٦٢.

(١) انظر : ابن العماد : شذرات الذهب ٤ / ١٦٢.

(٢) السلطان محمود بن سبكتكين سيف الدولة ، أبو القاسم الغزنوي ، كان من الغزاة المجاهدين ، افتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر على أطراف الهند ، واستولى على سائر خراسان ، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام ، وفي عهده سقطت الدولة السامانية ، توفي سنة ٤٢١ ه‍.

انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٥ / ٢١٢ ، الذهبي : العبر ٢ / ٢٤٥ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٢٢١.

(٣) انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٥ / ٢١٢ وأضاف : واعتقله.

(٤) في سنة ٣٨٩ ه‍ انقطعت الدولة السامانية وتثبت الملك لمحمود بن سبكتكين ، وسير له الخليفة العباسي القادر بالله خلعة ولقبه بيمين الدولة وأمين الملة.

انظر : الذهبي : تاريخ الاسلام حوادث سنة ٤٢١ ه‍ ص ٧١ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٢٢٠.

(٥) و (٦) كذا ورد عند ابن الجوزي في المنتظم ٥ / ٢١١ ، ٢١٢.

٢٢٤

مات محمود سنة [إحدى وعشرين وأربعمائة (١) ، وانقرض ملك السامانية في سنة](٢) تسع وثمانين وثلثمائة ، وكان ملكهم مائة سنة وسنتين ، وآخر ملوكهم الحارث بن منصور بن نوح بن منصور بن نوح ـ وأبوه الساماني نوح ابن منصور الملك ـ ثم قبض على الحارث وأجلس عبد الملك أخوه ، فقصدهم محمود المذكور (٣). انتهى.

قال سيدنا عبد الله بن أبي جمرة (٤) : «إن الملك إذا جاء لتصوير المولود في بطن أمه ، نصب له سبعون من جدوده على ما رواه أبو داود ، ثم يلقى الله سبحانه شبهه على من يشأ منهم ، ويكون الجنين في البطن معتمدا بوجهه على رجليه [وبراحتيه](٥) على رأسه ، وأنفه بين ركبتيه ، وعيناه على ركبتيه ، وظهره / إلى وجه أمه ، وبعد أربعين يوما من حمله يؤتى بتراب تربته ويعجن به وينفخ فيه الروح بعد مائة وعشرين يوما ، ويتنفس بنفس أمه ، وعند ولادته يقدم رأسه ، وقد يقدم الرجلان في كثير من الناس ، وتلد المرأة من واحد إلى عشرة ، وخلق الله في كل شخص ثلثمائة وستين عظما ، وقيل : مائتان وأربعون سوى السمسمانية ، وعروق القبض والبسط ثلثمائة وستون ، والعين

__________________

(١) توفى محمود في جمادى الأولى وقيل في ربيع الأول في مدينة غزنة.

انظر : ابن الجوزي : المنتظم ١٥ / ٢١٢ ، الذهبي : العبر ٢ / ٢٤٥ ، تاريخ الاسلام حوادث سنة ٤٢١ ه‍ ص ٧٤ ، ابن العماد : شذرات الذهب ٣ / ٢٢١.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) قال الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث سنة ٣٨٩ ه‍ ص ٢٥ ، ٢٣١ : «في سنة ٣٨٩ ه‍ عزل ملك ماوراء النهر منصور بن نوح ، وحبس بسرخس ، وبويع أخوه عبد الملك فبقي في الملك تسعة أشهر ، وحاربه الملك الخان وأسره واستولى على بخارى في ذي القعدة ، ومات عبد الملك في السجن بعد قليل وبذلك سقطت الدولة السامانية».

(٤) قول ابن أبي جمرة ورد في كتابه بهجة النفوس ٢ / ٢٢١.

(٥) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

٢٢٥

سبع طبقات وأربع وعشرون عضلة ، والعضال خمسمائة وتسع وعشرون» (١).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة [جاء](٢) ذكرا بإذن الله تعالى وإذا علا مني المرأة مني الرجل [جاء](٣) أنثى بإذن الله تعالى» (٤).

قال أهل السير : وفي بيت عائشة رضي‌الله‌عنها ، موضع قبر في السهوة (٥) الشرقية ، قال سعيد بن المسيب : فيه يدفن عيسى ابن مريم عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٦).

وعن محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام (٧) ، عن أبيه ، عن جده قال : «يدفن عيسى بن مريم عليه‌السلام مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصاحبيه رضي‌الله‌عنهما ، ويكون قبره الرابع ، فعلى هذا فطينته من طينتهم» (٨).

__________________

(١) ما ذكره المصنف عن ابن أبي جمرة من تفصيل لخلق الإنسان من علوم الطب التي ينقلها القدماء ، وقد توصل الطب الحديث إلى معرفة ما هو أدق وأوثق مما يذكره الأوائل.

(٢) و (٣) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٤) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب مناقب الأنصار باب (٥١) ٤ / ٣٢٣ عن أنس ، مسلم في صحيحه كتاب الحيض باب صفة مني الرجل والمرأة برقم (٣٤) ١ / ٢٥٢ عن ثوبان ، أحمد في المسند ١ / ٢٧٨ عن ابن عباس ، والبيهقي في دلائل النبوة ٦ / ٢٦٦ عن ابن عباس.

(٥) السهوة : بيت صغير منحدر الأرض قليلا شبيه بالمخدع والخزانة.

انظر : المراغي : تحقيق النصرة ص ١٠٠.

(٦) قول أهل السير وسعيد بن المسيب : كذا ورد عند ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٠٠ ولا طريق إلى معرفة ذلك إلا بخبر صحيح عن المعصوم صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٧) محمد بن يوسف بن عبد الله بن سلام الاسرائيلي المدني ، روى عن أبيه وأبي سعيد الخدري ، مقبول من الرابعة.

انظر : ابن حجر : التهذيب ٩ / ٥٣٤.

(٨) رواية محمد بن يوسف : أخرجها الترمذي في سننه برقم (٣٦١٧) ٥ / ٥٤٩ وقال أبو عيسى : «هذا حديث حسن غريب» ، وذكرها المزي في تهذيب الكمال ١٩ / ٣٩٤ ، ابن حجر في فتح الباري ١٣ / ٣٠٨ ، ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ ، ابن كثير في البداية ٢ / ٩٢ وفي النهاية ١ / ٦٠ ، ١٤٦.

٢٢٦

وعن أبي هريرة رضي‌الله‌عنه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا أهبط الله تعالى المسيح ، فيعيش في هذه الأمة ما يعيش ، فيموت بمدينتي هذه ، ويدفن إلى جانب قبر عمر ، فطوبى لأبي بكر وعمر يحشران بين نبيين ، فانظر إلى هذا الفضل العظيم» (١).

وفي ذلك قلت :

بدا فضل أصحاب الرسول المؤيد

بما نالهم من كل خير مؤبد

أبا بكر الهادي إلى الدين والهدى

أبا حفص مهدي الخلق للدين [مرشد](٢)

كريمين حازا من علا المجد رفعة

كلاهم إماما في علا المجد مفرد

سطوا بسيوف النصر أفنوا بحدها

سحاب بدا ساط من الكفر أسود

أنيلوا بفضل الله ما لم ينله

سواهم لهم فضلا نبا عنه تعدد

لهم رفعة في الدين تسمو تجليا

تزيد لهم في كل يوم تجدد

__________________

(١) حديث أبي هريرة ذكره ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٩ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٣) ولفظه منكر.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

٢٢٧

ويوم يقوم الناس للرب يحشروا

إلى بعثهم من بين عيسى وأحمد

فناهيك هذا الفضل مترضيا

عليهم متى ما عشت دائم تسعد

وقلت أيضا :

تأمل ضجيعي سيد الخلق أحمد

محمد الهادي الشفيع المطهر

أبو بكر المهدي إلى دين أحمد

ومن بعده الفاروق للدين يعمر

حووا كل فخر معه كل فضيلة

وليس لها حد فتقوا وتحصر

ومعهم خير الخلق أكرم رسله

ومعهم عيسى آخر الدهر يقبر

/ فطوبى لما حازوه ثم لما حووا

وطوبى لهم بين النبيين يحشر

فمن الذي ينكر فضائلهم عمى

إذا ما هم يوما من الدهر يذكر

لقد صار لا دنيا ولا دين خاسرا

ومن فاته الفردوس فالنار تسعر

٢٢٨

وليس لعبد في رجاه توسلا

سوى حبهم فاحبب كلاهم يحبر

وإني عبد الله ممن ذنوبه

تزيد على مر الزمان وتكبر

ولكن حبي في الجميع وسيلتي

وفي جنب حبر أرج ذنبي يغفر

وحسن ظنوني في الهى جميلة

وهيهات بين الحب والظن أخسر

عيسى عليه‌السلام ابن مريم ، ومريم بلغتهم العابدة ، ومريم بنت حنّة امرأة عمران (١).

وعمران هو ابن ماثان ، وليس بعمران أبي موسى ، وبينهما ألف وثمانمائة سنة ، وعمران في نسبه يصل إلى سليمان بن داود (٢).

نفخ جبريل عليه‌السلام في درع مريم بعد أن وضعته ، فلما لبسته حملت (٣).

وكان مقدار حملها تسعة أشهر ، وقيل : ثمانية ، وقيل : ستة ، وقيل :

__________________

(١) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٨٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ١٧ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٥٢.

(٢) كذا ورد عند الطبري في تاريخه ١ / ٥٨٥ ، ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٦ وأورد الطبري وابن الجوزي نسبه كاملا وانتهيا به إلى سليمان بن داود.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٩٩ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ١٧ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٥٩.

٢٢٩

ثلاث ساعات ، وقيل : ساعة (١).

وعمرها إذ ذاك عشر سنين ، وقيل : ثلاثة عشر ، وقيل : خمس عشرة (٢).

ولما ولد خرت الأصنام (٣) ، ولد ببيت لحم (٤) من أرض أوريشلم (٥) لمضي [خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل ، ولإحدى وخمسين سنة مضت من ملك الأشكانيين ، ولمضي إثنتين وأربعين سنة من ملك أغوسطوس (٦).

وتكلم في المهد وهو ابن](٧) أربعين يوما ، ولم يتكلم بعدها إلى أن بلغ مبلغ من يتكلم.

__________________

(١) انظر : ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ١٨ ، وقال ابن كثير في البداية ٢ / ٦٠ : «ثم الظاهر أنها حملت به تسعة أشهر كما تحمل النساء ويضعن لميقات حملهن ووضعهن إذا لو كان خلاف ذلك لذكر ، وعن ابن عباس وعكرمة أنها حملت به ثمانية أشهر».

(٢) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٨٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ١٧.

(٣) روى عن وهب بن منبه : لما كانت الليلة التي ولد فيها عيسى أصبحت الأصنام منكسة على رؤوسها كلما ردوها على قوائمها انقلبت.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٩٥ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ١٩ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٦٩.

(٤) بيت لحم : بالفتح وسكون الحاء المهملة ، بلدة قرب البيت المقدس ، وكان مهد عيسى عليه‌السلام.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ١ / ٥٢١.

(٥) أوريشلم : بالضم ثم السكون وكسر الراء وياء ساكنة وشين معجمة مفتوحة ولام مكسورة ، هو اسم بيت المقدس بالعبرانية ، إلا أنهم يسكنون اللام.

انظر : ياقوت : معجم البلدان ١ / ٢٧٩.

(٦) كذا ورد عند الطبري في تاريخه ١ / ٥٨٢ ، ٥٨٥ ، ٦٠٤ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٦٩.

والأشكانيين : نسبه إلى أشك بن دارا الأكبر ، أحد ملوك الفرس ، وإليه ينسب الأشكانيون وهم ملوك الطوائف.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٨٠.

وأغوسطوس : أحد ملوك الروم بالشام ، في عهده ولد المسيح عليه‌السلام.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٧٨.

(٧) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

٢٣٠

وجميع من تكلم في المهد ثلاثة عشر : شاهد يوسف عليه‌السلام ، وابن ما شطة بنت فرعون ، وعيسى عليه‌السلام ، ويحيى عليه‌السلام ، وشاهد جرجيس عليه‌السلام ، وصاحب جريج الراهب ، وصاحب الأخدود ، وإسماعيل عليه‌السلام ـ حكاه وهب ـ قال لها : اسقني الماء ، ونوح عليه‌السلام ولدته أمه في غار خوفا من ملكهم فلما أرادت أن تنصرف فقالت : وانوحاه فقال : لا تخافي عليّ يا أمي فإن الذي خلقني يحفظني ، وكان اسم ملكهم در ميل ، وتولى بعده ابنه تلومين ، وتولى بعد تلومين ابنه طغردوس ، وبنت النمرود وذلك أن إبراهيم لما حاجه التفت إلى بنت نمرود وكانت ترضع فجعلت تقول للنمرود : ما تنتظر وهذا نبي الله فاتبعه وأنا أشهد به أن لا إله إلا الله قال : فأمر بها فقطعت قطعا (١).

وعن [معرض (٢) عن أبيه ، عن جده قال :](٣) رأيت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عجبا ، جيء بصبي يوم ولد فقال [له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : يا غلام](٤) من أنا؟ فقال : [أنت](٥) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وهو حديث مبارك اليمامة [ويعرف بحديث] شاصونة (٦) اسم راويه وفيه ـ فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : صدقت بارك الله فيك ، ثم أن الغلام لم يتكلم بعدها حى شب ، فكان يسمى مبارك اليمامة.) (٧)

__________________

(١) انظر : القرطبي : الجامع ٤ / ٩١ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٤٦ ، ٥٤ ، ٦٣ ، ٩١ ، ١٢٠ ، ١٢٣ ، الأشخر اليمني : بهجة المحافل ٢ / ٢٢٧ ، السيوطي : الدر المنثور ١ / ١٩٨.

(٢) معرض بن عبد الله بن معرض بن معيقيب اليماني ، كان محدثا روى عن شاصونة بن عبيد.

انظر : ابن ناصر : المشتبه ٨ / ٢١٢ ، ابن ماكولا : الإكمال ٧ / ٢٧٤.

(٣) و (٤) و (٥) الإضافة للضرورة من الشفا ١ / ٢١١.

(٦) شاصونة بن عبيد ، أبو محمد اليماني ، روى عن معرض بن عبد الله اليماني.

انظر : الدار قطني : المؤتلف ٤ / ٢١٤٥ ، ابن ماكولا : الإكمال ٧ / ٢٧٤ ، ابن الجوزي : المنتظم ١٢ / ٤٠٩.

(٧) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

٢٣١

وكانت هذه القصة في مكة في حجة الوداع (١).

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن امرأة كانت ترضع ابنا لها من بني إسرائيل ، فمر بها رجل راكب ذو شارة فقالت : اللهم اجعل ابني مثله ، فترك ثديها وأقبل على / الراكب وقال : اللهم لا تجعلني مثله ، ثم أقبل على ثديها يمصه ، قال أبو هريرة رضي‌الله‌عنه : كأني أنظر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يمص أصبعه ، ثم مرّ بأمة فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه ، فترك ثديها وقال : اللهم اجعلني مثلها ، فقالت لم ذلك؟ فقال : الراكب جبار من الجبابرة ، وهذه الأمة يقولون : سرقت زنت ، ولم تفعل (٢).

وبعد اثنتي عشرة سنة من مولد عيسى مات هيرودس الملك (٣) ، وأوحى الله تعالى إلى عيسى على رأس ثلاثين سنة ، ورفعه من بيت المقدس ليلة القدر من رمضان وعمره ثلاثة وثلاثون سنة ، وذلك قبل قتل يحيى بثلاث سنين (٤).

وقتل يحيى وهو ابن ثلاثين سنة ، وكان أكبر من عيسى عليهما الصلاة والسلام ـ حكاه مكي ـ وهو أول من آمن بعيسى ، أمّه أشياع

__________________

(١) حديث مبارك «حديث شاصونة» ذكره القاضي عياض في الشفا ١ / ٢١١ ، البيهقي في الدلائل ٦ / ٥٩ ، ابن كثير في البداية ٦ / ١٥٩ ، الأشخر اليمني : بهجة المحافل ٢ / ٢٧٧ وعلق محقق دلائل النبوة للبيهقي حاشية ٦ / ٥٩ على الخبر بقوله : «الخبر في إسناده محمد بن يونس الكديمي أحد المتروكين ، كان يضع على الثقات الحديث وضعا».

(٢) الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ) برقم (٣٤٣٦) ٤ / ١٦٩ عن أبي هريرة ، أحمد في المسند ٢ / ٣٠٧ عن أبي هريرة ، وذكره ابن أبي جمرة في بهجة النفوس ٤ / ٤٤.

(٣) هيردوس الكبير ، كان ملكا على بيت المقدس من قبل قيصر الروم أغوسطوس ، مات بعد أن هربت مريم ومعها الغلام إلى أرض مصر.

انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٦٠٥.

(٤) انظر : ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٢١ ، ٣٨ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٧٢ ، ٨٨.

٢٣٢

بنت حنّة امرأة عمران (١).

وجميع ما في القرآن من امرأة منسوبة إلى بعلها فهي بالتاء المجرورة في مرسوم الخط ، وما لم تنسب فهي بالهاء كامرأة مؤمنة (٢).

والمرأة في القرآن على اثني عشر وجها (٣) : حنّه : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ)(٤) ، وخولة : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ)(٥) ، وسارة : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ)(٦) ، وزليخا : (امْرَأَةُ الْعَزِيزِ)(٧) ، وصافورا ، وعابورا بنتا شعيب : (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ)(٨) ، وبلقيس : (امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ)(٩) ، وأم شريك : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً)(١٠) ، والهة امرأة نوح ، والعة امرأة لوط : (امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ)(١١) ، وآسية : (امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ)(١٢) ، وأم جميل أخت أبي سفيان : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)(١٣).

__________________

(١) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٨٥ ، ٥٨٦ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٥ ، ٧ ، ٣٣ ، ابن كثير :البداية ٢ / ٥٠.

(٢) من قوله تعالى (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) الأحزاب آية (٥٠).

(٣) هذه الوجوه أوردها ابن الجوزي في كتابه نزهة الأعين النواظر ص ٥٧١ ـ ٥٧٣.

(٤) سورة آل عمران آية (٣٥).

(٥) سورة النساء آية (١٢٨).

(٦) سورة هود آية (٧١).

(٧) سورة يوسف آية (٥١).

(٨) سورة القصص آية (٢٣).

(٩) سورة النمل آية (٢٣).

(١٠) سورة الأحزاب آية (٥٠).

(١١) سورة التحريم آية (١٠).

(١٢) سورة القصص آية (٩) وسورة التحريم آية (١١).

(١٣) سورة المسد آية (٤).

٢٣٣

ومولد يحيى في الرابع والعشرين من حزيران ، وهو أطول يوم في السنة.

وكان يوم قتل زكريا ابن ثلاثة أشهر ، وهو زكريا بن برخيا ، وقيل : مات ولم يقتل (١).

وفي زكريا ثلاث لغات : المد والقصر ، وأهل نجد يقولون : زكري فيقولون : الألف كان السبب في ندائه (٢).

وقيل : هو ابن أدي من سبط يهوذا بن يعقوب بن إسحاق (٣) ، وقيل : يعقوب هذا ليس بيعقوب بن إسحاق ، بل يعقوب بن ماثان ، وقيل : من نسل سليمان (٤).

ومن عهد أرميا وتخريب بيت المقدس إلى مولد يحيى عليه‌السلام أربعمائة سنة وإحدى وستون سنة ، وذلك أنهم يعدون من لدن تخريب بختنصر بيت المقدس إلى حين عمرانه في عهد كيرش بن أخشويرش أصبهبذ بابل من قبل بهمن بن أسفنديار بن بشتاسب سبعين سنة ، ثم من بعد عمرانه إلى ظهور الإسكندر على بيت المقدس ثمانيا وثمانين سنة ، ثم من بعد مملكة الإسكندر إلى مولد يحيى ثلثمائة سنة وثلاث سنين (٥).

وآخر من بعث فيهم زكريا ويحيى ، فقتلوا زكريا ، فبعث الله عليهم ملك بابل ، وكان يقال له : خردوس ، فذبح منهم سبعة آلاف وسبعمائة وسبعين من

__________________

(١) راجع مقتل زكريا وعمود نسبه عند : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٩٠ ، ٦٠٠ ـ ٦٠١ ، الماوردي :أعلام النبوة ص ٥٢ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٥ ، ٦ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٤٣ ، ٤٧ ـ ٤٨.

(٢) زكريا اسم أعجمي يقال : زكريّ ، وزكريّا مقصور ، وزكرياء ممدود ، ويقال : زكري بتخفيف الياء.

انظر : الجواليقي : المعرب ص ٢١٩ ، ابن كثير : البداية ٢ / ٤٤.

(٣) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٩٠ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٥.

(٤) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٥٨٥.

(٥) كذا ورد عند الطبري في تاريخه ١ / ٥٨٩ ، ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٢.

٢٣٤

رؤسائهم ، وسبيهم وأزواجهم فما / سكن دم يحيى (١).

عن كعب قال : يبعث الله عيسى عليه‌السلام ، على الأعور الدجال فيقتله ، ثم يعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة.

فائدة :

وقع الخلاف بين العلماء في نبوة مريم على قولين ، لقوله تعالى : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا)(٢).

والجمهور على أن مريم ولقمان ليسا بنبيين ، وقد نقل إمام الحرمين من إجماع العلماء على أن مريم ليست نبية ، وقد شذ من قال : نبيان ولا إلتفات إليه ولا تعريج عليه (٣).

وذكر القرطبي (٤) «أن في التوراة والإنجيل عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله ، وأنه يمر بالروحاء حاجا أو معتمرا أو يجمع الله له ذلك ، فيجعل الله تعالى حواريه أصحاب الكهف والرقيم فيمرون حجاجا ، فإنهم لم يحجوا ولم يموتوا ، وكذلك فتى موسى عليه‌السلام يوشع بن نون ، وهو ابن أخت موسى ، وقيل : أنهم ماتوا ، وقيل : أنهم يموتون قبيل الساعة ، وقيل : أنه عليه‌السلام يحج في سبعين ألفا منهم أصحاب الكهف».

وحواري عيسى عليه‌السلام : شمعون الصفا ، وشمعون القتال ، ويعقوب بن زيدي ، ويعقوب بن خلفي ، وتولوس مارقوش ، وأندراوس ، وبرثلا ،

__________________

(١) كذا ورد عند الطبري في تاريخه ١ / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ، ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٣.

(٢) سورة مريم آية (١٧).

(٣) انظر : ابن كثير : البداية ١ / ٥٥ ، ١٤٣ ، وأضاف : «وقول الجمهور من أهل السنة والجماعة من أن النبوة مختصة بالرجال وليس في النساء نبية ، فيكون أعلى مقامات مريم كما قال تعالى : (وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ) سورة المائدة آية ٧٥».

(٤) قول القرطبي ورد في كتابه الجامع ٤ / ١٠١.

٢٣٥

ويوحنا ، ولوقا ، وثوما ، ومتا (١).

وسموا حواري [المسيح](٢) : لصفاء قلوبهم ، وقيل : الحواريون الأنصار (٣).

وأصحاب الكهف : فتية من الروم دخلوا الكهف قبل المسيح ، فضرب الله على آذانهم ، ثم بعثهم الله تعالى بعد المسيح في الفترة وهم : مكسلمينا ، ويمليخا ، ومرطونس ، وبينيوس ، وشاريوس ، وذونواس واسم جبلهم ينجلوس ، واسم الكهف الوصيد ، وقيل : جيروم ، والرقيم الكتاب ، وقيل : واد بين غضبان وأيلة دون فلسطين ، وقيل : هو قريتهم واسم كلبهم قمطير كلب المرفوق القبطي ودون الكردي ، وقيل : اسمه حمران ، وقيل : تنواو ، وقيل : منطور ، وقيل : بسيط ، وقيل : صهبا ، وقيل : بقى ، وقيل : قطمون ، وقيل : قطيفير (٤).

قال الشيخ مكين الدين الأسمر (٥) : قرأت سورة الكهف ، فلما بلغت قصتهم خرج إليّ شاب أسمر رقيق شعر العارضين ، وهو يقول : هكذا والله كانت قصتنا من أخبركم بقصتنا (٦)؟ انتهى.

__________________

(١) انظر : الطبري : تاريخ الرسل ١ / ٦٠٣ ، ابن الجوزي : المنتظم ٢ / ٣١ وتلقيح فهوم ص ٥٩.

(٢) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

(٣) انظر : القرطبي : الجامع ٤ / ٩٧ ـ ٩٨.

(٤) كذا ورد عند الماوردي في أعلام النبوة ص ٥٢ وراجع قصة أصحاب الكهف عند : الطبري في تاريخه ٢ / ٥ ـ ١٠ ، ابن الجوزي في المنتظم ٢ / ١٥١ ـ ١٥٣ ، ابن كثير في البداية ٢ / ١٠٣ ـ ١٠٧ ، ابن حجر : فتح الباري ٦ / ٥٠٣ ـ ٥٠٤.

(٥) الفقيه مكين الدين الأسمر ، كان من العلماء العباد شديد الكراهية للوسواس في الطهارة وكان معاصرا للشيخ أبي الحسن الشاذلي.

انظر : ابن عطاء الله السكندري : لطائف المنن ص ٢٢٤.

(٦) القصة أوردها ابن عطاء الله السكندري في كتابه لطائف المنن ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ وهي من الأخبار الواهية والتخيلات التي لا يرتضيها العقل.

٢٣٦

عن هارون بن موسى الفروي (١) قال : سمعت جدي أبا علقمة (٢) يسأل : كيف كان الناس يسلمون على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قبل أن يدخل البيت في المسجد؟ فقال : كان يقف الناس عند باب البيت ويسلمون عليه ، وكان الباب ليس عليه غلق ، حتى هلكت عائشة رضي‌الله‌عنها (٣).

وقيل : كان الناس يأخذون من تراب قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمرت عائشة رضي‌الله‌عنها ، بجدار فضرب عليهم (٤).

ويروى أن امرأة قالت لعائشة : أكشفي لي عن قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكشفته لها ، فبكت حتى ماتت (٥).

/ وأنشد بعضهم [يقول :](٦)

ثلاثة برزوا بسبقهم بهم

يطيب الحديث والخبر

محمد المصطفى وصاحبه الصديق

والثالث الرضا عمر

__________________

(١) هارون بن موسى الفروي المدني ، محدث لا بأس به ، مات سنة ٢٥٣ ه‍.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ٥٦٩.

(٢) أبو علقمة الفروي الصغير اسمه عبد الله بن هارون ، ضعيف من الحادية عشرة.

انظر : ابن حجر : التهذيب ١٢ / ١٧٢ والتقريب ص ٦٥٩.

(٣) الأثر ذكره ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ عن هارون بن موسى ، ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٩ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٤).

(٤) كذا ورد عند المراغي في تحقيق النصرة ص ١٠٥ ، والنهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٤).

(٥) الأثر ذكره القاضي عياض في الشفا ٢ / ١٨ عن عائشة رضي‌الله‌عنها ، ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٤٠٠ ، المراغي في تحقيق النصرة ص ١٠٦ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٤) ،

(٦) سقط من الأصل والاضافة من (ط).

٢٣٧

عاشوا بلا فرقة حياتهم

وأجمعوا في الممات إذ قبر

هم هداة الورى وقاداتهم

وفضلهم زينت به السور

وليس من مسلم له بصر ينكر

من فضلهم إذا ذكر

الفصل الثاني عشر

ما جاء في صفة وضع القبور المقدسة

وسبب الإختلاف شدة هيبة تلحق الناظر ، فتزيل منه كيفية التمييز ، كما سئل بعض من نزل الحجرة المقدسة في هذا القدر ـ لسبب يأتي (١) ـ فقال : لا أدري ما رأيت (٢).

عن عثيم بن نسطاس (٣) قال : رأيت قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لما هدم عمر بن عبد العزيز رضي‌الله‌عنه البيت ، مرتفعا نحوا من أربع أصابع ، عليه حصباء إلى الحمرة مائلة ، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورأيت قبر عمر

__________________

(١) يأتي في نهاية هذا الفصل «الثاني عشر».

(٢) كذا ورد عند ابن الضياء في تاريخ مكة ص ٢٣٩ ، النهرواني في تاريخ المدينة (ق ٢١٤ ـ ٢١٥).

(٣) في الأصل «عمر بن نسطاس» وما أثبتناه من الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ وترجمته في التقريب.

وهو : عثيم بن نسطاس ـ بكسر النون وسكون المهملة ـ المدني أخو عبيد مولى آل كثير بن الصلت ، مقبول الحديث من السادسة.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ٣٨٧.

٢٣٨

أسفل منه وصوره هكذا (١) :

وعن عائشة رضي‌الله‌عنه قالت : رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما يلي المغرب ، ورأس أبي بكر عند رجلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعمر خلف ظهر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهذه صفته (٢) :

وعن نافع بن أبي نعيم (٣) : أن صفة قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقبر أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما : قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمامهما إلى القبلة مقدما ، ثم قبر أبي بكر حذاء منكبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقبر عمر حذاء منكبي أبي بكر رضي‌الله‌عنهما ، وهذه صفته (٤) :

__________________

(١) الأثر ذكره ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩١ عن عثيم بن نسطاس وأورد صفة ورسم القبور ، النهرواني : تاريخ المدينة (ق ٢١٥) وعزاه لابن النجار.

(٢) الأثر ذكره ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩٢ عن عمرة عن عائشة وأورد صفة ورسم القبور ، النهرواني : تاريخ المدينة (ق ٢١٥) وعزاه لابن النجار.

(٣) نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القاري المدني ، مولى بني ليث ، صدوق ثبت في القراءة ، مات في سنة ١٦٩ ه‍.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ٥٥٨.

(٤) الأثر ذكره ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩٢ عن نافع بن عبد الرحمن وأورد صفة ورسم القبور ، النهرواني : تاريخ المدينة (ق ٢١٦) وعزاه لابن النجار.

٢٣٩

/ وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي‌الله‌عنهما قال : دخلت على عائشة رضي‌الله‌عنها فقلت : يا أمّه ، أريني قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصاحبيه ، رضي‌الله‌عنهما ، فكشفت لي عن قبورهم ، فإذا هي لا مرتفعة ، ولا لاطية مبطوحة ببطحاء حمراء من بطحاء العرصة ، وإذا قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمامهما ، ورجلا أبي بكر عند رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورأس عمر عند رجلي أبي بكر ، وهذه صفته (١) :

وروى المنكدر بن محمد (٢) ، عن أبيه قال : قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم هكذا ، وقبر أبي بكر خلفه ، وقبر عمر عند رجلي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهذه صفته (٣) :

__________________

(١) الأثر ذكره ابن سعد في طبقاته ٣ / ٢٠٩ عن القاسم بن محمد ، ابن شبة في تاريخ المدينة ٣ / ٩٤٥ ، الطبري في تاريخه ٣ / ٤٢٢ ، ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩٢ وأورد صفة ورسم القبور ، المطري في التعريف ص ٦٧.

(٢) المنكدر بن محمد القرشي التيمي المدني ، لين الحديث ، مات في سنة ١٨٠ ه‍.

انظر : ابن حجر : التقريب ص ٥٤٧.

(٣) الأثر ذكره ابن النجار في الدرة الثمينة ٢ / ٣٩٣ عن المنكدر بن محمد عن أبيه وأورد صفة ورسم القبور ، النهرواني : تاريخ المدينة (ق ١٧) وعزاه لابن النجار.

٢٤٠