المغرب في حلى المغرب - ج ١

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ١

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨١
الجزء ١ الجزء ٢

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الحادي عشر

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب المملكة الإشبيلية

وهو

كتاب نيل القبلة في حلى كورة لبلة

الحالي منها قاعدة لبله

البساط

من كتاب الرازي : جامعة لكل وجه من الفوائد ، محبوّة بصنوف الخيرات ، لم يبعد عنها شيء من المرافق ، جمعت البر والبحر ، والزّرع والضّرع ، والنّحل والنتاج ، وأجناس الثمار ، وكثرة الزيتون والأعناب ، وأرضها يجود فيها العصفر ، ويوجد في بحرها القندس ، وفيها عين تنبعث بالشبّ ، وعين تتدفق بالزج.

العصابة

ثار فيها في مدة الملثمين البطروجي ، وقاسى معه ابن غانية شدة عظيمة ، ولم يقدر عليه. وثار بها في مدة ابن هود شعيب ، وحاصره بها ، فنزل على الأمان بعد مدة طويلة ، وأغرى عليه من قتله.

٢٦١

السلك

من كتاب الياقوت في حلى ذوي البيوت

بيت بني الجد

بيت جليل ، وهم فهريّون ، سكنوا لبلبة ، وسادوا أيضا بإشبيلية.

٢٤٤ ـ أبو الحسن بن محمد بن الجد (١)

نبّه ابن بسام على أصله وذاته ، وأن معاقرة الدنان غصّت منه. وقد استكتبه ابن عمار لما ملك مرسية.

ومما أنشده من شعره قوله :

فطولك في إرعاء سمعك ساعة

لتسمع ما شطّت به عنك أزمان

وراجع ولو في صفحة الماء راقما

وطالع فيكفيني من الطّرس عنوان

ووصفه الحجاري بحب الغلمان.

٢٤٥ ـ أبو القاسم بن الجد محمد بن عبد الله (٢)

من الذخيرة : قريع وقتنا ، ووحيد عصرنا. وأثنى عليه ذاتا وأصلا. وذكر : أن أهل لبلة ولّوه خطّة الشّورى. وكان قد تقلّد وزارة الراضي ابن المعتمد بن عباد. وأورد من نثره ونظمه ما هو مندمج فيما نورده.

ومن كتاب القلائد : راضع ثدي المعالي ، المتواضع العالي ، آية الإعجاز ، في الصدور

__________________

(١) انظر ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٢ / ص ١٠٩ وما بعدها). والمسالك (ج ١١ / ص ٤٣١ وما بعدها).

(٢) ترجمته في الذخيرة (ج ١ / ق ٢ / ص ٢٨٥) أبو القاسم محمد بن عبد الله بن الجدّ. وهو بن يحيى بن فرح بن الجد الفهري : شلبي الأصل سكن إشبيلية ، ويعرف بالأحدب ، أخو الحافظ أبي بكر ابن الجد ، كان من أهل التفنن في المعارف والآداب والبلاغة. توفي سنة ٤١٥ ه‍. الصلة : (ص ٥٤٤) والذيل والتكملة (ج ٦ / ص ٣٢٦) والمطرب (ص ١٩٠) والمعجب : (ص ٢٣٧) وقلائد العقيان (ص ١٠٩) والخريدة : (ج ٣ / ٣٩٣).

٢٦٢

والأعجاز ، جمع طبع العراق وصنعة الحجاز ، وأقطع استعارته جانبي الحقيقة والمجاز ، وأنشد من شعره قوله (١) :

أما ونسيم الروض طاب به فجر (٢)

وهبّ له من كل زاهرة نشر

تحامى (٣) له عن سرّه زهر الرّبا

ولم يدر أن السّرّ في طيّه نشر (٤)

ففي كل سهب (٥) من أحاديث طيبه

تمائم لم يعلق بحاملها وزر

لقد فغمتني من ثنائك نفحة

ينافسني في طيب أنفاسها الزّهر (٦)

تصوّغ منها العنبر الورد (٧) فانثنت

وقد أوهمتني أنّ منزلها الشّحر

سرى الكبر في نفسي بها (٨) ولربما

تجانف عن مسرى ضرائبها (٩) الكبر

وشيب (١٠) بها معنى من الرّاح مطربا (١١)

فخيّل لي أن ارتياحي بها (١٢) سكر

أبا عامر أنصف أخاك فإنه

وإياك في محض الهوى الماء والخمر

أمثلك يبغى في سمائي كوكبا

وفي جوّك الشمس المنيرة والبدر

ويلتمس الحصباء في ثغب (١٣) الحصى

ومن بحرك الفيّاض يستخرج الدّرّ

ومن نثره : مرحبا أيها البرّ الفاتح ، والروض النافح ، فما أحسن تولّجك ، وأعطر تأرّجك ، لقد فتحت للمخاطبة بابا ، طالما كنت له هيّابا ، ورفعت حجابا ، ترك قلبي وجّابا ، وما زلت أحوم عليها شرعة ، فلا أسيغ منها جرعة.

__________________

(١) الأبيات في الذخيرة (ج ١ / ق ٢ / ص ٣٢٠ ، ٣٢١) والقلائد (ص ١١٢) والخريدة (ج ٣ / ص ٢٩٦) والمطرب (ص ١٩٠).

(٢) في المطرب : طاب له نشر.

(٣) في الذخيرة : تجافي. وفي المطرب : يحامي.

(٤) في الذخيرة : جهر.

(٥) في المطرب : سر.

(٦) في الذخيرة : العطر.

(٧) في المطرب : الند.

(٨) في القلائد : لها.

(٩) في الذخيرة : ضرائبي ، وفي المطرب : صرامتي.

(١٠) في القلائد : وشبت.

(١١) في الذخيرة : مطرب.

(١٢) في الذخيرة : لها.

(١٣) الثغب : ما بقي من الماء في بطن الوادي ، في المطرب والقلائد والخريدة : ثعب.

٢٦٣

٢٤٦ ـ أبو عامر أحمد بن عبد الله بن الجد (١)

من سمط الجمان : بدر تطلّع في سماء الجلالة ، وغصن تفرّع في أرومة الشرف والأصالة ، لم يدنّس ثوب شبيبته براح ، ولا أنفق أيام غرارته في لهو ولا أفراح.

وأنشد من شعره قوله (٢) : [البسيط]

لله ليلة مشتاق ظفرت بها

قطعتها بوصال اللّثم والقبل

نعمت فيها بأوتار تعلّلّني

أحلى من الأمن (٣) أو أمنيّة الغزل

وأكؤس نتعاطاها على مقة

حتى الصباح فيا للأنس والجذل

أحبب إليّ بها إذ كلها سحر.

أحبب إليّ بها إذ كلها سحر

صممت فيها عن العذّال والعذل (٤)

وقوله :

ظلمتني بهجرها ثم قالت

أنت مني بكل هجر حقيق

حين لم تكتم الهوى ، قلت : كلّا

إنّ عهدي في كتم ما بي وثيق

ليس إلا قتلي أردت وإلا

كيف يبدي هواك صبّ شفيق؟

٢٤٧ ـ أبو بكر محمد بن عبد الله بن يحيى بن الجد (٥)

جلّ قدره في إشبيلية ، وكان يعرف بالحافظ ، لكونه كان أعجوبة في سرعة ما يحفظه ، وبلغ به العلم إلى مرتبة عليّة ، بحيث أن كان يوسف بن عبد المؤمن ينزل له عن فرسه إذا خرج للقائه.

ولم يشتهر بالشعر ، وإنما اشتهر بحفظ المذهب المالكي والحديث ، وكان بينه وبين بني عظيمة عداوة ، فقال فيهم :

وا عجبا كيف لان قلبي

من بعد ما قسوة عظيمه

صيّرني الحب بعد عقلي

كأنني من بني عظيمه

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢١٧).

(٢) الأبيات في النفح (ج ٥ / ص ٢١٨).

(٣) في النفح : المنّ.

(٤) في النفح : أراحت الصبّ من عذر ومن عذل.

(٥) انظر ترجمته في الديباج المذهب (ص ٣٠٢) وفي النجوم الزاهرة (ج ٦ / ص ١١٢) والوافي للصفدي (ج ١٣ / ص ٥٨). والتكملة (ص ٢٥٨).

٢٦٤

وعقبه في إشبيلية إلى الآن في نهاية من النّباهة.

ومن كتاب نجوم السماء في حلى العلماء

٢٤٨ ـ أبو عبد الله محمد بن عياض اللبلي (١)

كان نحويا أديبا ، مصدّرا للإقراء في قرطبة في صدر دولة بني عبد المؤمن. وله المقامة المشهورة بالدّوحيّة ، ترجمت عن لطافته ومعرفته وانطباعه.

أولها : قال ميزان الأسواق ، ومعيار المجين والعشّاق : نبت بي معاهد الأحباب ، في ريعان الشباب ، لقينة أذكت نيرانها ، وألقت بمسقط الرأس جرانها ، فامتطيت الليل طرفا ، ومزّقت السنان طرفا ، وجعلت أمسح الأرض نجدا ووهدا ، وأستطعم الآمال صابا وشهدا ، كالعنز لا يستقر بمنزل ، ولا وجد عن رحلة بمعزل ، أصعد من خصور القيعان ، إلى روادف الرّعان ، وأنحدر من متون الهضاب ، إلى بطون اليباب ، حتى عجمتني أنياب النوائب ، وتقاذفت بي صدور المشارق إلى أعجاز المغارب ، وقد حللت من الاغتراب بين الذّروة والغارب ، وكنت أكلف بالبلدة الحمراء ، كلف الكميّ بالصّعدة السمراء ، وأحنّ إلى جوارها ، حنين الناقة إلى حوارها ، للذي اشتهر من حسنها وطيبها وخصبها ، واختيالها في حلل شربها وعصبها ، فهداني إليها حادي الاغتراب ، وتطاوحت بي إليها طوائح الاضطراب ، ولا أمل إلا اعتلاق خلّ ظريف ، والإصغاء إلى نبأ طريف. وأنشد فيها :

عربد بالهجر والعتاب

نشوان من خمرة الشباب

طفا على ريقه حباب

فاحتجب الخمر بالحباب

أنكرت إلا سقام طرف

وأيّ سيف بلا ذباب

إن أنا لاحظته توارى

من دمعة العين في حجاب

أبصرته جدولا وورقا

من دمع عينيّ وانتحابي

لم تستبق سلوة وحبّ

إلا وطرف السّلوّ كابي

ومن أخرى : [الطويل]

تقاذفت الأيام بي وسط لجّة

من الهجر لا يبدي لها الوصل ساحلا

لعل الرّضا يدني من القمر

ويجمعنا غصنين : غضّا وذابلا

__________________

(١) انظر ترجمته في التكملة (ص ٢٣٣) ورايات المبرزين (ص ٤٦).

٢٦٥

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني عشر

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب المملكة الإشبيلية

وهو

كتاب الحلة المعجبة في حلى كورة أونبه من الكور البحرية الغربية

ينقسم كتابها إلى :

كتاب الأصوات المطربة في حلى مدينة أونبة

كتاب عهد الصّحبة في حلى مدينة ولبة

كتاب الترقيش في حلى جزيرة شلطيش

كتاب المقلة السّاجية في حلى قرية الزّاوية

٢٦٦

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الأول

من الكتب التي يشتمل عليها كتاب الحلة المعجبة في حلى كورة أونبة

وهو

كتاب الأصوات المطربة في حلى مدينة أونبة

هي حالية

البساط

غرب من مدينة لبلة إلى جهة البحر ، وهي قاعدة عملها.

العصابة

توارث إمارتها البكريون ، ورئيسهم المشهور أبو زيد عبد العزيز بن محمد البكري. ومنه أخذها المعتضد بن عباد ، ولحق هو بقرطبة.

السلك

٢٤٩ ـ أبو عبيد عبد الله بن صاحب أونبة أبي زيد عبد العزيز البكري (١)

من الذخيرة : كان بأفقنا آخر علماء الجزيرة بالزمان ، وأجلهم في البراعة والإحسان. كأن

__________________

(١) هو عبد الله بن أبي مصعب عبد العزيز البكري ، نسبة إلى بكر بن وائل ، لزم المعتصم بن صمادح ، ملل ألمرية ، والمعتمد بن عباد ، ملك إشبيلية سنة ٤٨٩ ه‍. الذخيرة (ق ٢ / ص ٢٣) وقلائد العقيان (ص ١٨٩) والحلة السيراء (ج ٢ / ص ١٨٠) والروض المعطار (ص ٣٣) ونفح الطيب (ج ١ / ص ١٢٨).

٢٦٧

العرب استخلفته على لسانها ، أو الأيام ولّته زمام حدثانها.

وأثنى على سلفه ، ووصفه بمعاقرة الرّاح ، وأنشد له (١) : [الطويل]

خليليّ إني قد طربت إلى الكاس

وتقت إلى شمّ البنفسج والآس

فقوما معي نلهو ونستمع الغنا

ونسرق هذا اليوم سرّا من الناس

ومن القلائد : عالم الأوان ومصنّفه ، ومقرّط البيان ومشنفه ، بتواليف كأنها الخرائد ، وتصانيف أبهى من القلائد ، حلّى بها من الزمان عاطلا ، وأرسل بها غمام الإحسان هاطلا ، ووضعها في فنون مختلفة وأنواع ، وأقطعها ما شاء من إتقان وإبداع. وأما الأدب فهو كان منتهاه ، ومحلّ سهاه ، وقطب مداره ، وفلك تمامه وإبداره ، وكان كلّ ملك من ملوك الأندلس يتهاداه تهادي المقل للكرى ، والآذان للبشرى. وأنشد له في خطّ ابن مقلة : [البسيط]

خطّ ابن مقلة من أرعاه مقلته

ودّت جوارحه لو بدّلت مقلا

ومن رسالة : وله المنّة في ظلام كان ـ أعزه الله ـ صبحه ، ومستبهم غدا شرحه.

٢٥٠ ـ أبو الحسن حكم بن محمد غلام أبي عبيد البكري (٢)

من الذخيرة : أبو الحسن في وقتنا بحر من بحور الكلام ، قذف بدرّ النظام ، فقلّده أعناق الأيام ، أحسن من أطواق الحمام. وذكر : أنه من شعراء الدولة العبّاديّة ، وزهد بعدها في الشعر.

وهذا مولى البكرين. وأنشد له ما يبين الغرض منه فيما اخترته منه.

من كتاب القلائد : ذو الخاطر الجائش ، الباري لنبل المحاسن الرّائش ، الذي اخترع وولّد ، وقلّد الأوان من إحسانه ما قلّد ، طلع في سماء الدولة العبّادية نجما ، وصار لمسترق سمعها رجما ، وكان له فيها مقام محمود ، وتوقّد لا يشوبه خمود ، ثم استوفى طلقه ، ولبس العمر حتى أخلقه ، فصحب الدولة المرابطية برهة من الزمان ، لا يألو نحرها تقليد الآلىء وفرائد جمان.

وأنشد من شعره قوله (٣) :

أرّقني بعدك البعاد

فناظري كحلة سهاد

يا غائبا وهو في فؤادي

إن كان لي بعده فؤاد

__________________

(١) البيتان في نفح الطيب (ج ١ / ق ٢ / ص ٢٣٨) دون تغيير عمّا هنا.

(٢) أديب وشاعر من شعراء بني عباد بإشبيلية ترجمته في بغية الملتمس (ص ٢٨٠). وقلائد العقيان (ص ٢٩٠).

(٣) الأبيات في قلائد العقيان (ص ٢٩٠).

٢٦٨

الله يدري وأنت تدري

أنّ اعتقادي لك اعتقاد

تذكر والحادثات بله

ليس لها ألسن حداد

ونحن في مكتب المعالي

يصبغ أفواهنا المداد

يسدل ستر الصّبا علينا

والأمن من تحتنا مهاد

لا نتهدّى لما خلقنا

نجهل ما الكون والفساد

تكلؤنا من حفاظ بكر

لواحظ ما لها رقاد

وهمّة ناصت الثريّا

تقود صعبا ولا تقاد

أذمّة بيننا لعمري

يحفظها السيّد الجواد

حسب العدا منك ما رأوه

لا وريث للعدا زناد

لم يعلم الصائدون منهم

أنك عنقاء لا تصاد

وأنّ في راحتيك سعدا

تندقّ من دونه الصّعاد

٢٦٩

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب كورة أونبة

وهو

كتاب عهد الصحبة في حلى مدينة ولبه

من عمل أونبه ، ينسب إليها :

٢٥١ ـ ذو الوزارتين أبو بكر محمد بن سليمان المعروف بابن القصيرة الولبي (١)

من الذخيرة : هو في وقتنا جمهور البراعة ، وقدوة أهل الصناعة ، نشأ في دولة المعتضد ، واعتنى به أبو الوليد بن زيدون فقدمه عنده ، ثم تقدّم عند المعتضد ، وصيّره سفيرا بينه وبين يوسف بن تاشفين ، إلى أن نكب مع المعتمد ، ثم اشتمل عليه أمير الملثمين.

__________________

(١) أبو بكر محمد بن سليمان الكلاعي الإشبيلي. كان من أهل التفنن في العلوم كاتبا بارع الحظ. انظر ترجمته. في الصلة (ص ١٠٤) والذخيرة (ج ١ / ق ٢ / ص ٢٣٩ / ٢٥٦) ، والمطرب (ص ١٨١) والمعجب (ص ٢٢٧) والوافي (ج ٣ / ص ١٢٨) والخريدة (ج ٣ / ص ٣٨٣) والذيل والتكملة (ج ٦ / ص ٢٢٧) والإحاطة (ج ٢ / ص ٥١٦).

٢٧٠

ومن القلائد غرّة في جبين الملك ، ودرّة لا تصلح إلا لذلك السّلك ، باهت به الأيام ، وتاهت في يمينه الأقلام ، واشتملت عليه الدول اشتمال الكمام على النّور ، وانسربت إليه الأمانيّ انسراب الغمام إلى الغور.

فمن نثره قوله : وافتنى ـ أطال الله بقاءك ـ أحرف كأنها الوشم في الخدود تمس في حلل إبداعها ، وإنك لسابق الحلبة لا يدرك غبارك في مضمارها ، ولا يضاف سرارك إلى إبدارها ، وما أنت في أهل البلاغة إلا نكتة فلكها ، ومعجزة تشرف ، الدّول بتملّكها ، وما كان أخلقك بملك يدنيك ، وملك يقيتنيك ، ولكنها الحظوظ. لا تعتمد من تتجمّل به وتتشرف ، ولا تقف إلا على من توقّف ، ولو أنفقت بحسب الرّتب لما ضربت عليك إلا قبابها ، ولا عطفت عليك إلا أثوابها ، وأما ما عرضته فلا أرى أنفاذه قواما ، ولا أرى لك أن تترك عيون رأيك نياما ، ولو كففت عن هذا الخلق ، وانصرفت عن تلك الطّرق ، لكان الأليق بك ، والأذهب مع حسن مذهبك.

٢٧١

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثالث

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب كورة أونبة

وهو

كتاب الترقيش في حلى جزيرة شلطيش

جزيرة في البحر المحيط فيها مدينة صغيرة حصينة منها :

٢٥٢ ـ الفقيه الكاتب أبو بكر محمد بن يحيى الشلطيشي المعروف بابن القابلة (١)

من السمط : ذو المنزع اللّطيف ، والتلوّن الظريف ، وسالك مهيع ابن العريف ، وملبس سوقه المعاني حلل اللفظ الشريف. كان حين تهدل غصون آدابه ، وترفل أيام شبابه في ذيول آرابه ، يندى مجلسه بقطر الأدب الغضّ ، ويفري الفريّ لسانه وعيناه لا يبرح مغرزها من الأرض. عنوان ما أورده.

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ١٥٩). والمسالك (ج ١١ / ص ٢٢٧).

٢٧٢

من نثره : من رسالة كتب بها إلى يحيى بن غانية : أما بعد ، فإن الله تعالى يقول : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم : ٤١] إنه قد عمّت الرزايا والمصائب ، وشملت الفتن المشارق والمغارب ، وهلك فيها ـ إلا ما شاء الله ـ الشابّ والشائب ، وعادت زاهرات الأمصار موحشة خرائب ، وعامرات الأقطار مقفرة سباسب ، بما كسبت أيدي الناس ، ولو لا حلم الله وإمهاله ليتوب إليه عبيده ، ويرجع عما يكرهه إلى ما يريده ، لكان الإبلاس ، ولرفع من الرحمة المساس.

ومن أخرى : الحمد لله عالم السّرّ والعلن ، والصلاة على سيدنا محمد رسوله شارع الفرض والسّنن ، ورضي الله عن الصحابة الذين شاهدوا من النبوّة أعلامها ، وصاحبوا كيفما تقلّبت أيامها ، والتزموا ـ من غير أن يجدوا في أنفسهم حرجا ـ أحكامها ، وعن التابعين وتابعيهم المحسنين الذين نالوا من الولاية حالها ومقامها ، وإيجادها فناء وبقاء وإعدامها ، وإثباتها على فلك واصطلامها.

٢٧٣

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الرابع

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب كورة أونبة

وهو

كتاب المقلة الساجية في حلى قرية الزاوية

ذكر الحجاري : أنها من أعمال أونبه. نسب إليها بنو حزم.

٢٥٣ ـ الوزير العالم الحافظ أبو محمد علي ابن الوزير أبي عمر أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي مولى بني أمية (١)

من الذخيرة : كان كالبحر لا تكفّ غواربه ، ولا يروي شاربه ، وكالبدر لا تجحد دلائله ، ولا يمكن نائله. وقال ابن حيان في المتين : كان حامل فنون من حديث وقفه وجدل ونسب ، وما يتعلق بأذيال الأدب ، مع المشاركة في كثير من أنواع التعاليم القديمة من المنطق والفلسفة ، له في

__________________

(١) هو الوزير العالم الحافظ أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم من أهل قرطبة ، فقيه الأندلس وعالمها بالحديث والفقه واللغة والبلاغة ، وشاعرها المشهور ، له مؤلفات منها (طوق الحمامة) و (جمهرة أنساب العرب). توفي سنة ٤٥٨ ه‍. جذوة المقتبس (ص ٣٠٨) والصلة (ص ٦٠٥) وبغية الملتمس (ص ٤١٥) والذخيرة (ق ١ / ص ١٦٧) ومطمح الأنفس (ص ٥٥) ، ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٣٣).

٢٧٤

بعض تلك الفنون كتب كثيرة ، غير أنه لم يخل فيها من غلط ، وسقط ، لجراءته في التّسوّر على الفنون ، لا سيما المنطق ، فإنهم زعموا أنه زلّ هنالك ، وضلّ في سلوك تلك المسالك ، وخالف أرسططاليس واضعه مخالفة من لم يفهم غرضه ، ولا ارتاض في كتبه. ومال أوّلا به النّظر في الفقه إلى رأي الشافعيّ ، وناضل عن مذهبه ، وانحرف عما سواه حتى وسم به ، ونسب إليه ، فاستهدف بذلك لكثير من الفقهاء ، وعيب بالشذوذ ، ثم عدل في الآخر ، إلى قول أصحاب الظاهر ، مذهب داود بن علي ومن اتبعه من فقهاء الأمصار ، فنقّحه ، ونهجه ، وجادل عنه ، ووضع الكتب في بسطه ، وثبت عليه إلى أن مضى لسبيله ، رحمه‌الله. كان يجادل عن عمله هذا من خالفه ، على استرسال في طباعه ، ومذل بأسراره ، واستناده إلى العهد الذي أخذه الله على العلماء من عباده ، (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران : ١٨٧] فلم يك يلطف بما عنده بتعريض ، ولا يزفّه بتدريج ، بل يصكّ به معارضه صكّ الجندل ، وينشقه أحرّ من الخردل ، فطفق الملوك يقصونه عن قربهم ، ويسيّرونه عن بلادهم ، إلى أن انتهوا به منقطع أثره ، بقرية بلده ، من بادية لبلبة. وبها توفي رحمه‌الله سنة ست وخمسين وأربعمائة.

وكان متشيّعا في بني أمية منحرفا عمّن سواهم من قريش ، وادعى أنه من الفرس ، وهو خامل الأبوّة من عجم لبله. وصله من ابن عمه أبي المغيرة رسالة فيها ما أوجب أن جاوبه بهذه : سمعت وأطعت لقول الله تعالى : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) [الأعراف : ١٩٩] وأسلمت وانقدت لقول نبيه عليه‌السلام : صل من قطعك ، واعف عمّن ظلمك ، ورضيت بقول الحكماء : كفاك انتصارا ممّن تعرّض لأذاك إعراضك عنه ، وأقول (١) : [المتقارب]

تبغّ (٢) سواي امرءا يبتغي

سبابك ، إنّ هواك السّباب

فإني أبيت طلاب السّفاه

وصنت محلّي عما يعاب (٣)

وقل ما بدا لك من بعد ذا

فإنّ سكوتي عنه خطاب (٤)

وأقول (٥) : [الطويل]

كفاني بذكر الناس لي ومآثري

وما لك فيهم يا ابن عمّي ذاكر

__________________

(١) الأبيات في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٢٩٤).

(٢) في النفح : تتبّع.

(٣) في النفح : ونزهت عرضي.

(٤) في النفح : وأكثر فإنّ سكوتي خطاب.

(٥) الأبيات في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٢٩٥).

٢٧٥

عدوّي وأشياعي كثير ، كذاك من

غدا وهو نفّاع المساعي وضائر

وإنّي وإن آذيتني وعققتني

لمحتمل ما جاءني منك صابر

وقال قصيدة منها (١) : [الطويل]

أنا الشمس في جوّ العلوم منيرة

ولكنّ عيبي أنّ مطلعي الغرب

ولو أنّني من جانب الشّرق طالع

أجدّ (٢) على ما ضاع من علمي (٣) النّهب

وله على مذهبه (٤) : [الطويل]

وذي عذل فيمن سباني حسنه

يطيل ملامي في الهوى ويقول :

أمن أجل وجه لاح لم تر غيره

ولم تدر كيف الجسم أنت عليل (٥)

فقلت له : أسرفت في اللوم فاتّئذ (٦)

عندي ردّ ـ لو أشاء ـ طويل

ألم تر أنّي ظاهريّ ، وأنّني

على ما أرى حتى يقوم دليل

وله (٧) : [الطويل]

يقول أخي : شجاك رحيل جسمي

وقلبي عندكم أبدا مقيم (٨)

فقلت له : المعاين مطمئن

لذا سأل المعاينة الكليم (٩)

وله في غلام ناحل :

وإنّ غصنا أبدا لا تزول

عليه شمسّ لحر بالذّبول

__________________

(١) البيتان في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٢٩٦) وجذوة المقتبس (ص ٣١٠) وبغية الملتمس (ص ١٤٧) والذخيرة (ق ١ / ص ١٧٣).

(٢) في النفح : لجدّ.

(٣) في النفح : علمي.

(٤) الأبيات في نفح الطيب (ج ٢ / ص ٢٩٧ / ٢٩٨) والذخيرة (ق ١ / ص ١٧٥).

(٥) في الذخيرة : قتيل.

(٦) في الذخيرة : بدا.

(٧) الأبيات في جذوة المقتبس (ص ٣١٠) وبغية الملتمس (ص ٤١٧) والذخيرة (ق ١ / ص ١٧٤) ونفح الطيب (ج ٢ / ص ٢٩٧) ببعض الاختلاف عمّا هنا.

(٨) في النفح : لئن أصبحت مرتحلا بشخصي .... فقلبي.

(٩) في النفح : ولكن للعيان لطيف معنى.

٢٧٦

٢٥٤ ـ ابن عمه أبو المغيرة عبد الوهاب ابن أحمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن حزم (١)

من الذخيرة : لحق ببلاد الثّغر ، وقد اعتلت طبقته في النظم والنثر ، وكتب عن عدة من الملوك ونال حظّا عريضا من دنياهم ، إلا أنه اعتبط شابّا بعد أن ألف عدّة تواليف. وشجر الأمر بينه وبين ابن عمه أبو محمد ابن حزم ، وجرت بينهما هنات ظهر فيها أبو المغيرة ، وبكّته ، حتى أسكته.

جواب أبي المغيرة للرسالة المتقدمة : قرأت هذه الرّقعة العاقّة ، فحين استوعبتها أنشدتني :

نحنح زيد وسعل

لمّا رأى وقع الأسل

فأردت قطعها ، وترك المراجعة عنها ، فقالت لي نفس قد عرفت مكانها : بالله لا قطعتها إلا يده ، فأثبتّ على ظهرها ، ما يكون سببا إلى صونها ، وقلت (٢) :

نعقت ولم تدر كيف الجواب

وأخطأت حتى أتاك الصّواب

وأجريت وحدك في حلبة

نأت عنك فيها الجياد العراب

وبتّ من الجهل مستنتجا

لغير قرى فأتتك الذّئاب

__________________

(١) من أهل قرطبة ، أديب وكاتب. وتوفي سنة ٤٣٨ ه‍. الصلة (ص ٥٥٥) وجذوة المقتبس (ص ٢٩١) وبغية الملتمس (ص ٣٩٣) والذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ١١٠).

(٢) الأبيات في الذخيرة (ج ١ / ق ١ / ص ١١٠).

٢٧٧
٢٧٨

كتاب

الفردوس

في حلى مملكة بَطَليَوس

٢٧٩
٢٨٠