النّظام الصحّي والسّياسة الطبّيّة في الإسلام

الدكتور زهير الاعرجي

النّظام الصحّي والسّياسة الطبّيّة في الإسلام

المؤلف:

الدكتور زهير الاعرجي


الموضوع : الطّب
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ١٨١

ثانياً : ان الكحول ليس مادة غذائية تبني الجسم ؛ بل انها في الواقع مادة تحرم الجسم من المواد الغذائية الاساسية. فالكحول يحتوي على سعرات حرارية لانتاج الطاقة فقط ، فيؤدي تناوله الى نقص كمية الفيتامينات التي ينبغي تناولها في الحالة الطبيعية ؛ ويساهم ايضاً في اضطراب الجهاز الهضمي ، لان الجسم يصبح عاجزاً الى درجة ما في هضم المواد الغذائية المتناولة ، ويساهم ايضاً في الاخلال في التوازن الطبيعي بين الغذاء المتناول والمهضوم بسبب التقيؤ والاسهال وفقدان الشهية.

ثالثاً : ويعتبر الكبد هدفاً رئيسياً لتأثير المادة الكحولية ؛ لان الكبد جهاز خاص مصممّ لطرد السموم من الجسم الانساني ، فاذا تعطل عمل هذا الجهاز بسبب الادمان تحطمت مناعة الجسم الطبيعية وقابلية على طرد السموم. ولذلك فان ( تشمع الكبد ) وهو من الامراض المزمنة يعتبر من اخطر تأثيرات تناول الكحول على ذلك الجهاز ، حيث تتبدل خلايا الكبد الطبيعية بخلايا اخرى متقرّحة. وربما يؤدي تأثير الكحول الى تورم خلايا الكبد والتهابها. وكل هذه الامراض تؤدي في النهاية الى الموت.

رابعاً : تاثير الكحول على القلب والدورة الدموية واضح. ونتيجة لتناوله فانه يسبب امراضاً يصعب الشفاء منها كامراض الشرايين التاجية ، والسكتة القلبية ونحوها.

خامساً : ان هناك تأثيراً للكحول على نظام الغدد الجسمية التي تنظم حالات المزاج والنشاط الجنسي للفرد. فالادمان على الكحول يؤدي الى العنن وهو عدم القدرة على الجماع ، ويقلل من افراز كمية الهورمونات الجنسية في جسم الرجل ، والى تبكير سن اليأس عند المرأة.

١٠١

سادساً : وللكحول تأثير خطير على الجهاز العصبي المركزي ، وخصوصاً على الذاكرة الشخصية ، وعلى تناسق عمل الحواس الخمس ، وعلى الاستجابة للحوافز الخارجية. ويولد تناوله ايضاً اضطرابات شديدة في الجانب العاطفي للانسان ، مما يؤدي الى الضيق والكآبة النفسية التي ذكرناها سابقاً. بل ان نسبة الانتحار بين المدمنين على الخمر ، اكثر ثلاثين مرة من نسبتها بين الافراد الاصحاء الذين لا يقربون المادة الكحولية اصلاً.

وبالاجماع ، فان تناول قطرة من الكحول يفتح فرصاً واسعة للادمان. واذا ادمن الفرد على تناولها ، فقد اوقع نفسه في وضع تترتب عليه نتائج خطيرة على صعيد العمل الانتاجي ، والحياة العائلية ، والحياة الاجتماعية بشكل عام. فالفرد لا يحتاج الى ان يصبح مدمناً الاّ الى كمية قليلة من الكحول في البداية ، والى ظروف واجواء مناسبة تشجعه على التناول دون رادع قانوني او شرعي. وليس غريبا ان نلاحظ ردع الشريعة القطعي على تناول القليل منه ، لانه يؤدي الى الادمان الذي لاحظنا اثره الروحي والاجتماعي السلبي على الافراد.

ولذلك ، كان لتحريم الاسلام للخمر بالاضافة الى جانبه التعبدي ، ابعاده الاجتماعية الخطيرة تجاه استقرار النظام الاجتماعي على الاصعدة الشخصية والعائلية والاقتصاية والاخلاقية.

ج ـ الحيوانات المحرم اكلها بالواسطة :

وهي الحيوانات التي كانت حلالاً بالاصل ولكن طرأ عليها طارئ

١٠٢

حرّم اكلها. ومنها الحيوان الجلاّل ، وهو الذي يتغذى على عذرة الانسان خاصة دون أن يشرك معهما غيرها من العلف لفترة كافية حتى ينبت عليها لحمه. وقد ورد تحريم اكلها. ويُزال الجلل بالاستبراء وذلك بمنع الحيوان عن اكل النجاسة واعلافه علفاً طاهراً لفترة حتى ينبت اللحم الطاهر. ومنها : وطء انسان منحرف دابة. والحكم في هذه الحالة ، جلد الفاعل دون الحد ، وتغريمه قيمتها لصاحبها ، لانه افسدها عليه ، وتذبح الدابة وتحرق. ومنها : شرب الحيوان من لبن الخنزيرة ، حتى نبت لحمه وقوى عظمه ، فيحرم هنا اكل لحم الحيوان الشارب ولحم نسله.

والمدار في كل هذه الحالات ان النجس بالاصل والنجس بالواسطة ( المتنجس ) حرام اكله وهو من القطعيات بالاجماع ، ان لم يكن من الضرورات.

د ـ الحيوانات المحرم اكلها بالذات المحلل اكلها بالواسطة :

وهو اكل الميتة وقت الاضطرار ، لقاعدة ان الضرورات تبيح المحظورات. فقد اعلن الاسلام ان الاصل في احكام الشريعة ، اليسر والسعة وعدم الضرر ونفي الحرج ، لقوله تعالى : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١). وقوله : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ ) (٢). وقوله : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ

__________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) البقرة : ١٨٥.

١٠٣

رَحِيمٌ ) (١). والمروي عن رسول الله (ص) : ( لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ) (٢). وما ورد في رواية علي بن مهزيار عن الامام ابي الحسن العسكري (ع) : ( ... وكلما غلب الله عليه فهو اولى بالعذر ) (٣).

والمضطر ، حسب تعبير الفقهاء هو « الذي يخاف التلف على نفسه لو لم يتناول المحرم او يخشى حدوث المرض او زيادته ، او انه يؤدي الى الضعف والانهيار ، او يخاف الضرر والاذى على نفس اخرى محترمة ، كالحامل تخاف على حملها ، والمرضعة على رضيعها ، او اكرهه قوي على أكل او شرب المحرم ، بحيث اذا لم يفعل آذاه في نفسه ، او في ماله ، او في عرضه وشرفه » (٤). وقد اشتهر بين الفقهاء بان « الضرورة تقدر بقدرها » ويدل عليه قوله تعالى : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ) (٥). وورد ايضاً في خبر المفضل عنه (ع) بان الله اباح للمضطر من الحرام في الوقت الذي لا يقوم بدنه الاّ به ، ( فأمره ان ينال منه بقدر البلغة لا غير ) (٦). وعلى صعيد آخر ، فان المضطر يستطيع التناول من مال غيره لدفع الهلاك ، لان الاضطرار يسقط الخطاب التكليفي لا الخطاب الوضعي. و « لو اضطر الى طعام الغير وليس له الثمن ، وجب على صاحبه الحاضر غير المضطر اليه بذله ، لان في الامتناع اعانة على قتل المسلم ، وقد قال (ع) : ( من اعان على

__________________

(١) المائدة : ٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٢٤٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ١٢٠.

(٤) المسالك ـ باب الاطعمة والاشربة.

(٥) البقرة : ١٧٣.

(٦) الوسائل ـ باب ١ من ابواب الاطعمة المحرمة حديث ١.

١٠٤

قتل مسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينه آيس من رحمة الله ) ولانه يجب عليه حفظ النفس المحترمة ولو لغيره » (١).

٢ ـ التدخين والمخدّرات

وندرسها على الصعيدين الشرعي والتجريبي.

اولا ـ التدخين والمخدرات : الناحية الشرعية :

ولا يوجد في النص دليل على تحريم التدخين بوجه عام ، ولكن القواعد تبين بان كل ما كان ساما فهو حرام لمكان الضرر ، وما عداه يندرج تحت القاعدة الفقهية التي تقول « كل شيء لك حلال حتى تعلم حرمته ». والمعتد به عند العقلاء ان التدخين الشديد بكل انواعه مضر بالجسم ، وعليه فان الحرمة مرتبطة بالضرر.

اما المخدرات فان العلوم الحديثة قد قطعت باضرارها على عقل وجسم الانسان ، بل لا يستبعد درجها علمياً تحت عنوان السموم. ولا شك ان تحريمها واضح لمكان الضرر الحتمي على الفرد جسمياً وعقلياً. وقد بينا سابقاً ان قول الرسول (ص) : ( لا ضرر ولا ضرار في الاسلام ) (٢) يعتبر دليلاً قاطعاً على حرمة تناول اي شيء يضر بالانسان ، ويعضد ذلك قول الامام الصادق (ع) : ( كل شيء يكون فيه المضرة على الانسان في بدنه وقوته

__________________

(١) الجواهر : ج ٣٦ ص ٤٣٣.

(٢) من لا يحضر الفقيه : ج ٤ ص ٢٤٣.

١٠٥

فحرام اكله الاّ في حال الضرورة ) (١). وبطبيعة الحال ، فان قوله تعالى : ( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) هو الفصل في تحريم تناول كل ما يسبب ضرراً معتداً به على جسم الانسان. فالاصل اذن ، ان كل ما يعد فعله ضرراً وتهلكة في نظر العرف فهو حرام ، حتى لو كان الضرر محتملا ًعند العقلاء.

ثانيا ـ التدخين : الناحية التجريبية :

ولا يشك احد ان التدخين عادة غربية جاءت من اوروبا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي كجزء مهم من العادات الغربية التي حاولت الرأسمالية نشرها في العالم. فمع بداية التصنيع الحديث الذي انتشر في اوروبا في القرن التاسع عشر ، اصبحت صناعة السجائر من الصناعات الرئيسية التي تدر ارباحاً هائلة على المؤسسات الرأسمالية. ففي بداية القرن العشرين كان التدخين منحصراً بالطبقة المتوسطة من رجال النظام الاجتماعي ، ثم انتشر في العشرينات من نفس القرن بين المثقفين ورجال الاعمال ، واصبح التدخين في الاربعينيات جزاءًا مهماً من الشخصية الحضارية الغربية ؛ بمعنى ان شركات التدخين نجحت في خلق انطباع عام لدى الافراد يعكس فكرة تقول بان الذي يشعل سيجارة بيديه ويدخنها يعتبر فرداً متحضراً ، مثقفاً ، ومن طبقة معتبرة في النظام الاجتماعي.

ومن اجل استدرار اكبر كمية من المال ، بدأت الشركات الصناعية التي تنتج وتصنّع التبوغ باضفاء صورة لامعة وبراقة على التدخين ، فاصبحت الصحافة ووسائل الاعلام المطية التي تنفذ اهداف هذه الشركات

__________________

(١) تحف العقول : ص ٣٣٧.

(٢) البقرة : ١٩٥.

١٠٦

الرأسمالية في تسويق التبوغ والسجائر. فاصبح المدخّن الرجل المثالي او المرأة المثالية في النظام الاجتماعي ، كقائد الطائرة ، والطبيب ، والممرضة ذات الوجه الحسن ، وسائق الدبابة ، ورجل الفن ونحوهم. وامام هذا التشويق الاعلامي نحو التدخين جنح اكثر من نصف افراد النظام الرأسمالي في منتصف الستينيات من القرن العشرين نحو ممارسة التدخين. ولكن بسبب الامراض الخطيرة التي احدثتها هذه العادة الخطيرة ، وتأثير ذلك على الطاقة الانتاجية للافراد ، بدأت الحكومات الرأسمالية بالتلويح بمخاطر هذه العادة السيئة فاعتبرتها من اكثر الاسباب المؤدية الى الموت في المجتمع الصناعي.

والسبب في ذلك ، ان التبغ يحتوي على مادة سامة تدعى النيكوتين. فعندما يبتلع المدخن دخان سيجارته ، ينتقل النيكوتين خلال الاغشية الرقيقة للرئة الى مجرى الدم. وبواسطة جريان الدم في شرايين الجسم ، تنتقل حوالي ربع كمية النيكوتين الموجودة في الدم الى الدماغ ، فتتحفز خلاياه للاستجابة لهذه الكمية الواردة من النيكوتين. وعندها يفرز الدماغ مواداً كيميائية جديدة تساهم في ازدياد دقات القلب وزيادة ضغط الدم. وتذهب بقية المادة النيكوتينية الى بقية خلايا الجسم ، ومنها الجهاز الهضمي والامعاء والغدة الادرينالية ، مسببة افراز مواد كيميائية اُخرى مضرة بالخلايا الجسمية.

ويرجع سبب الادمان على التدخين ، الى ان خلايا الدماغ تتعود على استلام كمية النيكوتين المخصصة في عملية التدخين. فاذا توقف الفرد عن ممارستها ، انخفضت نسبة الكيميائيات المحفزة في الدماغ ، وهذا يحفر الدافع الذاتي للفرد للتدخين مرة اُخرى حتى يستطيع الدماغ رفع كمية

١٠٧

المادة الكيميائية الى مستواها الجديد مرة اُخرى.

ولا شك ان الاصل في ضرر التبغ هو المواد السامة فيه ، والتي تدخل جسم الانسان عن طريق الاغشية الموصلة الى جهاز الدورة الدموية ، كما ذكرنا ذلك سابقاً. واهم هذه المواد السامة بعد النيكوتين هو غاز ( اول اوكسيد الكاربون ) الذى يزاحم الكريات الدموية ، عند ابتلاع الدخان ، على حمل الاوكسجين ، مما يسبب ضرراً على الدورة الدموية وما فيها من قلب وشرايين. وقيل ايضاً ان ( اول اوكسيد الكاربون ) يساعد على احتمال تعرض الفرد للسكتة القلبية والشلل في الدماغ. والمادة السامة الاخيرة هي المادة الصلبة التي تحوي على كمية قليلة من مادة القطران والبينزبرين وهي المسؤولة عن تسبيب سرطان الرئة.

ويمكن تلخيص ضرر التدخين الشديد على الفرد بعبارة تقول ان التدخين يربط الانسان بالموت. فهو احد اهم المسببات العشرة للموت الذي جلبته الحضارة الصناعية الحديثة. فهو يؤثر على المرأة الحامل وعلى جنينها في الاسقاط وفي تشويه خلقة الجنين ؛ ذلك ان ( اول اوكسيد الكاربون ) يقلل من فرص وصول الاوكسجين الى الجنين ، وبالتالي يقلل من حجم ووزن ذلك الكائن الصغير مما يسبب تأثيراً فيزيائياً على النمو العقلي والسلوكي للطفل لاحقاً.

ومع ان ضرر التدخين واستخدام السجائر واضح طبياً خصوصاً منذ اختراع ماكنة تصنيع التبغ سنة ١٨٨١م ، ومع ان الحملة الاعلامية ضد التدخين في الانظمة الاجتماعية الرأسمالية اصبحت اكثر شراسة ، الا ان شركات التبغ العملاقة لاتزال تنتج ٦٠٠ بليون سيجارة في السنة ، اكثرها

١٠٨

يصدر الى دول العالم الثالث ؛ لان النظام الرأسمالي ، عن طريق تشجيع التدخين بين دول العالم الاسلامي ، يحاول جاهداً قطف ثلاث ثمار لصالحه. : الاولى : ان الاموال الواردة من بيع هذه الكمية الضخمة من التبوغ المصنّعة تدخل جيب الطبقة الرأسمالية الغربية. الثانية : تقليل انتاجية افراد العالم الثالث عموماً ، وافراد العالم الاسلامي بالخصوص عن طريق نشر الامراض الناتجة عن التدخين ، كامراض السرطان ونحوها. الثالثة : تخريب المستوى الصحي العام فيها حتى تكون تلك المجتمعات مسرحاً لاستيراد الادوية المصنعة في الدول الرأسمالية الغربية نفسها.

٣ ـ السواك وتطهير الفم

والسواك من المستحبات الاكيدة التي امر بها الشرع ولكن لم يوجبها خشية ان يشق على الاُمة. وقد وردت فيه احاديث كثيرة تحبيباً لتلك العملية وتشجيعاً على ممارستها مراراً في اليوم والليلة. وكيفية ان يستاك بخشب الاراك او غيره من قضبان الاشجار مما يخشن ، ووقته عند كل صلاة وعند كل وضوء وعند تغير نكهة الفم بالنوم ، او أكل ما يكره رائحته. ومن الاحاديث الواردة فيه ، حديث رسول الله (ص) : ( ان افواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك ) (١) ، و ( لولا ان اشق على اُمتي لامرتهم بالسواك عند وضوء كل صلاة ) (٢) ، و ( مالي اراكم تدخلون علي قلّحاً استاكوا ) (٣) ،

__________________

(١) المحاسن للبرقي : ص ٥٥٨.

(٢) الكافي : ج ٣ ص ٢٢.

(٣) الكافي : ج ٦ ص ٤٩٦.

١٠٩

والقلح صفرة تعلو الاسنان. وقوله (ص) : ( لكل شيء طهور وطهور الفم السواك ) (١) ومن طرق اهل السنة : « ان السواك سنة مؤكدة لمواظبته (ص) عليه ليلاً ونهاراً وقام الاجماع على كونه مندوباً حتى قال الاوزاعي هو شطر الوضوء. وقد جاءت احاديث كثيرة تدل على مواظبته (ص) عليه ولكن اكثرها فيه كلام ، واقوى ما يدل على المواظبة وأصحّه محافظة (ص) له حتى عند وفاته » (٢). وفي الرواية عن ابن عباس « قال : ( بت عند النبي (ص) فاستن ). وقوله فاستنّ من الاستنان وهو الاستياك وهو دلك الاسنان وحكها بما يجلوها مأخوذة من السن وهو امرار الشيء الذي فيه خشونة على شيء آخر ومنه المسن الذي يشحذ به الحديد ونحوه » (٣).

وبطبيعة الحال ، فان الهدف من السواك واضح ، وهو تطهير الفم عموماً ، والاسنان بالخصوص. ولا ريب ان تأكيد العلم الحديث على تنظيف الاسنان بالفرشاة مأخوذ بالاصل من التعليمات الاسلامية. ولكن الطريقة الحديثة في تنظيف الاسنان باستخدام الفرشاة تعجز عن مواكبة نظام المسواك الاسلامي الطبية لسببين. الاول : ان مادة الفرشاة غالباً ما تصنع من المواد البلاستيكية وهي مادة صناعية تخدش طلاء الاسنان وتضر بخلايا اللثة المتصلة بها. والثاني : ان معاجين السنان الحديثة لا تستطيع قتل البكتريا المرضية المتراكمة على الاسنان ، بل ان هذه المعاجين لا تستطيع في احيان كثيرة تبديل لون الاسنان من القلح او الصفرة نحو

__________________

(١) علل الشرائع للصدوق : ج ١ ص ٢٢٧.

(٢) عمدة القاري في شرح صحيح البخاري للعيني الحنفي : ج ١ ص ٩٥٤.

(٣) عمدة القاري : ج ١ ص ٩٥٣.

١١٠

البياض. ولكن من المؤكد انها تعطي الفم رائحة عطرة وطعماً محبباً للنفس. على الجانب الآخر ، فان اخشاب السواك مادة طبيعية تتعامل معها خلايا الجسم الانساني تعاملاً رقيقاً كما تتعامل مع الاغذية الطبيعية في الهضم والامتصاص. اما من الناحية العملية فهي اقدر على تبييض الاسنان وتطهير الفم تطهيراً طبيعياً ، فتجنب الفرد المشاكل الصحية التي يبتلى بها لاحقاً في حياته العملية.

ولو كانت الفرشاة الحديثة قادرة على قتل الجراثيم كلياً في الفم ، لما خصص العلم الحديث جهوداً جبارة لتطوير علم طب الاسنان الذي يتعامل بالدرجة الاولى مع الاسنان من خلال التنظيف واملاء الفجوات والتجاويف التي يتركها تناول الطعام والبقايا التي تعلق بالاسنان ، ويقوم ايضاً بقلع الاسنان المنخورة وعمل الجسور الصناعية.

ولم يتوقف الاسلام في الحث على تنظيف الاسنان على السواك ، بل حبب التخلل ايضاً. فقد وردت احاديث عديدة في التخلل بعد تناول الطعام والتخلل غير السواك. فعن طريق التخلل يزيل الفرد بقايا الطعام العالقة بين الاسنان. فقد جاء في الحديث عنه (ص) : ( تخللوا على اثر الطعام فانه مصحة للفم والنواجذ ) (١) ، والنواجذ هي آخر الاضراس. ولعل ثمرة هذا الحديث تظهر عمليا باجتناب الفرد امراض اللثة وتنخر الاسنان. ولا شك ان انتباه العلم الحديث للتخلل جاء متأخراً ، حيث نشط الحث الطبي على استعمال الخيوط المشمعة لتنظيف الاسنان في النصف الاخير من القرن العشرين.

__________________

(١) مكارم الاخلاق : ص ١٧٥.

١١١

والخلاصة ان استعمال السواك والتخلل من الناحية الوقائية يوفر على النظام الصحي جهوداً جبارة في اجتناب امراض الفم عند الافراد. فلو تم تدريب الاطفال على استعمال المسواك والتخليل منذ الصغر لجنب ذلك ، العلم الطبي ، العديد من الامراض المذكورة التي لا يعالجها استعمال الفرشاة البلاستيكية والمعاجين الكيميائية. ولكن النظام الصحي المعمول به اليوم ، خصوصاً فيما يتعلق بصحة الاسنان ، يدر على المؤسسة الصناعية الكثير من الثروات لان تجارة طب الاسنان مع ما فيها من اطباء وادوية ومعاجين كيميائية تعد من انجح الصناعات في النظام الصناعي الحديث.

وخير خاتمة نختم بها الحديث حول المسواك ، ما روي عن الامام الصادق (ع) قوله : ( ان المسواك نبات لطيف نظيف وغصن شجر عذب مبارك ، والاسنان خلق الله تعالى في الفم ، آلة للاكل واداة للمضغ وسبباً لاشتهاء الطعام واصلاح المعدة ، وهي جوهرة صافية تتلوث بصحبة تمضيغ الطعام وتتغير بها رائحة الفم ويتولد منها الفساد في الدماغ ، فاذا استاك المؤمن الفطن بالنبات اللطيف ومسحها على الجوهرة الصافية ازال عنها الفساد والتغير وعادت الى اصلها ) (١) ولابد من التأكيد مرة اخرى على ان الدولة الاسلامية مكلًّفة بان تقدم للعالم نموذجا رائعا من نماذج الطب الوقائي الاسلامي الخاص بالاسنان وتحاول تطويره بشتى الوسائل الحديثة.

__________________

(١) مصباح الشريعة ـ الباب الثامن والخمسين ص ١٢٣.

١١٢

٤ ـ النوم وآدابه

ذكرنا آنفاً ان الارق والقلق النفسي يعتبران في النظام الصحي الرأسمالي ، مشكلة طبية تستدعي علاجاً يقوم على اساس الدواء الكيميائي. ولما كانت الحياة المبنية على التنافس الاقتصادي مصحوبة دائماً بالصراع النفسي والصخب والكدح المستند على حيازة اكبر قدر ممكن من المادة ، فان الارق يصبح داء الفرد الرأسمالي لان الاثارة التي تجلبها الحياة الصناعية لبعض الافراد تسلب عن اعينهم النوم. واذا ادخلنا عملية تطبيب النظام الاجتماعي التي يسعى نظامه الصحي فرضها على المجتمع ، اصبح واضحاً لدينا ان الارق في الحضارة الحديثة يعتبر اليوم مرضاً توليه المؤسسة الرأسمالية اهتماماً واسعاً ، وتزعم ان علاجه لا يتم الاّ عن الطريق الكيميائي.

اما في الاسلام ، فان النوم وآدابه جاء ضمن اطار الحديث عن القضايا التعبدية. فقد حببت الشريعة للمكلفين السكن والخلود من ضجيج النهار واتعابه ، كما جاء في النص المجيد : ( وَجَعَلنا نَومَكُم سُباتاً ، وَجَعَلنا اللَّيلَ لِباساً ) (١) ، وخصصت جزءاً من الليل للعبادة وجزءاً آخر للنوم كي يسترد الجسم عافية ، واعتبرت النوم عبادة يجازى عليها المكلف ايضا ، ولكن بشرطين ، الاول : ان يكون الفرد على طهارة قبل الخلود للنوم. والثاني : ان يذكر الله تعالى في كلّ موضع يتقلب فيه في مخدعه.

وقد ذكر الفقهاء آداباً للنوم ننتخب منها ما يناسب هذا الكتاب.

اولاً : الطهارة والسواك ، فقد ورد عن ابي عبد الله (ع) : ( من تطهر ثم

__________________

(١) النبأ : ٩ ـ ١٠.

١١٣

اوى الى فراشه بات وفراشه كمسجده فان ذكر انه على غير وضوء فليتيمّم من دثاره وكائنا ما كان لم يزل في صلاة ما ذكر الله تعالى ) (١). وقد « كان رسول الله (ص) اذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك. قال الخطابي : الشوص دلك الاسنان عرضاً بالسواك. وفي حديث آخر عن احدى زوجاته : كنا نعد لرسول الله (ص) سواكه وطهوره فيبعثه الله ما يشاء ان يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ثم يصلي » (٢).

ثانياً : ان لا ينام ما لم يغلبه النوم ، وفي الخبر : « لا تكابدوا الليل » اي لا تغالبوا انفسكم على النوم.

ثالثاً : التعود على عدم الاطالة في النوم ، كما ورد في خطبة أمير المؤمنين (ع) في وصف المتقين انهم كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون.

رابعاً : الدعاء عند النوم ، كما يستفاد من صحيحة محمد بن مسلم قال : قال لي ابو جعفر (ع) : ( اذا توسد الرجل بيمينه فليقل : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم اني اسلمت نفسي اليك ، ووجهت وجهي اليك ، وفوضت امري اليك ، وألجأت ظهري اليك ، وتوكلت عليك رهبة منك ورغبة اليك ، لا ملجأ ولا منجا منك الاّ اليك ، آمنت بكتابك الذي انزلت وبرسولك الذي ارسلت ) (٣). وما يستفاد من الرواية ما كان يقوله رسول الله (ص) عند النوم : ( لا اله الاّ الله الواحد القهار رب السموات والارض وما بينهما العزيز الغفار ).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ١٢٣.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ج ١ ص ٣٨.

(٣) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ١٢٣.

١١٤

خامساً : ان لا يبيت الاّ ووصيته مكتوبة عنده ، كما هو المنقول عن الامام الصادق (ع) : ( الوصية حق على كل مسلم ) (١).

سادساً : ان ينام تائباً من كل ذنب.

ولا ريب ان هذا العلاج النفسي الذي تفتر اليه النظرية الغربية يشجع الفرد على الخلود للنوم مستغنياً عن كل الادوية الكيميائية. وعند الصباح ، يقوم هذا الفرد منطلقاً الى عمله الدنيوي وهو اشد نشاطاً واقوى تصميماً على تفجير طاقاته الجسدية والفكرية لخدمة الاُمة والدين والنظام الاجتماعي.

ملحق : دعاء الامام علي بن الحسين (ع) وقت صلاه الليل

وتأدية صلاة الليل بخشوع واطمئنان اضافة الى شكلها التعبدي ، تساعد على اطمئنان الفرد ، نفسياً ، وتساهم في خلوده للنوم. واليك جزءاً من دعائه (ع) في جوف الليل اذا هدأت العيون :

« إلهي غارت نجوم سمائك ، ونامت عيون انامك ، وهدأت اصوات عبادك وانعامك ، وغلقت ملوك بني اُمية عليها ابوابها ، وطاف عليها حراسها ، واحتجبوا عمن يسألهم حاجة ، او ينتجع منهم فائدة ، وانت الهي حي قيوم ، لا تأخذك سنة ولا نوم ، ولا يشغلك شيء عن شيء ، ابواب سمائك لمن دعاك مفتّحات ، وخزائنك غير مغلقات ، وابواب رحمتك غير محجوبات ، وفوائدك لمن سألكها غير محظورات بل هي مبذولات. وانت

__________________

(١) الكافي : ج ٧ ص ٣.

١١٥

الهي الكريم الذي لا ترد سائلاً من المؤمنين سألك ، ولا تحتجب عن احد منهم ارادك ، لا وعزتك وجلالك ، لا تختزل حوائجهم دونك ، ولا يقضيها احد غيرك ، اللّهم وقد ترى وقوفي وذل مقامي بين يديك وتعلم سريرتي وتطلع على ما في قلبي ، وما يصلح به أمر آخرتي ودنياي ... ».

وكان (ع) يسجد بعد هذا الدعاء ويلصق خده بالتراب وهو يقول : « اسألك الروح والراحة عند الموت والعفو عني حين القاك » (١).

٥ ـ الطهارة المائية

ولا ريب ان الطهارة المائية التي امرت الشريعة بتأديتها على الصعيد الفردي تعتبر اضافة الى صورتها التعبدية ، وسيلة من وسائل الوقاية الصحية ، فقد ورد عن رسول الله (ص) : ( بني الدين على النظافة ) ، وان ( الطهور شطر الايمان ) (٢). فطهارة الخبث وما يتعلق بها من ازالة البول والغائط والدم والمني بالماء المطلق ، مهمة من الناحية الوقائية. وتفصيلها ان النجاسة اذا كانت حكيمة ، وهي التي ليس لها جرم محسوس ، يكفي اجراء الماء على جميع مواردها. وان كانت عينية فلابد من ازالة العين.

وفي طهارة الحدث ، ثلاثة اعمال واجبة هي الوضوء والغسل والتيمم. فموجبات الوضوء البول ، والغائط ، والريح ، والنوم ، والاستحاضة القليلة. وموجبات الغسل انزال المني ، وايلاج الحشفة ، والحيض ، والنفاس ،

__________________

(١) مصباح المتهجد للشيخ الطوسي : ص ١١٤.

(٢) السنن الكبرى للبيهقي : ج ١ ص ٤٢.

١١٦

والاستحاضة المتوسطة والكثيرة ، ومس الميت بعد البرد وقبل الغسل. وموجبات التيمم فقدان الماء بعد طلبه لمانع ، او كونه مريضاً ، او في ضيق من الوقت لاداء واجب.

وفي الشريعة تفاصيل آداب قضاء الحاجة ، وكيفية الاستنجاء وآدابه ، وكيفية الوضوء وآدابه وسننه ، وكيفية الغسل والتيمم ، كيفية دخول الحمام وآدابه. ولا شك ان تأكيد الاسلام على الطهارة المائية كقوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ) (١) ، لها صورتان الاولى : الصورة التعبدية. والثانية صورة من صور الطب الوقائي الذي اكدت عليه الشريعة بشتى الطرق وبمختلف الاساليب.

٦ ـ الطهارة العامة

واجمع الفقهاء على ان الشمس تطهر الارض وما عليها. والارض تطهر باطن النعل بدليل ما ورد عن الامام الصادق (ع) : ( الارض يطهر بعضها بعضاً ) (٢) ، وذلك لاستحالة النجاسة بالوطء مرات عديدة. وعملية ( الاستحالة ) تطهر الاعيان النجسة ومثالها استحالة الميتة الى تراب. وعملية ( الانقلاب ) تطهر الاعيان النجسة ايضاً ومثالها انقلاب الخمر الى خل.

__________________

(١) الاعراف : ٥٧.

(٢) الكافي : ج ٣ ص ٣٨.

١١٧

ولم يقتصر تأكيد الاسلام على التطهير من الخبث بل تعدى الى النظافة عن الفضلات الطاهرة مثل الاوساخ والرطوبة المترشحة من جسم الانسان كتنظيف شعر الرأس ودهنه ، وتنظيف الاذنين ، وما يجتمع في داخل الانف ، وما يتجمع على الاسنان ، وتنظيف اللحية والاستحداد بالنسبة للرجل ، والختان بقطع غلفة الحشفة للمولود الذكر. والتمشيط والاختضاب ، وتقليم الاظفار بالنسبة للرجل والمرأة.

٧ ـ الصيام واحكامه

والصيام شرعاً هو الامساك عن الاكل والشرب والوطء في زمن مخصوص ، يبتدئ بطلوع الفجر وينتهي بالغروب ، مشروطاً بنية التقرب الى الله وطاعة وامتثال امره. وليس هناك ادنى شك من ان الصورة التعبدية للصيام الاسلامي مرتبطة بالصورة الصحية والعلاجية ؛ لان الصيام الطبي المشابه للصيام الاسلامي ، يعالج معالجة وقائية العديد من الامراض المختصة بالجهاز الهضمي وجهاز الدورة الدموية وجهاز العصبي. وما احكام الصيام الشرعية التي سنتناولها بشيء من التفصيل ، الاّ اطار قانوني لنظام محكم نحاول بكل جهد فهم ابعاده الطبية.

وينقسم الصوم الى اربعة اقسام : واجب ، كصوم شهر رمضان وقضائه ، ومحرم كصوم العيدين وايام التشريق لمن كان في منى وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث من ذي الحجة ، ومندوب كصوم الايام البيض من كل شهر وهي من الثالث عشر وحتى الخامس عشر ، ومكروه

١١٨

كصوم ثلاثة ايام بعد العيد.

والنية ، وهي الاستعداد النفسي للقيام بالعمل ، شرط في صحة الصوم ووقتها من اول الفجر او قبله ، وحتى نهية الصيام وقت المغرب الشرعي ، لاشتهار قول النبي (ص) : ( لا صيام لمن لم يبيّت الصيام من الليل ). واستثى الفقهاء ـ لروايات اخرى ـ صحة الصوم ـ مع تأخر النية فيها عن الفجر ـ في بعض الموارد الاخرى ، الخارجة عن نطاق هذا الكتاب.

وحددت الشريعة وقت الصوم من الفجر حتى الليل لقوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١).

ووضعت شروطاً لصحة الصوم من المكلف وهي العقل ، والخلود من الحيض والنفاس ، وعدم المرض وعدم السفر. واستثنت المسافر اذا كان سفره لمعصية ، او كانت مهنته السفر ، او نوى الاقامة عشرة ايام ، او بعد ان تردد ثلاثين يوماً في مكان واحد او غير ذلك. فعلية الصوم في كل هذه الاحوال.

ويجب على الصائم الامساك عن المفطرات وهي : الاكل ، والشرب ، والوطء ، والاستمناء ، وغمس الرأس في الماء ، وايصال الغبار الغليظ الى الحلق ، والاحتقان بالمائع ، وتعمد القيء ، والبقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر.

واذا تناول الصائم شيئأً من المفطرات في شهر رمضان ، ينظر فاذا كان سهواً او اكراهاً فلا شيء عليه ؛ لان وجوب الامساك عن المفطرات انما هو

__________________

(١) البقرة : ١٨٧.

١١٩

الامساك عن ارادة واختيار ؛ والمكره مسلوب الارادة والاختيار. اما الناسي فلا شيء عليه لانه غير مسؤول. واذا تناول المفطر عمداً وبدون اكراه فعليه الكفارة المخيرة بين عتق رقبة ، أو صيام شهرين متتابعين ، أو اطعام ستين مسكيناً ، وقضاء ذلك اليوم. واذا افطر على الحرام في النهار فعليه كفارة الجمع.

وتجب الكفارة دون القضاء في موارد :

١ ـ اذا كان الصوم مشقة للشيخ والشيخة الطاعنين في السن ، فلهما الافطار وعليهما الكفارة فقط ، وهو اطعام مسكين لكل يوم.

٢ ـ اذا مرض المكلف في شهر رمضان ، واستمر به المرض الى شهر رمضان القادم فلا قضاء عليه ، ولكن يكفر بمد عن كل يوم. ومن به داء العطاش وهو احد اعراض مرض السكري ، فانه يفطر ويكفّر بمُد.

ويجب القضاء دون الكفارة بامور :

١ ـ اذا نسي غسل الجنابة بعض ايام شهر رمضان ، ثم تذكر فعليه قضاء الصلاة والصوم. واذا اجنب في ليلة من رمضان ، ونام على نية الغسل ، ثم انتبه قبل الفجر ، ونام للمرة الثانية ، فعلية القضاء دون الكفارة.

٢ ـ اذا بطل صومه بنية الافطار ، حتى ولم يتناول شيئاً من المفطرات.

٣ ـ اذا تناول المفطر ليلة الصيام دون البحث والنظر بطلوع الفجر ، ثم تبين الطلوع فلابد « من القضاء دون الكفارة ، ويدل عليه ان سائلاً سأل الامام الصادق (ع) عن رجل اكل وشرب بعدما طلع الفجر في شهر رمضان ؟ قال : ( ان كان قد قام فنظر فلم يَرَ الفجر ، فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه ، ولا اعادة عليه ، وان قام فاكل وشرب ، ثم نظر الى الفجر

١٢٠