خطط الشام - ج ٤

محمّد كرد علي

خطط الشام - ج ٤

المؤلف:

محمّد كرد علي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة النوري
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٧٦

فالمدنية التي عمل فيها هذا العدد الكثير من المؤازرين المختلفين ليست إذا عربية صرفة ، بل هي بحسب النموذجات التي تشبعت بروحها والمحيط الذي كبرت فيه : يونانية وفارسية وشامية ومصرية وإسبانية وهندية ، ولكن إذا وجب أن يذكر لكل واحد قسطه من العمل لا يسع المنصف إلا أن يقول بأن قسط العرب منه كان أعظم من غيرهم فلم يكونوا واسطة فقط لنقل هذه المدنية ينقلون إلى الشعوب الجاهلة في إفريقيا وإسبانيا وأوربا اللاتينية معارف الشرق الأدنى والأقصى وعلومه واختراعاته ، بل أحسنوا استخدام المواد المبعثرة التي كانوا يلتقطونها من كل مكان ، فمن مجموع هذه المواد المختلفة التي صبّت فتمازجت تمازجا متجانسا أبدعوا مدنية حية مطبوعة بطابع قرائحهم وعقولهم. وبفضلهم تيسر للحضارة الإسلامية في القرون الوسطى التي عاونت فيها أيد أخرى أن تكون ذات وحدة موصوفة ، فالتقليد فيها محسوس ولكنه تقليد غير أعمى ، وسلطة الأساتذة الأقدمين لا تحول دون الأبحاث العلمية والاختراعات الحديثة كما أن متشهد البدائع القديمة ودرسها لا يحول دون انتشار التفنن ولطافة الإبداع في الاختراع. وفي الشرق نشأت هذه المدنية وكانت دمشق إحدى مراكزها ومنبعث أنوارها ا ه.

وبعد فإن خالد بن يزيد أول من جمعت له الكتب وجعلها في خزانة في الإسلام ، وفي دمشق على الأرجح أنشئت أول دار للكتب في العالم العربي ، ودمشق أول عاصمة أنشئت فيها دار ترجمة فأولى أبو هاشم بعمله هذه الأمة وهذه العاصمة شرفا لا يبلى على الأيام. وإن الشام ليفخر بأن قامت فيه أول دولة عربية ممدنة ، وتمت فيه كثير من مشخصات الأمة العربية ، ومن أولها التدوين والترجمة ، فالشام أول سوق نفقت فيها بضاعة العلم والأدب فباعتها من غيرها وهذا يعدّ من مفاخرها التالدة. وخالذ بن يزيد أول من عني بعلوم الفلسفة ولم يتفرد بذلك المنصور العباسي خلافا لما قاله كاتب چلبي من أن علوم الأوائل كانت مهجورة في عصر الأموية. قال الأصفهاني كان خالد ابن يزيد ينزل حلب وتوفي سنة ٨٥ ه‍.

وبذا رأينا أن التدوين حدث في القرن الأول في العلوم الدنيوية ويرى نالينو أنه ربما كان أول كتاب ترجم من اليونانية إلى العربية كتاب أحكام

٢١

النجوم المنسوب إلى هرمس الحكيم ، وكان مطمح نظر المدونين ضبط مقاصد القرآن والحديث ومعانيهما ثم دوّنوا فيما هو كالوسيلة إليهما.

وحدث التدوين في عصر الصحابة الكرام على ما في «توجيه النظر» فقد ذكر بعض الحفاظ أن زيد بن ثابت ألف كتابا في علم الفرائض وذكر البخاري أن عبد الله بن عمر كان يكتب الحديث ، وذكر مسلم في صحيحه كتابا ألف في عهد ابن عباس في قضاء علي. وذكر صاحب الفهرست أنه رأى في مدينة الحديثة على الفرات خزانة للكتب فيها بخطوط الإمامين الحسن والحسين ، وأمانات وعهود بخط أمير المؤمنين علي وبخط غيره من كتاب النبي ، ومن خطوط العلماء في النحو واللغة مثل أبي عمرو بن العلاء وأبي عمرو الشيباني والأصمعي وابن الأعرابي وسيبويه والفراء والكسائي ومن خطوط أصحاب الحديث مثل سفيان بن عيينة وسفيان الثوري والأوزاعي وغيرهم.

وذكر المؤرخون أن أول كتاب نقل إلى العربية كتاب أهرن بن أعين في الطب وجده عمر بن عبد العزيز في خزائن الكتب فأمر بإخراجه للناس وبثه في أيديهم. وعمر بن عبد العزيز هو الذي قال : كنت أصحب من الناس سراتهم ، واطلب من العلم شريفه ، فلما وليت أمر الناس احتجت إلى أن أعلم سفساف العلم ، فتعلموا من العلم جيده ورديئه وسفسافه.

علماء القرن الثاني والأدب والنقلة والمنشئون فيه :

مضى القرن الأول وجاء الثاني فكثر القراء والمحدثون والشعراء والنقلة والمترسلون والكتاب بكثرة الفتوحات وفرط العناية بالعلم والأدب ، وقد نبغ في هذا القرن كثير من أهل العلم منهم رجاء بن حيوة الفلسطيني الكندي الأردني الفقيه العالم الذي كان يجالس عمر بن عبد العزيز (١٠١) ومكحول مولى بني هذيل فقيه الدمشقيين وأحد أوعية العلم والآثار (١١٣) وعبد الله ابن عامر اليحصبي القارىء المحدث أحد القراء السبعة من التابعين من أهل دمشق (١١٨) وسليمان بن موسى الأشدق الفقيه وكان أعلم أهل الشام بعد مكحول (١١٩) وربيعة بن يزيد شيخ دمشق بعد مكحول (١٢٣) وسليمان ابن حبيب المحاربي قاضي دمشق أربعين سنة (١٢٦) ويحيى بن يحيى بن قيس

٢٢

الغساني كان ثقة إماما عالما بالفتوى والقضاء وسيد أهل دمشق (١٣٥) ويزيد ابن يزيد بن جابر الأزدي إمام فقيه (١٣٤) والعلاء بن الحارث الحضرمي الفقيه (١٣٦) ويحيى بن الحارث الذّماري المقرئ الدمشقي وعليه دارت قراءة الشاميين (١٤٥) وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر المحدث (١٥٤) وعبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي البيروتي (١٥٧) كان إمام أهل الشام وعالمهم قيل : إنه أجاب في سبعين ألف مسألة ، وصار يعمل بمذهبه في الشام نحو مائتي سنة وآخر من عمل بمذهبه أحمد بن سليمان بن حذلم قاضي الشام وعمل أهل الأندلس بمذهبه أربعين سنة ثم تناقص بمذهب الإمام مالك. وكان الأوزاعي عظيم الشأن بالشام وأمره فيهم أعز من أمر السلطان. وكان مع علمه بارعا في الكتابة والترسل.

ومن علماء الشام يونس بن ميسرة بن حلبس وثور بن يزيد الكلاعي الحمصي ، وكان ثقة في الحديث (١٥٣) والوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي وكانوا يقولون علم الشام عند إسماعيل بن عياش والوليد بن مسلم فأما الوليد فمضى على سننه ميمونا عند أهل العلم متقنا صحيح العلم (١٩٥ أو ١٩٤) ومن المحدثين الفقهاء في دمشق المطعم بن المقدام الصنعاني وأبو مرثد الغنوي وابراهيم بن جدار العذري ومبشر بن إسماعيل الحلبي مولى كلب كان ثقة مأمونا (٢٠٠) ويحيى بن عمرو السّيباني من أهل الرملة (وسيبان بفتح السين المهملة بطن من حمير) (١٤٨) وصعصعة بن سلام الدمشقي المحدث كان أول من أدخل علم الحديث إلى الأندلس. وصدقة بن عبد الله السمين من كبار محدثي دمشق (١٦٦) والهقل بن زياد مفتي الوليد بن مسلم وله تصانيف تبلغ السبعين (١٩٥) وعبد الله بن أبي زكريا الخزاعي الفقيه كان عمر بن عبد العزيز يكرمه ويجلسه معه على السرير (١١٧) ونمير بن أوس الأشعري المحدث (١٢١) وربيعة بن يزيد القصيري من أئمة التابعين (١٢٢) وابراهيم ابن أبي عبلة من علماء التابعين (١٥٢) وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان المحدث (١٦٥) وسعيد بن عبد العزيز التنوخي الفقيه العالم (١٦٧) ومحمد بن الوليد الزّبيدي كان أعلم أهل الشام بالفتوى والحديث (١٤٨) ويحيى بن حمزة كان كثير الحديث وكان قاضيا بدمشق (١٨٣) وبقية بن الوليد الحمصي

٢٣

المحدث (١٩٧) وأسد بن وداعة الطائي الحمصي المحدث (١٣٧).

وحرص المسلمون في الصدر الأول بعد علم الدين على علم الطب ، وكان من الأطباء في القرنين الأول والثاني زمرة صالحة مختلفة مذاهبهم منهم الحكم ابن أبي الحكم الدمشقي الطبيب وكان أبوه أبو الحكم طبيبأ في صدر الإسلام ، وكان أبو الحكم يستطبه معاوية ويعتمد عليه اعتماده على ابن أثال من الأطباء المتميزين بدمشق. ومنهم عيسى بن حكم الدمشقي المشهور بمسيح صاحب الكناش الكبير. وتياذوق كان في أول دولة بني مروان ومشهورا عندهم بالطب ومنهم عبد الملك بن أبجر الكناني كان طبيبا عالما ماهرا يقيم في أول أمره في الإسكندرية لأنه كان المتولي للتدريس بها بعد الإسكندرانيين ، ولما ملك المسلمون الإسكندرية أسلم ابن أبجر على يد عمر بن عبد العزيز فاستطبه واعتمد عليه في صناعة الطب.

وكان عبد الحميد بن يحيى الكاتب إمام الإنشاء العربي وواضع أساسه وكان عالما في كل فن من فنون الأدب (١٣٢) وهو الذي فك قيود الإنشاء وضبط أصوله وكان ختنه سالم ويكنى أبا العلاء أحد الفصحاء والبلغاء. وقد نقل من رسائل أرسطاليس إلى الإسكندر ونقل له وأصلح هو ، وله رسائل ومجموع نحو مائة ورقة. ومن الكتاب قنان بن متى وابنه قيس وحفيده الحصين ومنهم أسامة بن زيد أبو عيسى الكاتب التنوخي ويقال الكلبي. ومن المشهورين بالبلاغة والخطابة عبد الملك بن صالح الهاشمي نسب إلى منبج ، وخالد بن عبد الله القسري الخطيب المفوّه (١٢٦) وأبو السامي وعبد الله بن خداش وأبو مسلم الشامي.

ومن الناقلين أي المترجمين جبلة بن سالم ، وكان ناقلا من العربي إلى الفارسي ، ونقل بعضهم شيئا من تواريخ الأمم عن الفارسية. ولم يلبث النقل أن صار إلى بغداد بانتقال الخلافة إليها ، فانتقل بذلك المترجمون الذين أنبغتهم الشام مثل قسطا بن لوقا البعلبكي الفيلسوف الطبيب المهندس المترجم المصنف ، وكان يحسن العربية والسريانية واليونانية ، جيد النقل فصيح اللسان ، ومثل أبي عثمان الدمشقي وعبد المسيح بن عبد الله الحمصي الناعمي المعروف بابن الناعمة ، وزروبا بن ماجوه الناعمي الحمصي وكلاهما من النقلة ، وهلال

٢٤

ابن أبي هلال الحمصي صحيح النقل ولفظه مبتذل وحنين بن إسحاق البغدادي المولد نشأ في الشام وتعلم فيه.

وللشاميين منذ القديم ميل إلى النقل عن الأمم الأخرى ، هكذا فعلوا في كل قرن فقد كان الناقلون منهم في القرنين الأول والثاني وكذلك في القرون التاليّة إلى يومنا هذا وهم أقدر الأمم على تعلم اللغات الغريبة والتفصح فيها. وكان أكثر النقل عن السريانية ، وهذه نقلت عن العبرانية ، وهذه نقلت عن اليونانية ، ولذلك تعب فلاسفة المسلمين في حلّ رموز الفلسفة اليونانية لأنها نقل عن نقل ، وذكر أحد المعاصرين من الإفرنج أن كتب أرسطو كانت تنقل ليفهمها أهل القرون الوسطى من اليونانية إلى السريانية ومنها إلى العربية ومنها إلى العبرية ومن هذه إلى اللاتينية وكان التراجمة بادىء بدء لا يدركون فهم المعاني من كتب العرب وينقلونها إلى اللاتينية حرفا بحرف. وقال نالينو : إن أكثر نقلة القرن الثاني كانوا ضعافا في العلوم يترجمون بالحرف دون فهم الموضوع وكثيرا ما ترددوا في تعريف المصطلحات العلمية المجهولة عند العرب في ذلك العصر ، ومن المعلوم أن طريقة التعريب لم تتقن إلا في القرن الثالث.

العلم والأدب في القرن الثالث :

لم يكن للقرن الثالث ما كان للقرن الذي سلفه من النهضة ، وتجلي آثار النبوغ والتجدد ، بل كان كالتتمة لبعض ما سمت له الهمم في القرنين الماضيين ، وعلى صورة ربما كانت أضعف ، زاد التدوين فيه أكثر من ذي قبل ، وأخذت بغداد حظها من العلماء الذين قصدوها من القاصية وبقيت الشام بمعزل ، راحت العلوم الفلسفية في بغداد أواخر القرن الثاني والثالث وسرى منها شعاع إلى الشام ثم عراها ما خنقها. وممن أفضل على الشام الخليفة المأمون فإنه أنشأ فيها مرصدا فلكيا عمله له يحيى بن أبي منصور وهو أحد أصحاب الأرصاد المشهورين في أيامه وكان ذلك في سنة خمس عشرة وست عشرة وسبع عشرة بعد المائتين. وقام في الشام محمد بن عائذ صاحب المغازي والفتوح وغير ذلك من المصنفات (٢٣٣) وعبد الله بن ذكوان القارىء الحافظ (٢٤٢) وهشام بن عمار خطيب دمشق وقارئها وفقيهها ومحدثها (٢٤٥) وأحمد

٢٥

ابن أبي الحواري من كبار المحدثين والصوفية (٢٤٦) ومحمود بن سميع صاحب الطبقات وأحد الأثبات الثقات (٢٥٩) وأبو زرعة الدمشقي النصري عبد الرحمن ابن عمرو المحدث صنف كتبا (٢٨١) وأبو مسهر عبد الأعلى الغساني شيخ دمشق وعالمها كان راوية سعيد بن عبد العزيز التنوخي وغيره من الشاميين (٢١٨) وصفوان بن صالح المؤذن المحدث (٢٣٩) والقاسم بن عثمان الجوعي شيخ دمشق وزاهدها (٢٤٨) والحافظ زكريا بن يحيى السّجزي المعروف بخياط السنة (٢٨٧) وعبد الغفار بن عثمان والوليد بن مزيد العذري البيروتي كان من أهل العلم والرواية وكان الأوزاعي يقول ، فيما عرفت ما حمل عني أصح من كتب الوليد بن مزيد (٢٠٣) وولده أبو الفضل العباس بن الوليد البيروتي كان من أهل العلم والرواية (٢٧٠) والإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي أحد الأئمة ولد بغزة هاشم سنة خمسين ومئة وتوفي بمصر سنة ٢٠٤ وهو أول من صنف في أصول الفقه. ومن أعيان العلماء محمد بن عوف الطائي الحمصي (٢٦٩) ذكر عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في سنة ٢٧٣ فقال: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثل محمد بن عوف. وعبد الله بن اسماعيل بن زيد بن صخر البيروتي ومحمد بن عبد الله بن عبد السلام بن أيوب البيروتي وآدم بن أبي إياس العسقلاني من مشايخ البخاري (٢٢١) وهشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي الصيداوي (٢٥٦) وأبو بكر محمد بن بركة القنسريني الحافظ ببرداعس سكن حلب ثم قدم دمشق وحدث بها عن أبي جعفر أحمد ابن محمد بن رجاء المصيصي ويوسف بن سعد بن مسلم وهلال بن أبي العلاء الرقي.

ولقب حافظ كان يطلق على من يحفظ ألوفا من الأحاديث بأسانيدها وكانوا يطلقون اسم المسند على من يروي الحديث بإسناده سواء كان عنده علم به أو ليس له إلا مجرد رواية، ويطلقون اسم المحدث على من كان أرفع منه والعالم على من يعلم المتن والإسناد جميعا، والفقيه على من يعرف المتن ولا يعرف الإسناد. وكان السلف يطلقون المحدث والحافظ بمعنى والمحدث من عرف الأسانيد والعلل وأسماء الرجال والعالي والنازل وحفظ من ذلك جملة مستكثرة من المتون وسمع الكتب الستة ومسند أحمد بن حنبل وسنن البيهقي

٢٦

ومعجم الطبراني وضم إلى هذا القدر ألف جزء من الأجزاء الحديثية. هذا أقل درجاته فإذا سمع ما ذكر وكتب الطباق ودار على الشيوخ وتكلم في العلل والوفيات والمسانيد كان في أول درجات المحدثين.

وممن كان في الشام الإمام محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة كان من أهل حرستا من غوطة دمشق. وعثمان بن خرّزاذ الأنطاكي المحدث. وأبو الحسن محمد الغساني الصيداوي المعروف بابن جميع الحافظ المحدث وأبو عبد الله محمد بن علي الصوري الحافظ. واحمد بن الخليل الحلبي المحدث وأحمد ابن المسيب الحلبي المحدث وعبد الله بن إسحاق الصّفرّي المحدث ومؤمل الرملي وأبو توبة الربيع بن نافع ويزيد بن خالد الرملي روى عن الليث بن سعد والمفضل ابن فضالة وروى عنه أبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني وأبو زرعة الرازي وموسى بن سهل الرملي (٢٦٢) وعبد الله بن محمد بن نصر بن طويط ويقال طويث أبو الفضل البزاز الرملي الحافظ. سمع في دمشق هشام بن عمار ودحيما وهشام بن خالد بن أحمد بن ذكوان ، ووارث بن الفضل العسقلاني ، ونوح بن أبي حبيب القومسي.

ومن شعراء هذا القرن البطين الشاعر الحمصي وعبد السلام بن رغبان المعروف بديك الجن من شعراء بني العباس وأصله من سلمية وإدريس بن يزيد النابلسي الأديب الشاعر وأدهم بن محرز والعتابيّ وأبو تمام. واشتهر في هذا القرن بالهندسة أبو بكر البناء المهندس الذي بنى لابن طولون ميناء عكا.

الأدب في القرن الرابع ونهصته على عهد سيف الدولة وأبي العلاء المعري :

قل في القرن الثالث في الشام الشعراء والأدباء ، ولم ينبغ فيه إلا رجال في الحديث ، والمغازي والفقه ، فطلع القرن الرابع وقد ظهر فيه الأدب العربي في مظهر عظيم لم يسبق له عهد بمثله ، ولا جاء في القرون التالية شبه له ونظير ، اللهم إلا إذا كان على عهد الأمويين ، ولم تبلغنا جميع أخبار شعراء سيف الدولة بن حمدان في حلب ، وقد قصده نوابغ الشعراء والأدباء ، قال الصفدي وكانوا يسمون عصر سيف الدولة الطراز المذهب لأن الفضلاء الذين كانوا عنده والشعراء الذين من حوله لم يأت بعدهم مثلهم.

٢٧

ذكر الثعالبي من شعراء الشام المحدثين العتابي ومنصور النمري والأشجع السلمي ومحمد بن زرعة الدمشقي وربيعة الرقي قال على أن في الطائيين (أبي تمام والبحتري) اللذين انتهت إليهما الرياسة في هذه الصناعة كفاية وهما هما. ومن مولدي أهل الشام المعوج الرقي والمريمي والعباس المصيصي وأبو الفتح كشاجم والصنوبري وأبو المعتصم الأنطاكي ، وهؤلاء رياض الشعر وحدائق الظرف. ويقال إنه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ، ما اجتمع بباب سيف الدولة من شيوخ الشعر ونجوم الدهر ، وإنما السلطان سوق يجلب إليها ما ينفق لديها ، وكان أديبا شاعرا أورد صاحب اليتيمة من شعرائه ومن كانوا يقصدونه من الآفاق لينفقوا من أدبهم في سوقه ما هو بهجة النفوس مدى الأيام.

وكان في هذا القرن أكثر الجهابذة والصياغين والصيارفة والدباغين بالشام من اليهود ، وأكثر الأطباء والكتبة نصارى وانحطت مدن الشام في العلم انحطاطا كثيرا ومنها حمص. ذكر السيوطي أنه نزلها خلق من الصحابة وانتشر بها الحديث زمن التابعين وإلى أيام حريز بن عثمان وشعيب بن أبي حمزة ثم إسماعيل بن عياش وبقية وأبي المغيرة وأبي اليمان ثم أصحابهم ثم تناقص ذلك في المائة الرابعة وتلاشى ثم عدم بالكلية.

كان أبو فراس الحمداني الذي قال فيه الصاحب بدىء الشعر بملك وختم بملك ، يعنى امرأ القيس وأبا فراس ـ ابن عم سيف الدولة وأعطاه على بيت واحد ضيعة بمنبج تغل ألف دينار. ولطالما أعطاه وأعطى الشعراء في بابه ولا سيما أبو الطيب المتنبي عشرات الألوف من الدنانير دع الإقطاعات والضياع ، وكان أبو بكر وأبو عثمان الخالديان من خواص شعراء سيف الدولة وكانا على خزانة كتبه كما كان عليها أيضا السلامي والببغاء والوأواء. وربما قلّ في الملوك من مدح بمثل ما مدح به سيف الدولة حتى إن كلا من أبي محمد عبد الله بن محمد الفياض الكاتب وأبي الحسن علي بن محمد السميساطي قد اختار من مدائح الشعراء لسيف الدولة عشرة آلاف بيت. وكان أبو محمد الفياض كاتبا لسيف الدولة ونديمه معروفا ببعد المدى في مضمار الأدب وحلبة

٢٨

الكتابة ، أخذ بطرفي النظم والنثر ، وكان سيف الدولة لا يؤثر عليه في السفارة إلى الحضرة أحدا ، لحسن عبارته ، وقوة بيانه ، ونفاذه في استغراق الأغراض ، وتحصيل المراد.

ومن خواص شعراء سيف الدولة أبو العباس أحمد بن محمد النامي وكان عنده تلو المتنبي في المنزلة والرتبة ، ومنهم أبو الفرج عبد الواحد الببغاء من أهل نصيبين ومن شعرائه أو ما قربوا من عصره الخليع الشامي والوأواء الدمشقي وأبو طالب الرقي وأبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي المعروف بأبي الرقعمق ، وأبو القاسم الحسن الواساني الدمشقي وأحمد بن محمد الطائي الدمشقي وابن أبي الجوع وابن رشدين وكشاجم (وأقام كشاجم في الرملة كثيرا فسمي الرملي ٣٦٠) والصنوبري وأبو الفتح البكتمري وأبو الفرج العجلي وأبو حصين الرقي وأبو الفرج سلامة بن بحر. ومن علماء الأدب واللغة ابن خالويه وابن جني. ومن الشعراء أبو محمد جعفر وأبو أحمد عبد الله ابنا ورقاء الشيباني من رؤساء عرب الشام وقوادها. وكان جعفر بن ورقاء الشيباني (٣٥٢) من بيت إمرة وتقدم وآداب ، وكان المقتدر يجريه مجرى بني حمدان وتقلد عدة ولايات ، وكان شاعرا كاتبا جيد البديهة والروية ، ومن الشعراء منصور وأحمد ابنا كيغلغ وأبو علي أحمد بن نصر بن الحسين البازيار وأبو زهير المهلهل نصر بن حمدان والمغنم المصري واسمه ابو الحسن محمد الشعباني وأبو عبد الله محمد بن الحسين وأبو نصر بن نباتة التميمي والشيظمي وأبو العباس الصّفّري وأبو العباس الناشىء وأبو نصر البنص ، وأبو القاسم الرقي المنجم الفلكي وعبد العزيز بن نباتة السعدي كان شاعرا مجيدا وله في سيف الدولة غرر القصائد (٤٠٥) ومن شعراء القرن الرابع الحسين بن عبد الله بن أبي حصينة المعري (٣٢٧) وممن اجتمع بسيف الدولة وجالسه مدة ثم جاء معه إلى دمشق فتوفي فيها المعلم الثاني حكيم الإسلام أبو نصر محمد الفارابي صاحب التآليف الممتعة في الحكمة (٣٣٩).

وأهم ما يفاخر به هذا القرن نبوغ أبي العلاء أحمد بن سليمان المعري التنوخي حكيم العرب وأديبهم ، وقد كانت المعرة في أيامه كعبة القصاد ، من طلاب الآداب ، جذبهم إليها أبو العلاء ، فجعل بلده دار حكمة وأدب ،

٢٩

كما جعل سيف الدولة في القرن الذي قبله مدينة حلب مجمع الأدباء والشعراء بإحسانه ومشاركته. أحسن نابغة الشام أبو العلاء المعري إلى الآداب العربية أي إحسان ، وهو من بيت أدب وفضيلة ، كان أبوه عبد الله بن سليمان لغويا شاعرا ، وأخوه الأكبر محمد بن عبد الله وأخوه الثاني عبد الواحد بن عبد الله شاعرين مجيدين ، وكان الشعر والأدب متسلسلا فيهم من بطون كما تسلسل في بيتهم القضاء مدة مائتي سنة. ومن شيوخ أبي العلاء أبو بكر محمد بن مسعود النحوي ومحمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي ، ومن تلامذته أبو غالب همام بن الفضل بن المهذب صاحب التاريخ المشهور ، وأبو يعلى عبد الباقي ابن أبي الحصين ، وأبو محمد عبد الله الخفاجي ، ورشأ بن نظيف بن ما شاء الله المقري ، وهذا كان أول من أنشأ في دمشق دارا للقرآن في حدود سنة ٤٤٤ والخطيب التبريزي والحسن بن علي بن همام والأمير أبو الفتح بن أبي حصينة وعشرات غيرهم من أهل المعرة وكفرطاب وحلب ودمشق وحمص وحماة وطرابلس والرقة وهكار والمصيصة وبغداد وتبريز والأندلس إلى غيرهم من التنوخيين أهل بيته ، وكان أكثر هؤلاء يقول الشعر الجيد حتى أصبح ذلك من اختصاصهم. وممن صحب أبا العلاء المعري وأخذ عنه كثيرا علي بن القاضي التنوخي كان من أهل بيت كلهم فضلاء أدباء ظرفاء. ومما يستدل به على انتشار الآداب في هذا العصر وتغالي الناس في الشعر والأدب ما قيل من أن سبعين شاعرا رثوا المعري على قبره يوم مات ، فما بالك بسائر شعراء الشام على ذاك العهد.

وقام في هذا القرن من العلماء إبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي مقرىء أهل الشام (٣٣٨) ومن المحدثين عمر بن علي العتكي الأنطاكي الخطيب الحافظ صاحب كتاب المقبول وعبد الوهاب الكلابي المحدث (٣٩٦) ومحمد ابن عبيد الله يعرف بابن أبي الفضل أبو الحسن الكلاعي الحمصي المحدث (٣٠٩) وأبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل التميمي محدث دمشق كان يسكن في ربض باب الفراديس في طرف العقيبة (٣٢٨) قال القاسمي وإليه تنسب مقبرة الدحداح ، وعمر بن حسن الخرقي الحنبلي الدمشقي صاحب التصانيف العديدة وأحمد بن شرام الغساني أحد النحاة المشهورين بالشام

٣٠

(٣٨٧) ومحمد بن أحمد بن أبي بكر البناء المقدسي الجغرافي الرحالة صاحب كتاب أحسن التقاسيم المطبوع وأبو مسهر البيروتي المعروف بمكحول الحافظ الثقة الثبت المشهور (٣٢١) وأبو طاهر بن ذكوان البعلبكي المؤدب (٣٥٩) والمنجم الصابي البعلبكي وأبو القاسم علي بن أحمد الأنطاكي كان رياضيا مهندسا وله تصانيف جليلة وكان مشاركا في علوم الأوائل (٣٧٦) وإبراهيم الأزدي العجلي الأنطاكي الفقيه المقرئ (٣٣٨) ومحمد بن جعفر صاحب التصانيف المشهورة كاعتلال القلوب وغيره توفي في يافا (٣٢٧) ومحمد التميمي المقدسي والحافظ أحمد بن عمير مولى بني هاشم شيخ الشام في وقته رحل وصنف وذاكر وحدث (٣٢٠) وأبو الحسين بن كشكرايا الطبيب العالم صاحب الكناش المعروف بالحاوي وعيسى الرقي المنجم الطبيب وكلاهما من أطباء سيف الدولة. وكان عيسى ينقل من السريانية إلى العربية ويأخذ أربعة أرزاق رزقا بسبب الطب ورزقا بسبب النقل ورزقين بسبب علمين آخرين. وعبد الله بن عطية المقرى الدمشقي المفسر كان يحفظ خمسين ألف بيت من شعر العرب في الاستشهادات على معاني القرآن واللغة (٣٨٣) وعبد الرحيم بن نباتة الفارقي صاحب الخطب المشهورة كان خطيب حلب وبها اجتمع بأبي الطيب المتنبي في خدمة سيف الدولة (٣٧٤) وقام في حلب أربعة من الشعراء المعدودين وهم أبو الحسن المستهام الحلبي وأبو محمد الماهر الحلبي وابن الفتح الموازيني الحلبي وأبو الفرج بن أبي حصين القاضي الحلبي. ومن الشعراء الشاميين أبو الجود الرسعيي واسمه محمد بن أحمد وأبو مسكين البردعي شاعر محدث يتنقل في البلدان وكان مجودا. والخليع الرقي واسمه محمد بن أبي الغمر القرشي. ومن المهندسين الرياضيين المجتبى الأنطاكي (٣٧٦) وديونيسيوس بطريرك اليعاقبة له تاريخ. وقيس الماروني له كتاب حسن في التاريخ.

الآداب في القرن الخامس :

امتاز القرن الخامس بأن نشأت فيه طائفة من الرجال الذين عنوا بالفلك والعلم الطبيعي والرياضي والطب ، كما امتاز بأن نبغ فيه في الأقطار العربية الأخرى من الفلاسفة أمثال ابن رشد وابن سينا والبيروني والغزالي والرازي

٣١

ممن هم فخر العرب على تعاقب الحقب. وقد انتقلت من كتبهم وأفكارهم أشياء كثيرة إلى الشام. ويصح أن يقال إن العلم اقترب من العلوم المادية في هذا الدور ، ذهبت عن الناس الدهشة بالفصاحة والشعر ونقل الأحاديث والعناية بالدين وتم تدوين أقوال أرباب المذاهب والشعراء فانصرفت العناية إلى علوم الدنيا. وممن نشأ في هذه الديار أبو الفضل الحارثي الدمشقي المهندس الرياضي العالم بالحساب والتقسيمات والهندسة وعلم الهيئة ونقش الرخام وضرب الخيط والطب وله عدة تآليف (٥٠٠) ومحمد القيسراني الدمشقي العالم بالحساب والنجوم والهندسة والهيئة وعلم المساحة والميقات والفلك (٥٠٠) ورضوان الخراساني الرياضي ومحمد بن عبد الواحد المهندس صنف كتابا في ركاية الزوال بدمشق ومعرفة طلوع الفجر بالمنازل منازل القمر (٤٠٩) وجورجس بن يوحنا اليبرودي العالم بالطب وله عدة رسائل ومقالات. ومن المؤرخين حمزة بن أسد أبو يعلى التميمي المعروف بابن القلانسي العميد صنف تاريخا للحوادث بعد سنة أربعين وأربعمائة إلى حين وفاته وقد طبع باسم ذيل تاريخ دمشق. ومبارك ابن شرارة أبو الخير الطبيب الكاتب الحلبي النصراني كان له جرائد مشهورة بحلب عند أهلها يحفظونها لأجل الخراج المستقر على الضياع إذا اختلف النواب في شيء من هذا النوع رجعوا إليها وله تاريخ حلب توفي في حدود سنة (٤٩٠) في صور. ومن الحفاظ محمد بن علي الصوري الحافظ قالوا : كان يذاكر بمائتي ألف حديث. قال غيث : سمعت جماعة يقولون ما رأينا أحفظ منه (٤٤١) والحافظ محمد بن جميع الغساني الصيداني ويقال له الصيداوي (٤٠٢) وعبد الواحد الشيرازي المقدسي الأنصاري شيخ الشام في وقته نشر مذهب الإمام أحمد بن حنبل أقام بدمشق وله تصانيف (٤٨٦) وسلامة بن إسماعيل ابن جماعة المقدسي الضرير كان كثير الحفظ ألف تآليف (٤٨٠) والحسن ابن عبد الصمد بن الشخباء العسقلاني صاحب الخطب البديعة مشهور بنثره (٤٨٢).

ومن الكتاب والخطباء صاعد بن شمامة المسيحي الحلبي الكاتب وأبو اليمن المسلم بن الحسن بن غياث الكاتب الحلبي النصراني كان صاحب الديوان بحلب ، وتادرس بن الحسن النصراني كان وزير صالح بن مرداس وعبد الله بن

٣٢

أسعد فقيه حمص يعرف بابن الدهان. وعبد العزيز بن أحمد الكناني الدمشقي الصوفي المحدث (٤٦٦) نصر بن إبراهيم المقدسي النابلسي عالم الشام له عدة تصانيف درس العلم ببيت المقدس مدة ثم أتى صور ثم جاء دمشق (٤٩٠) علي بن داود الداراني الخطيب (٤٠٢) وهو الذي طلع إلى داريا كبراء دمشق لما مات خطيب جامعهم وطلبوه ليكون خطيب جامعهم فوثب أهل داريا بالسلاح وقالوا : لا نعطيكم خطيبنا فقال رئيسهم : أما ترضون يا أهل داريا أن تسمع الناس في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام. ومن مشاهيره الحسين بن علي بن شواش الكناني المقري (٤٩٧) والحسين بن علي بن إبراهيم الأهوازي شيخ القراء بدمشق (٤٤٦) والخطيب أبو نصر بن طلاب مسند دمشق (٤٧٠) وأبو الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي الواعظ العالم (٤٥٦) ومن الشعراء عبد المحسن الصوري الشاعر (٤١٨) وأبو الفتيان بن حيوس الحلبي الشاعر. ومحمد بن سنان الحلبي الشاعر وأبو مشكور الحلبي الشاعر وأحمد بن فضالة الدمشقي شاعر. وعلي بن منصور الحلبي الملقب دوخلة يعرف بابن القارح من شيوخ الأدب راوية للأخبار كتب لأبي العلاء المعري رسالته المشهورة فأجابه عنها برسالة الغفران وكلا الرسالتين مطبوع.

ومما يذكر في هذا القرن أن القاضي جلال الملك بن عمار جدد في طرابلس دار العلم ودار الحكمة وذلك في سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة لتكون مركزا من مراكز التشيع ، فنشرت العلوم والآداب وأصبحت طرابلس مباءة علم ودرس ومباراة في التعلم وجهز هذه الجامعة الدينية بمئة ألف مجلد وربما كانت على عهده قبل استيلاء الصليبيين عليها أول بلدة علمية في الشام على ما رأى فان برشم.

العلم والأدب في القرن السادس :

دخل القرن السادس وعلى كثرة ما كان فيه من الفتن نشأ للأمة علماء خدموا العلم في فنون مختلفة ، وكانت بالشعر أقل من عصر سيف الدولة وعصر أبي العلاء المعري ، وإن كان نور الدين وصلاح الدين وأسرتهما ممن يجيزون (٤ ـ ٣)

٣٣

عليه ويعجبون ويترنمون بسماعه ، وكان من أهل بيت صلاح الدين الشعراء المفلقون ، ومما عني به نور الدين محمود بن زنكي أنه كان يجلب العلماء من القاصية ويسكنهم بالشام مثل قطب الدين النيسابوري وشرف الدين بن أبي عصرون ، يبني لهم المدارس ويغدق عليهم وعلى مريديهم أنواع الإحسان ويدرّ عليهم الرواتب. وقد أحصي فقهاء مدارس دمشق في عهد صلاح الدين فكانوا ستمائة فقيه ، كان يعطيهم من صدقاته. ومن كتاب للقاضي الفاضل لصلاح الدين : ومما يجب أن يعلم المولى أن أرزاق أرباب العمائم في دولته إقطاعا وراتبا يتجاوز مائتي ألف دينار وربما كانت ثلاثمائة ألف دينار.

وأزهرت في هذا القرن مدرسة اليعاقبة في طرابلس ومنها نشأ أبو الفرج ابن العبري صاحب التاريخ المطبوع. وتعلم كثير من المحاربين والقواد والأمراء من الصليبيين اللغة العربية في الشام. في تاريخ اللغة الفرنسية وآدابها : أما بشأن اللغة (أي في عهد الصليبيين) فقد حدث ما يحدث في مثل هذه الأحوال على صورة مطردة ، وهو أن لغة الأكثر تمدنا أثر أهلها في غيرهم. وكان أكثر الأمم تمدنا بلا مراء الشرقيون ولا سيما العرب واليونان. وقد تعلم قليل جدا من العرب والترك والفرس لغة الإفرنج ما عدا بعض التراجمة الرسميين. وعلى العكس تعلم كثير من الصليبيين لغة الوطنيين عقيب وصولهم إلى فلسطين. إلى أن قال : ولا ريب أن مجاورة التمدن الإسلامي قد ساعدت على زيادة النفوذ الذي كان العلم العربي والفنون العربية تؤثرها فينا منذ زمن طويل. ومعلوم ما تدين به لهذا التأثير كل من الفلسفة والرياضيات والفلك والملاحة وتركيب النيران الصناعية والطب والكيمياء حتى فن الطبخ فقد أخذنا عن العرب أشياء كثيرة من مثل طريقة الارقام وشروح أرسطو حتى حمام الزاجل والشعارArmoiries وأدوات الموسيقى والأزياء والثياب والزهور والبقول. وبعد فإذ حدث أحيانا أن الأشياء التي نقلت لم تكن تسمى إلا بأسماء المدنية الشرقية التي أخذت منها مثل ثوم عسقلان وثياب دمشق فإن غيرها قد احتفظت بأسمائها العربية مع بعض التحريف وهي كثيرة ويتألف منها في الفرنسية مجموع كبير في الجملة ا ه.

ونبغ في هذا القرن أبو المجد محمد بن أبي الحكم ، وكان طبيبا مهندسا

٣٤

فلكيا (٥٧٠) وأبو زكريا يحيى البياسي من أطباء صلاح الدين وعمل لابن النقاش وهو علي بن عيسى بن هبة الله أستاذه في الطب آلات كثيرة تتعلق بالهندسة وكان يعرف النجارة وابن النقاش هذا كان أوحد زمانه في صناعة الطب وله مجلس عام للمشتغلين عليه وكان يعالج أيضا كتابة الإنشاء (٥٧٤) وأبو الحكم عبيد الله بن المظفر المعروف بالحكيم المغربي وهو عالم بالحكمة والطب والأدب والهندسة (٥٤٩) (١). وعمر بن علي بن البذوخ الدمشقي عالم بالطب شاعر له تآليف (٥٧٦) وابن الصلاح عالم بالحكمة متميز بالطب مليح التصنيف (٥٤٠) وموفق الدين بن المطران عالم بالطب والفلسفة متعين في الفنون الأدبية له عدة مصنفات (٥٨٧) وقد نعى على أهل زمانه فتورهم وزهدهم في العلوم وقلة مضائهم ورغبتهم في الكتب والآثار وتطير بتفاقم الخطب في هذا الشأن.

وأبو الفضل عبد الكريم الحارثي الدمشقي وهو مهندس طبيب نجار نحات هندس أكثر أبواب المستشفى النوري الكبير اشتغل بالأدب وعلم النجوم والحديث له عده مصنفات (٥٩٩) وهو الذي أصلح الساعات التي لجامع دمشق. وعلي ابن عبد الباقي بن أبي جرادة العقيلي الأنطاكي الحلبي عالم بالأدب واللغة والحساب والنجوم والفلسفة مات سنة نيف وأربعين وخمسمائة. زين الدين علي بن غانم الأنصاري الدمشقي المعروف بابن منجه الحنبلي كان من أعيان أهل العلم وله رأي صائب وكان صلاح الدين يسميه عمرو بن العاص. ومحمد بن طاهر المقدسي ذو الرحلة الواسعة والتصانيف والتعاليق (٥٠٧) والحافظ أبو القاسم علي بن عساكر محدث الشام ومؤرخها ومن أعيان فقهائها صاحب تاريخ دمشق المشهور (٥٧١) وكتابه من أعظم المفاخر في التاريخ معدن أدب وركاز علم. وحمزة بن أسد أبو يعلي التميمي الدمشقي العميد بن القلانسي الكاتب صاحب كتاب ذيل تاريخ دمشق المطبوع. تولى رياسة دمشق وجمع بين كتابة الإنشاء وكتابة الحساب توفي في عشر التسعين وأربعمائة ، وتوفيق بن محمد المهندس المنجم الأديب الدمشقي وله تصانيف (٥١٦) وأبو البيان محمد بن محفوظ

__________________

(١) قال العماد في الخريدة : إن أبا الحكم كان طبيب البيمارستان الذي كان يحمله أربعون جملا المستصحب في معسكر السلطان محمود السلجوقي حيث خيم.

٣٥

القرشي له عدة تصانيف (٥٠١). ومخلص الدين أبو البركات عبد القاهر ابن أبي جرادة الحلبي كان أمينا على خزائن نور الدين وكان كاتبا بليغا وشاعرا مجيدا مستحسن الفنون من التذهيب البديع وحسن الخط المحرر على الأصول القديمة المستظرفة. وعبد الرحيم البيساني المشهور بالقاضي الفاضل الكاتب العالم صاحب الرسائل والتصانيف الجيدة ومحيي الدين بن الزكي الفقيه الخطيب (٥٩٨) وعماد الدين الأصفهاني العالم الكاتب الشاعر صاحب التصانيف ومنها الفتح القدسي المطبوع (٥٩٧) ومحمد الشهرزوري الدمشقي الفقيه الأديب الشاعر الكاتب (٥٧٢) وعبد الله بن أبي عصرون الفقيه له عدة مصنفات (٥٨٥). وعلي بن جعفر البلخي الدمشقي من أئمة الحنفية (٥٤٨) وسليم بن أيوب أحد أوعية العلم صنف الكثير في التفسير والحديث والفقه والعربية نشر العلم في صور (٥٤٧) والحافظ محمد بن طاهر المعروف بابن القيسراني المقدسي كان جوالا في الآفاق يجمع بين الذكاء والحفظ وحسن التصنيف وله تصانيف كثيرة (٥٦٧) وبهاء الدين بن شداد قاضي العسكر في زمن صلاح الدين يوسف الفقيه الكاتب المؤرخ صاحب التاريخ المطبوع في سيرة صلاح الدين نشأ في حلب وعظم في أيامه شأن الفقهاء لعظم قدره وارتفاع منزلته ومجد الدين طاهر ابن نصر الله بن جهبل الحلبي والد بني جهبل الفقهاء الدمشقيين كان إماما في الفقه والحساب والفرائض ، ومحمد بن خضر المعري شاعر. وتقي الدين عبد الغني الجماعيلي له عدة مصنفات في الرجال (٦٠٠) والحسين الأسدي مسند دمشق (٥٥١) وقطب الدين النيسابوري العالم الفقيه (٥٧٨) والحسن بن هبة الله بن صصرى التغلبي المحدث (٥٨٦) وتاج الدين الخراساني الفقيه الصوفي (٥٨٤) وتقية بنت غيث الأرمنازي الصوري الشاعرة الأديبة ولها شعر سائر (٥٧٩) وعلي بن الموازيني مسند دمشق (٥١٤) وأبو طاهر بركات الخشوعي المحدث امتاز بالسماع (٥٩٨). وموسى البلاغاشاني الفقيه (٥٠٦) وعلي ابن إبراهيم الحسيني الخطيب (٥٠٨) وهبة الله بن أحمد الأكفاني الأمين المحدث (٥٢٤) وعلي بن مسلم السلمي الدمشقي الفقيه (٥٣٢) ونصر الله بن محمد المصيصي الدمشقي العالم (٥٤٢).

ومن الشعراء والأدباء أحمد بن الخياط الدمشقي الشاعر الكاتب الأديب

٣٦

(٥١٧) وأحمد بن منير الطرابلسي الشاعر الهجاء الوصاف المشهور (٥٤٨) وطراد بن علي المعروف بالبديع كاتب شاعر (٥٢٤) وأبو الوحش الشاعر وعبد القاهر بن عبد الله الوأواء الشاعر الأديب (٥٥١) طبع ديوانه. وعرقلة الدمشقي النديم الخليع الشاعر ومحمد بن حرب النحوي الأديب (٥٨٠) والحسين ابن رواحة الأنصاري الحموي الفقيه الأديب الشاعر (٥٨٥) ومسلم بن خضر ابن قسيم الحموي الشاعر ، والحسن بن أبي الحسن صافي النحوي المعروف بملك النحاة له مصنفات في الفقه والأصلين والنحو وله ديوان شعر (٥٦٨) وحسان بن نمير العقيلي الدمشقي الشاعر (٥٦٧) وعلوي بن عبد الله بن عبيد الشاعر الحلبي المعروف بالباز الأشهب الأديب المتفنن (٥٩٦) وأسامة بن منقذ صاحب كتابي الاعتبار ولباب الآداب وكلاهما مطبوع شاعر كاتب. وزرعة ابن موسى أبو العلاء الطبراني النصراني كاتب الأمراء بني منقذ كان معاصرا لعبد الله بن محمد بن سنان شاعر.

وقد جاء حلب الشهاب السهروردي في عهد ملكها الظاهر غازي وهو فيلسوف قتله صلاح الدين بدسائس الفقهاء قتل بقتله الحكمة ، وهي صناعة الصنائع حتى إن سيف الدين الآمدي الفيلسوف النظار الكبير في القرن التالي لم يجرؤ أن يقرئ أحدا شيئا من العلوم الحكمية ، وبعد ذلك انقطعت الفلسفة من هذه الديار ولا تقرأ إلا أشياء قليلة منها وقل النابغون والمشتغلون بها ، ولم نقف على حياة فيلسوف نشأ للشام من بين جميع من قام فيها من الأعلام ، ولم ينشأ من الأفراد أمثال قطب الدين النيسابوري والشهاب السهروردي وسيف الدين الآمدي ، ولقد أبان رنان كيف أن الفكر الديني لسوء حظ الإسلام تغلب بعد جدال طويل فخنق الحركة العلمية الفلسفية الباهرة التي جعلت المدنية العربية بتأثيرات الفارسية واليونانية والنسطورية واليهودية ردحا من الدهر ، وارثة المدنية اليونانية. قال : وأوربا مدينة لمدنية العرب ببقايا العلم الذي قطفت ثماره في القرون الوسطى.

العلم والأدب في القرن السابع :

لما خرب التتر بغداد سنة (٦٥٦) انتقلت الحركة الأدبية بحكم الطبيعة إلى

٣٧

الشام ومصر ولم تكن انقطعت منها كل الانقطاع من قبل ، فهاجر كثير من العلماء من عاصمة العراق إلى دمشق والقاهرة. وفي هذا القرن تعينت المسالك العلمية وكثر الإخصائيون وتنوعت العلوم وتوفر المشتغلون بها وأنبغ الشام طبقة عالية عدّت تآليفهم من الأمهات في خزانة كتب الأمة العربية ، ومرجعا ثقة للأخلاف اقتبسوها من أعمال الأسلاف. فمن المؤرخين عمر بن أبي جرادة الحلبي العقيلي المعروف بابن العديم صاحب تاريخ حلب (٦٦٠) وهو كمال الدين عمر بن الصاحب السعيد قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد بن الصاحب السعيد قاضي قضاة جمال الدين أبي غانم هبة الله بن قاضي القضاة مجد الدين أبي عبد الله محمد ابن قاضي القضاة جمال الدين أبي الفضل هبة الله ابن قاضي القضاة نجم الدين أبي الحسن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة. بيت تسلسل فيه العلم خمسة بطون كانوا أجداد كمال الدين عمر أكرم به من بيت فضيلة وعلم. ومن مفاخر هذا القرن بحلب علي بن يوسف القفطي المعروف بالقاضي الأكرم أحد الكتاب المشهورين المبرزين في النظم والنثر وله تآليف أكثرها في التاريخ والأدب (٦٤٦) وكان يقوم بعلوم من اللغة والنحو والفقه والحديث وعلوم القرآن والأصول والمنطق والنجوم والهندسة والتاريخ والجرح والتعديل ومن كتبه المطبوعة مختصر تاريخ الحكماء. وياقوت الرومي الحموي الجغرافي المؤرخ الرحالة صاحب معجم البلدان ومعجم الأدباء والمشترك وغيرها من الكتب الممتعة المنقحة المطبوعة (٦٢٦) وفي حماة إبراهيم بن أبي الدم صاحب التاريخ الكبير المظفري في الملة الإسلامية (٦٤٢) وقام فيها عبد الرحيم البارزي قاضي حماة وابن قاضيها وأبو قاضيها. وفي حماة أيضا علم الدين قيصر المعروف بتعاسيف المهندس الرياضي (٦٤٢) والقاضي جمال الدين بن واصل (٦٩٧) كان إماما مبرزا في علوم كثيرة مثل المنطق والهندسة والأصول والهيئة ألف تاريخا في أخبار بني أيوب وله عدة مصنفات منها الانبرورية في المنطق صنعها للانبرور ملك الإفرنج صاحب صقلية وانبولية وأنكبردة لما توجه إليه رسولا في أيام الظاهر بيبرس سنة (٦٥٩). ونبغ من المهندسين إبراهيم بن غنائم المهندس باني المدرسة الظاهرية الجوانية بدمشق ، واسمه لا يزال منقوشا على يسار الداخل إليها في زاوية المدخل ، وهو الذي هندس القصر الأبلق

٣٨

الذي قامت التكية السليمانية في القرن العاشر على أنقاضه. ونبغ في حماة الملك المنصور محمد بن الملك المظفر بن أيوب خلف عدة مصنفات منها المضمار في التاريخ وطبقات الشعراء وكان في خدمته قريب مئتي متعمم من النحاة والفقهاء والمشتغلين بغير ذلك. وجاء الناصر داود ابن الملك المعظم وكان شاعرا أديبا وفي أيامه راجت الفلسفة وأمن المشتغلون بها على أرواحهم. وجاء الأمجد بهرام شاه بن أيوب صاحب بعلبك وكان شاعرا رقيقا وله ديوان (٦٢٨) ونبغ في دمشق أحمد بن خلكان قاضي قضاتها الفقيه المؤرخ المدقق وصاحب وفيات الأعيان المنقح المطبوع (٦٨١) وأحمد بن القاسم بن خليفة المعروف بابن أبي أصيبعة الدمشقي الطبيب الأديب مؤلف طبقات الأطباء المطبوع (٦٦٨) وعبد الرحمن أبو شامة له عدة تصانيف في التاريخ وغيره (٦٦٥) ومنها تاريخ الروضتين وذيله والأول مطبوع. ويوسف بن قزاوغلي سبط ابن الجوزي صاحب مرآة الزمان في التاريخ ، المطبوع منه الجزء الثامن وهو الأخير ، أقام زمنا في دمشق (٦٥٤) وعبد المنعم الجلياني الملقب بحكيم الزمان علامة في الطب والكحل والأدب والشعر وله عدة كتب منها عشرة دواوين من منظوم الكلام ومطلقه في مدح صلاح الدين لم يصلنا منها إلا المدبجات. ومن النوابغ في دمشق عز الدين الإربلي الفيلسوف الضرير كان بارعا في الفنون الأدبية رأسا في علوم الأوائل يقرئ المسلمين وأهل الكتاب والفلاسفة (٦٦٠) وعاش في دمشق أيضا حكيمان عظيمان من حكماء الإسلام وماتا فيها هما سيف الدين علي الثعلبي الآمدي سيد العلماء وأزكى أهل زمانه وأكثرهم معرفة بالعلوم الحكمية والمذاهب الشرعية والمبادي المنطقية أقام سنين كثيرة في حماة مستترا ممن كانوا تحاملوا عليه ونسبوه إلى الانحلال. وقد صنف في أصول الفقه وأصول الدين والمعقولات عدة مصنفات طبع له كتاب الإحكام ومات في دمشق سنة (٦٣١) والثاني الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي الأندلسي الدمشقي صاحب المذهب المشهور في التصوف وله عدة مصنفات في الأخلاق وكلام القوم منها الفتوحات المكية وفصوص الحكم المطبوعان (٦٣٨) ونبغ في دمشق شمس الدين الخويي العالم في الحكمة والشرع والطب وغيره وله تآليف (٦٣٧) ورفيع الدين الجيلي عالم بالعلوم الحكمية وأصول الدين والفقه والعلم الطبيعي والطب وله تآليف

٣٩

(٦٤١) وإسماعيل بن عبد الكريم المعروف بابن المعلم كان شيخ الحنفية في وقته وشرف الدين بن الرحبي الطبيب الشاعر الأديب له تآليف (٦٦٧) وأخوه جمال الدين بن الرحبي الطبيب العالم ورشيد الدين الصوري طبيب متفنن في علوم كثيرة وله عدة تصانيف في الطب. ومهذب الدين يوسف بن أبي سعيد السامري طبيب متميز في العلوم الحكمية وأديب له من الكتب شرح التوراة (٦٢٤) والصاحب أمين الدولة أبو الحسن بن غزال عالم بالطب له فيه مصنف لم يوضع مثله (٦٤٣) ومهذب الدين عبد الرحيم بن علي ويعرف بالدخوار عالم بالطب وهو صاحب المدرسة الطبية المعروفة بالدخوارية بدمشق ، ونجم الدين يحيى بن اللبردي عالم في الحكمة والهندسة والعدد صاحب المدرسة الطبية المنسوبة إليه في دمشق وصاحب دار الهندسة أيضا ألّف وله ثلاث عشرة سنة في الرد على عبد اللطيف البغدادي وله عدة مصنفات (٦٢١) وعلاء الدين علي بن أبي الحزم بن النفيس الدمشقي صاحب التصانيف الكثيرة كانت تصانيفه يمليها من حفظه وكان مشارا إليه في الفقه والأصول والحديث والعربية والمنطق. وشمس الدين بن المؤيد العرضي الدمشقي من الحكماء الذين كانوا بدمشق ودعاهم نصير الدين الطوسي لبناء المرصد وكان العرضي وابنه محمد من علماء الفلك وتولى مؤيد الدين الأرصاد في مرصد مراغة وقد وضع محمد كرة لا تزال محفوظة في متحف درسدن في المانيا. وعثمان بن الصلاح المضروب به المثل في كل فن (٦٤٣) وعلي بن محمود اليشكري المنجم له يد طولى في علم الفلك وحل التقاويم شاعر خطاط (٦٨٠) وبدر الدين ابن قاضي بعلبك عالم بالطب وعلوم الأدب له تصانيف طبية (٦٥٠) ونجم الدين ابن المنفاخ ويعرف بابن العالمة وكانت أمة عالمة بدمشق وتعرف ببنت دهين اللوز طبيب عالم بالحكمة والمنطق والأدب له مؤلفات (٦٥٢) عز الدين ابن السويدي الدمشقي عالم بالطب والأدب شاعر مجيد. يعقوب السامري عالم بالطب وعلوم الحكمة له عدة مصنفات (٦٨١) وعلي بن خليفة بن أبي أصيبعة عالم بالطب والعربية وله كتب في الطب وغيره (٦١٦) وعبد العزيز بن رفيع الدين كان متميزا في الحكمة والطبيعي والطب وأصول الدين والفقه والخسرو شاهي من أصحاب التصانيف الجليلة في المنطق والحكمة ومن تلاميذ فخر الدين الرازي وعفيف الدين التلمساني الدمشقي

٤٠