الرحلات المغربية والأندلسية

عواطف محمّد يونس نواب

الرحلات المغربية والأندلسية

المؤلف:

عواطف محمّد يونس نواب


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الملك فهد الوطنية
الطبعة: ٠
ISBN: 9960-00-071-0
الصفحات: ٥٠٤

و ـ الشعر والأدب :

لم تخل رحلة من الرحلات المغربية والأندلسية من الشعر. فقد كان للشعر نصيب وافر فيها ، وخاصة المدائح النبوية. ويظهر أن الذي أدى إلى ازدهارها هو الشوق لزيارة المسجد النبوي الشريف. فنرى أن بعض مؤلفي كتب الرحلات أوردوا قصيدة أو أكثر في مدح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم : منها ما هو من تأليفهم ومنها ما هو منسوب لغيرهم. وتحمل تلك القصائد مشاعر الشوق واللهفة لزيارة المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد حصل العديد من الرحالة على إجازات في رواية تلك القصائد من العلماء الحافظين لها.

فالعبدري مثلا نظم قصيدة في مدح النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. كما وجدت أشعار مكتوبة على أستار الروضة الشريفة (١). إضافة إلى أشعار مرتجلة قيلت في ذلك الموقف (٢) ، أو عند قرب الوصول للمدينة المنورة ومكة المكرمة (٣).

وقد أخذ ابن رشيد إجازات في إنشاد المدائح النبوية وغيرها من الأشعار المنشودة في المناسبات عقب كل مجلس. وقام ابن رشيد بنظم أبيات من الشعر في وصف عرفات وجبلها وعقب انتهائه من أداء فريضة الحج. ومن العلماء الذين نال إجازاتهم في الشعر أبو اليمن بن عساكر. إلي جانب أن بعض الإجازات العلمية كتبت شعرا (٤) مثل إجازة أبي اليمن بن عساكر للوزير أبي عبد الله :

أحمد الله وهو للحمد أهل

وأثني أثني عليه شكري

وأصلي على الذي خصّ حقا

بالمقام المحمود يوم الحشر

أحمد المصطفى وعترته الغر

وأصحابه النجوم الزهر

وسلام على الألى شيدوا العلم

وشادوا بناه من كل حبر

العدول الأيقاظ من كل جيل

الثقات الحفّاظ في كل عصر

__________________

(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٨ ـ ٢١٣ ، ٢٠٥.

(٢) المصدر السابق ، ص ٢٠٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٣ ـ ٢٨٤.

(٣) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، ١٩٦ ـ ١٧٠.

(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢٨ ، ٣٣ ، ٨٨ ، ١٠٤ ـ ١٠٥ ، ١٦٥ ـ ١٦٨ ، ١٨٥ ـ ١٨٧.

٣٠١

أثروه وآثروه وأدوه

كما حملوه جوزوا بخير

نضرت منهم الوجوه وحازوا

قصب السبق من وجوه البر

بلغوه كما دعوه وقرت

يالعمري عيونهم بالنشر

حبذا فعلهم ، وشكرا لمسعا

هم ونبلا بهم ، ورفعة قدر

قد أجزت اللخمي محمدا الخير

ربيب الحجى ، رفيع الذكر

ما اقتضاه استدعاؤه من سماع

ومجاز وكل نظم ونثر

دأب أهل الأداء بالشرط في التص

حيح والضبط وابتغاء التحري

لافظا الذي أجزت علاه

زاده الله من علاء وفخر

ومبيحا له الرواية عني

حسبما قد رويت غير موّري

غير راو من غير أصل ولا نوع

لأصل بغير علم وخبر

شكر الله سعيه وتول

اه ووقاه كل سوء وضر

وعليه ـ إذا روى ذاك عني

طاب ذكراه ـ أن يطيب ذكري

لست أعني الثناء لكني عساه

أن يوالي بغفر ذنب وستر

هذه نفثة لمضنى وأثّني

لي بالشعر بعد وخط الشعر

زيرتها يد أبي اليمن جار ال

له ما بين زمزم والحجر

نجل عبد الوهاب ، والحسن الجدّ

وسقى الله تربهم صوب قطر

عام سبعين قد تقضت مئيا

ثم يا أربع مضينا وعشر

حامدا ربه منيبا إليه

مستعينا بالله في كل أمر (١)

ونال التجيبي إجازة على قصيدة قيلت في مدح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند السلام عليه. ومنها ما يروى عن رضي الدين أبي إسحاق الطبري في مدح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم وفي الشوق للبيت الحرام. وهناك أشعار التوسل لله تعالى وأناشيد مكية (٢).

__________________

(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٨٥ ـ ١٨٦. كما أورد غيرهما ، ص ١٨٦ ـ ١٨٨.

(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٠٦ ، ٤١٢ ـ ٤١٥ ، ٤٤٨ ، ٤٥٣ ـ ٤٥٤.

٣٠٢

فنرى أن للشعر مكانة بارزة في بلاد الحجاز خاصة. ومن بين العلماء هناك القائل له والراوي. وحفلت بعض كتب الرحلات بالعديد من القصائد الشعرية ؛ إذ أن من بين مؤلفيها الشعراء والأدباء.

وقد نال الرحالة إجازات في بعض كتب الأدب المتداولة في ذلك الوقت ومنها :

١ ـ مقامات الحريري (١).

٢ ـ كتاب القبل والمعانقة والمصافحة للشيخ أبي سعيد أحمد بن محمد ابن سعيد بن زياد بن بشر بن الأعرابي (٢).

٣ ـ قصيدة العقد الثمين في مدح سيد المرسلين لمحب الدين الطبري (٣).

وأورد ابن رشيد نص إجازة كتبها أبو اليمن وهي :

" بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلواته على سيّدنا محمّد رسوله الكريم وعلى آل محمّد وصحبه وسلّم تسليما.

المملوك المستحق بالفضائل التي يعجز عن شكرها لسانه ، ولو أربى على الغاية بيانه ، محمد بن عبد الرحمان بن إبراهيم بن يحيى اللخمي ابن الحكيم ـ وفقه الله تعالى إلى العمل بطاعته ـ يرغب من شيخه وإمامه ومفيده جار الله أبي اليمن رعى الله جواره ، ورفع في أعلى منازل أوليائه المتقين مقداره ، وجزاه خير ما به جزى أهل الإحسان وتغمّده في الآخره والأولى بالرحمة والرضوان ، وبلغ به وبلغه ، وأضفى عليه لبوس اعتنائه وأسبغه ، أن ينعم عليه ويسدي الجميلة إليه بأن يخطّ فيما تيسر من هذه الأوراق بيده الكريمة مكتوبا

__________________

(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٨٤.

(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٩٠ ؛ ولم يرد ذكر هذا الكتاب ضمن مؤلفاته. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ١٣٧ ؛ الزركلى : الأعلام ، ج ١ ، ص ٢٠٨.

(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٩٤ ؛ أورد الفاسي اسمها الدرر الثمينة. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٦٤.

٣٠٣

يتضمن إطلاق الإذن للمملوك في الرواية العامة عنه لجميع ما يرويه وينقله ويدريه ، ويحمله من العلوم الدينية التي خصّ بها ووصل أسباب الأعمال الصالحة بسببها ، وأن يسمي من أمكن من مشاهير أعلام شيوخه الذين بهم يقتدي ، وبأنوار معارفهم في ظلمات الجهل يهتدي ، وأن يعّين وقت مولده ، وأن يكون ذلك كله بخط الكريمة المباركة يده ، ليجد المملوك إن شاء الله تعالى بركة ذلك في الحال والمآل ، والحلّ والترحال. والله يبقي إنعام مولاي على من قصده ، ولجأ إليه في طلب العلم واعتمده ، بمنه وكرمه ، والسلام الكريم يخص مقامه الكريم كثيرا ورحمة الله تعالى وبركاته ، كتب في الرابع لذي الحجة ـ عرفنا الله بركته ـ من سنة أربع وثمانين وستمائة" (١).

المجالس العلمية :

حفلت بلاد الحجاز بوجود المجالس العلمية وعلى الرغم من قلّة المادة العلمية المتوفرة لدينا في هذا الصدد فنستطيع القول بإسهامها بدور كبير في حركة التعليم في تلك الفترة. كما نستطيع أن نلاحظ من خلال ذلك تنوع تلك المجالس ومنها على سبيل المثال مجالس علمية تقوم بتدريس الحديث كمجلس أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري الذي عكف فيه على تعليم وتدريس الحديث (٢).

وخلاصة القول يلاحظ ازدهار الحركة العلمية في بلاد الحجاز بفضل جهود هؤلاء العلماء الذين أسهموا في ازدهار هذه الحركة العلمية لا سيما وأن مؤلفاتهم تناولت مختلف الفنون والعلوم. ولكن يبدو أن الكثير من هذه الكتب قد فقد.

__________________

(١) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٨٤ ـ ١٨٥.

(٢) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

٣٠٤

ولا ريب أن مكة المكرمة والمدينة المنورة كانتا تنافسان كبريات العواصم الإسلامية في العلم بما ضمتا من علماء وأدباء ومكتبات وإن صغرت ومدارس كان يدرس فيها فقه جميع المذاهب دون تعصّب ؛ مما حدا بالرحالة والعلماء إلى الرحلة لمكة المكرمة والمدينة المنورة بجانب الحج والزيارة.

والملاحظ فيما سبق وجود العلوم الدينية بجميع أنواعها في بلاد الحجاز من خلال ما أورده الرحالة حيث لم نلحظ أية إشارة إلى العلوم الأخرى. وهذا ربما يرجع إلى عدم اهتمام الرحالة. أنفسهم بها ، إضافة إلى قلة المعلومات وعدم اكتمالها عن وجود العلوم العلمية الأخرى. حيث إن بلاد الحجاز عامة لا بد من احتياجها إلى العلوم الأخرى. فربما كانت موجودة ولكن اقتصر اهتمام الرحالة على العلوم الدينية دون سواها.

٣٠٥
٣٠٦

الفصل السادس

المشاهدات الجغرافية والعمرانية من خلال

كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين

١ ـ المشاهدات الجغرافية.

٢ ـ العمارة الدينية.

٣ ـ العمارة المدنية.

٤ ـ العمارة الحربية.

٥ ـ الزخارف والنقوش.

٦ ـ مشاريع المياه.

٣٠٧
٣٠٨

أولا : المشاهدات الجغرافية :

نال الوصف الجغرافي اهتمام الرحالة المغاربة والأندلسيين ، خاصة الرحالة الوصفيين منهم فرحلاتهم إلى الحجاز أتاحت لهم إبراز نبوغهم وتفوقهم فيما كتبوه ، فخلفوا لنا تراثا تناول جميع الموضوعات التى استأثرت ميولهم واهتماماتهم مما جعلهم يركزون على موضوع دون آخر. ويغلب على جميع الرحالة الوصفيين اتباع منهج واحد تقريبا وهو البدء بالوصف الجغرافي عند بداية دخولهم أو خروجهم من المدن والقرى التي هبطوا فيها ، سواء أقاموا بها أو كانت محطات لرحلاتهم أثناء سيرهم ، ووصفهم هذا مبني على المشاهدة المباشرة وعلى بعض ما سمعوه من روايات أو أساطير مع حرصهم على التفريق بين ما شاهدوه وما سمعوه دون أن يؤثر في سردهم ووصفهم بقدر ما هو معبر عن أفكار ومعتقدات الناس في تلك البقعة والفترة.

وهذا بلا شك من أهم الخصائص التي قامت عليها الرحلات المغربية والأندلسية والتي أكسبتها قيمتها كمصدر مهم من مصادر تاريخ الحجاز.

فالرحالة المغاربة والأندلسيون سجلوا ما رأوه وما سمعوه بدقة. فهم شديد والملاحظة حريصون على التعرف والتعريف بما مروا به من بلاد وعباد ، إضافة إلى كتابة ذلك بأسلوب رفيع رقيق العبارة مع دقة في الوصف والتعبير جعلهم في جملة الأدباء بسبب ما زخرت به كتب رحلاتهم بجميع المقومات الأساسية التي اشتمل عليها الوصف الجغرافي. وسار عليها معظم الرحالة فمنهم من تعرض لهذا الوصف تارة وأهمله بعضهم تارة أخرى أو تناوله لماما بحسب ميله وتركيزه.

المشاهدات الجغرافية :

وصف المدن :

مكة المكرمة :

اختص الرحالة المغاربة والأندلسيون بالوصف الكلي ومن ثم الجزئي للمدن التي نزلوا بها وعلى رأسها مكة المكرمة لمكانتها الدينية والعلمية في نفوس المسلمين.

٣٠٩

فنجد أن أغلب الرحالة المغاربة والأندلسيين يصدرون الآية القرآنية الكريمة (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ)(١) في بداية حديثهم عنها إشارة إلى جغرافيتها. ثم يتناولون وصفها الجغرافي بأنه واد مجدب ليس فيه زرع ولا ماء تحيط بها الجبال بحيث لا يراها قاصدها إلا عند اقترابه منها ، وعلى الرغم من تكوينها الجغرافي إلا أنها عامرة بالسكان امتدادها اخذ في الاستطالة (٢). ووصفها التجيبي بأن شكلها أشبه بالمثلث (٣) ، ومع كل ما سبق فقد استجاب الله لدعوة إبراهيم الخليل عليه‌السلام فأصبحت بلدة عامرة ومحط الرحالة المسلمين من كل مكان. ويلاحظ أن معلومات الرحالة الجغرافية عنها مشابهة تماما لأوصاف الجغرافيين (٤).

أما حدود الحرم فقد ذكر التجيبي أنها تختلف في القرب والبعد عن مكة فقال : «إن حد الحرم من طريق اليمن من طرف إضاءة لبن في ثنية لبن (٥) على سبعة أميال من مكة ومن طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال منها ومن طريق الطائف على طريق عرفة من بطن نمرة على أحد عشر ميلا ومن طريق العراق على ثنية الخل (٦) بالمقطع على سبعة أميال منها ومن طريق الجعرانة في شعب آل عبد الله بن خالد بن أسيد على تسعة أميال

__________________

(١) القرآن الكريم : سورة إبراهيم ، ١٤ / ٣٧.

(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٧ ؛ العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٢ ـ ١٧٣ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ؛ ص ٢٣٠ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣١ ؛ البلوي : تاج المفرق ؛ ج ١ ، ص ٣٠٧ ؛ انظر الرسم رقم (١).

(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٣٠.

(٤) ابن حوقل : صورة الأرض ، ص ٣٥ ـ ٣٧ ؛ عرام بن الأصبغ السلمي : أسماء جبال تهامة وسكانها ، ص ٤١٨ ـ ٤١٩ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ١٨٧ ؛ ابن المجاور : تاريخ المستبصر ، ص ٥ ، ٩ ؛ البغدادي : مراصد الاطلاع ، ج ٣ ، ص ١٣٠٣ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٢٣ ؛ القطبي : إعلام العلماء ، ص ٢٩ ـ ٣٠.

(٥) وهي حد من حدود الحرم على طريق اليمن ويبدو أنها ما يسمى اليوم بلبين فعنده حد الحرم اليماني ؛ انظر البلادي : معجم معالم الحجاز ، ج ٣ ، ص ١٤٢.

(٦) منتهى حد الحرم من طريق العراق وهو ما يعرف اليوم بخل الصفاح. انظر البلادي : معجم معالم الحجاز ، ج ٣ ، ص ١٤٢.

٣١٠

منها» (١) وما ذكره التجيبي في حدود الحرم موافق لما ورد في الأزرقي وابن خرداذبه وابن رسته (٢).

وقد وصف الرحالة المغاربة والأندلسيون الجبال المحيطة بمكة وتاريخها وأسماءها المشهورة ومنها :

جبل أبي قبيس :

وهو أقرب الجبال للمسجد الحرام يحيط به من الجنوب والشرق يشرف على الحجر الأسود. ويقع الصفا في أصله ويرقى إليه من ثلاثة مواضع : من شعب عمر وشعب علي وشعب أجياد الصغير ، وقد رأى التجيبي فيه كهفا صغيرا يقصده الناس قيل : إنه الموضع الذي حفظ فيه الحجر الأسود من الطوفان حيث ظل به إلى حين بناء إبراهيم عليه‌السلام الكعبة ، ويقال إن به قبر آدم عليه‌السلام وعلى هذا الجبل كان انشطار القمر للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهو أحد الأخشبين (٣) ، وما ذكره الرحالة موافق لما جاء في الأزرقي (٤).

جبل قعيقعان (٥) :

يسمى الأحمر ويسمى هو وأبو قبيس الأخشبان والحبحبان ويقع قعيقعان شمال مكة (٦) ، وأضاف العبدري أنه متصل بالحجون بجزء يشرف منه على المقبرة.

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٣٣.

(٢) الأزرقي : أخبار مكة ، ج ٢ ، ص ١٣٠ ـ ١٣١ ؛ ابن خرداذبه : المسالك والممالك ، ص ١٣٢ ؛ ابن رسته : الأعلاق النفيسة ، ج ٧ ، ص ٥٧.

(٣) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٠ ؛ العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٣ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٥١ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٣١ ـ ١٤٤ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٢.

(٤) الأزرقي : اخبار مكة ، ج ٢ ، ص ٢٦٦ ـ ٢٦٧.

(٥) الجبل الضخم المشرف على المسجد الحرام من الشمال والشمال الغربي ممتدا بين ثنيتى كداء وكدى مشرفا على وادي ذى طوى غربا ولا يعرف اليوم بهذا الاسم ولكنه يسمى بأسماء كثيرة فطرفه الشمالى الغربي يسمى جبل العبادي والشرقي المشرف على ثنية كداء ومقبرة المعلاة يسمى جبل السليمانية والجزء الأكبر في الجنوب يسمى جبل هندي وشرقه يسمى جبل الفلق ويسمى طرفه المشرف على حارة الباب جبل المطابخ وطرفه المشرف على ثنية كدى بربع الرسام ويعرف اليوم بقرن وطرفه الغربي مما يلي بئر طوى يسمى جبل السودان. انظر البلادي : معجم معالم الحجاز ، ج ٧ ، ص ١٤٦. ويسمى جبل قعيقعان الآن عند أهل مكة جبل هندى.

(٦) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٣ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٥٠ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٤ ؛ البلوى : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٢.

٣١١

جبل الخندمة (١) :

وهو المشرف على شعبي أجياد الأكبر وأجياد الأصغر (٢).

جبل ثور (٣) :

على بعد فرسخ من مكة على طريق اليمن. وهو الجبل المشهور الذي أوى إليه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر عند هجرتهما إلى المدينة. وسماه ابن جبير والبلوي بأبي ثور (٤) ، وقد أسهب التجيبي في الحديث عنه ووصفه بالعلو الشديد إذ يشاهد منه بحر جدة وتميز بكثرة حجارته وصعوبة الصعود عليه وسماه الأطحل (٥) ، وأضاف العبدري في وصف الغار الموجود به قائلا بأن له بابان أحدهما ضيق ويقع الجبل على مسافة يوم أو نحوه من مكة (٦) ، فالعبدري بالغ في ذكر بعده عن مكة فهو لم يقم برؤيته لقصر إقامته بمكة وانشغاله بأداء فريضة الحج فربما هو في هذه الحالة يعد ناقلا لمعلوماته مع عدم إشارته لمصدرها.

ولم يرد وصف لجبل ثور لدى بعض الجغرافيين ولكن ما قيل في وصفه لديهم يوافق ما ذكره الرحالة (٧).

جبل حراء (٨) :

جبل عال في الجهة الشرقية من مكة مشرف على منى وهو على مسافة فرسخ تقريبا من مكة ، وحدد التجيبي وصفه أكثر من حيث تميزه بحمرة اللون

__________________

(١) الخندمة جبال مكة الشرقية التي تبدأ من أبي قبيس متجهة شرقا إلى المفجر الذى يفصل بين جبال منى وجبال مكة وتمتد جنوبا حتى تشرف على المفجر الغربي الذى يفصلها عن جبل ثور. انظر البلادي : معجم معالم الحجاز ، ج ٣ ، ص ١٦٠. وهو الآن نهاية شعب عامر وفيه أنفاق العزيزية وأجياد.

(٢) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٣ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٤.

(٣) وهو الآن يقع داخل عمران مكة ويشرف على حي الهجرة.

(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٣ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٢ ؛ إن هذا من الأمور التي تطابق فيها قول ابن جبير مع البلوي والتي تشير إلى نقله عنه في بعض الأمور.

(٥) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٥٥.

(٦) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٨٦.

(٧) ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٨٦ ـ ٨٧.

(٨) يقع على يسار الذاهب إلى الطائف الآن.

٣١٢

كما حدد المسافة بينه وبين مكة بثلاثة أميال (١). وهو المكان الذي قصده النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم للعبادة فيه. أما غاره فسهل المدخل وجوفه يشبه الحوض (٢). وأكّد التجيبي المسافة التي ذكرها ياقوت (٣).

ويعرف الآن أيضا بجبل النور ولعل ذلك تيمنا بنزول أول آيات الذكر الحكيم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)(٤) وهو الذي اهتدت بنوره البشرية جمعاء. وقد أصبح داخل عمران مكة المكرمة وأطلق على الحي الذي حوله بحي جبل النور.

جبال التنعيم :

سماها الرحالة جبال الطير وهي أربعة تقع على طريق التنعيم اثنان من الجهة اليمنى واثنان من الجهة اليسرى وعليها أربعة أعلام من الحجارة يقال إنها الجبال التي وضع عليها إبراهيم عليه‌السلام أجزاء الطير (٥).

وانفرد التجيبي بذكر الجبل الواقع يمين المتجه من مكة إلى التنعيم سماه بالبكاء لزعم العوام أن الحجارة تنحدر منه يوم عرفة في كل سنة دون سائر الأيام لذا سمي البكاء (٦).

منى والمزدلفة وعرفات (٧) :

منى :

تميزت منى بطولها الممتد نحو ميلين وضيق عرضها ، محاطة بالجبال المقبل منها من منى والمدبر ليس منها (٨) ، ووصفها التجيبي بشبه قرية مقامة

__________________

(١) يقدر الميل بألف باع ويساوي ٦١٥ مترا ، انظر أحمد رمضان أحمد : الرحلة والرحالة المسلمون ، ص ٦٠ ـ ٦١ هامش ١.

(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ٩٠ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٥٧.

(٣) ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٢٣٣.

(٤) القرآن الكريم : سورة العلق ، ٩٦ / ١.

(٥) ابن جبير : الرحلة ، ص ٨٩ ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٦١ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٤ ـ ١٤٥ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣٠٩ ؛ انظر ما سبق ، ص ٢١٤ ـ ٢١٥.

(٦) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ١٦١.

(٧) انظر الرسم لمنى والمزدلفة وعرفات رقم ٢ ، ٣.

(٨) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٠٥.

٣١٣

على جانبي الوادي بين عرفات ومكة وفيها القليل من نبات الأدر (١) ، بينما شبهها ابن جبير بالمدينة لما حوته من آثار قديمة لم يبق من معالمها سوى القليل من الدور المستخدمة في سكن الحجيج على جانبي الطريق (٢).

وما ذكره الرحالة في وصف منى مشابه لما ورد في كتب ياقوت والمحب الطبري والفاسي إلا أن وصف ابن جبير لها بالمدينة الكبيرة قد يعود إلى ازدحامها في أيام الموسم (٣).

وذكر ابن جبير والبلوي أن ما بين جمرة العقبة والجمرة الوسطى قدر غلوة (٤) عليها علم منصوب (٥).

وحدد التجيبي المسافة بنحو أربعمائة ذراع (٦) ، وذكر ابن جبير والبلوي أن ما بين الجمرة الوسطي والأولى قدر غلوة أيضا (٧) ، وحدد التجيبي المسافة هنا أيضا بثلاثمائة وخمسين ذراعا وهاتان الجمرتان تقعان في وسط منى تقريبا (٨).

ونجد اختلافا بسيطا في المسافة فيما أورده الرحالة وما ذكره الأزرقي حيث قال : إن المسافة ما بين جمرة العقبة والوسطى أربعمائة وسبعة وثمانون ذراعا واثنتا عشرة أصبعا ومن الجمرة الوسطى إلى الأولى ثلاثمائة وخمسة

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٤٢.

(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٣٥ ـ ١٣٦ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٥.

(٣) ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ١٩٨ ؛ المحب الطبري : القرى لقاصد أم القرى ، ص ٥٤٣ ؛ الفاسى : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥١٠.

(٤) الغلوة قدر مسافة رمية السهم. انظر ابن منظور : لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١٣٢.

(٥) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٣٦ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٦.

(٦) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٤٣. والذراع يساوي أربعة وعشرين أصبعا. انظر أحمد رمضان أحمد : الرحلة والرحالة المسلمون ، ص ٦٠ ـ ٦١ ، هامش ١.

(٧) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٣٦ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٦.

(٨) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٤٢ ـ ٣٤٣.

٣١٤

أذرع (١) ، ولعل سبب الاختلاف عائد إلى عدم تمكن الرحالة من القياس بدقة بسبب شدة الازدحام في أيام الموسم.

المزدلفة :

وصفها ابن جبير وابن بطوطة والبلوي بأرض منبسطة فسيحة تقع بين جبلين ، وقدروا المسافة بين منى وعرفات بمثل المسافة بين منى ومكة (٢) ، وأشار ابن رشيد إلى ندرة الماء بها ومحاولته معرفة طريق مسير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها ، وحدد موقع جبل قزح بأنه آخر المزدلفة وعاب على الناس واستنكر منهم استبدالهم الوقوف عليه اتباعا لسنة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ببناء مستحدث بوسط المزدلفة وأضاف أن المأزمين ووادي محسر ليسا من المزدلفة. فمحسر واد بين منى والمزدلفة (٣) ، وأشار العبدري إلى أن المزدلفة أكثر اتساعا من منى وأن المسافة بين مسجد المزدلفة ومسجد عرفة أربعة أميال (٤).

واختلف الرحالة في اهتمامهم بوصف المزدلفة فمنهم المهتم بوصفها ومنهم المتتبع لطريق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها أثناء تأديته فريضة الحج كابن رشيد مثلا الذي اتفق مع المحب الطبري في استنكاره البدع الموجودة بها (٥).

وقام الأزرقي والحربي والفاسي بتحديد مسافة المزدلفة وحدودها التي اتفقت مع أقوال الرحالة (٦).

__________________

(١) الأزرقي : أخبار مكة ، ج ٢ ، ص ١٨٥ ؛ وذكر الحربي أن ما بين العقبة والوسطى أربعمائة وثمان وخمسون ذراعا وما بين الجمرة الوسطى والدنيا مائتان وستون ذراعا. انظر الحربي : المناسك وأماكن طرق الحج ، ص ٥٠٤.

(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٥٠ ؛ ١٥٥ ؛ ١٥٦ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٦٩ ؛ البلوي : تاج المفرق ؛ ج ١ ، ص ٣١٦.

(٣) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٠٠ ـ ١٠٤.

(٤) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٨٣ ـ ١٨٤.

(٥) المحب الطبرى : القرى لقاصد أم القرى ، ص ٤٢٠.

(٦) الأزرقي : أخبار مكة ، ج ٢ ، ص ١٨٦ ـ ١٨٧ ؛ الحربي : المناسك وأماكن طرق الحج ، ص ٥٠٦ ـ ٥٠٨ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٩١ ؛ ٤٩٢ ـ ٤٩٨ ـ ٤٩٩ ؛ ٥٠٤ ـ ٥٠٦.

٣١٥

عرفات :

تميزت عرفات بانبساط أرضها وإحاطة الجبال بها حيث يقع جبل الرحمة في طرفها بعيدا عن الجبال الأخرى. فهو عبارة عن حجارة منقطعة بعضها عن بعض يصعب الصعود عليه فشيدت له درج بأمر الوزير الجواد في جهاته الأربع فأصبح الصعود إليه بالدواب أمرا سهلا.

وأسفل الجبل وعلى مكان غير بعيد منه مكان وقوف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وهو عبارة عن جبل قليل الارتفاع.

وحول جبل الرحمة جباب وصهاريج للماء ، وعلى يسار العلمين اللذين وضعا حدا لعرفة لمستقبل القبلة يمتد وادي الأراك (١).

أما ابن رشيد فنعته باسمه القديم حيث أشار إليه بجبل الإل والذي يقع في وسط عرفات والمعروف بذلك منذ القدم فهو جبل مرتفع. وقد اتفق مع ابن جبير من وجود درج فيه ، كما شاهد موقف الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم خلف مصلى الإمام.

وأوضح أن هناك صخرات عند الجبل يحرص الحجاج في الصعود عليها ؛ وأضاف أن عرفة هي الأرض التي تحيط بها الجبال وأن جبل عرفة يسمى أيضا جبل الرحمة وجبل الدعاء والإل ، واتفق في وصفه مع ابن جبير (٢).

وأشار العبدري إلى وجود غار أسفل جبل عرفة يسمى نمرة يقال إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نزل به ، وقد أرشد العبدري شيخ حجازي عالم بالأماكن إلى أعلام حد عرفة والتي قام الأمراء بوضعها في داخلها احتياطا لخروج الحجيج منها قبل غروب الشمس لإيهامهم أن العلمين نهاية عرفة وهما في الحقيقة في وسطها ، كما شاهد موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في آخر عرفة عند جبالها الشرقية (٣) ،

__________________

(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٥٠ ـ ١٥٢ ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٩٦ ـ ١٧٠ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٦ ـ ٣١٧.

(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٨٧ ؛ ٨٩ ؛ ٩٢.

(٣) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٨٤ ـ ١٨٥.

٣١٦

وقد وافق المحب الطبري ابن رشيد فيما ذهب إليه من أسماء جبل عرفة (١). أما الفاسي فقد وافق الرحالة فيما ذكروه من وصف عرفة (٢).

المدينة المنورة :

مدينة مشرقة جميلة أرضها سبخة مشرفة على واد مليء بالنخل وبظاهرها حرة سوداء وعرة (٣) ، ويظهر أنها أكثر تنظيما وترتيبا من مكة ، فشوارعها المحيطة بالمسجد مفروشة ومبلطة بالحجر المنحوت (٤). ولم يتطرق ابن بطوطة لوصفها العام بينما اتفقت معلومات البلوي وابن جبير بشأنها (٥).

ولعل البلوي اعتمد على ابن جبير في وصفها.

جبل أحد :

أشار ابن جبير إلى جبل أحد والواقع على بعد ثلاثة أميال من المدينة.

وبجوار الجبل من الناحية القبلية قبر حمزة رضي‌الله‌عنه الذي بني عليه مسجد بحيث أصبح القبر بداخله وقبور الشهداء بجواره. وقد ذكر ابن جبير وجود غار أسفل جبل أحد بجانب قبور الشهداء قيل إن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم اعتصم به ، وحول قبور الشهداء تربة حمراء منسوبة لحمزة رضي‌الله‌عنه يتبرك الناس بها (٦) ، وهي من البدع الشائعة والتي أشار بعض الرحالة إليها والدالة على معتقداتهم وحالتهم الدينية في تلك الفترة.

وما وصفه ابن جبير من آثار موافق لما ذكره السمهودي مؤرخ المدينة.

أما ما ذكره حول الغار فقد نفى ابن النجار والسمهودى ذلك فالرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يذهب لغار بأحد وليس لدينا تفاصيل مؤكدة في هذا الصدد (٧).

__________________

(١) المحب الطبري : القرى لقاصد أم القرى ، ص ٣٨٣ ـ ٣٨٧.

(٢) الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٤٨٢ ـ ٤٨٨.

(٣) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٣.

(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٦.

(٥) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٩٠.

(٦) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٣.

(٧) ابن النجار : أخبار مدينة الرسول ، ص ٥٨ ؛ السمهودي : وفاء الوفا ، ج ٣ ، ص ٩٢٧ ؛ ٩٢٨ ، ٩٣٠.

٣١٧

البقيع :

يقع بقيع الغرقد شرقي المدينة والمخرج إليه من باب البقيع (١) ، أحد أبواب المدينة الأربعة فالبقيع خارج حدود عمران المدينة في ذلك الوقت.

قباء :

تقع في الجهة القبلية من المدينة المنورة على مسافة نحو ميلين منها.

وهي كبيرة ومتصلة بالمدينة المنورة وأكمل ابن جبير وصفها مشيرا إلى وجود النخيل على طول الطريق منها إلى المدينة. وإلى جانب إحاطة أشجار النخيل بالمدينة وخاصة الجهة القبلية والشرقية مع قلتها في الجهة الغربية (٢).

وقد أشار ابن جبير أنه في آخر قباء يوجد تل يسمى عرفات يفضي إلى دار الصفة. أما سبب تسميته بعرفات فقيل : إنه موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم به يوم عرفة في السنة ٩ ه‍ / ٦٣٠ م فزويت له الأرض حتى رأى الناس بعرفات (٣) ، غير أن ما قاله ابن جبير حول هذا التل يفتقر إلى نص صريح يؤكد أنه موقف النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٤).

وأما قوله أن التل يفضي إلى دار الصفة فهذا غير صحيح إذ أن مكان أهل الصفة في مؤخرة المسجد النبوي وليس في ذلك المكان.

وقد أشار ابن جبير إلى وجود الخندق من الجهة الغربية من المدينة على مسافة غلوة منها (٥).

أما العبدري فحدد مكان البقيع في شرق المدينة على بعد ثلاثة أميال منها وجبل أحد شمالها وأشار إلى ارتفاعه وميل لونه إلى الحمرة (٦).

__________________

(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٣.

(٢) المصدر السابق ، ص ١٧٤.

(٣) المصدر السابق ، ص ١٧٤ ـ ١٧٥.

(٤) الفيروز أبادي : المغانم المطابة في معالم طابة ، هامش ص ٣٢٥.

(٥) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٧٥.

(٦) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٣ ؛ ذكر عبد القدوس الأنصارى أن سبب هذا اللون يدل على احتوائه على نفيس الجواهر وكريم المعادن وأورد عدة روايات مفادها العثور على بعض هذه الأحجار الثمينة. انظر عبد القدوس الأنصارى : آثار المدينة ، ص ١٩٥.

٣١٨

وما جاء به البلوي من وصف المدينة نقله حرفيا عن ابن جبير ؛ لذا لن نفصل القول فيه فهو قد أعاد وصف شيء قد مضى عليه أكثر من قرن ونصف من الزمان حيث إنه لم يظل الوضع كما كان سابقا إذ رأينا بعض التغييرات في وصف العبدري لها وعليه فالبلوي لم يقدم شيئا جديدا يفيد البحث.

جدّة :

ورد ذكرها في رحلة ابن جبير والتجيبي وابن بطوطة ، وكانت في زمن رحلة ابن جبير ضئيلة الشأن. فهي عبارة عن قرية على ساحل البحر ، وخارج حدودها مصانع وصهاريج قديمة دالة على قدم إنشائها. إذ قيل إنها من آثار الفرس كما أشار إلى وجود الجباب المحفورة في الحجر متصلة ببعضها كثيرة العدد. وهى داخل جدّة وخارجها ووصل عددها إلى ما يزيد على ثلاثمائة وستين جبا داخلها ومثلها خارجها (١).

وتميزت جدة بقلة وضآلة اقتصادها وعمرانها على الرغم أنها كانت محطة استقبال الحجيج ومركزا لجباية المكوس والضرائب التي لم تصرف على تحسين أوضاعها.

وخلال رحلة التجيبي لم يطرأ تحسن على أحوال جدّة إلا أنه قام بضبط اسمها وجزم بأنه بالضم لا غير (٢).

وحدد المسافة بينها وبين مكة المكرمة بأربعين ميلا. وأكد أنها من بناء الفرس. وأن ملوكها امتهنوا التجارة. فهي محطة للسفن القادمة من الهند وعدن

__________________

(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ٥٤.

(٢) أجمعت المصادر على أنها بالضم لا غير وتلى ذلك بحث قدمه الاستاذ عبد القدوس الأنصاري يحتم فيه ضمها أيضا. انظر البكري : معجم ما استعجم ، ج ٢ ، ص ٣٧١ ؛ ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ١١٤ ؛ ابن منظور : لسان العرب ، ج ٣ ، ص ١٠٨ ؛ عبد القدوس الأنصاري : موسوعة تاريخ جدة ، ج ١ ، ص ٤٥ ـ ٥٣ ؛ عبد القدوس الأنصاري وعبد الفتاح أبو مدين وأبو تراب الظاهري : التحقيقات المعدة بحتمية ضم جيم جدة ، ص ١٥ ـ ١٦ وما تلاها ؛ نوال ششة : جدة في مطلع القرن العاشر الهجري ، ص ٢١ ـ ٢٢.

٣١٩

وعيذاب والقلزم وغيرها ، ولم يشر التجيبي إلى مصدر معلوماته عنها ، وكل ما أورده حولها يتفق مع ما أورده ابن جبير وخاصة في تعليله لكثرة الآثار التي تدل على علو شأنها قديما.

وبالرغم من ضآلة شأنها الاقتصادي والعمراني إلا أنها كما أشار التجيبي محطة مهمة لإقلاع ورسو السفن المتجهة من وإلى اليمن وسواكن وعيذاب (١).

ولا تختلف حالة مدينة جدة زمن رحلة ابن بطوطة عما رأيناه سابقا (٢).

القرى وبعض منازل الحجيج :

مر الرحالة المغاربة والأندلسيون القادمون بطريق البر إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة بعدد من القرى التي كانت تقع على الطريقين اللذين سلكهما الرحالة وهما (٣) :

الطريق الأول : يمر قرب ساحل البحر الأحمر ويسلكه من قدم رأسا من مصر إلى مكة المكرمة أو المدينة المنورة ويبدأ هذا الطريق من العقبة. ومن الرحالة الذين سلكوه قدوما وقفولا العبدري.

أما الطريق الثاني : فإلى الداخل قليلا ويسلكه القادمون من الشام ويبدأ من تبوك. ومن الرحالة الذين سلكوه ابن رشيد وابن بطوطة والبلوي. ويلتقي طريق الساحل وطريق الداخل في بدر حيث يجتمع به ركب حجيج الشام ومصر ويسيران مجتمعين إلى أن يصلا إلى مكة المكرمة (٤).

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢١٨ ـ ٢١٩.

(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ٢٤٢ ـ ٢٤٣.

(٣) انظر رسما للطرق التي سلكها الرحالة رقم ٤.

(٤) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٩٥.

٣٢٠