تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٦

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٦

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
ISBN: 9960-809-26-9
الصفحات: ٤٦٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

وبنو سليم معنقون أمامه

ضربا وطعنا في العدوّ دراكا

يمشون تحت لوائه وكأنهم

أسد العرين (١) أردن ثمّ عراكا

ما ترتجون (٢) من القريب قرابة

إلّا لطاعة ربّهم وهواكا

هذي مشاهدنا التي كانت لنا

معروفة وولّينا مولاكا

قال : وقال العبّاس أيضا (٣) :

إمّا تري يا أمّ فروة خيلنا

منها معطلة تقاد وظلّع

أوهى مقارعة الأعادي رمق

فيها نواقد من جراح مع تنبع

فلربّ قائلة كفاها وقعنا

أزم الحروب فسرها (٤) لا يقلع

وفد كوفدكم (٥) الألى عقدوا لنا

سببا بحبل محمّد لا يقطع

وفد أبو قطن حزابة منهم

وأبو العيوف وأوسع المتقنع

والقائد المائة التي وفّى بها

تسع المئين فتم ألف أقرع

جمعت بنو عوف ورهط مخاشن (٦)

ستا وأخلت من خفاف أربع

فهناك إذ نصر النبيّ على (٧) القنا

عقد النبيّ لنا لواء يلمع

فرقا (٨) بزينته وأورث عقده

مجد الحياة وسؤددا (٩) لا ينزع

وغداة نحن مع (١٠) النبيّ جناحه

ببطاح مكة والقنا تتمرغ

كانت إجابتنا لداعي ربّنا

بالحق منّا حاسر ومقنّع

في كل سابغة تخير سردها

داود إذ نسج الجديد وتبّع (١١)

__________________

(١) في م : القرين.

(٢) ابن هشام : يرتجون.

(٣) الأبيات في السيرة لابن هشام ٤ / ١٠٤ ـ ١٠٥.

(٤) في ابن هشام : فسر بها لا يفزع.

(٥) بالأصل : «قد كوقدكم» وفي : «وقد كرفدكم» وفي ابن هشام : لا وفد كالوفد» والمثبت عن المطبوعة.

(٦) بالأصل وم : «محاسن» وفي م : «خفا» والمثبت عن ابن هشام.

(٧) في ابن هشام : بألفنا.

(٨) في ابن هشام : فزنا برايته.

(٩) بالأصل وم : «ور؟؟؟ ه» والمثبت عن ابن هشام ، وفي م : لا يمرع.

(١٠) بالأصل : «مع نحن» وفوق اللفظتين علامتا تقديم وتأخير.

(١١) بالأصل وم : «وتمع» والمثبت عن ابن هشام.

٤٢١

ولنا على بئري (١) حنين موكب

دفع النفاق وهضبة ما تقلع

نصر النبيّ بنا وكنا معشرا

في كل نائبة تضرّ وتنفع

درنا (٢) غداة هوازن عنا القنا

والخيل يعفرها عجاج يسطع

إذ خاف جمعهم النبيّ وأسندوا

جمعا يكاد الشمس منه تخشع

يدعى (٣) بنو جشم ويدعا وسطه

أبناء (٤) نصر والأسنّة شرّع

حتى إذا قال النبيّ محمّد

لبني سليم قد وفيتم فارفعوا

جئنا ولو لا نحن أجحف بأسهم

بالمؤمنين واحرزوا ما جمّعوا

وقال عباس بن مرداس أيضا في يوم حنين (٥) :

ما بال عينك فيها عائر سهر

مثل الحماصة أغضى فوقها الشعر (٦)

عين تأوّبها من شجوها أرق

فالماء يغمرها طورا وينحدر

كأنه نظم درّ عند ناظمة

تقطّع السلك منه فهو يبتدر

أبعد منزل من ترجو مودّته

ومن جفا دونه الصفوان (٧) والحفر

دع ما تقادم من عهد الشباب فقد

ولّى وزاد عليه الشيب والزعر

واذكر بلاء سليم في مواطنها

ومن سليم لأهل الفخر مفتخر

قوم هم نصروا الرّحمن واتّبعوا

دين الرسول وأمر الناس مشتجر

لا يغرسون فسيل النّخل وسطهم

ولا تخاور في مشتاهم البقر

إلّا سوابح كالعقبان مقربة

في حرّة حولها الأعطان والعكر (٨)

يدعا خفاف وعوف في منازلها

وحيّ ذكوان لا ميل ولا ضجر (٩)

__________________

(١) بالأصل وم : «وليها على يهدي» والمثبت عن ابن هشام.

(٢) في ابن هشام : ذدنا غداتئذ هوازن بالقنا.

(٣) بالأصل وم : «فدعا» والمثبت عن المطبوعة ، وفي ابن هشام : تدعى.

(٤) في ابن هشام : أفناء.

(٥) الأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ١٠٨ ـ ١٠٩.

(٦) في ابن هشام : «الحماطة» وفي م : «أعفا» وبالأصل «انما» والمثبت عن ابن هشام ، وفيها أيضا : الشفر بدل الشعر.

(٧) في ابن هشام : الصمان فالحفر ، وهما موضعان.

(٨) ابن هشام : في دارة حولها الأخطار والعكر.

(٩) خفاف وعوف وذكوان ، قبائل.

٤٢٢

الضاربون جنود الشّرك ضاحية

ببطن مكّة والأرواح تبتدر

حتى دفعنا وقتلاهم كأنهم

نخل بطاهر البطحاء منقعر

نحن يوم حنين كان مشهدنا

للدين عزا عند الله مدّخر

إذ نركب الموت عصا (١) من بطانيه

والخيل ينجاب عنها ثابت كدر

تحت اللواء الضحاك يقدمنا

كما مشى الليث في غاباته (٢) الخدر

في مأزق من مجر الحرب كلكلها

تكاد تأفل منه الشمس والقمر

فقد صبرنا بأوطاس أسنّتنا

بالحق ننصر من شئنا وننتصر

حتى تصبّر أقوام لحربهم

لو لا الملائك (٣) ولو لا نحن ما صبروا

فما يرى معشر قلّوا ولا كثروا

إلّا قد أصبح منّا فيهم أثر

وقال العبّاس في يوم حنين أيضا (٤) :

يا أيها الرجل الذي يهوي به

وجناء مجمرة المناسم عرمس

أنّى مررت على الرسول فقل له

حقا عليك إذا اطمأنّ المجلس

يا خير من ركب المطي ومن مشى

فوق التراب إذا تعدّ الأنفس

إنّا وفينا بالذي عاهدتنا

والخيل تطرد بالكماة وتضرس

إذ سال من أفناء بهثة كلّها

جمع تظلّ له المخارم توجس (٥)

حتى صبحنا أهل مكة فيلقا

شهباء يقدمها الهمام الأشوس

من كلّ أغلب من سليم فوقه

بيضاء محكمة الدّخال وقونس (٦)

يوم (٧) القناة إذا تخالس سادرا

وتخاله أسدا إذا ما يعبس

يغشى الكتيبة معلما وبكفّه

عضب يقدّ به ولدن مدعس

نمضي ويحفظنا الإله بحفظه

والله ليس بضائع من يحرس

__________________

(١) ابن هشام : مخضرّا بطائنه ... ساطع كدر.

(٢) في م : غاياته.

(٣) ابن هشام : حتى تأوب أقوام ... لو لا المليك.

(٤) الأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ١١٠ ـ ١١١.

(٥) في ابن هشام : «ترجس».

(٦) بالأصل وم : «الدحا أو قومس» والمثبت عن ابن هشام ، والقونس : أعلى بيضة الحديد.

(٧) في م : «نروي» وفي ابن هشام : «؟؟؟ روي».

٤٢٣

ولدى (١) حنين قد وقفنا موقفا

رضي الإله به فنعم المجلس

وغداة أو طاس شددنا شدّة

كفت العدوّ وقيل منها احبسوا (٢)

وعلى حنين قد وفى من جمعنا

ألف أمدّ به الرسول عرندس (٣)

كانوا أمام المؤمنين ودونه

والشمس يومئذ عليهم أشمس

تدعو هوازن بالإخاء وبيننا

ثديّ يمتّ به هوازن أيبس

حتى تركنا جمعهم وكأنه

عير بقاعة للسباع مقرّس (٤)

وقال العبّاس أيضا في حنين (٥) :

نصرنا رسول الله من غضب له

بألف كميّ ما تعدّ حواسره

وكنا على الإسلام ميمنة له

وكان لنا عقد اللواء وشاهره

ونحن حملنا عامل الرمح راية

تذود بها في حومة الموت ناصره

ونحن خضبناها دما فهو لونها

غداة حنين يوم صفوان شاجره

وقال العباس بن مرداس أيضا (٦) :

ألا أبلغ (٧) الأقوام أنّ محمدا

رسول الإله أيد حيث يمّما

دعا ربه واستنصر الله وحده

وأصبح قد وفّى إليه وأنعما

سرينا وواعدنا قديما محمدا

يؤم بنا أمرا من الله محكما

تهازوا (٨) بنا في الفجر حتى تبينوا

مع الفجر فتيانا وغابا مقوما

على الخيل مشدود علينا دروعنا

وخيلا كدفاع الأتيّ عرمرما

فإن سراة الحي إن كنت سائلا

سليم وفيهم منهم من تسلّما

__________________

(١) في م : «ولذي حنين» وصدره في ابن هشام :

ولقد حبسنا بالمناقب محبسا

(٢) بالأصل وم : «احمسوا» وفي ابن هشام : «يا احبسوا» والمثبت عن المطبوعة.

(٣) عرندس : شديد.

(٤) بالأصل وم : «عنز» والمثبت «عير» عن ابن هشام ، وفي ابن هشام «تعاقبه» وبالأصل وم : لقاعة والمثبت عن المطبوعة. وبالأصل وم : «معرس» والمثبت عن ابن هشام ، والمفرس : المعقور ، افترسته السباع.

(٥) الأبيات من أبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ١١١.

(٦) الأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ١١٢ والأغاني ١٤ / ٣٠٦.

(٧) في ابن هشام : «من مبلغ الأقوام» وفي الأغاني : بلغ عباد الله.

(٨) في ابن هشام : «تماروا بنا» ، والغاب هنا : الرماح.

٤٢٤

وجند من الأنصار لا يخذلونه

أطاعوا فما يعصونه ما تكلّما

فإن يك قد أمرّت في القوم خالدا

وقدّمته فإنه قد تقدّما

حلفت يمينا برّة لمحمّد

فأكملتها ألفا من الخيل ملجما

وقال نبي المؤمنين تقدموا

وحبّ إلينا أن نكون (١) المقدما

أصبنا قريشا غثها وسمينها

وأنعم حفظا بالهم فتكلّما

وبتنا بنهي المستدير (٢) ولم يكن

بنا الخوف إلّا رهبة وتحزما

أطعناك حتى أسلم الناس كلهم

وحتى صبحنا الخيل أهل يلملما (٣)

يظلّ الحصان الأبلق الورد وسطه

ولا يطمئن الشيخ حتى يسوّما

سمونا له ورد العطارف (٤) نحوه

وكلّ تراه عن أخيه قد احجما

لدا غدوة حتى تركنا عشية

حنينا وقد سالت دوافعه دما

إذا شئت من كلّ رأيت طمرّة

وفارسها يهوي ورمحا محطّما

وقد أحرزت منا هوازن سربها

وحبّ إليها أن نخيب ونحرما

فما كان منها كان أمر شهدته

وساعدت فيه بالذي كان أحزما

ويوم أبي موسى تلاقت جيادنا

قبائل من نصر ورهط بن أسلما

فما أدرك الأوتار إلّا سيوفنا

وإلّا رماحا تستدرّ بها الدما

أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن المزرفي (٥) ، نا أبو الحسين بن المهتدي ، أنا أبو القاسم عيسى بن علي ، أنا أبو القاسم البغوي ، نا داود بن عمرو ، نا محمّد بن مسلم الطائفي ، عن عمور بن دينار : أن عباس بن مرداس وكان شاعرا أتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأمر به بلالا فقال : «اقطع له لسانه» قال : يا رسول الله لا أقول شيئا أبدا ، فذهب به بلال فأعطاه أربعين درهما ، وكساه حلّة ، قال : قطعت لساني أو قطعت لساني أنا أشك ، عنك يا رسول الله.

أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر ـ قراءة عليه فيما أرى أو إجازة ـ أنا موسى بن

__________________

(١) عن ابن هشام ، وبالأصل وم : «يكون».

(٢) بالأصل وم : «ونلنا بهن المستدين» والمثبت عن ابن هشام.

(٣) يلملم : ميقات اليمن ، جبل على مرحلتين من مكة.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي السيرة : ورد القطازفّة ضحّى.

(٥) بالأصل وم : المرزقي : خطأ.

٤٢٥

عمران ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، حدّثني محمّد بن أحمد النحوي.

قال : قرأت في بعض الكتب أن عمرو بن معدي كرب دخل على عمر بن الخطاب فقال عمر : أخبرني يا عمر من أشجع العرب ، قال : كنا يا أمير المؤمنين ستة فرسان لا يعادلنا أحد من العرب ، وكان أشجعنا العبّاس بن مرداس السّلمي ، قال : وكيف حكمت له بذلك وعلمته؟ قال : علمته (١) بأشعار قلناها في حروبنا ، قال : هات ما قلت أنت ، وما قال هؤلاء ، قال : قلت :

ولمّا رأيت الخيل زورا كأنّها

جداول زرع خلّيت فاسبطرّت (٢)

فجاشت إليّ النفس أوّل مرّة

فردت إلى مكروها فاستقرّت

ما جاشت نفسي يا أمير المؤمنين إلّا من الجبن (٣) ، وقال دريد بن الصّمة :

ولقد أصرفها كارهة

حين للنفس من الموت هرير

كلما ذلل مني خلق

وبكل أنا في الروع جدير

ما هرّ من الموت إلّا من الجبن ، وقال عمرو بن الإطنابة :

وقولي كلما جشأت وجاشت

مكانك تحمدي أو تستريحي

ما جشأت نفسه ولا جاشت إلّا من الجبن ، وقال عامر بن الطفيل :

أقول لنفسي لا يجاد بمثلها

أقلي مزاحي (٤) إنني غير مدبر (٥)

ما مرجت نفسه يا أمير المؤمنين إلّا من الجبن ، وقال عنترة :

إذ يتقون بي الأسنة لم أخم

عنها ولكني قد تضايق مقدمي

ما تضايق مقدمه إلّا من الجبن. وقال العباس بن مرداس :

أشدّ على الكتيبة لا أبالي

أفيها كان حتفي أم سواها (٦)

__________________

(١) قوله : «قال : علمته» ليس في م.

(٢) في م : فاستطرت.

(٣) في م : الحمى.

(٤) ليس في ديوانه ط بيروت ، وفي المطبوعة : «أقلي مراجا».

(٥) البيت من معلقته.

(٦) ديوانه ص ١١٠ والوافى بالوفيات ١٦ / ٦٣٦ وفيه : أقاتل في الكتيبة.

٤٢٦

فكان هذا أشجعنا ، فقال : صدقت يا عمرو.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عبيد الله محمّد بن موسى المرزباني ، حدّثني أبو علي الحسن بن علي بن المرزبان النحوي قال : قرأ علينا أبو عبد الله محمّد بن العباس اليزيدي قال : قرأت على عمّي الفضل بن محمّد ، وذكر أنه قرأ على أبي المنهال عيينة بن المنهال قال : أنشدنا ابن داجة (١) لعباس بن مرداس :

إذا كانت النجوى لغير ذوي النهى (٢)

أصعب (٣) وأصعب حدّ من هو جاهد

فحارب فإنّ مولاك حارد نصره

ففي السيف مولى نصره لا يحارد (٤)

أخبرنا أبو محمّد بن طاوس ، أنا طرّاد بن محمّد ، [أنا أبو الحسين بن بشران](٥) ، أنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن جعفر الجوزي ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني القاسم بن هاشم ، نا المسيّب بن واضح ، عن محمّد بن الوليد قال :

قيل للعبّاس بن مرداس بعد ما كبر : ألا تأخذ من الشراب فإنه يزيد في جرأتك ويقوّيك ، قال : أصبح سيّد قومي وأمسي سفيههم ، لا والله لا يدخل جوفي شيء يحول بيني وبين عقلي أبدا.

أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن أبي بكر ، قال : وكانت القريّة (٦) بين حرب بن أمية ومرداس بن أبي عامر السّلمي ، وكان مرداس أشرك فيها حرب بني أمية وقال في ذلك :

__________________

(١) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : ابن داحة.

(٢) في م : ذوي البهي» وفي المطبوعة : ذوي القوى.

(٣) في المطبوعة : «أضيعت وأصغت خدّ من هو جاهد». وروايته في معجم الشعراء للمرزباني ص ٢٦٢.

إذا كانت النجوى بغير أولى النهى

صغت وأضاعت حق من هو جاهد

قال : ويروى : لغير ذوي التقى. النجوى : يعني النظر في الأمور.

وذوي النهى : أراد ذوي العقل.

(٤) البيت في معجم الشعراء ص ٢٦٣ وبعده : حارد : بعد وامتنع ولم يكن عنده نصر ، ولا يحارد لا يخذلك.

(٥) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م.

(٦) القرية : موضع في ديار بني سليم (ياقوت).

٤٢٧

إني (١) انتخبت لها حربا (٢) وإخوته

أني بحبل (٣) وثيق العقد دسّاس

إني أقدّم قبل الأمر حجّته

كيما يقال وليّ الأمر مرداس

فحرّقا شجرا كان ملتفا فيها فقتلا في ذلك جنانا (٤) كثيرا كانت فيها ، فسمع هاتفا يقول (٥) :

ويل حرب فارسا

مطاعنا مخالسا

ويل لعمرو (٦) فارسا

إذ لبسوا القوانسا

لنقتلن (٧) بقتله

جحا جحا عبابسا

ومات حرب ومرداس ، فدفن مرداس بالقرية ثم ادّعاها بعد ذلك كليب بن عقبة (٨) السلمي ثم الظفري فقال في ذلك عبّاس بن مرداس :

أكليب مالك كلّ يوم ظالما

والظلم أنكر (٩) وجهه ملعون

قد كان قومك يحسبونك سيدا

وأخال أنّك سيّد معيون

فإذا رجعت إلى نسائك فادّهن

إنّ المسالم رأسه مدهون

وافعل لقومك (١٠) ما أراد بوائل

يوم الغدير سبيك (١١) المطعون

وأخال أنّك سوف تلقى مثلها

في صفحتيك سنانها المسنون

إنّ القريّة قد تبيّن أمرها

إن كان ينفع عندك (١٢) التبيين

حتى انطلقت تخطّها لي ظالما

وأبو يزيد (١٣) نحوها مدفون

__________________

(١) عن م وبالأصل : إن.

(٢) بالأصل : حرب والمثبت عن م.

(٣) بالأصل وم : يحمل ، والمثبت عن الديوان.

(٤) في م : «جنا».

(٥) الشعر في معجم ما استعجم ٣ / ١٠٧١.

(٦) بالأصل : «نعم و» المثبت عن معجم ما استعجم ، وفي م : بعمرو.

(٧) عن معجم ما استعجم وبالأصل قد تقرأ : «نقتلها».

(٨) في معجم ما استعجم : «عيهمة» وبهامشه عن نسخة : عهمة.

(٩) في م : أنكد.

(١٠) في م : بقومك.

(١١) كذا رسمها بالأصل ، وفي م : «سمتك» وفي المطبوعة : سمّيك.

(١٢) عن م وبالأصل : عند.

(١٣) في م : أبو بريد.

٤٢٨

قال الزبير : المعيون الذي أصابته العين ، وقال آخرون : المعيون : الحسن المرآة ولا عقل له ، وأبو يزيد : مرداس بن أبي عامر ، وسميّك المطعون : يعني كليب بن (١) وائل أخا مهلهل.

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده وقال : اروه عني ـ أنا محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا (٢) ، نا محمّد (٣) بن الحسن بن دريد [نا أبو حاتم قال قال أبو](٤) عبيدة ذكرت بنو سليم أن العباس بن مرداس ندم على ما كان [منه (٥) في خفاف ، فقال في مجمع] من قومه : جزى الله خفافا والرحم عني شرّا ، [كنت أخف بني سليم من دمائهم ظهرا وأخمصهم] من أذاها بطنا ، فأصبحت ثقيل الظهر من دمائها ، منفضج البطن [من أذاها ، وأصبحت العرب تعيرني](٦) ما كان مني ، وأيم الله لوددت أني كنت أصم عن هجائه ، أخرس عن جوابه [ولم أبلغ] من قومي ما بلغت ، ثم قال :

ألم تر أني كرهت الحروب

وأني ندمت على ما مضى

[ندامة زار] على نفسه

وتلك التى عارها (٧) يتّقى (٨)

وأيقنت أني بما جئته

من الأمر لابس ثوبي خزي

[حياء] ومثلي حقيق به

ولم يلبس الناس مثل الحيا

وكانت سليم إذا قدمت

فتى للحوادث كنت [الفتى](٩)

وكنت أفيء عليها النهاب

وأبلي عليها وأحمي الحمى

ولم أوقد الحرب حتى رمى

خفاف بأسهمه من رمى

__________________

(١) في المطبوعة : كليب وائل.

(٢) الخبر في الجليس الصالح الكافي للمعافى بن زكريا ٣ / ٥٧ وما بعدها.

(٣) «نا محمد» مكررة في م ، والمثبت يوافق ما جاء في الجليس الصالح.

(٤) ما بين معكوفتين غير ظاهر بالتصوير بالأصل ، واستدركناه عن م والجليس الصالح.

(٥) من هنا فقرة غير واضحة بالتصوير ، أثبتناها عن م وقارناها مع الجليس الصالح. وقد وضعنا ما استدرك عن م بين معكوفتين.

(٦) في م والجليس الصالح : بما.

(٧) بالأصل : أعارها ، والمثبت عن م.

(٨) بالأصل وم : يبقى والمثبت عن الجليس الصالح.

(٩) سقطت من الأصل وم واستدركت عن الجليس الصالح.

٤٢٩

فألهبت حربا بأصبارها

ولم أك فيها ضعيف القوى

فإن تعطف (١) اليوم أحلامها

ويرجع من ودها ما نأى

فلست فقيرا إلى حربها

ولا بي عن سلمها من غنى

فلما (٢) بلغت خفافا قال : عرف والله العباس خطأ ما ركب ، الآن لما أقدحته (٣) لحرب واحتمل ثقل الدماء أنشأ يظهر الندامة. لا والله ما اختلفت الدرّة والجرة حتى ينوء بعذر أو يلبس ثوب ذل ، وقال :

أعباس إما كرهت الحروب

فقد ذقت من حرها ما كفى

[وألقحت] حربا لها درة

زبونا تسعرها (٤) باللظى

ولما ترقيت في غيّها

دحضت وزلّ بك المرتقى

وأصبحت تبكي على ذلّة

وما ذا يرد عليك البكا

فإن كنت أخطأت في حربنا

فلسنا نقيلك ذاك الخطا

وإن كنت تطمع في صلحنا

فحاول ثبيرا وركني (٥) حرا

قال المعافى : قول العباس بن مرداس : وأخمصهم من أذاها بطنا : من المخمصة ، وهي المجاعة ، وخمص البطن : اضطماره ، ويقال : بطن خميص ، قال الله عزوجل : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ)(٦) ، ومن الخمص قول أعشى بني قيس بن ثعلبة (٧) :

تبيتون في المشتى ملاء بطونكم

وجاراتكم غرثى (٨) يبتن خمائصا

ويروى : غرثى (٩) أي جياعا. ويقال : [امرأة خمصانة إذا دق خصرها] قال الشاعر

خمصانة قلق موشحها

رود الشباب علا بها عظم

_________________

(١) في الأصل وم : «يعطف» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) في م : فإن.

(٣) مهملة بالأصل ، والمثبت عن م ، وفي الجليس الصالح : فدحته.

(٤) بالأصل وم : «زبوقا شعرها» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٥) بالأصل وم : «ورى حرا» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٦) سورة المائدة ، الآية : ٣.

(٧) البيت في ديوان الأعشى ص ١٠٩.

(٨) في الجليس الصالح : غير بدل غرثى.

(٩) كذا ، وهذه رواية أخرى ، وفيه إشارة إلى أن هناك رواية أخرى وهي المثبتة في الجليس الصالح : غير.

٤٣٠

وقوله : منفضج البطن : أراد خلوه : من أذاها.

وقوله : أفىء عليها النهاب : أي أرده ، ويتجه في مدحه نفسه برده النهاب على قومه وجهان ، أحدهما أن [يستنفد (١) ما انتهب من أموالهم] فيرده عليهم. والآخر : أنه يعف عن غنائمهم ولا يستأثر بها [فيحويها لنفسه دونهم كما](٢) قال عنترة :

يخبّرك من شهد الوقيعة أنني

أغشى الوغى وأعفّ عند المغنم (٣)

ويقال : فاء الشيء إذا رجع وأفاء الرجل الشيء إلى غيره أي ردّه عليه ، قال الله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى)(٤) أي ما ردّه. ومن الفيء قول امرئ القيس :

تيممت العين التي عند ضارج

يفيء عليها الظل عرمضها طامي

والفيئة : الرجعة.

وقوله : ويرجع من ودها ما نأى وقد عطفه على قوله : فإن تعطف اليوم ، ووجه الإعراب فيه الجزم إذ هو معطوف على تعطف المجزوم على ما يجب في باب الجزاء. لأنه لم يجد بدّا من الحركة لتمام وزن البيت نوى النون الخفيفة كما قال الشاعر :

اضرب عنك الهموم طارقها

ضربك بالسيف قونس الفرس (٥)

وقد يحمل على إرادة أن ومعنى الجمع (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ، وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ)(٦) على ما بيناه فيما مضى من المجالس.

وأمّا قول خفّاف الآن لما قدحته الحرب ، معناه : أثقلته كما قال الشاعر :

إذا لم تزل (٧) يوما تؤدي أمانة

وتحمل (٨) أخرى أقدحتك (٩) المغارم

__________________

(١) في الجليس الصالح : أن يستعيد.

(٢) إلى هنا ينتهي ما طمش بالأصل من أثر التصوير.

(٣) البيت من معلقته. ديوانه ص ٢٠٩.

(٤) سورة الحشر ، الآية : ٧.

(٥) نسب البيت بحواشي الجليس الصالح إلى طرفة. (وانظر اللسان : قنس ـ هول).

(٦) سورة آل عمران ، الآية : ١٤٢ وقد سقط لفظ الجلالة من الأصل واستدركت عن م والجليس الصالح والتنزيل العزيز.

(٧) عن م والجليس الصالح وبالأصل : ترلي.

(٨) بالأصل وم : «يحمل» والمثبت عن الجليس الصالح.

(٩) في الجليس الصالح : أفدحتك.

٤٣١

وجاء في الأثر : لا يترك في الإسلام مفدح ، فقيل : معناه الذي قدحه الدين وأثقله ، وقال بعضهم في الرواية : لا يترك مفدج بالجيم ، وقيل في تفسيره قولان : أحدهما : أنه لا أحد يؤدي عنه من أهله ، والآخر : أنه الجاني الذي لا عشيرة له ولا عاقلة نعقله فتؤدي عنه عقل جنايته وأرش جريرته.

والدرة ما يحتلب ، والجرة ما يجتر (١).

وقوله : ألقحت حربا لها درة زبونا يعني : أنها تدر وتتصل بعض مكروهها بعضا.

وقوله : زبونا : أي تدفع ببأسها من أصابته ، يقال : حرب : زبون ، والزبن : الدفع.

ويقال : زبنه اي دفعه ، ومنه الزبانية سموا بذلك لأنهم يزبنون أي يدفعون فيها دفعا أهل النار فيها ، قال الله تعالى : (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ)(٢) دعا أي يدفعون فيها دفعا ، ويقال : ناقة زبون أي تدفع الجمال ، قال الشاعر :

ومستعجب مما يرى من أناتنا

ولو زبنته الحرب لم يترمرم (٣)

ونهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن المزابنة من هذا ، وهو بيع الرطب في رءوس النخل بالتمر كيلا ، وكذلك بيع العنب بالزبيب هو من دفع كل واحد من المتزابنين ما يبيعه إلى صاحبه.

٣١٢٢ ـ العبّاس بن المهتدي

أبو الفضل البغدادي الصّوفي (٤)

صحب أبا سعيد الخراز (٥) وساح معه بالشام ، واجتاز بسواحل دمشق.

حكى عن عبيد البحراني.

حكى عنه عبد الله بن سعيد التستري.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ، نا وأبو منصور بن زريق ، أنا أبو بكر الخطيب (٦) ، أنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال :

__________________

(١) مهملة بالأصل وم والمثبت عن الجليس الصالح.

(٢) سورة الطور ، الآية : ١٣.

(٣) البيت لأوس بن حجر ، انظر ديوانه ص ٢٧.

(٤) ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ١٥٢.

(٥) بالأصل وم : «الحرار» والصواب ما أثبت.

(٦) الخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ١٥٢.

٤٣٢

عبّاس بن المهتدي من أهل بغداد ، كنيته أبو الفضل ، يرجع إلى فتوة ظاهرة ، وفراسة حادة ، وحبّ للفقراء ، وميل إليهم ، ورفق بهم ، دخل مصر ، وصحب بها أبا سعيد الخراز.

قال الخطيب : وحدّثني يحيى بن علي الدسكري قال : قال أبو العبّاس النسوي : عبّاس بن المهتدي أبو الفضل ، من أهل بغداد ، كان من أقران جنيد ، كثير الأسفار على التجريد والتوكّل ، وله فطنة وفراسة.

أنبأنا أبو جعفر أحمد بن (١) عبد العزيز المكّي ، أنا الحسين بن يحيى بن إبراهيم بن الحكّاك ، أنا الحسين بن علي بن محمّد الشيرازي ، أنا علي بن عبد الله بن جهضم أبو الحسن.

ح وأنبأنا أبو سعد بن الطّيّوري ، عن عبد العزيز الأزجي ، أنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم قال : سمعت أحمد بن علي بن هارون يقول : سمعت أبا علي الخرقي (٢) يقول : سمعت عبّاس بن المهتدي أبا الفضل يقول : رأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في النوم وأنا أقول وأتواجد وأدقّ صدري ، فقال لي النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : الغلط في هذا أكثر من الصواب.

قال : ونا علي بن أحمد الحريري (٣) من كتاب أخيه إبراهيم قال : سمعت أبا بكر بن واضح يقول : سمعت علي بن سهل بن (٤) علي بن سهل (٥) يقول : قال لي عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكي :

كنت مع عبّاس بن المهتدي جالسا في المسجد الحرام إذ جاء رجل خراساني فوقف علينا ، وقال لعبّاس : دلّني على الله عزوجل ، فقال له عبّاس : وما لك وله ، وأيش بينك وبينه؟ إنه لما لم يكن له أحد يوحده إلّا إبراهيم خليله عليه الصّلاة والسّلام أسلمه إلى النمرود وابتلاه بذبح ابنه ، وقد سمعت ما فعل بيعقوب في ولده يوسف ، وما فعل بيونس ونوح وداود وغيرهم من الأنبياء عليهم الصلاة والسّلام ، ترى (٦) ماتوا مذبذبين

__________________

(١) في م : أحمد بن محمد بن عبد العزيز.

(٢) مهملة بالأصل بدون نقط والمثبت عن المطبوعة.

(٣) في م : الحويزي.

(٤) كتبت فوق الكلام بين السطرين بخط مغاير بالأصل.

(٥) قوله : «بن علي بن سهل» ليس في المطبوعة والخبر مطموس في م لم يظهر بوضوح في التصوير.

(٦) في م : يرى ما ماتوا.

٤٣٣

حيارى كأنهم مجانين في زوايا وبراري وقفار ، قال : فبقي الرجل باهتا ، فقال : فما أصنع يرحمك الله ، فقال عبّاس : تتقي الله وتطيعه ، وتجتنب ما نهاك عنه ، وتحفظ جوارحك ، وتداوم على العبادات جهدك باستفراغ طاقتك حتى يأتي أمر الله فيك وأنت على ذاك (١) ، فبكى الرجل بكاء شديدا وقال : نعم يا شيخ ، مقبول ، على الرأس والعين.

قالا : وأنا ابن جهضم ، أنا جعفر الخلدي (٢) ، نا أبو بكر الكتاني ، قال : تزوج عبّاس بن المهتدي امرأة ، فلما كانت الليلة التي أراد أن يدخل عليها حملت إليه ، فدخل عليها ، فأقام عندها ساعة ، وكان قد وقع في نفسه منها شيء ، فاحتشم لذلك ولم يقربها ولم يدر أيش القصة ، فقال : غطي رأسك ، وخرج من عندها ، ولم يقل لها شيئا ، وتركها على حملها (٣) ، فلما كان بعد أيام ظهر لها زوج.

أخبرنا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي ، قال : سمعت محمّد بن عبد الله الفرغاني يقول : تزوج عبّاس بن المهتدي امرأة ، فلما كانت ليلة الدخول وقع عليها ندامة ، فلما أراد الدنو منها زجر عنها ، فامتنع من وطئها ، وخرج فبعد ثلاثة أيام ظهر لها زوج.

٣١٢٣ ـ العبّاس بن ميمون

من أصحاب مكحول ، له ذكر.

أنبأنا أبو نصر أحمد بن محمّد بن عبد القاهر ، وعلي بن عبيد الله بن نصر ، قالا : أنا المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد ، أنا أبو بكر محمّد بن سعيد بن يعقوب بن إسحاق الصّيدلاني ، أنا عمر بن محمّد بن سيف ، نا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، نا محمّد بن وزير ، نا الوليد ، أخبرني سعيد وابن جابر أن مكحولا كان يدرس ـ يعني ـ القرآن مع الجماعة ثم تركه ، وأمر العبّاس بن ميمون فقرأ عليه واستمع.

__________________

(١) في المطبوعة : ذلك.

(٢) في م : المخلدي.

(٣) في م والمطبوعة : حملتها.

٤٣٤

٣١٢٤ ـ العبّاس بن نجيح

أبو الحارث القرشي

حكى عن عون بن حكيم صاحب الأوزاعي ، والوليد بن مسلم ، والهيثم بن حميد.

حكى عنه ابنه المنذر بن العبّاس ، والعبّاس بن الوليد بن مزيد (١) ، والعبّاس بن الوليد الخلّال.

وهو العبّاس بن عبد الرّحمن بن نجيح الذي تقدّم ذكره.

أنبأنا أبو علي الحدّاد ، وحدّثني أبو مسعود الأصبهاني عنه ، أنا أبو نعيم الحافظ ، نا سليمان بن أحمد ، نا محمّد بن هارون بن محمّد بن بكّار الدمشقي ، نا العبّاس بن الوليد الخلّال ، نا عبّاس بن نجيح أبو الحارث ، نا الهيثم بن حميد ، نا راشد بن داود ، عن أبي أسماء الرّحبي ، عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تزال الخلافة في بني أمية (٢) ، فإذا نزعت منهم فلا خير في عيش» [٥٧٠٠].

قرأت بخط تمام بن محمّد ، أنا أبو علي محمّد بن هارون بن شعيب الأنصاري ، نا زكريا بن يحيى ، نا المنذر بن العبّاس بن نجيح القرشي ، حدّثني أبي ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن حسّان بن عطية ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ دعامة أمّتي عصب اليمن وأبدال الشام ، وهم أربعون رجلا ، كلما هلك رجل أبدل الله مكانه آخر ، ليسوا بالمتماوتين ، ولا المتهالكين ، ولا المتناوشين ، لم يبلغوا ما بلغوا بكثرة صوم ولا صلاة ، وإنّما بلغوا (٣) ذلك بالسخاء وصحة القلوب والمناصحة لجميع المسلمين ، وإنّ أمتي سيكونون على خمس طبقات فأنا ومن معي إلى أربعين سنة أهل إيمان وعلم ، ومن بعده (٤) إلى ثمانين سنة أهل بر وتقوى ، ومن بعدهم إلى عشرين ومائة سنة أهل تراحم وتواصل ، ومن بعدهم إلى ستين ومائة سنة أهل تقاطع وتدابر ومن بعدهم إلى انقضاء الدنيا فالهرج النجاء النجاء» [٥٧٠١].

__________________

(١) بالأصل : يزيد ، خطأ والصواب ما أثبت.

(٢) بعدها في م : يتلقفونها تلقف الكرة (وفي المطبوعة : الأكرة).

(٣) سقطت من الأصل واستدركت عن م.

(٤) كذا بالأصل وم ، وفي المطبوعة : بعد.

٤٣٥

٣١٢٥ ـ العبّاس بن الوليد بن صبح

أبو الفضل السّلمي الخلّال (١)

روى عن الوليد بن المسلم (٢) ، ومروان بن محمّد ، ومحمّد بن عيسى بن القاسم بن سميع ، وعمر بن عبد الواحد ، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، وزيد بن يحيى بن عبيد ، ويحيى بن صالح الوحّاظي ، ومحمّد بن عثمان أبي الجماهر ، وعلي بن عيّاش الحمصي ، والوليد بن الوليد ، وموسى بن محمّد أبي طاهر المقدسي ، وجرير بن عتبة بن عبد الرّحمن الحرستاني ، ومحمّد بن يوسف الفريابي (٣) ، وآدم بن أبي إياس ، ويسرة بن صفوان ، وأبي إسحاق محمّد بن زياد الربعي المقدسي ، وعبد الوهّاب بن سعيد بن عطية السّلمي المفتي ، وأبي صفوان القاسم بن يزيد العامري ، وأبي الحارث عبّاس بن نجيح القرشي ، وأبي مسهر الغسّاني ، وإبراهيم بن عبد الله بن العلاء بن زبر ، وعبيد بن حبان الجبيلي ، وسلم بن ميمون الخوّاص.

روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان ، وسليمان بن أيوب بن حذلم ، ومحمّد بن إسحاق بن الحريص وأبو الجهم بن طلّاب ، وأبو عقيل أنس بن السّلم الخولاني ، والحسين بن عبد الله بن يزيد القطّان الرقّي ، وأبو عبد الرّحمن محمّد بن العبّاس بن الوليد بن الدّرفس ، وسليمان بن محمّد الخزاعي ، وأبو عبد الرّحمن محمّد بن أمية بن عبد الملك القرشي ، وأبو بكر بن أبي داود ، والحسين بن الحسن بن مهاجر النيسابوري ، والحسن بن سفيان النسوي (٤) ، وأحمد بن داود الحنظلي ، ومحمّد بن تمام البهراني ، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن يزيد البجلي ، إمام المعرة ، والحسن بن علي بن روح بن عوانة الكفربطناني ، وأبو بكر أحمد بن محمّد بن الوليد المرّي ، وجنيد (٥) بن حكيم الدقّاق ، وعبد الله بن محمّد بن سلم (٦) المقدسي ، ومحمّد بن

__________________

(١) ترجمته في تهذيب الكمال ٩ / ٤٨٠ وتهذيب التهذيب ٣ / ٨٨ وميزان الاعتدال ٢ / ٣٨٦ وتقريب التهذيب ١ / ٣٩٩ وصبح ضبطت عن التقريب : بضم المهملة وسكون الموحدة.

(٢) في م والمطبوعة وتهذيب الكمال : مسلم.

(٣) في م : الفرياني.

(٤) في الأصل : «البسري» ومهملة في م ، والمثبت عن المطبوعة ، وفي تهذيب الكمال : الشيباني.

(٥) في م : حميد.

(٦) في م : سالم.

٤٣٦

هارون بن محمّد بن بكّار بن بلال ، وعبدان الأهوازي.

أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن عبد الملك ، أنا أحمد بن محمود الثقفي ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا الحسين بن عبد الله بن يزيد الأزرق القطّان ، نا العبّاس بن الوليد الخلّال ، نا الفريابي ، نا سفيان عن محمّد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كلّ معروف صدقة» [٥٧٠٢].

أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، نا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السّجستاني ـ ببغداد ـ نا العبّاس بن الوليد الخلّال ، نا محمّد بن عيسى بن سميع ، نا زهير بن محمّد ، عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب أنه سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :

«ما من مولود إلّا يمسّه الشيطان حين ولد (١) ، فيستهل صارخا لمسّه إلّا مريم وابنها» ثم يقول أبو هريرة : اقرءوا إن نسيتم : (وَإِنِّي أُعِيذُها بِكَ وَذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٢)

في نسخة ما شافهني أبو عبد الله الأديب ، أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

ح قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٣) قال : عبّاس بن الوليد بن صبح الدمشقي المعروف بالخلّال السّلمي أبو الفضل ، روى عن عمر بن عبد الواحد ، ومحمّد بن عيسى بن سميع ، ومروان الطّاطري ، وعثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، وزيد بن يحيى بن عبيد ، روى عنه أبي ، وأبو زرعة ، سئل أبي عنه فقال : شيخ.

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنا أبو بكر الصفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال :

أبو الفضل العبّاس بن الوليد بن صبح الخلّال الدمشقي ، سمع أبا عبد الله

__________________

(١) كذا ، وفي م : «يولد» وهو أشبه.

(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٣٦ وفي التنزيل العزيز : وإني أعيذها.

(٣) الجرح والتعديل ٥ / ٢١٥.

٤٣٧

محمّد بن يوسف الفريابي ، وأبا بكر مروان بن محمّد الطّاطري ، روى عنه عبد الله بن أحمد بن موسى الأهوازي ، وأبو بكر محمّد بن محمّد بن سليمان الواسطي كناه لي أبو الجهم أحمد بن الحسين القرشي الدمشقي.

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو صادق الأصبهاني ، أنا أحمد بن محمّد بن زنجويه ، أنا أبو أحمد العسكري ، قال : وأما صبح الصاد مضمومة والباء ساكنة بلا ياء ، فمنهم الوليد بن صبح ، روى عن حمّاد بن سلمة ، وابنه العبّاس بن الوليد بن صبح ، حدّثنا عنه عبدان.

وبلغني عن محمّد بن عوف ، قال : كان مروان ـ يعني ـ بن محمّد وأبو مسهر يقدمان عبّاس الخلّال ، ويوجبان (١) له.

ذكر أبو الفضل محمّد بن طاهر المقدسي فيما أخبرنا (٢) به أبو عمرو بن منده ، عن أبيه ، أنا محمّد بن إبراهيم بن مروان قال : قال عمرو بن دحيم : مات يعني الخلّال يوم الجمعة لثلاث ليال بقين من صفر سنة ثمان وأربعين ومائتين (٣).

٣١٢٦ ـ العبّاس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان

ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس

أبو الحارث ـ ويقال : أبو الوليد ـ الأموي (٤)

أكبر ولد أبيه ، وكان يسكن حمص ، واستعمله أبوه عليها وولّاه المغازي غير مرة ، وكان فارسا سخيا ، وكان يقال له فارس بني مروان ، وافتتح مدنا وحصونا كثيرة من بلاد الروم ، وكانت داره بدمشق قبلة زقاق العجم مما يلي درب السلم والخضراء (٥) ، وأرسل حديثا عن معاذ بن جبل.

__________________

(١) انظر تهذيب الكمال ٩ / ٤٨١.

(٢) في م والمطبوعة : أخبره.

(٣) تهذيب الكمال ٩ / ٤٨١.

(٤) ترجمته في تاريخ الطبري ، والكامل لابن الأثير (بتحقيقنا) (انظر فيهما الفهارس العامة) ، والأغاني ٧ / ٧٣ و ٧٥ ، والوافي بالوفيات ١٦ / ٦٣٧ ومعجم الشعر للمرزباني ص ١٠٤ وجمهرة أنساب العرب ص ٨٨ والمحبر ص ٣٠٥ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ١٢١ ـ ١٤٠) ص ١٤٥ ـ ١٤٦.

والعقد الفريد (بتحقيقنا) انظر الجزء الرابع (الفهرس العام).

(٥) عن م ، وبالأصل : واخضرا.

٤٣٨

حكى عنه عمر بن رؤبة التغلبي مناما رآه ، والوليد بن تمام ، ومكحول الفقيه.

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن أحمد بن طاوس ، وأبو القاسم الحسين بن الحسن بن أحمد ، قالا : أنا أبو القاسم بن أبي العلاء ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا خيثمة بن سليمان ، نا أبو قلابة ، نا عمرو بن عثمان صاحب النيل ، نا عاصم بن سليمان عن برد ، عن مكحول ، عن العبّاس بن الوليد ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من بني لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنّة» [٥٧٠٣].

أخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن الفرّاء ، وأبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن أبي بكر قال :

والعباس بن الوليد أكبر ولده وبه كان يكنّى ، وهو الذي يقول لأصحابه حين همّوا بخلع الوليد بن يزيد (١) :

يا قومنا لا تملّوا نعمة لكم

إن الإله لكم فيما مضى صنع

فأنتم اليوم أهل الملك مذ حقب

وأهل دنيا ودين ما به طمع

فانفوا عدوكم عن نحت أثلتكم (٢)

واستجمعوا إن أمر الدين مجتمع

إن الكبير عليكم في ولايتكم

أن تصبحوا وعمود الدين منصدع

لا تلحمن (٣) ذئاب الناس أنفسكم

إن الذئاب إذا ما ألحمت رتع

لا تبقون بأيديكم بطونكم

ثمة لا حسرة تغني ولا جزع

لا يلقين عليكم من جنايتكم

مع الشقاء يديه الأرقم الخدع

إني أعيذكم بالله من فتن

مثل الجبال تسامى ثم تندفع

لستم كمن كان قبل اليوم يسعرها

بالمشرفية بيضا حين تنتزع

والسمهرية مطرور أسنتها

وحومة الموت تغلي وردها شرع

إن البرية قد ملت ولايتكم (٤)

فاستمسكوا (٥) بحبال (٦) العهد واتدعوا

__________________

(١) الخبر في الأغاني ٧ / ٧٥ وبعض الأبيات فيها.

(٢) أي أصلكم.

(٣) ألحمت القوم أي أطعمتهم اللحم.

(٤) الأغاني : سياستكم.

(٥) عن م والأغاني وبالأصل : واستمسكوا.

(٦) الأغاني : بعمود الدين.

٤٣٩

فلن تزالوا رءوس الناس ما صلحوا

وما شكرتم وأضحى العقد يتبع

وللعباس بن الوليد يقول بشير بن عبد الله السلمي ، قال الزبير : أخبرنيه أبو غزية :

لقد علمت حقا إذا هي حصلت

لأحسابها يوما لمكرمة فهر

بأنك (١) يا عباس غرة مالك

إذا افتخرت يوما وقام بها الفخر

فتى يجعل المعروف من دون عرضه

وينجز ما مني كما ينجز النذر

نمته إلى العليا فتاة بريئة

من الغيب والآفات ليس لها فطر

تساوي الثريا أو تلم فروعها

ويقصر عنها أن يساويها النسر

فأقسم لو كان الخلود لواحد

من الناس عن مجد لأخلدك الدهر

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن ، وأبو الفضل أحمد بن الحسن ، قالا : أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدّثني هاشم بن محمّد الهلالي ، عن الهيثم بن عدي ، قال : قال ابن عياش : أم عبّاس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان نصرانية.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنا عبد الله بن عتاب ، أنا أحمد بن عمير ـ إجازة ـ.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّوسي ، أنا أبو عبد الله بن أبي الحديد ، أنا أبو الحسن الرّبعي ، أنا أبو الحسين الكلابي ، أنا أحمد بن عمير ـ قراءة ـ قال : سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة : العباس بن الوليد بن عبد الملك.

قرأت بخط أبي محمّد عبد الله بن سعد القطربلي مما حكاه عن غيره ، قال :

كان علي بن عبد الله بن العباس ، وعلي بن الحسين بن علي ، وعلي بن عبد الله بن جعفر يقدمون على الوليد بن عبد الملك فيقول الوليد للعبّاس ابنه : جالس (٢) عمومتك ، فكان يجالسهم للحديث أحسن مجالسة ، قال : فقال علي بن عبد الله بن العباس يوما : لو قيل لي إن الأمر لا يخرج عن آل مروان ثم قيل [لي](٣) اختر رجلا لهذا الأمر ما اخترت إلّا العبّاس ، فإني ما سمعت منه كلمة عنا منذ جالسته ،

__________________

(١) سقط البيت من م.

(٢) في م : حابس.

(٣) زيادة عن م ، سقطت من الأصل.

٤٤٠