تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٧

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٧

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٤٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمد بن الحسين ، حدّثني يوسف بن الحكم الرّقّي ، نا الفياض بن محمد القرشي عن رجل من أهل المدينة ، قال :

خرج عبد الله بن جعفر حاجّا حتى إذا كان ببعض الطريق تقدم ثقله على راحلة له ، فانتهى إلى أعرابية جالسة على باب الخيمة ، فنزل عن راحلته ينتظر أصحابه ، فلما رأته قد نزل ، قامت إليه ، فقالت : إليّ ، بوّأك الله مساكن الأبرار ، قال : فأعجب بمنطقها ، فتحوّل إلى باب الخيمة ، فألقت له وسادة من أدم ، فجلس عليها ، ثم قامت إلى عنيزة لها في كسر الخيمة ، فما شعر حتى قدمت منها عضوا فجعل ينهش ، وأقبل أصحابه فلما رأوه نزلوا ، فأتتهم بالذي بقي عندها من العنز ، فطعموا وأخرجوا سفرهم فقال عبد الله : ما بنا إلى طعامكم حاجة سائر اليوم ، فلما أراد أن يرتحل دعا مولاه الذي كان يلي نفقته ، فقال : هل معك من نفقتنا شيء؟ قال : نعم ، قال : وكم هو؟ قال : ألف دينار ، قال : أعطها خمس مائة واحتبس لنفقتك باقيها ، قال : فدفعه إليها ، فأبت أن تقبل ، فلم يزل عبد الله يكلّمها وهي تقول : أي والله أكره عذل بعلي ، فطلب إليها عبد الله حتى قبلت ، فودّعها وارتحل هو وأصحابه ، فلم يلبث أن استقبله أعرابي يسوق إبلا له ، فقال عبد الله : ما أراه إلّا المحذور ، فلو انطلق بعضكم فعلم لنا علمه ثم لحقنا ، فانطلق بعض أصحابه راجعا متنكرا حتى نزل قريبا منه ، فلما أبصرت المرأة الأعرابي مقبلا قامت إليه تفدّاه وتقول : بأبي أنت وأمّي :

توسّمته لما رأيت مهابة

عليه فقلت : المرء من آل هاشم

وإلّا فمن آل المرار فإنهم

ملوك ملوك من ملوك أعاظم

فقمت إلى عنز بقية أعنز

فأذبحها فعل امرئ غير نادم

يعوّضني منها غنان ولم يكن

يساوي لحيم العنز خمس دراهم

بخمس مئين من دنانير عوّضت

من العنز ما جادت به كفّ آدمي

فأظهرت له الدنانير ، وقصّت عليه القصة ، فقال : بئس لعمرو (١) الله معقل الأضياف ، كنت ، أبعت معروفك بما أرى من الأحجار؟ قالت : إنّي والله قد كرهت ذلك ، وخفت العذل ، قال : وهذه لم تخافي العار ، وخفت العذل؟ كيف أخذ الركب؟ فأشارت له إلى الطريق ، قال : وهذا يعين الرجل الذي أرسله عبد الله فقال : أسرجي لي

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : لعمر الله.

٢٨١

فرسي ، قالت : تصنع ما ذا؟ قال : ألحق القوم ، فإن سلموا لي معروفي وإلّا حاربتهم ، قالت : أنشدكم الله أن تفعل فتسوءهم فأقبل عليها ضربا ، وقال : ركنت إلى إمحاق المعروف؟ قال : وركب فرسه ، وأخذ رمحه ، فجعل الرجل صاحب عبد الله يسير معه ، ويقول له : ما أراك تدرك القوم ، فقال : والله لآتينّهم ولو بلغوا كذا وكذا ، فلما رأى الرجل أنه غير منتهي (١) قال : على رسلك ، أدرك لك القوم وأخبرهم خبرك ، فتقدم الرجل فأخبر ابن جعفر ، وقصّ عليه القصة ، فقال عبد الله : قد كانت حذرة من المشئوم ، قال : فرهقهم (٢) ، فسلّم عليه ابن جعفر وأخبره بحسن صنيع المرأة ، فقال : والله ما رأيت ذلك بتمّامه ، فلم يزل يكلّمه ، ويسأله ، فأبى الأعرابي إلّا ردّها ، فلما رأى عبد الله ذلك قال : لننظر ما عنده ، ما نحبّ أن يرجع إلينا شيء قد أمضيناه ، قال : فقام من بين يديه ، فتنحّى ، فصلّى ركعتين ثم قام فركب فرسه وأخرج قوسه ونبله ، فقال له عبد الله : ما هاتان الركعتان؟ قال : استخرت فيهما ربّي عزوجل في محاربتكم ، قال : فعلى ما عزم لك من ذلك؟ قال : عزم لي عليه رشدا أو ترجعون أحجاركم وتسلمون لنا معروفنا ، فقال له عبد الله : نفعل ، فأمر بالدنانير فقبضت ، فولّى الأعرابي منصرفا ، فقال له عبد الله : ألا نزودك طعاما؟ قال : الحيّ قريب ، فهل من حاجة؟ قال : نعم ، قال : وما هي؟ قال : المرأة تخبرها بسوء فعلك ، فاستضحك الأعرابي وولّى منصرفا ، فقدم عبد الله بن جعفر بعد ذلك على يزيد بن معاوية ، فحدّثه حديث الأعرابي ، فقال يزيد : ما سمعت بأعجب من هذا.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ (٣) ، أنا محمد بن جعفر التميمي الكوفي ، نا أبو عبد الله اليزيدي (٤) ، نا عيسى بن إسماعيل المعروف بتينة (٥) ، قال : سمعت الأصمعي يقول : جاءت امرأة إلى عبد الله بن جعفر بدجاجة مسموطة في مكتل (٦) ، فقالت : بأبي

__________________

(١) كذا بالأصل وم : «غير منتهي» بإثبات الياء.

(٢) أي دنا منهم ، أو اقترب منهم.

(٣) في م : القرى.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «البريدي».

(٥) بالأصل : «تبنه» وفي م : «تنبه» وكلاهما تحريف والصواب : «تينة» عن تبصير المنتبه ٤ / ١٤٠٨ وفيه : وبمثناة مكسورة ثم ياء ثم نون : عيسى بن إسماعيل ، بصري ، يلقب تينة ، روى عن الأصمعي وغيره.

(٦) في م : مكيل.

٢٨٢

أنت ، هذه الدجاجة كانت مثل بنيتي (١) ، آكل من بيضها ، وتؤنسني ، فآليت أن لأدفنها إلّا في أكرم موضع أقدر عليه ، ولا والله ما في الأرض موضع أكرم من بطنك ، قال : خذوها منها ، واحملوا إليها من الحنطة كذا ، ومن التمر كذا ، وأعطوها من الدّراهم كذا ، فعدّد شيئا ، فلما رأت ذاك قالت : بأبي ، إن الله لا يحب المسرفين (٢).

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أبو محمد بن السكري ، نا عبد الله بن أبي سعد ، حدّثني عمر بن سعد ، حدّثني عيسى بن عبد الله بن محمّد بن علي بن أبي طالب ، حدّثتني عائشة مولاة ابن أبي الفخر ، عن مولاها ابن أبي الفخر ، قال :

سمّنت (٣) لي بهيمة (٤) ، ثم خرجت بها أبيعها ، فمرت (٥) بعبد الله بن جعفر ، قال : يا صاحب البهيمة (٦) أتبيع؟ قلت : لا الله ، ولكن هي لكم ، ثم انصرفت وتركته. فأقمنا أياما ، ثم إذا الحمالون على الباب ، فإذا عشرون يحملون حنطة وعشرة (٧) يحملون زيتا ، وخمسة يحملون كسوة ، وواحد يحمل مالا ، حتى أدخلت علينا.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ ، نا أبو منصور بن شكرويه ، أنا أبو (٨) بكر بن مردويه ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا معاذ بن المثنّى بن معاذ ، نا مسدّد ، نا حمّاد بن زيد ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين : أن رجلا جلب سكر إلى المدينة ، فكسد عليه ، فقالوا له : ائت عبد الله بن جعفر ، فأتاه ، فاشتراه منه بده دوازده ، وقال : من شاء أخذ ، فقال الرجل : آخذ معهم؟ قال : خذ.

أخبرناه أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، وأبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، قالوا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو الحسن

__________________

(١) في تاريخ الإسلام وسير الأعلام : بنتي.

(٢) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام ٣ / ٤٦١ وتاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٤٣١ ـ ٤٣٢ نقلا عن الأصمعي.

(٣) سقطت «لي» من م.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : بهمة.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «فمررت» وهو أشبه ، باعتبار ما يلي.

(٦) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : بهمة.

(٧) في م : وعشرون.

(٨) سقطت من الأصل وم ، وأضيفت عن المطبوعة.

٢٨٣

الدارقطني ، نا محمد بن مخلد ، نا إبراهيم الحربي ، نا رجل ، نا حمّاد ، عن هشام ، عن محمد ، فذكر نحوه ، وقال فيه : وقال : من أخذ شيئا فهو له.

قال : وأنا الدارقطني ، نا أبو صالح الأصبهاني ، حدّثني يحيى بن مدرك ، نا أبو أسامة ، عن هشام بن حسّان ، عن ابن سيرين ، قال : حمل رجل من التجّار سكرا إلى المدينة ، فكسد عليه ، فبلغ عبد الله بن جعفر ، فأمر قهرمانه أن يشتريه ، وأن ينهبه الناس.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين (١) بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد ، نا محمد بن قدامة الجوهري ، نا أبو أسامة ، أنا هشام ، عن ابن سيرين قال : جلب رجل سكرا (٢) إلى المدينة ، فكسد عليه ، فذكر ذلك لعبد الله بن جعفر ، فأمر قهرمانه أن يشتريه وينهبه الناس (٣).

وأخبرناه أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، نا أبو العبّاس محمد بن يعقوب ، نا الحسن بن علي بن عفان ، نا أبو أسامة ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين : أن رجلا من أهل البصرة جلب سكرا إلى المدينة ، فكسد عليه ، فذكر ذلك لعبد الله بن جعفر ، فأمر قهرمانه أن يشتريه ، ثم يدعو الناس فينهبهم إياه.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، نا أبو منصور بن خيرون ، أنا أبو بكر الخطيب (٤) ، أخبرني محمد بن الحسين بن الفضل القطان ، نا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد ، حدّثني إسحاق بن محمد النخعي ، أخبرني الحسن بن عبد الله الأصبهاني ، عن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر ، قال إسحاق : وأخبرني داود بن الهيثم ، عن أبيه ، عن جده إسحاق أن أعرابيا أتى عبد الله بن جعفر ـ وهو محموم ـ فأنشأ يقول :

كم لوعة للندى وكم قلق

للجود والمكرمات من قلقك

__________________

(١) بالأصل وم : «أبو الحسن» خطأ والصواب ما أثبت قياسا إلى سند مماثل.

(٢) في م : سكر.

(٣) الخبر نقله الذهبي في تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٤٣٢ وفيه : يهبه الناس ، وسير الأعلام ٣ / ٤٦١ وفي المصدرين نقلا عن محمد بن سيرين.

(٤) الخبر مع الأبيات في تاريخ بغداد ٦ / ٣٧٩ ضمن أخبار إسحاق بن محمد بن النخعي.

٢٨٤

ألبسك الله منه عافية

في نومك المعتري وفي أرقك

أخرج من جسمك السّقام كما

أخرج ذمّ الفعال من عنقك

فأمر له بمائة ألف دينار (١).

أخبرنا أبو القاسم المستملي ، أنا أبو بكر الحافظ ، وأبو يعلى إسحاق بن عبد الرّحمن الصابوني فرقهما ، قالا : أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا مخلد بن جعفر الدقاق ، نا محمد بن جرير ، حدّثني عمر بن شبّة ، نا علي بن محمد ، عن أبي إسحاق المالكي ، قال : وجّه يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن جعفر مالا جليلا هدية له ، قال : ففرقه في أهل المدينة ، ولم يدخل منزله منه شيئا ، قال : فبلغ ذلك عبد الله بن الزبير ، فقال : إن عبد الله بن جعفر لمن المسرفين ، قال : فأنهي ذلك إلى عبد الله بن جعفر فقال :

بخيل يرى في الجود عارا وإنّما

على المرء عار أن يضنّ ويبخلا

إذا المرء أثرى ثم لم يرج نفسه

صديق فلاقته المنية أو لا

قال : فبلغ ما فعل عبد (٢) الله بن قيس الرقيات ، فقال في قصيدة له يمدح بها بعض الأمراء :

ما كنت إلّا كالأغرّ ابن جعفر

رأى المال لا يبقى فأبقى به ذكرا

قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنا الحسن بن إسماعيل بن محمد المصري بها ، حدّثني أبو عبد الله عثمان بن أحمد بن أيوب التّنّيسي ، نا الحسن بن بدر ، نا جامع ، حدّثني الزبير بن بكار ، حدّثني محمد بن عبيد الله بن أبي مليكة ، عن أبيه ، عن جده قال :

دخل ابن أبي عمّار ـ وهو يومئذ فقيه أهل الحجاز ـ على نخّاس يعترض منه جارية ، فعرض عليه جارية بأكثر مما كان معه من الثمن ، وكانت حسنة الوجه جدا ، فعلق بها ، وأخذه أمر عظيم ، ورآه النّخّاس فتباعد عليه في الثمن ، واستهتر (٣) بذكرها فمشى

__________________

(١) تاريخ بغداد : فأمر له بألف دينار.

(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : «عبيد الله» وهو الصواب.

(٣) المستهتر بالشيء بالفتح : المولع به ، لا يبالي بما فعل فيه وشتم له ، والذي كثرت أباطيله ، وقد استهتر بكذا على ما لم يسمّ فاعله أي فتن به ، وذهب عقله فيه ، وانصرفت هممه إليه (القاموس ـ التاج).

٢٨٥

إليه عطاء وطاوس ومجاهد يعذلونه ، فكان جوابهم أن قال :

يلومني فيك أقوام أجالسهم

فما أبالي أطار اللّوم أو وقعا

قال : فبلغ خبره عبد الله بن جعفر ، فلم يكن له همّة غيرها ، فبعث إلى مولى الجارية ، فاشتراها منه (١) بأربعين ألف درهم ، وأمر قيّمة جواريه أن تزينها وتحليها ، ففعلت ، وقدم المدينة ، فجاءه الناس يسلّمون عليه ، وجاءه جلة أهل الحجاز فقال : ما لي لا أرى ابن أبي عمّار زائرا؟ فأخبر الشيخ ، فأتاه ، فلما أراد أن ينهض استجلسه فقال له ابن جعفر : ما فعل حبّك فلانة ، قال : في اللحم والدم والمخّ والعصب والعظام ، فقال له : أتعرفها إن رأيتها؟ قال : جعلت فداك ، هي مصوّرة نصب عيني عند كل خطرة وفكرة ، ولو أدخلت الجنة ما كنت أنكرها ، قال : والله ما نظرت إليها مذ ملكتها (٢) ، يا جارية أخرجيها ، فأخرجت ترفل في الحلي والحلل ، فقال : هي هذه؟ فأنشأ يقول :

هي التي هام قلبي من تذكّرها

والنفس مشغولة أيضا بذكراها

قال : فشأنك بها ، فخذها ، فبارك الله لك فيها ، قال : جعلت فداك ، لقد تفضّلت بشيء ما كان يتفضّل به إلّا الله ، فلما ولّى بها قال : يا غلام احمل معها مائة ألف درهم ، كي لا يهتمّ بها ، [ولا تغتم به](٣) فبكى ابن أبي عمّار سرورا ، ثم قال : الله يعلم حيث بجعل رسالاته ، والله جعلت فداك ، لئن كان الله وعدنا نعيم الآخرة ، لقد عجّلت نعيم الدنيا.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا مناولة وقرأ عليّ إسناده ، أنا محمد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (٤) ، نا أبو النضر العقيلي ، حدّثني عبد الله بن أحمد بن حمدون النديم ، عن أبي بكر العجلي ، عن جماعة من مشايخ قريش من أهل المدينة ، قالوا :

كانت عند عبد الله بن جعفر جارية مغنية يقال لها عمّارة ، وكان يجد بها وجدا شديدا ، وكان لها منه مكان لم يكن لأحد من جواريه ، فلما وفد عبد الله بن جعفر على

__________________

(١) سقطت «منه» من م.

(٢) في م : إذ ملكها.

(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن المطبوعة ، والعبارة محرفة في م.

(٤) الخبر في الجليس الصالح الكافي ٢ / ٣٣٦ وما بعدها.

٢٨٦

معاوية خرج بها معه ، فزاره يزيد ذات يوم فأخرجها إليه ، فلما نظر إليها وسمع غناءها وقعت في نفسه ، فأخذه (١) عليها ما لا يملكه ، وجعل لا يمنعه أن يبوح بما يجد بها إلّا مكان أبيه مع يأسه من الظفر بها.

فلم يزل يكاتم الناس أمرها إلى أن مات معاوية ، وأفضى الأمر إليه ، فاستشار بعض من قدم عليه من أهل المدينة ، وعامّة من يثق به في أمرها ، وكيف الحيلة فيها ، فقيل له : إنّ عبد الله بن جعفر لا يرام ، ومنزلته من الخاصّة والعامّة منك ما قد علمت ، وأنت لا تستجيز (٢) إكراهه ، وهو لا يبيعها بشيء أبدا ، وليس يغني في هذا إلّا الحيلة.

قال : انظروا لي رجلا عراقيا له أدب وظرف ومعرفة ، فطلبوه فأتوه به ، فلما دخل رأى ثيابا وحلاوة وفهما ، فقال يزيد : إنّي دعوتك لأمر إن ظفرت به فهو حظوتك آخر الدهر ، ويد أكافئك عليها إن شاء الله ، ثم أخبره بأمره ، فقال له : إنّ عبد الله بن جعفر ليس يرام ما قبله إلّا بالخديعة ، ولن يقدر أحد على ما سألت ، فأرجو أن أكونه والقوة بالله ، فأعنّي بالمال ، قال : خذ ما أحببت ، فأخذ من طرف الشام ، وثياب مصر ، واشترى متاعا للتجارة من رقيق ودوابّ وغير ذلك ، ثم شخص إلى المدينة ، فأناخ بعرصة عبد الله بن جعفر ، واكترى منزلا إلى جانبه ، ثم توسّل إليه ، وقال : رجل من أهل العراق قدمت بتجارة فأحببت أن أكون في عزّ جوارك وكنفك إلى أن أبيع ما جئت به.

فبعث عبد الله إلى قهرمانه أن أكرم الرجل ، ووسّع عليه في نزله ، فلما اطمأنّ العراقي سلّم عليه أياما وعرفه نفسه وهيّأ له بغلة فارهة وثيابا من ثياب العراق وألطافا ، فبعث بها إليه وكتب معها : يا سيّدي إنّي رجل تاجر ، ونعمة الله عليّ سابغة ، وقد بعثت إليك بشيء من لطف (٣) وكذا وكذا من الثياب والعطر ، وبعثت ببغلة خفيفة العنان ، وطيئة الظهر ، فاتّخذها لرحلك (٤) ، فأنا أسألك (٥) بقرابتك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلّا قبلت هديتي ولم توحشني بردّها ، فإني أدين الله بحبك وحبّ أهل بيتك ، وإنّ أعظم أملي في

__________________

(١) كذا بالأصل وم والجليس الصالح ، وفي المطبوعة : فأجره عليها.

(٢) بالأصل : «تستجبر» وفي م : «تستجير» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٣) اللطف : الهدية.

(٤) في م والجليس الصالح : لرجلك.

(٥) في م : «أسلك».

٢٨٧

سفرتي هذه أن استفيد الأنس بك والتحرّم بمواصلتك.

فأمر عبد الله بقبض هديته ، وخرج إلى الصّلاة ، فلمّا رجع مرّ بالعراقي في منزله ، فقام إليه ، وقبّل يده ، واستكثر منه ، فرأى أدبا وظرفا وفصاحة ، فأعجب به وسرّ بنزوله عليه ، فجعل العراقي في كل يوم يبعث إلى عبد الله بلطف يطرفه (١) ، فقال عبد الله : جزى الله ضيفنا هذا خيرا ، فقد ملأنا شكرا ، وما نقدر على مكافأته فإنه لكذلك إلى أن دعاه عبد الله ، ودعاه بعمّارة وجواريه ، فلما طاب لهما المجلس سمع غناء عمّارة تعجب وجعل يزيد في عجبه ، فلما رأى ذلك عبد الله سرّ به إلى أن قال : هل رأيت مثل عمّارة؟ قال : لا والله يا سيّدي ، ما رأيت مثلها ، وما تصلح إلّا لك ، وما ظننت أن يكون في الدنيا مثل هذه الجارية حسن وجه ، وحسن عمل (٢) ، قال : فكم تساوي عندك؟ قال : ما لها ثمن إلّا الخلافة ، قال : يقول هذا ليزين (٣) لي رأيي فيها ، ويجتلب سروري ، قال له : يا سيّدي والله إنّي لأحبّ سرورك ، وما قلت لك إلّا الجد ، وبعد فإنّي تاجر أجمع الدرهم إلى الدرهم طلبا للربح ، ولو أعطيتها بعشرة آلاف دينار لأخذتها ، فقال له عبد الله : عشرة آلاف دينار؟ قال : نعم ، ولم يكن في ذلك الزمان جارية تعرف بهذا الثمن ، فقال له عبد الله : أنا أبيعكها بعشرة آلاف دينار ، قال : قد أخذتها ، قال : هي لك ، قال : قد وجب البيع ، وانصرف العراقي.

فلما أصبح عبد الله لم يشعر إلّا بالمال قد وافى ، فقيل لعبد الله : قد بعث العراقي بعشرة آلاف دينار ، وقال : هذا ثمن عمارة ، فردّها وكتب إليه ، إنّما كنت أمزح معك ، وما أعلمك أن مثلي لا يبيع مثلها ، فقال له : جعلت فداك إنّ الجد والهزل في البيع سواء ، فقال له : ويحك ، ما أعلم جارية تساوي ما بذلت ، ولو كنت بائعها من أحد لآثرتك ، ولكني كنت مازحا ، وما أبيعها بملك الدنيا لحرمتها بي وموضعها من قلبي ، فقال له العراقي : إن كنت مازحا فانّي كنت جادا ، وما اطّلعت على ما في نفسك ، وقد ملكت الجارية وبعثت بثمنها إليك ، وليست تحل لك ، وما لي من أخذها بد ، فمانعه إياها.

__________________

(١) في الجليس الصالح : بلطف وطرف.

(٢) الجليس الصالح : وحسن غناء.

(٣) الجليس الصالح : تقول هذا لتزين لي رأيي فيها ...

٢٨٨

فقال له : ليست لي بيّنة ، ولكني أستحلفك عند قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ومنبره ، فلما رأى عبد الله الجدّ قال : بئس الضيف أنت ، ما طرقنا طارق ولا نزل بنا نازل أعظم بليّة منك ، أتحلفني فيقول الناس اضطهد عبد الله ضيفه وقهره وألجأه إلى أن استحلفه ، أما والله ليعلمن الله أنّي سائله (١) في هذا الأمر الصبر وحسن العزاء ، ثم أمر قهرمانه بقبض المال منه ، وبتجهيز الجارية بما يشبهها من الثياب والخدم والطّيّب ، فجهّزت بنحو من ثلاثة آلاف دينار ، وقال : هذا لك ولها عوضا مما ألطفتنا ، والله المستعان.

فقبض العراقي الجارية وخرج بها ، فلما برز من المدينة قال لها : يا عمّارة إنّي والله ما ملكتك قط ، ولا أنت لي ، ولا مثلي يشتري جارية بعشرة آلاف دينار ، وما كنت لأقدم على ابن عمّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلبه أحبّ الناس إليه لنفسي ، ولكني دسيس من يزيد بن معاوية ، وأنت له ، وفي طلبك بعث بي ، فاستتري (٢) مني ، وإن داخلني الشيطان في أمرك أو تاقت (٣) نفسي إليك فامتنعي ، ثم مضى بها حتى ورد دمشق ، فتلقاه الناس بجنازة يزيد ، وقد استخلف ابنه معاوية بن يزيد ، فأقام الرّجل أياما ثم تلطّف للدخول عليه ، فشرح له القصّة ، ويروى أنه لم يكن أحد من بني أمية يعدل بمعاوية بن يزيد في زمانه نبلا ونسكا ، فلما أخبره ، قال : هي لك ، وكلما دفعه إليك في أمرها فهو لك ، وأرحل من يومك ولا أسمع بخبرك في شيء من بلاد الشام ، فرحل العراقي ، ثم قال للجارية : إنّي قلت لك ما قلت حين خرجت بك من المدينة ، وأخبرتك أنك ليزيد ، وقد صرت لي ، وأنا أشهد الله أنك لعبد الله بن جعفر ، وأني قد رددتك عليه ، فاستتري (٤) مني ، ثم خرج بها حتى قدم المدينة ، فنزل قريبا من عبد الله بن جعفر ، فدخل عليه بعض خدمه ، فقال له : هذا العراقي ضيفك الذي صنع بنا ما صنع ، وقد نزل العرصة ، لا حيّاه الله فقال عبد الله : مه ، أنزلوا الرجل وأكرموه ، فلما استقر بعث إلى عبد الله : جعلت فداك ، إن رأيت أن تأذن لي أذنة خفيفة لأشافهك بشيء فعلت ، فأذن له ، فلما دخل سلّم عليه وقبّل يده ، وقرّبه عبد الله ثم اقتص له القصّة حتى فرغ ثم قال : قد والله وهبتها لك قبل أن أراها أو أضع يدي عليها ، فهي لك ، ومردودة عليك ، وقد علم الله أنّي

__________________

(١) بالأصل وم : سائليه ، والمثبت عن الجليس الصالح ، وفي المطبوعة : ساءلته.

(٢) عن الجليس الصالح وبالأصل وم : فاشتري.

(٣) في الجليس الصالح : وتاقت.

(٤) عن الجليس الصالح وبالأصل وم : فاشتري.

٢٨٩

ما رأيت لها وجها إلّا عندك ، وبعث إليها فجاءت وجاءت بما جهّزها به موفرا ، فلما نظرت إلى عبد الله خرّت مغشيا عليها ، وأهوى إليها عبد الله فضمّها إليه.

وخرج العراقي ، وتصايح أهل الدار : عمارة ، عمارة ، فجعل عبد الله يقول ودموعه تجري : أحلم هذا ، أحقّ هذا ، ما أصدق بهذا ، فقال له العراقي : جعلت فداك ، ردّها الله عليك بإيثارك الوفاء ، وصبرك على الحق ، وانقيادك له ، فقال عبد الله : الحمد لله ، اللهمّ إنك تعلم أنّي تصبرت عنها ، وآثرت الوفاء ، وسلّمت لأمرك ، فرددتها عليّ بمنّك ، قالت : الحمد لله ، ثم قال : يا أخا العراق ، ما في الأرض أعظم منّة منك ، وسيجازيك الله تعالى ، فأقام العراقي أياما وباع عبد الله غنما له بثلاثة عشر ألف دينار وقال لقهرمانه : احملها إليه ، وقل له : اعذر واعلم أني لو وصلتك بكل ما أملك لرأيتك أهلا لأكثر منه.

فرحل العراقي محمودا وافر العرض والمال.

أخبرنا أبو القاسم بن أبي عبد الرّحمن ، أنا أبو بكر أحمد بن الحسين ، أنا أبو الحسن بن بشران ، أنا أبو علي الحسين بن صفوان ، نا أبو بكر عبد الله بن محمد القرشي ، حدّثني محمد بن الحسين ، حدّثني يعقوب الزهري ، قال : سمعت الدّراوردي قال : قيل لمعاوية بن عبد الله بن جعفر : ما بلغ من كرم عبد الله بن جعفر؟ قال : كان ليس له مال دون الناس ، هو والناس في ماله شركاء ، كان من سأله أعطاه ، ومن استمنحه شيئا منحه ، لا يرى أنه يقتصر فيقصر ، ولا يرى أنه يحتاج فيدخر.

أخبرنا أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدّل ، أنا أبو طاهر الذهبي ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن أبي بكر قال : وله ـ يعني عبد الله بن جعفر ـ يقول بعض الأعراب :

إنّك يا ابن جعفر نعم الفتى

ونعم مأوى طارق إذا أتى

وربّ صيف طرق الحي سرى

صادف زادا أو حديثا ما اشتهى

إن الحديث جانب من القرى (١)

__________________

(١) الخبر والرجز في تهذيب الكمال ١٠ / ٥٩.

٢٩٠

أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، وأبو الحسن سعد الخير بن محمد ، قالا : أنا طراد بن محمّد بن علي ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو الحسين الجوزي ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني عبد الرّحمن بن عبد الله بن قريب الباهلي ، نا عمّي ، حدّثني خلف الأحمر قال : قال الشّمّاخ بن ضرار لعبد الله بن جعفر :

إنّك يا ابن جعفر نعم الفتى

ونعم [مأوى](١) طارق إذا أتى

وربّ ضيف طرق الحي سرى

صادف زادا وحديثا ما اشتهى

إن الحديث جانب من القرى

قال خلف : ومن سنّة الأعراب إذا حدثوا الغريب ويهشوا إليه وفاكهوه أيقن بالقرى ، وإذا أعرضوا عنه أيقن بالحرمان ، فمن ثم قيل : الحديث جانب من القرى.

أخبرنا أبو العزّ السّلمي مناولة وإذنا وقرأ علي إسناده ، أنا أبو علي الجازري ، أنا المعافى بن زكريا القاضي ، نا عبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني أحمد بن عبد الأعلى الشيباني ، وأحمد بن عبيد الله الغنوي ، أن عبد الله بن جعفر كان في سفر له فمرّ بفتيان يوقدون تحت قدر لهم فقام إليه أحدهم فقال :

أقول له حين ألفيته

عليك السّلام أبا جعفر

فوقف وقال : عليك السّلام ورحمة الله ، فقال :

وهذي ثيابي قد أخلفت

وقد عضّني زمن منكر

قال : فهذي ثيابي مكانها ، وعليه جبّة خز وعمامة خزّ ، ومطرف خزّ ، ويعينك على زمنك ، فقال :

فأنت كريم بني هاشم

وفي البيت منها الذي يذكر

قال : يا ابن أخي ، ذاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال القاضي : وهذي ثيابي ، لغة في هذه ، ويقال : هانا (٢) أيضا.

__________________

(١) زيادة عن م.

(٢) في المطبوعة : «هاتا» وفي م : «ها انا».

٢٩١

قال : وأخبرنا (١) المعافى بن زكريا ، نا أبي ، نا أبو أحمد الختّلي ، أنا أبو حفص النسائي ، قال : قال محمّد بن حاتم الجرجرائي : سمعت أيوب بن سيّار يحدّث أن رجلا من أهل المدينة بعث بابنة له إلى عبد الله بن جعفر ، فقال : إنّا نريد أن نخدرها وقد أحببت أن تمسح يدك على ناصيتها وتدعو لها بالبركة ، قال : فأقعدها في حجره ومسح ناصيتها ودعا لها بالبركة ، ثم دعا مولى له ، فسارّه بشيء ، فذهب المولى ، ثم جاء فأتاه بشيء ، فصرّه عبد الله في خمار الجارية ، ثم دفعها إلى الرسول ، قال : فنظروا فإذا لؤلؤة ، فأخرجت إلى السوق لتباع ، فعرفت ، وقيل : لؤلؤة ابن جعفر حبا بها ابنة جاره ، قال : فبيعت بثلاثين ألف درهم.

أخبرنا أبو المعالي الحسين بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا الحسن بن أبي بكر ، أنا أبو الفضل عيسى بن موسى بن أبي محمد المتوكل على الله ، أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان ، قال : روى العبّاس بن هشام ، عن أخيه أنيف بن هشام ، عن أبيه ، عن بعض المدنيين قالوا : مرّ عبد الله بن جعفر ومعه عدة من أصحابه بمنزل رجل قد أعرس ، وإذا مغنية تقول :

قل لكرام (٢) ببابنا يلجو

ما في التّصابي على الفتى حرج

فقال عبد الله لأصحابه : لجوا فقد أذن في القوم ، فنزل ونزلوا ، فدخلوا ، فلما رآه صاحب المنزل تلقاه وأجلسه على الفرش ، فقال للرّجل : كم أنفقت على وليمتك؟ قال : مائتي دينار ، قال : فكم مهر امرأتك؟ قال : كذا وكذا ، فأمر له بمائتي دينار ومهر امرأته ، وبمائة دينار بعد ذلك معونة ، واعتذر إليه وانصرف.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الرّحمن السلمي ، أنا محمّد بن عبد الله بن المطّلب ، أنبأني أحمد بن عبد الرّحمن ، نا عبد الله بن عمر قال : سمعت إبراهيم بن صالح يقول : عوتب عبد الله بن جعفر على السّخاء فقال : يا هؤلاء أني عوّدت الله عادة ، وعوّدني عادة ، وإني أخاف إن قطعتها قطعني.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، نا عبد العزيز بن أحمد ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو الميمون ، نا أبو زرعة ، حدّثني الحسن بن عبد العزيز

__________________

(١) في م : وأنا.

(٢) في م : قل للكرام.

٢٩٢

الجروي (١) ، نا أبو مسهر ، حدّثني إسماعيل بن معاوية ، قال : سمعت يونس بن ميسرة بن حلبس يقول : بلغ معاوية أن عبد الله بن جعفر أصابه حفف (٢) وجهد هذا أو نحوه ، قال : فكتب إليه بيتين من شعر :

لمال المرء يصلحه فيغني

مفاقره أعفّ من القنوع

يسدّ به نوائب تعتريه

من الأيام كالنّهر (٣) الشروع (٤)

وكتب إليه يأمره بالقصد ويرغبه فيه ، وينهاه عن السّفر (٥) ويعيبه عليه ، قال : فأجابه عبد الله بن جعفر :

سلي الطارق المعترّ يا أم خالد

إذا ما أتاني بين ناري ومجزري (٦)

أأبسط وجهي انه أول القرى

وأبذل معروفي بهم (٧) دون منكري

وقد (٨) اشترى عرضي بمالي وما عسى

أخوك إذا ما ضيّع العرض يشتري

يؤدي إلى الليل (٩) إتيان ماجد

كريم ومالي (١٠) سارح مال مقتر

قال : فأعجب معاوية ما كتب إليه به ، وبعث بأربعين ألف دينار عونا له على دينه.

أخبرنا أبو القاسم الشّحّامي ، أنا أبو بكر البيهقي ، نا أبو حازم عمر بن أحمد الحافظ ، نا بشر بن أبي الحسين المزني ، نا محمّد بن عثمان بن سعيد الدارمي ، نا محمّد بن عبادة الواسطي ، نا أبو سفيان الحميري ، نا عبد الحميد بن جعفر ، قال : قال عبد الله بن جعفر ذي الجناحين :

ليس الجواد الذي يعطي بعد المسألة ، لأن الذي يبذل السائل من وجهه وكلامه

__________________

(١) بالأصل وم : «الحروي» خطأ والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٣٣.

(٢) الحفف : الضيق.

(٣) في م : «كالنهل» وهي الإبل العطاش ، والشروع : الشارعة في الماء.

(٤) نسب محقق المطبوعة البيتين للشّمّاخ.

(٥) في م : «السّرف» وهو أشبه.

(٦) الأبيات في الأغاني ١٣ / ٦٦ ـ ٦٧ نسبها إلى العجير بن عبد الله السلولي.

(٧) في الأغاني : له.

(٨) صدره في الأغاني : أفي العرض بالمال التلاد وما عسى.

(٩) في الأغاني : إلى النيل قنيان.

(١٠) عن م وبالأصل : ومال.

٢٩٣

أفضل مما يبذل من نائله ، وإنما الجواد الذي يبدئ بالمعروف.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا عبد الرّحمن بن محمّد الحنفي ، نا محمّد بن سلام الجمحي ، قال : رئي عبد الله بن جعفر يماكس في درهم ، فقيل له : تماكس في درهم وأنت تجود من المال بكذا وكذا؟ فقال : ذاك مالي جدت به ، وهذا عقلي بخلت به.

أخبرنا آباء محمّد هبة الله بن أحمد المزكي ، وعبد الكريم بن حمزة الوكيل ، وطاهر بن سهل الإسفرايني ، قالوا : أنا أبو الحسين بن مكي ، أنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن العبّاس الإخميمي ، نا محمّد بن عبد الله بن سعيد المهراني ، قال : ذكر بعض أهل العلم قال : أنشد عبد الله بن جعفر رضي‌الله‌عنه :

إنّ الصنيعة لا تكون صنيعة

حتى يصاب بها طريق المصنع (١)

فقال : هذا رجل أراد أن يبخل الناس ، أمطر المعروف مطرا ، فإن صادفت موضعا فذاك ما أردت ، وإلّا رجع إليك ، فكتب أهله.

أنبأنا أبو علي بن نبهان ، ثم أخبرنا أبو الفضل بن ناصر ، أنا أحمد بن الحسن بن أحمد ، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، ومحمد بن سعيد بن نبهان.

ح (٢) وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد ، قالوا : أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ ، ثنا أبو العبّاس أحمد بن يحيى النحوي ، قال : وقال أعرابي لعبد الله بن جعفر : لا ابتلاك الله ببلاء يعجز عنه صبرك ، وأنعم الله عليك نعمة يعجز عنها شكرك.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الحسين (٣) بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد ، نا عبيد الله بن سعد ، نا عمّي ، نا شريك ، عن رشد بن كريب ، قال : رأيت عبد الله بن جعفر يصبغ بالوسمة (٤).

__________________

(١) البيت في تاج العروس (صنع) بتحقيقنا ، بدون نسبة ، ونسبه في مجمع الشعراء للمرزباني ص ٤٨٢ إلى الهذيل الأشجعي.

(٢) سقطت «ح» من الأصل وم ، وأضيفت عن المطبوعة.

(٣) عن م وبالأصل : أبو الحسن.

(٤) عن م وبالأصل : «الوشمة» والوسمة : نبت يختضب بورقه (اللسان).

٢٩٤

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب ، أنا أبو منصور النهاوندي ، أنا أبو القاسم بن الأشقر ، نا محمد بن إسماعيل ، قال : كنية سعيد أبو حفص الأسلمي ، يعد في البصريين ، سمع من ابن أبي أوفى ، قال : لما مات معاوية ويزيد خفت الجفاء فأتيت عبد الله بن جعفر ، فزعا ، فما أتت إلّا أيام حتى مات ، أدركه سعد بن إبراهيم وأبو الزناد ، وكنيته أبو جعفر بن أبي طالب الهاشمي.

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي ، أنا الحسين بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمد بن سعد ، أنا محمد بن عمر ، حدّثني محمد بن رفاعة بن ثعلبة بن أبي مالك ، عن أبيه ، عن جده قال :

حضرت يوم مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وعلى المدينة يومئذ أبان بن عثمان ، وكان لابن جعفر صدقة كان كثير الغشيان له ، وكان ممن حضر غسله وكفنه ، ولقد رأيته أخرج به من داره ، وعلى كفنه ـ يعني لفافة برد منوط (١) ـ إني لأراه ثمّن مائة (٢) دينار ، والوسائد (٣) خلف سريره (٤) الجيوب والناس يزدحمون على سريره ، وأبان بن عثمان قد حمل السرير بين العمودين ، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع ، وإنّ دموعه لتسيل على خديه ، وهو يقول : كنت والله خيرا ، لا شرّ فيك ، وكنت والله شريفا واصلا (٥) برا ، كنت والله وكنت ، قال محمد بن عمر : مات عبد الله بن جعفر سنة ثمانين ، وهو عام الجحاف ـ سيل كان ببطن مكة ـ جحّف الحاج وذهب بالإبل وعليها الحمولة ، فكان الوالي يومئذ على المدينة أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك بن مروان وهو يصلي (٦) عليه ، وكان عبد الله بن جعفر يوم توفي ابن تسعين سنة.

أنبأنا أبو سعد المطرّز (٧) ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم ، نا أبو حامد بن جبلة ، نا محمّد بن إسحاق ، أخبرني أبو يونس ، نا إبراهيم بن المنذر ، وأبو جعفر

__________________

(١) كذا بالأصل وم.

(٢) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : بمائة.

(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : والولائد.

(٤) بياض بالأصل وم ، والعبارة في المطبوعة : والولائد خلف سريره قد شققن الجيوب.

(٥) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : وأصيلا.

(٦) في المطبوعة : صلّى.

(٧) بالأصل وم : المطرزي.

٢٩٥

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، توفي سنة ثمانين ، توفي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو ابن عشر سنين.

قال : ونا أبو نعيم ، نا محمد بن علي بن حبيش ، نا محمد بن عبدوس ، نا محمد بن عبد الله بن نمير ، قال : وتوفي عبد الله بن جعفر سنة ست وثمانين ، يكنى أبا جعفر.

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيري ، أنا محمد بن الحسن بن محمد بن سعيد ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا مصعب بن عبد الله (١) ، قال : مات عبد الله بن جعفر سنة ثمانين وهو عام الجحاف ـ سيل كان ببطن مكة ـ جحف بالحاجّ وذهب بالإبل وعليها الحمولة ، وكان الوالي يومئذ على المدينة أبان بن عثمان في خلافة عبد الملك بن مروان ، وهو صلّى عليه ، وهو يومئذ ابن سبعين (٢) سنة.

قال ابن أبي خيثمة : فإن (٣) : كان عبد الله بن جعفر توفي وهو ابن سبعين سنة ، فمولده في السّنة التي توفي فيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقد أخبرنا المدائني قال : يقال : توفي عبد الله بن جعفر سنة ثمانين ، وهو ابن تسعين ، فإن (٤) كان كما قال المدائني فمولده قبل السنة التي هاجر فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة.

قال : وأنا المدائني ، قال : ويقال توفي عبد الله بن جعفر سنة أربع أو خمس وثمانين ، وهو ابن ثمانين سنة ، وهذا أشبه بما قال مصعب ، والذي قال مصعب خطأ لا شك فيه.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد ، حدّثني أحمد بن زهير ، قال : قال المدائني : توفي عبد الله بن جعفر سنة أربع أو خمس وثمانين ، وهو ابن ثمانين ، قال : ويقال : سنة ثمانين (٥) ، وهو ابن تسعين سنة.

__________________

(١) قارن مع نسب قريش للمصعب الزبيري ص ٨٢.

(٢) في نسب قريش : تسعين سنة.

(٣) في المطبوعة : فإذا.

(٤) في المطبوعة : فإذا.

(٥) انظر تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٤٣٢.

٢٩٦

وقال غير المدائني : سنة أربع وثمانين.

وقال ابن نمير : سنة ثمانين.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، وأبو الحسين بن الفراء ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال : ومات عبد الله بن جعفر سنة ثمانين ، وهو عام الجحاف سيل كان ببطن مكة ، جحف الحجاج (١) وذهب بالإبل عليها الحمولة ، وكان الوالي يومئذ على المدينة أبان بن عثمان بن عفان في خلافة عبد الملك بن مروان ، وهو صلّى عليه ، وكان عبد الله بن جعفر يوم توفي ابن تسعين سنة ، وأخوة (٢) بني جعفر لأمّهم : يحيى بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن أبي بكر الصّديق.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن البسري ، أنا أبو طاهر المخلّص ـ إجازة ـ أنا عبيد الله بن عبد الرّحمن ، أخبرني عبد الرّحمن بن محمد بن المغيرة ، حدّثني أبو عبيد القاسم بن سلّام ، قال : سنة ثمانين فيها توفي عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالمدينة ، وصلّى عليه أبان بن عثمان ، ويقال : إن عبد الله بن جعفر مات سنة تسعين ، وهو ابن تسعين.

قرأت على أبي محمد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمد بن الغمر ، أنا أبو سليمان بن زبر ، قال : فيها ـ يعني سنة ثمانين ـ مات أبو جعفر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بالمدينة.

أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٣) ، قال : وفيها ـ يعني سنة ثمانين ـ مات عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قال خليفة : وقال أبو الحسن : مات عبد الله بن جعفر سنة أربع وثمانين (٤).

__________________

(١) في م : جحف الحاج.

(٢) بالأصل وم : «أخو» والمثبت عن نسب قريش ص ٨٢.

(٣) تاريخ خليفة ص ٢٨٠.

(٤) لم يرد هذا القول في تاريخ خليفة في حوادث سنة ٨٤ ، وورد في طبقاته ص ٣١ رقم ١٠ أنه مات سنة اثنتين ويقال أربع وثمانين.

٢٩٧

أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أحمد بن الحسن بن خيرون ، أنا عبد الملك بن محمد ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا إسماعيل بن بهرام ، نا علي بن عبد الله من ولد جعفر الطيّار : أن عبد الله بن جعفر عمّر ثمانين سنة.

أخبرنا أبو بكر بن شجاع ، أنا سليمان بن إبراهيم ، وسهل بن عبد الله بن علي ، وأبو الخير محمد بن أحمد بن هارون ، وأبو الحسين أحمد بن عبد الرّحمن بن محمّد ، وعبد الرّزّاق بن عبد الكريم.

ح (١) وأخبرتنا كريمة بنت محمد بن عبد الملك ، قالت : أنا سليمان بن إبراهيم.

ح (٢) وأخبرنا أبو العلاء حمد بن مكي بن حسنويه ـ بزنجان ـ وأبو بكر محمد بن أبي نصر ، وأبو المعالي عاصم بن محمد بن غانم ، وأبو محمد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو بكر اللفتواني ، قالوا : أنا أبو منصور بن شكرويه.

ح (٣) وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن حامد بن حمد الشحاد (٤) ، وأبو الخير سعيد بن الفضل بن أحمد بن المميز ، قالا : أنا محمود بن جعفر.

وأخبرنا أبو نصر محمّد بن حمد الكبريتي ، نا أبو بكر الباطرقاني ـ إملاء ـ قالوا : أنا محمّد بن إبراهيم بن جعفر الجرجاني ، نا الحسين بن علي ، نا محمّد بن زكريا ، نا محمد بن عبد الرّحمن قال : سمعت هشام بن سليمان المخزومي قال : اجتمع أهل الحجاز وأهل البصرة وأهل الكوفة أنهم لم يسمعوا بيتين أحسن من بيتين رأوهما على قبر عبد الله بن جعفر بن أبي طالب :

مقيم إلى أن يبعث الله خلقه

لقاؤك لا يرجى وأنت قريب

تزيد بلى في كل يوم وليلة

وتنسى كما تبلى وأنت حبيب (٥)

__________________

(١) سقطت من الأصل وم ، وأضيفت عن المطبوعة.

(٢) سقطت من الأصل وم ، وأضيفت عن المطبوعة.

(٣) سقطت «ح» من الأصل وم وأضيفت عن المطبوعة.

(٤) كذا بالأصل وفي م : «السجاد» ، وفي المطبوعة : الشّحاذ.

(٥) البيان في أسد الغابة ٣ / ٩٦.

٢٩٨

٣٢٢٣ ـ عبد الله بن جعفر بن عبد الرّحمن بن المسور بن مخزمة

ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة

أبو جعفر القرشي الزهري المخرمي المديني (١)

حدّث عن أبي بكر بن عبد الرّحمن بن المسور ، وإسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص (٢).

روى عنه : عبد الرّحمن بن مهدي ، وأبو عامر العقدي (٣) ، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي ، وإسحاق بن محمد الفروي ، وعبد الله بن مسلمة القعنبي ، وأبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي ، ومحمد بن عمر الواقدي.

ووجهه محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن لما ظهر بالمدينة مع أخيه موسى بن عبد الله بن حسن إلى الشام ليدعوا إليه فرجعا من دومة الجندل ، وقيل من تيماء.

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ، أنا أبو طالب بن غيلان ، أنا أبو بكر الشافعي ، نا محمد بن يونس القرشي ، نا عبد الملك بن عمرو ، نا عبد الله بن جعفر ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : سألت القاسم عن رجل له مساكن ، فأوصى بثلاث مساكن ، فقال : لا يجمع له في مسكن واحد ، أخبرتني عائشة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ» [٥٨١٧].

أخرجه مسلم (٤) ، عن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد ، عن أبي عامر العقدي.

أخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو طالب ، أنا أبو بكر.

__________________

(١) ترجمته وأخباره في جمهرة ابن حزم ص ١٢٩ وتهذيب الكمال ١٠ / ٦٠ وتهذيب التهذيب ٣ / ١١٤ وميزان الاعتدال ٢ / ٤٠٣ والوافي بالوفيات ١٧ / ١٠٦ وسير الأعلام ٧ / ٣٢٨ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٦١ ـ ١٧٠) ص ٢٩١ وانظر بحواشي المصادر الثلاثة الأخيرة أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٢) زيد بعده في المطبوعة : «وعثمان بن محمد الأخنسي ويزيد بن عبد الله بن الهاد ، وسعد بن إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص».

والاسم الأخير مكانه في تهذيب الكمال : سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. والعبارة بكاملها سقطت من الأصل وم ، وانظر تهذيب الكمال ١٠ / ٦٠ ـ ٦١ وسير الأعلام ٧ / ٣٢٩ ففيهما أسماء أخرى روى عنها.

(٣) بالأصل وم : «العقبي» خطأ والصواب ما أثبت ، انظر تهذيب الكمال.

(٤) صحيح مسلم (٣٠) كتاب الأقضية ، (٨) باب ، الحديث ١٧١٨ (٣ / ١٣٤٤).

٢٩٩

قال : ونا معاذ بن المثنّى ، نا القعنبي ، نا عبد الله بن جعفر الزهري ، عن سعد بن إبراهيم ، عن القاسم ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ» [٥٨١٨].

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، أنا محمد بن جرير (١) ، قال : قال عمر ـ يعني ابن شبّة ـ : حدّثني محمد بن يحيى ، حدّثني الحارث بن إسحاق قال : أجمع ابن القسريّ على الغدر بمحمد ، فقال له : يا أمير المؤمنين ابعث موسى مع رزام مولى لي (٢) إلى (٣) الشام يدعوان إليك ، فبعثهما ، فخرج رزام بموسى إلى الشام ، وظهر محمد على ابن (٤) القسري ، كتب إلى أبي جعفر في أمره ، فحبسه في نفر ممن كان معه ، وورد رزام بموسى الشام ، ثم انسلّ منه ، فذهب إلى أبي جعفر ، فكتب موسى إلى محمد : إنّي أخبرك أنّي لقيت الشام وأهله ، فكان أحسنهم قولا الذي قال : والله لقد مللنا البلاء ، وضقنا به حتى ما فينا لهذا الأمر موضع ، ولا لنا به حاجة ، ومنهم طائفة تحلف : لئن أصبحنا من ليلتنا أو أمسينا من غدنا لترفعن (٥) أمرنا ولتدلّنّ علينا ، فكتبت إليك وقد غيبت وجهي وأخفيت نفسي.

قال الحارث : ويقال إن موسى ورزاما ، وعبد الله بن جعفر بن المسور توجهوا إلى الشام في جماعة ، فلما صاروا بتيماء تخلّف رزام اشترى (٦) لهم زادا فركب إلى العراق ، ورجع موسى وأصحابه إلى المدينة وروي أنهم وصلوا إلى دومة الجندل.

أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمد ، أنا أحمد بن محمد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمد بن سعد (٧) قال في الطبقة السابعة من أهل المدينة : عبد الله بن جعفر عبد الرّحمن بن المسور بن مخرمة بن نوفل

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ٧ / ٥٧٢.

(٢) سقطت من م.

(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن م ، وفي تاريخ الطبري : مولاي إلى.

(٤) كذا بالأصل ، وفي الطبري : «على أن القسري» وهذا أشبه ، ولعل الأصح منهما : على أن ابن القسري.

(٥) في الطبري : ليرفعن .. ليدلّنّ.

(٦) الطبري : ليشتري.

(٧) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

٣٠٠