كتاب المزار

السيد مهدي القزويني

كتاب المزار

المؤلف:

السيد مهدي القزويني


المحقق: الدكتور جودت القزويني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٢

(١٨) محمد ابن نما

الشيخ محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما الحلّي المتوفى سنة ٦٤٥ ه‍ / ١٢٤٧ م. زعيم الشيعة في زمانه ، وهو من مشايخ المحقّق الحلّي ، ومن مشايخ سديد الدين (والد العلّامة) ، والسيد أحمد بن طاووس ، وأخيه رضيّ الدين.

إبتدأ نفوذ أسرة آل نما الديني بالنجف والحلّة منذ عهد أبيهم الشيخ نما بن علي الربعي الذي كان من أعمدة فقهاء النجف في عصر أبي علي الشيخ حسن بن شيخ الطائفة الطوسي.

وهذه الأسرة هي ، وأسر علمية أخرى تعتبر الحلقة المفقودة بين مدرسة النجف ، ومدرسة الحلّة في القرنين الخامس والسادس الهجريين.

ومن علمائهم الشيخ الرئيس ، أبو البقاء هبة الله بن نما (كان حيّا سنة ٥٧٣ ه‍ / ١١٧٧ م).

يقع مرقده بمحلّة الجبّاويين ، وهو من المراقد المعروفة الشاخصة. وكنّا نتردد على المقام ، كلّما زرنا الحلّة الفيحاء ، لننعم برؤية العالم الديني الشيخ محمد آل حيدر ، والعالم الشاعر السيد عبد الرحيم العميدي.

كان هذا المرقد من المراقد المهجورة بالبلدة ، لم يعتن به أحد ، وعندما حلّ الشيخ محمد آل حيدر سنة ١٣٨٩ ه‍ / ١٩٦٩ م عالما موجّها ، ممثّلا من قبل الامام المرجع السيد محسن الحكيم تحوّل هذا المقام إلى منتدى ثقافي

٢٢١

أدبي إجتماعي قلّ نظيره بين المنتديات. فقد جمع نخبة من أدباء الحلّة المغمورين الذين لم يدرك ثقافتهم وآفاقهم حتى من عاش معهم من المقرّبين.

إلّا أنّ الظروف السياسية التي عصفت بالعراق في هذه المرحلة تحت سلطة القتلة الحاكمين حدّت من الفاعلية الثقافية حتى بدأت تضمر وتنحسر بعد الاعتقالات والقتل الذي طال بعض مثقفي الحلّة ، ممن كانوا يترددون على مقام ابن نما.

ومن نوادر مجمع مقام ابن نما (ندوة القلم الاسلامي) التي أسّسها العلّامة الشيخ محمد حيدر ، وقد جمعت الطرائف التي سطّرها شعراء الندوة في مجموع أودعته في الجزء الأول من «الروض الخميل» ، فليطلب هناك.

٢٢٢

(١٩) جعفر ابن نما

الشيخ جعفر بن محمد بن جعفر بن هبة الله بن نما المتوفى سنة ٦٨٠ ه‍ / ١٢٨١ م من مشايخ العلّامة الحلّي. لقّب بنجم الملّة والدين. وقد ذكره العلماء في مصنّفاتهم ، وأثنوا عليه. له مؤلفات عديدة نسب منها إليه : مثير الأحزان (قصة مقتل الحسين) ، وأخذ الثار في أحوال المختار ، طبع سنة ١٤١٦ ه‍ / ١٩٩٦ م ، بتحقيق الشيخ فارس الحسّون بعنوان «ذوب النضار في شرح الثار».

يقع مرقد الشيخ جعفر ابن نما بمحلّة المهدية على مسافة قريبة من مرقد والده الشيخ محمد. وعليه بناء وقبّة.

وقد تعرّضت بعض مراقد علماء الحلّة إلى التهديم من قبل الدولة العراقيّة ، بحجّة توسعة المدينة ، وتنظيمها ، ولم يجدوا طريقا لهندسة المكان إلا بالقضاء على هذه الآثار التي لا يمكن أن تعوّض بشيء.

٢٢٣

(٢٠) أحمد بن فهد الحلّي

الشيخ أحمد بن فهد الأسدي الحلّي (٧٥٧ ـ ٨٤١ ه‍ / ١٣٥٦ ـ ١٤٣٧ م). إنتهت إليه زعامة الشيعة بالحلّة في النصف الأول من القرن التاسع الهجري. ويربط عصره بين مدرستين تاريخيتين من مدارس الفقه الشيعي هما : مدرسة العلّامة الحلّي ، ومدرسة المحقّق الكركي.

تتلمذ على يد تلامذة فخر المحقّقين بن العلّامة الحلّي ، وتصدّى للزعامة في جميع العصور السياسية المتقلّبة. ومن تلامذته المجتهد السيد محمد بن فلاح ، مؤسس الدولة المشعشعيّة بالأهواز.

كان الشيخ ابن فهد له نفوذ في الدولة البارانية ، كما أنّ له يدا في إرساء قواعد دولة المشعشعين بزعامة صهره على بنته السيد محمد بن فلاح الموسوي.

تعيين مرقد إبن فهد

أختلف في مكان تعيين قبر ابن فهد الحلّي بين مدينتي الحلّة وكربلاء ، والسبب في ذلك وجود مرقدين في كلا المدينتين لابني فهدين متعاصرين ، هما : إبن فهد الحلّي ، وإبن فهد الاحسائي ، وهو الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد المقرىء الاحسائي.

يذهب السيد مهدي القزويني ، خلافا لما هو عليه التسالم اليوم ، إلى أنّ

٢٢٤

قبر إبن فهد الحلّي بمدينة الحلّة ، في حين أنّ من رأيه أنّ قبر ابن فهد الاحسائي بكربلاء.

ذكر الشيخ الطهراني في «نقباء البشر» بترجمة السيد حسين بن السيد مهدي القزويني المتوفى سنة ١٣٢٥ ه‍ / ١٩٠٧ م هذا النصّ : يقول الطهراني : «كتب لي الشيخ أغا رضا الأصفهاني أنّه كان من رأي السيد حسين القزويني أنّ المقبرة المعروفة في كربلاء بمقبرة ابن فهد الحلّي هي مقبرة إبن فهد الاحسائي. أمّا الحلّي فهو مدفون بالحلّة ، لعلّه سمع ذلك من أبيه».

قال الشيخ محمد حرز الدين : قيل إنّ مرقد ابن فهد الأسدي في الحلّة ، ومرقد شهاب الدين الأحسائي في كربلاء ، وذلك خلاف التحقيق ، وما عليه سيرة علمائنا الأقدمين والمتأخرين ، المعتضدة بالشهرة والتلقي أنّ مرقد إبن فهد الأسدي الحلّي بكربلاء المقدّسة. والظاهر أنّ الاشتباه نشأ من معاصرة كل منهما للآخر. إلّا أنّ الاحسائي بقي حيّا مدّة بعد وفاة الأسدي الحلّي (١).

وقبر ابن فهد الشاخص اليوم بكربلاء يقع في شارع القبلة. وكان قبل ذلك بستانا فخما يطلق عليه إسم (بستان ابن فهد) ، وهو مزار معروف ، وعليه قبّة عالية. وقد أتخذ في عصرنا مقرّا لجمعية سمّيت (جمعيّة النهضة) موالية لسلطة الدولة السياسية ، برئاسة أحد الشرطة ممن يرتدي الزي الديني ، العمامة البيضاء ، والصاية الرمادية ، التي يتغير لونها تبعا للفصول الأربعة.

وقبر ابن فهد بكربلاء مشيّد ، وعليه شباك حديدي تعلوه أربع ثريّات ، وتحيط به المصابيح الكهربائية. وفوق قبره غطاء أخضر تدلّى على أطراف القبر العليا ، هكذا رأيته في منتصف التسعينات الهجرية ، وقد وضعت لوحة زيارة تحية للمرقد ، أثبتها على ما فيها ، وهي :

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٨٠.

٢٢٥

زيارة الشيخ أحمد بن فهد الحلي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على الأنبياء والمرسلين ، السلام على عباد الله الصالحين ، السلام على العلماء العاملين ، السلام على حفظة شريعة سيد المرسلين ، السلام عليك أيّها الشيخ الخاشع ، السلام عليك أيّها الولي الخاضع ، السلام عليك أيّها العالم العامل ، السلام عليك أيّها الفاضل الكامل ، السلام عليك يا أعظم الآيات ، السلام عليك يا مظهر الكرامات ، السلام عليك يا مروّج الشرع والايمان ، السلام عليك يا شبه النبي موسى بن عمران ، السلام عليك يا من بذل عصاءه بالثعبان ، السلام عليك يا جامع الفروع والأصول ، السلام عليك يا من جاور في حياته ومماته ريحانة الرسول (١) ، السلام عليك يا من أدرك صحبة صاحب الزمان عجل الله فرجه ، السلام عليك يا من شهد له الامام المنتظر صلوات الله عليه بالفقه والايمان ، السلام عليك يا شيخ أحمد بن الشيخ فهد الحلي ، جمعنا الله وإياك في مستقر رحمتك ، وحشرك وإيانا في زمرة الأئمة الطاهرين ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات وتابع بيننا وبينهم بالخيرات ، إنك مجيب الدعوات ، إنّك على كلّ شيء قدير. (انتهت الزيارة).

أمّا مرقد ابن فهد بمدينة الحلة ، فهو يقع بمحلّة الطاق من الشارع المسمّى بشارع الكواوزة (الكوّازين) ، وهو الشارع الذي كان يسكنه الشاعران حمّادي الكوّاز ، وأخوه الشيخ صالح الكوّاز ، ولآلهما فيه دورهم ومساكنهم. رحم الله الماضين ، وحفظ الباقين.

__________________

(١) لم يجاور ابن فهد الحلّي السكنى بمدينة كربلاء ، بل كانت إقامته بالحلّة ، مما يدلّ على أنّ القبر هو لمعاصره الاحسائي.

٢٢٦

(٢١) ابن حمّاد

أبو الحسن كمال الدين علي بن شرف الدين الحسين بن حمّاد الليثي الواسطي ، من أعلام الأدب بالحلّة الفيحاء في القرن التاسع الهجري. يقع قبره بمحلّة «الجامعين» بالقرب من قبر الشاعر الخليعي.

كانت ذكرى ابن حمّاد تتردد في الحلّة أواخر القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي ، وتتلى قصائده في النوادي والمحافل خصوصا قصائده في أهل البيت (ع) ، وكأنّ مدينة الحلّة لا تودّ إلّا أن تجمع أبناءها أينما كانت عصورهم ، في عصر واحد لا يغادرونه ، بل يمضي مع عمر البلدة ، وهي تمخر عباب الزمن لتوصل محبيها إلى شاطىء الشعر والأدب والتاريخ.

قال الشيخ محمد حرز الدين عن ابن حمّاد : «هو المشهور بالعلم والتقى ، ومن مشايخ الاجازة والرواة ، كما اشتهر كذلك في الحلّة المزيدية في الأيام التي كانت الحلّة مزدهرة بالسادة الأماثل حلفاء المجد والسؤدد ، أنجال السيد مهدي القزويني الحلّي النجفي ، ويومئذ كانت المجالس العلمية والأدبية لها سوق عامر بروادها وهواتها ، فيأتي ذكره العاطر في طي رجال العلم والأدب السابقين في الحلّة (١).

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٥٥.

٢٢٧

(٢٢) جمال الدين الخليعي

الخليعي ، جمال الدين أبو الحسن علي بن عبد العزيز الخليعي. من شعراء الحلّة في القرن التاسع الهجري. نقل أنّ أسرته كانت بالأصل من مدينة الموصل ، على المذهب السني ، وقد تشيّع جمال الدين لرؤية رآها ، ونظم شعرا في أهل البيت (ع) مدحا ورثاءا. ربّما سمّي بالخليعي نسبة لهذا الانتقال. ومن شعره المتداول على الألسنة هذان البيتان ، اللذان يقول فيهما :

إذا شئت النجاة فزر حسينا

لكي تلقى الاله قرير عين

فإنّ النار ليس تمسّ جسما

عليه غبار زوّار (الحسين)

توفي الشيخ الخليعي حدود سنة ٨٥٠ ه‍ / ١٤٤٦ م ، ودفن في إحدى بساتين محلّة «الجامعين» بين مقام الامام الصادق (ع) ، (الواقع على ضفة فرات الحلّة الغربية جنوبي البلد) ، وبين قبر رضيّ الدين إبن طاووس ، على مقربة من باب النجف ، الذي يسميه الحلّيون باب «المشهد» ، وبالقرب منه قبر الشاعر ابن حمّاد. وذكر ذلك المؤرخ الشيخ اليعقوبي في (البابليات).

وزار مرقده الشيخ حرز الدين أوائل القرن العشرين الميلادي ، ووصفه بهذا الوصف : مرقده بالحلة في بستان جانب البلد ، وكان قبره عتيقا جدّا ، عليه قبّة صغيرة ، وبالقرب منه على مسافة ، مرقد ابن حمّاد الليثي الواسطي الذي يقع في بستان قليلة النخيل (١).

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٢٨٣.

٢٢٨

(٢٣) علي الشافيني

الشافيني : هو الشيخ علي بن الحسين المعروف بالشفهيني المتوفى في الربع الأول من القرن الثامن الهجري (كما ضبطه المؤرّخ الشيخ اليعقوبي).

يقع مرقده في محلّة (المهدية) ، وعليه بناء وقبّة. وقد اشتهر الشافيني (أو الشفهيني) بالشعر البليغ الذي خلّده في مدح أهل البيت (ع). وقد تأثّر في شعره كبار معاصريه ، أمثال الشهيد الأول الشيخ محمد بن مكي الجزّيني العاملي الذي شرح إحدى قصائده في مدح الامام علي بن أبي طالب (ع) ، المتداولة يومذاك.

مطلعها :

يا روح أنس من الله البدىء بدا

وروح قدس على العرش العليّ بدا

يقول اليعقوبي : شرح الشهيد هذه القصيدة شرحا اشتمل على فوائد كثيرة. ولما اطّلع الشفهيني على الشرح مدح الشهيد بقطعة شعرية.

وسميّت هذه القصيدة «المجنّسة» لما ورد فيها من الجناس اللفظي في كلّ مزدوج من أبياتها.

وذكر اليعقوبي أيضا هذا النصّ فيما ورد من الاختلاف باسم هذا الشاعر قائلا : في كتاب المزار من «فلك النجاة» للعلّامة الشهير السيد مهدي القزويني الحلّي في بيان قبور علماء الحلّة كالمحقّق ، والشيخ ورّام ، وآل نما ، وآل

٢٢٩

طاووس ، وعدّ منها قبر الشافيني (من غير هاء). ومن هنا يغلب على ظني ، بل يترجّح لديّ أنّه منسوب إلى (شيفيا أو شافيا) ، وهي قرية على بعد سبعة فراسخ من واسط ، ذكرها ياقوت في معجمه ، وذكر أسماء جملة من أهلها ، والنسبة إليها الشيفياني أو الشافياني ، وإنّما حرّفت من الرواة والنسّاخ إلى شافيني وشفهيني (١).

__________________

(١) البابليات ، ج ١ ، ص ٩٥.

٢٣٠

(٢٤) ابن العرندس الحلّي

الشيخ صالح بن عبد الوهاب بن العرندس الحلّي. والعرندس في اللغة من أسماء الأسد.

كان الشيخ صالح من أعلام الأدب والفقه في عصره ، اشتهر بنظمه الرائق الجذّاب. وقد ذكر المؤرخ الشيخ اليعقوبي أنّ وفاته كانت حدود عام ٩٠٠ ه‍ / ١٤٩٥ م ، وقبره بالحلّة مشيّد ، عليه قبّة بيضاء في محلّة جبران ، شارع المفتي (١).

وعلى قبره هذه الكتابة : «هذا قبر الشيخ صالح بن عبد الوهاب المعروف بابن العرندس ، من بكر بن كلاب. كان عالما متطلّعا في علمي الفقه والأصول. ولد نهاية القرن الثامن ، وتوفي منتصف القرن التاسع سنة ٨٤٠ ه‍» (٢).

(٢٥) محمد بن مكي

لم أهتد إلى محمد بن مكي هذا. ربّما يكون من أساتذة الشهيد الثاني المتوفى سنة ٩٦٥ ه‍ / ١٥٥٨ م. قيل إنّ الشهيد قرأ عليه من كتب الطب ؛ شرح الموجز النفيسي وغاية القصد في معرفة الفصد من تصنيفه. توفي سنة ٩٣٨ ه‍ / ١٥٣٢ م. وقيل إنّه عاملي شامي.

__________________

(١) البابليات ، ج ١ ، ص ١٤٨.

(٢) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٧٤.

٢٣١

إلّا أنّ الشيخ الطهراني عثر على نسخة من كتابه (غاية القصد) ليس فيها هذه النسبة. يقول الطهراني : ليس فيه انّه عاملي شامي ، ولعلّ ما في «أمل الآمل» له مأخذ آخر (١).

ومن علماء الامامية المعروفين بهذا الاسلام ، هو شمس الدين الشيخ محمد بن مكي الجزّيني العاملي المعروف بالشهيد الأول المقتول سنة ٧٨٦ ه‍ / ١٣٨٤ م ، وسيأتي تعيين مرقده بالمتن.

(٢٦) العلّامة الحلّي

العلّامة الحلّي ، يوسف بن المطهّر : من أعاظم علماء الشيعة ، وقادتهم التاريخيين. ولد بمدينة الحلّة سنة ٦٤٨ ه‍ / ١٢٥٠ م ، وتوفي فيها سنة ٧٢٦ ه‍ / ١٣٢٦ م. لعب دورا مهما في توجيه الدولة المغولية الايلخانية ، وترشيدها. وقد تولّى السلطة إثنان من تلاميذه ، هما : غازان خان ، وألجايتو خان الشهير بخدا بندة. كان عصره عصر انفتاح ثقافي امتدّت به الامبراطورية الايلخانية إمتدادا واسعا.

درس وتعلّم على يد خاله المحقّق الحلّي ، ووالده الشيخ سديد الدين ، ولازم الفيلسوف المتألّه الخواجه نصير الدين الطوسي بمدينة مراغة عشر سنوات متواصلة ، ودرس على يديه ، ويد أساتذة آخرين العلوم الدينيّة في الجامعة الكبرى التي أسّسها الطوسي فيها.

__________________

(١) إحياء الداثر من القرن العاشر ، ص ٢٣٤.

٢٣٢

(٢٧) علي بن حمزة الطوسي

يعرف لدى العامة باسم ابن الحمزة. من علماء الإمامية في القرن الخامس الهجري / الحادي عشر الميلادي. قيل عنه إنّه محمد بن علي بن حمزة الطوسي (من تلامذة شيخ الطائفة المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍).

وقيل إنّه علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (ع) وهو القول الذي ذهب إليه المؤرّخ محمد حرز الدين (١).

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٥٦.

٢٣٣

وعليّ هذا كما قيل ، هو جدّ الحمزة أبي يعلى المعروف بالحمزة الغربي. (الذي يقع مرقده بمنطقة الهاشمية ، قرب الحلّة) ، يقع مرقده بين البساتين على جانب الطريق المؤدية إلى مدينة طويريج (الهندية).

زاره حرز الدين سنة ١٣٣٠ ه‍ / ١٩١٢ م ، وكان عامرا مشيدا ، عليه قبّة صغيرة ، وله حرم حوله صحن دار واسعة تابع لمرقده. كما زاره حفيده محمد حسين حرز الدين سنة ١٣٨٦ ه‍ / ١٩٦٧ م ، ووصف قبره. قال : يقع اليوم في محلّة العباسيّة الشرقية من مدينة كربلاء (باب طويريج). والقيّم على قبره هو حنظل آل مسعود من قبيلة شمّر (١)

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٥٨.

٢٣٤

(٢٨) نصير الدين الطوسي

الخواجة نصير الدين الطوسي (٥٩٧ ـ ٦٧٢ ه‍ / ١٢٠١ ـ ١٢٧٤ م) مؤسس المناهج العقلية في الاسلام. له مؤلفات في الفلسفة ، والرياضيات ، والعقائد ، والعلوم الطبيعيّة نافت على الخمسين مؤلّفا.

كان الطوسي واحدا ممن تولّى الاشرف على المنظومة الدينيّة الثقافية للدولة المغولية الايلخانية ، حيث أسس جامعة كبرى. بمدينة «مراغة» ، كما أنشأ مكتبة نفيسة بأمّهات الكتب ، وألحق مشاريعه بتأسيس مرصد فلكي بمراغة ، يعدّ أكبر مرصد أنشأ بالشرق.

ومن أظهر تلامذته العلّامة الحلّي.

وقد ألصقت به التهم ، وحاولت بعض الأقلام النيل من شخصيته ، وتشويه دوره التاريخي في الثقافة الاسلامية ، فنسبت تعاونه مع هولاكو ، ومساهمته في سقوط الخلافة العباسية ، كما نسبت إليه تهم أخرى بسطنا الكلام فيها بكتاب «المؤسسة الدينية الشيعيّة».

وقبر نصير الدين في مشهد الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) ، وهو معروف اليوم في رواق الحضرة الكاظميّة المطهّرة.

٢٣٥

(٢٩) الشهيد الأول

الشهيد الأول هو الشيخ محمد بن مكي الجزّيني العاملي المقتول سنة ٧٨٦ ه‍ / ١٣٨٤ م على يد المماليك الشراكسة في معركة الشهداء قرب النبطية الفوقا. وكانت هذه المعركة قد حدثت بعد سقوط المماليك الأتراك سنة ٧٨٤ ه‍ / ١٣٨٢ م من قبل المماليك الشراكسة ، والمقاومة التي أبداها الشهيد وأتباعه في جزّين وما جاورها من دعم القوات المملوكية التركية ، خلافا لما شاع من أنّ أمر مقتله كان بسبب الطائفية ، والاختلاف العقائدي بين الشيعة والسنّة ، مما يسقط التفسير الطائفي للتاريخ سقوطا كاملا.

وقد أبتدعت قصة صلب الشهيد بقلعة دمشق ، ثم إحراقه من قبل السنة ، وهو أمر متأخّر منقول في روايات ملفّقة على صفحات الكتب المنسوبة للمؤرخين.

ويلاحظ أنّ للشهيد قبرا في بلاد الشام أشار إليه المؤلف الامام القزويني ، حيث كان معروفا لدى الشيعة في القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي.

ولدى التحقيق ظهر لنا أنّ الشهيد دفن في مسجده بجزّين ، وكان قبره معروفا.

ورد في بعض مجاميع العلّامة السيد محمد صادق بحر العلوم ما يليّ : «تقع جزّين في الجنوب من جبل لبنان ، وإليها ينسب جملة من الاعلام

٢٣٦

العامليين. وفيها دار الشهيد الأول ، ومقامه. وقد امتدّ التعمير الجديد فالتهم دار الشهيد ومقامه ، ولم تبق إلّا صخرة تشير إلى رفات العلّامة الشهيد».

أقول : أمّا بعد الحرب الأهلية بلبنان التي استمرت قرابة عشرين عاما ، فقد اختفت جميع المعالم الدالة على وجود أثر اسلامي شيعي فيها. أمّا مسجده فقد تحوّل إلى كنيسة ، وكان له قبر بها. كما أصبحت داره أو مدرسته جزءا من طريق عام ، يعرف اليوم بمنطقة الساحة.

٢٣٧

(٣٠) الشهيد الثاني

الشهيد الثاني هو زين الدين بن أحمد الجبعي العاملي ، ولد سنة ٩١١ ه‍ / ١٥٠٥ م ، واختفى سنة ٩٦٥ ه‍ / ١٥٥٨ م.

وأسرة آل زين الدين من الأسر الشيعيّة التي ما زال أفرادها يتوارثون العلم منذ عهد العلّامة الحلّي حتى الآن ، وقد سميّت سلسلتهم بالسلسلة الذهبيّة.

درس الشهيد الثاني في بلاده ، وهاجر إلى مصر والحجاز وبيت المقدس والعراق. كما قام برحلة أواخر سنة ٩٥١ ه‍ / ١٥٤٤ م إلى (القسطنطينية) ، عاصمة الخلافة العثمانية.

إكتنف الغموض أخبار الشهيد الثاني ، وسيرته بشكل عام. أمّا قصة مقتله فقد نقلت فيها روايتان :

الأولى : إنّه قتل في طريقه إلى القسطنطينية (إسلامبول) ، وهي الرواية التي أعتمد عليها في المتن.

أمّا الرواية الثانية فقد قيل إنّه قتل بأمر الوزير الأعظم رستم باشا (٩٦٢ ـ ٩٦٨ ه‍ / ١٥٥٥ ـ ١٥٦١ م) في عاصمة الخلافة نفسها. وللمقام حديث لا تسعه هذه التعليقة.

أمّا قصّة مقتله التي تبنّاها الامام القزويني ، وغيره من الأعلام فهي رواية لا يمكن أن يستدل على وثاقتها ، بالرغم أنّ لغز مقتل الشهيد الثاني بقي سرّا لدى قاتليه. وكلّ ما يمكن أن يشار إليه هو إختفاؤه فقط ، دون أن تعرف

٢٣٨

الجهة التي وراءه ، والتي أشارت المنقولات إلى أنّها لا تخرج عن نطاق العثمانيين.

نقل عن خط الشيخ البهائي أنّه قبض على الشهيد الثاني بمكة المشرفة بأمر السلطان سليم ، ملك الروم ، في خامس شهر ربيع الأول سنة ٩٦٥ ه‍ ، وكان القبض عليه بالمسجد الحرام بعد فراغه من صلاة العصر ، وأخرجوه إلى بعض دور مكة ، وبقي محبوسا هناك شهرا وعشرة أيام ، ثم ساروا به على طريق البحر إلى قسطنطينة ، وقتلوه بها في تلك السنة ، وبقي مطروحا ثلاثة أيام ، ثم ألقوا جسده الشريف في البحر قدّس الله روحه ، كما شرّف خاتمته.

وقد ألّف تلميذه الشيخ محمد بن علي بن الحسن العودي العاملي كتابا في حياته سمّاه «بغية المريد في الكشف عن أحوال الشيخ زين الدين الشهيد» فقدت بعض فصوله ، ولم يبق إلّا القليل من أجزائه. وقد ظفر بها الشيخ علي حفيد الشهيد المذكور ، وأدرجها في الجزء الثاني من كتابه «الدر المنثور». ثم ذيّله بترجمة جدّه الشيخ حسن صاحب (المعالم) ، وتراجم جمع من العلماء من ذريته (١).

__________________

(١) ذكر ذلك الشيخ أغا بزرك الطهراني في الذريعة ج ٣ ، ص ١٣٦ ، والحجة السيد حسن الصدر في تكملة أمل الآمل ، والعلّامة السيد محمد صادق بحر العلوم في هامش لؤلؤة البحرين للمحدّث البحراني. وقد طبع كتاب «الدر المنثور» مؤخرا سنة ١٣٩٨ ه‍ / ١٩٧٨ م بمدينة قم.

٢٣٩

(٣١) أحمد الأردبيلي

الشيخ أحمد الأردبيلي المعروف بالمقدّس الأردبيلي المتوفى سنة ٩٩٣ ه‍ / ١٥٨٥ م ، من فقهاء النجف ، ومراجع الدين. إهتمّ بالدراسة والتدريس ، وتخريج الفقهاء. وقد ازدهرت النجف في عصره إزدهارا رائقا. وأهم تلامذته السيد محمد العاملي صاحب المدارك ، والشيخ حسن بن الشهيد الثاني ، صاحب المعالم.

ومن أهم مؤلفاته كتابه «مجمع الفائدة والبرهان في إرشاد الأذهان» ، المطبوع بقم سنة ١٤٠٣ ه‍ / ١٩٨٢ م. وهو شرح لكتاب «إرشاد الأذهان إلى أحكام الايمان» الذي ألّفه العلّامة الحلّي ، وهو متن فقهي خال من الاستدلال. وكانت مجموعة عالية من فقهاء الشيعة قد وضعت شروحا على هذا الكتاب قبل المقدّس الأردبيلي ، وبعده أيضا ، أمثال : فخر المحققين الحلّي ، والشهيد الأول ، والشهيد الثاني ، ومحمد باقر السبزواري ، والشيخ مرتضى الأنصاري ، والشيخ محمد حسن كبّة.

(٣٢) صدر الدين الكاظمي

صدر الدين الكاظمي (١١٩٣ ـ ١٢٦٤ ه‍ / ١٧٧٩ ـ ١٨٤٨ م) جدّ أسرة آل الصدر العلمية ، ومنه أخذت الأسرة لقبها.

السيد صدر الدين محمد بن السيد صالح بن السيد محمد بن إبراهيم بن زين العابدين بن السيد نور الدين الموسوي العاملي الكاظمي. ولد بقرية (معركة) من قرى جبل عامل ، وفي سنة ١١٩٧ ه‍ / ١٧٨٣ م هاجر إلى النجف فدرس بها ، ثم استقرّ بمدينة الكاظميّة ، ثم سافر إلى أصفهان ، وعاد إلى النجف مرّة أخرى. لذلك لحقته جميع أسماء هذه البقاع. بولغ بعلم السيد

٢٤٠