خطط الشام - ج ٥

محمّد كرد علي

خطط الشام - ج ٥

المؤلف:

محمّد كرد علي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة النوري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٩٦

بينهما خلال سنة يحق للأولى أن تمنح الخط الجديد لشخص آخر على أن تبقى الأرجحية للشركة إذا تساوت الشروط وقد حددت الأجور العظمى بموجب هذا التعديل على الوجه الآتي :

«الدرجة الأولى» «الدرجة الثانية» الكيلو متر الأول ٢٠ ، ٣ قرش سوري ذهب الكيلو متر الأول ١٣ ، ٢ قرش سوري ذهب الكيلو متر الثاني ٩٧ ، ٢ قرش سوري ذهب الكيلو متر الثاني ٩٢ ، ١ قرش سوري ذهب الكيلو متر الثالث ٧٤ ، ٢ قرش سوري ذهب الكيلو متر الثالث ٧١ ، ١ قرش سوري ذهب الكيلو متر الرابع فما فوق ٥٠ ، ٢ قرش سوري ذهب الكيلو متر الرابع ٥٠ ، ١ قرش سوري ذهب على أن تضاعف أجور الحافلات التي تسير ليلا. وتعفى الأرضون والأبنية والمصانع والآلات والأدوات الثابتة والمتحركة مدة الامتياز من الضرائب والرسوم. وتعفى أيضا من الرسوم الجمركية والدخولية جميع المواد اللازمة للمعامل والمصانع ، وترفع الاختلافات التي تحدث بين صاحب الامتياز والحكومة على تفسير مواد المقاولة وإنفاذها إلى مجلس الشورى السوري. وتنتهي مدة هذا الامتياز بتاريخ ٣١ كانون الأول سنة ١٩٦٠.

فللشركة الحق بإنشاء المعامل المولدة للقوة الكهربائية واستثمار ما أنشئ منها وما سينشأ على نهر بردى بين التكية وعين الفيجة وبتوزيع القوة المستحصلة توزيعا عاما على مسافة خمسة عشر كيلو مترا لكل جهة من قلب مدينة دمشق (ساحة الشهداء) وبتقديم القوة الكهربائية قوة محركة لوسائط النقل العامة على مسافة عشرين كيلو مترا في كل وجه من وسط مدينة دمشق ، كما لها الحق أيضا باستعمال الطرق العامة من ملك الدولة أو البلديات لتتمكن من القيام بالتنوير الخاص ، وبتقديم القوة الكهربائية لجميع الأعمال. وقد حددت الأجور العظمى :

البيع بالعداد للتنوير بسعر الكيلواتور ٥٠ ، ٤ قروش سوري ذهبية لباقي الاستعمالات بسعر الكيلواتور ٣ قروش سوري ذهبية البيع المقطوع ١٥ سانتيما من القرش السوري الذهبي عن كل شمعة في الساعة للنقليات العامة سعر الكيلواتور ٣ قروش سورية ذهبية

وتقرر أن يحسب التنوير العام بالعداد مع تخفيض ٢٥ بالمئة وأن يحسب

٢٠١

كذلك تنوير الدوائر العامة والبلدية والمعابد والمستشفيات مع تخفيض عشرة بالمئة من التعرفة، وكذلك قبلت الشركة بأن تنير قصر الحكومة مع دائرة البلدية مجانا أربع مرات في السنة في أيام الأعياد التي تعينها الحكومة. وأن تنير الجامع الأموي وبعض الجوامع الأخرى مجانا أيضا. وتنتهي مدة الامتياز بتاريخ ٣١ كانون الأول سنة ٢٠٠٢ وعند انتهاء مدته تستلم الحكومة جميع ما أنشأته الشركة بدون بدل ، ويحق للدولة في كل حين شراء الامتياز وذلك اعتبارا من تاريخ ٣١ كانون الأول سنة ١٩٦٥.

وبعد المصادقة على هذا الاتفاق قامت الشركة بتحسين النور فبدلت المجرى الكهربائي بمجرى دائم إلى مجرى متناوب وغيرت درجة التوتر في بعض الأحياء فجعلتها ١١٠ بعد أن كانت ٢٢٠ وأسست مراكز لتحويل درجة التوتر في كثير من الأحياء لتوزع منها النور على المشتركين بصورة منظمة بعد أن يكون وصل الكهرباء إلى هذه المراكز بخطوط ذات توتر عال تمدد تحت الأرض وهي لا تزال تعمل بهذه الإصلاحات بجد ونشاط.

ترامواي حلب الكهربائي :

منحت الحكومة العثمانية امتيازا قبل الحرب العامة لرجل يدعى عثمان بك من أتراك الاستانة لتنوير مدينة حلب بالكهرباء مع إنشاء خطوط ترامواي فيها. وكانت مدة هذا الامتياز أربعين سنة. ولم يتمكن عثمان بك من القيام بتنفيذ امتيازه بسبب الحرب. وبعد الهدنة طرحت الحكومة العربية هذا المشروع في المناقصة فتقدمت في سنة ١٩١٩ شركة بلجيكية وأرسلت مندوبها إلى حلب مع تقديم شروطها. فجاء هذا المندوب وفاوض مجلس بلدية حلب ، ونظم مشروع مقاولة وشروط امتياز على أساس الشروط والمقاولة التي منحتها الحكومة العثمانية عثمان بك ، ولم يبق لتحقيق المشروع إلا تصديق هيئة إدارة الشركة عليه في بلجيكا. فرأت هذه الهيئة أن الشروط التي نظمت بمدينة حلب مجحفة بحقوقها ، فأرسلت تعلم بلدية حلب بعدم قبولها إلا إذا زيدت التعرفة المحددة في المشروع مع زيادة مدة الامتياز. فحبط هذا المشروع ولم يتحقق. وفي سنتي ١٩٢٢ و ١٩٢٣ أي بعد دخول فرنسا الشام تقدمت لطلب

٢٠٢

هذا الامتياز ثلاث شركات الأولى شركة وطنية وعلى رأسها كريم أفندي بالي والثانية شركة بلجيكية والثالثة شركة المشاريع الفرنسية. وقدمت كل من هذه الشركات شروطا تختلف عن الأخرى. وبما أن شركة كريم أفندي بالي الوطنية لم تقدم الضمان اللازم لم تنجح بطلبها. وبعد ذلك تألفت لجنة لدرس الشروط المقدمة ووضع تقرير فيها. وعقبى مذاكرة طويلة رأت هذه اللجنة أن الشروط المقدمة من الشركتين المذكورتين لا توافق مصلحة البلدية ، وعلى ذلك نظمت شروطا خاصة مقتبسة من شروط الامتيازات القديمة الممنوحة من الدولة العثمانية لشركات كهربائية أخرى ، ومن الشروط التي قدمتها الشركتان المار ذكرهما ، وقد طلبت اللجنة في تقريرها إعلان ذلك ودعوة الشركات للمناقصة فلم يتقدم أحد.

وفي سنة ١٩٢٤ عرض على بلدية حلب مشروع امتياز جديد من شركة المشاريع الفرنسية لا يختلف كثيرا عن مشروعها الذي قدمته للمرة الأولى وطلبت المصادقة عليه وأخيرا تمكنت البلدية من تحديد الضمانة غير المحدودة والمطلوبة من الشركة عن الخسارة مسانهة بمبلغ ٢٠ ألف ليرة سورية ورقا. أي تكون الخسارة التي تقع بأكثر من هذا المبلغ المحدد على الشركة. وأهم الشروط في هذا الامتياز أن مدته سبعون سنة. وأن التعرفة تعين سنويا بعد إجراء حساب الدخل والخرج والفائدة والاستهلاك. وأن جميع الأرض والمقالع اللازمة للإنشاء والتأسيس تشتريها البلدية على حسابها الخاص وتسلمها للشركة ، وأن الخسارة إذا تجاوزت العشرين ألف ليرة سورية ورقا تكون على البلدية. وكذلك تقسم الأرباح ٣٥ في المئة للبلدية وما بقي للشركة. وللمفوضية العليا حق التفتيش والفسخ ، ويكون جميع مأموري الشركة من السوريين ما عدا الإخصائيين الفنيين. وتحل الاختلافات التي تحدث بواسطة التحكيم. كما أن الشركة مضطرة أن تدرس على حساب البلدية مشروع جلب الماء إلى حلب خلال خمس سنين على الأكثر ثم تقدمه للبلدية ، حتى إذا وافقها تمنح الشركة المذكورة امتيازه وتكره الشركة على أخذ هذا الامتياز. وقد بدأت الشركة بالعمل أوائل سنة ١٩٢٦ وأنجزت حتى الآن من الأشغال بناء الإدارة والمستودع وتركيب الآلات. وقد قلعت بلاط الطريق القديم

٢٠٣

وبدأت تمد القضب الحديدية وتفرش الزفت وبدلت البلدية البلاط الأسود به. ومدت الشركة خطين للترام ، الأول يقطع مدينة حلب من الغرب إلى الشرق ويبتدئ من محطة دمشق وينتهي بمحلة القصيلة وطوله خمسة كيلو مترات تقريبا. وأما الخط الثاني فيقطع المدينة من الشمال إلى الجنوب ويبتديء من محلة الحميدية وينتهي عند شارع خان الحرير وطوله ثلاثة كيلو مترات ونصف تقريبا وعرض هذين الخطين متر واحد وخمسة سانتيمترات كعرض خطوط ترام دمشق.

خط الترام في طرابلس :

تجر بالخيل حافلات خط الترام الممتد بين مدينة طرابلس ومينائها. والميناء هي مرفأ المدينة تبعد عنها ثلاثة كيلو مترات. وقد منح امتياز هذا الخط في سنة ١٨٧٨ لشركة وطنية برأس مال قدره مائتا ألف فرنك أي تسعة آلاف ليرة عثمانية وهو ينقسم إلى ألفي سهم بقيمة مائة فرنك لكل سهم منها ، وقد أحسنت هذه الشركة إدارته واستثماره مما جعل الربح يختلف بين الأربعة عشر والستة عشر فرنكا لكل سهم.

أما ما يتعلق بخطوط الترام في سائر المدن الأخرى فمن دواعي الأسف أننا لم نقف على الوثائق المتعلقة بها ولذا لم نتمكن من ذكر شيء عنها.

الطرق العامة في الشام :

تتألف الشام من ثلاثة دروب موازية لساحل البحر تفصل بعضها عن بعض سلسلتان من الجبال الشاهقة تمتد الواحدة منها من صور إلى الإسكندرونة بلا انقطاع فيها إلا في نقطتين. والثانية تبتدئ من الجنوب وتنتهي بالقرب من حمص فيتلاقى الدربان درب البقاع مع درب دمشق وتحصل منهما سهول حماة وحلب العظيمة الممتدة حتى الفرات. فالسلسلة الأولى تتألف من جبل لبنان وتلعاته العديدة الشاهقة المرتفعة عن سطح البحر ما ينيف على الألفي متر والحد الأعظم ٣٠٦٣. ويمتد هذا الجبل ثلاثين كيلو مترا في الشمال الغربي إلى طرابلس. وهناك ينخفض عند فوهة حمص ثم يرتفع باسم جبل

٢٠٤

النصيرية الذي يعلو ١٥٠٠ متر عن سطح البحر وجبل الأقرع وجبل كاسيوس المرتفع ١٨٠٠ متر عن سطح البحر. وبعد ذلك تمتد السلسلة حتى نهر العاصي الذي يقطعها بانخفاض عظيم وبعرض قليل. ثم تمتد هذه السلسلة حتى جبل اللكام وتدخل في أرض الترك حتى ترتبط بجبال طوروس. فهذه السلسلة تحد غربا الدرب الأول الذي هو عبارة عن الساحل. وكثيرا ما يقرب الجبل من البحر ويسقط فيه كما هو الحال بين صور وحيفا. ولا يوجد في هذا الدرب أرضون سهلية إلا بالقرب من حيفا وبيروت وطرابلس واللاذقية ولكنها قليلة المساحة. وقد أنشئت المدن المذكورة في هذه السهول. أما السلسلة الثانية الموازية للأولى فتبتدئ بجبل الشيخ (حرمون) بارتفاع ٢٨٠٧ أمتار وتتصل بالجبل الشرقي بارتفاع ٢٠٠٠ متر. وبين هاتين السلسلتين سهل البقاع الذي يبلغ عرضه ١٥ كيلو مترا ويمتد طوله بين الجبلين على مسافة عظيمة. وينحدر هذا السهل على طرفيه من نقطته العليا بالقرب من شمال بعلبك ويقطع هذا السهل النهران العظيمان نهر الليطاني الذي ينبجس من بعلبك فينحدر جنوبا ثم غربا حتى البحر. ونهر العاصي القريب من نهر الليطاني ينساب شمالا مارا بحمص وحماة وأنطاكية بين جبلي امانوس والأقرع ثم يصب في البحر المتوسط في السويدية ، وبشرق السلسلة الثانية يقع الدرب الثالث وهو سهل دمشق الذي تجري إليه مياه الجبل الشرقي التي تروي الصحراء.

وهناك جبل حوران (جبل الدروز) الممتد شرقا إلى الصحراء وكأنه بتخطيطه جزيرة منفصلة عن بقية الأرجاء. فهذه الدروب هي التي تقع فيها جميع البلدان الشامية وليس لهذا الجبل ارتباط بالسلسلتين المذكورتين ولذلك فمسألة الطرق تنحصر في ثلاث نقاط :

(أولا) طرق الاتصال بين المدن الواقعة في درب واحد. (ثانيا) الطرق الواصلة بين المدن الواقعة بين دربين متوازيين بواسطة طرق عرضية أي (شرقية ـ غربية). (ثالثا) الطرق المتشعبة كالشرايين في سهول دمشق وحلب. هذا هو الوضع الجغرافي للشام ذكرناه توطئة للبحث ومنها يتمكن القارئ من معرفة أكثر الطرق.

٢٠٥

طرق الشام :

كانت الطرق ووسائط النقل والمواصلات مفقودة في الزمن الغابر حتى القرون الأخيرة في جميع أرض الترك عامة وفي الشام خاصة ، مما دعا إلى تأخر دخول المدنية الغربية إلى هذه الديار مدة طويلة من الزمن. وكانت الدولة العثمانية في أخريات أيام حكمها الشام أي في سنة ١٨٦٢ أقرت برنامجا للطرق ، ووضعت قانونا لإنشائها وإعمارها وحفظها ، فأخذت الأحوال تتبدل ، وبدأت المشاريع تظهر في الشام بصورة حسنة. وكان القانون العثماني يقضي على كل شخص أن يقوم أربعة أيام في السنة بعمارة الطرق خلال عشرين سنة من حياته أو أن يقدم ضريبة قدرها ريال مجيدي واحد. وكانت هذه الضريبة تجبى بمعرفة لجنة قوامها بعض الموظفين الإداريين وموظفي المصارف الزراعية. ولم يراع هذا القانون في كثير من الأحوال ، وكانت الأموال التي خصصت لعمل الطرق تصرف في نفقات الدولة العامة. وقد وقف العمل بهذا القانون مدة قليلة لأن الأحوال السياسية حالت دون إتمام البرنامج المذكور، فحرمت سورية الطرق. وكثيرا ما كان يرجح المار على الطريق أن يتبع الأرض المجاورة له لصعوبة السير عليه.

أما الحالة في لبنان فقد كانت على غير ذلك. فإنه منذ نال استقلاله الإداري سنة١٨٦٠ ازدادت نفوسه ونتج عن ذلك أن ظهرت حركة المهاجرة التي ما فتئت تزداد من ذلك الحين. فاللبنانيون المهاجرون كانوا لا ينسون الذين تركوهم في الوطن ، بل كانوا يرسلون لهم الأموال من مهجرهم أميركا. كما أن الكثير من هؤلاء كان يرجع إلى موطنه بعد حصوله على ثروة لإتمام بقية حياته فيه. وإن قسما عظيما من هذه الثروة التي كان يجمعها اللبناني المهاجر كان ينفقه بإعمار بيوته ، أو بإنشاء بيوت جديدة على الطراز الحديث. وبهذه الصورة تمكن الجبل في مدة قليلة أن يعمر بقيام قرى جميلة وافرة السكان تحتاج للاتصال بالسواحل ، ولا سيما بيروت وطرابلس وصيدا. وقد اتفق الأهلون أن ينشئوا كثيرا من الطرق بأموالهم الخاصة ، فكان عدد الطرق لا يتناسب مع الفائدة المطلوبة منها بل ولا مع ثروة القرية التي تنتهي فيها

٢٠٦

هذه الطرق. فكثيرا ما نرى طريقين أو أكثر تمتدان إلى قرى قريبة بعضها من بعض على هضبة واحدة صرف سكانهما الأغنياء على إنشائهما المبالغ اللازمة. ومن جهة أخرى نرى بعض القرى الفقيرة محرومة لا يصل إليها طريق.

الطرق العامة :

أولا : الطرق الطولية ـ من الجنوب إلى الشمال.

(١) طريق الساحل ـ يبدأ من بئر السبع جنوبا وينتهي بالإسكندرونة شمالا ويمر من بئر السبع ـ غزّة ـ يبنى ـ يافا ـ طور كرم ـ حيفا ـ عكا ـ صور ـ صيدا ـ بيروت ـ طرابلس ـ طرطوس ـ اللاذقية ـ جسر الشغور ـ جسر الحديد ـ ينى شهر ـ ينى كوي ـ الإسكندرونة.

(٢) الطريق الثاني ـ يبدأ من بئر السبع جنوبا وينتهي في كليس شمالا ويمر من بئر السبع ـ الخليل ـ القدس ـ البيرة ـ رام الله ـ نابلس ـ جينين ـ الناصرة ـ طبرية ـ الجاعونة ـ مرجعيون ـ قرعون ـ سغبين ـ عمّيق ـ قب الياس ـ شتورة ـ المعلقة ـ بعلبك ـ القصير ـ حمص ـ الرستن ـ حماة ـ معرة النعمان ـ سراقب ـ تفتناز ـ اوروم الصغرى ـ حلب ـ كليس ..

(٣) الطريق الثالث ـ يبدأ من بئر السبع جنوبا وينتهي بحمص شمالا فيلتقي بطريق حماة وحلب. ويمر من المدن المذكورة أعلاه في الطريق الثاني حتى الجاعونة حيث يفصل منها فيمر من جسر بنات يعقوب ـ القنيطرة ـ وادي العجم ـ دمشق ـ دوما ـ القطيفة ـ النبك ـ قارة ـ حسية ـ حمص. ويمتد بعد ذلك إلى حلب كما هو مذكور في الطريق الثاني.

(٤) الطريق الرابع ـ يبدأ من القدس جنوبا وينتهي في دمشق شمالا فيمر في القدس ـ أريحا ـ الصلت ـ عمان ـ الرمتا ـ درعا ـ شيخ مسكين ـ غباغب ـ خان دنون ـ الكسوة ـ دمشق.

(٥) الطريق الخامس طريق البادية ـ يبتدئ من دمشق جنوبا وينتهي بدير الزور بعد أن يتصل بطريق الموصل شمالا ويمر في دمشق ـ القطيفة ـ جيرود ـ القريتين ـ تدمر ـ السخنة ـ دير الزور ـ الصوار ـ البيضاء

٢٠٧

على الحدود التركية. وفرع يبدأ من دير الزور أيضا إلى الصوار ومنها إلى نصيبين حيث الأراضي الداخلة في حدود تركيا.

ثانيا : الطرق العرضية من الغرب إلى الشرق.

(١) غزّة ـ بئر السبع.

(٢) يافا ـ الرملة ـ القدس ـ عمان.

(٣) يافا ـ قلقيلية ـ نابلس ـ الناصرة ـ طبرية ـ سمخ.

(٤) حيفا ـ الناصرة ـ طبرية ـ الجاعونة ـ جسر بنات يعقوب.

(٥) حيفا ـ الناصرة ـ جينين ـ نابلس ـ أريحا.

(٦) صيدا ـ مرجعيون ـ بانياس ـ القنيطرة ـ ازرع ـ السويداء ـ صرخد.

(٧) درعا ـ بصرى ـ صرخد.

(٨) بيروت ـ دمشق ـ بغداد.

(٩) طرابلس ـ حمص ـ تدمر ـ بغداد.

(١٠) اللاذقية ـ جسر الشغور ـ إدلب ـ حلب ـ دير الزور.

(١١) السويدية ـ أنطاكية ـ جسر الحديد ـ حارم ـ حلب.

(١٢) الإسكندرونة ـ قرق خان ـ يني شهر ـ اوروم الصغرى ـ حلب.

وصف الطرق :

أولا ـ طريق الساحل : يبلغ طول هذا الطريق ٢٧٠ كيلو مترا اعتبارا من بئر السبع إلى عكا ورأس الناقورة. ومن رأس الناقورة حتى اللاذقية ٤٠٠ كيلو متر وهو طريق معبّد من أحسن الطرق الشامية. وطريق اللاذقية حتى ينى كوي وطوله ١٧٠ كيلو مترا قيد الإنشاء ولا يزال في حالة تمهيدية. ومن ينى كوي إلى الإسكندرونة طريق معبد وطوله ٥٠ كيلو مترا ويبلغ مجموع طول هذا الطريق ٨٩٠ كيلو مترا وإن المبالغ المنفقة عليه من عام ١٩٢٠ إلى عام ١٩٢٧ لا تقل عن ثلاثمائة ألف ليرة ذهبية تقريبا.

ثانيا ـ الطريق الطولي الثانية : إن هذا الطريق يبدأ من بئر السبع حتى طبرية والجاعونة وطوله ٢٩٠ كيلو مترا وهو معبد. ومن الجاعونة إلى سغبين وطوله ٨٠ كيلو مترا كان بوشر به في زمن الحرب ولما يتم تعبيده. ومن

٢٠٨

سغبين إلى شتورة والمعلقة وبعلبك وطوله ٦٠ كيلو مترا وهو معبّد. ومن بعلبك إلى حمص فإن الطريق لم يجر إنشاؤه حتى الآن. وقد كانت الحكومة العثمانية شرعت بانشاء بعض الجسور فيه ولم يتم.

أما القسم الواقع بين حمص وحماة وطوله ٤٧ كيلو مترا فإنه كان معبّدا وكانت شركة الحافلات (الدلليجانس) الوطنية قد أنشأته وبعد إنشاء الخطوط الحديدية أهملته الحكومة فتخرب خلال الحرب العامة بسبب النقليات العسكرية بالسيارات الضخمة وحتى الآن لم يجر تعبيده. ولم يكن طريق حماة ـ حلب وطوله ١٥٠ كيلو مترا معبدا من قبل وليس ثمة سوى طريق القوافل القديمة ، على أن إدارة النافعة في حلب باشرت بإنشائه واتخذت طريقا جديدا يبدأ من حلب إلى تفتناز باستقامة طريق إدلب ـ جسر الشغور ـ اللاذقية ومن تفتناز يتجه نحو بلدة خان شيخون الواقعة على حدود أراضي حلب ودمشق مارّا بسراقب ومعرة النعمان. وقد تمت تسوية الطريق الداخل في منطقة حلب وبوشر بتعبيده وسينتهي في عام ١٩٢٨ وكذلك باشرت إدارة النافعة بدمشق بتسوية القسم الداخل في منطقتها وستنتهي تسويته في أوائل عام ١٩٢٨. وقد بلغ ما صرف على هذا القسم من سنة ١٩٢٥ حتى سنة ١٩٢٧ ما يربو على أربعين ألف ليرة ذهببية. والطريق من حلب إلى تفتناز على طول خمسين كيلو مترا معبدة. وجرت تسوية الطريق من تفتناز إلى خان شيخون على طول سبعين كيلو مترا. وتم بناء الأعمال الصناعية من جسور وقناطر وهو يجري تعبيده الآن. وبوشر بتسوية طريق خان شيخون حماة على طول ثلاثين كيلو مترا والطريق معبد منذ القديم من حلب حتى كليس وطوله ستون كيلو مترا وقد جرى إصلاحه مجددا.

ثالثا ـ الطريق الطولي الثالث : يبتدئ هذا الطريق من بئر السبع إلى الجاعونة وجسر بنات يعقوب وطوله ٣٠٠ كيلو متر وهو معبد. والطريق معبد من جسر بنات يعقوب فالقنيطرة فوادي العجم فدمشق وطوله تسعون كيلو مترا. وكانت الحكومة العثمانية باشرت بإنشائه منذ عشرين سنة ولما (٥ ـ ١٤)

٢٠٩

يتم. قد أنفق على إنشائه من سنة ١٩٢٠ إلى ١٩٢٧ ما يربي على ثلاثين ألف ليرة ذهبية.

أما طريق دمشق ـ النبك ـ حمص وطوله ١٦٠ كيلو مترا فقد كانت الحكومة العثمانية باشرت بإنشائه قبل ثلاثين سنة وتم قسم كبير من تسويته ولم يتم. وهناك قسم منه وطوله ثلاثون كيلو مترا يقع بين النبك وقارة والبريج لم ينشأ فيه شيء أيضا ولا يزال بحالته الطبيعية وتعمل حكومة قضاء النبك على إصلاحه أحيانا وتزيل الحجارة منه وتردم الحفر التي تنشأ بمرور العجلات والسيارات. وتفكر الحكومة الآن بتحويل هذا الطريق إلى قرية دير عطية بدلا من قرية قارة التي كانت دائما المركز الطبيعي للمواصلات بين دمشق وحمص. ولقد هجرت الحكومة العثمانية هذا الطريق أثناء الحرب العامة لفقد الأمن فيه وكثرة اعتداءات العشائر والجنود الفارين من الزحف وكانوا يلجأون إلى هذه المنطقة ليعتاشوا. وصرفت حكومة دمشق مبالغ كبيرة لإنشاء هذا الطريق ولم ينته إلى الآن. وقد بلغ ما أنفق عليه من عام ١٩٢٠ إلى ١٩٢٧ ما يربو على الخمسين ألف ليرة ذهبية.

رابعا ـ الطريق الطولي الرابع : تبدأ هذه الطريق من القدس وتتجه صوب أريحا والصلت وعمان والرمتا وإربد ودرعا. وكان شرع بتعبيدها منذ ثلاثين سنة ولم تزل على ما كانت عليه. وجرت فيها بعض الإصلاحات في جهة القدس والصلت وعمان. وما برح من درعا حتى دمشق على حالته القديمة ولم يدخل عليه سوى بعض الإصلاحات بين دمشق وخان دنون وتعمل حكومة سورية على إصلاحه وقد حال فقدان المال دون إنجازه.

خامسا ـ الطريق الطولي الخامس : تبدأ هذه الطريق التي تجتاز البادية من دمشق إلى القطيفة وهي معبدة وطولها ٤٠ كيلو مترا. ومن القطيفة إلى جيرود افتتح طريق جديد وجرت تسويته بتسخير الأهالي بالعمل فيه. ولم يجر شيء من الإصلاحات من جيرود إلى القريتين وتدمر ودير الزور حتى البيضاء. ويبلغ طول هذه الطريق من دمشق إلى تدمر ٢٥٠ كيلو مترا ، ومن تدمر إلى دير الزور ٢٢٠ كيلو مترا ، ومن دير الزور إلى البيضاء في حدود الموصل ١٥٠ كيلو مترا ، فيكون مجموع طول هذه الطريق ٦٢٠ كيلو مترا

٢١٠

ولم يعمل فيها سوى جسر الصوار المعلق وفوهته خمسون مترا. وقد بنت نافعة حلب هذا الجسر مؤخرا وأنفق عليه ١٥ ألف ليرة ذهبية. ويبنى الآن في دير الزور جسر كبير معلق يبلغ طوله ٢٥٠ مترا وسيتم بناؤه قريبا وتقدر نفقاته بستين ألف ليرة ذهبية.

وأما الفرع الثاني الذي ينفصل من الصوار إلى الحسجة ونصيبين وطوله ١٩٠ كيلو مترا فإنه طريق طبيعي لم يعمل فيه شيء من القديم. ويبدأ طريق بغداد من دير الزور مارا بالبصيرة والميادين والبوكمال ويبلغ طوله حتى حدود العراق ١٤٠ كيلو مترا. وتفكر إدارة النافعة في حلب بإجراء بعض إصلاحات فيه وهي تقوم بإنشاء جسر على نهر الخابور في البصيرة. وكذلك تعمل على تعبيد القسم المار في أرض صخرية وطوله ١٥ كيلو مترا. وهذا القسم جزء من الطريق الذي يبدأ من حلب إلى دير الزور وينتهي ببغداد.

ثانيا ـ الطرق العرضية من الغرب إلى الشرق :

(١) أنشئ طريق غزة ـ بئر السبع وطوله ٤٢ كيلو مترا في زمن الحكومة العثمانية وهو معبد.

(٢) أنجزت الحكومة العثمانية بعض أقسام طريق يافا ـ الرملة ـ القدس ـ الصلت ـ عمان وطوله ١٦٠ كيلو مترا والقسم الآخر منه لم يتم. وقسم يافا ـ القدس وطوله ٦٠ كيلو مترا معبد والباقي قيد الإنجاز.

(٣) تم في العهد الأخير تعبيد طريق يافا ـ قلقيلية ـ نابلس ـ الناصرة ـ طبرية ـ سمخ وطوله ١٥٠ كيلو مترا.

(٤) تم إنشاء طريق حيفا ـ الناصرة ـ طبرية ـ الجاعونة ـ جسر بنات يعقوب وطوله ١١٠ كيلو مترات. وكانت الحكومة العثمانية أنشأت بعض أقسامه.

(٥) ونصف طريق حيفا ـ الناصرة ـ جينين ـ نابلس ـ أريحا وطوله ١٥٠ كيلو مترا معبد والنصف الآخر لم يتم تعبيده.

(٦) طريق صيدا ـ مرجعيون ـ بانياس ـ القنيطرة ـ الشيخ مسكين ـ إزرع ـ السويداء ـ صرخد وطوله ١٨٠ كيلو مترا. وكانت الحكومة العثمانية باشرت إنشاء قسم الشيخ مسكين إلى إزرع والسويداء حتى صرخد

٢١١

وذلك بعد حروب جبل الدروز لتموين الجيش وقد تم مؤخرا تعبيد القسم الواقع بين إزرع والسويداء وطوله ٣٧ كيلو مترا. وباشرت حكومة لبنان تعبيد طريق صيدا ـ مرجعيون ـ بانياس وطوله ٤٠ كيلو مترا ولم ينته حتى الآن. وتقوم إدارة النافعة بدمشق بتعبيد القسم الواقع بين بانياس والقنيطرة ويبلغ طوله ٣٤ كيلو مترا. وسينتهي في أول صيف عام ١٩٢٨. وتدرس هذه الإدارة أيضا مشروع إنشاء طريق من القنيطرة إلى الشيخ مسكين فإزرع وسينشأ هذا القسم خلال ثلاث سنوات. وتقدر نفقات إنشائه بنحو مائة ألف ليرة ذهبا.

(٧) لم يتم تعبيد طريق درعا ـ بصرى ـ صرخد وطوله ٦٠ كيلو مترا وكانت الحكومة العثمانية باشرت إنشاءه.

(٨) طريق بيروت ـ دمشق ـ بغداد وطوله من بيروت إلى دمشق ١١٢ كيلو مترا نالت امتيازه شركة إفرنسية في سنة (١٨٥٧) وبدأت بإنشائه في سنة (١٨٥٩) وقد ترأس أعماله الكونت دي توبري وكان رأس مال هذه الشركة إفرنسيا بحتا. وكان السير عليه صباحا ومساء من الجهتين على الحوافل (الدلليجانس) وتقطع هذه الحوافل المسافة بين بيروت ودمشق في ثلاث عشرة ساعة ووضعت الحكومة العثمانية إذا ذاك لهذه الشركة نظاما وأسعارا لنقل الركاب والبضائع والحيوانات. وامتنع بعض الأهالي من السير عليه بسبب غلاء الأسعار فكانوا يسيرون بالقرب منه على طريقين متوازيين له. وقد كان هذا العمل من أربح الأعمال التي قامت برؤوس أموال إفرنسية وجرى الإجماع على أن هذا المشروع أفاد الأهالي وأصحاب الأسهم فائدة عظمى وقد ربحت الشركة أرباحا طائلة منه. إذ كان الربح الصافي سنويا يقدر بخمسمائة ألف فرنك. واستمرت هذه الشركة على أعمالها مدة ثلاثين سنة حتى انحلت سنة ١٨٩٢ أيام اشتركت مع شركة خط بيروت ـ دمشق ـ حوران الحديدي. وإذ ذاك استلمت الحكومة العثمانية الطريق وأهملت محافظته حتى قبل الحرب العامة ، فأصبح السير عليه صعبا لعدم إصلاحه وتعميره ، واهتم الأتراك بإصلاحه في الحرب العامة. وبعد الحرب قامت الحكومات السورية واللبنانية بإصلاحه فصلح للسير وتيسر أن تستعمل السرعة عليه بأجناس السيارات والدراجات.

٢١٢

وبعد دمشق يتجه الطريق شمالا على طريق النبك وبعد عشرين كيلو مترا يتجه شرقا على طريق البادية مارا بجوار قريتي عذراء وضمير إلى الرحيبة نقطة الحدود السورية العراقية. وطول الطريق من دمشق إلى بغداد ٧٧٠ كيلو مترا منه عشرون كيلو مترا على طريق النبك يسير في طريق معبدة والباقي ٧٥٠ كيلو مترا طريق طبيعي مهدته السيارات في الصحراء. ولهذا الطريق مكانة كبرى في التجارة والسفر بين دمشق والعراق وفارس.

ومن دمشق إلى بغداد طريق ثان وهو الطريق الذي يمر بالقطيفة وجيرود والقريتين وتدمر وطوله ٨٥٠ كيلو مترا ، فإنه يزيد طوله على الطريق الأول ٨٠ كيلو مترا ويبلغ طوله من دمشق إلى القطيفة ٤٠ كيلو مترا وهو جزء من طريق النبك المعبد وهو بحالة حسنة. وقد جرى فتح طريق القطيفة ـ جيرود مجددا على طول ١٥ كيلو مترا ولم يعبد بعد غير أنه سهل المرور. والطريق من جيرود حتى القريتين وتدمر وبغداد طبيعي لم تعمل يد الإنسان فيه شيئا. ويرجع شأن هذا الطريق لاجتيازه البلدان العامرة والقرى الآهلة على طول ٢٥٠ كيلو مترا بين دمشق وجيرود وتدمر وعلى الاخص لمروره بمدينة تدمر التاريخية.

(٩) طريق طرابلس ـ حمص ـ تدمر ـ بغداد. كانت تستثمر طريق طرابلس ـ حمص شركة وطنية كما كانت تستثمر طريق بيروت ـ دمشق شركة إفرنسية وكان ذلك قبل أن تؤسس شركة الخطوط الحديدية الفرنسية. والمسافة بين طرابلس وحمص ٩٤ كيلو مترا وبين حمص وحماة ٤٧ كيلو مترا فيكون المجموع ١٤١ كيلو مترا كانت كلها موضوعة تحت تصرف الشركة الوطنية المذكورة ورأس مالها ٢٨ ألف ليرة عثمانية ذهبية. ويقسم رأس المال إلى سبعة آلاف سهم وقيمة كل سهم أربع ليرات عثمانية ذهبية. وكان ربح كل سهم من هذه الأسهم ليرة واحدة في السنة. ومدة الامتياز خمسون سنة. وأجرة الراكب في الحوافل (الدلليجانس) نصف ليرة من طرابلس إلى حمص. وبعد انحلال هذه الشركة هجرت الحكومة العثمانية هذه الطريق حتى خربت وتداعت جميع جسورها أثناء الحرب العامة وزادت السيول في تخريبها حتى أصبحت في عام ١٩٢٥ بحالة لم تبق معها صالحة

٢١٣

للسير. وقد بوشر بتعبيدها في آخر عام ١٩٢٦ وانتهى في النصف الأول من عام ١٩٢٧ وأما طريق حمص ـ حماة فلم يزل على ما هو عليه أيام الحرب العامة ، وشرعت الحكومة السورية بإصلاح بعض الأقسام فيه وسيتم إنشاؤه في نهاية عام ١٩٢٨. ويجتاز الطريق من حمص إلى تدمر فبغداد من الصحراء على طريق طبيعي مهدته السيارات ويبلغ طوله ٧٥٠ كيلو مترا. وكانت السيارات تجتاز هذا الطريق أثناء انقطاع السبل بين بيروت ودمشق وبغداد.

(١٠) طريق اللاذقية ـ جسر الشغور ـ ادلب ـ حلب ـ دير الزور. وقد افتتح القسم الواقع بين اللاذقية وحلب في آخر عام ١٩٢٦ ولم يزل العمل فيه مستمرا وسينتهي تعبيده في عام ١٩٢٨ ويبلغ طوله ١٩٠ كيلو مترا وطول المعبد منه الآن مائة كيلو متر. وفي اللاذقية يتصل هذا الطريق بالطريق العام الواصل بين اللاذقية وطرابلس وبيروت ورأس الناقورة فيتمكن المسافر من حلب أن يقطع هذا الطريق على متن السيارة من حلب حتى اللاذقية وبيروت. وأما من حلب إلى دير الزور فالطريق صعبة جدا وتقوم إدارة النافعة بحلب بإصلاح الأقسام الأكثر صعوبة منها ويبلغ طولها ٣٢٠ كيلو مترا وهي مارة بجوار مسكنة والرقة وتنتهي في بلدة دير الزور حيث يتفرع منها ثلاث طرق طريق الموصل وطريق بغداد وطريق تدمر ـ دمشق.

(١١) طريق السويدية ـ أنطاكية ـ جسر الحديد ـ حارم ـ حلب. افتتح هذا الطريق حديثا في آخر عام ١٩٢٦ ولم يزل العمل فيه مستمرا. وسيتم إنشاؤه في نهاية عام ١٩٢٨ ويبلغ طوله ١٤٠ كيلو مترا. وافتتح القسم الواقع بين السويدية وأنطاكية في الجبال والأودية ويبنى عليه عدة جسور ذات شأن عظيم وستكلف نفقات باهظة وطول هذا القسم ٣٥ كيلو مترا. ومن أنطاكية إلى جسر الحديد حتى حارم يجتاز الطريق في أرض طينية لا يمكن المرور فيها في فصل الشتاء. وأما بين حارم وحلب فالطريق معبدة وطولها ٧٠ كيلو مترا وتسير عليها السيارات بسرعة.

(١٢) طريق الإسكندرونة ـ قرق خان ـ يني شهر ـ أوروم الصغرى ـ حلب. تقضي كثرة المعاملات بين حلب والإسكندرونة بأن تكون المواصلات بين هذين البلدين سهلة ولكن لم يعمل في زمن الحكومة العثمانية ما يضمن

٢١٤

النجاح في هذا الشأن ، وكان التجار الإنكليز في القرن السابع عشر يشكون من الصعوبات الجمة التي كانوا يلاقونها حين ذهابهم من حلب إلى الإسكندرونة أنشأت الحكومة العثمانية طريقا في سنة ١٨٧٠ في الحدود الشمالية من ولاية حلب تضمن به المراصلات في البحر إلى أنحاء كليس وعينتاب والبيرة والأرض التركية الأخرى. وكان القصد من إنشائه وصل الإسكندرونة بالولايات التركية وقد وصلت الحكومة العثمانية هذه الطريق بفرع بين قطمة وحلب تفاديا من إنشاء طريق ثان خاص بحلب فأصبح هذا الطريق يعد طريقا لها. ثم تخرب في سنة ١٨٨٠ وكان كلف الحكومة مبلغا لو أنفق على إنشاء خط ترامواي لما كلف أكثر من ذلك. وكانت القوافل تتبع طريقا أقصر طولا منه بأربعين كيلو مترا وهو الطريق الذي أنشأته الحكومة السورية حديثا. وتتجنب القوافل المرور في مستنقعات نهر عفرين التي يمر منها الطريق القديم. وعلى هذا فقد بقي هذا الطريق مخربا إلى سنة ١٨٩٠ حتى اتفق أن اجتازه أحد الولاة في حلب فتحطمت عجلته وعلى أثر ذلك قررت الحكومة تعميره وخصصت لهذا العمل سنويا ثلاثة آلاف وثلاثمائة ليرة للاستمرار على ترميمه وإصلاحه. وبعد جلاء الأتراك بقيت الطريق مهجورة من غير إصلاح أو ترميم إلى أن تخربت. ورأت حكومة سورية أخيرا تركها لطولها وكثرة نفقات إصلاحها ولبعدها عن مراكز الأراضي الواقعة بين الإسكندرونة وحلب. ففكرت بعد إنشاء طريق حلب ـ حارم أن تنشئ فرعا بين ينى شهر وينى كوي للاتصال بين الإسكندرونة وحلب. وقد تم فتح هذا الفرع بتمهيده ولم يعبد بعد. وقد أصبح طول هذا الطريق الجديد بين حلب والإسكندرونة ١٢٣ كيلو مترا بعد أن كان طول الطريق القديم ١٦٣ كيلو مترا وصارت المسافة بالطريق الجديد أقصر منها في الطريق القديم أربعين كيلو مترا.

هذا مجموع الطرق الأساسية العامة بالشام وهناك طرق فرعية كثيرة ممتدة كالشرايين تصل القرى بعضها ببعض ثم تربطها بمراكز الأقضية كما أنها تتصل بالطرق العامة. وكان أنشئ قسم من هذه الطرق الفرعية قديما وافتتح القسم الآخر حديثا بطريق السخرة غير أن أكثر هذه الطرق إن لم نقل كلها

٢١٥

تحتاج إلى الإصلاح والتعبيد لتسهيل المواصلات بين القرى والبلدان ولتتمكن السيارات من السير عليها على أيسر صورة وتصبح حركة النقل سريعة لا كما هي عليه الآن في أكثر هذه الطرق من البطء الظاهر وحينئذ تزداد الموارد ويسهل نقل البضائع إلى المدن والسواحل ولا يخفى ما في ذلك من الفوائد العظيمة لإنعاش الحياة الاقتصادية. ومن جهة أخرى فإن وجود طرق صالحة في قطر يزيد عدد السياح والمصطافين الذين يرتادونه ، وهذا أيضا له شأنه في تقدمها وعمرانها.

السيارات :

وراجت في الشام عقب انتهاء الحرب العامة سوق السيارات على اختلاف أنواعها حتى أصبح منها عدد غير قليل يستخدم لنقل الركاب والبضائع في عامة الأرجاء. وقد تبين من الإحصاء الرسمي حتى آخر أيلول سنة ١٩٢٧ أن مجموع عدد السيارات التي سجلت رسميا في الديار الشامية ٦٦٢٢. منها ٦٥٣ في دمشق و ٦٢٩ في حلب و ١٠١ في حمص و ٩٣ في حماة و ٤١ في دير الزور و ٢١٥ في بلاد العلويين و ٤٨٩٠ في لبنان. وإذا فرضنا أن عدد السيارات في فلسطين نحو ثلاثة آلاف فيكون مجموعها في الشام ما يقرب من عشرة آلاف سيارة مختلفة الشكل والصورة. وقد أضرت هذه السيارات بمصلحة بعض السكك الحديدية ففترت أعمالها بعض الشيء لرغبة الناس في السرعة الزائدة ـ انتهى.

٢١٦

البرق والبريد والهاتف (١)

منشأ البرق «التلغراف» :

لم يكن إلى الربع الأخير من الحكم التركي بالشام برق ولا بريد ولا هاتف منظم. وضع نظام البرق في ٢٧ ربيع الأول سنة ١٢٧٦ ه‍ ونظام البريد في ٢٦ المحرم سنة ١٢٨٦ ه‍ وكان يتبادل بريد الحكومة على عهد الحكومات السابقة بواسطة السعاة والنجابين أو بواسطة حمام الزاجل. وتستعمل إشارات الضياء (الفوانيس) إبان الحروب عوضا عن الإشارات البرقية السلكية واللاسلكية والهوليسته المستعملة الآن ، واصطلح على استعمال كلمة برق عوضا عن كلمة تلغراف اليونانية المركبة من كلمتين تل ـ غراف والأولى بمعنى بعيد والثانية الكتابة أي الكتابة عن بعد ، منذ نحو ستين سنة واستعملت كلمة الهاتف على عهد الحكومة العربية عوضا عن كلمة تلفون اليونانية المركبة من تل وفون أي الصدى البعيد.

وللبرق ثلاثة فصول : الشبكة والآلات والأدوات المستعملة وشكل الإدارة والمخابرة واقتصرت شبكة البرق بدمشق على العهد التركي ، حتى سنة ١٨٩٩ على الأسلاك الممتدة منها شمالا إلى حلب وجنوبا إلى القنيطرة ، الصلت ، حوران ، وشرقا دومة ، وغربا بيروت ، حاصبيا ، ثم توسعت هذه الشبكة في سنة ١٩٠٠ بتمديد الخط البرقي الحجازي من الصلت حتى المدينة المنورة وامتد فرع منه بين معان والعقبة. وللسلك البرقي الحجازي عمود تذكاري ركز في ساحة الشهداء بدمشق.

__________________

(*) أخذت معلومات هذا الفصل من إدارة البريد والبرق في دمشق.

٢١٧

وتفرع من السلك الشمالي فرع امتد بين حمص ، طرابلس وحمص ، بعلبك وحماة ، سلمية وحماة ، العمرانية ومن السلك الجنوبي إلى جبل الدروز وبصرى ، وعلى أثر جلاء الجيش التركي ودخول جيش الحلفاء أواخر سنة ١٩١٨ خربت هذه الشبكة ثم أعيد إنشاؤها على عهد الحكومة العربية إلى ما كانت عليه قبلا حتى انسلاخ فلسطين وشرقي الأردن وجبل الدروز عن جسم الشام. وظلت هذه الشبكة البرقية بطول ١٥٧١ كيلو مترا.

وقد أنشأت الحكومة التركية أثناء الحرب العامة المخابرات اللاسلكية بدمشق وحلب واستعملت الإشارات الضيائية والبصرية بالأعلام والسواعد ضمن قطعات الجيش فقط.

الآلات والأدوات والمخابرة :

كانت الآلات والأدوات البرقية المستعملة على العهد التركي حتى سنة ١٣٠٥ ه‍ ١٨٨٩ م منحصرة في نوع سميس ومورس الأوربي ثم عدلت هذه الأدوات في مصنع البرق الذي أحدث في نظارة البريد والبرق في الاستانة بشكل جمع بين النوعين المذكورين بجعل إبرة الكاتبة بآلة الأخذ للمفاوضات البرقية أن تنقش الإشارات الرمزية .. ـ (ـ ـ ... ـ ... ـ ـ.) على شريط الورق بصورة ناشفة بدلا من نقشها بالحبر كالآلات السابقة ثم ألغت النظارة استعمال الأبرة والسلك على أثر ترقي الموظفين بتلقي نقرات المخابرة سماعا وأصبحت الآلات المذكورة من نوع البارلور الذي هو عبارة عن الآلة الآخذة ، وقد اقتصدت الإدارة بوجود أقسام الكتابة ثلاثة أضعاف ما كانت تكلفها قبلا. واستمر الحال على استعمال هاته الآلة حتى نشوب الحرب العامة فأحدثت الماكنات المضاعفة (دوبلكس) الألمانية والانكليزية التي سهلت المخابرة أخذا وردّا في آن واحد على خط واحد كإحداثها ماكنات الهوك المفردة والمضاعفة التي تنقل المخابرات البرقية على السلك الورقي حروفا هجائية أخذا وردّا.

وكانت المفاوضات البرقية على العهد التركي حتى سنة ١٩٠٠ في أكثر المراكز تنحصر باللغتين الشرقيتين التركية والعربية ولا تتعدى الأرض العثمانية

٢١٨

عدا بضعة مراكز كدمشق وبيروت وما يماثلها من مراكز الولايات وبعد ذلك أحدثت المفاوضات الغربية بين المراكز العثمانية وأوربا.

إحداث الهاتف :

أحدث الهاتف في الشام بعد إعلان القانون الأساسي في تركيا خلال ٩٠٨ / ٣٢٤ وكان منحصرا بالدوائر الرسمية الرئيسية الملكية والعسكرية ورخص بتمديد الأسلاك الخصوصية في مسكن كل مشترك وحانوته أو مشترك آخر في بلدة واحدة تحت إشراف ديوان البرق الملكية. واستمرت هذه الشبكة الهاتفية بشكلها حتى نشوب الحرب العامة فألغيت منها الأسلاك الخاصة وانحصرت بالأسلاك الرسمية التي تجاوزت نفس دمشق وتوسعت إلى مناطق الجيوش ومواقع الحرب حتى إذا انجلت الحكومة العثمانية عن القطر ودخل الجيش المحتل استلمها وأسس على أنقاضها شبكة خاصة عسكرية ومدها إلى مناطق الانتداب الرئيسية كدمشق وحمص وحماة وحلب والإسكندرونة الخ. وسمح للسكان والتجار بالاشتراك والارتباط والتخاطب بها مقابل أجور مقطوعة على كل ثلاث دقائق تمر أثناء المخابرة. وارتبطت الحكومات الوطنية في كل من هاته البلدان بدوائرها المركزية هاتفيا واستقلت الدرك بشبكة خاصة مع مخافرها.

أما الهاتف اللاسلكي الرسمي فانحصر بإدارة الراديو العسكري أخذا وردّا والهاتف اللاسلكي التجاري سمح به في قسم الأخذ منه تحت إشراف إدارة البريد والبرق دون استعمال آلة الرد أي الإصدار.

منشأ البريد :

البريد كلمة فارسية مختصرة من كلمتي بريد ذنب أي مقطوع الذنب. والسبب بهذا الاصطلاح غير المأنوس هو أن الفرس كانوا يقطعون أذناب الحيوانات التي تنقل بريد الحكومة تمييزا لها عن بقية الحيوانات التي تستخدمها لركوب الدرك والجباة. فحذفت العرب كلمة الذنب واقتصرت على كلمة البريد والجمع منها برد. ولم يكن قبل القرن السابع عشر أثر للبريد على ما ورد في مجموعة البرق والبريد التركية.

٢١٩

كان شكل البريد وسيره وإدارته ونقله حتى تاريخ تمديد السكة الحديدية المصادف لسنة ١٣٠٧ ه‍ ١٨٩١ م بين بيروت ودمشق ـ المزيريب تنحصر حتى بيروت بمركبات شركة الحوافل الملغاة. أما باقي الجهات فكانت شمالا حتى حلب فالاستانة تسافر برا مع التاتار أي مع سعاة البريد الموظفين ينقلونه على ظهور الخيل ، وشرقا بين دمشق والعراق ـ بغداد على ظهر الهجن (الذلول) ، وجنوبا بواسطة السعاة المأجورين ، وبحرا بواسطة بيروت وهو عبارة عن تبادل الكتب والصحف والملفات والنماذج والصرر ذات القيمة مع الأرض العثمانية وعلى الكتب والصحف والملفات مع الممالك الأجنبية.

وقد بدأ شكل سير البريد يتطور نقلا وإدارة ومعاملة من سنة ١٣١٦ ـ ١٩٠٠ فألغيت سعاة التاتار سنة ١٩٠٢ بين دمشق وحماة وسنة ١٩٠٥ بين حماة وحلب وسنة ١٣٣١ ـ ١٩١٥ من حلب وأذنة فقونية. وأصبح نقل البريد حتى الاستانة برا بالسكة الحديدية التي أنشئت شمالا كما أنها أحدثت نقليات البريد حتى الحجاز أي المدينة المنورة بالسكة الحجازية التي كان بدئ بإنشائها سنة ١٩٠١ ـ ١٣١٧ وانتهت بسنة ١٩٠٨ ـ ١٣٢٤. وتبدلت نقليات البريد تدريجيا في الأصقاع الشامية من الحيوانات إلى متن السيارات. وأما فيما له شأن بالمعاملات فقد أحدثت على التدريج واعتبارا من سنة ١٩٠٠ أنشئت الحوالات البريدية فالبرقية والطرود العادية فالمشروطة التأدية والرسائل ذات القيمة المقدرة بين الممالك العثمانية والشام. وفي سنة ١٩٠٢ بدأت هذه المعاملات الجديدة مع الممالك الأجنبية في أوربا وآسيا وإفريقية. ودامت على هذا التوسع التدريجي حتى نشوب الحرب العامة فانقطعت عندئذ مع الدول المعادية لتركيا واقتصرت على الممالك المتفقة معها إلى أن جلت الدولة عن الشام وانقطعت المواصلات البريدية أثناء احتلال دول الانتداب أرض الشام ثم عادت المواصلات إلى سيرها السابق. هذا عدا انقطاع السكة الحجازية الذي لم تصل بين الشام والحجاز أي المدينة المنورة بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين وشرقي الأردن الخارج عن حدود الدولة السورية.

٢٢٠