المغرب في حلى المغرب - ج ١

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي

المغرب في حلى المغرب - ج ١

المؤلف:

علي بن موسى بن محمّد بن عبد الملك بن سعيد الغرناطي الأندلسي


المحقق: خليل المنصور
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨١
الجزء ١ الجزء ٢

وموشحته التي منها :

عبرة تسيل

ودم على الأثر

قد صبرت حتى

لات حين مصطبري

لا أطيق كتما

ضقت بالأسى ذرعا

زائر ألمّا

يلبس الدجى درعا

حجبوه لمّا

صار صورة بدعا

وكذا الأفول

من عوائد القمر

قلما تأتّى أمل

بلا كدر

وموشحته

صادني ولم يدر ما صادا

شادن سبى الليث فانقادا

واستخفّ بالبدر أو كادا

يا له لقد ضمّ بالبدر أزراره

وبالحقف زنّاره

لو أجاز حكمي عليه

لاقترحت تقبيل نعليه

لا أقول ألثم خدّيه

أنا من يعظّم والله مقداره

ويلزم إكباره

يا سناك حسبك أو حسبي

فقد قضيت في حبكم نحبي

واحتسبت نفسي في الحبّ

إنها نفس لدى الحبّ محتاره

وبالسوء أمّاره

عرّض الفؤاد لأشجانه

ومضى على حكم سلطانه

فانبريت في بعض أوطانه

تارة أقبّل آثاره

وأندبه تاره

أيها المدلّ بأجفانه

كم وفيت والغدر من شانه

وأصحّ ، من طول هجرانه

٢٠١

وعلش حبيب قطعت الزياره

وعينيك سحّاره

وموشحته :

حيّ الوجوه الملاحا

وحيّ نجل العيون

هل في الهوى من جناح

أو في نديم وراح

رام النّصيح صلاحي

وكيف أرجو صلاحا

بين الهوى والمجون

أبكي العيون البواكي

تذكار أخت السّماك

حتى حمام الأراك

بكى شجوني وناحا

على فروع الغصون

ألقى إليها زمامه

صبّ يداري غرامه

ولا يطيق اكتتامه

غدا بشوق وراحا

ما بين شتّى الظنون

يا غائبا لا يغيب

أنت البعيد القريب

كم تشتكيك القلوب

أثخنتهنّ جراحا

فاترك سهام الجفون

يا راحلا لم يودّع

رحلت بالأنس أجمع

والفجر يعطي ويمنع

مرّت عيناك الملاحا

سحرا فما ودعوني

وموشّحته التي منها :

نبّه الصبح رقدة النائم

فانتبه للصّبوح

وأدر قهوة لها شان

ذات عرف يفوح

موشحة لابن حنّون الذي تقدمت ترجمته :

أبى أن يجود بالسلام

فكيف يجود بالوصال

٢٠٢

من كانت تحية الوداع

منه قبلة عند الزوال

عناء المتيّم المعنّى

أثاب إليه أو تجنّى

يروقك منظرا وحسنا

كالغصن النضير في القوام

كالبدر المنير في الكمال

يروعك وهو ذو ارتياع

كالليث الهصور كالغزال

تذكّر عهدي الملول

وقد أخذت منه الشمول

فجاد بزورة بخيل

أتى حين عبّ في المدام

كالغصن هفت به الشمال

يمشي بين ميل واضطلاع

فمنه انثنا واعتدال

محمد عبدك المنيب

يدعوك وأنت لا تجيب

لقد شقيت منك القلوب

بسهل الهوى صعب المرام

هي الشمس نيلها محال

تلقى العيون بالشعاع

فيمنعها من أن تنال

ألم يأن أن يلين قلبك

فيلتذّ بالكرى محبّك

فلو أنه ينام صبّك

وتعتنقان في المنام

لأقنع ذلك الخيال

من بات بذاك الاجتماع

على ثقة من الليال

تفوّق سهم كلّ حين

بما شئت من يدّ وعين

وتنشد في القضيتين

خلقت مليح علمت رام

فلس نخلة ساعة عن قتال

وتعمل بذي العينين متاع

ما تعمل أرباب النّبال

موشحة لابن عتبة :

الرّوض في حلل خضر عروس

واللّيل قد أشرقت فيه الكئوس

٢٠٣

وليس إلا حميّاها شموس

تجلى بكفّي غلام

كالغصن لدن ألقوام

ريقه سلسبيل

يشفي لهيب أوامي

يا حبّذا يومنا يوم الخليج

والموج تركض أطراف المروج

أحبب به وبمرآه البهيج

يفترّ ثغر الكمام

عن باكيات الغمام

والغصون تميل

سكرا بغير مدام

فقم نباكرها للاصطباح

والشّهب تنثر من خيط الصباح

والقضب ترقص في أيدي الرياح

پعلى غناء الحمام

والكاس ذات ابتسام

والظلام قتيل

والصبح دامي الحسام

وقد وقع له تأليف هذا المعنى وقوعا عجيبا ، كما وقع لابن الفرس الغرناطي قوله :

نفضّ مسك الختام

عن عسجديّ المدام

ورداء الأصيل

تطويه كفّ الظلام

وكلاهما يزهى بالمعنيين.

موشحة لابن عيسى الإشبيلي :

عرف الروض فاح

والطير قد غنّى والصبح أضا

فباكر الدّنّا

خذها كالرّجا في عقب الياس

إذا صبّها الإبريق في الكاس

مشعشعة تضيء للناس

كالنجم ألاح

في أفقه وهنا هوى فمضى

أن يخطف الجنّا

ألا بأبي نورّية البرد

بلبّتها لآلىء العقد

تطوف بها مليحة القدّ

تخال الصباح

في وجهه عنّا وإن أعرضا

حسبته غصنا

غزال كأن البدر يحكيه

٢٠٤

أذوب حذارا من تجنّيه

فمن لي به حتى أدانيه

قليل السماح

ويكثر المنّا وقد ارتضى

في الحبّ أن أفنى

تلفت به في الهجر إذ جدّا

ولم ألف من صبر له بدّا

ولو شاء من كنت له عبدا

كثير المزاح

يقتلني ظنّا فهلا قضى

عليّ إذ ضنّا

أجرّ هوى في الحب أذيالي

وما إن دنا والموت أدنى لي

ولكنما أشدو لعذّالي

سلطان الملاح

يا قد رضي عنّا ولولا الرّضا

ولش كن يكون منا

أعلام الزجالين من إشبيلية

٢٠٢ ـ أبو عمرو بن الزاهر (١)

ذكره ابن الدباغ في كتاب ملح الزجالين وأثنى عليه وأورد من ملحه قوله :

إش عليك اتّ يا بن يقلق

دعن نشرب دعن نعشق

حتى نمشي سكران احمق

في دراعي مقبض خمّاس

وفي صدري قيس المجنون

وقوله :

إذا وصفت جمال ذاك الخد

قلت الحسن على كاس ينشد

وإن مدحت شعرك الأسود

فالمتنبي ينشد لكافور

وقوله :

__________________

(١) انظر ترجمته في مقدمة ابن خلدون.

٢٠٥

يا من ه مجد والسّها

جاوزت حدّ الانتها

وقد عطيت من النّها

أوفى نصيب

٢٠٣ ـ أبو بكر الحصار

ذكره الدباغ ، وأنشد من ملحه قوله :

حن نلتقيه يحتشم

وينصبغ كلّ دم

كم من مليح وكم

تتمنّى ذاك الخجل

عن خضاب

وقوله في المدح والظفر :

لقدل فالجلاب نهار

ولا نجّا إلا الفرار

حتى استحت فيها الشفار

من الجراح

وله الزجل المشهور الذي منه :

الذي نعشق مليح

والذي نشرب عتيق

المليح أبيض سمين

والشراب أصفر رقيق

لا شراب إلا قديم

لا مليح إلا وصول

إذ نقول روحك نريد

لس يخالف ما نقول

والزياره كلّ يوم

لا ملول ولا بخيل

من زيارة بعد

قد رجع بحل صديق

من زيارة بعد

قد رجع بحل صديق

٢٠٤ ـ أبو عبد الله بن خاطب

ذكره الدباغ ، وأنشد له من ملحه قوله :

٢٠٦

إن كان تسافر انتا يزيد مالك

لصحرا تمضي خفّف احمالك

فمن جمالك تكون أجمالك

ومن وقارك تكون أوقارك

وقوله :

حظاه أن يقول مع ذا الصغار

في طلب الدنيا والافتخار

مشى على الدنيا وحالها

فجات تخضع ل وجالها

٢٠٥ ـ أبو بكر بن صارم الإشبيلي

له الزجل المشهور :

حقا نحبّ

العقار فالدير طول النهار

نرتهن

خلع أنا لس قدّا عن فلان

نشرب بشقف القدح كف ما كان

للدير مر وتراني عيان

قد التويت

فالغبار وماع كانون بنار

فالدكان

ومذهبي فالشراب القديم

وسكرا من ه المنى والنعيم

ولس لي صاحب ولا لي نديم

فقدت أعيان

كبار واخلطن مع ذا العيار

الزمن

لا تستمع من يقول كان وكان

وانظر حقيق الخبر والعيان

بحال خيالي رجع ذا الزمان

فأحلى ما

يورّيك ديار غيّبها واخرج جوار

اليمن

وشاعت زندقته ، فطلب أن يقتل ، فهرب إلى الشرف ، واختفى في بيت ، فوقع النار فيه فاحترق.

٢٠٧

الحكايات

قد تقدم في نهر إشبيلية ومتنزهها من النوارد المضحكات ما فيه كفاية ، وهو ميدان لهوهم ومضحكاتهم وتنديرهم ، قال الحجاري في كتاب المسهب : أهل إشبيلية أكثر العالم طنزا وتهكّما ، قد طبعوا على ذلك. وكان المعتمد ابن عبّاد كثيرا ما يتستّر ، ويشاركهم في واديهم وفي مظان مجتمعاتهم ، ويمازجهم ، ويصقل صدأ خاطره بما يصدر عنهم. ومرّ المعتمد (١) ليلة بباب شيخ منهم مشهور بكثرة التندير والتهكم يمزج ذلك بحرد يضحك الثّكلى ، فقال المعتمد لوزيره ابن عمّار : تعالى نضرب على هذا الشيخ الساقط الباب ، حتى نضحك معه ، فضربا عليه بابه ، فقال : من هو؟ فقال ابن عباد : إنسان يرغب أن تقد له هذه الفتيلة ، فقال : والله لو ضرب ابن عبّاد بابي في هذا الوقت ما فتحته ، قال : فإني ابن عبّاد ، قال : مصفوع ألف صفعة ، فضحك ابن عبّاد حتى سقط إلى الأرض ، وقال لوزيره : امض بنا قبل أن يتعدّى [الصفع من](٢) القول إلى الفعل ، فهذا شيخ ركيك. ولما كان من غد تلك الليلة وجّه له ألف درهم ، وقال لموصّلها يقول له : هذا حقّ الألف صفعة متاع البارحة.

__________________

(١) وردت هذه الحكاية في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٦٩ / ٢٧٠).

(٢) هذه الزيادة عن النفح يقتضيها السياق.

٢٠٨

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي تشتمل عليها كورة إشبيلية ، وهو

كتاب النّسرينة في حلى قرية مقرينة

قرية في نطاق حضرة إشبيلية ، منها :

٢٠٦ ـ أبو العباس أحمد الكساد (١)

كان في إشبيلية في مدة منصور بني عبد المؤمن ، وكان يهوى موسى بن عبد الصمد ، مليح إشبيلية في ذلك الأوان ، ولما مات قال فيه (٢) : [الرمل]

هتف النّاعي بشجو الأبد

إذ نعى موسى بن عبد الصمد

ما عليهم ويحهم لو دفنوا

في فؤادي قطعة من كبدي

وقال فيه أيضا (٣) : [السريع]

ردّ (٤) إلى الجنّة حوريّها

وارتفع الحسن من الأرض

وأصبح العشّاق في مأتم

بعضهم يبكي على بعض

وله أزجال كثيرة ، وبها اشتهر.

__________________

(١) هو أبو العباس أحمد المقريني ، المعروف بالكساد ، وشاعر وشّاح وله أزجال كثيرة. ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٠٩).

(٢) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٠٩). دون تغيير عمّا هنا.

(٣) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٠٩).

(٤) في النفح : فرّ.

٢٠٩

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثالث

من الكتب التي تشتمل عليها الكورة إشبيلية ، وهو

كتاب ورق العريش في حلى قرية منيش

من قرى إشبيلية ، منها على ما ذكره الحجاري :

٢٠٧ ـ أبو القاسم بن أبي طالب الحضرمي المنيشي المعروف بعصا الأعمى (١)

لقّب بعصا الأعمى ، لأنه كان يقود الأعمى التّطيلي ، وقال في وصفه ابن الإمام : أحد الأفراد ، ورأس الجهابذة النقاد ، وأنشد له قوله (٢) : [المنسرح]

صاغت يمين الرّياح محكمة

في نهر واضح الأسارير

وكلما (٣) ضاعفت به حلقا

قام لها القطر بالمسامير

وقوله (٤) :

وخشفيّة الألحاظ والجيد والحشا

ولكن لها فضل الفيول (٥) على الخشف

__________________

(١) انظر ترجمته في المطرب (ص ١١٠) وبغية الملتمس (ص ٥٣٤) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٠٩).

(٢) البيتان في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢٠٩) وبغية الملتمس (ص ٥٣٤).

(٣) في النفح : فكلّما.

(٤) الأبيات في الذخيرة (ج ١ / ق ٢ / ص ١٤٩ / ١٥٠).

(٥) في الذخيرة : القبول.

٢١٠

تثنّى على مثل العنان إذا انثنى (١)

وقد عقدوها للفهوق (٢) على النّصف

وليس كما قال الجهول تقسّمت

فبعض إلى غصن وبعض إلى حقف

سعت في سبيل الهتك (٣) والفتك بيننا

إشارات (٤) لحظ تخلط (٥) النّكر بالعرف

فما (٦) شئت من عضّ الحليّ ورضّه

وما شئت من صكّ الخلاخل والشّنف

وقوله (٧) :

وعجزاء لفّاء (٨) وفق الهوى

تحيّرت فيها وفي أمرها

غلاميّة ليس في جسمها

مكان رقيق (٩) سوى خصرها

إذا أقبلت أو إذا أدبرت (١٠)

ففي فرّها الموت أو كرّها

ولما خلونا ورقّ الكلام

دفعت بكفّي في صدرها

ومن لا أسميه مثل القناة

قد ألقت (١١) ذراعا على عشرها

وصارفتها العين هذا بذاك

وقد شدّت السّوق من أزرها

وما زلت أجمع ضربا وطعنا (١٢)

على زيدها وعلى عمرها

فأعطيتها المحض من فضّتي

وأعطتني المحض من تبرها

__________________

(١) في الذخيرة : التوى.

(٢) في الذخيرة : للفسوق.

(٣) في الذخيرة : الفتك والفتك.

(٤) في الذخيرة : إشارة.

(٥) في الذخيرة : تنسخ.

(٦) في الذخيرة : وما.

(٧) في الذخيرة (ج ١ / ق ٢ / ص ١٤٥).

(٨) في الذخيرة : حوراء.

(٩) في الذخيرة : دقيق.

(١٠) في الذخيرة : إذا أدبرت أو إذا أقبلت.

(١١) في الذخيرة : فألقت.

(١٢) الشطر في الذخيرة : فما زلت أجمع طعنا وضربا.

٢١١

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الرابع

من كتب الكورة الإشبيلية ، وهو

كتاب وشي المحابر في حلى قلعة جابر

على قرب من إشبيلية ، وكثيرا ما يتفرج فيها أعيانها لحسنها في المروج والمياه وكثرة الطير ، منها :

٢٠٨ ـ عامر بن خدّوش القلعي

أنشدت له :

ألا يا سقى الرحمن قلعة جابر

فكم لي فيها من ليال زواهر

محلّي الذي لا زلت أشدو بذكره

إذا ما شدا مغرى بهند وساحر

فلله منها كلّ غصن وطائر

ولله فيها كلّ خدّ وناظر

ضمنت لها أن لا تزال مدامعي

على فقدها مثل السّحاب المواطر

٢١٢

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الخامس

من الكتب التي تشتمل عليها

الكورة الإشبيلية

وهو

كتاب العذار المطل في حلى جزيرة قبطل

جزيرة كبيرة مشهورة في نهر إشبيلية ، والماء عندها غير عذاب ، لقرب البحر المحيط منها ، وخيلها تجلب إليها من إشبيلية ، وهي خصبة ؛ منها :

٢٠٩ ـ الحسيب أبو عمرو بن الحكم القبطلي (١)

حسنة بني حكم ، أعيان قبطل. أخبرني والدي : أنه طلع إلى حضرة مرّاكش في هذه المدة الأخيرة ، وأمّل أحد وجوه الدولة ، فطال عليه وعده ، وظهر له أن يرجع إلى بلده خائبا ، فكتب له (٢) : [السريع]

حاشا لمن أمّلكم أن يخيب

وينثني نحو العدا مستريب

هذا وكم أقرأني (٣) بشركم

(نصر من الله وفتح قريب) (٤)

__________________

(١) ذكره المقري في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢١١) وترجم له ابن سعيد في اختصار القدح (ص ٢٠٠).

(٢) البيتان في اختصار القدح (ص ٢٠٠) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢١١).

(٣) في اختصار القدح : أقرأ في.

(٤) عجز البيت الآية ١٣ من سورة الصف : ٦١.

٢١٣

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب السادس

من الكتب التي تشتمل عليها

كورة إشبيلية

وهو

كتاب الحانة في مدينة طريانة

هذه مدينة ممتدة على شاطىء النهر الأعظم في مقابلة النصف من حضرة إشبيلية ، وهي مسوّرة من جهة الصحراء ، وفيها الحمامات والأسواق الضخمة. وقد بنيت على تاج مطلّ على النهر ، ومناظرها التي من جهة النهر سنّ فيها المعتمد بن عباد أن تبيّض بالكلس لئلا تنبو العين عنها ، ومن لا ينهض إلى ذلك فيبني من جهة الصحراء ، ولا يترك يبني من جهة النهر. فجاءت بديعة فتانة المنظر ، أكثر شراجيبها منقوشة مذهّبة تخطف الأبصار ، ويكون فيها من أصناف الطّرب في الليالي القمرية ما هو مشهور في البلاد. ومنها :

٢١٠ ـ الشيخ النحوي الأديب أبو عمران موسى الطرياني (١)

سكن قصر عبد الكريم من برّ العدوة ، وهنالك قرأت عليه ، ووجدت فيه من اللطافة

__________________

(١) ينسب إلى طريانة المنارة التي أمام إشبيلية ، وهو شيخ نحوي أديب ظريف ، توفي سنة ٦٣٩ ه‍. انظر ترجمته في اختصار القدح (ص ١٠١) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢١٠).

٢١٤

والظرف ما لم أزل أحدّث به. وأنشدني من شعره قوله في المدينة التي يعملها أهل المغرب من العجين بأصناف الألوان في النّوروز المعروف عندهم بينّير (١) : [مجزوء الرجز]

مدينة (٢) مصوّره

تحار فيها السّحره

لم تبنها إلا يدا

عذراء أو مخدّره

بدت عروسا تجتلي

من درمك مزعفره

وما لها مفاتح

إلا البنان العشره

وقوله (٣) :

شكوت لها الغرام عسى رضاها

يريني بعد شقوتي النجاحا

فقالت لي : إذا ما الليل أرخى

ستائره فسل عني البطاحا

فيمّمت البطاح ولا دليل

سوى عرف تضمّنه الرياحا

فقالت : نم ، فقلت : أمثل طرفي

ينام وقد رأى ذاك السّماحا؟

فقالت : بل (٤) تناوم إنّ وجهي

إذا استيقظت يذكرك الصباحا

فتمسي طول ليلك في عذاب

تراع وما صباح الرّوع لاحا

وتركته في قيد الحياة.

__________________

(١) الأبيات في اختصار القدح (ج ١ / ص ٢٩٤) ونفح الطيب (ج ٥ / ص ٢١٠).

(٢) في النفح واختصار القدح : مسوّرة.

(٣) الأبيات في اختصار القدح : (ج ١ / ص ٢٩٤).

(٤) في اختصار القدح : لي.

٢١٥

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب السابع

من الكتب التي تشتمل عليها

الكورة الإشبيلية

وهو

كتاب الحبابة في حلى قرية الغابة

من القرى التي على نهر إشبيلية ، منها :

٢١١ ـ محمد بن سليمان بن ربيع الخولاني الغابي (١)

أنشد له صاحب الحدائق (٢) : [المنسرح]

أمثل شوقي إليك ينفرج

وهل بروحي في الجسم يمتزج (٣)؟

أين لقلبي من الهوى فرج (٤)

ولوعة الشّوق فيه تعتلج؟

وأبأبي من يذيب نفسي بالتك

رية منه الدّلال والغنج

علّم طرفي السّهاد من طرفه السّ

احر ذاك الفتور والدعج

__________________

(١) ذكره الثعالبي في يتيمة الدهر (ج ٢ / ص ٢٤) باسم (محمد بن سليمان الفاني الأكبر).

(٢) الأبيات في يتيمة الدهر (ج ٢ / ص ٢٤ ـ ٢٥).

(٣) في يتيمة الدهر : وهو بروحي الجسم ممتزج.

(٤) في يتيمة الدهر : وزر.

٢١٦

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثامن

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب الكورة الإشبيلية

وهو

كتاب وشاح المصر في حلى حصن القصر

من الحصون المذكورة المشهورة ، التي في الشرف ، وكان ابن عبّاد كثيرا ما يتفرّج في وادي الطّلح بجهته ، وهو نهر مليح في نهاية الحسن. وينسب إليه :

٢١٢ ـ ابن حبيب القصري الفيلسوف (١)

برع في العلم القديم ، واشتهر اشتهار البدر في اللّيل البهيم ، فلاحظته الأعين ، وخاضت فيه الألسن ، وصادف اشتهاره إظهار مأمون بني عبد المؤمن طلب الزنادقة وتطهير الأرض منهم ، فكان فيمن ضرب عنقه وصلبه. وله شعر أنشدت منه قوله :

جلت في علم ترفع

ت به عن ذي البريّه

__________________

(١) ترجم له المقري في نفح الطيب (ج ٤ / ص ١٦٣).

٢١٧

وترقّيت إلى أن

صحّ لي الذات العليّه

ثم إنا نجرع المو

ت جميعا بالسويّة

فأبن العدل يا جا

هل في هذي القضيّه

وقوله :

هنيئا خلعة الملك الذي قد

رآك لها من العظماء أهلا

حباك بها من النّعمى سحابا

ومن جاه يمدّ عليك ظلّا

وله موشحات ، منها موشحة أولها :

اشرب على ضفة الغدير

وبهجة الروض في المطر

وانظر إلى الكوكب المنير

يسعى بكاس لها شرر

لا تشرب الكاس دون ساق

تسبيك من وجهه فتن

مهفهف الخصر ذو نطاق

يجول منه بكل فنّ

وقف على اللّثم والعناق

يصلح في مذهب الحسن

يهتزّ في قده النضير

على كثيب يسبي البصر

يا قوم هل فيه من مجير

فليس لي عنه مصطبر

٢١٨

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب التاسع

من الكتب التي تشتمل عليها

كتاب الكورة الإشبيلية

وهو

كتاب النّورة في حلى لورة

من حصون نهر إشبيلية ، ينسب إليه :

٢١٣ ـ عبد الغفار بن مليح اللّوري

إن كان ضعيف الشعر فقد صدر له قوله :

بتنا وبرد الليل ينسجه الدّجى

لكن تمزّقه الكؤوس اللّمّع

والنهر مثل الصّبّ يشكو بعده

عن روضه وتراه فيه يطبع

وإذا أتاه المدّ راجع وصله

رغما فتلاه الغصون فيركع

٢١٩

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد

أما بعد حمد الله والصلاة على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه ، فهذا :

الكتاب الثاني

من الكتب التي يشتمل عليها

كتاب المملكة الإشبيلية

وهو

كتاب الحركات المجونية في حلى الكورة القرمونيّة

كورة مشهورة بكثرة المحرث وطيبه. والحالي منها مدينة قرمونة ، وهي مدينة من جهة ضخامة الأسواق والحمامات ، ومعقل عظيم من جهة الارتفاع والمنعة ، لا ترام بقتال. وهي من حصون الإسلام المشهورة. وقد كان امتنع فيها يحيى بن علي بن حمّود الفاطمي ، وجعل يقاتل ابن عبّاد في إشبيلية حتى ضاق ابن عبّاد به ، ولم يكن له فيه حيلة لمنعة معقله ، إلى أن خرج ليلة ، وهو سكران ، بخيل ضربت من إشبيلية على قرمونة ، فوقع في أيديهم فقتلوه.

السلك

٢١٤ ـ أبو الحسن علي بن الجعد القرموني (١)

لحق دولتي الملثمين والمصامدة ، وكان فقيها ، ورحل إلى المشرق ، ومن شعره قوله :

__________________

(١) انظر ترجمته في نفح الطيب (ج ٥ / ص ٢١١).

٢٢٠