تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٤

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]

تاريخ مدينة دمشق - ج ٢٤

المؤلف:

أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]


المحقق: علي شيري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٨
الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٢ الجزء ٣٣ الجزء ٣٤ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١ الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠

فقال يزيد بن خالد .... (١) زراعة لي مستخفيا فأرسل زامل خيلا فأصابه في زراعة اللخمي عليه قميص سنبلاني (٢) ، فأخذوه وأقبلوا به على بغل مؤلف فتلقاهم رجل من بني نمير يقال له صعصعة أو يزيد بن الفرات على نهر يأخذ من بردا فقتله واحتزّ رأسه وأتى به زاملا فقال له زامل : كله بخل وخردل ، قال : الأمير أحقّ بابن عمّه ، وبعث زامل برأسه إلى مروان ، وعلّق الصبيان في رجله حبلا فجزروه في السّكك.

ويقال : إن النميري مرّ من بقوم من بجيلة فقطع من لحم يزيد بن خالد فألقى إليهم فقال : كلوه ، فجعلوا يأكلون لحمه والسّيوف على رءوسهم ، ثم مضى إلى زامل فقال زامل : كله بخل وخردل.

وذكر خليفة بن خياط (٣) : أن (٤) الذي قتل يزيد بن خالد اسمه صعصعة (٥).

__________________

(١) غير واضحة بالأصل ورسمها : «ناوي» ولعل الصواب : «نازل».

(٢) بالأصل : سبيلاني ، ولعل الصواب ما أثبت ، وفي التاج : سنبلاني بالضم أي سابع الطول الذي قد أسبل ، أو هو منسوب إلى بلد بالروم (تاج العروس : سنبل).

(٣) تاريخ خليفة ص ٣٧٤ حوادث سنة ١٢٧.

(٤) غير واضحة بالأصل وقد تقرأ : «كذا» والسياق يقتضي ما أثبت.

(٥) زيد في تاريخ خليفة : رجل من بني تميم.

وانظر تاريخ الطبري حوادث سنة ١٢٧ (٤ / ٢٨١) وفيه أن يزيد بن خالد لجأ إلى رجل من لخم من أهل المزة. فدل عليه زامل فأرسل إليه فقتل قبل أن يوصل به إليه ، فبعث برأسه إلى مروان بحمص. وانظر الكامل لابن الأثير بتحقيقنا (حوادث سنة ١٢٧).

١٠١

ذكر من اسمه صفوان

٢٨٨٣ ـ صفوان بن أمية بن وهب بن حذافة بن جمح

ابن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر

أبو وهب (١) القرشي الجمحي المكي (٢)

له صحبة ، أسلم بعد فتح مكة.

وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث.

روى عنه : ابنه عبد الله بن صفوان ، وابن أخيه (٣) حميد ، وسعيد بن المسيّب ، وعامر بن مالك ، وطارق بن المرقّع ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل ، وطاوس بن كيسان اليماني ، وعطاء بن أبي رباح.

وشهد اليرموك ، وكان أميرا على كردوس ، وقيل : إنه وفد على معاوية وأقطعه الزّقاق المعروف بزقاق صفوان.

أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أحمد بن محمّد بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، حدّثني جدّي ، أحمد بن منيع ، نا سفيان ، عن عبد الكريم [بن] أبي أمية ، عن عبد الله بن الحارث قال : زوّجني أبي ، فدعا أناسا من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيهم صفوان بن أمية ، فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «انهسوا

__________________

(١) في تهذيب الكمال ٩ / ١٠٧ أبو وهب ، وقيل : أبو أمية.

(٢) ترجمته في الاستيعاب ٢ / ١٨٣ هامش الإصابة ، وأسد الغابة ٢ / ٤٠٥ والإصابة ٢ / ١٨٧ وتهذيب الكمال ٩ / ١٠٧ وتهذيب التهذيب ٢ / ٥٥٣ والوافي بالوفيات ١٦ / ٣١٣ وسير الأعلام ٢ / ٥٦٢ وانظر بالحاشية فيهما أسماء مصادر أخرى كثيرة ترجمت له.

(٣) في تهذيب الكمال وسير الأعلام : ابن أخته واسمه حميد بن حجير ، وفي الإصابة «ابن أخيه» كالأصل.

١٠٢

اللحم نهسا فإنه أهنأ ، وأمرأ» [٥١٧٠].

أخرجه التّرمذي عن أحمد بن منيع (١).

أخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده ، أنا أحمد بن محمّد بن زياد ، نا الحسن بن محمّد ، نا ابن عيينة ، عن عبد الكريم ، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : زوّجني أبي في إمارة عثمان ، فدعا قوما من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فجاء صفوان بن أمية وهو شيخ كبير ، فقال إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «انهسوا اللحم نهسا فإنه أهنأ وأمرأ ، وأبرّ (٢) وأشهى» [٥١٧١].

أخبرنا أبو نصر بن رضوان ، وأبو علي بن السّبط ، وأبو غالب بن البنّا قالوا : أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو بكر بن مالك ، نا أبو مسلم الكشّي ، نا أبو عاصم الضحاك ، عن مجالد ، عن مالك عن ابن (٣) شهاب ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن جده قال : قيل لصفوان بن أمية إنه من لم يهاجر فقد هلك ، فدعا براحلته فركبها ، فأتى المدينة قال : فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما جاء بك يا أبا وهب؟» قال : بلغني أنه لا دين لمن لا هجرة له ، فقال : «ارجع إلى أباطح مكة» ، قال : فرجع ، فدخل المسجد ، فتوسّد رأسه ، فجاءه رجل فسرقه ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمر بقطعه ، فقال : يا رسول الله لم يبلغ ردائي ما تقطع فيه يد ، قد جعلتها صدقة عليه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فهلّا قبل أن تأتيني به» [٥١٧٢].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو نصر أحمد بن محمّد الطوسي ، قالا : أنا أبو الحسين بن النّقّور ـ زاد ابن السّمرقندي وأبو محمّد الصّريفيني ـ قالا : أنا أبو محمّد القاسم بن حبابة.

وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن عمر بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطّاب.

__________________

(١) صحيح الترمذي ٢٦ كتاب الأطعمة ٣٢ باب (الحديث ١٨٣٥).

(٢) كذا ، وفي تهذيب الكمال ٩ / ١٠٩ «أو أشهى وأمرأ».

وقوله : نهس اللحم : انتزعه بالثنايا للأكل ، والشين لغة فيه (انظر اللسان : نهس ونهش).

(٣) بالأصل : «مالك بن أبي شهاب» والصواب ما أثبت ، انظر ترجمة صفوان بن عبد الله بن صفوان في تهذيب الكمال ٩ / ١١٧ وفيها يروي عنه .. ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري.

١٠٣

ح وأخبرنا أبو الفتح محمّد بن علي ، وأبو نصر عبد الله بن أبي عاصم ، وأبو محمّد عبد السّلام بن أحمد ، وأبو عبد الله سمرة بن جندب ، وأخوه أبو محمّد عبد القادر بن جندب ، قالوا : أنا محمّد بن عبد العزيز الفارسي ، قالا : أنا عبد الرّحمن بن أبي شريح ، قالا : أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ، حدّثني مالك بن أنس ، عن ابن شهاب ، عن صفوان بن عبد الله بن صفوان ، أن صفوان قيل له : من لم يهاجر هلك ، قال : فقدم صفوان بن أمية المدينة ، فنام في المسجد ، وتوسّد رداءه ، فجاء سارق فأخذ رداءه ، قال : فأخذ صفوان السّارق ، فجاء به إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يقطع ، فقال صفوان : إنّي لم أرد هذا ، هو عليه صدقة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فهلّا قبل أن تأتيني به» ـ وفي حديث ابن حبابة قالا : قبل أن تأتيني به ـ رواه محمّد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، وزاد في إسناده أبا صفوان عبد الله بن صفوان [٥١٧٣].

أخبرناه أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنبأ أحمد بن جعفر ، نا عبد الله بن أحمد (١) ، حدّثني أبي ، نا روح ، نا محمّد بن حفصة (٢) ، نا الزهري ، عن صفوان بن (٣) عبد الله بن صفوان ، عن أبيه : أن صفوان بن أمية بن خلف قيل له : هلك من لم يهاجر ، قال : فقلت : لا أصل إلى أهلي حتى [آتي](٤) رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فركبت راحلتي ، فأتيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : يا رسول الله زعموا أنه هلك من لم يهاجر ، قال : «لا أبا وهب ، فارجع إلى أباطح مكة» [٥١٧٤].

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن عبد الله بن سيف ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر التميمي ، قال في تسمية الأمراء يوم اليرموك : وصفوان بن أمية على كردوس (٥).

أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ، أنا أبو طاهر قالا : أنا محمّد بن

__________________

(١) في مسند أحمد ط دار الفكر ٥ / ٢٢٣ (الحديث ١٥٣٠٣).

(٢) في المسند : «محمد بن أبي حفصة» ومثله في سير الأعلام ٢ / ٥٦٤.

(٣) عن المسند ، وبالأصل «عن» وانظر سير الأعلام ٢ / ٥٦٤.

(٤) الزيادة عن المسند للإيضاح.

(٥) تاريخ الطبري ٣ / ٣٩٦ حوادث سنة ١٣.

١٠٤

الحسن بن أحمد ، أنا محمّد بن أحمد بن إسحاق ، أنا عمر بن أحمد ، نا خليفة بن خياط (١) قال : صفوان بن أمية بن خلف (٢) بن وهب بن حذافة بن جمح ، أمّه صفية بنت معمر بن حبيب بن وهب (٣) بن حذافة بن جمح ، قال أبو اليقظان : أمّه ابنة عمير من بني جمح ، يكنى أبا وهب مات بمكة سنة اثنين (٤) وأربعين.

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار قال : وصفوان بن أمية ، وأمّه صفية بنت معمر بن وهب بن حذافة بن جمح ، وأخواه كلدة ، وعبد الرّحمن ابنا حنبل ، وكان صفوان من مسلمة الفتح ، وكان قد هرب حين دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ ، فانصرف معه ، فوقف على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصفوان على فرسه ، فناداه في جماعة الناس إن هذا عمير بن وهب يزعم أنك أمنتني على أن لي تسير شهرين ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انزل» ، فقال : لا ، حتى تبين لي ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنزل فلك تسيير أربعة أشهر» ، وشهد معه حنينا وهو مشرك ، واستعاده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سلاحا ، فقال له : طوعا أو كرها؟ فقال : بل طوعا عارية مضمونة ، فأعاره ، ووهب له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حنين من الغنائم ، فأدركه فقال : أشهد ما طابت بهذا إلّا نفس نبي ، فأسلم ، أقام بمكة ، ثم قيل إنه لا إسلام لمن لا هجرة له ، فقدم المدينة ، فنزل على العبّاس فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «على من نزلت؟» فقال : على العبّاس ، فقال : «ذاك ابن قريش بقريش ، ارجع أبا وهب فإنه لا هجرة بعد الفتح» وقال له : «فمن لأباطح مكة» ، فرجع صفوان فأقام بمكة حتى مات بها (٥) [٥١٧٥].

أخبرنا أبو بكر اللفتواني ، أنا أبو عمرو بن منده ، أنا الحسين بن محمّد بن يوسف ، أنا أحمد بن محمّد بن عمرو ، أنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا محمّد بن سعد (٦)

__________________

(١) طبقات خليفة بن خياط ص ٥٩ رقم ١٣٦.

(٢) عن طبقات خليفة وبالأصل «خليفة».

(٣) بالأصل : «معمر بن وهب بن حبيب» وفوق اللفظتين حبيب ووهب علامتا م ، إشارة إلى تقديم وتأخير ، وهذا ما أثبتناه بما يوافق عبارة خليفة.

(٤) كذا ، والصواب : اثنتين.

(٥) انظر تهذيب الكمال ٩ / ١٠٧ ـ ١٠٨.

(٦) الخبر برواية ابن أبي الدنيا سقط من الطبقات الكبرى المطبوع لابن سعد.

١٠٥

قال في الطبقة الخامسة في تسمية من أسلم بعد فتح مكة : صفوان بن أميّة بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، ويكنى أبا وهب ، مات في أوّل خلافة معاوية ، فقال في موضع آخر بهذا الإسناد : أسلم بعد الفتح فقيل له : إنه لا إسلام لمن لم يهاجر ، فقدم المدينة ، فأخبر بذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : «عزمت عليكم يا أبا وهب لمّا رجعت إلى أباطح مكة» ، فلم يزل بها حتى مات أيام خرج الناس من مكة إلى الجمل ، وكان يحرض الناس على الخروج ، أخبرني بذلك كله الواقدي [٥١٧٦].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، نا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد (١) ، قال في الطبقة الرابعة : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، وأمّه صفية بنت معمر بن وهب بن حذافة بن جمح ، قال محمّد بن عمر : ولم يزل صفوان صحيح الإسلام ، ولم يبلغنا أنه غزا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا ، ولا بعده ، ولم يزل مقيما بمكة إلى أن مات بها في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وقد روى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

أنبأنا أبو محمّد بن الآبنوسي ، ثم أخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه ، أنبأ أبو محمّد الجوهري أبو الحسين بن المظفر ، أنا أبو علي المدائني ، أنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال : ومن بني جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن (٢) حذافة بنت جمح ، وأمّه .... (٣) بنت معمر بن حبيب بن حذافة بن جمح ، يكنى أبا وهب ، أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم فتح مكة ، فأجلّه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أربعة أشهر ، ثم أسلم بعد ذلك ، توفي بعد مقتل عثمان ، وقال بعض أهل الحديث : توفي سنة اثنين (٤) وأربعين.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد قال : قال محمّد بن سعد : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو ، وأمّه صفية بنت معمر (٥) بن حبيب بن وهب بن حذافة بن

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٥ / ٤٤٩.

(٢) بالأصل : بنت.

(٣) رسمها بالأصل : «ينسه» وتقرأ : «نيسه»؟ وقد مرّ : صفية ، وفي مغازي الواقدي ١ / ٨٥ كريمة.

(٤) كذا.

(٥) رسمها بالأصل : «لعمر» وقد مرّ صوابا قريبا.

١٠٦

جمح ، يكنى صفوان أبا وهب ، كان يسكن مكة ، وقدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة.

أخبرنا أبو محمّد السّلمي ، نا أبو بكر الخطيب.

ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، قالا : أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنبأ عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب (١) قال : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص (٢) بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ـ زاد ابن السّمرقندي : يكنى أبا وهب ـ.

أنبأنا أبو الغنائم الكوفي ، ثم حدّثنا أبو الفضل السّلامي ، أنا أبو الفضل الباقلاني ، وأبو الحسين الأصبهاني ، قالا : أنا أحمد بن عبدان ، أنبأ محمّد بن سهل ، أنا محمّد بن إسماعيل (٣) قال : صفوان بن أميّة بن خلف أبو وهب القرشي الجمحي ، له صحبة.

ـ في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب ـ أنا أبو القاسم الأصبهاني ، أنا أبو علي إجازة.

ح قال : وأنا أبو طاهر ، أنا علي بن محمّد ، قالا : أنا أبو محمّد بن أبي حاتم (٤) ، قال : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح بن وهب الجمحي القرشي المكي ، له صحبة ، روى عنه حميد بن أخيه (٥) ، وعبد الله بن الحارث ، وعامر بن مالك ، وعبد الله بن صفوان ، سمعت أبي يقول ذلك ، قال أبو محمّد : روى عنه طاوس اليماني.

أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده ، قال : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، واسمه تيم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ، أبو وهب الجمحي ، كنّاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح ،

__________________

(١) المعرفة والتاريخ ٢ / ٣٠٩.

(٢) عن المعرفة والتاريخ ـ وبقية مصادر ترجمته ـ وبالأصل هنا : هيص.

(٣) التاريخ الكبير ٤ / ٣٠٤.

(٤) الجرح والتعديل ٤ / ٤٢١.

(٥) كذا وفي الجرح والتعديل : ابن أخته.

١٠٧

واستعار منه أدراعا ، قال له : «يا أبا وهب» ، روى عنه عبد الله بن حارثة (١) ، وعامر بن مالك ، وطارق بن مرقّع ، وابنه عبد الله ، كذا قال ، وهو عبد الله بن الحارث بن نوفل.

أنبأنا أبو سعد المطرز ، وأبو علي الحداد ، قالا : أنا أبو نعيم ، قال : صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح ، واسمه تيم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ، أبو وهب الجمحي ، كنّاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا وهب ، أسلم بعد الفتح (٢) ، وشهد حنينا وهو مشرك ثم أسلم بعد ذلك ، توفي مقتل عثمان بن عفّان.

أخبرنا أبو السّعود بن المجلي (٣) ، نا أبو الحسين محمّد بن علي.

ح وأخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد ، أنا أبي أبو يعلى قالا : أنا أبو القاسم الصيدلاني ، أنا محمّد بن مخلد بن حفص ، قال : قرأت على علي بن عمرو الأنصاري : حدّثكم الهيثم بن عدي قال : قال ابن عباس : صفوان بن أمية بن خلف ، يكنى أبا وهب.

أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الفضل بن خيرون.

ح وأخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا ثابت بن بندار قالا : أنبأ أبو القاسم الأزهري ، أنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب ، أنا العباس بن العبّاس بن محمّد بن عبد الله [بن] المغيرة الجوهري ، أنا صالح بن منصور بن خلف ، أنا أبو سعيد بن حمدون ، أنا مكي بن عبدان قال : سمعت مسلم بن الحجّاج يقول : أبو وهب صفوان بن أمية بن خلف الجمحي له صحبة.

قرأت على أبي الفضل بن ناصر ، عن جعفر بن يحيى ، أنا أبو نصر الوائلي ، أنا الخصيب بن عبد الله ، أخبرني أبو موسى بن أبي عبد الرّحمن ، أخبرني أبي قال : أبو وهب صفوان بن أمية بن خلف الجمحي.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو طاهر محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا

__________________

(١) كذا ، وقد مرّ في أول ترجمته : «عبد الله بن الحارث» وسينبه المصنف في آخر الخبر إلى الصواب : بن الحارث بن نوفل ، وانظر.

(٢) تهذيب الكمال ٩ / ١٠٧.

(٣) بالأصل بالحاء المهملة ، والصواب ما أثبت بالجيم وقد مرّ.

١٠٨

هبة الله بن إبراهيم بن عمر ، أنا أبو بكر المهندس ، نا أبو بشر الدّولابي (١) ، قال : صفوان بن أمية ـ يعني ـ يكنى أبا وهب.

أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد ، أنبأ أبو الفتح نصر بن إبراهيم ، أنا أبو الفتح سليمان بن أيوب ، أنا طاهر بن محمّد بن سليمان ، نا علي بن إبراهيم بن أحمد ، نا يزيد بن محمّد بن إياس قال : سمعت محمّد بن أحمد المقدّمي يقول : صفوان بن أمية الجمحي يكنى أبا وهب.

أخبرنا أبو جعفر محمّد بن أبي علي ، أنا أبو بكر الصّفّار ، أنا أحمد بن علي بن منجويه ، أنا أبو أحمد الحاكم قال : أبو وهب ويقال أبو أمية صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي الجمحي القرشي ، وأمّه صفية بنت يعمر (٢) بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح ، ويقال : أمّه بنت عمير من بني جمح ، له صحبة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مات بمكة أول ولاية معاوية.

أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي ، أنا محمود بن القاسم بن محمّد ، وعبد العزيز بن محمّد ، وأبو بكر أحمد بن عبد الصمد ، قالوا : أنا عبد الجبّار بن محمّد بن أحمد المحبوبي ، أنا أبو عيسى التّرمذي (٣) ، أنا أبو السائب سلم بن جنادة بن سلم الكوفي ، ثنا أحمد بن بشير ، عن عمرو (٤) بن مرّة عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم أحد : «اللهم العن أبا سفيان ، اللهم العن الحارث بن هشام ، اللهمّ العن صفوان بن أمية» ، قال : فنزلت (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)(٥) فتاب عليهم ، فأسلموا وحسن إسلامهم [٥١٧٧].

أخبرناه غالبا أبو المظفّر بن القشيري ، أنا أبي أبو القاسم.

وأخبرنا أبو الأسعد هبة الله بن عبد الواحد بن عبد الكريم ، أنا جدي أبو القاسم ، أنا أبو الحسين الخفّاف ، أنا أبو العباس السّرّاج ، نا أبو السائب سلم بن جنادة ،

__________________

(١) الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٩٢.

(٢) كذا ، ومرّ : «بنت معمر».

(٣) صحيح الترمذي ٤٨ كتاب التفسير (الحديث ٣٠٠٤).

(٤) في الترمذي : عمر بن حمزة.

(٥) سورة آل عمران ، الآية : ١٢٧.

١٠٩

ثنا أبو بكر أحمد بن بشير ، عن عمرو (١) بن حمزة ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الفتح : «اللهم العن الحارث ، اللهم العن صفوان بن أمية» فنزلت (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ) فتاب عليهم ، فأسلموا فحسن إسلامهم [٥١٧٨].

رواه أبو عقيل عبد الله بن عقيل الثقفي عن عمرو (٢) بن حمزة ـ مرفوعا ـ أيضا إلّا أنه سمى بدل أبا سفيان سهل بن عمرو.

ورواه معمر عن الزهري عن سالم مسندا إلّا أنه لم يسمّ منهم أحد.

أخبرناه أبو عبد الله الفراوي ، وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان ، أنا أبو يعلى ، نا إسحاق ـ هو ابن أبي إسرائيل ـ نا عبد العزيز بن محمّد ، نا معمر.

ح وأخبرناه أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك ، أنا إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا إسحاق ، نا عبد الرّزاق ، نا سفيان ، ومعمر عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه قال : لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في صلاة الصّبح فلانا وفلانا ناسا من المنافقين ، فأنزل الله عزوجل (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ).

وكذا رواه ابن المبارك عن معمر ، ورواه حنظلة بن أبي سفيان الجمحي المكي ، عن سالم مرسلا ، لم يذكر ابن عمر فيه ، وسمّى سهيلا بدل أبي سفيان.

أخبرناه أبو عبد الله ، أنا خيثمة بن سليمان ، نا الحسن بن مكرم ، نا إسحاق بن سليمان الرازي ، قال : سمعت حنظلة بن أبي سفيان قال : سمعت سالم بن عبد الله في قول الله عزوجل : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) نزلت في سهيل بن عمرو ، وصفوان بن أمية ، والحارث بن هشام كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو في الصّلاة فنزلت فيهم هذه الآية.

أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية.

ح وأخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو الحسين بن

__________________

(١) في الترمذي : «عمر».

(٢) في الترمذي : «عمر».

١١٠

الآبنوسي ، أنا أبو الطّيّب عثمان بن عمرو بن محمّد بن المنتاب ، قالا : ثنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين بن الحسن بن حارث ، أنا ابن المبارك ، أنا معمر عن الزهري ، عن بعض آل عمر (١) ، عن عمر بن الخطاب أنه قال : لما كان يوم الفتح أرسل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى صفوان بن أمية بن خلف وإلى أبي سفيان بن حرب وإلى الحارث بن هشام قال عمر : فقلت : قد أمكنني الله عزوجل منهم ، لأعرفنّهم ما صنعوا ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «مثلي ومثلكم كما قال يوسف لإخوته (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)(٢)» ، قال عمر : فانفضخت حياء من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣) [٥١٧٩].

أخبرنا أبو محمّد هبة الله بن سهل بن عمر ، أنا عثمان سعيد بن محمّد البحيري ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا إبراهيم بن عبد الصمد ، نا أبو مصعب الزهري ، ثنا مالك ، عن ابن شهاب :

أنه بلغه أن نساء كنّ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بأرضهن وهنّ غير مهاجرات وأزواجهن حين أسلمن كفار ، منهن بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية ، فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام فبعث إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أمانا لصفوان ، ودعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الإسلام وأن يقدم عليه فإن رضي أمرا وإلّا سيره شهرين.

فلما قدم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ناداه على رءوس الناس ، فقال : يا محمّد هذا وهب بن عمير جاءني بردائك ، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك ، فإن رضيت أمرا قبلته ، وإلّا سيرتني شهرين ، قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انزل أبا وهب» ، فقال : لا والله لا أنزل حتى تبين لي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : [«لك تسيير أربعة أشهر».

فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل هوازن بحنين](٤) فأرسل إلى صفوان أن يستعيره أداة

__________________

(١) بالأصل «عمران» والمثبت عن سير الأعلام ٢ / ٥٦٤.

(٢) سورة يوسف ، الآية : ٩٢.

(٣) نقله الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٥٦٤ و ٥٦٥ من طريق الزهري.

(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن سير الأعلام ٢ / ٥٦٥ ومكان العبارة بالأصل : «قبل هوازين بحنين».

١١١

وسلاحا كانت عنده فقال صفوان : أو كرها؟ فقال : «لا بل طوعا» ، فأعاره الأداة والسّلاح التي كانت عنده ، ثم خرج صفوان مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو كافر ، يشهد حنينا والطائف ، وهو كافر ، وامرأته مسلمة ، فلم يفرّق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان ، واستقرت امرأته بذلك النكاح ، كذا يقول مالك : وهب بن عمير ، وإنما هو وهب بن عمير [٥١٨٠].

أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (١).

ح وأخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، ثنا أبو بكر الخطيب ، قالا : أنبأ أبو الحسين بن الفضل ، أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن أحمد بن عتاب العبدي ، نا القاسم بن عبد الله (٢) بن المغيرة ، نا ابن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمه موسى بن عقبة قال : وفرّ (٣) صفوان بن أمية عامدا للبحر ، وأقبل عمير بن وهب بن خلف إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسأله أن يؤمن صفوان بن أمية ، وقال : إنه قد هرب فارا نحو البحر ، وقد خشيت أن يهلك نفسه ، فأرسلني إليه بأمان يا رسول الله ، فإنك قد أمنت الأحمر والأسود ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أدرك عمك (٤) فهو آمن» ، فطلبه عمير فأدركه ، وقال له : قد أمّنك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال صفوان : فو الله لا آمن لك حتى أرى علامة بأمان ، فقال عمير : أمكث مكانك حتى آتيك بها ، فرجع عمير إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن صفوان أبى أن يوقن لي حتى يرى منك آية يعرفها ، فانتزع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم برد حبرة كان معتجرا بها حين دخل مكة ، فدفعه إلى عمير بن وهب ، فلما رأى صفوان البرد أيقن واطمأنت نفسه ، وأقبل مع عمير حتى دخل المسجد على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال صفوان : أعطيتني ما يقول هذا من الأمان؟ قال : «نعم» ، قال : اجعل لي شهرا قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بل لك شهران لعل الله أن يهديك» ـ.

وقال ابن شهاب : نادى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صفوان وهو على فرسه ، فقال : يا محمّد أمنتني كما قال هذا إن رضيت وإلّا سيرتني شهرين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انزل أبا

__________________

(١) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٥ / ٣٩ و ٤٦.

(٢) بالأصل بعدها : «العبدي» والمثبت يوافق عبارة البيهقي.

(٣) دلائل البيهقي : ومرّ صفوان.

(٤) دلائل البيهقي : أدرك ابن عمك.

١١٢

وهب» ، فقال : لا والله لا أنزل حتى تبين ، قال : «فلك تسيير أربعة أشهر» ـ وكذا ذكر الواقدي بإسناد غير هذا متصل ـ [٥١٨١].

أخبرناه أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، نا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، نا محمّد بن شجاع البلخي ، ثنا محمّد بن عمر الواقدي (١) ، حدّثني ابن أبي سبرة عن موسى بن عقبة ، عن أبي حبيبة مولى الزبير ، عن عبد الله بن الزبير قال : لما كانت يوم الفتح أسلمت امرأة صفوان بن أمية البعوم بنت المعذّل ـ من كنانة ـ وأما صفوان بن أمية فهرب حتى أتى الشعيبة (٢) وجعل يقول لغلامه يسار وليس معه غيره : ويحك انظر من ترى؟ قال : هذا عمير بن وهب ، قال صفوان : ما أصنع بعمير ، والله ما جاء إلّا يريد قتلي ، قد ظاهر محمّدا عليّ ، فلحقه فقال : يا عمير ما كفاك ما صنعت بي؟ حملتني دينك وعيالك ، ثم جئت تريد قتلي ، قال : أبا وهب قد جعلت فداك ، جئتك من عند أبرّ الناس وأوصل الناس ، وقد كان عمير قال لرسول الله : سيد قومي ، خرج هاربا ليقذف نفسه في البحر ، وخاف أن لا تؤمنه ، فأمنه فداك أبي وأمي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد أمنته» فخرج في أثره فقال : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أمّنك ، فقال صفوان : لا والله لا أرجع معك حتى تأتيني بعلامة أعرفها ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خذ عمامتي» ، قال : فرجع عمير إليه بها وهو البرد الذي دخل فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يومئذ معتجرا (٣) به برد حبرة (٤) فخرج عمير في طلبه الثانية حتى جاءه بالبرد ، فقال : أبا وهب جئتك من عند خير الناس ، وأوصل الناس ، وأبرّ الناس ، وأحلم الناس ، مجده مجدك ، وعزّه عزّك ، وملكه ملكك. ابن أمك وأبيك ، اذكرك الله في نفسك. قال له : أخاف أن أقتل [قال : دعاك](٥) إلى أن تدخل في الإسلام ، فإن رضيت وإلّا سيرك شهرين ، فهو أوفى الناس وأبرّهم وقد بعث إليك ببرده الذي دخل به معتجرا تعرفه؟ قال : نعم ، فأخرجه ، فقال : نعم هو هو ، فرجع صفوان حتى انتهى إلى

__________________

(١) مغازي الواقدي ٢ / ٨٥١ وما بعدها.

(٢) بالأصل : الشعبية ، والمثبت عن الواقدي ، وفي ياقوت : الشعبية : مرفأ السفن من ساحل بحر الحجاز ، وهو كان مرفأ مكة ومرسى سفنها قبل جدة.

(٣) الاعتجار بالعمامة وهو أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه (النهاية)

(٤) الحبرة : ضرب من ثياب اليمن.

(٥) ما بين معكوفتين زيادة عن الواقدي.

١١٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلّي بالمسلمين العصر في المسجد ، فوقفا فقال : كم يصلون في اليوم والليلة؟ قال : خمس صلوات ، قال : يصلي بهم محمّد؟ قال : نعم ، فلما سلّم صاح صفوان : يا محمّد إن عمير بن وهب جاءني ببردك ، وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك ، فإن رضيت أمرا وإلّا سيرتني شهرين ، قال : «انزل أبا وهب» قال : لا والله حى تبين لي ، قال : «بل لك تسيير أربعة أشهر» ، فنزل صفوان ، وخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل هوازن ، وخرج معه صفوان وهو كافر ، وأرسل إليه يستعيره سلاحه ، فأعاره سلاحه مائة درع بأداتها ، فقال صفوان : طوعا أو كرها؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «عارية مؤداة» فأعاره ، فأمره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحملها إلى حنين ، فشهد حنينا والطائف ، ثم رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الجعرانة (١) ، فبينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يسير في الغنائم ينظر إليها ومعه صفوان بن أمية ، فجعل صفوان ينظر إلى شعب مليء نعما وشاء ورعاء ، فأدام إليه النظر ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يرمقه ، فقال : «أبا وهب يعجبك هذا الشّعب؟» قال : نعم ، قال : «هو لك وما فيه» ، فقال صفوان عند ذلك : ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلّا نفس نبي ، أشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله وأسلم مكانه.

أخبرنا أبو بكر أيضا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر ، نا عبد الله بن يزيد الهذلي ، قال : استقرض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من صفوان بن أمية بمكّة خمسين ألفا فأقرضه (٢).

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو المظفّر محمود بن أحمد الكوسج ، أنا أبو علي الحسين بن علي بن أحمد بن سليمان بن البغدادي ، نا أبو الفضل بن الخطيب ، نا أبو مسعود ، ثنا الأسود بن عامر وغيره ، قالوا : حدثنا (٣) شريك عن عبد العزيز بن رفيع ، عن ابن أبي مليكة ، عن أمية بن صفوان ، عن أبيه قال : استعار النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم من صفوان أدرعا يوم حنين من حديد (٤) فقال له : يا محمّد مضمونة؟ قال : «مضمونة» فضاع بعضها ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن شئت غرمته لك» فقال : لا ، أنا أرغب في الإسلام من ذلك (٥) [٥١٨٢].

__________________

(١) الجعرانة : ماء بين الطائف ومكة نزلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قسم غنائم هوازن.

(٢) سير الأعلام ٢ / ٥٦٦.

(٣) بالأصل : أخذتنا.

(٤) تقرأ بالأصل : «حدثه» ولا معنى لها ، ولعل الصواب ما أثبت.

(٥) سير الأعلام ٢ / ٥٦٦ من طريق شريك.

١١٤

أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة السّلمي ، نا أبو محمّد عبد العزيز ، نا أحمد التيمي ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر ، أنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن هشام الأذرعي ، نا أبو زرعة عبد الرّحمن بن أحمد بن عمرو ، نا أحمد بن خالد الذهبي ، نا محمّد بن إسحاق ، عن أبي جعفر قال :

كان في صفوان بن أمية ثلاث من السّنة : استعار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم سلاحه حين سار إلى حنين فقال صفوان : أعطيت يا محمّد؟ قال : «بل عارية مضمونة» ، قال : فضمنت العارية حتى نودي إلى أهلها ، قال : وقدم علينا المدينة بعد فتح مكة ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ما جاء بك يا أبا أمية؟» قال : بأمر الله ، زعم الناس أن لا خلاف لمن لم يهاجر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لترجعن حتى تتبطح ببطحاء مكة» فعرف الناس أن الهجرة قد انقطعت بعد فتح مكة ، قال : وأتى مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فسرقت خميصته من تحت رأسه ، فظفر بصاحبه ، فأتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنّ هذا سرق خميصتي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اذهبوا به فاقطعوه» فقال : يا رسول الله هي له ، فقال : «ألا قبل أن تأتينا» ، فعرف الناس أن لا بأس بالعفو عن الحدّ ما لم ينته (١) إلى الإمام [٥١٨٣].

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، نا أبو عمر بن حيّوية ، أنا عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمّد بن شجاع ، أنا محمّد بن عمر الواقدي (٢) ، قال : وأعطى ـ يعني النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ من غنائم حنين في بني جمح : صفوان بن أمية مائة بعير ، ويقال : إنه طاف مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتصفح الغنائم إذ مرّ بشعب مما أفاء الله عليه ، فيه غنم وإبل ورعاؤها مملوء (٣) فأعجب صفوان ، وجعل ينظر إليه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أعجبك يا أبا وهب هذا الشعب؟» قال : نعم ، قال : «هو لك وما فيه» ، فقال صفوان : أشهد ما طابت بهذا نفس أحد قط إلّا نبي ، وأشهد أنك رسول الله [٥١٨٤].

أخبرتنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر ، قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، نا أبو بكر بن المقرئ ، أنا أبو يعلى ، نا مسروق بن المرزبان ، نا ابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن سعيد بن المسيّب ، عن صفوان بن أمية ، قال : لقد أعطاني

__________________

(١) الأصل : ينتهي.

(٢) الخبر في مغازي الواقدي ٣ / ٩٤٦.

(٣) بالأصل : رعاها مملوءا.

١١٥

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حنين وأنه لمن أبغض الناس إليّ ، فما زال يعطيني حتى أنه لأحبّ الخلق إليّ.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا يحيى بن عبد الحميد ، نا عبد الله بن المبارك ، عن يونس ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن صفوان بن أمية قال : أتيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو أبغض الناس إليّ فأعطاني ، ثم أعطاني ، ثم أعطاني فلهو أحبّ الناس إليّ.

أخبرنا أبو القاسم يوسف بن عبد الواحد ، نا شجاع بن علي ، أنا أبو عبد الله بن منده ، أنبأ أحمد بن عمر ، وأبو الطاهر ، نا يونس بن عبد الأعلى ، نا ابن وهب ، أخبرني يونس قال : قال ابن شهاب : حدّثني سعيد بن المسيّب : أن صفوان بن أمية قال : والله لقد أعطاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أعطاني ، وإنه لأبغض الناس إليّ فما برح يعطيني حتى إنه لأحبّ الناس إليّ.

هكذا رواه معمر عن الزهري ، فلم يذكر ابن المسيّب.

أخبرناه أبو الحسن علي بن المسلّم الفقيه ، أنبأ أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنبأ جدي أبو بكر ، نا محمّد بن يوسف بن بشر ، أنا محمّد بن حمّاد ، نا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن الزهري قال : قال صفوان بن أمية : لقد أعطاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ما أعطاني وأنه لأبغض الناس إليّ.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا الحسن بن علي ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، أنا أحمد بن معروف ، ثنا الحسين بن الفهم ، نا محمّد بن سعد ، أنا محمّد بن عمر ، حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه قال : اصطف سبعة : أربعة في الجاهلية وثلاثة في الإسلام يطعمون الطعام وينادون إليه كل يوم ، فأمّا من كان في الإسلام : فعمرو بن عبد الله بن صفوان ، وفي الجاهلية : أبي أمية بن خلف بن وهب بن حذافة (١).

أخبرنا أبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني محمّد بن حسن ، عن

__________________

(١) انظر سير الأعلام ٢ / ٥٦٧ وأسد الغابة ٢ / ٤٠٧.

١١٦

نصر بن مزاحم ، عن معروف بن خربوذ ، قال : صفوان بن أمية أحد العشرة الذين من عشرة بطون الذين انتهى إليهم شرف الجاهلية ، ووصله لهم الإسلام ، وكانت إلى صفوان بن أمية في الجاهلية الأيسار وهي الأزلام (١) ، فكان لا يسبق بأمر عام حتى يجري يسره على يديه ، هذا مختصر من حكاية (٢).

أخبرنا بها بتمامها أبو غالب ، وأبو عبد الله ، قالا : أنا أبو الحسين بن الآبنوسي ـ قراءة ـ أنا أبو بكر بن زبيري ـ إجازة ـ أنبأ أبو عبد الله محمّد بن الحسين الزعفراني ، نا أبو بكر بن أبي خيثمة ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني محمّد بن الحسن ، حدّثني نصر بن مزاحم عن (٣) معروف بن خربوذ ، قال :

من انتهى إليه الشرف من قريش فوصله الإسلام عشرة ، نفر من عشرة أبطن : من هاشم ، وأمية ، ونوفل ، وأسد ، وعبد الدار ، وتيم ، ومخزوم ، وعدي ، وسهم ، وجمح ، فمن هاشم : العبّاس بن عبد المطّلب كان قد سقى في الجاهلية الحجيج ، وبقي له في الإسلام ، ومن بني أمية : أبو سفيان بن حرب ، ومن بني نوفل ـ الحارث بن عامر ، قال الزبير : غلط في الحارث بن عامر ، ومن بني عبد الدار : عثمان بن أبي طلحة ، ومن بني تيم : أبو بكر الصّديق ، ومن بني أسد : يزيد بن زمعة ، ومن بني مخزوم : خالد بن الوليد بن المغيرة ، ومن بني عدي : عمر بن الخطاب ، ومن بني سهم : الحارث بن قيس ، ومن بني جمح : صفوان بن أمية.

قال ابن خربوذ :

صارت مكارم قريش في الجاهلية إلى هؤلاء العشرة ، فأدركهم الإسلام فوصل ذلك بهم فكذلك كلّ من عرف في الجاهلية أدركه الإسلام فوصله ، فكانت سقاية الحاج وعمّارة المسجد الحرام وحلول البعر (٤) ، فإن قريشا لم تكن تملك عليها في الجاهلية أحدا فإذا كانت حرب أقرعوا بين أهل الرئاسة من الذكور ، فإذا حضرت الحرب أجلسوه لا يبالون صغيرا كان أم كبيرا ، أجلسوه تيمّنا به فلما كان يوم الفجار أقرعوا بين بني

__________________

(١) الأزلام : السهام التي كان أهل الجاهلية يستقسمون بها (القاموس المحيط).

(٢) انظر الإصابة ٢ / ١٨٩ وسير الأعلام ٢ / ٥٦٧.

(٣) بالأصل «بن».

(٤) كذا رسمها بالأصل ، وفي مختصر ابن منظور ١١ / ٩٢ «الثغر».

١١٧

هاشم ، فخرج سهم العبّاس وهو غلام (١) ، فإذا جاء أبو طالب هزمت قيس ، وإذا لم يجيء هزمت كنانة ، فقالوا : لا أبا لك لا تغب.

وأمّا عمّارة المسجد فإنها والسقاية كانت للعبّاس بن عبد المطّلب ، فأمّا السّقاية فإنها معروفة ، وأمّا العمّارة فإنهم لا يدع أحدا يستبّ في المسجد الحرام ، ولا يقول فيه هجرا يحملهم على عمّارته بالخير ، لا يستطيعون لذلك امتناعا. لأنه قد أجمع ملأ قريش على ذلك فهم له أعوان ، وكانت العقاب عند أبي سفيان راية الرئيس ، وكانت العقاب إذا كانت عند رجل أخرجها إذا حمشت الحرب ، قال : أجمعت قريش علي ، أعطوه إياه ، وإن لم يجمعوا على أحد رأسوا صاحبها.

وكانت الرّفادة إلى الحارث بن عامر بن نوفل والرفادة : ما كانت تخرج قريش من أموالها في رفد منقطع الحاج ، وكانت المشورة إلى يزيد بن زمعة بن الأسود بن المطّلب بن أسد ، وقتل مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الطائف. والمشورة : أن قريشا لم يجمعوا على أمر إلّا عرضوه عليه ، فإن وافق رأيهم رأيه سكت وإلا شغب فيه ، فكانوا له إخوانا حتى يرجعوا عنه.

وكانت سدانة البيت واللواء إلى عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزّى والسّدانة : الخزانة مع الحجابة ، وكانت الأشناق إلى أبي بكر الصّديق ، والأشناق : الديات ، كان إذا حمل شيئا فسأل فيه قريشا صدقوه ، وأمضوا حمالته وحمالة من قام معه أبو بكر ، فإن احتملها غيره خذلوه ولم يصدقوه.

وكانت القبة والأعنة إلى خالد بن الوليد ، فأمّا الأعنة فإنه كان يكون على خيول قريش في الجاهلية في الحروب ، وأمّا القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون إليها ما يجهزون به الجيوش.

وكانت السفارة إلى عمر بن الخطاب ، إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرا ، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر بعثوه منافرا ومفاخرا ورضوا به ، وكانت الحكومة والأموال المحجرة إلى الحارث بن قيس بن عدي ، والأموال التي يغنموا لآلهتهم ، وكانت الأيسار إلى صفوان بن أمية ، والأيسار : الأزلام ، وكان لا يسبق بأمر

__________________

(١) بعدها في مختصر ابن منظور : فأجلسوه على ترس. وكان أبو طالب يحضرها ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يجيء معه وهو غلام ...

١١٨

عام حتى يكون هو الذي يجري يسره على يديه.

أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنبأ الحسين بن الآبنوسي ، أنا أبو الحسن الدّار قطني ، أنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن عبد الله بن بكير التميمي ، أنا أبو علي سهل بن علي الدوري ، أنا أبو الحسن الأثرم ، قال : قال أبو عبيدة : وقالوا : إن صفوان بن أمية بن خلف قنطر في الجاهلية ، وقنطر أبوه ـ أي صار له قنطار ذهبا (١) ـ.

أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن عبد الله بن سعيد ، نا السري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن عمر ، عن زهرة ، عن أبي سلمة ، ومحمّد ، والمهلب ، وطلحة ، قالوا : لما أعطى عمر أول عطاء أعطاه وذلك سنة خمس عشرة ، وكان صفوان بن أمية قد افترض في أهل القادسية وسهيل بن عمرو ، فلما دعا صفوان بن أمية وقد رأى ما أخذ أهل بدر ومن بعدهم إلى الفتح ، فأعطاه في أهل الفتح أقل مما أخذ مما كان قبله أبى أن يقبله ، وقال : يا أمير المؤمنين لست معترفا لأن يكون أكرم مني أحدا (٢) ، ولست آخذا أقل مما أخذ من هو دوني ، أو من هو مثلي ، فقال : إنما أعطيتهم على السابقة والقدمة في الإسلام لا على الأحساب ، قال : فنعم إذا ، فأخذ وقال : أهل ذاك هم (٣).

أخبرنا أبو سعد بن البغدادي ، أنا أبو نصر محمّد بن أحمد بن محمّد بن عمر بن شسويه (٤) التاجر ، أنا محمّد بن موسى بن الفضل ، أنبأ محمّد بن عبد الله بن أحمد الصّفار ، ثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، قال حديث (٥) عن سعيد بن محمّد الجرمي (٦) ، نا أبو تميلة ، نا يزيد بن عمرو التيمي ، نا مجالد بن سعيد ، عن الشعبي قال :

كان صفوان بن أمية ببعض المقابر فإذا شعل نيران قد أقبلت ومعها جنازة ، فلما دنوا من المقبرة قالوا : انظروا قبر كذا وكذا ، قال : وسمع رجل صوتا من القبر حزينا موجعا يقول :

__________________

(١) سير الأعلام ٢ / ٥٦٧.

(٢) كذا بالأصل : أحدا.

(٣) انظر الطبري ٣ / ٦١٣ حوادث سنة ٦١٣.

(٤) كذا رسمها بالأصل.

(٥) كذا ، ولعلها : حدثت.

(٦) بالأصل : «الحرمي» والصواب ما أثبت وضبط ، ترجمته في سير الأعلام ١٠ / ٦٣٧.

١١٩

أنعم الله بالظعينة عينا

وبمسيراك يا أمين إلينا

جزعا ما جزعت من ظلمة ال

قبر من مسك التراب أمينا

قال : فأخبر القوم بما سمع فبكوا حتى أخضلوا لحاهم ، ثم قال : هل تدري من أمينة؟ قلت : لا ، قالوا : صاحبة السرير هذه أختها ماتت عام أول ، فقال صفوان : قد علمت أن الميت لا يتكلم فمن أين هذا الصّوت؟

أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا البنّا ، قالا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكار ، حدّثني محمّد بن سلام عن أبان ـ يعني ـ ابن عثمان قال : جاء نعي عثمان حين سوّي على صفوان ، وجاء نعي أبي (١) بكر الصّديق حين (٢) سوي على عتاب بن أسيد بمكة (٣).

أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة ، قالوا : أنا أبو بكر بن ريذة (٤) ، أنا سليمان بن أحمد ، نا المقدام بن داود ، نا خالد بن نزار ، نا عمر بن قيس : أن عبد الله بن صفوان بينما هو يدفن أباه أتاه راكب فقال : قتل أمير المؤمنين عثمان ، فقال : والله ما أدري أي المصيبتين أعظم ، موت أبي أم قتل عثمان (٥).

قرأت على أبي محمّد السّلمي ، عن أبي محمّد التميمي ، أنا مكي بن محمّد بن الغمر ، أنا أبو سليمان بن زبر قال : قال المدائني : وفي سنة إحدى وأربعين مات حبيب بن مسلمة ، وعثمان بن طلحة ، وصفوان بن أمية ، ورفاعة بن رافع ، وركابة بن يزيد ، وفيها قتل عبادة بن قرط.

وذكر ابن زبر : أن أبان أخبره بذلك عن أحمد بن عبيد بن ناصح المدائني ، تابعه الهيثم بن عدي على وفاة صفوان.

أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن

__________________

(١) بالأصل : «أبو».

(٢) بالأصل : حنين.

(٣) انظر الإصابة ٢ / ١٨٨ و ٢ / ٤٥١ (ترجمة عتاب بن أسيد).

(٤) بالأصل : زيد ، خطأ ، والصواب ما أثبت وضبط ، قياسا إلى سند مماثل.

(٥) الخبر في المعجم الكبير للطبراني ٨ / ٤٦ رقم ٧٣٢٣ ونقله المزي في تهذيب ٩ / ١٠٨ من طريق خالد بن نزار.

١٢٠