كتاب المزار

السيد مهدي القزويني

كتاب المزار

المؤلف:

السيد مهدي القزويني


المحقق: الدكتور جودت القزويني
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الرافدين للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٢

(٤) علي بن محمد السمري

علي بن محمد السمري (السفير الرابع) : تولّى السفارة سنة ٣٢٦ ه‍ / ٩٣٨ م ، وتوفي سنة ٣٢٩ ه‍ / ٩٤١ م.

بقي في منصبه ثلاثة أعوام فقط ، ولم يظهر له نشاط ملحوظ ، كما كان لسلفه ابن روح. وقد إنقطع الامام المهدي (ع) عن الناس بموته. وقبل وفاته أعلن السمري إنتهاء عصر الغيبة الصغرى ، ولم يوص بعده لأحد. وقد أورد الشيخ الطوسي نصّ الكتاب الذي بعثه له الامام المهدي (ع) يخبره فيه بعدم الوصيّة.

ذكر حرز الدين أنّ قبره بجانب الرصافة في سوق الهرج القديم قرب المستنصرية في الضفة اليسرى من نهر دجلة ، ويقع في حجرة بين السوق ، وبين المسجد المعروف بمسجد القبلانية (١).

(٥) علي بن محمد السمري (السامري)

يقع هذا المرقد في قبائل خفاجة المجرية (المكرية) ، شرقي مرقد النبي ذي الكفل بثلاث فراسخ ، في مقاطعة البترة المجاورة لمقاطعة العليّة في الأرض التي يمرّ بها نهر (الشاه) ، من أعمال الحلّة المزيدية (٢).

قال حرز الدين : صاحب هذا القبر مجهول لدينا. وقد احتمل فيه أنّه قبر أحد علماء بلاد واسط المنسوبين إلى قرية (سمّر).

كما نقل أنّ بعضهم اعتقد أنّه السامري الذي كان مع النبيّ موسى ، أو هو السامري. الذي أضلّ قوم موسى. وهي محكيّات لا صلة لها بالموضوع.

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٣٧٦.

(٢) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٣٣٧.

٢٠١

(٦) الشيخ الكليني

محمد بن يعقوب الكليني الرازي الملقّب بثقة الاسلام ، ومن المجدّدين على رأس القرن الثالث الهجري. من فقهاء الشيعة ومحدّثيهم. كتب كتاب (الكافي) في علوم الدين الذي يعدّ من الموسوعات الحديثيّة الأولى في تاريخ الاسلام ، ورتّبه على أصول ، وفروع ، وروضة. وهو مطبوع مشهور متداول في ثمانية أجزاء ، وهو واحد من أربعة كتب في علم الحديث عند الشيعة ، ألّفها إثنان آخران من الفقهاء المحدّثين هما : الشيخ الصدوق ، وشيخ الطائفة الطوسي.

استغرق الكليني عشرين عاما في جمع مادة كتابه ، وتصنيفه ، وقد نال احترام جميع طبقات العلماء منذ عهد تأليفه.

وصفه الشيخ علي بن عبد العالي الشهير بالمحقّق الكركي المتوفى سنة ٩٤٠ ه‍ / ١٥٣٤ م بقوله : «الكتاب الكبير في الحديث الذي لم يعلم مثله».

ويلاحظ أنّ كتاب الكافي ، وغيره من كتب الحديث الشيعيّة والسنيّة على السواء تضمّنت الكثير من الأحاديث غير الموثّقة ، الضعيفة والمدسوسة ، المصمّمة للإساءة إلى الأئمة وأصحابهم بما هو بعيد عن واقع حالهم.

قال العلّامة السيد محمد مهدي بحر العلوم : كتاب الكافي الذي صنّفه هذا الامام (طاب ثراه) ، كتاب جليل عظيم النفع ، عديم النظير ، فائق على جميع كتب الحديث بحسن الترتيب ، وزيادة الضبط والتهذيب ، وجمعه للأصول

٢٠٢

والفروع ، واشتماله على أكثر الأخبار الواردة عن الأئمة الأطهار (ع) (١).

أقول : توفي الكليني ببغداد سنة ٣٢٩ ه‍ / ٩٤١ م ، ودفن بمرقده المعروف الآن سنة ١٣٩٤ ه‍ / ١٩٧٤ م في جامع الصفوية في الجانب الشرقي (الرصافة) بباب الجسر العتيق ، المسمى في الوقت الحاضر بجسر الشهداء.

قال أبو علي الحائري في «منتهى المقال في الرجال» : وقبره (قدس‌سره) معروف في بغداد الشرقية مشهور ، تزوره الخاصة والعامة في تكية (المولوية) ، وعليه شباك من الخارج إلى يسار العابر من الجسر.

وذكر حرز الدين أنّ مرقده ببغداد جهة باب الكوفة (الرصافة) ، في جامع الصفوية الذي اشتهر فيما بعد بجامع الآصفية ، تحريفا مقصودا من جهة معينة في العهد العثماني بالعراق ، ثم عرف أيضا بتكية المولوية. ومرقده مطلّ على دجلة عامر مشيّد جنب مدرسة المستنصرية (٢).

وقد اتفق المؤرخون جميعا على أنّ هذا القبر هو قبر الكليني ، وقد زاره الولاة والأعيان من المسلمين في جميع الأزمان الماضية.

يقول جودت القزويني : كنت أتردد على زيارة قبره دائما ، ولم يكن ما يدلّ عليه سوى فتحة شباك صغيرة تطلّ على الشارع الفرعي الذي يمرّ إلى الشارع المسمّى بشارع النهر ، وكان الناس يوقدون الشموع ، ويضعونها على دكّة الشباك لينوّروا قبره بهذه الصلة.

إلّا أنّ هذا المكان أزيل بالكامل ضمن التعديلات التي أجريت على المنطقة ، وانمحى أثره بداية القرن الخامس عشر الهجري ، أوائل الثمانينات الميلادية.

__________________

(١) الفوائد الرجالية ج ٣ ، ص ٣٣٠.

(٢) مراقد المعارف ، ج ٢ ، ص ٢١٤.

٢٠٣

(٧) أبو الفتح الكراجكي

الكراجكي (نسبة إلى كراجك قرية على باب واسط) : هو القاضي أبو الفتح الشيخ محمد بن علي بن عثمان الواسطي ، عالم محدّث وفقيه متكلّم ، من تلامذة الشيخ المفيد ، والسيد المرتضى ، وابن شاذان ، وغيرهم. أسند إليه أرباب الاجازات من علماء الامامية ، واشتهر بكتابه «كنز الفوائد». توفي سنة ٤٤٩ ه‍ / ١٠٥٧ م). ودفن قريبا من الشيخ الكليني.

قال حرز الدين : مرقده ببغداد في الجهة المؤدّية لباب الكوفة ، جانب الرصافة الشرقية لنهر دجلة ، رأس الجسر القديم في جامع الصفوية المعروف بجامع الآصفية تحريفا ، ثم بتكية المولوية.

كان رسم قبره دكّة عالية بارتفاع ثلثي قامة إنسان ، خلف دكّة قبر الشيخ الكليني (قدس‌سره). ولم نشاهد على الدكّة الصخرة القديمة ، ورأينا رسم موضعها بعد قلعها. وكان إلى جنب هذه الدكة رسم قبرين مردومين يظهر ذلك من الحجارة والأنقاض الباقية كالأكمتين.

يقول حرز الدين : المشهور أنّ بهذه الجهة الشرقية من الرصافة دور سكن متقاربة لوجوه علماء الشيعة ، ومنها : دار ثقة الاسلام الشيخ الكليني التي صارت مسجدا ومقبرة له ، ولبعض وجوه العلماء.

ففي صدر هذا السوق المستطيل مع مجرى نهر دجلة ، (المعروف بسوق

٢٠٤

الهرج تارة ، وسوق السرّاجين أخرى ، وسوق السراي في زماننا المتأخر) ـ مرقد الشيخ عثمان بن سعيد العمري ، وفي وسطه عند رأس الجسر العتيق مرقد الشيخ الكليني ، والشيخ الكراجكي ، وأسفل منهما بيسير عند انحدار دجلة مرقد الشيخ علي بن محمد السمري في مسجد القبلانية (١).

(٨) قطب الدين الكيدري

قطب الدين الكيدري من المحتمل أن يكون هذا المرقد للشيخ قطب الدين أبو الحسن محمد بن الحسين بن الحسن البيهقي الشهير بقطب الدين الكيدري شارح نهج البلاغة سنة ٥٧٦ ه‍ / ١١٨٠ م. ذكر له الطهراني في الذريعة بعض المؤلفات. كما كتب عنه في «الثقات العيون في سادس القرون» ، وهو الجزء الثاني من موسوعته طبقات أعلام الشيعة (٢).

(٩) إبن قولويه

الشيخ جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه ، من ثقات أهل الرواية والحديث. ذكرت له عدّة مؤلفات ، وطبع له كتاب «كامل الزيارات» سنة ١٣٥٦ ه‍ / ١٩٣٧ م. ويروي عنه التلعكبري ، والشيخ المفيد ، والحسين بن عبيد الله ، وأحمد بن عبدون ، وغيرهم ، كما أورد ذلك الشيخ الطوسي (٣). توفي سنة ٣٦٨ ه‍ / ٩٧٩ م.

قال الشيخ عباس القمي «الفوائد الرضوية» : دفن عند رجلي الامام الكاظم (ع).

أمّا قبره اليوم فهو معروف في الرواق المطهّر مع قبر الشيخ المفيد.

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ٢ ، ص ٢١٢.

(٢) طبقات أعلام الشيعة ، ج ٢ ، ص ٢٥٩.

(٣) الرجال ، ص ٤٥٨ ، رجال النجاشي ، ص ٨٩ ، وفهرست الشيخ الطوسي ، ص ٤٢.

٢٠٥

(١٠) الشيخ المفيد

الشيخ المفيد هو محمد بن محمد بن النعمان المعروف بابن المعلّم. أصله من قرية سويقة من قرى عكبرا العائدة لناحية الدجيل ، التي تبعد عن بغداد قرابة عشرة فراسخ.

عاش الشيخ المفيد في فترة ما بعد عصر الأئمة (ع) ، عصر الغيبة الكبرى ، وقد استطاع أن يسدّ الفراغ في الفكر الشيعي بما ألّف وحرّر في مختلف مجالات الدراسات العقلية.

كان الشيخ المفيد يشرف أيام الحكم البويهي للعراق على المنظومة الثقافية الدينيّة للبلاد. وكانت مدرسته ببغداد قد خرّجت كبار العلماء الذين يعتزّ بهم تاريخ الفكر الانساني ، أمثال : الشريف المرتضى علم الهدى. وشيخ الطائفة الطوسي ، والشيخ النجاشي صاحب كتاب الرجال.

ولد سنة ٣٣٨ ه‍ / ٩٤٩ م ، وتوفي سنة ٤١٣ ه‍ / ١٠٢٢ م ، ودفن بمشهد الامامين الكاظمين (ع) ، وقبره معروف داخل الحرم المطهّر.

قال في وصفه السيد مهدي بحر العلوم في «الفوائد الرجالية» : «شيخ مشائخ الأجلّة ورئيس رؤساء الملّة ، فاتح أبواب التحقيق بنصب الأدلة ، والكاسر بشقاشق بيانه الرشيق حجج الفرق المضلّة اجتمعت فيه خلال الفضل ، وانتهت إليه رئاسة الكلّ ، واتفق الجميع على علمه وفضله وفقهه وعدالته وثقته وجلالته. كثير المحاسن ، جم المناقب ، حاضر الجواب ، واسع الرواية ، خبيرا بالرجال والأخبار والأشعار ، وكان أوثق أهل زمانه في الحديث ، وأعرفهم بالفقه والكلام ، وكلّ من تأخّر عنه إستفاد منه».

٢٠٦

(١١) شيخ الطائفة الطوسي

الشيخ محمد بن الحسن الطوسي الملقّب بشيخ الطائفة (ت : ٤٦٠ ه‍ / ١٠٦٨ م). من زعماء المسلمين الكبار في العصر البويهي. احتلّ مكانته بين علماء عصره ، ومتكلميه. تتلمذ على يد الشيخ المفيد ، والشريف المرتضى ، واستفاد منهما. وبعد وفاة الشريف المرتضى سنة ٤٣٦ ه‍ / ١٠٤٤ م إنتهت الزعامة إليه. وكانت مدرسته ببغداد محطّة للعلم تخرّج منها ما يقرب من ثلاثمائة عالم.

وبعد إتخاذه مدينة النجف مركزا لنشاطه العلمي عام ٤٤٨ ه‍ / ١٠٥٦ م ، وإزدهارها بحلقات التدريس وتخريج الفقهاء بما لم تشهد المدينة نشاطا قبله ، عرف بلقب «مؤسس جامعة النجف الدينية» ، الأمر الذي دعا بعض الكتّاب الاعتقاد بأنّ مركز النجف العلمي كان قد تأسّس على يد الشيخ الطوسي.

والواقع أنّ تأسيسه كان قد تمّ على يد الأئمة من أولاد الامام علي (ع) منذ أن دفن فيه جسد الامام ، عليه‌السلام. وهو ظاهر معروف من ذلك الوقت ، خلافا لما أبتدع من قصة ظهور القبر الشريف زمن الخليفة العباسي هارون الرشيد ، وتشييد بنائه في قصة موهومة مفتعلة.

ومرقد شيخ الطائفة لا يزال في داره التي تحوّلت إلى مسجد ، ويعدّ من معالم النجف الشاخصة. وقد طالت يد العبث بآثار النجف ، فهدّمت القباب والمراقد والبيوت الأثرية في ظلّ ظروف الحرب العراقية الإيرانية (١٤٠٠ ـ ١٤٠٨ ه‍ / ١٩٨٠ ـ ١٩٨٨ م) ، إلّا أنّ مسجد شيخ الطائفة ومرقده سلما من الهدم.

٢٠٧

وبعد وفاة زعيم الشيعة في عصره السيد مهدي بحر العلوم سنة ١٢١٢ ه‍ / ١٧٩٧ م دفن في المسجد نفسه.

وفي عصرنا كان أحد أحفاد العلّامة بحر العلوم ، وهو المجتهد السيد محمد تقي بحر العلوم يقيم صلاة الجماعة في هذا المسجد التاريخي العريق. كما كان العديد من العلماء يعقدون حلقات التدريس فيه ، أمثال الامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر ، المقتول سنة ١٤٠٠ ه‍ / ١٩٨٠ م.

وبعد وفاة السيد محمد تقي خلّفه ولده السيد حسين بحر العلوم في إمامة الصلاة والتدريس. وكلّ هؤلاء الأماثل هم من أعيان العلماء في القرن الأخير.

٢٠٨

(١٢) أحمد إبن طاووس

أبو الفضائل السيد أحمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي عبد الله محمد (الطاووس) بن إسحاق بن الحسن بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن المثنى بن الامام الحسن السبط بن علي بن أبي طالب (ع).

أورد نسبه صاحب عمدة الطالب ، وذكر أنّ لأبيه أربعة بنين ، هم : شرف الدين محمد ، وعزّ الدين الحسن ، وجمال الدين أبو الفضائل أحمد ، ورضي الدين أبو القاسم علي (١). وأمّهم بنت الشيخ ورّام بن أبي فراس المالكي صاحب المجموعة المشهورة ، وأم أبيهم بنت شيخ الطائفة الطوسي المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍ / ١٠٦٨ م.

ذكره تلميذه الحسن بن داود في كتابه (الرجال) بقوله : «فقية أهل البيت ، مصنّف مجتهد ، قرأت عليه ، وأجاز لي جميع مصنفاته ورواياته. وكان شاعرا بليغا مجيدا ، حقّق في الرجال والرواية والتفسير تحقيقا لا مزيد عليه. ولقد ربّاني وعلّمني وأحسن إليّ وأكثر فوائد هذا الكتاب (الرجال) من إشاراته وتحقيقه».

وذكره تلميذه العلّامة الحلي المتوفى سنة ٧٢٧ ه‍ / ١٣٢٧ م ، مع أخيه رضي الدين أبو المكارم فقال في إجازته الكبيرة لبني زهرة : «السيدان الكبيران

__________________

(١) ابن عنبة ، عمدة الطالب ، ص ١٧٨.

٢٠٩

السعيدان رضي الدين علي ، وجمال الدين أحمد إبنا موسى بن جعفر ، وهما زاهدان عابدان ورعان» (١).

وذكره صاحب أمل الآمل بقوله : «كان عالما فاضلا صالحا زاهدا عابدا ورعا فقيها محدّثا ثقة شاعرا جليل القدر عظيم الشأن».

ذكره الشهيد الثاني في إجازته للشيخ حسين بن عبد الصمد (والد الشيخ البهائي) بقوله «السيد الامام العلّامة جمال الدين أبي الفضائل ، كان مجتهدا واسع العلم ، إماما في الفقه والأصول والأدب والرجال ، ومن أورع فضلاء أهل زمانه وأتقنهم وأثبتهم وأجلّهم ، وهو أول من قسّم الأخبار إلى أقسامها الأربعة المشهورة ؛ الصحيح ، الحسن ، الموثّق ، الضعيف. واقتفى أثره العلّامة الحلّي ، وسائر من تأخر عنه من المجتهدين إلى اليوم. وقد زيدت عليها في زمن المجلسيين على ما قيل ، بقية أقسام الحديث المعروفة بالمرسل والمضمر ، والمعضل ، والمسلسل ، والمضطرب ، والمدلّس ، والمقطوع ، والموقوف ، والمقبول ، والشاذ ، والمعلّق».

ترجم له الأمين في أعيان الشيعة (٢) ، والشيخ النوري في المستدرك (٣) ، والخوانساري في روضات الجنات (٤) ، والشيخ يوسف البحراني في اللؤلؤة (٥) ، والقمي في الكنى والألقاب (٦) ، وغيرهم.

كانت له اليد الطولى في إحياء المعارف ، وبثّ العلوم المصنّفات التي خلّفها ، والمؤلفات التي رقمها يراعه. فقد قيل إنّه ترك من بعده (٨٢) كتابا

__________________

(١) البحار ، ج ٢٥ ، ص ٢٢.

(٢) أعيان الشيعة ، ج ١٠ ، ص ٢٧٥.

(٣) خاتمة مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٤٦٦.

(٤) روضات الجنات ، ج ١ ، ص ١٩.

(٥) لؤلؤة البحرين ، ص ١٥٠.

(٦) الكنى والألقاب ، (ابن طاووس).

٢١٠

منها : بشرى المحققين (في الفقه) يقع في ست مجلدات ، حلّ الاشكال في معرفة الرجال ، الأزهار في شرح لامية مهيار (في مجلدين) ، ملاذ علماء الامامية (في الفقه) ـ أربع مجلدات ، عين العبرة في غبن العترة ، وديوان شعره ، وغيرها.

قال الشيخ محمد علي اليعقوبي : توجد في كتابه «عين العبرة» شواهد شعرية لم يصرّح بأسماء ناظميها ، والذي يغلب على الظن أنها من نظمه (١).

ومن شعره ، وقد تأخّر حصول سفينة يتوجه بها إلى مدينة النجف ، مخاطبا الامام عليّا (ع) :

ئن عاقني عن قصد ربعك عائق

فوجدي لأنفاسي إليك طريق

أسير بكفّ الروح يجري بحكمها

وليس سواءا موثق وطليق

توفي بالحلة سنة (٦٧٣ ه‍).

قال حرز الدين ، مرقده بالحلّة ، محلّة أبو الفضائل ، حيث نسبت الحارة التي فيها قبره إليه. ويقع في الشارع الغربي بظاهر مدينة الحلّة ، قرب باب كربلاء (٢).

يقول الشيخ اليعقوبي : المحلّة التي فيها قبره الآن تعرف قبل ثلاثة قرون بمحلّة أبي الفضائل ، كما رأيت ذلك في وثيقة رسمية مؤرّخة سنة ١١٠١ ه‍ (٣).

__________________

(١) البابليات ، ج ١ ، ص ٧٠.

(٢) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ١١٢.

(٣) البابليات ، ج ١ ، ص ٧٠.

٢١١

(١٣) السيد علي بن طاووس

السيد رضي الدين علي بن طاووس ينتهي نسبه إلى الحسن المثنى بن الامام الحسن السبط (ع). وهو أخ السيد أحمد ابن طاووس.

ولد سنة ٥٨٩ ه‍ / ١١٩٣ م ، وتوفي سنة ٦٦٤ ه‍ / ١٢٦٦ م كان من زعماء الدين والدنيا. تولّى نقابة الطالبيين ببغداد في فترة حكم الدولة الايلخانية ، وقد استمر ، كما نقلت الأخبار في منصبه أقلّ من أربع سنوات.

شوّهت المصادر التاريخية دوره الديني والسياسي فقد نقلت عنه أنّه رفض طلب المستنصر بالله الخليفة العباسي لتولّي نقابة الطالبيين أيام فترة حكمه ، إلّا أنّه قبلها عند دخول المغول بغداد. ولم تكن الأحداث على هذه الصورة التي حاولت المنقولات المزيفة أن تظهره فيها.

قيل : إنّه جلس في مرتبة خضراء ، ونقل شعر عنها بالمناسبة.

والواقع أنّ جميع هذه الأخبار لا يمكن إثباتها أو الوثوق بها ، فضلا عن التسليم لها.

وللسيد رضيّ الدين مؤلفات في شتّى العلوم ، إلّا أنّ ما نسب إليه من بعض الكتب المطبوعة يصعب تصديق نسبتها لمؤلفها لما فيها من تهافت لا يمكن صدوره عن زعيم ديني وسياسي مثله.

٢١٢

مرقد ابن طاووس

مرقده بالحلّة الفيحاء ، محلّة الجامعين على الشارع العام ، عليه قبّة جميلة. ويتصل بمرقده فناء واسع ، يتوافد عليه الزائرون ، وفوق قبره لوحة كتب عليها : «هذا قبر رضيّ الدين أبو القاسم علي بن موسى بن طاووس ، مولده يوم الخميس نصف محرم سنة ٥٨٩ ، ووفاته يوم الاثنين ٥ ذي القعدة سنة ٦٦٤ ه‍».

وفي عصرنا أزالت الدولة العراقية أوائل القرن الخامس عشر الهجري المقام جميعه ، وحوّلته إلى ساحة عامة.

وقد أختلف في مكان دفنه ، قيل هو لابنه السيد علي بن طاووس ، وإليه ذهب السيد حسن الصدر ، كما ذكر ذلك في نزهة الحرمين في عمارة المشهدين.

وذكر العالم المعاصر السيد هادي كمال الدين (عند ترجمته للسيد علي إبن طاووس) : أنّ قبره مزار مقدّس بمقربة سجن الحلّة المركزي ، وقريب منه من الجهة الخليفة ، مرقد ابن أخيه غياث الدين عبد الكريم بن طاووس. وفي نهاية بساتين الجامعين قبر ولده رضي الدين علي بن طاووس. وما قيل : إنّ قبره بالكاظمية ، أو النجف ليس بمحل اعتماد ، بل هو مجرد احتمال (١).

يقول المؤرّخ الشيخ محمد حرز الدين : مرقده في الحلّة على الراجح عندنا.

ويقول جودت القزويني : إنّ مرقد رضيّ الدين سواء أكان هنا أو هناك فإنّه أزيل عن مكانه ولم يعد له أثر يدلّ عليه. وإن كان قبره في موضعه هذا هو مكان دفنه ، وإقباره.

__________________

(١) كمال الدين ، فقهاء الفيحاء ، ص ٨٧.

٢١٣

(١٤) المحقق الحلّي

أبو القاسم جعفر بن الحسن بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلّي ، يلقب بنجم الدين ، والمحقّق الحلّي ، والمحقق الأول. واشتهر بلقب المحقّق حتى عرف به دون سواه.

وصفه البحراني بقوله : محقق الفقهاء ، ومدقق العلماء ، وحاله في الفضل والنبالة ، والعلم والفقه والجلالة ، والفصاحة والشعر والأدب والانشاء أشهر من أن يذكر ، وأظهر من أن يسطّر (١).

ذكره السيد حسن الصدر في إجازته الكبيرة للشيخ الطهراني بقوله : هو أول من نبع منه التحقيق في الفقه ، وعنه أخذ ، وعليه تخرّج ابن أخته العلّامة الحلّي ، وأمثاله من أرباب التحقيق والتنقيح ، وليس في الطائفة أجلّ منه بعد الشيخ الطوسي. إتّسعت النهضة العلمية في زمان المحقّق ، فتخرّج عليه الطلّاب ، وبرز من عالي مجلس تدريسه أكثر من أربعمائة مجتهد ، مما لم يتّفق لأحد قبله. ذكر ذلك السيد حسن الصدر (٢).

وذكره السيد الأمين في أعيان الشيعة بقوله : كفاه جلالة قدر ، إشتهاره بالمحقّق. فلم يشتهر أحد من علماء الامامية على كثرتهم في كلّ عصر بهذا اللقب ، وما أخذه إلا بجدارة واستحقاق. وقد رزق في مؤلفاته حظا عظيما ،

__________________

(١) لؤلؤة البحرين ، ص ٢٢٧.

(٢) تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ، ص ٣٠٦.

٢١٤

فكتابه المعروف «بشرائع الاسلام» هو عنوان دروس المدرسين في الفقه الإستدلالي في جميع الاعصار ، وكلّ من أراد الكتابة في الفقه الاستدلالي ، يكتب شرحا عليه ، كمسالك الأفهام ، ومدارك الأحكام ، وجواهر الكلام ، وهداية الأنام ، ومصباح الفقيه ، وغيرها. وصنّف بعضهم شرحا لتردداته خاصة ، وعليه من التعليقات والحواشي عدد كثير ، ونسخه المخطوطة النفيسة لا تحصى كثرة ، وطبع عدّة طبعات في إيران. ولأهميته فلا يخلو بيت طالب علم منه. طبع في لندن هو ومختصره النافع ، وعليه شروح كثيرة.

وقد ذكر في «دائرة المعارف الاسلامية» أن كتاب «شرائع الاسلام» ، هو عمدة كتب الشيعة في الفقه ، ترجم إلى الروسية ، وإلى الفرنسية. كما ترجم إلى الانكليزية.

تجدر الإشارة أنّ (مصنّف هذه الرسالة) ، الامام السيد مهدي القزويني له شرح على كتاب «شرائع الاسلام» لم يتمّه سمّاه «مواهب الأفهام في شرح شرائع الاسلام» ، خرج منه أكثر كتاب الطهارة في سبع مجلدات ، «وهو كتاب في الاستدلال مبسوط جدا لا يكاد يوجد في كتب المتأخرين أبسط منه. وعلى هذا البسط جمع فيه بين طريقتي الاستدلال والتفريع ، وما يقتضي له التعرض من أحوال رجال الحديث». ذكر هذه العبارة السيد حسين القزويني نجل المؤلف عند كتابته عن أحوال والده.

يقع مرقد المحقّق الحلّي بمحلّة الجباويين ، وسمّي الشارع القريب منه بشارع المحقق نسبة إليه. والمرقد عامر مشيّد معروف سعى إلى تجديده الحاج عبد الرزاق مرجان ، وأضاف إليه مساحة لتوسعة باحة المقام.

٢١٥

(١٥) يحيى بن سعيد

أبو زكريا الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلّي. فقيه ، مصنّف ، وهو ابن عم المحقّق الحلّي.

إشتهرت نسبته إلى جدّه ، فيقال : يحيى بن سعيد. وقد أخذ الإسم واللقب من جدّه نجيب الدين يحيى بن الحسن بن سعيد.

قال شيخنا العلّامة حرز الدين يعرّف الشيخ نجيب الدين بابن سعيد الأصغر تمييزا له عن جدّه ابن سعيد الأكبر ، يحيى بن الحسن بن سعيد. هكذا ذكر العلماء أعلى الله مقامهم في الفرق بينهما» (١).

وقال الرجالي الشيخ حسن بن داود : يحيى بن أحمد بن سعيد ، شيخنا الامام العلّامة الورع القدوة ، كان جامعا لفنون العلوم الأدبية والفقهية والأصولية ، له تصانيف منها : كتاب «الجامع للشرائع» في الفقه ، وكتاب المدخل في أصول الفقه ، وكتاب «نزهة الناظر في الأشباه والنظائر» في الفقه.

ولد بالكوفة سنة ٦٠١ ه‍ / ١٢٠٥ م ، وتوفي سنة ٦٨٩ ه‍ / ١٢٩٠ م ، وقد أرّخ وفاته صاحب أمل الآمل بسنة ٦٩٠ ه‍ / ١٢٩١ م.

وأمّه بنت الفقيه الشيخ محمد بن إدريس الحلّي ، صاحب (السرائر).

اشتهر ابن سعيد بكتابه «الجامع للشرائع» ، وصفه السيد حسن الصدر

__________________

(١) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٦٦.

٢١٦

بقوله : من أحسن كتب الفروع على ترتيب الكتب في الفقه ، تام مستوفي الفروع كبير ، في آخره أصل في الديّات أخرجه بتمامه. وعندي نسخة من كتاب (الجامع) عليه خطه الشريف ، وقراءة بعض الأفاضل الأجلّة ، وكان هذا الشيخ من أمراد الدهر (١).

يقع مرقد ابن سعيد بالحلّة ، محلّة الطاق ، وبني قريبا منه مسجد الخطيب الشيخ محمد آل شهيب ، وعليه بناء ، وصحن كبير.

ويبدو أنّ مرقده هذا هو مدرسته العلمية ذاتها التي كانت مركزا من مراكز الثقافة بالحلّة في عصره.

يقول الشيخ محمد حسين حرز الدين : كان مدخل قبره عبارة عن (طارمة) سقفها من جذوع النخيل ، تفضي إلى حجرة واسعة مربّعة ، فوقها قبّة عالية البناء ، قديمة الانشاء. وفي ساحة تلك الحجرة دكّتان لقبرين على كلّ منهما ستار أخضر بينهما ثلاثة أمتار ، قيل إنّ إحدى الدكتين هي قبر نجيب الدين يحيى بن سعيد الهذلي ، والثانية : قبر السيد محمد بن السيد جلال الدين بن جعفر آل السيد سليمان ، (جدّ الشاعر السيد حيدر الحلّي). وتتصل بهذه الحجرة حجرة أخرى من جهة الشرق مدخلها من الحجرة الأولى ، وفيها قبران ، قيل إنّ أحدهما قبر دبيس بن علي بن مزيد الأسدي ، والآخر يعرف بقبر ابن علي الهادي (٢).

__________________

(١) تأسس الشيعة لعلوم الاسلام ، ص ٣٠٧.

(٢) مراقد المعارف ، ج ١ ، ص ٦٤.

٢١٧

(١٦) الشيخ ورام بن أبي فراس

الشيخ ورّام بن أبي فراس يتصل نسبه بمالك الأشتر. وأسرته من الأسر الشريفة المتنفذة بالحلّة ، وهي أسرة آل أبي فراس ، ويعرف بعض أفرادها بلقب الأمير.

والشيخ ورّام من تلامذة سديد الدين محمود بن علي بن الحسن الحمصي ، وهو جدّ السيد رضيّ الدين علي بن طاووس لأمّه. وزوجته حفيدة شيخ الطائفة الطوسي ، وكانت من العالمات المجتهدات.

له مؤلفات لم نعرف شيئا عنها سوى مجموعته المسمّاة باسمه «مجموعة ورّام» في الحديث ، التي طبعت بعنوان «تنبيه الخواطر ونزهة النواظر» ، مقتصرة على المواعظ والحكم. وفي النسخة المطبوعة الكثير من الأحاديث غير الموثّقة.

توفي الشيخ ورّام سنة ٦٠٥ ه‍ / ١٢٠٨ م.

٢١٨

(١٧) ابن إدريس العجلي

ابن ادريس العجلي هو فخر الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إدريس العجلي المتوفى سنة ٥٩٨ ه‍ / ١٢٠٢ م ، عرف برائد النهضة العقلية التجديدية التي عبّر عنها في كتابه السرائر (الحاوي لتحرير الفتاوي). وهو الذي وقف أمام تيّار المقلّدة الذين جمدوا على ما خلّفه شيخ الطائفة الطوسي من تراث علمي ، ولم يتمكّنوا من الافلات عنه. لذلك نقل القول إنّ ابن ادريس أعاد فتح باب الاجتهاد الذي أوشك أن يغلق بعد وفاة الطوسي.

ذكره علماء الطائفة ، وأثنوا عليه. قال الشهيد الأول في إجازته لابن الخازن الحائري : وبهذا الإسناد عن فخار ، وابن نما مصنّفات الشيخ العلّامة المحقّق فخر الدين أبي عبد الله محمد بن إدريس الحلّي الربعي.

وقال المحقّق الثاني في إجازته للقاضي صفي الدين ، ومنها : جميع مصنّفات ومرويات الشيخ الامام السعيد المحقق ، حبر العلماء والفقهاء ، فخر الملّة والحق والدين ، أبي عبد الله محمد ابن إدريس الحلّي الربعي برّد الله مضجعه ، وشكر له سعيه بالأسانيد المتقدّمة إلى الشيخ الفقيه محمد بن نما بحق روايته عنه بالقراءة وغيرها فإنه أشهر تلامذته.

وقال الشهيد الثاني في إجازته الكبيرة : وعن المشايخ الثلاثة (نجيب الدين أبي نما ، والسيد فخار ، والسيد محيي الدين أبي حامد) جميع مصنّفات ومرويات الشيخ الامام العلّامة المحقّق فخر الدين أبي عبد الله محمد بن ادريس الحلي.

قال المرزا النوري عنه : العالم الجليل المعروف الذي أذعن بعلوّ مقامه في

٢١٩

العلم والفهم والتحقيق والفقاهة أعاظم الفقهاء في إجازاتهم وتراجمهم (١).

ومرقده بالحلّة عامر مشيّد ، عليه قبّة كبيرة زرقاء إلى جانبها مأذنة. ويتصل برواقه حرم فسيح يعدّ من مساجد المدينة التي سعى بعمارتها وصيانتها سنة ١٣١٨ ه‍ / ١٩٠٠ م العلّامة أبو المعزّ السيد محمد القزويني.

وقد أرّخ هذه العمارة الشيخ يعقوب الحاج جعفر النجفي بهذه الأبيات :

مقام لابن ادريس تداعى

وهدّ بناؤه السامي الموطّد

حوى للعلم بالفيحآء سرّا

«سرائره» له بالفضل تشهد

فشيّده ابن «مهديّ» البرايا

وعاد بناؤه العافي مجدّد

وكم (لمحمّد) آثار فضل

بها ما زال طول الدهر يحمد

فيا لك من مقام أرخوّه

(على مثوى ابن ادريس يشيّد) (٢)

وفي عصرنا جدّدت أسرة آل مرجان الحلّية عمارة مرقده. وقد تحوّل مسجد ابن إدريس ، وبفضل جهود العالم الجليل الشيخ علي سماكة إلى مركز ثقافي ، وأسست فيه مكتبة عامرة ، إلّا أنّه بعد وفاة الشيخ سماكة عام ١٣٩٠ ه‍ / ١٩٧٠ م خفت نشاط المكان ، وتلاشى صوته ، ولم يبق فيه حتى الصدى.

__________________

(١) مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٤٨١.

(٢) ديوان الشيخ يعقوب الحاج جعفر النجفي ، ص ٨٩.

٢٢٠