تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٥

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٥

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٩٦
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

الهاشمي ، نا صالح بن أحمد ، نا علي ـ يعني ابن المديني ـ قال : سمعت يحيى ـ يعني القطّان ـ يقول : لم يكن طلحة بن يحيى بالقوي ، قلت ليحيى : هو أحبّ إليك أو عمرو بن عثمان؟ قال : عمرو بن عثمان أحبّ إليّ.

أخبرنا أبو القاسم ، أنا أبو القاسم ، أنا أبو عمرو الفارسي ، أنا أبو أحمد (١) ، نا الجنيدي ، نا البخاري ، قال : طلحة بن يحيى منكر الحديث ، يروى عن (٢) عروة عن عائشة ـ مرفوع ـ الغسل يوم الجمعة واجب ، والمعروف عن عروة وعمرة ، عن عائشة : كان الناس عمال أنفسهم ، فقيل لهم : لو اغتسلتم.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفرضي ، وأبو يعلى بن الحبوبي ، قالا : أنا سهل بن بشر ، أنا علي بن منير بن أحمد ، أنا الحسن بن رشيق ، نا أبو عبد الرّحمن النسائي ، قال : طلحة بن يحيى بن طلحة ليس بالقوي.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ـ شفاها ـ أنا عبد العزيز الكتاني التميمي ـ إجازة ـ أنا تمام بن محمّد ـ إجازة ـ حدّثني أبي ، أخبرني أبو محمّد عبد الله بن أحمد بن ربيعة الربعي ، نا جعفر بن محمّد بن أبي عثمان الطيالسي ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول : وطلحة بن يحيى ـ يعني مات ـ سنة ثمان وأربعين ـ يعني ـ ومائة.

أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم ، عن رشأ بن نظيف ، أنبأ عبد الرّحمن بن محمّد ، وعبد الله بن عبد الرّحمن ، قالا : أنا الحسن بن رشيق ، أنبأ أبو بشر الدّولابي ، أخبرني محمّد ـ يعني ابن إبراهيم بن هاشم ـ عن أبيه ، عن محمّد بن عمر قال : في سنة ثمان وأربعين ومائة مات طلحة بن يحيى بن طلحة.

٢٩٩٠ ـ طلحة بن السّبعي الدّمشقي الصّوفي

سكن بغداد ، وتوفي بها ، وحدّث عن من لم يسم لنا ، ذكره أبو الفضل محمّد بن طاهر الحافظ ، وقال : رأيته ولم أسمع منه شيئا ، وذكر أنه منسوب إلى قراءة السّبع بدمشق.

__________________

(١) المصدر السابق / الجزء والصفحة.

(٢) بالأصل : عنه ، والصواب عن ابن عدي.

١٤١

ذكر من اسمه طليب (١)

٢٩٩١ ـ طليب بن عمير بن وهب بن عبد بن قصي

ابن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب

أبو عدي القرشي (٢)

أمه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم عمّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من المهاجرين الأوّلين ، يقال إنه شهد بدرا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واستشهد يوم اليرموك ، ويقال : يوم أجنادين.

قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن ، عن أبي تمام علي بن محمّد ، أنا أحمد بن عبيد بن الفضل ، أنا محمّد بن الحسين ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة قال : طليب بن عمير أبو عدي حدّثنا مصعب قال : طليب بن عمير من المهاجرين الأوّلين ، شهد بدرا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقتل يوم اليرموك ، أمّه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال : طليب بن عمير بن وهب بن عبد بن قصي من المهاجرين الأوّلين شهد بدرا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقتل يوم اليرموك شهيدا ، وأمّه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم ، وهو أوّل من دمى مشركا في

__________________

(١) بالأصل : طالب.

(٢) ترجمته في الاستيعاب ٢ / ٢٢٧ وأسد الغابة ٢ / ٤٧٦ والإصابة ٢ / ٢٣٣ وجمهرة أنساب العرب ص ١٢٨ وتاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص ٩٤ والوافي بالوفيات ١٦ / ٤٩٣ والمحبر في صفحات متفرقة (٧٢ و ١٧٣ و ٤٠٦).

وعمير بالتصغير كما في الإصابة.

١٤٢

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، سمع مشركا يشتم النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذ لحي جمل فضربه به فشجّه ، فقيل لأمّه : ألم تري ما صنع ابنك ، وأخبرت الخبر فقالت :

إنّ طليبا نصر ابن خاله

آساه في ذي دمه وماله

وذكر الزبير في موضع آخر فيما أخبرنا به أبو الحسين بن الفراء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا أبي علي ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزّبير بن بكّار ، قال : وكانت أروى بنت عبد المطلب عند عمير بن وهب بن عبد بن قصي ، فولدت له طليبا بن عمير ، وكان من المهاجرين الأوّلين ، وشهد بدرا ، وقتل بأجنادين شهيدا ، ليس له عقب ، وشتم عوف بن صبيرة (١) السّهمي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخذ له طليب بن عمير لحي جمل فضربه به حتى سقط مزمّلا بدمه ، فقيل لأمّه : ألا تري ما صنع ابنك ، فقالت (٢) :

إنّ طليبا نصر ابن خاله

آساه في ذي دمه وماله

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن محمّد بن عبد الرّحمن ، نا محمّد بن سعد (٣) قال : في الطبقة الأولى من أهل بدر من بني عبد بن قصي بن كلاب : طليب بن عمير بن وهب بن كبير (٤) بن عبد بن قصي ، ويكنى أبا عدي ، وأمّه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ، وكان طليب بن عمير من مهاجرة الحبشة في الهجرة الثانية ، ذكروه جميعا موسى بن عقبة ، ومحمّد بن إسحاق ، وأبو معشر ، ومحمّد بن عمر ، وأجمعوا على ذلك ، وآخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بين طليب بن عمير والمنكدر (٥) بن عمرو السّاعدي ، وشهد طليب بدرا في رواية محمّد بن عمر وثبّت ذلك ، ولم يذكره موسى بن عقبة ، ومحمّد بن إسحاق ، وأبو معشر فيمن شهد بدرا.

ـ في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الخلّال ـ أنا أبو القاسم بن منده ، أنا أبو علي ـ إجازة ـ.

__________________

(١) الإصابة : «صبرة» وفيها وقيل : إن المضروب : أبا هاب بن عزيز الدارمي.

(٢) الرجز في الإصابة ٢ / ٢٣٣ وفيها : واساه».

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ١٢٣.

(٤) ابن سعد : كثير.

(٥) ابن سعد : والمنذر.

١٤٣

ح قال : وأنا أبو طاهر بن سلمة ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (١) ، قال : طليب بن عمير بن وهب بن كثير (٢) بن عبد بن قصي ، يكنى أبا عدي ، وأمّه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وهو أحد المهاجرين إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ، سمعت أبي يقول ذلك ، قال أبو محمّد : لا يروى عنه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنبأ أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، أنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٣) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه قال : أسلم طليب بن عمير في دار الأرقم ، ثم خرج فدخل على أمّه ، وهي أروى بنت عبد المطلب ، فقال : تبعت محمّدا (٤) وأسلمت لله ، فقالت أمّه : إنّ أحقّ [من](٥) وازرت وعضدت ابن خالك ، والله لو كنا نقدر على ما تقدر عليه الرجال لمنعناه وذببنا عنه ، فقال : يا أمة فما يمنعك أن تسلمي وتتبعيه؟ فقد أسلم أخوك حمزة ، فقالت : انظر ما تصنع أخواتي ثم أكون إحداهن ، قال : فقلت : فإني أسألك بالله إلّا أتيته فسلّمت عليه وصدّقته وشهدت أن لا إله إلّا الله ، قال : فشهدت أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، ثم كانت بعد تعضد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بلسانها وتحضّ ابنها على نصرته والقيام بأمره.

قال (٦) : وأنا محمّد بن عمر ، نا حكيم بن محمّد ، عن أبيه ، قال : لما هاجر طليب بن عمير من مكة إلى المدينة نزل على عبد الله بن سلمة العجلاني.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٧) ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني سلمة بن؟؟ ح؟؟ (٨) عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك ، عن أم ذرة ، عن

__________________

(١) الجرح والتعديل ٤ / ٤٩٩.

(٢) في الاستيعاب والإصابة : ابن أبي كثير.

(٣) طبقات ابن سعد ٣ / ١٢٣.

(٤) بالأصل : «محمد».

(٥) زيادة عن ابن سعد.

(٦) المصدر السابق ٣ / ١٢٣.

(٧) لم أعثر على الخبر في طبقات ابن سعد ، وقد سقط من ترجمة طليب.

(٨) كذا رسمها.

١٤٤

برّة بنت أبي تجراة ، قالت : عرض أبو جهل وعدة معه من كفّار قريش للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأذوه ، فعمد طليب بن عمير إلى أبي جهل فضربه ضربة شجّه ، فأخذوه فأوثقوه ، فقام دونه أبو لهب حتى خلاه ، فقيل لأروى : ألا ترين ابنك طليبا قد صبر نفسه عرضا دون محمّد ، فقالت : خير أيامه يوم يذب عن ابن خاله ، وقد جاء بالحق من عند الله تعالى ، فقالوا : ولقد اتّبعت محمّدا (١)؟ فقالت : نعم ، فخرج بعضهم إلى أبي لهب ، فأخبره فأقبل حتى دخل عليها ، فقال : عجبا لك ولاتّباعك محمّدا ، ولتركك دين عبد المطّلب ، فقالت : قد كان ذلك ، فقم دون ابن أخيك فاعضده وامنعه ، فإن يظهر أمره فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك ، وأن تصب كنت قد أعذرت في ابن أخيك ، فقال أبو لهب : ولنا طاقة بالعرب قاطبة؟ جاء بدين محدث ثم قال : ثم انصرف أبو لهب ، قال محمّد : وسمعت غير محمّد بن عمر يذكر أن أروى قالت يومئذ :

إنّ طليبا نصر ابن خاله

آساه في ذي دمه وماله

أنبأنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنبأ أبو بكر الصّفار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال طليب بن عمير القرشي المدني من بني عبد بن قصي ، وأمّه أروى بنت عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف ، شهد بدرا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قتل يوم أجنادين بالشام سنة ثلاث عشرة ، وهو ابن خمس وثلاثين سنة ، قال الواقدي : يكنى أبا عمرو.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا أبو بكر بن عتّاب ، نا القاسم بن عبد الله ، نا إسماعيل بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة قال في تسمية من يذكر أنه خرج إلى أرض الحبشة : طليب بن عمير بن وهب بن عبد بن قصي ، قال : وقتل يوم أجنادين من المسلمين من قريش من بني عبد بن قصي طليب بن عمير.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده ، أنا محمّد بن يعقوب ، نا أحمد بن عبد الجبّار ، نا يونس ، عن محمّد بن إسحاق (٢) فيمن هاجر إلى أرض الحبشة طليب بن عمير ، وقال موسى بن عقبة ، عن

__________________

(١) بالأصل محمد.

(٢) سيرة ابن إسحاق ص ١٥٦ رقم ٢١٨.

١٤٥

الزهري ، من المهاجرين الأولين ممن شهد بدرا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقتل يوم اليرموك : طليب بن عمير بن وهب بن عبد بن قصي ، كذا عن ابن منده ، عن موسى بن عقبة ، والصّواب ابن عبد بن قصي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأ رضوان بن أحمد ـ إجازة ـ أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق (١) في تسمية من هاجر إلى أرض الحبشة من بني عبد بن قصي طليب بن عمير بن وهب بن أبي كثير (٢) بن عبد بن قصي ، لا عقب له.

أخبرنا أبو بكر الحاسب ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، أنا أبو عبد الله محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر (٣) ، قال : في تسمية من شهد بدرا من بني عبد بن قصي : طليب بن عمير بن وهب ، حدّثني بذلك عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمّد ، ومحمّد بن عبد الله بن عمرو ، قال : وحدّثنيه قدامة بن موسى ، عن عائشة بنت قدامة.

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا إبراهيم بن محمّد بن إبراهيم ، أنا إبراهيم بن عبد الله ، أنا أبو بكر النيسابوري ، نا محمّد بن مصعب الصّوري ، نا مؤمّل ، نا سفيان ، عن أبي سفيان ، عن البراء بن عازب قال : كنا نتحدث أن عدة أصحاب بدر ثلاثمائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت من جاوز معه النهر ، وما جاوز معه إلّا مؤمن.

أخبرنا أبو محمّد السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر محمّد بن هبة ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان.

ح وأخبرنا أبو القاسم أيضا ، أنا أبو الفضل بن البقّال ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا عثمان بن أحمد بن السّماك ، نا حنبل بن إسحاق ، قالا : أنا إبراهيم بن المنذر ، حدّثني محمّد بن فليح ، عن موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ـ زاد يعقوب وابن لهيعة : عن أبي الأسود ، عن عروة قال : وقتل يوم أجنادين من بني عبد بن قصي : طليب بن

__________________

(١) سيرة ابن إسحاق ص ٢٠٦ رقم ٣٠٢.

(٢) في سيرة ابن إسحاق : ابن أبي كبير.

(٣) مغازي الواقدي ١ / ١٥٤.

١٤٦

عمرو بن وهب ، قال إبراهيم : إنما هو طليب بن عمير.

أخبرنا أبو القاسم ، ثنا أبو بكر ، أنبأ أبو الحسين ، أنا عبد الله ، نا يعقوب ، نا عمّار ، عن سلمة ، عن ابن إسحاق قال : وقتل يومئذ ـ يعني يوم أجنادين ـ طليب بن عمير بن وهب.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، أنا محمّد بن عمر ،

أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمّد بن سعد ، ومحمّد بن عبد الله بن عمرو قالا (٢) : وأنا قدامة بن موسى ، عن عائشة بنت قدامة ، قالوا : قتل طليب بن عمير يوم أجنادين شهيدا في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، وهو ابن خمس وثلاثين سنة ، وليس له عقب.

أخبرنا أبو علي الحسين بن علي بن أشليها ، وابنه أبو الحسن علي ، قالا : أنا أبو الفضل بن الفرات ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا أبو القاسم بن أبي العقب ، أنا أحمد بن إبراهيم ، نا محمّد بن عائد ، أنبأ الواقدي قال : وقتل ـ يعني يوم أجنادين ـ من بني عبد بن قصي : طليب بن عمير بن وهب.

أخبرنا أبو محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن عمر ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد (٣) قال في الطبقة الأولى من أهل بدر : طليب بن عمير بن وهب بن كثير ، وقال غيره : كثير بن عبد مناف بن قصي ، ويكنى أبا عدي ، وأمّه أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، قتل يوم أجنادين بالشام في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، وهو ابن خمس وثلاثين سنة.

قال الواقدي : حدّثني بذلك عبد الله بن جعفر ، عن إسماعيل بن محمّد ، ومحمّد بن عبد الله بن عمرو ، قال : وأنا قدامة بن موسى ، عن عائشة بنت قدامة.

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٣ / ١٢٤.

(٢) عن ابن سعد ، وبالأصل : قال.

(٣) الخبر برواية ابن أبي الدنيا ليس في الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

١٤٧

قرأت على أبي محمّد بن حمزة ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد ، أنا أبو سليمان بن زبر ، قال : وفيها ـ يعني سنة ثلاث عشرة ـ استشهد طليب بن عمير بن وهب بن كثير بن عبد بن قصي ، ويكنى أبا عدي يوم أجنادين بالشام في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة ، وهو ابن خمس وثمانين.

وذكر أبو حذيفة : أن طليبا استشهد بأجنادين (١).

وذكر سيف أنه استشهد باليرموك.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر الذهبي ، نا أحمد بن عبد الله بن سعيد ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن أبي عثمان ، وخالد قالا : وكان ممن أصيب في الثلاثة آلاف الذين أصيبوا يوم اليرموك : طليب بن عمير بن وهب من بني عبد بن قصي (٢).

__________________

(١) ذكر الذهبي في تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص ٩٥ أنه مات : «وقد شاخ» وهو قول ابن كثير في البداية والنهاية ٧ / ٣٢ بتحقيقنا.

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٤٠٢ حوادث سنة ١٣.

١٤٨

ذكر من اسمه طليحة

٢٩٩٢ ـ طليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر

ابن حجوان بن فقعس بن ظريف بن عمرو

ابن قعين بن ثعلبة بن الحارث (١) بن دودان

ابن أسد بن خزيمة الأسدي الفقعسي (٢)

كان ممن شهد مع الأحزاب الخندق ، ثم قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة تسع ، فأسلم ، ثم ارتدّ وادعى (٣) النبوة في عهد أبي بكر الصّديق ، قال : وكانت له مع المسلمين وقائع ، ثم خذله الله فهرب حتى لحق بأعمال دمشق ، ونزل على آل جفنة ، ثم أسلم وقدم مكة معتمرا ، ثم خرج إلى الشام مجاهدا ، وشهد اليرموك ، وشهد بعض حروب الفرس.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (٤) قال في الطبقة الرابعة : طليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن حجوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر.

__________________

(١) فوق اللفظتين «ثعلبة والحارث» علامتا تقديم وتأخير.

(٢) ترجمته في الاستيعاب ٢ / ٢٣٧ وأسد الغابة ٢ / ٤٧٧ والإصابة ٢ / ٢٣٤ وجمهرة ابن حزم ص ١٩٦ الوافي بالوفيات ١٦ / ٤٩٥ تاريخ الإسلام (عهد الخلفاء الراشدين) ص ٢٢٩ ، وسير الأعلام ١ / ٣١٦ ، وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى ترجمت له.

(٣) بالأصل : «وادي» والصواب ما أثبت.

(٤) سقطت ترجمة من الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد ، فهي ضمن القسم الضائع من تراجم أهل المدينة.

١٤٩

وكان طليحة يعدّ بألف فارس لشدّته وشجاعته وصبره بالحرب.

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي نصر بن ماكولا ، قال : طليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن حجوان بن فقعس بن ظريف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة ، أسلم ثم ارتدّ ثم أسلم وحسن إسلامه ، وكان يعدل بألف فارس.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأ أبو علي بن المسلمة ، أنا أبو الحسن بن الحمّامي ، أنا أبو علي بن الصّواف ، نا الحسن بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى العطار ، نا أبو حذيفة قال : وأمره ـ يعني أبا عبيدة ـ يوم القادسية بتسعة عشر رجلا ممن شهد اليرموك ، منهم : عمرو بن معدي كرب الزبيدي ، وطليحة بن خويلد الأسدي ، وذكر غيرهما.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حيّة ، أنا محمّد بن شجاع ، نا محمّد بن عمر (١) ، حدّثني عمر بن عثمان بن عبد الرّحمن بن سعيد بن يربوع ، عن سلمة بن عبد الله بن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد وغيره أيضا ، قد حدّثني من حديث هذه السّرية ، وعماد الحديث عن عمر (٢) بن عثمان ، عن سلمة ، قالوا : شهد أبو سلمة بن عبد الأسد أحدا ، وكان نازلا في بني أمية بن زيد بالعالية حتى تحوّل من قباء ، ومعه زوجته أم سلمة بنت أبي أمية فجرح بأحد جرحا على عضده ، فرجع إلى منزله ، فجاءه الخبر أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سار إلى حمراء الأسد ، فركب حمارا وخرج يعارض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى لقيه حين هبط من العقبة (٣) بالعقيق ، فسار مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى حمراء الأسد ، فلما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة انصرف مع المسلمين ، ورجع من العقبة (٤) ، فأقام شهرا يداوي جرحه حتى رأى أن قد برئ ، ودمل الجرح على بغي (٥) لا يدري [به] ، فلما كان هلال المحرّم على رأس خمسة وثلاثين شهرا من الهجرة دعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : «اخرج في هذه السّرية ، فقد

__________________

(١) مغازي الواقدي ٣٤٠١ وما بعدها.

(٢) بالأصل : «عمرو» والمثبت عن مغازي الواقدي.

(٣) كذا ، وفي مغازي الواقدي «العصبة» وبهامشه : العصبة : منزل بني جحجبى غربي مسجد قباء.

(٤) كذا ، وفي مغازي الواقدي «العصبة» وبهامشه : العصبة : منزل بني جحجبى غربي مسجد قباء.

(٥) أي على فساد.

١٥٠

استعملتك عليها» ، وعقد له لواء ، وقال له : «سر حتى ترد أرض بني أسد ، فأغر عليهم قبل أن تلاقي عليك جموعهم» ، وأوصاه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ، فخرج في تلك السّرية خمسون ومائة ، منهم أبو سبرة بن أبي رهم ، وهو أخو أبي سلمة لأمّه ، أمّه مرّة بنت عبد المطلب ـ وعبد الله بن سهيل بن عمرو ، وعبد الله بن مخرمة العامري. ومن بني مخزوم : مغيث (١) بن الفضل بن حمراء الخزاعي حليف فيهم ، وأرقم بن أبي الأرقم من (٢) أنفسهم ، ومن بني فهر (٣) أبو عبيدة بن الجرّاح ، وسهيل بن بيضاء. ومن الأنصار : أسيد بن الحضير ، وعبّاد بن بشر ، وأبو نائلة ، وأبو عيسى (٤) ، وقتادة (٥) بن النعمان ، ونضر بن الحارث الظّفري ، وأبو قتادة ، وأبو عباس الزرقي ، وعبد الله بن زيد ، وخبيب بن يساف ، فيمن لم يسمّ لنا.

والذي هاجه أن رجلا من طيئ قدم المدينة يريد امرأة ذات رحم له من طيئ متزوجة رجلا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزل على صهره الذي [هو] من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره أن طليحة وسلمة ابني خويلد تركهما قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعوانهم إلى حرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يريدون أن يدنوا للمدينة ، وقالوا : نسير إلى محمّد في عقر داره ، ونصيب من أطرافه ، فإن لهم سرحا يرعى بجوانب المدينة ، ونخرج على متون الخيل ، فقد أربعنا خيلنا (٦) ، ونخرج على النجائب المجنونة (٧) ، فإن أصبنا نهبا ، لم ندرك ، وإن لاقينا جمعهم كنا قد أخذنا للحرب عدّتها ، معنا خيل ، ولا خيل معهم ، ومعنا نجائب أمثال الخيل ، والقوم منكوبون قد وقعت بهم قريش حديثا ، فهم لا يستبلّون دهرا ولا يثوب لهم جمع ، فقام منهم رجل منهم يقال له قيس بن الحارث بن عمير فقال : يا قوم ، والله ما هذا برأي ما لنا قبلهم وتر ، وما هم نهبة لمنتهب ، إن دارنا لبعيدة من يثرب ، وما لنا جمع كجمع قريش مكثت قريش دهرا تسير في العرب تستنصرها ولهم وتر يطلبونه ، ثم ساروا حتى قد امتطوا الإبل وفادوا الخيل

__________________

(١) عند الواقدي : معتّب.

(٢) بالأصل : عن.

(٣) بالأصل : «فهرا» والمثبت عن الواقدي.

(٤) عند الواقدي : وأبو عبس.

(٥) بالأصل : «وأبو قتادة» والمثبت عن الواقدي.

(٦) أربع الخيل : أي رعاها في الربيع.

(٧) الواقدي : النجائب المخبورة.

١٥١

وحملوا السّلاح مع العدد الكبير (١) ـ ثلاثة (٢) آلاف مقاتل سوى آبائهم (٣). وإنما جهدكم أن تخرجوا في ثلاثمائة رجل إن كملوا ، فتغرّرون بأنفسكم ويخرجون من بلدكم ولا آمن أن يكون الدائرة عليكم ، فكان ذلك أن يشككهم في المسير ، وهم على ما هم عليه بعد ، فخرج به الرجل الذي من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبره ما أخبر الرجل ، فبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا سلمة ، فخرج في أصحابه وخرج معهم الطائي دليلا ، فأغذّوا (٤) للسير ، ونكّب بهم عن سنن الطريق وعارض الطريق ، وسار بهم دليلا ليلا ونهارا ، فسبقا الأخبار ، وانتهوا إلى أدنى قطن. ماء من مياه بني أسد ـ هو الذي كان عليه جمعهم فيجدون (٥) سرحا فأغاروا على سرحهم فضمّوه ، وأخذا رعاء لهم ، مماليك ثلاثة ، وأفلت سائرهم ، فجاءوا جمعهم فخبروهم الخبر ، وحذروهم جمع أبي سلمة ، وكبّروه عندهم ، فتفرّق الجمع في كل وجه ، وورد أبو سلمة الماء فيجد الجمع قد تفرق ، فعسكر (٦) وفرق أصحابه في طلب النّعم والشاء ، فجعلهم ثلاث فرق : فرقة أقامت معه ، وفرقتان أغارتا في ناحيتين شتى. وأوعز إليهما أن لا يمعنوا في الطلب ، وأن لا يثبتوا إلّا عنده إن علموا ، وأمرهم أن لا يفترقوا ، واستعمل على كل فرقة عاملا منهم ، فاتوا إليه جميعا سالمين قد أصابوا إبلا وشاء ولم يلقوا أحدا ، فانحدر أبو سلمة بذلك كلّه (٧) إلى المدينة راجعا ، ورجع معه الطائي ، فلما ساروا ليلة قال أبو سلمة : اقسموا غنائمكم ، فأعطى أبو سلمة الطائي الدليل رضاه من المغنم ، ثم أخرج صفيّا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عبدا ثم أخرج الخمس ، ثم قسم ما بقي ما بين أصحابه ، ثم عرفوا سهمانهم ، ثم أقبلوا بالنّعم وبالشاء يسوقونه حتى دخلوا المدينة.

أخبرنا أبو بكر الأنصاري ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحارث بن (٨) أبي أسامة ، نا محمّد بن سعد (٩) ، أنا محمّد بن

__________________

(١) الواقدي : الكثير.

(٢) بالأصل : «عليه ألف» والمثبت عن الواقدي.

(٣) الواقدي : أتباعهم.

(٤) بالأصل : «فأعدوا» والصواب عن الواقدي ، والاغذاذ في السير : الإسراع.

(٥) بالأصل : محدوا» والمثبت عن الواقدي.

(٦) بالأصل : «بعسكر» والمثبت عن الواقدي.

(٧) بالأصل : كلمة ، والمثبت عن الواقدي.

(٨) بالأصل : «الحارث وأبي أسامة» خطأ والصواب ابن أبي أسامة ، وقد مرّ كثيرا.

(٩) طبقات ابن سعد ١ / ٢٩٢ في ذكر وفادات العرب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

١٥٢

عمر ، نا هشام بن سعد بن محمّد بن كعب القرظي.

قال ابن سعد : وأخبرنا هشام بن محمّد الكلبي ، عن أبيه قالا : قدم عشرة رهط من بني أسد بن خزيمة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في أوّل سنة تسع فيهم حضرمي من بني عامر (١) ، وضرار بن الأزور ، ووابصة بن معبد ، وقتادة بن القائف ، وسلمة بن حبش ، وطليحة بن خويلد ، ونقادة بن عبد الله بن خلف ، فقال حضرمي بن عامر : أتيناك نتدرع الليل البهيم ، في سنة شهباء لم تبعث إلينا بعثا ، فنزلت فيهم (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا)(٢) وكان فيهم قوم من بني الزنية وهم بنو مالك بن مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد فقال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنتم بنو الرشدة» [٥٣٩٥] ، فقالوا : لا نكون مثل بني محوّلة ، يعنون بني عبد الله بن غطفان.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي محمّد الجوهري ـ قراءة ـ.

وحدثنا عمي رحمه‌الله أبو طالب بن يوسف أنا أبو محمّد الجوهري (٣) أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني هشام بن سعد ، عن محمّد بن كعب القرظي.

قال : قدم عشرة نفر من بني أسد وافدين على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سنة تسع وفيهم طليحة بن خويلد ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جالس في المسجد مع أصحابه ، فأسلموا ، وقال متكلمهم : يا رسول الله إنّا شهدنا أن الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله ، وجئناك يا رسول الله ولم تبعث إلينا بعثا ، ونحن لمن وراءنا سلم ، فأنزل الله تعالى (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(٤) قالوا : فلما ارتدّت العرب ارتدّ طليحة وأخوه سلمة ابنا أسد ، فيمن ارتدّ من أهل الضاحية ، وادّعى طليحة النبوة ، فلقيهم خالد بن الوليد ببزاخة (٥) ، فأوقع بهم وهرب طليحة حتى قدم الشام ، فأقام عند آل جفنة الغسانيين حتى توفي أبو بكر ، ثم

__________________

(١) في ابن سعد : حضرمي بن عامر.

(٢) سورة الحجرات ، الآية : ١٧.

(٣) ما بين معكوفتين استدرك عن هامش الأصل.

(٤) سورة الحجرات ، الآية : ١٧.

(٥) بزاخة ماء لطيئ ، وقيل لبني أسد بأرض نجد (معجم البلدان).

١٥٣

خرج محرما بالحج فقدم مكة ، فلما رآه عمر قال : يا طليحة لا أحبك بعد قتل الرجلين الصّالحين عكّاشة بن محصّن ، وثابت بن أقرم ، وكانا طليعتين لخالد بن الوليد فلقيهما طليحة وسلمة ابنا خويلد فقتلاهما فقال طليحة : يا أمير المؤمنين ، رجلان أكرمهما الله بيدي ، ولم يهني بأيديهما ، وما كل البيوت بنيت على الحب ، ولكن صفحة جميلة ، فإنّ الناس يتصافحون على السنان ، وأسلم طليحة إسلاما صحيحا ، ولم يغمص عليه في إسلامه ، وشهد القادسية ، ونهاوند مع المسلمين.

وكتب عمر أن شاوروا طليحة في حربكم فلا تولوه شيئا.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأ محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن عبد الله بن سيف ، نا أبو عبيدة السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن سعيد بن عبيد أبي يعقوب ، عن أبي ماجد الأسدي ، عن الحضرمي بن عامر الأسدي قال (١) : سألته عن أمر طليحة بن خويلد ، فقال : وقع بنا الخبر بوجع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم بلغنا أن مسيلمة قد غلب على اليمامة وأنّ الأسود قد غلب على اليمن ، فلم يلبث إلّا قليلا حتى ادّعى طليحة النبوة ، وعسكر بسميراء (٢) واتّبعه العوامّ ، واستكثف أمره ، وبعث حبال (٣) ابن أخيه إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعوه إلى الموادعة ويخبره خبره ، فقال حبال إن الذي يأتيه ذو النون فقال : يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لقد سمي ملكا فقال حبال أنا ابن خويلد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قتلك الله وحرمك الشهادة» ، وردّه كما جاء ، فقتل حبال في الردّة.

قال : ونا سيف قال : وقال الكلبي : وبلغ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعض ما كان يقول قوله : يأتيني ذو النون الذي لا يكذب ولا يخون ولا يكون كما يكون ، قال : لقد ذكر ملكا عظيم الشأن.

قال : ونا سيف بن بدر بن الخليل ، عن عثمان بن قطنة ، عن نفر من بني أسد أتوه أحدهم أن طليحة خرج في عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فنزل بسميراء ودعا الناس إلى أمره ، وأرسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوادعه ، فأرسل النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضرار بن الأزور ، فقدم على سنان بن أبي سنان ،

__________________

(١) الخبر في تاريخ الطبري ط بيروت ٢ / ٢٢٥ حوادث سنة ١١.

(٢) سميراء بالمد ، منزل بطريق مكة (ياقوت).

(٣) عن الطبري ، وبالأصل : «خيالا».

١٥٤

وعلى قضاعي ، ثم أتى بني ورقاء ـ من بني الصّيداء وفيهم بيت الصيداء وغيرها بكتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأمره إلى عوف بن فلان فأجابه ، وقبل آمره ، وكان بنو ورقاء يسامون بني فقعس ، فشغب على طليحة وراسلوا كلّ مسلم ثبت على إسلامه ، وكان الإسلام يومئذ في بني مالك فاشيا ثابتا ، وكان السعدان والحنزب قد تنازعوا في أمر طليحة ، وعسكر المسلمون بواردات (١) واجتمعوا إلى سنان وقضاعي وضرار ، وعوف ، وعسكر الكافرون بسميراء ليجتمعوا إلى طليحة ، وأطرق طليحة ونظر في أمره ، واجتمع ملأ عوف وسنان وقضاعي على أن دسوا لطليحة مخنف بن السليل الهالكي ، وكان بهمة ، وكان قد أسلم فحسن إسلامه ، وكان بقية بني الهالك ، وكانوا أكنونا ولهم يقول الشاعر :

جنوح الهالكي على يديه

مكبّا يجتلي نقب النّصال

وكان مخنف إذا هاجت حرب سار في القبائل يسنّ السّيوف ، وقالوا : لا يستكن على خالها وشأنك طليحة ففعل ، فلما وقع إليهم ، أرسل إليه فأعطاه سيفه ، فشحذه له ثم قام به إليه ، ورجال من قومه. فنام عليه ، فطبق به عليه هامته ، فما خصه ، وخرّ طليحة مغشيا عليه وأخذوه فقتلوه ، فلما فاق طليحة قال : هذا عمل ضرار وعوف ، فأمّا سنان وقصاعي فإنهما تابعان لهما في هذا ، وقال طليحة في ذلك :

وأقسمت لا يلوي بي الموت حيلة

وباقيعمردونه وسرار(٢)وأنفكعنعوفالخنا وأروعه

ويشرب منها بالمرار ضرار

فأجابه ضرار :

أقسمت لا تنفك حرمان خائفا

وإن برحت بالمسلمين دثار

وأنفك حتى أقرع الترك (٣) طالعا

وتقطع قربي بيننا وحوار

وشاعت تلك الضرة في أسد وغطفان وقالوا : لا يحيك في طليحة ، ونما الخبر إلى المدينة ، ومدّت غطفان وأسد إليها أعناقهم ، وصار فتنة لهم.

قال : وحدّثنا سيف بن بدر بن الخليل ، عن علي بن ربيعة الوالفي قال : حدثت

__________________

(١) واردات : موضع عن يسار طريق مكة ، وأنت قاصدها (ياقوت).

(٢) كذا البيت بالأصل.

(٣) كذا.

١٥٥

عليا بأمر طليحة وأخبرته أن سيفه كان يقال له الحزاز (١) وأخبرته خبر مخنف وضربته إياه بالحزار (٢) ونبوة الحرار عنه فقال : وقع بنا الخبر بضربة طليحة ونبوة الحرار (٣) عنه فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إنها مأمورة ، ولقد سجي وإن كان الحرار (٤) قد نهي عنه.

قال : ونا سيف عن طلحة بن الأعلم ، عن حبيب بن الأعلم ، عن حبيب بن ربيعة الأسدي ، عن عمارة بن فلان الأسدي ، قال (٥) : ارتدّ طليحة في حياة النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وادّعى النبوة ، فوجّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ضرار بن الأزور إلى عماله على بني أسد في ذلك وأمره (٦) بالقيام ، وبعث في ذلك ، إلى كل من ارتدّ فأقام في ذلك وجميع من بعث إليه في مثل ذلك ومن بعث إليه فأشجوا (٧) طليحة وأخافوه ، ونزل المسلمون بواردات ونزل المشركون بسميراء معه عامة بني الحارث والسعديين وعمر بن أسد ، فما زال المسلمون في نماء وما زال المشركون في نقصان حتى همّ ضرار بالسّيف (٨) إلى طليحة ، ولم يبق إلّا أخذه مسلما (٩) إلّا ضربة كان ضربها بالجراز (١٠) فنبا عنه فشاعت في الناس وأتى المسلمين وهم على ذلك موت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقال ناس من الناس لتلك الضربة إن السلاح لا يحيك في طليحة ، فما أمسى المسلمون من ذلك اليوم حتى عرفوا النقصان وارفضّ الناس إلى طليحة واستطار أمره.

وأقبل ذو الخمارين عوف الجذامي حتى ينزل بإزائنا وأرسل إليه ثمامة بن أوس بن لأم الطائي : إنّ معي من جديلة خمس مائة ، فإن دهمكم أمر فنحن بالقردودة والأنسر دوين الرمل. وأرسل إليه مهلهل بن زيد : إنّ معي حدّ الغوث فإن دهمكم أمر فنحن بالأكناف بحيال فيد. وإنما تحدثت طيء على ذي الخمارين عوف أنه كان بين أسد وغطفان وطيّىء حلف في الجاهلية ، فلما كان قبل مبعث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اجتمعت غطفان

__________________

(١) كذا ورد بالأصل ، وفي الطبري ٣ / ٢٥٧ ومختصر ابن منظور ١١ / ٢١٦ «الجراز» وبهامشه : الجراز من السيوف : الماضي النافذ.

(٢) كذا ورد بالأصل ، وفي الطبري ٣ / ٢٥٧ ومختصر ابن منظور ١١ / ٢١٦ «الجراز» وبهامشه : الجراز من السيوف : الماضي النافذ.

(٣) كذا ورد بالأصل ، وفي الطبري ٣ / ٢٥٧ ومختصر ابن منظور ١١ / ٢١٦ «الجراز» وبهامشه : الجراز من السيوف : الماضي النافذ.

(٤) كذا ورد بالأصل ، وفي الطبري ٣ / ٢٥٧ ومختصر ابن منظور ١١ / ٢١٦ «الجراز» وبهامشه : الجراز من السيوف : الماضي النافذ.

(٥) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٢٥٦ (ط المصرية) حوادث سنة ١١.

(٦) العبارة في الطبري : وأمرهم بالقيام في ذلك على كل من ارتد.

(٧) بالأصل : «فاسجوا» والمثبت عن الطبري. وأشجوه : أوقعوه في الهم والخوف.

(٨) الطبري : بالمسير.

(٩) في الطبري : ولم يبق أحد إلّا أخذ سلما.

(١٠) بالأصل : «الحرار» وما أثبتناه عن الطبري «الجراز».

١٥٦

وأسد على طيئ فأزاحوها عن دارها في الجاهلية : عوفها وجديليها (١) فكره ذلك عوف ، فقطع ما بينه وبين غطفان وتبايع الحيّان على الجلاء ، وأرسل عوف إلى الحيين من طيّىء فأعاد حلفهم ، وأقام ينصرهم ، فرجعوا إلى دورهم واشتد ذلك على غطفان وفي ذلك يقول عوف لعيينة يعني ابن حصن الفزاري :

أنا مالك إن كان سال ما ترى

أنا مالك فانطح برأسك كوثرا

وإني لحامي بين سوط وحيه

كما قد حميت الحرّتين وحميرا

وتركت حولي للأحم قوارسا

وللغوث قوما دارعين وحسّرا

فلما مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قام عيينة بن حصن في غطفان فقال : ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد ، وإني لمجدّد الحلف الذي كان بيننا في القديم ومتابع طليحة ، وو الله لأن نتبع نبيا من الحليفين أحبّ إلينا من أن نتبع نبيا من قريش.

وقد مات محمّد وبقي طليحة ، فطابقوه على ذلك ففعل ، وفعلوا ، فلما اجتمعت غطفان على المطابقة لطليحة هرب ضرار وقضاعيّ وسنان ومن كان قام بشيء من أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في بني أسد إلى أبي بكر ، وارفضّ من كان معهم ، فأخبروا أبا بكر الخبر ، وأمروه بالحذر ، قال ضرار بن الأزور : فما رأيت أحدا ـ ليس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أملأ بحرب شعواء من أبي بكر ، فجعلنا نخبره ، ولكأنما نخبره بما له ولا عليه ، وقدمت عليه وفود أسد وغطفان وهوازن وطيّىء ، وتلقت وفود قضاعة أسامة فحوّزهم إلى أبي بكر ، فاجتمعوا بالمدينة فنزلوا على وجوه المسلمين لعاشرة من متوفّى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فعرضوا الصّلاة على أن يعفوا من الزكاة ، فاجتمع ملأ من أنزلهم على قبول ذلك حتى بلغوا ما يريدون ، فلم يبق من وجوه المسلمين أحد إلّا أنزل منهم نازلا إلّا العباس ، ثم أتوا أبا بكر فأخبروه خبرهم ، وما أجمع ملأهم إلّا ما كان من أبي بكر ، فإنه أبى إلّا ما كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يأخذ ، فأبوا فردهم وأجّلهم يوما وليلة ، فتطايروا إلى عشائرهم.

قال ونا سيف عن عمرو بن محمّد ، والمجالد عن الشّعبي قال : ارتدّت العرب بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عوامّ أو خواصّ ، فارتدّت أسد (٢) واجتمعوا على طليحة واجتمعت عليه طيّىء إلّا ما كان من عدي بن حاتم ، فإنه تعلق بالصدقات ، فأمسكها وجعل يكلّم

__________________

(١) كذا ، وفي الطبري : غوثها وجديلتها.

(٢) بالأصل : لبيد.

١٥٧

الغوث وكان فيهم مطاعا يستلطف لهم ويرفق بهم ، وكانوا قد استحلوا أمر طليحة وأعجبهم وقام عيينة في غطفان فلم يزل بهم حتى اجتمعوا عليه ، ثم أرسلوا وفودا وأرسل غيرهم ممن حول المدينة وفودا ، فنزلوا على وجوه المهاجرين والأنصار ما خلا العباس فإنه لم ينزلهم (١) ولم يطلب فيهم ، فعرضوا أن يقيموا الصّلاة ويعفوا من الزكاة ، فخرج عمر ، وعثمان ، وعلي ، وعبد الرّحمن بن عوف ، وطلحة ، والزّبير ، وسعد وأمثالهم يطلبون أبا بكر ، فلم يجدوه في منزله ، فسألوا عنه فقيل هو في الأنصار ، فأتوه فوجدوه فأخبره الخبر ، فقال لهم : أترون ذلك؟ فقالوا جميعا : نعم ، حتى يسكن (٢) الناس ويرجع الجنود ، فلعمر لو قد رجعت الجنود لسمحوا بها ، فقال : وهل أنا إلّا رجل من المسلمين ، اذهبوا بنا إليهم ، فلما دخل المسجد نادى : الصّلاة جامعة ، فلما تتامّوا إليه قام فيهم ، فحمد الله أثنى عليه ، وقال : إنّ الله عزوجل توكل بهذا الأمر ، فهو ناصر من لزمه وخاذل من تركه ، وإنه بلغني أن وفودا من وفود العرب قدموا يعرضون الصّلاة ويأبون الزكاة ألا ولو أنهم منعوني عقالا مما أعطوه لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من فرائضهم ما قبلته منهم ، ألا برئت الذمة من رجل من هؤلاء الوفود أجد بعد يومه وليلته بالمدينة ، فتا؟؟؟ وا (٣) يتخطون رقاب الناس حتى ما بقي منهم في المسجد أحد ، ثم دعا نفرا فأمرهم بأمره فأمّر عليا بالقيام على نقب من أنقاب المدينة ، وأمر الزبير بالقيام على نقب آخر ، وأمر طلحة بالقيام على نقب آخر ، وآمر عبد الله بن مسعود يعسس ما وراء ذلك بالليل والارتباء (٤) نهارا ، وجدّ في أمره ، وقام على رجل.

قال : ونا سيف ، عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن محمّد قال (٥) : مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واجتمعت أسد وغطفان وطيئ على طليحة إلّا ما كان من خواصّ أقوام القبائل الثلاثة ، فاجتمعت أسد بسميراء وفزارة ومن يليهم من غطفان بجنوب طيبة وطيئ على حدود أرضهم ، واجتمعت ثعلبة بن سعد ومن يليهم من مرّة وعبس بالأبرق

__________________

(١) بالأصل : يتركهم.

(٢) بالأصل : سكن.

(٣) كذا رسمها بالأصل ، ولم أحلها.

(٤) في اللسان : ارتبأ القوم : رقبهم (مادة : ربأ).

(٥) الخبر في تاريخ الطبري ٣ / ٢٤٤ (ط. مصر) حوادث سنة ١١.

١٥٨

من الربذة وتأشّب (١) إليهم ناس من بني كنانة ، فلم تحملهم البلاد ، فافترقوا فرقتين ، فأقامت فرقة منهم بالأبرق وسارت الأخرى إلى ذي القصّة ، وأمدهم طليحة بحبال (٢) ، فكان حبال على أهل ذي القصّة من بني أسد ، ومن تأشّب (٣) من ليث والديل (٤) ومدلج ، وكان على مرّة بالأبرق عوف بني فلان بن سنان ، وعلى ثعلبة وعبس الحارث بن فلان أحد بني سبيع ، وقد بعثوا وفودا فقدموا المدينة ، فنزلوا على وجوه الناس ، فأنزلوهم ما خلا عباس (٥) فتحمّلوا بهم على أبي بكر على أن يقيموا الصّلاة ، وعلى أن لا يأتوا الزكاة ، فعزم الله لأبي بكر على الحقّ ، وقال : لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه ـ وكانت عقل (٦) الصّدقة على أهل الصّدقة مع الصّدقة ـ فردّهم فرجع وفد من يلي المدينة من المرتدة إليهم ، فأخبروا عابرهم بقلّة أهل المدينة وأطمعوهم فيها ، وجعل أبو بكر بعد ما أخرج الوفد على أنقاب المدينة نفرا (٧) : عليا والزبير وطلحة وعبد الله بن مسعود ، وأخذ أهل المدينة بحضور المسجد ، وقال لهم إن الأرض كافرة (٨) ، وقد رأى وفدهم منكم قلة ، وإنكم لا تدرون أليلا تؤتون أو نهارا ، وأدناهم منكم على بريد ؛ وقد كان القوم يؤملون أن يقبل منهم وقد أبينا عليهم ، ونبذنا إليهم ، فاستعدوا وأعدّوا ، فما لبثوا إلّا ثلاثا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل ، وخلّفوا نصفهم بذي حسى ليكونوا ردأ لهم ، فوافق الغوار الأنقاب ، وعليها المقاتلة ، ودونهم أقوام يدرجون ، فنهنهوهم ، وأرسلوا إلى أبي بكر بالخبر ، فأرسل إليهم أن الزموا مكانكم ، ففعلوا ، وخرج من أهل المسجد على النواضح إليهم ، فانفشّ العدوّ واتّبعهم المسلمون على إبلهم حتى بلغوا ذا حسا ، فخرج عليهم الردء بأنحاء قد بلغوها ، وجعلوا فيهم الحبال ، ثم دهدهوهم بأرجلهم في

__________________

(١) رسمها وإعجامها مضطربان بالأصل ، وصورتها : «وناشت» والمثبت عن الطبري ، وتأشبوا إليهم : انضموا والتفوا.

(٢) بالأصل : «جبال» والصواب عن الطبري ، وضبطه ابن الأثير : بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة وبعد الألف لام.

(٣) رسمها وإعجامها مضطربان بالأصل ، وصورتها : «وناشت» والمثبت عن الطبري ، وتأشبوا إليهم : انضموا والتفوا.

(٤) بالأصل : «والدليل» والصواب عن الطبري.

(٥) كذا ، والأشبه : عباسا.

(٦) العقل جمع عقال : وهو حبل تثنى به يد البعير إلى ركبته فتشد به (اللسان : عقل) وانظر ابن الأثير النهاية «عقل» في تفسير حديث أبي بكر.

(٧) عن الطبري ، وبالأصل «يفر».

(٨) أي مظلمة.

١٥٩

وجوه الإبل ، فهذا كل نحى (١) في طوله فنفرت (٢) إبل المسلمين وهم عليها ولا تنفر من شيء نفارها من الأنحاء فعاجت بهم ما يملكوها ، حتى دخلت بهم المدينة ولم تصرع بمسلم ، ولم يصب ، فقال في ذلك الخطيل بن أوس أخو الحطيئة بن أوس ـ ويقال : الحطئة :

فدى لبني ذبيان رحلي وناقتي

عشية يحذى بالرماح أبو بكر

ولكن يدهدى بالرجال فهبنه

إلى قدر ما إن يزيد ولا يحري

ولله أجناد نذاق مذاقه

لتحسب فيما عدّ من عجب الدهر

وقال عبد الله الليثي ، وكانت بنو عبد مناة من المرتدة ـ هم بنو ذبيان ـ في ذلك الأمر بذي القصّة وبذي حسى :

أطعنا رسول الله ما كان بيننا

فيالعبادالله مالأبي بكر(٣)يورثنابكر إذا مات بعده

وتلك لعمر الله قاصمة الظهر

فهلّا رددتم وفدنا بزمانه

هلّاخشيتممسّراغبةالبكر(٤)وإنالتيسالوكم فمنعتم

لكالتمر أو أحلى إليّ من التمر

فظن القوم بالمسلمين الوهن ، وبعثوا إلى أهل ذي القصّة بالخبر ، فقدموا عليهم اعتمادا في الذين أخبروهم ، وهم لا يشعرون لأمر الله الذي أراده ، وأحب أن يبلّغه فيهم ، فبات أبو بكر ليلته يتهيأ ، فعبّى الناس ، ثم خرج على تعبية من أعجاز ليلته يمشي ، وعلى ميمنته النعمان بن مقرّن ، وعلى ميسرته عبد الله بن مقرّن معه ، وعلى الساقة سويد بن مقرن معه الركاب ، فما طلع الفجر إلّا وهم والعدو في صعيد واحد ، فما سمعوا للمسلمين حسّا ولا همسا حتى وضعوا فيهم السيوف ، فاقتتلوا أعجاز ليلتهم ، فما ذرّ قرن الشمس حتى ولّوهم الأدبار ، وغلبوهم على عامة ظهرهم ، وقتل حبال واتبعهم أبو بكر ، حتى ينزل بذي القصة ، وكان أول الفتح ، فوضع بها النعمان بن مقرن (٥) في عدد ورجع إلى المدينة فذل بها المشركون ، فوثب بنو ذبيان وعبس على

__________________

(١) النحى : الزق ، والطول : الحبل يشد به.

(٢) بالأصل : فتقرب ، والمثبت عن الطبري.

(٣) هذا البيت والذي يليه في الأغاني ٢ / ١٥٧ ونسبهما إلى الحطيئة.

(٤) بالأصل : «حسن راعية البكر» والمثبت عن الطبري.

(٥) بالأصل : مقرون.

١٦٠