الواسطة في معرفة أحوال مالطة ، كشف المخبّا عن فنون أوروبّة

المؤلف:

أحمد فارس الشدياق


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر
الطبعة: ١
ISBN: 9953-36-589-X
الصفحات: ٥٧٩

ونهارا ، ويجعلها في قرن رقيق شفاف صونا لها من الريح. ولم يعلم عمل الساعات الدقاقة إلا بعد موته بقرون عديدة. أمّا تقسيم اليوم إلى أربع وعشرين ساعة فمعروف من قديم الزمان. قلت وفي محفوظي أنه ذكر في المصباح المنير للفيومي ، أن أهل الحساب اصطلحوا على أربعة وعشرين قيراطا لأنه أول عدد له ثمن وربع ونصف وثلث صحيحات من غير كسر ، فلعلّ هذا هو السبب في تقسيم اليوم والليلة إلى هذا العدد. وذكر هيرودوطوس أن ميقاتية الشمس كانت معروفة عند اليونانيين ، وهم أخذوها عن البابليين. فأما الميقاتية المائية التي تدل على الأوقات على نسق الرملية ، فكانت معروفة عند الكلدانيين ، وعند قدماء الهنود ، فكانوا يحدرون الماء فيها من إناء إلى آخر ، كما يحدر الرمل في الزجاجة ، وبذلك يستدلون على أوقات التنجيم ، إلا أن عدم تساوي انحدار الماء ، وتخالف الهواء ، كان يجعل حسابهم غير مطّرد. أمّا شكلها فغير معروف بالتفصيل ، وغاية ما يعلم من أمرها أن الماء كان ينحدر في وعاء فيها قطرة قطرة ، فإذا امتلأ الإناء علم مقدار الوقت المفروض. وأول من أتقن الساعة المائية حتى صارت من الأدوات العلمية الدون كرلوس فالي أحد الرهبان الباندكتيين ، وذلك سنة ١٦٩٠ ، وزعم بعض أنها من مخترعات مرتينلي الطلياني. قيل وأول مؤلف ذكر اسم آلة تدل على الساعات دانتي الشهير ، ولد في سنة ١٢٥٦ ، ومات في سنة ١٣٢١ ، وشهر ذلك في إنكلترة في سنة ١٢٢٨ ، وكان أيضا مشهورا عند غيرهم. وفي زمن إدورد الأول وضعت غرامة على أصحاب الجنايات لأجل عمل ساعة دقاقة في غرفة وستمينستر ، لكي يسمعها الذين في المحكمة ، وفي زمن هنري الخامس كان لها شأن عظيم ، حتى أن الملك وكّل محافظتها وتعهدها إلى وليم واربي ديّن كنيسة صانت أسطفان ، وعيّن له في مقابلة ذلك نصف شلين في كل يوم من ديوان الخزنة. وفي سنة ١٣٣٤ أبرز يعقوب دوندي ساعته المشهورة ، فكانت تدل على الساعات ، وعلى سير الشمس في منطقة البروج ، وعلى مواقع الكواكب السيارة ، ولقب بهورولوجيوس.

وفي أواسط القرن الرابع عشر وضع في كنيسة استراسبورغ ساعة من أكثر الآلات تركيبا وتألّفا ، فإن صفحتها كانت تبدي الكرة السماوية ، وسير الشمس والقمر والأرض والكواكب ، ومحاق القمر ونموه ، وتقويما يدل على اليوم الواقع من

٣٢١

الشهر ، وكان ربع الساعة الأول يطرقه ولد بتفاحة ، والثاني شاب بسهم ، والثالث رجل برأس عصا ، والرابع الأخير شيخ بعكازه ، وعند مرور كل ساعة يفتح الباب ملك وينحني مسلّما على مريم العذراء ، ثم يطرق الجرس وبقربه ملك آخر يحمل ساعة رملية يقلّبها عند انتهاء الدقات الأربع ، وكان بها أيضا ديك من ذهب يصفق بجناحيه عند اقتراب كل ساعة ، ويمد عنقه ثم يصقع (٢٦١) مرتين.

وفي أواخر القرن المذكور صنع رجل من جينوى اسمه دروز ساعة دقاقة ذات حركات غريبة ، وكانت تشتمل على تمثال رجل أسود وراع وكلب ، فكان الراعي عند طرق الساعة يعزف على الناي ستة أصوات ، فيدنو منه الكلب ويحرك ذنبه متملقا. ولمّا عرضها على ملك أسبانية تعجب منها غاية التعجب ، فالتمس إليه دروز أن يمدّ يده ويأخذ تفاحة من سلة الراعي ، فلما فعل انبعث الكلب ينبح نباحا عاليا ، حتى صار كلب الملك ينبح أيضا. قيل وكان إذا سئل الأسود عن الساعة أجاب بالكلام الفرنساوي ليفهمه الحاضرون. وأول من وضع الرقاص في الساعة الدقاقة ريشارد هارس الإنكليزي ، وذلك في سنة ١٦٤١. أمّا الساعات الصغيرة التي توضع في الجيب مختصرة عن الكبيرة فالجزم بمعرفة مخترعها صعب ، والأرجح أنها من مخترعات هوك. وقيل أن أصل اختراع الساعات كان في نورمبرغ في سنة ١٤٧٧. وحقق البعض أن روبرت ملك سكوتلاند قد كان له ساعة وذلك في سنة ١٤١٠.

وكان استعمال الساعات في الأرصاد الفلكية في سنة ١٥٠٠ ، وقال بعض أن الإمبراطور كرلوس الخامس هو الذي كان عنده ما يصدق عليه اسم الساعة وذلك في سنة ١٥٣٠ ، وأصل جلب الساعات إلى بلاد الإنكليز كان من جرمانيا في سنة ١٥٧٧ ، أمّا الساعات التي توضع في الجيب فمن الناس من نسب اختراعها إلى دكطر هوك ، وأهل هولاند نسبوه إلى هيكفس (٢٦٢). وقيل إن ساعة الماء عرفت في رومية في سنة ١٥٨ ، وإن البابا بواس الأول أهدى بابان ملك فرنسا ساعة مائية في سنة ٧٦٠ ، وقيل إن أصل اختراع الساعة الشمسية كان في سنة ٥٥٠ قبل الميلاد ، وقيل

__________________

(٢٦١) صقع الديك : صاح (م)

(٢٦٢) في الطبعة الأولى : هيكنس (م)

٣٢٢

إنها عرفت في رومية سنة ٢٩٢ ، من التاريخ المذكور ، وفي سنة ٦١٣ نصبت في الكنائس ، وفي مدة أحد عشر شهرا من سنة ١٨٥٠ جلب إلى بلاد الإنكليز من هذه الساعات ٤٧٤. ٢١٥.

بدء التمدن في أوربا

فقد عرفت مما تقدم أن التمدن في البلاد الإفرنجية بدأ أولا في إسبانيا بالنظر إلى العلوم ، وفي بلاد إيطاليا بالنظر إلى الصنائع ، ثم انبثّت منهما إلى فرنسا ، وأول اشتهارها فيها. وبناء قصر فنتنبلو ، وقصر صان جرمان ، وتهذيب اللغة الفرنساوية ، كان في أيام الملك فرنسوا الأول. كانت ولادته في سنة ١٤٩٤. ووفاته سنة ١٥٤٧ ، ثم لما انتشر مذهب البروتستانت في فرنسا وكانت الدولة تضطهد المتمذهبين به ، كانوا يضطرون إلى الفرار إى البلاد الأجنبية ، وحسبك بيوم مار برتولماوس دليلا. ولما قام لويس الرابع عشر ، وكان هو ووزيره الكردينال ريشليو أشد الناس بغضة لأهل هذا المذهب ، فرّ كثير منهم إلى بلاد الإنكليز وكانوا ذوي معارف وعلم فبثوا فيها ذلك ، وطاب للإنكليز أن يضيفوا من التجأ إليهم وأن يعفوهم من الجواز ، وبقيت الحال على هذا المنوال.

مدينة بولون

ثم إن بولون هي مثل غيرها من فرض فرنسا المقابلة لإنكلترا في كونها موردا للتجارة بين المملكتين ، وأكثر ديارها منازل للمسافرين ، وثلث سكانها إنكليز. وأحسن ما فيها متحفها من غرائب أنواع الطير والسمك وسائر أنواع الحيوانات ، ومن الجواهر المعدنية وأنواع الورق الذي كانوا يكتبون عليه في الزمن القديم ، ومن الصور وآلات الطرب لجميع ما هو عبرة للمعتبر ، ومن رأى عظام السمك والوحوش الضخمة فلا يكذّب شيئا مما قاله الأولون.

٣٢٣

الوصول إلى باريس

ثم سافرنا منها فبلغنا باريس ليلا فدهشت لما رأيت ، فإني وجدت جميع الحوانيت مفتوحة في الساعة التي لا يفتح فيها شيئا في لندرة غير حانات المزر. وحين مررنا بالبلفار رأينا من الأنوار في الديار من فوق ، وفي محال القهوة من تحتها ، وفي فوانيس الطرق من بين الأشجار ، وفي فوانيس العواجل الواقفة عن اليمين والشمال ، ما خيلّ لي أني في جنات النعيم ، فقلت في نفسي بخ بخ ، إن هذه مدينة بهجة وأنوار ، تتفتح فيها أكمام المعاني في رياض الأفكار ، وتنجلي بها عرائس القصائد في أخدار الأشعار ، فلأجعلنّ دأبي النظم فيها الليل والنهار ، وكلما أرتج (٢٦٣) عليّ شيء جئت إلى البلفار. ثم لبثنا أربعة أيام في مبيت ، إلى أن تيّسر لنا استيجار محل في دار على حدته ، وكان الضباب في خلالها كثيفا ، والبرد شديدا ، أمّا البرد فلا ينقص عن برد لندرة نقيرا ، بل هو أشد وأنكى ، وأما الضباب فكان أبيض بخلاف ضباب لندرة فإنه يقع أسحم ، فطفقت أشكو من الانتقال من ضباب إلى ضباب ، فقال لي أحد أصحابي : «إن هذا الضباب إنما قدم إلينا معك من لندرة ، فإن باريس ليس مضبّة ، ووقوعه فيها نادر جدا». لكني وجدت قوله بعد ذلك غير الحق ، فإنه وقع أيضا في السنة الثانية وأنا مقيم فيها من دون أن يعلق بأذيالي من قطر آخر ، إلا أنه لا يدوم طويلا كما يدوم ضباب لندرة.

وقد حان الآن أن أشرع في وصف باريس وأهلها ، ولكن لما كان العالم الأديب الشيخ رفاعة بك الطّهطاوي قد ألّف كتابه النفيس المسمى ب» تخليص الإبريز في تلخيص باريز» وسبقني إلى هذا المعنى ، كان لا بد لي هنا من أن أستأذنه في ذكر ما أضرب عنه بالكليّة ، أو أشار إليه إشارة فقط مما استغربته منه ، ثم أجعل ذلك مقياسا للقارئ يقيس عليه باريس ولندرة ، ولكن قبل الكلام على باريس خصوصا ينبغي أن أبتدئ بالكلام على فرنسا عموما ، فإنها حريّة بذلك ، وخصوصا أني قد أجملت القول في أول هذا الكتاب على إنكلترة. فأقول :

__________________

(٢٦٣) الصواب أنها ليست مثقّلة ، أي هي : أرتج (م)

٣٢٤

نبذة عن فرنسا وإحصاءات متنوعة

إن فرنسا كانت تسمى في الزمن القديم بالغال ، ثم سميت بهذا الاسم المتعارف الآن نسبة إلى الفرنك الذين فتحوها ، وهم قبائل من البلاد الشمالية. وأرض هذه المملكة خصيبة ينبت فيها جميع الأشجار والبقول والحبوب غالبا. وكانت أرضها منذ نحو سبعين سنة مهملة ، أمّا الآن فقد بذل الجهد في حرثها وتنبيت الأشجار فيها ، حتى صارت قيمة محاصيل الأرض وغلالها تبلغ في العام ٠٠٠. ١٧٨. ٣٣٧. ٥ فرنك يصرف على ذلك ٠٠٠. ٠٠٠. ٥٥٢. ٣ فيكون الفائض ٠٠٠. ١٧٨. ٦٨٥. ١. وهي كثيرة المعادن ، يوجد فيها معدن الذهب لكن على قلّة ، ويكثر فيها الفضة والحديد والرصاص والنحاس والتوتيا وغير ذلك. وعدد سكانها في سنة ١٨٤٥ كان ٠٠٠. ٥٠٠. ٣٢ (٢٦٤) منهم مليونان وثلث بروتستانت ويهود. وبلغت قيمة المجلوب إلى فرنسا في سنة ١٨٤٣ ـ ٩٤٠. ٦٠٦. ٨٤٦ فرنكا ، وقيمة الخارج منها ٦٧٧. ٩٦١. ٦٤٣ (٢٦٥) فرنكا. وفي مدة ثماني عشرة سنة وذلك من سنة ١٨٠٥ إلى سنة ١٨٤٣ كان من جملة أهلها مائتا ألف مجنون في المارستانات ، وثلاثة آلاف قتلوا أنفسهم ، ومائة ألف نفس بهم علل ، وأخذوا إلى ديار المرضى ، وثمانمائة ألف يعيشون من الصدقات ، ومائة ألف نفس في السجون لأجل جنايات مختلفة. وقال آخر : وبلغ عدد الإكليروس في سنة ١٨٤٣ أربعة وعشرين ألفا ، منهم ثلاثة كردينالات ، وأربعة عشر مطرانا ، وسبعة وستون أسقفا ، ويضاف إليهم نحو ثمانية آلاف وخمسمائة من المترشحين للكنيسة. وعدّة أديار النساء ثلاثة آلاف ، وعدد الراهبات أربعة وعشرون ألفا. وبلغ عدد الإكليروس في زمان الفتنة ٠٠٠. ١١٤ من جملتها اثنان وثلاثون ألف راهبة ، وبلغت جملة إيرادهم اثنين وسبعين مليونا ، ومبلغ العشور الذي يستوردونه

__________________

(٢٦٤) في سنة ١٨٧٤ بلغ عدد سكان فرنسا ٤٨١. ٣٨٣. ٣٦ نفسا.

(٢٦٥) منذ التاريخ المذكور اتسعت تجارة فرنسا اتساعا عظيما ، فإن جملة المجلوب إليها في سنة ١٨٧٩ بلغت ٠٠٠. ٨٣٧. ٥٩٤. ٤ فرنك ، وهي عبارة عن ٤٨٠. ٧٩٣. ١٨٣ ليرة إنكليزية. وبلغت جملة الخارج منها في السنة المذكورة ٠٠٠. ٠٩٠. ١٦٣. ٣ فرنك ، أو ٦٠٠. ٥٢٣. ١٢٦ ليرة.

٣٢٥

سبعين مليونا ، فجملة ذلك ٠٠٠. ٠٠٠. ١٤٢ وإيراد الكردينالات والأساقفة ٠٠٠. ٠١٧. ١ ، وجملة المصاريف على الديانة الكاتوليكية ٠٠٠. ٢٥١. ٣٤ فرنك ، وعلى البروتستانت ٠٠٠. ٠٣٣. ١ وعلى اليهودية ٠٠٠. ٩٠.

وفي سنة ١٨٤١ بلغ عدد المسافرين في فرنسا ٠٠٠. ٠٠٠. ٦٣٣ نفس ، منهم ٠٠٠. ٠٠٠. ١٤٣ سافروا في سكة الحديد ، وفي سنة ١٨٥٥ بلغ عددهم بليونا ، منهم مليون وثلاثمائة واثنان وسبعون ألفا سافروا في الأرتال ، وبلغ إيراد الكمرك في سنة ١٨٥٦ ـ ٧٨٩. ٢٩٦. ١٨٢ فرنك ، وفي سنة ١٨٥٧ بلغ إيراد الدولة نحو سبعين مليون ليرة إنكليزية ، فكان نحو إيراد دولة الإنكليز ، بل أكثر (٢٦٦).

وفي السنة المذكورة كان لها من العساكر البرية نحو خمسمائة ألف ، وأمكن لها في أي وقت شاءت أن تجهز من الجيوش البحرية نحو سبعين ألفا ، والمحروث من أرضها لا ينقص عن اثنين وأربعين مليون هكتار ، وملّاكها نحو سبعة ملايين من رؤوس العيال ، بهذا يظهر لك الفرق بين المملكتين.

إحصاءات دولية مقارنة

وقال بعضهم : بلغ مصروف دولة فرنسا في مدة عشر سنين آخرها سنة ١٨٦١ ـ ٠٠٠. ٥٢٠. ٧٦٨ ليرة ، وبلغ إيرادها ٠٠٠. ٦٨٠. ٦١٩ ليرة. فكان إيرادها في كل سنة ٠٠٠. ٩٦٨. ٦١ ليرة ومصروفها ٠٠٠. ٨٥٢. ٧٦ ليرة. وكان مصروف أوستريا في مدة أربع سنين وهي من سنة ١٨٥٧ إلى سنة ١٨٦٠ ـ ٠٠٠. ٢٠٠. ١٥٤ ليرة ، وهو عبارة عن ٦٧٤. ٥٠٠. ٣٨ في كل سنة. وبلغ إيراد (٢٦٧) إيطاليا في سنة ١٨٦١ ـ ٦٧٤. ٢٠٥. ٣٢

__________________

(٢٦٦) ومنذ سنة ١٨٥٠ ازدادت ثروة فرنسا ازديادا عظيما ، حتى إن إيرادها بلغ في سنة ١٨٨٠ ـ ٢٨٨. ٧٢٥. ١٣٠. ٣ فرنكا ، وهي عبارة عن ٠١١. ٢٢٩. ١٢٥ ليرة إنكليزية ، أما المصاريف فإنها بلغت ٢٤٤. ٤٩٤. ١٣٠. ٣ فرنكا ، أو ٧٦٩. ٢٠٩. ١٢٥ ليرة.

(٢٦٧) كرر كلمة إيراد مرتين ، فلعله أراد بالأولى مصروف إيطاليا وليس إيرادها ، وأحسبه خطأ مطبعيا (م).

٣٢٦

وإيرادها (٢٦٨). ٨٠٠. ٦٣٤. ١٩ وبلغ مصروف دولة شمال أميريكا في سنة واحدة من مدة الحرب ٠٠٠. ٠٠٠. ٢٥٠ ليرة.

فأما سكان هذه الممالك فإن عدد أهل فرنسا بلغ في سنة ١٨٦١ ـ ٢٥٥. ٣٨١. ٣٧ نفسا ، وزاد عدد الروسية ي مدة خمسين سنة ضعفين ، وكانت الزيادة في انكلترة في تلك المدة ١١٩ في المائة ، وكانت زيادة بروسية من سنة ١٨١٦ إلى سنة ١٨٥٨ ـ ٧٢ في المائة ، وزيادة أوستريا من سنة ١٨١٨ إلى سنة ١٨٥٧ ـ ٢٧ في المائة ، وزيادة فرنسا من سنة ١٨٢٦ إلى سنة ١٨٦١ ـ ١٢ في المائة لا غير ، فتكون الولادة في فرنسا أقل من غيرها من الممالك. أما الزواج فذكروه على هذا التفصيل ، وهو أنه يولد فيها ١٠٠ ولد من كل ٢٨٥ زواجا ، وفي بريتانيا ١٠٠ ولد من كل ٢٣٧ زواجا ، وفي أوستريا والروسية ١٠٠ ولد من كل ٢٢٣ زواجا ، وفي بروسية ١٠٠ ولد من كل ٢١٠ زواج ، فيكون ولادة الولد في بروسيا في ظرف سنتين وخمسة أسابيع ، وفي فرنسا نحو سنتين و ٤٢ أسبوعا. فأما الموت فمن كل ٠٠٠. ١ نفس في بريتانيا يموت في السنة ٢٢ ، وفي فرنسا ٢٨ ، وفي بروسيا ٢٩ ، وفي أوستريا ٣٢ ، وفي الروسية ٣٣.

وصف باريس

كانت مدينة باريس في سنة ٣٨٠ تسمى باريسي ، وكانت عرضة لنهب النورمان. وفي سنة ١٤٢٠ استولى عليها الإنكليز ، وبقيت تحت يدهم خمس عشرة سنة. وفي سنة ١٤٣٨ رزئت بالطاعون والمجاعة ، فمات بهما أكثر من خمسين ألفا ، فكانت الذئاب تدخل أسواقها وتغتال من تغتال. وفي سنة ١٨٤٠ حصّنت بسور طويل يحيط بشاطئ النهر ، وبقلاع متفرقة ، وذلك مسافة خمسة عشر فرسخا وربع فرسخ ، بدئ به في كانون الأول سنة ١٨٤١ ، ونجز في شهر آذار سنة ١٨٤٦ ، وبلغت نفقته

__________________

(٢٦٨) في سنة ١٨٨١ بلغ إيراد فرنسا ٨٣٠. ٧٩٤. ٧٥٢. ٢ فرنكا ، أو ٧٩٣. ١١١. ١١٠ ليرة إنجليزية ، والمصروف بلغ ٨٣٠. ٧٩٤. ٧٥٢. ٢ فرنك ، أو ٣٠٤. ١٧٧. ١١٠ ليرات إنكليزية. وأما إيراد إيطاليا فقد بلغ في السنة المذكورة ٩٦٥. ٥٨٣. ٤٢٥. ١ فرنكا ، أو ٣٥٨. ٠٢٣. ٥٧ ، ومصروفها مثل ذلك تقريبا.

٣٢٧

٠٠٠. ٠٠٠. ١٤٠ فرنك أو نحو خمسة ملايين ليرة. قلت : وقد جرى ذلك كما قصده نابوليون الأول وهو في جزيرة صنت هيلانة. قال : ولما دنت منها الأعداء في سنة ١٨١٤ تبادر الناس إلى إنشائه على عجل ، لكنه كان غير محكم ، ثم أكمل وجعل حوله أربعة عشر برجا. وقال آخر : كانت باريس تدعى في القديم «لوكس» ، سميت بذلك في أحد الأقوال باسم «لوكوس» مؤسسها ، والذي عليه الاتفاق أنها من أقدم مدن الغال. ولما غزا قيصر بلادهم كان يقال لها باريسي ، ولم تكن حينئذ إلا عبارة عن خصاص مهينة كالجزيرة في نهر السين ، مع أنه لما أراد فتحها قاومه أهلها مقاومة شديدة لم تكن تخطر بباله ، حالة كونهم خالين عن أسباب التمدن. ثم أخذت في التمصر والاتساع في عهد ملوك كثيرة ، ولا سيما في زمان يوليانوس وكلوفي ، وأعظمهم فيليب أغوسط في سنة ١١٨٤ ، ثم قام لويس الملقب بالصغير وأنشأ فيها مدرسة ، فأقبل الناس إليها لطلب العلم حتى صار عدد الطلبة أكثر من أهل الصقع الذي بنيت فيه ، وهو الذي أحاط بها سورا وصروحا. ثم قام فرنسيس الأول وأنشأ فيها اللوفر ، فقام هنري الرابع وغيّر فيه تغييرات جمّة. وفي زمان لويس الرابع عشر صارت كأنها مدينة جديدة. وما قصده نابوليون الأول في تحسينها وتنظيمها استحسنته عائلة البوربون ، وزاد عليهم أجمعين لويس فيليب ، فإنه ظن أن حفظه ذكر أيام نابوليون يكون أدعى لاستمالة خواطر الناس إليه ، فمن ثم أتمّ ما ابتدأ به نابوليون ، فأنشأ السور ، وأتمّ الأزج أو القنطرة المسماة «أرك دو ترايونف» (٢٦٩) ، ونصب تمثال نابوليون مرة أخرى على عمود فندوم ، وفي عهده دفنت جثة نابوليون.

قلت : وفي زمن نابوليون الثالث كسيت من الرونق والبهجة ما لا مزيد عليه. وقال غالنياني في كتابه الذي سمّاه «المرشد إلى باريس» طبع سنة ١٨٤٤. أول من ملك فيها من ملوك النصارى كلوفيس ، وذلك في سنة ٥٢٤. وأول من بشّر فيها بالإنجيل كان ماردانيس ، وذلك في سنة ٢٥٠ ، وأول كنيسة أسست فيها فيما علم كانت كنيسة مار أسطفانوس ، في الموضع الذي ترى فيه الآن كنيسة نوطردام (٢٧٠).

__________________

(٢٦٩) قوس النصر (ط. أ)

(٢٧٠) أي سيدتنا ، والمراد بذلك مريم أم عيسى (ط. أ)

٣٢٨

وفي سنة ٥٨٧ أحرقها النورمان ، ثم بنيت وقسّمت المدينة إلى أربعة أقسام ، ومن ثمّ يقال لكل جهة منها «كارتيه». وفي زمن لويس السمين كان الإيراد من الباب الشمالي اثني عشر فرنكا لا غير ، وهي تبلغ بحسابنا الآن ستمائة فرنك. وفي القرن الرابع عشر أنشئ فيها مدارس للعلم.

وفي عهد فيليب أغوسط كثرت فيها الأبنية ، والمغاني ، والكنائس ، وبلّط بعض الطرق ، وألزم الأهلين تحصينها. وفي سنة ١٢٥٠ أنشأ فيها روبرت صوربون مدارس لم تزل تعرف باسمه ، وفي زمن شارلس المعتوه دخلها الإنكليز ثم طردوا منها بعد أن أقاموا فيها ست عشرة سنة ، وذلك سنة ١٤٣٦. وفي عهد شارلس السابع خربت من القحط والوباء والذئاب ، حتى إنها صارت في سنة ١٤٦٦ مأوى لأصحاب الجرائر والنقائص من جميع الأقطار. وفي عهد لويس الحادي عشر بلغ عدد أهلها ثلاثمائة ألف ، واكتسبت رونقا وعمرانا ، فهدم اللوفر القديم وأنشأه منشأ حسنا ، وأنشأ مدرسة يعلّم فيها كل نوع من العلوم مجانا. وفي سنة ١٥٣٣ شرع في بناء هوتل دوفيل ، وحسّنت طرق ، وأنشئت أخرى ، وفي سنة ١٥٦٣ أنشئ التولري. ثم لمّا قامت الحروب الدينية على ساق تعطلت أسباب التمدن ، إلى أن قام بأعباء الملك والسياسة هنري الرابع ، فأصلح ذات البين ، ومد على الناس ظل السّلم والرفاهية ، وزاد في تبهيج المدينة غاية ما أمكن ، وأنشأ جملة محال ، وكبّر التولري (٢٧١).

وفي زمن لويس الثالث عشر أنشئت طرق عديدة ، وأنشئ قصر اللوكزمبور ، وبستان النباتات ، وغير ذلك. ثم لمّا قام لويس الرابع عشر أتمّ ما كان قصده خلفه هنري الرابع ، فأنشأ أكثر من ثمانين طريقا ، وحسّن القديمة ، وأنشأ ساحة فندوم ٣٣ كنيسة ، ومارستان السّقط (٢٧٢) ، ومارستان النغول ، والمرصد ، وكبّر قصر التولري ، ونظّمت المماشي وبلّط كثير من الرصف ، وغرست غيضة شانزلزي. وكذلك لويس الخامس عشر لم يأل جهدا في أن أفادها نضرة الملك ، حتى وسّعت رقعتها في زمانه ٩١٩. ٣ فدانا ، وأنشأ مدارس وعيونا جارية. وفي أيام لويس السادس عشر أنشئت فيها

__________________

(٢٧١) أي سرايا التلوري. وكانت كما هي الآن ، مقرا للحكم.

(٢٧٢) السّقط : أوباش الناس وأسافلهم (م)

٣٢٩

جملة ملاه ، وكنائس ، ومنازل سامية ، وأسواق بهيجة ، فصارت رقعتها ٨٥٨. ٩ فدانا ، وجعل للسور ستون بابا يؤخذ منها ضريبة على ما يدخل إليها من الخارج ، ووسّعت الطرق ، وأتمّ بالي روايال (٢٧٣) بما فيه من الحوانيت الظريفة. وفي زمان الفتنة خرّب كثير من الكنائس ، ثم رممت وأنفق عليها أربعة ملايين ليرة. ولمّا استردّ الملك إلى لويس الثامن عشر ، بنى مجلس المشورة العام ، وأنشأ أسواقا كثيرة ومستشفيات عديدة ، ونصب عمود فندوم ، وأنشأ خمس عشرة عينا وزيّن القصر. وفي أيام شارلس العاشر زيدت فيها محاسن كثيرة جلها في الكنائس ، وأنشئت ثلاثة جسور ، فلما قام لويس فيليب فتحت طرق جديدة ، وربع بناء هوتل دوفيل ، ونصبت مسلة مصر(٢٧٤) ، وأتم أنشاء كنيسة لا مدلين أي المجدلانية ، وبلاس دولاكنكورد ، وعمود النصر ، انتهى ملخصا. قال وهي على بعد مائة وخمسة فراسخ من لندرة ، أو مائتين وأربعة وخمسين ميلا ، ودورتها ٧٥٥. ٢٣ مترا ، أو ٩٧٩. ٢٥ ياردا ، وأطول أيامها ست عشرة ساعة وست دقائق ، وأقصرها ثماني ساعات وعشر دقائق ، وفيها أكثر من ٠٠٠. ٤٥ دار ، و ٠٠٠. ١٣ دكان ، و ٢٦٠. ١ طريقا ، و ٣٨ ممشى ، و ٢١ بلفارا ، و ٩٩ عرصة أو فسحة ، و ١٨٣ سقيفة أو معبرا مما يقال له باساج ، و ٣٧ رصيفا ، ومسطح طرقها يبلغ ٠٠٠. ٢٠٠. ٣ ذراع مربع ، وطولها ٠٠٠. ٤٨٠ أو ١٢٠ فرسخا ، ومصاريف تنظيف الطرق تبلغ ٠٠٠. ٥٣٥ فرنك ، ومن قبل سنة ١٧٣٨ كانت الطرق عطلا عن الأسماء ، ثم بعد أن رقمت غيّرت مرارا عديدة ، وفي سنة ١٨٤٢ بلغت مصاريف تبليطها وتوسيعها ٠٠٠. ٧٥٠ فرنك. قلت جميع الطرق كانت من قبل مبلطة فلما صار الأهلون وقت الشغب والفتنة يتخذون حجارتها متاريس ، أمر الآن بأن تصير رضراضا (٢٧٥) ، ومن سنة ١٨٥٣ إلى سنة ١٨٥٧ بلغت مصاريف المدينة ٩٣ مليونا ، صرف منها في البناء وتجديد الديار ٤٧ مليونا ، وفي الماء وتصليح الطرق ٣٣ مليونا ، وعلى بوا دوبولون ٥

__________________

(٢٧٣) أي السرايا الملكية (ط. أ)

(٢٧٤) إزاء سرايا الالتولري في بطحاء فسيحة يقال لها : بلاس دي لاكونكورد ، أي ساحة الوفق (ط. أ)

(٢٧٥) الرضراض : الحصا الصغار في مجرى الماء (م)

٣٣٠

ملايين ، وجلّ هذه المصاريف مما يرد من المدينة ، ولم يصرف الميري (٢٧٦) من عنده أكثر من ستة ملايين. وقبل أيام لويس السادس عشر لم تكن تنوّر إلا مدة تسعة أشهر في السنة ، وذلك عند غياب القمر ، فأمر بأن تنوّر في كل ليلة. وعدة ما فيها من القناديل ٢٢١. ١٣ كلها تنوّر بالغاز. وفي سنة ١٨٤١ ولد فيها ٩٢٣. ٢٩ ومات ٠٢٨. ٢٦ وتزوج ٩٦٢. ٨ وكان عدد النغول (٢٧٧) ٨٣٠. ٩ وفيها نحو ٠٠٠. ٨٠ خادم ، وقال آخر كان أهلها في سنة ١٨٥٦ ـ ٣١٦. ١٤١. ١ نفسا ، وفيها من الحرس الأمبراطوري من جملتهم ٢٨ ضابطا. ومصاريف ديوان الشرطة تبلغ في السنة ٢٩٥. ٣٣٥. ٥. وقال الأول : ولا يزال في مستشفياتها ٠٠٠. ١٥ نفس ، وقدّر من يدخل فيها ويخرج منها ستون ألفا ، وفيها تسعة آلاف من ذوي الأحكام النظامية ، وهم أهل علم ودراية ، ولهم موضع مخصوص لإغاثة الفقراء مجانا وذلك في يوم السبت ، ومائة وأربعة عشر كاتبا للصكوك والعقود ، وتسعة سجون أحدها للمقضي عليهم ، تبلغ مصاريفه ٠٠٠. ١٤٥. ١ فرنك ، ويعاملون فيه بغاية ما يمكن من الرفق والشفقة ، وعدّها غيره عشرة.

مدارس باريس

وفيها إحدى وعشرون مدرسة ملكية ، فيها من الطلبة ٩٧٥. ١٠ وإيرادها منهم ٥٤٤. ٣٨٣ فرنكا ، وثلاثمائة وسبعة عشر مكتبا مما يقال له كومونال ، فيها من المتعلمين ٥٨٨. ٢٢ وإيرادها ٦٩٣. ٢٢٧ ومائة وأحد عشر معلما ، يقال لها «أنستيتسيون» فيها ٣٧٨. ٨ طالب علم ، وإيرادها ٦٢٠. ٢٥٠ ، وألف وسبعة مراب ، ويقال لها بنسيونات فيها ٥٣٨. ٢٣ نفسا ، وإيرادها ٧٧٣. ٤٧٣ فرنكا ، وفيها أربع وخمسون جمعية للعلوم وفعل الخير وبث الديانة ماعدا مواضع أخرى.

__________________

(٢٧٦) يستخدم الشدياق كلمة الميري للدلالة على كل ما هو حكومي (م)

(٢٧٧) النغول : أولاد الزنى (م)

٣٣١

إدارة هذه المدارس

قلت أن كثيرا من هذه المدارس والمكاتب يديره القسيسون فلا يأخذون من المتعلم إلا نصف المصروف عليه ، فيمكن للوالد أن يضع ولده في أحدها بمصروف ثلاثين فرنكا في الشهر ، فمن أجل ذلك ترى جميع الأولاد هنا مترشحين للعلوم والصنائع ، وللأخوات اللائي هن من جنس الراهبات فضل عظيم مشهور في تربية البنات ، وتمريض الرجال والنساء في بيوتهن ، أو بيوت المرضى ، حتى أن بعضهن يداوي وبعضهن قوابل ، وقد يسافرن إلى البلاد الشاسعة في فعل الخيرات ، ولهن لباس مخصوص يعرفن به على تنوعه. فهذه الطريقة أنفع من طريقة الراهبات في الشرق إذ يحتجبن عن الناس في الدير ، فلا ينفعن أحدا من الناس ، وهاتان المزيتان ، أي التعليم على الوجه الذي ذكرناه والاعتناء بالمرضى ، لا توجدان في لندرة. على أن التداوي في مستشفيات باريس هو على طرف الثمام (٢٧٨) ، وفي لندرة يحتاج إلى ذرائع ووسايط.

المستشفيات والمارستانات ونفقاتها

قال وفيها ستة وثلاثون مارستانا ، وقد علم من خلاصة صدرت في سنة ١٨٤٢ أن هذه المارستانات تقوم بمؤنة اثني عشر ألفا ، من المرضى والعاجزين رجالا ونساء ، وفي كل سنة يدخلها نحو ثمانين ألفا ، وإن مصاريفها في السنة المذكورة بلغت أربعة عشر مليونا ونصف المليون ، لكن إيرادها أكثر من المنصرف ، وهو يتحصّل من ضرائب على الملاهي ، ومن العقار الذي يشترى للمقابر وغير ذلك ، ويصرف فيها أي في هذه المستشفيات من اللحم ٢٥٠. ٥٦٠. ٢ رطلا ، ومن الزبدة ٨٠٠. ٤٨ كيلو غرام ، ومن اللبن ٠٠٠. ٥٣٠ لتر ، ويوجد أيضا ما عدا ذلك مواضع عديدة لإغاثة الفقراء وتشغيل

__________________

(٢٧٨) على طرف الثمام : أي سهل التناول (م)

٣٣٢

الباطلين. قلت وقد علم من كتاب طبع في سنة ١٨٥٥ أن هذه المستشفيات تقوم بمؤنة أكثر من أربعة عشر ألف مريض يعالجون فيها ، وأقدمها المارستان المسمى هوتل ديو يتداوى فيه في مدار السنة أحد عشر ألف مريض ، وتخدم فيه ستون راهبة ، وعدد أطبائه اثنان وسبعون طبيبا.

معلومات عن سكانها وأسواقها

وقال آخر : المحسوب أن نصف أهل باريس صنّاع وعملة ، وليس فيها أكثر من ألف نفس ممن يحسنون إثبات كونهم سكانا في باريس سلفا عن خلف ، من عهد لويس الثالث عشر. وقال آخر أن ثلثي سكان باريس لا يقدرون على مصروف الجنازة ، وكل واحد من ثلاثة آلاف يقتل نفسه ، ومن كل ثلاثة مواليد يكون نغل. وفي سنة ٥٣ ولد في مدينة ويانه من الحلال ٢٦٤. ١١ ولدا ، ومن الحرام ٦٨٦. ١٠ ، وفي سنة ٥٤ ولد من الأول ٦٥٠. ١١٢ ومن الثاني ٥٢٢. ٨٠١. ١٠ ، وفي سنة ٥٥ ولد من الأول ٦٥٠. ١٠ ومن الثاني ٥٢٢. ٩ ، وفي سنة ٥٦ ولد من الأول ٨٧٠. ١٠ ومن الثاني ٣١١. ١٠. وإنّ من أهل باريس ثلاثين ألفا من غير الذين يعيشون من الصدقات ، يقومون في الصباح ولا يعرفون من أين يحصّلون غداءهم ، ومنهم سبعة عشر ألفا سكارى منهمكين في القبائح.

وقال آخر وفيها تسعة أسواق كبار للمأكولات ، وخمسة مجازر بلغت مصاريف بنائها وتنظميها ٠٠٠. ٥١٨. ١٦ فرنك ، وثم المسالخ والمدابغ العديدة ، وعدد الجزارين أكثر من خمسمائة ، وفي كل يوم يذبح في أحدها وهو المسمى مجزر مونت مارتر ٩٠٠ من الثيران ، ٤٠٠ من البقر ، ٦٥٠ من العجول ، و ٥٠٠. ٣ من الضأن ، والمؤنة السنوية من المأكول والمشروب وما هو من قبيل ذلك تبلغ ٣٥٠ مليونا ، منها ٤٩ ثمن خمر ، و ١٢ ثمن لبن ، و ٧٨ ثمن شمع وسكر وبن وما أشبه ذلك ، ومليونان ثمن ملح ، وثمانية وثلاثون مليونا ثمن خبز ، وأربعون مليونا ثمن لحم ، وخمسة عشر مليونا ثمن بقول ، ٠٠٠. ٤٤٤ ثمن فحم ، والمؤنة من البطاطا في السنة تبلغ ٠٠٠. ٣٢٥ كيلو غرام ، مبلغ ما يباع فيها من التبغ في كل سنة ٧٩٣. ٧٠٨ كيلو غراما ، ومؤنتهم في كل يوم من

٣٣٣

الخلّر (٢٧٩) ونحوه ٠٠٠. ٢٠ كيلو غرام ، وكل يوم يأتي إليها عشرون عجلة مشحونة بالفضة ، وفي بعض الأيام يباع فيها الدقيق ما قيمته ٠٠٠. ٤٥ فرنك ، ويرد إليها من الخارج في السنة ٠٠٠. ١٢ قارب مشحون بالفاكهة والقمح.

وقال آخر ومن جملة أسواق المأكولات بباريس السوق المعروفة بالهال ، أول حجر وضع في أساسها وضعه الأمبراطور في سنة ١٨٥٢ ، تباع فيها البقول والخضرة والفاكهة على أنواعها ، فيرد إليها في كل يوم ثلاثمائة وعشرون عجلة مشحونة بها ، وفي أوان الفاكهة يستخدم في نقلها ٤٢٠ عجلة ونحوها ، ويباع فيها في العام من صنف واحد من البقول مما يتخذ للسلطة بمليون فرنك ونصف مليون ، ومن صنف من محار البحر يسمى الدوزيتر بنحو ٩٢٦. ٦٧٠. ١ فرنك ، قلت والفاكهة والبقول في فرنسا تعظم للغاية كما في إنكلترة ، فقد يصنعون من قشر ثمر الجوز شبه حقه للنساء تحوي مقصا وإبرة ونحو ذلك. قال ويباع فيها في سوق الزبدة بنحو ستة ملايين ، ومن البيض ٨٩٠. ٥٣٩. ٥ فرنكا. قلت ومن هنا يعلم أن ما ذكره الشيخ رفاعة بك من أن أهل باريس يقطعون من البيض بخمسة آلاف فرنك سهو ، والظاهر أنه أراد خمسة ملايين ، كيف لا وقد قال : إنهم يخلطونه في نحو ثلاثمائة صنف من الطعام.

الأكاديميات والمكتبات في باريس

وفيها أي في باريس خمس مشيخات كبار ، أي أكادميات ، من جملتها الأكادمية ومن جملتها الأكادمية الفرنساوية للنظر في تهذيب اللغة ، وتنقيح أصولها وفروعها ، فكل من ألّف كتابا بديعا في التاريخ والأدب ينال منها جائزة ، وفيها ديار كتب عديدة أكبرها وأعظمها المكتبة العمومية ، فيها مليون من الكتب المطبوعة ، وثمانون ألف كتاب بخط اليد ، ومائة وخمسون ألف ميداي (٢٨٠) ، ومليون وأربعمائة

__________________

(٢٧٩) الخلّر : نبات ، أو الفول ، أو الجلباب (م)

(٢٨٠) في الطبعة الأولى ميدال ، أي نيشان (م)

٣٣٤

ألف صفيحة منقوشة ، وثلاثمائة ألف راهنامج (٢٨١) ، وفيها رسائل محفوظة من لويس الرابع عشر ، وكليبر ، وكلبرت ، وكتاب واحد من اللورد بيرون ، ومن جملة تلك الكتب كتب مطبوعة من عهد فوست وشوفر ، وما من ديوان أو محترف ميري إلا وفيه ألوف من الكتب ، وجملة الكتب المطبوعة الموجودة في المكاتب ما عدا المكتبة المذكورة ٥٠٠. ٢٩٣. ١ والتي بخط اليد عشرة آلاف ما عدا ديارا أخرى على حدتها بعضها يحوي عشرين ألفا ، وبعضها أقل وهو كاف في بيان ما لهذا الجيل من الحرص على العلوم.

المطبعة الملكية

وفيها مطبعة ملكية من تأسيس فرنسيس الأول ، فيها حروف متنوعة يطبع بها كتب بإحدى وخمسين لغة ، ويطبع فيها في ليلة واحدة ثمانمائة صفحة من قطع الربع ، وعدد المستخدمين فيها من ثمانمائة إلى تسعمائة ، ومصاريفها ثلاثة ملايين (٢٨٢).

جسور المدينة وقنوات المياه

وعلى نهر المدينة سبعة وعشرون جسرا ، منها سبعة معلقة ، وثلاثة من الحديد والحجر ، وواحد من الخشب ، والباقي من الحجر ، من جملتها جسر دولاكنكورد ، بدئ به سنة ١٧٨١ ، ونجز في سنة ١٧٩٠ ، وبلغت مصاريفه مليونا ومائتي ألف فرنك ، طوله ٤٧٦١ قدما ، وعرضه ٦١. وآخر يعرف بجسر لويس فيليب بلغت نفقته مليون فرنك ، وآخر اسمه جسر روايال ، طوله ٤٣٢ قدما ، وعرضه ٥٣ ، وآخر يسمى

__________________

(٢٨١) الراهنامج : الكتاب الذي يهتدي به الملّاحون في البحر إلى معرفة المراسي وغيرها ، وهي فارسية (م)

(٢٨٢) في سنة ١٨٧٧ بلغ إيراد المطبعة المذكورة ٠٠٠. ٢٤٥. ٦ فرنك ، ومثل ذلك من المصاريف.

٣٣٥

بون دزار ، أي جسر الصنائع ، طوله ٥١٦ قدما ، وعرضه ٣٠ ، ومصاريفه تسعمائة ألف فرنك. وقد أجري إليها الماء في قني من جملتها قناة مسافتها أربعة وعشرون فرسخا ، بلغت مصاريفها خمسة وعشرين مليونا ، وأخرى أنفق فيها أربعة عشر مليونا ومائتا ألف فرنك.

مهنيون ومرافق مختلفة

وقال آخر يوجد فيها ٧٢٧ من وكلاء الدعاوى ، و ٤٥٦. ١ من الأطباء والجراحين ، و ٤٩٧ من باعة الأدوية ، أي الكيمياويين ، و ٨١١ من البنّائين ، و ٤٤٢ من المصورين ، و ٨٨٠ من النقاشين على الحجر والحديد ونحوهما ، و ٦٨٩ من الخبازين ، و ٤٨٧ من الجزارين ، و ٦٦٢ من الصيارفة ، و ١٦٠. ١ من التجار بالكومسيون ، و ٨٤٥. ١ من باعة الشمع والصابون والسكر ونحو ذلك ، ٦٨٠ من صناع الساعات ، و ٩٧٩. ٣ خمارا ، و ٢٦٠ من باعة الشريط والقيطان ونحوهما ، و ٧٣٨ من صنّاع الزهر من الورق ، و ١٢٦ من المصورين على نور الشمس ، و ١١٧ من الحمامات السخنة ، و ٢٤٠ معملا للورق ، و ٥٢٣ موضعا للأكل ، و ٠٣٥. ١ موضعا للقهوة ، و ٣٣ محترفا لاشتهار الإعلامات ، و ١٢٨ موضعا للتضمين والتعهيد ، وفيها سبعة مواقف لسكة الحديد ، وسبعة وعشرون مأوى للجند ، من جملتها مأوى يسع خمسة آلاف وثمانمائة رجل وثمانمائة فرس. وفيها اثنا عشر حوضا ، وثمانية وعشرون ملهى ، أي ثياطرا ، ولم يكن فيها في أيام لويس الرابع عشر سوى ثلاثة.

مسارحها

وفي سنة ١٧٩١ صدرت إجازة للأهلين من أهل المجلس المعروف بالأسامبلي بأن كل من استطاع منهم أن ينشئ ملهى فهو غير معارض ، فبلغت ثلاثة وأربعين ، وهناك أيضا محال أخرى للغناء والسهريات والحظ مما يطول شرحه. قال والملهى الطلياني يرد إليه إمداد في السنة من خزنة الدولة بمائة ألف فرنك ، وإن كثيرا من

٣٣٦

الإنكليز والنمساويين بل الروس أيضا يقصدون ملاهي باريس ليروا فيها من التمثيل ما لم يروه في بلادهم إلا غير كامل ، وكلهم يقر بأفضليتها على غيرها.

دار الأوبرا والحفلات التنكّريّة

وإمداد الأوبيرة الفرنساوية ٠٠٠. ٧٥٠ فرنك ، ما عدا مرتبا آخر لها قدره ٠٠٠. ٣٠٠. ١ فرنك ، قلت في أول المرفع ، وفي نصف الصيام يصنعون في هذا الموضع رقصا فتنحشد إليه الرجال والنساء بلباس السخرية ، بحيث لا يعود الرجل يعرف زوجته ولا بنته ويبقون هكذا إلى الفجر. وهذا الموضع يشتمل على نحو خمسين ثريا أو نجفة ، وعدد الآلاتية فيه ينيف على خمسين. قال وامداد الأوبرا كوميك أي ملهى الضحك ٠٠٠. ٢٤٦.

النوادي والمراقص

وفيها عشرة منتديات مما يعرف بالكلوب ، وثمانية مراقص أصلية من جملتها مرقص يختص بطلبة العلم. فأما المراقص التي تكون مجتمعا للدون فغير جديرة بالذكر.

الكنائس

وفيها إحدى وأربعون كنيسة كبيرة ، ونحو منها المعابد. وأقدم الكنائس وأشهرها كنيسة «نوطردام» أول حجر جعل في أساسها وضعه البابا اسكندر الثالث ، وذلك في سنة ١١٦٣ ، ولم يتم بناؤها إلا في عهد شارلس السابع ، طولها ١٢٦ ذراعا وكسور ، وعرضها ٤٨ ، وارتفاعها ٣٣ ، وعلو برجها ٦٨.

٣٣٧

أسواق متنوعة

وفي المدينة خمسة أسواق للزهر على أجناسه وأنواعه ، وفيها سوق للكلاب يعرض فيها للبيع في كل يوم أحد ٢٨٠ كلبا ، وأخرى للخيل والحمير طولها ٤٨٠ ذراعا ، وعرضها ٨ ، وفيها ساحة للخمر وسعها ٠٠٠. ٢٦ ذراع مربع ، يرد إليها في كل يوم ٥٠٠٠. ١ برميل ، وهي تسع منها ٠٠٠. ٤٥.

إيرادات ومصروفات

قال غالنياني : وبلغ إيراد الخزينة من الدخان سبعة ملايين ، وبلغ مكس باريس الوارد إليها مما جعل على الأسواق ، والحوانيت ، والمجازر ، والمخازن ، والعيار ، والدفن وغير ذلك ، خمسين مليونا ، وبلغ المصروف عليها خمسة وأربعين مليونا من جملتها مصاريف الأبنية ، والمستشفيات ، وديوان الشرطة ، والمكاتب والمتاحف ، والمماشي والزينة في الأعياد. وبلغت مصاريف الدواوين الميرية ١٧٢. ٢٠٨. ٣٨٩. ١ فرنكا ، أعظمها مصاريف دين الأمة ، وديوان الحرب ، وبلغ إيرادها ٣٣٦. ٨٨٠. ٢٤٦. ١ ، ودين الدولة يبلغ ٩٠١. ٩١٦. ١٩٥ ، وبلغت مصاريف العسكر في سنة ١٨٤٤ ـ ٠٠٠. ٠٠٠. ٣٤٨ (٢٨٣).

الوزراء

والوزراء هم : وزير الأمور الخارجية ، ووزير الحربية ، ووزير البحرية والمستعمرات ، ووزير المالية ، ووزير الزراعة والتجارة ، ووزير الداخلية ، ووزير الأبنية الميرية ، ووزير العدلية ، ووزير المعارف ، ومن هؤلاء الوزراء ومن مجلسي المشورة الخاص والعام ، ومن صاحب الملك تتألف دولة فرنسا.

__________________

(٢٨٣) قد تقدم ذكر إيراد فرنسا ، أما ديونها فإنها بلغت في سنة ١٨٨١ ـ ٩٨٣. ٠٣٥. ٨٦٢. ١٩ فرنكا ، وهي عبارة عن ٤٣٩. ٤٨١. ٧٩٤ ليرة إنكليزية ، ومصاريف وزارة الحربية بلغت ٦٢٤. ٠٠٤. ٥٣١ فرنكا.

٣٣٨

البريد

وقال آخر وفي باريس تفرق المكاتيب سبع مرات في كل يوم ، وذلك من الساعة السابعة ونصف صباحا إلى الساعة التاسعة مساء ، وأول من رتّب البريد لويس الحادي عشر ، وفي سنة ١٧٩٢ اطرد ترتيبه كما نراه الآن.

أوجه الاختلاف بين باريس ولندرة

وقد حان لي هنا أن أقول إن باريس تشبه لندرة في كونها شطرين يفصل بينهما نهر ، إلا أن نهر باريس صغير لا يسع المراكب الكبيرة ، وتخالفها في أحوال كثيرة :

«أحدها» أن ديار باريس من الحجر فلا يزال ظاهرها أبيض أنيقا بخلاف ديار لندرة فإنها مبنية من الآجر ، فلا يأتي عليه سنتان أو ثلاث إلا ويسودّ من كثرة الدخان والضباب ، بل المنازل المبنية فيها من حجر تسود أيضا.

«الثاني» أن ديار باريس متناسقة الارتفاع في الغالب متناسقة الظاهر ، فإنها كلها بيضاء متناسقة وضع الشبابيك ، أما ارتفاعها فإن بعضها يشتمل على سبع طبقات ، فربما ارتقى فيها الإنسان مائة وثلاثين درجة حتى يصل إلى غرفته ، فهي من هذه القبيل متعبة ، ولكل طبقة فانوس يشعل بالغاز ، ولكل دار رتاج كبير لا يزال مفتوحا إلى نصف الليل ، وبواب يتبوأ كنّا بالقرب منه ، فإذا خرج أحد السكان أعطاه مفتاح غرفته ، ومتى رجع أخذه منه ، وإذا غاب بعد نصف الليل أطنّ الجرس ، فيقوم البواب من فراشه ويفتح له. ولا بد أن يعطيه شيئا في مقابلة ذلك ، هذا إذا كان في دار مفروشة. فأما إذا اكترى شقة من دار تشتمل على مبيت ومقعد ومطبخ فله أن يأخذ مفتاحه معه ، وعند ذلك يحتاج إلى أن يستخدم امرأة لتصلح له مسكنه ، او يستأجرها ساعة أو ساعتين في النهار ، وربما كانت هذه المرأة أجيرة عدة أشخاص ، فتذهب إلى كل منهم في ساعة معلومة. ولا يمكن لغريب بل لأهلي أن يستأجر دارا من بابها بجميع مرافقها وذلك لكبرها وغلائها ، فكل دار في باريس عبارة عن قصر. فأما ديار لندرة فلا تزيد غالبا على أربع طبقات ، ثلاث ظاهرة وواحدة تحت

٣٣٩

الأرض لادخار الفحم ، وغسل الثياب ، وما أشبه ذلك. وبعضها كبير ، وبعضها صغير ، ومن ثم يمكن للإنسان أن يستقل بدار منها.

«الثالث» أن درج باريس متين جدا ، ومبلّط الغرف التي بنيت من عهد حديث من خشب متين جلي بهي ، ومبلط الديار القديمة من الآجر الأحمر ، وفرش المبلط بالبسط ، أو الزرابي غير مطرد ، وإنما يجتزئون عن ذلك بنحو سجادة يجعلونها عند الموقد. فأما في لندرة فإن جميع المساكن مفروشة بالبسط ، ولذلك سببان ، أحدهما : أن البسط فيها رخيصة ، وفي باريس غالية. والثاني : أن خشب المبلّط في لندرة قبيح وسخ فكان لا بد من ستره.

«الرابع» أن جميع طيقان باريس تنفتح على مصراعين كالباب ، فيسهل غسلها وتنظيفها بأهون سعي ، وطيقان لندرة لا يفتح إلا نصفها الأدنى صعدا ويبقى الأعلى مطبقا ، فلا يمكن تنظيفه فيكون لا بد من استخدام من ينظفه من الخارج وهو معنت شاق.

«الخامس» أن مواقد ديار باريس هي في موازاة البلوط ، ولا يمكن طبخ شيء عليها ، وجلّ وقودهم إنما هو الحطب لا الفحم المعدني ، فإنهم يكرهونه غاية الكراهية لرائحته ، وتوسيخه الثياب ، ولا يطبخون عليه أصلا. وحين كنا نوقده للاستدفاء على عادة الإنكليز كانت خادمتنا تتأفّف منه ، وغير مرة غشي عليها منه. وفي بعض الغرف والدكاكين يوقدون ما أطفي من الفحم ، أو الفحم مع الحطب في كوانين عالية من الحجر القيشاني الظريف ، أو من الحديد. وقد تكون متصلة بقصبة من حديد نافذة في الحائط ليخرج منها الدخان ، وقد لا تكون. وفي الجملة فإن مواقد لندرة أحسن ، فإنها مجعولة لأن يوقد فيها فحم الحجر ، ولأن يطبخ عليها ، وذلك لارتفاعها عن المبلط ، هذا في الديار الصغيرة. فأما في ديار الكبراء فتكون أيضا في حيز المبلط كما هي في باريس. والحكمة في ذلك عندهم وعند أولئك إيصال الحرارة إلى الأرجل ، فإنها أحق الأعضاء بالدفء. والحاصل أن الشتاء داخل الديار في لندرة أهنأ وأهون ، وذلك لاعتنائهم بفرش المساكن والدرج ، وبكون المواقد قابلة لوقيد الفحم كما مرّ. وأنت خبير بأن بناء الحجر يحدث رطوبة أكثر من الآجرّ.

«السادس» أن لكل طبقة من ديار باريس مرحاضا ، ووراءه مصب للماء. وفي ديار

٣٤٠