الرحلات المغربية والأندلسية

عواطف محمّد يونس نواب

الرحلات المغربية والأندلسية

المؤلف:

عواطف محمّد يونس نواب


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مكتبة الملك فهد الوطنية
الطبعة: ٠
ISBN: 9960-00-071-0
الصفحات: ٥٠٤

أما العبدري فذكر نفس المدرسة بنفس مكانها ونسبها لأحد حفدة الفقيه محب الدين الطبري (١). ولعل سبب نسبتها إليه أنه القائم عليها ، فالتبس الأمر على العبدري خاصة أن إقامته في مكة المكرمة محدودة ولم يتمكن فيها من تحرّي الأمر بدقة. إضافة إلى أن المحب الطبري يعمل معلما بها وكثير السفر إلى اليمن. ولعل الحفيد المعني في قول العبدري نجم الدين الطبري والذي رافق جده إلى اليمن (٢). فربما نال حظوة القيام على المدرسة. وذكر الفاسي قولا يوافق التجيبي من قيام هذه المدرسة بتدريس الحديث والفقه على المذهب الشافعي (٣).

وقد كانت هذه المدرسة مثار انتباه الرحالة ، إذ اكتفوا بذكرها دون غيرها وربما يرجع ذلك إلى عظم هذه المدرسة وما هي عليه من علو الشأن دون باقي المدارس حتى قيل : إنها" كانت من العظم بحيث يغبط ملوك الأرض بانيها" (٤) ويبدو أن تلك النظرة لها كانت من الناحية المعمارية والعلمية.

وقد أغفلت كتب الرحالة المغاربة والأندلسيين ذكر بعض المدارس التي كانت معاصرة لرحلاتهم ، وجاءت الإشارة إليها في الكتب التاريخية المعاصرة. ومن أهم هذه المدارس التي كانت تؤدي دورها :

مدرسة الزنجيلي :

ذكر الفاسي وابن فهد موقعها عند باب العمرة ويدرس بها الفقه الحنفي وأوقفت سنة ٥٧٩ ه‍ / ١١٨٣ م (٥). ولكن الراجح أنها أوقفت سنة ٥٨٠ ه‍ / ١١٨٤ م فابن جبير حجّ وجاور في تلك السنة ولم يذكر أنه رأى مدرسة بمكة فلو تمّ وقفها في تلك السنة لبادر ابن جبير إلى الإشارة لذلك إذ أنه من

__________________

(١) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ١٧٤.

(٢) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٦٥ ؛ ج ٢ ، ص ٢٧٣.

(٣) نفس المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١١٧ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٢٣.

(٤) الخزرجي : العقود اللؤلؤية ، ج ١ ، ص ٨٢ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٦٠.

(٥) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٧ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٤٩.

٢٦١

المعاصرين لبنائها فكل ما أورده عن الزنجيلي أنه ابتنى دارا بمكة المكرمة (١).

فربما كانت هذه الدار نواة للمدرسة أو الرباط الذي شيده ومن ثم جعلها مدرسة أو رباطا. ولم يرد ذكر هذه المدرسة في كافة كتب الرحالة وربما لعدم شهرتها أو لتغيير اسمها خاصة وأن ابن فهد يذكر أنها أصبحت تعرف بدار السلسلة وأصبحت المدرسة بيد بعض أشراف مكة المكرمة (٢). كما جاء ذكرها لدى أبي شامة والنعيمي (٣).

مدرسة طاب الزمان الحبشية :

عتيقة الخليفة المستضيء أوقفتها سنة ٥٨٠ ه‍ / ١١٨٤ م على الشافعية (٤).

مدرسة الأرسوفي :

لصاحبها أبى محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هبة الله الأرسوفي الأصل المصري الدار الشافعي العدل التاجر. وتاريخ وقفها سنة ٥٩١ ه‍ / ١١٩٤ م (٥).

مدرسة أبي علي ابن أبي زكرى :

تقع بقرب المدرسة المجاهدية وتاريخ وقفها سنة ٦٣٥ ه‍ / ١٢٣٧ م وتعرف ببيت ورثة الشيخ إسماعيل الزمزمي (٦).

مدرسة ابن الحداد المهدي :

أوقفها على المالكية بقرب باب الشبيكة وتعرف بمدرسة الأدارسة. وتاريخ وقفها سنة ٦٣٨ ه‍ / ١٢٤٠ م (٧).

__________________

(١) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٤٨.

(٢) ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٤٩.

(٣) أبو شامة : الروضتين ، ج ١ ، ص ٢٦ ؛ النعيمي : الدارس في تاريخ المدارس ، ج ١ ، ص ٥٢٦.

(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٧ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٢ ، ص ٥٥٣.

(٥) المنذري : التكملة لوفيات النقلة ، ج ١ ، ص ٢٢٧ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٢ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٢٦.

(٦) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٨ ؛ ابن فهد : إتحاف الورى ، ج ٣ ، ص ٥٤.

(٧) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ١١٨.

٢٦٢

مدرسة النهاوندي :

قرب الدربية بنيت زمن المدرسة السابقة (١).

مدرسة الأمير أرعون :

الأمير أرعون هو نائب الخليفة الناصر وتم تشييدها للخليفة قبل سنة ٧٢٠ ه‍ / ١٣٢٠ م أو بعدها بقليل بدار العجلة على يسار الداخل إلى المسجد الحرام (٢).

مدرسة الملك المجاهد :

الملك المجاهد صاحب اليمن بناها بالجانب الجنوبي من المسجد الحرام وأوقفها على الشافعية سنة ٧٣٩ ه‍ / ١٣٣٨ م (٣).

ومما يلفت النظر أن الرحالة المغاربة والأندلسيين حرصوا على طلب العلم بالمسجد الحرام وليس بالمدارس المنتشرة بمكة (٤). إلى جانب أماكن أخرى مثل بيوت العلماء وغيرها (٥).

المدارس بالمدينة المنورة :

لم يرد ذكر المدارس بالمدينة المنورة في كتب الرحالة إلا في برنامج ابن جابر الوادي آشي ، حيث ذكر المدرسة الشهابية ولم يشر إلى مكانها ولا سنة وقفها. وكل ما وصلنا من معلومات عنها أن عمر بن أحمد بن الخضر بن ظافر ابن طراد عمل مدرسا بها (٦).

__________________

(١) المصدر السابق والجزء والصفحة.

(٢) المصدر السابق والجزء ، ص ١١٧.

(٣) المصدر السابق والجزء ، ص ١١٨.

(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٣٨ ، ١٤١ ، ١٦٥ ، ١٨٣ ـ ١٨٤ ، ١٩٣ وغيرها ؛ التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٢٣٥ ، ٢٤٢ ، ٢٥٧ ، ٢٧٠ ، ٢٧٣ ، ٣١٠ وغيرها ، ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ١٨٩ ، ١٩٢ ، ١٩٤ ، ١٩٥ ، ٢٠١ ، ٢٠٤ ، ٢٠٩ وغيرها ؛ ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠.

(٥) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٢٩ ـ ١٣٠ ، ١٣٤ ، ١٤٧.

(٦) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ٤٩ ؛ أنظر ترجمته في ص ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

٢٦٣

وقد ذكر السخاوي بأن هذه المدرسة للمظفر غازي (١) وموقوفة على المذاهب الأربعة وتتوفر فيها أعداد كبيرة من الكتب التي فقدت فيما بعد (٢).

وأشار البلوي إلى مدرسة أخرى بالمدينة المنورة تقع مقابل باب الرحمة مع عدم الإشارة إلى اسمها (٣). كانت أماكن الدرس والتلقي بالمدينة تقام بالمسجد النبوي وقليل منها في منازل العلماء (٤). ولم يذكر أحد من الرحالة أنه أخذ علما بمدرسة سوى ابن جابر الوادي آشي (٥).

ومما سبق يتضح لنا ما كان عليه المسجد الحرام والمسجد النبوي من نشاط علمي بسبب وفرة الكتب العلمية ووجود العلماء القائمين على التدريس ، فشدّت الرحال إلى هذين المركزين لا للحج والزيارة فقط ؛ بل وللتزود بالعلم الذي سرعان ما ينتشر في أوطان هؤلاء الرحالة الذين يبادرون إلى نشره هناك وكأنما كانت مكة المكرمة والمدينة المنورة مقر العلم المكين الذي لا بد من الأخذ منه لتكتمل الدورة العلمية في سائر الأقطار الإسلامية.

ثالثا : كبار العلماء :

مكة المكرمة :

ضمت مكة المكرمة جمعا غفيرا من العلماء سواء كانوا مقيمن أو مجاورين وأورد الرحالة المغاربة والأندلسيون تراجم مفصلة لأشهر الموجودين

__________________

(١) لم يتضح من هو المقصود بالمظفر غازي حيث يوجد اثنان بهذا الإسم أولهما غازي المظفر بن أبي بكر العادل بن أيوب من ملوك الدولة الأيوبية المتوفي سنة ٦٤٥ ه‍ / ١٢٤٧ م أو ٦٤٦ ه‍ / ١٢٤٨ م. وثانيهما غازي المظفر بن داود الناصر بن عيسى المعظم بن العادل الأيوبي المتوفي سنة ٧١٢ ه‍ / ١٣١٢ م. انظر الحنبلي : شفاء القلوب ، ص ٣٢٢ ـ ٣٢٤ ، ٤٢٣ ؛ الزركلي : الأعلام ، ج ٥ ، ص ١١٢ وفي الترجمه للمظفر بن أبي بكر ذكر أن له آثارا حسنة بالحجاز ولكن لم تشر المصادر التي تناولناها إلى إنشائه لمدرسة بالمدينة المنورة وربما يكون الأول هو المعني.

(٢) السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ١ ، ص ٦٤.

(٣) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٨٧.

(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢١ ، ٢٣ ، ٢٩ ، ٣٧ ، ٤٢ ، ٦٠ ، ٦٦ وغيرها ؛ ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ١٩٢ ، ٢٠٦ ، ٢٣٨ ؛ البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٢٩٢ ، ٢٩٤.

(٥) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ٤٥.

٢٦٤

فيها لتلك الفترة نظرا لصلتهم الواسعة بهم مما أتاح لهم الاطلاع على كثير من الأمور المهمة في حياتهم ومن هؤلاء العلماء على سبيل المثال :

عمر بن عبد المجيد الميانشي :

عمر بن عبد المجيد بن عمر بن حسين القرشي العبدري تقي الدين أبو حفص المعروف بالميانشي وأحيانا يدعى الميانجي ، تلقى العلم على كبار العلماء وسمع منهم الكثير. جاور بمكة وتولى الخطبة فيها. له عدة مؤلفات تميز بسعة العلم والورع والثقة. توفي في جمادى الأولى سنة ٥٨١ ه‍ / ١١٨٥ م (١).

لقيه ابن جبير ونهل من علمه الشيء الكثير وأشار إلى أن له حماما بمكة ينسب إليه (٢).

أحمد بن علي الفنكي :

أحمد بن علي بن عتيق بن إسماعيل القرطبي أبو جعفر المقرىء الفنكي.

قرأ القرآن الكريم وسمع الحديث بالمغرب والشام والموصل ودمشق التي قضى فيها فترة من الزمن تولى خلالها الإمامة وهو صاحب علم ودين وتميز بالصدق والأمانة توفي سنة ٥٩٦ ه‍ / ١١٩٩ م (٣).

وصفه ابن جبير بالفقيه المحدث والزاهد الورع وجمعت بينه وبين ابن جبير صداقة قوية على الرغم من عدم ترجمته له بدليل قوله : " صاحبنا الفقيه الورع" كناية عن صلته الوثيقة به ، فابن جبير لم يكن مهتما بإيراد تراجم مفصلة لأشياخه ونلمح في رحلته إشارة لأحد مؤلفات أبي جعفر في وصف المسجد الحرام فقد ذكر ابن جبير أنه عقب قياسه لذرع المسجد الحرام وجده مطابقا لما أورده أبو جعفر الفنكي (٤).

__________________

(١) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٦ ، ص ٣٣٤ ـ ٣٣٥.

(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١٠٢.

(٣) الصفدي : الوافي بالوفيات ، ج ٧ ، ص ٢٠٥.

(٤) ابن جبير : الرحلة ، ص ٦٨ ، ٨١ ، ١٢٣.

٢٦٥

ابن أبي الصيف الفقيه :

محمد بن إسماعيل بن علي اليمني تقي الدين أبو عبد الله المعروف بابن أبي الصيف الشافعي انتهت إليه رياسة الفقه بمكة المكرمة حيث حدث ودرس وأفتى بها توفي سنة ٦٠٩ ه‍ / ١٢١٢ م على الأصح (١). ولم ترد في رحلة ابن جبير معلومات كافية عنه ولكن من الواضح أنه على درجة كبيرة من العلم بحيث يسمع ويناقش فيما يقول ومما يدل على ذلك سؤال ابن جبير عن أصل السرو اليمنيين وإجابته له (٢).

أبو اليمن عبد الصمد بن عساكر :

عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي : الشيخ أمين الدين أبو اليمن المعروف بابن عساكر الشافعي سمع الكثير من العديد من العلماء وله الكثير من التلاميذ كان ناظما للشعر ، حسن الخط. حظي بثناء ومديح عارفيه فابو اليمن ثقة فاضل عالم ، عابد زاهد.

جاور بمكة نحو أربعين سنة كان خلالها شيخ الحجاز في وقته ولد يوم الإثنين تاسع عشر ربيع الأول سنة ٦١٤ ه‍ / ١٢١٧ م وتوفي في بداية جمادى الأولى أو وسطه سنة ٦٨٦ ه‍ / ١٢٨٧ م ودفن بالبقيع (٣).

لقيه ابن رشيد ومدحه كثيرا ويبدو أن هناك اتفاقا حول تفاصيل حياته لدى ابن رشيد والفاسي والسخاوي. فهما فيما يبدو قد اعتمدا على ما أورده ابن رشيد وهذا يؤكد أهمية كتب الرحالة كمصدر لتاريخ الحجاز. حيث نجد أن مؤرخي الحجاز لم يتورعوا عن الأخذ من كتب الرحالة في بعض الأمور التي خفيت عليهم. وهذا يقودنا إلى معرفة مدى انتشار كتب الرحالة بالحجاز واعتماد مؤرخيها عليها.

__________________

(١) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ٤١٥ ـ ٤١٦.

(٢) ابن جبير : الرحلة ، ص ١١٠.

(٣) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٥ ، ص ٤٣٢ ـ ٤٣٣ ؛ السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ٣ ، ص ١٨ ـ ٢٠.

٢٦٦

وأضاف ابن رشيد أن أباه رحل به إلى العراق سنة ٦٣٤ ه‍ / ١٢٣٦ م.

وسمع بها ثم حج في السنة التالية ورجع إلى الشام وبلغ بها وبمصر منزلة عالية شارك مع صديق له في جهاد الفرنسيين عند نزولهم بمصر في العالم المعروف بعام دمياط (١). سنة ٦٤٧ ه‍ / ١٢٤٩ م ، واستشهد رفيقه ونجا هو فاتجه بعد نجاته إلى مكة المكرمة مجاورا. وأو مضى بقية عمره بين حج واعتمار وزيارة للمدينة المنورة (٢).

أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني :

أحمد بن أبي بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس ابن أبي عبد الله العسقلاني. يكنى بأبي الفضل ويلقب بالعلم ويعرف بابن خليل المكي الشافعي. من فضلاء مكة وفقهائها الثقات ولد يوم السبت منتصف ربيع الأول سنة ٦٣٧ ه‍ / ١٢٣٩ م وتوفي عشية الثلاثاء الثاني والعشرين من شعبان سنة ٦٨٩ ه‍ / ١٢٩١ م وصلى عليه أخوه الرضى (٣).

لقيه ابن رشيد ولقبه بالعديد من الألقاب ومدحه بقوله : " فقيه الحرم الشريف ومفتيه ... الصالح المبارك" (٤).

محب الدين : أبو العباس وأبو محمد أحمد بن عبد الله الطبري :

أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم محب الدين أبو العباس الطبري المكي ولد في جمادى الآخرة سنة ٦١٥ ه‍ / ١٢١٨ م.

مفتي الحجاز وشيخ الشافعية ومحدثها صنف الكثير من المؤلفات عرف بالزهد

__________________

(١) وقعة دمياط سنة ٦٤٧ ه‍ / ١٢٤٩ م حيث سار ملك فرنسا بجيشه البالغ خمسين ألف مقاتل إلى دمياط وكان الملك صالح قد استعد فيها بالذخائر والآلات وجعل فيها بني كنانة ولكنهم تراجعوا أمام الأعداء فدخلها الفرنسيون وجرت بينهم وبين المسلمين معركة عظيمة سقط فيها العديد من القتلى. انظر أبو الفدا : تاريخ أبو الفدا ، ج ٣ ، ص ١٧٨ ـ ١٨ ؛ ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٣ ، ص ١٧٧ ؛ أحمد بن علي الحريري : الإعلام والتبيين ، ص ٩٦.

(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٤٥ ـ ١٤٦ ، ٢١٧ ـ ٢١٨.

(٣) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٥٧ ـ ٦٠.

(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٢٩.

٢٦٧

وبقول الشعر. ومن أشهر ما قاله قصيدة في المنازل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة تزيد على ثلاثمائة بيت توفي بداية جمادى الآخرة عام ٦٩٤ ه‍ / ١٢٩٤ م بمكة المكرمة وكان قد رحل إلى اليمن واتصل بالملك المظفر (١).

وذكر العبدري عدم التقائه به عند قدومه إلى مكة المكرمة لسفره تلك السنة إلى اليمن (٢). وحظي المحب بمكانة كبيرة لدى الملك المظفر شمس الدين يوسف بن عمر بن رسول ورتب له في كل شهر خمسين دينارا على تدريسه بمدرسة والده بمكة المكرمة المعروفة بالمنصورية (٣). ووفاته بمكة المكرمة سنة ٦٩٤ ه‍ / ١٢٩٤ م (٤).

أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني رضي الدين :

محمد بن أبي بكر عبد الله بن خليل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس بن أبي عبد الله العسقلاني المكي شيخ الحرم ومفتيه المعروف بابن خليل الشافعي ، سمع الكثير وحدث الكثير فهو عالم جليل حرص على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وله مع أمير مكة أبي نمي محمد بن أبي سعد حكايات ونوادر انتهى به الأمر إلى سجنه ثم قام الشريف بإطلاقه عقب الاعتذار له. جلس للإفتاء في أيام الموسم له معرفة بالفقه الشافعي معتمد عليه بمكة المكرمة لا يخاف في الحق لومة لائم وتمتع بحب الناس واحترامهم والسعي لقضاء أمورهم.

__________________

(١) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٤ ، ص ٣٤٠ ـ ٣٤١ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٦١ ـ ٦٨ ؛ ابن شبه : طبقات الشافعية ، ج ٢ ، ص ١٦٢ ـ ١٦٤ ؛ السيوطي : طبقات الحفاظ ، ص ٥١٤ ؛ ابن العماد الحنبلي : شذرات الذهب ، ج ٣ ، ص ٤٢٥ ـ ٤٢٦.

(٢) العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٠. إن ما بين رحلة العبدري ورحلة ابن رشيد ما يقرب من أربع سنوات فلا شك أن ما وجد من علماء بالحرم المكي هم أنفسهم في الرحلتين ونستغرب قول العبدري أنه لم يلق من يأخذ عنه بمكة. انظر العبدري : الرحلة المغربية ، ص ٢٠٠.

(٣) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢٣٣ ـ ٢٣٥ ، ٢٣٧ ، ٢٤٨ ـ ٢٤٩.

(٤) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ٢٤٨. وما ذكره ابن رشيد من تاريخ وفاته يدل على مراجعته لرحلته بعد عدة سنوات من عودته.

٢٦٨

حفظ التنبيه مسألة مسألة والمفصل. ولد بمنى في الحادي عشر من ذي الحجة في آخر أيام التشريق سنة ٦٣٣ ه‍ / ١٢٣٥ م وتوفي آخر شهر ذي الحجة سنة ٦٩٥ ه‍ / ١٢٩٥ م وهو الأصح لأنه منقول من خط جد الفاسي (١).

لقيه ابن رشيد وترجم له ويبدو أن هناك تطابقا مع ما أورده الفاسي رغم قصر ترجمته له (٢).

أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن الحسين بن علي العماد :

عبد الرحمن بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد الملك بن أبي النضر الطبري المكي المكنى بأبي الحسن وأبي القاسم وأبي محمد ويلقب بالعماد الشافعي : مفتي مكة المكرمة. وصف بسعة العلم والفقه وحظي بمحبة الناس وتميز بالصلاح والتقوى. له إلمام بالحديث والعربية. ولد في ذي الحجة سنة ٦٣٢ ه‍ / ١٢٣٤ م بمكة المكرمة ووفاته سنة ٧٠١ ه‍ / ١٣٠١ م ودفن بالمعلاة (٣).

ترجم له التجيبي بشكل مفصل موضحا عدم انتسابه للطبريين المكيين.

كما أوضح أنه قرشي النسب من نسل واحد من العشرة المبشرين بالجنه وقد أدى فريضة الحج أكثر من ستين مرة وذكر سنة مولده تنقص سنة عما أوردها الفاسي (٤). بينما ابن جابر الوادي آشي اتفق مع الفاسي في سنة المولد واتفق مع التجيبي والفاسي حول فضله وعلمه (٥).

محمد بن غالب بن شعبة الجياني :

محمد بن غالب بن يونس بن محمد بن غالب الأنصاري الأندلسي الجياني شمس الدين أبو عبد الله المعروف بابن شعبة ولد سنة ٦٢٧ ه‍ / ١٢٢٩ م أو ٦٣٥ ه‍ / ١٢٣٧ م وتوفي سنة ٧٠٢ ه‍ / ١٣٠٢ م في أول شهر المحرم (٦).

__________________

(١) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ٥٩ ـ ٦٣. انظر ماهية كتاب التنبيه كاتب التنبيه فيما بعد ، ص ٢٩٣ ، هامش رقم ٢.

(٢) ابن رشيد : ملء العيبة ، ج ٥ ، ص ١٢٩ ، ١٣١.

(٣) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٥ ، ص ٤٠٣ ـ ٤٠٤.

(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٦٢ ـ ٣٧٥.

(٥) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ١٤٨.

(٦) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ٢٤٩ ـ ٢٥٠.

٢٦٩

ترجم له التجيبي بالتفصيل وأثنى عليه بقوله الشيخ الفقيه الإمام الفاضل الصالح العابد الناسك الورع الزاهد ... أحد أولياء الله الصالحين مشهور بالفضل والدين كثير الصمت قليل الكلام إلا لحاجة ذو علم وحلم أصيب بالصمم في آخر عمره وجزم أن مولده سنة ٦٣٥ ه‍ / ١٢٣٧ م (١). على عكس الفاسي الذي لم تتضح له على وجه الدقة سنة مولده.

أما ابن جابر الوادي آشي فلم يحدد سنة ولادته وخالف التجيبي والفاسي في سنة الوفاة وحددها ب ٧٠٣ ه‍ / ١٣٠٣ م واتفق معهما في علمه وفضله (٢).

حسين بن إبراهيم بن صدقة البصرى :

الحسين بن صدقة بن بدران تقي الدين الموصلي رجل خير وصلاح فقير الحال له شعر حسن مات في أواخر جمادى الأولى سنة ٧٠٥ ه‍ / ١٣٠٥ م (٣).

لقيه التجيبي بمكة المكرمة والمدينة المنورة وذكر بأنه كثير الترحال والأسفار مصاحب للزهاد والعباد والصوفية والمشايخ (٤).

أبو عبد الله بن مطرف الأندلسي :

محمد بن مطرف الأندلسي جاور بمكة المكرمة نحوا من ستين سنة كان خلالها مواظبا على العبادة كثير الطواف مات في رمضان سنة ٧٠٦ ه‍ / ١٣٠٦ م وشارك في تشييع جنازته الأمير حميضة أمير مكة المكرمة (٥) في ذلك الوقت دلالة على علو شأنه لدى أميرها.

وقد لقيه التجيبي وأثنى عليه كثيرا واصفا إياه بالعابد الفاضل من ساكني رباط الموفق. حج عدة مرات كان نزيها فيما يتعلق بأمور الدنيا. وأورد التجيبي حادثة تدل على ذلك قائلا : إن بعضا من المجاورين المصريين من

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٣٧ ـ ٤٣٨.

(٢) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ١٣٧.

(٣) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٢ ، ص ٥٦ ـ ٥٧.

(٤) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٥٧.

(٥) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٤ ، ص ٢٦٠.

٢٧٠

الأغنياء عرض عليه مالا عدة مرات فرفضه. ثم طلب منه توزيعه لمن يراه مستحقا له فرفض ذلك قائلا : " مال لم أتول جمعه فلا أحب أن أتولى تفريقه" (١)

يحيى بن محمد بن علي بن الحسين :

يحيى بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن عبد الملك بن أبي النصر الطبري أبو الفضل الصالح : شرف الدين أبو الحسين وأبو محمد ويسمى محمد المكي سبط سليمان بن خليل العسقلاني. ولد سنة ٦٣٧ ه‍ / ١٢٣٩ م ومات يوم الأحد السابع من شعبان سنة ٧٠٧ ه‍ / ١٣٠٧ م بمكة ودفن بالمعلاة (٢).

ونجد التجيبي يصفه بالشيخ الأجل أخي العماد الطبري. وأضاف أن لديه حديقة في وادي نخلة يبقى بها أكثر أوقاته (٣). حيث يقوم برعايتها بنفسه ولم يكن يأتي مكة المكرمة إلا في المواسم فقط وقد تحدث التجيبي عنه بتفاصيل أكثر من الفاسي مع توافقهما في بقية المعلومات.

عثمان بن محمد بن عثمان التوزري :

عثمان بن محمد بن عثمان بن أبي بكر بن محمد بن داود فخر الدين التوزري المالكي يكنى أبا عمرو نزيل مكة المكرمة. ولد في رمضان سنة ٦٢٨ ه‍ / ١٢٣٠ م أو ٦٣٠ ه‍ / ١٢٣٢ م سمع وقرأ ما لا يحصى من الكتب ويزيد عدد شيوخه على الألف. قدم الحجاز سنة ٦٥٧ ه‍ / ١٢٥٨ م وظل يتردد عليها إلى أن استقر بمكة المكرمة سنة ٦٩٠ ه‍ / ١٢٩١ م ولم يزل بها إلى أن توفي سنة ٧١٣ ه‍ / ١٣١٣ م ودفن بالمعلاة (٤).

وأضاف ابن العماد أنه تلا القرآن الكريم بالقراءات السبع وتوفي عن ثلاث وثمانين سنة (٥).

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٥٥ ـ ٤٥٦.

(٢) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٧ ، ص ٤٤٥ ـ ٤٥٠.

(٣) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٧٥ ـ ٣٧٦.

(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٦ ، ص ٤١ ـ ٤٧.

(٥) ابن العماد الحنبلي : شذرات الذهب ، ج ٦ ، ص ٣٤.

٢٧١

وقد ترجم له التجيبي ترجمة واسعة لا تختلف عما أورده الفاسي ، بل ويزيد عليه بذكره أن التوزري شرع في تخريج معجم لشيوخه مرتب على حسب حروف المعجم يذكر فيه مروياته عن كل واحد منهم والكتب التي تحمّلها عنهم ذاكرا أسانيد تلك الكتب وأضاف أنه موصوف بحسن القراءة لكتب الحديث مشهور بالدقة والإتقان في قراءته علاوة على أنه كان قارىء مصر.

كما وصفه بالشيخ الفقيه الإمام الفاضل المحدث الضابط المتقن الصالح الزاهد العابد (١).

ونجد أن ابن جابر الوادي آشي يشير إليه في برنامجه بالرغم من عدم تلقيه العلم عنه مباشرة حيث إن وفاته سابقة لوقت وجود ابن جابر الوادي آشي بمكة المكرمة (٢).

أبو محمد عبد الله الدلاصي :

أبو محمد عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي القرشي المخزومي الشافعي. ولد أول رجب سنة ٦٣٠ ه‍ / ١٢٣٢ م بدلاص (٣) له كرامات اشتهرت عنه. توفي يوم الجمعة رابع عشر المحرم سنة ٧٢١ ه‍ / ١٣٢١ م بمكة المكرمة ودفن بالمعلاة. برع في الفقهين الشافعي والمالكي (٤).

ترجم له التجيبي ترجمة وافية متتبعا فيها حياته اليومية بكل دقائقها مثنيا عليه واصفا إياه بالشيخ الفقيه الصالح الزاهد العابد الورع الناسك المنعوت بالعفيف المشهور بعلم القراءات. تصدر لإقراء القرآن الكريم بالحرم الشريف طوال أوقاته حتى أن التجيبي أشار إلى اعتراض القراء له أثناء طوافه بالبيت الشريف حج عدة مرات واستوطن مكة المكرمة أكثر من أربعين سنة

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤١٥ ـ ٤١٦.

(٢) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ١٥٥.

(٣) (دلاص) بفتح أوله كورة بصعيد مصر على غربي النيل تشتمل على قرى وولاية واسعه ودلاص قصبتها وهي معدودة من كورة البهنسا. انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ٤٥٩.

(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٥ ، ص ١٩٦ ـ ١٩٩. انظر ما سبق ص ٢٥٧.

٢٧٢

كان خلالها متصدرا للإقراء وأحد العلماء البارزين (١). وأشار إليه ابن كثير بترجمة قصيرة لا تختلف كثيرا عما سبق (٢).

ولقيه أيضا ابن جابر الوادي آشي وترجم له بشكل مختصر متفقا فيها مع السابق ذكره ، مضيفا أنه كان يقرىء القرآن الكريم بغير أجر ابتغاء ثواب الله (٣).

أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري :

أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر من محمد ابن إبراهيم الطبري المكي مفتي الشافعية وإمامهم ومفتي الحجيج بمنى وعرفات.

حدث أكثر من خمسين سنة. ولد بمكة المكرمة سنة ٦٣٦ ه‍ / ١٢٣٨ م وتوفي في الثامن من ربيع الأول سنة ٧٢٢ ه‍ / ١٣٢٢ م ودفن بالمعلاة. تلقى تعليمه بالحجاز وله مؤلفات كثيرة كما تصدر لتدريس الحديث والفقه (٤).

وإبراهيم الطبري على جلال قدره وعلمه لم يرحل خارج الحجاز في طلب العلم وإنما جل علمه أخذه بها فقط. وهذا يقودنا إلى القول بأن الحجاز وخاصة مكة المكرمة كانت منارة إشعاع علمي أنجبت علماء أجلاء خلدت أسماؤهم بفضل سعة علمهم.

وتعد ترجمة التجيبي لأبي إسحاق الطبري من أوسع التراجم فهي لا تختلف في مفادها عن الفاسي والذهبي وابن حجر. بل وتزيد عليها في إيراد دقائق تصرفاته التي يتضح من خلالها شخصية هذا العالم الفاضل الذي عرف بكثرة اجتهاده وصمته وشدة هيبته. كان ذا وقار في مجلسه نظيف الثياب محبا للحديث وأهله عكف على عقد مجالس الحديث للغرباء حتى في أشد الأوقات حرارة متحملا في ذلك جفاء وجهل بعضهم مطيلا الجلوس معهم. كما أورد قائمة بمؤلفاته ونماذج من شعره (٥).

__________________

(١) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٤٣٣ ـ ٤٣٤.

(٢) ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٤ ، ص ١٠٠.

(٣) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ٧٩ ـ ٨٠.

(٤) الحسيني : ذيل تذكرة الحفاظ للذهبي ، ص ١٠٠ ؛ ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ١ ، ص ٥٤ ـ ٥٥ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٢٤٠ ـ ٢٤٦.

(٥) التجيبي : مستفاد الرحلة ، ص ٣٩٣ ـ ٣٩٤.

٢٧٣

كما ترجم له ابن جابر الوادي آشي وإن كانت ترجمته قصيرة لم تأت بجديد (١).

نجم الدين محمد بن محيى الدين الطبري :

محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد ابن إبراهيم الشافعي المكي مفتي مكة المكرمة وقاضيها. أبو حامد ولد في شوال سنة ٦٥٨ ه‍ / ١٢٥٩ م وقيل ٦٥٩ ه‍ / ١٢٦٠ م تفقه وأفتى وتولى القضاء بعد أبيه فترة تزيد على خمس وثلاثين سنة حتى مات يوم الجمعة ثاني جمادى الآخرة سنة ٧٣٠ ه‍ / ١٣٢٩ م ودفن بالمعلاة.

كان شيخا فاضلا مشهورا بعلمه في الفقه مقصودا للفتوى من بلاد الحجاز وما حولها وإماما للشافعية (٢).

لقيه ابن بطوطة وأثنى عليه بالرغم من قصر ترجمته إلا أنها أضفت الجديد على ما سبق من فضله وكثرة صدقاته ومواساته للمجاورين وحسن خلقه وكثرة عبادته وإطالة مكوثه فى المسجد الحرام وقيامه بإطعام الأشراف والأعيان والفقراء وخدم الحرم الشريف والمجاورين ، وخاصة في مولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وحظي بمكانة كبيرة لدى ملك مصر الناصر إذ يعتبر وكيلا عنه في توزيع صدقاته وصدقات أمرائه على سكان مكة المكرمة (٣).

جلال الدين محمد الأفشهري :

محمد بن أحمد بن أمين بن معاذ بن سعادة الأفشهري يلقب بالجلال ويكنى بأبي عبد الله وأبي طيبة جاور بالحرمين وسمع بهما الكثير. له عناية كبيرة بالحديث إلا أنه وقع في أخطاء فاحشة في تخريجه ، له إلمام بالأدب. ولد سنة ٦٦٤ ه‍ / ١٢٦٥ م ومات بالمدينة سنة ٧٣٩ ه‍ / ١٣٣٨ م (٤).

__________________

(١) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ٨٥ ـ ٨٦.

(٢) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٢ ؛ ابن شهبة الدمشقي : طبقات الشافعية ، ج ٢ ، ص ٢٩٣ ـ ٢٩٤ ؛ ابن العماد الحنبلي : شذرات الذهب ، ج ٦ ، ص ٩٤ ـ ٩٥.

(٣) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٩.

(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ١ ، ص ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

٢٧٤

بينما ذكر ابن حجر والسخاوي أنه ولد سنة ٦٦٥ ه‍ / ١٢٦٦ م. وأضافا أنه رحل إلى مصر والمغرب والأندلس ودوّن رحلته في عدة أسفار وألف كتابا فيه أسماء أموات البقيع سمّاه الروضة (١). وجاور آخر عمره بالمدينة إلى أن توفي بها وخالفا الفاسي في سنة وفاته أيضا إذ ذكرا أنه توفي سنة ٧٣١ ه‍ / ١٣٣٠ م (٢).

لقيه ابن بطوطة وأشار إلى جلوسه عند باب إبراهيم أحد أبواب المسجد الحرام (٣).

محمد بن عثمان البغدادي :

محمد بن عثمان بن موسى بن عبد الله الآمدي المكي القاضي جلال الدين الحنبلي. إمام الحنابلة بالحرم الشريف بعد أبيه لمدة سبع وخمسين سنة ونصف ، سمع وحدث وناب في القضاء بمكة المكرمة عن القاضي نجم الدين الطبري وابنه القاضي شهاب الدين. تولى منصب الحسبة بمكة المكرمة وكانت فيه صرامة ، وهمة. توفي في يوم الأحد العشرين من جمادى الآخرة سنة ٧٣١ ه‍ / ١٣٣٠ م ودفن بالمعلاة (٤).

لقيه ابن بطوطة وترجم له بشكل واسع وهي موافقة لما ذكره الفاسي عنه وزاد عليه بأنه بغدادي الأصل مكي المولد (٥).

محمد بن عبد الله بن أحمد الطبري :

محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد ابن إبراهيم الطبري المكي الشافعي المعروف بالبهاء ، تولّى الخطابة في مكة

__________________

(١) اسم الكتاب الروضة الفردوسية والحضرة القدسية ، انظر حاجي خليفة : كشف الظنون ، ج ١ ، ص ٩٢٨.

(٢) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٣ ، ص ٣٠٩ ؛ السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ٣ ، ص ٤٦٠ ـ ٤٦٥.

(٣) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠.

(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ١٣٤ ـ ١٣٥.

(٥) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥١.

٢٧٥

المكرمة عقب أبيه منذ سنة ٧٠٤ ه‍ / ١٣٠٤ م. واستمر فيها إلى أن توفي. عرف بفضله ومروءته وكرمه وحسن خلقه. إضافة إلى كونه ناظما للشعر والنثر والخطب. ولد سنة ٦٧٨ ه‍ / ١٢٧٩ م بمكة المكرمة وتوفي سنة ٧٣٢ ه‍ / ١٣٣١ م (١).

مدحه ابن بطوطة كثيرا وبالرغم من قلة معلوماته عنه إلا أنه يوافق ما ذكره الفاسي حول بلاغته وحسن بيانه ، وأضاف أنه يكتب لكل جمعة خطبة خاصة بها (٢).

عز الدين الحسن بن علي الواسطي :

الحسن بن علي بن إسماعيل بن إبراهيم العز أبو علي بن أبي الحسن العراقي البغدادي المولد الواسطي المنشأ الشافعي. جاور بمكة سنوات. جلس للفتوى خلالها وحج مرارا. أحد المجاورين بالمدينة المنورة. تولى الإمامة والخطابة بالمسجد النبوي الشريف عقب سفر الخطيب سراج الدين إلى مصر.

وهو حسن السيرة محبوب بين الناس عابد صالح مكثر لتلاوة القرآن الكريم حسن الهيئة ساع لقضاء حاجات الناس ووصف" بالإمام الولي" ولد سنة ٦٥٣ ه‍ / ١٢٥٥ م أو ٦٥٤ ه‍ / ١٢٥٦ م. ومات في شعبان سنة ٧٤١ ه‍ / ١٣٤٠ م (٣).

ذكره ابن بطوطة من علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة. ولكن يبدو أن إقامته بمكة أكثر ، موضحا بذلك سيرته من متابعته لها فمن ذلك قوله عنه : " من أصحاب الأموال الطائلة يحمل إليه من بلده المال الكثير في كل سنة فيبتاع الحبوب والتمر ويفرقها على الضعفاء والمساكين ويتولى حملها إلى بيوتهم بنفسه ولم يزل ذلك دأبه إلى أن توفي" (٤).

وعند ما ذكره بالمدينة المنورة لم يزد على قوله" عز الدين الواسطي خطيب المسجد النبوي" (٥).

__________________

(١) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٢ ، ص ٤٦ ـ ٤٩ ؛ ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ٣ ، ص ٤٦٦.

(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٩ ـ ١٥٠.

(٣) السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ١ ، ص ٤٨٢ ـ ٤٨٣.

(٤) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥٣.

(٥) المصدر السابق ، ص ١٢٠.

٢٧٦

بينما ذكره ابن جابر الوادي آشي بأنه من علماء المدينة المنورة ونائب الصلاة بها (١).

أحمد بن محمد بن أحمد زين الدين :

أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر القاضي زين الدين أبو طاهر ابن القاضي جمال الدين بن محب الدين الطبري المكي : رجل خير وصلاح ، جواد شفوق. نزل مصر واشتغل بالعلم. ولد سنة ٦٩٣ ه‍ / ١٢٩٣ م وتوفي بمكة المكرمة سنة ٧٤٢ ه‍ / ١٣٤١ م (٢).

اقتصر ابن بطوطة في ذكره بقوله" الفقيه الصالح زين الدين الطبري شقيق نجم الدين من أهل الفضل والإحسان للمجاورين" (٣).

أبو العباس أحمد بن إبراهيم الشافعي :

أحمد بن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الإمام شهاب الدين أبو العباس ويقال أبو المكارم ابن الإمام رضي الدين الطبري المكي الشافعي. خلف والده في الإمامة وتلقّى العلم عن علماء مكة المكرمة والقادمين إليها وناب في القضاء عن ابن أخته القاضي شهاب الدين الطبري ودرس بالمدرسة المجاهدية بمكة المكرمة واستمر أمام المقام إلى وفاته.

ولد في المحرم سنة ٦٨٦ ه‍ / ١٢٨٧ م وتوفي سادس المحرم سنة ٧٥٠ ه‍ / ١٣٤٩ م وقيل سنة ٧٤٧ ه‍ / ١٣٤٦ م أو سنة ٧٤٩ ه‍ / ١٣٤٨ م ودفن بالمعلاة (٤).

ترجم له البلوي واصفا إياه برجاحة العقل ، كان واضح الأسلوب ذا علم وذكاء وحلم شديد ، عابدا متفقها فاضلا. وقد أثنى عليه تلاميذه وألف معجما لشيوخه (٥).

__________________

(١) ابن جابر الوادي آشي : البرنامج ، طبعة ١٤٠١ ه‍ / ١٩٨١ م ، ص ٢٧٧.

(٢) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ١ ، ص ٢٤٣ ـ ٢٤٤ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ١١٩.

(٣) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥٢.

(٤) الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٩ ـ ١٠.

(٥) البلوي : تاج المفرق ، ج ١ ، ص ٣١٤.

٢٧٧

دانيال العجمي :

دانيال بن علي بن سليمان بن محمود اللرستاني (١) الكردي من كبار مشايخ العجم المجاورين بمكة. له سعي مشكور لإجراء عين بازان (٢).

حيث قصد مصر ثم العراق وحثّ جوبان نائب العراقين (٣) على عمارتها فتم ذلك وجرت بها الماء سنة ٧٢٦ ه‍ / ١٣٢٥ م واستدان لعمارتها عدة مرات وقيل إن وفاته سنة ٧٥٠ ه‍ / ١٣٤٩ م ببلاد العجم (٤).

ذكره ابن بطوطة وأشار إلى حمله لصدقات العراق في عهد أبي سعيد إلى مكة المكرمة (٥).

أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الحرازي :

أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر العمري شهاب الدين الحرازي الشافعي يكنى بأبي العباس. قدم مكة المكرمة وتصدر للتدريس والإفتاء.

درّس بالمدينة المنورة وله معرفة بالفقه مع إلمامه بعلوم شرعية آخرى. ولد سنة ٦٧٥ ه‍ / ١٢٧٦ م وقيل ٦٧٦ ه‍ / ١٢٧٧ م ، وتوفي ثاني عشر شوال سنة ٧٥٥ ه‍ / ١٣٥٤ م بمكة المكرمة ودفن بالمعلاة (٦).

__________________

(١) بلد بين خورستان وأصفهان يسكنها الأكراد يقال لهم اللرانظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج ٥ ، ص ١٦.

(٢) تعرف الآن بعين زبيدة عمّرها جوبان سنة ٧٢٦ ه‍ / ١٣٢٥ م وعم نفعها الناس بمكة المكرمة بعد أن كانوا في عناء عظيم لقلة الماء بمكة المكرمة وكان الساعي في إنجاز عمارتها والحاث على ذلك دانيال العجمي وقد صرف على عمارتها مائة وخمسين ألف درهم وعمّر العين قبل جوبان عدد من الخلفاء والملوك. انظر ابن كثير : البداية والنهاية ، ج ١٤ ، ص ١٢٣ ؛ الفاسي : شفاء الغرام ، ج ١ ، ص ٥٥٤ ، حاشية ٣ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٤٤٧ ؛ ج ٤ ، ص ٣٤٣.

(٣) جوبان بن توران نائب السلطنة بالعراقين عن السلطان أبي سعيد بن خزنبدا دبر المملكة مدة طويلة على السداد وتغير عليه أبو سعيد فقتل ابنه وقتله وحمل إلى المدينة المنورة ودفن بالبقيع له مآثر بمكة المكرمة منها عمارته لعين بازان في سنة ٧٢٦ ه‍ / ١٣٢٥ م. انظر الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ٤٤٦ ـ ٤٤٧.

(٤) المصدر السابق ، ج ٤ ، ص ٣٤٣.

(٥) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٠.

(٦) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ١ ، ص ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ١١٦ ـ ١١٨.

٢٧٨

ولم يذكره ابن بطوطة بأكثر من" إمام الشافعية شهاب الدين ابن برهان" (١).

شهاب الدين ابن نجم الدين الطبري :

أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر ابن محمد بن إبراهيم القاضي بمكة المكرمة شهاب الدين أبو الفضل ابن القاضي نجم الدين ابن القاضي جمال الدين ابن الشيخ محب الدين الطبري المكي الشافعي. ولد سنة ٧٠٣ ه‍ / ١٣٠٣ م. تلقى تعليمه على يد كبار علماء مكة المكرمة والقادمين إليها. تصدّر للتعليم بها وتولى القضاء بعد وفاة أبيه بأمر من الشريف عطيفة أمير مكة المكرمة في سنة ٧٣٠ ه‍ / ١٣٢٩ م ثم جاؤه بتفويض ثان بولاية القضاء من المجاهد ملك اليمن وتلاه في سنة ٧٣٢ ه‍ / ١٣٣١ م تفويض من الملك الناصر ملك مصر بولاية القضاء أيضا. وبجانب عمله في القضاء كان إمام وخطيب المسجد الحرام بتفويض من الملك الناصر تولاها في أول شهر رمضان سنة ٧٥٦ ه‍ / ١٣٥٥ م ولم يلبث أن منع من الخطابة بسبب دسائس بعض أعدائه الذين وشوا به لدى السلطان حسن ملك مصر (٢) فصادف أن جاء عسكر إلى مكة المكرمة من مصر سنة ٧٦٠ ه‍ / ١٣٥٨ م فخاف عليه أهل مكة المكرمة من أن يلحقوا الأذى به ولكنه سلم منهم لمرضه ووفاته بعد ذلك سنة ٧٦٠ ه‍ / ١٣٥٨ م بمكة المكرمة ودفن بالمعلاة وقد عمل في قضاء مكة المكرمة ثلاثين سنة وستة أشهر إلا أياما تحلّى بالشهامة وقوة النفس.

__________________

(١) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٥١.

(٢) الملك الناصر حسن بن محمد بن قلاوون أبو المحاسن تولى عرش مصر صغيرا بعد قتل أخيه حاجي المظفر سنة ٧٤٨ ه‍ / ١٣٤٧ م وكان اسمه قماري فلما ولي تسمى حسنا واستمر إلى سنة ٧٥٢ ه‍ / ١٣٥١ م فثار عليه بعض أمراء الخبر وخلعوه وسجنوه بالقلعة وولوا أخاه صالحا ثم خلعوه سنة ٧٥٥ ه‍ / ١٣٥٤ م وأعيد الناصر حسن وقبض على زمام الأمور بحزم وخافه الناس وكمن له مملوكه بليغا محاولا قتله ولكنه فشل وأراد السفر إلى الشام متنكرا فقبض عليه في المطرية وهو آخر العهد به ومدة حكمه ست سنين وتسعة أشهر وأياما وكان شجاعا مهيبا عالي الهمة محبا للرعية غير أنه عمل على عزل ومصادرة أموال كبار رجال الدولة وعرف عنه ميله إلى اللهو والطرب. ولد سنة ٧٣٦ ه‍ / ١٣٣٥ م وتوفي سنة ٧٦٢ ه‍ / ١٣٦٠ م. انظر ابن دقماق : الجوهر الثمين ، ج ٢ ، ص ١٩٥ ـ ١٩٨ ، ٢٠٧ ـ ٢١٥ ؛ الزركلي : الأعلام ، ج ٢ ، ص ٢١٦.

٢٧٩

ومن مآثره تجديد بئر رمّة ونزحها سنة ٧٤٨ ه‍ / ١٣٤٧ م وقيل ٧٥٠ ه‍ / ١٣٤٩ م. وكانت له معاملات تجارية واسعة من رهن وبيع مع الناس الذين يقترضون منه وخاصة موظفي المسجد الحرام وقد يستغرق ما يدفعونه إليه أحيانا وفاء لدينهم جميع مستحقاتهم المالية من القاهرة.

وقيل إنه عقب موته ترك أموالا طائلة منها : مائة وخمسون دارا بمكة ولم يبارك في تركته حيث أثر عنه التعامل بالربا (١).

ولم يذكره ابن بطوطة إلا بقوله" هو الآن قاضي مكة المكرمة" (٢).

أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المشهور بخليل :

خليل بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسن ابن عبد الله القسطلاني المكي المالكي إمام المالكية بالحرم الشريف يكنى بأبي الفضل ويلقب بالضياء ويسمى محمدا واشتهر بخليل.

تفقه أولا على المذهب الشافعي على يد خاله قاضي مكة المكرمة نجم الدين الطبري ثم تحوّل إلى المذهب المالكي (٣) تلقى العلم عنه عدد كبير من التلاميذ مع قيامه بالإفتاء اتصف بالفضل والصلاح والورع وهابته الخاصة والعامة كأهل المغرب وبلاد التكرور والسودان وحرصوا على لقائه وعرف بكثرة الإحسان وحملت إليه الأموال لتفريقها.

ومما يروى عنه ابتلاؤه بالوسواس في الطهارة والصلاة حتى قيل إنه" يعيد الصلاة بعد أن يصلي بالناس وربما قام يصلي من بعد صلاة الظهر إلى آذان العصر" وقد أوصى بكفارات كثيرة بعد موته خوفا من تقصيره واستمرت إمامته بالمسجد الحرام سبعا وأربعين سنة حيث تولاها بعد أبيه سنة ٧١٣ ه‍ / ١٣١٣ م.

__________________

(١) ابن حجر : الدرر الكامنة ، ج ١ ، ص ٢٩٧ ـ ٢٩٨ ؛ الفاسي : العقد الثمين ، ج ٣ ، ص ١٦١ ـ ١٦٦ ؛ السخاوي : التحفة اللطيفة ، ج ١ ، ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥.

(٢) ابن بطوطة : الرحلة ، ص ١٤٩.

(٣) انظر ما سبق ، ص ٢٥٧.

٢٨٠