تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

وجهك؟ قال : «الحسن والحسين أصابتهما عين» قال : صدّق بالعين فإن العين حقّ ، أفلا عوّذتهما بهؤلاء الكلمات ، قال : «وما هنّ يا جبريل» قال : قل : اللهمّ ذا السّلطان العظيم ، ذا المنّ القديم ، ذا الوجه الكريم ، ولي الكلمات التامّات ، والدعوات المستجابات ، عاف الحسن والحسين من أنفس الجنّ وأعين الإنس ، فقالها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقاما يلعبان بين يديه ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عوّذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التعويذ ، فإنه لم يتعوّذ المتعوذون بمثله» [٥٣٢٢].

قال أبو بكر الخطيب : تفرّد بروايته أبو رجاء محمّد بن عبد الله الحنظلي من أهل تستر.

٢٩٦٢ ـ طراد بن علي بن عبد العزيز

أبو فراس (١) السّلمي (٢)

شاعر من أهل دمشق ، كان حيا سنة ثمانين وأربعمائة (٣).

قرأت بخطه له في الغيث العاصمي :

دعتنا إلى كرم تكامل حسنه

له منظر بين القلوب أنيق

به عاصمي ليس لي عنه عصمة

كأتحاف بلور بهن رحيق

ويحسب فيه الناظرون خفاءه

تحافيف عبد للعيون يروق

معلّقة تلك العناقيد حولها

كأخراص درّ حشوهن عقيق

كذا رأيته بخطه ، والصّواب أحراس بالسين.

ووجدت له قصيدة مدح بها تاج الدّولة بن ألب رسلان فيها ركّة.

قرأت له بخطه من قصيدة :

ولله ظبيّ لا يزال معذّبي

بأعذب ريق راق من شنب الثغر

غزال غزا قلبي بعين مريضة

لها ضعف أجفان تهدّ قوي الصبر

__________________

(١) بالأصل : «أبو فراش» والصواب عن مصادر ترجمته.

(٢) ترجمته في معجم الأدباء ١٢ / ١٩ وشذرات الذهب ٤ / ٩٠ وبغية الوعاة ٢ / ١٩ وفوات الوفيات ٢ / ١٣١ والوافي بالوفيات ١٦ / ٤٢٠.

(٣) ومات سنة ٥٢٤ ه‍ ، وكان معروفا بالبديع الدمشقي ، (وفي بغية الوعاة أنه مات سنة ٥٢٠).

٤٦١

له لين أعطاف أرقّ من الهوى

وقلب على العشّاق أقوى من الصخر

وهي طويلة.

حدّثنا الأمير أبو عبد الله محمّد بن المحسّن بن الملحي من لفظه ، وكتبه لي بخطه قال : كان للأمير صاعد بن الحسن بن صاعد غلامان أحدهما جرجس الذي يقول فيه :

يا قلب ويحك خنتني في جرجس

فأخلص نجيا في الهوى واستأيس

واذهب كما أذهبته والحق به

إن شاء يحسن فيك بعدي أو تسي

وعساك تجذبه إليك بحيلة

جذب الحديد حجارة المغطنيس

والآخر اسمه لؤلؤ ، فزاره في بعض الأيام طراد بن علي الشاعر ، فقال له لؤلؤ : الأمير لا تصل إليه لأن عنده نساء ، فكتب إليه طراد :

بين الحوائج حر وجد صاعد

من أجل هجرك والقلى يا صاعد

لمّا حفظت ودادكم ضيّعته

هذا دليل أنّ ودّك فاسد

أمن التّناصف أن أزورك قاصدا

فيقال لي : عند الأمير جرائد

عذر لعمرك ليس يحسن مثله

ما بيننا أبدا ورد بارد

ولو انتضيت محاربا سيف الجفا

لأتاه من شفعاء حبك عامد

أيصح أن تجفو جفوني ناظري

أو يهجر الأمواه صاد وارد

فأجابه صاعد :

ما أخطأت لي منذ نظرت

فراسة بأبي الفوارس

هو حافظ عقد الإخاء

ولا قط حقد المنافس

أنكرت حجبه لؤلؤ

وهو المصون من النفائس

هو جنّتي فإذا خلوت

بها فما لي والأبالس

ما لي وللمرء الخبيث

الأصل مذموم المغارس

بادي الخنا مرّ الجنا

عنه الغنا فخر المجالس

أحتاج حين يزور

أجرة حافظ منه وحارس

وأخافه خوف الذئاب

الطلس طاوية تخالس

٤٦٢

ذكر من اسمه طرفة

٢٩٦٣ ـ طرفة بن أحمد بن محمّد بن طرفة بن الكميت

أبو صالح الحرستاني (١) الماسح

روى عن عبد الوهّاب الكلابي ، وعبد الله بن عطية المفسّر.

روى عنه : ابنه صالح ، وسمع منه التجيبي ، وعبد العزّى ز الكتّاني ، وسهل الإسفرايني ، ونجاء بن أحمد ، وحدّثنا عنه أبو القاسم العلوي.

أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي ، أنا أبو صالح طرفة بن أحمد الحرستاني ، أنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي ، نا محمّد بن خريم ، ثنا دحيم ، نا الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن محمود بن الربيع ، قال : عقلت مجّة مجّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في وجهي من دلو معلّقة في دارنا.

قال محمّد : فحدّثني عتبان بن مالك قال :

قلت : يا رسول الله إنّ بصري قد ساء ، وإنّ الأمطار إذا كثرت واشتدّت ، وسال الوادي حال بيني وبين الصّلاة في مسجد قومي ، فلو صلّيت في منزلي مكانا أتّخذه مصلّى ، قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم [نعم ، فغدا عليّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم](٢) ومعه أبو بكر فاستأذنا ، فأذنت لهما ، فما جلس حتى قال : «أين تحبّ أن تصلّي من منزلك؟» فأشرت إلى ناحية ، فتقدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فصففنا خلفه ، فصلّى ، وحبسنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على

__________________

(١) بالأصل الخرستاني ، بالخاء المعجمة خطأ ، والصواب بالحاء المهملة ، وقد صوبناها هنا وفي الخبر التالي ، وهذه النسبة إلى حرستا وهي قرية على باب دمشق ، وقد ينسب إليها بالحرستي أيضا.

(٢) ما بين معكوفتين زيادة لازمة أضفناها للإيضاح عن مختصر ابن منظور ١١ / ١٧٥.

٤٦٣

خزيرة (١) صنعناها له لم يزدنا على هذا.

أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا عبد العزيز الكتّاني قال : توفي شيخنا أبو صالح طرفة بن أحمد الحرستاني الماسح في شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة وجد له جزءان فيها سماعه من عبد الوهاب بن الحسن (٢) ، وحدّث عن عبد الله بن عطية بشعر وذكر أنه كتب شيئا كثيرا ، ونهبت كتبه.

__________________

(١) بالأصل : الجزيرة ، والصواب ما أثبت ، والخزيرة : شبه عصيدة بلحم وبلا لحم عصيدة ، أو مرقة من بلالة النخالة (القاموس).

(٢) بالأصل : الحسين ، خطأ ، والصواب ما أثبت. ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٥٥٧.

٤٦٤

ذكر من اسمه طرمّاح

٢٩٦٤ ـ طرمّاح (١) بن حكيم بن الحكم بن نفر بن قيس بن جحدر

ابن ثعلبة بن عبد بن رضا بن مالك بن أمان بن عمرو

ابن ربيعة بن جرول بن ثعل (٢) بن عمرو بن الغوث بن طيئ (٣)

أبو نقر وأبو ضبينة (٤) الطائي الشاعر

الشامي المولد والمنشأ ، كوفي الدار ، خارجي المذهب

والطّرمّاح : الطويل ، وجده قيس بن جحدر ، له صحبة.

حدّث عن الحسن بن علي بن أبي طالب.

روى عنه : ابناه صمصامة (٥) وضبينة (٦) حديثا تقدم في ترجمة طارق بن مطرف.

وحكي أن الطّرمّاح دخل على عبد الملك بن مروان.

قرأت على أبي غالب بن البنّا ، عن أبي (٧) محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد قال : في الطبقة الرابعة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : قيس بن جحدر بن ثعلبة بن عبد رضي بن مالك بن

__________________

(١) طرماح بكسر الطاء المهملة والراء وتشديد الميم وبعد الألف حاء مهملة (الوافي بالوفيات) وضبطت الميم بالأصل بالقلم (فوقها فتحة بدون شدة).

(٢) بالأصل «يعلى» والمثبت عن المختلف والمؤتلف للآمدي ، والأغاني.

(٣) ترجمته في الأغاني ١٢ / ٣٥ والشعر والشعراء ص ٣٧١ والمؤتلف والمختلف للآمدي ص ١٤٨ والوافي بالوفيات ١٦ / ٤٢٧ وجمهرة الأنساب ص ٤٠٢.

(٤) بالأصل : «ضببه» والمثبت عن الأغاني.

(٥) عن الوافي ، وبالأصل : ضمضامة.

(٦) بالأصل : «ضببه» والمثبت عن الأغاني.

(٧) كتبت فوق الكلام بين السطرين.

٤٦٥

أمان بن عمرو بن ربيعة بن جرول بن ثعل (١) بن عمرو بن الغوث بن طيئ.

وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأسلم من ولده الطّرمّاح بن حكيم بن حكم بن نفر بن قيس بن جحدر الشاعر (٢).

ذكر أبو محمّد الحسن بن أحمد بن يعقوب بن ذي الدّمينة في كتابه الذي صنّفه في مفاخر اليمن أن الطّرمّاح دخل على عبد الملك بن مروان وعنده الفرزدق وهو مقبل عليه فقال الطّرماح : يا أمير المؤمنين من هذا الذي ألهاك عني ، فالتفت إليه الفرزدق مغضبا فقال

أقول له ونكر بعض حالي

ألم تعرف رقاب بني تميم

فقال الطّرمّاح :

بلى أعرف رقاب مخيسات

رقاب مذلّة ورقاب لوم

إذا ما كنت متخذا خليلا

فلا تجعل خليل من تميم

يكون صميمهم والعبد منهم

فما أدى العبيد من الصّميم

وكان هذا الذي قاد الهجاء بينهما ، وأحسب أن يكون هذا الطّرمّاح الأكبر وهو ابن عدي بن عبد الله بن خيبريّ بن أفلت بن سلسلة بن عمرو بن غنم بن ثوب (٣) بن عمرو بن عتود بن عنين بن سلامان بن ثعل (٤) بن عمرو بن الغوث بن طيء ، وهو خارجي.

أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنبأ أبو عمر عبد الله بن أحمد القاضي ، أنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال : سمعت الأصمعي يقول : سمعت شعبة يقول : قلت للطّرمّاح : أين نشأت (٥)؟ قال : بالسّواد.

أنبأني أبو الفرج غيث بن علي ، عن أبي الطاهر مسرف بن علي بن الحصري بن

__________________

(١) بالأصل «يعلى» والمثبت عن المختلف والمؤتلف للآمدي ، والأغاني.

(٢) ليس لقيس بن حجدر ترجمة في طبقات ابن سعد المطبوع.

(٣) مهملة بالأصل ، والمثبت عن جمهرة ابن حزم ص ٤٠١.

(٤) بالأصل : يعلى ، والمثبت عن ابن حزم.

(٥) بالأصل : «بن نشاب»؟! ولا معنى لها ولعل الصواب ما ارتأيناه باعتبار السياق. وانظر الشعر والشعراء ٣٧٢ وفيه : وكان نشأ بالسواد.

٤٦٦

عبد الله بن النمار ، أنا أبو العباس إسماعيل بن عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد بن النّحاس البزار.

قال : وأنبأني أبو الفرج أيضا وغيره ، عن جابر ، عن نجاء بن أحمد بن عمرو ، أنا أبو الحسن محمّد بن إسماعيل بن الحسين بن أحمد بن السري المعروف بابن الطّفّال ، أنا أبو محمّد الحسن بن رشيق ، نا يموت بن المزرّع ، نا رفيع بن سلمة ، ثنا أبو عبيدة ، قال (١) :

قال لي رجل من فزارة وأظنه ولد أسماء بن خارجة : ما رأى الناس بالكوفة نفسين دام صفاؤهما على كثرة اختلافهما غير الكميت والطّرمّاح يمانيا عصبيا ، وكان الكميت شيعيا رافضيا ، وكان الطّرمّاح شاريا خارجيا ، وكان الكميت عراقيا كوفيا ، وكان الطّرمّاح شاميا بدويا ، وكانا بالكوفة والشركة في الصّناعة ، توجب البغضاء ، وما انصرفا قط إلّا عن مودّة.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنا أبو العبّاس أحمد بن منصور ، أنا أبو محمّد بن أبي نصر ، أنا عمي أبو علي محمّد بن القاسم ، أنشدنا علي بن بكر ، أنشدنا أحمد بن بكر للطّرمّاح (٢) في خالد القسري :

ورد السقاة المعطشون فأنهلوا

ريا وطاب لهم لديك المكرع

أراك تمطر جانبا عن جانب

ومحل بيتي من سمائك بلقع (٣)

ووردت بحرك طاميا متدفقا

فرددت دلوي شنّها يتقعقع

ألحسن منزلتي لديك منعتني؟

أم ليس عندك لي بخير مطمع؟

أخبرنا أبو العزّ بن كادش ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عبد الله المرزباني ، حدّثني أبو علي الحسن بن علي بن المرزبان النحوي ، قال : قرأ عليه أبو عبد الله محمّد بن العبّاس اليزيدي قال : قرأت على عمي الفضل بن محمّد ، وذكر أنه قرأ على ابن المنهال عيينة بن المنهال قال : أنشدنا ابن داجة للطّرمّاح (٤) :

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

__________________

(١) الخبر نقله الصفدي في الوافي بالوفيات ١٦ / ٤٢٧ ولم ينسبه إلى أبي عبيدة. وانظر الأغاني ١٢ / ٣٦.

(٢) بالأصل : الطرماح.

(٣) البلقع : الأرض القفر. (القاموس).

(٤) بالأصل : الطرماح.

٤٦٧

ذكر من اسمه طريح

٢٩٦٥ ـ طريح بن إسماعيل بن سعيد بن عبيد بن أسيد

ابن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزّى

ابن غيرة (١) بن عوف بن قسي (٢) ـ وهو ثقيف ـ بن منبّه

ابن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس

ابن عيلان بن مضر بن نزار

أبو الصّلت ـ ويقال : أبو إسماعيل ـ الثقفي الطائفي (٣)

شاعر حسن الشعر ، بديع النظم ، من شعراء بني أمية.

وفد على الوليد بن يزيد إذ كان ولي عهد في حياته لأجل خئولته ، فإنّ أم الوليد ثقفية ، وأقام عنده إلى أن صار الأمر إليه.

حكى عن أبيه إسماعيل.

حكى عنه : ابنه إسماعيل بن طريح ، وسهم بن عبد الحميد ، والهيثم بن عدي الطائي.

أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن علي ، ثم ابن أحمد الحداد ، أنا عبد الرّحمن بن منده ، أنبأ أبي أبو عبد الله ، أنا سعيد بن يزيد الحمصي ، نا محمّد بن عوف ، عن

__________________

(١) تقرأ بالأصل : «عبره» والمثبت عن جمهرة ابن حزم ص ٢٦٧ وفي الأغاني : عنزة.

(٢) عن جمهرة ابن حزم ص ٢٦٦ ومكانها بالأصل : «قيس بن غيلان».

(٣) ترجمته وأخباره في الأغاني ٤ / ٣٠٢ معجم الأدباء ١٢ / ٢٢ الشعر والشعراء ص ٤٢٧ والإصابة ٢ / ٢٣٨ والوافي بالوفيات ١٦ / ٤٢٣.

٤٦٨

سفيان ، نا محمّد بن عبد الله بن حوشب ، حدّثنا إسماعيل بن طريح ، عن إسماعيل بن سعيد بن عبيد الثقفي من أهل الطائف ، حدّثني أبي ، عن جدي : أن أبا سفيان رمى سعيد بن عبيد جدي يوم الطائف بسهم ، فأصاب عينه فأتى به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله هذه عيني قد أصيبت في سبيل الله ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن شئت دعوت الله فردّ عليك عينك ، وإن شئت فعين في الجنة؟» [٥٣٢٣].

قال : عيني في الجنة.

قال : ابن منده : هذا حديث غريب لا يعرف إلّا من هذا الوجه ، كذا قال ، والصّواب أنّ أبا سفيان رماه سعيد بن عبيد ، وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة أبي سفيان على الصّواب (١).

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدّثني صالح بن حكيم التمار البصري ، نا العلاء بن (٢) الفضل بن أبي سويّة ، نا إسماعيل بن طريح ، حدّثني أبي عن أبيه ، عن جد أبيه قال : شهدت أمية بن أبي الصّلت وهو يقضي فقال :

لبيكما لبيكما

ها أنا ذا لديكما (٣)

ثم رمى بطرفه إلى الباب فقال :

لبيكما لبيكما

ها أنا ذا لديكما

لا مال يغنيني ، ولا عشيرة تحميني.

ثم أنشأ يقول (٤) :

كلّ عيش وإن تطاول يوما (٥)

صائر مرة إلى أن يزولا

ليتني كنت قبل ما قد بدا لي

في قلال (٦) الجبال أرعى الوعولا

__________________

(١) وذكره على الصواب بن حجر في الإصابة باختصار ، وذلك يوم الطائف.

(٢) بالأصل «الغلابي» بدل : «العلاء بن» والصوب ما أثبت. وسيرد في آخر الخبر صوابا.

(٣) الرجز في الأغاني ٤ / ١٢٧ في أخبار أمية بن أبي الصلت.

(٤) البيتان في الأغاني ٤ / ١٣٢ في أخبار أمية بن أبي الصلت.

(٥) الأغاني : دهرا منتهى أمره إلى أن يزولا.

(٦) الأغاني : في رءوس الجبال.

٤٦٩

ثم فاضت نفسه ، كذا في هذه الرواية ، وإنما يرويه عن العلاء بن الفضل ، عن محمّد بن إسماعيل بن طريح.

أخبرناه عاليا على الصّواب أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنبأ محمّد بن عبد الله الحافظ ، نا أبو الحسن علي بن محمّد بن سختويه العدل ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي ، حدّثني العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سويّة المنقري ، حدّثني محمّد بن إسماعيل بن طريح بن إسماعيل الثقفي ، عن أبيه ، عن جده ، عن جد أبيه قال :

شهدت أمية بن أبي الصّلت حين حضرته الوفاة فأغمي عليه طويلا ثم أفاق فرفع رأسه فنظر إلى باب البيت فقال : لبّيكما لبّيكما ها أنا ذا لديكما ، لا قوي فأنتصر ، ولا براءة لي ولا عذر ، ثم أغمي عليه ، فمكث طويلا ، ثم أفاق فرفع رأسه فنظر إلى باب البيت فقال : لبّيكما لبّيكما ها أنا ذا لديكما ، لا عشيرتي تحميني ولا مالي يفديني ، ثم أغمي عليه ، ثم أفاق فرفع رأسه فقال :

كلّ عيش وإن تطاول يوما

صائر مرة إلى أن يزولا

ليتني كنت قبل ما قد بدا لي

في رءوس الجبال أرعى الوعولا

وهكذا رواه أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي ، وأبو بكر محمّد بن صالح البزار ، عن العلاء بن الفضل إلّا أن أبا بكر قال في نسبة محمّد بن إسماعيل بن طريح الثقفي : وأحسب طريحا الأخير مزيدا ، ورواه غيره فأسقط جدّ أبيه من الإسناد.

أخبرناه أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو القاسم بن مسعدة ، أنا أبو القاسم السّهمي ، أنا أبو أحمد بن عدي (١) ، نا حاجب بن مالك ، وموسى بن هارون التوزي ، قالا : نا محمّد بن المثنّى ، نا العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سويّة المنقري ، حدّثني محمّد بن إسماعيل بن طريح بن إسماعيل ، حدّثني أبي ، عن جدّي أنه حضر أمية بن أبي الصّلت حين حضرته الوفاة فأغمي عليه ، فأفاق فذكر نحوه.

قال ابن عدي : ومحمّد بن إسماعيل [بن] طريح معروف بهذا الحديث ، وما أظن له غيره ، لا يتابع عليه سمعت ابن حمّاد يذكره ، عن البخاري.

__________________

(١) الخبر في الكامل لابن عدي ٦ / ١٢١ في ترجمة محمد بن إسماعيل بن طريح.

٤٧٠

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا أبو بكر محمّد بن المظفّر بن بكران ، أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمّد بن أحمد العتيقي ، أنا يوسف بن أحمد بن يوسف بن الدخيل ، ثنا أبو جعفر محمّد بن عمرو بن موسى العقيلي (١).

قال : نا (٢) آدم بن موسى ، قال : سمعت البخاري قال : سمعت محمّد بن إسماعيل بن طريح الثقفي ، «لا يتابع عليه» (٣).

قرأت على أبي الفتوح أسامة بن معمر بن محمّد بن زيد العمري العلوي ، عن أبي جعفر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر ، عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني (٤) قال : طريح بن إسماعيل بن عبيد بن أسيد بن عمرو بن علاج بن أبي سلمة بن عبد العزّى بن غيرة بن عوف بن قسي وهو ثقيف ، وطريح يكنى أبا الصّلت ، وهو الصّحيح ـ ويقال : أبو إسماعيل ـ وهو شاعر مجيد ، مكين ، حسن الفصاحة ، ووفد على الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، ومدحه وتوسل إليه بالخئولة بينه وبينه ، لأن أم الوليد ثقفية فخص بالوليد واستفرغ شعره في مديحه ، وبقي إلى أول الدّولة العباسية ، ومدح السفاح والمنصور وله في الوليد (٥) :

لو قلت للسيل دع طريقك والم

موج عليه كالصهب (٦) يعتلج

لارتدّ (٧) أوساخ أو لكان له

في سائر الأرض عنك منعرج

طوبى لفرعيك من هنا وهنا

طوبى لأعراقك (٨) التي تشج

أراد فرعه من قبل أبيه ، وهم بنو أمية ، وفرعه من قبل أمّه وهم ثقيف وله :

والمال جنة ذي المعايب إن يصب

يحمد وإن يدع الطريق يعذر

والمرء يحمد أن يصادف حظه

قدر ويعدل في الذي لم يقدر

والناس أعداء لكلّ مدفع

صفر اليدين وإخوة للمكثر

__________________

(١) الضعفاء الكبير للعقيلي ٤ / ٢١.

(٢) بالأصل : «نا ابن آدم» والمثبت عن العقيلي.

(٣) يعني لا يتابع على الحديث المذكور آنفا ، وقد جاءت العبارة هذه عند العقيلي بعد إيراده الحديث.

(٤) ليس لطريح ترجمة في معجم الشعراء للمرزباني المطبوع.

(٥) الأبيات في الوافي بالوفيات ١٦ / ٤٣٢ والأغاني ٤ / ٣١٦ والشعر والشعراء ص ٤٢٧.

(٦) في المصادر : كالهضب.

(٧) في الأغاني : لساخ وارتدّ.

(٨) بالأصل : «لا أعرفك الذي تسبح» صوبنا العجز عن المصادر السابقة.

٤٧١

وإذا امرؤ في الناس لم يك عارفا

بالعرف لم يك منكرا للمنكر

أنبأنا أبو الحسن سعد الخير بن محمّد بن سهل ، أنا المبارك بن عبد الجبّار ، أنا أبو طاهر محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله السمّاك ، نا أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدّل ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، أنشدنا قتيبة لطريح الثقفي :

سعيت ابتغاء الشّكر فيما صنعت بي

فقصّرت مغلوبا وإنّي لشاكر

لأنك تعطيني الجزيل بداهة

وأنت لما استكثرت من ذاك حاقر

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأموي (١) ، أخبرني وكيع ـ يعني محمّد بن خلف ـ حدّثني هارون بن الزيّات (٢) ، حدّثني أحمد بن حمّاد بن الجميل ، عن العتبي ، عن سهم بن عبد الحميد ، قال : أخبرني طريح بن إسماعيل الثقفي ، قال : خصصت بالوليد بن يزيد حتى صرت أخلو معه ، فقلت له ذات يوم ونحن في مشرفة (٣) : يا أمير المؤمنين خالك يحب أن تعلم شيئا من خلقه؟ قال : وما هو؟ قلت : لم أشرب شرابا ممزوجا قط إلّا من لبن أو عسل ، قال : قد عرفت ذلك ، ولم يباعدك من قلبي ، قال : ودخلت يوما إليه وعنده الأمويون ، فقال : إليّ يا خال ، فأقعدني إلى جنبه ، ثم أتي بشراب ، فشرب ، ثم ناولني القدح ، فقلت : يا أمير المؤمنين قد أعلمتك رأيي في الشرب قال : ليس لذلك أعطيتك ، إنّما دفعته إليك لتناوله الغلام ، وغضب ، فرفع القوم أيديهم كأن صاعقة وقعت على الخوان فذهبت أقوم فقال : اقعد ، فلما خلا البيت افترى عليّ ثم قال : يا عاضّ كذا وكذا ، أردت أن تفضحني ، لو لا أنك خالي لضربتك ألف سوط ، ثم نهى الحاجب عن إدخالي ، وقطع عني أرزاقي ، فمكثت ما شاء الله ، ثم أدخلت عليه يوما متنكرا ، فلم يشعر إلّا وأنا بين يديه وأنا أقول (٤) :

يا ابن الخلائف ما لي بعد (٥) تقربة

إليك تقصي (٦) وفي حاليك لي عجب

__________________

(١) الخبر في كتاب الأغاني ٤ / ٣٠٩ ـ ٣١٠.

(٢) بالأصل : «الزباب» والمثبت عن الأغاني وفيها : هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات.

(٣) وفي الأغاني : مشربة (بضم الراء وفتحها : الغرفة).

(٤) الأبيات في الأغاني ٤ / ٣١٠ ـ ٣١١ وبعضها في الشعر والشعراء ص ٤٢٧.

(٥) كتبت فوق الكلام بين السطرين.

(٦) الأغاني : «أقصى» وفي الشعر والشعراء : «أجفى».

٤٧٢

ما لي أذاد وأقصى (١) حين أقصدكم

كما يوقّي من ذي العزّة الجرب

كأنني لم يكن بيني وبينكم

إلّ ولا خلّة ترعى ولا نسب

قد (٢) كان بالودّ قدما منك أزلفني

بقربك الودّ والإشفاق والحدب

وكنت دون رجال قد جعلتهم

دوني إذا ما رأوني [مقبلا](٣) قطبوا

إن يسمعوا (٤) الخير يخفوه وإن سمعوا

شرا أذاعوا وإن لم يسمعوا كذبوا

رأوا صدودك عنّي في اللقاء فقد

تحدّثوا أنّ حبلي منك منقضب

قال : فتبسم وأمرني بالجلوس ، ورجع لي وقال : إيّاك أن تعاود ، وتمام هذه القصيدة:

فذوا الشّماتة مسرور بهيضتنا (٥)

وذو النّصيحة والإشفاق مكتتب

أين الذّمامة والحقّ الذي نزلت

بحفظه وبتعظيم له الكتب

وحوكي (٦) الشعر أصفيه وأنظمه

نظم القلائد فيها الدّرّ والذهب

وإنّ سخطك شيء لم أناج به

[نفسي](٧) ولم يك مما كنت أحتسب

لكن أتاك بقول آثم كذب

قوم بغوني فنالوا فيّ ما طلبوا

وهي طويلة ، وقد قيل في سبب غضبه على طريح سوى هذا ، والله أعلم.

قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسين بن عبد العزيز الكتّاني ، أنا عبد الوهاب الميداني ، أنا عبد الله بن جعفر ، أنا أبو جعفر الطبري (٨) ، قال : قال ابن سلّام : أخبرني غير واحد أن طريح بن إسماعيل الثقفي دخل على المهدي ، فانتسب له وسأله أن يسمع ، فقال : ألست الذي يقول للوليد (٩) بن يزيد :

__________________

(١) بالأصل : «إذا ادا وزنتي» والمثبت عن الأغاني.

(٢) الأغاني : لو كان بالود يدني منك.

(٣) زيادة للوزن عن الأغاني.

(٤) الشعر والشعراء : يعلموا ... علموا .. يعلموا كذبوا.

(٥) عن الأغاني ، وتقرأ بالأصل : بمصيبتنا.

(٦) عن الأغاني وبالأصل : وحكى.

(٧) الزيادة عن الأغاني لاستقامة الوزن.

(٨) تاريخ الطبري حوادث سنة ١٦٩.

(٩) بالأصل : الوليد ، والبيت في الأغاني ٤ / ٣١٦ باختلاف الرواية.

٤٧٣

أنت ابن مسلتطح النطاح ولم

يطرق عليك الجنيّ والولج

والله لا تقول فيّ مثل هذا ، ولا أسمع منك شعرا ، وإن شئت وصلتك.

قال أبو جعفر الطبري (١) : وقال إسحاق الموصلي : لما بايع الرشيد لولده ، كان فيمن بايع عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، فلما قدم ليبايع ، قال :

لا قصّرا عنها ولا بلغتها

حتى يطول على يديك طوالها

فاستحسن الرشيد ما تمثّل به وأجزل صلته.

قال : والشعر لطريح بن إسماعيل الثقفي يقول في الوليد بن يزيد وفي ابنيه.

قرأت في كتاب أبي الفرج علي بن الحسين بن محمّد الأموي (٢) ، أنا وكيع ، نا هارون بن محمّد بن عبد الملك الزيّات ، نا يحيى بن عبد الله اللهبي ، حدّثني أبي عن أبيه قال : أنشد المنصور هذه القصيدة فقال للربيع (٣) : أسمعت أحدا من الشعراء ذكر في معالم الحي المساجد غير طريح ـ يعني القصيدة التي أوّلها ـ :

أقفر ممن يحلّه السّند

فالمنحنى فالعقيق ما يحمد (٤)

لم يبق فيها من المعارف بعد

الحيّ إلّا الرّماد والولد (٥)

وعرصة نكّرت معارفها (٦)

الريح بها مسجد ومنتضد

وهذه القصيدة من جيّد قصائده يقول فيها :

لم أنس سلمى ولا ليالينا

بالحزن إذ عيشنا بها رغد

إذ نحن في ميعة الشباب وإذ

أيّامنا تلك غضّة جدد

في عيشة كالفريد عارية (٧)

الشفّة خضراء غصنها خضد

تحسد فيها على النّعيم وما

يولع إلّا بالنّعمة الحسد

__________________

(١) تاريخ الطبري حوادث سنة ١٩٣.

(٢) الخبر والشعر في الأغاني ٤ / ٣٢٣.

(٣) بالأصل : الربيع ، والمثبت عن الأغاني.

(٤) في الأغاني : «فالجمد» والمنحنى والعقيق والجمد : مواضع (انظر معجم البلدان وتاج العروس).

(٥) عن الأغاني وبالأصل : والوبد.

(٦) الأغاني : معالمها.

(٧) الأغاني : عازبة الشقوة.

٤٧٤

أيّام سلمى عزيزة أنف

كأنها خوص (١) بانة رؤد

ويحيى غدا إن غدا عليّ بما

أكره بين لوعة الفراق غد

قد كنت أبكي من الفراق وحيّانا

جميع ودارنا صدد

فكيف صبري وقد تجاوب بال

فراق منها الغراب والصّرد

دع عنك سلمى بغير مقلية

وعدّ مدحا بيوته شرد

الأفضل الأفضل الخليفة

عبد الله من دون شأوه صعد

من معشر لا يشمّ من خذلوا

عزّا ولا يستذلّ من رفدوا

أنت إمام الهدى الذي أصلح

الله به الناس بعد ما فسدوا

لمّا أتى الناس أنّ ملكهم

إليك قد صار أمره سجدوا

واستبشروا بالرضا تباشرهم

بالخلد لو قيل إنكم خلد

واستقبل الناس عيشة رغدا (٢)

استقوها لهم فقد سعدوا

رزقت من ودّهم وطاعتهم

ما لم يجده بوالد ولد

كنت أرى أنّ ما وجدت من

الفرجة لم يلق مثله أحد

حتى رأيت العباد كلّهم

قد وجدوا من هواك ما أجد

قد طلب الناس ما طلبوا (٣)

فما نالوا وما قاربوا وقد جهدوا

يرفعك الله بالتكرم والت

قوى فتعلوا وأنت مقتصد

حيث امرئ من غنى تقرّبه

منك وإن لم يكن له سبد

فأنت حرب (٤) لمن يخاف وللم

خذول أودى نصيره عضد

هل امرئ ذي يد يعدّ عليه

منك معلومة يد ويد

هم ملوك ما لم يروك فإن

داناهم منك منزل حمدوا

تعروهم رعدة لديك وكما

قفقف (٥) تحت الدجنة الصّرد

لا خوف ظلم ولا قلى خلق

إلّا جلالة كساكه الصّمد

__________________

(١) الأغاني : غريرة .. كأنها خوط.

(٢) الأغاني : عيشة أنفا إن تبق فيها لهم.

(٣) الأغاني : ما بلغت.

(٤) الأغاني : أمن.

(٥) قفقف : ارتعد من البرد.

٤٧٥

وأنت غمر الندا إذا هبط

الزّوار أرضا نحلّها حمدوا

فهم رفاق فرفقة صدرت

عنك نعيم (١) ورفقة ترد

إن حال دهر بهم فإنك لن

تنفكّ عن حالك التي عهدوا

قد صدّق الله مادحيك فما

في قولهم فرية ولا فند

__________________

(١) الأغاني : بغنم.

٤٧٦

ذكر من اسمه طريف

٢٩٦٦ ـ طريف بن حابس ، ويقال : ابن الخشخاش ،

ويقال : ابن عبد الخشخاش الهلالي ، ويقال : الألهاني

من أهل قنّسرين.

كان مع معاوية بصفين ، فاستعمله على رجالة أهل قنسرين ، ووجّهه (١) يزيد بن معاوية على أهل فلسطين في جيش الحرة ، له ذكر ، ولا أعلم له رواية.

أخبرنا أبو عبد الله البلخي ، أنا أبو غالب محمّد بن الحسن بن أحمد الباقلاني ، أنا أبو علي بن شاذان ، أنا أحمد بن إسحاق بن نيخاب الطيبي ، نا إبراهيم بن الحسين الكسائي ، نا يحيى بن سليمان الجعفي ، حدّثني نصر بن مزاحم (٢) ، نا عمرو بن شمر عن (٣) جابر عن (٤) أبي جعفر محمّد بن علي ، وزيد بن الحسن بن علي ، ورجل قد سمّاه ، وذكر الحديث إلى أن قال : وإن معاوية استعمل على رجالة قنّسرين (٥) طريف بن حابس الألهاني.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، أنا أحمد بن عمران ، نا موسى التستري ، أنا خليفة العصفري (٦) قال : قال أبو عبيدة : كان على رجالة أهل

__________________

(١) بالأصل : ووجه.

(٢) وقعة صفين ص ٢٠٦.

(٣) بالأصل «بن» خطأ.

(٤) بالأصل «بن» خطأ.

(٥) في وقعة صفين : رجالة قيس.

(٦) تاريخ خليفة بن خياط ص ١٩٥ حوادث سنة ٣٨ (تفصيل خبر صفين).

٤٧٧

قنّسرين طريف بن عبد الخشخاش (١) الهلالي.

أخبرنا أبو غالب أيضا ، أنبأ المبارك بن عبد الجبّار بن أحمد ، أنا أبو الحسن محمّد بن عبد الواحد بن محمّد بن جعفر ، أنبأ أحمد بن إبراهيم بن الحسن ، نا أحمد بن محمّد بن شيبة ، أنا أحمد بن الحارث الخزاز ، نا علي بن محمّد المدائني قال : فتوجه مسلم بن عقبة المرّي إلى المدينة في اثني عشر ألف رجلا ويقال في سبعة وعشرين ألفا ، اثنا عشر ألف فارس ، وخمسة عشر ألف راجل ، ونادى منادي (٢) يزيد : سيروا على أحد أعطياتكم كملا ، ومعاوية أربعين دينارا لكلّ رجل على أهل دمشق عبد الله بن مسعدة الفزاري ، وعلى أهل حمص حصين بن نمير السّكوني ، وعلى أهل الأردن حبيش بن دلجة القيني ، وعلى أهل فلسطين روح بن زنباع الجذامي ، أو شريك الكتّاني ، وعلى أهل قنّسرين طريف بن الخشخاش الهلالي ، وعليهم جميعا مسلم بن عقبة المرّي مرة غطفان.

فقال النعمان بن بشير الأنصاري ـ وهو أخو عبد الله بن حنظلة لأمّه ، أمهما عمرة بنت رواحة ـ يا أمير المؤمنين ، وجّهني أكفيك ، قال : ألا ليس لهم إلّا هذا القسيمة ، والله لا أقبلهم بعد إحساني إليهم ، ويقوى (٣) مرة بعد مرة. قال : أنشدك الله يا أمير المؤمنين في عشيرتك وأنصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقال له عبد الله بن جعفر : يا أمير المؤمنين أرأيت إن رجعوا إلى طاعتك أتقبل ذلك منهم؟ قال : إن فعلوا فلا سبيل عليهم ، يا مسلم إذا دخلت المدينة لم تصدّ عنها وسمعوا وأطاعوا فلا تعرض لأحد إلّا بخير وامض إلى الملحد ابن الزبير ، وإن صدّوك عن المدينة فادعهم ثلاثة أيام فإن لم يجيبوا فاستعن بالله فقاتلهم ، فستجدهم أوّل النهار مرحا وآخره صبرا ، سيوفهم بطيحة ، فإذا ظهرت عليهم فإن كانوا بنو أمية قتل منهم أحد فجرّد السّيف واقتل المدبر ، وأجهز على الجريح ، وانهبها ثلاثة أيام ، واحطم ما بين ثنية الوداع إلى عمرو بن مبذول ، واستوص بعلي بن حسين ، وشاور حصين بن نمير ، وإن حدث بك حدث فولّه أمر الجيش. فسار مسلم بن عقبة على تعبئته : على ميمنته

__________________

(١) في تاريخ خليفة : طريف بن الحسحاس الهلالي.

(٢) بالأصل : «مناد».

(٣) كذا رسمها بالأصل.

٤٧٨

عمرو بن محرز الأشجعي ، وعلى ميسرته مخارق الكلبي أحد بني .... (١) وعلى الخيل وافد الألهاني ، أخوه السّكون وعلى الرّجّالة الزبير بن خزيمة الخثعمي ، ووقف لهم يزيد على فرس حتى مرّوا ، ثم انصرف وهو يقول (٢) :

أبلغ أبا بكر إذا الجيش (٣) سرى

وأشرف (٤) القوم على وادي القرى

أجمع سكران من القوم ترى (٥)

يا عجبا من ملحد يا عجبا

مخادع للدّين يقفو بالقرى

__________________

(١) غير مقروءة بالأصل.

(٢) الرجز في تاريخ الطبري ٥ / ٤٨٤ (حوادث سنة ٦٣) وفيه شطران زيادة.

(٣) الطبري : الليل.

(٤) الطبري : «وهبط القوم» وبعده فيه :

عشرون ألفا بين كهل وفتى

(٥) بعده في الطبري : أم جمع يقظان نفي عنه الكرى.

٤٧٩

ذكر من اسمه طرملت

٢٩٦٧ ـ طرملت ، ويقال : تمصولت (١) بن بكار

أبو أحمد اليزيدي (٢) الأسود (٣)

ولي إمرة دمشق في أيام علي بن جعفر بن فلاح في أيام الملقب بالحاكم بعد جيش بن الصمصامة ، وقتل بعد حسك بن الداعي ، وكان عبدا لوالي القيروان فولاه طرابلس المغرب ، فجار على أهلها ، فأخذ أموالهم ، فطلب مولاه ، فهرب إلى الملقب بالحاكم.

قرأت بخط بعض الدمشقيين : جاء طرملت الأسود يوم السبت لأربع وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة في سنة تسعين وثلاثمائة.

وقرأت بخط عبد العزيز الكتّاني : أن ولايته كانت في سنة اثنتين (٤) وتسعين وثلاثمائة في يوم السبت لأربع وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة ، فأقام واليا على دمشق إلى المحرم من سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ، فصرف عنها بخادم اسمه مفلح اللّحياني (٥) ، وهلك طرملت بداريّا يوم الاثنين للثاني من صفر من سنة أربع وتسعين وهو متوجّه إلى مصر.

__________________

(١) كذا بالأصل ، وفي أمراء دمشق للصفدي ص ٦٦ : «طزملت ويقال : تموصلت» وفي تحفة ذوي الألباب للصفدي أيضا ٢ / ١٦ «تموصلت ويقال : طزملت ويقال : طمران».

(٢) في ولاة دمشق : البربري.

(٣) ترجمته في أمراء دمشق ص ٤٠ و ٦٦ وتحفة ذوي الألباب ٢ / ١٦ والوافي بالوفيات ١٠ / ٤٠٥ وذيل ابن القلانسي ص ٥٨ وفيه : طزملة بن بكار البربري.

(٤) بالأصل : اثنين.

(٥) انظر أخباره في كتابنا (حرف الميم) ، وتحفة ذوي الألباب ٢ / ١٧ وذيل ابن القلانسي ص ٦٢.

٤٨٠